الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

باب الحج والعمرة

باب الحج [والعمرة كتاب فتح المعين

باب الحج [والعمرة
كتاب فتح المعين في الفقه الشافعي

محتويات

باب الحج [والعمرة

وهو: بفتح أوله وكسره لغة: القصد أو كثرته إلى من يعظم وشرعا: قصد الكعبة للنسك الآتي.
وهو من الشرائع القديمة.

وروي أن آدم عليه السلام حج أربعين حجة من الهند ماشيا وأن جبريل قال له: إن الملائكة كانوا يطوفون قبلك بهذا البيت سبعة آلاف سنة.
قال ابن إسحاق: لم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلا حج.
والذي صرح به غيره أنه ما من نبي إلا حج خلافا لمن استثنى هودا وصالحا.
والصلاة أفضل منه خلافا للقاضي.
وفرض في السنة السادسة على الأصح.
وحج صلى الله عليه وسلم قبل النبوة وبعدها وقبل الهجرة حججا لا يدرى عددها وبعدها حجة الوداع لا غير وورد: "من حج هذا البيت خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" [البخاري رقم: 1521, مسلم رقم: 1350] .

قال شيخنا في حاشية الإيضاح: قوله: كيوم ولدته أمه يشمل التبعات1 وورد التصريح به في رواية وأفتى به بعض مشايخنا لكن ظاهر كلامهم يخالفه والأول أوفق بظواهر السنة والثاني أوفق بالقواعد.
ثم رأيت بعض المحققين نقل الإجماع عليه وبه يندفع الإفتاء المذكور تمسكا بالظواهر.

والعمرة وهي لغة: زيادة مكان عامر وشرعا: قصد الكعبة للنسك الآتي.
يجبان أي الحج والعمرة ولا يغني عنها الحج وإن اشتمل عليها وخبر: سئل ص عن العمرة أواجبة هي؟ قال: لا ضعيف اتفاقا وإن صححه الترمذي [رقم: 931] .
على كل مسلم مكلف أي بالغ عاقل حر: فلا يجبان على صبي ومجنون ولا على رقيق فنسك غير المكلف ومن فيه رق يقع نفلا لا فرضا.
مستطيع للحج بوجدان الزاد ذهابا وإيابا وأجرة خفير أي مجير
يأمن معه والراحلة أو ثمنها: إن كان بينه وبين مكة مرحلتان أو دونهما وضعف عن المشي مع نفقة من يجب عليه نفقته وكسوته إلى الرجوع.

ويشترط أيضا للوجوب: أمن الطريق على النفس والمال ولو من رصدي وإن قل ما يأخذه وغلبة السلامة لراكب البحر فإن غلب الهلاك لهيجان الأمواج في بعض الأحوال أو استويا: لم يجب بل يحرم الركوب فيه له ولغيره.

وشرط للوجوب على المرأة مع ما ذكر أن يخرج معها محرم أو زوج أو نسوة ثقات ولو إماء وذلك
لحرمة سفرها وحدها وإن قصر أو كانت في قافلة عظيمة ولها بلا وجوب أن تخرج مع امرأة ثقة لأداء فرض الإسلام وليس لها الخروج لتطوع ولو مع نسوة كثيرة وإن قصر السفر أو كانت شوهاء.

وقد صرحوا بأنه يحرم على المكية التطوع بالعمرة من التنعيم مع النساء خلافا لمن نازع فيه.
مرة واحدة في العمر بتراخ لا على الفور نعم إنما يجوز التأخير بشرط العزم على الفعل في المستقبل وأن لا يتضيقا عليه بنذر أو قضاء أو خوف عضب أو تلف مال بقرينة ولو ضعيفة وقيل يجب على القادر أن لا يترك الحج في كل خمس سنين لخبر فيه [رواه ابن حبان في صحيحه رقم: 3703 ,9/ 16] .

----
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله جمع تبعة بضمة بين فتحتين وهي حق الآدمي صغيرة أو كبيرة انتهى. عبد الرءوف ثم أضاف والضبط المذكور خلاف ما في القاموس فإن الذي فيه كفرحة وكتابة وكذا خلاف ما في المصباح فإن الذي فيه ككلمة تأمل انتهى.
----

فرع تجب إنابة عن ميت عليه نسك من تركته كما تقضى منه ديونه فلو لم تكن له تركة سن لوارثه أن
يفعله عنه فلو فعله أجنبي جاز ولو بلا إذن وعن آفاقي معضوب1 عاجز عن النسك بنفسه: لنحو زمانه أو مرض لا يرجى برؤه بأجرة مثل فضلت عما يحتاجه المعضوب يوم الاستئجار وعما عدا مؤنة نفسه وعياله
بعده ولا يصح أن يحج عن معضوب بغير إذنه لان الحج يفتقر للنية والمعضوب أهل لها وللإذن.

أركانه أي الحج: ستة:
1- أحدها: إحرام به أي بنية دخول فيه لخبر [البخاري رقم: 1, مسلم رقم: 1907] : "إنما الأعمال بالنيات".
ولا يجب تلفظ بها وتلبية بل يسنان فيقول بقلبه ولسانه: نويت الحج وأحرمت به لله تعالى لبيك اللهم لبيك إلى آخره.

2- وثانيها: وقوف بعرفة أي حضوره بأي جزء منها ولو لحظة وإن كان نائما أو مارا لخبر الترمذي [رقم: 889] : الحج عرفة وليس منها: مسجد إبراهيم عليه السلام ولا نمرة.
والأفضل للذكر تحري موقفه ص وهو عند الصخرات المعروفة.
وسميت عرفة قيل: لان آدم وحواء تعارفا بها وقيل غير ذلك.

ووقته بين زوال للشمس يوم عرفة وهو تاسع ذي الحجة وبين طلوع فجر يوم نحر.
وسن له الجمع بين الليل والنهار وإلا أراق دم تمتع ندبا.

3- وثالثها: طواف إفاضة ويدخل وقته بانتصاف ليلة النحر.
وهو أفضل الأركان حتى من الوقوف خلافا للزركشي.

4- ورابعها: سعي بين الصفا والمروة سبعا يقينا بعد طواف قدوم ما لم يقف بعرفة أو بعد طواف إفاضة.
فلو اقتصر على ما دون السبع لم يجزه ولو شك في عددها قبل فراغه أخذ بالأقل لأنه المتيقن.
ومن سعى بعد طواف القدوم لم يندب له إعادة السعي بعد طواف الإفاضة بل يكره.

ويجب أن يبدأ فيه في المرة الأولى بالصفا ويختم بالمروة للاتباع فإن بدأ بالمروة لم يحسب مروره منها إلى الصفا وذهابه من الصفا إلى المروة مرة وعوده منها إليه مرة أخرى.
ويسن للذكر أن يرقى على الصفا والمروة قدر قامة.
وأن يمشي أول السعي وآخره ويعدو الذكر في الوسط ومحلهما معروف.

5- وخامسها: إزالة شعر من الرأس بحلق أو تقصير لتوقف التحلل عليه وأقل ما يجزئ ثلاث شعرات. فتعميمه صلى الله عليه وسلم لبيان الأفضل خلافا لمن أخذ منه وجوب التعميم.
وتقصير المرأة أولى من حلقها.
ثم يدخل مكة بعد رمي جمرة العقبة والحلق ويطوف للركن فيسعى إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم كما هو الأفضل.
والحلق والطواف والسعي لا آخر لوقتها ويكره تأخيرها عن يوم النحر وأشد منه: تأخيرها عن أيام التشريق ثم عن خروجه من مكة.

وسادسها: ترتيب بين معظم أركانه بأن يقدم الإحرام على الجميع والوقوف على طواف الركن والحلق والطواف على السعي إن لم يسع بعد طواف القدوم ودليله الإتباع.
ولا تجبر أي الأركان بدم وسيأتي ما يجبر بالدم.
وغير وقوف من الأركان الستة أركان العمرة لشمول الأدلة لها.
وظاهر أن الحلق يجب تأخيره عن سعيها فالترتيب فيها في جميع الأركان.

----
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: معضوب بعين مهملة فضاد معجمة من العضب وهو القطع كأنه قطع عن عمال الحركة أو بعين فصاد مهملة من العصب كأنه قطع عصبه انتهى.
----

تنبيه يؤديان بثلاثة أوجه:
إفراد: بأن يحج ثم يعتمر.
وتمتع: بأن يعتمر ثم يحج.
وقران: بأن يحرم بهما معا.

وأفضلها: إفراد إن اعتمر عامه ثم تمتع.
وعلى كل من المتمتع والقارن: دم إن لم يكن من حاضري المسجد الحرام وهم من دون مرحلتين.
وشروط الطواف ستة1:
1- أحدها: طهر عن حدث وخبث.

2- وثانيها: ستر لعورة قادر فلو زالا فيه جدد وبنى على طوافه وإن تعمد ذلك وطال الفصل.
3- وثالثها: نيته: أي الطواف إن استقل بأن لم يشمله نسك كسائر العبادات وإلا فهي سنة.

4- ورابعها: بدؤه بالحجر الأسود محاذيا له في مروره ببدنه: أي بجميع شقه الأيسر وصفة المحاذاة: أن يقف بجانبه من جهة
اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ثم ينوي ثم يمشي مستقبلة حتى يجاوزه فحينئذ ينفتل ويجعل يساره للبيت ولا يجوز استقبال البيت إلا في هذا.

5- وخامسها: جعل البيت عن يساره مارا تلقاء وجهه فيجب كونه خارجا بكل بدنه حتى بيده عن
شاذروانه وحجره للاتباع فإن خالف شيئا من ذلك لم يصح طوافه وإذا استقبل الطائف لنحو دعاء فليحترز عن أن يمر منه أدنى جزء قبل عوده إلى جعل البيت عن يساره.

ويلزم من قبل الحجر أن يقر قدميه في محلهما حتى يعتدل قائما فإن رأسه حال التقبيل في جزء من البيت.
6- وسادسها: كونه سبعا يقينا ولو في الوقت المكروه فإن ترك منها شيئا وإن قل لم يجزئه.
وسن أن يفتتح الطائف باستلام الحجر الأسود بيده وأن يستلمه في كل طوفة وفي الأوتار آكد وأن يقبله ويضع جبهته عليه ويستلم الركن اليماني ويقبل يده بعد استلامه وأن يرمل ذكر في الطوافات الثلاث الأول من طواف بعده سعي بإسراع مشيه مقاربا خطاه وأن يمشي في الأربعة الأخيرة على هيئته للاتباع ولو ترك الرمل في الثلاث الأول: لا يقضيه في البقية.

----
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: بل ثمانية فسابعها: كونه في المسجد وثامنها: عدم صرفه لغيره كطلب غريم وكإسراعه خوفا من أن تلمسه امرأة انتهى.
----

ويسن أن يقرب الذكر من البيت ما لم يؤذ أو يتأذ بزحمة فلو تعارض القرب منه والرمل: قدم لان ما يتعلق بنفس العبادة أولى من المتعلق بمكانها وأن يضطبع في طواف يرمل فيه وكذا في السعي: وهو جعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن وطرفيه على الأيسر للاتباع وأن يصلي بعده ركعتين خلف المقام ففي الحجر.
فرع [في ما يسن للقادم مكة أول قدومه] يسن أن يبدأ كل من الذكر والأنثى بالطواف عند دخول المسجد للاتباع رواه الشيخان [البخاري رقم: 1615, مسلم رقم: 1235] إلا أن يجد الإمام في مكتوبة أو يخاف فوت فرض أو راتبة مؤكدة فيبدأ بها لا بالطواف.

وواجباته أي الحج خمسة وهو ما يجب بتركه الفدية:
1- إحرام من ميقات فميقات الحج لمن بمكة: هي:
وهو للحج والعمرة للمتوجه من المدينة: ذو الحليفة المسماة ببئر علي.
ومن الشام ومصر والمغرب: الجحفة.
ومن تهامة اليمن: يلملم.
ومن نجد اليمن والحجاز: قرن.

ومن المشرق: ذات عرق.
وميقات العمرة لمن بالحرم الحل وأفضله الجعرانة فالتنعيم فالحديبية.
وميقات من لا ميقات له في طريقه: محاذاة الميقات الوارد إن حاذاه في بر أو بحر وإلا فمرحلتان من مكة. فيحرم الجائي في البحر من جهة اليمين من الشعب المحرم الذي يحاذي يلملم ولا يجوز له تأخير إحرامه إلى الوصول إلى جدة خلافا لما أفتى به شيخنا من جواز تأخيره إليها وعلل بأن مسافتها إلى مكة كمسافة يلملم إليها.

ولو أحرم من دون الميقات لزمه دم ولو ناسيا أو جاهلا ما لم يعد إليه قبل تلبسه بنسك ولو طواف قدوم وأثم غيرهما.
2- ومبيت بمزدلفة ولو ساعة1 من نصف ثان من ليلة النحر.
3- ومبيت بمنى معظم ليالي أيام التشريق نعم إن نفر قبل غروب شمس اليوم الثاني جاز وسقط عنه مبيت الليلة الثالثة ورمي يومها وإنما يجب المبيت في لياليها لغير الرعاء وأهل السقاية

----
.1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: والمراد القطعة من الزمن لا الساعة الفلكية. انتهى أي: يكفي دقيقة.
----

4- وطواف الوداع لغير حائض ومكي إن لم يفارق مكة بعد حجه.
5- ورمي إلى جمرة العقبة بعد انتصاف ليلة النحر سبعا وإلى الجمرات الثلاث بعد زوال كل يوم من أيام التشريق سبعا سبعا مع ترتيب بين الجمرات.
بحجر أي بما يسمى به ولو عقيقا وبلورا ولو ترك رمي يوم تداركه في باقي أيام التشريق وإلا لزمه دم بترك ثلاث رميات1 فأكثر.
وتجبر أي الواجبات بدم.
وتسمى هذه أبعاضا.
وسننه أي الحج:
غسل فتيمم لإحرام ودخول مكة ولو حلالا بذي طوي وقوف بعرفة عشيتها وبمزدلفة ولرمي أيام التشريق. وتطيب البدن والثوب ولو بما له جرم قبيله أي الإحرام وبعد الغسل.
ولا يضر استدامته بعد الإحرام ولا انتقاله بعرق

----
.1 قال الشيخ السيد البكري رحمه: وصورة ذلك لا تكون إلا في آخر جمرة من آخر أيام التشريق لزمه دم. انتهى
----

وتلبية وهي: لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
ومعنى لبيك: أنا مقيم على طاعتك.
ويسن الإكثار منها والصلاة على النبي ص وسؤال الجنة والاستعاذة من النار بعد تكرير التلبية ثلاثا.
وتستمر التلبية إلى رمي جمرة العقبة لكن لا تسن في طواف القدوم والسعي بعده لورود أذكار خاصة فيهما. وطواف قدوم لأنه تحية البيت وإنما يسن لحاج أو قارن دخل مكة قبل الوقوف ولا يفوت بالجلوس ولا بالتأخير نعم يفوت بالوقوف بعرفة.
ومبيت بمنى ليلة عرفة ووقوف بجمع المسمى الآن بالمشعر الحرام وهو جبل في آخر مزدلفة فيذكرون في وقوفهم ويدعون إلى الأسفار مستقبلين القبلة للاتباع.
وأذكار وأدعية مخصوصة بأوقات وأمكنة معينة وقد استوعبها الجلال السيوطي في وظائف اليوم والليلة فليطلب1.

فائدة [في زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم] يسن متأكدا زيارة قبر النبي ص ولو لغير حاج ومعتمر لأحاديث وردت في فضلها.
وشرب ماء زمزم مستحب ولو لغيرهما وورد أنه أفضل المياه حتى من الكوثر. [راجع كتاب فضل ماء زمزم لسائد بكداش] .

----
1 في نسخ: فليطلبه وفي بعضها: فلتطلبه.
----

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية