الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

كتاب النكاح والزواج على المذاهب الأربعة

كتاب النكاح على المذاهب الأربعة

كتاب النكاح والزواج
كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري

محتويات

مقدمة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

أحمد اللّه تعالى حمداً كثيراً، وأصلي وأسلم على نبيه محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فقد وفقني اللّه عز وجل إلى تأليف الجزء الرابع من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة في الأحوال الشخصية، وقد توخيت فيه سهولة العبارة، وحسن الترتيب بقدر المستطاع. وما قصدت بهذا إلا أن أخرج للناس كتاباً فيما لهم وما عليهم من حقوق الأسرة وواجباتها. على نمط الأجزاء التي أخرجتها في الفقه الإسلامي من قبل، بل يزيد إيضاحاً وسهولة لينتفع به جمهور المسلمين في معرفة هذه الحقوق ويؤدوها كاملة مرضاة للّه عز وجل كي تنقطع من بينهم الخصومات التي يترتب عليها تمزيق الأسرة، وتقطيع صلات الأرحام، واستبدال المودة والرحمة بين الزوجة والأقرباء بالعداوة والبغضاء، فضلاً عما في العمل بهذه الحقوق من دفع غوائل الشهوات الضارة، والوقوف بها عند الحد الذي قدره اللّه تعالى، وأمرنا بالوقوف عنده في قوله تعالى: {ومن يتعد حدود اللّه فقد ظلم نفسه}.

ومما لا ريب فيه أن صلاح الأسرة هو أساس المجتمع، وعليه تنبني سعادة الأمة، وتقوم عليه دعائم العمران. فإن كنت قد وفقت إلى ما قصدت في ذلك فهذا من فضل اللّه وحده الذي تمتد منه جميع الموجودات في وجودها وبقائها وحركتها وسكونها، وإن كانت الأخرى فما أنا إلا عبد ضعيف لا حول ولا قوة إلا باللّه العلي القدير.

وقد كنت أظن أنه يمكنني أن أبلغ النهاية من جميع أبواب الفقه في أربعة أجزاء فحسب، ولكن رأيت أن يستلزم أمرين: الإيجاز في كثير من المواطن، وحذف بعض مباحث الفقه، وهذا يتنافى مع غرضي من الإيضاح والبيان من جهة، ويجعل الكتاب ناقصاً في مجموعه من جهة أخرى. فلم أجد بداً من أن أترك المسألة على طبيعتها، فاضطررت إلى وضع جزء خامس يشتمل على ما بقي من مباحث الفقه، وقد بقي من مباحثه الهامة: الحدود والوقف، والقضاء، والجهاد، إلى غير ذلك، مما ستطلع عليه فيه، وسأشرع في طبعه عقب الفراغ من طبع الجزء الرابع إن شاء اللّه تعالى.

كتاب النكاح تعريفه

بسم اللّه الرحمن الرحيم

*-للنكاح معان ثلاثة: الأول المعنى اللغوي وهو الوطء والضم، يقال: تناكحت الأشجار إذا تمايلت وانضم بعضها إلى بعض، ويطلق على العقد مجازاً لأنه سبب في الوطء، الثاني المعنى الأصولي ويقال له: الشرعي، وقد اختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه حقيقة قي الوطء، مجاز في العقد كالمعنى اللغوي من كل وجه، فمتى ورد النكاح في الكتاب والسنة بدون قرينة يكون معناه الوطء كقوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف} فإن معناه في هذه الآية الوطء إذ النهي إنما يتصور عنه لا عن العقد في ذاته لأن مجرد العقد لا يترتب عليه غيره تنقطع بها صلات المودة والاحترام، وهذا هو رأي الحنفية على أنهم يقولون: إن النكاح في قوله تعالى: {حتى تنكح زوجاً غيره} معناه العقد لا الوطء لأن إسناده للمرأة قرينة على ذلك، فإن الوطء فعل والمرأة لا تفعل لكن مفهوم الآية يفيد أن مجرد العقد يكفي في التحليل وليس كذلك لأن لسنة صريحة في أن التحليل لا بد فيه من الوطء فهذا المفهوم غير معتبر، يدل على ذلك ما صرح به في حديث العسلية بقوله صلى اللّه عليه وسلم: "حتى تذوقي عسليته" الخ.

ثانيها: أنه حقيقة في العقد مجاز في الوطء عكس المعنى اللغوي ويدل لذلك كثرة وروده بمعنى العقد في الكتاب والسنة، ومن ذلك قوله تعالى: {حتى تنكح زوجاً غيره}: وذلك هو الأرجح عند الشافعية والمالكية.

ثالثها: أنه مشترك لفظي بين العقد والوطء، وقد يكون هذا أظهر الأقوال الثلاثة لأن الشرع تارة يستعمله في العقد وتارة يستعمله في الوطء بدون أن يلاحظ في الاستعمال هجر المعنى الأول وذلك يدل على أنه حقيقة فيهما. وأما المعنى الثالث للنكاح فهو المعنى الفقهي. وقد اختلفت فيه عبارات الفقهاء ولكنها كلها ترجع إلى معنى واحد وهو أن عقد النكاح وضعه الشارع ليرتب عليه انتفاع الزوج ببضع الزوجة وسائر بدنها من حيث التلذذ، فالزوج يملك بعقد النكاح هذا الانتفاع ويختص به ولا يملك المنفعة، والفرق بين ملك الانتفاع وملك المنفعة أن ملك المنفعة يستلزم أن ينتفع الزوج بكل ما يترتب على البضع من المنافع وليس كذلك فإن المتزوجة إذا نكحها شخص أخر بشبهة كأن اعتقد أنها زوجته فجامعها خطأ فإنه يكون عليه مهر المثل وهذا المهر تملكه هي لا الزوج فلو كان الزوج يملك المنافع لا ستحق المهر لأنه من منافع البضع، وهذا القدر متفق عليه في المذاهب وإن اختلفت عباراتهم في نص التعريف كما هو موضح في أسفل

هذا والمشهور في المذاهب (2) أن المعقود عليه هو الانتفاع بالمرأة دون الرجل [2] كما ذكر، ولكن ستعرف من مبحث أحكام النكاح أنه يحرم الانصراف عن المرأة إذا ترتب عليه إضرار بها أو إفساد لأخلاقها وعدم إحصانها كما أنه يحرم على الرجل أن تتلذذ به أجنبية عنه فقواعد المذاهب تجعل الرجل مقصوراً على من تحل له كما تجعل المرأة مقصورة عليه، وتحتم على الرجل أن يعفها بقدر ما يستطيع كما تحتم عليها أن تطيعه فيما يأمرها به من استمتاع إلا لعذر صحيح.

وبعد فمن المعلوم أن العقد الذي يفيد الاختصاص بالاستمتاع وحله إنما هو العقد الشرعي الصحيح وهو لابد فيه من أن يكون مستكملاً للشرائط الآتية: كأن يكون على امرأة خالية من الموانع، فلا يصح العقد على الرجل ولا على الخنثى المشكل ولا على الوثنية ولا على محرمة بنسب أو رضاع أو مصاهرة كما لا يصح العقد على ما ليس من جنس الإنسان كإنسانة الماء مثلاً فإنها كالبهائم.

ولابد أيضاً أن يكون العقد بإيجاب وقبول شرعيين وأن يكون بشهود سواء كانت عند العقد أو قبل الدخول على رأي بعض المذاهب، أما العقود المدنية أو الاستئجار لمدة معلومة أو نحو ذلك فإنها زنا يعاقب الشارع الإسلامي عليها.

تعريف النكاح الحنفية

(1) (الحنفية - عرف بعضهم النكاح بأنه عقد يفيد ملك المتعة قصدا، ومعنى ملك المتعة اختصاص الرجل ببضع المرأة. وسائر بدنها من حيث التلذذ، فليس المراد بالملك الملك الحقيقي، وبعضهم يقول: إنه يفيد ملك الذات في حق الاستمتاع، ومعناه أنه يفيد الاختصاص بالبضع يستمتع به، وبعضهم يقول: إنه يفيد ملك الانتفاع بالبضع وبسائر أجزاء البدن بمعنى أن الزوج يختص بالاستمتاع بذلك دون سواه، وكل هذه العبارات معناها واحد، فالذي يقول: إنه يملك الذات لا يريد الملك الحقيقي طبعاً لأن الحرة لا تملك وإنما يريد أنه يملك الانتفاع. وقولهم: قصداً خرج به ما يفيد تلك المتعة ضمناً كما إذا اشترى جارية فإنه عقد شرائها يفيد حل وطئها ضمناً وهو ليس عقد نكاح كما لا يخفى.

تعريف النكاح الشافعية

الشافعية - عرف بعضهم النكاح بأنه عقد يتضمن ملك وطء بلفظ إنكاح أو تزويج أو معناهما والمراد أنه يترتب عليه ملك الانتفاع باللذة المعروفة، وعلى هذا يكون عقد تمليك كما ذكر في أعلى الصحيفة، وبعضهم يقول: إنه يتضمن إباحة الوطء الخ فهو عقد إباحة لا عقد تمليك، وثمرة هذا الخلاف أنه لو حلف أنه لا يملك شيئاً ولا نية له فإنه لا يحنث إذا كان يملك الزوجة فقط على القول بأن العقد لا يفيد الملك، أما على القول الآخر فإنه يحنث والراجح عندهم أنه عقد إباحة.

تعريف النكاح المالكية

المالكية - عرفوا النكاح بأنه عقد على مجرد متعة التلذذ بآدمية غير موجب قيمتها ببينة قبله غير عالم عاقده حرمتها ان حرمها الكتاب على المشهور أو الإجماع على غير المشهور اهـ ابن عرفة، ومعنى هذا أن النكاح عبارة عن عقد على متعة التلذذ المجردة. فقوله: عقد شمل سائر العقود وقوله: على متعة التلذذ خرج به كل عقد على متعة التلذذ؛ كالبيع والشراء، وخرج بكلمة التلذذ العقد على متعة معنوية كالعقد على منصب أو جاه، وخرج بقوله: المجردة عقد شراء أمة للتلذذ بها. فإن العقد في هذه الحالة لم يكن لمجرد التلذذ بوطئها وإنما هو لملكها قصداً والتلذذ بها ضمناً فهو عقد شراء لا عقد نكاح، وقوله: بآدمية خرج به عقد المتعة بالطعام والشراب، وقوله: غير موجب قيمتها خرج به عقد تحليل الأمة إن وقع ببينة، وذلك كأن يملك شخص منفعة الاستمتاع بأمته فإن هذا لا يقال له عقد نكاح كما لا يقال له إجازة وهو يوجب قيمة الأمة إن وقع، أما عقد النكاح فإنه لا يوجب قيمة العقود عليها، وقوله: غير عالم عاقده حرمتها أي حرمة المعقود عليها بالكتاب أو الإجماع فإن كانت محرمة عليه بالكتاب وعقد عليها وقع العقد باطلاً فلا يسمى نكاحاً من أصله، وإن كانت محرمة بالإجماع سمي نكاحاً فاسداً هذا هو المشهور، وغير المشهور أنه لا يسمى نكاحاً أصلاً سواء كان التحريم بالكتاب أو الإجماع، فقوله: غير عالم عاقده حرمتها ان حرمها الكتاب معناه أن هذا قيد يخرج به عقد العالم بالتحريم بالكتاب من عقد النكاح أصلاً، وقوله: أو الإجماع على غير المشهور معناه أن هذا قيد يخرج به عقد العالم بالتحريم بالإجماع فلا يسمى نكاحاً ولكن على خلاف المشهور لأنك قد عرفت أن المشهور يسمى نكاحاً فاسداً وقوله: ببينة قبله أي قبل التلذذ وأخرج به ما إذا دخل بها قبل أن يشهد على الدخول فإن العقد لا يكون عقد نكاح، ويرد عليه أنه إذا دخل بها بدون شهود يفسخ بطلقة وهذا فرع ثبوت النكاح، والجواب أن الفسخ حصل بناء على إقرارهما بالعقد ورفع عنهما الحد بشبهة العقد اهـ.
وقد صرح المالكية في أول الإجازة أن عقد النكاح هو عقد تمليك انتفاع بالبضع وسائر بدن الزوجة كما ذكرنا في أعلى الصحيفة السابقة.

تعريف النكاح الحنابلة

الحنابلة - قالوا: هو عقد بلفظ إنكاح أو تزويج على منفعة الاستمتاع وهم يريدون بالمنفعة الانتفاع كغيرهم لأن المرأة التي وطئت بشبهة أو بزنا كرهاً عنها لها مهر مثلها وهي تملكه لا الزوج إن كانت متزوجة لقوله عليه السلام: "فلها بما استحق من فرجها" أي نال منه بالوطء).

المعقود عليه الشافعية

(2) (الشافعية - قالوا: إن الراجح هو أن المعقود عليه بالمرأة أي الانتفاع ببعضها، وقيل: المعقود عليه كل من الزوجين، فعلى القول الأول لا تطالبه بالوطء لأنه حقه ولكن الأولى له أن يحصنها ويعفها، وعلى القول الثاني لها الحق في مطالبته بالوطء كما أن له الحق في مطالبتها لأن العقد على المنفعتين منفعته بها ومنفعتها به، وهذا حشن وإن كان مرجوحاً.
لأن الرجل قد ينصرف عن المرأة فتفسد أخلاقها. وفي هذه الحالة يجب عليه أن يعفها أو يسرحها بالمعروف.

المعقود عليه الحنفية

الحنفية - قالوا: إن الحق في التمتع للرجل لا للمرأة بمعنى أن للرجل أن يجبر المرأة على الاستمتاع بها بخلافها فليس لها جبره إلا مرة واحدة، ولكن يجب عليه ديانة أن يحصنها ويعفها كي لا تفسد أخلاقها).

حكم النكاح

*النكاح ترد عليه الأحكام الشرعية الخمسة: الوجوب: والحرمة، والكراهة والسنية أو الندب والإباحة، أما المواضع التي يجب فيها النكاح الخ ففيها تفصيل المذاهب (1)
ويتعلق بالنكاح أمور أخرى مندوبة مفصلة في المذاهب (2)

حكم النكاح عند المالكية

(1) (المالكية - قالوا: يفترض النكاح على من له رغبة فيه ويخشى على نفسه الزنا إذا لم يتزوج ولم يستطع كف نفسه بالصيام وليست له قدرة على شراء جارية تغنيه عن زواج الحرة ففي هذه الحالة يفترض عليه الزواج ولو كان عاجزاً عن الكسب من حلال فيفترض النكاح بشروط ثلاثة: الأول: أن يخاف على نفسه الوقوع في الزنا، الثاني: أن يكون عاجزاً عن الصيام الذي يكفه عن الزنا أو يكون قادراً على الصيام ولكن الصيام لا يكفه، الثالث: أن يكون عاجزاً عن اتخاذ أمة تغنيه، فإذا كان قادراً على الزواج وعلى الصيام الذي يمنع شهوته من الطغيان وعلى اتخاذ أمة كان مخيراً بين واحد من الثلاثة ولكن الزواج أولى. وبعضهم يشترط القدرة على الكسب من حلال فإذا خاف على نفسه الزنا وعجز عن الصيام واتخاذ الأمة لا يفترض عليه الزواج إلا إذا كان قادراً على الكسب من حلال لأنه إذا خاف على نفسه الزنا وجب عليه أن يحارب شهوته ولا يتزوج ليسرق وينفق على زوجته إذ لا يليق أن يدفع محرماً بارتكاب محرم آخر، نعم إذا وجدت حالة ضرورة ليست في اختيار الإنسان فإن له أن يزيل الضرورة كالمضطر الذي يباح له أكل الميتة دفعاً للّهلاك، أما فيما عدا ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يدفع محرماً بارتكاب محرم آخر بل يجب عليه أن يحارب نفسه ومنعها من ارتكاب المحرم مادام ذلك في طاقته واختياره،" وهذا رأي حسن " هذا في الرجل أما في المرأة فإن الزواج يفترض عليها إن عجزت عن قوتها وكانت عرضة لمطامع المفسدين وتوقف على الزواج سترها وصيانتها.

ويكون النكاح حراماً على ومن لم يخش الزنا وكان عاجزاً عن الإنفاق على المرأة من كسب حلال أو عاجزاً عن وطئها فإذا علمت المرأة بعجزه عن الوطء ورضيت فإنه يجوز، وكذا إذا علمت بعجزه عن النفقة ورضيت فإنه يجوز بشرط أن تكون رشيدة أما إذا علمت بأنه يكتسب من حرام ورضيت فإنه لا يجوز.

ويكون النكاح مندوباً إذا لم يكن للشخص رغبة فيه ولكنه يرجو النسل بشرط أن يكون قادراً على واجباته من كسب حلال وقدرة على الوطء وإلا كان حرماً كما عرفت، ويكره في هذه الحالة إذا عطله عن فعل تطوع.أما إذا كانت له رغبة في النكاح ولكنه لا يخاف على نفسه من الزنا فإنه يندب له الزواج إذا كان قادراً على مؤونته سواء كان له أمل في النسل أولا وسواء عطله الزواج فعل تطوع أولا.
والمرأة في ذلك كالرجل فإن لم تكن لها رغبة في النكاح ندب لها إذا كان لها أمل في النسل وبشرط تكون قادرة على القيام بحقوق الزواج من فعل تطوع وإلا حرم أو كره. أما إذا كانت لها رغبة فيه ولكنها لا تخاف الوقوع في الزنا وكانت قادرة على الإنفاق على نفسها وهي مصونة من غير زواج فإنه يندب لها سواء أكان لها أمل في النسل أم لا وسواء عطلها عن فعل تطوع أولا فإن خافت على نفسها أو لم تكن قادرة على قوتها وتوقف عليه سترها فإنه يجب عليها كما عرفت.

ويكون النكاح مكروهاً للشخص الذي ليست له رغبة في النكاح ولكنه يخش أن لا يقوم ببعض ما يجب عليه أو يعطله عن فعل تطوع سواء كان رجلاً أو امرأة كما عرفت وسواء كان له أمل في النسل أولا.
ويكون مباحاً لمن ليست له رغبة فيه ولم يرج نسلاً وكان قادراً عليه ولم يعطله عن فعل تطوع.

حكم النكاح عندالحنفية

الحنفية - قالوا: يكون الزواج فرضاً بشروط أربعة: الأول أن يتيقن الشخص الوقوع في الزنا إذا لم يتزوج أما مجرد الخوف من الزنا فإنه لا يكفي في الفرضية كما ستعرف. الثاني أن لا يكون له قدرة على الصيام الذي يكفه عن الوقوع في الزن فإن كانت له قدرة على صيام بمنعه من الزنا فإنه يكون مخيراً بين ذلك الصيام وبين الزواج فلا يفترض عليه الزواج بخصوصه في هذه الحالة. الثالث أن لا يكون قادراً على اتخاذ أمة يستغني بها فإنه يكون مخيراً أيضاً. الرابع أن يكون قادراً على المهر والإنفاق من كسب حلال لا جور فيه فإن لم يكن قادراً لا يفترض عليه الزواج حتى لا يدفع محرماً بمحرم لأن الكسب الحرام فيه اعتداء على أموال الناس بالغش أو السرقة أو الزور أو الغصب أو نحو ذلك، وذلك من الجرائم التي لا يتسامح فيها معنى ذلك أن الشخص إذا عجز عن كسب الحلال فلا يتزوج ويباح له الوقوع في الزنا كلا بل معناه أنه في هذه الحالة يفترض عليه محاربة نفسه وشهوته محاربة شديدة ويزجرها زجراً كبيراً حتى لا يقع في الزواج الذي يترتب عليه أكل أموال الناس وظلمهم عملاً بقوله تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم اللّه من فضله} هذا وإذا كان يمكنه أن يقترض المهر والنفقة الحلال فإنه يفترض عليه أن يتزوج ليفر من الوقوع في المعصية بقدر ما يستطيع.

والنكاح واجباً لا فرضاً إذا كان للشخص رغبة في النكاح واشتياق شديد إليه بحيث يخاف على نفسه الوقوع في الزنا وإنما يجب بالشروط المذكورة في الفرضية وما قيل في الشرط الرابع - وهو القدرة على الإنفاق - يقال هنا.
ويكون سنة مؤكدة إذا كان للشخص رغبة فيه وكان معتدلاً بحيث لم يتيقن الوقوع في الزنا ولم يخف منه فإذا ترك التزوج في هذه الحالة فإنه يأثم اثماً يسيراً أقل من اثم ترك الواجب. وبعضهم يقول ان السنة المؤكدة والواجب بمعنى واحد ولا فرق بينهما إلا في العبارة وعلى هذا يكون واجباً أو سنة مؤكدة في حالتين: حالة الاشتياق الشديد الذي يخاف منه الوقوع في الزنا، وحالة الاعتدال، وعلى كل فيشترط القدرة على الانفاق من حلال على المهر والوطء فإن عجز عن واحد فلا يسن ولا يجب، ويثاب إذا نوى منع نفسه ونفس زوجه عن الحرام فإن لم ينو فلا يثاب إذ لا ثواب إلا بالنية.

ويكون حراماً إذا تقين أنه يترتب عليه الكسب الحرام بجور الناس وظلمهم لأن النكاح إنما شرع لمصلحة تحصين النفس وتحصيل الثواب فإذا ترتب عليه جور الناس يأثم بارتكاب المحرم فتنعدم المصلحة المقصودة بحصول المفسدة.
ويكون مكروهاً تحريماً إذا خاف حصول الظلم والجور ولم يتيقنه.
وكون مباحاً لمن له رغبة فيه ولكن لا يخاف الوقوع في الزنا ولا يتيقنه بل يتزوج لمجرد قضاء الشهوة، أما إذا نوى منع نفسه من الزنا أو نوى النسل فإنه يكون سنة، فالفرق بين كونه سنة وبين كونه مباحاً النية وعدمها.

حكم النكاح عندالشافعية

الشافعية - قالوا: الأصل في النكاح الإباحة فيباح للشخص أن يتزوج بقصد التلذذ والاستمتاع فإذا نوى به العفة أو الحصول على ولد فإنه يستحب. ويجب النكاح إذا تعين لدفع محرم كما إذا خافت المرأة على نفسها من فاجر لا يصده عنها إلا التزوج فإنها يجب عليها أن تتزوج. ويكره إذا خاف الشخص عدم القيام بحقوق الزوجية كالمرأة التي ليست لها رغبة في النكاح وليست له قدرة على المهر والنفقة فإنه يكره له النكاح، فإن كان قادراً على مؤونة النكاح وليست به علة تمنعه من قربان الزوجة - فإن كان متعبداً - كان الأفضل له أن لا يتزوج كي لا يقطعه النكاح عن العبادة التي اعتادها وإن لم يكن متعبداً - كان الأفضل له أن يتزوج احترازاً من أن تدفعه الشهوة إلى الحرام في وقت ما أما إذا كانت له رغبة في النكاح وكان قادراً على مؤونته فإنه يستحب له. هذا والمراد بالنكاح هنا بالنسبة للرجل قبول التزوج فهو الذي يستحب له أو يجب الخ، وبالنسبة للمرأة الإيجاب لأنه هو الذي من طرفها بواسطة الولي.

حكم النكاح عندالحنابلة

الحنابلة - قالوا: يفترض النكاح على من يخاف الزنا إذا لم يتزوج و لو ظناً سواءً أكان رجلاً أم امرأة ولا فرق في هذه الحالة بين أن يكون قادراً على الإنفاق أو لا فمتى قدر على أن يتزوج ليصون نفسه عن الحرام فعليه أن يتزوج ويسلك سبيل العمل الحلال الذي يرتزق منه مستعيناً باللّه تعالى وعلى اللّه معونته.
ويحرم النكاح في دار الحرب إلا لضرورة فإذا كان أسيراً فإنه لا يباح له الزواج على أي حال.
ويكون سنة لمن له رغبة فيه ولكنه لا يخاف على نفسه الزنا سواء رجلاً أم امرأة وهو في هذه الحالة يكون أفضل من النوافل لما فيه من تحصين نفسه وتحصين زوجه والحصول على الولد الذي تكثر به الأمة ويكون عضواً عاملاً في بناء المجتمع.
ويكون مباحاً لمن لا رغبة له فيه كالكبير والعنين بشرط أن لا يترتب عليه إضرار بالزوجة أو إفساد لأخلاقها وإلا حرم لهذه العوارض).

إعلان عقد النكاح عند الحنفية

(2) (الحنفية - قالوا: يندب إعلان عقد النكاح بدف "طبل" أو تعليق الرايات الدالة عليه أو بكثرة المصابيح أو نحو ذلك من الأمور التي يعرف بها عقد الزواج، وكذا يندب أن يخطب أحد قبل اجراء العقد ولا يلزم أن تكون الخطبة بألفاظ مخصوصة ولكن إذا خطب بما ورد كان أحسن، ومن ذلك ما روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو "الحمد للّه نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد اللّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله لا اللّه وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة إلى قوله: رقيباً يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه وقولوا قولاً سديداً إلى قوله: عظيماً". ويندب أن يكون يوم جمعة. وكذا يندب لا يباشر العقد مع المرأة نفسها بل يتولى العقد عاقل رشيد غير فاسق من عصبتها. وكذا يندب أن يكون الشهود عدولاً. أن لا يحجم عن الزواج لعدم وجود المهر بل يندب له الاستدانة إذا أمكنه لأن المتزوج الذي يريد العفاف يكون اللّه معيناً له كما ورد في حديث. وكذا يندب أن ينظر إلى
زوجه قبل العقد بشرط أن يعلم أنه يجاب في زواجها، أما إذا كان يعلم أنه يرد ولا يقبل فلا يحل له أن ينظر إليها على أي حال.

ومعنى هذا أن النظر إلى المخطوبة إنما يكون الإقدام الصحيح على الزواج وتحقق الرغبة من الجانبين ورضا كل منهما بالآخر، أما إذا كان الغرض مجرد الرغبة في الإطلاع على النساء بدون إقدام صحيح على الزواج فإنه يحرم.

ويندب أن تكون المرأة أقل من الرجل سناً لئلا تكبر بسرعة فلا تلد، والغرض الصحيح من الزواج إنما هو التناسل الذي به تكثر الأمة ويعز جانبها. ويندب أن تكون أقل منه في الجاه والعز والرفعة والمال لأن الرجال قوامون على النساء حافظون لهم فإذا لم يكن الرجل أعز جاهاً وأكثر مالاً لا تخضع المرأة له فلا يستطيع صيانتها لهذا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "من تزوج امرأة لعزها لم يزده اللّه إلا ذلاً، ومن تزوجها لمالها لم يزده اللّه إلا فقراً. ومن تزوجها لحسبها لم يزده اللّه إلا دناءة، ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك اللّه فيها وبارك لها فيه". ويندب أن تكون أحسن منه خلقاً وأدباً وورعاً وجمالاً، والأحسن أن تكون بكراً.
ومن آداب الزواج أن يختار أيسر النساء مهراً ونفقة ولا يتزوج من لا تعفه كالطويلة المهزولة والقصيرة الدميمة. ولا يتزوج سيئة الخلق، ولا امرأة لها ولد من غيره، ولا امرأة مسنة. ولا يتزوج أمة مع قدرته على زواج الحرة.

ومن آداب الزواج أن لا يزوج ابنته الصغيرة الشابة شيخاً كبيراً ولا رجلاً دميماً وعليه أن يزوجها كفأً وإن خطبها الكفء فلا يرده.
ومن آدابه أن تختار المرأة الزوج المتمسك بدينه فلا تتزوج فاسقاً، وتختار الزوج الموسر صاحب الخلق الحسن والجود فلا تتزوج معسراً لا يستطيع الإنفاق عليها أو موسراً شحيحاً فتقع في الفاقة والبلاء.

ولا يكره زفاف العروس إلى زوجها وهو أن يجتمع النساء ويهدوا الزوج إلى زوجها وذلك هو المعروف في زماننا "بزفة العروس". والمختار أن ضرب الدف والأغاني التي ليس فيها ما ينافي الآداب جائز بلا كراهة ما لم يشتمل كل ذلك على مفاسد كتبرج النساء الأجنبيات في العرس وتهتكهن أمام الرجال والعريس ونحو ذلك وإلا حرم.

النكاح ترد عليه الأحكام الشرعية الخمسة: الوجوب: والحرمة، والكراهة

المالكية

المالكية - قالوا: يندب للنكاح أمور: منها أن يتزوج بكراً إلا إذا كانت حاجته إلى الثيب أشد. ومنها النظر إلى وجه المخطوبة وكفيها ليتحقق من كون جمالها يوافقه أو لا، وإنما يندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها ظاهرهما وباطنهما بشروط: أحدهما أن لا يقصد التلذذ بذلك النظر. ثانيها أن يكون متحققاً من رضائها به زوجاً إن كانت رشيدة أو من رضاء وليها إن كانت قاصراً فإن لم يكن متحققاً من ذلك الرضا حرم عليه أن ينظر إن كان النظر يترتب عليه فتنة محرمة فإن لم يترتب عليه فتنة كان مكروهاً. وربما يقال إذا نظر إليها بدون لذة ولم يترتب على نظره فتنة، لا يكون للكراهة وجه لأن النظر إلى الأجنبية مع الأمن من الفتنة بها وعدم قصد التلذذ جائز. والجواب أن النظر إلى المخطوبة مع علمه بأنها لا ترضى به بعلاً فيه شبهة قصد التلذذ لأنه في هذه الحالة لا معنى للنظر إليها فيكره لهذه العلة. ثالثها أن تكون عالمة فلا يحل له أن ينظر إليها بغير علمها. ومنها الخطبة وهي كل كلام مشتمل على حمد اللّه والصلاة والسلام على رسول اللّه وآية من القرآن الكريم. والخطبة مندوبة من أربعة الأول الزواج أو وكيله عند التماس الزواج، فيندب للمزوج أو لوكيله أن يقول: الحمد للّه والصلاة والسلام على رسول اللّه: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. واتقوا اللّه الذي تساءلون به والأرحام إن اللّه عليكم رقيباً. اتقوا اللّه و قولوا قولاً سديداً} أما بعد فإني أو فإن موكلي فلاناً رغب فيكم ويريد الانضمام إليكم والدخول في زمرتكم وفرض لكم من الصداق كذا فزوجوه. الثاني ولي أمر الزوجة أو وكيلها فيندب له أن يرد على الزوج في هذا المقام بخطبة، فيحمد اللّه ويصلي ويسلم على رسول اللّه الخ ثم يقول: أما بعد فقد أجبناه لذلك أو يعتذر له. الثالث ولي المرأة أو وكيلها عند العقد فيندب له أن يقول: الحمد للّه والصلاة والسلام على رسول اللّه أما بعد فقد زوجتك بنتي فلانة أو موكلتي بكذا. الرابع الزوج أو وكيله فيندب له أن يقول: الحمد للّه والصلاة والسلام على رسول اللّه أما بعد فقد قبلت زواجها لنفسي أو لموكلي بالصداق المذكور. ولا يضر الفصل بين الإيجاب والقبول بالخطبة غنما يندب تقليلها كما هو واضح في الأمثلة المذكورة. ومنها إعلان الزواج فيندب أن يطعم الطعام أو يضرب الدف و يندب تهنئة العروسين والدعاء لهما عند العقد وعند الدخول كأن يقول لهما: بارك اللّه لكل منكما في صاحبه وجعل منكما الذرية الصالحة وجمع بينكما في خير وسعة رزق، ونحو ذلك.

الحنابلة

الحنابلة - قالوا: يندب اختيار المرأة الصالحة التي لها دين حتى يكون آمناً على عرضه وأن تكون بكراً ولوداً وأن يكون العقد يوم الجمعة مساء، ويسن أن يخطب قبل العقد بخطبة ابن مسعود، وهي: إن الحمد للّه نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد اللّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا اللّه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ويسن أن يبارك للزوجين بقول: بارك اللّه لكما وعليكما وجمع بينكما في خير وعافية. ويندب أن يقول بعد زفافها: اللّهم أني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه.

أما النظر إلى وجه المخطوبة ورقبتها ويدها فمباح بشرط أن يغلب على ظنه أنه مقبول عندها بحيث لا ترد خطبته وأن لا يكونا في خلوة. ولا يشترط أن يستأذنها وليها في النظر بل له أن ينظر إليها وهي غافلة وأن يكرر النظر مرة أخرى لقوله عليه السلام: "إذا خطب أحدكم امرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل" رواه أحمد وأبو داود.

الشافعية

الشافعية - قالوا: يندب لمن أراد التزوج بامرأة أن ينظر إلى وجهها وكفيها ظاهراً وباطناً فقط فلا يجوز النظر إلى غيرهما وله النظر إليهما ولو بشهوة أو افتتان بها لأن ذلك من بواعث الرغبة في الاقتران بها وهو المطلوب في هذا المقام، أما المرأة فيسن لها أن تنظر من بدن الرجل ما تقدر على نظره ما عدا عورته لأنها يعجبها منه ما يعجبه منها، فإن لم يتيسر له النظر إليها أو كان يستحي من طلب ذلك بعث من يتأملها ويصفها له لأن المقصود من التزوج دوام الالفة فكل ما يوصل إليهما كان مطلوباً شرعاً، والأصل في ذلك قول النبي صلى اللّه عليه وسلم للمغيرة بن شعبة - وقد خطب امرأة - : "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما المودة والألفة" ومعنى يؤدم تطيب به المعيشة كما يطيب الطعام بالإدام رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه.

ويسن أن يخطب بكراً إلا إذا كانت الحاجة تدعوه إلى الثيب كأن يكون عنده أطفال تحتاج إلى تربيتها ممن تعود التربية أو يكون كبير السن فتنصرف عنه البكر فلا تدوم بينهما الالفة.

ويسن أن تكون ذات دين يحملها على القيام بحقوق الزوجية، والمراد بالمتدينة المتصفة بصفة العدالة ويسن أن تكون جميلة لا ينفر الطبع منها فلا تدوم بينهما الالفة، وينبغي أن يراعى في ذلك مقدرة الرجل على صيانة المرأة من التعرض للفساد بقدر المستطاع فلا يجوز لمن لا يقدر على الإنفاق على باهرة الجمال مثلاً أن يتزوجها فيضطرها إلى التبذل وعرض جمالها على من يطمع فيها ويرى بعضهم أن بارعة الجمال تكره لئلا تختال بجمالها فلا يستطيع كبح جماحها.

ويسن أن تكون ولوداً لأن العقيم لا تؤدي وظيفة التناسل المطلوبة للمجتمع الإنساني وأن تكون ذات أصل طيب بأن تكون منسوبة إلى الصالحين والعلماء لأن تربية الأبناء تتأثر بالبيئة فمتى كان منبتها الذي نبتت فيه صالحاً كانت صالحة ولذا ورد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم:
"إياكم وخضراء الدمن، المرأة الحسناء في المنبت السوء".

ويسن للخاطب أن يخطب خطبتين: إحداهما عند طلب المخطوبة، والأخرى قبل العقد كما يسن للولي أن يخطب عند إجابته. والخطبة كلام مفتتح بحمد مختتم بدعاء ووعظ كأن يقول ما روي: إن الحمد للّه نحمده ونستعينه ونستغفره نعوذ باللّه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد اللّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله اللّه وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله صلى اللّه عليه وسلم وعلى آله وأصحابه، يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. يا أيها الذين آمنوا اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة إلى قوله: رقيباً، وعند الخطبة الأولى يقول: جئتكم خاطباً كريمتكم أو فتاتكم: وتحصل السنة بالخطية قبل العقد من الولي أو الزوج أو أجنبي عنهما.

فهذه خطب ثلاث اثنتان من الزوج أو من ينوب منابه وواحدة من الولي وهي أن يقول بعد الثناء والصلاة والسلام: لست بمرغوب عنك أو قبلناك صهراً ونحو ذلك وزاد بعضهم خطبة رابعة بين الإيجاب والقبول وهي من الزوج أو من ينوب عنه، فإذا قال الولي: زوجتك فيسن أن يقول بعد الحمد والثناء: على بركة اللّه تعالى ورجاء معونته ونحو ذلك قبلت: وبعضهم يرى كراهة ذلك لأن الفصل بين الإيجاب والقبول إن طال يفسد العقد فالأحوط ترك ذلك.

مبحث أركان النكاح

*-للنكاح ركنان (1) وهما جزآه اللذان لا يتم بدونهما: أحدهما الإيجاب وهو اللفظ الصادر من الولي أو من يقوم مقامه. وثانيهما القبول وهو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه، فعقد النكاح هو عبارة عن الإيجاب والقبول وهل هذا هو المعنى الشرعي أو هناك معنى آخر زائد عليهما؟ والجواب أن هناك أمراً آخر زائداً عليهما وهو ارتباط الإيجاب بالقبول.
فالعقد الشرعي يتركب من أمور ثلاثة: اثنان حسيان - وهما الإيجاب والقبول - والثالث معنوي وهو ارتباط الإيجاب بالقبول. فملك المعقود عليه من عين كما في البيع والشراء، أو منفعة كما في النكاح يترتب على هذه الأمور الثلاثة وهو الذي يسمى عقداً أما غيرهما مما يتوقف عليهما صحته في نظر الشرع فهي خارجة عن ماهيته ويقال: لها شروط لا أركان.

أركان النكاح عند المالكية

(المالكية - عدوا أركان النكاح خمسة: أحدها ولي للمرأة بشروطه الآتية فلا ينعقد النكاح عندهم بدون ولي. ثانيها الصداق فلا بد من وجوده ولكن لا يشترط ذكره عند العقد ثالثها زوج. رابعها زوجة خالية من الموانع الشرعية كالإحرام والعدة. خامسه الصيغة.
والمراد بالركن عندهم ما لا توجد الماهية الشرعية إلا به. فالعقد لا يتصور إلا من عاقدين: وهما الزوج والولي، ومعقود عليه: وهما المرأة والصداق، وعدم ذكر الصداق لا يضر حيث لابد من وجوده، وصيغة: وهي اللفظ الذي يتحقق به العقد شرعاً، وبذلك يندفع ما قيل: إن الزوجين ذانان والعقد معنى فلا يصح كونهما ركنين له. وما قيل ان الصداق ليس ركناً ولا شرطاً لأن العقد يصح بدونه. وما قيل: إن الصيغة والولي شرطان لا ركنان لخروجهما عن ماهية العقد فإن ذلك إنما يرد إذا أريد ماهية العقد الحقيقية التي وضع لها اللفظ لغة لأنها تكون مقصورة على الإيجاب والقبول والارتباط بينهما، أما إذا أريد من الركن ما لا توجد الماهية الشرعية إلا به سواء كان هو عين ماهيتها أو لا فلا إيراد.

أركان النكاح عندالشافعية

الشافعية - قالوا: أركان النكاح خمسة: زوج، زوجة، ولي، شاهدان، صيغة. وقد عد أئمة الشافعية الشاهدين من الشروط لا الأركان و قد عللوا ذلك بأنهما خارجان عن ماهية العقد و هو ظاهر، ولكن غيرهما مثلهما كالزوجين كما ترى فيما تقدم.
والحكمة في عد الشاهدين ركناً واحداً بخلاف الزوج والزوجة أن شروط الشاهدين واحدة، أما شروط الزوج والزوجة فهما مختلفان).


عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية