الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

التوسل و الاستعانة و الاستغاثة

التوسل و الاستعانة و الاستغاثة

اسم الكتاب / المقالة: التوسل الاستعانة – الاستغاثة
المؤلف: -
التصنيف: الفقه الإسلامي
الوظيفة: -
Book / essay title: -
Judul kitab / makalah: Tawasul (Berdoa dengan perantara), Isti'anah (Minta Tolong)dan Istighosah (Mohon Bantuan pada Allah)

الفهرس



تعريفه

التوسل: هو طريقة من طرق التضرع إلى الله عز وجل ، وأحد أبواب دعاءه والتوجه اليه سبحانه وتعالى، فالوسيلة هي كل ما جعله الله سببا للتقرب اليه وبابا لقضاء الحوائج منه، قال تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة﴾( ).

وأما الاستغاثة : فهي طلب الإغاثة ممن يمملكها على وجه الحقيقة وهو الله عز وجل، أو ممن أعطاهم الله بحوله وقوته القدرة عليها، وهم أنبياؤه وأولياؤه.

وأما الاستعانة: فهي طلب العون ممن يملكه على وجه الحقيقة وهو الله تبارك وتعالى أو ممن أعطاهم الله بمنه وكرمه القدرة عليها، وهم أنبياءه وأولياؤه .

فيظهر لنا أن التوسل والاستغاثة والاستعانة شيء واحد ، لأن المتوسل أو المستغاث أو المستعان به على الحقيقة هو الله وأما المتوسل به من العبيد فواسطة ووسيلة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، هذا ولم يختلف أحد من المسلمين في مشروعية التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بالأعمال الصالحة من صلاة وصيام وقراءة قرآن وغير ذلك والدليل على هذا حديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار فتوسل أحدهم إلى الله ببر والديه، وتوسل الثاني بابتعاده عن الفاحشة بعد تمكنه من أسبابها، وتوسل الثالث بأمانته وحفظه لمال غيره وأدائه له كاملا ، ففرج الله عنهم ما هم فيه( ).

وأما التوسل بغير العمل الصالح كالذوات والأشخاص فما هو في الحقيقة إلا توسل بعمله الصالح فمن توسل بشخص ما فذلك لأنه يحبه إذ يقدر صلاحه وولايته وفضله تحسينا للظن به، أو لأنه يعتقد أن هذا الشخص محب لله سبحانه وتعالى، فيكون الله تعالى محبا له أيضا قال جل جلاله ﴿يبحهم ويحبونه﴾( ) ولو تدبرنا الأمر لوجدا أن هذه المحبة وذلك الاعتقاد هما من عمل المتوسل لأنه اعتقاده الذي انعقد عليه قلبه فهو منسوب اليه ومسؤول عنه ومثاب عليه ، فمن قال: اللهم إني أتوسل اليك بمحبتي لنبيك أو قال بنبيك سواء لأنه ما أقدم على هذا إلا لمحبته وإيمانه بنبيه، ولولا المحب له والإيمان به ما توسل به فهو إذا توسل بعمله الصالح.

ثم إن المسلم عندما يتوسل أو يستغيث بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بالرجل الصالح إنما يتوسل به لما يعلم من كرامته وجاهه عند الله عز وجل ولاعتقاده بانه يمكن أن يكون قد أعطى القدرة على الإمداد والإعانة ونعني ببالجاه المنزلة التي يختص الله بها من يشاء من عباده فالله سبحانه وتعالى متصق بصفة تسمى صفة الاختصاص قال عز وجل﴿يختص برحمته من يشاء﴾( ).

والنبوة والرسالة والولاية الخاصة ليست مكتسبة بل هي محض فضل الهي واجتباء واختصاص رباني يكون بسببها لذلك العبد منزلة عند الله تسمى الجاه ، قال تعالى ﴿الله يجتبي اليه من يشاء ويهدي اليه من ينيب﴾( ) وقال سبحانه في إثبات الوجاهة والمكانة لبعض أنبيائه وملائكته عليه السلام كسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ﴿وكان عند الله وجيها﴾( ) أي ذا وجاهة.

وقال في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام ﴿وجيها في الدنيا والاخرة ومنا المقربين﴾( ) وقال عن سيدنا جبريل عليه السلام ﴿ذي قوة عند ذي العرش مكين﴾( ) أي صاحب مكانة.

فالإنسان عندما يتوسل إلى الله تعالى بجاه نبي أو ولي فإن ذلك يعني أنه توسل إلى الله تعالى بفعل من أفعاله خلقه لذلك النبي وسماه جاها، وبصفة من صفاته سماها اختصاصا ، وهذا من التوسل إلى الله بصفاته وأفعاله وهو مجمع على جوازه عند أهل الحق( ).

ولا يستطيع أحد ممن له أدنى مسكة في علم الشريعة واللغة العربية أن ينكر وجود المجاز في القرآن الكريم والسنة الشريفة:

1- فقد أسند الله تعالى إلى سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص مجازا فقال جل جلاله حكاية عنه ﴿وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله﴾( ) فما دام قد وجه الإذن الإلهي لعبد محبوب عنده فلا حر إذا في قول الإنسان يا عيسى أحي ميتي واشف مريضي لأن الله تعالى أجاز ذلك بإلهام سيدنا عيسى هذا الكلام وإثباته قرآنا يتلى إلى يوم القيامة مع العلم أن إبراء الأكمه والأبرص وإحياء المتى أمور لا يقدر عليها حقيقة إلا الله وحده ورغم هذا رضي من عبده عيسى عليه السلام قوله وأقره عليه.

2- ومثل هذا قول سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لخادمه ربيعة بن كعب الأسلمي سلني فقال أسألك مرافقتك في الجنة فقال أو غير ذلك فقال هو ذاك قال أعني على نفسك بكثرة السجود( ) وسؤال الجنة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استغاثة وطلب لما لا يقدر عليه إلا الله ولم ينكر عليه الصلاة والسلام سؤاله ولم يقل له لا تسأل غير الله .

ويقول الشيخ ابن تيمية في فتاويه في الجزء الأول منها بعد تعريفه الاستغاثة وكلامه عنها (إن جعل الله ذلك أي الغوث على يدي غيره فالحقيقة له سبحانه وتعالى ولغيره مجاز.

وها هو الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى أيضا يتكلم عن الطلب من غير الله منوها أنه في الحقيقة طلب من الله وأنه من العبد مجاز وشرح بذلك حديث »وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله( ).

فيقول : إنما قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا سأتل فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله فيفهم منه الاستعانة المطلقة أما الاستعانة بالأسباب فيقصد بها الاستعانة بالله بواسطة السبب.

وقال الشيخ محمد علوي المالكي عن هذا الحديث: هذا الحديث يخطئ كثير من الناس في فهمه إذ يستدل به على أنه لا سؤال ولا استعانة مطلقا من أي وجه وبأي طريق إلا بالله ويجعل السؤال والاستعانة بغير الله من الشرك المخرج عن الملة وهو بهذا ينفي الأخذ بالأسباب والاستعانة بها ويهدم كثيرا من النصوص الواردة في هذا الباب.

والحق:

إن هذا الحديث الشريف ليس المقصود به النهي عن السؤال والاستعانة بما سوى الله كما يفيد ظاهر لفظه وإنما المقصود به النهي عن الغفلة عن كون ما جرى من الخير على يد الأسباب فهو من الله والأمر بالانتباه إلى أن ما كان من نعمة على يد المخلوقات فهي من الله وبالله فالمعنى: وإذا أردت الاستعانة بأحد من المخلوقين ولا بد لك من ذلك – فاجعل كل اعتمادك على الله وحده ولا تحجبنك الأسباب عن رؤية المسبب جل جلاله.


الأدلة من القرآن الكريم

1- قال تعالى : ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة﴾( ): لفظ الوسيلة عام في الآية كما نرى فهو شامل للتوسل بالذوات الفاضلة من الأنبياء والصالحين في الحياة وبعد الممات لأنه لا فرق بينهما كما سيمر معنا وهو شامل أيضا للتوسل بالأعمال الصالحة.

2- وقال تعالى: ﴿أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب﴾( ) وقال سيدنا ابن عباس ومجاهد: هم عيسى عليه السلام وأمه وعزير والملائكة والشمس والقمر والنجوم، يبتغون أي يطالبون إلى ربهم الوسيلة أي القربة، وقيل الدرجة: أي يتضرعون إلى الله في طلب الدرجة العليا وقيل: الوسيلة ما يتقرب به إلى الله تعالى وقوله: ﴿أيهم أقرب﴾ معناه ينظرون أيهم أقرب إلى الله تعالى فيتوسلون به.

وقال الزجاج أيهم أقرب يبتغي الوسيلة إلى الله تعالى ويتقرب إليه بالعمل الصالح ونحوه في تفسير الخازن.


الأدلة من الأحاديث الشريفة وآثار الصحابة

ونبدأ بذكر الأدلة على التوسل والاستغاثة بالأحياء:

1- عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه: أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ادع الله لي أن يعافيني فقال: إن شئت صبرت وهو خير لك قال فادعه وفي رواية : ليس لي قائد وقد شق علي فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في قضاء حاجتي لتقضى لي اللهم شفعه في وزاد البيهقي فقام وقد أبصر وفي رواية اللهم شفعه في وشفعني في نفسي( )، فقوله: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك.. توسل وقوله : يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في قضاء حاجتي.. استغاثة فها هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يرض ان يدعو له هو بنفسه بل أمره أن يتوسل إلى الله به بل ويناديه حال غيابه عنه قائلا: يا محمد وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأمر بما فيه طعن في العقيدة أو يرضى به أصلا وهذا توسل ظاهر واستغاثة صريحة بذاته وجاهه صلى الله عليه وآله وسلم عليه وقد اعتمدها علماء المحدثون والحفاظ في كتب السنة في صلاة الحاجة حاثين الأمة عليها.

2- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «من خرج من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وأسألك بحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة وخرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك فأسألك أن تعيذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك»( ).

وهذا حث ظاهر منه للصحابة على التوسل إلى الله تعالى بجاه ومنزلة السائلين عنده والسائلين جمع يشمل الأموات والأحياء ومن كان حاضرا ومن كان غائبا وفي الحديث دليل التوسل بالعمل الصالح وهو ممشى الرجل إلى المسجد لوجه الله فالشرع لم يفرق بين التوسل بالذوات الفاضلة وبين التوسل بالعمل الصالح بل لقائل أن يقول: كيف لا يجوز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو أشرف خلق الله ويجوز التوسل بصلاة العبد وصيامه وصدقته وكلا الأمرين خلق الله.

3- وعن سيدنا علي كرم الله وجهه: ان سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما دفن فاطمة بنت أسد أم سيدنا علي رضي الله عنهما قال: اللهم بحقي وحق الأنبياء من قبلي اغفر لأمي بعد أمي( ).

4- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه :كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا . قال: فيسقون وفي الحديث إثبات التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم وبيان جواز التوسل بغيره كالصالحين من آل البيت وغيرهم كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري( ).

ومن الشبه التي قد ترد على هذا الحديث أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه توسل بالعباس لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان قد توفي والجواب أن يقال: هل قال لكم عمر أو العباس إن هذا التوسل لأن الرسول كان قد توفي كلا لا قال عمر ذلك ولا أشار إليه ولا قال العباس ذلك ولا أشار إليه، وهنا مسائل لابد من ذكرها:

1- ترك الشيء لا يدل على منعه كما تقرر في الأصول فترك عمر للتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا دلالة فيه أصلا على منع التوسل وقد ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا من المباحات فهل دل تركه لها على حرمتها؟ لم يقل ذلك أحد من العلماء ثم إن صاحب الوسيلة لا يتصرف بنفسه في قضاء حاجة المتوسل حتى يحول موته دون ذلك وإنما هو يسعى بالشافعة عند الله تعالى في قضاء حاجة المتوسل فهل ورد نص بتجرد الأنبياء والصالحين بموتهم مما لهم عند الله من المنزلة والجاه على أنه سيمر معنا إن شاء الله تعالى الكلام عن الروح وقوة تصرفها بعد مفارقة البدن.

2- أراد عمر ان يبين التوسل بالمفضول مع وجود الأفضل لوجود علي وعثمان رضي الله عنهما.

3- توسل عمر بالعباس في الحقيقة توسل بالنبي لأن عمر توسل به لمكانته من النبي وكونه عمه فها هو يقول عم نبينا ولم يقل بالعباس بن عبدالمطلب.

4- أراد عمر بفعله أن يبين جواز التوسل بغير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أهل الصلاح ممن ترجى بركته.

**وعن سيدنا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله ابسوا علي ، يا عباد الله احبسوا علي، فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم)( ).

تعليق ختامي

( ) سورة المائدة الآية (35).
( ) أخرجه البخاري (215) ومسلم (6884) وأحمد (2/307/308).
( ) سورة المائدة آية 54.
( ) سورة آل عمران الآية 74.
( ) سورة الشورى الآية 13.
( ) سورة الأحزاب الآية 13.
( ) سورة آل عمران آية 45.
( ) سورة التكوير الآية 20.
( ) من كتاب الإسعاد.
( ) سورة آل عمران الآية 49.
( ) أخرجه مسلم (1094) وأبو داود (1320) والترمذي (3416) النسائي (1137) وابن ماجه (3879).
( ) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح (2516) وأحمد (1/293).
( ) سورة المائدة الآية: 35.
( ) سورة الإسراء الآية 56.
( ) أخرجه الإمام أحمد في المسند (4/138) والنسائي في عمل اليوم والليلة (658) والترمذي (3578) وابن ماجه (1385) وقال أبو إسحاق: هذا حديث صحيح وعبد بن حميد (379) وابن خزيمة (1219) والحاكم (1/313) وصححه ووافقه الذهبي وفي رواية (فرجع وقد كشف له عن بصره) أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (660).
( ) أخرجه ابن ماجه (778) وأحمد (3/21) والطبراني في الدعاء (2/990) وابن السني في عمل اليوم والليلة ص(40) والبيهقي في الدعوات الكبير ص(47) وأخرجه ابن أبي شيبة (10/211 -212) وقد حسنه جمع من الحفاظ منهم الحافظ ابن حجر كما في أمالي الأذكار (1/72) والحافظ العراقي كما في تخريج أحاديث الإحياء (1/291) والحافظ أبو الحسن المقدسي شيخ الحافظ المنذري كما في الترغيب والترهيب (3/273) والحافظ الدمياطي كما في المتجر الرابع ص (471 -472) وقال الحافظ البوصيري في مصباح الزجاجة (1/99) رواه ابن خزيمة في صحيحه في طريق فضيل بن مرزوق فهو صحيح عنده.
( ) رواه الطبراني في الأوسط (1/152) وأبو نعيم في الحلية (3/121) والهيثمي في مجمع الزوائد (9/257).
( ) أخرجه البخاري (1010).
( ) أخرجه الطبراني في الكبير (10518) وأبو يعلى (5269) والهيثمي في مجمع الزوائد (17105).

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية