الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

التبرك والحضرة والحركة في الذكر


الفهرس


التبرك


معاني البركة :

للبركة معان شتى تختلف باختلاف سياقها من الآية أو الحديث أو الأثر أو الموضوع ومن معانيها الزيادة والنماء وهما يشملان المحسوسات والمعنويات جميعا والحقيقة أن البركة سر إلهي وفيض زاده الله تعالى ونمى به أعمال البر بملازمة القربات الكريمة فكانت البركة بهذا ثمرة من ثمرات العمل الصالح يحقق الله بها الآمال ويدفع السوء ويفتح بها مغالق الخير من فضله فالبركة بهذا المعنى لون من الرحمة والفضل الرباني والخير الشامل والفائدة واللطف الخفي الذي يحبو به الله أعمال أوليائه وأحبابه الأبرار ثم إن الله تعالى بارك القرآن في ذاته فقال﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك﴾( ) وبارك المنازل فقال﴿وقل رب أنزلني منزلا مباركا﴾( ) وبارك اسمه الكريم فقال﴿تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام﴾( ) وبارك الله الأسرة النبوية من سيدنا إبراهيم فقال: ﴿رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت﴾( ) وتبارك في نفسه تعالى فقال: ﴿تبارك الله رب العالمين﴾( ) وبركاته كثيرة جدا في جميع ما خلق سبحانه وتعالى.

ولما كان (التبرك بالشيء) هو طلب البركة بذلك الشيء من الله تعالى، (والبركة) هي الزيادة والنماء كان معنى التبرك بآثار الصالحين طلب الزيادة من الخير من الله عز وجل بجاههم ومنزلتهم عنده.


التبرك بسور القرآن:

عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيده لبركتها)( ).


التبرك بقبر سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم :

عن داود بن أبي صالح قال: أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر فأخذ برقبته وقال: أتدري ما تصنع؟ قال: نعم فأقبل عليه، فإذا هو أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقال : نعم جئت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم آت الحجر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ( لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله)( ).
والحديث فيه التجاء أحد الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتمسحه بقبره الشريف . وقال القاضي عياض: رؤي ابن عمر رضي الله عنهما واضعا يده على مقعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المنبر ثم وضعها على وجهه.

وروى القاضي عياض عن أبي قسيط والعتبي كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا خلا المسجد جسوا رمانة المنبر التي تلي القبر بميامينهم ثم يستقبلون القبلة يدعون.

وقال إبراهيم الحربي: يستحب تقبيل حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

وقال صاحب غاية المنتهى الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي ما نصه: (ولا بأس بمس قبر بيد لاسيما من ترجى بركته).

وقال المرداوي في الإنصاف ما نصه: (يجوز لمس القبر من غير كراهية).

وقال السمهودي في وفاء الوفاء ما نصه: لما قدم بلال رضي الله عنه من الشام لزيارة الني صلى الله عليه وآله وسلم أتى القبر فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه.

وسئل الإمام أحمد عن تقبيل منبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبره فلم ير به بأسا( ).

ونقل عن ابن أبي الصيف اليماني أحد علماء مكة من الشافعية جواز تقبيل المصحف واجزاء الحديث وقبور الصالحين.

ونقل الطيب الناشري عن المحب الطبري أنه يجوز تقبيل القبر ومسه وقال وعليه عمل العلماء الصالحين( ).


التبرك بشعره صلى الله عليه وآله وسلم :

ومن حديث أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها ثم أتى منزله بمنى ونحر وقال للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس.

أن خالد بن الوليد قد فقد قلنسوة له يوم اليرموك فقال اطلبوها فلم يجدوها فقال اطلبوها فوجدوا فإذا هي قلنسوة خلقة أي ليست بجديدة فقال خالد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحلق رأسه فابتدر الناس جوانب شعره فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة فلم أشهد قتالا وهي معي إلا رزقت النصر( ).


التبرك بعرقه صلى الله عليه وآله وسلم :

وفي رواية: عرق فاستنقع عرقه على قطعة أديم عتيدة فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في قواريرها فأفاق فقال: ما تصنعين؟ قالت: نرجوا بركته لصبياننا فقال: أصبت( ).


التبرك بلباسه أو بجبته صلى الله عليه وآله وسلم :

وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت عند عائشة حتى قبضت فلما قبضت قبضتها وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يلبسها فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها( ).

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرحه على الصحيح (14/44) وفي هذا الحديث دليل على استحباب التبرك بآثار الصالحين وثيابهم.


التبرك بموضع فمه صلى الله عليه وآله وسلم :

عن سيدنا أبي بردة قال: قدمت المدينة فلقيني عبدالله بن سلام فقال لي: (انطلق إلى المنزل فأسقيك في قدح شرب فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتصلي في مسجده)( ).


التبرك بالأمكنة:

قال العلامة ابن حجر رحمه الله تعالى: يتأكد ندب احترام نحو المدارس والربط ومحال العلماء والصلحاء وكل محل علم أنه صلى الله عليه وآله وسلم نزله أو صلى فيه فله فضل عظيم على غيره على ممر الدهر فيتأكد الاعتناء به بتحري نزوله والتبرك به كما كان ابن عمر وغيره رضي الله عنهم يفعلون بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم( ) .

وما يقال من أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه قطع شجرة بيعة الرضوان لتحريم التبرك بقبور الأنبياء والصالحين فليس في ذلك دليل لهم:

فإنه محمول على أنه تخوف أن يأتي زمان قد يعبد الناس تلك الشجرة وليس مقصوده تحريم التبرك بآثار الرسول ولو كان الأمر كما ظنوا ما كان ابنه عبدالله ينزل تحتها أي تبركا وكان يسقيها الماء كي لا تيبس( ) ولا شك أن عبدالله بن عمر أفهم بسيرة أبيه من غيره.


التبرك بتقبيل يد من مس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

عن عبدالرحمن بن رزين قال: (مررنا بالربوة فقيل لنا ههنا سلمة بن الأكوع رضي الله عنه ، فأتينا فسلمنا عليه فأخرج يديه فقال: بايعت بهاتين نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخرج كفا له ضخمة كأنها كف بعير فقمنا اليها فقبلناها)( ).

وعن صهيب قال: رأيت عليا رضي الله عنه يقبل يد العباس رضي الله عنه ورجله( ).


التبرك بآثار الأنبياء السابقين:

عن نافع أن عبدالله بن عمر أخبره أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الحجر أرض ثمود فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين فأمرهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا للإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر الذي كانت تردها الناقة( ).

وقال النووي في شرحه على هذا الحديث من فوائد هذا الحديث جواز التبرك بآثار الصالحين.
وفي رواية: قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : لا نبتاعه منك(أي ثوب الإمام أحمد) ولا نستهديه ولكن اغسله وجئنا بمائه قال: فغسلته فحملت ماءه إليه فتركته في قنية وكنت أراه في كل يوم يأخذ منه ويمسح على وجهه تبركا بأحمد بن حنبل( ).

وروي عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى (أنه غسل قميصا للشافعي وشرب الماء الذي غسله به) وإذا كان هذا تعظيمهم لأهل العلم فكيف بمقادير الصحابة؟ أو كيف بآثار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟!


الحضرة

* الحضرة: هي حضور القلب مع الله .

* وهي الركن الهام في طريق القوم.

وهذا الركن هو الاجتماع على ذكر الله عز وجل تحت إمارة الشيخ أو وكيله المسمى بالمقدم يبدأ بتلاوة القرآن الحكيم ، ثم تنشد أناشيد من أقوال العارفين بالله المأخوذة بما فيها من القرآن والسنة وأفهام العلماء بالله مثل الشيخ عبدالغني النابلسي وابن الفارض ثم تقوم الجماعة للذكر ويبقون على حالة الذكر حتى يأذن الشيخ أو المقدم بختامها وبعد ذلك يقرأ أحد الإخوة بعض الآيات من القرآن الحكيم ويتم تفسيرها من قبل الشيخ أو وكيله.

الأصل فيها ﴿الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم﴾( ).

والاصطلاح على كيفيتها هو من باب البدعة الحسنة.

وقال تعالى في الذكر الجماعي ﴿يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا﴾( ) .

وأما الأحاديث التي وردت في فضيلة الذكر فكثيرة منها ما يلي:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «ليبعثن الله أقواما يوم القيامة في وجوههم النور على منابر اللؤلؤ يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء فجثا أعرابي على ركبتيه وقال: يا رسول الله حلهم لنا نعرفهم فقال عليه الصلاة والسلام هم المتحابون في الله من قبائل شتى ومن بلاد شتى يجتمعون على ذكر الله»( ).

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا فقالوا : يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر»( ).

وسئل الإمام السيوطي عن حلق الذكر والجهر في المساجد فقال : لا كراهة فيه وجوز ذلك العز بن عبدالسلام والبلقيني وغيرهم كثير( ) .
والحضرة: لفظ اصطلح عليه أهل التصوف ومعنى الحضرة: حضور القلب مع الله تعالى وقد سماها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (حلق الذكر) وسماها أيضا (مجالس الذكر) كما مر معنا ويأتي أناس يسمونها كذا وكذا وهذا لا يهم فلا مشاححة في المصطلحات المهم أن يكون مجلس الذكر أو حلقة الذكر أو الحضرة خالية من المخالفات الشرعية


الحركة في الذكر

تمهيد:

الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد وعندما برزت الأجساد إلى عالم الوجود أودعت تلك الأرواح فيها.

والروح من طبعها السمو والتعالي عن صفات البشرية بل هي من مرافقات الملأ الأعلى فمن صفت روحه من شوائب الأغيار وطهرت من دنس الأوزار كان قريبا إلى العالم الروحاني الذي لا يغفل فيه عن ربه ولا يلتفت إلا إليه .

ومن انكسفت أنوار روحه وغشتها ظلمات الوهم والشهوات هوى في واد سحيق عميق من أودية البهيمية قال تعالى : ﴿إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا﴾( ).

وحينما يقرأ العبد القرآن أو يذكر الله تستمد الروح من ذلك طاقات فعالة وتكتسب قوة وصفاء فتهتز في الجسم وتضطرب شوقا لمن ألفتهم من يوم ﴿ألست بربكم﴾( ).

وهذا هو سبب تحريك الإنسان رأسه حال الذكر وتلاوة القرآن فكأن الروح تشتاق إلى القرب من حضرة ربها إذا سمعت كلامه أو اسمه فتكاد تلحق بعالمها وأفقها السماوي الروحاني حيث الملأ الأعلى وتتجرد من ظلمة هذا الجسد وتتخلص من عوائقه ولكن الذي يعوقها ضعفها وكدورتها والقيود التي قيدها بها الجسد من شهوات وغيرها.

وورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صعد أحدا يوما ومعه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فاهتز الجبل فرحا وتحرك طربا وزهوا بمن علاه فضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برجله وقال( اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان) وقال(إن أحدا جبل يحبنا ونحبه)( ).

إن الجبال الرواسي قد طربت واهتزت فرحا برسول الله ومحبة فيه فكيف حال المؤمن الصادق الذي وله بذكر محبوبه واستولى حبه على قلبه؟ وعلينا تحسين الظن بالناس وكل أعلم بنفسه ﴿بل الإنسان على نفسه بصيرة﴾( ) ﴿يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن( )﴾( ).

أدلة الحركة في الذكر من القرآن الكريم

يقول الله تعالى ﴿الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم﴾( ).
قال الآلوسي في تفسيره عند قوله تعالى ﴿يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم﴾ بعد كلام طويل( ): وعليه فيحمل ما حكي عن ابن عمر رضي الله عنهما وعروة بن الزبير وجماعة رضي الله عنهم من أنهم خرجوا يوم العيد إلى المصلى فجعلوا يذكرون الله تعالى فقال بعضهم ، أما قال الله تعالى ﴿يذكرون الله قياما وقعودا﴾ فقاموا يذكرون الله تعالى على أقدامهم على أن مرادهم بذلك التبرك بنوع موافقة للآية في ضمن فرد من أفراد مدلولها.

ويقول العلامة الكتاني: غاية الرقص عند القوم ذكر من قيام وهو مشروع بنص القرآن الكريم ﴿يذكرون الله قياما وقعودا﴾ والتمايل والاهتزاز منقول عن الصحابة فقد روى أبو نعيم عن الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى أنه قال: (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذكروا الله تمايلوا كما تتمايل الشجرة بالريح العاصف إلى أمام ثم تراجع إلى وراء)( ).

1- وعن سيدتنا عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد... إلى أن قالت: وهو صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «دونكم يا بني أرفده» حتى إذا مللت قال: «حسبك » قلت: نعم قال (فاذهبي)( ).

وفي رواية عن سيدنا أنس رضي الله عنه قال: (كان الحبشة يرقصون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقولون بكلام لهم: محمد عبد صالح فقال صلى الله عليه وآله وسلم (ماذا يقولون؟) فقيل:يقولون : محمد عبد صالح)( ).

قال ابن حجر العسقلاني عند شرحه: دونكم يا بني أرفدة: يقولون دونكم بالنصب على الظرفية بمعنى الإغراء والمغزى به محذوف وهو لعبهم بالحراب وفيه إذن وتنهيض لهم وتنشيط( ).

ونقل العلامة الكتاني بعد أن ذكر عددا من أحاديث رقص الحبشة قوله فيها دلالة على أنواع من الرقص:
الأول : اللعب ولا يخفى عادة الحبشة في الرقص واللعب.

والثاني: قوله عليه الصلاة والسلام : «دونكم يا بني أرفدة» وهذا أمر باللعب والتماس له فكيف يقرر كونه حراما.

والرابع: منعه لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما من الإنكار والتغيير وتعليله بأنه يوم عيد أو وقت سرور.

والخامس: وقوفه طويلا في مشاهدة ذلك وسماعه لموافقة عائشة رضي الله عنها( ).

وقال العلامة الكتاني أيضا : (وحيث لم ينههم بل أقرهم وأغراهم فهو ذكر قصد به التعبد والطاعة وإظهار الفرح بالله وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم فلذلك اقرهم عليه الصلاة والسلام وعجب من فعلهم ونالوا غاية الرضى منه)( ).

ونقل العلامة الكتاني من قول القاضي عياض ما نصه (فيه أقوى دليل على إباحة الرقص إذ زاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على إقرارهم أن أغراهم.

وقال حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله تعالى (والرقص سبب في تحريك السرور والنشاط ولو كان حراما لما نظرت عائشة إلى الحبشة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم يزفنون)( ).

2- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال(أكثروا ذكر الله تعالى حتى يقولوا مجنون) وفي رواية (حتى يقال إنه مجنون)( ) الشاهد فيه أن الذكر لله تعالى إن كان ساكنا لا موجب لقول الناس عنه مجنون لو لم ير بحالة وهيئة تدفع غيره من الغافلين إلى إلقاء تهمة الجنون عليه.

3- عن سيدنا علي بن أ بي طالب رضي الله عنه : (اختصم علي وجعفر وزيد ابن حارثة في ابنة حمزة فقال لعلي: أنت مني وأنا منك فحجل علي وقال لجعفر بن أبي طالب أشبهت خلقي وخلقي فحجل وقال لزيد بن حارثة أنت أخونا ومولانا فحجل زيد... الحديث)( ).

قال العلامة الكتاني (والحجل بحاء فجيم فلام رقص على هيئة مخصوصة)( ).

وقال ابن حجر العسقلاني عند شرح الحديث: (وحجل بفتح المهملة وكسر الجيم أي وقف على رجل واحدة وهو الرقص بهيئة مخصوصة)( ).


الخلاصة

وبعد فهذه الأدلة المستوفية والقاطعة الملزمة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة قولا وفعلا وتقريرا وأخبار الصحابة وأعمالهم رضي الله عنهم وأقوال السادة العلماء سلفا وخلفا كافية شافية لشرح الصدر بالحركة في الذكر هذا وبالإضافة إلى أن الأمر بالذكر مطلق يشمل جميع الأحوال فمن ذكر الله تعالى قائما أو قاعدا متحركا أو ساكنا ماشيا أو واقفا فقد قام بالمطلوب ومن المعلوم أن الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم من مشي تارة وركوب تارة أخرى ودعوة وغزوات والى غير ذلك من أعماله صلى الله عليه وآله وسلم كان يذكر الله فيها ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾( ).

والذي يدعي تحريم الحركة في الذكر أو كراهتها هو المطالب بالدليل لأنه يخصص بعض الحالات المطلقة دون غيرها بحكم خاص وعلى كل حال فإن الغاية من حلقات الذكر هي القيام بنوع من أنواع عبادة الله ألا وهي الذكر الذي استفاضت الأوامر الإلهية به وإن الحركة في ذلك ليست شرطا ولكنها وسيلة للنشاط في تلك العبادة وتشبها بأهل الصفاء والوجد مع خلوص النبية.

تعليق ختامي

( ) سورة ص الآية (29).
( ) سورة المؤمنين الآية (29).
( ) سورة الرحمن الآية (78).
( ) سورة هو الآية (73).
( ) سورة العراف الآية (54).
( ) أخرجه البخاري (5748) ومسلم (5679) وأبو داود (3902) وابن ماجه (3529) ومالك في كتاب العين رقم (99).
( ) أخرجه الحاكم في المستدرك (8571) وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
( ) البداية والنهاية (2/8).
( ) المقالات السنية ص (128 - 129).
( ) ذكره الهيثمي في مجمع الزائد (9/349) وابن حجر في المطالب العالية (4/90) وفيه يقول خالد (فما وجهت من جهة الا فتح لي ).
( ) أخرجه مسلم (6010) وأحمد (3/221).
( ) أخرجه مسلم في كتاب اللباس والزينة (3/145).
( ) أخرجه البخاري (7342).
( ) الفتاوى الكبرى لابن حجر(2/119).
( ) أخرجه ابن حبان في صحيحه (7074).
( ) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (973) وأخرجه ابن سعد في الطبقات (4/306).
( ) أخرجهما البخاري في الأدب المفرد ص (144).
( ) أخرجه مسلم (7391).
( ) أخرجه ابن الجوزي في مناقب أحمد بن حنبل ص (456).
( ) سورة آل عمران الآية (191).
( ) سورة الأحزاب الآية (41 - 42).
( ) أخرجه الطبراني بإسناد حسن وانظر الترغيب والترهيب (2/406 -4/21).
( ) أخرجه أحمد (3/150) والترمذي (3510) وقال حديث حسن غريب وذكره المنذري في الترغيب والترهيب (2/407 - 408).
( ) حقيقة الصوفية.
( ) سورة الفرقان الآية (44).
( ) سورة الأعراف الآية(172).
( ) أخرجه مطولا ومختصرا مالك (2/889) في الجامع والبخاري (2889) و (2893) و (3367) و (6363) و (7333) ومسلم (1393) وأحمد (3/140 -149) والترمذي (3922) وابن ماجه (3115) وعبدالرزاق (17170).
( ) سورة القيامة الآية (14).
( ) تنبيه الفكر ص (57).
( ) سورة الحجرات الآية (12).
( ) سورة آل عمران الآية (191).
( ) تفسير الآلوسي الكبير روح المع8اني (4/140).
( ) التراتيب الإدارية للعلامة عبدالحي الكتاني (2/143).
( ) أخرجه البخاري (949) ومسلم (2062).
( ) أخرجه الإمام أحمد (3/152) وابن حبان (5870) وإسناده صحيح.
( ) فتح الباري (2/444).
( ) التراتيب الإدارية (2/144 و 145) وهو كلام الإمام الغزالي في الإحياء.
( ) التراتيب الإدارية (2/143).
( ) إحياء علوم الدين (2/304).
( ) أخرجه أحمد (3/68) وابن حبان (817) والحاكم (1/499) وصححه ووافقه الذهبي كما في كشف الخفاء (1/187) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (16761) وأخرجه ابن عدي في الكامل (3/980) وابن السني (4) وعبد بن حميد (925).
( ) أخرجه أحمد (1/108) و (1/98).
( ) التراتيب الإدارية (2/149).
( ) فتح الباري (7/504).
( ) سورة الحشر الآية (7).

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية