الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

آداب الفتوى والمفتي والمستفتي للنووي

 آداب الفتوى والمفتي والمستفتي للنووي

كتاب : آداب الفتوى والمفتي والمستفتي
المؤلف : يحيى بن شرف النووي أبو زكريا


محتويات

مقدمة

أعلم أن هذا الباب مهم جدا فأحببت تقديمه لعموم الحاجة إليه وقد صنف في هذا جماعة من أصحابنا منهم أبو القاسم الصيمري شيخ صاحب الحاوي ثم الخطيب أبو بكر الحافظ البغدادي ثم الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح وكل منهم ذكر نفائس لم يذكرها الآخران وقد طالعت كتب الثلاثة ولخصت منها جملة مختصرة مستوعبة لكل ما ذكروه من المهم وضممت إليها نفائس من متفرقات كلام الأصحاب وبالله التوفيق

في أهمية الإفتاء وعظم خطره وفضله

اعلم أن الإفتاء عظيم الخطر كبير الموقع كثير الفضل لأن المفتي وارث الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وقائم بفرض الكفاية لكنه معرض للخطأ

ولهذا قالوا المفتي موقع عن الله تعالى
وروينا عن ابن المنكدر قال العالم بين الله تعالى وخلقه فلينظر كيف يدخل بينهم
وروينا عن السلف وفضلاء الخلف من التوقف عن الفتيا أشياء كثيرة معروفة نذكر منها أحرفا تبركا
وروينا عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال أدركت عشرين ومئة من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول
وفي رواية ما منهم من يحدث بحديث إلا ود أن أخاه كفاه إياه ولا يستفتى عن شيء إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا
وعن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم من أفتى في كل ما يسأل فهو مجنون

وعن الشعبي والحسن وأبي حصين بفتح الحاء التابعيين قالوا إن أحدكم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر

وعن عطاء بن السائب التابعي أدركت أقواما يسأل أحدهم عن الشيء فيتكلم وهو يرعد
وعن ابن عباس ومحمد بن عجلان إذا أغفل العالم لا أدري أصيبت مقاتله
وعن سفيان بن عيينه وسحنون أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما
وعن الشافعي وقد سئل عن مسألة فلم يجب فقيل له فقال حتى أدري أن الفضل في السكوت أو في الجواب
وعن الأثرم سمعت أحمد بن حنبل يكثر أن يقول لا أدري وذلك فيما عرف الأقاويل فيه

وعن الهيثم بن جميل شهدت مالكا سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في ثنتين وثلاثين منها لا أدري
وعن مالك أيضا أنه ربما كان يسأل عن خمسين مسألة فلا يجيب في واحدة منها وكان يقول من أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة والنار وكيف خلاصه ثم يجيب
وسئل عن مسألة فقال لا أدري فقيل هي مسألة خفيفة سهلة فغضب وقال ليس في العلم شيء خفيف
وقال الشافعي ما رأيت أحدا جمع الله تعالى فيه من آلة الفتيا ما جمع في ابن عيينة أسكت منه على الفتيا
وقال أبو حنيفة لولا الفرق من الله تعالى أن يضيع العلم ما أفتيت يكون لهم المهنأ وعلي الوزر

وأقوالهم في هذا كثيرة معروفة
قال الصيمري والخطيب وقل من حرص على الفتيا وسابق إليها وثابر عليها إلا قل توفيقه واضطرب في أمره وإن كان كارها لذلك غير موثر له ما وجد عنه مندوحة وأحال الأمر فيه على غيره كانت المعونة له من الله أكثر والصلاح في جوابه أغلب
واستدلا بقوله صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة أو كلت إليها وإن أعطتها عن غير مسألة أعنت عليها

فصل في معرفة من يصلح للفتوى

قال الخطيب ينبغي للإمام أن يتصفح أحوال المفتين فمن صلح للفتيا أقره ومن لا يصلح منعه ونهاه أن يعود وتواعده بالعقوبة إن عاد وطريق
الإمام إلى معرفة من يصلح الفتيا أن يسأل علماء وقته ويعتمد أخبار الموثوق بهم
ثم روى بإسناده عن مالك رحمه الله قال ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك
وفي رواية ما أفتيت حتى سألت من هو أعلم مني هل يراني موضعا لذلك
قال مالك ولا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلا لشيء حتى يسأل من هو أعلم منه

فصل في وجوب ورع المفتي وديانته

قالوا وينبغي أن يكون المفتي ظاهر الورع مشهورا بالديانة الظاهرة والصيانة الباهرة
وكان مالك رحمه الله يعمل بما لا يلزمه الناس
ويقول لا يكون عالما حتى يعمل في خاصة نفسه بما لا يلزمه الناس مما لو تركه لم يأثم وكان يحكي نحوه عن شيخه ربيعة

فصل في شروط المفتي

شرط المفتي كونه مكلفا مسلما ثقة مأمونا متنزها عن أسباب الفسق وخوارم المروءة فقيه النفس سليم الذهن رصين الفكر صحيح التصرف والاستنباط متيقظا سواء فيه الحر والعبد والمرأة والأعمى والأخرس إذا كتب أو فهمت إشارته
قال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح وينبغي أن يكون كالراوي في أنه لا يؤثر فيه قرابة وعداوة وجر نفع ودفع ضر لأن المفتي في حكم مخبر عن الشرع بما لا اختصاص له بشخص فكان كالراوي لا كالشاهد

وفتواه لا يرتبط بها إلزام بخلاف حكم القاضي
قال وذكر صاحب الحاوي إن المفتي إذا نابذ في فتواه شخصا معينا صار خصما حكما معاندا فترد فتواه على من عاداه كما ترد شهادته عليه
واتفقوا على أن الفاسق لا تصح فتواه ونقل الخطيب فيه إجماع المسلمين
ويجب عليه إذا وقعت له واقعة أن يعمل باجتهاد نفسه وأما المستور وهو الذي ظاهره العدالة ولم تختبر عدالته باطنا ففيه وجهان
أصحهما جواز فتواه لأن العدالة الباطنة يعسر معرفتها على غير القضاة
والثاني لا يجوز كالشهادة والخلاف كالخلاف في صحة النكاح بحضور المستورين

قال الصيمري وتصح فتاوى أهل الأهواء والخوارج ومن لا نكفره ببدعته ولا نفسقه
ونقل الخطيب هذا ثم قال وأما الشراة والرافضة الذين يسبون السلف الصالح ففتاويهم مردودة وأقوالهم ساقطة
والقاضي الماوردي كغيره في جواز الفتيا بلا كراهة هذا هو الصحيح المشهور من مذهبنا
قال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح ورأيت في بعض تعاليق الشيخ أبي حامد الأسفراييني أن له الفتوى في العبادات وما لا يتعلق بالقضاء

وفي القضاء وجهان لأصحابنا أحدهما الجواز لأنه أهل والثاني لا لأنه موضع تهمة وقال ابن المنذر تكره للقضاة الفتوى في مسائل الأحكام الشرعية وقال شريح أنا أقضي ولا أفتي

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية