الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

النِّكَاح وَالصَّدَاق والخلع، والطلاق، والرجعة والعدة، و الرضاع، والنفقات في القرأن

النِّكَاحِ، وَالصَّدَاقِ الخلع، والطلاق، والرجعة والعدة، و الرضاع، والنفقات في القرأن

 اسم الكتاب ـ[أحكام القرآن للشافعي - جمع البيهقي]ـ
المؤلف: أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى: ٤٥٨هـ)
كتب هوامشه: عبد الغني عبد الخالق
قدم له: محمد زاهد الكوثري
الناشر: مكتبة الخانجي - القاهرة
الطبعة: الثانية، ١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م
عدد الأجزاء: ٢ (في مجلد واحد)
 

  فهرس الموضوعات 

  1. ما يؤثر عنه فى النكاح، والصداق وغير ذلك
    1. [سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٦]
    2. [سورة آل عمران (٣) : آية ٣٩]
    3. [سورة البقرة (٢) : آية ٢٣٢]
    4. [سورة البقرة (٢) : آية ٢٣٥]
    5. [سورة النساء (٤) : آية ٣٤]
    6. [سورة النور (٢٤) : آية ٣٢]
    7. [سورة النور (٢٤) : آية ٣]
    8. [سورة النساء (٤) : آية ٣]
    9. [سورة النساء (٤) : آية ٢٣]
    10. [سورة النساء (٤) : آية ٢٣]
    11. [سورة النساء (٤) : آية ٢٤]
    12. [سورة الممتحنة (٦٠) : آية ١٠]
    13. [سورة النساء (٤) : آية ٢٥]
    14. [سورة البقرة (٢) : آية ٢٢١]
    15. [سورة النساء (٤) : آية ٢٤]
    16. [سورة البقرة (٢) : آية ٢٣٥]
    17. [سورة البقرة (٢) : آية ٢٢٢]
    18. [سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٥ إلى ٧]
    19. [سورة النساء (٤) : آية ٤]
    20. [سورة البقرة (٢) : آية ٢٣٧]
    21. [سورة البقرة (٢) : آية ٢٤١]
    22. [سورة النساء (٤) : آية ١٩]
    23. [سورة النساء (٤) : آية ١٢٨]
    24. [سورة النساء (٤) : آية ١٢٩]
    25. [سورة النساء (٤) : آية ٣٤]
    26. [سورة النساء (٤) : آية ٣٥]
    27. [سورة النساء (٤) : آية ١٩]
    28. [سورة النساء (٤) : آية ٤]
    29. [سورة البقرة (٢) : آية ٢٢٩]
  2. ما يؤثر عنه فى الخلع، والطلاق، والرجعة
    1. [سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٤٩]
    2. [سورة الطلاق (٦٥) : آية ١]
    3. [سورة البقرة (٢) : آية ٢٢٩]
    4. [سورة النحل (١٦) : آية ١٠٦]
    5. [سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٢٨ إلى ٢٢٩]
    6. [سورة البقرة (٢) : آية ٢٣٠]
    7. [سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٢٦ إلى ٢٢٧]
    8. [سورة المجادلة (٥٨) : آية ٣]
    9. [سورة النور (٢٤) : آية ٤]
    10. [سورة النور (٢٤) : آية ٢]
  3. ما يؤثر عنه فى العدة، وفى الرضاع، وفى النفقات
    1. [سورة البقرة (٢) : آية ٢٢٨]
    2. [سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٤٩]
    3. [سورة البقرة (٢) : آية ٢٤٠]
    4. [سورة الطلاق (٦٥) : آية ١]
    5. [سورة النساء (٤) : آية ٢٣]
    6. [سورة البقرة (٢) : آية ٢٣٣]
    7. [سورة النساء (٤) : آية ٣]
    8. [سورة الطلاق (٦٥) : آية ٦]
    9. [سورة البقرة (٢) : آية ٢٣٣]
    10. [سورة الطلاق (٦٥) : آية ٦]
    11. [سورة القصص (٢٨) : آية ٢٦]
  4. ما يؤثر عنه فى الجراح، وغيره
    1. [سورة الأنعام (٦) : آية ١٥١]
    2. [سورة الإسراء (١٧) : آية ٣٣]
    3. [سورة البقرة (٢) : آية ١٧٨]
    4. [سورة البقرة (٢) : آية ١٧٨]
    5. [سورة المائدة (٥) : آية ٤٥]
    6. [سورة النساء (٤) : آية ٩٢]
    7. [سورة التوبة (٩) : آية ٧٤]
    8. [سورة النساء (٤) : آية ٩٢]
  5. ما يؤثر عنه فى قتال أهل البغي، والمرتد
    1. [سورة الحجرات (٤٩) : آية ٩]
    2. [سورة المنافقون (٦٣) : الآيات ١ إلى ٣]
    3. [سورة النساء (٤) : آية ١٠٨]
    4. [سورة التوبة (٩) : آية ٨٤]
    5. [سورة المنافقون (٦٣) : آية ١]
    6. [سورة النحل (١٦) : آية ١٠٦]
    7. [سورة النساء (٤) : آية ١٤٥]
    8. [سورة النحل (١٦) : آية ٧٨]
    9. [سورة الشورى (٤٢) : آية ٥٢]
  6. ما يؤثر عنه فى الحدود
    1. [سورة النساء (٤) : الآيات ١٥ إلى ١٦]
    2. [سورة النساء (٤) : آية ٢٥]
    3. [سورة النساء (٤) : آية ٢٤]
    4. [سورة المائدة (٥) : آية ٣٨]
    5. [سورة المائدة (٥) : آية ٣٣]
    6. [سورة المائدة (٥) : آية ٣٤]
    7. [سورة الإسراء (١٧) : آية ٣٣]
    8. [سورة النجم (٥٣) : الآيات ٣٧ إلى ٣٨]
  7. العودة الي تفسير أحكام القرآن للشافعي   

 

 «مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي النِّكَاحِ، وَالصَّدَاقِ» «وَغَيْرِ ذَلِكَ»
(أَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ (إجَازَةً)، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَكَانَ مِمَّا خَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ ﷺ، قَوْلُهُ: (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ: ٣٣- ٦) .»
«وَقَالَ تَعَالَى: (وَما كانَ لَكُمْ: أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا «١»: ٣٣- ٥٣) فَحَرَّمَ نِكَاحَ نِسَائِهِ- مِنْ بَعْدِهِ- عَلَى الْعَالَمِينَ وَلَيْسَ هَكَذَا نِسَاءُ أَحَدٍ غَيْرِهِ.» .
«وَقَالَ اللَّهُ ﷿: (يَا نِساءَ النَّبِيِّ: لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ: ٣٣- ٣٢) فَأَبَانَهُنَّ «٢» بِهِ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ.»
«وَقَوْلُهُ «٣»: (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) مِثْلُ مَا وَصَفْتُ: مِنْ اتِّسَاعِ لِسَانِ الْعَرَبِ، وَأَنَّ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ تَجْمَعُ مَعَانِيَ مُخْتَلِفَةً. وَمِمَّا «٤» وَصَفْتُ:
(١) انْظُر سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٦٩) .
(٢) كَذَا بالمختصر (ج ٣ ص ٢٥٥)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٧٣) . وفى الأَصْل: «فأباهن» وفى الْأُم (ج ٥ ص ١٢٥): «فأثابهن» . وَكِلَاهُمَا خطأ وتحريف.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «وَمن قَوْله» وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(٤) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم وَهُوَ مَعْطُوف على «مثل»، أَي: وَنَوع من ذَلِك. وَلَو عبر بِمَا لَكَانَ أظهر.
 
مِنْ [أَنَّ «١»] اللَّهَ أَحْكَمَ كَثِيرًا-: مِنْ فَرَائِضِهِ.- بِوَحْيِهِ وَسَنَّ شَرَائِعَ وَاخْتِلَافَهَا، عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ﷺ، وَفِي فِعْلِهِ.»
«فَقَوْلُهُ: (أُمَّهَاتُهُمْ) يَعْنِي «٢»: فِي مَعْنًى دُونَ مَعْنًى وَذَلِكَ: أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُمْ نِكَاحُهُنَّ بِحَالٍ، وَلَا يَحْرُمُ «٣» عَلَيْهِمْ نِكَاحُ بَنَاتٍ: لَوْ كُنَّ لَهُنَّ «٤» كَمَا يَحْرُمُ «٥» عَلَيْهِمْ نِكَاحُ بَنَاتِ أُمَّهَاتِهِمْ: اللَّاتِي وَلَدْنَهُمْ، [أَ «٦»] وأَرْضَعْنَهُمْ.» .
وَذَكَرَ «٧» الْحُجَّةَ فِي هَذَا «٨» ثُمَّ قَالَ: «وَقَدْ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ فِي النَّازِلَةِ:
يَنْزِلُ عَلَى مَا يَفْهَمُهُ مِنْ أُنْزِلَتْ فِيهِ كَالْعَامَّةِ فِي الظَّاهِرِ: وَهِيَ يُرَادُ بِهَا الْخَاصُّ وَالْمَعْنَى دُونَ مَا سِوَاهُ.
«وَالْعَرَبُ تَقُولُ- لِلْمَرْأَةِ: تَرُبُّ أَمْرَهُمْ «٩» .-: أُمُّنَا وَأُمُّ الْعِيَالِ «١٠»
(١) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
(٢) هَذَا غير مَوْجُود فى الْمُخْتَصر.
(٣) قَالَ فى الْمُخْتَصر: «وَلم تحرم بَنَات لَو كن لَهُنَّ: لِأَن النَّبِي ﷺ زوج بَنَاته وَهن أَخَوَات الْمُؤمنِينَ.» .
(٤) فى الأَصْل: «لَهُم» وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح من الْمُخْتَصر، وَالأُم (ج ٥ ص ١٢٦)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٧٠) .
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى وفى الأَصْل: «تحرم» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٦) زِيَادَة إِثْبَاتهَا أولى من حذفهَا، عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٧) فى الأَصْل: «وَذَلِكَ» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٨) انْظُر الام (ج ٥ ص ١٢٦)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٧٠- ٧١) .
(٩) انْظُر الام (ج ٥ ص ١٢٦)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٧٠- ٧١) .
(١٠) أَي: تسوسه وتدبره. [.....]
 
وَتَقُولُ كَذَلِكَ «١» لِلرَّجُلِ: [يَتَوَلَّى «٢»] أَنْ يَقُوتَهُمْ «٣» .-: أُمُّ الْعِيَالِ بِمَعْنَى «٤»: أَنَّهُ وَضَعَ نَفْسَهُ مَوْضِعَ الْأُمِّ الَّتِي تَرُبُّ [أَمْرَ «٥»] الْعِيَالِ. قَالَ:
تَأَبَّطَ شَرًّا «٦» - وَهُوَ يَذْكُرُ غَزَاةً غَزَاهَا: وَرَجُلٌ «٧» مِنْ أَصْحَابِهِ وَلِيَ قُوتَهُمْ.-: وَأُمُّ «٨» عِيَالٍ قَدْ شَهِدْت تَقُوتُهُمْ.-:» . وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْبَيْتِ، وَبَيْتَيْنِ «٩» أَخَوَيْنِ مَعَهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: «قُلْتُ «١٠»: الرَّجُلُ يُسَمَّى أُمًّا وَقَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ لِلنَّاقَةِ، وَالْبَقَرَةِ، وَالشَّاةِ، وَالْأَرْضِ-: هَذِهِ أُمُّ عِيَالِنَا عَلَى مَعْنَى:
(١) فى الأَصْل وَالأُم (ج ٥ ص ١٢٦): «ذَلِك» وَلَعَلَّ الظَّاهِر مَا أثبتنا.
(٢) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «تقوتهم» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «يعْنى» .
(٥) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٦) كَذَا بِالْأَصْلِ والام، ذكر فى الصِّحَاح والمحكم وَاللِّسَان (مَادَّة: حتر) أَنه الشنفري، وَذكر ابْن بَرى: أَن الرجل الْمشَار إِلَيْهِ هُوَ تأبط شرا.
(٧) هَذِه الْجُمْلَة حَالية، وَإِلَّا: تعين النصب.
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ والصحاح وَاللِّسَان، وفى الأَصْل: «فَأم» . وَهُوَ بِالنّصب على الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة، والناصب: شهِدت. وروى بالخفض على وَاو رب.
(٩) فى الأَصْل: «وَذكر فى الْبَيْت وبنتين»، وَهُوَ تَحْرِيف ظَاهر. وَبَقِيَّة الشّعْر- على مَا فى الام مَعَ تَغْيِير طفيف عَن اللِّسَان والصحاح-: إِذا أطعمتهم أحترت وأقلت تخَاف علينا العيل إِن هى أكثرت وَنحن جِيَاع أَي أول تألت وَمَا إِن بهَا ضن بِمَا فى وعائها وَلكنهَا، من خشيَة الْجُوع، أبقت
(١٠) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «وقلب»، وَفِيه تَحْرِيف وَزِيَادَة لَا دَاعِي لَهَا.
 
«وَقَالَ «١» اللَّهُ ﷿: (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ: مَا هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ: ٥٨- ٢) .»
«يَعْنِي: أَنَّ اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ: أُمَّهَاتُهُمْ «٢» بِكُلِّ حَالٍ الْوَارِثَاتُ [وَ«٣»] الْمَوْرُوثَاتُ، الْمُحَرَّمَاتُ بِأَنْفُسِهِنَّ، وَالْمُحَرَّمُ بِهِنَّ غَيْرُهُنَّ: اللَّائِي لَمْ يَكُنَّ قَطُّ إلَّا أُمَّهَاتٍ «٤» . لَيْسَ: اللَّائِي يُحْدِثْنَ رَضَاعًا لِلْمَوْلُودِ، فِيكُنَّ بِهِ أُمَّهَاتٍ [وَقَدْ كُنَّ قَبْلَ إرْضَاعِهِ، غَيْرَ أُمَّهَاتٍ لَهُ «٥»] وَلَا: أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ [عَامَّةً:
يَحْرُمْنَ بِحُرْمَةٍ أَحْدَثْنَهَا أَوْ يُحْدِثُهَا الرَّجُلُ أَوْ: أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ «٦»] حَرُمْنَ «٧»:
بِأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ ﷺ .» .
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ «٨» ثُمَّ قَالَ: «وَفِي «٩» هَذَا: دَلَالَةٌ عَلَى أَشْبَاهٍ لَهُ فِي «١٠» الْقُرْآنِ، جَهِلَهَا مَنْ قَصُرَ عِلْمُهُ بِاللِّسَانِ وَالْفِقْهِ «١١» .»
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَذَكَرَ عَبْدًا أَكْرَمَهُ، فَقَالَ «١٢»:
(وَسَيِّدًا، وَحَصُورًا: ٣- ٣٩)» .
(١) فى الْأُم: «قَالَ»، وَمَا فى الأَصْل هُوَ الظَّاهِر وَالْأَحْسَن.
(٢) هَذَا خبر «أَن»، فَتنبه.
(٣) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٤) فى الأَصْل: «لامهات»، وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح عَن الام. [.....]
(٥) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٦) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «حرمهن»، وَمَا فى الام أولى.
(٨) انْظُر الْأُم (ج ٥ ص ١٢٦) .
(٩) بِالْأُمِّ: «فى» .
(١٠) بِالْأُمِّ: «من» .
(١١) انْظُر مَا ذكره بعد ذَلِك، فى الام (ج ٥ ص ١٢٦): فَفِيهِ فَوَائِد جليلة.
(١٢) فى الْأُم (ج ٥ ص ١٢٩): «قَالَ» وَمَا فى الأَصْل أحسن.
 
«وَالْحَصُورُ: الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ «١»، [وَلَمْ يَنْدُبْهُ إلَى النِّكَاحِ «٢»] .» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «حَتْمٌ «٣» لَازِمٌ لِأَوْلِيَاءِ الْأَيَامَى «٤»، وَالْحَرَائِرُ: الْبَوَالِغُ-: إذَا أَرَدْنَ النِّكَاحَ، وَدُعُوا «٥» إلَى رَضِيٍّ «٦»: مِنْ الْأَزْوَاجِ.-: أَنْ يُزَوِّجُوهُنَّ لِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ، فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ «٧»: إِذا تَراضَوْا)
(١) قد رَوَاهُ- فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٨٣) - بِهَذَا اللَّفْظ، عَن ابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة وَمُجاهد وبلفظ: «لَا يقرب» عَن ابْن مَسْعُود.
(٢) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى وَانْظُر كَلَامه السَّابِق واللاحق فى الْأُم، وَكَلَامه فى الْمُخْتَصر (ج ٣ ص ٢٥٦) .
(٣) فى الْأُم (ج ٥ ص ١٢٧): «فحتم» .
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٠٣) وفى الأَصْل: «الْإِمَاء» .
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل وَالسّنَن الْكُبْرَى: «دعون» وَمَا فى الْأُم أشمل.
(٦) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى وفى الْأُم: «رضَا» . [.....]
(٧) قَالَ بعض أهل الْعلم بِالْقُرْآنِ (كَمَا فى الْأُم ج ٥ ص ١١): «(وَإِذا طَلَّقْتُمُ) يعْنى: الْأزْوَاج (النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) يعْنى: فانقضى أَجلهنَّ، يعْنى: عدتهن (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ) يعْنى: أولياءهن (أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ): إِن طلقوهن وَلم يبتوا طلاقهن.» قَالَ الشَّافِعِي: «وَمَا أشبه مَا قَالُوا من هَذَا بِمَا قَالُوا، وَلَا أعلم الْآيَة تحْتَمل غَيره: لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُؤمر بِأَن لَا يعضل الْمَرْأَة، من لَهُ سَبَب إِلَى العضل-:
بِأَن يكون يتم بِهِ نِكَاحهَا.-: من الْأَوْلِيَاء. وَالزَّوْج إِذا طَلقهَا، فانقضت عدتهَا: فَلَيْسَ بسبيل مِنْهَا فيعضلها، وَإِن لم تنقض عدتهَا: فقد يحرم عَلَيْهَا أَن تنْكح غَيره، وَهُوَ لَا يعضلها عَن نَفسه. وَهَذَا أبين مَا فى الْقُرْآن: من أَن للولى مَعَ الْمَرْأَة فى نَفسهَا حَقًا، وَأَن على الْوَلِيّ أَن لَا يعضلها إِذا رضيت أَن تنْكح بِالْمَعْرُوفِ.» . اهـ وَهُوَ كَلَام جيد يُؤَكد ويوضح مَا سيأتى هُنَا. وَانْظُر مَا كتبه على هَذَا صَاحب الْجَوْهَر النقي (ج ٧ ص ١٠٤) وتأمله.
 
(بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ: ٢- ٢٣٢) «١» .»
«فَإِنْ شُبِّهَ عَلَى أَحَدٍ: بِأَنَّ «٢» مُبْتَدَأَ الْآيَةِ عَلَى ذِكْرِ الْأَزْوَاجِ.-:
فَفِي «٣» الْآيَةِ، دَلَالَةٌ: [عَلَى «٤»] أَنَّهُ إنَّمَا نَهَى عَنْ الْعَضَلِ الْأَوْلِيَاءَ «٥» لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ، فَبَلَغَتْ الْمَرْأَةُ الْأَجَلَ-: فَهُوَ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْهَا فَكَيْفَ يَعْضُلُهَا مَنْ لَا سَبِيلَ، وَلَا شِرْكَ لَهُ [فِي أَنْ يَعْضُلَهَا «٦»] فِي بَعْضِهَا؟!.»
«فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ يَحْتَمِلُ «٧»: إذَا قَارَبْنَ بُلُوغَ أَجَلِهِنَّ لِأَنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) يَقُولُ لِلْأَزْوَاجِ: (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ، فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ «٨») الْآيَةُ «٩» .
(١) انْظُر الْمُخْتَصر (ج ٣ ص ٢٥٧) .
(٢) فى الْأُم (ج ٥ ص ١٢٨): «أَن» وَقَالَ فى الْأُم (ج ٥ ص ١٤٩):
«فَإِن قَالَ قَائِل: نرى ابْتِدَاء الْآيَة مُخَاطبَة الْأزْوَاج» ثمَّ علل بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَة.
(٣) هَذَا جَوَاب الشَّرْط، وَعبارَته فى الْأُم (ص ١٤٩): «فَدلَّ على أَنه أَرَادَ غير الْأزْوَاج: من قبل أَن الزَّوْج- إِذا انْقَضتْ عدَّة الْمَرْأَة: ببلوغ أجلهَا.- لَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا.» .
(٤) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ص ١٢٨) .
(٥) فى الأَصْل: «للأولياء»، وَهُوَ خطا وتحريف. والتصحيح عَن الْأُم (ص ١٢٨) .
(٦) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ص ١٢٨) .
(٧) فى الْأُم (ص ١٢٨): «تحْتَمل» وفيهَا (ص ١٤٩): «فقد يحْتَمل ...
إِذا شارفن» وَلَا خلاف فى الْمَعْنى.
(٨) قَالَ فى الْأُم (ج ٥ ص ١٤٩) - بعد أَن ذكر نَحْو هَذَا-: «نهيا: أَن يرتجعها ضِرَارًا ليعضلها.» .
(٩) كَذَا بِالْأَصْلِ: وفى الْأُم (ج ٥ ص ١٢٨): (أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) وَبَقِيَّة الْآيَة: (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ: فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُوًا، وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ: مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ، يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ: ٢- ٢٣١) .
 
يَعْنِي «١»: إذَا قَارَبْنَ بُلُوغَ أَجَلِهِنَّ.» .
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَا هَذَا الْمَعْنَى، وَأَنَّهَا «٢» لَا تَحْتَمِلُهُ: لِأَنَّهَا إذَا قَارَبَتْ بُلُوغَ أَجَلِهَا، أَوْ لَمْ تَبْلُغْهُ «٣» -: فَقَدْ حَظَرَ اللَّهُ ﷿ عَلَيْهَا: أَنْ تَنْكِحَ «٤»، لِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ، حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ: ٢- ٢٣٥) فَلَا يَأْمُرُ: بِأَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ النِّكَاحِ مَنْ قَدْ مَنَعَهَا مِنْهُ. إنَّمَا يَأْمُرُ: بِأَنْ لَا يَمْتَنِعَ «٥» مِمَّا أَبَاحَ لَهَا، مَنْ هُوَ بِسَبَبٍ [مِنْ «٦»] مَنْعِهَا.»
«قَالَ: وَقَدْ حَفِظَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، وَذَلِكَ: أَنَّهُ زَوَّجَ أُخْتَهُ رَجُلًا «٧»، فَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ «٨» عِدَّتُهَا، ثُمَّ:
(١) هَذَا إِلَى قَوْله: الشَّافِعِي غير مَوْجُود بِالْأُمِّ (ص ١٢٨) . وَقَوله: فالآية، جَوَاب الشَّرْط، فَتنبه.
(٢) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم (ص ١٢٨)، وفى الْأُم (ص ١٤٩): «لِأَنَّهَا» .
(٣) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم (ص ١٢٨) وفى الْأُم (ص ١٤٩): «لَان الْمَرْأَة المشارفة بُلُوغ أجلهَا وَلم تبلغه: لَا يحل لَهَا أَن تنْكح، وهى مَمْنُوعَة من النِّكَاح بآخر الْعدة، كَمَا كَانَت مَمْنُوعَة مِنْهُ بأولها: فَإِن الله ﷿ يَقُول: (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا) فَلَا يُؤمر: بِأَن يحل إنكاح الزَّوْج إِلَّا لمن قد حل لَهُ الزَّوْج.» . أَو: (فَلَا يُؤمر ... من إِلَخ) . إِذْ عبارَة الْأُم: (إِلَّا من)، وهى خطأ بِيَقِين.
(٤) فى الأَصْل: «ينْكح»، والتصحيح عَن الْأُم (ص ١٢٨) . [.....]
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ (ص ١٢٨) . وفى الأَصْل: «لكل لَا يمْنَع»، وَهُوَ تَحْرِيف.
(٦) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ص ١٢٨) .
(٧) هُوَ ابْن عَم لَهُ، كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١١) .
(٨) فى الْمُخْتَصر (ج ٣ ص ٢٥٧): «فانقضت» .
 
طَلَبَ نِكَاحَهَا وَطَلَبَتْهُ، فَقَالَ: زَوَّجْتُكَ- دُونَ غَيْرِكَ- أُخْتِي»
، ثُمَّ:
طَلَّقْتهَا، لَا أُنْكِحُكَ «٢» أَبَدًا. فَنَزَلَتْ: (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ، فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ «٣») .»
«قَالَ: وَهَذِهِ «٤» الْآيَةُ أَبْيَنُ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿: دَلَالَةً عَلَى أَنْ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ: أَنْ «٥» تُنْكِحَ نَفْسَهَا.»
«وَفِيهَا: دَلَالَةٌ «٦» عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ يَتِمُّ بِرِضَا الْوَلِيِّ مَعَ الْمُزَوَّجِ وَالْمُزَوَّجَةِ «٧» .» .
قَالَ الشَّيْخُ ﵀: هَذَا الَّذِي نَقَلْتُهُ-: مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ ﵀ فِي أُمَّهَاتِ الْمُؤمنِينَ، إِلَى هَاهُنَا.- بَعْضُهُ فِي مَسْمُوعٍ لِي «٨»:
(١) هَذَا فى الْمُخْتَصر مقدم على مَا قبله.
(٢) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم (ص ١٢٨) وفى الْمُخْتَصر: «أنكحكها» وفى الْأُم (ص ١٤٩) «أزَوّجكَهَا» وَلَا فرق: إِذا الْمَحْذُوف مُقَدّر.
(٣) رَاجع فى ذَلِك السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٠٣- ١٠٤ و١٣٨) .
(٤) فى الْأُم (ص ١٤٩): «فَهَذِهِ» .
(٥) فى الْمُخْتَصر: «أَن تتَزَوَّج بِغَيْر ولى» .
(٦) كَذَا بِالْأَصْلِ والام (ص ١٢٨) وفى الام (ص ١٤٩): «الدّلَالَة»،
(٧) كَذَا بِالْأَصْلِ وفى الْأُم (ص ١٢٨) «الزَّوْج وَالزَّوْجَة»، وفى الْأُم (ص ١٤٩): «والمنكحة والناكح»، ثمَّ قَالَ فِيهَا بعد ذَلِك وعَلى أَن على الْوَلِيّ أَن لَا يعضل. فَإِذا كَانَ عَلَيْهِ أَن لَا يعضل فعلى السُّلْطَان التَّزْوِيج إِذا عضل: لِأَن من منع حَقًا: فَأمر السُّلْطَان جَائِز عَلَيْهِ أَن يَأْخُذهُ مِنْهُ «وإعطاؤه عَلَيْهِ» .
(٨) فى الأَصْل: «بعضه لى فِي مسموع» . وَالظَّاهِر مَا صنعنَا، وان التَّقْدِيم من النَّاسِخ.
 
قِرَاءَةً عَلَى شَيْخِنَا وَبَعْضُهُ غَيْرُ مَسْمُوعٍ: فَإِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ فِي النَّقْلِ. فَرَوَيْت الْجَمِيعَ بِالْإِجَازَةِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَاحْتَجَّ (أَيْضًا) - فِي اشْتِرَاطِ الْوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ «١» -: بِقَوْلِهِ ﷿: (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ: بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ: ٤- ٣٤) وَبِقَوْلِهِ (تَعَالَى) فِي الْإِمَاءِ: (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ: ٤- ٢٥) .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاس، نَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ، وَالصَّالِحِينَ: مِنْ عِبادِكُمْ، وَإِمائِكُمْ: ٢٤- ٣٢) .»
«قَالَ: وَدَلَّتْ «٢» أَحْكَامُ اللَّهِ، ثُمَّ رَسُولِهِ ﷺ: عَلَى أَنْ لَا مِلْكَ لِلْأَوْلِيَاءِ [آبَاءً كَانُوا أَوْ غَيْرُهُمْ «٣»] عَلَى أَيَامَاهُمْ- وَأَيَامَاهُمْ:
الثَّيِّبَاتُ.-: قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ، فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ: ٢- ٢٣٢) وَقَالَ (تَعَالَى) فِي
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١١ و١٤٩) . وراجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٢٤) بعض مَا ورد فى ذَلِك.
(٢) فى الْأُم (ج ٥ ص ٣٦): «فدلت» وَمَا فى الأَصْل هُوَ الظَّاهِر. [.....]
(٣) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ٣٦) للايضاح والفائدة.
 
الْمُعْتَدَّاتِ: (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ: فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ) الْآيَةُ «١» وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا [وَإِذْنُهَا: صُمَاتُهَا «٢» .]» .
[مَعَ مَا «٣»] سِوَى ذَلِكَ.»
«وَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ: عَلَى أَنَّ الْمَمَالِيكَ لِمَنْ مَلَكَهُمْ، [وَأَنَّهُمْ «٤»] لَا يَمْلِكُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [شَيْئًا «٥»] .»
«وَلَمْ أَعْلَمْ دَلِيلًا: عَلَى إيجَابِ [إنْكَاحِ «٦»] صَالِحِي الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ- كَمَا وَجَدْتُ الدَّلَالَةَ: عَلَى إنْكَاحِ «٧» الْحَرَائِرِ «٨» .- إلَّا مُطْلَقًا.»
«فَأَحَبُّ إلَيَّ: أَنْ يُنْكَحَ «٩» [مَنْ بَلَغَ]: مِنْ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ، ثُمَّ صَالِحُوهُمْ خَاصَّةً.»
«وَلَا يَبِينُ «١٠» لِي: أَنْ يُجْبَرَ أَحَدٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْآيَةَ مُحْتَمِلَةٌ: أَنْ تَكُونَ أُرِيدَ بِهَا «١١»: الدَّلَالَةُ «١٢» لَا الْإِيجَابُ.» .
(١) تَمامهَا: (بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ: ٢- ٢٣٤) .
(٢) زِيَادَة للفائدة عَن الْأُم (ج ٥ ص ١٥ و١٢٨ و١٥٠) . وراجع فِيهَا كَلَامه الْمُتَعَلّق بذلك لفائدته الْعَظِيمَة وراجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١١٥ و١١٨- ١١٩ و١٢٢- ١٢٣) .
(٣) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ٣٦) وَبَعضهَا ضرورى، وَبَعضهَا للايضاح أَو الْفَائِدَة
(٤) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ٣٦) وَبَعضهَا ضرورى، وَبَعضهَا للايضاح أَو الْفَائِدَة
(٥) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ٣٦) وَبَعضهَا ضرورى، وَبَعضهَا للايضاح أَو الْفَائِدَة
(٦) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ٣٦) وَبَعضهَا ضرورى، وَبَعضهَا للايضاح أَو الْفَائِدَة
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ (ج ٥ ص ٣٦) وَهُوَ الظَّاهِر وَالْمُنَاسِب. وفى الأَصْل: «نِكَاح» .
(٨) فى الْأُم: «الْحر» .
(٩) أَي: يُزَوّج.
(١٠) فى الْأُم: «يتَبَيَّن» وَلَا فرق.
(١١) أَي: بِالْأَمر الَّذِي اشْتَمَلت عَلَيْهِ، وَهُوَ: (انكحوا) . أَو فى الْأُم: «أَن يكون أُرِيد بِهِ» .
(١٢) أَي: النّدب.
 
وَذَهَبَ فِي الْقَدِيمِ «١»: «إلَى أَنَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَشْتَرِيَ: إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ.» .
وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِهِ: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا: عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ: ١٦- ٧٥) بِأَنْ قَالَ: «إنَّمَا هَذَا- عِنْدَنَا-: عَبْدٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ مَثَلًا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا «٢»: فَقَدْ يَزْعُمُ: أَنَّ الْعَبْدَ يَقْدِرُ عَلَى أَشْيَاءَ (مِنْهَا):
مَا يُقِرُّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ: مِنْ الْحُدُودِ الَّتِي تُتْلِفُهُ [أَ «٣»] وتَنْقُصُهُ. (وَمِنْهَا): مَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ: جَازَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَإِقْرَارُهُ.»
«فَإِنْ اعْتَلَّ بِالْإِذْنِ «٤»: فَالشِّرَى «٥» بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَيْضًا. فَكَيْفَ «٦» يَمْلِكُ بِأَحَدٍ الْإِذْنَيْنِ، وَلَا يَمْلِكُ بِالْآخَرِ؟!.» .
ثُمَّ رَجَعَ عَنْ هَذَا، فِي الْجَدِيدِ وَاحْتَجَّ «٧» بِهَذِهِ الْآيَةِ «٨»، وَذَكَرَ قَوْله تَعَالَى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ، أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ: [فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ «٩»]: ٢٣- ٥- ٦ و٧٠- ٢٩- ٣٠) .
(١) فى الأَصْل: «التَّقْدِيم» . وَهُوَ تَحْرِيف. [.....]
(٢) أَي: غير حر.
(٣) زِيَادَة مُوضحَة منبهة.
(٤) أَي: فى مسئلة التِّجَارَة.
(٥) أَي: فى أصل الدَّعْوَى.
(٦) فى الأَصْل: «كَمَا لَهُ» وَهُوَ محرف، أَو فِيهِ نقص. فَلْيتَأَمَّل.
(٧) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٣٨) .
(٨) أَي: الَّتِي أجَاب عَنْهَا فى الْقَدِيم.
(٩) زِيَادَة لَا بَأْس بهَا، عَن الْأُم.
 
[ثُمَّ قَالَ»
]: «فَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ ﷿: [عَلَى «٢»] أَنَّ مَا أَبَاحَ «٣» -:
مِنْ «٤» الْفُرُوجِ.- فَإِنَّمَا أَبَاحَهُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ «٥»: النِّكَاحُ، أَوْ مَا مَلَكَتْ الْيَمِينُ فَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ مَالِكًا بِحَالٍ.» . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ «٦» .
(أَنَا) أَبُو زَكَرِيَّا بن أَبى إِسْحَق- فِي آخَرِينَ- قَالُوا: نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّهُ قَالَ- فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ «٧» [وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ «٨»]: ٢٤- ٣) .-: إنَّهَا مَنْسُوخَةٌ نَسَخَهَا قَوْلُ اللَّهِ
(١) الزِّيَادَة للتّنْبِيه.
(٢) زِيَادَة لَا بَأْس، عَن الْأُم.
(٣) فى الْأُم: «أَبَاحَهُ» .
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «بالفرج» وَهُوَ تَحْرِيف على مَا يظْهر.
(٥) فى الْأُم: «الْوَجْهَيْنِ» .
(٦) قَالَ فى الْأُم- بعد أَن ذكر آيَة العَبْد، وَحَدِيث: «من بَاعَ عبدا وَله مَال:
فَمَا لَهُ للْبَائِع إِلَّا أَن يَشْتَرِطه الْمُبْتَاع» .-: «فَدلَّ الْكتاب وَالسّنة: أَن العَبْد لَا يكون مَالِكًا مَالا بِحَال، وَأَن مَا نسب إِلَى ملكه: إِنَّمَا هُوَ إِضَافَة اسْم ملك إِلَيْهِ، لَا حَقِيقَة ...
فَلَا يحل (وَالله تَعَالَى أعلم) للْعَبد: أَن يتسرى: أذن لَهُ سَيّده، أَو لم يَأْذَن لَهُ. لِأَن الله (تَعَالَى) إِنَّمَا أحل التسرى للمالكين وَالْعَبْد لَا يكون مَالِكًا بِحَال.» . [.....]
(٧) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٥٣- ١٥٤): مَا روى فى سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة، وفى تَفْسِيرهَا.
(٨) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ١٠) .
 
﷿: (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ: ٢٤- ٣٢) فَهِيَ «١»: مِنْ أَيَامَى الْمُسْلِمِينَ.» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀ - فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ «٢» -: «فَهَذَا: كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَعَلَيْهِ دَلَائِلُ: مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ.» .
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ ﵀ سَائِرَ مَا قِيلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ «٣» وَهُوَ مَنْقُولٌ فِي (الْمَبْسُوطِ)، وَفِي كِتَابِ: (الْمَعْرِفَةِ) .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ بْن أَبِي عَمْرو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ ﵎: (فَانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ: مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ «٤» فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا: فَواحِدَةً، أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ: ٤- ٣) «٥» .»
(١) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٥٤) . وفى الْأُم (ج ٧ ص ٧٥):
«فهن» . وفى الأَصْل: «فَهُوَ» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٣١) وَانْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٥٤) وَالأُم (ج ٧ ص ٧٥) .
(٣) رَاجع الْأُم (ج ٥ ص ١٠- ١١ و١٣١- ١٣٢) .
(٤) فى الْأُم (ج ٥ ص ٣٦): «إِلَى قَوْله: (أَن لَا تعولُوا) .» .
(٥) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٤١- ١٤٢): مَا روى عَن عَائِشَة فى ذَلِك. وَقَالَ الشَّافِعِي (كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى ج ٧ ص ١٤٩): «فَأطلق الله مَا ملكت الْأَيْمَان: فَلم يخد فِيهِنَّ حدا ينتهى إِلَيْهِ. وانْتهى مَا أحل الله بِالنِّكَاحِ: إِلَى أَربع ودلت سنة رَسُول الله ﷺ - المبينة عَن الله-: أَن انتهاءه إِلَى أَربع تَحْرِيم مِنْهُ لِأَن يجمع أحد غير النَّبِي ﷺ بَين أَكثر من أَربع.» .
 
«فَكَانَ بَيِّنًا فِي الْآيَةِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِهَا: الْأَحْرَارُ.
لِقَوْلِهِ ﷿: (فَواحِدَةً، أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) «١» [لِأَنَّهُ «٢»] لَا يَمْلِكُ إلَّا الْأَحْرَارَ. وقَوْله تَعَالَى: (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) فَإِنَّمَا «٣» يَعُولُ:
مَنْ لَهُ الْمَالُ وَلَا مَالَ لِلْعَبْدِ.» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ تَلَا الْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ- فِي الْقُرْآنِ-: فِي النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ «٤» [ثُمَّ «٥»] قَالَ: «فَأَسْمَى «٦» اللَّهُ ﷿ النِّكَاحَ، اسْمَيْنِ: النِّكَاحَ، وَالتَّزْوِيجَ «٧» .» .
(١) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل زِيَادَة: «الْآيَة» . وَالظَّاهِر: أَن مَوضِع ذَلِك بعد القَوْل السَّابِق، وَأَن التَّأْخِير من النَّاسِخ. إِذْ لَا معنى لذكر ذَلِك هُنَا مَعَ أَنه اسْتدلَّ بعد بِالْبَاقِي من الْآيَة على حِدة.
(٢) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «إِنَّمَا» .
(٤) وهى- كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٣٣) -: قَوْله تَعَالَى لنَبيه: (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَرًا زَوَّجْناكَها: ٣٣- ٣٧) وَقَوله: (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها: ٤- ١) وَقَوله: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْواجُكُمْ: ٤- ١٢) وَقَوله: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ: ٢٤- ٦) وَقَوله: (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ: ٢- ٢٣٠) وَقَوله:
(وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ: إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها: ٣٣- ٥٠) وَقَوله:
(إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ: ٣٣- ٤٩) وَقَوله: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ: مِنَ النِّساءِ: ٤- ٢٢) .
(٥) زِيَادَة لَا بَأْس بهَا.
(٦) فى الْأُم (ج ٥ ص ٣٣): «فَسمى» . وفى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١١٣):
«سمى» .
(٧) رَاجع الْمُخْتَصر (ج ٣ ص ٢٧١- ٢٧٢) . [.....]
 
وَذَكَرَ «١» آيَةَ الْهِبَةِ، وَقَالَ: «فَأَبَانَ (جلّ ثَنَاؤُهُ): أَن الْهِبَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، دُونَ الْمُؤْمِنِينَ.» .
قَالَ: «وَالْهِبَةُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) تُجْمَعُ «٢»: أَنْ يَنْعَقِدَ «٣» لَهُ [عَلَيْهَا «٤»] عُقْدَةُ «٥» النِّكَاحِ بِأَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لَهُ بِلَا مَهْرٍ وَفِي هَذَا، دَلَالَةٌ: عَلَى أَنْ لَا يَجُوزُ نِكَاحٌ، إلَّا بِاسْمِ: النِّكَاحِ، [أَ «٦»] والتَّزْوِيجِ «٧» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ «٨» اللَّهُ ﷿: (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ: ٤- ٢٣ «٩») دُونَ أَدْعِيَائِكُمْ: الَّذِينَ تُسَمُّونَهُمْ أَبْنَاءَكُمْ «١٠» .» .
(١) هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ ﵀.
(٢) فى الْمُخْتَصر (ج ٣ ص ٢٧٢): «مجمع» .
(٣) كَذَا بالمختصر وَالأُم (ج ٥ ص ٣٣) وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «يعْقد» .
(٤) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٥) فى الأَصْل: «عقيدة» وَهُوَ تَحْرِيف، والتصحيح عَن الْأُم.
(٦) الزِّيَادَة عَن الْأُم والمختصر.
(٧) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «وَلَا يَقع بِكَلَام غَيرهم: وَإِن كَانَت مَعَه نِيَّة التَّزْوِيج.»
إِلَخ فَرَاجعه.
(٨) عِبَارَته فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٢): «فَأشبه (وَالله تَعَالَى أعلم) أَن يكون قَوْله:
(وحلائل)» إِلَخ. وهى مُتَعَلقَة بِكَلَام سَابق يجب الرُّجُوع إِلَيْهِ: لكى يفهم مَا هُنَا الَّذِي نجوز أَن يكون بِهِ سقط.
(٩) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٦٠- ١٦١) مَا روى عَن ابْن عَبَّاس وَالْحسن فى هَذَا، وَمَا قَالَه الْبَيْهَقِيّ نَفسه: فَهُوَ مُفِيد.
(١٠) قَالَ فى الْأُم- بعد ذَلِك وَقبل القَوْل الْآتِي-: «وَلَا يكون الرَّضَاع فى شىء من هَذَا» .
 
وَاحْتَجَّ [فِي] كُلٍّ»
بِمَا هُوَ مَنْقُولٌ فِي كِتَابِ: (الْمَعْرِفَةِ) ثُمَّ قَالَ:
«وَحَرَّمْنَا بِالرَّضَاعِ «٢»: بِمَا «٣» حَرَّمَ اللَّهُ «٤»: قِيَاسًا عَلَيْهِ وَبِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَنَّهُ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ «٥»: مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ. «٦» .»
وَقَالَ- فِي قَوْلِهِ ﷿: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ: مِنَ النِّساءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ: ٤- ٢٢ «٧») وَفِي قَوْلِهِ ﷿: (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ: ٤- ٢٣) .-: «كَانَ أَكْبَرُ وَلَدِ الرَّجُلِ: يَخْلُفُ عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ وَكَانَ الرَّجُلُ: يَجْمَعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ. فَنَهَى اللَّهُ ﷿: عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ أَحَدٌ: يَجْمَعُ فِي عُمْرِهِ بَيْنَ أُخْتَيْنِ، أَوْ يَنْكِحَ «٨» مَا نكح أَبوهُ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَبْلَ عِلْمِهِمْ بِتَحْرِيمِهِ.
لَيْسَ: أَنَّهُ أَقَرَّ فِي أَيْدِيهِمْ، مَا كَانُوا قَدْ جَمَعُوا بَيْنَهُ، قَبْلَ الْإِسْلَامِ. [كَمَا أَقَرَّهُمْ
(١) أَي: فى تَحْرِيم حَلِيلَة الابْن من الرضَاعَة، وَعدم تَحْرِيم حَلِيلَة المتبنى بعد طَلاقهَا مِنْهُ.
انْظُر الْأُم (ج ٥ ص ٢١- ٢٢) .
(٢) فى الْأُم: «من الرَّضَاع» .
(٣) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم وَحذف الْبَاء أولى.
(٤) أَي: من النّسَب. [.....]
(٥) أخرجه فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٥٩ و٤٥١- ٤٥٢) من طَرِيق عَائِشَة، بِلَفْظ: «الرضاغة» .
(٦) فى الْأُم (ج ٥ ص ٢١): «النّسَب» .
(٧) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٦١- ١٦٢): مَا روى فى سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة.
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٦٣) وفى الأَصْل: «وَأَن ينْكح» .
وَمَا فيهمَا أنسب. وراجع فى السّنَن: مَا روى عَن مقَاتل بن سُلَيْمَان. وَمُقَاتِل ابْن حَيَّان.
 
النَّبِيُّ ﷺ عَلَى نِكَاحِ الْجَاهِلِيَّةِ: الَّذِي لَا يَحِلُّ فِي الْإِسْلَامِ بِحَالٍ. «١»]» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى مَاتَتْ، أَوْ طَلَّقَهَا [فَأَبَانَهَا «٢»]-: فَلَا «٣» بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَتَهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ عَقْدُ نِكَاحِ أُمِّهَا: لِأَنَّ اللَّهَ ﷿ قَالَ: (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ: ٤- ٢٣) .» زَادَ فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ «٤»: «لِأَنَّ الْأُمَّ مُبْهَمَةُ التَّحْرِيمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿: لَيْسَ فِيهَا شَرْطٌ إنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ «٥» .» . وَرَوَاهُ «٦» عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
وَفَسَّرَ الشَّافِعِيُّ «٧» ﵀ - فِي «٨» قَوْلِهِ ﷿: (وَالْمُحْصَناتُ)
(١) زِيَادَة مفيدة، عَن الْأُم.
(٢) زِيَادَة مفيدة، عَن الْأُم (ج ٥ ص ١٣٣) .
(٣) عِبَارَته فى الْأُم (ج ٥ ص ٢١ و١٣٣): «فَكل بنت لَهَا- وَإِن سفلت- حَلَال:
لقَوْل الله ﷿: (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ: فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ: ٤- ٢٣) .» .
(٤) من الْأُم (ج ٥ ص ٢١) .
(٥) قَالَ فى الْأُم (ص ١٣٣): «وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين، مِمَّن لقِيت: من الْمُفْتِينَ.»
زَاد فى صفحة (٢١): «وَقَول بعض أَصْحَاب النَّبِي» . وَقَالَ (على مَا فى السّنَن الْكُبْرَى:
ج ٧ ص ١٥٩): «وَهُوَ يرْوى عَن عمر وَغَيره» .
(٦) أَي: هَذَا التَّعْلِيل. انْظُر الْأُم (ج ٥ ص ٢١) . وَانْظُر أَيْضا كَلَامه فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٥): فَهُوَ مُفِيد.
(٧) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٦٧) مَا روى عَن ابْن عَبَّاس، وَابْن مَسْعُود: مِمَّا يُوَافق تَفْسِير الشَّافِعِي الْآتِي.
(٨) كَذَا بِالْأَصْلِ: على تضمين «فسر» معنى القَوْل.
 
(مِنَ النِّساءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ: ٤- ٢٤ «١») .-: «بِأَنَّ «٢» ذَوَاتَ الْأَزْوَاجِ-: مِنْ الْحَرَائِرِ، وَالْإِمَاءِ.- مُحَرَّمَاتٌ عَلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ «٣»، [حَتَّى يُفَارِقَهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ: بِمَوْتٍ، أَوْ فُرْقَةِ طَلَاق، أَو فسح نِكَاحٍ. «٤»] إلَّا السَّبَايَا: [فَإِنَّهُنَّ مُفَارِقَاتٌ لَهُنَّ: بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ. «٥»]» .
وَاحْتَجَّ- فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيُّ، عَنْهُ-: بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁: أَنَّهُ قَالَ: «أَصَبْنَا سَبَايَا «٦»: لَهُنَّ أَزْوَاجٌ فِي الشِّرْكِ فَكَرِهْنَا: أَنْ نَطَأَهُنَّ فَسَأَلْنَا النَّبِيَّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ فَنَزَلَ: (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) «٧» .» .
(١) قَالَ فى الْأُم (ج ٥ ص ١٣٤): «... وَالْآيَة تدل عَليّ أَنه لم يرد بالإحصان هَاهُنَا: الْحَرَائِر فَبين: أَنه إِنَّمَا قصد بِالْآيَةِ: قصد ذَوَات الْأزْوَاج. ثمَّ دلّ الْكتاب وَإِجْمَاع أهل الْعلم: أَن ذَوَات الْأزْوَاج» إِلَى آخر مَا هُنَا.
(٢) فى الأَصْل: «بِإِذن» وَهُوَ تَحْرِيف. [.....]
(٣) قَالَ فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٦٧- ١٦٨): «وَاسْتدلَّ الشَّافِعِي ﵀ - فى أَن ذَوَات الْأزْوَاج: من الْإِمَاء يحرمن على غير أَزوَاجهنَّ وَأَن الِاسْتِثْنَاء فى قَوْله:
(إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) مَقْصُور على السبايا.-: بِأَن السّنة دلّت على أَن الْمَمْلُوكَة غير المسبية: إِذا بِيعَتْ أَو أعتقت لم يكن بيعهَا طَلَاقا لِأَن النَّبِي ﷺ خير بَرِيرَة- حِين عتقت-: فى الْمقَام مَعَ زَوجهَا، وفراقه. وَقد زَالَ ملك بَرِيرَة: بِأَن بِيعَتْ فأعتقت. فَكَانَ زَوَاله الْمَعْنيين، وَلم يكن ذَلِك فرقة. قَالَ: فَإِذا لم يحل فرج ذَوَات الزَّوْج:
بِزَوَال الْملك فهى إِذا لم تبع: لم تحل بِملك يَمِين، حَتَّى يطلقهَا زَوجهَا.» . اهـ. فَرَاجعه، وراحع مَا نَقله عَن الْمَذْهَب الْقَدِيم، وَمَا عقب بِهِ عَلَيْهِ: فَهُوَ مُفِيد جدا.
(٤) زِيَادَة مفيدة، عَن الْأُم (ج ٥ ص ١٣٤) .
(٥) زِيَادَة مفيدة، عَن الْأُم (ج ٥ ص ١٣٤) .
(٦) انْظُر فى الْأُم كَلَامه، فى أَن السباء قطع للعصمة.
(٧) أخرجه مطولا، فِي السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٦٧) .
 
وَاحْتج بِغَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا «١» وَهُوَ مَنْقُولٌ فى كتاب: (الْمَعْرُوفَة) .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ: فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ: فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ: لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ، وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ: ٦٠- ١٠) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ «٢»): فَاعْرِضُوا عَلَيْهِنَّ الْإِيمَانُ، فَإِنْ قَبِلْنَ، وَأَقْرَرْنَ [بِهِ «٣»]: فقد علمتوهن مُؤْمِنَاتٍ. وَكَذَلِكَ:
عِلْمُ بَنِي آدَمَ الظَّاهِرُ قَالَ اللَّهُ ﷿: (اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ) يَعْنِي:
بِسَرَائِرِهِنَّ فِي إيمَانِهِنَّ. «٤»» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَزَعَمَ «٥» بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مُهَاجِرَةٍ [مِنْ «٦»] أَهْلِ مَكَّةَ- فَسَمَّاهَا بَعْضُهُمْ: ابْنَةَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ. «٧» - وَأَهْلُ مَكَّةَ: أهل أوثان. و: أَن قَوْلَ اللَّهِ ﷿: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ)
(١) انْظُر الْأُم (ج ٥ ص ١٣٤- ١٣٥) .
(٢) يعْنى: تَأْوِيل ذَلِك.
(٣) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ٣٩) .
(٤) قَالَ فى الْأُم- بعد ذَلِك-: «وَهَذَا يدل: على أَن لم يُعْط أحد من بنى آدم: أَن يحكم على غير ظَاهر.» . وراجع كَلَامه الْمُتَعَلّق بِهَذَا الْمقَام، فى الْأُم (ج ٦ ص ٢٠١- ٢٠٦ وَج ٧ ص ٢٦٨- ٢٧٢): فَهُوَ أَجود مَا كتب.
(٥) فى الْأُم (ج ٥ ص ٥): «فَزعم» وَقد ذكر فِيهَا قبله الْآيَة السَّابِقَة.
(٦) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا عَن الْأُم، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٧٠) .
(٧) هى أم كُلْثُوم كَمَا فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٢١٠) وَالأُم (ج ٤ ص ١١٢- ١١٣)
 
(الْكَوافِرِ: ٦٠- ١٠) قَدْ «١» نَزَلَتْ فِي مُهَاجِرِ «٢» أَهْلِ مَكَّةَ مُؤْمِنًا. وَإِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْهُدْنَةِ «٣» .»
«وَقَالَ اللَّهُ ﷿: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ «٤» وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ: وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا «٥» تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ: وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ: ٢- ٢٢١) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ قِيلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: إنَّهَا نَزَلَتْ فِي جَمَاعَةِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ: الَّذِينَ هُمْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ «٦» فَحَرَّمَ «٧»: نِكَاحَ نِسَائِهِمْ، كَمَا حَرَّمَ «٨»:
أَنْ يَنْكِحَ «٩» رِجَالهمْ الْمُؤْمِنَات «١٠»» فَإِن كَانَ هَذَا هَكَذَا: فَهَذِهِ الْآيَةُ «١١» ثَابِتَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخٌ.»
«وَقَدْ قِيلَ: هَذِهِ الْآيَةُ فِي جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ نَزَلَتْ الرُّخْصَةُ [بَعْدَهَا «١٢»]:
(١) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(٢) فى الْأُم: «فِيمَن هَاجر من» . وفى الأَصْل:
«مهاجرى» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن السّنَن الْكُبْرَى. [.....]
(٣) الَّتِي كَانَت بَين النَّبِي وكفار مَكَّة، عَام الْحُدَيْبِيَة. انْظُر الْأُم (ج ٥ ص ٣٩)، وراجع أَسبَاب النُّزُول للواحدى (ص ٣١٧- ٣١٨) .
(٤) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٧١): مَا رُوِيَ فى ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَمُجاهد.
(٥) هَذَا إِلَخ غير مَوْجُود بِالْأُمِّ (ج ٥ ص ٥) .
(٦) فى السّنَن الْكُبْرَى: «أوثان» .
(٧) فى السّنَن الْكُبْرَى: «يحرم» .
(٨) فى السّنَن الْكُبْرَى: «يحرم» .
(٩) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى، وَهُوَ الْأَنْسَب للاية. وفى الْأُم: «تنْكح» .
(١٠) رَاجع فى ذَلِك، أَسبَاب النُّزُول للواحدى (ص ٤٩- ٥١) .
(١١) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى وفى الْأُم: «الْآيَات» . أَي: هَذِه وَآيَة الممتحنة.
(١٢) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
 
فِي إحْلَالِ نِكَاحِ «١» حَرَائِرِ «٢» أَهْلِ الْكِتَابِ «٣» خَاصَّةً «٤» كَمَا جَاءَتْ فِي إحْلَالِ ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ. قَالَ اللَّهُ ﷿: (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ، وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ: مِنَ الْمُؤْمِناتِ، وَالْمُحْصَناتُ «٥»: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ: ٥- ٥) .»
«قَالَ: فَأَيُّهُمَا كَانَ: فَقَدْ أُبِيحَ [فِيهِ «٦»] نِكَاحُ حَرَائِرِ أَهْلِ الْكِتَابِ «٧» .»
«وَقَالَ: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ: فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ: مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) [إلَى قَوْلِهِ «٨»]: (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ الْآيَةُ «٩»»
(١) فى الأَصْل: «النِّكَاح» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٢) فى السّنَن الْكُبْرَى: «الْحَرَائِر» .
(٣) قَالَ الشَّافِعِي (كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى: ج ٧ ص ١٧٣): «وَأهل الْكتاب الَّذين يحل نِكَاح حرائرهم: أهل الْكِتَابَيْنِ الْمَشْهُورين-: التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل.- وهم:
الْيَهُود وَالنَّصَارَى من بنى إِسْرَائِيل دون الْمَجُوس.» . وراجع مَا سيأتى فى بَاب الْجِزْيَة.
(٤) رَاجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٧١- ١٧٢) . [.....]
(٥) ذكر فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٥): أَنه لم يخْتَلف الْمُسلمُونَ فى أَنَّهُنَّ الْحَرَائِر. وَانْظُر الْأُم (ج ٥ ص ٥) .
(٦) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ٥) .
(٧) انْظُر مَا قَالَه بعد ذَلِك، فى الْأُم.
(٨) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ٨) وَتَمام الْمَتْرُوك: (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ، بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ. فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ، وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ: مُحْصَناتٍ، غَيْرَ مُسافِحاتٍ، وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ. فَإِذا أُحْصِنَّ، فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ: فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَناتِ: مِنَ الْعَذابِ) .
(٩) تَمامهَا: (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ: ٤- ٢٥) .
 
«قَالَ: فَفِي [هَذِهِ «١»] الْآيَةِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)، دَلَالَةٌ: عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِهَذَا «٢»: الْأَحْرَارُ «٣» دُونَ الْمَمَالِيكِ «٤» -: لِأَنَّهُمْ الْوَاجِدُونَ لِلطَّوْلِ، الْمَالِكُونَ لِلْمَالِ، وَالْمَمْلُوكُ لَا يَمْلِكُ مَالًا بِحَالٍ «٥» .»
«وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ الْأَمَةِ «٦»، إلَّا: بِأَنْ لَا يَجِدَ الرَّجُلُ الْحُرُّ بِصَدَاقِ «٧» أَمَةٍ، طولا لحرة، و: بِأَن يَخَافَ الْعَنَتَ. وَالْعَنَتُ: الزِّنَا. «٨»»
قَالَ: «وَفِي إبَاحَةِ اللَّهِ الْإِمَاءَ «٩» الْمُؤْمِنَاتِ- عَلَى مَا شَرَطَ: لِمَنْ لَمْ يَجِدْ طَوْلًا وَخَافَ الْعَنَتَ «١٠» .- دَلَالَةٌ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ إمَاءِ «١١» أَهْلِ الْكِتَابِ، وَعَلَى أَنَّ الْإِمَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ «١٢» لَا يَحْلِلْنَ إلَّا: لِمَنْ جَمَعَ الْأَمْرَيْنِ، مَعَ إيمَانِهِنَّ «١٣» .» . وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي الْحُجَّةِ «١٤»
(١) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٥ ص ٨) .
(٢) فى الأَصْل. «بِهَذِهِ» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن الْأُم.
(٣) انْظُر الْمُخْتَصر (ج ٣ ص ٢٨٤) .
(٤) قَالَ بعد ذَلِك- فى الْأُم ص ٨-: «فَأَما الْمَمْلُوك: فَلَا بَأْس أَن ينْكح الْأمة لِأَنَّهُ غير وَاجِد طولا لحرة» . وفى الأَصْل بعض الِاخْتِصَار وَالتَّصَرُّف.
(٥) انْظُر مَا قَالَه فى الْأُم، بعد ذَلِك.
(٦) فى الْأُم زِيَادَة: «إِلَّا كَمَا وصفت فى أصل نِكَاحهنَّ» .
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «لصداق»، وَهُوَ تَحْرِيف.
(٨) انْظُر مَا قَالَه فى الْأُم، بعد ذَلِك.
(٩) فى الأَصْل: «لإماء»، وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح عَن الْأُم (ج ٥ ص ٥) . [.....]
(١٠) قَالَ فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٥) - بعد أَن ذكر نَحْو مَا تقدم-: «وفى هَذَا مَا دلّ على أَنه لم يبح نِكَاح أمة غير مُؤمنَة» اهـ. وَانْظُر بَقِيَّة كَلَامه: فَهُوَ مُفِيد.
(١١) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «مَا»، وَهُوَ تَحْرِيف.
(١٢) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٧٣- ١٧٥): مَا ورد فى نِكَاحهنَّ.
(١٣) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٧٧): مَا رَوَاهُ عَن الشَّافِعِي، وَعَن مُجَاهِد وَالْحسن وأبى الزِّنَاد.
(١٤) انْظُر الْأُم (ج ٥ ص ٥) .
 
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: «وَإِنْ كَانَتْ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي تَحْرِيمِ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ-: مِنْ «١» مُشْرِكِي أَهْلِ الْأَوْثَانِ.- (يَعْنِي «٢»:
قَوْلُهُ ﷿: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا: ٢- ٢٢١»:
فَالْمُسْلِمَاتُ مُحَرَّمَاتٌ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْهُمْ، بِالْقُرْآنِ: بِكُلِّ «٣» حَالٍ وَعَلَى مُشْرِكِي أَهْلِ الْكِتَابِ: لِقَطْعِ الْوِلَايَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَمَا لَمْ يَخْتَلِفْ النَّاسُ فِيهِ. عَلِمْتُهُ «٤» .» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ،، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٥» - فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ: ٤- ٢٤) .-: «مَعْنَاهُ «٦»: بِمَا أَحَلَّهُ [اللَّهُ «٧»] لَنَا-: مِنْ النِّكَاحِ، وَمِلْكِ الْيَمِينِ.- فِي كِتَابِهِ. لَا: أَنَّهُ أَبَاحَهُ بِكُلِّ وَجْهٍ «٨» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀:
«قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﵎: (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ: مِنْ)
(١) فى الْأُم (ج ٥ ص ٥): «وفى» وَمَا هُنَا هُوَ الظَّاهِر.
(٢) هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ.
(٣) فى الْأُم: «على كل» .
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «عَلَيْهِ»، وَهُوَ تَحْرِيف وَخطأ.
(٥) كَمَا فى الرسَالَة (ص ٢٣٢- ٢٣٣) .
(٦) هَذَا غير مَوْجُود فى الرسَالَة.
(٧) زِيَادَة عَن نُسْخَة الرّبيع.
(٨) رَاجع فى الْأُم (ج ٥ ص ٤- ٥ و٦٦ و١٣٣) كَلَامه الْمُتَعَلّق بِهَذَا الْمقَام.
 
(خِطْبَةِ النِّساءِ «١») إلَى قَوْلِهِ «٢»: (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ، حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ: ٢- ٢٣٥) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: بُلُوغُ «٣» الْكِتَابِ أَجَلَهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ «٤» .»
«قَالَ: وَإِذَا أَذِنَ اللَّهُ فِي التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ: فِي الْعِدَّةِ فَبَيَّنَ: أَنَّهُ «٥» حَظَرَ التَّصْرِيحَ فِيهَا «٦» . قَالَ تَعَالَى: (وَ[لكِنْ] لَا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا «٧») يَعْنِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): جِمَاعًا (إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا: ٢- ٢٣٥ «٨»):
حَسَنًا لَا فُحْشَ فِيهِ. وَذَلِكَ «٩»: أَنْ يَقُولَ: رَضِيتُك «١٠» إنَّ عِنْدِي لَجِمَاعًا «١١» يُرْضِي مَنْ جُومِعَهُ.»
«وَكَانَ هَذَا- وَإِنْ كَانَ تَعْرِيضًا- كَانَ «١٢» مَنْهِيًّا عَنْهُ: لِقُبْحِهِ. وَمَا
(١) رَاجع فى الْأُم (ج ٥ ص ١٤١) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٧٧- ١٧٨) مَا روى فى ذَلِك: فَفِيهِ فَوَائِد جمة. [.....]
(٢) فى الْأُم (ج ٥ ص ٣٢): «أَو أكننتم فى أَنفسكُم الْآيَة» . وَتَمام الْمَتْرُوك: (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لَا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا، إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا) .
(٣) فى الْأُم: «وبلوغ» .
(٤) انْظُر مَا قَالَه بعد ذَلِك فى الْأُم.
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «أَن» .
(٦) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «وَخَالف بَين حكم التَّعْرِيض وَالتَّصْرِيح» إِلَخ. فَرَاجعه وراجع أَيْضا كَلَامه فى الْأُم (ج ٥ ص ١١٨ و١٤٢) لعظم فَائِدَته.
(٧) رَاجع مَا ورد فى ذَلِك، فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٧٩) لأهميته.
(٨) فى الْأُم (ج ٥ ص ٣٢) زِيَادَة: «قولا» .
(٩) أَي: مَا فِيهِ فحش.
(١٠) كَذَا بِالْأُمِّ وَهُوَ الظَّاهِر الْمُنَاسب لما بعد. وفى الأَصْل: «أَن تَقول يرضيك» .
(١١) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «جماعا» . وَمَا فى الام أحسن.
(١٢) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ وزيادته للتاكيد وَدفع اللّبْس.
 
عَرَّضَ بِهِ مِمَّا سِوَى هَذَا-: مِمَّا تَفْهَمُ «١» الْمَرْأَةُ بِهِ: أَنَّهُ يُرِيدُ نِكَاحَهَا.-:
فَجَائِزٌ لَهُ وَكَذَلِكَ: التَّعْرِيضُ بِالْإِجَابَةِ [لَهُ «٢»]، جَائِزٌ «٣» لَهَا «٤» .»
«قَالَ: وَالْعِدَّةُ الَّتِي أَذِنَ اللَّهُ بِالتَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ فِيهَا-: الْعِدَّةُ مِنْ وَفَاةِ الزَّوْجِ «٥» . وَلَا يَبِينُ «٦»: أَنْ لَا يَجُوزَ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ: الَّذِي لَا يَمْلِكُ فِيهِ الْمُطَلِّقُ، الرَّجْعَةَ.» .
وَاحْتَجَّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ «٧» - عَلَى أَنَّ السِّرَّ: الْجِمَاعُ «٨» .-: بِدَلَالَةِ الْقُرْآنِ [ثُمَّ قَالَ «٩»]: «فَإِذَا أَبَاحَ التَّعْرِيضَ-: وَالتَّعْرِيضُ، عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، جَائِزٌ: سِرًّا وَعَلَانِيَةً «١٠» .-: فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَوَهَّمَ: أَنَّ السِّرَّ: سِرُّ التَّعْرِيضِ وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْنًى غَيْرِهِ وَذَلِكَ الْمَعْنَى: الْجِمَاعُ. قَالَ «١١» امْرُؤُ الْقَيْسِ
(١) فى الْأُم: «يفهم» . وَلَا فرق فى الْمَعْنى.
(٢) الزِّيَادَة للايضاح، عَن الْأُم.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «جَازَ» . [.....]
(٤) انْظُر مَا ذكره فى الْأُم، بعد ذَلِك.
(٥) قَالَ فى الْأُم- بعد ذَلِك-: «وَإِذا كَانَت الْوَفَاة: فَلَا زوج يُرْجَى نِكَاحه بِحَال.» .
(٦) هَذَا إِلَخ، مُخْتَصر بِتَصَرُّف من عبارَة الْأُم (ج ٥ ص ٣٢) وهى: «وَلَا أحب أَن يعرض الرجل للْمَرْأَة، فى الْعدة من الطَّلَاق الَّذِي لَا يملك فِيهِ الْمُطلق الرّجْعَة-: احْتِيَاطًا.
وَلَا يبين أَن لَا يجوز ذَلِك: لِأَنَّهُ غير مَالك أمره فى عدتهَا كَمَا هُوَ غير مَالِكهَا: إِذا خلت من عدتهَا.» .
(٧) من الْأُم (ج ٥ ص ١٤٢) .
(٨) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٧٩): مَا روى فى ذَلِك.
(٩) الزِّيَادَة للتّنْبِيه وَعبارَة الْأُم هى: «فالقرآن كالدليل عَلَيْهِ إِذْ أَبَاحَ» فَمَا فِي الأَصْل مُخْتَصر بِتَصَرُّف.
(١٠) فِي الْأُم زِيَادَة ملائمة لما فِيهَا، وهى: «فَإِذا كَانَ هَذَا» إِلَخ.
(١١) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم (ص ١١٨) والمختصر (ج ٣ ص ٢٨٠) . وفى الْأُم (ص ١٤٢): «وَقَالَ» .
 
أَلَا زَعَمَتْ بَسْبَاسَةُ «١»، الْيَوْمَ «٢»: أَنَّنِي كَبِرْتُ، وَأَنْ لَا يُحْسِنَ السِّرَّ «٣» أَمْثَالِي كَذَبْتِ: لَقَدْ أُصْبِيَ «٤» عَلَى الْمَرْءِ عِرْسَهُ وَأَمْنَعُ عِرْسِي: أَنْ يُزَنَّ «٥» بِهَا الْخَالِي «٦» وَقَالَ جَرِيرٌ يَرْثِي امْرَأَتَهُ:
كَانَتْ إذَا هَجَرَ الْخَلِيلُ «٧» فِرَاشَهَا: خُزِنَ الْحَدِيثُ، وَعَفَّتْ الْأَسْرَارَ.»
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا عُلِمَ: أَنَّ حَدِيثَهَا مَخْزُونٌ، فَخَزْنُ الْحَدِيثِ: [أَنْ «٨»] لَا يُبَاحَ بِهِ سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً. فَإِذَا وَصَفَهَا بِهَذَا «٩»: فَلَا مَعْنَى لِلْعَفَافِ «١٠» غَيْرَ الْأَسْرَارِ [وَ«١١»] الْأَسْرَارُ: الْجِمَاعُ.» .
وَهَذَا: فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ فَذَكَرَهُ.
(١) هى: امْرَأَة من بنى أَسد كَمَا فى الْقَامُوس وَشَرحه (مَادَّة: بس) . وَانْظُر شرح الدِّيوَان للسندوبى (ص ١٣٩) . وفى الأَصْل: (لبسباسة)، وَهُوَ تَحْرِيف مخل بِالْوَزْنِ.
(٢) كَذَا بِالْأَصْلِ والديوان وَشرح الْقَامُوس. وفى الْأُم (ص ١١٨ و١٤٢) والمختصر (ج ٣ ص ٢٨٨): «الْقَوْم» . وَالظَّاهِر أَنه تَحْرِيف.
(٣) فى شرح الْقَامُوس وَبَعض نسخ الدِّيوَان: «اللَّهْو» وَالِاسْتِدْلَال إِنَّمَا هُوَ بالرواية الأولى.
(٤) فى الأَصْل: «أَمْسَى» وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح عَن الْأُم والمختصر والديوان، وَاللِّسَان والتاج (مَادَّة: خلى) .
(٥) فى الأَصْل: «يرى» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٦) هُوَ: العزب الَّذِي لَا زَوْجَة لَهُ. [.....]
(٧) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم. وفى الدِّيوَان (ص ٢٠١): «الحليل» وَلَا فرق فى الْمَعْنى المُرَاد.
(٨) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا عَن الْأُم (ص ١٤٢) .
(٩) قَوْله: بِهَذَا، غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(١٠) فى الأَصْل: «لعفاف»، وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن الْأُم.
(١١) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا عَن الْأُم (ص ١٤٢) .
 
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «١» - فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ: ٢- ٢٢٢) .-: «يَعْنِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): الطَّهَارَةُ الَّتِي تَحِلُّ بِهَا الصَّلَاةُ لَهَا-:
[الْغُسْلُ وَالتَّيَمُّمُ «٢»] .» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٣» ﵀: «وَتَحْرِيمُ «٤» اللَّهِ ﵎ إتْيَانَ النِّسَاءِ فِي الْمَحِيضِ «٥» -: لِأَذَى الْحَيْضِ «٦» .-: كَالدَّلَالَةِ عَلَى: [أَنَّ «٧»] إتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ مُحَرَّمٌ «٨» .» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٩»:
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٥٤) .
(٢) زِيَادَة مفيدة، عَن الْمُخْتَصر (ج ٣ ص ٢٩٣) . وراجع الْأُم (ج ٥ ص ٧) .
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٨٤) .
(٤) عبارَة الْأُم: «وَيُشبه أَن يكون تَحْرِيم» .
(٥) قَالَ الشَّافِعِي- (على مَا فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٩١) وَالأُم (ج ٥ ص ١٥٥- ١٥٦) -: «فخالفنا بعض النَّاس: فى مُبَاشرَة الرجل امْرَأَته، وإتيانه إِيَّاهَا وهى حَائِض.- فَقَالَ: قد روينَا خلاف مَا رويتم، فروينا: أَن يخلف مَوضِع الدَّم، ثمَّ ينَال مَا شَاءَ. وَذكر حَدِيثا لَا يُثبتهُ أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ.» .
(٦) انْظُر مَا قَالَه فى الْأُم بعد ذَلِك.
(٧) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٨) قَالَ فى الْمُخْتَصر (ج ٣ ص ٢٩٣): «لِأَن أَذَاهُ لَا يَنْقَطِع» . وَانْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٩٠- ١٩١) .
(٩) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٨٤) . [.....]
 
«قَالَ اللَّهُ ﷿: (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ: ٢- ٢٢٣) «١» .»
«قَالَ: وَبَيَّنَ: أَنَّ مَوْضِعَ الْحَرْثِ: مَوْضِعُ الْوَلَدِ وَأَنَّ اللَّهَ ﷿ أَبَاحَ الْإِتْيَانَ فِيهِ، إلَّا: فِي وَقْتِ الْحَيْضِ. وَ(أَنَّى شِئْتُمْ): مِنْ أَيْنَ شِئْتُمْ.»
«قَالَ: وَإِبَاحَةُ الْإِتْيَانِ فِي مَوْضِعِ الْحَرْثِ، يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ: تَحْرِيمَ إتْيَانٍ [فِي «٢»] غَيْرِهِ.»
«وَالْإِتْيَانُ «٣» فِي الدُّبُرِ-: حَتَّى يَبْلُغَ مِنْهُ مَبْلَغَ الْإِتْيَانِ فِي الْقُبُلِ.-
مُحَرَّمٌ: بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ، ثُمَّ السُّنَّةِ «٤» .» .
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «٥» (فِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إجَازَةً عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ الرَّبِيعِ، عَنْهُ) - فِي قَوْلِهِ ﷿: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ: فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ: فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ: ٢٣- ٥- ٧) .-:
(١) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٩٤- ١٩٩): مَا ورد فى سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة. وفى مسئلة إتْيَان الْمَرْأَة فى الدبر. وراجع كَلَام الشَّافِعِي أَيْضا فى هَذَا الْمقَام، فى الْأُم (ج ٥ ص ١٥٦): فَهُوَ مُفِيد جدا. وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج ٣ ص ٢٩٣- ٢٩٤) .
(٢) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٣) فى الْأُم: «فالإتيان» .
(٤) رَاجع فى الْأُم: مَا أوردهُ من السّنة، وَمَا ذكره بعد فَفِيهِ فَوَائِد جمة.
(٥) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٨٤) .
 
«فَكَانَ بَيِّنًا- فِي ذِكْرِ حِفْظِهِمْ لِفُرُوجِهِمْ، إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ، أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ-: تَحْرِيمُ مَا سِوَى الْأَزْوَاجِ وَمَا مَلَكَتْ الْأَيْمَانُ.»
«وَبَيَّنَ: أَنَّ الْأَزْوَاجَ وَمِلْكَ الْيَمِينِ: مِنْ الْآدَمِيَّاتِ دُونَ الْبَهَائِمِ. ثُمَّ أَكَّدَهَا، فَقَالَ: (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ: فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) .»
«فَلَا يَحِلُّ الْعَمَلُ بِالذَّكَرِ، إلَّا: فِي زَوْجَةٍ «١»، أَوْ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ «٢» . وَلَا يَحِلُّ الِاسْتِمْنَاءُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ «٣»» .
وَ[قَالَ «٤»]- فِي قَوْلِهِ: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكاحًا، حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ: ٢٤- ٣٣) .-:
«مَعْنَاهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): لِيَصْبِرُوا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ. وَهُوَ: كَقَوْلِهِ ﷿ فِي مَالِ الْيَتِيمِ: (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ٤- ٦): لِيَكُفَّ عَنْ أَكْلِهِ بِسَلَفٍ، أَوْ غَيْرِهِ.» .
قَالَ: «وَكَانَ- فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ، أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) .- بَيَانُ: أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِهَا: الرِّجَالُ لَا: «٥» النِّسَاءُ.»
(١) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٩٩) . وفى الْأُم: «الزَّوْجَة» .
(٢) فى السّنَن الْكُبْرَى: «يَمِين» .
(٣) رَاجع الْأُم (ج ٥ ص ١٢٩) .
(٤) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم (ج ٥ ص ٨٤) .
(٥) فى الأَصْل: «وَالنِّسَاء» وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح عَن الْأُم.
 
«فَدَلَّ: عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ [لِلْمَرْأَةِ «١»]: أَنْ تَكُونَ مُتَسَرِّيَةً بِمَا «٢» مَلَكَتْ يَمِينُهَا لِأَنَّهَا: مُتَسَرَّاةٌ «٣» أَوْ مَنْكُوحَةٌ لَا: نَاكِحَةٌ إلَّا بِمَعْنَى:
أَنَّهَا مَنْكُوحَةٌ «٤» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ ﵀، قَالَ «٥»: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً: ٤- ٤) وَقَالَ: (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ، وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ: ٤- ٢٥) .» .
وَذَكَرَ «٦» سَائِرَ الْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الصَّدَاقِ «٧»، ثُمَّ قَالَ: «فَأَمَرَ اللَّهُ
(١) زِيَادَة مُوضحَة، عَن الْأُم.
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «مشترية مَا» . وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٣) فى الأَصْل: «مشتراة» والتصحيح عَن الْأُم.
(٤) أَي: على سَبِيل الْمجَاز الْمُرْسل، من بَاب إِطْلَاق اسْم الْفَاعِل وَإِرَادَة اسْم الْمَفْعُول.
وَانْظُر مَا ذكره بعد ذَلِك فى الْأُم (ج ٥ ص ٨٤- ٨٥) . [.....]
(٥) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٥١ و١٤٢) .
(٦) هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ.
(٧) وهى قَوْله تَعَالَى: (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ: فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً: ٤- ٢٤) وَقَوله: (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ: ٤- ١٩) وَقَوله: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ: وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا: ٤- ٢٠) وَقَوله: (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ: بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ، وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ: ٤- ٣٤) وَقَوله: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكاحًا، حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ: ٢٤- ٣٣) .
 
﷿ الْأَزْوَاجَ: بِأَنْ «١» يُؤْتُوا النِّسَاءَ أُجُورَهُنَّ وَصَدُقَاتِهِنَّ وَالْأَجْرُ [هُوَ «٢»]: الصَّدَاقُ وَالصَّدَاقُ هُوَ: الْأَجْرُ وَالْمَهْرُ. وَهِيَ كَلِمَةٌ عَرَبِيَّةٌ:
تُسَمَّى بِعِدَّةِ «٣» أَسْمَاءٍ.»
«فَيَحْتَمِلُ هَذَا: أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِصَدَاقٍ، مَنْ فَرَضَهُ- دُونَ مَنْ لَمْ يَفْرِضْهُ-: دَخَلَ، أَوْ لَمْ يَدْخُلْ. لِأَنَّهُ حَقٌّ أَلْزَمَهُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ: فَلَا يَكُونُ لَهُ حَبْسُ شَيْءٍ مِنْهُ «٤»، إلَّا بِالْمَعْنَى الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ [لَهُ «٥»] وَهُوَ:
أَنْ يُطَلِّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ. قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ-: وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً.-: فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ «٦» إِلَّا: أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ: ٢- ٢٣٧) .»
«وَيَحْتَمِلُ: أَنْ يَكُونَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ «٧»: وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَهْرًا، وَلَمْ «٨» يَدْخُلْ.»
(١) فى الْأُم (ص ١٤٢): «أَن» .
(٢) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ (ص ١٤٢) . وفى الأَصْل وَالأُم (ص ٥١): «بِعَدَد» .
(٤) عبارَة الْأُم (ص ١٤٢): «وَلَا يكون لَهُ حبس لشىء مِنْهُ» .
(٥) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٦) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٥٤- ٢٥٥): مَا روى عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره.
(٧) فى الْأُم: «بالعقدة» وَلَا فرق.
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ وَفِي الأَصْل: «وَإِن لم» وَلَا داعى للزِّيَادَة.
 
«وَيَحْتَمِلُ: أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ لَا يَلْزَمُ أَبَدًا «١»، إلَّا: بِأَنْ يُلْزِمَهُ الْمَرْءُ «٢» نَفْسَهُ، أَوْ يَدْخُلَ بِالْمَرْأَةِ: وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَهْرًا.»
«فَلَمَّا احْتَمَلَ الْمَعَانِي الثَّلَاثَ، كَانَ أَوْلَاهَا «٣» أَنْ يُقَالَ بِهِ: مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الدَّلَالَةُ: مِنْ كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إجْمَاعٍ.»
فَاسْتَدْلَلْنَا «٤» -: بِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: (لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ: مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ، أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ، وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ: ٢- ٢٣٦) «٥» .-: أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ [يَصِحُّ «٦»] بِغَيْرِ فَرِيضَةِ صَدَاقٍ «٧» وَذَلِكَ: أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى مَنْ عَقَدَ نِكَاحَهُ «٨» .» .
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ، إلَى أَنْ قَالَ: «وَكَانَ «٩» بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ (جَلَّ
(١) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ (ص ١٤٢) .
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «الْمهْر» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٣) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم (ص ١٤٢)، وَهُوَ الظَّاهِر. وَفِي الْأُم (ص ٥١): «أولاه» . [.....]
(٤) فى الْأُم (ص ٥١): «واستدللنا»، وَمَا أثبت أحسن.
(٥) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٤٤): مَا روى عَن ابْن عَبَّاس، وَابْن عمر، وَغَيرهمَا.
(٦) زياة لَا بُد مِنْهَا، عَن الْأُم (ص ٥١) . وَعبارَة الْأُم (ص ١٤٢) هى: «على أَن عقدَة النِّكَاح تصح» .
(٧) انْظُر الرسَالَة (ص ٣٤٥) .
(٨) فى الْأُم (ص ١٤٢): «إِلَّا على من تصح عقدَة نِكَاحه» . وَانْظُر كَلَامه بعد ذَلِك (ص ٥١- ٥٢) .
(٩) فى الأَصْل: «وكما» وَهُوَ محرف عَمَّا أثبتنا. وفى الْأُم (ص ٥٢): «فَكَانَ» .
 
ثَنَاؤُهُ): أَنَّ عَلَى النَّاكِحِ الْوَاطِئِ، صَدَاقًا «١»: بِفَرْضِ «٢» اللَّهِ ﷿ فِي الْإِمَاءِ: أَنْ يُنْكَحْنَ «٣» بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ، وَيُؤْتَيْنَ أُجُورَهُنَّ.- وَالْأَجْرُ:
الصَّدَاقُ.- وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ: فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ: ٤- ٢٤) وَقَالَ ﷿: (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً: إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ، إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ: أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ: ٣٣- ٥٠):
[خَالِصَةً بِهِبَةٍ وَلَا مَهْرَ فَأَعْلَمَ: أَنَّهَا لِلنَّبِيِّ ﷺ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ.] «٤»» .
وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى- فِي هَذِهِ الْآيَةِ-: «يُرِيدُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): النِّكَاحَ «٥» وَالْمَسِيسَ بِغَيْرِ مَهْرٍ «٦» فَدَلَّ «٧»: عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ
(١) فى الْأُم بعد ذَلِك، زِيَادَة: «لما ذكرت» أَي: من الْأَحَادِيث والآيات الَّتِي لم تذكر هُنَا.
(٢) عبارَة الْأُم: «فَفرض» وهى تكون ظَاهِرَة إِذا كَانَت الْفَاء عاطفة.
فَتَأمل.
(٣) فى الأَصْل: «ينكحوا» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن الْأُم.
(٤) الزِّيَادَة عَن الْأُم وهى وَإِن كَانَ مَعْنَاهَا يُؤْخَذ مِمَّا سيأتى فى الأَصْل، إِلَّا أَنا نجوز أَنَّهَا قد سَقَطت مِنْهُ: على مَا يشْعر بِهِ قَوْله: «وَقَالَ مرّة أُخْرَى فى هَذِه الْآيَة» .
(٥) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم (ص ٥١) . وفى الْأُم (ص ١٤٢): «بِالنِّكَاحِ» وَلَعَلَّ الْبَاء زَائِدَة من النَّاسِخ.
(٦) انْظُر مَا ذكره بعد ذَلِك، فى الْأُم (ج ٥ ص ٥٢) .
(٧) هَذَا إِلَخ، غير مَوْجُود بِالْأُمِّ (ص ٥٢)، وموجد بهَا (ص ١٤٢- ١٤٣) إِلَّا قَوْله: «فَدلَّ» . ونرجح أَنه سقط من نسخ الْأُم.
 
ﷺ: أَنْ يَنْكِحَ فَيَمَسَّ، إلَّا لَزِمَهُ مَهْرٌ. مَعَ دَلَالَةِ الْآيِ قَبْلَهُ»
.» .
وَقَالَ- فِي قَوْلِهِ ﷿: (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) .-: «يَعْنِي:
النِّسَاءُ «٢» .» .
[وَفِي قَوْله «٣»]: (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ: ٢- ٢٣٧) .
-: «يَعْنِي: الزَّوْجُ «٤» وَذَلِكَ: أَنَّهُ إنَّمَا يَعْفُو «٥» مَنْ لَهُ مَا يَعْفُوهُ «٦» .» .
وَرَوَاهُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁ وَجُبَيْرِ ابْن مُطْعِمٍ. وَابْنُ سِيرِينَ «٧»، وَشُرَيْحٌ «٨»، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ،
(١) انْظُر مَا ذكره بعد ذَلِك، فى الْأُم (ص ١٤٣) . [.....]
(٢) رَاجع مَا تقدم (ص ١٣٩، وَالأُم (ج ٣ ص ١٩٢- ١٩٣) .
(٣) زِيَادَة لَا بَأْس بهَا.
(٤) عِبَارَته فى الْأُم (ج ٥ ص ٦٦): «وَبَين عندى فى الْآيَة: أَن الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح: الزَّوْج.» . وَعبارَته فى الْأُم (ج ٥ ص ١٥١): «وفى الْآيَة كالدلالة على أَن الَّذِي» إِلَخ.
(٥) فى الْأُم (ص ٦٦): «يعفوه» وَعبارَة الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ٣٤): «إِنَّمَا يعْفُو من ملك» .
(٦) قَالَ بعد ذَلِك فى الْأُم (ص ٦٦): «فَلَمَّا ذكر الله (جلّ وَعز) عفوها عَمَّا ملكت:
من نصف الْمهْر أشبه: أَن يكون ذكر عَفوه لمَاله: من جنس نصف الْمهْر. وَالله أعلم» .
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ (ص ٦٦)، ومسند الشَّافِعِي بِهَامِش الْأُم (ج ٦ ص ٢١١) . وفى الأَصْل: «وَابْن عَبَّاس» وَلم نعثر عَلَيْهِ فِيمَا لدينا من كتب الشَّافِعِي وَلَعَلَّ استقراءنا نَاقص: إِذْ قد أخرجه عَنهُ فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٥١) .
(٨) كَمَا فى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ٣٤) .
 
وَمُجَاهِدٌ «١»] .
وَقَالَ- فِي رِوَايَةِ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنْهُ-: «وَسَمِعْتُ مَنْ أَرْضَى، يَقُولُ:
الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ: الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ، وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ «٢» فَعَفَوْهُ جَائِزٌ «٣» .» .
(وَأَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٤»:
«قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ: حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ: ٢- ٢٤١) وَقَالَ ﷿: (لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ: مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ، أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ) الْآيَةُ «٥» .»
«فَقَالَ عَامَّةُ مَنْ لَقِيتُ-: مِنْ أَصْحَابِنَا-: الْمُتْعَةُ [هِيَ «٦»]: لِلَّتِي [لَمْ «٧»] يُدْخَلْ بِهَا [قَطُّ «٨»]، وَلَمْ يُفْرَضْ لَهَا مَهْرٌ، وَطَلُقَتْ «٩» . وَلِلْمُطَلَّقَةِ
(١) الزِّيَادَة عَن الْمُخْتَصر. وَقد روى هَذَا أَيْضا: عَن طَاوس، وَالشعْبِيّ، وَنَافِع بن جُبَير، وَمُحَمّد بن كَعْب. كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٥١) .
(٢) انْظُر الْأُم (ج ٥ ص ١٩١) .
(٣) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٥٢): مَا ورد فى ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره وَمَا حَكَاهُ عَن الشَّافِعِي فى الْقَدِيم.
(٤) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٨) .
(٥) تَمامهَا: (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ، وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعًا بِالْمَعْرُوفِ، حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ: ٢- ٢٣٦) .
(٦) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَبَعضهَا ضَرُورِيّ، وَبَعضهَا حسن كَمَا لَا يخفى.
(٧) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَبَعضهَا ضَرُورِيّ، وَبَعضهَا حسن كَمَا لَا يخفى. [.....]
(٨) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَبَعضهَا ضَرُورِيّ، وَبَعضهَا حسن كَمَا لَا يخفى.
(٩) فى الْأُم: «فَطلقت» . وراجع الْأُم (ج ٥ ص ٦٢): فَفِيهَا فَوَائِد كَثِيرَة.
 
الْمَدْخُولِ «١» بِهَا: الْمَفْرُوضِ لَهَا بِأَنَّ الْآيَةَ «٢» عَامَّةٌ عَلَى الْمُطَلَّقَاتِ «٣» .»
وَرَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «٤» .
وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ «٥» (بِهَذَا الْإِسْنَادِ) - فِيمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً بِصَدَاقٍ فَاسِدٍ-: «فَإِنْ «٦» طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا: فَلَهَا نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَا مُتْعَةَ [لَهَا «٧»] فِي قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ: إلَى أَنْ لَا مُتْعَةَ لِلَّتِي «٨» فُرِضَ لَهَا: إذَا طَلُقَتْ قَبْلَ «٩» أَنْ تُمَسَّ وَلَهَا الْمُتْعَةُ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: الْمُتْعَةُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ.» .
وَرُوِيَ «١٠» الْقَوْلُ الثَّانِي عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ «١١» وَقَدْ ذَكَرْنَا إسْنَادَهُ فِي ذَلِكَ، فِي كِتَابِ: (الْمَعْرِفَةِ)
(١) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «الدُّخُول» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «بِالْآيَةِ» .
(٣) قَالَ فى الْأُم بعد ذَلِك: «لم يخصض مِنْهُنَّ وَاحِدَة دون أُخْرَى، بِدلَالَة: من كتاب الله ﷿ وَلَا أثر.» . وراجع بَقِيَّة كَلَامه فَهُوَ مُفِيد جدا وراجع الْأُم (ج ٧ ص ٢٣٧) .
(٤) أخرج الشَّافِعِي عَنهُ- من طَرِيق مَالك عَن نَافِع- أَنه قَالَ: «لكل مُطلقَة مُتْعَة إِلَّا الَّتِي تطلق: وَقد فرض لَهَا الصَدَاق وَلم تمس فحسبها مَا فرض لَهَا.» . انْظُر الْأُم (ج ٧ ص ٢٣٧ و٢٨)، والمختصر (ج ٤ ص ٣٨) وَقَالَ فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٥٧) - بعد أَن رَوَاهُ من هَذَا الطَّرِيق أَيْضا-: «وروينا هَذَا القَوْل: من التَّابِعين عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، وَمُجاهد، وَالشعْبِيّ.» .
(٥) من الْأُم (ج ٥ ص ٦١) .
(٦) فى الْأُم: «وَإِن» .
(٧) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «الَّتِي» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٩) فى الْأُم: «قبل تمس» .
(١٠) فى كتاب: (اخْتِلَاف مَالك وَالشَّافِعِيّ) الملحق بِالْأُمِّ (ج ٧ ص ٢٣٧) .
(١١) وَرَوَاهُ أَيْضا فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٥٧) عَن أَبى الْعَالِيَة، وَالْحسن.
 
وَحَمَلَ الْمَسِيسَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ: وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ: ٢- ٢٣٧) .-:
عَلَى الْوَطْءِ «١» . وَرَوَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَشُرَيْحٍ «٢» . وَهُوَ بِتَمَامِهِ، مَنْقُولٌ فِي كتاب: (الْمعرفَة) و(الْمَبْسُوط) مَعَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ.
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٣»: قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ: ٤- ١٩ «٤») وَقَالَ: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ: ٢- ٢٢٩) .»
«قَالَ: وَجِمَاعُ «٥» الْمَعْرُوفِ: إتْيَانُ ذَلِكَ بِمَا يَحْسُنُ لَكَ ثَوَابُهُ وَكَفُّ الْمَكْرُوهِ.» .
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ «٦» (فِيمَا هُوَ لِي: بِالْإِجَازَةِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ):
«وَفَرَضَ اللَّهُ: أَنْ يُؤَدِّيَ كُلَّ مَا عَلَيْهِ: بِالْمَعْرُوفِ.»
(١) انْظُر الْمُخْتَصر وَالأُم (ج ٥ ص ١٦ و١٩٧) . [.....]
(٢) رَاجع مَا روى عَنْهُمَا فى الْأُم، والمختصر، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٥٤- ٢٥٥) . وراجع أَيْضا الْأُم (ج ٧ ص ١٨) .
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٩٥) .
(٤) انْظُر الْأُم (ج ٥ ص ١٠١) .
(٥) قَالَ قبل ذَلِك- فى الْأُم (ص ٩٥) -: «وَأَقل مَا يجب فى أمره: بِالْعشرَةِ بِالْمَعْرُوفِ.-: أَن يُؤدى الزَّوْج إِلَى زَوجته، مَا فرض الله لَهَا عَلَيْهِ: من نَفَقَة وَكِسْوَة وَترك ميل ظَاهر: فَإِنَّهُ يَقُول جلّ وَعز: (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ: ٤- ١٢٩) .
(٦) من الْأُم (ج ٥ ص ٧٧) .
 
وَجِمَاعُ الْمَعْرُوفِ: إعْفَاءُ صَاحِبِ الْحق من المئونة فِي طَلَبِهِ، وَأَدَاؤُهُ إلَيْهِ: بِطِيبِ النَّفْسِ. لَا: بِضَرُورَتِهِ «١» إلَى طَلَبِهِ وَلَا: تَأْدِيَتِهِ: بِإِظْهَارِ الْكَرَاهِيَةِ لِتَأْدِيَتِهِ.»
«وَأَيُّهُمَا تَرَكَ: فَظُلْمٌ لِأَنَّ مَطْلَ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَمَطْلُهُ «٢» تَأْخِيرُ «٣» الْحَقِّ.
قَالَ: وَقَالَ «٤» اللَّهُ ﷿: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [أَيْ «٥»]: فَمَا لَهُنَّ مِثْلُ مَا عَلَيْهِنَّ «٦»: مِنْ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ.» .
وَفِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيّ، عَنْ الشَّافِعِيِّ «٧»: «وَجِمَاعُ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ:
كَفُّ الْمَكْرُوهِ، وَإِعْفَاءُ صَاحِبِ الْحق من المئونة فِي طَلَبِهِ. لَا: بِإِظْهَارِ الْكَرَاهِيَةِ فِي تَأْدِيَتِهِ. فَأَيُّهُمَا مَطَلَ بِتَأْخِيرِهِ: فَمَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ.» .
وَهَذَا: مِمَّا كَتَبَ إلَيَّ أَبُو نعيم الأسفراينىّ: أَنَّ أَبَا عَوَانَةَ أَخْبَرَهُمْ عَنْ الْمُزَنِيّ، عَنْ الشَّافِعِيِّ. فَذَكَرَهُ.
(١) أَي: باضطراره. وفى الأَصْل: «بضرورية» . وَهُوَ تَحْرِيف، والتصحيح عَن الْأُم.
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «ومظلمة» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٣) فى الْأُم «تَأْخِيره» وَلَا فرق فى الْمَعْنى
(٤) كَذَا بِالْأَصْلِ. وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الْأُم: «فى قَوْله» .
(٥) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «لَهُنَّ مَا لَهُنَّ عِنْد مَا عَلَيْهِنَّ»، وَهُوَ محرف وَغير ظَاهر.
(٧) كَمَا فى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ٤١- ٤٢)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٩١) .
 
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ بْن أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «١»: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزًا أَوْ إِعْراضًا: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحًا: ٤- ١٢٨) .»
«(أَنَا) ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ-: أَنَّ بِنْتَ «٢» مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، كَانَتْ عِنْدَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، فَكَرِهَ مِنْهَا أَمْرًا إمَّا كِبْرًا أَوْ غَيْرُهُ فَأَرَادَ طَلَاقَهَا، فَقَالَتْ: لَا تُطَلِّقْنِي، وَأَمْسِكْنِي وَاقْسِمْ لِي مَا بَدَا لَكَ «٣» . فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزًا أَوْ إِعْراضًا: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحًا «٤») الْآيَةُ «٥» .» .
(أَخْبَرَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبى عَمْرو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، نَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: «وَزَعَمَ «٦» بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ: أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ ﷿: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ: ٤- ١٢٩):
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٧١) .
(٢) فى الْأُم، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٩٦): «ابْنة» . [.....]
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى، وفى الأَصْل: «مَا بداك» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٤) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى، مَا رَوَاهُ عَن ابْن الْمسيب: فَهُوَ مُفِيد.
(٥) تَمامهَا: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا: فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) .
(٦) عِبَارَته فى الْأُم (ج ٥ ص ٩٨) - بعد أَن ذكر الْآيَة الْكَرِيمَة-: «فَقَالَ ...
لن تستطيعوا أَن تعدلوا بَين النِّسَاء بِمَا فى الْقُلُوب» . وَعبارَة الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ٤٢) قريب مِنْهَا. وَانْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٩٧- ٢٩٨) .
 
أَنْ تَعْدِلُوا بِمَا فِي الْقُلُوبِ «١» لِأَنَّكُمْ لَا تَمْلِكُونَ مَا فِي الْقُلُوبِ «٢»: حَتَّى يَكُونَ مُسْتَوِيًا.»
«وَهَذَا- إنْ شَاءَ اللَّهُ ﷿: كَمَا قَالُوا وَقَدْ تَجَاوَزَ اللَّهُ ﷿ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ نَفْسَهَا: مَا لَمْ تَقُلْ أَوْ تَعْمَلْ «٣» وَجَعَلَ الْمَأْثَمَ: إنَّمَا هُوَ فِي قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ.»
«وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ: أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ ﷿: (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ «٤»: ٤- ١٢٩):- إنْ تُجُوِّزَ «٥» لَكُمْ عَمَّا فى القلوت-:
فَتَتَّبِعُوا أَهْوَاءَهَا «٦»، فَتَخْرُجُوا إلَى الْأَثَرَةِ بِالْفِعْلِ: (فَتَذْرُوهَا
(١) عِبَارَته فِي الْأُم (ج ٥ ص ١٧٢) - وهى الَّتِي ذكر بقيتها فِيمَا سيأتى قَرِيبا-:
«لن تستطيعوا إِنَّمَا ذَلِك فى الْقُلُوب» وَلَا فرق فى الْمَعْنى.
(٢) عبارَة الْأُم (ص ٩٨): «فَإِن الله تجَاوز للعباد عَمَّا فى الْقُلُوب» . وَذكر مَعْنَاهَا فى الْمُخْتَصر. ثمَّ إِن مَا ذكر فى الأَصْل- من هُنَا إِلَى قَوْله الْآتِي: وَعنهُ فى مَوضِع آخر.-
غير مَوْجُود فى كتب الشَّافِعِي الَّتِي بِأَيْدِينَا على مَا نعتقد.
(٣) هَذَا مُوَافق لحَدِيث أَبى هُرَيْرَة: «تجَاوز الله لأمتى مَا حدثت بِهِ أَنْفسهَا: مَا لم تكلم بِهِ، أَو تعْمل بِهِ.» . وَانْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٠٩ و٢٩٨)، وَفتح الْبَارِي (ج ١١ ص ٤٤٠) . وَأنْظر أَيْضا مَا ذكر فى سنَن الشَّافِعِي (ص ٧٣)
(٤) لكل من الطَّبَرِيّ والنيسابورى- فى التَّفْسِير (ج ٥ ص ٢٠٣) - كَلَام وَاضح جيد، يُفِيد فى الْمقَام. فَارْجِع إِلَيْهِ. وَلَوْلَا خشيَة الْخُرُوج عَن غرضنا لنقلناه.
(٥) فى الأَصْل: «يجوز» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٦) فى الأَصْل: «فتتبعوها أهواها» . وَهُوَ تَحْرِيف. وَعبارَة الْأُم (ص ٩٨):
«(فَلَا تميلوا): تتبعوا أهواءكم (كل الْميل): بِالْفِعْلِ مَعَ الْهوى.» . وَقَالَ فِيهَا- بعد أَن ذكر: أَن على الرجل أَن يعدل فى الْقسم لنسائة بِدلَالَة السّنة وَالْإِجْمَاع.-: «فَدلَّ ذَلِك: على أَنه إِنَّمَا أُرِيد بِهِ مَا فى الْقُلُوب: مِمَّا قد تجَاوز الله للعباد عَنهُ، فِيمَا هُوَ أعظم من الْميل على النِّسَاء.» .
 
كَالْمُعَلَّقَةِ) . وَهَذَا- إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى «١» - عِنْدِي «٢»: كَمَا قَالُوا.»
وَعَنْهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ «٣»: «فَقَالَ «٤»: (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ):
لَا تُتْبِعُوا أَهْوَاءَكُمْ، أَفْعَالَكُمْ «٥»: فَيَصِيرَ الْمَيْلُ بِالْفِعْلِ الَّذِي لَيْسَ لَكُمْ:
(فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ) .»
«وَمَا أَشْبَهَ مَا قَالُوا- عِنْدِي- بِمَا قَالُوا لِأَنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) تَجَاوَزَ عَمَّا فِي الْقُلُوبِ، وَكَتَبَ عَلَى النَّاسِ الْأَفْعَالَ وَالْأَقَاوِيلَ. وَإِذَا «٦» مَالَ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ: فَذَلِكَ كُلُّ الْمَيْلِ «٧» .» .
(أَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ (إجَازَةً): أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ (مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ) حَدَّثَهُمْ: أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٨»: «قَالَ اللَّهُ ﷿:
(الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ: بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) إلَى قَوْلِهِ «٩»
(١) فى الأَصْل: «لَعَلَّه» . وَهُوَ محرف عَمَّا أثبتنا على مَا يظْهر.
(٢) فى الأَصْل: «وعندى» . وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(٣) من الْأُم (ج ٥ ص ١٧٢)
(٤) هَذَا غير مَوْجُود فى الْأُم [.....]
(٥) كَذَا بالمختصر أَيْضا.
(٦) فى الْأُم، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٩٨): «فَإِذا» . وَقَالَ فى الْمُخْتَصر:
«فَإِذا كَانَ الْفِعْل وَالْقَوْل مَعَ الْهَوَاء: فَذَلِك كل الْميل.» إِلَخ فَرَاجعه.
(٧) انْظُر مَا ذكره فى الْأُم بعد ذَلِك وراجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٩٨- ٢٩٩) مَا ورد فى ذَلِك: من الْأَحَادِيث والْآثَار.
(٨) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٠٠)
(٩) فى الْأُم: «إِلَى قَوْله سَبِيلا» . وَتَمام الْمَحْذُوف: (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ: قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ) .
 
(وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ «١»: فَعِظُوهُنَّ، وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ «٢» . فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ: فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا «٣»: ٤- ٣٤) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: [قَوْلُهُ «٤»]: (وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ) يَحْتَمِلُ:
إذَا رَأَى الدَّلَالَاتِ- فِي أَفْعَالِ الْمَرْأَةِ وَأَقَاوِيلِهَا «٥» - عَلَى النُّشُوزِ، وَكَانَ «٦» لِلْخَوْفِ مَوْضِعٌ-: أَنْ يَعِظَهَا فَإِنْ أَبْدَتْ نُشُوزًا: هَجَرَهَا فَإِنْ أَقَامَتْ عَلَيْهِ: ضَرَبَهَا.»
(١) قَالَ فى الْأُم (ج ٥ ص ١٧٦): «وأشبه مَا سَمِعت فى هَذَا القَوْل-: أَن لخوف النُّشُوز دَلَائِل فَإِذا كَانَت: فعظوهن لِأَن العظة مُبَاحَة. فَإِن لججن-: فأظهرن نُشُوزًا بقول أَو فعل.-: فاهجروهن فى الْمضَاجِع. فَإِن أقمن بذلك، على ذَلِك: فاضربوهن.
وَذَلِكَ بَين: أَنه لَا يجوز هِجْرَة فى المضجع- وَهُوَ منهى عَنهُ- وَلَا ضرب: إِلَّا بقول، أَو فعل، أَو هما. وَيحْتَمل فى (تخافون نشوزهن): إِذا نشزن، فَأَبِنْ النُّشُوز- فَكُن عاصيات بِهِ-: أَن تجمعُوا عَلَيْهِنَّ العظة وَالْهجْرَة وَالضَّرْب.» ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك بِقَلِيل:
«وَلَا يجوز لأحد أَن يضْرب، وَلَا يهجر مضجعا: بِغَيْر بَيَان نشوزها.» اهـ بِاخْتِصَار يسير.
وَانْظُر مَا قَالَه بعد ذَلِك.
(٢) انْظُر كَلَامه عَن ضرب النِّسَاء خَاصَّة، فى الْأُم (ج ٦ ص ١٣١) فَهُوَ مُفِيد فى الْمقَام.
(٣) ارْجع فِي ذَلِك، إِلَى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٠٣- ٣٠٥) وقف على أثر ابْن عَبَّاس.
(٤) فى الْأُم (ج ٥ ص ١٠٠): «قَالَ الله ﷿» . وَلَعَلَّ «قَالَ» محرف عَمَّا زدناه للايضاح.
(٥) فى الْأُم: «فى إيغال الْمَرْأَة وإقبالها» . وَمَا فى الأَصْل هُوَ الظَّاهِر، ويؤكده قَوْله فى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ٤٧): «فَإِذا رأى مِنْهَا دلَالَة على الْخَوْف: من فعل أَو قَول وعظها» إِلَخ.
(٦) فى الْأُم: «فَكَانَ» . وَمَا فى الأَصْل أحسن.
 
«وَذَلِكَ: أَنَّ الْعِظَةَ مُبَاحَةٌ قَبْلَ فِعْلِ «١» الْمَكْرُوه-: إِذا رؤيت «٢» أَسْبَابُهُ، وَأَنْ لَا مُؤْنَةَ فِيهَا عَلَيْهَا تَضُرُّ بِهَا «٣» . وَإِنَّ الْعِظَةَ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ [مِنْ الْمَرْءِ «٤»] لِأَخِيهِ: فَكَيْفَ لِامْرَأَتِهِ؟!. وَالْهَجْرُ لَا يَكُونُ «٥» إلَّا بِمَا «٦» يَحِلُّ بِهِ:
لِأَنَّ الْهَجْرَةُ مُحَرَّمَةٌ- فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ- فَوْقَ ثَلَاثٍ «٧» . وَالضَّرْبُ لَا يَكُونُ إلَّا بِبَيَانِ الْفِعْلِ» «[فَالْآيَةُ فِي الْعِظَةِ، وَالْهَجْرَةِ، وَالضَّرْبِ عَلَى بَيَانِ الْفِعْلِ «٨»]: تَدُلُّ «٩» عَلَى أَنَّ حَالَاتِ الْمَرْأَةِ فِي اخْتِلَافِ مَا تُعَاتَبُ فِيهِ وَتُعَاقَبُ-: مِنْ الْعِظَةِ، وَالْهِجْرَةِ، وَالضَّرْبِ.-: مُخْتَلفَة. فَإِذا اخْتلفت: فَلَا يُشْبِهُ مَعْنَاهَا إلَّا مَا وَصَفْت.»
«وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْله تَعَالَى: (تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ): إذَا نَشَزْنَ، فَخِفْتُمْ
(١) فى الْأُم: «الْفِعْل» . والمؤدى وَاحِد.
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «وَإِذا رَأَيْت» . وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وَعبارَة الأَصْل: «فَإِن الْأُمُور بِهِ فِيهَا كلهَا بضربها» . وهى محرفة خُفْيَة. [.....]
(٤) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٥) فى الْأُم: «وَالْهجْرَة لَا تكون» . وَلَا فرق بَينهمَا.
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وَفِي الأَصْل: «فِيمَا» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٧) كَمَا يدل عَلَيْهِ حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ الْمَشْهُور: «لَا يحل لمُسلم أَن يهجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاث: يَلْتَقِيَانِ، فَيعرض هَذَا، ويعرض هَذَا. وخيرهما الَّذِي يبْدَأ بِالسَّلَامِ» .
(٨) زِيَادَة عَن الْأُم: يتَوَقَّف عَلَيْهَا ربط الْكَلَام، وَفهم الْمقَام.
(٩) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «يدل» . وَهُوَ تَحْرِيف. وَقَالَ فى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ٤٦- ٤٧) - بعد أَن ذكر الْآيَة الشَّرِيفَة-: «وفى ذَلِك، دلَالَة: على اخْتِلَاف حَال الْمَرْأَة فِيمَا تعاقب فِيهِ، وتعاقب عَلَيْهِ.» إِلَى آخر مَا ذَكرْنَاهُ قبل ذَلِك.
 
لَجَاجَتَهُنَّ «١» فِي النُّشُوزِ-: أَنْ يَكُونَ لَكُمْ جَمْعُ الْعِظَةِ، وَالْهَجْرَةِ، وَالضَّرْبِ «٢» .» .
وَبِإِسْنَادِهِ، قَالَ: [قَالَ]: الشَّافِعِيُّ «٣» ﵀: «قَالَ اللَّهُ ﵎:
(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما: فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحًا: يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما «٤») الْآيَةُ «٥» .»
«اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَعْنَى مَا أَرَادَ: مِنْ خَوْفِ الشِّقَاقِ الَّذِي إذَا بَلَغَاهُ: أَمَرَهُ أَنْ يَبْعَثَ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ، وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا.»
«وَاَلَّذِي يُشْبِهُ «٦» ظَاهِرَ الْآيَةِ «٧»: فَمَا عَمَّ الزَّوْجَيْنِ [مَعًا، حَتَّى يَشْتَبِهَ
(١) كَذَا بِالْأُمِّ والمختصر. وفى الأَصْل: «إِذا نشزت فخفتم لحاجتهن» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٢) انْظُر مَا ذكره فى الْأُم بعد ذَلِك، وَمَا ذكره فِيهَا (ج ٥ ص ١٧٣): فَهُوَ مُفِيد فى بحث الْقسم للنِّسَاء.
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٠٣) .
(٤) رَاجع فى ذَلِك، السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٠٥- ٣٠٧): فَفِيهَا فؤائد كَثِيرَة.
(٥) تَمامهَا: (إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا خَبِيرًا: ٤- ٣٥) .
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «يُشِير» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٧) قَالَ فى الْأُم (ج ٥ ص ١٧٧): «فَأَما ظَاهر الْآيَة: فَإِن خوف الشقاق بَين الزَّوْجَيْنِ: أَن يدعى كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه منع الْحق وَلَا يطيب وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه:
بِإِعْطَاء مَا يرضى بِهِ وَلَا يَنْقَطِع مَا بَينهمَا: بفرقة، وَلَا صلح، وَلَا ترك الْقيام بالشقاق.
وَذَلِكَ أَن الله ﷿ أذن فى نشوز الْمَرْأَة: بالعظة وَالْهجْرَة وَالضَّرْب ولنشوز الرجل:
بِالصُّلْحِ.» إِلَخ فَرَاجعه: فَإِنَّهُ مُفِيد، ومعين على فهم مَا هُنَا.
 
فِيهِ حَالَاهُمَا-: مِنْ «١» الْإِبَايَةِ «٢» .]»
«[وَذَلِكَ: أَنِّي وَجَدْتُ اللَّهَ ﷿ أَذِنَ فِي نُشُوزِ الزَّوْجِ «٣»]: بِأَنْ «٤» يَصْطَلِحَا «٥» وَأَذِنَ فِي نُشُوزِ الْمَرْأَةِ: بِالضَّرْبِ وَأَذِنَ- فِي خَوْفِهِمَا «٦»: أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ [اللَّهِ] «٧» -: بِالْخُلْعِ «٨» .» .
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ، إلَى أَنْ قَالَ: «فَلَمَّا أَمَرَ فِيمَنْ خِفْنَا الشِّقَاقَ بَيْنَهُ «٩»:
بِالْحَكَمَيْنِ دَلَّ ١»
ذَلِكَ: عَلَى أَنَّ حُكْمَهُمَا [غَيْرُ حُكْمِ الْأَزْوَاجِ غَيْرِهِمَا «١١»]:
أَنْ يَشْتَبِهَ «١٢» حَالَاهُمَا فِي الشِّقَاقِ: فَلَا «١٣» يَفْعَلُ «١٤» الرَّجُلُ: الصُّلْحَ «١٥»
(١) عبارَة الْأُم (ج ٥ ص ١٠٣): «الْآيَة» . وفيهَا تَحْرِيف وَنقص وَيدل على صِحَة مَا أَثْبَتْنَاهُ مَا سننقله قَرِيبا عَن الْأُم. [.....]
(٢) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٣) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٤) فى الْأُم: «أَن» .
(٥) فى الْأُم زِيَادَة: «وَسن رَسُول الله ﷺ ذَلِك» .
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «خوفها» . وَهُوَ تَحْرِيف،
(٧) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٨) انْظُر مَا ذكره بعد ذَلِك، فى الْأُم.
(٩) فى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ٤٨): «بَينهمَا» . وَلَا فرق: فقد روعى هُنَا لفظ «من» .
(١٠) فى الأَصْل: «وَذَلِكَ» وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح عَن الْأُم والمختصر.
(١١) الزِّيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم والمختصر. وَقَالَ بعد ذَلِك، فى الْأُم: «وَكَانَ يعرفهما بإباية الْأزْوَاج: أَن يشْتَبه» إِلَى اخر مَا فى الأَصْل. وَهُوَ تَفْسِير للاباية وَالْحكم.
(١٢) فى الْمُخْتَصر: «فَإِذا اشْتبهَ» .
(١٣) فى الْمُخْتَصر «فَلم» .
(١٤) كَذَا بِالْأُمِّ والمختصر، وفى الأَصْل: «يصل» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(١٥) كَذَا بِالْأَصْلِ والمختصر. وفى الْأُم: «الصفح» . [.....]
 
وَلَا الْفُرْقَةَ وَلَا الْمَرْأَةُ: تَأْدِيَةَ الْحَقِّ وَلَا الْفِدْيَةَ «١» وَيَصِيرَانِ «٢» -: مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ.- إلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُمَا، وَلَا يَحْسُنُ «٣» وَيَتَمَادَيَانِ «٤» فِيمَا لَيْسَ لَهُمَا: فَلَا «٥» يُعْطِيَانِ حَقًّا، وَلَا يَتَطَوَّعَانِ [وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا، بِأَمْرٍ: يَصِيرَانِ بِهِ فِي مَعْنَى الْأَزْوَاجِ غَيْرِهِمَا «٦» .] .»
«فَإِذَا كَانَ هَكَذَا: بَعَثَ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ، وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا.
وَلَا يَبْعَثُهُمَا «٧»: إلَّا مَأْمُونِينَ، وَبِرِضَا «٨» الزَّوْجَيْنِ. وَيُوَكِّلُهُمَا «٩» الزَّوْجَانِ:
بِأَنْ يُجَمِّعَا، أَوْ يُفَرِّقَا: إذَا رَأَيَا ذَلِكَ «١٠» .» .
(١) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «أَو تكون الْفِدْيَة لَا تجوز: من قبل مُجَاوزَة الرجل مَاله: من أدب الْمَرْأَة وتباين حَالهمَا فى الشقاق. والتباين هُوَ مَا يصيران فِيهِ» إِلَى آخر مَا فى الأَصْل.
(٢) فى الْمُخْتَصر: «وصارا» .
(٣) فى الْأُم زِيَادَة: «ويمتنعان كل وَاحِد مِنْهُمَا، من الرّجْعَة» .
(٤) فى الْمُخْتَصر: «وتماديا، بعث الإِمَام حكما» إِلَخ.
(٥) فى الام: «وَلَا» . وَمَا فى الأَصْل أحسن وَأظْهر.
(٦) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٧) فى الْأُم: «وَلَا يبْعَث الحكمان» .
(٨) فى الأَصْل: «ورضى» . وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح عَن الْأُم والمختصر.
(٩) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «وتوكيلهما» . وَهُوَ تَحْرِيف. وفى الْمُخْتَصر:
«وتوكيلهما إيَّاهُمَا» أَي: الْحكمَيْنِ.
(١٠) نقل فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٠٧) عَن الْحسن، أَنه قَالَ: «إِنَّمَا عَلَيْهِمَا:
أَن يصلحا، وَأَن ينظرا فى ذَلِك. وَلَيْسَ الْفرْقَة فى أَيْدِيهِمَا» ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: «هَذَا خلاف مَا مضى (أَي: من أَن لَهما الْفرْقَة.) وَهُوَ أصح قولى الشَّافِعِي ﵀. وَعَلِيهِ يدل ظَاهر مَا روينَاهُ عَن على (رضى الله عَنهُ): إِلَّا أَن يجعلاها إِلَيْهِمَا. وَالله أعلم» اهـ. وَقَالَ فى الْأُم (ج ٥ ص ١٧٧) تعليلا لذَلِك: «وَذَلِكَ: أَن الله ﷿ إِنَّمَا ذكر: أَنَّهُمَا (إِن يريدا إصلاحا: يوفق الله بَينهمَا) وَلم يذكر تفريقا.» .
 
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِ ذَلِكَ «١»، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ «٢»: «وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ:
يُجْبِرُهُمَا السُّلْطَانُ عَلَى الْحَكَمَيْنِ كَانَ مَذْهَبًا «٣»» .
وَبِإِسْنَادِهِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٤»: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ: كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ: لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا «٥»: أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ: ٤- ١٩) .»
«يُقَالُ «٦»
(وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): نَزَلَتْ فِي الرَّجُلِ: يَكْرَهُ الْمَرْأَةَ، فَيَمْنَعُهَا-:
كَرَاهِيَةً لَهَا.- حَقَّ اللَّهِ ﷿: فِي عِشْرَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ وَيَحْبِسُهَا «٧»
-: مَانِعًا حَقَّهَا.-: لِيَرِثَهَا عَنْ «٨»
[غَيْرِ «٩»
] طِيبِ نَفْسٍ مِنْهَا، بِإِمْسَاكِهِ إيَّاهَا عَلَى الْمَنْعِ.»
«فَحَرَّمَ اللَّهُ ﷿ ذَلِكَ: عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَحَرَّمَ عَلَى الْأَزْوَاجِ:
(١) انْظُر الْأُم (ج ٥ ص ١٠٣- ١٠٤)، والمختصر (ج ٤ ص ٤٨- ٥٠) .
(٢) ص ١٠٤
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «مَذْهَبنَا» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٤) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٠٤- ١٠٥) . [.....]
(٥) فى الْأُم: إِلَى كثيرا» .
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «قَالَ» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٧) عِبَارَته فى الْأُم (ج ٥ ص ١٧٨) - بعد أَن ذكر قَرِيبا مِمَّا تقدم-: «ويحبسها لتَمُوت: فيرثها، أَو يذهب بِبَعْض مَا آتاها.» .
(٨) فى الْأُم: «من» .
(٩) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
 
أَنْ يَعْضُلُوا النِّسَاءَ: لِيَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا أُوتِينَ «١»
وَاسْتَثْنَى: (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) .»
«[وَإِذَا أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ «٢»
]- وَهِيَ: الزِّنَا.- فَأَعْطَيْنَ بَعْضَ «٣»
مَا أُوتِينَ-: لِيُفَارِقْنَ.-: حَلَّ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَلَمْ يَكُنْ «٤»
مَعْصِيَتُهُنَّ الزَّوْجَ- فِيمَا يَجِبُ لَهُ- بِغَيْرِ فَاحِشَةٍ: أَوْلَى أَنْ يُحِلَّ «٥»
مَا أَعْطَيْنَ، مِنْ:
أَنْ يَعْصِينَ اللَّهَ ﷿ وَالزَّوْجَ، بِالزِّنَا.»
«قَالَ: وَأَمَرَ اللَّهُ ﷿ - فِي اللَّائِي «٦»
: يَكْرَهُهُنَّ «٧»
أَزْوَاجُهُنَّ، وَلَمْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ.-: أَنْ يُعَاشَرْنَ بِالْمَعْرُوفِ. وَذَلِكَ: تَأْدِيَةُ «٨»
الْحَقِّ، وَإِجْمَالُ الْعِشْرَةِ.»
«وَقَالَ «٩»
تَعَالَى: (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ: فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا،)
(١) قَالَ فى الْأُم (ص ١٧٨): «وَقيل: فى هَذِه الْآيَة، دلَالَة: على أَنه إِنَّمَا حرم عَلَيْهِ حَبسهَا- مَعَ منعهَا الْحق-: ليرثها، أَو يذهب بِبَعْض مَا آتاها.» .
(٢) زِيَادَة عَن الْأُم: متعينة، ويتوقف عَلَيْهَا ربط الْكَلَام الْآتِي.
(٣) فى الْأُم: «بِبَعْض» وَالظَّاهِر أَن الزِّيَادَة من النَّاسِخ أَو الطابع.
(٤) فى الْأُم: «تكن» . وَلَا فرق.
(٥) فى الْأُم: «تحل» . وَلَا فرق أَيْضا.
(٦) فى الْأُم: «اللَّاتِي» .
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ. وَفِي الأَصْل: «يُكْرهن» وَهُوَ خطأ وتحريف. ويؤكد ذَلِك قَوْله فى الْأُم (ج ٥ ص ١٧٨): «وَقيل: لَا بَأْس بِأَن يحبسها كَارِهًا لَهَا: إِذا أدّى حق الله فِيهَا لقَوْل الله ﷿: (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ)» الْآيَة.
(٨) فى الْأُم: «بتأدية» والمؤدى وَاحِد.
(٩) كَذَا بِالْأُمِّ وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «قَالَ» . وَلَعَلَّ الْحَذف من النَّاسِخ. [.....]
 
(وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا: ٤- ١٩) .»
«فَأَبَاحَ عِشْرَتَهُنَّ- عَلَى الْكَرَاهِيَةِ-: بِالْمَعْرُوفِ وَأَخْبَرَ: أَنَّ اللَّهَ ﷿ قَدْ يَجْعَلُ فِي الْكُرْهِ خَيْرًا كَثِيرًا.»
«وَالْخَيْرُ الْكَثِيرُ: الْأَجْرُ فِي الصَّبْرِ، وَتَأْدِيَةُ الْحَقِّ إلَى مَنْ يَكْرَهُ، أَوْ التَّطَوُّلُ عَلَيْهِ.»
«وَقَدْ يَغْتَبِطُ-: وَهُوَ كَارِهٌ لَهَا.-: بِأَخْلَاقِهَا، وَدِينِهَا، وَكَفَاءَتِهَا «١»
، وَبَذْلِهَا، وَمِيرَاثٍ: إنْ كَانَ لَهَا. وَتُصْرَفُ حَالَاتُهُ إلَى الْكَرَاهِيَةِ لَهَا، بَعْدَ الْغِبْطَةِ [بِهَا «٢»
] .» .
وَذَكَرَهَا «٣»
فِي مَوْضِعٍ آخَرَ «٤»
- هُوَ: لِي مَسْمُوعٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ [أَبِي] الْعَبَّاسِ، عَنْ الرَّبِيعِ، عَنْ الشَّافِعِيِّ.- وَقَالَ فِيهِ:
«وَقِيلَ: «إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نُسِخَتْ «٥»
، وَفِي مَعْنَى: (فَأَمْسِكُوهُنَّ «٦»
فِي الْبُيُوتِ، حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا: ٤- ١٥) نُسِخَتْ «٧»
بِآيَةِ الْحُدُودِ «٨»
: فَلَمْ يَكُنْ عَلَى امْرَأَةٍ، حَبْسٌ: يُمْنَعُ «٩»
[بِهِ «١٠»
]
(١) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «كفايتها» . وَلَعَلَّه محرف أَو أَن الْهمزَة سهلت.
(٢) زِيَادَة حَسَنَة عَن الْأُم.
(٣) أَي: آيَة العضل السَّابِقَة كلهَا
(٤) من الْأُم (ج ٥ ص ١٧٨- ١٧٩) .
(٥) فى الْأُم (ص ١٧٩): «مَنْسُوخَة» .
(٦) ذكر فى الْأُم الْآيَة من أَولهَا.
(٧) فى الْأُم: «فنسخت» .
(٨) الْآيَة الثَّانِيَة من سُورَة النُّور. وَقد ذكرهَا فى الْأُم، وَذكر من السّنة: مَا سياتى فى أول الْحُدُود. فَرَاجعه، وراجع الْأُم (ج ٧ ص ٧٥- ٧٦)، والرسالة (ص ١٢٨- ١٢٩ و٢٤٦- ٢٤٧) .
(٩) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «بِمَنْع» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(١٠) زِيَادَة حَسَنَة عَن الْأُم.
 
حَقُّ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ وَكَانَ عَلَيْهَا الْحَدُّ.» .
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ «١»
وَإِنَّمَا أَرَادَ: نَسْخَ الْحَبْسِ عَلَى مَنْعِ حَقِّهَا: إذَا أَتَتْ بِفَاحِشَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بن مُوسَى، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ﵀، قَالَ «٢»
: «قَالَ اللَّهُ ﷿:
(وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا: فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا «٣»
: ٤- ٤) .»
«فَكَانَ فِي [هَذِهِ «٤»
] الْآيَةِ: إبَاحَةُ أَكْلِهِ: إذَا طَابَتْ بِهِ «٥»
نَفْسًا وَدَلِيلٌ: عَلَى أَنَّهَا إذَا لَمْ تَطِبْ بِهِ نَفْسًا: لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ.»
«[وَقد] «٦»
قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ، وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطارًا «٧»
-: فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا [أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتانًا وَإِثْمًا مُبِينًا «٨»
؟!]: ٤- ٢٠) .»
(١) انْظُر الْأُم (ج ٥ ص ١٧٩) .
(٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٧٨) .
(٣) رَاجع مَا تقدم (ص ١٣٩- ١٤٠)، وَالأُم (ج ٣ ص ١٩٢- ١٩٣) .
(٤) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم. [.....]
(٥) فى الْأُم: «نَفسهَا» .
(٦) هَذِه الزِّيَادَة عَن الْأُم وَقد يكون كلهَا أَو بَعْضهَا مُتَعَيّنا فتامل.
(٧) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٢٣٣): مَا ورد فى تَفْسِير القنطار.
(٨) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
 
«وَهَذِهِ الْآيَةُ: فِي مَعْنَى الْآيَةِ الَّتِي [كَتَبْنَا «١»] قَبْلَهَا. فَإِذَا «٢» أَرَادَ الرَّجُلُ الِاسْتِبْدَالَ بِزَوْجَتِهِ، وَلَمْ تُرِدْ هِيَ فُرْقَتَهُ-: لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهَا شَيْئًا-: بِأَنْ يَسْتَكْرِهَهَا عَلَيْهِ.- وَلَا أَنْ يُطَلِّقَهَا: لِتُعْطِيهِ فِدْيَةً مِنْهُ.» .
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ «٣» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٤» ﵀: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَلا «٥» يَحِلُّ لَكُمْ: أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا: أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ: ٢- ٢٢٩) .»
«فَقِيلَ «٦» (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ تَكْرَهُ الرَّجُلَ: حَتَّى تَخَافَ أَنْ لَا تُقِيمَ «٧» حُدُودَ اللَّهِ-: بِأَدَاءِ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا لَهُ، أَوْ أَكْثَرِهِ، إلَيْهِ «٨» .
وَيَكُونُ الزَّوْجُ غَيْرَ مَانِعٍ «٩» لَهَا مَا يَجِبُ عَلَيْهِ، أَوْ أَكْثَرَهُ.»
«فَإِذَا كَانَ هَذَا: حَلَّتْ الْفِدْيَةُ لِلزَّوْجِ وَإِذَا لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمَا حُدُودَ اللَّهِ:
فَلَيْسَا مَعًا مُقِيمِينَ حُدُودَ اللَّهِ «١٠» .»
(١) الزِّيَادَة عَن الْأُم لدفع الْإِيهَام.
(٢) فى الْأُم: «وَإِذا» . وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(٣) انْظُر الْأُم (ج ٥ ص ١٧٨) .
(٤) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٧٩) .
(٥) ذكر فى الْأُم، الْآيَة من أَولهَا.
(٦) فى الأَصْل: «فقيد» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن الْأُم.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «يُقيم» . وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٨) فى الأَصْل: «أَو أَكثر وَإِلَيْهِ» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن الْأُم.
(٩) كَذَا بِالْأُمِّ: وفى الأَصْل: «دَافع» وَهُوَ تَحْرِيف يخل بِالْمَعْنَى المُرَاد، وَيُعْطى عَكسه.
(١٠) أَي: فَيصدق بِهَذَا، كَمَا يصدق بِعَدَمِ إِقَامَة كل مِنْهُمَا الْحُدُود. [.....]
 
«وَقِيلَ «١»: وَ[هَكَذَا قَوْلُ اللَّهِ ﷿: (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) «٢» .]: إذَا حَلَّ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ: [فَلَيْسَ بِحَرَامٍ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ فِي كُلِّ حَالٍ: لَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا مَا أَعْطَتْ مِنْ مَالِهَا. وَإِذَا حَلَّ لَهُ «٣»] وَلَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْهَا: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا مَعًا. وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ» . وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ «٤» ثُمَّ قَالَ «٥»:
«وَقِيلَ «٦»: أَنْ تَمْتَنِعَ الْمَرْأَةُ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ، فَتَخَافُ عَلَى الزَّوْجِ: أَنْ لَا يُؤَدِّيَ الْحَقَّ إذَا مَنَعَتْهُ حَقًّا. فَتَحِلُّ الْفِدْيَةُ.»
«وَجِمَاعُ ذَلِكَ: أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ: الْمَانِعَةُ لِبَعْضِ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا لَهُ، الْمُفْتَدِيَةُ «٧»: تَحَرُّجًا مِنْ أَنْ لَا تُؤَدِّيَ حَقَّهُ، أَوْ كَرَاهِيَةً لَهُ «٨» . فَإِذَا كَانَ هَكَذَا:
حَلَّتْ الْفِدْيَةُ لِلزَّوْجِ «٩» .» .
(١) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «قَالَ» وَهُوَ تَحْرِيف، أَو أَن مَا أَثْبَتْنَاهُ سَاقِط من الأَصْل بِدَلِيل قَوْله فِيمَا بعد: وَهَذَا كَلَام صَحِيح.
(٢) هَذِه الزِّيَادَة عَن الْأُم وَقد يكون أَكْثَرهَا مُتَعَيّنا. وعَلى كل فَالْكَلَام قد اتَّضَح بهَا وَظهر.
(٣) هَذِه الزِّيَادَة عَن الْأُم وَقد يكون أَكْثَرهَا مُتَعَيّنا. وعَلى كل فَالْكَلَام قد اتَّضَح بهَا وَظهر.
(٤) انْظُر الْأُم (ج ٥ ص ١٧٩) .
(٥) ص ١٧٩.
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «وَقل» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٧) فى الأَصْل: «الفذية» وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح عَن الْأُم.
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ. وَعبارَة الأَصْل: «أَو كراهيته» وهى محرفة.
(٩) رَاجع فى هَذَا الْمقَام، السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣١٢- ٣١٥) .


 
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي الْخُلْعِ، وَالطَّلَاقِ، وَالرَّجْعَةِ»
قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ الْعَاصِمِيِّ:
«(أَخْبَرَنَا) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ الشَّافِعِيُّ- قَرَأْتُ عَلَيْهِ بِمِصْرَ- قَالَ: سَمِعْت يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، يَقُولُ: قَرَأَ عَلَيَّ يُونُسُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ-: فِي الرَّجُلِ: يَحْلِفُ بِطَلَاقِ الْمَرْأَةِ، قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا «١» .- قَالَ: «لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ ﷿ ذَكَر الطَّلَاقَ بَعْدَ النِّكَاحِ.» وَقَرَأَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ، ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ: ٣٣- ٤٩ «٢») .» .
(١) رَاجع شَيْئا من تَفْصِيل ذَلِك، فى كتاب: (اخْتِلَاف أَبى حنيفَة وَابْن أَبى ليلى) الملحق بِالْأُمِّ (ج ٧ ص ١٤٧ و١٤٩) . وَمن الْغَرِيب المؤسف: أَن يطبع هَذَا الْكتاب بِالْقَاهِرَةِ: خَالِيا من تعقيبات الشَّافِعِي النفيسة وَلَا يشار إِلَى أَنه قد طبع مَعَ الْأُم. وَمثل هَذَا قد حدث فى كتاب: (سير الأوزاعى) .
(٢) قَالَ الشَّافِعِي (كَمَا فى الْمُخْتَصر: ج ٤ ص ٥٦): «وَلَو قَالَ: كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا طَالِق، أَو امْرَأَة بِعَينهَا أَو لعبد: إِن مَلكتك فَأَنت حر.- فَتزَوج، أَو ملك-: لم يلْزمه شىء لِأَن الْكَلَام- الَّذِي لَهُ الحكم- كَانَ: وَهُوَ غير مَالك فَبَطل.» . وَقَالَ الْمُزنِيّ:
«وَلَو قَالَ لامْرَأَة لَا يملكهَا: أَنْت طَالِق السَّاعَة لم تطلق. فهى- بعد مُدَّة-: أبعد فَإِذا لم يعْمل القوى: فالضعيف أولى أَن لَا يعْمل.» ثمَّ قَالَ (ص ٥٧): «وَأَجْمعُوا:
أَنه لَا سَبِيل إِلَى طَلَاق من لم يملك للسّنة الْمجمع عَلَيْهَا. فهى- من أَن تطلق ببدعة، أَو على صفة-: أبعد.» اهـ.
هَذَا وَقد ذكر الشَّافِعِي فى بحث من يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق من النِّسَاء (كَمَا فى الْأُم: ج ٥ ص ٢٣٢): أَنه لَا يعلم مُخَالفا فى أَن أَحْكَام الله تَعَالَى- فى الطَّلَاق وَالظِّهَار وَالْإِيلَاء- لَا تقع إِلَّا على زَوْجَة: ثَابِتَة النِّكَاح، يحل للزَّوْج جِمَاعهَا. وَمرَاده: إِمْكَان ثُبُوت نِكَاحهَا، وَصِحَّة العقد عَلَيْهَا. ليَكُون كَلَامه مُتَّفقا مَعَ اعترافه بِخِلَاف أَبى حنيفَة وَابْن أَبى ليلى فى أصل الْمَسْأَلَة، فتامل.
 
قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ (أَيْضًا):
بِهَذِهِ الْآيَةِ «١» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٢»: «قَالَ اللَّهُ ﵎: (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ: ٦٥- ١) . قَالَ:
وَقُرِئَتْ «٣»: (لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ «٤») وَهُمَا لَا يَخْتَلِفَانِ فِي مَعْنَى «٥» .» . وَرُوِيَ [ذَلِكَ «٦»] عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵁.
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: ««٧» وَطَلَاقُ السُّنَّةِ- فِي الْمَرْأَةِ: الْمَدْخُولِ
(١) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٢٠- ٣٢١): أثر ابْن عَبَّاس، وَغَيره:
من الْأَحَادِيث والْآثَار الَّتِي تؤيد ذَلِك. وَانْظُر مَا علق بِهِ صَاحب الْجَوْهَر النقي، على أثر ابْن عَبَّاس وتأمله.
(٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٢) .
(٣) فى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ٦٨): «وَقد قُرِئت» . [.....]
(٤) أَو: (فى قبل عدتهن) على شكّ الشَّافِعِي فى الرِّوَايَة. كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٢ و١٩١) .
(٥) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٢٣) . وَعبارَة الْمُخْتَصر:
«وَالْمعْنَى وَاحِد» .
(٦) الظَّاهِر تعين مثل هَذِه الزِّيَادَة أَي: روى الشَّافِعِي الْقِرَاءَة بِهَذَا الْحَرْف عَنهُ.
وَقد روى أَيْضا: عَن النَّبِي ﷺ، وَابْن عَبَّاس، وَمُجاهد. انْظُر الْأُم، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٢٣ و٣٢٧ و٣٣١- ٣٣٢ و٣٣٧) .
(٧) قَالَ فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٢- ١٦٣): «فَبين (وَالله أعلم) فى كتاب الله ﷿ - بِدلَالَة سنة النَّبِي ﷺ: أَن طَلَاق السّنة [مَا فى الْأُم: أَن الْقُرْآن وَالسّنة. وَهُوَ محرف قطعا]- فى الْمَرْأَة الْمَدْخُول بهَا الَّتِي تحيض، دون من سواهَا:
من المطلقات.-: أَن تطلق لقبل عدتهَا وَذَلِكَ: أَن حكم الله (تَعَالَى): أَن الْعدة على الْمَدْخُول بهَا وَأَن النَّبِي إِنَّمَا يَأْمر بِطَلَاق طَاهِر من حَيْضهَا: الَّتِي يكون لَهَا طهر وحيض.»
ثمَّ قَالَ (كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى أَيْضا: ج ٧ ص ٣٢٥): «وَبَين: أَن الطَّلَاق يَقع على الْحَائِض لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُؤمر بالمراجعة: من لزمَه الطَّلَاق فَأَما من لم يلْزمه الطَّلَاق: فَهُوَ بِحَالهِ قبل الطَّلَاق. وَقد أَمر الله» إِلَى آخر مَا سَيذكرُ بعد.
 
بِهَا، الَّتِي تَحِيضُ «١» .-: أَنْ يُطَلِّقَهَا: طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ «٢»، فِي الطُّهْرِ الَّذِي خَرَجَتْ [إلَيْهِ «٣»] مِنْ حَيْضَةٍ، أَوْ نِفَاسٍ «٤» .» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٥»: «وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ ﷿: بِالْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالتَّسْرِيحِ بِالْإِحْسَانِ. وَنَهَى عَنْ الضَّرَرِ.»
«وَطَلَاقُ الْحَائِضِ: ضَرَرٌ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا: لَا زَوْجَةٌ، وَلَا فِي أَيَّامِ تَعْتَدُّ فِيهَا مِنْ زَوْجٍ-: مَا كَانَتْ فِي الْحَيْضَةِ. وَهِيَ: إذَا طَلُقَتْ-: وَهِيَ تَحِيضُ.-
بَعْد جِمَاعٍ: لَمْ تَدْرِ، وَلَا زَوْجُهَا: عِدَّتُهَا: الْحَمْلُ، أَوْ الْحَيْضُ؟.»
«وَيُشْبِهُ: أَنْ يَكُون أَرَادَ: أَنْ يَعْلَمَا مَعًا الْعِدَّةَ لِيَرْغَبَ الزَّوْجُ، وَتُقْصَرُ الْمَرْأَةُ عَنْ الطَّلَاقِ: إذَا «٦» طَلَبَتْهُ.» .
(١) رَاجع فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٣) كَلَامه فى طَلاقهَا إِذا كَانَ الزَّوْج غَائِبا وراجع أَيْضا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٩٣) كَلَامه فى طَلَاق السّنة فى الْمُسْتَحَاضَة. فكلاهما مُفِيد جدا.
(٢) انْظُر كَلَامه فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٥) قبيل آخر الْبَحْث.
(٣) لَعَلَّ هَذِه الزِّيَادَة متعينة: لِأَن شَرط الْحَذف لم يتَحَقَّق فتامل.
(٤) انْظُر كَلَامه فى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ٧٠) . وراجع بَاب طَلَاق الْحَائِض، فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٣١٦- ٣١٨) .
(٥) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٣) .
(٦) فى الْأُم: «إِن» وراجع بَقِيَّة كَلَامه فِيهَا.
 
(نَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو- قَالَا: نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «١»: «ذَكَر اللَّهُ ﷿ الطَّلَاقُ، فِي كِتَابِهِ، بِثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ: الطَّلَاقِ، وَالْفِرَاقِ، وَالسَّرَاحِ «٢» . فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ «٣»: ٦٥- ١) وَقَالَ ﷿: (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ. فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ: ٦٥- ٢) وَقَالَ لِنَبِيِّهِ ﷺ فِي أَزْوَاجِهِ «٤»: (إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها: فَتَعالَيْنَ: أُمَتِّعْكُنَّ، وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحًا جَمِيلًا: ٣٣- ٢٨) .» .
زَادَ أَبُو سَعِيدٍ- فِي رِوَايَتِهِ-: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٥»: «فَمَنْ خَاطَبَ امْرَأَتَهُ، فَأَفْرَدَ لَهَا اسْمًا مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ. «٦» -: لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَلَمْ يُنَوَّ «٧» فِي الْحُكْمِ، وَنَوَّيْنَاهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ﷿ «٨» .» .
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٤٠) .
(٢) انْظُر الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ٧٣) .
(٣) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٢١- ٣٢٢) .
(٤) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٧- ٣٨): حَدِيث عَائِشَة فى تَخْيِير النَّبِي أَزوَاجه. [.....]
(٥) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٤٠) وَقد ذكره إِلَى قَوْله: الطَّلَاق فى السّنَن الكبري (ج ٧ ص ٣٤٠) .
(٦) فى الْأُم زِيَادَة مبينَة، وهى: «فَقَالَ: أَنْت طَالِق، أَو قد طَلقتك، أَو قد فارقتك أَو قد سرحتك.» .
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر وفى الأَصْل: «وَإِن لم يُنَوّه» . وَلَعَلَّ التحريف وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(٨) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «ويسعه- إِن لم يرد بشىء مِنْهُ طَلَاقا-: أَن يمْسِكهَا.
وَلَا يَسعهَا: أَن تقيم مَعَه، لِأَنَّهَا لَا تعرف: من صدقه، مَا يعرف: من صدق نَفسه.» .
 
(أَنَا) أَبُو زَكَرِيَّا بن أَبى إِسْحَق (فِي آخَرِينَ)، قَالُوا: أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «١»: «ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ «٢» عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ «٣»، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إذَا طَلَّقَ [امْرَأَتَهُ، ثُمَّ ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا-: كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ. فَعَمَد رَجُلٌ إلَى «٤»] امْرَأَةٍ لَهُ:
فَطَلَّقَهَا، ثُمَّ أَمْهَلَهَا حَتَّى إذَا شَارَفَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا: ارْتَجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ:
وَاَللَّهِ لَا آوِيكَ «٥» إلَيَّ، وَلَا تَحِلِّينَ «٦» أَبَدًا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ: ٢- ٢٢٩) فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الطَّلَاقَ جَدِيدًا- مِنْ يَوْمئِذٍ-: مَنْ كَانَ مِنْهُمْ طَلَّقَ، أَوْ «٧» لَمْ يُطَلِّقْ.» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٨» ﵀: «وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ هَذَا» .
(١) كَمَا فِي اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٣١٢- ٣١٣) وَقد ذكره فى الْأُم (ج ٥ ص ١٢٤) .
(٢) فى الأَصْل: «عَن» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٣) قد أخرجه أَيْضا- فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٣٣) مَوْصُولا، عَن عَائِشَة.
وَكَذَلِكَ أخرجه عَنْهَا التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم، كَمَا فى شرح الْمُوَطَّأ للزرقانى (ج ٣ ص ٢١٨) .
فَلَا يضر إرْسَاله هُنَا بل نَص البُخَارِيّ وَغَيره (كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى) على أَنه الصَّحِيح.
(٤) الزِّيَادَة عَن اخْتِلَاف الحَدِيث، وَالأُم، والموطأ، وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٥) فى السّنَن الْكُبْرَى: «أؤويك» .
(٦) أَي: لغيرى. وفى بعض نسخ السّنَن الْكُبْرَى: «تخلين» فَلَا فرق. ويؤكد ذَلِك قَوْله فى رِوَايَة عَائِشَة: «لَا أطلقك: فتبينى منى، وَلَا أؤويك إِلَى» إِلَخ. وَقَوله فى رِوَايَة أُخْرَى عَن عُرْوَة- كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٤٤) -: «لَا آويك إِلَى أبدا، وَلَا تحلين لغيرى» إِلَخ
(٧) فى الْأُم: «وَلم» وَهُوَ أحسن.
(٨) كَمَا فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٣١٣) وَانْظُر مَا ذكره هَذَا الْبَعْض فى الْأُم.
 
قَالَ الشَّيْخُ ﵀: قَدْ رُوِّينَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي مَعْنَاهُ «١»
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٢»: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ: وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ: ١٦- ١٠٦) .»
«قَالَ: وَلِلْكُفْرِ أَحْكَامٌ: كَفِرَاقِ «٣» الزَّوْجَةِ، وَأَنْ «٤» يُقْتَلَ الْكَافِرُ، وَيُغْنَمَ مَالُهُ.»
«فَلَمَّا وَضَعَ [اللَّهُ «٥»] عَنْهُ: سَقَطَتْ [عَنْهُ «٦»] أَحْكَامُ الْإِكْرَاهِ عَلَى «٧» الْقَوْلِ كُلِّهِ لِأَنَّ الْأَعْظَمَ إذَا سَقَطَ عَنْ النَّاسِ: سَقَطَ مَا هُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ، وَمَا يَكُونُ حُكْمَهُ: بِثُبُوتِهِ عَلَيْهِ.» . وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ «٨» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٩»: «قَالَ اللَّهُ ﵎: (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ)
(١) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٣٧) .
(٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٣ ص ٢٠٩) . وَقد ذكر بعضه فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٥٦) على مَا ستعرف. [.....]
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «لفراق»، وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «فان»، وَلَعَلَّه محرف.
(٥) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٦) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الْأَظْهر. وفى الأَصْل وَالسّنَن الْكُبْرَى: «عَن» .
(٨) انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ٢١٠) . وراجع أَيْضا الْأُم (ج ٧ ص ٦٩- ٧٠)، والمختصر (ج ٥ ص ٢٣٣) . وراجع الْخلاف فى طَلَاق الْمُكْره، فى الام (ج ٧ ص ١٦٠) .
(٩) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٢٥) .
 
(تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ: ٢- ٢٢٩) وَقَالَ تَعَالَى: (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ: أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ: إِنْ أَرادُوا إِصْلاحًا
«١»: ٢- ٢٢٨) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ-[فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿ «٢»]: (إِنْ أَرادُوا إِصْلاحًا) .-:
يُقَالُ «٣»: إصْلَاحُ الطَّلَاقِ: بِالرَّجْعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ «٤» .»
«فَأَيُّمَا زَوْجٍ حُرٍّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ- بَعْدَ مَا يُصِيبُهَا- وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ، فَهُوَ: أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا: مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا. بِدَلَالَةِ كِتَابِ اللَّهِ ﷿ «٥» .»
وَقَالَ «٦» - فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ. [وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرارًا «٧»]:)
(١) قَالَ فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٠): «فَظَاهر هَاتين الْآيَتَيْنِ، يدل: على أَن كل مُطلق:
فَلهُ الرّجْعَة على امْرَأَته: مَا لم تنقض عدتهَا. لِأَن الْآيَتَيْنِ فى كل مُطلق عَامَّة، لَا خَاصَّة على بعض المطلقين دون بعض. وَكَذَلِكَ قُلْنَا: كل طَلَاق ابتدأه الزَّوْج، فَهُوَ يملك فِيهِ الرّجْعَة فى الْعدة.» إِلَخ فَرَاجعه: فَهُوَ مُفِيد.
(٢) الزِّيَادَة عَن الْأُم، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٦٧) . ولعلها متعينة: بِدَلِيل أَن عبارَة السّنَن الْكُبْرَى: «أَنا الشَّافِعِي إِلَخ» .
(٣) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الْأُم: «فَقَالَ» وَلَعَلَّه محرف.
(٤) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «فَمن أَرَادَ الرّجْعَة فهى لَهُ: لِأَن الله ﵎ جعلهَا لَهُ.» . وراجع- فى السّنَن الْكُبْرَى- مَا روى عَن ابْن عَبَّاس وَمُجاهد، فى هَذِه الْآيَة.
(٥) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «ثمَّ سنة رَسُول الله ﷺ: فَإِن ركَانَة طلق امْرَأَته الْبَتَّةَ، وَلم يرد إِلَّا وَاحِدَة. فَردهَا إِلَيْهِ رَسُول الله. وَذَلِكَ عندنَا: فى الْعدة.»
إِلَخ فَرَاجعه.
(٦) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٢٩) .
(٧) زِيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٦٨) وَقد تنَاولهَا الشَّرْح. [.....]
 
(٢- ٢٣١) .-: إذَا شَارَفْنَ بُلُوغَ أَجَلِهِنَّ: فراجعوهن بِمَعْرُوف، [أ «١»] وَدَعَوْهُنَّ تَنْقَضِيَ «٢» عِدَدُهُنَّ بِمَعْرُوفٍ. وَنَهَاهُمْ: أَنْ يُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا:
لِيَعْتَدُوا فَلَا يَحِلُّ إمْسَاكُهُنَّ: ضِرَارًا «٣» .» .
زَادَ عَلَى هَذَا، فِي مَوْضِعِ آخَرَ «٤» - هُوَ عِنْدِي: بِالْإِجَازَةِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ.-:
«[وَالْعَرَبُ «٥»] تَقُولُ لِلرَّجُلِ «٦» -: إذَا قَارَبَ الْبَلَدَ: يُرِيدُهُ أَوْ الْأَمْرَ:
يُرِيدُهُ.-: قَدْ بَلَغْته وَتَقُولُهُ»
: إذَا بَلَغَهُ.»
«فَقَوْلُهُ فِي الْمُطَلَّقَاتِ: (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ [بِمَعْرُوفٍ، أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ «٨»]: ٦٥- ٢): إذَا قَارَبْنَ [بُلُوغَ «٩»] أَجَلِهِنَّ.
(١) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى وفى الأَصْل: «تقضى» .
(٣) رَاجع- فى السّنَن الْكُبْرَى- مَا روى فى ذَلِك، عَن مُجَاهِد، وَالْحسن، ومسروق ابْن الأجدع.
(٤) من الْأُم (ج ٥ ص ١٠٥- ١٠٦): فى خلال مناقشة قيمَة.
(٥) الزِّيَادَة عَن الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ٨٧) وَهِي تُؤْخَذ من الْأُم أَيْضا. وَعبارَته فى الْمُخْتَصر هى: «فَدلَّ سِيَاق الْكَلَام: على افْتِرَاق البلوغين فأحدهما: مقاربة بُلُوغ الْأَجَل، فَلهُ إِمْسَاكهَا أَو تَركهَا: فتسرح بِالطَّلَاق الْمُتَقَدّم. وَالْعرب تَقول..... وَالْبُلُوغ الآخر:
انْقِضَاء الْأَجَل.» . وَقد ذكر نَحْوهَا فى الْأُم.
(٦) فى الأَصْل: «يَقُول الرجل» والتصحيح عَن الْأُم والمختصر.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ والمختصر وفى الأَصْل: «وَبِقَوْلِهِ» وَهُوَ محرف.
(٨) الزِّيَادَة عَن الْأُم (أثْنَاء مناقشة ص ١٠٥)
(٩) الزِّيَادَة عَن الْأُم (أثْنَاء مناقشة ص ١٠٥)
 
فَلَا يُؤْمَرُ بِالْإِمْسَاكِ، إلَّا «١»: مَنْ كَانَ يَحِلُّ لَهُ الْإِمْسَاكُ فِي الْعِدَّةِ.»
وَقَوْلُهُ ﷿ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا: (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ: فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ «٢»: ٢- ٢٣٤) هَذَا: إذَا قَضَيْنَ أَجَلَهُنَّ.»
«وَهَذَا «٣»: كَلَام عربى والآيتان يَدُلَّانِ «٤»: عَلَى افْتِرَاقِهِمَا بَيِّنًا وَالْكَلَامُ فِيهِمَا: مِثْلُ قَوْلِهِ ﷿ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا: (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ، حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ: ٢- ٢٣٥): حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، فَيَحِلُّ نِكَاحُهَا «٥» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ «٦» - فِي
(١) فى الْأُم: «إِلَّا من يجوز لَهُ» .
(٢) فى الْأُم: «من مَعْرُوف» . وَهُوَ خطأ نشا عَن التباس هَذِه الْآيَة، بِآيَة الْبَقَرَة الْأُخْرَى: (٢٤٠) عِنْد النَّاسِخ أَو الطابع.
(٣) عبارَة الْأُم (ص ١٠٦): «وَهُوَ كَلَام عربى: هَذَا من أبينه وَأقله خَفَاء لِأَن الْآيَتَيْنِ تدلان على افتراقهما: بسياق الْكَلَام فيهمَا وَمثل قَول الله فى المتوفي، فى قَوْله» إِلَخ:
فَكَلَام الأَصْل فِيهِ تصرف واختصار.
(٤) فى الأَصْل: «والإتيان بدلات» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٥) من الْوَاجِب: أَن تراجع المناقشة الْمَذْكُورَة فى الْأُم (ج ٥ ص ١٠٥- ١٠٦) .
ليتأتى فهم هَذَا الْكَلَام حق الْفَهم. [.....]
(٦) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٢٩- ٢٣٠) وَأول كَلَامه هُوَ: «أَي امْرَأَة حل ابْتِدَاء نِكَاحهَا. فنكاحها حَلَال، مَتى شَاءَ من كَانَت تحل لَهُ، وشاءت. إِلَّا امْرَأتَيْنِ: الْمُلَاعنَة-: فَإِن الزَّوْج إِذا التعن لم تحل لَهُ أبدا بِحَال.- وَالثَّانيَِة: الْمَرْأَة يطلقهَا الْحر ثَلَاثًا» إِلَى آخر مَا فى الأَصْل.
 
الْمَرْأَةِ: يُطَلِّقُهَا الْحُرُّ ثَلَاثًا.-[قَالَ «١»]: «فَلَا تَحِلُّ لَهُ: حَتَّى يُجَامِعَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ لِقَوْلِهِ ﷿ فِي الْمُطَلَّقَةِ «٢» الثَّالِثَةَ: (فَإِنْ طَلَّقَها: فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ: ٢- ٢٣٠) «٣» .»
«قَالَ: فَاحْتَمَلَتْ «٤» الْآيَةُ: حَتَّى يُجَامِعَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ [وَ«٥»] دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ السُّنَّةُ «٦» . فَكَانَ أَوْلَى الْمَعَانِي- بِكِتَابِ اللَّهِ ﷿: مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ «٧» .»
«قَالَ: فَإِذَا «٨» تَزَوَّجَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا، بِزَوْجٍ «٩»: صَحِيحِ النِّكَاحِ
(١) الزِّيَادَة: للتّنْبِيه والإيضاح.
(٢) فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٧٣): «الطَّلقَة» وَلَا خلاف فى الْمَعْنى المُرَاد.
(٣) قَالَ الشَّافِعِي- كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٥)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٣٣) -.
«فالقرآن يدل (وَالله أعلم): على أَن من طلق زَوْجَة لَهُ-. دخل بهَا، أَو لم يدْخل.-:
لم تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره.» . وراجع مَا قَالَه بعد ذَلِك فى الْأُم (ص ١٦٥- ١٦٦):
الْفَائِدَة الْكَبِيرَة.
(٤) قَالَ فى الرسَالَة (ص ١٥٩): «فَاحْتمل (هَذَا القَوْل): أَن يَتَزَوَّجهَا زوج غَيره وَكَانَ هَذَا الْمَعْنى الَّذِي يسْبق إِلَى من خُوطِبَ بِهِ: أَنَّهَا إِذا عقدت عَلَيْهَا عقدَة النِّكَاح، فقد نكحت. وَاحْتمل: حَتَّى يُصِيبهَا زوج غَيره لَان اسْم: (النِّكَاح)، يَقع بالإصابة، وَيَقَع بِالْعقدِ.» . ثمَّ ذكر حَدِيث امْرَأَة رِفَاعَة، الْمَشْهُور: الَّذِي يرجح الِاحْتِمَال الثَّانِي الَّذِي اقْتصر عَلَيْهِ فى الأَصْل.
(٥) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٧٣) .
(٦) رَاجع فِي الْأُم (ج ٧ ص ٢٦): مناقشة جَيِّدَة حول هَذَا الْمَوْضُوع.
(٧) انْظُر مَا رَوَاهُ من السّنة فى ذَلِك، فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٢٩) والمختصر (ج ٤ ص ٩٢) . وَانْظُر أَيْضا السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٧٣- ٣٧٥) .
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل. «إِذا» .
(٩) فى الْأُم: «زوجا» .
 
فَأَصَابَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا-: حَلَّ «١» لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ: ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا لِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: (فَإِنْ طَلَّقَها: فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ «٢») .» .
وَقَالَ «٣» فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (فَإِنْ طَلَّقَها «٤»: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا: إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ: ٢- ٢٣٠) .-: «وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ فَأَمَّا «٥» الْآيَةُ فَتَحْتَمِلُ: إنْ أَقَامَا الرَّجْعَةَ لِأَنَّهَا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ.»
«وَهَذَا يُشْبِهُ قَوْلُ اللَّهِ ﷿: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ: إِنْ أَرادُوا إِصْلاحًا: ٢- ٢٢٨) «٦»: إصْلَاحَ مَا أَفْسَدُوا بِالطَّلَاقِ-:
بِالرَّجْعَةِ.» .
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامُ، إلَى أَنْ قَالَ: «فَأُحِبُّ «٧» لَهُمَا: أَنْ يَنْوِيَا إقَامَةَ حُدُودِ اللَّهِ فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَغَيْرِهِ: مِنْ حُدُودِهِ «٨» .» .
قَالَ الشَّيْخُ: قَوْلُهُ: (فَإِنْ طَلَّقَها: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا) إنْ
(١) كَذَا بِالْأُمِّ. وَفِي الأَصْل. «حلت» وَالظَّاهِر أَنه محرف، فتامل.
(٢) ذكر فى الْأُم الْآيَة كلهَا، ثمَّ اسْتدلَّ أَيْضا بِحَدِيث امْرَأَة رِفَاعَة. وَانْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى ج (ج ٧ ص ٣٧٦): مَا روى عَن ابْن عَبَّاس فى ذَلِك، فَهُوَ مُفِيد.
(٣) فى الْأُم. «وفى» إِلَخ. ثمَّ إِنَّه قد وَقع فى الأَصْل- قبل ذَلِك- زِيَادَة مثل هَذِه الْجُمْلَة كلهَا تتلوها نفس الْآيَة السَّابِقَة. وهى زِيَادَة من النَّاسِخ بِلَا شكّ فَلذَلِك لم نثبتها.
(٤) هَذَا لم يذكر فى الْأُم: اكْتِفَاء بِذكرِهِ فِيهَا من قبل، واقتصارا على مَوضِع الشَّرْح. [.....]
(٥) فى الْأُم. «أما» .
(٦) فى الْأُم، زِيَادَة. «أَي»
(٧) فى الْأُم. «وَأحب» .
(٨) فى الْأُم: «حُدُود الله» .
 
أَرَادَ [بِهِ «١»]: الزَّوْجَ الثَّانِي: إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا-: فَإِقَامَةُ الرَّجْعَةِ، مِثْلُ: أَنْ يُرَاجِعُهَا فِي الْعِدَّةِ. ثُمَّ تَكُونُ الْحُجَّةُ- فِي رُجُوعِهَا إلَى الْأَوَّلِ:
بِنِكَاحٍ مُبْتَدَإٍ.-: تَعْلِيقَهُ التَّحْرِيمَ بِغَايَتِهِ «٢» .
وَإِنْ أَرَادَ بِهِ: الزَّوْجَ الْأَوَّلَ فَالْمُرَادُ بِالتَّرَاجُعِ: النِّكَاحُ الَّذِي يَكُونُ بِتَرَاجُعِهِمَا وَبِرِضَاهُمَا جَمِيعًا، بَعْدَ الْعِدَّةِ «٣» . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٤»: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ «٥»: تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ: فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ: ٢- ٢٢٦- ٢٢٧) .»
«فَقَالَ الْأَكْثَرُ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ-: مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ «٦» صلّى الله عَلَيْهِ
(١) زِيَادَة حَسَنَة أَي: بالمراجع.
(٢) أَي: فى قَوْله تَعَالَى: (فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) . فَيكون لرجوعها إِلَى الاول دَلِيل وَاحِد. هَذَا وفى الأَصْل: «فغاية»، وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٣) فَيكون لرجوعها إِلَى الاول دليلان.
(٤) كَمَا فى الرسَالَة (ص ٥٧٧- ٥٨٤) وَكَلَام الأَصْل فِيهِ اخْتِصَار كَبِير، وَتصرف يسير.
(٥) انْظُر فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٤٨- ٢٥٢) كَلَامه فى الْيَمين الَّتِي يكون بهَا الرجل موليا: فَفِيهِ فَوَائِد لَا تُوجد فى غَيره. وَانْظُر فى الْأُم (ج ٧ ص ٢١)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٨٠) مَذْهَب ابْن عَبَّاس فى ذَلِك.
(٦) كعلى، وَعُثْمَان، وَعَائِشَة، وَابْن عمر، وَزيد بن ثَابت، وأبى الدَّرْدَاء، وأبى ذَر وَابْن عَبَّاس فى رِوَايَة ضَعِيفَة عَنهُ. انْظُر الْأُم (ج ٥ ص ٢٤٧- ٢٤٨)، والمختصر (ج ٤ ص ٩٤)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٧٦- ٣٧٨ و٣٨٠)، وَفتح الْبَارِي (ج ٩ ص ٣٤٦- ٣٤٧) .
 
وَسلم. عِنْدَنَا: إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ: وُقِفَ الْمُولِي فَإِمَّا: أَنْ يَفِيءَ، وَإِمَّا: أَنْ يُطَلِّقَ.»
«[وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِمْ-: مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ «١» .-: عَزِيمَةُ الطَّلَاقِ:
انْقِضَاءُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ «٢»]» «قَالَ: وَالظَّاهِرُ «٣» فِي الْآيَةِ أَنَّ مَنْ أَنْظَرَهُ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فِي شَيْءٍ-: لَمْ يَكُنْ «٤» عَلَيْهِ سَبِيلٌ، حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ. لِأَنَّهُ «٥» [إنَّمَا «٦»] جَعَلَ عَلَيْهِ: الْفَيْئَةَ أَوْ الطَّلَاقَ «٧» - وَالْفَيْئَةُ: الْجِمَاعُ: إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ «٨» .- وَجَعَلَ لَهُ الْخِيَارُ فِيهِمَا: فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَا «٩» يَتَقَدَّمُ وَاحِدٌ
(١) كَابْن عَبَّاس فى الرِّوَايَة الصَّحِيحَة عَنهُ، وَعمر فِي رِوَايَة ضَعِيفَة، وَابْن مَسْعُود فى رِوَايَة مُرْسلَة، وَعُثْمَان وَزيد فى رِوَايَة أُخْرَى عَنْهُمَا مَرْدُودَة. انْظُر الْأُم (ج ٧ ص ٢١)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٧٨- ٣٨٠) .
(٢) زِيَادَة مفيدة عَن الرسَالَة، ونجوز أَنَّهَا سَقَطت من الأَصْل.
(٣) عبارَة الرسَالَة (ص ٥٧٩) هى: «لما قَالَ الله: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ ...) كَانَ الظَّاهِر» إِلَخ.
(٤) فى نُسْخَة الرّبيع زِيَادَة: «لَهُ» . [.....]
(٥) كَذَا بالرسالة (ص ٥٨١) . وفى الأَصْل: «وَلِأَنَّهُ» وللزيادة من النَّاسِخ.
(٦) الزِّيَادَة عَن الرسَالَة.
(٧) كَذَا بالرسالة، وَهُوَ الأولى. وفى الأَصْل: «وَالطَّلَاق» .
(٨) قد ذكر هَذَا التَّفْسِير بِدُونِ الشَّرْط، فى الرسَالَة (ص ٥٧٨) . وَقد ذكر بِلَفْظ:
«إِلَّا لعذر» فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٥٦)، والمختصر (ج ٤ ص ١٠٦) . وَانْظُر الْخلاف فى تَفْسِير ذَلِك ومنشأه، فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٨٠) وَفتح الْبَارِي (ج ٩ ص ٣٤٤) .
(٩) فى بعض نسخ الرسَالَة: «لَا»، وَالْمعْنَى عَلَيْهَا صَحِيح أَيْضا.
 
مِنْهُمَا صَاحِبَهُ: وَقَدْ ذُكِرَا «١» فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. كَمَا «٢» يُقَالُ لَهُ: افْدِهِ، أَوْ نَبِيعَهُ عَلَيْكَ. بِلَا «٣» فَصْلٌ.» .
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ، وَبَيَانُ «٤» الِاعْتِبَارِ بِالْعَزْمِ. وَقَالَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ: «وَكَيْفَ «٥» يَكُونُ عَازِمًا عَلَى أَنْ يَفِيءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، لَزِمَهُ الطَّلَاقُ: وَهُوَ لَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ.؟ أَتُرَى هَذَا قَوْلًا يَصِحُّ فِي الْعُقُولِ «٦» [لِأَحَدٍ «٧»]؟!.» .
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ «٨» - هُوَ لِي مَسْمُوعٌ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ.-:
«وَلِمَ زَعَمْتُمْ «٩»: أَنَّ «١٠» الْفَيْئَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِشَيْءٍ يُحْدِثَهُ-: مِنْ
(١) فى الأَصْل: «ذكرُوا» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن الرسَالَة (ص ٥٨١) .
(٢) كَذَا بالرسالة وفى الأَصْل: «فَيُقَال» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٣) كَذَا بالرسالة وفى الأَصْل: «فَلَا» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٤) عبارَة الأَصْل: «مَكَان» أَو «مظان» . وَلَعَلَّ الصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ.
(٥) كَذَا بِالْأَصْلِ ونسخة الرسَالَة المطبوعة ببولاق. وفى سَائِر النّسخ: «فَكيف» .
(٦) كَذَا بِالْأَصْلِ ونسخة الرّبيع (ص ٥٨٤) . وفى سَائِر النّسخ: «الْمَعْقُول» .
(٧) الزِّيَادَة عَن الرسَالَة. وراجع بَقِيَّة الْكَلَام فِيهَا (ص ٥٨٤- ٥٨٦) لفائدته.
(٨) من الْأُم (ج ٧ ص ٢١): فى خلال مناظرة أخري مَعَ بعض الْحَنَفِيَّة: من تِلْكَ المناظرات المفيدة الَّتِي مَلأ بهَا كِتَابه الَّذِي أَلفه للرَّدّ على من خَالفه فى مسئلة: الْأَخْذ بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِد وَالَّذِي أتحفنا بفصل كَبِير مِنْهُ فى الْجُزْء السَّابِع من الْأُم (ج ٧ ص ٦- ٣١ و٧٩)، وفى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٣٥٢- ٣٦٠) . وَالَّذِي نرجوا: أَن يهتم بِهِ، وَيرجع إِلَيْهِ كل من عَنى بالدقائق الْفِقْهِيَّة، والموازنات المذهبية، والمناقشات القوية البريئة، والآراء الجلية السليمة الَّتِي تصدر عَن دقة فى الْفَهم، وسعة فى الْعلم.
(٩) رَاجع كَلَامه فى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ١١٣): فَهُوَ يزِيد مَا هُنَا وضوحا وَقُوَّة. [.....]
(١٠) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «بِأَن» . وَالظَّاهِر: أَن زِيَادَة الْبَاء من النَّاسِخ لِأَن التَّعْدِيَة بهَا هُنَا إِنَّمَا تكون إِذا كَانَ الزَّعْم بِمَعْنى الْكفَالَة: على مَا أَظن.
 
جِمَاعٍ، أَوْ فَيْءٍ بِلِسَانٍ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ على الْجِمَاع.- و: أنّ عَزِيمَةَ الطَّلَاقِ هُوَ «١»: مُضِيّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا: شَيْءٌ يُحْدِثُهُ هُوَ بِلِسَانِ «٢»، وَلَا فِعْلٍ.؟»
أَرَأَيْتَ «٣» الْإِيلَاءَ: طَلَاقٌ «٤» هُوَ؟ قَالَ: لَا. قُلْنَا «٥»: أَفَرَأَيْتَ كَلَامًا قَطُّ-: لَيْسَ بِطَلَاقٍ.-: جَاءَتْ عَلَيْهِ «٦» مُدَّةٌ، فَجَعَلَتْهُ طَلَاقًا.؟!» .
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ «٧» وَقَدْ نَقَلْتُهُ إلَى (الْمَبْسُوطِ) .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبى عَمْرو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٨»: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ، ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا-: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) الْآيَة «٩» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: سَمِعْتُ مَنْ أَرْضَى-: [مِنْ «١٠»] أَهْلِ الْعِلْمِ
(١) فى الْأُم: «هى» وَلَا فرق فى الْمَعْنى. وارجع إِلَى مَا روى أَيْضا فى ذَلِك، عَن ابْن الْمسيب وأبى بكر بن عبد الرَّحْمَن، فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٧٨) ..
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الْأَنْسَب. وفى الأَصْل: «بِلِسَانِهِ» .
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «أَو رَأَيْت»، وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ كَمَا هُوَ ظَاهر.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «طَلَاقا»، وَهُوَ تَحْرِيف.
(٥) فى الْأُم: «قلت» .
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «عَلَيْك» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٧) رَاجعه كُله فى (ص ٢١) لفوائده الجليلة.
(٨) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٦٢) .
(٩) ذكر فى الْأُم إِلَى قَوْله: (سِتِّينَ مِسْكينا) . وَتَمام الْآيَة: (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ، وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ: ٥٨- ٣) .
(١٠) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
 
بِالْقُرْآنِ.- يَذْكُرُ: أَنَّ أهل الْجَاهِلِيَّة [كانو «١»] يُطَلِّقُونَ بِثَلَاثٍ: الظِّهَارِ، وَالْإِيلَاءِ، وَالطَّلَاقِ. فَأَقَرَّ «٢» اللَّهُ ﷿ الطَّلَاقَ: طَلَاقًا وَحَكَمَ فِي الْإِيلَاءِ: بِأَنَّ أَمْهَلَ «٣» الْمُولِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ جَعَلَ عَلَيْهِ: أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ وَحَكَمَ فِي الظِّهَارِ: بِالْكَفَّارَةِ، وَ[أَنْ «٤»] لَا يَقَعَ بِهِ طَلَاقٌ.»
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٥» «وَاَلَّذِي «٦» حَفِظْتُ «٧» - مِمَّا سَمِعْتُ فِي: (يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا «٨») .-: أَنَّ الْمُتَظَاهِرَ «٩» حَرَّمَ [مَسَّ «١٠»] امْرَأَتِهِ بِالظِّهَارِ فَإِذَا أَتَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ بَعْدَ الْقَوْلِ بِالظِّهَارِ، لَمْ يُحْرِمْهَا: بِالطَّلَاقِ الَّذِي يُحَرَّمُ «١١» بِهِ، وَلَا بِشَيْءٍ «١٢» يَكُونُ لَهُ مَخْرَجٌ «١٣» مِنْ أَنْ تَحْرُمَ «١٤» [عَلَيْهِ «١٥»] بِهِ-: فَقَدْ وَجَبَتْ «١٦» عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ.»
(١) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «فَأمر» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الْمُنَاسب لما بعد. وفى الأَصْل: «يُمْهل» . [.....]
(٤) زِيَادَة حَسَنَة. وَعبارَة الْأُم هى: «فَإِذا تظاهر الرجل من امْرَأَته يُرِيد طَلاقهَا، أَو يُرِيد تَحْرِيمهَا بِلَا طَلَاق-: فَلَا يَقع بِهِ طَلَاق بِحَال وَهُوَ متظاهر» إِلَخ فَرَاجعه: فَإِنَّهُ مُفِيد.
(٥) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٦٥) . وَقد ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٨٤) .
وَذكر مُخْتَصرا فى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ١٢٣)
(٦) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: بِدُونِ الْوَاو.
(٧) فى الْأُم: «علقت» . وفى الْمُخْتَصر: «عقلت» .
(٨) فى الْمُخْتَصر زِيَادَة «الْآيَة» . وَعبارَته بعد ذَلِك هى: «أَنه إِذا أَتَت على المتظاهر مُدَّة بعد القَوْل بالظهار، لم يحرمها بِالطَّلَاق الَّذِي تحرم بِهِ-: وَجَبت عَلَيْهِ الْكَفَّارَة.» .
(٩) فى بعض نسخ السّنَن الْكُبْرَى: «الْمظَاهر» .
(١٠) زِيَادَة حسنه، عَن الْأُم.
(١١) أَي: يَقع تَحْرِيم الزَّوْجَة بِهِ. وفى السّنَن الْكُبْرَى: «تحرم» أَي: الزَّوْجَة.
(١٢) كاللعان. وفى الْأُم: «شىء» .
(١٣) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «فَخرج»، وَهُوَ تَحْرِيف.
(١٤) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «يحرم» .
(١٥) زِيَادَة حسنه، عَن الْأُم.
(١٦) فى الْأُم: «وَجب» .
 
«كَأَنَّهُمْ يَذْهَبُونَ: إلَى أَنَّهُ إذَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ «١» حَلَالٌ: فَقَدْ عَادَ لِمَا قَالَ، فَخَالَفَهُ «٢»: فَأَحَلَّ مَا حَرَّمَ «٣» .» .
قَالَ: «وَلَا أَعْلَمُ لَهُ مَعْنَى أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا وَلَمْ «٤» أَعْلَم مُخَالِفًا: فِي أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ: وَإِنْ لَمْ يَعُدْ «٥» بِتَظَاهُرٍ آخَرَ.»
فَلَمْ يَجُزْ «٦»: أَنْ يُقَالُ مَا «٧» لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا: فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْنَى الْآيَةِ «٨» .» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٩»: «وَمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا):
وَقْتٌ لِأَنَّ يُؤَدِّيَ مَا «١٠» أَوْجَبَ اللَّهُ ﷿ عَلَيْهِ: مِنْ الْكَفَّارَةِ [فِيهَا «١١» قَبْلَ الْمُمَاسَّةِ «١٢» . فَإِذَا كَانَتْ الْمُمَاسَّةُ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ «١٣»] فَذَهَبَ الْوَقْتُ:
(١) قَوْله: أَنه حَلَال غير مَوْجُود بالمختصر. [.....]
(٢) فى السّنَن الْكُبْرَى: «مُخَالفَة» .
(٣) رَاجع فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٤٤) كَلَامه فى شرح وتفصيل قَول الرجل لامراته:
أَنْت على حرَام. فَهُوَ قريب من هَذَا الْبَحْث، ومفيد جدا.
(٤) فى بعض نسخ السّنَن الْكُبْرَى: «لَا» .
(٥) فى الأَصْل: «يعْتد بمتظاهر» . وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «أخر» . وَلَعَلَّه محرف عَن: «أجز» .
(٧) فى الْأُم: «لما» على تضمين «يُقَال» معنى «يذهب» .
(٨) رَاجع مَا كتبه على هَذَا صَاحب الْجَوْهَر النقي (ج ٧ ص ٣٨٤): فَفِيهِ فَوَائِد كَثِيرَة
(٩) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٦٥) . وَقد ذكر بعضه فى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ١٢٤)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٨٥) .
(١٠) فى الْمُخْتَصر: «مَا وَجب عَلَيْهِ قبل المماسة، حَتَّى يكفر» .
(١١) أَي: فى الْوَقْت بِمَعْنى الْمدَّة.
(١٢) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(١٣) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
 
لَمْ تَبْطُلْ الْكَفَّارَةُ، [وَلَمْ يُزَدْ عَلَيْهِ فِيهَا «١»] .» . وَجَعَلَهَا قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ «٢» قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) قَالَ «٣»: «لَا [يُجْزِيهِ «٤»] تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ: لِأَنَّ اللَّهَ ﷿ يَقُولُ فِي الْقَتْلِ: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ: ٤- ٩٢) .»
«وَكَانَ»
شَرْطُ اللَّهِ فِي رَقَبَةِ الْقَتْلِ [إذَا كَانَتْ «٦»] كَفَّارَةً، كَالدَّلِيلِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): عَلَى أَنْ لَا تُجْزِيَ «٧» رَقَبَةٌ فِي كَفَّارَةٍ، إلَّا مُؤْمِنَةٌ.»
«كَمَا شَرَطَ اللَّهُ (تَعَالَى) الْعَدْلَ فِي الشَّهَادَةِ، فِي مَوْضِعَيْنِ، وَأَطْلَقَ الشُّهُودَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ «٨» .»
(١) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَالسّنَن والكبرى.
(٢) قَالَ فى الْأُم: «كَمَا يُقَال لَهُ: أد الصَّلَاة فى وَقت كَذَا، وَقبل وَقت كَذَا. فَيذْهب الْوَقْت، فيؤديها: لِأَنَّهَا فرض عَلَيْهِ فَإِذا لم يؤدها فى الْوَقْت: أَدَّاهَا قَضَاء بعده وَلَا يُقَال لَهُ: زد فِيهَا لذهاب الْوَقْت قبل أَن تؤديها.» . وَانْظُر الْمُخْتَصر وَالسّنَن الْكُبْرَى. [.....]
(٣) كَمَا ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٣٨٧) . وَعبارَة الْأُم (ج ٥ ص ٢٦٦) هى: (فَإِذا وَجَبت كَفَّارَة الظِّهَار على الرجل-: وَهُوَ وَاجِد لرقبة، أَو ثمنهَا.-: لم يجزه فِيهَا إِلَّا تَحْرِير رَقَبَة وَلَا تُجزئه رَقَبَة على غير دين الْإِسْلَام» إِلَى آخر مَا فى الأَصْل.
(٤) زِيَادَة حَسَنَة، عَن السّنَن الْكُبْرَى.
(٥) فى السّنَن الْكُبْرَى: «فَكَانَ» .
(٦) هَذِه الزِّيَادَة مَوْجُودَة فى الْأُم وَقد وَقعت فى الأَصْل مُتَقَدّمَة عَن موضعهَا، عقب قَوْله: فى الْقَتْل. وَهُوَ من عَبث النَّاسِخ. ووردت فى السّنَن الْكُبْرَى، بِلَفْظ: «إِذا كَانَ» وَلَا فرق فى الْمَعْنى.
(٧) كَذَا بالسنن الْكُبْرَى، وَهُوَ الْأَحْسَن. وفى الْأُم: «يجزىء» . وفى الأَصْل:
«تَحْرِير» .
(٨) رَاجع تَفْصِيل هَذَا الْمقَام، فى مناقشة قيمَة ذكرت فى الْأُم (ج ٧ ص ٢١- ٢٢) .
 
«فَلَمَّا كَانَتْ شَهَادَةً كُلُّهَا: اكْتَفَيْنَا «١» بِشَرْطِ اللَّهِ فِيمَا شَرَطَ فِيهِ وَاسْتَدْلَلْنَا: عَلَى أَنَّ مَا أَطْلَقَ: مِنْ الشَّهَادَاتِ (إنْ شَاءَ اللَّهُ ﷿: عَلَى مِثْلِ مَعْنَى مَا شَرَطَ «٢» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبى عَمْرو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٣»: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً «٤») الْآيَةُ «٥» .»
«قَالَ: فَلَمْ «٦» أَعْلَمْ خِلَافًا: [فِي «٧»] أَنَّ ذَلِكَ إذَا طَلَبَتْ الْمَقْذُوفَةُ
(١) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم. وفى السّنَن الْكُبْرَى: «استدللنا» إِلَى آخر مَا سيأتى.
(٢) انْظُر مَا قَالَه بعد ذَلِك، فى الْأُم (ص ٢٦٦- ٢٦٧) . وَانْظُر أَيْضا الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ١٢٧- ١٢٨)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٨٧)، وَمَا رد بِهِ صَاحب الْجَوْهَر النقي قِيَاس الشَّافِعِي فى هَذِه الْمَسْأَلَة، وتأمله.
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٧٣) .
(٤) رَاجع فى الْأُم (ج ٦ ص ٢٥٦- ٢٥٧) كَلَامه عَن حَقِيقَة الْمَأْمُور بجلده:
لفائدته. وراجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٠٨) مَا روى فى سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة، وَغَيره. فَهُوَ مُفِيد فى الْمَوْضُوع.
(٥) تَمامهَا: (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَدًا وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ: ٢٤- ٤) .
(٦) فى الْأُم: «ثمَّ لم» .
(٧) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
 
الْحَدَّ «١»، وَلَمْ «٢» يَأْتِ الْقَاذِفُ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ: يُخْرِجُونَهُ «٣» مِنْ الْحَدِّ «٤» .»
«وَقَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ: فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ: أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) إلَى آخِرِهَا «٥» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿: أَنَّهُ «٦» أَخْرَجَ الزَّوْجَ مِنْ قَذْفِ الْمَرْأَةِ (يَعْنِي «٧»: بِاللِّعَانِ.): كَمَا أَخْرَجَ قَاذِفَ الْمُحْصَنَةِ غَيْرِ «٨» الزَّوْجَةِ: بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ يَشْهَدُونَ عَلَيْهَا، بِمَا «٩» قَذَفَهَا بِهِ:
مِنْ الزِّنَا.»
(١) عبارَة الْأُم هى: «إِذا طلبت ذَلِك المقذوفة الْحرَّة» . وَالتَّقْيِيد بِالْحُرِّيَّةِ فَقَط، قد يُوهم أَن لَا قيد غَيرهَا. مَعَ أَن الْإِسْلَام أَيْضا مُعْتَبر عِنْد الشَّافِعِي: كَمَا صرح بِهِ فى الْأُم (ج ٥ ص ١١٠ و٢٨٥ و٢٨٨) . وَلَعَلَّ هَذَا سَبَب الْإِطْلَاق فى الأَصْل: اتكالا على التَّقْيِيد فى مَوضِع آخر. [.....]
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «لم» وَهُوَ خطأ. وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «يحرمونه» . وَهُوَ تَحْرِيف. وراجع كَلَامه فى الْأُم (ج ٧ ص ٧٨): فَهُوَ مُفِيد هُنَا.
(٤) فى الأَصْل بعد ذَلِك وَقبل الْآتِي زِيَادَة هى: «وَقَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ) يحرمونه من الْحَد» . وهى من النَّاسِخ على مَا نعتقد.
(٥) أَي: آيَات اللّعان. وفى الْأُم: «إِلَى قَوْله: (إِن كَانَ من الصَّادِقين)» . وَتَمام الْمَتْرُوك: (وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ: أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ: ٢٤- ٦- ٩) .
(٦) فى الْأُم: «أَن الله» .
(٧) هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ. وفى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ١٤٣): «بالتعانه» . وفى الْأُم:
«بِشَهَادَتِهِ أَربع شَهَادَات» إِلَى: «من الْكَاذِبين» .
(٨) كَذَا فى الْأُم والمختصر. وفى الأَصْل: «عَن الزَّوْجِيَّة» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٩) فى الْمُخْتَصر: «مِمَّا» . وَلَعَلَّه محرف عَمَّا هُنَا.
 
«وَكَانَتْ فِي ذَلِكَ، دَلَالَةُ: أَنْ لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَلْتَعِنَ «١»، حَتَّى تَطْلُبَ الْمَرْأَةُ الْمَقْذُوفَةُ حَدّهَا.» . وَقَاسَهَا (أَيْضًا): عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ «٢» .
قَالَ «٣»: «وَلِمَا «٤» ذَكَرَ اللَّهُ ﷿ اللِّعَانَ عَلَى الْأَزْوَاجِ مُطْلَقًا-:
كَانَ اللِّعَانُ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ: جَازَ طَلَاقُهُ، وَلَزِمَهُ الْفَرْضُ «٥» وَعَلَى «٦» كُلِّ زَوْجَةٍ: لَزِمَهَا الْفَرْضُ «٧» .» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٨»: «فَإِنْ قَالَ «٩»: لَا أَلْتَعِنُ وَطَلَبَتْ أَنْ يُحَدَّ لَهَا-:
حُدَّ «١٠» .» .
قَالَ «١١»: «وَمَتَى الْتَعَنَ الزَّوْجُ: فَعَلَيْهَا أَنْ تَلْتَعِنَ. فَإِنْ أَبَتْ: حُدَّتْ ١»
(١) كَذَا بِالْأُمِّ والمختصر. وفى الأَصْل: «يتلعن» . وَلَعَلَّه محرف عَن: «يتلاعن» وَإِن كَانَ خَاصّا بِمَا إِذا تحقق من الْجَانِبَيْنِ.
(٢) قَالَ فى الْمُخْتَصر وَالأُم: «كَمَا لَيْسَ على قَاذف الْأَجْنَبِيَّة حد، حَتَّى تطلب حَدهَا» .
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٧٣)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٩٥) .
(٤) فى السّنَن الْكُبْرَى: «لما» . وَقَالَ فى الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ١٤٣): «وَلما لم يخص الله أحدا من الْأزْوَاج دون غَيره، وَلم يدل على ذَلِك سنة وَلَا إِجْمَاع-: كَانَ على كل زوج» إِلَى آخر مَا هُنَا. وَقد ذكر أوضح مِنْهُ وأوسع، فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٢) فَرَاجعه، وَانْظُر رده على من زعم: أَنه لَا يُلَاعن إِلَّا حران مسلمان، لَيْسَ مِنْهُمَا مَحْدُود فى قذف.
وراجع أَيْضا، كَلَامه فى الْأُم (ج ٥ ص ١١٠- ١١١ و١١٨- ١٢٢) .
(٥) رَاجع مَا كتبه على هَذَا، صَاحب الْجَوْهَر النقي (ج ٧ ص ٣٩٥- ٣٩٦) .
(٦) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «وَكَذَلِكَ على» . وفى الْمُخْتَصر: «وَكَذَلِكَ كل» . [.....]
(٧) انْظُر مَا ذكره بعد ذَلِك، فى الْأُم.
(٨) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٨١) .
(٩) فى الْأُم زِيَادَة: «هُوَ» .
(١٠) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «وَهُوَ زَوجهَا، وَالْولد وَلَده» .
(١١) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٨١) .
(١٢) انْظُر مَا ذكره فى الْأُم، بعد ذَلِك. وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج ٤ ص ١٤٦) . وراجع كَلَامه الْمُتَعَلّق بِهَذَا، ورده على من خَالف فِيهِ- فى الْأُم (ج ٥ ص ١٧٧ وَج ٧ ص ٢٢ و٣٦) .
 
لِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ: أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ) الْآيَةُ. وَالْعَذَابُ: الْحَدُّ «١» .» .
(وَأَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٢»: «وَلِمَا حَكَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، شُهُودَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مَعَ حَدَاثَتِهِ «٣»، وَحَكَاهُ ابْنُ عُمَرَ «٤» -: اسْتَدْلَلْنَا: [عَلَى «٥»] أَنَّ اللِّعَانَ لَا يَكُونُ. إلَّا بِمَحْضَرٍ «٦» مِنْ طَائِفَةٍ: مِنْ الْمُؤْمِنِينَ «٧» .»
«وَكَذَلِكَ جَمِيعُ حُدُودِ اللَّهِ: يَشْهَدُهَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، أَقَلُّهَا «٨»:
أَرْبَعَة. لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا، أَقَلُّ مِنْهُمْ «٩» .»
(١) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «فَكَانَ عَلَيْهَا أَن تحد: إِذا التعن الزَّوْج، وَلم تدرأ عَن نَفسهَا بالالتعان» .
(٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١١٥)، والمختصر (ج ٤ ص ١٥٣- ١٥٤) .
(٣) انْظُر حَدِيث سهل هَذَا، فى الْأُم (ج ٥ ص ١١١- ١١٢ و٢٧٧- ٢٧٨)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٩٨- ٤٠١ و٤٠٤- ٤٠٥) .
(٤) انْظُر حَدِيثه فى الْأُم (ج ٥ ص ١١٢- ١١٣ و٢٧٩)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٠١- ٤٠٢ و٤٠٤ و٤٠٩) . وَيحسن أَن تراجع كَلَام الشَّافِعِي فِي حكم النَّبِي بِالنِّسْبَةِ لمسئلة اللّعان، فى الْأُم (ج ٥ ص ١١٣- ١١٤): فَهُوَ جيد مُفِيد، خُصُوصا فى حجية السّنة، وَبَيَان أَنْوَاعهَا. وَقد نَقله الشَّيْخ شَاكر فى تَعْلِيقه على الرسَالَة (ص ١٥٠- ١٥٦) .
(٥) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم والمختصر.
(٦) أَي: بمَكَان الْحُضُور. وفى الْأُم: «بِمحضر طَائِفَة» أَي: بحضورها.
(٧) قَالَ فى الْأُم والمختصر، بعد ذَلِك: «لِأَنَّهُ لَا يحضر أمرا: يُرِيد رَسُول الله ﷺ ستره وَلَا يحضرهُ إِلَّا: وَغَيره حَاضر لَهُ.» .
(٨) فى الْأُم والمختصر: «أقلهم» وَكِلَاهُمَا صَحِيح. [.....]
(٩) رَاجع الْأُم (ج ٦ ص ١٢٢- ١٢٣) .
 
«وَهَذَا: يُشْبِهُ قَوْلَ اللَّهِ ﷿ فِي الزَّانِيَيْنِ: (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ: ٢٤- ٢) «١» .» .
وَقَالَ «٢» - فِي قَوْلِهِ ﷿: (فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ: ٤- ١٠٢) .-: «الطَّائِفَةُ: ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ.» .
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ: لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ ﷺ بِهِمْ: حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ «٣» لَهُمْ. وَأَقَلُّ الْجَمَاعَةِ إقَامَةً: ثَلَاثَةٌ «٤» .
فَاسْتُحِبَّ «٥»: أَنْ يَكُونُوا ثَلَاثَةً فَصَاعِدًا.
وَذَكَرَ «٦» جِهَةَ اسْتِحْبَابِهِ: أَنْ يَكُونُوا أَرْبَعَةً فِي الْحُدُودِ. وَلَيْسَ ذَلِكَ:
بِتَوْقِيفٍ «٧»، فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا.
(١) انْظُر مَا قَالَه- فى الْأُم والمختصر- بعد ذَلِك: لفائدته الْكَبِيرَة.
(٢) كَمَا فى الْمُخْتَصر وَالأُم (ج ١ ص ١٤٣ و١٩٤) .
(٣) أَي: صلَاتهَا.
(٤) أَي: أقل الْجمع تقوما وتحققا ذَلِك على الْمَذْهَب الرَّاجِح الْمَشْهُور. فَلَيْسَ المُرَاد بِالْجَمَاعَة الصَّلَاة: لِأَن انْعِقَادهَا لَا يتَوَقَّف على أَكثر من اثْنَيْنِ وَلِأَنَّهُ كَانَ الأولى حِينَئِذٍ أَن يَقُول: وأقلها. وَلَا يُقَال: إِن «ثَلَاثَة» محرف عَن «اثْنَان» لِأَن التَّعْلِيل حِينَئِذٍ لَا يتَّفق مَعَ أصل الدعوي. كَمَا لَا يُقَال: إِن «إِقَامَة» محرف عَن «إثابة» لِأَن ثَوَاب الْجَمَاعَة يتَحَقَّق بانعقادها كَمَا هُوَ مَعْرُوف. ويقوى ذَلِك: أَن الشَّافِعِي فسر الطَّائِفَة فى الْآيَة (أَيْضا) - فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٢٤٤) -: بِأَنَّهَا الْجَمَاعَة، لَا: الإِمَام الْوَاحِد. وَالْمرَاد: الْجمع، قطعا. فَتدبر.
(٥) أَي: الشَّافِعِي رضى الله عَنهُ.
(٦) بل عَن اجْتِهَاد مِنْهُ. وفى الأَصْل: «بتوقيت» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٧) بل عَن اجْتِهَاد مِنْهُ. وفى الأَصْل: «بتوقيت» . وَهُوَ تَحْرِيف.


 
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي الْعِدَّة، وَفِي الرَّضَاعِ، وَفِي النَّفَقَاتِ»
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ (قَرَأْتَ عَلَيْهِ): أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ «١»، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ ﵀، قَالَ «٢»: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ «٣»: ٢- ٢٢٨) .»
«قَالَتْ «٤» عَائِشَةُ ﵂: الْأَقْرَاءُ «٥»: الْأَطْهَارُ [فَإِذَا طَعَنَتْ فِي الدَّمِ: مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ حَلَّتْ «٦»] . وَقَالَ بِمِثْلِ «٧» مَعْنَى
(١) فى الأَصْل: «أَنا الرّبيع، أَنا أَبُو الْعَبَّاس» . والتقديم من النَّاسِخ.
(٢) كَمَا فى الرسَالَة (ص ٥٦٢- ٥٦٨) .
(٣) هَذِه قِرَاءَة الْجُمْهُور. وَقَرَأَ الزُّهْرِيّ وَنَافِع: بتَشْديد الْوَاو، بِغَيْر همز. وَهُوَ: جمع «قرء»: بِفَتْح الْقَاف وَضمّهَا: وَإِن كَانَ الْفَتْح هُوَ الْمَشْهُور الَّذِي اقْتصر عَلَيْهِ جُمْهُور أهل اللُّغَة. وَلَا خلاف: فى أَنه يسْتَعْمل لُغَة، فى كل: من الطُّهْر وَالْحيض. وَلَا خلاف كَذَلِك:
فى أَنه يسْتَعْمل شرعا فيهمَا: وَإِن زعم خِلَافه الزاعمون، وَادّعى عدم اسْتِعْمَاله شرعا فى الطُّهْر المدعون. وَإِنَّمَا الْخلاف- عِنْد الصَّحَابَة وفقهاء الْأمة-: فى كَونه فى الْعدة، الطُّهْر أَو الْحيض. وَهُوَ خلاف ناشىء عَن الِاخْتِلَاف فى الِاسْتِعْمَال اللّغَوِيّ. وَقد نَص على ذَلِك، الْأَئِمَّة الثِّقَات: الَّذين يُؤْخَذ بكلامهم، ويعتد بحكمهم.
(٤) فى الرسَالَة: «فَقَالَت» .
(٥) هَذَا جمع قلَّة، والقروء جمع كَثْرَة. وَقد ورد فى الْآيَة، بدل الأول: توسعا.
وَهُنَاكَ جمع ثَالِث فى أدنى الْعدَد، وَهُوَ: أقرؤ.
(٦) هَذِه زِيَادَة جَيِّدَة مفيدة، عَن الْأُم (ج ٧ ص ٢٤٥) . وَقد رويت بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة عَن عَائِشَة وَمن مَعهَا. [.....]
(٧) كَذَا بالرسالة وفى الأَصْل: «كَمثل» وَهُوَ تَحْرِيف.
 
قَوْلِهَا، زيد بن ثانت، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَغَيْرُهُمَا «١» .»
«وَقَالَ نَفَرٌ-: مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ «٢» ﷺ.-:
الْأَقْرَاءُ: الْحَيْضُ فَلَا تَحِلُّ الْمُطَلَّقَةُ «٣»: حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.»
(١) كالقاسم بن مُحَمَّد، وَسَالم بن عبد الله، وأبى بكر بن عبد الرَّحْمَن، وَسليمَان بن يسَار، وَسَائِر الْفُقَهَاء السَّبْعَة، وَأَبَان بن عُثْمَان، وَالزهْرِيّ، وَعَامة فُقَهَاء أهل الْمَدِينَة، وَمَالك، وَأحمد فى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ. انْظُر الْأُم (ج ٥ ص ١٩١- ١٩٢ وَج ٧ ص ٢٤٥)، والمختصر (ج ٥ ص ٤)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤١٤- ٤١٦)، وَشرح الْمُوَطَّأ للزرقانى (ج ٣ ص ٢٠٣- ٢٠٥) وَزَاد الْمعَاد (ج ٤ ص ١٨٥)، وتهذيب اللُّغَات للنووى (ج ٢ ص ٨٥) .
(٢) كالخلفاء الْأَرْبَعَة، وَابْن عَبَّاس، وَابْن مَسْعُود، وأبى بن كَعْب، ومعاذ بن جبل، وَعبادَة بن الصَّامِت، وأبى الدَّرْدَاء، وأبى مُوسَى الْأَشْعَرِيّ. وَقد وافقهم على ذَلِك، كثير من التَّابِعين والمفتين: كَابْن الْمسيب، وَابْن جُبَير، وَطَاوُس، وَالْحسن، وَشُرَيْح، وَقَتَادَة، وعلقمة، وَالْأسود بن يزِيد، وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَالشعْبِيّ، وَعَمْرو بن دِينَار، وَمُجاهد، وَمُقَاتِل، وَالثَّوْري، والأوزاعى، وأبى حنيفَة، وَزفر، وَإِسْحَق بن رَاهَوَيْه، وَأحمد فى أصح الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ وَالشَّافِعِيّ فى الْقَدِيم، وأبى عبيد الْقَاسِم بن سَلام: (وَإِن روى فى شرح الْقَامُوس- مَادَّة: قَرَأَ-: أَنه رَجَعَ عَنهُ بعد أَن ناظره الشَّافِعِي وأقنعه.) . أنظر الْأُم (ج ٧ ص ٢٤٥)، وَاخْتِلَاف الحَدِيث (ص ١٤٦)، وَشرح مُسلم للنووى (ج ١٠ ص ٦٢- ٦٣)، وتهذيب اللُّغَات (ج ٢ ص ٨٥)، وَشرح الزرقانى على الْمُوَطَّأ (ج ٣ ص ٢٠٤)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤١٦- ٤١٨)، وَزَاد الْمعَاد (ج ٤ ص ١٨٤- ١٨٥) .
(٣) كَذَا بِكَثِير من نسخ الرسَالَة. وفى الأَصْل: «فَلَا يحل للمطلقة» وَلَعَلَّه محرف.
وفى الْأُم (ج ٧ ص ٢٤٥): «لَا تحل الْمَرْأَة» . وفى نسختى الرّبيع وَابْن جمَاعَة: «فَلَا يحلوا الْمُطلقَة» (على حذف النُّون تَخْفِيفًا) . أَي: لَا يحكمون بحلها. وَلَا نستبعد- مَعَ صِحَّته-:
أَنه محرف عَمَّا أثبت.
 
ثُمَّ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ حُجَّةَ الْقَوْلَيْنِ «١»، وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ «٢» وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ:
«بِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ عُمَرَ ﵁ - حِينَ طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ: حَائِضًا.-: أَنْ يَأْمُرَهُ: بِرَجْعَتِهَا [وَحَبْسِهَا «٣»] حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا: طَاهِرًا، مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«فَتِلْكَ الْعِدَّةُ: الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ ﷿: أَنْ يُطَلَّقَ «٤» لَهَا النِّسَاءُ.»
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «[يَعْنِي «٥»]- وَاَللَّهُ أَعْلَمُ-: قَوْلَ اللَّهِ ﷿: (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ: ٦٥- ١) فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ - عَنْ اللَّهِ ﷿: أَنَّ الْعِدَّةَ: الطُّهْرُ، دُونَ الْحَيْضِ «٦» .»
(١) رَاجع كَلَامه فى الرسَالَة (ص ٥٦٣- ٥٦٦): فَفِيهِ فَوَائِد جمة.
(٢) أنظر الرسَالَة (ص ٥٦٩)، والمختصر وَالأُم (ج ٥ ص ٢- ٤ و١٩١- ١٩٢) .
وراجع فى الْأُم (ج ٥ ص ٨٩) كَلَامه فى الْفرق بَين اخْتِيَاره هَذَا، وَمَا ذهب إِلَيْهِ فى الِاسْتِبْرَاء: من أَنه طهر ثمَّ حَيْضَة. فَهُوَ مُفِيد هُنَا وَفِيمَا ذكر فى الرسَالَة (ص ٥٧١- ٥٧٢):
مِمَّا لم يذكر فى الأَصْل.
(٣) زِيَادَة مفيدة، عَن الرسَالَة (ص ٥٦٧) .
(٤) فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٢ و١٩١): «تطلق» . وَحَدِيث ابْن عمر هَذَا، قد روى من طرق عدَّة، وبألفاظ مُخْتَلفَة. فَرَاجعه فى الْأُم والمختصر، وَاخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٣١٦)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٣٢٣- ٣٢٧ و٤١٤)، وَشرح الْمُوَطَّأ للزرقانى (ج ٣ ص ٢٠٠- ٢٠٢ و٢١٨)، وَفتح الْبَارِي (ج ٩ ص ٢٧٦- ٢٨٥ و٣٩١)، وَشرح مُسلم للنووى (ج ١٠ ص ٥٩- ٦٩)، ومعالم السّنَن (ج ٣ ص ٢٣١) .
(٥) أَي: الرَّسُول. وَالزِّيَادَة عَن الرسَالَة (ص ٥٦٧)، وَالْجُمْلَة الاعتراضية مُؤخر فِيهَا عَن الْمَفْعُول.
(٦) قَالَ الشَّافِعِي بعد ذَلِك (كَمَا فى الْمُخْتَصر وَالأُم: (ج ٥ ص ٣ و١٩١): «وَقَرَأَ (فطلقوهن لقبل عدتهن) وَهُوَ: أَن يطلقهَا طَاهِرا. لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تسْتَقْبل عدتهَا.
وَلَو طلقت حَائِضًا: لم تكن مُسْتَقْبلَة عدتهَا، إِلَّا من بعد الْحيض.» . اهـ. وَانْظُر زَاد الْمعَاد (ج ٤ ص ١٩٠) . وَأَقُول:
قَوْله تَعَالَى: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) - بِقطع النّظر عَن كَون مَا روى فى الْأُم والمختصر، والموطأ وصحيح مُسلم، عَن النَّبِي أَو غَيره، من قَوْله: «فى قبل، أَو لقبل عدتهن» قِرَاءَة أُخْرَى، أَو تَفْسِيرا-: مؤول فى نظر أَصْحَاب المذهبين جَمِيعًا، على معنى: فطلقوهن مستقبلات عدتهن.
إِلَّا أَن الشَّافِعِي قد فهم بِحَق: أَن الِاسْتِقْبَال على الْفَوْر، لَا على التَّرَاخِي وَأَن ذَلِك لَا يتَحَقَّق إِلَّا: إِذا كَانَت الْعدة الطُّهْر.
لِأَنَّهُ وجد: أَن الشَّارِع قد نهى عَن الطَّلَاق فى الْحيض، وَأقرهُ فى الطُّهْر. وَوجد:
أَن الْإِجْمَاع قد انْعَقَد: على أَن الْحيض الَّذِي وَقع فِيهِ الطَّلَاق، لَا يحْسب من الْعدة. وَأدْركَ:
أَن النهى إِنَّمَا هُوَ لمنع ضَرَر طول الِانْتِظَار، عَن الْمَرْأَة.
فَلَو لم يكن الِاسْتِقْبَال على الْفَوْر-: بِأَن كَانَ على التَّرَاخِي.-: للَزِمَ (أَولا): عدم النهى عَن الطَّلَاق فى الْحيض لكَون الْمُطلقَة فِيهِ: مُسْتَقْبلَة عدتهَا (أَيْضا) على التَّرَاخِي.
وللزم (ثَانِيًا): أَن يتَحَقَّق فى الطَّلَاق السنى، الْمَعْنى: الَّذِي من أَجله حصل النهى فى الطَّلَاق البدعى. وَلَيْسَ بمعقول: أَن ينْهَى الشَّارِع عَنهُ- فى حَالَة- لعِلَّة خَاصَّة، ثمَّ يُجِيزهُ فى حَالَة أُخْرَى، مَعَ وجودهَا.
وعَلى هَذَا، فتفيد الْآيَة: أَن الْأَقْرَاء هى: الْأَطْهَار وَيكون مَعْنَاهَا: فطلقوهن فى وَقت عدتهن، أَي: فى الْوَقْت الَّذِي يشرعن فِيهِ فى الْعدة، ويستقبلها فَوْرًا عقب صُدُور الطَّلَاق. وَهَذَا لَا يكون إِلَّا: إِذا كَانَت الْعدة نفس الطُّهْر.
وَلَا يُعَكر على هَذَا: أَن الشَّافِعِي قد ذهب: إِلَى أَن طَلَاق الْحَائِض يَقع فَلَا يتَحَقَّق فِيهِ:
اسْتِقْبَال الْعدة فَوْرًا.
لِأَن الْكَلَام إِنَّمَا هُوَ: بِالنّظرِ إِلَى معنى الْآيَة الْكَرِيمَة، وبالنظر إِلَى الطَّلَاق الَّذِي لم يتَعَلَّق نهى بِهِ. وَكَون الِاسْتِقْبَال فَوْرًا يتَخَلَّف فى طَلَاق الْحَائِض، إِنَّمَا هُوَ: لِأَن الزَّوْج قد أَسَاءَ فارتكب الْمنْهِي عَنهُ.
ولكى تتأكد مِمَّا ذكرنَا، وتطمئن إِلَيْهِ- يكفى: أَن تتأمل قَول الشَّافِعِي الَّذِي صدرنا بِهِ الْكَلَام وَترجع إِلَى مَا ذكره فى الْأُم (ج ٥ ص ١٦٢- ١٦٣ و١٩١)، وَمَا ذكره كل: من الْخطابِيّ فى معالم السّنَن (ج ٣ ص ٢٣١- ٢٣٢)، وَالنَّوَوِيّ فى شرح مُسلم (ج ١٠ ص ٦٢ و٦٧- ٦٨)، وَابْن حجر فى الْفَتْح (ج ٩ ص ٢٧٦ و٢٨١ و٣٨٦)، والزرقانى فى شرح الْمُوَطَّأ (ج ٣ ص ٢٠٢ و٢١٨) .
وَبِذَلِك، يتَبَيَّن: أَن مَا ذكره الشَّيْخ شَاكر فى تَعْلِيقه على الرسَالَة (ص ٥٦٧- ٥٦٨):
كَلَام تافه لَا يعْتد بِهِ، وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ. وَأَنه لم يصدر عَن إِدْرَاك صَحِيح لرَأى الشَّافِعِي وَمن إِلَيْهِ فى الْآيَة وَإِنَّمَا صدر عَن تسرع فى فهمه، وتقليد لِابْنِ الْقيم وَغَيره. وَبِهِمَا أَخطَأ من أَخطَأ، وأغفل من أغفل.
أما كَلَامه (ص ٥٦٩) عَن الِاكْتِفَاء فى الْعدة بِبَقِيَّة الطُّهْر، ومحاولته إِلْزَام الْقَائِلين بِهِ:
أَن يكتفوا بِبَقِيَّة الشَّهْر، لمن تَعْتَد بِالْأَشْهرِ.-: فناشىء عَن تأثره بِكَلَام ابْن رشد، وَعدم إِدْرَاكه الْفرق الْوَاضِح بَين الشَّهْر وَالطُّهْر وَأَن الشَّهْر: منضبط محدد، لَا يخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْخَاص بِخِلَاف الطُّهْر: الَّذِي يُطلق لُغَة على كل الزَّمن الْخَالِي من الْحيض، وعَلى بعضه وَلَو لَحْظَة: وَإِن زعم ابْن الْقيم فى زَاد الْمعَاد (ج ٤ ص ١٨٦): أَنه غير مَعْقُول إِذْ يكفى فى الْقَضَاء على زَعمه هَذَا، مَا ذكره النَّوَوِيّ فى شرح مُسلم (ج ١٠ ص ٦٣) فَرَاجعه. على أَن فى ذَلِك اللَّازِم، خلافًا وتفصيلا مَشْهُورا بَين الْمُتَحَيِّرَة وَغَيرهَا: كَمَا فى شرح الْمحلى للمنهاج (ج ٤ ص ٤١- ٤٢) .
وَأما كَلَامه (ص ٥٧٠- ٥٧١) عَن عدَّة الْأمة-: فَمن الضعْف الْوَاضِح، وَالْخَطَأ الفاضح: بِحَيْثُ لَا يسْتَحق الرَّد عَلَيْهِ ويكفى أَنه اشْتَمَل على مَا ينْقضه ويبطله.
 
وَاحْتَجَّ: «بِأَنَّ اللَّهَ ﷿ قَالَ: (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) وَلَا مَعْنَى لِلْغُسْلِ «١»: لِأَنَّ الْغُسْلَ رَابِعٌ «٢» .» .
وَاحْتَجَّ: «بِأَنَّ الْحَيْضَ، هُوَ: أَنْ يُرْخِيَ الرَّحِمُ الدَّمَ حَتَّى يَظْهَرَ «٣»
(١) قَالَ فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٤): «وَلَيْسَ فى الْكتاب، وَلَا فِي السّنة- للْغسْل بعد الْحَيْضَة الثَّالِثَة- معنى: تنقضى بِهِ الْعدة.» .
(٢) فى الأَصْل: «رَافع» . وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن الرسَالَة (ص ٥٦٨) .
وراجع كَلَامه فِيهَا لِأَن مَا فى الأَصْل مُخْتَصر.
(٣) كَذَا بالرسالة (ص ٥٦٦) . وفى الأَصْل: «يطهر» . وَهُوَ تَحْرِيف.
 
وَالطُّهْرُ هُوَ: أَنْ يَقْرِيَ الرَّحِمُ الدَّمَ، فَلَا يَظْهَرُ «١» . فَالْقُرْءُ «٢»: الْحَبْسُ لَا:
الْإِرْسَالُ. فَالطُّهْرُ-: إذَا «٣» كَانَ يَكُونَ وَقْتًا.- أَوْلَى «٤» فِي اللِّسَانِ، بِمَعْنَى الْقُرْءِ لِأَنَّهُ «٥»: حَبْسُ الدَّمِ.» وَأَطَالَ الْكَلَامُ فِي شَرْحِهِ «٦» .
(أَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (إجَازَةً): أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٧»: «قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ «٨»: (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ. بِأَنْفُسِهِنَّ)
(١) كَذَا بالرسالة (ص ٥٦٦) . وفى الأَصْل: «يطهر» . وَهُوَ تَحْرِيف. [.....]
(٢) كَذَا بِالْأَصْلِ ومعظم نسخ الرسَالَة (وعبارتها: وَيكون الطُّهْر والقرء إِلَخ) .
وفى نُسْخَة الرّبيع بِالْيَاءِ. وَكِلَاهُمَا صَحِيح، ومصدر لقرى، بِمَعْنى جمع: وَإِن كَانَ يائيا.
كَمَا يدل عَلَيْهِ كَلَام الزّجاج الْمَذْكُور فى تَهْذِيب اللُّغَات (ج ٢ ص ٨٦)، وَاللِّسَان (ج ١ ص ١٢٦)، وَشرح الْقَامُوس (ج ١ ص ١٠٢) . ومصدر الْفِعْل اليائى، لَيْسَ بِلَازِم: أَن يكون يائيا كَمَا هُوَ مَعْرُوف. على أَن الْقُرْء- مصدر «قَرَأَ» - قد ورد بِمَعْنى الْجمع وَالْحَبْس أَيْضا فَلَا يلْزم إِذن: أَن يكون الشَّافِعِي قد أَرَادَ هُنَا مصدر اليائى. على أَن كَلَام الشَّافِعِي نَفسه- فى الْمُخْتَصر وَالأُم (ج ٥ ص ٣ و١٩١) - يقْضى على كل شُبْهَة وجدل حَيْثُ يَقُول: «والقرء اسْم وضع لِمَعْنى فَلَمَّا كَانَ الْحيض: دَمًا يرخيه الرَّحِم فَيخرج وَالطُّهْر: دَمًا يحتبس فَلَا يخرج-: كَانَ مَعْرُوفا من لِسَان الْعَرَب: أَن الْقُرْء: الْحَبْس تَقول الْعَرَب: هُوَ يقرى المَاء فى حَوْضه وفى سقائه وَتقول: هُوَ يقرى الطَّعَام فى شدقه.» . وَانْظُر زَاد الْمعَاد (ج ٤ ص ١٩٠) .
(٣) كَذَا بِالْأَصْلِ وَأكْثر نسخ الرسَالَة وَهُوَ الظَّاهِر. أَي: إِذا جرينا على أَنه وَقت الْعدة. وفى نسختى الرّبيع وَابْن جمَاعَة: «إِذْ» .
(٤) كَذَا بالرسالة. وفى الأَصْل: «أُوتى» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٥) كَذَا بالرسالة. أَي: الطُّهْر. وفى الأَصْل: «وَلِأَنَّهُ» وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(٦) فى صفحه (٥٦٧- ٥٧٢) حَيْثُ ذكر بعض مَا تقدم، وَغَيره.
(٧) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٩٥) .
(٨) فى الْأُم زِيَادَة: «فى الْآيَة الْكَرِيمَة الَّتِي ذكر فِيهَا المطلقات ذَوَات الْأَقْرَاء» .
 
(ثَلاثَةَ قُرُوءٍ «١» وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ: أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) الْآيَةُ «٢» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: فَكَانَ «٣» بَيِّنًا فِي الْآيَةِ- بِالتَّنْزِيلِ «٤» -:
أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُطَلَّقَةِ: أَنْ تَكْتُمَ مَا فِي رَحِمِهَا: مِنْ الْمَحِيضِ. فَقَدْ يَحْدُثُ لَهُ «٥» - عِنْدَ خَوْفِهِ انْقِضَاءَ عِدَّتُهَا- رَأَى فِي نِكَاحِهَا «٦» أَوْ يَكُونُ طَلَاقُهُ إيَّاهَا:
أَدَبًا [لَهَا «٧»] .» .
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ «٨»، إلَى أَنْ قَالَ: «وَكَانَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ: الْحَمْلَ مَعَ الْمَحِيضِ «٩» لِأَنَّ الْحَمْلَ: مِمَّا «١٠» خَلْقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ.»
«فَإِذَا «١١» سَأَلَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ: أَحَامِلٌ هِيَ؟ أَوْ هَلْ حَاضَتْ؟ -:
(١) فى الْأُم بعد ذَلِك: «الْآيَة» .
(٢) تَمامهَا: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ: إِنْ أَرادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ: ٢- ٢٢٨) .
(٣) فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٢٠): «وَكَانَ» .
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى، أَي: بِمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ، بِدُونِ مَا حَاجَة إِلَى دَلِيل آخر كالسنة. وَعبارَة الأَصْل هى: «فَكَانَ بَينا الْآيَة فى التَّنْزِيل» وفيهَا تَقْدِيم وتحريف.
(٥) كَذَا بِالْأَصْلِ. وفى الْأُم: «وَذَلِكَ أَن يحدث للزَّوْج» . وَالْأول أظهر.
(٦) فى الْأُم: «ارتجاعها» وَالْمعْنَى وَاحِد.
(٧) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم، قَالَ بعْدهَا: «لَا إِرَادَة أَن تبين مِنْهُ» . [.....]
(٨) حَيْثُ قَالَ: «فلتعلمه ذَلِك: لِئَلَّا تنقضى عدتهَا، فَلَا يكون لَهُ سَبِيل إِلَى رَجعتهَا.» .
(٩) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «الْحيض» ومعناهما وَاحِد هُنَا.
(١٠) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «مَا» . وَلَعَلَّه محرف.
(١١) فى الْأُم: «وَإِذا» . وَمَا فى الأَصْل أحسن.
 
فَهِيَ «١» عِنْدِي، لَا «٢» يَحِلُّ لَهَا: أَنْ تَكْتُمَهُ «٣» وَلَا أَحَدًا رَأَتْ أَنْ «٤» يُعْلِمَهُ.»
«[وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهَا، وَلَا أَحَدٌ يُعْلِمُهُ إيَّاهُ «٥»]: فَأَحَبُّ إلَيَّ: لَوْ أَخْبَرَتْهُ بِهِ.» .
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ «٦»، إلَى أَنْ قَالَ: «وَلَوْ كَتَمَتْهُ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ، [الْحَمْلَ وَالْأَقْرَاءَ «٧»] حَتَّى خَلَتْ عِدَّتُهَا-: كَانَتْ عِنْدِي، آثمة بِالْكِتْمَانِ [: إِذْ سُئِلَتْ وَكَتَمَتْ «٨»]- وَخِفْتُ عَلَيْهَا الْإِثْمَ: إذَا كَتَمَتْ «٩» وَإِنْ لَمْ تُسْأَلْ.- وَلَمْ «١٠» يَكُنْ [لَهُ «١١» .] عَلَيْهَا رَجْعَةٌ: لِأَنَّ اللَّهَ ﷿ إنَّمَا جَعَلَهَا لَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. «١٢»» .
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ ﵀ - فِي ذَلِكَ- قَوْلَ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ «١٣» وَهُوَ مَنْقُولٌ فِي كِتَابِ (الْمَبْسُوطِ) وَ(الْمَعْرِفَةِ) .
(١) فى الْأُم: «فَبين» .
(٢) فى الْأُم: «أَن لَا» .
(٣) فى الْأُم زِيَادَة: «وَاحِدًا مِنْهُمَا» .
(٤) عبارَة الْأُم: «أَنه يُعلمهُ إِيَّاه» .
(٥) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
(٦) رَاجع الْأُم (ص ١٩٥)
(٧) زِيَادَة حَسَنَة مفيدة، عَن الْأُم.
(٨) زِيَادَة حَسَنَة مفيدة، عَن الْأُم.
(٩) فى الْأُم: «كتمته» .
(١٠) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «لم» وَهُوَ خطأ، وَالنَّقْص من النَّاسِخ. [.....]
(١١) زِيَادَة حَسَنَة مفيدة، عَن الْأُم.
(١٢) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «فَإِذا انْقَضتْ عدتهَا فَلَا رَجْعَة لَهُ عَلَيْهَا» .
(١٣) انْظُر الْأُم (ص ١٩٥- ١٩٦)، وَفتح الْبَارِي (ج ٩ ص ٣٩٠)، وَالسّنَن الْكُبْرَى. وَانْظُر فِيهَا أَيْضا مَا روى عَن عِكْرِمَة وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ.
 
وَبِهَذَا الْإِسْنَادُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «١» ﵀: «سَمِعْتُ مَنْ أَرْضَى-: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ «٢» - يَقُولُ: إنَّ أَوَّلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ -: مِنْ الْعِدَدِ.-: (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ: ٢- ٢٢٨) فَلَمْ يَعْلَمُوا: مَا عِدَّةُ الْمَرْأَةِ [الَّتِي «٣»] لَا قُرْءَ «٤» لَهَا؟ وَهِيَ: الَّتِي لَا تَحِيضُ، وَالْحَامِلُ «٥» . فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ: مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ: فَعِدَّتُهُنَّ: ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ «٦» [وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ: ٦٥- ٤) فَجَعَلَ عِدَّةَ الْمُؤَيَّسَةِ وَاَلَّتِي لَمْ تَحِضْ: ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ «٧» .] وَقَوْلُهُ «٨»:
(إنْ ارْتَبْتُمْ): فَلَمْ تَدْرُوا «٩»: مَا تَعْتَدُّ غَيْرُ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ؟ - وَقَالَ: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ «١٠» أَجَلُهُنَّ: أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ: ٦٥- ٤) «١١» .»
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٩٦) .
(٢) قد أخرجه فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٢٠) عَن أَبى بن كَعْب، بِلَفْظ مُخْتَلف
(٣) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٤) فى الْأُم: «أَقراء» .
(٥) عبارَة الْأُم: «وَلَا الْحَامِل» (بالْعَطْف على الْمَرْأَة) . وهى وَإِن كَانَت صَحِيحَة، إِلَّا أَنَّهَا توهم: أَن الْحَامِل من ذَوَات الْأَقْرَاء مَعَ أَن أقراءها تهمل إِذا مَا تبين حملهَا كَمَا هُوَ مُقَرر فَتَأمل.
(٦) رَاجع فى الْأُم (ج ٥ ص ١٩٤- ١٩٥) كَلَامه عَن هَذَا: فَهُوَ مُفِيد جدا.
(٧) الزِّيَادَة عَن الْأُم، ونرجح أَنَّهَا سَقَطت هُنَا من النَّاسِخ.
(٨) هَذَا الى قَوْله: الْأَقْرَاء، يظْهر أَنه من كَلَام الشَّافِعِي نَفسه، لَا مِمَّا سَمعه. انْظُر السّنَن الْكُبْرَى
(٩) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «يدروا» . وَهُوَ تَحْرِيف فى الْغَالِب.
(١٠) رَاجع فى الرسَالَة (ص ٥٧٢- ٥٧٥): كَلَامه عَن عدَّة الْحَامِل الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا، وَخلاف الصَّحَابَة فى ذَلِك. فَهُوَ مُفِيد فِيمَا سيأتى قَرِيبا.
(١١) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٢١) . حَدِيث أم كُلْثُوم بنت عقبَة. [.....]
 
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) يُشْبِهُ «١» مَا قَالُوا.» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٢»: «قَالَ اللَّهُ ﵎: (إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ، ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ «٣» -: فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ: مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها: ٣٣- ٤٩) «٤» .»
«وَكَانَ «٥» بَيِّنًا فِي حُكْمِ اللَّهِ ﷿: أَنْ لَا عِدَّةَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ أَنْ تُمَسَّ، وَأَنَّ الْمَسِيسَ [هُوَ «٦»] الْإِصَابَةُ. [وَلَمْ أَعْلَمْ خِلَافًا فِي هَذَا «٧»]» .
وَذَكَرَ الْآيَاتِ فِي الْعِدَّةِ «٨»، ثُمَّ قَالَ: «فَكَانَ بَيِّنًا فِي حُكْمِ اللَّهِ ﷿ مِنْ يَوْمِ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَتَكُونُ الْوَفَاةُ.» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٩»: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ، وَيَذَرُونَ أَزْواجًا: وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ: مَتاعًا إِلَى الْحَوْلِ)
(١) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «فى هَذَا ... شبه» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٩٧) .
(٣) رَاجع فى مسئلة الطَّلَاق قبل النِّكَاح، فتح الْبَارِي (ج ٩ ص ٣٠٦- ٣١٢):
فَهُوَ مُشْتَمل على أُمُور هَامة، تفِيد فِيمَا سبق (ص ٢١٩- ٢٢٠) .
(٤) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٢٤- ٤٢٦): مَا روى عَن ابْن عَبَّاس وَشُرَيْح، فى هَذَا.
(٥) فى الْأُم: «فَكَانَ» .
(٦) زِيَادَة حَسَنَة مفيدة، عَن الْأُم. وَانْظُر فِيهَا مَا قَالَه بعد ذَلِك. وراجع مَا تقدم (ص ٢٠٢- ٢٠٣)
(٧) زِيَادَة حَسَنَة مفيدة، عَن الْأُم. وَانْظُر فِيهَا مَا قَالَه بعد ذَلِك. وراجع مَا تقدم (ص ٢٠٢- ٢٠٣)
(٨) وهى- كَمَا فى (ص ١٩٨) -: آيتا الْبَقَرَة (٢٢٨ و٢٣٤)، وَآيَة الطَّلَاق (٤) .
(٩) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٠٥) . وَقد ذكر بعضه فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٢٧) .
 
(غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ «١» خَرَجْنَ: فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ. فِي أَنْفُسِهِنَّ: مِنْ مَعْرُوفٍ: ٢- ٢٤٠) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَفِظْت عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ-: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ.-:
أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ»
الْمَوَارِيثِ، وَأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ «٣» .»
«وَكَانَ بَعْضُهُمْ، يَذْهَبُ: إلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ مَعَ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ، وَأَنَّ وَصِيَّةَ الْمَرْأَةِ مَحْدُودَةٌ بِمَتَاعِ سَنَةٍ- وَذَلِكَ: نَفَقَتُهَا، وَكِسْوَتُهَا، وَسَكَنُهَا «٤» .- وَأَنْ قَدْ حُظِرَ عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا إخْرَاجُهَا، وَلَمْ يَحْظُرْ عَلَيْهَا أَنْ تَخْرُجَ «٥» .»
«قَالَ: وَكَانَ مَذْهَبُهُمْ: أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهَا: بِالْمَتَاعِ إلَى الْحَوْلِ وَالسُّكْنَى مَنْسُوخَةٌ «٦»» . يَعْنِي: بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ «٧» .
(١) فى الْأُم: «الْآيَة» .
(٢) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «آي» .
(٣) فى الْأُم بعد ذَلِك، كَلَام يُفِيد أَنه قد وضح كَلَام من نقل عَنْهُم. وراجع فى الرسَالَة (ص ١٣٨- ١٣٩) كَلَامه الْمُتَعَلّق بِهَذَا الْمقَام.
(٤) ذكر فى الْأُم (ج ٤ ص ٢٨): أَنه لم يحفظ خلافًا عَن أحد فى ذَلِك. وَانْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٣٠ و٤٣٤- ٤٣٥) مَا يتَعَلَّق بِهَذَا الْبَحْث.
(٥) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «وَلم يحرج زَوجهَا وَلَا وَارثه، بخروجها: إِذا كَانَ غير إِخْرَاج مِنْهُم لَهَا وَلَا هى: لِأَنَّهَا إِنَّمَا هِيَ تاركة لحق لَهَا.» . وَقد ذكره بأوسع وأوضح فى الْأُم (ج ٤ ص ٢٨) فَرَاجعه. [.....]
(٦) قَالَ فى الْأُم (ج ٤ ص ٢٨): «حفظت عَمَّن أرْضى ... أَن نَفَقَة الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا، وكسوتها حولا: مَنْسُوخ بِآيَة الْمَوَارِيث.» . ثمَّ ذكر الْآيَة.
(٧) عبارَة الْأُم هى: «بِأَن الله تَعَالَى ورثهَا الرّبع: إِن لم يكن لزَوجهَا ولد وَالثمن:
إِن كَانَ لَهُ ولد.»
 
«وَ[بَيِّنٌ «١»]: أَنَّ اللَّهَ ﷿ أَثْبَت عَلَيْهَا عِدَّةً: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
(١) هَذِه الزِّيَادَة عَن الْأُم، وبدونها قد يفهم: أَن النَّاسِخ للْوَصِيَّة بالمتاع، آيتا الْمِيرَاث والاعتداد بِالْأَشْهرِ. مَعَ أَنه آيَة الْمِيرَاث فَقَط.
ولأوضح ذَلِك وأزيده فَائِدَة، أَقُول فى اخْتِصَار: إِن الْآيَة تَضَمَّنت أَمريْن: الْوَصِيَّة بالمتاع، والاعتداد بالحول.
(أما الأول): فَلَا خلاف (على مَا أرجح): فى أَنه مَنْسُوخ، وَإِنَّمَا الْخلاف: فى أَن النَّاسِخ: آيَة الْمِيرَاث، أَو حَدِيث: «لَا وَصِيَّة لوَارث» . كَمَا فى (النَّاسِخ والمنسوخ) للنحاس (ص ٧٧) . وَهُوَ خلاف لَا أهمية لَهُ هُنَا. بل صرح الشَّافِعِي فى الْأُم- بعد ذَلِك-: بِأَنَّهُ لَا يعلم خلافًا فى أَن الْوَصِيَّة بالمتاع مَنْسُوخَة بِالْمِيرَاثِ. وَصرح: بِأَنَّهُ النَّاسِخ. ابْن عَبَّاس وَعَطَاء، فِيمَا روى عَنْهُمَا: فى النَّاسِخ والمنسوخ (ص ٧٣)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٢٧ و٤٣١ و٤٣٥) .
وَقد يعْتَرض: بِأَن الْخلاف قد وَقع بَينهم: فى لُزُوم سُكْنى الْمُتَوفَّى عَنْهَا. فَنَقُول: انهم قد اتَّفقُوا على أَن كلا-: من النَّفَقَة وَالْكِسْوَة.- قد نسخ: فى الْحول كُله، وَفِيمَا دونه.
وَلما كَانَ السُّكْنَى قد ذكر مَعَ النَّفَقَة-: بِسَبَب أَنه يصدق عَلَيْهِ اسْم الْمَتَاع.-: جَازَ أَن يَكُونُوا قد اتَّفقُوا على أَنه مَنْسُوخ مُطلقًا أَيْضا، وَجَاز: أَن يَكُونُوا قد اخْتلفُوا: فى أَنه مَنْسُوخ كَذَلِك، أَو فِي الْحول فَقَط. فعلي الْفَرْض الثَّانِي، يكون لُزُوم السُّكْنَى- عِنْد الْقَائِل بِهِ- ثَابتا. بِأَصْل الْآيَة: وعَلى الْفَرْض الأول، يكون ثَابتا: بِالْقِيَاسِ على الْمُطلقَة الْمُعْتَدَّة، الثَّابِت سكناهَا بِآيَة: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ: ٦٥- ١)، لِأَن الْمُتَوفَّى عَنْهَا فى مَعْنَاهَا. أَو بقول النَّبِي للفريعة (أُخْت أَبى سعيد الْخُدْرِيّ): «امكثى فى بَيْتك، حَتَّى يبلغ الْكتاب أَجله» . أَو:
بهما مَعًا. وَحِينَئِذٍ: فَيكون الْخلاف قد وَقع فَقَط فى كَون الْقيَاس والْحَدِيث يدلان على لُزُوم السُّكْنَى، أم لَا. وَقد أَشَارَ الشَّافِعِي الى ذَلِك كُله، وَبَين أَكْثَره فى الْأُم (ج ٤ ص ٢٨ وَج ٥ ص ٢٠٨- ٢٠٩) .
(وَأما الثَّانِي): فَذهب الْجُمْهُور: إِلَى أَنه مَنْسُوخ بِآيَة الِاعْتِدَاد بِالْأَشْهرِ. وَهُوَ الْمُخْتَار.
وَذهب بَعضهم: الى أَنه لَا نسخ فى ذَلِك، وانما هُوَ نُقْصَان من الْحول. وَذهب بعض آخر:
الى أَنه لَا نسخ فِيهِ، وَلَا نُقْصَان. وهما مذهبان فى غَايَة الضعْف، وَقد بَين ذَلِك أَبُو جَعْفَر فِي النَّاسِخ والمنسوخ (ص ٧٤- ٧٦) .
 
وَعَشْرًا لَيْسَ لَهَا الْخِيَارُ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا، وَلَا النِّكَاحُ قَبْلَهَا «١» . إلَّا: أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَيَكُونُ أَجَلُهَا: أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا: [بَعُدَ أَوْ قَرُبَ. وَيَسْقُطُ بِوَضْعِ حَمْلِهَا: عِدَّةُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ «٢» .]» .
وَلَهُ- فِي سُكْنَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا- قَوْلٌ آخَرُ «٣»: «أَنَّ الِاخْتِيَارَ لِوَرَثَتِهِ «٤»: أَنْ يُسْكِنُوهَا وَإِنْ «٥» لَمْ يَفْعَلُوا «٦»: فقد ملكو الْمَالَ دُونَهُ «٧» .» .
وَقَدْ «٨» رَوَيْنَاهُ عَنْ عَطَاءٍ، وَرَوَاهُ [الشَّافِعِيُّ عَنْ «٩»] الشَّعْبِيِّ [عَنْ عَلِيٍّ «١٠»] .
(١) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «ودلت سنة رَسُول الله ﷺ: على أَن عَلَيْهَا أَن تمكث فى بَيت زَوجهَا، حَتَّى يبلغ الْكتاب أَجله.» .
(٢) زِيَادَة حَسَنَة مفيدة عَن الْأُم وَانْظُر مَا قَالَه بعد ذَلِك: فَفِيهِ فَوَائِد جمة. وَانْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٢٨- ٤٣٠) مَا ورد فى ذَلِك: من الْأَحَادِيث والْآثَار.
ثمَّ انْظُر مَا رد بِهِ أَبُو جَعْفَر النّحاس- فى النَّاسِخ والمنسوخ (ص ٧٤) - على من زعم:
أَن الْعدة آخر الْأَجَليْنِ. فَهُوَ فى غَايَة الْقُوَّة والجودة.
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٠٩)، والمختصر (ج ٥ ص ٣٠- ٣١) .
(٤) فى الْمُخْتَصر: «للْوَرَثَة» .
(٥) فى الْمُخْتَصر: «فَإِن» . وَهُوَ أحسن.
(٦) فى الْأُم زِيَادَة: «هَذَا» .
(٧) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «وَلم يكن لَهَا السُّكْنَى حِين كَانَ مَيتا لَا يملك شَيْئا وَلَا سُكْنى لَهَا: كَمَا لَا نَفَقَة لَهَا.» . وَانْظُر فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٠٨) كَلَامه: فى الْفرق بَين الْمُطلقَة الْمُعْتَدَّة والمتوفى عَنْهَا.
(٨) فى الأَصْل: «فَإِن» . وَلَعَلَّه محرف عَن نَحْو مَا أثبتنا، أَو يكون فى الْكَلَام حذف. فَتَأمل.
(٩) هَذِه الزِّيَادَة يتَوَقَّف عَلَيْهَا صِحَة الْكَلَام وتوضيحه. وَانْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٣٥- ٤٣٦) .
(١٠) هَذِه الزِّيَادَة يتَوَقَّف عَلَيْهَا صِحَة الْكَلَام وتوضيحه. وَانْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٣٥- ٤٣٦) .
 
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «١»: «قَالَ اللَّهُ ﷿ فِي الْمُطَلَّقَاتِ: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ «٢»، وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا: أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ: ٦٥- ١) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْفَاحِشَةُ «٣»: أَنْ تَبْذُوَ «٤» عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا، فَيَأْتِيَ مِنْ ذَلِكَ: مَا يُخَافُ «٥» الشِّقَاقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ.»
«فَإِذَا فَعَلَتْ: حَلَّ لَهُمْ «٦» إخْرَاجُهَا وَكَانَ عَلَيْهِمْ «٧»: أَنْ يُنْزِلُوهَا مَنْزِلًا غَيْرَهُ «٨» .» . وَرَوَى الشَّافِعِيُّ مَعْنَاهُ «٩» - بِإِسْنَادِهِ- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «١٠» .
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢١٧) . [.....]
(٢) رَاجع فى الْأُم (ج ٥ ص ٢١٦- ٢١٧) كَلَامه فى سُكْنى المطلقات: فَهُوَ مُفِيد جدا.
(٣) هَذَا إِلَى آخر الْكَلَام، غير مَوْجُود بِالْأُمِّ ونرجح أَنه سقط من نسخهَا. وَلم نعثر عَلَيْهِ فى مَكَان آخر من الْأُم وَسَائِر كتب الشَّافِعِي.
(٤) فِي الأَصْل: «تبدوا» وَهُوَ تَحْرِيف
(٥) أَي مِنْهُ وبسببه. وَكَثِيرًا مَا يحذف مثل هَذَا
(٦) أَي: للأزواج المخاطبين فى الْآيَة.
(٧) أَي: للأزواج المخاطبين فى الْآيَة.
(٨) قَالَ فى الْأُم (ص ٢١٨): «فاذا ابذت الْمَرْأَة على أهل زَوجهَا، فجأء من بذائها مَا يخَاف تساعر بذاءة إِلَى تساعر الشَّرّ-: فلزوجها، إِن كَانَ حَاضرا: إِخْرَاج أَهله عَنْهَا فَإِن لم يخرجهم: أخرجهَا إِلَى منزل غير منزله فحصنها فِيهِ.» إِلَخ فَرَاجعه فانه مُفِيد.
(٩) بِلَفْظ: «الْفَاحِشَة المبينة: أَن تبذو على أهل زَوجهَا، فَإِذا بذت: فقد حل إخْرَاجهَا.» . وَانْظُر مُسْند الشَّافِعِي (بِهَامِش الْأُم: ج ٦ ص ٢٢٠)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٣١- ٤٣٢) .
(١٠) ثمَّ قَالَ- كَمَا فى الْأُم (ص ٢١٨)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ص ٤٣٢) -: «وَسنة رَسُول الله ﷺ - فى حَدِيث فَاطِمَة بنت قيس- تدل: على أَن مَا تَأَول ابْن عَبَّاس، فى قَول الله ﷿: (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) هُوَ: الْبذاء على أهل زَوجهَا كَمَا تَأَول إِن شَاءَ الله تَعَالَى» . وَانْظُر الْأُم (ج ٥ ص ٩٨)، والمختصر (ج ٥ ص ٢٧- ٢٩) . وراجع قصَّة فَاطِمَة، فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ٤٣٢- ٤٣٤)، وَفتح الْبَارِي (ج ٩ ص ٣٨٦- ٣٩٠)
 
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبى عَمْرو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «١»: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَأُمَّهاتُكُمُ: اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ، وَأَخَواتُكُمْ: مِنَ الرَّضاعَةِ: ٤- ٢٣) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَرَّمَ «٢» اللَّهُ ﷿ الْأُمَّ «٣» وَالْأُخْتَ: مِنْ الرَّضَاعَةِ وَاحْتمل تحريمهما «٤» معنين.»
«(أَحَدُهُمَا) -: إذْ «٥» ذَكَرَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، فَأَقَامَهُمَا «٦»: فِي التَّحْرِيمِ، مُقَامَ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ مِنْ النَّسَبِ.-: أَنْ تَكُونَ الرَّضَاعَةُ كُلُّهَا، تَقُومُ مُقَامَ النَّسَبِ: فَمَا حَرُمَ بِالنَّسَبِ حَرُمَ بِالرَّضَاعَةِ مِثْلُهُ.»
«وَبِهَذَا، نَقُولُ «٧»: بِدَلَالَةِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقُرْآنِ «٨» .»
«(وَالْآخَرُ): أَنْ يَحْرُمَ «٩» مِنْ الرَّضَاعِ الْأُمُّ وَالْأُخْتُ، وَلَا يَحْرُمَ سِوَاهُمَا.» .
(١) كَمَا فى الْأُم. (ج ٥ ص ٢٠) .
(٢) فى الْأُم: «وَحرم»، وَقَبله كَلَام لم يذكر هُنَا، فَرَاجعه.
(٣) كَذَا بِالْأَصْلِ وَلم يذكر فى الْأُم. وَلَعَلَّه سقط من النَّاسِخ: إِذْ قد ذكر فِيهَا (ص ١٣٢) .
(٤) فى الأَصْل: «تَحْرِيمهَا»، وفى الْأُم: «فَاحْتمل تَحْرِيمهَا» . وَكِلَاهُمَا محرف.
والتصحيح عَن الْأُم (ص ١٣٢)، وَقد ذكر هُنَاكَ الْمَعْنيين الآتيين بأوسع مِمَّا هُنَا.
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «إِذا» . [.....]
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «فأقامها» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٧) فى الأَصْل: «يَقُول» وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح عَن الْأُم.
(٨) رَاجع مَا تقدم (ص ١٨٢) .
(٩) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر الْمُنَاسب: فَتَأمل. وفى الأَصْل: «تحرم» .
 
ثُمَّ ذَكَرَ دَلَالَةَ السُّنَّةِ، لِمَا اخْتَارَ: مِنْ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ «١» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٢» ﵀: «وَالرَّضَاعُ اسْمٌ جَامِعٌ، يَقَعُ: عَلَى الْمَصَّةِ، وَأَكْثَرَ مِنْهَا «٣»: إلَى كَمَالِ إرْضَاعِ الْحَوْلَيْنِ. وَيَقَعُ «٤»: عَلَى كُلِّ رَضَاعٍ: وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ «٥» .»
«فَاسْتَدْلَلْنَا «٦»: أَنَّ الْمُرَادَ بِتَحْرِيمِ الرَّضَاعِ: بَعْضُ الْمُرْضِعِينَ «٧»، دُونَ بَعْضٍ. لَا «٨»: مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ: رَضَاعٍ.» .
وَجَعَلَ نَظِيرَ ذَلِكَ: آيَةَ «٩» السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ، وَآيَةَ «١٠» الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ «١١» وَذَكَرَ الْحُجَّةَ فِي وُقُوعِ التَّحْرِيمِ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ «١٢» .
(١) أنظر الْأُم (ج ٥ ص ٢٠- ٢١ و١٣٣)، والمختصر (ج ٥ ص ٤٨- ٤٩) .
(٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٣- ٢٤)، والمختصر (ج ٥ ص ٤٩- ٥١)
(٣) هَذَا لَيْسَ بالمختصر.
(٤) فى الْمُخْتَصر: «وعَلى» .
(٥) فى الْمُخْتَصر، بعد ذَلِك: «فَوَجَبَ طلب الدّلَالَة فى ذَلِك» . وَانْظُر الْأُم.
(٦) عبارَة الْأُم (ص ٢٤): «فَهَكَذَا استدللنا بِسنة رَسُول الله»، أَي: بِمَا ذكره قبل ذَلِك: من حَدِيث عَائِشَة، وَابْن الزبير، وَسَالم بن عبد الله
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ والمختصر. وفى الأَصْل: «الوصفين» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «وَمن» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٩) سُورَة الْمَائِدَة: (٣٨) .
(١٠) سُورَة النُّور: (٢) . [.....]
(١١) أنظر كَلَامه عَن هَذَا، فى الْأُم (ص ٢٤)، والمختصر (ص ٥٠) .
(١٢) أنظر الْأُم (ص ٢٣- ٢٤)، والمختصر (ص ٤٩- ٥١) . وَأنْظر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٥٣- ٤٥٧) . وراجع بتأمل مَا كتبه صَاحب الْجَوْهَر النقي.
 
وَاحْتَجَّ فِي الْحَوْلَيْنِ «١» بِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ، لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ: ٢- ٢٣٣) .
[ثُمَّ قَالَ «٢»]: «فَجَعَلَ ﷿ تَمَامَ الرَّضَاعَةِ: حَوْلَيْنِ [كَامِلَيْنِ «٣»] وَقَالَ: (فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما، وَتَشاوُرٍ: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما: ٢- ٢٣٣) يَعْنِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ.»
«فَدَلَّ إرْخَاصُهُ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) -: فِي فِصَالِ الْمَوْلُودِ، عَنْ تَرَاضِيَ وَالِدَيْهِ وَتَشَاوُرِهِمَا، قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ.-: عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ: بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى فِصَالِهِ، قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ «٤» .»
«وَذَلِكَ لَا يَكُونُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إلَّا بِالنَّظَرِ لِلْمَوْلُودِ مِنْ وَالِدَيْهِ: أَنْ يَكُونَا يَرَيَانِ: فِصَالَهُ «٥» قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، خَيْرًا مِنْ إتْمَامِ الرَّضَاعِ لَهُ لِعِلَّةِ
(١) كَمَا فى الْأُم (ص ٢٤- ٢٥) . وَقد تعرض لذَلِك، فى الْمُخْتَصر (ص ٥١- ٥٢) .
وراجع فى هَذَا الْمقَام، السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٤٢- ٤٤٣ و٤٦٢- ٤٦٣) .
(٢) تبيينا للدلالة، وتتميما لَهَا. وَهَذِه الزِّيَادَة حَسَنَة منبهة.
(٣) زِيَادَة جَيِّدَة، عَن الْأُم.
(٤) من قَوْله: فَدلَّ، إِلَى هُنَا- قد ورد هَكَذَا فى الأَصْل. وَهُوَ صَحِيح فى غَايَة الظُّهُور. وَعبارَة الْأُم هى: «فَدلَّ على أَن إرخاصه ﷿: فى فصَال الْحَوْلَيْنِ على أَن ذَلِك إِنَّمَا يكون باجتماعهما على فصاله قبل الْحَوْلَيْنِ» . وَالظَّاهِر: أَن فِيهَا زِيَادَة ونقصا فَتَأمل.
(٥) فى الْأُم: «ان فصاله قبل الْحَوْلَيْنِ خير لَهُ» .
 
تَكُونُ بِهِ، أَوْ بِمُرْضِعِهِ «١» -: وَإِنَّهُ لَا يَقْبَل رَضَاعَ غَيْرَهَا.- وَمَا «٢» أَشْبَهَ هَذَا.»
«وَمَا جَعَلَ اللَّهُ (تَعَالَى) لَهُ، غَايَةً-[فَالْحُكْمُ «٣»] بَعْدَ مُضِيِّ الْغَايَةِ، فِيهِ: غَيْرُهُ قَبْلَ مُضِيِّهَا. قَالَ «٤» اللَّهُ ﷿: (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ: ٢- ٢٢٨) فَحُكْمُهُنَّ «٥» - بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ-: غَيْرَ حُكْمِهِنَّ «٦» فِيهَا. وَقَالَ تَعَالَى: (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ «٧»: ٤- ١٠١) فَكَانَ لَهُمْ:
أَنْ يَقْصُرُوا مُسَافِرِينَ وَكَانَ- فِي شَرْطِ الْقَصْرِ لَهُمْ: بِحَالٍ مَوْصُوفَةٍ.-
دَلِيلٌ: عَلَى أَنَّ حُكْمَهُمْ فِي غَيْرِ تِلْكَ الصِّفَةِ: غَيْرَ الْقَصْرِ «٨»» .
(١) فى الْأُم: «أَو بمرضعته» . وفى الأَصْل: «أَو لمرضعه» وَهُوَ محرف عَمَّا أَثْبَتْنَاهُ وَكِلَاهُمَا صَحِيح على رأى الْجُمْهُور. وَيتَعَيَّن هُنَا مَا فى الْأُم: على رَأْي الْفراء وَجَمَاعَة.
أنظر الْمِصْبَاح (مَادَّة: رضع) .
(٢) فى الْأُم: «أَو مَا» .
(٣) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم. وَعبارَة الْمُخْتَصر (ص ٥٢) هى: «وَمَا جعل لَهُ غَايَة، فَالْحكم بعد مضى الْغَايَة: خلاف الحكم قبل الْغَايَة.» .
(٤) كَلَام الْأُم هُنَا، قد ورد على صُورَة سُؤال وَجَوَاب وَقد تَأَخّر فِيهِ هَذَا القَوْل، عَن القَوْل الْآتِي بعد.
(٥) عبارَة الْأُم هى: «فَكُن إِذا مَضَت الثَّلَاثَة الْأَقْرَاء، فحكمهن بعد مضيها غير» إِلَخ. وَعبارَة الْمُخْتَصر: «فَإِذا مَضَت الْأَقْرَاء، فحكمهن بعد مضيها خلاف» إِلَخ.
(٦) فى الأَصْل: «حكمين»، وَهُوَ تَحْرِيف.
(٧) فى الْأُم زِيَادَة: «الْآيَة» . [.....]
(٨) أنظر كَلَامه بعد ذَلِك- فى الْأُم (ص ٢٥) - عَن حَدِيث سَالم، وَغَيره، فَهُوَ مُفِيد
 
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ الله الْحَافِظ (قراءء عَلَيْهِ): نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «١»: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (فَانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ: مَثْنى «٢»، وَثُلاثَ، وَرُباعَ. فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا: فَواحِدَةً، أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ. ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا: ٤- ٣) .»
«قَالَ: وَقَوْلُ «٣» اللَّهِ ﷿: (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) يَدُلُّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): عَلَى «٤» أَنَّ عَلَى الزَّوْجِ «٥»، نَفَقَةَ امْرَأَتِهِ «٦» .»
«وَقَوله: (ألّا تعولو) أَيْ «٧»: لَا يَكْثُرَ مَنْ تَعُولُوا «٨»، إذَا اقْتَصَرَ
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٩٥) .
(٢) فى الْأُم: «إِلَى تعولُوا» .
(٣) قَالَ فى الْأُم (ج ٥ ص ٧٨): «وفى قَول الله فى النِّسَاء ... بَيَان: أَن على الزَّوْج مَالا غنى بامرأته عَنهُ: من نَفَقَة وَكِسْوَة وسكنى.» إِلَخ. فَرَاجعه: فَإِنَّهُ مُفِيد خُصُوصا فى مسئلة الْإِجَارَة الْآتِيَة قَرِيبا. وراجع الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٦٧) .
(٤) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(٥) فى الْأُم: «الرجل» .
(٦) قَالَ فى الْأُم (ج ٥ ص ٦٦) - بعد أَن ذكر نَحْو ذَلِك-: «ودلت عَلَيْهِ السّنة»:
من حَدِيث هِنْد بنت عتبَة، وَغَيره. وَذكر نَحْو ذَلِك فى الْأُم (ص ٧٩) . وراجع الْأُم (ص ٧٧- ٧٨ و٩٥) .
(٧) كَذَا بِالْأَصْلِ والمختصر (ص ٦٦) . وَلَا ذكر لَهُ فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٦٥) . وَعبارَة الْأُم: «أَن» . وَالْكل صَحِيح.
(٨) كَذَا بِالْأَصْلِ، وَالسّنَن الْكُبْرَى، والجوهر النقي. وفى الْأُم والمختصر: «تعولون» .
وَمَا أثبتنا- وَإِن كَانَ صَحِيحا- لَيْسَ بِبَعِيد أَن يكون محرفا. وَقد روى فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٦٦) - عَن أَبى عمر صَاحب ثَعْلَب- أَنه قَالَ: «سَمِعت ثعلبا يَقُول- فى قَول الشَّافِعِي: (ذَلِك أدنى أَن لَا تعولُوا) أَي: لَا يكثر عيالكم.- قَالَ: أحسن هُوَ: لُغَة» .
وراجع مَا كتبه على قَول الشَّافِعِي هَذَا، صَاحب الْجَوْهَر النقي (ص ٤٦٥- ٤٦٦): فَفِيهِ فَوَائِد جمة.
 
الْمَرْءُ عَلَى وَاحِدَةٍ: وَإِنْ أَبَاحَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهَا «١» .» .
(أَنَا) أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ اللُّغَوِيُّ (صَاحِبُ ثَعْلَبٍ) - فِي كِتَابِ: (يَاقُوتَةِ الصِّرَاطِ) فِي قَوْلِهِ ﷿: (أَلَّا تَعُولُوا) .-: «أَيْ: أَنْ لَا تَجُورُوا «٢» وَ(تَعُولُوا): تَكْثُرُ عِيَالَكُمْ.» .
وَرُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ-: «ذَلِكَ «٣» أَدْنَى أَنْ لَا يَكْثُرَ مَنْ تَعُولُونَهُ» .
(أَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٤» ﵀: «قَالَ اللَّهُ ﷿ فِي الْمُطَلَّقَاتِ: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ «٥»: ٦٥- ٦) وَقَالَ «٦»: (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ: فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ، حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ: ٦٥- ٦) «٧» .»
(١) أنظر مَا قَالَه فى الْأُم بعد ذَلِك.
(٢) هَذَا تَفْسِير باللازم. وفى الأَصْل: «تحوروا» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٣) كَذَا بالسنن الْكُبْرَى (ص ٤٦٦) . وفى الأَصْل: «وَذَلِكَ» . وَالظَّاهِر أَن الزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(٤) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٢١٩) وَقد ذكر بعضه فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٧٨) عَليّ مَا ستعرف.
(٥) رَاجع كَلَامه عَن هَذَا، فى الْأُم (ص ٢١٦- ٢١٧) . [.....]
(٦) كَذَا بالمختصر وفى الأَصْل: «الْآيَة، وَقَالَ» . وَلَا معنى لهَذِهِ الزِّيَادَة كَمَا هُوَ ظَاهر. وفى الْأُم: «الْآيَة إِلَى فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ» .
(٧) قَالَ فى الْمُخْتَصر، عقب ذَلِك: «فَلَمَّا أوجب الله لَهَا نَفَقَة بِالْحملِ، دلّ: على أَن لَا نَفَقَة لَهَا بِخِلَاف الْحمل.» .
 
«قَالَ: فَكَانَ بَيِّنًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) - فِي هَذِهِ الْآيَةِ-: أَنَّهَا فِي الْمُطَلَّقَةِ «١»:
لَا يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا مِنْ قِبَل: أَنَّ اللَّهَ ﷿ لِمَا أَمَرَ بِالسُّكْنَى:
عَامًا ثُمَّ قَالَ فِي النَّفَقَةِ: (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ: فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ، حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) - دَلَّ ذَلِكَ «٢»: عَلَى أَنَّ الصِّنْفَ الَّذِي أَمَرَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى ذَوَاتِ الْأَحْمَالِ مِنْهُنَّ، صِنْفٌ: دَلَّ الْكِتَابُ: عَلَى «٣» أَنْ لَا نَفَقَةَ عَلَى غَيْرِ ذَوَاتِ الْأَحْمَالِ مِنْهُنَّ. لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ لِمُطَلَّقَةٍ: بِصِفَةٍ «٤»: نَفَقَةٌ-: فَفِي ذَلِكَ، دَلِيلٌ:
عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ «٥» نَفَقَةٌ لِمَنْ كَانَتْ «٦» فِي غَيْرِ صِفَتِهَا: مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ.»
«وَلَمَّا «٧» لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا-: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.- فِي أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ: الَّتِي يَمْلِكُ «٨» زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ «٩» -: كَانَتْ «١٠» الْآيَةُ عَلَى غَيْرِهَا:
مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ «١١» .» وَأَطَالَ الْكَلَامُ فِي شَرْحِهِ، وَالْحُجَّةُ فِيهِ «١٢» .
(١) فى الْأُم زِيَادَة: «الَّتِي» . وَهُوَ أحسن.
(٢) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «على النَّفَقَة» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «نصف» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٥) فى الْأُم: «تجب» .
(٦) فى الْأُم: «كَانَ» وَهُوَ صَحِيح أَيْضا.
(٧) فى الْأُم: «فَلَمَّا» وَعبارَة الْمُخْتَصر: «وَلَا أعلم خلافًا: أَن الَّتِي يملك رَجعتهَا، فى معانى الْأزْوَاج» .
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «تملك» وَلَعَلَّه محرف.
(٩) قَالَ فى الْمُخْتَصر وَالأُم- بعد ذَلِك-: «فى أَن عَلَيْهِ نَفَقَتهَا وسكناها، وَأَن طَلَاقه وإيلاءه وظهاره ولعانه يَقع عَلَيْهَا، وَأَنَّهَا تَرثه ويرثها» .
(١٠) فى الْمُخْتَصر: «فَكَانَت» .
(١١) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «وَلم يكن من المطلقات وَاحِدَة تخالفها، إِلَّا: مُطلقَة لَا يملك الزَّوْج رَجعتهَا.» .
(١٢) أنظر الْأُم (ص ٢١٩- ٢٢٠)، والمختصر (ص ٧٨- ٧٩) . وراجع فى ذَلِك السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٧١- ٤٧٥) . [.....]
 
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «١» ﵀: «قَالَ اللَّهُ ﵎: (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ: لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ: رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ «٢»: ٢- ٢٣٣)
وَقَالَ ﵎: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ: فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ، وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ. وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ: فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى «٣»: ٦٥- ٦) .»
«قَالَ «٤» الشَّافِعِيُّ «٥»: فَفِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿، ثُمَّ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ - بَيَانُ: أَنَّ الْإِجَارَاتِ «٦» جَائِزَةٌ: عَلَى مَا يَعْرِفُ النَّاسُ «٧» .
إذْ قَالَ اللَّهُ: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ: فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) وَالرَّضَاعُ يَخْتَلِفُ:
فَيَكُونُ صَبِيٌّ أَكْثَرَ رَضَاعًا مِنْ صَبِيٍّ، وَتَكُونُ امْرَأَةٌ أَكْثَرَ لَبَنًا مِنْ امْرَأَةٍ وَيَخْتَلِفُ لَبَنُهَا. فَيَقِلُّ «٨» وَيَكْثُرُ.»
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٥ ص ٨٩- ٩٠) .
(٢) ذكر فى الْأُم الْآيَة كلهَا.
(٣) ذكر فى الْأُم الْآيَة التالية أَيْضا.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «وَقَالَ» وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ على مَا يظْهر.
(٥) بعد أَن ذكر (ص ٨٩- ٩٠) حَدِيث هِنْد أم مُعَاوِيَة الْمَشْهُور، الَّذِي روته عَائِشَة. وراجع الْأُم (ص ٧٧- ٧٨ و٩٥)، والمختصر (ج ٥ ص ٦٦- ٦٧)، ومسند الشَّافِعِي (بِهَامِش الْأُم: ج ٦ ص ٢١٩ و٢٣١)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٧٧) .
(٦) فى الْأُم: «الْإِجَارَة» .
(٧) رَاجع كَلَامه فى الرسَالَة (ص ٥١٧- ٥١٨): فَهُوَ مُفِيد هُنَا.
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «فَقيل»، وَهُوَ تَحْرِيف. وراجع كَلَامه الْمُتَعَلّق بِهَذَا: فى الْأُم (ج ٣ ص ٢٥٠) .
 
«فَتَجُوزُ الْإِجَارَاتُ «١» عَلَى هَذَا: لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِيهِ أَقْرَبُ مِمَّا يُحِيطُ الْعِلْمُ بِهِ: مِنْ هَذَا وَتَجُوزُ «٢» الْإِجَارَاتُ عَلَى خِدْمَةِ الْعَبْدِ: قِيَاسًا عَلَى هَذَا وَتَجُوزُ فِي غَيْرِهِ-: مِمَّا يَعْرِفُ النَّاسُ.-: قِيَاسًا عَلَى هَذَا.»
«قَالَ: وَبَيَانُ «٣»: أَنَّ عَلَى الْوَالِدِ: نَفَقَةَ الْوَلَدِ دُونَ أُمِّهِ: مُتَزَوِّجَةً، أَوْ مُطَلَّقَةً.»
«وَفِي هَذَا، دَلَالَةٌ: [عَلَى «٤»] أَنَّ النَّفَقَةَ لَيْسَتْ عَلَى الْمِيرَاثِ وَذَلِكَ:
أَنَّ الْأُمَّ وَارِثَةٌ، وَفَرْضُ النَّفَقَةِ وَالرَّضَاعِ عَلَى الْأَبِ، دُونَهَا. قَالَ «٥» ابْنُ عَبَّاسٍ- فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ: ٢- ٢٣٣) .-:
مِنْ أَنْ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا «٦» لَا «٧»: أَنَّ عَلَيْهَا الرَّضَاعَ.» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي (الْإِمْلَاءِ): قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَلَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ رَضَاعُ
(١) فى الْأُم: «الْإِجَارَة» .
(٢) فى الأَصْل: «وَيجوز» وَلَعَلَّه محرف عَمَّا أَثْبَتْنَاهُ. وفى الْأُم: «فَتجوز» وَهُوَ أحسن.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وَهُوَ مَعْطُوف على قَوْله السَّابِق: «وَبَيَان» . وَعبارَة الأَصْل: «وَبَيَان على» وَلَعَلَّ الزِّيَادَة من النَّاسِخ
(٤) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «وَقَالَ» .
(٦) قد ذكر هَذَا الْأَثر أَيْضا، فى الْأُم (ج ٥ ص ٩٥): خلال مناظرة قَوِيَّة بَينه وَبَين بعض الْحَنَفِيَّة فَرَاجعهَا وراجع رده (ص ٩٤) على أثر عمر الَّذِي تمسك بِهِ الْخصم وراجع ذَلِك أَيْضا وَمَا روى عَن مُجَاهِد: فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٤٧٨)، ثمَّ تَأمل مَا ذكره صَاحب الْجَوْهَر النقي. [.....]
(٧) نجوز: أَن هَذَا تَفْسِير من الشَّافِعِي لكَلَام ابْن عَبَّاس.
 
وَلَدِهَا: كَانَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا، أَوْ لَمْ تَكُنْ. إلَّا: إنْ شَاءَتْ «١» . وَسَوَاءٌ: كَانَتْ شَرِيفَةً، أَوْ دَنِيَّةً، أَوْ مُوسِرَةً، أَوْ مُعْسِرَةً. لِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ: فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى: ٦٥- ٦) .» .
وَزَادَ الشَّافِعِيُّ عَلَى هَذَا- فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ «٢» - فَقَالَ:
«وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ (تَعَالَى) الْإِجَارَةَ فِي كِتَابِهِ، وَعَمِلَ بِهَا بَعْضُ أَنْبِيَائِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (قالَتْ إِحْداهُما: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ، إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ: الْقَوِيُّ الْأَمِينُ.) الْآيَةُ «٣» .)
«فَذَكَرَ «٤» اللَّهُ ﷿: أَنَّ نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَائِهِ ﷺ أَجَرَ «٥» نَفْسَهُ: حِجَجًا مُسَمَّاةً، يَمْلِكُ «٦» بِهَا بُضْعَ امْرَأَةٍ «٧» .»
«فَدَلَّ: عَلَى تَجْوِيزِ الْإِجَارَةِ، وَعَلَى أَنْ «٨» لَا بَأْسَ بِهَا عَلَى الْحِجَجِ:
إذَا «٩» كَانَ عَلَى الْحِجَجِ اسْتَأْجَرَهُ. [وَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى غَيْرِ حِجَجٍ: فَهُوَ تَجْوِيزُ الْإِجَارَةِ بِكُلِّ حَالٍ «١٠»] .»
«وَقَدْ قِيلَ: اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَرْعَى لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.» .
(١) فى الأَصْل: «شَاءَ» . وَالصَّحِيح مَا أثبتنا. أَي: إِلَى إِن تبرعت. وَالِاسْتِثْنَاء مُنْقَطع
(٢) من الْأُم (ج ٣ ص ٢٥٠) .
(٣) ذكر فى الْأُم إِلَى (حجج) ثمَّ قَالَ: الْآيَة. وَتَمام الْمَتْرُوك: (قالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ: عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا: فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ، سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ: ٢٨- ٢٧) .
(٤) فى الْأُم: «قد ذكر» . وَمَا فى الأَصْل أظهر.
(٥) فى الْأُم: «آجر» .
(٦) فى الْأُم: «ملكه» .
وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
(٧) قد تعرض لهَذَا الْمَوْضُوع أَيْضا: فى الْأُم (ج ٥ ص ١٤٤) فَرَاجعه.
(٨) فى الأَصْل: «الارباس» وَهُوَ محرف عَمَّا ذكرنَا. وفى الْأُم. «أَنه لَا بَأْس» .
(٩) فى الْأُم: «إِن»
(١٠) زِيَادَة مفيدة، عَن الْأُم.


 
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي الْجِرَاحِ، وَغَيْرِهِ»
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «١»: «قَالَ اللَّهُ ﷿ لِنَبِيِّهِ ﷺ: (قُلْ: تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ: أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ: مِنْ إِمْلاقٍ «٢» نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) الْآيَةُ: (٦- ١٥١) وَقَالَ:
(وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ: ٨١- ٨- ٩) وَقَالَ:
(وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، قَتْلَ أَوْلادِهِمْ، شُرَكاؤُهُمْ: ٦- ١٣٧) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ بَعْضُ الْعَرَبِ يَقْتُلُ الْإِنَاثَ-: مِنْ وَلَدِهِ.- صِغَارًا «٣»:
خَوْفَ الْعَيْلَةَ عَلَيْهِمْ «٤»، وَالْعَارِ بِهِنَّ «٥» . فَلَمَّا نَهَى اللَّهُ ﷿ عَنْ ذَلِكَ-:
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٢) .
(٢) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ١٨) مَا ورد فى ذَلِك: من السّنة.
(٣) يُقَال: إِن أول من وأد الْبَنَات قيس بن عَاصِم التَّمِيمِي. كَمَا ذكر فى فتح الْبَارِي (ج ١٠ ص ٣١٣) فراجع قصَّة قيس فِيهِ. وراجع فى هَذَا الْمقَام، بُلُوغ الأرب (ج ١ ص ١٤٠ وَج ٣ ص ٤٢- ٥٣) . [.....]
(٤) أَي: على الْآبَاء.
(٥) كَذَا بِالْأَصْلِ أَي: بِسَبَب الْبَنَات. وفى الْأُم: «بهم» . أَي بِالْآبَاءِ، فالباء لَيست للسَّبَبِيَّة. والمؤدى وَاحِد.
 
مِنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ.-: دَلَّ ذَلِكَ «١»: عَلَى تَثْبِيتِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ: فِي دَارِ الْحَرْبِ «٢» وَكَذَلِكَ: دَلَّتْ «٣» عَلَيْهِ السُّنَّةُ، مَعَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ: مِنْ تَحْرِيمِ الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ «٤» .»
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ «٥» ﵀ - فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ: ١٧- ٣٣) . قَالَ: «لَا يَقْتُلْ غَيْرَ قَاتِلِهِ «٦» وَهَذَا يُشْبِهُ مَا قِيلَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): قَالَ اللَّهُ ﷿: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى: ٢- ١٧٨) فَالْقِصَاصُ إنَّمَا يَكُونُ «٧»: مِمَّنْ فَعَلَ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ لَا: مِمَّنْ لَا يَفْعَلُهُ.»
(١) هَذَا اللَّفْظ غير مَوْجُود فى الْأُم.
(٢) رَاجع كَلَام الشَّافِعِي فى الرسَالَة (ص ٢٩٧- ٣٠٠): فَهُوَ مُفِيد فى الْمَوْضُوع.
(٣) فى الأَصْل: «دلّت صفة السّنة مِمَّا» . وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح عَن الْأُم.
(٤) ثمَّ ذكر قَوْله تَعَالَى: (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ: ٦- ١٤٠) وَقَول النَّبِي لِابْنِ مَسْعُود- وَقد سَأَلَهُ عَن أكبر الْكَبَائِر-: «... أَن تقتل ولدك من أجل أَن يَأْكُل مَعَك» . وَانْظُر فتح الْبَارِي (ج ١٠ ص ٣٤٤ وَج ١٢ ص ٩٣- ٩٥ و١٥٢ وَج ١٣ ص ٣٨١- ٣٨٢) .
(٥) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٣) وَقد ذكر فِيهَا الْآيَة الْآتِيَة، ثمَّ قَالَ: «قَالَ الشَّافِعِي فى قَوْله: (فَلَا يسرف فى الْقَتْل) .» إِلَخ.
(٦) قد ذكر هَذَا أَيْضا فى الْأُم (ج ٦ ص ٨) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢٥) معزوا إِلَى غَيره، بِدُونِ تَعْيِينه. ثمَّ رَوَاهُ فى السّنَن بِمَعْنَاهُ: عَن زيد بن أسلم فَرَاجعه هُوَ وَأثر ابْن عَبَّاس فى ذَلِك.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «لكونهن» وَهُوَ خطأ وتحريف.
 
«فَأَحْكَمَ اللَّهُ ﷿ فَرْضَ الْقِصَاصِ: فِي كِتَابِهِ وَأَبَانَتْ السُّنَّةُ: لِمَنْ هُوَ؟ وَعَلَى مَنْ هُوَ؟» . «١» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٢»:
«مِنْ الْعِلْمِ الْعَامِّ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ لَقِيتُهُ: فَحَدَّثَنِيهِ «٣»، وَبَلَغَنِي عَنْهُ-: مِنْ عُلَمَاءِ الْعَرَبِ.-: أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: تُبَايِنُ فِي الْفَضْلِ، وَيَكُونُ بَيْنَهَا مَا يَكُونُ بَيْنَ الْجِيرَانِ: مِنْ قَتْلِ الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ.»
«وَكَانَ «٤» بَعْضُهَا: يَعْرِفُ لِبَعْضٍ الْفَضْلَ فِي الدِّيَاتِ، حَتَّى تَكُونُ دِيَةُ الرَّجُلِ الشَّرِيفِ: أَضْعَافَ دِيَةِ الرَّجُلِ دُونَهُ.»
«فَأَخَذَ بِذَلِكَ بَعْضُ مَنْ بَيْنِ أَظْهُرِهَا- مِنْ غَيْرِهَا «٥» .-: بِأَقْصَدَ «٦» مِمَّا كَانَتْ تَأْخُذُ بِهِ فَكَانَتْ دِيَةُ النَّضِيرِيِّ: ضِعْفُ «٧» دِيَةِ الْقُرَظِيِّ «٨» .»
(١) انْظُر مَا ذكره بعد ذَلِك: من السّنة (ص ٣- ٤) .
(٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٧) .
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الْأَحْسَن. وفى الأَصْل: «فحدثنى» .
(٤) فى الْأُم: «فَكَانَ» .
(٥) كيهود بنى النَّضِير. [.....]
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «نَاقِصَة» وَالظَّاهِر أَنه محرف.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «ضعفى» وَهُوَ وَإِن كَانَ لَا يتعارض مَعَ مَا تقدم، إِلَّا أننا نجوز أَنه محرف عَمَّا فى الْأُم.
(٨) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢٥): حَدِيث ابْن عَبَّاس، الْمُتَعَلّق بذلك.
فَهُوَ مُفِيد.
 
«وَكَانَ الشَّرِيفُ مِنْ الْعَرَبِ: إذَا قُتِلَ يُجَاوَزُ «١» قَاتِلُهُ، إلَى مَنْ لَمْ يَقْتُلْهُ:
مِنْ أَشْرَافِ الْقَبِيلَةِ الَّتِي قَتَلَهُ أَحَدُهَا «٢» وَرُبَّمَا لَمْ يَرْضَوْا: إلَّا بِعَدَدٍ يَقْتُلُونَهُمْ.»
«فَقَتَلَ بَعْضُ غَنِيٍّ «٣» شَأْسُ بْنَ زُهَيْرٍ [الْعَبْسِيَّ]: فَجَمَعَ عَلَيْهِمْ أَبُوهُ «٤» زُهَيْرُ بْنُ جَذِيمَةَ فَقَالُوا لَهُ «٥» - أَوْ بَعْضُ مَنْ نُدِبَ عَنْهُمْ-: سَلْ فِي قَتْلِ شأس فَقَالَ: إحْدَى ثَلَاثٍ لَا يُرْضِينِي غَيْرُهَا فَقَالُوا «٦»: مَا هِيَ؟ فَقَالَ «٧»:
تُحْيُونَ لِي شأسا، أَو تملأون رِدَائِي مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ، أَوْ تَدْفَعُونَ لِي غَنِيًّا بِأَسْرِهَا: فَأَقْتُلُهَا، ثُمَّ لَا أَرَى: أَنِّي أَخَذْتُ [مِنْهُ «٨»] عِوَضًا.»
«وَقُتِلَ كُلَيْبُ وَائِلٍ: فَاقْتَتَلُوا دَهْرًا طَوِيلًا، وَاعْتَزَلَهُمْ «٩» بَعْضُهُمْ «١٠»
(١) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «فجاوز» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٢) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢٥): أثر زيد بن أسلم فى ذَلِك.
(٣) يُقَال لَهُ: ريَاح بن الأشل الغنوي- كَمَا فى تَارِيخ ابْن الْأَثِير، وَشرح الْقَامُوس- أَو ابْن الأسك كَمَا فى الأغانى. وفى العقد الفريد: ابْن الأسل. وَهُوَ محرف عَن أحد مَا ذكرنَا.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «أَبُو ماهر بن خُزَيْمَة» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٥) فى الأَصْل زِيَادَة: «سل» . وهى من النَّاسِخ.
(٦) فى الْأُم: «قَالُوا» .
(٧) فى الْأُم: «قَالَ» .
(٨) زِيَادَة حَسَنَة عَن، الْأُم. وراجع فى ذَلِك وَمَا جر إِلَيْهِ: من مقتل زُهَيْر الأغانى (ط. الساسى: ج ١٠ ص ٨- ١٦)، وَالْعقد الفريد (ط. اللجنة: ج ٥ ص ١٣٣- ١٣٧ وتاريخ ابْن الْأَثِير (ط. بولاق: ج ١ ص ٢٢٩- ٢٣١)، وَأَيَّام الْعَرَب فى الْجَاهِلِيَّة (ص ٢٣٠- ٢٤١) .
(٩) كذ بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «وَأعد لَهُم» وَهُوَ تَحْرِيف.
(١٠) هُوَ الْحَارِث بن عباد الْبكْرِيّ صَاحب النعامة، وَقد قَالَ: لَا نَاقَة لى فِيهَا وَلَا جمل.
 
فَأَصَابُوا ابْنًا لَهُ- يُقَالُ «١» لَهُ: بُجَيْرٌ.-: فَأَتَاهُمْ، فَقَالَ: قَدْ عَرَفْتُمْ عُزْلَتِي، فَبُجَيْرٌ «٢» بِكُلَيْبٍ- وَهُوَ «٣» أَعَزُّ الْعَرَبِ-[وَكُفُّوا عَنْ الْحَرْبِ «٤»] .
فَقَالُوا: بُجَيْرٌ «٥» بِشِسْعِ [نَعْلِ «٦»] كُلَيْبٍ. فَقَاتَلَهُمْ «٧»: وَكَانَ مُعْتَزِلًا.»
«قَالَ: وَقَالَ «٨»: إنَّهُ نَزَلَ فِي ذَلِكَ [وَغَيْرِهِ «٩»]-: مِمَّا «١٠» كَانُوا يَحْكُمُونَ بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.- هَذَا الْحُكْمَ الَّذِي أَحْكِيهِ [كُلَّهُ «١١»] بَعْدَ هَذَا وَحُكْمُ اللَّهُ بِالْعَدْلِ: فَسَوَّى فِي الْحُكْمِ بَيْنَ عِبَادِهِ: الشَّرِيفِ مِنْهُمْ، وَالْوَضِيعِ:
(أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ؟! وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ: ٥- ٥٠) .»
«فَقَالَ «١٢»: إنَّ الْإِسْلَامَ نَزَلَ: وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَطْلُبُ بَعْضًا بِدِمَاءٍ
(١) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «فَقَالَ لَهُ غير قَاتلهم» . وَهُوَ تَحْرِيف شنيع [.....]
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «فتحير»، وَهُوَ تَحْرِيف
(٣) هَذِه الْجُمْلَة كلهَا غير مَوْجُودَة بِالْأُمِّ.
(٤) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٥) فى الأَصْل: «بَحر سسع» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن الْأُم.
(٦) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٧) وَهُوَ مغضب، بعد أَن ارتجل لَا ميته الجيدة الْمَشْهُورَة، الَّتِي يَقُول فِيهَا:
قربا مربط النعامة منى إِن قتل الْكَرِيم بالشسع غالى وَقد ألحق بتغلب هزيمَة مُنكرَة، وَأنزل بهم خسارة فادحة. فراجع ذَلِك كُله بالتفصيل:
فى أمالى القالي (ج ٣ ص ٢٥- ٢٦)، والأغانى (ج ٤ ص ١٣٩- ١٤٥)، وَالْعقد الفريد (ج ٥ ص ٢١٣- ٢٢١)، وَأَيَّام الْعَرَب فى الْجَاهِلِيَّة (ص ١٤٢- ١٦٤)، وأخبار المراقسة وأشعارهم (ص ٢٢- ٤١) وتاريخ ابْن الْأَثِير (ج ١ ص ٢١٤- ٢٢١) .
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر. أَي: من أخبر بِمَا تقدم. وفى الأَصْل: «فَيُقَال»
(٩) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(١٠) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «بِمَا»، وَهُوَ تَحْرِيف.
(١١) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(١٢) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر. أَي: من أخبر بِمَا تقدم. وفى الأَصْل: «فَيُقَال»
 
وَجِرَاحٍ فَنَزَلَ فِيهِمْ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى: الْحُرُّ بِالْحُرِّ، وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ، وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى «١») الْآيَةُ «٢»:
(٢- ١٧٨) .» .
قَالَ «٣»: «وَكَانَ بَدْءُ ذَلِكَ فِي حَيَّيْنِ «٤» -: مِنْ الْعَرَبِ-: اقْتَتَلُوا قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِقَلِيلٍ وَكَانَ لِأَحَدِ الْحَيَّيْنِ فَضْلٌ عَلَى الْآخَرِ: فَأَقْسَمُوا بِاَللَّهِ:
لَيَقْتُلُنَّ بِالْأُنْثَى الذَّكَرَ، وَبِالْعَبْدِ مِنْهُمْ الْحُرَّ. فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: رَضُوا وَسَلَّمُوا.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا «٥» أَشْبَهَ مَا قَالُوا مِنْ هَذَا، بِمَا قَالُوا-: لِأَنَّ اللَّهَ ﷿ إنَّمَا أَلْزَمَ كُلَّ مُذْنِبٍ ذَنْبَهُ، وَلَمْ يَجْعَلْ جُرْمَ أَحَدٍ عَلَى غَيْرِهِ:
فَقَالَ: (الْحُرُّ بِالْحُرِّ): إذَا كَانَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَاتِلًا لَهُ (وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ):
إذَا كَانَ قَاتِلًا لَهُ (وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى): إذَا كَانَتْ قَاتِلَةً لَهَا. لَا: أَنْ يُقْتَلَ
(١) رَاجع الْخلاف فِيمَن نزلت فِيهِ هَذِه الْآيَة: فى تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج ٢ ص ٦٠- ٦٢) فَهُوَ مُفِيد جدا. وَانْظُر مَا روى عَن مقَاتل وَابْن عَبَّاس: فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢٦ و٤٠) .
(٢) ذكر فى الْأُم إِلَى قَوْله: (وَرَحْمَة) ثمَّ قَالَ: «الْآيَة وَالْآيَة الَّتِي بعْدهَا» .
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٢١)، وَقد روى مُخْتَصرا عَن الشّعبِيّ: فِي أَسبَاب النُّزُول للواحدى (ص ٣٣)، وروى مطولا عَن مقَاتل بن حَيَّان: فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ٢٦) . [.....]
(٤) صرح أَبُو مَالك- على مَا رَوَاهُ السدى عَنهُ، كَمَا فى تَفْسِير الطَّبَرِيّ: ص ٦١-: بِأَنَّهُمَا من الْأَنْصَار. فَالظَّاهِر: أَنَّهُمَا الْأَوْس والخزرج.
(٥) هَذَا إِلَى الحَدِيث الْآتِي: قد ذكر مُخْتَصرا فِي السّنَن الْكُبْرَى (ص ٢٦) .
 
بِأَحَدٍ-: مِمَّنْ [لَمْ «١»] يَقْتُلْهُ.-: لِفَضْلِ الْمَقْتُولِ عَلَى الْقَاتِلِ «٢» . وَقَدْ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: «أَعْدَى «٣» النَّاسِ عَلَى اللَّهِ ﷿:
مَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ.»»
«وَمَا وَصَفْتُ «٤» -: مِنْ أَنْ «٥» لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا: فِي أَنْ يُقْتَلَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ «٦» .- دَلِيلُ «٧»: أَنْ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ [غَيْرَ «٨»] خَاصَّةٍ- كَمَا قَالَ مَنْ وَصَفْتُ قَوْلَهُ: مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ.-: لَمْ يُقْتَلْ ذَكَرٌ بِأُنْثَى.» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، نَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٩»: «قَالَ اللَّهُ ﵎: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) «١٠» .»
«فَكَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): أَنَّ الْقِصَاصَ إنَّمَا كُتِبَ عَلَى
(١) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
(٢) رَاجع كَلَامه الْمُتَعَلّق بِهَذَا، فى الْأُم (ج ٦ ص ٨): فَفِيهِ زِيَادَة مفيدة فِيمَا سيأتى.
(٣) كَذَا بِالْأَصْلِ، وَالأُم (ص ٣)، وَبَعض الرِّوَايَات فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ٢٦) .
وفى الْأُم (ص ٢١) وَبَعض الرِّوَايَات فى السّنَن الْكُبْرَى: «أَعْتَى» .
(٤) أَي: قبيل مَا تقدم: مِمَّا ذكر فى الْأُم، وَلم يذكر بِالْأَصْلِ. وراجع كَلَامه فِي الْأُم (ص ١٨- ١٩)
(٥) فى الْأُم: «أَنى» .
(٦) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ٢٧- ٢٨): مَا روى فى ذَلِك عَن الزُّهْرِيّ، وَابْن الْمسيب، وَغَيرهمَا. وراجع فى فتح الْبَارِي (ج ١٢ ص ١٦٠): كَلَام ابْن عبد الْبر، فَهُوَ مُفِيد.
(٧) فى الْأُم زِيَادَة: «على» .
(٨) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
(٩) كَمَا فِي الْأُم (ج ٦ ص ٣٢- ٣٣) .
(١٠) فى الْأُم زِيَادَة: «الْآيَة» .
 
الْبَالِغِينَ «١» الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ-: لِأَنَّهُمْ الْمُخَاطَبُونَ بِالْفَرَائِضِ.-:
إذَا قَتَلُوا «٢» الْمُؤْمِنِينَ. بِابْتِدَاءِ «٣» الْآيَةِ، وَقَوْلُهُ: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ: ٢- ١٧٨) لِأَنَّهُ «٤» جَعَلَ الْأُخُوَّةَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ «٥»، فَقَالَ: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ: ٤٩- ١٠) وَقَطَعَ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ.»
«قَالَ: وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عَلَى مِثْلِ ظَاهِرِ الْآيَةِ «٦» .» .
[قَالَ الشَّافِعِيُّ «٧»]: «قَالَ اللَّهُ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) فِي أَهْلِ التَّوْرَاةِ [: (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) الْآيَةُ: (٥- ٤٥) .] «٨»»
«[قَالَ: وَلَا يَجُوزُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فِي حُكْمِ اللَّهِ ﵎ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ «٩»]-: أَنْ كَانَ حُكْمًا بَيِّنًا.- إلَّا: مَا جَازَ فِي قَوْلِهِ: (وَمَنْ)
(١) قَالَ- كَمَا فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٩٧) -: وَلَا يقْتَصّ إِلَّا من بَالغ وَهُوَ: من احْتَلَمَ من الذُّكُور، أَو حاض من النِّسَاء، أَو بلغ أَيهمَا كَانَ خمس عشرَة سنة.» .
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «اقْتَتَلُوا» وَهُوَ تَحْرِيف. [.....]
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «تأييد» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «الْآيَة» ويغلب على الظَّن أَنه تَحْرِيف.
(٥) رَاجع كَلَام صَاحب الْجَوْهَر النقي (ج ٨ ص ٢٨- ٢٩) وتأمله.
(٦) انْظُر مَا ذكره فى الْأُم- بعد ذَلِك-: من السّنة الَّتِي تدل على عدم قتل الْمُؤمن بالكافر. وراجع الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٩٣- ٩٥)، والمناقشات الْقيمَة حول هَذَا الْمَوْضُوع:
فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٣٨٩- ٣٩٩)، فهى مُعينَة على فهم الْكَلَام الْآتِي. وراجع فتح الْبَارِي (ج ١٢ ص ٢١٢- ٢١٤) .
(٧) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٢١) . وَقد زِدْنَا هَذَا: لِأَن مَا سيأتى وَإِن كَانَ مرتبطا بالبحث السَّابِق، إِلَّا أَنه فى الْوَاقِع انْتِقَال إِلَى بحث آخر، وَهُوَ: عدم قتل الْحر بِالْعَبدِ.
(٨) زِيَادَة متعينة عَن الْأُم، ونقطع بِأَنَّهَا سَقَطت من النَّاسِخ.
(٩) زِيَادَة متعينة عَن الْأُم، ونقطع بِأَنَّهَا سَقَطت من النَّاسِخ.
 
(قُتِلَ مَظْلُومًا: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ «١» سُلْطانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ: ١٧- ٣٣) .»
«وَلَا يَجُوزُ فِيهَا إلَّا: أَنْ يَكُونَ «٢»: كُلُّ نَفْسٍ مُحَرَّمَةِ الْقَتْلِ: فَعَلَى مَنْ قَتَلَهَا الْقَوَدُ. فَيَلْزَمُ مِنْ «٣» هَذَا: أَنْ يُقْتَلَ الْمُؤْمِنُ: بِالْكَافِرِ الْمُعَاهِدِ، وَالْمُسْتَأْمَنِ وَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ «٤»: مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ [وَالرَّجُلِ: بِعَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ: مُسْلِمًا كَانَ، أَوْ كَافِرًا «٥»] وَالرَّجُلُ: بِوَلَدِهِ إذَا قَتَلَهُ.»
«أَوْ: يَكُونُ قَوْلُ اللَّهِ ﷿: (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا): مِمَّن دَمه مكافىء «٦» دَمَ مَنْ قَتَلَهُ وَكُلُّ «٧» نَفْسٍ: كَانَتْ تُقَادُ بِنَفْسٍ: بِدَلَالَةِ كِتَابِ اللَّهِ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إجْمَاعٍ. كَمَا كَانَ قَوْلُ اللَّهِ ﷿: (وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى):
(١) رَاجع كَلَامه الْمُتَعَلّق بولِي الْمَقْتُول: فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٩٥)، فَهُوَ فى غَايَة الأهمية.
(٢) فى الْأُم: «تكون» .
(٣) فى الْأُم: «فى» وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(٤) فى الْأُم تَقْدِيم وَتَأْخِير.
(٥) الزِّيَادَة عَن الْأُم. وهى الْمَقْصُودَة بالبحث ونرجح أَنَّهَا سَقَطت من النَّاسِخ.
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «مطاف» وَلَعَلَّه محرف عَن «مكاف» بالتسهيل.
وَقَالَ فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٩٣): «وَإِذا تكافأ الدمَان من الْأَحْرَار الْمُسلمين، أَو العبيد الْمُسلمين، أَو الْأَحْرَار من المعاهدين، أَو العبيد مِنْهُم-: قتل من كل صنف مكافىء دَمه مِنْهُم:
الذّكر إِذا قتل: بِالذكر وبالأنثى وَالْأُنْثَى إِذا قتلت: بِالْأُنْثَى وبالذكر.» .
(٧) أَي: كل نفس ثَبت- بِدَلِيل شرعى آخر-: أَنَّهَا تقتل إِذا قتلت غَيرهَا. وَهَذَا بَيَان للمعنى المُرَاد من النَّفس القاتلة- فى آيَة التَّوْرَاة- على الِاحْتِمَال الثَّانِي. ثمَّ إِن الْآيَة الثَّانِيَة مخصصة للأولى على كلا الِاحْتِمَالَيْنِ: وَإِن كَانَ التَّخْصِيص أوسع على الِاحْتِمَال الثَّانِي. فَتنبه. [.....]
 
إذَا كَانَتْ قَاتِلَةً خَاصَّةً لَا: أَنْ ذَكَرًا [لَا «١»] يُقْتَلُ بِأُنْثَى.»
«وَهَذَا أُولَى مَعَانِيهِ بِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): لِأَنَّ عَلَيْهِ دَلَائِلَ، مِنْهَا: قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ «٢»» وَالْإِجْمَاعُ «٣»:
عَلَى أَنْ لَا يُقْتَلُ الْمَرْءُ بِابْنِهِ: إذَا قَتَلَهُ وَالْإِجْمَاعُ: عَلَى أَنْ لَا يُقْتَلَ الرَّجُلُ:
بِعَبْدِهِ، وَلَا بِمُسْتَأْمَنٍ: مِنْ أَهْلِ [دَارِ «٤»] الْحَرْبِ وَلَا بِامْرَأَةٍ: مِنْ أَهْل [دَارِ «٥»] الْحَرْبِ وَلَا صَبِيٍّ.»
«قَالَ: وَكَذَلِكَ: وَلَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ الْحُرُّ: بِالْعَبْدِ، بِحَالٍ. «٦»» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَا:
نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ «٧»: «أَنَا مُعَاذُ «٨» بْنُ مُوسَى، عَنْ بُكَيْر «٩»
(١) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
(٢) رَاجع هَذَا الحَدِيث: فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٣٨٨- ٣٨٩)، وَفتح الْبَارِي (ج ١ ص ١٤٦- ١٤٧ وَج ١٢ ص ٢١٢)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢٨- ٣٠ وَج ٩ ص ٢٢٦) ثمَّ رَاجع فِيهَا (ج ٨ ص ٣٠- ٣٤) مَا يُعَارضهُ.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «وبالإجماع» وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(٤) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٥) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٦) ثمَّ قَالَ: «وَلَو قتل حر ذمى عبدا مُؤمنا: لم يقتل بِهِ» ثمَّ بَين مَا يجب فى قتل الْحر العَبْد عمدا وَخطأ. فَرَاجعه. وراجع- فِيمَا تقدم- كَلَامه فى الْمُخْتَصر (ج ص ٩٥- ٩٦): فَفِيهِ مزِيد فَائِدَة. وراجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٣٤- ٣٥): مَا ورد فِي ذَلِك وراجع كَلَام صَاحب الْجَوْهَر النقي.
(٧) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٧)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٥١) . وَقد أخرجه فى السّنَن أَيْضا من طَرِيق آخر عَن مقَاتل: بِلَفْظ مُخْتَلف، وَزِيَادَة نافعة. فَرَاجعه.
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «معاد» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٩) فى الأَصْل: «بكر» وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
 
ابْن مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ [مُعَاذٌ «١»]: قَالَ مُقَاتِلٌ: أَخَذْتُ هَذَا التَّفْسِيرَ عَنْ نَفَرٍ- حَفِظَ مُعَاذٌ مِنْهُمْ: مُجَاهِدًا، وَالْحَسَنَ، وَالضَّحَّاكَ ابْن مُزَاحِمٍ.- «٢» فِي قَوْلِهِ ﷿ (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ: فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) إلَى آخِرِ الْآيَةِ: (٢- ١٧٨) .»
«قَالَ: كَانَ كُتِبَ عَلَى أَهْلِ التَّوْرَاةِ «٣»: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ، حَقَّ «٤»: أَنْ يُقَادَ بِهَا وَلَا يُعْفَى عَنْهُ، وَلَا يُقْبَلُ «٥» مِنْهُ الدِّيَةُ. وَفُرِضَ عَلَى أَهْلِ الْإِنْجِيلِ: أَنْ يُعْفَى عَنْهُ، وَلَا يُقْتَلُ. وَرُخِّصَ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ: إنْ شَاءَ «٦» قَتَلَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ، وَإِنْ شَاءَ عَفَى.
فَذَلِكَ: قَوْلُهُ ﷿: (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) يَقُولُ: الدِّيَةُ تَخْفِيفٌ مِنْ اللَّهِ: إذْ جَعَلَ الدِّيَةَ، وَلَا يُقْتَلُ. ثُمَّ قَالَ: (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ: فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) يَقُولُ: فَمَنْ «٧» قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ «٨» الدِّيَةِ «٩»:
فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ.»
(١) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٢) فى الْأُم زِيَادَة: «قَالَ» .
(٣) فى الْأُم زِيَادَة: «أَنه» .
(٤) فى الْأُم زِيَادَة: «لَهُ»، والحذف أولى.
(٥) فى الْأُم: «تقبل» . [.....]
(٦) أَي: الْوَلِيّ.
(٧) فى السّنَن الْكُبْرَى: «من» .
(٨) فى الْأُم: «أَخذه» وَلَا فرق: إِذا الْمَحْذُوف مُقَدّر.
(٩) قد روى نَحْو هَذَا عَن مُجَاهِد وَعَطَاء: فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٥٣) .
 
«وَقَالَ «١» - فِي قَوْلِهِ ﷿: (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ «٢»: ٢- ١٧٩) .-: يَقُولُ: لَكُمْ فِي الْقِصَاصِ، حَيَاةٌ يَنْتَهِي بِهَا «٣» بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ، أَنْ يُصِيبَ: مَخَافَةَ أَنْ يُقْتَلَ.» .
(وَأَخْبَرَنَا «٤») أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو زَكَرِيَّا قَالَا: أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ «٥»: «أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، أَنَا «٦» عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: كَانَ «٧» فِي بَنْيِ إسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ، وَلَمْ يَكُنْ «٨» فِيهِمْ الدِّيَةُ فَقَالَ اللَّهُ ﷿ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ:
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى: «٩» الْحُرُّ بِالْحُرِّ، وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ، وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى. فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) «١٠» فَإِنَّ «١١» الْعَفْوَ: أَنْ يُقْبَلَ «١٢»
(١) أَي: مقَاتل.
(٢) ذكر فى الْأُم إِلَى آخر الْآيَة.
(٣) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ. وزيادته أولى.
(٤) أخرجه فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٥١- ٥٢) عَن يحيى بن ابراهيم بن مُحَمَّد ابْن يحيي المزكى، عَن أَبى الْعَبَّاس إِلَى آخر السَّنَد. وَأخرجه عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا من طَرِيق آخر عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن زيد عَنهُ: بِلَفْظ مُخْتَلف فِيهِ اخْتِصَار، وَفِيه زِيَادَة.
وَأخرجه البُخَارِيّ مزيدا- فى التَّفْسِير-: من طَرِيق الْحميدِي عَن سُفْيَان وفى الدِّيات: من طَرِيق قُتَيْبَة بن سعيد عَنهُ. انْظُر فتح الْبَارِي (ج ٨ ص ١٢٣ وَج ١٢ ص ١٦٨) .
(٥) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٧) .
(٦) فى الْأُم: «حَدثنَا» .
(٧) رِوَايَة البُخَارِيّ فى الدِّيات: «كَانَت» وَانْظُر مَا كتبه فى الْفَتْح على ذَلِك.
(٨) رِوَايَة الْأُم وَالْبُخَارِيّ: «تكن» .
(٩) فى رِوَايَة البُخَارِيّ- فى الدِّيات- بعد ذَلِك: «إِلَى هَذِه الْآيَة فَمن عفى ...»
وَانْظُر تَعْلِيق ابْن حجر على ذَلِك.
(١٠) فى الأَصْل زِيَادَة: «الْآيَة» ولعلها من النَّاسِخ. [.....]
(١١) كَذَا بِالْأَصْلِ. وفى السّنَن الْكُبْرَى، وَرِوَايَة البُخَارِيّ- فى الدِّيات-: «قَالَ» .
وَرِوَايَة البُخَارِيّ الْأُخْرَى: «فالعفو» .
(١٢) فى الْأُم: «تقبل» .
 
الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ [(فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ «١» . ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ)] «٢»: مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) «٣» .» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٤» - فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ-: «وَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا، كَمَا قَالَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . وَكَذَلِكَ: قَالَ مُقَاتِلٌ. وَتَقَصِّي «٥» مُقَاتِلٍ فِيهِ:
أَكْثَرُ مِنْ تَقَصِّي «٦» ابْنِ عَبَّاسٍ.»
«وَالتَّنْزِيلُ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ مُقَاتِلٌ: لِأَنَّ اللَّهَ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) -:
إذْ ذَكَرَ الْقِصَاصَ، ثُمَّ «٧» قَالَ: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ: فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) .- لَمْ يَجُزْ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَنْ يُقَالَ: إنْ عُفِيَ: إنْ «٨» صُولِحَ عَلَى أَخْذِ الدِّيَةِ. لِأَنَّ الْعَفْوَ: تَرْكُ حَقٍّ بِلَا عِوَضٍ فَلَمْ
(١) بعد ذَلِك، فى روايتى البُخَارِيّ: «يتبع (أَو أَن يطْلب) بِالْمَعْرُوفِ، ويؤدى بِإِحْسَان» .
وفى رِوَايَة جَابر: «فَيتبع الطَّالِب بِمَعْرُوف، ويؤدى- يعْنى: الْمَطْلُوب.- إِلَيْهِ بِإِحْسَان» .
(٢) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى، وَرِوَايَة البُخَارِيّ فى التَّفْسِير.
(٣) فى رِوَايَة البُخَارِيّ- فى التَّفْسِير- زِيَادَة: «قتل بعد قبُول الدِّيَة» . وَانْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ٥٤) مَا ورد-: من السّنة.- فى ذَلِك. وَمَا ورد فى التَّرْغِيب فى الْعَفو.
(٤) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٧- ٨) .
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «يقْضى» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «يقْضى» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٧) قَالَ الْمُزنِيّ فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٠٦): «احْتج (الشَّافِعِي) فى أَن الْعَفو يُوجب الدِّيَة: بِأَن الله تَعَالَى لما قَالَ: (فَمن عفى ...) لم يجز أَن يُقَال: عَفا إِن صولح على مَال:
لِأَن الْعَفو ترك بِلَا عوض فَلم يجز-: إِذا عَفا عَن الْقَتْل الَّذِي هُوَ أعظم الْأَمريْنِ.- إِلَّا: أَن يكون لَهُ مَال فى مَال الْقَاتِل: أحب، أَو كره....» .
(٨) فى الْأُم: «بِأَن»، وَمَا فى الأَصْل أحسن.
 
يَجُزْ إلَّا أَنْ يَكُونَ: إنْ عُفِيَ عَنْ الْقَتْلِ فَإِذَا عُفِيَ «١»: لَمْ يَكُنْ إلَيْهِ سَبِيلٌ، وَصَارَ لِعَافِي «٢» الْقَتْلِ مَالٌ «٣» فِي مَالِ الْقَاتِلِ- وَهُوَ: دِيَةُ قَتِيلِهِ.-:
فَيَتْبَعُهُ بِمَعْرُوفٍ، وَيُؤَدِّيَ إلَيْهِ الْقَاتِلُ بِإِحْسَانٍ.»
«وَإِنْ «٤» كَانَ: إذَا عَفَا عَنْ «٥» الْقَاتِلِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ-: لَمْ يَكُنْ لِلْعَافِي: أَنْ «٦» يَتْبَعَهُ وَلَا عَلَى الْقَاتِلِ: شَيْءٌ «٧» يُؤَدِّيه بِإِحْسَانٍ «٨» .»
«قَالَ: وَقَدْ جَاءَتْ السُّنَّةُ- مَعَ بَيَانِ الْقُرْآنِ-: [فِي «٩»] مِثْلِ مَعْنَى الْقُرْآنِ.» . فَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي شُرَيْحٍ [الْكَعْبِيِّ «١٠»]: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مَنْ «١١» قَتَلَ بَعْدَهُ «١٢» قَتِيلًا، فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ: إنْ
(١) فى الْأُم: «عَفا»، وَمَا فى الأَصْل أنسب لما بعد.
(٢) فى الْأُم: «للعافى» وَمَا فى الأَصْل أولى.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «مَا قَالَ»، وَهُوَ تَحْرِيف خطير.
(٤) فى الْمُخْتَصر: «وَلَو» . وفى الْأُم: «فَلَو» وَهُوَ الْأَظْهر. [.....]
(٥) قَوْله: عَن الْقَاتِل غير مَوْجُود بالمختصر.
(٦) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ. وفى الْمُخْتَصر: «مَا» .
(٧) فى الْمُخْتَصر: «مَا» .
(٨) أنظر كَلَامه فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٨٩- ٢٩٠) وراجع مَا كتبه فى فتح الْبَارِي (ج ١٢ ص ١٦٩- ١٧٠) على أثر ابْن عَبَّاس: فَهُوَ مُفِيد فى كَون الْخِيَار فى الْقود أَو الدِّيَة للولى- كَمَا قَالَ الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور- أَو للْقَاتِل كَمَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالثَّوْري. ومفيد فى بعض المباحث السَّابِقَة: كَقَتل الْمُسلم بالكافر، وَالْحر بِالْعَبدِ.
(٩) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(١٠) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(١١) فى الْأُم، والمختصر (ج ٥ ص ١٠٥): «فَمن» .
(١٢) فى الأَصْل: «بِعَبْدِهِ»، وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن الْأُم والمختصر، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٥٢) . وراجع لفظ رِوَايَته فى الرسَالَة (ص ٤٥٢) .
 
أَحَبُّوا: قَتَلُوهُ «١» وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الْعَقْلَ «٢» .» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٣»: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطانًا «٤»: ١٧- ٣٣) وَكَانَ «٥» مَعْلُومًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ-: مِمَّنْ خُوطِبَ بِهَذِهِ الْآيَةِ.- أَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ: مَنْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِيرَاثًا مِنْهُ «٦» .» .
(وَفِيمَا أَنْبَأَنِي بِهِ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (إجَازَةً)، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ الرَّبِيعِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٧»: «ذَكَرَ اللَّهُ (تَعَالَى) مَا فَرَضَ عَلَى أَهْلِ التَّوْرَاةِ، قَالَ «٨»:
(وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ «٩»، وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ، وَالْأَنْفَ)
(١) فى غير الأَصْل: «قتلوا» .
(٢) ثمَّ تعرض لبَعض المباحث السَّابِقَة، وَهُوَ: عدم قتل اثْنَيْنِ فى وَاحِد. فَرَاجعه، وراجع سَبَب هَذَا الحَدِيث: فى الْأُم والمختصر، وَالسّنَن الْكُبْرَى (٥٢- ٥٣)، وَقد أخرج الْبَيْهَقِيّ نَحوه عَن أَبى هُرَيْرَة، وَابْن عمر. وَأخرج حَدِيث أَبى شُرَيْح أَيْضا فى صفحة (٥٧): بِلَفْظ فِيهِ اخْتِلَاف. وراجع فتح الْبَارِي (ج ١ ص ١٤٢ و١٤٧- و١٤٨ وَج ١٢ ص ١٦٥- ١٦٨) .
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ١٠) .
(٤) فى الْأُم زِيَادَة: (فَلَا يسرف فى الْقَتْل) .
(٥) فى الْأُم: «فَكَانَ» .
(٦) وَذكر بعده حَدِيث أَبى شُرَيْح، ثمَّ حكى الْإِجْمَاع: على أَن الْعقل موروث كَمَا يُورث المَال. فراجع كَلَامه (ص ١١) لفائدته. وراجع الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٠٥)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٥٧- ٥٨) . [.....]
(٧) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٤٤) .
(٨) فى الْأُم: «فَقَالَ» وَهُوَ أحسن.
(٩) فى الْأُم بعد ذَلِك: «إِلَى قَوْله: (فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ)» .
 
(بِالْأَنْفِ، وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ، وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ، وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ: ٥- ٤٥) «١» .»
«قَالَ: و«٢» لم أَعْلَمْ خِلَافًا: فِي أَنَّ الْقِصَاصَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ «٣»، كَمَا حَكَى «٤» اللَّهُ ﷿: [أَنَّهُ حَكَمَ بِهِ «٥»] بَيْنَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ.»
«وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا: فِي أَنَّ الْقِصَاصَ بَيْنَ الْحُرَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ: فِي النَّفْسِ، وَمَا دُونَهَا «٦»: مِنْ الْجِرَاحِ الَّتِي يُسْتَطَاعُ فِيهَا الْقِصَاصُ: بِلَا تَلَفٍ يخَاف على الْمُسْتَفَاد مِنْهُ: مِنْ مَوْضِعِ الْقَوَدِ «٧» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٨» ﵀: «قَالَ اللَّهُ ﵎: (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ: أَنْ «٩»)
(١) فى الْأُم زِيَادَة: وروى فى حَدِيث عمر، أَنه قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله ﷺ يعْطى الْقود من نَفسه، وَأَبا بكر يعْطى الْقود من نَفسه وَأَنا أعطي الْقود من نفسى.» .
(٢) هَذَا إِلَى قَوْله: التَّوْرَاة قد ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٦٤) .
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ وَهُوَ الصَّحِيح. وفى الأَصْل وَالسّنَن الْكُبْرَى: «الْآيَة»، وَهُوَ تَحْرِيف
(٤) فى الْأُم: «حكم»، وَهُوَ تَحْرِيف من النَّاسِخ أَو الطابع.
(٥) زِيَادَة جَيِّدَة، عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٦) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٤٠): أثر ابْن عَبَّاس فى ذَلِك.
(٧) انْظُر كَلَامه بعد ذَلِك (ص ٤٤- ٤٥) الْمُتَعَلّق: بِالْقصاصِ مِمَّا دون النَّفس.
(٨) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٩١) .
(٩) رَاجع فى معنى هَذَا: كَلَامه فى الْأُم (ج ٦ ص ١٧١)، وَمَا نَقله عَنهُ يُونُس فى أَوَاخِر الْكتاب. ثمَّ رَاجع كَلَام الْحَافِظ فى الْفَتْح (ج ١٢ ص ١٧٢): فَهُوَ مُفِيد فى كثير من المباحث السَّابِقَة واللاحقة.
 
(يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ «١»: ٤- ٩٢) .»
««٢» فأحكم اللَّهُ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) - فِي «٣» تَنْزِيلِ كِتَابِهِ-: [أَنَّ «٤»] عَلَى قَاتِلِ الْمُؤْمِنِ، دِيَةً مُسَلَّمَةً إلَى أَهْلِهِ. وَأَبَانَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ﷺ: كَمْ الدِّيَةُ؟» «وَكَانَ «٥» نَقْلُ عَدَدٍ: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَدَدٍ لَا تَنَازُعَ بَيْنَهُمْ-:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَضَى فِي «٦» دِيَةِ الْمُسْلِمِ: مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ.
وَكَانَ «٧» هَذَا: أَقْوَى مِنْ نَقْلِ الْخَاصَّةِ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ الْخَاصَّةِ [وَبِهِ نَأْخُذُ فَفِي الْمُسْلِمِ يُقْتَلُ خَطَأً: مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ.] «٨»» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٩» - فِيمَا يَلْزَمُ الْعِرَاقِيِّينَ فِي قَوْلِهِمْ فِي الدِّيَةِ: إنَّهَا عَلَى أَهْلِ
(١) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٧٢ و١٣١)، وَالْفَتْح (ج ١٢ ص ١٧١- ١٧٢): مَا روى عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، فى سَبَب نزُول ذَلِك. فَهُوَ مُفِيد فِيمَا سيأتى أَيْضا.
(٢) هَذَا إِلَى قَوْله: كم الدِّيَة، ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ٧٢) . [.....]
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «ورتل» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٤) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٥) فى الْأُم: «فَكَانَ» .
(٦) فى الْأُم: «بدية» .
(٧) فى الْأُم: «فَكَانَ» .
(٨) زِيَادَة مفيدة، عَن الْأُم. وَأنْظر مَا رَوَاهُ بعد ذَلِك: من السّنة، ثمَّ رَاجع أثر سُلَيْمَان بن يسَار فى أَسْنَان الْإِبِل: فى الْأُم (ج ٦ ص ٩٩)، والمختصر (ج ٥ ص ١٢٨) .
وراجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٧٢- ٧٦)، وَكَلَامه فى الرسَالَة (ص ٥٤٩)، فَفِيهِ مزِيد فَائِدَة.
(٩) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٧٧) .
 
الْوَرِقِ: عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ.-: «قَدْ رُوِيَ عَنْ «١» عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ قَضَى بِالدِّيَةِ: اثْنَيْ «٢» عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَزَعَمَ عِكْرِمَةُ: أَنَّهُ نَزَلَ فِيهِ: (وَما نَقَمُوا إِلَّا: أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، مِنْ فَضْلِهِ: ٩- ٧٤) .» «٣» .
قَالَ الشَّيْخُ: حَدِيثُ عِكْرِمَةَ هَذَا: رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: مَرَّةً مُرْسَلًا «٤»، وَمَرَّةً مَوْصُولًا: بِذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ «٥» . وَرَوَاهُ «٦» مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَوْصُولًا «٧» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٨»: «أَمَرَ «٩» اللَّهُ ﵎
(١) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «اثْنَا»، وَلعلَّة محرف. فَتَأمل.
(٣) رَاجع كَلَامه السَّابِق، ومناظرته لمُحَمد بن الْحسن، بعد ذَلِك (ص ٢٧٨) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٨٠)، وَمَا رَوَاهُ عَن عمر: فى الْأُم (ج ٦ ص ٩١- ٩٢) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٧٧- ٧٨)، وَمَا ذكره الْبَيْهَقِيّ عَن الشَّافِعِي: من أَن الدِّيَة لَا تقوم إِلَّا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِم. وَكَلَام الْبَيْهَقِيّ عَن تَقْوِيم عمر لَهَا بِغَيْر ذَلِك.
(٤) فى الأَصْل: «ومرسلا مرّة» والتقديم من النَّاسِخ.
(٥) كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٧٩) .
(٦) فى الأَصْل: «وَمرَّة أَو مُحَمَّد» وَهُوَ تَحْرِيف
(٧) كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ٧٨): فَلَا يضر إرْسَاله هُنَا. [.....]
(٨) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٩٢) .
(٩) فى الْأُم: «وَأمر» .
 
- فِي الْمُعَاهَدِ: يُقْتَلُ خَطَأً.-: بِدِيَةٍ مُسَلَّمَةٍ إلَى أَهْلِهِ. وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: عَلَى أَنْ لَا يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ مَعَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ «١» .»
«فَلَمْ يَجُزْ: أَنْ يَحْكُمَ عَلَى قَاتِلِ الْكَافِرِ، [إلَّا «٢»]: بِدِيَةٍ وَلَا: أَنْ يُنْقَصَ «٣» مِنْهَا، إلَّا: بِخَبَرٍ لَازِمٍ.»
«وَقَضَى «٤» عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ﵄ - فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ-: بِثُلُثِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَقَضَى عُمَرُ ﵁ - فِي دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ-: بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ «٥» [وَذَلِكَ:
ثُلُثَا عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: تَقُومُ الدِّيَةُ: اثْنَيْ عَشْرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ «٦» .]»
«وَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّ «٧» أَحَدًا قَالَ فِي دِيَاتِهِمْ: بِأَقَلِّ «٨» مِنْ هَذَا. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ
(١) رَاجع مَا تقدم (ص ٢٧٣)، وراجع مناقشته الْعَظِيمَة حول هَذَا الْمَوْضُوع وَمَا يرتبط بِهِ: فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٩١- ٢٩٥) . فَإنَّك ستقف على فَوَائِد لَا تُوجد فى كتاب آخر.
(٢) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «ينقضى»، وَهُوَ تَصْحِيف.
(٤) فى الْأُم: «فَقضى» .
(٥) رَاجع ذَلِك، وَغَيره-: مِمَّا يُعَارضهُ.- فى السّنَن الْكُبْرَى والجوهر النقي (ج ٨ ص ١٠٠- ١٠٣) .
(٦) هَذِه الزِّيَادَة عَن الْأُم، ونرجح أَنَّهَا سَقَطت من النَّاسِخ.
(٧) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(٨) فى الْأُم: «أقل» . وَكِلَاهُمَا صَحِيح كَمَا لَا يخفى.
 
دِيَاتِهِمْ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا. فَأَلْزَمْنَا قَاتِلَ كُلِّ وَاحِدٍ-: مِنْ هَؤُلَاءِ.-:
الْأَقَلَّ مِمَّا اُجْتُمِعَ عَلَيْهِ. «١»» .
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ، وَنَاقَضَهُمْ «٢»: بِالْمُؤْمِنَةِ الْحُرَّةِ، وَالْجَنِينِ «٣» وَبِالْعَبْدِ-: وَقَدْ تَكُونُ قِيمَتُهُ: عَشْرَةَ دَرَاهِمِ.-: يَجِبُ فِي قَتْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَلَمْ يُسَوَّ بَيْنَهُمْ: فِي الدِّيَةِ «٤» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٥»: «قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً) إلَى قَوْلِهِ: (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ-: وَهُوَ مُؤْمِنٌ.-: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ «٦»: ٤- ٩٢) .» «٧»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: [قَوْلُهُ: (مِنْ قَوْمٍ) «٨»] يَعْنِي: فِي قَوْمٍ
(١) رَاجع فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٣٦) مَا احْتج بِهِ فى ديات أهل الْكفْر: فَهُوَ جيد.
(٢) يعْنى: الْحَنَفِيَّة. أنظر الْأُم (ج ٧ ص ٢٩٤) .
(٣) رَاجع فِيمَا يجب فى الْجَنِين خَاصَّة، كَلَامه فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٢٠ و٣٨٤)، والرسالة (ص ٤٢٧- ٤٢٨ و٥٥٢- ٥٥٣) .
(٤) رَاجع كَلَامه عَن هَذَا كُله: فى الْأُم (ج ٦ ص ٨٨- ٩٨)، والمختصر (ج ٥ ص ١٤٣- ١٤٦) . وراجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٣٧- ٣٨ و٩٥ و١١٢- ١١٧) . [.....]
(٥) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٣٠) .
(٦) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ١٣١): مَا روى عَن ابْن عَبَّاس فى تَفْسِير ذَلِك.
(٧) فِي الْأُم زِيَادَة: «الْآيَة» . وراجع كَلَامه فى الرسَالَة (ص ٣٠١- ٣٠٢) .
(٨) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم. وَانْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ١٣٠) .
 
عَدُوٍّ لَكُمْ.» .
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ «١»، إلَى أَنْ قَالَ: «وَفِي التَّنْزِيلِ، كِفَايَةٌ عَنْ التَّأْوِيلِ:
لِأَنَّ اللَّهَ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) -: إذْ حَكَمَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى «٢»، فِي الْمُؤْمِنِ يُقْتَلُ خَطَأً: بِالدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَحَكَمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فِي الْآيَةِ بَعْدَهَا «٣»: فِي الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ مِيثَاقٌ وَقَالَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ: (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ: وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) وَلَمْ يَذْكُرْ دِيَةً وَلَمْ تَحْتَمِلْ «٤» الْآيَةُ مَعْنَى، إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: (مِنْ قَوْمٍ) يَعْنِي: فِي قَوْمٍ عَدُوٍّ لَنَا، دَارُهُمْ: دَارُ حَرْبٍ مُبَاحَةٌ «٥» وَكَانَ «٦» مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: إذَا «٧» بَلَغَتْ النَّاسَ الدَّعْوَةُ، أَنْ يُغير عَلَيْهِم غارّيين.-:
(١) حَيْثُ ذكر حَدِيث قيس بن أَبى حَازِم: «لَجأ قوم إِلَى خثعم، فَلَمَّا غشيهم الْمُسلمُونَ:
استعصموا بِالسُّجُود، فَقتلُوا بَعضهم، فَبلغ ذَلِك النَّبِي ﷺ فَقَالَ: أعطوهم نصف الْعقل لصلاتهم.» الحَدِيث فَرَاجعه، وراجع كَلَام الشَّافِعِي عَلَيْهِ- فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى (ص ١٣١) - لفائدته.
(٢) عبر بِهَذَا: إِمَّا لِأَن بعض الْآيَة يُقَال لَهُ: آيَة، وَإِمَّا لِأَنَّهُ يرى أَنَّهُمَا آيتان لَا آيَة وَاحِدَة.
(٣) عبر بِهَذَا: إِمَّا لِأَن بعض الْآيَة يُقَال لَهُ: آيَة، وَإِمَّا لِأَنَّهُ يرى أَنَّهُمَا آيتان لَا آيَة وَاحِدَة.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «يحمل»، وَهُوَ تَحْرِيف.
(٥) فى الْأُم زِيَادَة: «فَلَمَّا كَانَت مُبَاحَة»، وَهَذَا الشَّرْط بمنزله تكْرَار «أَن» .
وَقَوله الْآتِي: «كَانَ فى ذَلِك» إِلَخ: خبر «أَن» بِالنّظرِ لما فى الأَصْل وَجَوَاب الشَّرْط بِالنّظرِ لما فى الْأُم. فَتنبه.
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «وَكَانَت»، وَزِيَادَة التَّاء من النَّاسِخ.
(٧) فى الأَصْل: «إِذْ» وَالنَّقْص من النَّاسِخ. وفى الْأُم: «أَن إِذا» وَلَعَلَّ «أَن» زَائِدَة.
 
كَانَ فِي ذَلِكَ، دَلِيلٌ: عَلَى أَنْ «١» لَا يُبِيحَ «٢» الْغَارَةَ عَلَى دَارٍ: وَفِيهَا مَنْ لَهُ- إنْ قُتِلَ-: عَقْلٌ، أَوْ قَوَدٌ. وَكَانَ «٣» هَذَا: حُكْمَ اللَّهِ ﷿.»
«قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِرَجُلٍ: مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ إلَّا: فِي قَوْمٍ عَدُوٍّ لَنَا. وَذَلِكَ: أَنَّ عَامَّةَ الْمُهَاجِرِينَ: كَانُوا مِنْ قُرَيْشٍ وَقُرَيْشٌ: عَامَّةُ أَهْلِ مَكَّةَ وَقُرَيْشٌ: عَدُوٌّ لَنَا. وَكَذَلِكَ: كَانُوا مِنْ طَوَائِفِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَقَبَائِلُهُمْ: أَعْدَاءٌ لِلْمُسْلِمِينَ.»
«فَإِنْ «٤» دَخَلَ مُسْلِمٌ فِي دَارِ حَرْبٍ، ثُمَّ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ- فَعَلَيْهِ: تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَلَا عَقْلَ لَهُ إذَا قَتَلَهُ: وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ مُسْلِمًا.» .
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ «٥» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ «٦»: «وَكُلُّ قَاتِلِ عَمْدٍ-: عُفِيَ «٧» عَنْهُ،
(١) فى الْأُم: «أَنه» .
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «تنسخ» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٣) فى الْأُم: «فَكَانَ» وَهُوَ أحسن. [.....]
(٤) فى الْأُم: «وَإِذا» . وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(٥) رَاجع كَلَامه فى الْأُم (ص ٣٠- ٣١)، والمختصر (ج ٥ ص ١٥٣) .
(٦) فى الأَصْل: «البيوطى» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٧) رَاجع فى بحث الْعَفو مُطلقًا، كَلَامه فى الْأُم (ج ٦ ص ١١- ١٤ و٧٧- ٧٨)، والمختصر (ج ٥ ص ١٠٥- ١٠٧ و١١٢- ١١٣ و١٢٣- ١٢٥): فَهُوَ مُفِيدا جدا
 
وَأُخِذَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ.-: فَعَلَيْهِ: الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ اللَّهَ ﷿: إذْ جَعَلَهَا فِي الْخَطَإِ: الَّذِي وضع فِيهِ الْإِثْمُ كَانَ الْعَمْدُ أَوْلَى.»
«وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ: كِتَابُ «١» اللَّهِ ﷿: حَيْثُ «٢» قَالَ فِي الظِّهَارِ: (مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ، وَزُورًا: ٥٨- ٢) وَجَعَلَ فِيهِ كَفَّارَةً.
وَمِنْ قَوْلِهِ: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ: مُتَعَمِّدًا فَجَزاءٌ: مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ: ٥- ٩٥) ثُمَّ جَعَلَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ «٣» .» .
وَذَكَرَهَا (أَيْضًا) فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيّ «٤» - دُونَ الْعَفْوِ، وَأَخْذِ الدِّيَةِ «٥» .
(١) يعْنى: الْقيَاس على مَا ثَبت بِهِ.
(٢) فى الأَصْل. «حِين» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٣) قَالَ الْمُزنِيّ فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٥٣): «وَاحْتج (الشَّافِعِي): بِأَن الْكَفَّارَة فى قتل الصَّيْد، فى الْإِحْرَام وَالْحرم-: عمدا، أَو خطأ.- سَوَاء، إِلَّا: فى المأثم.
فَكَذَلِك: كَفَّارَة الْقَتْل عمدا أَو خطأ سَوَاء، إِلَّا: فِي المأثم.» . وَانْظُر الْأُم (ج ٧ ص ٥٧)، وَمَا سيأتى فى أَوَائِل الْأَيْمَان وَالنُّذُور.
(٤) فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٥٣) .
(٥) حَيْثُ قَالَ: «وَإِذا وَجَبت عَلَيْهِ كَفَّارَة الْقَتْل: فى الْخَطَأ، وفى قتل الْمُؤمن: فى دَار الْحَرْب كَانَت الْكَفَّارَة فى الْعمد أولى» . وَقد ذكر نَحوه فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ١٧٢)، فَرَاجعه، وراجع بتأمل مَا كتبه عَلَيْهِ صَاحب الْجَوْهَر النقي.


 
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَالْمُرْتَدِّ «١»»
(وَفِيمَا أَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (إجَازَةً): أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ: أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٢»: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَإِنْ طائِفَتانِ-: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.- اقْتَتَلُوا: فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى: فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي، حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ «٣») الْآيَةُ: (٤٩- ٩) .»
«فَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى: [اقْتِتَالَ «٤»] الطَّائِفَتَيْنِ وَالطَّائِفَتَانِ الْمُمْتَنِعَتَانِ:
(١) قَالَ فى الْأُم (ج ١ ص ٢٢٨- ٢٢٩): «اخْتلف أَصْحَابنَا فى الْمُرْتَد: فَقَالَ مِنْهُم قَائِل: من ولد على الْفطْرَة، ثمَّ ارْتَدَّ إِلَى دين-: يظهره، أَولا يظهره.-:
لم يستتب، وَقتل. وَقَالَ بَعضهم: سَوَاء من ولد على الْفطْرَة، وَمن أسلم: لم يُولد عَلَيْهَا فَأَيّهمَا ارْتَدَّ-: فَكَانَت ردته إِلَى يَهُودِيَّة، أَو نَصْرَانِيَّة، أَو دين يظهره.-: استتيب فَإِن تَابَ: قبل مِنْهُ وَإِن لم يتب: قتل. وَإِن كَانَت ردته إِلَى دين لَا يظهره-: مثل الزندقة، وَمَا أشبههَا.-: قتل، وَلم ينظر إِلَى تَوْبَته. وَقَالَ بَعضهم: سَوَاء من ولد على الْفطْرَة، وَمن لم يُولد عَلَيْهَا: إِذا أسلم فَأَيّهمَا ارْتَدَّ: استتيب فَإِن تَابَ: قبل مِنْهُ وَإِن لم يتب: قتل. وَبِهَذَا أَقُول» . ثمَّ اسْتدلَّ على ذَلِك فَرَاجعه: فَإِنَّهُ مُفِيد فى بعض الأبحاث الْآتِيَة. وراجع كَلَامه قبل ذَلِك وَبعده (ص ٢٢٧ و٢٣١- ٢٣٤) . وراجع الْأُم (ج ٦ ص ١٤٨- ١٤٩ و١٥٥- ١٥٦) . ثمَّ رَاجع كَلَامه عَن أهل الرِّدَّة بعد النَّبِي: فى الْأُم (ج ٤ ص ١٣٤- ١٣٥)، والمختصر (ج ٥ ص ١٥٧- ١٥٨) . وراجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ١٧٥- ١٧٨) .
(٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ١٣٣- ١٣٤) .
(٣) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ١٧٢ و١٩٢) مَا روى فى سَبَب نزُول ذَلِك عَن أنس وَمَا روى عَن عَائِشَة وَابْن عمر: فَهُوَ مُفِيد فِيمَا سننقله عَن الشَّافِعِي فى الْقَدِيم.
(٤) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
 
الْجَمَاعَتَانِ: كُلُّ وَاحِدَةٍ تَمْتَنِعُ «١» وَسَمَّاهُمْ اللَّهُ ﷿: الْمُؤْمِنِينَ وَأَمَرَ:
بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ «٢» .»
«فَحَقَّ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ: دُعَاءُ «٣» الْمُؤْمِنِينَ-: إذَا افْتَرَقُوا، وَأَرَادُوا الْقِتَالَ.-: أَنْ لَا يُقَاتِلُوا، حَتَّى يُدْعَوْا إلَى الصُّلْحِ «٤» .»
«قَالَ: وَأَمَرَ اللَّهُ ﷿: بِقِتَالِ [الْفِئَةِ «٥»] الْبَاغِيَةِ-: وَهِيَ مُسَمَّاةٌ بِاسْمِ: الْإِيمَانِ «٦» .- حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ «٧» .»
«فَإِذَا «٨» فَاءَتْ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ قِتَالُهَا: لِأَنَّ اللَّهَ ﷿ إنَّمَا أَذِنَ فِي قِتَالِهَا: فِي مُدَّةِ الِامْتِنَاعِ-: بِالْبَغْيِ.- إلَى أَنْ تَفِيءَ.»
«وَالْفَيْءُ: الرَّجْعَةُ عَنْ الْقِتَالِ: بِالْهَزِيمَةِ، [أَ «٩»] والتَّوْبَةِ وَغَيْرِهَا.
(١) فى الْأُم زِيَادَة: «أَشد الِامْتِنَاع أَو أَضْعَف: إِذْ لَزِمَهَا اسْم الِامْتِنَاع.» . [.....]
(٢) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ١٧٢- و١٧٤)، وصحيح البُخَارِيّ بِهَامِش الْفَتْح (ج ١ ص ٦٥) .
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «من» . وَلَعَلَّه محرف، أَو لَعَلَّ فى الأَصْل سقطا. فَتَأمل.
(٤) فى الْأُم زِيَادَة: «وَبِذَلِك قلت: لَا يبيت أهل الْبَغي، قبل دُعَائِهِمْ. لِأَن على الإِمَام الدُّعَاء- كَمَا أَمر الله ﷿ قبل الْقِتَال» .
(٥) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٦) حكى الشَّافِعِي فى الْقَدِيم: أَن قوما أَنْكَرُوا قتال أهل الْبَغي وَزَعَمُوا: أَنهم أهل الْكفْر، وَلَيْسوا بِأَهْل الْإِسْلَام. ثمَّ ذكر دليلهم، ورد عَلَيْهِم. فراجع كَلَامه، وتعقيب الْبَيْهَقِيّ عَلَيْهِ: فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ١٨٨) . فَإِنَّهُ جيد وَلَوْلَا طوله لنقلناه.
(٧) قَالَ الشَّافِعِي فى الْقَدِيم (كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى: ص ١٨٧): «وَرغب رَسُول الله ﷺ فى قتال أهل الْبَغي» . وَانْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى مَا ذكره من السّنة.
(٨) فى الْأُم: «فَإِن» .
(٩) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
 
وَأَيُّ حَالٍ تَرَكَ بِهَا الْقِتَالَ: فَقَدْ فَاءَ «١» . وَالْفَيْءُ-: بِالرُّجُوعِ «٢» عَنْ الْقِتَالِ.-: الرُّجُوعُ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلَى طَاعَتِهِ، وَالْكَفُّ «٣» عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ ﷿ . وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ «٤» [الْهُذَلِيُّ]- يُعَيِّرُ نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ:
انْهَزَمُوا «٥» عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِهِ، فِي وَقْعَةٍ، فَقُتِلَ «٦» .-:
لَا يَنْسَأُ اللَّهُ مِنَّا، مَعْشَرًا: شَهِدُوا يَوْمَ الْأُمَيْلِحِ، لَا غَابُوا «٧»، وَلَا جَرَحُوا
(١) قَالَ فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٥٩) - بعد أَن ذكر نَحْو ذَلِك-: «وَحرم قِتَالهمْ:
لِأَنَّهُ أَمر أَن يُقَاتل وَإِنَّمَا يُقَاتل من يُقَاتل. فاذا لم يُقَاتل: حرم بِالْإِسْلَامِ أَن يُقَاتل. فَأَما من لم يُقَاتل فَإِنَّمَا يُقَال: اقْتُلُوهُ لَا: قَاتلُوهُ.» . وَقد ذكر نَحوه فى الام (ج ٤ ص ١٤٣) .
فَرَاجعه، وراجع كَلَامه عَن الْخَوَارِج وَمن فى حكمهم، وَالْحَال الَّتِي لَا يحل فِيهَا دِمَاء أهل الْبَغي-:
فى الْأُم (ج ٤ ص ١٣٦- ١٣٩، والمختصر (ج ٥ ص ١٥٩- ١٦٢) .
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «الرُّجُوع» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(٣) فى الْأُم: «فى الْكَفّ» . وَمَا فى الأَصْل أظهر.
(٤) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم. وَلم نعثر على الْبَيْتَيْنِ فى ديوانه المطبوع بِأول ديوَان الهذليين. ثمَّ عثرنا على أَولهمَا- فى اللِّسَان وَشرح الْقَامُوس (مَادَّة: ملح) -: مَنْسُوبا إِلَى المتنخل الْهُذلِيّ وعَلى ثَانِيهمَا- فيهمَا (مَادَّة: وضح) -: مَنْسُوبا إِلَى أَبى ذُؤَيْب. وعثرنا عَلَيْهِمَا مَعًا ضمن قصيدة للمتنخل: فى ديوانه المطبوع بالجزء الثَّانِي من ديوَان الهذليين (ص ٣١) .
فَلذَلِك، ولارتباط الْبَيْتَيْنِ فى الْمَعْنى. ولاضطراب الروَاة فى شعر الهذليين عَامَّة، وَلكَون الشَّافِعِي أحفظ النَّاس لشعرهم، وأصدقهم رِوَايَة لَهُ، وأوسعهم دراية بِهِ- نظن (إِن لم نتيقن): أَن الْبَيْتَيْنِ مَعَ سَائِر القصيدة، لأبى ذُؤَيْب.
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «المفرجوا»، وَلَعَلَّه محرف عَن: «انفرجوا»، بِمَعْنى: انكشفوا.
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «قتل»، وَلَعَلَّه محرف. [.....]
(٧) «قَالَ فى اللِّسَان: «يَقُول: لم يغيبوا-: فنكفى أَن يؤسروا أَو يقتلُوا.-
وَلَا جرحوا، أَي: وَلَا قَاتلُوا إِذْ كَانُوا مَعنا.» . وفى الأَصْل «عابوا» . وَهُوَ تَصْحِيف.
 
عَقُّوا «١» بِسَهْمٍ، فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِمْ أَحَدٌ ثُمَّ اسْتَفَاءُوا، فَقَالُوا: حَبَّذَا الْوَضَحُ.» «٢»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَمَرَ «٣» اللَّهُ ﵎ -: إِن «٤» فاؤا.-:
إنْ «٥» يُصْلِحَ بَيْنَهُمْ «٦» بِالْعَدْلِ وَلَمْ يَذْكُرْ تَبَاعَةً: فِي دَمٍ، وَلَا مَالٍ. وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ «٧» ﷿ الصُّلْحُ آخِرًا «٨»، كَمَا ذَكَرَ الْإِصْلَاحَ بَيْنَهُمْ أَوَّلًا: قَبْل الْإِذْنِ بِقِتَالِهِمْ.»
«فَأَشْبَهَ هَذَا (وَاَللَّهُ «٩» أَعْلَمُ): أَنْ تَكُونَ «١٠» التَّبَاعَاتُ «١١»: فِي الْجِرَاحِ وَالدِّمَاءِ، وَمَا فَاتَ «١٢» -. مِنْ الْأَمْوَالِ.- سَاقِطَةً بَيْنَهُمْ «١٣» .»
(١) كَذَا بِالْأُمِّ وَغَيرهَا. وَفِي الأَصْل: «عفوا»، وَهُوَ تَصْحِيف. وراجع- فى هَامِش ديوَان المتنخل- مَا نقل عَن خزانَة الْبَغْدَادِيّ (ج ٢ ص ١٣٧): مِمَّا يتَعَلَّق بالتعقبة الَّتِي هى: سهم الِاعْتِذَار.
(٢) قَالَ فى اللِّسَان: «أَي قَالُوا: اللَّبن أحب إِلَيْنَا من الْقود، فَأخْبر: أَنهم آثروا إبل الدِّيَة وَأَلْبَانهَا، على دم قَاتل صَاحبهمْ.» . وفى الأَصْل: «حبذا الوضح» وَهُوَ تَحْرِيف مخل بِالْوَزْنِ.
(٣) فى الْأُم: «وَأمر»، وَهُوَ أحسن. وَهَذَا إِلَى قَوْله: سَاقِطَة بَينهم، مَوْجُود بالمختصر (ج ٥ ص ١٥٦) بِاخْتِصَار يسير.
(٤) هَذَا وَمَا يَلِيهِ لَيْسَ بالمختصر.
(٥) فى الْمُخْتَصر: «بِأَن» .
(٦) فى الْأُم: «بَينهمَا»، وَلَا فرق من جِهَة الْمَعْنى.
(٧) هَذَا وَمَا يَلِيهِ لَيْسَ بالمختصر.
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ والمختصر. وفى الأَصْل: «آخر» وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(٩) هَذَا وَمَا يَلِيهِ لَيْسَ بالمختصر.
(١٠) كَذَا بِالْأُمِّ والمختصر، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «يكون»، وَلَعَلَّه محرف.
(١١) فى الْمُخْتَصر: «التَّبعَات» (جمع: تبعة) . وَالْمعْنَى وَاحِد.
(١٢) فى الْمُخْتَصر: «تلف»، وَالْمرَاد وَاحِد.
(١٣) رَاجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ١٧٤- ١٧٥) . [.....]
 
«وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُ اللَّهِ ﷿: (فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ): أَنْ يُصْلِحَ بَيْنَهُمْ: بِالْحُكْمِ-: إذَا كَانُوا قَدْ فَعَلُوا مَا فِيهِ حُكْمٌ.-:
فَيُعْطَى بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، مَا وَجَبَ لَهُ. لِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: (بِالْعَدْلِ) وَالْعَدْلُ: أَخْذُ الْحَقِّ لِبَعْضِ النَّاسِ [مِنْ بَعْضٍ «١»] .» . ثُمَّ اخْتَارَ الْأَوَّلَ، وَذَكَرَ حُجَّتَهُ «٢» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ ﵀، قَالَ «٣»: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ، قالُوا: نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ: إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ: إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) «٤» إلَى قَوْلِهِ: (فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ: ٦٣- ١- ٣) «٥» .»
(١) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٢) أنظر الْأُم (ص ١٣٤) . ثمَّ رَاجع الْخلاف فِيهِ وفى قتال أهل الْبَغي المنهزمين:
فى الْأُم (ج ٤ ص ١٤٢- ١٤٤)، والمختصر (ج ٥ ص ١٦٢- ١٦٥) .
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ١٤٥- ١٤٦) .
(٤) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ١٩٨): مَا روى عَن زيد بن أَرقم، فى سَبَب نزُول ذَلِك.
(٥) فى الْأُم بعد ذَلِك: «فَبين: أَن إِظْهَار الْإِيمَان مِمَّن لم يزل مُشْركًا حَتَّى أظهر الْإِيمَان، وَمِمَّنْ أظهر الْإِيمَان، ثمَّ أشرك بعد إِظْهَاره، ثمَّ أظهر الْإِيمَان-: مَانع لدم من أظهره فى أَي هذَيْن الْحَالين كَانَ، وَإِلَى أَي كفر صَار: كفر يسره، أَو كفر يظهره. وَذَلِكَ:
أَنه لم يكن لِلْمُنَافِقين، دين: يظْهر كظهور الدَّين الَّذِي لَهُ أعياد، وإتيان كنائس. إِنَّمَا كَانَ كفر جحد وتعطيل.» .
 
«فَبَيِّنٌ «١» فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿ «٢»: أَنَّ «٣» اللَّهَ أَخْبَرَ عَنْ الْمُنَافِقِينَ:
أَنَّهُمْ «٤» اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً يَعْنِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): مِنْ الْقَتْلِ.»
«ثُمَّ أَخْبَرَ بِالْوَجْهِ: الَّذِي اتَّخَذُوا بِهِ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَقَالَ: (ذلِكَ: بِأَنَّهُمْ آمَنُوا، ثُمَّ كَفَرُوا): بَعْدَ الْإِيمَانِ، كُفْرًا: إذَا سُئِلُوا عَنْهُ: أَنْكَرُوهُ، وَأَظْهَرُوا الْإِيمَانَ وَأَقَرُّوا بِهِ وَأَظْهَرُوا التَّوْبَةَ مِنْهُ: وَهُمْ مُقِيمُونَ- فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى- عَلَى الْكُفْرِ.»
«وَقَالَ «٥» جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ: ٩- ٧٤) فَأَخْبَرَ: بِكُفْرِهِمْ، وَجَحْدِهِمْ الْكُفْرَ، وَكَذِبِ سَرَائِرِهِمْ: بِجَحْدِهِمْ.»
«وَذَكَرَ كُفْرَهُمْ فِي غَيْرِ آيَةٍ، وَسَمَّاهُمْ: بِالنِّفَاقِ إذْ «٦» أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ: وَكَانُوا عَلَى غَيْرِهِ. قَالَ «٧»: (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ: مِنَ النَّارِ «٨» وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا: ٤- ١٤٥) .»
(١) عبارَة الْأُم: «وَذَلِكَ بَين»، وهى ملائمة لما قبلهَا مِمَّا نَقَلْنَاهُ.
(٢) فى الْأُم زِيَادَة: «ثمَّ فى سنة رَسُول الله» .
(٣) فى الْأُم: «بِأَن»، وَهُوَ- على مَا فى الْأُم- تَعْلِيل لقَوْله: «بَين» . فَتنبه.
(٤) فى الْأُم: «بِأَنَّهُم» .
(٥) فى الْأُم: «قَالَ الله» . وَالظَّاهِر: أَن زِيَادَة الْوَاو أولى. فَتَأمل.
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «إِذا»، وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «وَقَالَ» .
(٨) رَاجع فى فتح الْبَارِي (ج ٨ ص ١٨٤): مَا روى عَن ابْن عَبَّاس فى ذَلِك.
 
- «فَأَخْبَرَ اللَّهُ «١» ﷿ عَنْ الْمُنَافِقِينَ-: بِالْكُفْرِ وَحَكَمَ فِيهِمْ-: بِعِلْمِهِ: مِنْ أَسْرَارِ خَلْقِهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ.-: بِأَنَّهُمْ «٢» فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ: مِنْ النَّارِ وَأَنَّهُمْ كَاذِبُونَ: بِأَيْمَانِهِمْ. وَحَكَمَ فِيهِمْ [جَلَّ ثَنَاؤُهُ «٣»]- فِي الدُّنْيَا-: أَنَّ «٤» مَا أَظْهَرُوا: مِنْ الْإِيمَانِ-: وَإِنْ كَانُوا [بِهِ «٥»] كَاذِبِينَ.-: لَهُمْ جُنَّةٌ مِنْ الْقَتْلِ: وَهُمْ الْمُسِرُّونَ الْكُفْرَ، الْمُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ.»
«وَبَيَّنَ عَلَى لِسَانِ «٦» نَبِيِّهِ ﷺ: مِثْلَ مَا أَنْزَلَ «٧» اللَّهُ ﷿ فِي كِتَابِهِ.» . وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ «٨» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٩»: «وَأَخْبَرَ «١٠» اللَّهُ ﷿ عَنْ قَوْمٍ: مِنْ الْأَعْرَابِ
(١) لفظ الْجَلالَة غير مَوْجُود بِالْأُمِّ. [.....]
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «من» . وَالظَّاهِر أَنه تَحْرِيف من النَّاسِخ: ظنا مِنْهُ أَنه بَيَان لما.
(٣) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٤) عبارَة الْأُم: «بِأَن» وهى أحسن.
(٥) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٦) فِي الْأُم: «لِسَانه» .
(٧) عبارَة الْأُم: «أنزل فى كِتَابه» وهى أحسن
(٨) حَيْثُ قَالَ: «من أَن إِظْهَار القَوْل بِالْإِيمَان، جنَّة من الْقَتْل: أقرّ من شهد عَلَيْهِ، بِالْإِيمَان بعد الْكفْر، أَو لم يقر، إِذا اظهر الْإِيمَان: فإظهاره مَانع من الْقَتْل.» . ثمَّ ذكر من السّنة مَا يدل على ذَلِك. فَرَاجعه (ص ١٤٦- ١٤٧) . وراجع كَلَامه فى الْأُم (ج ١ ص ٢٢٩ وَج ٤ ص ٤١ وَج ٥ ص ١١٤ وَج ٧ ص ٧٤) . وراجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ١٩٦- ١٩٨) .
(٩) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ١٥٧) .
(١٠) قَالَ فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٦٨): «ثمَّ أطلع الله رَسُوله، على قوم: يظهرون الْإِسْلَام، ويسرون غَيره. وَلم يَجْعَل لَهُ: أَن يحكم عَلَيْهِم بِخِلَاف حكم الْإِسْلَام وَلم يَجْعَل لَهُ:
أَن يقْضى عَلَيْهِم فى الدُّنْيَا، بِخِلَاف مَا أظهرُوا. فَقَالَ لنَبيه ...» وَذكر الْآيَة الْآتِيَة، ثمَّ قَالَ- بِدُونِ عزو-: «(أسلمنَا) يعْنى: أسلمنَا بالْقَوْل بِالْإِيمَان، مَخَافَة الْقَتْل والسباء.» .
 
فَقَالَ: (قالَتِ الْأَعْرابُ: آمَنَّا قُلْ: لَمْ تُؤْمِنُوا، وَلكِنْ قُولُوا: أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ: ٤٩- ١٤) . فَأَعْلَمَ: أَنْ «١» لَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِهِمْ، وَأَنَّهُمْ أَظْهَرُوهُ «٢»، وَحَقَنَ بِهِ دِمَاءَهُمْ.» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٣»: «قَالَ مُجَاهِدٌ- فِي قَوْلِهِ: (أَسْلَمْنَا) .-: أَسْلَمْنَا «٤»:
مَخَافَةَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ «٥» .»
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٦»: «ثُمَّ أَخْبَرَ: أَنَّهُ يَجْزِيهِمْ: إنْ أَطَاعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَعْنِي: إنْ أَحْدَثُوا «٧» طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٨»: «وَالْأَعْرَابُ لَا يَدِينُونَ دِينًا: يَظْهَرُ بَلْ:
يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ، وَيَسْتَخْفُونَ: الشِّرْكَ وَالتَّعْطِيلَ. قَالَ اللَّهُ ﷿:
(يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ، وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ: وَهُوَ مَعَهُمْ: إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ: ٤- ١٠٦)
«٩» .» .
وَقَالَ «١٠» - فِي قَوْله تَعَالَى: (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ، أَبَدًا)
(١) فى الْأُم: «أَنه» .
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «أظهرُوا» وَلَعَلَّه محرف.
(٣) كَمَا فِي الْأُم (ج ٦ ص ١٥٧) .
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «استسلمنا وَهُوَ من التحريف الخطير الَّذِي امْتَلَأَ بِهِ الأَصْل.
(٥) فى الْأُم: «السباء» . وَالْمعْنَى وَاحِد، وَهُوَ: الْأسر. [.....]
(٦) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٦٨): عقب الْكَلَام الَّذِي نَقَلْنَاهُ.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «أحد نوى» وَهُوَ تَحْرِيف خطير.
(٨) كَمَا فِي الْأُم (ج ٦ ص ١٥٧) .
(٩) رَاجع مَا قَالَه بعد ذَلِك (ص ١٥٧- ١٥٨): لفائدته.
(١٠) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ١٥٨) . وَقد ورد الْكَلَام فِيهَا على صُورَة سُؤال وَجَوَاب.
وَقد ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ١٩٩) . وراجع فِيهَا مَا ورد فى سَبَب نزُول الْآيَة: فَهُوَ مُفِيد فى الْبَحْث.
 
(وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ»
: ٩- ٨٤) .-: «[فَأَمَّا أَمْرُهُ: أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ] «٢»: فَإِنَّ صَلَاتَهُ- بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي ﷺ: مُخَالِفَةٌ صَلَاةَ غَيْرِهِ وَأَرْجُو: أَنْ يَكُونَ قَضَى-: إذْ أَمَرَهُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ.-: أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَى أَحَدٍ إلَّا غَفَرَ لَهُ وَقَضَى: أَنْ لَا يَغْفِرَ لِمُقِيمٍ «٣» عَلَى شِرْكٍ «٤» . فَنَهَاهُ: عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ لَا يَغْفِرَ لَهُ.» .
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «٥»: «وَلَمْ يَمْنَعْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ - مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ-: مُسْلِمًا وَلَمْ يَقْتُلْ مِنْهُمْ- بَعْدَ هَذَا- أَحَدًا «٦» .» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٧» - فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ-: «[وَقَدْ قِيلَ- فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿ «٨»]: (وَاللَّهُ يَشْهَدُ «٩»: إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ: ٦٣- ١) .-:
مَا هُمْ بِمُخْلِصِينَ.» .
(١) فى الْأُم بعد ذَلِك: «إِنَّهُم كفرُوا بِاللَّه، إِلَى قَوْله: وهم كافرون.» .
(٢) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٣) فى الْأُم: «للمقيم» .
(٤) حَيْثُ قَالَ سُبْحَانَهُ: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً: فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ: ٩- ٨٠) . انْظُر الْأُم (ج ١ ص ٢٢٩- ٢٣٠) . وراجع مَا يتَعَلَّق بِهَذَا: فى السّنَن الْكُبْرَى، وَالْفَتْح (ج ٨ ص ٢٣١- ٢٣٥) .
(٥) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ١٥٨) .
(٦) رَاجع مَا ذكره بعد ذَلِك، وَمَا نَقله عَن الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَغَيرهم: من أَنهم لم يمنعوا أحدا من الصَّلَاة عَلَيْهِم، وَلم يقتلُوا أحدا مِنْهُم. وراجع الْأُم (ج ١ ص ٢٣٠) . وَالسّنَن الْكُبْرَى
(٧) كَمَا فى الْأُم (ج ١ ص ٢٢٩) .
(٨) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٩) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «يعلم» وَهُوَ من عَبث النَّاسِخ. [.....]
 
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «١» «قَالَ اللَّهُ ﷿: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ، إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ «٢»: وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ: مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا: [فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ «٣»]: ١٦- ١٠٦) .»
«فَلَوْ «٤» أَنَّ رَجُلًا أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَأُكْرِهَ «٥» عَلَى الْكُفْرِ-: لَمْ تَبِنْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ، وَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ: مِنْ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ «٦»» «قَدْ «٧» أُكْرِهَ بَعْضُ مَنْ أَسْلَمَ «٨» - فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ:
عَلَى الْكُفْرِ، فَقَالَهُ ثُمَّ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَذَكَرَ لَهُ مَا عُذِّبَ بِهِ: فَنَزَلَتْ «٩» هَذِهِ الْآيَةُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ ﷺ بِاجْتِنَابِ زَوْجَتِهِ، وَلَا بِشَيْءٍ: مِمَّا عَلَى الْمُرْتَدِّ «١٠» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ،
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ١٥٢) .
(٢) رَاجع فى الْفَتْح (ج ١٢ ص ٢٥٤- ٢٥٥): كَلَام ابْن حجر عَن حَقِيقَة الْإِكْرَاه مُطلقًا، وشروطه، وَالْخلاف فى الْمُكْره. فَهُوَ نَفِيس مُفِيد. ثمَّ رَاجع الْأُم (ج ٢ ص ٢١٠ وَج ٧ ص ٦٩) .
(٣) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٤) فى الْأُم: «وَلَو» . وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(٥) فى الْأُم: «فأكرهه» .
وَلَا فرق فى الْمَعْنى.
(٦) انْظُر الْأُم (ج ٣ ص ٢٠٩)، وَمَا سبق (ص ٢٢٤): فَهُوَ مُفِيد أَيْضا فِيمَا سيأتى قَرِيبا.
(٧) هَذَا تَعْلِيل لما تقدم وَلَو قرن بِالْفَاءِ لَكَانَ أظهر.
(٨) كعمار بن يَاسر. انْظُر حَدِيثه فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢٠٨- ٢٠٩)، وَالْفَتْح (ج ١٢ ص ٢٥٥) .
(٩) عبارَة الْأُم «فَنزل فِيهِ هَذَا» .
(١٠) رَاجع كَلَامه بعد ذَلِك لفائدته.
 
قَالَ «١»: «وَأَبَانَ اللَّهُ ﷿ لِخَلْقِهِ: أَنَّهُ تَوَلَّى الْحُكْمَ-: فِيمَا أَثَابَهُمْ، وَعَاقَبَهُمْ عَلَيْهِ.-: عَلَى مَا عَلِمَ: مِنْ سَرَائِرِهِمْ: وَافَقَتْ سَرَائِرُهُمْ عَلَانِيَتَهُمْ، أَوْ خَالَفَتْهَا. فَإِنَّمَا «٢» جَزَاهُمْ بِالسَّرَائِرِ: فَأَحْبَطَ عَمَلَ [كُلِّ «٣»] مَنْ كَفَرَ بِهِ.»
«ثُمَّ قَالَ ﵎ فِيمَنْ فُتِنَ عَنْ دِينِهِ: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ: وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) فَطَرَحَ عَنْهُمْ حُبُوطَ أَعْمَالِهِمْ، وَالْمَأْثَمَ «٤» بِالْكُفْرِ:
إذَا كَانُوا مُكْرَهِينَ وَقُلُوبُهُمْ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ «٥»: بِالْإِيمَانٍ وَخِلَافِ الْكُفْرِ «٦» .»
«وَأَمَرَ بِقِتَالِ الْكَافِرِينَ: حَتَّى يُؤْمِنُوا وَأَبَانَ ذَلِكَ [جَلَّ وَعَزَّ «٧»:] حَتَّى «٨» يُظْهِرُوا الْإِيمَانَ. ثُمَّ أَوْجَبَ لِلْمُنَافِقَيْنِ-: إذَا أَسَرُّوا الْكُفْرَ. «٩» -: نَارَ جَهَنَّمَ فَقَالَ: (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ: ٤- ١٤٥) .»
«وَقَالَ تَعَالَى: (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ، قالُوا: نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ) إلَى قَوْله تَعَالَى: (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً: ٦٣- ١- ٢) يَعْنِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ):
مِنْ الْقَتْلِ «١٠» .»
(١) كَمَا فى كتاب: (إبِْطَال الِاسْتِحْسَان)، الملحق بِالْأُمِّ (ج ٧ ص ٢٦٧- ٢٦٨) .
وَهُوَ من الْكتب الجديرة بالعناية والنشر.
(٢) فى الْأُم «إِنَّمَا» .
(٣) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «والمآثم» . [.....]
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ وَفِي الأَصْل «الاطمانينة»، وَهُوَ تَحْرِيف.
(٦) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢٠٩): مَا روى عَن ابْن عَبَّاس فى ذَلِك.
وراجع كَلَام ابْن حجر فى الْفَتْح (ج ١٢ ص ٢٥٥) .
(٧) زِيَادَة حَسَنَة عَن الْأُم.
(٨) هَذَا بَيَان للمعنى المُرَاد من قَوْله: «حَتَّى يؤمنو» .
(٩) فى الْأُم «إِذا» . وَمَا فى الأَصْل هُوَ الظَّاهِر.
(١٠) رَاجع مَا تقدم (ص ٢٩٥- ٢٩٦) .
 
«فَمَنَعَهُمْ مِنْ الْقَتْلِ، وَلَمْ يُزِلْ عَنْهُمْ- فِي الدُّنْيَا- أَحْكَامَ الْإِيمَانِ: بِمَا أَظْهَرُوا مِنْهُ. وَأَوْجَبَ لَهُمْ الدَّرْكَ الْأَسْفَلَ: مِنْ النَّارِ بِعِلْمِهِ: بِسَرَائِرِهِمْ، وَخِلَافِهَا: لِعَلَانِيَتِهِمْ بِالْإِيمَانِ.»
«وَأَعْلَمَ «١» عِبَادَهُ- مَعَ مَا أَقَامَ عَلَيْهِمْ: [مِنْ «٢»] الْحُجَّةِ: بِأَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ أَحَدٌ فِي شَيْءٍ.-: أَنَّ عِلْمَهُ: بِالسَّرَائِرِ «٣» وَالْعَلَانِيَةِ وَاحِدٌ. فَقَالَ:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ: وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ، وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ: ٥٠- ١٦) وَقَالَ ﷿: (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ، وَما تُخْفِي الصُّدُورُ: ٤٠- ١٩) مَعَ آيَاتٍ أُخَرَ: مِنْ الْكِتَابِ.»
«قَالَ: وَعَرَّفَ «٤» جَمِيعَ خَلْقِهِ- فِي كِتَابِهِ-: أَنْ لَا عِلْمَ لَهُمْ «٥»، لَا مَا عَلَّمَهُمْ. فَقَالَ: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ: لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا: ١٦- ٧٨) .» وَقَالَ: (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ-: مِنْ عِلْمِهِ.- إِلَّا بِما شاءَ: ٢٤- ٢٥٥) .»
«ثُمَّ عَلَّمَهُمْ بِمَا آتَاهُمْ: مِنْ الْعِلْمِ وَأَمَرَهُمْ: بِالِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ، [وَأَنْ إلَّا يَتَوَلَّوْا غَيْرَهُ إلَّا: بِمَا عَلَّمَهُمْ «٦»] فَقَالَ «٧» لِنَبِيِّهِ ﷺ:
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنا: مَا كُنْتَ تَدْرِي: مَا الْكِتابُ؟)
(١) فى الْأُم. «فَأعْلم»: وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(٢) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٣) فِي الْأُم «بالسر» .
(٤) فى الْأُم «فَعرف» . وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(٥) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(٦) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٧) فى الْأُم: «وَقَالَ» . وَمَا فِي الأَصْل أظهر.
 
(وَلَا الْإِيمانُ؟) الْآيَةُ «١»: (٤٢- ٥٢) وَقَالَ تَعَالَى «٢»: (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ: إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَدًا «٣» إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ: ١٨- ٢٣- ٢٤) «٤» وَقَالَ ﷿ «٥»: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ: ١٧- ٣٦) .» .
وَذَكَرَ سَائِرَ الْآيَاتِ: الَّتِي وَرَدَتْ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ «٦» وَأَنَّهُ «حَجَبَ «٧» عَنْ نَبِيِّهِ ﷺ عِلْمَ السَّاعَةِ» . [ثُمَّ قَالَ «٨»]:
«فَكَانَ «٩» مَنْ جَاوَزَ «١٠» مَلَائِكَةَ اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنْبِيَاءَهُ «١١» الْمُصْطَفَيْنَ-: مِنْ عِبَادِ اللَّهِ.-: أَقْصَرَ عِلْمًا «١٢»، وَأَوْلَى: أَنْ لَا يَتَعَاطَوْا حُكْمًا
(١) فى الْأُم زِيَادَة: «لنَبيه» . [.....]
(٢) انْظُر مَا تقدم (ص ٣٧) .
(٣) فى الْأُم زِيَادَة: «وَقَالَ لنَبيه: (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ... ٤٦- ٩) ثمَّ أنزل على نبيه: أَن قد غفر لَهُ ... فَعلم مَا يفعل بِهِ» إِلَى آخر مَا تقدم (ص ٣٧- ٣٨) مَعَ اخْتِلَاف أَو خطأ فِيهِ بِسَبَب عدم تمكننا.- بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَإِلَى كثير غَيره- من بَحثه وتأمله، وَالرُّجُوع إِلَى مصدره.
(٤) وهى قَوْله تَعَالَى: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ، إِلَّا اللَّهُ: ٢٧- ٦٥) وَقَوله: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحامِ) الْآيَة: (٣١- ٣٤) . وَقَوله: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) إِلَى (مُنْتَهاها: ٧٩- ٤٢- ٤٤) .
(٥) فى الْأُم: «فحجب» . وَقد ذكر عقب الْآيَات السَّابِقَة.
(٦) وهى قَوْله تَعَالَى: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ، إِلَّا اللَّهُ: ٢٧- ٦٥) وَقَوله: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحامِ) الْآيَة: (٣١- ٣٤) . وَقَوله: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) إِلَى (مُنْتَهاها: ٧٩- ٤٢- ٤٤) .
(٧) زِيَادَة لَا بَأْس بهَا.
(٨) فى الْأُم: «فحجب» . وَقد ذكر عقب الْآيَات السَّابِقَة.
(٩) فى الْأُم: «وَكَانَ» . وَهُوَ مُنَاسِب لقَوْله: «فحجب» .
(١٠) فى الْأُم: «جاور» . وَهُوَ تَصْحِيف من النَّاسِخ أَو الطابع.
(١١) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «وأنبيائه» . وَهُوَ خطأ وتصحيف.
(١٢) فى الْأُم زِيَادَة: «من مَلَائكَته وأنبيائه: لِأَن الله ﷿ فرض على خلقه طَاعَة نبيه وَلم يَجْعَل لَهُم بعد من الْأَمر شَيْئا.» .
 
عَلَى غَيْبِ أَحَدٍ-: [لَا «١»] بِدَلَالَةٍ، وَلَا ظَنٍّ.-: لِتَقْصِيرِ «٢» عِلْمِهِمْ عَنْ عِلْمِ أَنْبِيَائِهِ: الَّذِينَ فَرَضَ «٣» عَلَيْهِمْ الْوَقْفَ عَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُهُ «٤» .» . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا «٥» .
(١) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «لِيقصرَ» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٣) فى الْأُم زِيَادَة: «الله تَعَالَى» . [.....]
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «أَمر» وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(٥) فَرَاجعه (ص ٢٦٨): فبعضه قد تقدم ذكره، وَبَعضه لَا يُوجد فى غَيره ويفيد فى بعض الأبحاث الْآتِيَة. ثمَّ رَاجع كَلَامه: فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٣٠٦- ٣٠٧) وَالأُم (ج ١ ص ٢٣٠ وَج ٤ ص ٤١ وَج ٥ ص ١١٤ وَج ٧ ص ٩ ر ٧٤) .


 
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي الْحُدُودِ» «١»
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٢»: «قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ: مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ «٣»، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا «٤» وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ: فَآذُوهُما فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحا: فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّابًا رَحِيمًا: ٤- ١٥- ١٦) .»
(١) رَاجع فى فتح الْبَارِي (ج ١٢ ص ٤٥): الْكَلَام عَمَّا يجب الْحَد بِهِ.
(٢) كَمَا فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٢٥٠) . وَقد ذكر باخْتلَاف: فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢١٠)، والرسالة (ص ١٢٨- ١٢٩ و٢٤٥- ٢٤٦) . وَقَالَ فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٢٤٩): «كَانَت الْعُقُوبَات فى الْمعاصِي: قبل أَن ينزل الْحَد ثمَّ نزلت الْحُدُود، وَنسخت الْعُقُوبَات فِيمَا فِيهِ الْحُدُود» ثمَّ ذكر حَدِيث النُّعْمَان بن مرّة: «أَن رَسُول الله قَالَ: مَا تَقولُونَ فى الشَّارِب وَالسَّارِق وَالزَّانِي؟ - وَذَلِكَ قبل أَن تنزل الْحُدُود- فَقَالُوا:
الله وَرَسُوله أعلم. فَقَالَ رَسُول الله: هن فواحش، وفيهن عقوبات وأسوأ السّرقَة:
الَّذِي يسرق صلَاته.» . ثمَّ سَاق الحَدِيث (فَرَاجعه فى السّنَن الْكُبْرَى: ج ٨ ص ٢٠٩- ٢١٠) وَقَالَ: «وَمثل معنى هَذَا فى كتاب الله» . ثمَّ ذكر الْآتِي هُنَا.
(٣) فى اخْتِلَاف الحَدِيث، بعد ذَلِك: «الى آخر الْآيَة» .
(٤) انْظُر كَلَامه فى الْأُم (ج ٥ ص ١٧٩) .
 
«قَالَ: فَكَانَ «١» هَذَا أَوَّلَ عُقُوبَةِ «٢» الزَّانِيَيْنِ «٣» فِي الدُّنْيَا «٤» ثُمَّ «٥» نُسِخَ هَذَا عَنْ الزُّنَاةِ كُلِّهِمْ: الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَالْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ. فَحَدَّ اللَّهُ الْبِكْرَيْنِ: الْحُرَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ فَقَالَ: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي «٦»: فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ: ٢٤- ٢) .» «٧» .
وَاحْتَجَّ «٨»: بِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ: (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا) .- قَالَ: «كَانُوا يُمْسِكُوهُنَّ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْحُدُودِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: خُذُوا عَنِّي «٩»
(١) هَذَا إِلَى قَوْله: الدُّنْيَا غير مَوْجُود بالرسالة (ص ١٢٩) . وَعبارَته فِيهَا (ص ٢٤٦) هى: «فَكَانَ حد الزَّانِيَيْنِ بِهَذِهِ الْآيَة: الْحَبْس والأذى: حَتَّى أنزل الله على رَسُوله حد الزِّنَا» . ثمَّ ذكر آيتي النُّور وَالنِّسَاء الآتيتين ثمَّ قَالَ: «فنسخ الْحَبْس عَن الزناة، وَثَبت عَلَيْهِم الْحُدُود» .
(٢) فى اخْتِلَاف الحَدِيث: «الْعقُوبَة للزانيين» .
(٣) فى الأَصْل: «الزانين» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٤) فى السّنَن الْكُبْرَى زِيَادَة مبينَة، وهى: «الْحَبْس والأذى» .
(٥) عبارَة الرسَالَة (ص ١٢٩) وَالسّنَن الْكُبْرَى، هى: «ثمَّ نسخ الله الْحَبْس والأذى فى كِتَابه، فَقَالَ» . وراجع فى السّنَن، مَا روى فى ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَالْحسن: فَهُوَ مُفِيد.
(٦) يحسن أَن تراجع فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ١٤ و٤٦ و٥٠)، وجماع الْعلم (ص ٥٧- ٥٨ و١٢٠): مَا يتَعَلَّق بذلك لفائدته.
(٧) فى الرسَالَة (ص ١٢٩)، بعد ذَلِك: «فدلت السّنة على أَن جلد الْمِائَة للزانيين البكرين» ثمَّ ذكر حَدِيث عبَادَة.
(٨) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٧٦) . وَانْظُر اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٢٥٢) . [.....]
(٩) وَردت هَذِه الْجُمْلَة مكررة للتَّأْكِيد: فِي رِوَايَة الْأُم (ج ٦ ص ١١٩) والرسالة (ص ١٢٩ و٢٤٧) .
 
قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا: الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ: جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ «١» سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ: جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ.» .
وَاحْتَجَّ «٢» -: فِي إثْبَاتِ الرَّجْمِ عَلَى الثَّيِّبِ، وَنَسْخِ الْجَلْدِ عَنْهُ «٣» .-:
بِحَدِيثِ عُمَرَ ﵁ فِي الرَّجْمِ «٤» وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ ابْن خَالِدٍ [الْجُهَنِيِّ «٥»]: «أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ: أَنَّ ابْنَهُ زَنَى بِامْرَأَةِ رَجُلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ. فَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً، وَغَرَّبَهُ عَامًا وَأَمَرَ أُنَيْسًا: أَنْ يَغْدُوَ عَلَى امْرَأَةِ الْآخَرِ «فَإِنْ اعْتَرَفَتْ: فَارْجُمْهَا «٦»» . فَاعْتَرَفَتْ: فَرَجَمَهَا «٧» .» .
(١) رِوَايَة الرسَالَة: «وتغريب عَام» . وراجع هَذَا الحَدِيث وَمَا جَاءَ فى نفى الْبكر:
فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢١٠ و٢٢١- ٢٢٣)، وَالْفَتْح (ج ١٢ ص ١٢٧- ١٢٩) . ثمَّ رَاجع مناقشة الشَّافِعِي الْقيمَة- مَعَ من خَالفه فى مسئلة النَّفْي-: فى الْأُم (ج ٦ ص ١١٩- ١٢٠) .
(٢) كَمَا فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٢٥٠- ٢٥١) . وَانْظُر الْأُم (ج ٦ ص ١٤٢- ١٤٣) .
(٣) رَاجع الْخلاف فى ذَلِك: فى الْفَتْح (ج ١٢ ص ٩٧) فَهُوَ مُفِيد فِيمَا سيأتى.
(٤) رَاجع هَذَا الحَدِيث: فى الْفَتْح (ج ١٢ ص ١١٦- ١٢٧) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢١١- ٢١٣ و٢٢٠) . وراجع فِيهَا (ص ٢١١) مَا روى عَن ابْن عَبَّاس:
مِمَّا يدل على أَن حد الثّيّب الرَّجْم فَقَط.
(٥) الزِّيَادَة عَن رِوَايَة الْأُم (ج ٦ ص ١١٩) . وراجع هَذَا الحَدِيث: فى الرسَالَة (ص ٢٤٩)، وَالْفَتْح (ج ١٢ ص ١١١- ١١٦)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢١٢- ٢١٤ و٢١٩ و٢٢٢) .
(٦) هَذَا اقتباس من كَلَام النَّبِي الموجه إِلَى أنيس. وَعبارَة الشَّافِعِي فى الْأُم (ج ٦ ص ١١٩)، والرسالة (ص ١٣٢) هى: «فَإِن اعْترفت رَجمهَا» .
(٧) قَالَ الشَّافِعِي فِي الْأُم (ج ٦ ص ١١٩) - بعد أَن ذكر هَذَا الحَدِيث-. «وَبِهَذَا قُلْنَا وَفِيه الْحجَّة: فى أَن يرْجم من اعْترف مرّة: إِذا ثَبت عَلَيْهَا.» ثمَّ رد على من زعم:
أَنه لَا يرْجم إِلَّا من اعْترف أَرْبعا وَمن زعم: أَن الرَّجْم لَا بُد أَن يبْدَأ بِهِ الإِمَام، ثمَّ النَّاس. فَرَاجعه (ص ١١٩- ١٢١)، وراجع الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٦٦) . وراجع فى ذَلِك كُله السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢١٩- ٢٢٠ و٢٢٤- ٢٢٨)، وَمَا ذكره صَاحب الْجَوْهَر النقي (ص ٢٢٦- ٢٢٨) . وراجع الْفَتْح (ج ١٢ ص ١٣٠ و١٥١) .
 
قَالَ الشَّافِعِيُّ «١»: «كَانَ ابْنُهُ بِكْرًا وَامْرَأَةُ الْآخَرِ: ثَيِّبًا. فَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ - عَنْ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ-: حَدَّ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ فِي الزِّنَا فَدَلَّ ذَلِكَ: عَلَى مِثْلِ مَا قَالَ [عُمَرُ «٢»]: مِنْ حَدِّ الثَّيِّبِ فِي الزِّنَا.» .
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ «٣» (بِهَذَا الْإِسْنَادِ): «فَثَبَتَ «٤» جَلْدُ مِائَةٍ «٥» وَالنَّفْيُ: على البكرين الزانييين وَالرَّجْمُ: على الثّيّبين الزانييين.»
«فَإِنْ «٦» كَانَا مِمَّنْ أُرِيدَا «٧» بِالْجَلَدِ: فَقَدْ نُسِخَ عَنْهُمَا الْجَلَدُ «٨» مَعَ الرَّجْمِ.»
(١) كَمَا فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٢٥١) .
(٢) الزِّيَادَة عَن اخْتِلَاف الحَدِيث. أَي: من الِاقْتِصَار على الرَّجْم.
(٣) من الرسَالَة (ص ٢٥٠) .
(٤) كَذَا بالرسالة. وفى الأَصْل: «فثيب» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٥) فى بعض نسخ الرسَالَة: «الْمِائَة» .
(٦) فى الرسَالَة: «وَإِن» . وَمَا فى الأَصْل أحسن. [.....]
(٧) فى بعض نسخ الرسَالَة: «أُرِيد» . وَكِلَاهُمَا صَحِيح كَمَا لَا يخفى.
(٨) أَي: الَّذِي ذكر مصاحبا للرجم فى حَدِيث عبَادَة. وراجع كَلَامه عَن هَذَا الْبَحْث، وإجابته عَن ظَاهر هَذَا الحَدِيث-: فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٢٥٢- ٢٥٣)، وَالأُم (ج ٦ ص ١١٩ وَج ٧ ص ٧٦)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢١٢)، والرسالة- (ص ١٣١- ١٣٢ و٢٤٧- ٢٥٠) .-: ليتبين لَك مَا هُنَا.
 
«وَإِنْ لَمْ يَكُونَا أُرِيدَا «١» بِالْجَلَدِ، وَأُرِيدَ بِهِ الْبِكْرَانِ «٢» -: فَهُمَا مُخَالِفَانِ لِلثَّيِّبَيْنِ وَرَجْمُ الثَّيِّبَيْنِ- بَعْدَ آيَةِ الْجَلْدِ-: [بِمَا «٣»] رَوَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ اللَّهِ ﷿ . وَهَذَا: أَشْبَهُ «٤» مَعَانِيهِ، وَأَوْلَاهَا بِهِ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ ﵀، قَالَ «٥»: «قَالَ اللَّهُ ﵎ فِي الْمَمْلُوكَاتِ «٦»: (فَإِذا أُحْصِنَّ، فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ: فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَناتِ: مِنَ الْعَذابِ: ٤- ٢٥) «٧» .»
(١) فى بعض نسخ الرسَالَة: «أُرِيد» . وَهُوَ خطأ وتحريف أَو يكون قد سقط لفظ: «مِمَّن» .
(٢) فَيكون لفظ الْآيَة: عَاما أُرِيد بِهِ الْخُصُوص على هَذَا الِاحْتِمَال دون الِاحْتِمَال الأول.
(٣) زِيَادَة متعينة، عَن الرسَالَة. أَي: ثَبت بذلك.
(٤) كَذَا بالرسالة. وفى الأَصْل: «شبه» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٥) كَمَا فى الرسَالَة (ص ١٣٣) . وَقد ذكر مُخْتَصرا فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٢٥١- ٢٥٢) .
(٦) فى بعض نسخ الرسَالَة: «المملوكين» وَهُوَ تَحْرِيف. وفى اخْتِلَاف الحَدِيث «الْإِمَاء» .
(٧) قَالَ فى اخْتِلَاف الحَدِيث: «فعقلنا عَن الله: أَن على الْإِمَاء ضرب خمسين، لِأَنَّهُ لَا يكون النّصْف إِلَّا لما يتَجَزَّأ. فَأَما الرَّجْم فَلَا نصف لَهُ: لِأَن المرجوم قد يَمُوت بِأول حجر، وَقد لَا يَمُوت إِلَّا بعد كثير من الْحِجَارَة» .
 
«قَالَ: وَالنِّصْفُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي «١» الْجَلْدِ: الَّذِي يَتَبَعَّضُ. فَأَمَّا الرَّجْمُ-: الَّذِي هُوَ «٢»: قَتْلٌ.-: فَلَا نِصْفَ لَهُ «٣» .» .
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ، إلَى أَنْ قَالَ «٤»: «وَإِحْصَانُ الْأَمَةِ: إسْلَامُهَا. وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا، اسْتِدْلَالًا: بِالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.»
«وَلِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا: فَلِيَجْلِدْهَا «٥» .» - وَلَمْ يَقُلْ «٦»: مُحْصَنَةً كَانَتْ، أَوْ غَيْرُ مُحْصَنَةٍ.-: اسْتَدْلَلْنَا «٧»: عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ ﷿ فِي الْإِمَاءِ: (فَإِذا)
(١) فى الرسَالَة: «من» . وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
(٢) أَي: نهايته الْقَتْل. وفى بعض نسخ الرسَالَة: «فِيهِ» أَي: فى نهايته الْقَتْل، كَمَا أَن فى بدايته الْعَذَاب والألم. وَهُوَ أنسب للتَّعْلِيل الَّذِي سننقل بعضه. وَإِذن: فَلَيْسَ بخطأ كَمَا زعم الشَّيْخ شَاكر.
(٣) قَالَ فى الرسَالَة، بعد ذَلِك: «لِأَن المرجوم قد يَمُوت فى أول حجر يرْمى بِهِ: فَلَا يُزَاد عَلَيْهِ ويرمى بِأَلف وَأكْثر: فيزاد عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوت. فَلَا يكون لهَذَا نصف مَحْدُود أبدا» إِلَخ.
فَرَاجعه (ص ١٣٤) . وراجع كَلَامه عَن هَذَا فى الرسَالَة (ص ٢٧٦- ٢٧٧): فَهُوَ يزِيد مَا هُنَا وضوحا.
(٤) ص ١٣٥- ١٣٦.
(٥) رَاجع فى الْأُم (ج ٦ ص ١٢١- ١٢٢): هَذَا الحَدِيث، ورد الشَّافِعِي على من خَالفه: فى كَون الرجل يحد أمته. فَهُوَ مُفِيد فى بعض المباحث السَّابِقَة. [.....]
(٦) كَذَا بالرسالة. وفى الأَصْل: «تقتل» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٧) فى بعض نسخ الرسَالَة، زِيَادَة: «على أَن الْإِحْصَان هَاهُنَا: الْإِسْلَام، دون النِّكَاح وَالْحريَّة والتحصين» . وهى زِيَادَة حَسَنَة: إِذا زيدت بعْدهَا وَاو. وَلَعَلَّ الْوَاو سَقَطت من النَّاسِخ.
 
(أُحْصِنَّ): إذَا أَسْلَمْنَ- لَا: إذَا نُكِحْنَ فَأُصِبْنَ بِالنِّكَاحِ «١» وَلَا: إذَا أُعْتِقْنَ.-: وَ[إنْ «٢»] لَمْ يُصَبْنَ.» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٣»: «وَجِمَاعُ الْإِحْصَانِ: أَنْ يَكُونَ دُونَ الْمُحْصَنِ «٤» مَانِعٌ مِنْ تَنَاوُلِ الْمُحَرَّمِ. وَالْإِسْلَامُ «٥» مَانِعٌ وَكَذَلِكَ: الْحُرِّيَّةُ مَانِعَةٌ وَكَذَلِكَ: الزَّوْجِيَّةُ «٦»، وَالْإِصَابَةُ مَانِعٌ وَكَذَلِكَ: الْحَبْسُ فِي الْبُيُوتِ مَانِعٌ «٧» وَكُلُّ مَا مَنَعَ: أَحْصَنَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ: لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ: ٢١- ٨٠) وَقَالَ ﷿:
(لَا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا، إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ: ٥٩- ١٤) أَيْ «٨»:
مَمْنُوعَةٍ.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَآخِرُ الْكَلَامِ وَأَوَّلُهُ، يَدُلَّانِ: عَلَى أَنَّ مَعْنَى
(١) كَذَا بالرسالة. وفى الأَصْل: «النِّكَاح» وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(٢) زِيَادَة متعينة، عَن الرسَالَة. وَهَذَا مُتَعَلق بقوله: أسلمن أَي: أَن إِحْصَان الْإِمَاء يتَحَقَّق بإسلامهن، وَلَا يتَوَقَّف على إصابتهن. فَتنبه. وَهَذَا قَول الشَّافِعِي الْمُعْتَمد وسيأتى قَوْله الآخر فِيمَا رَوَاهُ يُونُس عَنهُ.
(٣) كَمَا فى الرسَالَة (ص ١٣٦- ١٣٧) . وعبارتها هى: «فَإِن قَالَ قَائِل: أَرَاك توقع الْإِحْصَان على معَان مُخْتَلفَة. قيل: نعم، جماع الْإِحْصَان» الى آخر مَا هُنَا.
(٤) فى الرسَالَة: «التحصين» . وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(٥) عبارَة الرسَالَة: «فالإسلام» . وهى أحسن وَأظْهر.
(٦) فى الرسَالَة: «الزَّوْج» . وَمَا فى الأَصْل أنسب.
(٧) قد تعرض لهَذَا فى الْأُم (ج ٥ ص ١٣٤) بأوضح من ذَلِك: فَرَاجعه.
(٨) فى الرسَالَة: «يعْنى» .
 
الْإِحْصَانِ الْمَذْكُورِ: عَامٌّ «١» فِي مَوْضِعٍ دُونَ غَيْرِهِ إِذْ «٢» الْإِحْصَان هَاهُنَا:
الْإِسْلَامُ دُونَ: النِّكَاحِ، وَالْحُرِّيَّةِ، وَالتَّحَصُّنِ «٣»: بِالْحَبْسِ وَالْعَفَافِ.
وَهَذِهِ الْأَسْمَاءُ: الَّتِي يَجْمَعُهَا اسْمُ الْإِحْصَانِ «٤» .» .
(١) كَذَا بالرسالة (طبع بولاق) . وَهُوَ الصَّحِيح الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «عَامَّة» .
وَهُوَ محرف عَمَّا أثبتنا. وفى نُسْخَة الرّبيع وَغَيرهَا: «عَاما» وَهُوَ خطأ وتحريف كَمَا سنبين.
(٢) كَذَا بالرسالة (طبع بولاق) ونسخة ابْن جمَاعَة. وفى بعض النّسخ: «لِأَن» .
وَكِلَاهُمَا صَحِيح. وفى الأَصْل كلمة مترددة بَين: «إِن» و«إِذْ» . وفى نُسْخَة الرّبيع:
«أَن» وَهُوَ خطأ وتحريف. فَلَيْسَ مُرَاد الشَّافِعِي أَن يَقُول (كَمَا زعم الشَّيْخ شَاكر):
«إِن آخر الْكَلَام وأوله يدلان: على أَن معنى الْإِحْصَان- الَّذِي ذكر عَاما فى مَوضِع، وخاصا فى آخر- يُرَاد بِهِ الْإِسْلَام، وَأَنه المُرَاد بالإحصان هُنَا دون غَيره.» . فَهَذَا- على تَسْلِيم صِحَة الْإِخْبَار وَالْحمل، وبصرف النّظر عَن التَّكَلُّف المرتكب- غير مُسلم: إِذْ كَون الْإِحْصَان يُرَاد بِهِ الْإِسْلَام، وَأَنه المُرَاد هُنَا- لَا تتَوَقَّف مَعْرفَته على ذَلِك كُله بل: عرف باول الْكَلَام.
وبدلالة الحَدِيث السَّابِق. على أَنه لَو كَانَ ذَلِك مُرَاده: لَكَانَ الظَّاهِر والأخصر، أَن يَقُول:
«... يدلان على أَن الْإِحْصَان ... يُرَاد بِهِ الْإِسْلَام إِلَخ» .
وَإِنَّمَا مُرَاده أَن يَقُول: «إِن الْكَلَام كُله قد دلّ: على أَن معنى الْإِحْصَان قد يكون عَاما، وَقد يكون خَاصّا. بِدَلِيل أَنه فى الْآيَة: الْإِسْلَام الَّذِي هُوَ عَام، دون غَيره الَّذِي هُوَ خَاص.» . وَأَنت إِذا تاملت السُّؤَال الَّذِي أجَاب عَنهُ الشَّافِعِي بقوله: جماع الْإِحْصَان إِلَخ وتاملت آخر كَلَامه، وَقَوله الَّذِي سننقله فِيمَا بعد.-: تأكدت من أَن هَذَا هُوَ مُرَاده وتيقنت: أَن نُسْخَة الرّبيع قد وَقع فِيهَا الْخَطَأ والتحريف، دون غَيرهَا:
وَعلمت: أَن الشَّيْخ متأثر بَان هَذِه النُّسْخَة معصومة عَن شىء من ذَلِك.
(٣) فى الرسَالَة. «والتحصين» .
(٤) رَاجع بِهَامِش الرسَالَة، مَا نَقله الشَّيْخ شَاكر عَن اللِّسَان ومفردات الرَّاغِب:
فَهُوَ مُفِيد. [.....]
 
قَالَ الشَّافِعِيُّ «١» - فِي قَوْلِهِ ﷿: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ «٢»، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) الْآيَة: (٢٤- ٤) -:
«الْمُحْصنَات «٣» هَاهُنَا: الْبَوَالِغُ الْحَرَائِرُ «٤» الْمُسْلِمَاتُ «٥» .» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ- فِيمَا أَخْبَرْتُ عَنْهُ، وَقَرَأْتُهُ فِي كِتَابِهِ-: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ أَبُو بَكْرٍ، بِمِصْرَ، نَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ ﷿:
(وَالْمُحْصَناتُ: مِنَ النِّساءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ: ٤- ٢٤):
«ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ: مِنْ النِّسَاءِ» (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ: [مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ]: ٤- ٢٤)، (مُحْصَناتٍ «٦» غَيْرَ مُسافِحاتٍ: ٤- ٢٥):
(١) كَمَا فى الرسَالَة (ص ١٤٧) .
(٢) قَالَ فى الْفَتْح (ج ١٢ ص ١٤٧) رميهن: «قذفهن وَالْمرَاد: الْحَرَائِر العفيفات وَلَا يخْتَص بالمزوجات، بل حكم الْبكر كَذَلِك: بِالْإِجْمَاع.» .
(٣) فى نُسْخَة الرّبيع: «فالمحصنات» .
(٤) ذكر فى الرسَالَة إِلَى هُنَا، ثمَّ قَالَ: «وَهَذَا يدل: على أَن الْإِحْصَان: اسْم جَامع لمعانى مُخْتَلفَة.» .
(٥) رَاجع كَلَامه عَن هَذَا، وَعَن الْآيَة كلهَا: فى الْأُم (ج ٥ ص ١١٠ و١١٧ و٢٧٣ وَج ٦ ص ٢٥٦- ٢٥٧ وَج ٧ ص ٧٨ و٨١) فَهُوَ مُفِيد أَيْضا فى بعض الأبحاث السَّابِقَة والآتية. ثمَّ رَاجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢٤٩- ٢٥٣) . وَانْظُر مَا تقدم (ص ٢٣٧)
(٦) قَوْله: (محصنات غير مسافحات) قد ورد فى الأَصْل: مشطوبا عَلَيْهِ، ومكتوبا فَوْقه مَا زدناه. ونرجح: أَن كلا مِنْهُمَا مَقْصُود بِالذكر، وَأَن مَا حدث انما هُوَ من تصرف النَّاسِخ: لِأَنَّهُ ظن أَن لفظ الْآيَة الأولى هُوَ الْمَقْصُود فَقَط وَفَاتَ عَلَيْهِ أَن معنى اللَّفْظَيْنِ وَاحِد، وَأَن التَّفْسِير الْمَذْكُور- من النَّاحِيَة اللفظية- انما يلائم لفظ الْآيَة الثَّانِيَة [رَاجع الْقَامُوس: مَادَّة عف]، وَأَن النَّص هُنَا قد اكْتفى بِإِثْبَات مَا قصد شَرحه: من الْآيَتَيْنِ كَمَا اكْتفى بتفسير اللَّفْظ الثَّانِي. فَتنبه. وراجع فى اواخر الْكتاب، مَا رَوَاهُ يُونُس أَيْضا عَن الشَّافِعِي فى تَفْسِير آيَة الْمَائِدَة: (٥) .
 
«عَفَائِفَ «١» غَيْرَ خَبَائِثَ» (فَإِذَا أُحْصِنَّ) قَالَ: «فَإِذَا نُكِحْنَ» (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَناتِ: ٤- ٢٥): «غَيْرِ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ ﵀، قَالَ «٢»: «قَالَ اللَّهُ ﵎: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما: جَزاءً بِما كَسَبا: ٥- ٣٨) .»
«وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ «٣»: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ: مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ «٤»، وَبَلَغَتْ سَرِقَتُهُ رُبْعَ دِينَارٍ. دُونَ غَيْرِهِمَا «٥»: مِمَّنْ لَزِمَهُ اسْمُ سَرِقَةٍ «٦» .» .
(١) قَالَ ثَعْلَب (كَمَا فى الْمُخْتَار): «كل امْرَأَة عفيفة، فهى: مُحصنَة ومحصنة. وكل امْرَأَة متزوجة فهى مُحصنَة بِالْفَتْح لَا غير. وقرىء: (فَإِذا أحصن) - على مَا لم يسم فَاعله- أَي: زوجن.» .
(٢) على مَا يُؤْخَذ من الرسَالَة (ص ٦٦- ٦٧)
(٣) فى الرسَالَة زِيَادَة: «على» .
(٤) رَاجع كَلَامه الْمُتَعَلّق بالحرز: فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٦٩- ١٧٠) .
(٥) كَذَا بالرسالة وَالْأَصْل. وَالضَّمِير فى كَلَام الرسَالَة، عَائِد على السَّارِق وَالزَّانِي:
لِأَن كَلَامهَا عَام قد تنَاول أَيْضا آيتي النُّور وَالنِّسَاء. وَأما هُنَا: فقد روعى فى تثنيته لفظ الْآيَة، أَو الوصفان الْمَذْكُورَان. وَإِلَّا كَانَ الظَّاهِر إِفْرَاده. فَتَأمل.
(٦) قد تعرض لهَذَا الْبَحْث- بِمَا تضمن فَوَائِد جمة، ومباحث هَامة-: فى الرسَالَة- (ص ١١٢ و٢٢٣- ٢٢٤ و٢٣٣ و٥٤٧)، وَاخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٤٤ و٥٠)، وَالأُم (ج ٥ ص ٢٤ وَج ٧ ص ٢٠) . فَرَاجعه ثمَّ رَاجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢٥٤- ٢٥٦ و٢٥٩ و٢٦٢- ٢٦٦) . وراجع فى الْفَتْح (ج ١٢ ص ٧٩- ٨٩): الْكَلَام على تَفْسِير الْآيَة، وَشرح الأبحاث الْمُتَعَلّقَة بهَا. فَهُوَ فى غَايَة الْجَوْدَة والشمول.
 
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «١»: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسادًا: أَنْ يُقَتَّلُوا، أَوْ يُصَلَّبُوا، أَوْ «٢» تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ، أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ: ٥- ٣٣) «٣» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «٤»: أَنَا إبْرَاهِيمُ «٥»، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ- فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ-: إذَا قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ: قُتِّلُوا وَصُلِّبُوا وَإِذَا قَتَلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا الْمَالَ: قُتِّلُوا وَلَمْ يُصَلَّبُوا وَإِذَا أَخَذُوا الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلُوا: قُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ [وَإِذَا هَرَبُوا: طُلِبُوا، حَتَّى
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ١٣٩- ١٤٠) .
(٢) فى الْأُم: «الْآيَة» . [.....]
(٣) رَاجع فِيمَن نزلت فِيهِ هَذِه الْآيَة، مَا روى عَن قَتَادَة وَابْن عَبَّاس وَغَيرهمَا: فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢٨٢- ٢٨٣) . ثمَّ رَاجع الْخلاف فى ذَلِك: فى الْفَتْح (ج ١٢ ص ٩٠ وَج ٨ ص ١٩٠ وَج ١ ص ٢٣٦- ٢٣٧) . لفائدته فى بعض مسَائِل الْجِهَاد الْآتِيَة.
(٤) كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى أَيْضا (ص ٢٨٣) . وَقد ذكر فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٧٢- ١٧٣) .
(٥) هُوَ ابْن أبي يحيي كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى. وَقد وَقع خطأ فى اسْم أَبِيه، بِهَامِش صفحة (٩٨) بِسَبَب متابعتنا هَامِش الْأُم. فليصحح.
 
يُوجَدُوا فَتُقَامُ عَلَيْهِمْ الْحُدُودُ «١»] وَإِذَا أَخَافُوا «٢» السَّبِيلَ، وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا: نُفُوا مِنْ الْأَرْضِ «٣» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ وَهُوَ: مُوَافِقٌ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ ﷿ . وَذَلِكَ: أَنَّ الْحُدُودَ إنَّمَا نَزَلَتْ: فِيمَنْ أَسْلَمَ فَأَمَّا أَهْلُ الشِّرْكِ:
فَلَا حُدُودَ لَهُمْ، إلَّا: الْقَتْلُ، وَالسَّبْيُ «٤»، وَالْجِزْيَةُ.»
«وَاخْتِلَافُ «٥» حُدُودِهِمْ: بِاخْتِلَافِ أَفْعَالِهِمْ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ ﷿.»
«قَالَ «٦» الشَّافِعِيُّ ﵀: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ: ٥- ٣٤) فَمَنْ تَابَ «٧» قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ: سَقَطَ
(١) الزِّيَادَة عَن الْأُم. وَعبارَة الْمُخْتَصر، هى: «ونفيهم إِذا هربوا: أَن يطلبوا حَتَّى يوجدوا فيقام عَلَيْهِم الْحُدُود» . وَهَذِه الزِّيَادَة قد وَردت مختصرة- بِلَفْظ: «ونفيه أَن يطْلب» .- فى رِوَايَة ثَانِيَة عَن ابْن عَبَّاس بالسنن الْكُبْرَى. وهى مفيدة ومؤيدة لرَأى الشَّافِعِي فى مسئلة التَّوْبَة الْآتِيَة. فَرَاجعهَا.
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «خَافُوا» وَهُوَ خطا وَالنَّقْص من النَّاسِخ. وَهَذَا إِلَخ لم يرد فى الْمُخْتَصر. وَقد ورد بدله- فى رِوَايَة ثَالِثَة مختصرة عَن ابْن عَبَّاس، بالسنن الْكُبْرَى- قَوْله: «فَإِن هرب وأعجزهم: فَذَلِك نَفْيه.» .
(٣) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى، مَا روى عَن على وَقَتَادَة: فَهُوَ مُفِيد فى الْمَوْضُوع.
(٤) فى الْأُم: «أَو السباء» وَهُوَ أحسن.
(٥) هَذَا إِلَى آخِره ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى.
(٦) هَذَا إِلَى ابْتِدَاء الْآيَة غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(٧) قَالَ فى الْأُم (ج ٤ ص ٢٠٣): «فَإِن تَابُوا من قبل أَن يقدر عَلَيْهِم: سقط عَنْهُم مَا لله: من هَذِه الْحُدُود ولزمهم مَا للنَّاس: من مَال أَو جرح أَو نفس حَتَّى يَكُونُوا يأخذونه أَو يَدعُونَهُ.» .
 
حَدُّ «١» اللَّهِ [عَنْهُ «٢»]، وَأُخِذَ بِحُقُوقِ بَنِي آدَمَ «٣» .»
«وَلَا يُقْطَعُ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، إلَّا: مَنْ أَخَذَ قِيمَةِ رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا. قِيَاسًا عَلَى السُّنَّةِ: فِي السَّارِقِ «٤» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٥»: «وَنَفْيُهُمْ: أَنْ يُطْلَبُوا، فَيُنْفَوْا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ. فَإِذَا ظُفِرَ بِهِمْ: أُقِيمَ «٦» عَلَيْهِمْ أَيُّ هَذِهِ الْحُدُودِ كَانَ حَدَّهُمْ «٧» .» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٨»: «وَلَيْسَ لِأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ، عَفْوٌ:
(١) فى الْأُم: «حق» .
(٢) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٣) حكى الشَّافِعِي عَن بعض أَصْحَابه، أَنه قَالَ: «كل مَا كَانَ لله-: من حد.-
سقط بتوبته وكل مَا كَانَ للادميين لم يبطل» . ثمَّ اخْتَارَهُ. انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ١٨٤) . وراجع فِيهَا: مَا يُؤَيّدهُ: من قَول على وأبى مُوسَى وَمَا يُعَارضهُ: من قَول ابْن جُبَير وَعُرْوَة وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ.
(٤) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «والمحاربون الَّذين هَذِه حدودهم: الْقَوْم يعرضون بِالسِّلَاحِ للْقَوْم، حَتَّى يغصبوهم (المَال) مجاهرة، فى الصحارى والطرق.» إِلَخ. فَرَاجعه لفائدته. وَقد ذكر نَحوه فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٧٣) . [.....]
(٥) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ٢٠٣): بعد أَن ذكر نَحْو مَا تقدم عَن ابْن عَبَّاس، وَقبل مَا نَقَلْنَاهُ عَنهُ فى بحث التَّوْبَة.
(٦) فى الْأُم: «أُقِيمَت» . والتأنيث بِالنّظرِ إِلَى الْمُضَاف إِلَيْهِ.
(٧) رَاجع فى الْفَتْح (ج ١٢ ص ٩٠): الْخلاف فى مسئلة النَّفْي.
(٨) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ٢٠٤) . وراجع (ص ٢٠٣): كَلَامه الْمُتَعَلّق: بِأَن لَا عُقُوبَة على من كَانَ عَلَيْهِ قصاص فعفى عَنهُ وَأَن إِلَى الْوَالِي: قتل من قتل على الْمُحَاربَة، لَا ينْتَظر بِهِ ولى الْمَقْتُول. ورده على من زعم: أَن للولى قتل الْقَاتِل غيلَة، كَذَلِك.
وتبيينه: أَن كل مقتول قَتله غير الْمُحَارب، فالقتل فِيهِ إِلَى ولى الْمَقْتُول. وَانْظُر أَيْضا السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٥٧) . ليتضح لَك الْكَلَام، وتلم بأطرافه.
 
لِأَنَّ اللَّهَ حَدَّهُمْ: بِالْقَتْلِ، أَوْ: بِالْقَتْلِ وَالصَّلْبِ، أَوْ: الْقَطْعِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَوْلِيَاءَ، كَمَا ذَكَرَهُمْ فِي الْقِصَاصِ- فِي الْآيَتَيْنِ- فَقَالَ: (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطانًا: ١٧- ٣٣) وَقَالَ فِي الْخَطَإِ:
(وَدِيَةٌ «١» مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا: ٤- ٩٢) . وَذَكَرَ الْقِصَاصَ فِي الْقَتْلَى «٢»، ثُمَّ قَالَ: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ: فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ: ٢- ١٧٨)» فَذَكَرَ- فِي الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ- أَهْلَ الدَّمِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُمْ فِي الْمُحَارِبَةِ.
فَدَلَّ: عَلَى أَنَّ حُكْمَ قَتْلِ «٣» الْمُحَارِبَةِ، مُخَالِفٌ لِحُكْمِ قَتْلِ غَيْرِهِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ «٤»:
(١) فِي الأَصْل وَالأُم: «فديَة» . وَهُوَ تَحْرِيف ناشىء عَن الِاشْتِبَاه بِمَا فى آخر الْآيَة.
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وَهُوَ الظَّاهِر الْمُوَافق للفظ الْآيَة. وفى الأَصْل: «الْقَتْل» . وَهُوَ مَعَ صِحَّته، لَا نستبعد أَنه محرف.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «قبل» . وَهُوَ تَصْحِيف.
(٤) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٨٦): بعد أَن ذكر قَوْله تَعَالَى: (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى) الْآيَات الثَّلَاث ثمَّ حَدِيث أَبى رمثة: «دخلت مَعَ أَبى، على النَّبِي، فَقَالَ لَهُ:
من هَذَا؟ فَقَالَ: ابْني يَا رَسُول الله، أشهد بِهِ. فَقَالَ النَّبِي: أما إِنَّه لَا يجنى عَلَيْك، وَلَا تجنى عَلَيْهِ.» . هَذَا وَقَالَ فى اخْتِلَاف الحَدِيث- فى آخر بحث تَعْذِيب الْمَيِّت ببكاء أَهله:
(ص ٢٦٩) عقب هَذَا الحَدِيث-: «فَأعْلم رَسُول الله، مثل مَا أعلم الله: من أَن جِنَايَة كل امْرِئ عَلَيْهِ، كَمَا عمله لَهُ: لَا لغيره، وَلَا عَلَيْهِ.» . وَانْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢٧ و٣٤٥ وَج ١٠ ص ٥٨) .
 
أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُؤْخَذُ بِذَنْبِ غَيْرِهِ، حَتَّى جَاءَ إبْرَاهِيمُ ﷺ، وَعَلَى آلِهِ): فَقَالَ اللَّهُ ﷿: (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى: ٥٣- ٣٧- ٣٨) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «١» ﵀: وَاَلَّذِي سَمِعْتُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) - فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) .-: أَنْ لَا يُؤْخَذُ أَحَدٌ بِذَنْبِ غَيْرِهِ «٢» وَذَلِكَ: فِي بَدَنِهِ، دُونَ مَالِهِ. فَإِنْ «٣» قَتَلَ «٤»، أَوْ كَانَ «٥» حَدًّا: لَمْ يُقْتَلْ بِهِ غَيْرُهُ «٦»، وَلَمْ يُحَدَّ بِذَنْبِهِ: فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ﷿ . [لِأَنَّ اللَّهَ «٧»] جَزَى الْعِبَادَ عَلَى أَعْمَالِ «٨» أَنْفُسِهِمْ، وَعَاقَبَهُمْ عَلَيْهَا.»
(١) كَمَا ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى (أَيْضا) مُخْتَصرا: (ج ٨ ص ٣٤٥) .
(٢) فى السّنَن الْكُبْرَى، بعد ذَلِك: «لِأَن الله ﷿ جزى الْعباد» إِلَى قَوْله:
«عَاقِلَته» .
(٣) فى الْأُم: «وَإِن» . وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «قيل» . وَهُوَ تَصْحِيف.
(٥) أَي: كَانَ ذَنبه يسْتَوْجب الْحَد.
(٦) فى الْأُم زِيَادَة: «وَلم يُؤْخَذ» . [.....]
(٧) زِيَادَة متعينة: وَعبارَة الْأُم: «لِأَن الله جلّ وَعز إِنَّمَا جعل جَزَاء» إِلَخ.
وهى أحسن.
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «أَعْمَالهم»، وَلَا نستبعد تحريفه.
 
«وَكَذَلِكَ أَمْوَالُهُمْ: لَا يَجْنِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، فِي «١» مَالٍ، إلَّا: حَيْثُ خَصَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: بِأَنَّ جِنَايَةَ الْخَطَإِ- مِنْ الْحُرِّ- عَلَى الْآدَمِيِّينَ: عَلَى عَاقِلَتِهِ «٢» .»
«فَأَمَّا [مَا «٣»] سِوَاهَا: فَأَمْوَالُهُمْ مَمْنُوعَةٌ مِنْ أَنْ تُؤْخَذَ: بِجِنَايَةِ غَيْرِهِمْ.»
«وَعَلَيْهِمْ- فِي أَمْوَالِهِمْ- حُقُوقٌ سِوَى هَذَا: مِنْ ضِيَافَةٍ، وَزَكَاةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَلَيْسَ مِنْ وَجه الْجِنَايَة.» .
(١) كَذَا بالسنن الْكُبْرَى. وفى الْأُم: «فى مَاله» . وَهُوَ أظهر. وفى الأَصْل: «من مَال» وَالظَّاهِر أَنه محرف.
(٢) رَاجع كَلَامه عَن حَقِيقَة الْعَاقِلَة، وأحكامها: فِي الْأُم (ج ٦ ص ١٠١- ١٠٣)، والمختصر (ج ٥ ص ١٤٠) . فَهُوَ نَفِيس جيد. وَانْظُر فتح الْبَارِي (ج ١٢ ص ١٩٩)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ١٠٦- ١٠٧) .
(٣) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.

عن الكاتب

Tanya Ustadz

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية