الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

علْمُ البديعِ | دروس البلاغة

علْمُ البديعِ | دروس البلاغة

  اسم كتاب المتن: دروس البلاغة
تأليف: حفني ناصف، محمد دباب، سلطان محمد، مصطفي طموم
اسم شرح الكتاب: حُسْنُ الصِّيَاغَةِ شَرْحَ دُرُوسِ البَلاَغَة
المؤلف: علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (المتوفى: ١٤١٠ هـ)
الناشر: نسخ وتشكيل ومراجعة: مكتب الرحاب
الطبعة:
عدد الأجزاء: 1 (في مجلد واحد)

 فهرس الموضوعات

  1. علْمُ البديعِ
    1. المحسنات المعنوية
    2. المحسنات اللفظية
  2. خاتمة
  3. العودة إلي كتاب دروس البلاغة وحُسْنُ الصِّيَاغَةِ شَرْحَ دُرُوسِ البَلاَغَة

 

  علْمُ البديعِ [١٣]


(١) (نحوَ) قولِ الشاعرِ.

(٢) (أوَ ما رأيتَ المجدَ ألْقَى رحلَه) أي: خَيْمتَه ومنْزِلَتَه.

(٣) (في آلِ طلحةَ ثم لم يَتحوَّلِ) أي: عنهم.

(٤) (كِنايةً) بالنصْبِ على الحالِ, أي: حالَ كونِ هذا القولِ كِنايةً.

(٥) (عن كونِهم أمجاداً) أي: أشرافاً بواسطةٍ واحدةٍ مع الظهورِ, وذلك لأن إلقاءَ المجدِ رحلَه في آلِ طلحةَ مع عدَمِ التحوُّلِ معنًى مَجازيٌّ حيث شبَّهَ المجدَ برجُلٍ شريفٍ, له رحْلٌ يَخُصُّ بنزولِه مَن شاءَ بجامِعِ الرغبةِ في الاتِّصالِ بكلٍّ واستُعيرَ لفظُ المُشبَّهِ به للمشبَّهِ ثم حُذِفَ ورُمِزَ بشيءٍ من لوازمِه وهو إلقاءُ الرحْلِ تَخييلاً, ولَمَّا جُعِلَ المجدُ مُلْقِياً رحلَه بلا تَحوُّلٍ لزِمَ من ذلك كونُ مَحَلِّه وموصوفِه آلَ طلحةَ لعدَمِ وُجدان غيرِهم معهم، وذلك بواسطةِ أن المجْدَ المُشبَّهَ بذي الرحْلِ هو صفةٌ لابدَّ له من موصوفٍ ومَحَلٍّ وهذه الواسطةُ ظاهرةٌ بنفسِها. والثاني: وهو مالم تكنِ الواسطةُ مع الوضوحِ نحوَ قولِك: هو عريضُ القفا كِنايةٌ عن كونِه أبلَهَ بناءً على أن عرْضَ القفا ظاهرٌ في البَلَهِ عرْفاً كما قيلَ.

(٦) (وهناك نوعٌ من الكِنايةِ يَعتمدُ في فهمِه) أي: في فهْمِ المعنى المقصودِ الْمَكْنِيِّ عنه بلفظِها.

(٧) (على السياقِ) أي: محلُّ استعمالِها وسياقِها لا على الوضْعِ, ولا على المعنى المَجازيِّ.

(٨) (يُسَمَّى تعريضاً) كنائياً فهو اللفظُ المستعمَلُ في معنًى مَكْنِيٍّ عنه؛ ليُعَرِّضَ به لمعنًى آخَرَ يُفهَمُ عند سياقِه, وسماعِه سُمِّيَ بذلك؛ لأن التعريضَ خلافُ التصريحِ, والمعنى الْمُعَرَّضُ به المقصودُ لم يكن مصرَّحاً به.

(٩) (وهو) أي: التعريضُ الكِنائيُّ بمعنى فعْلِ المتكلِّمِ.

(١٠) (إمالةُ الكلامِ) أي: توجيهُه.

(١١) (إلى عُرْضٍ) بضمِّ العينِ المهمَلةِ.

(١٢) (أى ناحيةٍ) وجانبٍ وهو المعنى الكِنائيُّ يدُلُّ هذا العُرْضُ على المعنى المعرَّضِ به المقصودِ من سياقِ الكلامِ.

(١٣) علْمُ البديعِ

آخِرُ علومِ البلاغةِ الثلاثةِ.

البديعُ [١] علْمٌ [٢] يُعرَفُ به [٣] وجوهُ تحسينِ الكلامِ [٤] المطابِقِ لِمُقْتَضَى الحالِ [٥].

وهذه الوجوهُ [٦] ما يَرجِعُ منها [٧] إلى تحسينِ المعنى [٨] يُسمَّى [٩] بالمحسِّناتِ المعنويَّةِ [١٠].

كقولِك لشخصٍ يَضُرُّ الناسَ: خيرُ الناسِ من يَنفعُهم [١١].

(١) (البديعُ) لغةً المُخْتَرَعُ الموجودُ على غيرِ مثالٍ سابقٍ, أو الغريبُ من بَدُعَ الشيءُ بضَمِّ الدالِ إذا كان غايةً فيما هو فيه من علْمٍ أو غيرِه حتى صارَ غريباً فيه لطيفاً, واصطلاحاً.

(٢) (علمٌ) أي: مَلَكةٌ حاصلةٌ من ممارَسةِ مسائلِه المقرَّرةِ.

(٣) (يُعرَفُ به) أي: بسببِ هذا العلْمِ.

(٤) (وجوهُ تحسينِ الكلامِ) أي: الوجوهُ والمزايا التي يَصيرُ بها الكلامُ حسَناً، والمرادُ بالمعرفةِ هنا مطلَقُ الإدراكِ بمعنى أننا نتصوَّرُ بهذا العلْمِ وبالملَكةِ الحاصلةِ من ممارسةِ مسائلِه معانيَ تلك الوجوهِ المحسِّنَةِ, ونُصَدِّقُ بأعدادِها وتفاصيلِها بقدرِ الطاقةِ، وليس المرادُ بها الإدراكاتِ الجزئيةَ المتعلِّقةَ بالفروعِ المستخرَجةِ من القواعدِ كما سَبقَ في عِلْمَي المعاني والبيانِ؛ لأنه لا قواعدَ لهذا العلْمِ حتى يُستخرَجَ منها فروعٌ فتَدبَّرْ.

(٥) (المطابِقِ لمقتضى الحالِ) أي: مع وضوحِ دَلالتِه على معناه، فلا تُعَدُّ تلك الوجوهُ محسِّنَةً للكلامِ إلا بعدَ رعايةِ الأمرين: الأمرُ الأوَّلُ مطابقةُ الكلامِ لِمُقْتَضَى الحالِ, وهذه تُعرَفُ بعلْمِ المعاني, والأمرُ الثاني وضوحُ دَلالتِه وهذا مُبَيَّنٌ في علْمِ البيانِ وإلا كانت تلك الوجوهُ كتعليقِ الدُّرِّ في أعناقِ الخنازيرِ, وليس رعايتُهما قَيْداً في تعريفِ علْمِ البديعِ، بل ذُكِرا فيه لبيانِ أن رعايتَهما شرطٌ في كون الوجوهِ المبحوثةِ فيه محسِّنةً لا في معرفتِها. وأما واضِعُه فهو الخليفةُ عبدُ اللهِ بنُ المعتَزِّ بنِ المتوكِّلِ العباسيُّ المتَوَفى سنةَ ٢٩٦، فهو أوَّلُ من ألَّفَ فيه, ثم اقْتَفى أثرَه قُدامةُ بنُ جعفرٍ الكاتبُ, ثم أَلَّفَ فيه كثيرونَ, كأبي هِلالٍ العَسْكَريِّ وابنِ رُشَيقٍ القَيْرَوانيِّ وصَفِيِّ الدينِ الْحُلِّيِّ وابنِ حُجَّةَ الْحَمَوِيِّ وغيرِهم.

(٦) (وهذه الوجوهُ) أي: وجوهُ تحسينِ الكلامِ الحاصلِ بعدَ الرعايةِ السابقةِ مبتدأٌ أوَّلٌ.

(٧) (ما يرجِعُ منها) أي: من هذه الوجوهِ مبتدأٌ ثانٍ.

(٨) (إلى تحسينِ المعنى) أوَّلاً وبالذاتِ.

(٩) (يُسَمَّى) أي: هذا النوعُ.

(١٠) (بالمحسِّناتِ المعنويَّةِ) وإن كان بعضُ أفرادِه قد يُفيدُ تحسينَ اللفظِ أيضًا, لكن ثانياً وبالعَرَضِ

(١١) (كقولِك لشخصٍ يَضُرُّ الناسَ: خيرُ الناسِ من يَنفعُهم) كِنايةً عن نفي الخيريَّةِ عن الذي يَضُرُّ الناسَ؛ لأن حصْرَ الخيريَّةِ فيمن يَنفعُ الناسَ مِن لازِمِه انتفاؤها عن كلِّ مَن يَضُرُّهم وهذا هو المعنى الكِنائيُّ, ويُفهمُ منه بطريقِ التعريضِ الذي هو الإفهامُ بالسياقِ أن هذا الشخصَ المعَيَّنَ انتَفَتْ عنه الخيريَّةُ, هذا وقد يكونُ التعريضُ حقيقةً, وقد يكونُ مَجازاً, فالأوَّلُ كقولِك: لستُ أتكلَّمُ أنا بسُوءٍ فيَمْقُتَني الناسُ, وأردْتَ إفهامَ أن زيداً ممقوتٌ؛ لأنه تَكلَّمَ بسُوءٍ فالكلامُ حقيقةٌ, ولكنه لما سِيقَ عندَ تَكلُّمِ زيدٍ بالسوءِ كان فيه تعريضٌ بمقتِه, وفُهِمَ هذا المعنى من السياقِ لا من الوضْعِ. والثاني: كقولِك: رأيتُ أُسُوداً في الحمَّامِ غيرَ كاشفين العورةِ, فما مُقِتُوا, ولا عِيبَ عليهم, تعريضاً بمن حضَرَ منهم أنه كَشَفَ عورتَه في الحمَّامِ, فمُقِتَ وعِيبَ عليه, فالكلامُ مَجازٌ ولكنه فُهِمَ منه هذا المقصودُ من السياقِ لا من المعنى المَجازيِّ, وبهذا ظهَرَ أن التعريضَ يكونُ لفظُه تارةً حقيقةً, وتارةً مَجازاً وأخرى كِنايةً فتدَبَّرْ أعني بالتبعيَّةِ لتحسينِ المعنى كالمشاكَلَةِ, وهي ذكْرُ الشيءِ بلفظِ غيرِه لوقوعِه في صُحبتِه, كالتعبيرِ عن الخِياطةِ بالطبخِ لوقوعِها في صحبتِه، فاللفظُ حسَنٌ؛ لما فيه من إيهامِ المجانَسةِ اللفظيَّةِ؛ لأن المعنى مختلِفٌ، واللفظَ متَّفِقٌ، لكنَّ الغرَضَ الأصليَّ جعْلُ الخياطةِ كطبخِ المطبوخِ لوقوعِها في صحبتِه.

وما يَرجِعُ منها إلى تحسينِ اللفظِ [١] يُسمَّى [٢] بالمحسِّناتِ اللفظيَّةِ [٣].

المحسِّناتُ المعنويَّةُ [٤]


التَّوْرِيَةُ [٥] أن يُذكَرَ لفظٌ له معنيان [٦]: قريبٌ [٧] يَتبَادَرُ فَهْمُه من الكلامِ [٨]، و [٩] بعيدٌ [١٠] هو [١١] المرادُ بالإفادةِ [١٢] لقرينةٍ [١٣] خفيَّةٍ [١٤]

(١) (و ما يَرجِعُ منها إلى تحسينِ اللفظِ) أوَّلاً وبالذاتِ.

(٢) (يُسَمَّى) أي: هذا النوعُ.

(٣) (بالمحسِّناتِ اللفظيَّةِ) وإنْ كان بعضُ أفرادِه قد يُفيدُ تحسينَ المعنى أيضاً لكن بطريقِ التَّبَعِ والعُروضِ لتحسينِ اللفظِ. هذا وقد أَجمعوا على أن المحسِّناتِ كلَّها وخصوصاً اللفظيَّةَ لا تَقعُ موقعَها من الحُسْنِ إلا إذا طلَبَها المعنى, فجاءتْ عفْواً بدونِ تكلُّفٍ وإلا فمُبْتَذَلةٌ.

(٤) المحسِّناتُ المعنويَّةُ

(٥) (التَّوْرِيَةُ) لغةً مصدرُ وَرَّيْتُ الخبرَ تَوْرِيَةً إذا ستَرْتَه وأَظهرتَ غيرَه. واصطلاحاً.

(٦) (أن يُذْكرَ لفظٌ له معنيان) سواءٌ كانا حقيقيَّين أو مَجازيَّين, أو أحدُهما حقيقيًّا, والآخرُ مَجازيًّا لا يُعتبرُ بينَهما لزومٌ وانتقالٌ من أحدِهما للآخَرِ، أحدُهما.

(٧) (قريبٌ) أي: إلى الفَهْمِ.

(٨) (يَتبادَرُ فهمُه من الكلامِ) لكثرةِ استعمالِ اللفظِ فيه.

(٩) (و) المعنى الآخرُ.

(١٠) (بعيدٌ) عن الفهْمِ؛ لقلَّةِ استعمالِ اللفظِ فيه.

(١١) (هو) أي: المعنى البعيدُ.

(١٢) (المرادُ بالإفادةِ) أي: بإفادةِ اللفظِ له.

(١٣) (لقرينةٍ) أي: اعتمادٍ في هذه الإرادةِ على قرينةٍ مانعةٍ من إرادةِ القريبِ.

(١٤) (خَفِيَّةٍ) ولو بالنسبةِ للسامعين سُمِّيَ بذلك لأن المتكلِّمَ وَرَّى عن المعنى المرادِ وستَرَه بالمعنى القريبِ فيَتوهَّمُ السامعُ لأوَّلِ وهْلَةٍ أنه مُرادٌ, وليسَ كذلك, ويُسَمَّى أيضاً بالإيهامِ والتخيُّلِ؛ لأنَّ فيه خفاءَ المرادِ وإيهامَ خلافِه. هذَا وتكونُ التوريةُ أيضاً في لفظٍ له معانٍ أكثرُ من معنيين كما في الأطوَلِ, وخرَجَ بتقييدِ كونِ المعنى المرادِ بعيداً ما لو كان المعنيان متساويين في الفهْمِ فلا يُسَمَّى توريةً, بل إجمالاً, وخرَجَ بالقرينةِ ما إذا لم تكنْ ثَمَّ قرينةٌ أصْلاً؛ فإنه لا يُفهَمُ إلا القريبُ, ويَخْرُجُ اللفظُ عن كونِه تَوْرِيَةً، وخرَجَ بتقييدِها بالخفاءِ ما لو كانت القرينةُ واضحةً، فإن المعنى يَصيرُ قريباً بها, وإن كان بعيداً في أصلِه, ولا يكونُ اللفظُ حينئذٍ توريةً لعدَمِ سَتْرَ المعنى القريبِ للبعيدِ.

نحوَ [١]: {وَهُوَ الَّذِى يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ [٢] وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ [٣]} أرادَ بقولِه جَرَحْتُمْ معناه البعيدَ, وهو ارتكابُ الذنوبِ [٤]، وكقولِه [٥]:

يا سيِّداً حازَ [٦] لُطْفاً ... له البرايا [٧] عبيدُ [٨]

أنت الحُسَيْنُ [٩] ولكنْ ... جَفَاكَ فينا يَزيدُ [١٠]

معنى يزيدُ القريبُ أنه عَلَمٌ [١١]، ومعناه البعيدُ المقصودُ [١٢] أنه فعْلٌ مضارِعٌ من زادَ [١٣].

الطِّبَاقُ هو الجمْعُ [١٤] بينَ معنيين متقابلَيْن [١٥]،

(١) (نحوَ) قولِه تعالى:

(٢) ( {وَهُوَ الذي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ} ) أي: يَقبِضُ أرواحَكم عندَ النومِ بِناءً على أن لابنِ آدمَ رُوحَيْنِ؛ رُوحَ الحياةِ وهي لا تَخرجُ إلا بالموتِ ورُوحَ التمييزِ وهي تَخرجُ بالنومِ ثم تَرجِعُ إلى الجسدِ عندَ اليقظةِ.

(٣) ( {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} ) أي: ما كَسَبْتُمْ فيه من الذنوبِ والآثامِ.

(٤) (أرادَ بقولِه جَرَحْتُمْ معناه البعيدَ, وهو ارتكابُ الذنوبِ) مع أن معناه القريبَ شَقُّ الجلدِ, وليس ذلك مُرَاداً، بقرينةِ قولِه في آخِرِ الآيةِ {ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي: في ليلِكم ونهارِكم.

(٥) (وكقولِه) أي: الشاعرِ.

(٦) (يا سيِّداً حازَ) أي: حصَّلَ ونالَ.

(٧) (لطْفاً له الْبَرَايا) أي: الخلائقُ جمْعُ الْبَريَّةِ وهي الخلْقُ.

(٨) (عبيدٌ) أي: خدَمٌ خاضعون.

(٩) (أنت الحسينُ) ابنُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ سِبْطُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

(١٠) (ولكنْ جفاكَ فينا يَزيدُ) من الزيادةِ.

(١١) (معنى يَزيدُ القريبُ أنه علَمٌ) أي: لشخصٍ هو يزيدُ الأوَّلُ ابنُ معاويةَ بنِ أبي سفيانَ؛ لأن ذكْرَ الحسينِ لازِمٌ لكونِ يزيدَ اسماً, ولكنَّه ليس مراداً بقرينةِ المقامِ.

(١٢) (ومعناه البعيدُ المقصودُ) للشاعرِ.

(١٣) (أنه فعْلٌ مضارِعٌ من زادَ) ضِدِّ نَقَصَ.

(١٤) (الطِّبَاقُ هو الجمْعُ) أي: في كلامٍ واحدٍ أو ما هو كالكلامِ الواحدِ في الاتِّصالِ.

(١٥) (بينَ معنيين متقابلَيْن) أي: بينَهما تنافٍ وتقابلٌ سواءٌ كان حقيقيًّا بأن كان بينَهما غايةُ الخلافِ لذاتَيْهما كتقابُلِ القِدَمِ والحدوثِ أو اعتباريًّا كتقابُلِ الإحياءِ والإماتةِ فإنهما لا يَتقَابَلان إلا باعتبارِ بعضِ الأحوالِ, وهو أن يَتعلَّقَ الإحياءُ بحياةِ جِرْمٍ في وقتٍ, والإماتةُ بإماتتِه في ذلك الوقتِ, وإلا فلا تَقَابُلَ بينَهما باعتبارِ أنفسِهما, ولا باعتبارِ المتعلِّقِ عندَ تعدُّدِ الوقتِ, وسواءٌ كان التقابُلُ الحقيقيُّ تقابُلَ التضَادِّ بأن كان المتقابلان وجوديَّين كتقابُلِ الحركةِ والسكونِ على الْجِرْمِ الموجودِ بِناءً على أنهما وُجوديَّانِ أو تقابُلَ الإيجابِ والسلْبِ كتقابُلِ مطلَقِ الوجودِ وسلْبِه أو تقابُلَ العدَمِ، والملَكَةِ كتقابُلِ العَمَى والبصَرِ أو تقابُلَ التضايُفِ كتقابُلِ الأبوَّةِ والبنوَّةِ أو تقابُلَ ما يُشبِهُ شيئاً مما ذُكِرَ مما يُشعِرُ بالتنافي لاشتمالِه على ما يُوجِبُ التنافي, كما في قولِه تعالى: {أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً} لما يُشعِرُ به الإغراقُ من الماءِ المشتمِلِ على البرودةِ غالباً وما يُشعِرُ به إدخالُ النارِ من حرارةِ النارِ, ويُسَمَّى هذا النوعُ أيضًا بالمطابَقةِ والتطبيقِ؛ لأن المتكلِّمَ وفَّقَ بينَ المعنيين المتقابلين وطابَقَ أي: قابَلَ بينَهما كأنه جعَلَ أحدَهما منطبِقاً على الآخَرِ بمطابقتِه له وبالتكافؤِ؛ لأن المتكلِّمَ يُكافِئُ أي: يُوافِقُ بينَهما. ثم هو على نوعين؛ أحدُهما طِباقُ الإيجابِ وهو مالم يَخْتَلِفْ فيه المتقابلان إيجاباً وسلْباً.

نحوَ قولِه تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً [١] وَهُمْ رُقُودٌ [٢]} {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [٣]، يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [٤].

ومن [٥] الطِّباقِ [٦] المقابَلةُ وهي أن يُؤْتَى بمعنَيَيْن [٧] أو [٨] أكثرَ [٩] ثم يؤْتَى [١٠] بما يقابِلُ ذلك [١١] على الترتيبِ [١٢]، نحوَ قولِه تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً} [١٣].

(١) (نحوَ قولِه تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً} ) جمْعُ يَقِظٍ على وزْنِ عَضُدٍ أو كَتِفٍ, بمعنى يَقْظانَ.

(٢) ( {وَهُمْ رُقُودٌ} ) جمْعُ راقدٍ فالجمْعُ بينَ أيقاظٍ ورقودٍ طِباقُ الإيجابِ؛ لأن اليقظةَ تَشتملُ على الإدراكِ بالحواسِّ, والنومَ يَشتمِلُ على عدَمِه, فبينَهما شِبْهُ العدَمِ والملَكَةِ باعتبارِ لازِمِهما, وبينَهما باعتبارِ أنفسِهما التضادُّ؛ لأن النومَ عرَضٌ يَمنَعُ إدراكَ الحواسِّ واليقظةَ عرَضٌ يَقتَضِي الإدراكَ بها, وقد ذُكِرا بطريقٍ واحدٍ هو الإثباتُ. والنوعُ الثاني: طِباقُ السلْبِ وهو ما اختَلَفَ فيه المتقابلان إيجاباً وسلباً بأن يَجْمَعَ بينَ فعلين من مصدرٍ واحدٍ, أحدُهما مُثْبَتٌ والآخَرُ منْفيٌّ نحوَ قولِه تعالى:

(٣) ( {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} ) أي: ما أُعِدَّ لهم في الآخرةِ من النعيمِ.

(٤) ( {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ) مِن إمَّا بيانيَّةٌ أي: يَعْلَمون الظاهرَ الذي هو الحياةُ الدنيا, ويَعدِلُون عن الباطنِ الذي هو الحياةُ الآخِرةُ, أو ابتدائيَّةٌ أي: يَعْلَمون شيئاً ظاهراً ناشئاً من الحياةِ الدنيا وهو التلذُّذُ باللذاتِ المحرَّمةِ باطناً وهي كونُها مَزرَعةً للآخِرةِ فإن الجمْعَ بينَ عدَمِ العلْمِ وبينَ العِلْمِ طباقُ السلْبِ؛ لأن العلْمَ الأوَّلَ منفيٌّ والثاني مُثْبَتٌ وبينَ النفيِ والإثباتِ تقابُلٌ باعتبارِ أصلِهما لا باعتبارِ الحالةِ الراهنةِ لأن الْمَنْفيَّ علْمٌ يَنفعُ في الآخرةِ والْمُثْبَتَ علْمٌ لا يَنفعُ فيها ولا تَنافيَ بينَهما أو أحدَهما أمْرٌ والآخرَ نهيٌ نحوَ قولِه تعالى: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي} فالجمْعُ بينَ النهيِ عن الخشيةِ وبينَ الأمْرِ بها طِباقُ السلْبِ؛ لأن بينَ الأمرِ والنهيِ تنافياً باعتبارِ أصلِهما لا باعتبارِ استعمالِهما؛ إذ من المعلومِ أن الخشيةَ لا يُؤْمَرُ بها ويُنْهَى عنها من جهةٍ واحدةٍ بل من جهتين فالأمرُ بها في هذه الآيةِ باعتبارِ كونِها للهِ تعالى, والنهيُ عنها باعتبارِ كونِها للناسِ.

(٥) (ومن) ما يَدخُلُ في.

(٦) (الطِّبَاقِ) بتفسيرِه السابِقِ.

(٧) (المقابَلَةُ وهي أن يُؤْتَى بمعنيين) متوافقين غيرِ متقابِلَيْن.

(٨) (أو) يُؤْتَى بـ

(٩) (أكثرَ) من المعنيين.

(١٠) (ثم يُؤْتَى) بعدَ المعنيين أو المعاني.

(١١) (بما يُقابِلُ ذلك) المأتيِّ به من المعنيين المتوافقين أو المعاني المتوافِقَةِ.

(١٢) (على الترتيبِ) أي: يكونُ ما يُؤتَى به ثانياً مَسُوقاً على ترتيبِ ما أُتِيَ به أوًّلاً بحيث يكونُ الأوَّلُ للأوَّلِ والثاني للثاني إلى آخرِه وإنما دَخَلَ هذا النوعُ في الطباقِ لصِدْقِ حَدِّه السابقِ عليه وهو جمْعٌ بينَ معنيين متقابِلَيْن أي: ولو في الجملةِ يعني من غيرِ تفصيلٍ وتعيينٍ لكونِ التقابُلِ على وجهٍ مخصوصٍ دونَ آخَرَ فمقابَلَةُ الاثنين بالاثنين.

(١٣) (نحوَ قولِه تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً} ) فأَتَى في أحدِ الطرفين بالضَّحِكِ والقِلَّةِ, وهما متوافقان, ثم في الطرَفِ الآخَرِ بالبكاءِ والكثرةِ وهما متوافقان أيضًا, وقابَلَ الأوَّلَ من الطرَفِ الثاني, وهو البكاءُ, بالأوَّلِ من الطرَفِ الأوَّلِ وهو الضَّحِكُ وقابَلَ الثانيَ من الطرَفِ الثاني, وهو الكثرةُ بالثاني من الطرفِ الأوَّلِ وهو القِلَّةُ. ومقابَلَةُ الثلاثةِ بالثلاثةِ نحوَ قولِ أبي دلامةَ من شعراءِ الدولةِ العبَّاسيَّةِ أيَّامَ المعتصِمِ باللهِ:

ما أحسَنَ الدينَ والدنيا إذا اجْتَمَعا ... وأقْبَحَ الكفرَ والإفلاسَ بالرجُلِ

فالحسْنُ والدينُ والغِنَى وهو المعبَّرُ عنه بالدنيا متوافِقَةٌ لعدَمِ التنافي بينَها وقد قُوبِلَتْ بثلاثةٍ هي القُبحُ والكفْرُ والإفلاسُ الأوَّلُ للأوَّلِ والثاني للثاني والثالثُ للثالثِ, وهي متوافقةٌ أيضاً لعدَمِ التنافي بينَها, ومقابَلَةُ الأربعةِ بالأربعةِ، نحوَ قولِه تعالى {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} فالجملةُ الأُولى اجتَمَعَ فيها مُتوافِقاتٌ أربعةٌ, وهي الإعطاءُ والتُّقَى والتصديقُ بالْحُسْنَى وهي كلمةُ التوحيدِ التي هي لا إلهَ إلا اللهُ والتيسيرُ لليُسْرَى, والجملةُ الثانيةُ كذلك اجتَمعَ فيها متوافِقاتٌ أربعةٌ تُقابِلُ تلك على الترتيبِ؛ البُخْلُ المقابِلُ للإعطاءِ والاستغناءُ المقابِلُ للتقوى, والتكذيبُ المقابِلُ للتصديقِ, والتيسيرُ للعُسْرِ المقابِلُ للتيسيرِ لليُسْرَى.

مراعاةُ النظيرِ هي جمْعُ أمْرٍ وما يُناسِبُه [١] لا بالتَّضادِّ [٢]، كقولِه [٣]:

والطَّلُّ [٤] في سِلْكِ الغُصُونِ [٥] كلؤلؤٍ رَطْبٍ [٦] يُصافِحُه النسيمُ [٧] فيَسْقُطُ [٨]

والطيرُ يَقرأُ [٩] والغديرُ [١٠] صحيفةٌ [١١] ... والريحُ تَكتُبُ [١٢] والغمامُ [١٣] يُنَقِّطُ [١٤]

(١) (مراعاةُ النظيرِ هي جمْعُ أمْرٍ وما يُناسبُه) أي: الجمْعُ بينَ أمرين متناسبَيْن أو أمورٍ متناسِبةٍ.

(٢) (لا بالتضادِّ) أي: بل بالتوافقِ في كونِ ما جُمِعَ من وادٍ واحدٍ لصُحبتِه في إدراكٍ أو مناسبتِه في شكْلٍ, أو لتوقُّفِ بعضٍ على بعضٍ أو ما أشبَهَ شيئاً من ذلك وبهذا القدْرِ خرَجَ الطِّباقُ له؛ لأنه جَمَعَ بينَ أمْرَين متَّفِقَيْن فأكثرَ بالتقابُلِ الشاملِ لتقابُلِ التضادِّ, سُمِّيَ هذا الجمْعُ الخاصُّ مراعاةَ النظيرِ؛ لأن فيه رعايةَ الشيءِ مع نظيرِه, أي: شَبَهِهِ, ومناسِبِه ويُسَمَّى أيضاً التناسبَ والتوفيقَ والائتلافَ ويَتحقَّقُ بالجمْعِ إما بينَ أمرين كقولِه تعالى {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} فجمَعَ بينَ الشمسِ والقمرِ ولا يَخفى تناسبُهما من حيث تقارنُهما في الخيالِ لكونِ كلٍّ منهما جِسماً نُورانيًّا سماويًّا أو بينَ أمورٍ.

(٣) (كقولِه) أي: الشاعرِ.

(٤) (والطَّلُّ) بفتحِ الطاءِ المهمَلةِ, هو المطَرُ الخفيفُ حالةَ كونِه.

(٥) (في سِلْكِ الغصونِ) جمْعُ غُصْنِ الشجرةِ.

(٦) (كلؤلؤٍ رَطْبٍ) بفتحِ الراءِ وسكونِ الطاءِ المهمَلةِ وهو خلافُ اليابسِ الجافِّ.

(٧) (يُصافِحُه النسيمُ) نوعٌ من الريحِ, وهي الريحُ الليِّنةُ التي لا تُحَرِّكُ شجراً ولا تُعْفي أثَراً.

(٨) (فيَسقُطُ) أي: إلى الأرضِ.

(٩) (والطيرُ يَقرأُ) أي: يُصَوِّتُ.

(١٠) (والغديرُ) قطعةٌ من الماءِ يَتْرُكُها السيْلُ.

(١١) (صحيفةٌ) أي: كالصحيفةِ التي هي القِرْطَاسُ المكتوبُ.

(١٢) (والريحُ تَكتبُ) أي: قراءةَ الطيرِ على صحيفةٍ من الغديرِ.

(١٣) (والغَمامُ) بفتحِ الغَيْنِ المعجَمةِ: السَّحَابُ أو القطعةُ منه.

(١٤) (يُنَقِّطُ) أي: على تلك الكتابةِ ويَجعلُ لها نُقَطاً من المطَرِ فجَمَعَ في البيتِ الأوَّلِ بينَ الطَّلِّ والغصونِ والنَّسيمِ وهي أمورٌ متناسِبةٌ كما جَمَعَ في البيتِ الثاني بينَ الطيْرِ والغديرِ والريحِ والغَمامِ وهي متناسِباتٌ وبينَ القراءةِ والصحيفةِ والكتابةِ والنُّقطِ وهي متناسِباتٌ.

الاستخدامُ هو ذكْرُ اللفظِ [١]

(بِـ) [٢] معنًى [٣] وإعادةُ ضميرٍ عليه [٤] (بِ) [٥] معنًى آخرَ [٦] أو [٧] إعادةُ ضميرين [٨] تُريدُ بثانِيهما [٩] غيرَ ما أردتَه بأوَّلِهما [١٠]، (فَ) [١١] الأوَّلُ [١٢] نحوَ قولِه تعالى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [١٣] أرادَ بالشهرِ الهلالَ [١٤] وبضميرِه [١٥] الزمانَ المعلومَ [١٦]، و [١٧] الثاني [١٨] كقولِه [١٩]:

(١) (الاستخدامُ هو ذكْرُ اللفظِ) المشترَكِ بينَ المعنيين سواءٌ كان حقيقيَّين أو مَجازيَّين أو أحدُهما حقيقيٌّ والآخَرُ مَجازيٌّ.

(٢) (بـ) إرادةِ.

(٣) (معنًى) منهما وكذلك اللفظُ المشترَكُ بينَ معانٍ متعدِّدةٍ.

(٤) (وإعادةُ ضميرٍ عليه) أي: على ذلك اللفظِ.

(٥) (بـ) إرادةِ.

(٦) (معنًى آخَرَ) من معنَيَيْهِ أو معانيه.

(٧) (أو) ذكْرُ اللفظِ بإرادةِ معنًى و.

(٨) (إعادةُ ضميرين) على ذلك اللفظِ.

(٩) (تريدُ بثانيهما) أي: بثاني الضميرين معنًى.

(١٠) (غيرَ ما أَردْتَه بأوَّلِهما) أي: الضميرين فلابدَّ أن يكونَ مُفادُ الضميرين غيرَ مُفادِ الاسمِ الظاهرِ, وإلا كان أحدُهما ليس استخداماً, وكذلك إعادةُ ضمائرَ تريدُ بأحدِها معنًى غيرَ ما أَردْتَه بالآخَرِ.

(١١) (فـ) الوجْهُ.

(١٢) (الأوَّلُ) من الوجهين المذكورين في التعريفِ, وهو أن يُرادَ باللفظِ أحدُ المعنيين أو المعاني, ويُرادَ بالضميرِ معناه الآخَرُ.

(١٣) (نحوَ قولِه تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) أراد بالشهرِ الهلالَ) أي: هلالَ رمضانَ.

(١٤) (و) أَرادَ.

(١٥) (بضميرِه) أي: بالضميرِ العائدِ إليه في قولِه فليَصُمْهُ.

(١٦) (الزمانَ المعلومَ) الذي هو ظرْفُ الصوْمِ.

(١٧) (و) الوجهُ.

(١٨) (الثاني) منهما وهو أن يُرادَ بأحدِ ضميريه أو ضمائرِه أحدُ معنيين أو معانيه وبضميرِه الآخَرِ معناه الآخَرُ, وقد قَدَّمْنا أنه لا بدَّ أن يُرادَ باللفظِ غيرُ مفادِ الضميرين أو الضمائرِ.

(١٩) (كقولِه) أي: البُحْتُرِيِّ.

فَسَقَى [١] الغَضَا [٢] و [٣] الساكِنِيه [٤] وإن هُمُو [٥] ... شَبُّوهُ [٦] بينَ جَوانِحِي [٧] وضُلُوعِي [٨]

الغَضَا [٩]: شجرٌ بالباديةِ [١٠] وضميرُ ساكنيه يعودُ إليه [١١]

بمعنى مكانِه [١٢] و [١٣] ضميرُ شبُّوه يعودُ إليه [١٤] بمعنى نارِه [١٥].

(١) (فَسَقَى) أي: اللهُ.

(٢) (الغَضَا) بالغينِ والضادِ المعجمَتَيْن نوعٌ من شجَرِ الباديةِ, والجملةُ دعائيَّةٌ دَعَا الشاعرُ بها أن يَسْقِيَ اللهُ الشجرَ الْمُسَمَّى بالغضا بحيث يَنزلُ الأحِبَّاءُ في ظِلالِه.

(٣) (و) سقَى اللهُ.

(٤) (الساكِنِيهِ) أي: الساكنين في الغضا بمعنى المكانِ النابتِ فيه, ثم بيَّنَ الشاعرُ أنه طَلَبَ لهم السَّقْيَ وإن عَذَّبُوه فقالَ.

(٥) (وإن هُمُو) بإشباعِ الميمِ أي: أَطلُبُ لهم السَّقْيَ قضاءً لحقِّ الصُّحبةِ في الحالةِ أنهم.

(٦) (شَبُّوه) أي: أوقَدُوا الغضا بمعنى النارِ التي تَتوقَّدُ؛ لأنها تَتعلَّقُ بشجرِ الغضا.

(٧) (بينَ جَوَانحي) جمْعُ جانحةٍ, وهي العظْمُ مما يلي الصدرَ, كِنايةً عن القلْبِ.

(٨) (وضُلوعي) جمْعُ ضِلَعٍ, وهو العظْمُ مما يلي الظهْرَ, ولعَلَّ الصوابَ بينَ جوانحَ وقلوبٍ؛ لأن البيتَ من قصيدةٍ يائيَّةٍ.

(٩) (الغضا) المذكورُ أوَّلاً في البيتِ مرادٌ به.

(١٠) (شجرٌ بالبادِيَةِ و) الضميرُ الأوَّلُ وهو

(١١) (ضميرُ ساكِنِيهِ يَعودُ إليه) أي: إلى الغَضَا.

(١٢) (بمعنى مكانِه) ؛ إذ قد يُطلَقُ الغَضَا على المكانِ النابِتِ فيه مَجازاً

(١٣) (و) الضميرُ الثاني وهو

(١٤) (ضميرُ شَبُّوه يَعودُ إليه) أي: إلى الغَضَا.

(١٥) (بمعنى نارِه) أي: النارِ الموقَدةِ فيه إذ يُقالُ لها: الغَضَا مَجازاً أيضاً لتَعلُّقِها به. ثم إن شَبَّ نارِ الغَضَا في قلْبِ الشاعرِ عبارةٌ عن تعذيبِه بالحُبِّ وإذايتِه به, فكأنَّ أحشاءَه تَحْتَرِقُ من شدَّتِه وإذابتِه كما تَحترِقُ بنارِ الغَضَا. هذا وظاهرُ كلامِ الكتابِ أن الاستخدامَ قاصرٌ على الضميرِ وليس كذلك, بل يكونُ أيضًا باسمِ الإشارةِ وبالتمييزِ فالأوَّلُ كما في قولِه:

رأَى العَقيقَ فأَجْرَى ذاك ناظِرَهُ ... مُتَيَّمٌ لَجَّ في الأشواقِ خاطِرُهُ

فإنه أرادَ بالعَقيقِ أوَّلاً المكانَ, ثم أعادَ عليه اسمَ الإشارةِ بمعنى الدمِ. والثاني كما في قولِه:

حَكَى الغزالُ طلْعةً ولَفْتةْ ... مَن ذا رآه مُقْبِلاً ولا افْتُتِنْ

أَعْذَبُ خَلْقِ اللهِ رِيقاً وفَماً ... إن لم يكنْ أحقَّ بالحسْنِ فَمَنْ

فإنه أرادَ بالغزالِ أوَّلاً الشمسَ بقرينةِ ذكْرِ الطَّلْعةِ, ثم ذكَرَ التمييزَ وهو لفتةٌ, وأرادَ به المحبوبَ.

الجمْعُ هو أن يُجمَعَ بينَ متعدِّدٍ [١] في حكْمٍ واحدٍ [٢]، كقولِه [٣]:

إن الشبابَ [٤] والفراغَ [٥] والْجِدَهْ [٦] ... مَفسَدةٌ [٧] للمَرْءِ [٨] أيَّ مَفسَدَهْ [٩]

٧ - التفريقُ هو أن يُفرَّقَ [١٠] بينَ شيئين [١١] من نوعٍ واحدٍ [١٢]، كقولِه [١٣]:

ما نَوَالُ الغمامِ وقتَ ربيعٍ [١٤] ... كنَوَالِ الأميرِ يومَ سَخَاءِ [١٥]

فنَوَالُ الأميرِ بَدْرَةُ عينٍ [١٦] ... ونَوَالُ الغمامِ قطْرَةُ ماءِ [١٧]

(١) (الجمْعُ هو أن يُجمَعَ بينَ متعدِّدٍ) اثنين أو أكثرَ, سواءٌ كان الجمْعُ بعطفٍ أو بغيرِه وسواءٌ كان من نوعين متقارِبَيْن أو من أنواعٍ متباعِدةٍ. وأَدخَلَ لفظَ (( بينَ )) إشارةً إلى أن المتعدِّدَ يَجبُ أن يكونَ مصرَّحاً به في الذكْرِ.

(٢) (في حكْمٍ واحدٍ) المرادُ بالحكْمِ المحكومُ به, ولو في المعنى, سواءٌ وَقَعَ خبراً عن المتعدِّدِ كقولِه تعالى {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} فقد جمَعَ المالَ والبنونَ في حكْمٍ واحدٍ وهو زينةُ الدنيا و.

(٣) (كقولِه) أي: قولِ أبي العَتَاهِيَةِ، أبي إسحاقَ إسماعيلَ بنِ القاسمِ بنِ سُوَيْدٍ من مشطورِ الرَّجَزِ: علِمْتَ يا مُجَاشِعَ بنَ مَسْعَدَهْ.

(٤) (إن الشبابَ) بكسرِ الهمزةِ على الحكايةِ لأن البيتَ من الأشعارِ المشهورةِ التي ضمَّنَهَا أبو العتاهيةِ يعني قد علِمْتَ هذا البيتَ المشهورَ ويَجوزُ فتحُها، والشبابُ حَدَاثةُ السِّنِّ مصْدَرُ شَبَّ الغلامُ يَشِبُّ شباباً.

(٥) (والفراغَ) أي: الخُلُوَّ عن الشواغلِ المانِعةِ من اتِّباعِ الهوى.

(٦) (والجِدَهْ) أي: الاستغناءَ, بكسْرِ الجيمِ على وزْنِ عِدَةٍ, مصدَرُ وَجَدَ في المالِ أي: استَغْنَى.

(٧) (مَفْسَدَةٌ) أي: داعيةٌ إلى الفسادِ.

(٨) (للمرءِ) أي: الشخصِ.

(٩) (أيَّ مَفْسَدَهْ) أي: مَفسَدةٌ عظيمةٌ, فجَمَعَ الشاعرُ في هذا البيتِ بينَ الشبابِ والفراغِ والجِدَةِ في حكْمٍ, وهو كونُها مَفْسَدَةً للمرءِ. أو لم يَقَعْ خبراً عن المتعدِّدِ كقولِ محمَّدِ بنِ وُهَيْبٍ:

ثلاثةٌ تُشْرِقُ الدنيا ببَهجَتِها ... شمسُ الضُّحَى وأبو إسحاقَ والقمرُ.

(١٠) (التفريقُ هو أن يُفرَّقَ) أي: يُوقَعُ الافتراقُ والتباينَ.

(١١) (بينَ شيئين) أي: أمْرَيْنِ مشترَكَيْن.

(١٢) (من نوعٍ واحدٍ) المرادُ بالنوعِ الواحدِ ما اتَّحَدا فيه, إما بالحقيقةِ أو الادِّعاءِ وذلك بذكْرِ ما يُفيدُ معنًى زائداً فيما هو بِصَدِدِه من مدْحٍ أو ذَمٍّ أو غزَلٍ أو رِثاءٍ أو غيرِ ذلك من الأغراضِ.

(١٣) (كقولِه) أي: الوَطْوَاطِ الشاعرِ.

(١٤) (ما نَوالُ الغَمامِ وقْتَ ربيعٍ) أي: الذي هو وقتُ ثورةِ الغَمامِ.

(١٥) (كنَوالِ الأميرِ يومَ سَخَاءِ) أي: الذي هو وقتُ فقْرِ الأميرِ لكثرةِ السائلين وكمالِ بذْلِه.

(١٦) (فنَوالُ الأميرِ بَدرَةُ عَيْنٍ) هي جِلْدُ ولَدِ الضأْنِ مملوءاً من الدراهمِ, كما في القاموسِ, وتُقدَّرُ هذه الدارهمُ بعشرةِ آلافٍ.

(١٧) (ونَوالُ الغمامِ قطرةُ ماءٍ) فقد أَوقَعَ الشاعرُ التباينَ بينَ النَّوالين مع أنهما من نوعٍ واحدٍ وهو مطلَقُ نَوالٍ.

التقسيمُ هو [١] إما استيفاءُ أقسامِ الشيءِ [٢]، نحوَ قولِه [٣]:

وأَعْلَمُ علْمَ اليومِ والأمسِ قبلَه ... ولكنني عن علْمِ ما في غدٍ عَمِى [٤]

وإما ذكْرُ متعدِّدٍ وإرجاعُ ما لكلٍّ [٥] إليه [٦] على [٧] التعيينِ [٨]،

كقولِه: [٩]

ولا يُقيمُ [١٠] على [١١] ضَيْمٍ [١٢] يُرادُ به [١٣] ... إلا الأذلَّان [١٤] عِيرُ الحيِّ [١٥] والوتَدِ [١٦]

هذا [١٧] على [١٨] الخسْفِ [١٩] مربوطٌ برُمَّتِه [٢٠] وذا [٢١] يُشَجُّ [٢٢] فلا يَرْثِي [٢٣] له أَحَدُ [٢٤]

(١) (التقسيمُ هو) يُطلَقُ اصطلاحاً على ثلاثةِ إطلاقاتٍ؛ لأنه.

(٢) (إما استيفاءُ أقسامِ الشيءِ) بالذكْرِ بحيث لا يَبقَى للمُقَسَّمِ قِسْمٌ آخَرُ غيرُ ما ذُكِرَ.

(٣) (نحوَ قولِه) أي: زُهَيْرِ بنِ أبى سُلْمَى.

(٤) (وأَعلَمُ علْمَ اليومِ والأمسِ قبلَه. ولكنَّنِي عن علْمِ ما في غدٍ عَمِي) وقد تَقدَّمَ هذا البيتُ في البابِ السادسِ والشاهدُ فيه هنا هو تَضَمُّنُه أن العلْمَ يَنقسمُ إلى علْمِ اليومِ وإلى علْمِ الأمسِ وإلى علْمِ الغدِ, وهذا تَقسيمٌ مستَوْفٍ لأقسامِ العلْمِ باعتبارِ زمانِه, ومنه قولُ النُّحاةِ: الكلمةُ اسمٌ وفعْلٌ وحرفٌ.

(٥) (وإما ذكْرُ متعدِّدٍ وإرجاعُ ما لكلٍّ) من أفرادِه.

(٦) (إليه) أي: إلى كلٍّ من أفرادِه.

(٧) (على) جهةِ.

(٨) (التعيينِ) هذا القيْدُ ذُكِرَ تأكيداً لأن إرجاعَ ما لكلٍّ إليه يَستلزِمُ تعيينَه وخَرجَ اللَّفُّ والنشْرُ فإن المتكلِّمَ فيه إنما يَذكُرُ ما لكلِّ واحدٍ من غيرِ إرجاعٍ والذي يُرجِعُ ما لكلِّ واحدٍ إليه إنما هو السامعُ بذِهنِه.

(٩) (كقولِه) أي: المتلمِّسِ جريرِ بنِ عبدِ المسيحِ.

(١٠) (ولا يُقيمُ) أي: لا يَتَوَطَّنُ.

(١١) (على) بمعنى مع.

(١٢) (ضَيْمٍ) أي: ظُلْمٍ.

(١٣) (يُرادُ به) الضميرُ في به عائدٌ على المستثْنَى منه المقدَّرِ العامِّ أي: لا يَتوطَّنُ أحدٌ مع ظلْمٍ يُرادُ ذلك الظلمُ بذلك الأحدِ.

(١٤) (إلا الأَذَلَّان) تثنيةُ الأذَلِّ بَدَلٌ من العامِّ المقدَّرِ.

(١٥) (عَيْرُ الحيِّ) العَيْرُ الحمارُ الوحشيُّ, أو الأهليُّ, وهو المناسِبُ هنا لإضافتِه إلى الحيٍّ.

(١٦) (والوتَدِ) بكسْرِ التاءِ الفوقيَّةِ وفتحِها.

(١٧) (هذا) أي: عَيْرُ الحيِّ يعني الحمارُ الأهلىُّ.

(١٨) (على) بمعنى مع.

(١٩) (الخسْفِ) أي: الذُّلِّ.

(٢٠) (مربوطٌ برُمَّتِه) هي قطعةُ حَبْلٍ باليَةٍ أي: هذا على الذُّلِّ مربوطٌ بقطعةِ حبْلٍ بالِيَةٍ يَسهُلُ الخلاصُ معها عن الربْطِ.

(٢١) (وذا) أي: الوتَدُ.

(٢٢) (يُشَجُّ) أي: يُشَقُّ رأسُه ويُدَقُّ.

(٢٣) (فلا يَرْثِي) أي: فلا يَرِقُّ ولا يَرْحَمُ.

(٢٤) (له أحَدٌ) فذَكَرَ الشاعرُ العَيرَ والوتَدَ ثم أَرجَعَ إلى الأوَّلِ ما له وهو الربْطُ مع الْخَسْفِ وإلى الثاني ما له وهو الشَّجُّ على جِهَةِ التعيينِ.

و إما ذكْرُ أحوالِ الشيءِ [١] مضافاً [٢] إلى كلٍّ منها ما يَليقُ به [٣]، كقولِه [٤]:

سأطلُبُ حَقِّي بالقَنا [٥] و [٦] مشايخٍ [٧] كأنهم من طُولِ ما التَثَمُوا [٨] مُرْدُ [٩]

ثِقالٌ [١٠] إذا لاقَوْا [١١] خِفافٌ [١٢] إذا دُعُوا [١٣] كثيرٌ إذا شَدُّوا [١٤] قليلٌ إذا عُدُّوا [١٥]

(١) (وإما ذكْرُ أحوالِ الشيءِ) بعد ذكْرِه.

(٢) (مضافاً) أي: حالَ كونِ تلك الأحوالِ قد أُضيفَ.

(٣) (إلى كلٍّ منها ما يَليقُ به) وهذا الإطلاقُ مغايِرٌ للتقسيمِ بالإطلاقِ الثاني آنِفاً؛ لأن الإطلاقَ الثاني أن يُذكَرَ متعدِّدٌ أوَّلاً, ثم يُضافَ لكلٍّ ما يُناسِبُه على التعيينِ بخلافِ ما هنا؛ فإنه يَذكُرُ المتعدِّدَ, ويَذكُرُ مع كلِّ واحدٍ ما يُناسِبُه.

(٤) (كقولِه) أي: قولِ أبي الطيِّبِ المتنبِّي:

(٥) (سأطلبُ حقِّي بالقَنَا) بالقافِ والنونِ جمْعُ قَناةٍ وهي الرُّمْحُ.

(٦) (و) بـ

(٧) (مشايخٍ) أي: كُهَّلٍ من ذكورِ قَوْمي.

(٨) (كأنهم من طُولِ ما التَثَمُوا) أي: ما شَدُّوا اللِّثامَ حالةَ الحربِ, وفي هذا إشارةٌ إلى كثرةِ حربِهم.

(٩) (مُرْدٌ) جمْعُ أمْرَدَ أي: رجالٌ لا لِحَى لهم, وقيلَ: إن طولَ اللِّثامِ عبارةٌ عن لزومِهم زيَّ الكُبراءِ وأهلِ المروءةِ.

(١٠) (ثِقالٌ) على الأعداءِ من شدَّةِ شَوْكتِهم.

(١١) (إذا لاقَوْا) أي: حاربوا.

(١٢) (خِفافٌ) جمْعُ خَفيفٍ, أي: مسرعين إلى الإجابةِ.

(١٣) (إذا دُعُوا) إلى كفايةِ مُهِمٍّ أو دفاعِ مُلِمٍّ.

(١٤) (كثيرٌ إذا شَدُّوا) بفتحِ الشينِ المعجَمةِ أي: حَمَلُوا على الأعداءِ؛ لأن الواحدَ منهم يقومُ مقامَ الجماعةِ في النِّكايةِ فحُكْمُ ما كان منهم حكْمُ الكثيرِ في الإفادةِ.

(١٥) (قليلٌ إذا عُدُّوا) لأن أهلَ النَّجدَةِ والإفادةِ مثلَهم في غايةِ القِلَّةِ فذَكَرَ الشاعرُ المشائخَ أوَّلاً ثم ذَكَرَ أحوالَهم من الثقَلِ والخِفَّةِ والكثرةِ والقلَّةِ وأضافَ إلى كلِّ حالٍ منها ما يَليقُ بها فأضافَ إلى الثقَلِ حالَ الملاقاةِ, وإلى الخفَّةِ حالَ الدعوةِ للإجابةِ وإلى الكثرةِ حالَ الشَّدَّةِ وإلى القِلَّةِ حالَ العَدِّ, ولا يَخْفَى ما اشتَمَلَ عليه هذا التقديمُ من الطِّباقِ بذِكْرِ القلَّةِ والكثرةِ والخفَّةِ والثِّقَلِ؛ إذ بينَ كلِّ اثنين منها تَضادٌّ.

تأكيدُ المدحِ بما يُشبِهُ الذمَّ [١] ضَرْبَان [٢]:

(أحدُهما) [٣] أن يُستَثْنَى من صفةِ ذَمٍّ منفيَّةٍ [٤] صفةُ مدْحٍ [٥] على تقديرِ [٦] دخولِها [٧] فيها، [٨]

كقولِه [٩]:

ولا عيبَ فيهم غيرَ أن سيوفَهم ... بهنَّ فُلولٌ [١٠] من قِرَاعِ [١١] الكتائبِ [١٢]

(ثانيهِما) أن يُثْبَتَ لشيءٍ صفةُ مدْحٍ ويُؤْتَى بعدَها [١٣] بأداةِ استثناءٍ تَلِيها [١٤] صفةُ مدْحٍ أخرى [١٥]، كقولِه [١٦]:

(١) (تأكيدُ المدْحِ بما يُشبِهُ الذَّمَّ) بأن يُبالَغَ في المدْحِ إلى أن يأتيَ بعبارةٍ يَتَوَهَّمُ السامِعُ في بادئِ الأمْرِ أنه ذَمٌّ.

(٢) (ضَربان) أي: نوعان.

(٣) (أحدُهما) وهو أحسنُهما.

(٤) (أن يُستَثْنى من صفةِ ذمٍّ مَنفيَّةٍ) عن الشيءِ.

(٥) (صفةُ مدْحٍ) لذلك الشيءِ نائبُ فاعلِ يُسْتَثنَى.

(٦) (على تقديرِ) أي: فرْضِ.

(٧) (دخولِها) أي: صفةِ المدْحِ.

(٨) (فيها) أي: في صفةِ الذمِّ, فالمرادُ بالتقديرِ هنا تقديرُ الدخولِ على وجهِ التعليقِ الموجِبِ لكونِه على وجهِ الشكِّ, لا ادِّعاءُ الدخولِ على وجهِ الجزْمِ والتصميمِ, وإنما كان ما ذُكِرَ من تأكيدِ المدْحِ بما يُشْبِهُ الذمَّ؛ لأن نَفيَ صفةِ الذمِّ على وجهِ العمومِ حتى لا يَبْقَى في الْمَنْفيِّ عنه مدْحٌ, وبما تَقرَّرَ من أن الاستثناءَ من النفيِ إثباتٌ كان استثناءُ صفةِ المدْحِ بعدَ نفيِ الذمِّ إثباتاً للمدْحِ وإنما كان هذا التأكيدُ مُشْبِهاً للذمِّ وفي صورتِه؛ لأنه لما قُدِّرَ الاستثناءُ متَّصِلاً, وقُدِّرَ دخولُ هذا المستثنَى في المستثنَى منه كان الإتيانُ بهذا المستثنَى لو تَمَّ التقديرُ وصَحَّ الاتِّصالُ ذمًّا؛ لأن العيبَ منفيُّ, فإذا كانَ هذا عيباً كان إثباتاً للذمِّ لكن وُجِدَ مدحاً فهو في صورةِ الذَّمِّ وليس بذَمٍّ.

(٩) (كقولِه) أي: قولِ النابغةِ زيادِ بنِ معاويةَ الذُّبْيَانيِّ.

(١٠) (ولا عَيْبَ فيهم غيرَ أن سيوفَهم بهن فُلولٌ) جمْعُ فَلٍّ, وهو الكسْرُ في حدِّ السيفِ.

(١١) (من قِراعِ) بكسْرِ القافِ, أي: مُضاربَةِ.

(١٢) (الكتائبِ) جمْعُ كَتيبةٍ وهي الجامعةُ المستعِدَّةُ للقتالِ, أي: الجيوشِ, فقولُه: لا عَيْبَ فيهم نفيٌ لكلِّ عيبٍ, ونفيُ كلِّ عيبٍ مدْحٌ, ثم استثنَى من العيْبِ المنفيِّ كونَ سيوفِهم مفلولةً من مُضاربَةِ الكتائبِ على تقديرِ كونِه عيباً, أي: إنَّ فرْضَ كونِ فلولِ السيفِ عيباً ثَبَتَ العيبُ وإلا فلا.

(١٣) (ثانيهِما) أن يَثْبُتَ لشيءٍ صفةُ مدْحٍ ويُؤتَى بعدَها) أي: بعدَ صفةِ المدْحِ.

(١٤) (بأداةِ استثناءٍ تَلِيها) أي: تُذكَرُ تلك الأداةُ حالَ كونِها تَلِيها أي: تأتي بعدَها.

(١٥) (صفةُ مدْحٍ أخرى) كائنةٌ لذلك الشيءِ الموصوفِ سواءٌ كانت الصفةُ الثانيةُ مؤكِّدةً للأُولى ولو بطريقِ اللُّزومِ.

(١٦) (كقولِه) أي: الشاعرِ.

فَتًى كَمُلَتْ أوصافُه [١] غيرَ أنه ... جَوَادٌ [٢] فما يُبقِي عَلَى المالِ باقياً [٣]

حسْنُ التعليلِ هو أن يُدَّعَى [٤] لوصفٍ علَّةٌ [٥] غيرُ حقيقيَّةٍ [٦]

فيها [٧] غرابةٌ [٨]، كقولِه [٩]:

(١) (فتًى كمُلَتْ أوصافُه) هذه صفةُ مدْحٍ.

(٢) (غيرَ أنه جَوَادٌ) أي: كريمٌ غايةَ الكرَمِ.

(٣) (فما يُبْقِي عَلى المالِ باقياً) هذه صفةُ مدْحٍ ثانيةٌ. وجْهُ تأكيدِ المدْحِ في هذا أن الإتيانَ بأداةِ الاستثناءِ يُشعِرُ بأنه أُريدَ إثباتُ مخالِفٍ لما قبلَها؛ لأن الاستثناءَ أصلُه المخالَفةُ فلمَّا كان المأتيُّ به بعدَها كونَه جَوَاداً المستلزِمَ لتأكيدِ كمالِ أوصافِه جاءَ التأكيدُ كما لا يَخْفَى على كلِّ ذي طبْعٍ سليمٍ, وكانت الصفةُ الثانيةُ غيرَ ملائمةٍ للأُولى, كما في قولِ أبي الفضلِ بديعِ الزمانِ الهمَذَانيِّ في مدْحِ خَلَفِ بنِ أحمدَ السِّجِسْتَانيِّ.

هو البدرُ إلا أنه البحرُ زاخِراً ... سِوى أنه الضِّرْغَامُ لكنه الوبْلُ

فقولُه هو البدرُ صفةٌ مدحيَّةٌ أُولَى, وقولُه: البحرُ زاخراً صفةٌ مدحيَّةٌ ثانيةٌ, وليس بينَهما مُلاءَمةٌ.

(٤) (حسْنُ التعليلِ هو أن يُدَّعَى) أي: يُثْبَتَ بالدَّعْوَى.

(٥) (لوصْفٍ علَّةٌ) مناسِبةٌ له.

(٦) (غيرُ حقيقيَّةٍ أي: غيرُ مطابِقةٍ للواقعِ بمعنى أنها ليستْ علَّةً في نفْسِ الأمْرِ بل اعتُبِرَتْ علَّةً بوجْهٍ يُتَخَيَّلُ به كونُ التعليلِ بها صحيحاً سواءٌ كانت أمراً اعتباريًّا أو موجوداً في الخارجِ, وهذا القيْدُ لازِمٌ؛ إذ لو كانت تلك العِلَّةُ حقيقيَّةً, أي: عِلَّةً في نفسِ الأمرِ لم يكنْ ذلك من محسِّناتِ الكلامِ لعدَمِ التصرُّفِ فيه.

(٧) (فيها) أي: في هذه العِلَّةِ.

(٨) (غَرَابَةٌ) أي: اعتبارٌ لطيفٌ مشتمِلٌ على دقَّةِ نظَرٍ سواءٌ كان هذا الوصفُ الذي ادَّعَيْتَ له علَّةً, ثابتاً فيُقصَدُ بيانُ علَّتِه أو غيرَ ثابتٍ, فيُرادُ إثباتُها, وسواءٌ كان الوصفُ الثابتُ ظاهرَ العلَّةِ كقولِ المتنبِّي:

ما به قتْلُ أعادِيه ولكنْ ... يَتَّقِي إخلافَ ما تَرجُو الذئابُ

فإنَّ قتْلَ الأعادي عادةُ الملوكِ ليَسْلَموا من أذاهم وضَرِّهم ولكنَّ المتنبِّيَ اختَرَعَ لذلك سبباً غريباً, وهو الكرَمُ الغَريزيُّ ومحبَّتُه إجابةُ طالبِ الإحسانِ وتجنُّبُ إخلافِ مرجوِّ الذئابِ أو كان غيرَ ظاهرِ العلَّةِ, كقولِ أبي هلالٍ العسْكَرِيِّ:

زعَمَ البنَفْسِجُ أنه كعُذَارِه ... حُسْناً فسَلُّوا من قفاه لسانَه

فخروجُ ورقةِ البنفسجِ إلى الخلْفِ, لا علَّةَ له, لكنَّه ادَّعى أن علَّتَه الافتراءُ على المحبوبِ, وسواءٌ كان الوصْفُ الغيرُ الثابتِ ممكِناً كقولِ مسلِمِ بنِ الوليدِ:

يا وَاشِياً حسُنَتْ فينا إساءتُه ... نَجَّى حذارُكَ إنساني من الغَرَقِ.

فاستحسانُ الإساءةِ ممكِنٌ غيرُ ثابتٍ فقُصِدَ إثباتُه. أو كان غيرَ ممكِنٍ.

(٩) (كقولِه) أي: الخطيبِ القُزْوِينِيِّ مترْجِماً بالعربيَّةِ بيتاً فارسيًّا.

لو لم تكنْ نيَّةُ الجوزاءِ [١] خِدْمَتَه [٢] ... لَمَا رأيْتَ عليها [٣] عِقْدَ مُنْتَطَقِ [٤]

١١ - ائتلافُ اللفظِ مع المعنى هو أن تكونَ الألفاظُ موافِقةً للمعانى, فتُختارُ الألفاظُ الجَزْلَةُ [٥] والعباراتُ الشديدةُ [٦] للفخْرِ [٧] والحماسةِ [٨] و [٩] الكلماتُ الرقيقةُ والعباراتُ الليِّنَةُ [١٠] للغَزَلِ [١١]، ونحوِه [١٢]، كقولِه [١٣]:

إذا ما غضِبْنَا [١٤] غَضْبَةً مُضَرِيَّةً [١٥] ... هتَكْنَا [١٦] حِجابَ الشمسِ [١٧] أو [١٨] قَطَرَتْ [١٩] دَمَا [٢٠]

(١) (لو لم تكنْ نيَّةُ الجوزاءِ) برْجٌ من البروجُ الفلَكيَّةِ الاثني عشرَ فيه عدَّةُ نجومٍ تُسمَّى نِطاقَ الجوزاءِ ومنْطِقَةَ الجَوْزاءِ. والْمِنْطَاقُ والمِنْطَقةُ ما يُشَدُّ به الوسَطُ وقد يكونُ مُرَصَّعاً بالجواهرِ حتى يكونَ كعقْدٍ خالصٍ من الدُّرِّ.

(٢) (خِدْمتَه) بالنصْبِ خبرُ لم تكنْ أي: خدمةَ الممدوحِ.

(٣) (لما رأيتَ عليها) أي: على الجوازاءِ

(٤) (عِقدَ مُنْتَطَقِ) بفتحِ الطاءِ اسمُ مفعولٍ أي: لما رأَيْتَ عليها عِقْداً مُنْتَطَقاً به, أي: مشدوداً في وسَطِها كالنِّطاقِ أي: الحزامِ فجَعلَ الشاعرُ علَّةَ شَدِّ الجوزاءِ النطاقَ في وسطِها خدمةَ الممدوحِ, وهي صفةٌ غيرُ ممكِنةٍ, فقَصَدَ إثباتَها على خِلافِ الواقعِ.

(٥) (ائتلافُ اللفظِ مع المعنى هو أن تكونَ الألفاظُ موافِقةً للمعاني, فتُختارَ الألفاظُ الجزْلَةُ) أي: العظيمةُ الغيرُ الرَّكيكةِ.

(٦) (والعباراتُ الشديدةُ) أي: شديدةُ اللهجةِ.

(٧) (للفخْرِ) أي: الافتخارِ والمباهاةِ بالمكارمِ والمناقبِ.

(٨) (والحماسةِ) أي: الشدَّةِ في الأمرِ والشجاعةِ.

(٩) (و) تُختارَ.

(١٠) (الكلماتُ الرقيقةُ والعباراتُ الليِّنةُ) عطْفُ تفسيرٍ لما قبلَه

(١١) (للغَزَلِ) بفتحتين هو حديثُ الفِتيانِ والجواري.

(١٢) (ونحوَه) كالمدْحِ.

(١٣) (كقولِه) أي: الشاعرِ في الفخْرِ والحماسةِ.

(١٤) (إذا ما غَضِبْنَا) ما زائدةٌ لوقوعِها بعدَ إذا.

(١٥) (غَضْبَةً مُضَرِيَّةً) نِسبةً إلى مُضَرَ بنِ نِزارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنانَ.

(١٦) (هتكْنَا) أي: خَرَقْنَا وجَذَبْنا حتى نَزَعْنا.

(١٧) (حِجابَ الشمسِ) المرادُ بالشمسِ هنا الحقُّ بجامعِ الوضوحِ في كلٍّ بقرينةِ السياقِ.

(١٨) (أو) بمعنى إلى.

(١٩) (قَطَرَتْ) أي: الشمسُ.

(٢٠) (دماً) أي: إلى أن يَظْهَرَ لونُ الدمِ, وهو الحمرةُ, فهو ترشيحٌ للاستعارةِ في الشمسِ.

إذا ما أَعَرْنَا [١] سيِّداً من قبيلةٍ ... ذُرَى مِنْبَرٍ [٢] صلَّى علينا [٣] وسَلَّما [٤]

وقولِه [٥]:

لم يَطُلْ لَيْلِي [٦] ولكن لم أَنَمْ ... ونَفَى عنِّي الكَرَى [٧] طَيْفٌ [٨] أَلَمْ [٩]

(١) (إذا ما أَعَرْنَا) ما زائدةٌ كالبيتِ السابقِ.

(٢) (سيِّداً من قبيلةٍ ذُرَى مِنْبَرٍ) الذُّرَى بضمِّ الذالِ المعجَمةِ أو كسْرِها جمْعُ ذُروةٍ بالضمِّ أو الكسْرِ أيضاً وهو من كلِّ شيءٍ أعلاه. أي: صفةُ شرَفٍ.

(٣) (صلَّى علينا) أي: دعا لنا بخيرٍ.

(٤) (وسلَّما) أي: ذَكرَ ونَوَّهَ باسمِنا في جماعتِه وقومِه.

(٥) (وقولِه) أي: الشاعرِ في الغزَلِ.

(٦) (لم يَطُلْ لَيْلِي) بياءِ المتكلِّمِ.

(٧) (ولكن لم أَنَمْ ونَفَى عنِّي الكَرَى) كالعصا وزناً, أي: النُّعاسُ.

(٨) (طَيْفٌ) أي: طيفُ خيالِ المحبوبِ.

(٩) (أَلَمْ) أي: نَزَلَ. قال ابنُ فارسٍ: الطَّيْفُ والطائفُ ما أطافَ بالإنسانِ من الجِنِّ والإنسِ والخيالِ انتهى.

أسلوبُ الحكيمِ وهو تَلَقِّي المخاطَبِ [١] بغيرِ ما يَتَرَقَّبُه [٢] أو [٣] السائلِ بغيرِ ما يَطْلُبُه [٤] تَنبيهاً [٥] على أنه [٦] الأَوْلى بالقصْدِ [٧].

(فَ) [٨] الأوَّلُ [٩] يكونُ [١٠] بحمْلِ الكلامِ [١١] على خِلافِ مرادِ قائلِه [١٢]، كقولِ القَبَعْثَرَى [١٣] للحجَّاجِ [١٤] - وقد تَوَعَّدَه بقولِه [١٥]: لأحْمِلنَّكَ على الأدْهَمِ [١٦] - مثلَ الأميرِ يَحْمِلُ على الأدهَمِ والأشهبِ [١٧] فقالَ له الحجَّاجُ: أردْتُ [١٨].

(١) (أسلوبُ الحكيمِ وهو تَلقِّي المخاطَبِ) بفتحِ الطاءِ من إضافةِ المصدرِ إلى المفعولِ, أي: تَلَقِّي المتكلِّمِ بالكلامِ الثاني المخاطَبَ وهو المتكلِّمُ بالكلامِ الأوَّلِ.

(٢) (بغيرِ ما يَترَقَّبُه) أي: بغيرِ ما يَنتظرُه ذلك المخاطَبُ من ذلك المتكلِّمِ.

(٣) (أو) تَلَقِّي.

(٤) (السائلِ بغيرِ ما يَطْلُبُه) أي: بغيرِ ما يَطلُبُ الإجابةَ عليه. قسمان الفرْقُ بينَهما أنَّ تلَقِّيَ السائلِ مبْنِيٌّ على السؤالِ بخلافِ تلَقِّي المخاطِبِ، وإنَّما يُتلَقَّى المتكلِّمُ في الأوَّلِ بغيرِ ما يَترقَّبُه حيث يُراعَى مُقْتَضَى الحالِ.

(٥) (تنبيهاً) أي: من ذلك المتكلِّمِ لذلك المخاطَبِ.

(٦) (على أنه) أي: ذلك الغيرَ هو.

(٧) (الأَوْلَى بالقصْدِ) والإرادةِ دونَ ما يُرْتَقبُ. وإنما تَلقِّى السائلِ في الثاني بغيرِ ما يَطلبُه تَنبيهاً من الْمُجيبِ للسائلِ على أن ذلك الغيرَ المجابَ به هو الأنسبُ أن يكونَ عندَه, لا المسئولَ عنه.

(٨) (فـ) القِسْمُ.

(٩) (الأوَّلُ) وهو تَلقِّي المخاطَبِ بغيرِ ما يَترَقَّبُه.

(١٠) (يكونُ) أي: يَحْصُلُ

(١١) (بحمْلِ الكلامِ) الباءُ سببيَّةٌ أي: بسببِ حمْلِ المتكلِّمِ الكلامَ.

(١٢) (على خِلافِ مرادِ قائلِه) أي: الذي هو المخاطَبُ يعني: على معنًى غيرِ المعنى الذي يَقْصِدُه.

(١٣) (كقولِ القَبَعْثَرَى) كان من رؤساءِ العربِ وفُصَحائِهم ومن جملةِ الخوارجِ الذين خَرَجوا على سيِّدِنا عليٍّ, كرَّمَ اللهُ وجْهَه.

(١٤) (للحجَّاجِ و) الحالُ.

(١٥) (قد توعَّدَه بقولِه) أي: قالَ الحجَّاجُ للقَبَعْثَرَى متَوعِّداً إيَّاه؛ لأن القَبَعْثَرَى كان جالساً في بُسْتانٍ مع أصحابِه في زمَنِ الحِصْرِمِ, أي: العِنَبِ الأخضرِ فذَكَرَ بعضُهم الحجَّاجَ فقالَ القَبَعْثَرَى: اللهمَّ سوِّدْ وجهَه واقْطَعْ عُنُقَه واسْقِنِي من دمِه, فَوُشِيَ به إلى الحجَّاجِ فلما مَثَلَ بينَ يديه قالَ له: أنت قُلْتَ ذلك فقالَ القَبَعْثَرَى نعم ولكن أردتُ العِنَبَ الحِصْرِمَ ولم أُرِدْكَ فقالَ له.

(١٦) (لأَحْمِلنَّك على الأدْهَمِ) أي: لأُلْجِئنَّكَ إلى القَيْدِ أي: إلى أن تصيرَ مقيَّداً بالقيْدِ الحديدِ الأسودِ سُمِّيَ القيْدُ المذكورُ بالأدهَمِ لشدَّةِ سوادِه فقالَ القَبَعْثَرَى.

(١٧) (مِثْلُ الأميرِ يَحمِلُ على الأدهَمِ والأشْهَبِ) يعني: الفرَسِ الأسودِ والفرسِ الأبيضِ.

(١٨) (فقالَ له الحجَّاجُ: أرَدْتُ) أي: بالأدهمِ.

الحديدَ [١]. فقالَ الْقَبَعْثَرَى: لأن يكونَ حديداً خيرٌ من أن يكونَ بَلِيداً [٢]. أرادَ الحجَّاجُ بالأدْهَمِ القيدَ [٣] و [٤] بالحديدِ الْمَعْدِنَ المخصوصَ وحَمَلَهُما [٥] الْقَبَعْثَرَى على الفرَسِ الأدْهَمِ الذى ليس بَلِيداً [٦].

(والثاني) [٧] يكونُ [٨] بتنزيلِ السؤالِ [٩] منزِلةَ سؤالٍ آخَرَ [١٠] مناسِبٍ لحالةِ المسألةِ [١١] كما في قولِه تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} سأَلَ بعضُ الصحابةِ [١٢] النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ [١٣]: ما بالُ الهِلالِ يبدو دَقيقاً [١٤] ثم يَتزايدُ حتى [١٥] يَصيرَ بَدْراً ثم [١٦] يَتناقَصُ حتى يعودَ كما بَدَا [١٧]

(١) (الحديدَ) أي: الأسودَ المعلومَ لا الفرسَ الأسودَ.

(٢) (فقالَ القَبَعْثَرَى لأن يكونَ حديداً خيرٌ من أن يكونَ بَلِيداً) فقالَ الحجَّاجُ لأعوانِه: احمِلُوه فلمَّا حَمَلُوه قالَ: سبحانَ الذي سخَّرَ لنا هذا ... الآيةَ، فقالَ: اطْرَحوه على الأرضِ فلما طَرَحُوه قالَ: منها خَلَقْناكم, وفيها نُعيدُكم. فصَفَحَ عنه الحجَّاجُ وأحسَنَ إليه على ما قِيلَ.

(٣) (أرادَ الحجَّاجُ بالأدهمِ القيدَ) أي: الحديدِ الأسودِ.

(٤) (و) أرادَ.

(٥) (بالحديدِ المعْدِنَ المخصوصَ وحَمَلَهُما) أي: الأدهمَ والحديدَ القَبَعْثَرَى على الفرسِ الأدهمِ الذي غَلَبَ سَوادُه, حتى ذَهَبَ البياضُ بمعنى أنه يُولَدُ, وفيه شعَراتٌ بِيضٌ, ثم يَكْثُرُ الشعرُ الأسودُ حتى يَغْلِبَ على الأبيضِ ويَذهبَ الأبيضُ بالمرَّةِ بأن يَنقلبَ البياضُ سواداً.

(٦) (الذي ليس بَلِيداً) بل كان ذا حِدَّةٍ ومرادُه بهذا الحمْلِ تَخطِئَةُ الحجَّاجِ بأن الألْيَقَ به الوعدُ بالحملِ على الفرسِ الأدهمِ الذي ليس بَلِيداً, لا الوعيدُ بالحمْلِ على الأدهمِ الذي هو القيدُ الحديدُ الأسودُ.

(٧) (و) القسمُ الثاني وهو تلَقِّي السائلِ بغيرِ ما يَطلُبُه.

(٨) (يكونُ) أي: يَحْصُلُ.

(٩) (بتنزيلِ السؤالِ) أي: سؤالِ السائلِ.

(١٠) (منزلَةَ سؤالٍ آخَرَ) غيرِ ذلك السؤالِ.

(١١) (مناسِبٍ لحالةِ المسألةِ) أي: فيُتركُ سؤالُه ويُجابُ عن سؤالٍ لم يَسْأَلْه فالسائلُ له حينئذٍ سؤالان, أحدُهما ما سألَ عنه, ولم يُجِبْ عنه, والآخَرُ ما لم يَسْأَلْ عنه, وأجابه الْمُجيبُ عنه, وكلٌّ من السؤالين للسائلِ به اهتمامٌ.

(١٢) (كما في قولِه تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هي مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ. سألَ بعضُ الصَّحابةِ) أي: معاذُ بنُ جَبَلٍ وربيعةُ بنُ غُنْمٍ الأنصاريُّ.

(١٣) (النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) فقالا له: يا رسولَ اللهِ,

(١٤) (ما بالُ الهلالِ يَبدو دقيقاً) مثلَ الخيطِ.

(١٥) (ثم يَتزايدُ حتى) يَمْتلَِئَ ويَسْتَوِيَ.

(١٦) (و (يَصيرَ بدراً ثم) لا يَزالُ.

(١٧) (يَتناقصُ حتى يَعودَ كما بَدا) وهذا بظاهرِه سؤالٌ عن السببِ الفاعِلِ في اختلافِ القمرِ.

فجاءَ الجوَابُ عن الحكْمَةِ [١] المترتِّبَةِ على ذلك [٢]؛ لأنها [٣] أهمُّ للسائلِ [٤] , فنُزِّلَ سؤالُهم عن سببِ الاختلافِ [٥] منزِلَةَ السؤالِ عن حكمتِه.

الْمُحسنِّاتُ اللفْظيَّةُ [٦]


١٣ - الجِناسُ [٧] هو [٨] تشابُهُ اللفظَيْن فى النطْقِ [٩] لا [١٠] في المعنى [١١]

ويكونُ [١٢] تامًّا وغيرَ تامٍّ [١٣] (فَ) [١٤] (التامُّ) ما اتَّفَقَتْ حروفُه [١٥] في الهيئةِ [١٦] والنوعِ [١٧] و [١٨] والعدَدِ [١٩] و [٢٠] الترتيبِ [٢١]، نحوَ [٢٢]

(١) (فجاءَ الجوابُ عن الحكمَةِ) عن بمعنى الباءِ, أي: ببيانِ الثمرةِ والحكمةِ.

(٢) (المترتِّبةِ على ذلك) في قولِه: قُلْ هي مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ. وذلك لأن الاختلافَ يَتحقَّقُ به نهايةُ كلِّ شهرٍ فيَتميَّزُ به كلُّ شهرٍ عما سواه, ويَجتمعُ من ذلك اثنا عشرَ شهراً, هي مجموعُ السنةِ, ويَتميَّزُ كلُّ واحدٍ عن الآخَرِ باسمِه وخاصَّتِه فيَتعيَّنُ به الوقتُ للحَجِّ والصيامِ ووقتُ الحرْثِ والآجالِ وغيرُ ذلك مع أن السببَ الفاعلِيَّ في ذلك هو أن نورَ القمرِ مستفادٌ من نورِ الشمسِ فإذا تَسامَتَا لم يَظهَرْ في القمرِ شيءٌ من نورِها لحيلولةِ الأرضِ بينَهما, فإذا انحرفَ القمرُ عنها قابَلَه شيءٌ منها, فيَبدو فيهِ نورُها, ولذا يُرَى دقيقاً منعَطِفاً كالقوسِ, ثم كلَّما ازدادَ البُعدُ من الْمُسامَتَةِ ازدادت المقابَلَةُ فيَعْظُمُ النورُ حتى يُقابِلَها تماماً فيُرَى النورُ فيه جميعاً, ثم إذا أَخَذَ القمرُ في القرْبِ من الشمسِ في سَيْرِه كان الانتقاصُ بمقدارِ الزيادةِ حتى يُسامِتَها فيَضمحِلَّ جميعاً. وإنما لم يَأْتِ الجوابُ بذلك لعدَمِ تعلُّقِ الغرَضِ به و

(٣) (لأنها) أي: الحكمةَ أعني معرفتَه.

(٤) (أهمُّ للسائلِ) بخلافِ معرفةِ السببِ الفاعليِّ فلا أهميَّةَ لها على أنها تحتاجُ إلى دراساتٍ عاليةٍ في علْمِ الفلَكِ والهيئةِ.

(٥) (فنَزَلَ سؤالُهم عن سببِ الاختلافِ) أي: اختلافِ القمرِ بمنزلةِ السؤالِ عن حكمتِه تنبيهاً على أن الأَوْلى والألْيَقَ بهم أن يَسألوا عن ذلك لأنهم ليسوا ممن يَطَّلِعون بسهولةٍ على دقائقِ علْمِ الفلَكِ كما قدَّمْنا آنِفاً.

(٦) المحسِّناتُ اللَّفظيَّةُ

(٧) (الجِناسُ) بكسْرِ الجيمِ.

(٨) (هو) أي: الجِناسُ اصطلاحاً

(٩) (تشابُهُ اللفظين في النُّطْقِ) بهما بأن يكونَ المسموعُ فيهما مُتَّحِدَ الجنسيَّةِ كُلًّا أو جُلًّا فلا يَكْفي التشابُهُ في فاءِ الكلمةِ أو عينِها أو لامِها.

(١٠) (لا) تشابُهُهما.

(١١) (في المعنى) بل يَختلفان فيه, فخَرجَ ما إذا تَشابَها في المعنى فقط كالأسدِ والسَّبُعِ للحيوانِ المفترِسِ أو تشابَها في اللفظِ والمعنى معاً كالتأكيدِ اللفظيِّ نحوَ: قَدِمَ خالدٌ قَدِمَ خالدٌ, أو تشابَها في مجرَّدِ العددِ كما في ضَرَبَ وعَلِمَ أو تشابَها في مجرَّدِ الوزنِ كما في ضَرَبَ وقَتَلَ فلا جِناسَ بينَهما في الكُلِّ.

(١٢) (ويكونُ) أي: الجِناسُ.

(١٣) (تامًّا وغيرَ تامٍّ) أي: ويَتنوَّعُ إلى هذين النوعين.

(١٤) (فـ) الجِناسُ.

(١٥) (التامُّ ما اتَّفقَتْ حروفُه) أي: حروفُ كلٍّ من اللفظين المتجانسين.

(١٦) (في الهيئةِ) أي: في هيئتِها وهي كيفيَّةٌ حاصلةٌ لها باعتبارِ حركاتِها وسَكَناتِها وبهذا القيْدِ خرَجَ نحوَ: البَرْدِ والبُرْدِ بفتحِ الموحَّدةِ من أحدِهما وضمِّها من الآخَرِ لاختلافِ الهيئةِ التي هي حركةُ الموحَّدَةِ.

(١٧) (والنوعِ) أي: نوعِها وكلُّ حرفٍ من الحروفِ الهِجائيَّةِ التسعةِ والعشرين نوعٌ برأسِه فالألِفُ نوعٌ والباءُ نوعٌ وهكذا وبهذا خرَجَ نحوَ: يَفْرَحُ ويَمرَحُ لاختلافِهما في الميمِ والفاءِ.

(١٨) (و) في.

(١٩) (العددِ) أي: عددِها بأن يكونَ مقدارُ حروفِ أحدِ المتجانسين هو مقدارَ حروفِ الآخرِ وبه خرَجَ نحوَ: الساقِ والْمَساقِ لأن الميمَ في الثانيةِ لا يُقابِلُها شيءٌ في الأُولى بل مزيدةٌ فلم يَتَّفقْ عددُ الحروفِ فيهما.

(٢٠) (و) في.

(٢١) (الترتيبِ) أي: ترتيبِها بأن يكونَ المقدَّمُ والمؤخَّرُ في أحَدِ المتجانسين هو المقدَّمَ والمؤخَّرَ في الآخرِ, وبه خرَجَ نحوَ: الفتْحِ والحَتْفِ. ثم إن كانا من نوعٍ واحدٍ من أنواعِ الكلمةِ كاسمَيْن سُمِّيَ جِناساً مماثِلاً.

(٢٢) (نحوَ) قولِ الْمَعَرِّيِّ.

لم نلْقَ [١] غيرَكَ إنساناً [٢] ً يُلاذُ به [٣] فلا بَرِحْتَ لعَيْنِ الدهرِ إنساناً [٤]

و [٥] نحوَ [٦]:

فدَارِهِمْ ما دُمْتَ في دارِهم ... وأَرْضِهِم ما دُمْتَ في أرضِهمْ [٧]

و [٨] غيرُ التامِّ [٩] نحوَ [١٠]:

(١) (لم نَلْقَ) أي: نحن.

(٢) (غيرَك إنساناً) أي: شخصاً.

(٣) (يُلاذُ به) أي: يُلْتَجَأُ إليه.

(٤) (فلا برِحْتَ لعينِ الدهرِ إنساناً) المرادُ بالإنسانِ هنا إنسانُ العينِ, وقد اتَّفَقَ مع الإنسانِ الأوَّلِ في الهيئةِ والنوعِ والعددِ والترتيبِ وهما من نوعِ الاسمِ.

(٥) (و) إن كانا من نوعين كاسمٍ وفعْلٍ سُمِّيَ جِناساً مُسْتَوْفًى لاستيفاءِ كلٍّ من المتجانسين أوصافَ الآخَرِ وإن اختَلَفا في النوعِ.

(٦) (نحوَ) قولِ الشاعرِ:

إذا رماك الدهرُ في معشَرٍ ... قد أجمَعَ الناسُ على بُغضِهمْ

(٧) (فدَارِهِم ما دمْتَ في دارِهم ... وأَرضِهِمْ ما دمْتَ في أرضِهمْ)

فجَمَعَ بينَ دارِهم الأوَّلِ, وهو فعْلُ أمْرٍ, من الْمُداراةِ ودارِهم الثاني وهو اسمٌ للمَحَلِّ والمَسْكَنِ وبينَ أرضِهم الأوَّلِ وهو فعْلُ أمْرٍ من الإرضاءِ وأَرضِهم الثاني وهو اسمٌ لموضِعِ الاستيطانِ من الكُرَةِ الأرضيَّةِ, وقد اتَّفَقَا فيهما هيئةً ونوعاً وعدداً وترتيباً وهما من نوعَي الفعلِ والاسمِ.

(٨) (و) الجِناسُ.

(٩) (غيرُ التامِّ) هو ما اختَلَفَ فيه اللفظان في واحدٍ من الأمورِ الأربعةِ المتقدِّمةِ, ثم إن كان اختلافُهما في هيآتِ الحروفِ فقط سُمِّيَ جِناساً مُحَرَّفاً كقولِهم: جُبَّةُ البُرْدِ جَنَّةُ البُردِ أو في أعدادِها سُمِّى جِناساً ناقصاً.

(١٠) (نحوَ) قولِ أبي تمَّامٍ.

يَمُدُّونَ [١] من أيدٍ عَوَاصٍ [٢] عواصِمٍ [٣] ... تَصولُ [٤] بأسيافٍ قواضٍ [٥] قَواضِبِ [٦]

١٤ - السَّجْعُ هو [٧] توافُقُ الفاصلتين [٨] نثراً [٩] في الحرفِ الأخيرِ [١٠]، نحوَ [١١]:

الإنسانُ بآدابِه لا بزِيِّهِ وثيابِه، ونحوَ [١٢]: يَطْبَعُ الأسجاعَ بجواهرِ لفظِه [١٣] ويَقْرَعُ الأسماعَ [١٤] بزواجرِ وعْظِه [١٥].

(١) (يَمُدُّون) سَواعدَ كائنةً.

(٢) (من أَيْدٍ عَوَاصٍ) جمْعُ عاصيَةٍ من ضَرَبَه بالعصا, والمرادُ بالعصا هنا السيفُ بدليلِ ما بعدَه, أي: ضارباتٍ بالسيفِ للأعداءِ.

(٣) (عَواصمٍ) جمْعُ عاصِمةٍ من عَصَمَه إذا حفِظَه أي: حامِياتٍ وحافِظاتٍ للأولياءِ من كلِّ مهْلَكةٍ ومَزَلَّةٍ.

(٤) (تَصولُ) على الأعداءِ.

(٥) (بأسيافٍ قَواضٍ) جمْعُ قاضِيَةٍ من قَضَى عليه إذا قَتلَه وحَكمَ عليه بالهلاكِ أي: قواتلَ للأحياءِ وحاكماتٍ عليهم بالهلاكِ.

(٦) (قواضِبِ) جمْعُ قاضبةٍ من قَضَبَه إذا قَطَعَه, أي: قواطِعَ لكلِّ ما لاقاها, سواءٌ كان خَشَباً أو حجَراً أو حديداً, أو من أنواعِها سُمِّيَ جِناساً مضارِعاً إن كان الحرفان اللذان وقَعَ بينَهما الاختلافُ متقارِبَيْن في الْمَخْرَجِ نحوَ قولِ أبي القاسمِ الحَريريِّ: بيني وبينَ كِنيِّ ليلٌ دامسٌ وطريقٌ طامِسٌ فإن الدالَ والطاءَ متقاربان في المَخرَجِ؛ لأنهما من اللسانِ مع أصْلِ الأسنانِ وإلا فسُمِّيَ جِناساً لاحِقاً نحوَ قولِه تعالى {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} فإن الهاءَ واللامَ متباعدان في المَخرَجِ؛ لأن الهاءَ من أقصى الحلْقِ واللامَ من طرَفِ اللسانِ. وإن كان اختلافُهما في ترتيبِهما سُمِّيَ جِناسَ القلْبِ نحوَ قولِ الأحنفِ بنِ قيْسٍ:

حُسامُك فيه للأحبابِ فتْحٌ ... ورُمْحُكَ فيه للأعداءِ حَتْفُ

فإنك إذا أخذْتَ الفاءَ ثم التاءَ ثم الحاءَ كان فتْحاً وإن أخذْتَ الحاءَ ثم التاءَ ثم الفاءَ كان حتْفاً.

(٧) (السجْعُ هو) مأخوذٌ من سجْعِ الْحَمامِ وهو تغريدُه واصطلاحاً.

(٨) (توافُقُ الفاصلتين) تثنيةُ الفاصِلةِ وهي الكلمةُ الأخيرةِ من الفِقرةِ أي: الكلمتين اللتين في آخرِ الفِقرتين.

(٩) (نثْراً) أي: حالةَ كونِهما من النثْرِ سواءٌ كان قرآناً أو غيرَه.

(١٠) (في الحرْفِ الأخيرِ) أي: في حرفٍ واحدٍ كائنٍ في آخِرِ كلٍّ منهما قال السكَّاكِيُّ السجْعُ في النثْرِ كالقافِيةِ في الشعْرِ انتهى.

(١١) (نحوَ) قولِك:

(١٢) (الإنسانُ بآدابِه لا بزيِّهِ وثيابِه ونحوَ) قولِ الحريريِّ فهو.

(١٣) (يَطبَعُ الأسجاعَ بجواهرِ لفظِه) أي: يُزيِّنُ الأسجاعَ بألفاظِه الشبيهةِ بالجواهرِ.

(١٤) (ويَقْرَعُ الأسماعَ) أي: يَدُقُّ والمرادُ لازمُ الدقِّ وهو التأثيرُ أي: يُؤثِّرُ في الأسماعِ.

(١٥) (بِزواجِرِ وَعْظِه) أي: بوَعْظِه المشتَمِلِ على الزواجرِ.

١٥ - الاقتباسُ هو أن يُضَمَّنَ الكلامُ [١] شيئاً من القرآنِ أو الحديثِ [٢] , لا على أنه منه [٣]، كقولِه [٤]:

لا تكُنْ ظالماً ولا تَرْضَى بالظُّلْ مِ وأَنْكِرْ بكلِّ ما يُستطاعُ

يومَ يأتِي الحِسابُ [٥] ما لظَلومٍ [٦] ... من حميمٍ [٧] ولا شفيعٍ يُطَاعُ [٨]

وقولِه [٩].

لا تُعادِ [١٠] الناسَ في أوطانِهم ... قَلَّمَا يُرْعَى غريبُ الوطَنِ [١١]

وإذا ما شِئْتَ عَيْشاً بينَهم ... خالِقِ الناسَ بِخُلْقٍ حَسَنْ [١٢]

ولا بأسَ بتغييرٍ يسيرٍ [١٣] في اللفظِ المقتبَسِ للوزْنِ أو [١٤] غيرِه [١٥]، نحوَ [١٦]:

(١) (الاقتباسُ هو أن يُضَمَّنَ الكلامُ) سواءٌ كان نثْراً أو نظْماً.

(٢) (شيئاً من القرآنِ أو الحديثِ) النبويِّ على قائلِه أفضلُ الصلاةِ والسلامِ, والمرادُ بتضمينِه أن يُؤتَى بشيءٍ من لفظِ القرآنِ أو من لفْظِ الحديثِ في ضِمْنِ الكلامِ بشرْطِ أن يكونَ المأتيُّ به على أنه من كلامِ المضمِّنِ بكسْرِ الميمِ.

(٣) (لا على أنه منه) أي: من القرآنِ أو الحديثِ, خَرَجَ بهذا القيْدِ الإتيانُ بشيءٍ من القرآنِ مراداً به القرآنُ؛ فإنه من أقبَحِ القبيحِ ومن عِظامِ المعاصي, والإتيانُ بشيءٍ من القرآنِ أو الحديثِ على أنه منه بأن يُؤْتَى به على طريقِ الحكايةِ كأن يقالَ في أثناءِ الكلامِ قالَ اللهُ تعالى كذا, وقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كذا, فليس من التضمينِ في شيءٍ فلا يكونُ اقتباساً.

(٤) (كقولِه) أي: الشاعرِ:

(٥) (لا تكنْ ظالِمًا ولا تَرْضَى بالظُّلْ ... مِ وأنْكِرْ بكلِّ ما يُسْتَطاعُ يومَ يأتي الحسابُ) .

وهو يومُ القيامةِ.

(٦) (ما لظَلومٍ) مبالَغةُ ظالِمٍ.

(٧) (من حَمِيمٍ) أي: صديقٍ أو قريبٍ يَهتَمُّ بأمرِه.

(٨) (ولا شفيعٍ يُطاعُ) فإنه مقتَبَسٌ من قولِه تعالى: {مَا لَلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} .

(٩) (وقولِه) أي: الشهابِ أبي جعفرِ بنِ مالكٍ الأنْدَلُسيِّ الغَرْناطيِّ.

(١٠) (لا تُعادِ) نَهيٌ من الْمُعاداةِ.

(١١) (الناسَ في أوطانِهم قَلَّمَا يُرْعَى غريبُ الوطنِ) .

(١٢) (وإذا ما شئتَ عيْشاً بينَهم خالِقِ الناسَ بِخُلْقٍ حَسَنٍ) فإنه مقتبَسٌ من قولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأبي ذَرٍّ الغِفاريِّ: اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ. وهو حديثٌ صحيحٌ.

(١٣) (ولا بأسَ بتغييرٍ يسيرٍ) أي: في اللَّفظِ المقتَبَسِ ويُسَمَّى اللفظُ معه: (( مقتبَسًا )) , وأما إذا غُيِّرَ كثيراً حتى ظهَرَ أنه شيءٌ آخَرُ لم يُسَمَّ اقتباساً كما لو قيلَ: في شاهَت الوجوهُ. قَبُحَت الوجوهُ. ثم التغييرُ المغتَفَرُ عندَ يَسارتِه يكونُ إذا قُصِدَ به الاستقامةُ.

(١٤) (للوزنِ أو) الاستقامةُ لـ

(١٥) (غيرِه) أي: غيرِ الوزنِ كاستواءِ القرائنِ في النثرِ.

(١٦) (نحوَ) قولِ بعضِ المغارِبةِ حينَ ماتَ صاحبٌ له.

قَدْ كانَ [١] ما خِفْتُ أن يكونا [٢] ... إنَّا إلى اللهِ راجِعُونَا [٣]

والتِّلاوَةُ [٤] {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [٥].

خاتِمَةٌ [٦]


١٦ - حُسْنُ الابتداءِ هو أن يَجعلَ المتكلِّمُ [٧] مبدأَ كلامِه عَذْبَ اللفظِ [٨] حَسَنَ السَّبْكِ [٩] صحيحَ المعنى [١٠]، فإذا اشتَملَ [١١] على إشارةٍ لطيفةٍ [١٢] إلى المقصودِ [١٣] سُمِّيَ [١٤] براعةَ الاستهلالِ [١٥]، كقولِه [١٦] في تهنئةٍ [١٧] بزوالِ مرَضٍ:

(١) (قد كان) أي: وَقَعَ.

(٢) (ما خِفتُ أن يكونا) أي: الموتُ الذي كنتُ أخافُ أنْ يَقعَ.

(٣) (إنَّا إلى اللهِ راجِعونَا) بزيادةِ لفظةِ: إلى؛ لاستقامةِ الوزْنِ.

(٤) (والتلاوةُ) في القرآنِ: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ قَالُوا}

(٥) {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} أي: فقد اقتَبَسَ الشاعرُ من هذه الآيةِ وحذَفَ منها ثلاثةَ أشياءٍ؛ اللامَ مِن للهِ, وإنَّا, والضميرَ من إليه.

(٦) خاتِمةٌ

نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَها.

(٧) (حُسْنُ الابتداءِ هو أن يَجعَلَ المتكلِّمُ) شاعراً كانَ أو كاتِباً.

(٨) (مَبْدأَ كلامِه عذْبَ اللَّفظِ) أي: حسَنَه بأن يكونَ في غايةِ البُعدِ عن التنافرِ واستثقالِ الطبْعِ ومخالَفةِ القياسِ.

(٩) (حَسَنَ السَّبْكِ) أي: الصياغةِ والتركيبِ بأن يكونَ في غايةِ البُعدِ عن التعقيدِ اللفظيِّ وضعْفِ التأليفِ وتنافُرِ الكلماتِ مطابِقاً لما يَقتضيه الحالُ.

(١٠) (صحيحَ المعنى) بأن يَسلَمَ من إيهامِ التناقضِ ومن البُطلانِ ومن الابتذالِ بحيث يَعرفُه كلُّ أحدٍ ومن مخالَفةِ العُرفِ ومن عدَمِ المطابَقةِ لِمُقتضَى الحالِ.

(١١) (فإذا اشتَملَ) أي: مَبدأُ كلامِه.

(١٢) (على إشارةٍ لطيفةٍ) ولو كانت خَفِيَّةً.

(١٣) (إلى المقصودِ) الذي سِيقَ الكلامُ لأجلِه.

(١٤) (سُمِّيَ) أي: الابتداءُ المناسِبُ للمقصودِ.

(١٥) (براعةَ الاستهلالِ) أي: استهلالٌ بارعٌ , أي: أوَّلٌ وابتداءٌ فائقٌ لغيرِه من الابتداءاتِ التي ليست مُشعِرةً بالمقصودِ , وقد يُطلَقُ هذا الاسمُ أيضا على نفسِ الاشتمالِ المذكورِ أي: كونُ الابتداءِ مناسِباً للمقصودِ.

(١٦) (كقولِه) أي: أبي الطيِّبِ.

(١٧) (في تهنئةٍ) بالهمزةِ , وهي إيجادُ كلامٍ يَزيدُ سروراً بشيءٍ مفروحٍ به.

الْمَجْدُ عُوفِيَ إذ عُوفِيتَ [١] والكرَمُ ... وزالَ عنك إلى أعدائِك السَّقَمُ [٢]

وكقولِ الآخَرِ [٣] في التهنئةِ ببناءِ قصْرٍ:

قصْرٌ عليه تحيَّةٌ وسلامُ ... خَلَعَتْ عليه جَمَالَها الأيَّامُ [٤]

١٧ - حسْنُ الانتهاءِ هو أن يَجعلَ [٥] آخِرَ الكلامِ [٦] عَذْبَ اللَّفظِ حَسَنَ السَّبْكِ صحيحَ المعنى [٧]، فإن اشتملَ [٨] على ما يُشْعِرُ بالانتهاءِ [٩] سُمِّيَ [١٠] براعةَ المقطَعِ [١١]، كقولِه [١٢]:

(١) (بزوالِ مرَضٍ: الْمَجْدُ عُوفي إذ عُوفِيتَ) أي: أنتَ.

(٢) (والكرمُ وزالَ عنك إلى أعدائِكَ السَّقَمُ) أي: المرَضُ فاعلُ زالَ.

(٣) (وكقولِ الآخَرِ) وهو أشجَعُ السُّلَمِيُّ.

(٤) (في التهنئةِ ببناءِ قصْرٍ: قصْرٌ عليه تحِيَّةٌ وسلامُ خلَعَتْ عليه جمالَها الأيَّامُ) بالرفْعِ فاعلٌ، ضَمَّنَ خلَعَ معنى طرَحَ فعدَّاه للمفعولِ الثاني بعلى, والمعنى أنَّ الأيامَ نزَعَتْ جمالَها وطرَحَتْه على ذلك القصْرِ, وفي نسبةِ الخلْعِ إلى الأيَّامِ دَلالةٌ على تشبيهِ الأيَّامِ برجُلٍ له لِباسٌ جميلٌ نزَعَه وطرَحَه على غيرِه, فجمالُ الأيَّامِ كلِباسٍ ألْبَسَه ذلك القصْرَ.

(٥) (حسْنُ الانتهاءِ هو أن يَجعلَ) المتكلِّمُ.

(٦) (آخِرَ الكلامِ) الذي به انتهتْ وخُتِمتْ القصيدةُ أو الخطبةُ أو الرسالةُ.

(٧) (عذْبَ اللَّفظِ حسَنَ السَّبْكِ صحيحَ المعنى) كحُسنِ الابتداءِ.

(٨) (فإن اشتَمَلَ) أي: آخِرُ الكلامِ.

(٩) (على ما يُشعِرُ بالانتهاءِ) أي: بأنَّ الكلامَ قد انتهى, سواءٌ كان لفظاً دالًّا بالوضْعِ على الْخَتْمِ كلفظِ انتهى أو تَمَّ أو كَمُلَ وكقولِك: ونسألُه حسْنَ الختامِ. أو بالعادةِ كأن يكونَ مدلولُه مفيداً عُرْفاً أنه لا يؤتى بشيءٍ بعدَه فلا يَبقى للنفسِ تشوُّفٌ لغيرِه بعدَ ذلك مثلُ قولِهم في آخِرِ الرسائلِ والمكاتباتِ: والسلامُ. ومثلُ الدعاءِ فإن العادةَ جاريةٌ بالختْمِ به.

(١٠) (سُمِّيَ) أي: الانتهاءُ المشعِرُ بانتهاءِ الكلامِ.

(١١) (براعةَ المقطَعِ) كما يُسَمَّى به نفسُ الاشتمالِ المذكورِ.

(١٢) (كقولِه) أي: أبي العلاءِ المعريِّ كما في المطوَّلِ أو أبي الطيِّبِ المتنبِّي كما نَسبَه ابنُ فضْلِ اللهِ.

بَقِيتَ بقاءَ الدهْرِ يا كهْفَ أهلِه [١] ... وهذا [٢] دعاءٌ للبريَّةِ [٣] شامِلُ [٤]

تنبيهٌ: [٥]

(١) (بَقِيتَ بقاءَ الدهْرِ يا كهْفَ أهلِهِ) أي: يا كهفاً يَأْوِي إليه غيرُه من أهلِه , أي: جِنسِه بدليلِ ما بعدَه, والكهْفُ في الأصلِ الغارُ في الجبلِ يُلجأُ إليه, استُعيرَ هنا للمَلجأِ.

(٢) (وهذا) الإشارةُ لقولِه بَقِيتَ إلخ.

(٣) (دُعاءٌ للْبَرِيَّةِ) أي: الناسِ وما يَتعلَّقُ بهم.

(٤) (شاملُ) ؛ لأنه لمَّا كان بقاؤُه سبباً لنظامِ البريَّةِ أي: كونُهم في نِعمةٍ وسبباً لصلاحِ حالِهم برفْعِ الخلافِ فيما بينَهم ودفْعِ ظلْمِ بعضِهم عن بعضٍ , وتمكُّنِ كلِّ واحدٍ من بلوغِ مصالِحه كان الدعاءُ ببقائِه دعاءً يَنفعُ العالَمَ أي: الناسَ وما يَتعلَّقُ بهم. وإنما أَشعَرَ هذا الدعاءُ بانتهاءِ الكلامِ؛ لأنه لا يَبقَى عندَ النفسِ ما يُخاطَبُ به هذا المخاطَبُ بعدَ هذا الدعاءِ, ولأن العادةَ جرَتْ بالختْمِ بالدعاءِ كما قدَّمْنا آنِفاً.

ونسألُه تعالى حُسْنَ الختامِ, وصلَّى اللهُ على سيِّدِنا محمَّدٍ النبيِّ الأمِّيِّ وعلى آلِه وصحبِه وسلِّمْ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.

(٥) (*) تنبيهٌ:

(يَنبغى للمعلِّمِ أن يُناقِشَ تلاميذَه في مسائلِ كلِّ مَبحثٍ شرَحَه لهم من هذا الكتابِ؛ ليَتمكَّنوا من فَهمِه جيِّداً، فإذا رأى منهم ذلك سألَهم مسائلَ أخرى يُمكِنُهم إدراكُها مما فَهِمُوه:

أ - كأن يَسألُهم بعدَ شرْحِ الفصاحةِ والبلاغةِ وفَهمِهما عن أسبابِ خروجِ العباراتِ الآتيةِ عنهما أو عن إحداهما.

- ربَّ جَفْنَةٍ مُثْعَنْجِرَهْ - وطَعْنَةٍ مسحَنْفِرَهْ - تَبقى غداً بأنْقَرَهْ - أيْ: جَفْنَةٍ مَلْأَى وطَعْنةٍ متَّسِعَةٍ تَبقى ببلَدِ أنْقَرَةَ.

الحمدُ للهِ العليِّ الأجلَلِ.

أكلْتُ العرينَ - وشرِبتُ الصُّمادِحَ - تريدُ اللحمَ والماءَ الخالِصَ.

وازْوَرَّ من كان له زائراً * وعافَ عَافي العُرْفِ عِرفانَه.

أَلَا لَيْتَ شِعْري هل يَلومنَّ قومُه. زُهيراً على ما جَرَّ من كلِّ جانِبِ.

من يَهتدِي في الفِعْلِ ما لا يَهتدي. في القولِ حتَّى يَفعلَ الشعراءُ.

أي يَهتدِي في الفِعْلِ ما لا يَهتديه الشعراءُ في القولِ حتَّى يَفعلَ.

قرُبَ منَّا فرأيناه أسداً. تريدُ أبْخَرَ.

يَنبغِي للمعلِّمِ أن يُناقِشَ تلاميذَه في مسائلِ كلِّ مبحَثٍ شَرَحَه لهم من هذا الكتابِ؛ ليَتَمَكَّنُوا من فَهْمِه جيِّداً، فإذا رأى منهم ذلك سألَهم مسائلَ أخرى يُمكِنُ إدراكُها مما فَهِمُوه.

أ - كأن يَسألَهم بعدَ شرْحِ الفصاحةِ والبلاغةِ وفَهْمِهِما عن أسبابِ خروجِ العباراتِ الآتيةِ عنهما أو عن إحداهُمَا.

رُبَّ جَفْنَةٍ مُثْعَنْجِرَهْ. وطَعْنَةٍ مُسْحَنْفِرَهْ. تبَقَى غداً بِأَنْقَرَهْ. أى جَفْنَةٍ مَلْأَى، وطَعنَةٍ متَّسِعةٍ، تَبقَى ببلَدِ أَنْقَرَةَ.

الحمدُ للهِ العليِّ الأجلَلِ.

أَكَلتُ العَرِينَ. وشَرِبْتُ الصُّمَادِحَ. تريدُ اللَّحمَ والماءَ الخالصَ.

وازْوَرَّ من كان له زئراً وعافَ عافِي العُرْفِ عِرفانَه.

ألا ليت شِعْرِي هل يَلومنَّ قومُه زُهَيْراً على ما جَرَّ من كلِّ جانبِ

من يَهتَدِي في الفعْلِ ما لا يَهْتَدِي في القولِ حتى يَفعلَ الشعراءُ

أي: يَهتدِي في الفعْلِ ما لا يَهتَدِيه الشعراءُ في القولِ حتى يفعلَ.

قَرُبَ منَّا فرأيناه أَسَداً (تُريدُ أَبْخَرَ) .

يَجِبُ عليك أن تَفعلَ كذا (تقولُه بشدَّةٍ مخاطِباً لمن إذا فعَلَ عُدَّ فِعْلُه كَرَماً وفضْلاً) [١].

(١) يجِبُ عليك أن تَفعلَ كذا (تقولُه بشدَّةٍ مخاطِباً لمن إذا فعَلَ عُدَّ فعلُه كرَماً وفضْلاً) الأجوبةُ عنها:

هذا قولُ امرئِ القيْسِ لما قَصَدَ ملِكَ الرومِ ليَستنجدَه على قَتلَةِ أبيه فهوَتْه بنتُ الملِكِ فبَلَغَ ذلك القيصرَ فوَعدَه أن يَتبَعَه بالجنودِ إذا بَلغَ الشامَ أو يأمرَ مَن بالشامِ من جنودِه بنجدتِه فلمَّا كان بأنقرةَ بعثَ إليه بثيابٍ مسمومةٍ, فلما لبِسَها تَساقَطَ لحمُه فعَلِمَ بالهلاكِ, فقالَ: رُبَّ جَفْنَةٍ مثْعَنْجِرَةَ وطَعْنَةٍ مسْحَنْفِرَةَ وخُطْبَةٍ مستحضَرَةٍ وقصيدةٍ محبَّرةٍ تَبقى غداً بأنقرةَ. فيه مثْعَنْجِرَةُ وهي غيرُ فصيحةٍ؛ لتنافُرِ حروفِها.

قالَه أبو النَّجْمِ من بيتٍ عجُزُه * الواحدُ الفرْدُ القديمُ الأوَّلُ * فيه: الأجلَلُ وهو غيرُ فصيحٍ؛ لأن القياسَ: الأجلُّ بالإدغامِ, ولا مسوِّغَ لِفَكِّه.

فيه لفظًا العرينِ والصُّمَادِحِ وهما غيرُ فصيحين؛ لغرابتِهما.

معناه انحرفَ ومالَ عنه من كان يزورُه وكَرِهَ طالِبُ الإحسانِ معرفتَه. وعَجُزُ هذا البيتِ غيرُ فصيحٍ؛ لتنافُرِ كلماتِه بتَكرارِ كلٍّ من العينِ المهمَلةِ والفاءِ أربعَ مرَّاتٍ.

قولُه هل يَلومَنَّ قومَه زُهيرٌ ... إلخ غيرُ فصيحٍ؛ لضعْفِ تأليفِه لعوْدِ ضميرِ قومِه على زُهَيرٍ وهو متأخِّرٌ لفظاً ورتبةً؛ لأنه مفعولٌ ورتبتُه التأخُّرُ عن الفاعِلِ.

هذا الكلامُ غيرُ فصيحٍ؛ لتعقيدٍ لفظِيٍّ فيه, لكنَّ ألفاظَه غيرُ مرتَّبةٍ على وِفْقِ ترتيبِ المعاني.

حيث أُريدَ هذا المعنى ولا قرينةَ فالكلامُ غيرُ فصيحٍ؛ لتعقيدٍ معنويٍّ فيه لأن الوصفَ الخاصَّ الذي اشتُهِرَ به الأسدُ هو الشجاعةُ لا البَخْرُ وإن كان من أوصافِه.

حيث وجَّهَ هذا الكلامَ لمن ذَكَرَ فهو غيرُ بليغٍ؛ لعَدمِ مطابَقتِه لِمُقْتضى الحالِ, فهو كقولِك: إن خالداً حاضرٌ، لِخَالِي الذِّهْنِ.

(ب) وكأنْ يسألَهم بعدَ بابِ الخبرِ والإنشاءِ أن يُجيبوا عمَّا يأتي:

أَمِنَ الخبرِ أمِ الإنشاءِ قولُك: الكلُّ أعْظمُ من الْجُزْءِ. وقولُه تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} .

ما الذي يَستفيدُه السامعُ من قولِك: أنا معترِفٌ بفضلِك. أنت تَقومُ في السَّحَرِ. رَبِّ إني لا أستطيعُ اصْطِبَاراً.

من أيِّ الأضْرُبِ قولُه تعالى حكايةً عن رُسُلِ عيسى: {إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} {رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} .

من أيِّ أنواعِ الإنشاءِ هذه الأمثلةُ؟ وما معانيها المستفادةُ من القرائنِ.

أولئك آبائي فجِئْنِي بمثلِهم ... إذا جمَعَتْنا يا جريرُ المجامِعُ

اعمَلْ ما بَدَا لَكَ - لا ترْجِعْ في غيِّكَ - لا أُبالي أَقَعَدَ أَمْ قَامَ - {هل يُجَازَى إِلَّا الْكَفُورُ} {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً} .

ليت هِنْداً أَنْجزَتْنا ما تَعِدْ ... وشَفَتْ أنفسَنا مِمَّا تَجِدْ

لو يَأتِينا فيُحدِّثَنا. [١]

(١) (ب) وكأنْ يسألَهم بعدَ بابِ الخبرِ والإنشاءِ أن يُجيبوا عمَّا يأتي.

١ - أمِنَ الخبرِ أم الإنشاءِ قولُك الكلُّ أعظَمُ من الجزءِ, وقولُه تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} .

٢ - ما الذي يَستفيدُه السامعُ من قولِك: أنا معترِفٌ بفضلِك - أنتَ تقومُ في السَّحَرِ - ربِّ إني لا أستطيعُ اصْطِباراً.

٣ - من أيِّ أنواعِ الأضرُبِ قولُه تعالى حكايةً عن رسُلِ عيسَى: {إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} {رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} .

٤ - من أيِّ أنواعِ الإنشاءِ هذه الأمثِلةُ وما معانِيهَا المستفادةُ من القرائنِ.

أولئك آبائي فجِئْني بمثلِهم ... إذا جَمَعَتْنَا يا جريرُ المجامِعُ

اعمَلْ ما بدا لك - لا ترجِعْ عن غَيِّكَ. لا أبالي أقعَدَ أم قامَ - هل يُجازَى إلا الكفورُ - ألم نُرَبِّكَ فينا وَلِيداً.

ليت هنداً أَنْجَزَتْنَا ما تَعِدُ ... وشَفَتْ أنفسَنا مما تَجِدُ

أسُكَّانَ العقيقِ كَفَى فِرَاقاً [١]

(١) لو يأتِينا فيحدِّثَنا - أسكَّانَ العَقيقِ كَفَى فِرَاقًا)

الأجوبةُ عنها:

قولُك: الكلُّ إلخ خبرٌ, وكذا قولُه تعالى: {إِنَّ قَارُونَ} إلخ خبَرٌ؛ لأن كلًّا منهما يَصِحُّ أن يُقالَ لقائلِه إنه صادِقٌ فيه أو كاذبٌ من حيثُ ذاتُه، وإلا فكلاهما مقطوعٌ بصدْقِه: الأوَّلُ منهما بحكْمِ البداهةِ والثاني منهما لكونِه من أخبارِ اللهِ تعالى وأقوالِه.

قولُك: أنا معترِفٌ إلخ يَستفيدُ السامعُ منه الحكْمَ الذي تَضمَّنَه وهو ثبوتُ الاعترافِ بفضْلِ المخاطَبِ للمتكلِّمِ. وقولُك: أنت تَقُومُ إلخ يَستفيدُ السامعُ منه أن المتكلِّمَ عالِمٌ بالحكْمِ, أي: بثبوتِ القيامِ في السحَرِ للمخاطَبِ. وقولُك: ربِّ إني لا أَستطيعُ إلخ يَستفيدُ السامعُ منه ضعْفَ المتكلِّمِ.

قولُه تعالى: {إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} , وكذا قولُه تعالى: {رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} كلٌّ منهما من الضرْبِ الإنكاريِّ؛ لكونِ المخاطَبِينَ بهما منْكِرين مكذِّبِين لرُسِلِ عيسى وقد اشْتَمَلا على تأكيدٍ, إلا أن التأكيدَ في الأوَّلِ أدنى من التأكيدِ في الثاني؛ لأن الأوَّلَ ليس فيه إلا التأكيدُ بإنَّ والجملةُ الاسميَّةُ، والثاني فيه التأكيدُ بالقسَمِ وإنَّ واللامِ والجملةِ الاسميَّةِ.

قولُه: أولئك آبائِي فجِئْني بمثلِهم إنشاءٌ من نوعِ الأمْرِ, والمعنى المستفادُ منه هو التعجيزُ. قولُه: اعمَلْ ما بَدَا لك أمْرٌ مرادٌ به التهديدُ، وقولُه: لا تَرجِعْ عن غَيِّكَ أي: انهماكِكَ في الجهْلِ نَهيٌ مرادٌ به التهديدُ أيضاً. وقولُه: لا أُبالي أقعَدَ أمْ قامَ استفهامٌ, وأمْ فيه منقطِعةٌ بمعنى: بل. وقولُه هل يُجازَى إلا الكفورُ استفهامٌ بمعنى النفي أي: ما يُجازَى إلا الكفورُ. وقولُه: ألم نُرَبِّكَ فينا وَليداً استفهامٌ بمعنى التقريرِ. وقولُه ليت هنداً أنْجَزَتْنَا ما تَعِدْ إنشاءٌ من نوعِ التمنِّي وأداتُه ليت وهي أصليَّةٌ. وقولُه لو يأتِينا إنشاءٌ من نوعِ التمنِّي أيضاً وأداتُه لو, وهي غيرُ أصليَّةٌ عُدِلَ إليها للدَّلالةِ على عِزَّةِ مُتمَنَّاهُ. وقولُه: أسكَّانَ العَقِيقِ, وهو موضِعٌ يَجرِي ماؤُه من غَوْرِ تِهامَةَ وأوسطُه بِحِذَاءِ ذاتِ عِرْقٍ, قالَ بعضُهم ويَتَّصلُ بعَقيقِ المدينةِ، هذا الكلامُ إنشاءٌ من نوعِ النداءِ أداتُه الهمزةُ.

(ج) وكأن يسألَهم بعدَ الذكْرِ والحذفِ عن دواعِي الذكْرِ في هذه الأمثلةِ: {أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً} . الرئيسُ كلَّمَني في أمرِكَ والرئيسُ أمَرَنِي بمقابلتِك (تُخَاطِبُ غبيًّا) . الأميرُ نَشرَ المعارفَ وأمَّنَ المخاوِفَ (جواباً لمن سألَ: ما فَعلَ الأميرُ؟) .

حضَرَ السارقُ (جواباً لقائلٍ: هل حضَرَ السارقُ) . الْجِدارُ مشرِفٌ على السقوطِ (تقولُه بعد سَبْقِ ذكرِه تنبيهاً لصاحبِه) .

وعن دواعي الحذْفِ في هذه الأمثلةِ: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِى الْأَرْضِ} {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} {خَلَقَ فَسَوَّى} {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى} {سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيل} مُنْضِجَةُ الزُّروعِ ومُصْلِحَةُ الهواءِ. مُحتالٌ مُرَاوِغٌ (بعدَ ذكْرِ إنسانٍ) .

أم كيف يَنطقُ بالقبيحِ مجاهِراً ... والهِرُّ يُحدِثُ ما يشاءُ فيَدفِنُ [١]

(١) (ج) وكأن يسألَهم بعدَ الذكْرِ والحذْفِ عن دواعي الذكْرِ في هذه الأمثلةِ:

{أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً} - الرئيسُ كلَّمَني في أمرِك والرئيسُ أمَرَني بمقابلتِك تُخاطِبُ غبيًّا - الأميرُ نَشَرَ المعارفَ وأمَّنَ المخاوفَ. جواباً لمن سألَ ما فَعلَ الأميرُ.

حضَرَ السارقُ. جواباً لقائلِ: هل حضَرَ السارقُ - الْجِدارُ مشرِفٌ على السقوطِ. تقولُه بعدَ سبْقِ ذكْرِه؛ تنبيهاً لصاحبِه. وعن دواعِي الحذْفِ في هذه الأمثلةِ:

{وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ في الْأَرْضِ} {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} {خَلَقَ فَسَوَّى} {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى} {سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} - مُنضِجَةُ الزروعِ ومصلِحةُ الهواءِ - مُحتَالٌ مُراوِغٌ - بعدَ ذكْرِ إنسانٍ.

أم كيف يَنْطِقُ بالقبيحِ مجاهِراً ... والهِرُّ يُحْدِثُ ما يَشاءُ فيَدْفِنُ

الأجوبةُ عنها:

قولُه أَمْ أرادَ بهم ربُّهم فيه ذكْرُ المسنَدِ إليه؛ لكونِه الأصلَ ولا مقْتَضًى للعدولِ عنه. وقولُه: الرئيسُ ... إلخ الجملتان فيهما ذكْرُ المسنَدِ إليه تعريضاً بغباوةِ السامعِ. وقولُه: الأميرُ نشَرَ المعارفَ وأمَّنَ بالتشديدِ ... إلخ فيه ذكْرُ المسنَدِ إليه إما للتلذُّذِ أو للتسجيلِ على السائلِ حتى لا يتأتَّى له الإنكارُ. قولُه حضَرَ السارقُ فيه ذكْرُ المسنَدِ إليه للإهانةِ. وقولُه الجدارُ مشرِفٌ على السقوطِ ... إلخ فيه ذكْرُ المسنَدِ إليه تنبيهاً على صاحبِه لقلَّةِ الثقةِ بالقرينةِ لضعفِها.

قولُه: {وأنَّا لا نَدرِي أَشَرٌّ أُريدَ} ... إلخ فيه حذْفُ المسنَدِ إليه؛ لظهورِه بدَلالةِ القرائنِ عليه. قولُه: {فأمَّا من أَعْطَى} ... إلخ, وقولُه {خَلَقَ فسوَّى} ... إلخ فيهما حذْفُ المفعولِ؛ للمحافظِة على الفاصلةِ. قولُه فصبَرٌ جميلٌ أي: فأمْرِي صبْرٌ جميلٌ, ففيه حذْفُ المسنَدِ إليه؛ لتكثيرِ الفائدةِ. قولُه مُنضِجَةُ الزروعِ ... إلخ تعني الشمسَ, فحذَفْتَ المسنَدَ إليه اختباراً لتنبهِ السامعِ أو مِقدارِ تَنَبُّهِه. قولُه مُحتالٌ مُراوِغٌ بعد ذكْرِ إنسانٍ فيه حذْفُ المسنَدِ إليه ليَتيسَّرَ الإنكارُ عندَ الحاجةِ. قولُه فيَدفِنُ أي: فيَدفنُه فحُذِفَ المفعولُ للمحافظةِ على القافِيَةِ.

(د) وكأن يسألَهم عن دواعِي التقديمِ والتأخيرِ في هذه الأمثلةِ:

{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} ما كلُّ ما يَتمنَّى المرءُ يُدركُه. السفَّاحُ في دارِك. إذا أَقبلَ عليك الزمانُ نَقترِحُ عليك ما نشاءُ. الإنسانُ جسمٌ نامٍ حسَّاسٌ ناطقٌ. اللهَ أسألُ أن يُصلِحَ الأمْرَ. الدهرُ مَلأَ فَوْدَيَّ شَيْباً. {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} .

ثلاثةٌ تُشرِقُ الدنيا ببَهْجَتِها ... شمسُ الضُّحَى وأبو إسحاقَ والقمرُ

وما أنا أَسقمْتُ جِسمِي به ... وما أنا أَضْرَمْتُ في القلبِ نارا [١]

(١) (د) وكأن يسألَهم عن دواعي التقديمِ والتأخيرِ في هذه الأمثلةِ.

{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} - ما كلُّ ما يَتمنَّى المرءُ يُدركُه - السفَّاحُ في دارِكَ - إذا أقبَلَ عليك الزمانُ نَقترِحُ عليك ما نشاءُ - الإنسانُ جسْمٌ نامٍ حسَّاسٌ ناطِقٌ - اللهَ أَسألُ أن يُصلِحَ الأمْرَ - الدَّهْرَ مَلَأَ فَوْدَيَّ شَيْباً - {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} .

ثلاثةٌ تُشرقُ الدنيا ببهجتِها ... شمسُ الضحى وأَبو إسحاقَ والقمرُ

وما أنا أسقمْتُ جسْمِي به ... وما أنا أضرَمْتُ في القلبِ ناراً.

الأجوبةُ عنها:

قولُه تعالى: {لم يكن له كُفُواً أحدٌ} فيه تقديمُ المسنَدِ وهو كفُواً على المسنَدِ إليه وهو أحدٌ؛ للمحافظةِ على الفاصلَةِ على رأْيِ بعضِهم. والذي في كُتُبِ التفسيرِ أن التقديمَ للمبادَرَةِ إلى نفي الْمِثلِ. وقولُه: ما كلُّ ما يَتمنَّى المرءُ يُدرِكُه فيه تقديمُ حرْفِ النفي وهو ما على لفظِ العمومِ, وهو كلُّ ليَدلَّ على سلْبِ العمومِ ونفي الشمولِ, والمعنى لا يُدرِكُ المرءُ جميعَ ما يَتمنَّاه. وقولُه السفَّاحُ في دارِك فيه تقديمُ المسنَدِ إليه تعجيلاً للمساءَةِ. قولُه إذا أقبَلَ عليك الزمانُ ... إلخ فيه تقديمُ المسنَدِ وهو أقبلَ للتفاؤلِ. قولُه: الإنسانُ جسْمٌ نامٍ ... إلخ فيه تقديمُ المسنَدِ إليه وهو الإنسانُ؛ لكونِه المعرَّفَ وتصوُّرُه مقدَّمٌ على تصوُّرِ التعريفِ. قولُه: اللهَ أَسألُ أن يُصلِحَ الأمْرَ فيه تقديمُ المفعولِ على الفعْلِ؛ ليَدلَّ على التخصيصِ أي: أَسألُ اللهَ لا أَسألُ غيرَه. قولُه: الدهْرُ ملأَ فَوْدَيَّ شيْباً فوْدَيَّ تثنيةُ فَوْدٍ بفتْحِ الفاءِ وسكونِ الواوِ مضافٌ إلى ياءِ المتكلِّمِ جانبُ الرأسِ مما يَلِي الأُذنين إلى الأمامِ, ويُطلَقُ على الشعْرَ الذي عليه يُقالُ: بدا الشَّيْبُ في فَوْدَيْه. فيه تقديمُ المسنَدِ إليه وهو الدهْرُ؛ لأنه الأصلُ. قولُه: {لكم دينُكم} ... إلخ فيه تقديمُ المسنَدِ لإفادةِ قصْرِ المسنَدِ إليه على المسنَدِ أي: دينُكم مقصورٌ عليكم وديني مقصورٌ عليَّ. قولُه: ثلاثةٌ تُشرِقُ الدنيا ببهجتِها ... إلخ فيه تقديمُ المسنَدِ إليه وهو ثلاثةٌ وتأخيرُ المعدودِ للتشويقِ إليه؛ لأن الإنسانُ إذا سَمِعَ العددَ مجموعاً يَشتاقُ إلى معرفةِ تفصيلِ آحادِه. قولُه: وما أنا أَسقمتُ ... إلخ فيه تقديمُ المسنَدِ وإيقاعُه بينَ الفعْلِ المسنَدِ وحرْفِ النفي؛ ليَدلَّ على التخصيصِ, والمعنى: لست المسقِمَ للجسمِ وَحْدِي بل شارَكني فيه غيري, ولستُ المضرِمَ ناراً في القلبِ وحدي بل شارَكَني فيه غيري.

(ه) وكأن يسألَهم بعدَ التشبيهِ عن التشبيهاتِ الآتيةِ:

١ - وقد لاحَ في الصبْحِ الثُّرَيَّا كما تَرى كعُنقودِ مُلَّاحِيَّةٍ حينَ نَوَّرَا.

٢ - كأنما النارُ يى تَلَهُّبِهَا ... والفحمُ من فوقِها يُغَطِّيها.

زِنْجيَّةٌ شبَّكَتْ أنامِلَها ... من فوقِ نارِنْجَةٍ لتُخْفِيها.

٣ - وكأن أجرامَ النجومِ لوامِعاً ... دُرَرٌ نُثِرْنَ على بِساطٍ أزْرَقِ

٤ - عَزَمَاتُه مثلُ النجومِ ثواقِباً ... لو لم يكنْ للثاقباتِ أُفُولُ

٥ - ابْذُلْ فإنَّ المالَ شَعْرٌ كلَّما ... أوسَعْتَه حلْقاً يزيدُ نباتاً

٦ - ولَمَّا بدا لي منك مَيْلٌ مع العِدا علَيَّ ولم يَحدُثْ سِواكَ بَديلُ.

صَدَدْتُ كما صَدَّ الرمِيُّ تَطاولَتْ ... به مُدَّةُ الأيَّامِ وهو قَتيلُ

٧ - رُبَّ حَيٍّ كميِّتٍ ليس فيه ... أمَلٌ يُرتَجَى لنَفْعٍ وضُرِّ

وعِظامٍ تحتَ الترابِ وفوقَ الـ ... أرضِ منها آثارُ حمْدٍ وشكْرِ

٨ - كأنَّ انتضاءَ البدرِ من تحتِ غَيْمِه ... نجاةٌ من البأساءِ بعدَ وقوعِ [١]

(١) (هـ) وكأن يسألَهم بعدَ الشبيهِ عن التشبيهاتِ الآتيةِ:

١ - وقد لاحَ في الصبْحِ الثُّريَّا كما تَرَى ... كعُنقودِ مُلَّاحِيَّةٍ حين نوَّرَا.

٢ - كأنما النارُ في تلهُّبِها ... والفحْمُ من فوقِها يُغطِّيها.

زِنجيَّةٌ شبَّكْتَ أنامِلَها ... من فوقِ نارِنجةٍ لتُخفِيها.

٣ - وكأن أجرامَ النجومِ لَوَامِعاً ... دُرَرٌ نُثِرْنَ على بِساطٍ أزرَقِ

٤ - عزَمَاتُه مثلُ النجومِ ثواقباً ... لو لم يكنْ للثاقباتِ أُفُولُ

٥ - ابذُلْ فإن المالَ شَعْرٌ كلَّما ... أوسَعْتَه حلْقاً يزيدُ نباتاً

٦ - ولَمَّا بَدَا لي منك مَيْلٌ مع العِدَا ... عليَّ ولم يَحدُثْ سواكَ بديلُ.

صَدَدْتُ كما صَدَّ الرَّمِيُّ تَطاولَتْ ... به مَدَّةُ الأيَّامِ وهي قتيلُ

٧ - رُبَّ حيٍّ كميِّتٍ ليس فيه ... أملٌ يُرتَجَى لنفْعٍ وضَرِّ

وعظامٍ تحتَ الترابِ وفوقَ الـ ... أرضِ منها آثارُ حمْدٍ وشكْرِ.

٨ - كأنَّ انتضاءَ البدْرِ من تحتِ غَيْمِه ... نجاةٌ من البأساءِ بعدَ وقوعِ

الأجوبةُ عنها:

هذا البيتُ لِأُحَيْحَةَ بنِ الجلَّاحِ كما تَقدَّمَ, وقيلَ لأبي قيسِ بنِ الأسلَتِ, والتشبيهُ فيه تمثيلٌ مرسَلٌ مجمَلٌ، المُشبَّهُ هيئةُ الثُّريَّا الحاصلةُ من اجتماعِ أجرامٍ مشرِقةٍ مستديرةٍ، والمُشبَّهُ به هيئةُ عُنقودِ العِنَبِ المنوَّرِ، والجامِعُ الهيئةُ الحاصلةُ من اجتماعِ أجرامٍ منيرةٍ مستديرةٍ في كلٍّ والأداةُ الكافُ والغرَضُ بيانُ حالِ المُشبَّهِ.

قولُه: في تلهُّبِها أي: في حالةِ صيرورةِ لَهَبٍ واتِّقادٍ لها, واللَّهَبُ: لسانُ النارِ, ونارِنجة: ٌ واحدةُ نارِنجَ, ضرْبٌ من الليمونِ تَعرفُه العامَّةُ بليمونِ بوصفيرَ. وقولُه لتُخفِيها أي: لتُخفي الزنجيَّةُ النارنجةَ, والتشبيهُ في هذا البيتِ تمثيلٌ مرسَلٌ مجمَلٌ، المُشبَّهُ هيئةُ النارِ المتلهِّبة, ِ والمُشبَّهُ به هيئةُ الزنجيَّةِ المشبِّكةِ أناملَها من فوقِ نارنجةٍ, والجامِعُ الهيئةُ الحاصلةُ من ارتفاعِ أجرامٍ مستنيرةٍ على احمرارٍ عن جِرْمٍ أسودَ والأداةُ كأنما. والغرَضُ استطرافُ المُشبَّهِ أي: عدُّه طريفاً بديعاً لإبرازِه في صورةٍ غيرِ مألوفةٍ.

هذا البيتُ لأبي طالبٍ الرَّهْمِ, والتشبيهُ فيه تمثيلٌ مرسَلٌ مجمَلٌ، المُشبَّهُ هيئةُ النجومِ اللامعةِ في كَبَدِ السماءِ، والمُشبَّهُ به هيئةُ الدُّرَرِ المنتثرةِ على بِساطٍ أزرقَ, والغرَضُ استطرافُ المُشبَّهِ؛ لإبرازِه في صورةٍ نادرةِ الحضورِ.

قولُه: ثواقبُ جمْعُ ثاقبةٍ أي: خارقةٍ ومضيئةٍ. وقولُه: أُفولُ بضمِّ الهمزةِ أي: غيبوبةٌ تحتَ الأفُقِ الغربيِّ والتشبيهُ في هذا البيتِ محذوفٌ جميعُ أركانِه؛ لأنه معلَّقٌ على شرْطٍ قد حُذِفَ؛ اكتفاءً بدليلِه أي: لو لم يكن للثاقباتِ أُفولٌ لكانت عزَمَاتُه كالثاقباتِ, وهذا المحذوفُ مجمَلٌ غيرُ تمثيلٍ، المُشبَّهُ العزَماتُ والمُشبَّهُ به النجومُ, والجامِعُ الحرْقُ والإضاءةُ في كلٍّ, والغرَضُ تقريرُ حالِ المُشبَّهِ, وأيضاً هذا التشبيهُ مبتذَلٌ؛ لأن تشبيهَ العَزَماتِ بالثاقباتِ بشرْطِ أن لا يكونَ لها أُفولٌ غريبٌ، والغرضُ مدْحُ المُشبَّهِ.

قولُه: ابذُلْ أمْرٌ من البذْلِ أي: أعْطِ وجُدْ بمالِك. قولُه أوسَعْتَه حلْقاً أي: أكْثرْتَ الحلْقَ عليه بنحوَ الْمُوسَى, والتشبيهُ فيه مؤكِّدٌ وبليغٌ، المُشبَّهُ المالُ والمُشبَّهُ به الشعْرُ وهما حسِّيَّان مُفرَدان, ووجْهُ الشبَهِ الجامعُ هو الازديادُ بالإذهابِ في كلٍّ والأداةُ محذوفةٌ، والغرَضُ تقريرُ حالِ المُشبَّهِ في نفسِ السامعِ بإبرازِها فيما هي فيه أظهرُ.

قولُه: بَدَا أي: ظَهَرَ. وقولُه: العِدَا مقصورٌ جمْعُ العدوِّ خلافُ الصدِيقِ الْمُوَالِي. وقولُه: لم يَحْدُثْ أي: لم يَتَجَدَّدْ. وقولُه: بَدِيلُ أي: صديقٌ مُوالٍ بَدَلٌ عنك. وقولُه: صَدَدْتُ أي: أَعْرَضْتُ ومِلْتُ عنك. وقولُه: الرَّمِيِّ فعيلٌ مبالغةٌ بمعنى اسمِ المفعولِ أي: من وَقَعَ عليه الرَّمْيُ كثيراً. قولُه: مَدَّةُ بفتحِ الميمِ وتشديدِ الدالِ المهمَلةِ أي: امتدادُ, والتشبيهُ في هذا البيتِ غيرُ تمثيلٍ ومرسَلٌ، المُشبَّهُ الشاعرُ الْمُعرِضُ عن صديقِه والمُشبَّهُ به الرَّمِيُّ المعرِضُ عن مناضَلَةِ رامِيه ووجْهُ الشبَهِ الإعراضُ في كلٍّ والأداةُ الكافُ والغرَضُ بيانُ حالِ المُشبَّهِ.

التشبيهُ فيه مفصَّلٌ مرسَلٌ غيرُ تمثيلٍ، المُشبَّهُ الحيُّ المخصوصُ، والمُشبَّهُ به الميِّتُ ووجْهُ الشبَهِ مذكورٌ وهو عدَمُ الأمَلِ المرجوِّ للنَّفْعِ والضَّرِّ في كلٍّ والغرَضُ تشويهُ المُشبَّهِ وذَمُّه.

قولُه انتضاءٌ أي: خروجٌ. وقولُه بعدَ وقوعٍ أي: وقوعٌ في البأساءِ والتشبيهُ في هذا البيتِ مجمَلٌ مرسَلٌ غيرُ تمثيلٍ مقلوبٍ؛ فإن الشاعرَ لَمَّا رأى الخلاصَ من الشدَّةِ يُشبهُ خروجَ البدْرِ من تحتِ الغَيْمِ بانحسارِه عنه قلَبَ التشبيهَ لغرَضٍ وهو أن يرى صورةَ النجاةِ من البأساءِ لكونِها مطلوبةً فوقَ كلِّ مطلوبٍ أعْرَبَ من صورةِ انتضاءِ البدرِ من تحتِ غَيْمِه.

(و) وكأنْ يسألَهم عن المحسِّناتِ البديعيَّة فيما يأتي:

كان ما كان وزَالَا ... فاطَّرِحْ قِيلاً وقالا

أيُّها المعْرِضُ عَنَّا ... حسْبُكَ اللهُ تَعَالَى

{يُحْيِي وَيُمِيتُ} {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} .

خُلِقُوا وما خُلِقُوا لِمَكْرُمةٍ فكأنَّهم خُلِقوا وما خُلِقوا

على رأسِ حُرٍّ تاجُ عِزٍّ يَزِينُه وفي رِجلِ عبدٍ قيدُ ذُلٍّ يَشينُه

من قَاسَ جَدواكَ يوماً ... بالسُّحْبِ أَخطأَ مدحَكْ

السُّحْبُ تُعْطِي وتَبْكِي ... وأنت تُعطِي وتَضْحَكْ

آراؤُكُم ووجوهُكم وسيوفُكُمْ في الحادثاتِ إذا دَجَوْنَ نُجومُ

إنَّما هذه الحياةُ متاعٌ ... والسفيه الغبي من يصطفيها

ما مضى فاتَ والمؤمَّلُ غيْبٌ ... ولك الساعةُ التي أنت فيها

لا عيبَ فيهم سوى أن النزيلَ بهِم يَسْلُو عن الأهلِ والأوطانِ والحَشَمِ

عاشِر النَّاسَ بالجميـ ... لِ وخَلِّ المزاحمَهْ

وتَيَقَّظ وقُلْ لمن ... يَتعاطَى المُزاحَ مَهْ.

فلم تَضَع الأعادِي قدْرَ شانِي ولا قالوا فلانٌ قد رَشَانِي.

أيُّ شيءٍ أَطْيَبُ من ابتسامِ الثغورِ ودوامِ السرورِ، وبُكاءِ الغمامِ ونَوْحِ الحمامِ.

مدحْتُ مجدَكَ والإخلاصُ ملتزَمِي فيه وحسْنُ رَجَائِي فيك مختَتَمِي

ولا يَصْعُبُ على المعلِّمِ اقتفاءُ هذا المنهجِ واللهُ الهادي إلى طريقِ النجاحِ. [١]

(١) (و) وكأنْ يسألَهم عن المحسِّناتِ البديعيَّةِ فيما يأتِي:

كان ما كان وَزَالَا ... فاطَّرِحْ قِيلاً وقالَا

أيُّها الْمُعْرِضُ عنَّا ... حسبُكَ اللهُ تعالى

{يُحْيِي وَيُمِيتُ} {أَوَ مَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} .

خُلِقُوا وما خُلِقُوا لِمَكرُمةٍ ... فكأنهم خُلِقوا وما خُلِقوا

على رأسِ حُرٍّ تاجُ عِزٍّ يَزينُه ... وفي رِجلِ عبْدٍ قيْدُ ذُلٍّ يَشينُه.

من قاسَ جَدْوَاك يوماً ... بالسُّحْبِ أَخطأَ مدْحَكَ.

السُّحْبُ تُعْطِي وتَبْكِي ... وأنت تُعْطِي وتَضحَكْ.

آراؤُكم ووجوهُكم وسيوفُكم ... في الحادثاتِ إذا دَجَوْنَ نُجُومُ

إنما هذه الحياةُ متاعٌ ... والسفيهُ الغبيُّ من يَصطفيها.

ما مَضى فاتَ والمؤمَّلُ غَيْبٌ ... ولك الساعةُ التي أنتَ فيها

لا عيبَ فيهم سوى أن النَّزِيلَ بهم ... يَسلُو عن الأهلِ والأوطانِ والحَشَمِ

عاشِرِ الناسَ بالجميـ ... لِ وخلِّ المزاحَمَهْ

وتيَقَّظْ وقلْ لمن ... يَتعاطى الْمُزاحَ مَهْ.

فلم تَضَعِ الأَعادي قدْرَ شانِي ... ولا قالوا فلانٌ قد رَشاني.

أيُّ شيءٍ أطيَبُ من ابتسامِ الثغورِ، ودوامِ السرورِ، وبكاءِ الغمامِ, ونَوْحِ الْحَمامِ.

مدَحْتُ مجدَكَ والإخلاصُ مُلتَزَمِي ... فيه وحُسْنُ رَجائي فيك مُختَتَمي

الأجوبةُ عنها:

قولُه اطَّرِحْ: أمْرٌ من الإطِّرَاحِ بتشديدِ الطاءِ المهمَلةِ أي: ارْمِ ولا تُبالِ. والقيلُ والقالُ اسمان من قالَ يقولُ لا مصدران وفي لفظِ قالَ التوْرِيةُ؛ لأن له معنيين أحدُهما قريبٌ ليس بمرادٍ وهو أنه فعْلٌ ماضٍ لَحِقَ به ألِفُ الإطلاقِ والآخَرُ معنًى بعيدٌ هو المرادُ وهو أنَّه اسمٌ بقرينةِ مصاحَبَتِه لقيلَ وهو اسمٌ أيضاً فيُعربان هنا على أنهما مفعولٌ به. وقال في الإنصافِ: هما في الأصلِ فعلان ماضيان جُعِلا اسمين واستُعْمِلا استعمالَ الأسماءِ وأُبْقِيَ فتحُهما ليَدُلَّ على ما كانا عليه قالَ، ويَدُلُّ عليه حديثُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنْ قِيلٍ وَقَالَ بالفتحِ.

قولُه: يُحْيِي ويُميتُ من قولِه تعالى: {وَهُوَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} فيه الطِّباقُ؛ لأن الإحياءَ والإماتةَ وإنْ صَحَّ اجتماعُهما في المحيي والمميتِ, لكنَّ بينَهما باعتبارِ متعلِّقِهِما أَعْنِي: الحياةَ والموتَ العدَمُ والملَكَةُ أو التضادُّ بناءً على أنَّ الموتَ عرَضٌ وُجوديٌّ. وقولُه: {أوَمَنْ كان مَيْتاً فأحييناه} أي: ضالًّا فهدَيْناه, فيه الطِّباقُ أيضاً؛ لأنه قد عَبَّرَ عن الموتِ بالاسمِ وعن الإحياءِ المعلَّقِ بالحياةِ بالفعْلِ، والموتُ والحياةُ بينَهما التقابُلُ كما قُلنا آنِفاً. وقولُه: مكرُمةٍ في البيتِ بِضمِّ الراءِ فعْلُ الكَرَمِ وبعدَ هذا البيتِ.

رُزِقوا وما رُزِقوا سَمَاحَ يدٍ ... فكأنهم رُزِقوا وما رُزِقوا

في كِلَا البيتين الطِّباقُ ويُخَصُّ باسمِ السلْبِ والإيجابِ أو طِباقِ السلبِ؛ لأنه في البيتِ الأوَّلِ قد جَمَعَ بينَ فِعْلَي الْخَلْقِ أحدُهما مُثْبَتٌ والآخَرُ مَنْفيٌ. وفي البيتِ الثاني بينَ فِعْلَي الرزقِ أحدُهما مثبَتٌ والآخَرُ مَنفيٌ.

قولُه: يَزينُه بفتحِ الياءِ التحتيَّةِ أي: يُحسِّنُه. وقولُه: يَشينُه بفتحِ التحتيَّةِ أيضاً أي: يَعِيبُه، في هذا البيتِ المقابَلةُ بين ستَّةٍ وستَّةٍ؛ فقد قابَلَ بينَ على وفي, وبينَ رأسٍ ورِجْلٍ, وبينَ حُرٍّ وعبْد, ٍ وبينَ تاجٍ وقيْدٍ, وبينَ عِزٍّ وذُلٍّ, وبينَ يَزينُ ويَشينُ.

قوله: جَدْواك, الجَدْوى العطيَّةُ , والسُّحْبُ بضمِّ السينِ المهمَلةِ وبسكونِ الحاءِ المهمَلةِ للوزنِ جمْعُ سَحابِ الغَيْمِ. وقولُه: أَخطأَ مدْحَكَ بنصْبِ المدْحِ أي: عَدَلَ عن طريقِ مدْحِك ضالًّا. في هذا البيتِ التفريقُ؛ فقد عَمَدَ إلى شيئين وهما المخاطَبُ والسُّحبُ المشترِكان في نوعِ الإعطاءِ فأوْقَعَ بينَهما تبايُناً بأنَّ المخاطَبَ يَضحَكُ والسُّحُبُ تَبْكِي.

هذا البيتُ لابنِ الروميِّ وبعدَه:

فيها معالِمُ للهُدى ومصابِحٌ ... تَجْلو الدُّجَى والأُخرياتُ رُجُومُ

قولُه: إذا دَجَوْنَ أي: أَظْلَمْن, فيه الجمْعُ؛ لأنه قد جَمَعَ بينَ ثلاثةِ أشياءٍ في حكْمٍ واحدٍ كما أن فيه وفي البيتِ الثاني اللفَّ والنَّشْرَ المرتَّبَ كما قيلَ.

قولُه: الغبِيُّ أي: القليلُ الفِطنةِ الجاهلُ. قولُه: يَصطفيها أي: يَختارُها. قولُه: والمؤمَّلُ أي: الذي تؤمِّلُه في الزمنِ المستقبلِ.

وقولُه: غَيْبٌ بسكونِ الياءِ التحتيَّةِ أي: مشكوكٌ فيه أو غائبٌ عنك وفي هذا البيتِ التقسيمُ باستيفاءِ أقسامِ الشيءِ؛ لأن الأزمانَ ثلاثةٌ لا غيرَ.

قولُه: النَّزيلُ أي: الضيفُ أو الشخصُ الذي يَنزِلُ معهم في البيتِ. قولُه يَسْلُو عن الأهلِ ... إلخ أي: تَطيبُ نفسُه عنهم ويَذهَلُ عن ذكرِهم ويَهجرُهم. قولُه: والحَشَمُ بفتْحِ الحاءِ المهمَلةِ والشينِ المعجَمةِ وهم الخَدَمُ أو من يَغضبون له أو يَغضبُ لهم من أهلٍ وعَبيدٍ أو جِيرةٍ أي: إنْ كانَ طِيبُ نفسِ الضيفِ بنزولِه عندَهم عيباً فلا عيبَ فيهم غيرَه, ومن المعلومِ أنَّه ليس بعيْبٍ ففيه تأكيدُ المدْحِ بما يُشبهُ الذمَّ.

قولُه: المزاحَمَهْ أي: المضايَقةُ. وقولُه: مَهْ اسمُ فعْلِ أمْرٍ مَبْنِيٌّ على السكونِ بمعنى انْكَفِفْ أي: عن الْمُزاحِ. فيه الجِناسُ بينَ المزاحَمةِ في البيتِ الأوَّلِ والْمُزاحَ مَهْ في الثاني ويُخَصُّ باسمِ الجِناسِ المفروقِ لاختلافِ رُكْنَيْهِ إفراداً وتركيباً مِن كلِمَتَيْن.

هذا البيتُ قبلَه.

وَليتُ الحكْمَ خَمْساً وَهْي خَمْسُ ... لَعَمْرِي والصِّبا في العُنفوانِ

قولُه: فلم تَضَعْ أي: لم تُسْقِطْ ولم تَحُطَّ. قولُه: شاني بحذْفِ الهمزةِ تَخفيفاً, والشأنُ هو ما عَظُمَ من الأمورِ والأحوالِ. قولُه: قَدْ رَشانِي. قَدْ للتحقيقِ, ورشاني فعْلٌ ماضٍ أي: أعطاني الرِّشوةَ وهي ما يُعطَى لإبطالِ حقٍّ أو إحقاقِ باطلٍ. وفي هذا البيتِ جِناسٌ أيضاً ويُخَصُّ باسمِ الجِناسِ الملفَّقِ لتركيبِ الرُّكْنَيْنِ جميعاً, الركنُ الأوَّلُ من ثلاثةِ أسماءٍ والثاني من حرْفٍ وفعْلٍ واسمٍ.

قولُه: الثغورُ جمْعُ ثغْرٍ بفتْحِ المثلَّثَةِ الفمُ أو مقدِّمُ الأسنانِ, وابتسامُها هو ضحِكُها قليلاً من غيرِ صوتٍ. قولُه: الغمامُ هو السَّحابُ, وبُكاؤُه عبارةٌ عن إمطارِه وانهيارِه بالماءِ إلى الأرضِ, ونوْحُ الحمامِ هو سَجْعُه وصوتُه الذي يُشْبِهُ بكاءَ المرأةِ مع الجزَعِ, وفي هذا الكلامِ السجْعُ في الفاصلتين الأُولَيَيْن لتوافقِهما في حرْفِ الراءِ وفي الفاصلتين الأُخرَيَيْن لتوافقِهما في حرْفِ الميمِ.

قولُه: ملتَزَمِي فيه أي: ما التَزَمَه في مدْحِي إيَّاكَ. وقولُه مُختَتَمِي أي: ما أَختِمُ به مدْحِي لك. فيه براعةُ المقطَعِ حيث إن آخِرَ كلامِه وهو مُختَتَمِي مشْعِرٌ بالتمَامِ.

(ولا يَصْعُبُ على المعلِّمِ اقتفاءُ هذا المنهجِ واللهُ الهادي إلى طريقِ النجاحِ)

أسئلةٌ وتَلِيها أجوبتُها

١ - وضِّحْ نوعَ القِصَرِ وطريقَه في الأمثلةِ الآتيةِ:

أ - قالَ تعالى: {إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ}

ب- قالَ تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}

ج - لا إلهَ إلا اللهُ.

د - قالَ تعالى: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ} .

هـ - على اللهِ تَوَكَّلْنا.

و - عندَ الامتحانِ يُكرَمُ المرْءُ أو يُهانُ.

ز - ليس اليتيمُ الذي قد ماتَ والِدُه * بل اليتيمُ يَتيمُ العِلْمِ والأدَبِ.

ح - ليس عارٌ بأن يُقالَ فقيرٌ * ... إنما العارُ أن يُقالَ بخيلٌ.

ط - إن الجديدين في طُولِ اختلافِهما * لا يَفسدان ولكنْ يَفسدُ الناسُ.

ى - سيَذكُرُني قومِي إذا جَدَّ جِدُّها * وفي الليلةِ الظلماءِ يُفتقدُ البَدْرُ.

الأجوبةُ عنها: -

أ - قصْرٌ إضافيٌّ باعتبارِ الواقعِ، موصوفٌ على صفةٍ باعتبارِ المقصورِ، إفرادٌ باعتبارِ المخاطَبِ وطريقُه إنما.

ب- قصْرٌ حقيقيٌّ صفةٌ على موصوفٍ وطريقُه التقديمُ.

ج - قَصْرٌ حقيقيٌّ صفةٌ على موصوفٍ وطريقُه النفيُ والاستثناءُ.

د - قَصْرٌ إضافيٌّ موصوفٌ على صفةٍ، إفرادٌ وطريقُه النفيُ والاستثناءُ.

ه - قَصْرٌ إضافيٌّ صفةٌ على موصوفٍ وطريقُه التقديمُ.

و - قَصْرٌ إضافيٌّ صفةٌ على موصوفٍ وطريقُه التقديمُ.

ز - قَصْرٌ إضافيٌّ صفةٌ على موصوفٍ وطريقُه العطْفُ بـ (بَلْ) .

ح - قَصْرٌ إضافيٌّ موصوفٌ على صفةٍ وطريقُه إنما.

ط - قَصْرٌ إضافيٌّ صفةٌ على موصوفٍ وطريقُه العطْفُ بلَكِنْ.

ى - قَصْرٌ إضافيٌّ موصوفٌ على صفةٍ وطريقُه تقديمُ الجارِّ والمجرورِ.

٢ - وضِّحْ ما يَجِبُ وصلُه وما يَجِبُ فصلُه وسِرَّ كلٍّ منهما في الأمثلةِ الآتيةِ:

أ - قالَ تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ} .

ب- قالَ تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً} .

ج - قالَ تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} .

د - قالَ تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ} .

هـ - قالَ تعالى: {مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ}

و - قالَ تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} .

ز - يَهْوَى الثناءَ مبَرِّزٌ ومقَصِّرٌ * حُبُّ الثناءِ طبيعةُ الإنسانِ

ح - حكْمُ المنيَّةِ في البريَّةِ جَارِي * ما هذه الدنيا بدارِ قرارِ

ط - ألا من يَشتري سَهَراً بنومِ * سعيدٌ من يَبيتُ قريرَ عَيْنِ

ى - يَرى البخيلُ سبيلَ المالِ واحدةً * إن الكريمَ يَرى فى مالِه سُبُلَا

ك - اخْطُ مع الدهْرِ إذا ما خَطَا * واجْرِ مع الدهْرِ كما يَجْرِي.

الأجوبةُ عنها:

أ - فُصِلَت الثانيةُ عن الأُولى لشِبْهِ كمالِ الاتِّصالِ فإنها جوابُ سؤالٍ ناشيءٌ مما قَبلَها.

ب- فُصِلَت جملةُ تَحسبُها عن جملةِ تَرى؛ لكمالِ الاتِّصالِ بينَهما؛ لأن الثانيةَ بدَلُ اشتمالٍ من الأُولى.

ج - وُصِلَ بينَ جُمْلَتَيْ كُلوا واشرَبوا لاتِّفاقِهما إنشاءً مع وجودِ المناسبةِ وعدَمِ المانِعِ.

د - فُصِلَتْ جملةُ يُفَصِّلُ عن جملةِ يُدبِّرُ لكمالِ الاتِّصالِ بينَهما لأن الثانيةَ بعضٌ من كلٍّ.

هـ - فُصِلَتْ جملةُ: إن هذا ... إلخ عن جملةِ ما هذا بشراً؛ لكمالِ الاتِّصالِ بينَهما لأن الثانيةَ توكيدٌ معنويٌّ للأُولى إذ مَجرَى العادةِ والعُرْفِ أنه إذا قيلَ في معرِضِ المدْحِ ما هذا بَشَراً وما هذا بآدمِيٍّ أن يكونَ الغرَضُ أنه مَلَكٌ فيُكَنَّى به عن ذلك.

و - فُصِلَتْ جملةُ: إن النفسَ ... إلخ عن جملةِ وما أبرِّئُ ... إلخ لشِبْهِ كمالِ الاتِّصالِ بينَهما؛ لأن الثانيةَ جوابُ سؤالٍ ناشيءٌ من الأُولى.

ز - فُصِلَ الشَّطْرُ الثاني عن الشطْرِ الأوَّلِ لكمالِ الاتِّصاقِ بينَهما؛ لأن الثاني مؤكِّدٌ للأوَّلِ.

ح - فُصِلَ الشطْرُ الثاني عن الأوَّلِ لكمالِ الاتِّصالِ بينَهما؛ لأن الثاني توكيدٌ معنويٌّ للأوَّلِ؛ لأنه يُفهمُ من جَريانِ حكْمِ الموتِ على الخلْقِ أن الدنيا ليست دارَ بقاءٍ فأكَّدَ ذلك بالشَّطْرِ الثاني.

ط - فُصِلَ الشطْرُ الثاني عن الأوَّلِ لكمالِ الانقطاعِ بينَهما؛ لاختلافِهما خَبَراً وإِنشاءً.

ى - فُصِلَ الشَّطْرُ الثاني عن الأوَّلِ لشِبْهِ كمالِ الاتِّصالِ بينَهما؛ لأن الثاني جوابٌ عن سؤالٍ مقدَّرٍ نشأَ من الأوَّلِ كأنه قيلَ: فما حالُ الكريمِ في مالِه فقالَ: إن الكريمَ ... إلخ.

ك - وُصِلَ بينَ الشطرين لاتِّفاقِهما إنشاءً مع وجودِ الجامعِ وعدَمِ المانِعِ.

٣ - اذْكُر الطريقَ الذى عُبِّرَ به عن المعنى المرادِ في الأمثلةِ الآتيةِ ومن أيِّ قِسمٍ من أقسامِه:

أ - قالَ تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}

ب- قالَ تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ}

ج - قالَ تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} .

د - قالَ تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى}

هـ - ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلُ

و - ... دَرَسْتُ النحْوَ.

ز - ... جُوزِيَ المذنِبُ بذنبِه وهل يُجازَى إلا المذنِبُ.

ح - ... وأَلْفَيْتُه بحراً كثيراً فضولُه * جَواداً متى يُذكَرْ له الخيرُ يَزدَدِ

ط - {تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} .

ى- إذا أنت لم تَشربْ مِراراً على القَذَى ظَمِئْتَ وأيُّ الناسِ تَصفو مشارِبُه.

الأجوبةُ عنها:

أ - فيه إيجازُ القِصَرْ؛ لأنه قد جمَعَ مكارِمَ الأخلاقِ.

ب- فيه مُساواةٌ؛ لأن اللفظَ على قدْرِ المعنى.

ج - فيه إطنابٌ بالتتميمِ؛ فإن على حُبِّهِ فضْلَةٌ لزيادةِ التحسينِ في المعنى.

د - فيه إيجازُ الحذْفِ أي: ذا الْبِرِّ.

هـ - فيه إطنابٌ بالاحتراسِ.

و - فيه مُساواةٌ.

ز - فيه إطنابٌ بالتذييلِ وليس جارياً مَجرَى الْمَثَلِ.

ح - فيه إطنابٌ؛ لأن قولَه * متى يُذْكَرْ الخيرُ يزددِ * تكميلٌ.

ط - فيه إطنابٌ بالتذييلِ.

ى- فيه إطنابٌ بالتذييلِ, والجُملةُ الثانيةُ جاريةٌ مَجرى الْمَثَلِ.

٤ - وضِّحْ الاستعارةَ ونوعَها وتقريرَها في الأمثلةِ الآتيةِ:

أ - قالَ اللهُ تعالى: {يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} .

ب- قالَ تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} .

ج - قالَ تعالى: {يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ} .

د - قالَ تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} .

هـ - قالَ تعالى: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} .

و - إنَّ التباعُدَ لا يَضُرُّ * إذا تَقاربَت القلوبُ.

ز - رأيتُ قِسًّا اليومَ.

ح - فإن تَعافُوا العدلَ والإيمانَ * فإن في أيمانِنا نِيرانَا.

ط - فوقَ خَدِّ الورْدِ دَمْـ * عٌ من عيونِ السُّحْبِ يَذرِفْ

برداءِ الشمسِ أضْحَى * بعدَ أن سالَ يُجَفَّفْ

ى- سأَبْكِيكَ للدنيا وللدينِ إن أَبَتْ * فإنَّ يدَ المعروفِ بعدَك شُلَّتِ

ك - دقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلةٌ له * إن الحياةَ دقائقٌ وثوانِ

ل - لَسْنَا وإن أحسابُنا كَرُمَتْ * يوماً على الأحسابِ نتَّكِلُ

م - لدى أسدٍ شاكِي السلاحِ مقَذِّفٍ * له لُبَدٌ أظفارُه لم تُقَلَّمِ

الأجوبةُ عنها:

أ - فيه استعارةٌ تصريحيَّةٌ تبعيَّةٌ تقريرُها شبَّهَ تزيينِ الأرضِ بالنباتِ الخَضِرِ النَّضِرِ بالإحياءِ بجامعِ ما يَترتَّبُ على كلٍّ من الحسْنِ والنفْعِ واستعيرَ اللفظُ الدالُّ على المشبَّهِ به وهو الإحياءُ, واشتُقَّ من الإحياءِ بمعنى التزيين, ِ يُحيِي بمعنى يَزِينُ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ.

ب- فيه استعارتان تصريحيَّتان تبعيَّتان يُقالُ في تقريرِ الأُولى شَبَّهَ الضلالَ بالموتِ بجامِعِ عدَمِ النفْعِ في كلٍّ واستُعيرَ لفظُ المشبَّهِ به للمشبَّهِ, واشتُقَّ منه مَيْتاً بمعنى ضَالًّا على سبيلِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ. ويُقالُ في تقريرِ الثانيةِ شَبَّهَ الهُدَى بالإحياءِ بجامِعِ النفْعِ في كلٍّ واستعيرَ الإحياءُ للهُدى واشتُقَّ منه أحياءٌ بمعنى هُدًى على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ.

ج - فيه استعارةٌ تصريحيَّةٌ تبعيَّةٌ مطلقَةٌ يُقالُ في تقريرِها شبَّه إبطالَ العهْدِ بفكِّ طاقاتِ الحبْلِ بجامِعِ عدَمِ النفْعِ في كلٍّ واستُعيرَ اللفظُ الدالُّ على المشبَّهِ به وهو النقضُ للمشبَّهِ وهو الإبطالُ واشتُقَّ منه يَنقضون بمعنى يُبطِلون على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ المطلَقةِ؛ لأنها لم تَقترنْ بشيءٍ.

د - ... فيه استعارةٌ تصريحيَّةٌ يُقالُ في تقريرِها شَبَّهَ تَمَكُّنَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من الأخلاقِ الشريفةِ والثبوتِ عليها بتَمكُّنِ من عَلَا دابَّةً يُصَرِّفُها كيف شاءَ بجامِعِ التمكُّنِ والاستقرارِ في كلٍّ فسَرَى التشبيهُ من الكلِّيَّيْنِ للجزئياتِ فاستُعيرَ لفظُ على الموضوعُ للاستعلاءِ الْحِسِّيِّ للارتباطِ والاستعلاءِ المعنويِّ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ.

هـ - فيه استعارةٌ تصريحيَّةٌ تبعيَّةٌ يُقالُ في تقريرِها: شُبِّهَتْ في التي تَدُلُّ على الارتباطِ بفي التي تَدُلُّ على الظرفيَّةِ بجامِعِ التمكُّنِ في كلٍّ فسَرَى التشبيهُ من الكلِّيَّيْنِ إلى الجزئياتِ, فاستُعيرتْ في من الثاني للأوَّلِ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ, والقرينةُ على ذلك كلمةُ الضلالِ.

و - ... فيه استعارةٌ تصريحيَّةٌ تبعيَّةٌ مطلَقةٌ, يُقالُ في تقريرِها: شَبَّهَ التوادَّ بالتقاربِ بجامِعِ الأُلفةِ في كلٍّ منهما, ثم استُعيرَ التقاربُ للتوادِّ, واشتُقَّ منه تقارُبٌ بمعنى تَوادَّ على سبيلِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ المطلَقةِ, والقرينةُ كلمةُ القلوبِ.

ز - ... فيه استعارةٌ تصريحيَّةٌ أصليَّةٌ, يُقالُ في تقريرِها: شَبَّهَ الرجُلَ الفصيحَ بقِسِّ بنِ ساعِدةَ بجامِعِ الفصاحةِ في كلٍّ, واستُعيرَ قِسٌّ للرجلِ الفصيحِ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ الأصليَّةِ.

ح - فيه استعارتان؛ مكنيَّةٌ أصليَّةٌ وتصريحيَّةٌ أصليَّةٌ, يُقالُ في تقريرِ الأُولى: شَبَّهَ العدْلَ والإيمانَ بشيءٍ كريهٍ يُعافُ بجامعِ كراهةِ النفسِ لكلٍّ, واستعيرَ لفظُ المشبَّهِ به للمشبَّهِ وحُذِفَ ورُمِزَ إليه بشيءٍ من لوازمِه, وهو تَعافوا على طريقِ الاستعارةِ المكنيَّةِ الأصليَّةِ, وإثباتُ تَعافوا للعدْلِ والإيمانِ تَخييلٌ. ويُقالُ في تقريرِ الثانيةِ: شُبِّهَت السيوفُ القاطعةُ بالنيرانِ بجامِعِ الضرَرِ في كلٍّ, واستُعيرَ لفظُ المشبَّهِ به للمشبَّهِ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ الأصليَّةِ.

ط - ... فيه ثلاثُ استعارتٍ مكنيَّاتٌ في الورْدِ والسُّحْبِ والشمسِ, يُقالُ في تقريرِ الأُولى: شَبَّهَ الورْدَ بإنسانٍ جميلٍ بجامِعِ الحسْنِ في كلٍّ, وحَذَفَ المشبَّهَ به ورَمَزَ إليه بشيءٍ من لوازمِه وهو الخَدُّ على طريقِ الاستعارةِ المكنيَّةِ الأصليَّةِ المرشَّحةِ, والقرينةُ هي إضافةُ خدٍّ إلى الورْدِ, ويُقالُ في تقريرِ الثانيةِ: شَبَّهَ السحابَ بإنسانٍ بجامِعِ النفْعِ في كلٍّ, وحَذَفَ المشبَّهَ به ورَمَزَ إليه بشيءٍ من لوازمِه وهو العيونُ على طريقِ الاستعارةِ المكنيَّةِ الأصليَّةِ المرشَّحةِ, والقرينةُ إثباتُ العيونِ للسُّحْبِ. ويُقالُ في تقريرِ الثالثةِ شُبِّهَت الشمسُ بامرأةٍ حسناءَ بجامِعِ الجمالِ في كلٍّ وحُذِفَ المشبَّهُ به ورُمِزَ إليه بشيءٍ من لوزامِه, وهو الرداءُ على طريقِ الاستعارةِ الأصليَّةِ المجرَّدةِ, والقرينةُ هي إثباتُ رداءٍ للشمسِ, ويُقالُ للقرينةِ في الثلاثةِ: استعارةٌ تخييليَّةٌ.

ى- فيه استعارةٌ مكنيَّةٌ يُقالُ في تقريرِها: شَبَّهَ المعروفَ بإنسانٍ له يَدٌ تُعطِي بجامعِ الإعطاءِ في كلِّ منهما وحَذَفَ المشبَّهَ به ورَمَزَ إليه بشيءٍ من لوازمِه وهو اليدُ على سبيل الاستعارةِ المكنيَّةِ الأصليَّةِ المرشَّحةِ, والقرينةُ كلمةُ يدٍ وهي الاستعارةُ التخييليَّةُ وشُلَّتْ ترشيحٌ.

ك - فيه استعارةٌ تصريحيَّةٌ تبعيَّةٌ يُقالُ في تقريرِها: شَبَّهَ الدَّلالةَ بالقولِ بجامِعِ إيضاحِ المرادِ في كلٍّ, واستُعيرَ اللفظُ الدالُّ على المشبَّهِ به للمشبَّهِ واشتُقَّ من القولِ بمعنى الدَّلالةِ قائلٌ بمعنى دالٍّ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ, والقرينةُ نسبةُ القولِ إلى الدَّقَّاتِ.

ل - فيه استعارةٌ تصريحيَّةٌ تبعيَّةٌ يُقالُ في تقريرِها: شَبَّهَ مطلَقَ ارتباطٍ بينَ حَسيبٍ وحَسَبٍ بمطلَقِ ارتباطٍ بينَ مستعْلٍ ومستَعْلًى عليه بجامِعِ التمكُّنِ والاستقرارِ في كلٍّ ثم استُعيرتْ على من جُزْئَيْ من جزئيَّاتِ الأوَّلِ لِجُزْئَيْ من جزئيَّاتِ الثاني على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ.

م - فيه استعارةٌ تصريحيَّةٌ أصليَّةٌ يُقالُ في تقريرِها شَبَّهَ الرجلَ الشجاعَ بالأسَدِ بجامِعِ الْجَراءةِ في كلٍّ, واستعيرَ الأسدُ للرجلِ الشجاعِ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ الأصليَّةِ المطلَقةِ؛ لاقترانِها بما يلائِمُ المشبَّهَ وهو شاكِي السلاحِ, وبما يلائِمُ المشبَّهَ به وهو له لُبَدٌ, والقرينةُ حاليَّةٌ أي: أنها تُفهَمُ من حالةِ الشاعرِ المتكلِّمِ.

٥ - وضِّحْ كلَّ مَجازٍ مرسَلٍ وعلاقتَه في الأمثلةِ الآتيةِ: -

أ - قالَ تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} .

ب- قالَ تعالى: {فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} .

ج - قالَ تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}

د - ... قالَ تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}

هـ - شَرِبْتُ ماءَ زمزمَ.

و - سكَنَ ابنُ خَلدونَ مِصْرَ.

ز - سَقَت الدلوُ الأرضَ.

ح - أذلَّ خالدٌ ناصيةَ زيدٍ.

ط - يَلبَسون القُطنَ الذي تُنتجُه بلادُهم.

ى- ألقى الخطيبُ كلمةً لها كبيرُ الأثرِ.

ك - أَوْقَدوا ناراً في هذا المكانِ.

ل - سالَ الوادي.

الأجوبةُ عنها:

أ - القريةُ مرادٌ بها أهلُها مَجازاً مرسَلاً علاقتُه المحليَّةُ أي: إطلاقُ المحَلِّ وإرادةُ الحالِّ.

ب- رحمةُ اللهِ مرادٌ بها الجنةُ مَجازاً مرسَلاً علاقتُه الحالِّيَّةُ أي: إطلاقُ الحالِّ وإرادةُ المحَلِّ

ج - اركَعوا مرادٌ بها صلُّوا مَجازاً مرسَلاً علاقتُه الجزئيَّةُ أي: إطلاقُ الجزْءِ وإرادةُ الكُلِّ.

د - القَتلى مرادٌ به من سيَقتلون مَجازاً مرسَلاً علاقتُه اعتبارُ ما سيَؤولُ إليه

هـ - ماءُ زمزمَ مرادٌ به بعضُ مائِها مَجازاً مرسَلاً علاقتُه الكلِّيَّةُ أي: إطلاقُ الكلِّ وإرادةُ البعضِ.

و - مصرُ مرادٌ به بقعةٌ منها مَجازاً مرسَلاً علاقتُه الكلِّيَّةُ.

ز - الدلوُ مرادٌ بها الماءُ مَجازاً مرسَلاً علاقتُه المحليَّةُ.

ح - ناصيةُ زيدٍ مرادٌ بها نَفْسُهُ مَجازاً مرسَلاً علاقتُه البعضيَّةُ أي: إطلاقُ البعضِ وإرادةُ الكُلِّ.

ط - القطْنُ مرادٌ به النسيجُ مَجازاً مرسَلاً علاقتُه اعتبارُ ما كان.

ى- كلمةٌ مرادٌ بها الكلامُ مَجازاً مرسَلاً علاقتُه الجزئيَّةُ.

ك - نارٌ مرادٌ بها حطَبٌ يَؤُولُ إلى نارٍ مَجازاً مرسَلاً علاقتُه اعتبارُ ما سيَؤولُ إليه.

ل - الوادي مرادٌ به الماءُ مَجازاً مرسَلاً علاقتُه المحليَّةُ.

٦ - وضِّحْ كلَّ مَجازٍ مرسَلٍ مركَّبٍ وعلاقتَه, وكلَّ استعارةٍ تمثيليَّةٍ وتقريرَها في الأمثلةِ الآتيةِ:

أ - إذا قالتْ حذامِ فصدِّقوها * فإن القولَ ما قالتْ حذامِ.

ب- تَصرَّمتْ منا أُوَيْقَاتُ الصِّبَا * ولم نَجِدْ من الْمَشيبِ مهرَبَا.

ج - إذا جاءَ موسى وأَلْقَى العصا * فقد بَطَلَ السحْرُ والساحرُ.

د - قلبي يُحدِّثُني بأنك مُتلِفِي * رُوحي فِداكَ عرَفْتَ أم لم تَعرفِ.

ه - قالَ تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا .... } الآيةُ.

و - أَحَشَفاً وسوءَ كَيْلةٍ. يُضرَبُ لمن يَظلِمُ من وجهين.

ز - اليدُ لا تُصفِّقُ وحدَها يُضرَبُ لمن يُريدُ أن يَعملَ عمَلاً وحدَه وهو عاجِزٌ عنه.

ح - لأمْرٍ ما جدَعَ قصيرٌ أنفَه. يُضربُ لمن يَحتالُ على حصولِ أمْرٍ خفِيٍّ وهو متَستِّرٌ تحت أمْرٍ ظاهرٍ.

ط - ذهبَ الصِّبا وتولَّت الأيَّامُ * فعلى الصِّبا وعلى الزمانِ سلامُ.

الأجوبةُ عنها:

أ - فيه استعارةٌ تمثيليَّةٌ يُقالُ في تقريرِها: شُبِّهَتْ هيئةُ الرجلِ الذي لا يقولُ إلا الحقَّ ولا يُخبرُ إلا بالصدقِ بهيئةِ المرأةِ المسمَّاةِ حذامِ بجامِعِ الصدْقِ في كلٍّ واستُعيرَ الكلامُ الموضوعُ للمشبَّهِ به على طريقِ الاستعارةِ التمثيليَّةِ.

ب- فيه مَجازٌ مرسَلٌ مركَّبٌ عَلاقتُه السببيَّةُ فإن هذا الكلامَ سببٌ في التحسُّرِ أو الملزوميَّةِ فإن الإخبارَ بهذا مستلزِمٌ للتحسُّرِ.

ج - فيه استعارةٌ تمثيليَّةٌ يُقالُ في تقريرِها: شُبِّهَتْ هيئةُ الرجلِ الذي يَحصُلُ بوجودِه فصْلُ المشكلاتِ بهيئةِ نبِيِّ اللهِ موسى عليه السلامُ مع سَحَرةِ فرعونَ بجامِعِ حسْمِ النزاعِ في كلٍّ واستُعيرَ الكلامُ الموضوعُ للمشبَّهِ به للمشبَّهِ على طريقِ الاستعارةِ التمثيليَّةِ.

د - فيه استعارةٌ تمثيليَّةٌ يُقالُ في تقريرِها: شُبِّهَتْ هيئتُه القائمةُ به من الذوْقِ الوِجدانِيِّ بهيئةِ من جَرَى على لسانِه ذلك من عشَّاقِ الأشباحِ بجامعِ الهيئةِ الحاصلةِ من التأثُّرِ والوِجدانِ في الكلامِ واستُعيرَ الكلامُ الدالُّ على المشبَّهِ به للمشبَّهِ على طريقِ الاستعارةِ التمثيليَّةِ.

هـ - فيه استعارةٌ تمثيليَّةٌ يُقالُ في تقريرِها: شَبَّهَ حالَ التكاليفِ في ثِقَلِ حملِها وصعوبةِ الوفاءِ بها بحالِ أنها عُرِضَتْ على هذه الأشياءِ مع كِبَرِ أجرامِها وقوَّةِ متانتِها, فامتنعنَ وخِفنَ من حَمْلِها بجامعِ عدَمِ تحقُّقِ الحمْلِ في كلٍّ, ثم استُعيرَ التركيبُ الدالُّ على المشبَّهِ به للمشبَّهِ على طريقِ الاستعارةِ التمثيليَّةِ.

و - فيه استعارةٌ تمثيليَّةٌ يُقالُ في تقريرِها: شُبِّهَتْ هيئةُ من يَظلمُ من وجهين: بهيئةِ رجلٍ باعَ آخَرَ تمراً رديئاً وناقِصَ الكيْلِ بجامعِ الظلْمِ من وجهين في كلٍّ واستُعيرَ الكلامُ الدالُّ على المشبَّهِ به للمشبَّهِ على طريقِ الاستعارةِ التمثيليَّةِ.

ز - فيه استعارةٌ تمثيليَّةٌ يُقالُ في تقريرِها: شُبِّهَتْ هيئةُ من يريدُ أن يَعملَ عملا وحدَه وهو عاجزٌ عنه بهيئةِ من يريدُ أن يُصفِّقَ بيدٍ واحدةٍ بجامعِ العجْزِ في كلٍّ واستُعيرَ الكلامُ الموضوعُ للمشبَّهِ به للمشبَّهِ على طريقِ الاستعارةِ التمثيليَّةِ.

ح - فيه استعارةٌ تمثيليَّةٌ يُقالُ في تقريرِها: شُبِّهَتْ هيئةُ الرجلِ المتستِّرِ تحتَ أمْرٍ ليَحصُلَ على أمْرٍ خفيٍّ يريدُه بهيئةِ الرجلِ المسمَّى قصيراً حين جدَعَ أنفَه ليأخُذَ بثأرِ جَذيمةَ من الزبَّاءِ بجامعِ الاحتيالِ في كلٍّ واستُعيرَ الكلامُ الموضوعُ للمشبَّهِ به للمشبَّهِ على طريقِ الاستعارةِ التمثيليَّةِ.

ط - فيه مَجازٌ مرسَلٌ مركَّبٌ؛ لأنه وإن كان خبراً في أصلِ وضعِه إلا أنه مستعمَلٌ في الإنشاءِ لقصْدِ التحسُّرِ والتحزُّنِ على ما فاتَ من الشبابِ والقرينةُ على ذلك الشطْرُ الأخيرُ والعَلاقةُ السببيَّةُ.

٧ - بَيِّن المَجازَ العقليَّ وعَلاقتَه في الأمثلةِ الآتيةِ:

أ - قالَ تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً} .

ب- هذا المنزِلُ عامِرٌ.

ج - أرضُهم واعِدةٌ.

د - بطَشَتْ بهم أهوالُ الدنيا.

هـ - أصابني همٌّ ناصِبٌ.

و - ضرَسَهم الزمانُ وطحَنَتْهُم الأيامُ.

ز - هذا الطريقُ واردٌ صادرٌ.

ح - وَضَعَه الشُّحُّ ودناءةُ النسبِ.

ط - مَلكْنا فكانَ العفوُ منا سجِيَّةً * فلما مَلكتُم سالَ بالدمِ أبطُحُ

ى - ستُبدِي لك الأيَّامُ ما كنتَ جاهلَا * ويأتيك بالأخبارِ من لم تُزَوِّدِ.

ك - أعِرْني أُذناً واعيةً.

ل - لقد لُمْتِنا يا أمَّ غَيلانَ في السُّرَى * ونِمْتِ وما ليلُ المَطِيِّ بنائمِ.

م - تَكادُ عطاياه يُجَنُّ جنونُها.

ن - ذهَبْنا إلى حديقةٍ غناءَ.

الأجوبةُ عنها:

أ - آمِناً اسمُ الفاعلِ أُسنِدَ إلى ضميرِ الحرَمِ وهو مفعولٌ مَجازاً عقليًّا عَلاقتُه المفعوليَّةُ.

ب- عامرٌ اسمُ فاعلٍ أُسنِدَ على المنزِلِ مَجازاً عقليًّا عَلاقتُه المفعوليَّةُ.

ج - واعدةٌ اسمُ فاعلٍ أُسنِدَ إلى الأرضِ مَجازاً عقليًّا عَلاقتُه المفعوليَّةُ يُقالُ إذا رُجِّيَ خيرُها.

د - بطَشَتْ فعْلٌ أسْنِدَ إلى أهوالِ الدنيا وهو سببٌ مَجازاً عقليًّا عَلاقتُه السببيَّةُ.

هـ - ناصِبٌ اسمُ فاعلٍ أُسنِدَ إلى ضميرِ الهمِّ وهو مفعولٌ فيه مَجازاً عقليًّا علاقتُه المفعوليَّةُ.

و - ضرَسَ فعْلٌ أُسنِدَ إلي الزمانِ وطَحنَتْ فعْلٌ أسنِدَ إلى الأيَّامِ مَجازاً عقليًّا عَلاقتُه الزمانيَّةُ.

ز - وارِدٌ وصادِرٌ اسما فاعلٍ أُسنِدَ إلى ضميرِ الطريقِ مَجازاً عقليًّا عَلاقتُه المفعوليَّةُ.

ح - وَضَعَ فعْلٌ أُسنِدَ إلى الشحِّ ودناءةِ النسَبِ مَجازاً عقليًّا عَلاقتُه السببيَّةُ.

ط - سالَ فعْلٌ أُسنِدَ إلى أبطُحٍ مَجازاً عقليًّا عَلاقتُه المكانيَّةُ.

ى - ستُبدِي فعْلٌ أُسنِدَ إلى الأيَّامِ مَجازاً عقليًّا عَلاقتُه الزمانيَّةُ.

ك - واعيةٌ اسمُ فاعلٍ أُسنِدَ إلى ضميرِ الأُذُنِ مَجازاً عقليًّا عَلاقتُه السببيَّةُ.

ل - نائمٌ اسمُ فاعلٍ أسنِدَ إلى ليلِ الْمَطِيِّ مَجازاً عقليًّا عَلاقتُه الزمانيَّةُ.

م - يُجَنُّ فعْلٌ أُسنِدَ إلى المصدرِ مَجازاً عقليًّا عَلاقتُه المصدريَّةُ.

ن - غَنَّاءُ مبالَغةٌ من الغَنِّ أُسنِدَ إلى ضميرِ الحديقةِ مَجازاً عقليًّا عَلاقتُه المكانيَّةُ.

٨ - وضِّحْ نوعَ الكِنايةِ وعَيِّن المعنى الكنائيَّ في الأمثلةِ الآتيةِ:

أ - المسلمُ من سلِمَ المسلمون من لسانِه ويدِه تَقولُه للمؤذِي.

ب- خالدٌ مكتَنِزُ اللحمِ.

ج - وما يَكُ فيَّ من عيْبٍ فإنِّي * جبانُ الكلبِ مهزولُ الفصيلِ.

د - هو غليظُ الكبِدِ.

هـ - استأثَرَ اللهُ به وأَسعدَه بجوارِه.

و - إن السماحةَ والمروءةَ والنَّدَى * في قبَّةٍ ضُربَتْ على ابنِ الحشْرَجِ.

ز - جاءني حيٌّ مُستَوي القامَةِ عريضُ الأظفارِ.

الأجوبةُ عنها:

أ - فيه تعريضٌ بنفيِ صفةِ الإسلامِ عن المؤذِي

ب- فيه رمْزٌ إلى شجاعتِه.

ج - فيه تلويحٌ إلى كرَمِ الشاعِرِ المتكلِّمِ؛ لأن الفكْرَ يَنتقلُ إلى جملةِ وَسائطٍ.

د - فيه رمْزٌ إلى قسوتِه؛ لأن الوسائطَ قليلةٌ.

هـ - فيه كِنايةٌ عن موتِه.

و - كِنايةٌ عن إثباتِ هذه الثلاثةِ له لجعْلِها في مكانِها المختَصِّ بها.

ز - كِنايةٌ عن الإنسانِ لاختصاصِ مجموعِ هذه الأوصافِ الثلاثةِ به.

عن الكاتب

Ustadz Online

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية