اسم الكتاب: طلاق المدخول بها ثلاثًا
المؤلف: الشيخ أحمد الزومان
محتويات
إذا طلق الرجل امرأته التي دخل بها ثلاثا لا يخلو الأمر من حالين:
الأول: أن يطلقها ثلاثا بكلمة واحدة فيجمع الطلاق بكلمة واحدة مثل أن يقول أنت طالق بالثلاث أو طلقتك ثلاثا أو أنت بالثلاث أو نحو ذلك أو يطلقها أكثر من ثلاث كمائة طلقة أو ألف طلقة فهي ثلاث مجموعة وزيادة
الحال الثاني: أن يطلقها ثلاثا متفرقة فيقول أنت طالق طالق طالق ونحو ذلك فهل يقع الطلاق أو لا يقع وعلى القول بالوقوع هل يقع واحدة أو ثلاثا ؟
أولا طلاق المدخول بها ثلاثا بكلمة واحدة:
إذا طلق الرجل زوجته التي دخل بها ثلاثا بكلمة واحدة فقال أنت طالق ثلاثا أو طلقتك بالثلاث ونحو ذلك من العبارات فهل تبين الزوجة بهذا الطلاق ؟
أهم الأقوال في هذه المسألة ثلاثة: قول بعدم وقوع الطلاق وقول بوقوع الطلاق ثلاثا وقول يقع الطلاق طلقة واحدة
القول الأول: لايقع طلاق الثلاث: قال به الإمامية ( ) والمشهور عن الحجاج بن أرطاة( ) و ينسب لابن مقاتل( ) ومحمد بن إسحاق( ) وينسب لهما القول بأنه واحدة.
لحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" ( )
وجه الاستدلال: طلاق البدعة مردودة لأنه ليس على أمر رسول الله فلا يقع طلاق الثلاث( )
الرد: دل الدليل من الكتاب والسنة وإجماع الأمة على وقوعه كما سيأتي
وهذا القول خلاف الكتاب والسنة وإجماع أهل السنة قال المازري: طلاق الثلاث في مرة واحدة واقع لازم عند كافة الفقهاء وقد شذ الحجاج بن أرطاة وابن مقاتل فقالا لا يقع( )
وقال أبو بكر بن العربي: انعقاد الإجماع من الأمة بأن من طلق طلقتين أو ثلاثا أن ذلك لازم له، ولا احتفال بالحجاج وإخوانه من الرافضة، فالحق كائن قبلهم( )
وقال: ضربت شرق الأرض وغربها فما رأيت ولا سمعت أحداً يقول ذلك إلا الشيعة الخارجين عن الإسلام ( )
وقال أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي: تمسك بظاهر هذه الروايات شذر من أهل العلم ، فقالوا: إن طلاق الثلاث في كلمة يقع واحدة ؛ وهم: طاووس ، وبعض أهل الظاهر. وقيل: هو مذهب محمد بن إسحاق ، والحجاج بن أرطاة ، وقيل عنهما: لا يلزم منه شي. وهو مذهب مقاتل ، والمشهور عن الحجاج بن أرطاة... مذهب هذين الرجلين شاذ الشاذ ، ولا سلف لهم فيه ، ولا بُعْد في أن يقال: إن إجماع السلف على خلافه-... - ، فإنهم كانوا منقسمين إلى من يراه ثلاثا ، أو إلى من يراه واحدة. والكل متفقون على وقوعه( ).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: من يقول: إذا أوقع الثلاث جملة لم يقع به شيء أصلا؛ لكن هذا قول مبتدع لا يعرف لقائله سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان( )
وقال: هذا القول لا يعرف عن أحد من السلف؛ بل قد تقدم الإجماع على بعضه؛ وإنما الكلام هل يلزمه واحدة؟ أو يقع ثلاث؟( )
القول الثاني: يقع واحدة: قول لابن عباس ويروى عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين وابنه جعفر الصادق( ) وقال به طاووس( ) وعكرمة مولى ابن عباس( ) وعطاء بن أبي رباح( )وجابر بن زيد( )وعمرو بن دينار( ) وسعيد بن جبير ( ) وهو مذهب الحسن ـ الذي استقر عليه ـ ( ) وعطاء بن يسار( ) وخلاس بن عمرو( ) والنخعي( )ومحمد بن إسحاق( ) والحارث بن يزيد العكلي( )ورواية عن الحجاج بن أرطاة( )وداود بن علي الظاهري ( )وبعض أهل الظاهر( ) ـ خلافا لابن حزم( )ـ وابن مقاتل من الأحناف( ) ـ ونسب له القول بعدم الوقوع كما تقدم ـ ولذا جعله ابن القيم أحد القولين في مذهب أبي حنيفة( ) وهو قول للمالكية( ) وذكر التلمساني أن في النوادر أنه قول للمالكية( ) قال خليل ولم أره( ) ونسب لأشهب ولا تصح النسبة ( ) وقال به بعض فقهاء المالكية في طليطلة و الأندلس( ) و غيرهما فقال به أصبغ بن الحباب ومحمد بن بقى( )،ومحمد بن ناصر( ) ومحمد بن عبدالسلام الخشني وابن زنباع( ) وأحمد بن محمد بن مغيث( )
وجعله ابن القيم قولا أو على الأقل وجها في مذهب الإمام أحمد( ) وقال ابن المبرد: رواية عن أحمد وروايتها باطلة لكنها قول في المذهب حكاها الشيخ شمس الدين ابن القيم( ) وقال به من الحنابلة شيخ الإسلام ابن تيمية( ) وابن القيم ( ) وجمال الدين يوسف بن أحمد( ) وعلي بن عبدالمحسن الدواليبي( ) وأبو الطيب محمد شمس الحق آبادي( ) والشوكاني( ) وصديق حسن خان( ) وأحمد شاكر ( ) وعبدالرحمن المعلمي( ) والشيخ عبدالرحمن السعدي( )والشيخ عبد العزيز بن باز( ) والألباني( ) وشيخنا الشيخ محمد بن عثيمين( )
أدلة هذا القول:
الدليل الأول: قوله تعالى: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ } (229) سورة البقرة
وجه الاستدلال:
1: الألف واللام في الطلاق للعموم فكل الطلاق مرتان فهذا الطلاق المشروع فما جاء خلاف ذلك فليس بمشروع ولايعتد به ( )
الرد: الألف واللام للعهد فالطلاق الرجعي مرتان ثم ذكرت الآية الفرقة البائنة الخلع و في الآية التي تليها الطلقة الثالثة {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غيره }( ) (230) سورة البقرة
2: قال الله تعالى {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ } ولم يقل الطلاق طلقتان. بل قال: مرتان فإذا قال لامرأته: أنت طالق اثنتين أو ثلاثا أو عشرا أو ألفا لم يكن قد طلقها إلا مرة واحدة( )
الرد: ليس المراد حصر الطلاق كله في المرتين بل المراد بالطلاق المحصور الطلاق السني الرجعي( )
3: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ } إما خبر بمعنى الأمر وإما خبر عن حكمه الشرعي أي الطلاق الذي شرعته لكم، وشرعت فيه الرجعة مرتان. وعلى التقديرين إما أن يكون ذلك مرة بعد مرة، فلا يكون موقعا للطلاق الذي شرع إلا إذا طلق مرة بعد مرة، ولا يكون موقعا للمشروع بقوله: أنت طالق ثلاثا، ولا مرتين فما زاد على المرة فهو لغو( )
الرد: لا مانع من التقديرين فالآية خبر بمعنى الأمر وخبر عن الحكم الشرعي لكن لا يلزم من مخالفة الأمر عدم الاعتداد بالطلاق وقد دلت الأدلة على وقوع طلاق الثلاث.
و النهي لا يقتضي الفساد مطلقا وتم الكلام على هذه المسألة في مسألة هل يقع طلاق الحائض أو لا يقع ( )
الدليل الثاني: قول تعالى: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة: 229].
وجه الاستدلال: هذا حكم كل طلاق شرعه الله، فيطلق مرة ثم يراجع ثم يطلق ثانية إلا الطلقة المسبوقة بطلقتين قبلها، فإنه لا يبقى بعدها إمساك. ( )
الرد: الآية واردة في بيان الواجب على المطلق طلاقا رجعيا إما يراجع ويعاشر بالمعروف أو يتركها حتى تخرج من العدة ويحسن إليها وليس فيها التعرض لحكم طلاق ما زاد على الواحدة
الدليل الثالث: قوله تعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف} ( )[البقرة: 231].
وجه الاستدلال: إذا من أدوات العموم، كأنه قال: أي طلاق وقع منكم في أي وقت فحكمه هذا، إلا أنه أخرج من هذا العموم الطلقة المسبوقة باثنتين فبقى ما عدها داخلا في لفظ الآية نصا أو ظاهرا( ).
الرد: كالذي قبله
الدليل الرابع: قوله تعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} [البقرة: 232].
وجه الاستدلال: هذا عام في كل طلاق غير الثالثة المسبوقة باثنتين، فالقرآن يقتضى أن ترجع المطلقة إلى مطلقها إذا أرادت في كل طلاق ماعدا الثالثة فلو طلقها ثلاثا بلفظ واحد فلها الرجعة ( ).
الرد: الآية واردة في نهي الأولياء عن عضل مولياتهم ولم ترد في حكم وقوع طلاق ما زاد على الواحدة.
=====================
( ) انظر: شرح فتح القدير (3/329)
( ) انظر: مختصر اختلاف العلماء (2/462) و المعلم بفوائد مسلم (2/126) و شرح البخاري لابن بطال (7/391) وشرح مسلم للنووي (10/104) والمتواري على أبواب البخاري ص: 292
( ) انظر: المعلم بفوائد مسلم (2/126) وشرح الطيبي للمشكاة (6/333) ومرقاة المفاتيح (6/293)
( ) انظر: شرح الطيبي للمشكاة (6/333) والمتواري على أبواب البخاري ص: 292 ومرقاة المفاتيح (6/293)
( ) رواه مسلم (1718)
( ) انظر: زاد المعاد (5/248)
( ) المعلم بفوائد مسلم (2/126)
( ) أحكام القرآن لابن العربي (1/259)
( ) القبس (2/727)
( ) المفهم (4/237ـ239)
( ) مجموع الفتاوى (33/82) .
( ) مجموع الفتاوى (33/91) . و انظر: مجموع الفتاوى (33/9)
( ) انظر: مجموع الفتاوى (33/8)
( ) انظر: مجموع الفتاوى (33/8) وشرح مسلم للنووي (10/104) و إغاثة اللهفان (1/324) وزاد المعاد (5/248) وشرح فتح القدير (3/329) و عمدة القاري (17/12)
( ) انظر: شرح فتح القدير (3/329) وحاشية ابن عابدين (4/434)
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/324)
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/324)
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/325)
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/325)
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/325)
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/325)
( ) انظر: مجموع الفتاوى (33/8) وإغاثة اللهفان (1/326)
( ) انظر: عمدة القاري (17/12)
( ) انظر: مختصر اختلاف العلماء (2/462) و مجموع الفتاوى (33/8) وشرح مسلم للنووي (10/104) و إغاثة اللهفان (1/287,324) وشرح فتح القدير (3/329) وفتح الباري (9/362) وعمدة القاري (17/12) و حاشية ابن عابدين (4/434)
( ) انظر: انظر: الروضة الندية (2/54)
( ) انظر: المعلم بفوائد مسلم (2/126) وشرح مسلم للنووي (10/104) وعمدة القاري (17/12)
( ) انظر: الاستذكار (6/109) ومجموع الفتاوى (33/8) وإغاثة اللهفان (1/329) ورؤوس المسائل الخلافية (4/179)
( ) انظر: الاستذكار (6/109) وشرح الطيبي للمشكاة (6/333) وشرح مسلم للنووي (10/104) و إغاثة اللهفان (1/329)
( ) انظر: المحلى (10/174)
( ) انظر: المعلم بفوائد مسلم (2/126) وشرح مسلم للنووي (10/104) و مجموع الفتاوى (33/8) وعمدة القاري (17/12)
( ) قال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/290) حكاه [المازري] عن محمد بن مقاتل من أصحاب أبى حنيفة، وهو من أجل أصحابهم من الطبقة الثالثة من أصحاب أبى حنيفة. فهو أحد القولين فى مذهب أبى حنيفة
وقال في إغاثة اللهفان (1/327) أما بعض أصحاب أبى حنيفة فإنه محمد بن مقاتل من الطبقة الثانية من أصحاب أبى حنيفة،
( ) انظر: حاشية العدوي على كفاية الطالب (2/103) ومجموع الفتاوى (33/83)
( ) انظر: شرح زروق على الرسالة (2/471) والتوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (4/38) ومجموع الفتاوى (33/83) و إغاثة اللهفان (1/290,326)
( ) انظر: التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (4/38) . قال أبو عبدالرحمن وبحثت عنه في مظنته من كتاب النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات لابن أبي زيد القيرواني فلم أجده .
( ) انظر: الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (2/348) .
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/326)
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/328)
( ) انظر: شرح قاسم بن عيسى للرسالة (2/471)
( ) انظر: شرح قاسم بن عيسى للرسالة (2/471) و إغاثة اللهفان (1/328)
( ) انظر: مجموع الفتاوى (33/83)
( ) قال ابن القيم: في الصواعق المرسلة (2/624) أحد القولين في مذهب أحمد حكاه شيخنا واختاره وأفتى به وأقل درجات اختياراته أن يكون وجها في المذهب ومن الممتنع أن يكون اختيار ابن عقيل وأبي الخطاب والشيخ أبي محمد وجوها يفتى بها واختيارات شيخ الإسلام لا تصل إلى هذه المرتبة .
وقال في إغاثة اللهفان (1/290) حكاه شيخ الإسلام [مجموع الفتاوى (33/84)] عن بعض أصحاب أحمد، وهو اختياره، وأسوأ أحواله أن يكون لبعض أصحاب الوجوه فى مذهبه، كالقاضى وأبى الخطاب وهو أجل من ذلك، فهو قول فى مذهب، أحمد بلا شك.
( ) سير الحاث ص: 111
( ) انظر: مجموع الفتاوى (33/73)
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/284) وإعلام الموقعين (3/47)
( ) انظر: سير الحاث ص: 112
( ) انظر: سير الحاث ص: 122
( ) انظر: التعليق المغني (4/49)
( ) انظر: الفتح الرباني (7/3464) و الدراري المضية (2/12)
( ) انظر: الروضة الندية (2/53)
( ) انظر: نظام الطلاق في الإسلام ص: 37
( ) انظر: الحكم المشروع في الطلاق المجموع ص: 14
( ) انظر: الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة ص: 90 والأجوبة السعدية ص: 62
( ) انظر: مجموع فتاوى ابن باز (22/19)
( ) انظر: إرواء الغليل (7/122)
( ) انظر: الشرح الممتع (13/41)
( ) انظر: المبسوط (6/6) وإغاثة اللهفان (1/302)
( ) انظر: مجموع الفتاوى (33/12)
( ) انظر: بداية المجتهد (2/61) ومجموع الفتاوى (33/9)
( ) انظر: المنتقى شرح الموطأ (5/183) وأضواء البيان (1/138)
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/302,328)
( ) تقدم الكلام على مسألة هل النهي يقتض الفساد؟ في طلاق الحائض الدليل الثالث من أدلة القائلين بوقوع طلاق الحائض
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/302)
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/302)
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/302)
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/302)
( ) انظر: إغاثة اللهفان (1/303)
( ) انظر: مسألة حكم طلاق الثلاث (من المسائل المبحوثة في بحوث الطلاق ولم ترسل للألوكة)
( ) انظر: مسألة حكم طلاق الثلاث (من المسائل المبحوثة في بحوث الطلاق ولم ترسل للألوكة)