الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

الفصل الرابع كيف نحد من الطلاق

الفصل الرابع كيف نحد من الطلاق

الفهرس



الفصل الرابع كيف نحد من الطلاق

ذكرنا مما سبق أن الطلاق أخر الدواء ولم يشرعه الإسلام إلا حينما تفشل كل سبل الإصلاح عندها " وإن يتفرقا يغني الله كلاً من سعته" لكن المسلم يبقى دائماً مؤملاً في الاصلاح "والصلح خير" لا يترك المشكلات تتراتكم حتى تستفحل وإنما يسعى دائماً إلى صفو الحياة وعلاج المشكلات خاصة والإسلام والحمد لله جعل لكل داء دواء ومن هنا رأيت أن يكون هذا الفصل محاولة للحد من أنتشار الطلاق وعلاجاً في نفس الوقت لكثير من المشكلات التي تعترض الحياة الزوجية وسوف ألمح إلى نقاط في عجالة أراها مهمة في طريق تضييق الخناق على الطلاق والحد من تفسخ الأسرة وانهيارها .


أولاً قبل الزواج.

1: حسن الاختيار.

أمر الإسلام كلاً من الزوجين أن يحسن اختيار صاحبه على أسس وقواعد شرعها ذكرت فيما سبق لكن تحت ظروف معينة قد يضطر الرجل أن يتزوج أي امرأة لا لتكون شريكة حياته ولكن ليقضي منها حاجة وقد تضطر المرأة أن تقبل أي رجل تحت أي ظرف من الظروف دون تفكير منها وروية ودون البحث عن الزوجة الصالحة والزوج الصالح ولا أعني بالصالح هنا العابد الملتزم فقط وإنما أعني الصالح لأن يكون شريك حياة لصاحبه اضافة إلى تدينه والتزامه قد يكون هناك تباعد في الثقافة والفكر وبالتالي ينتج عنه تباعد في الرؤى نظراً لاختلاف اهتمامات كل منهما وإذا انضم إلى ذلك اختلاف البيئة والذي يعني أختلافاً في العادات والتقاليد فما يكون عيباً في هذه البيئة قد لا يكون عيباً في الأخرى وما يكون التزاماً في الحياة في بيئةلا يكون إلتزاماً في البيئة الأخرى ومثال على ذلك البيئة الغربية التي تعتبر مثلاً الرجل شريك المرأة في كل شئ حتى في رعاية الطفل فعليه مثل ما عليها وكما يعبرون 50:50 الرجل عليه أن يقوم من الليل ليرعى الطفل عند بكائه ويغير له ثيابه والرجل مطالب كذلك بأن يعد الطعام كما تعد المرأة وأن يغسل الملابس كما تغسل وأن ينظف المنزل كما تنظف سواء كانت المرأة تعمل أم لا وسواء كان الرجل يعمل أم لا فتلك نقرة وهذه أخرى كما يقولون وبالتالي تكثر المشاكل وقد لا يدوم الزواج في مثل هذه الحالات وكذلك أختلاف الدين ومع أن الإسلام أباح للرجل أن يتزوج من أهل الكتاب بقوله تعالى:" والمحصنات من اللذين أُوتوا الكتاب" إلا أن ثمة اشكالية كبرى فالمسلم له من الشعائر التي يقيمها مثل الصلاة والصيام والعيدين ورغبته في تنشئة الأولاد على الإسلام مما يشعره بالغربة في بيئة ومع أهله كذلك فهي تريد أن تقيم طقوس دينها وتحتفل بأعيادها والإسلام وإن كان أباح لها أن تفعل ذلك وفق قوله تعال:"لكم دينكم ولي دين" إلا أنها تشعر بالغربة كذلك في بيتها لأنها لا تجد من يشاركها في أعيادها ولذلك قد تجذب ابناءها ليشاركوها طقوسها وعبادتها في غفلة عن زوجها.

ومن هنا وجب على كل من الزوجين أن يفكرا كثيراً قبل الزواج وأن يستخيرا الله تعالى وأن يكون الإيمان والخلق الصالح أساس الاختيار حتى تكون هناك مرجعية عند الخلاف لا قدر الله تعالى.

2- الوقوف على فقه المعاملة الزوجية.

إن الإنسان قبل أن يبدأ أي مشروع في حياته الدنيوية يقوم بدراسته دراسة جيدة يقف خلالها على أسباب نجاحه وفشله والوسائل التي تنميه وتزيده وليس ثمة أهم من مشروع بناء الأسرة المسلمة التي تقوم عليها الأمة فإن كانت الأسرة ناجحة قوية متماسكة كانت الأمة كذلك وإن كانت الأسرة ضعيفة متهالكة يسودها الشقاق والخلاف كانت الأمة ضعيفة لذلك كان حرياً بالمسلم أن يتفقه في أمر دينه خاصة ما يخص الأسرة وقد حثنا الإسلام على طلب العلم وجعله فريضة فقال  :" طلب العلم فريضة على كل مسلم" وقال  :" من يرد الله به خيراص يفقهه في الدين" وكثيراً ما تأتي الخلافات نتيجة لقلة الفقه والجهل بأمور الشريعة فيما يخص الأسرة فالزوج لايعرف ما عليه من واجبات تجاه زوجته وأولاده فيقصر والزوجة تجهل ما عليها من واجبات تجاه زوجها وأولادها فتقصر ومن هنا تبدأ الاشكاليات ويدب الخلاف ولذلك أنصح المراكز الإسلامية والمساجد بإقامت دورات بين الحين والآخر في فقه المعاملات الأسرية خاصة للمتزوجين الجدد أو لمن هم مقدمون على الزواج.

3- وضوح الهدف من الزواج.

الهدف الأسمى من الزواج اقامة البيت المسلم المستقر الذي يخرج للأمة أجيال المستقبل التي تحمل على كاهلها متابعة عمارة الأرض فالأسرة محضن لبناء الأجيال والتناسل والتكاثر وسيلة لتحقيق ذلك قال  :" تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة".

ولكن في الغرب قد يختلف الهدف أحياناً عند بعض الرجال أو النساء عن هذا وتكون هناك مصالح يرجوها كل واحد من الآخر لا علاقة لها بما ذكرنا ويقوم الزواج على هذه المصالح فإذا انتهت المصلحة أو حصل كل واحد على مايريد من صاحبه سقطت الأسرة وهوت فقد يتزوج الشاب الفتاة حتى يحصل على أوراق الاقامة أو الجنسية أو طمعاً في مال وقد تتزوج الفتاة الشاب كذلك طمعاً في العيش في الغرب أو لمال لديه مع قناعة كل منهما أن صاحبه ليس الشخص المناسب لأن يكون شريك الحياة مثل هذا الزواج لا يدوم فبمجرد حصول أحدهما على مبتغاه تبدأ الصراعات والنزعات ويسقط القناع وكثيراً مارأينا أسراً هدمت \ بعدحصول الرجل على الجنسية أو المرأة وكثيراً ما يكون بينهما أبناء بل إن هناك من يتاجر بعقود الزواج من أجل الحصول على الإقامة أو الجنسية وهذا لا شك أمر غير جائز شرعاً لأنه عبث بأوثق المواثيق ولعب بسنة من سنن الله وأية من آياته ولذلك جاءت فتوى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث رداً على سؤال حول صحة مثل هذه العقود بما يلي:

السؤال: ما هو الحكم الشرعي فيما يسمى بزواج المصلحة، وصورة هذا الزواج متعددة فيما يبدو لي، ومنها على سبيل المثال:

 يتفق رجل وامرأة على عقد زواج مقابل مبلغ من المال يدفعه إليها، وقد يكون هذا المبلغ مقطوعاً أو موزعاً على سنوات - حسب الاتفاق - وذلك في مقابل أن تذهب معه إلى مصلحة شرطة الأجانب عند تجديد الإقامة كل سنة، إلى أن يحصل على الإقامة الرسمية، ومن ثم يفسخ العقد، وفي تلك الأثناء إما أن يعيش الرجل مع هذه المرأة عيشة الزوجين، بمعنى أنه يضمهما بيت واحد يتعاشران فيه معاشرة الأزواج، إلا أنهما يتفقان على فسخ العقد عند حصول الزوج على الإقامة الرسمية، وهذا الاتفاق لا يصرح به طبعاً عند الجهة العاقدة، لأن القانون لا يسمح بذلك.

 وفي بعض الصور لا يعيش الرجل مع المرأة التي عقد عليها أمام السلطات ولا يخالطها ولا تخالطه، بل يتفقان أن تذهب معه عند تجديد الإقامة كل سنة، كي تقول للسلطات إنها مرتبطة به كزوج، وتأخذ المبلغ المتفق عليه، ويذهب بعد ذلك كل واحدٍ إلى حال سبيله. مع العلم بأن هذا اللون من ألوان الزواج قد يقدم عليه الرجل لأجل أن يحصل هو على الإقامة، وبالمقابل قد تفعله المرأة مع الرجل لتحصل هي على الإقامة، ويمكن أن يكون أحدهما غير مسلم، ويمكن أن يكون الاثنان مسلمين!!! وفي كل الأحوال فإنه من خلال هذه المدة تكون الزوجة محسوبةً على زوجها من الناحية القانونية، ويكون هو محسوباً عليها من الناحية القانونية كذلك. ولو افترضنا أن هذه المرأة قد عاشرت رجلاً آخر، وأنجبت منه، فإن المولود يسجل باسم هذا الزوج المؤقت، ولو جاء هو يطالبها بحق المعاشرة الزوجية فإنها لا تستطيع أن تمتنع عن ذلك قانوناً، وخاصة إذا كانت هي المحتاجة إلى الإقامة.
وهذا العقد بصورتيه المذكورتين إنما يتم في البلدية كسائر العقود المدنية في هذا البلد.

وقد يكون عقداً شرعياً بشروطه الشرعية المعتبرة، ولكن الجانبين لا يصرحان بذلك الاتفاق في صلب العقد. وإنما هو اتفاق بينهما بحضور بعض أفراد العائلتين (عائلة الزوج وعائلة الزوجة).

 وهنالك صورة أخرى من صور الزواج في بلاد الغرب، أوردها كما يلي:

يتزوج الرجل المرأة بصداق، ولكنه مضمر في نفسه، ويصرح لأصدقائه وأقاربه أن غرضه ليس الزواج وإنما هو الحصول على الإقامة، فمتى حصل على الإقامة طلق زوجته هذه، وهو لا يستطيع أن يصرح بهذا أمام المرأة، خوفاً من أن تطرده قبل الحصول على الإقامة.

الجواب:

الصورة الأولى حرام يأثمان عليه، وذلك بسبب منافاة هذا العقد لمقصد الشريعة في الزواج، إذ هو عقد صوري مقصود به أمر آخر غير الزواج، فهو لو استوفى شروط العقد فإنه لا يحل لهذا المعنى، وكذلك لأجل أن قانون البلاد لا يسمح به، يتأكد المنع بمجيء هذه الصورة مخالفة لقانون البلد، والقانون هنا متفق مع المقصد الشرعي. كما أن هذه الصورة لا تخلو من شبه بنكاح المتعة الذي حرمه النبي صلى الله عليه وسلم( )، من جهة التوقيت الذي فيه إلى فترة الحصول على الإقامة ثم يفسخ العقد بعد ذلك كما عبر السائل.

والصورة الثانية مثل الأولى في التحريم، وفيها قضية مقطوع بحرمتها وهي زواج المسلمة من غير مسلم، فإن مجرد العقد فاسد سواء للغاية المذكورة في السؤال أو لمجرد الزواج.

وأما الصورة الثالثة فالعقد وإن كانت صورته صحيحة، ولكن الزوج آثم بغشه المرأة؛ وذلك لإضماره نية الطلاق من حين العقد، والزواج في الإسلام يعني الديمومة والبقاء والاستقرار للحياة الزوجية، والطلاق طارئ بعد العقد، ولهذا السبب حرم الزواج المؤقت واعتبر فاسداً. كذلك فإن الإيجاب والقبول في الزواج شرطان أساسيان فيه، والمرأة حين قبلته زوجاً فإنما كان مقصدها حقيقة الزواج، ولو علمت أنه قبلها زوجة مؤقتة يطلقها متى شاء لرفضت ذلك، فإذا كان عازماً الطلاق عند العقد أثر ذلك في صحة العقد، لأن المرأة بنت قبولها على غير ما أراد. [الدورة الثانية]


ثانياً: بعد الزواج.

1- مراقبة الله تعالى.

نعني بمراقبة الله تعالى أن يراقب كل من الزوج والزوجة ربه سبحانه وتعالى في تعامله مع الآخر وأن يتخلق معه بخلق الإسلام الذي أمرنا أن نحسن التعامل مع الناس جميعاً فما بال الزوج مع زوجته والزوجة مع زوجها وقد قال تعالى مبيناً العلاقة بينهما:" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها" فالتعبير بقوله تعالى"من أنفسكم" يوحي في النفس أن الزوجة قطعة من الزوج وجزء منه فكيف يتعامل معها وكيف تتعامل معه وفي قوله تعالى "هن لباسن لكم وأنتم لباس لهن" اشارة إلى قوة العلاقة بين الزوج وزوجه هذه العلاقة تحتاج إلى زاد دائم لتبقى قوية متماسكة وهذا الزاد هو الذي عبر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى" وجعل بينكم مودة ورحمة" وهو بحاجة لشحنات دائمة تدفعه وتقويه وإلى دليل يراقبه حتى لا يتطرق إليه أي فساد ومراقبة الله تعالى في تعامل كل من الزوجين لصاحبه هي خير دليل لذلك خاصة عندما يذكر كل منهما قوله تعالى في مطلع سورة النساء" ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيباً" .

2- حسن المعاشرة.

نعني بحسن المعاشرة هنا أن يحسنِ كل من الزوجين معاشرة الآخر والتلطف معه ويكون ذلك بعدة أمور منها:

أ- التحلي بالأخلاق الإسلامية خاصة المتعلقة بالتعامل مع الآخرين مثل الصبر والإيثار والتواضع والكرم والحلم والرفق فصاحب الخلق الحسن أقرب الناس إلى رسول الله  يوم القيامة حيث جاء في الحديث "أقربكم مني منازل يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً"

ب- بذل الواجب قبل المطالبة بالحق.

حتى تنجح مؤسسة الأسرة لابد لكل الزوجين أن يحرصا على ديمومتها وسعادتها ومن هذا الحرص أن ينظر كل من الزوجين في الواجبات التي عليه تجاه الآخر فيؤديها باحسان قبل أن يطلب حقه ومن هنا سيسعد كل من الزوجين بأخذ حقه واعطائه ما عليه من واجب سواء كانت هذه الواجبات مادية كالتي على الزوج من حسن الانفاق والسكن والرعاية وعليه أن يتعبد الله تعالى بهذه النفقة فهي لا شك من أفضل القربات إلى الله تعالى كما جاء في الحديث أن رسول الله  قال:" دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك" .

أو كانت هذه الواجبات مشتركة بين الزوجين كاستمتاع كل من الزوجين بالآخر كما قال تعالى:" هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" فتلك واجبات متبادلة بين الزوجين "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف".
وما تعلمه كل منهما من فقه المعاملة الزوجية عليه أن يطبقه في حياته يبتغي الرجل بحسن عشرته لزوجه وجه الله تعالى والثواب الجزيل من الله تعالى كما قال  : "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم" . ولقد كان  يمزح مع أهله ويداعبهم ويسابقهم كما ذكرنا ذلك من قبل وكان يقول:" خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" . وكان عمر  مع هيبته يقول ينبغي للرجل أن يكون في أهله مثل الصبي التمسوا ما عنده وجد رجلاً ووصفت اعرابية زوجها بعد موته فقال" والله لقد كان ضحوكاً إذ ولج سكيناً إذا خرج آكلاً ما وجد غير مسائل عما فقد" . وتلك المعاملة استجابة لقوله تعالى:" وعاشرهن بالمعروف" .

كما تبتغي المرأة بحسن عشرتها ومعاملتها وطاعتها لزوجها رضا الله تعالى وما عنده من عظيم الثواب والمنن فحق زوجها عليها من اعظم الحقوق كما قال  لعائشة  حين سألته "أي الناس أعظم حقاً على المرأة قال زوجها" ولها جزاء ذلك من الأجر العظيم كما أخبر بذلك الرسول  حين قال:" إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" .

3- الوقوف على أسباب الشقاق.

مما لا شك فيه أن لكل خلاف يقع بين الزوجين أسباباً والوقوف على هذه الأسباب ومعرفة حجمها يقلل من الوقوع في الطلاق فقد يدب خلاف كبير وتتفكك الأسرة وتنهار من غير أسباب تذكر وقد تكون الأسباب واهية ولذلك لو عرف السبب استطاع كل من الزوجين حل المشكلة فقد يكون السبب من الزوج كأن يكون بخيلاً لا ينفق أو مضيعاً لحقوق أهله وأولاده أو يكون غليظاً في معاملته وطباعه أو غير مراعياً لشعور زوجه وقد يكون السبب من الزوجة كإهمالها في حق زوجها وأولادها أو عدم تقديرها لزوجها وقد يكون منهما معاً حيث لم يتعرف كل منهما على ما يغضب صاحبه وما يجرح شعوره أو يكون بسبب تدخل الأهل من كلا الطرفين في شئون الأسرة تدخلاً يفسد المعيشة ويعكر الصفو ومن هنا لابد من معرفة الأسباب والوقوف عليها وتجنبها في تعامل كل من الزوجين لصاحبه.

4- اتباع الوسائل الشرعية في حل الخلافات الزوجية.

وضع الإسلام وسائل لإصلاح ما قد يعكر صفو الأسرة سواء كان السبب من قبل الزوج أو من قبل الزوجة أو منهما معاً فشرع لكل حالة ما يناسبها من العلاج لكن عليه أن يعرف أولاً أن كل إنسان يحمل بين جنباته من الخير والشر وعليه أن يوازن فلا ينسى في غضبه عليها أن فيها من الحسنات ما قد يمحو السيئات "لا يفرك مكؤمن مؤمنة ان كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر" وعليه أن يتدرج في الإصلاح بلطف قال تعالى:" واللائي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجرهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيرا" والوعظ هو أن يذكرها بالله وينبهها إلى الثواب الذي اعده الله تعالى للمرأة الطائعة لزوجها والعقاب للمخالفة. وليس للوعظ مدة محددة انما هو حسب الحالة فإن لم يصلح الوعظ فالهجر ويكون في الفراش وأما هجرها في الكلام فلا يزيد عن ثلاثة أيام لما رواه أبو هريرة  أن النبي  قال:" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة ايام" . ومع أن القرآن الكريم ذكر الضرب كوسيلة من وسائل التقويم إلا أن النبي  قال:" ولا يضرب خياركم" . وإن كان الشقاق ناتجاً عن سوء فهم بين الطرفين ولم يستطيعا الاصلاح بأنفسهما فإن الله تعالى قال:" وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا اصلاحاً يوفق الله بينهما" ويشترط في الحكمين أن يكون عندهما إرادة وعزيمة على الاصلاح حتى يستحقا توفيق الله وعونه كما ذكر سبحانه.

اما في الغرب فإني ادعو المراكز الإسلامية والمساجد أن تقوم بدورها في توعية الأسرة بواجباتها وعواقب الخلاف والشقاق وأن تكون هناك لجاناً للإصلاح والتوفيق من أهل اعلم والخبرة تقوم بهذا العمل.

5- تجديد العلاقات الزوجية.

مما يضيق الخناق على المشاكل الاسرية تجديد العلاقات الزوجية وأعني بذلك استحداث برامج وأنشطة أسرية كالرحلات مثلاً وتحديد أوقات للراحة والجلوس سوياً للتفاهم والتناقش في امور الحياة واستغلال الأجازات استغلالاً جيداً يقوي أواصر المودة والمحبة بين الزوجين وفوق هذا وذاك الاجتماع ولو اسبوعياً على طاعة الله تعالى في حلقة ذكر أو قيام ليل ولقد أوصى النبي  علياً وقاطمة  بقوله:" إذا أويتما إلى فراشكما فسبحا الله ثلاثاُ وثلاثين وحمداه ثلاثاً وثلاثين وكبره ثلاثاً ثلاثين" .


ثالثاً: بعد الطلاق.

1- قضاء المرأة عدتها في بيت الزوجية.

أوجب الإسلام على المرأة المطلقة أن تبقى فترة عدتها في بيت الزوجية وذلك طمعاً في أن يراجع كل من الزوجين نفسه لعل ذلك يؤدي إلى الاصلاح وعودة المياه إلى مجاريها ووآم الأسرة بعد تفككها يقول الله تعالى:" يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه" . وقد اتفق الفقهاء على أن المطلقة طلاقاً رجعياً تستحق النفقة والكسوة وهذا يصب كذلك في باب الاصلاح.

2- يجب على الزوجين بعد الوقوع في الطلاق سؤال أهل العلم عن حكم الطلاق فأحياناً يظن الزوجان أن الطلاق قد وقع ولزمت الفرقة في حين أنه يمين لغو أو لم يستوف شروط الطلاق وبالعكس قد يظن انه ليس بشئ وهو طلاق واقع وقد حثنا سبحانه وتعالى على سؤال أهل العلم فقال جل شأنه:" فسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون" وعليهم أن يتخيروا أهل الفقه والبصيرة يقول الإمام الحسن البصري  إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم".

تعليق ختامي

سورة النساء الآية 130
قد تكون هناك حالات لا يطلب فيها من الزوج على سبيل الإلزام فعل هذه الأشياء وهذه حالات نادرة والنادر لا حكم له
سورة المائدة الآية 5
سورة الكافرون
رواه البخاري
( ) كما في حديث سبرة بن معبد، أنه كان مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس، إني قد كنت أذنتُ لكم في الاستمتاع من النساء، وإن اللَّه قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخلِّ سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً» أخرجه مسلم (رقم: 1406) وغيره.
والأحاديث في الباب عديدة عن جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
سورة النساء الآية
سورة النساء الآية 1.
رواه أحمد
صحيح مسلم بشرح النووي ج4ص70.
سورة البقرة الآية
سورة البقرة الآية 228.
رواه ابو داود والترمذي وقال حسن صحيح.
رواه الترمذي من حديث عائشة  .
المهذب من احياء علوم الدين ج1ص321.
سورة النساء الآية 19.
رواه الحاكم وقال حديث صحيح.
رواه أحمد في مسنده.
رواه مسلم في كتاب الرضاع.
سورة النساء الآية 34.
متفق عليه.
سورة النساء الآية 35.
رواه تحفة الذاكرين.
سورة الطلاق الآية 1
سورة النمل الآية 43.

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية