الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

السنة الثالثة والسنة الرابعة من الهجرة النبوية

السنة الثالثة والسنة الرابعة من الهجرة النبوية

السنة الثالثة والسنة الرابعة من الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلي المدينة المنورة
كتاب نور اليقين في سيرة سيد المرسلين للخضري

محتويات

السَّنة الثّالِثَة

يا لله يُقضى على الشقي بالشقاوة حتى لا يسمع ولا يبصر، فيتخذ الغدر رداءً، والخيانة شعاراً، فلا ينجح معه إلا إراحة العالم من شرّه. هذا كعببن الأشرف اليهودي عظيم بني النضير، أعمته عداوة المسلمين حتى خلعَ بُرقُع الحياء، وصار يحرض قريشاً على حرب رسول الله، ويهجوه بالشعر، ويجتهد في إثارة الشحناء بين المسلمين، فكلما جبر عليه الصلاة والسلام كسراً هاضه هذا الشقيُّ بما ينفثه من سموم لسانه.

قتل كعببن الأشرف

ولما انتصر المسلمون ببدر، ورأى الأسرى مقرَّنينَ في الحبال خرج إلى قريش يبكي قتلاهم ويحرِّضهُم على حرب المسلمين، فقال عليه الصلاة والسلام: «من لكعببن الأشرف، فإنه قد آذى الله ورسوله؟» فقال محمدبن مسلمة الأنصاري الأوسي: أتحِبُّ أن أقتله؟ قال: «نعم»، قال: أنا لك به، وائذنْ لي أقول شيئاً أتمكن به، فأذن له، ثم خرج ومعه أربعة من قومه حتى أتى كعباً فقال له: إن هذا الرجل ــــ يريد رسول الله ــــ قد سألنا صدقة وإنه قد عَنَّانا، وإني قد أتيتك أستسلفك، قال: وأيضاً والله لتملّنهُ، قال: إنا قد اتّبعناه، فلا نحبُّ أن ندعه حتى ننظر إلى أيّ شيء يصير شأنه، وقد أردنا أن تُسْلِفنا وسْقاً أو وسقين. قال: نعم ولكن ارْهَنُوني. قالوا: أي شيء تُريد؟ قال: ارهنوني نساءكم، قالوا: كيف نَرْهَنُك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ قال: فارهنوني أبناءكم. قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فَيُسَبُّ أحدهم، فيقال: رُهن بوسق أو وسقين؟ هذا عار علينا، ولكن نرهنك اللأْمَةَ ــــ يعني: السلاح ــــ فرضي، فواعده ليلاً أن يأتيه فجاءه ليلاً ومعه أبو نائلة أخو كعب من الرضاع وعبَّادبن بِشر، والحارثبن أوس، وأبو عبس ابنُ جَبْر ــــ وكلهم أوسيّون ــــ فناداه محمدبن مسلمة، فأراد أن ينزلَ، فقالت له امرأته: أين تخرج الساعة وإنك امرؤ مُحارب؟ فقال: إنما هو ابن أخي محمدبن مسلمة ورضيعي أبو نائلة، إن الكريم لو دُعي إلى طعنة بليل لأجاب. ثم قال محمد لمن معه: إذا جاءني فإني آخذ بشعره فأشَمُّهُ، فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فاضربوه، فنزل إليهم كعب متوشِّحاً سيفه، وهو يَنْفَحُ منه ريح المسك. فقال محمد: ما رأيت كاليوم ريحاً أطيب، أتأذن لي أن أَشمَّ رأسك؟ قال: نعم فشمَّه، فلما استمكن منه قال: دونكم فاقتلوه ففعلوا، وأراح الله المسلمين من شر أعماله التي كان يقصدها بهم، ثم أتوا النبي فأخبروه، وكان قتل هذا الشقي في ربيع الأول من هذا العام، وكان عليه الصلاة

والسلام إذا رأى من رئيس غدراً، ومقاصد سوء، ومحبة لإثارة الحرب، أرسل له من يُريحه من شرّه. وقد فعل كذلك مع أبي عَفَك اليهودي وكان مثل كعب في الشر.

غزوة غَطَفَان

بلغ رسول الله أن بني ثعلبة ومحارب من غطفان تجمعوا برياسة رئيس منهم اسمه دُعْثُور، يريدون الغارة على المدينة، فأراد عليه الصلاة والسلام أن يَغُلَّ أيديهم كيلا يتمكنوا من هذا الاعتداء، فخرج إليهم من المدينة في أربعمائة وخمسين رجلاً لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول، وخلف على المدينة عثمانبن عفان. ولما سمعوا بسير رسول الله هربوا إلى رؤوس الجبال، ولم يَزَل المسلمون سائرين حتى وصلوا ماء يُسمى ذا أَمَرَّ، فعسكروا به، وحدث أنه عليه الصلاة والسلام نزع ثوبه يجفِّفه من مطر بلَّله وارتاح تحت شجرة والمسلمون متفرقون، فأبصره دُعثور فأقبل إليه بسيفه حتى وقف على رأسه، وقال: مَنْ يمنعك مني يا محمد؟ فقال: «الله»، فأدركت الرجل هيبةٌ ورعبٌ أسقطا السيف من يده، فتناوله عليه الصلاة والسلام، وقال لدعثور: «مَنْ يمنعك مني»؟ قال: لا أحد. فعفا عنه فأسلم الرجل، ودعا قومه للإسلام، وحوّل الله قلبه من عداوة رسول الله، وَجمْع الناس لحربه إلى محبته وجمع الناس له، {ذالِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآء} (المائدة: 54) وهذا ما ينتجه حسن المعاملة، والبعد عن الفظاظة وغلظ القلب، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الاْمْرِ} (آل عمران: 159).

غزوة بُحْران
بلغه عليه الصلاة والسلام أن جمعاً من بني سُليم يريدون الغارة على المدينة، فسار إليهم في ثلاثمائة من أصحابه لِسِتَ خَلَون من جمادى الأولى، وخلَّف على المدينة ابن أم مكتوم، ولما وصل بُحران تفرقوا، ولم يلق كيداً فرجع.

سرية

لما تيقنت قريش أن طريق الشام من جهة المدينة أُغلق في وجه تجارتهم، ولا يمكنهم الصبر عنها لأن بها حياتهم، أرسلوا عِيراً إلى الشام من طريق العراق، وكان فيها جمع من قريش منهم أبو سفيانبن حرب، وصفوانبن أمية، وحويطببن عبد العزى، فجاءت أخبارهم لرسول الله، فأرسل لهم زيدبن حارثة في مائة راكب يترقبونهم، وكان ذلك في جمادى الآخرة، فسارت السرية حتى لقيت العِير على ماء اسمه القَرْدَة بناحية نجد فأخذت العِير وما فيها، وهرب الرجال، وقد خمَّس الرسول عليه الصلاة والسلام هذه حينما وصلت له.

غزوة أُحُد

ولما أصابَ قريشاً ما أصابها ببدر، وأُغْلِقت في وجوههم طرق التجارة، اجتمع مَنْ بقي من أشرافهم إلى أبي سفيان رئيس تلك العير التي جلبت عليهم المصائب، وكانت موقوفة بدار الندوة، ولم تكن سُلِّمت لأصحابها بعد، فقالوا: إن محمداً قد وَتَرنا، وقتل خيارنا، وإنّا رضينا أن نتركَ ربح أموالنا فيها، استعداداً لحرب محمد وأصحابه، وقد رضي بذلك كلُّ من له فيها نصيب، وكانَ ربحها نحواً من خمسين ألف دينار، فجمعوا لذلك الرجال، فاجتمع من قريش ثلاثة آلاف رجل ومعهم الأحابيش ــــ وهم حلفاؤهم من بني المصْطَلق وبني الهونبن خزيمة، ومعهم أبو عامر الراهب الأوسي، وكان قد فارق المدينة كراهية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عدد ممّن هم على شاكلته، وخرج معهم جماعات من أعراب كِنانة وتهامة، وقال صفوانبن أمية لأبي عَزّةَ الشاعر ــــ الذي لا ينسى القارىء أن الرسول مَنَّ عليه ببدر وأطلقه من غير فداء ــــ: إنك رجل شاعر فأعِنّا بلسانك، فقال: إني عاهدت محمداً ألاّ أعِين عليه، وأخاف إن وقعتُ في يده مرة ثانية ألا أنجو، فلم يزل به صفوان حتى أطاعه، وذهب يستنفر الناس لحرب المسلمين، ودعا جُبيربن مُطْعِمٍ غلاماً حبشياً له، اسمه وَحشي، وكان رامياً قلّما يُخطىء، فقال له: اخرج مع الناس، فإن أنت قتلت حمزة بعمِّي طُعَيْمة فأنت حر. ثم خرج الجيش، ومعهم القِيانُ والدفوف والمعازف والخمور، واصطحب الأشرافُ منهم نساءهم كيلا ينهزموا، ولم يزالوا سائرين حتى نزلوا مقابل المدينة بذي الحُلَيفة.

أما رسول الله عليه الصلاة والسلام، فكان قد بلغه الخبر من كتاب بعث به إليه عمه العباسبن عبد المطلب، الذي لم يخرج مع المشركين في هذه الحرب، محتجّاً بما أصابه يوم بدر. ولما وصلت الأخبار باقتراب المشركين، جمع عليه الصلاة والسلام أصحابه وأخبرهم الخبر، وقال: «إن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا فإن هم أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم» فكان مع رأيه شيوخ المهاجرين والأنصار ورأى ذلك أيضاً عبد اللهبن أُبيّ، أما الأحداث وخصوصاً مَنْ لم يشهد بدراً منهم فأشاروا عليه بالخروج، وكان مع رأيهم حمزةبن عبد المطلب، وما زال هؤلاء بالرسول حتى تبع رأيهم، لأنهم الأكثرون عدداً والأقوون جلداً، فصلى الجمعة بالناس في يومها لعشر خَلَون من شوال، وحضّهم في خطبتها على الثبات والصبر وقال لهم: «لكم النصر ما صبرتم» ثم دخل حجرته، ولبس عدّته، فظاهر بين درعين، وتقلد السيف، وألقى الترس وراء ظهره. ولما رأى ذوو الرأي من الأنصار أن الأحداث استكرهوا الرسول على الخروج لاموهم، وقالوا: ردّوا الأمر لرسول الله، فما أمر ائتمرنا، فلما خرج عليه الصلاة والسلام، قالوا: يا رسول الله نَتَّبعُ رأيك، فقال: «ما كان لنبي لَبِسَ سلاحه أن يضعه حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه» ثم عقد الألوية فأعطى لواء المهاجرين لمصعببن عمير، ولواء الخزرج للحُباببن المنذر، ولواء الأوس لأُسيدبن الحضير، وخرج من المدينة بألف رجل. فلما وصلوا رأس الثنية، نظر عليه الصلاة والسلام إلى كتيبة كبيرة، فسأل عنها، فقيل: هؤلاء حلفاء عبد اللهبن أُبيّ من اليهود، فقال: «إنّا لا نستعين بكافر على مشرك» وأمر بردّهم لأنه لا يأمن جانبهم من حيث لهم اليد الطُولى في الخيانة.g ثم استعرض الجيش فردَّ من استصغر، وكان فيمن ردّ: رافعبن خديج، وسَمُرَةبن جُندب، ثم أجاز رافعاً لما قيل له إنه رامٍ، فبكى سَمُرة، وقال لزوج أمه: أجاز رسول الله رافعاً وردّني مع

أني أصرعه، فبلغ رسول الله الخبر، فأمرهما بالمصارعة، فكان الغالب سمرة، فأجازه. ثم بات عليه الصلاة والسلام محله ليلة السبت، واستعمل على حرس الجيش محمدبن مسلمة، وعلى حرسه الخاص ذكوانبن عبد قيس. وفي السَّحَر سار الجيش حتى إذا كان بالشَّوْطِ ــــ وهو بستان بين أُحُد والمدينة ــــ رجع عبد اللهبن أُبَيَ بثلاثمائة من أصحابه وقال: عصاني وأطاع الوِلْدان فعلام نقتل أنفسنا؟ فتبعهم عبد اللهبن عمرو والد جابر، وقال: يا قوم أُذَكِّركُمُ الله ألا تخذلوا قومكم ونبيّكم، {قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ} (آل عمران: 167) فقال لهم: أَبْعَدَكُم الله، فسيغني الله عنكم نبيّه. ولما فعل ذلك عبد اللهبن أُبَيّ، همَّت طائفتان من المؤمنين أن تفشلا: بنو حارثة من الأوس، وبنو سَلِمة من الخزرج، فعصمهما الله. وقد افترق المسلمون فرقتين فيما يفعلون بالمنخذلين، فقوم يقولون: نقاتلهم، وقوم يقولون: نتركهم، فأنزل الله في سورة النساء: {فَمَا لَكُمْ فِى الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً(88)

هذا، ولما قُتل حَمَلةُ اللواء من المشركين، ولم يقدر أحدٌ على الدنو منه ولَّوا الأدبار ونساؤهم يبكين ويُولولن، وتبعهم المسلمون يجمعون الغنائم والأسلاب، فلما رأى ذلك الرماة الذين يحمون ظهور المسلمين فوق الجبل، قالوا: ما لنا في الوقوف من حاجة، ونسوا أمر السيد الحكيم صلى الله عليه وسلم، فذكرّهم رئيسهم به فلم يلتفتوا وانطلقوا ينتهبون. أما رئيسُهم فثبت وثبت معه قليل منهم، فلما رأى خالدُبن الوليد ــــ أحدُ رؤساء المشركين ــــ خُلُوَّ الجبل من الرماة، انطلق ببعض الجيش، فقتل من ثبت من الرماة، وأتى المسلمين من ورائهم وهم مشتغلون بدنياهم، فلما رأوا ذلك البلاء دهشوا وتركوا ما بأيديهم، وانتقضتْ صفوفهم، واختلطوا من غير شعار، حتى صار يضرب بعضُهم بعضاً، ورفعت إحدى نساء المشركين اللواء فاجتمعوا حوله، وكان من المشركين رجل يقال له ابن قَمِئَةَ قتل مُصعَببن عمير صاحب اللواء، وأشاع أن محمداً قد قتل، فدخل الفشلُ في المسلمين حتى قال بعضُهم: علامَ نقاتل إذا كان محمد قد قُتل؟ فارجعوا إلى قومكم يؤَمِّنُوكم. وقال جماعة: إذا كان محمد قد قُتل فقاتلوا عن دينكم. وكان من نتيجة هذا الفشل أن انهزم جماعةٌ من المسلمين، من بينهم: الوليدبن عقبة، وخارجةبن زيد، ورِفاعةبن المعلى، وعثمانبن عفان، وتوجهوا إلى المدينة، ولكنهم استحيوا أن يدخلوها، فرجعوا بعد ثلاث، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه جماعة، منهم أبو طلحة الأنصاري استمر بين يديه يمنع عنه بحَجَفَتِهِ، وكان رامياً شديد الرمي. فنثر كِنانته بين يدي رسول الله، وصار يقول: نفسي لنفسك الفداء ووجهي لوجهك الوقَاء. وكل من كان يمر ومعه كنانة يقول له عليه الصلاة والسلام: «انثرها لأبي طلحة»، وكان ينظر إلى القوم ليرى مواضع النبل، فيقول له أبو طلحة: يا نبي الله بأبي أنت وأمي، لا تنظر يصيبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك.

وممّن ثبتَ سعدبن أبي وقاص، فكان عليه الصلاة والسلام يقول له: «ارمِ سعد فداك أبي وأمي». ومنهم سهلبن حُنَيف وكان من مشاهير الرماة نضحَ عن رسول الله بالنبل حتى انفرج عنه الناس. ومنهم أبو دُجانة سِمَاكُبن خَرَشَة الأنصاري تترس على رسول الله، فصار النبلُ يقع على ظهره وهو منحنٍ حتى كثر فيه. وكان يقاتل عن الرسول زيادةبن الحارث حتى أصابت الجراحُ مقاتله، فأمر به فأُدني منه ووسده قدمه حتى مات. وقد أصابه عليه الصلاة والسلام شدائد عظيمة تحمَّلها بما أعطاه الله من الثبات، فقد أقبل أُبيُّبن خلف يريد قتله فأخذ عليه الصلاة والسلام الحربة ممّن كانوا معه، وقال: «خلّوا طريقه»، فلمّا قَرُب منه ضربه ضربةً كانت سببَ هلاكه وهو راجع، ولم يقتل رسول الله غيره لا في هذه الغزوة ولا في غيرها.

وكان أبو عامر الراهب قد حفر حُفراً وغطّاها ليقَع فيها المسلمون، فوقعَ الرسول في حفرة منها، فأُغمي عليه، وخُدشت ركبتاه، فأخذ عليّ بيده، ورفعه طلحةبن عبيد الله ــــ وهما ممّن ثبت ــــ حتى استوى قائماً، فرماه عتبةبن أبي وقاص بحجر كسر رباعيته فتبعه حاطببن أبي بلتعة فقتله، وشَجَّ وجهه عليه الصلاة والسلام عبد اللهبن شهاب الزهري، وجرحت وجنتاه بسبب دخول حلقتي المغفر فيهما من ضربة ضربه بها ابن قَمِئَةَ غضب الله عليه، فجاء أبو عبيدة وعالج الحلقتين حتى نزعهما، فكُسرت في ذلك ثنيتاه، وقال حينئذٍ عليه الصلاة والسلام: «كيف يفلح قوم خضَّبوا وجه نبيّهم؟» فأنزل الله في سورة آل عمران: لَيْسَ لَكَ مِنَ الاْمْرِ شَىْء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ(128)

وقد أصاب المسلمين الذين كانوا يحوطون رسول الله كثير من الجراحات، لأن الشخص منهم كان يتلقى السهم، خوفاً أن يصل للرسول، فوجد بطلحة نيفٌ وسبعون جراحة، وشلَّت يده، وأصاب كعببن مالك سبع عشرة جراحة. أما القتلى فكانوا نيفاً وسبعين منهم ستة من المهاجرين، والباقون من الأنصار. ومن المهاجرين: حمزةبن عبد المطلب، ومصعببن عمير، ومن الأنصار حنظلةبن أبي عامر، وعمروبن الجموح، وابنه خلاَّدبن عمرو، وأخو زوجه والدُ جابربن عبد الله، فأتت زوج عمرو هندُ بنت عمروبن حرام وحملتهم: زوجها وابنها وأخاها على بعير لتدفنهم بالمدينة، فنهى عليه الصلاة والسلام عن الدفن خارج أحد، فرجعوا. وقتل سعدبن الربيع، وأرسل عليه الصلاة والسلام مَن يأتيه بخبره فوجده بين القتلى، وبه رمق، فقيل له: إن رسول الله يسأل عنك، فقال لمُبِلغه: قُل لقومي: يقولُ لكم سعدُبن الربيع: الله الله وما عاهدتم عليه رسوله ليلة العقبة، فوالله ما لكم عند الله عذر. وقتل أنسبن النضر عمّ أنسبن مالك، فإنه لما سمع بقتل رسول الله قال: يا قوم ما تصنعون بالبقاء بعده؟ موتوا على ما مات عليه إخوانكم، فلم يزل يقاتل حتى قُتل رضي الله عنه.

ومَثَّلتْ قريش بقتلى أُحُد حتى إن هنداً زوج أبي سفيان بقرت بطن حمزة، وأخذت كبده لتأكلها، فلاكتها ثم أرسلتها، وفعلوا قريباً من ذلك بإخوانه الشهداء. ثم إن أبا سفيان صعد الجبل ونادى بأعلى صوته: نِعْمَتْ فعالِ، إن الحربَ سِجالٌ، يومٌ بيوم بدر، وموعدكم بدر العام المقبل، ثم قال: إنكم ستجدون في قتلاكم مُثْلَةً لم آمر بها ولم تَسُؤْني. ثم إن المشركين رجعوا إلى مكة ولم يعرجوا على المدينة، وهذا مما يدل على أن المسلمين لم ينهزموا في ذلكَ اليوم، وإلا لم يكن بدٌّ من تعقب المشركين لهم حتى يُغِيروا على مدينتهم. ثم تفقَّد عليه الصلاة والسلام القتلى وحزن على عمه حمزة حزناً شديداً، ودفن الشهداء كلهم بأُحُد، كل شهيد بثوبه الذي قتل فيه. وكانوا يدفنون الرجلين والثلاثة في لحد واحد لما كان عليه المسلمون من تعب، فكان يشقّ عليهم أن يحفروا لكل شهيد حفرة. ولما رجع المسلمون إلى المدينة سخر منهم اليهود والمنافقون، وأظهروا ما في قلوبهم من البغضاء، وقالوا لإخوانهم: لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ} (آل عمران: 156).

وهذا الذي ابتلي به المسلمون درس مهم لهم، يذكِّرهم بأمرين عظيمين تركهما المسلمون فأُصيبوا، أولهما: طاعة الرسول في أمره، فقد قال للرماة: لا تبرحوا مكانكم إن نحن نُصرنا أو قُهرنا، فعصوا أمره ونزلوا. والثاني: أن تكون الأعمال كلها لله غير منظورة فيها لهذه الدنيا التي كثيراً ما تكون سبباً في مصائب عظيمة، وهؤلاء أرادوا عَرض الدنيا، والتهَوا بالغنائم حتى عُوقبوا، وفي ذلك أنزل الله في سورة آل عمران التي فَصَّلَتْ غزوة أُحُد: ّ ْ ا لله ـ » « صلى الله عليه وسلم } مّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الاْخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ(152)

غزوة حمراء الأسد

لما رجع عليه الصلاة والسلام إلى المدينة أصبح حَذِراً من رجوع المشركين إلى المدينة ليتمموا انتصارهم، فنادى في أصحابه بالخروج خلف العدو، وألاّ يخرج إلا من كان معه بالأمس، فاستجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القَرح، فضمَّدوا جراحاتهم وخرجوا واللواء معقود لم يُحَلَّ، فأعطاه عليبن أبي طالب، وولى على المدينة ابن أم مكتوم، ثم سار الجيش حتى وصلوا حمراء الأسد وقد كان ما ظنه الرسول حقاً، فإن المشركين تلاوموا على ترك المسلمين من غير شن الغارة على المدينة حتى يتم لهم النصر، فأصرّوا على الرجوع، ولكن لما بلغهم خروج الرسول في أثرهم ظنوا أنه قد حضر معه مَنْ لم يحضر بالأمس، وألقى الله الرعب في قلوبهم، فتمادوا في سيرهم إلى مكة، وظفر عليه الصلاة والسلام وهم في حمراء الأسد بأبي عزة الشاعر، الذي مَنَّ عليه ببدر بعد أن تعهد ألاّ يكون على المسلمين، فأمر بقتله، فقال: يا محمد أقلْني، وامنُن عليّ، ودعني لبناتي، وأعطيك عهداً ألاّ أعود لمثل ما فعلت، فقال عليه الصلاة والسلام: «لا والله لا تمسح عارضيك بمكة تقول: خدعتُ محمداً مرتين، لا يُلْدَغُ المؤمنُ من جُحْرٍ مرتين، اضرب عنقه يا زبير» فضرب عنقه، وفي هذا تأديب عظيم من صاحب الشرع الشريف، فإن الرجل الذي لا يحترز مما أُصيب منه ليس بعاقل، فلا بدّ من الحزم لإقامة دعائم المُلْك.

حوادث

وفي هذه السنة زوَّج عليه الصلاة والسلام بنته أُم كلثوم لعثمانبن عفان بعد أن ماتت رقية عنده، ولذلك كان يُسَمَّى ذا النورين. وفيها تزوَّج عليه الصلاة والسلام حفصة بنت عمربن الخطاب، وأُمُّها أخت عثمانبن مظعون، وكانت قبله تحت خُنيسبن حذافة السهمي رضي الله عنه، فتوفي عنها بجراحة أصابته ببدر، وفيها تزوج عليه الصلاة والسلام زينبَ بنت خزيمة الهلالية من بني هلالبن عامر، كانت تدعى في الجاهلية أُم المساكين لرأفتها وإحسانها إليهم، وكانت قبله تحت عبد اللهبن جحش، فقُتل عنها بأُحُد وهي أخت ميمونة بنت الحارث لأمها، وفيها ولد الحسنبن علي رضي الله عنهما. وفيها حُرمت الخمر، وكان تحريمها بالتدريج، لما كان عليه العرب من المحبة الشديدة لها، فيصعب إذاً تحريمها دفعة واحدة، وكان ذلك التحريم تابعاً لحوادث تُنَفِّر عنها، لأن المنكر إذا أُسند تحريمه لحادثة أقرّ الجميع على تقبيحها كان ذلك أشدّ تأثيراً في النفس. فأولُ ما بُيِّن فيها قوله تعالى في سورة البقرة: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} (البقرة: 219). فمنفعة الميسر التصدق بربحه على الفقراء كما كانت عادة العرب، ومنفعة الخمر تقوية الجسم، ولما شربها بعض المسلمين وخلَّط في القراءة حُرِّمت الصَّلاة على السكران، فقال تعالى في سورة النساء: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} (النساء: 43) ولما حدثَ من شربها اعتداء بعض المسلمين على إخوانهم حُرِّمت قطعياً بقوله تعالى في سورة المائدة: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالاْنصَابُ وَالاْزْلاَمُ رِجْسٌ مّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآء

فِى الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ(91)

السَّنة الرَّابعة

سرية

في بدء السنة الرابعة بلغ رسول الله أن طُليحة وسلمة ابني خويلد الأسديين يدعوان قومهما بني أسد لحربه عليه الصلاة والسلام، فدعا أبا سلمةبن عبد الأسد المخزومي، وعقد له لواءً وقال له: «سِرْ حتى تنزل أرض بني أسدبن خزيمة فَأَغِرْ عليهم»، وأرسل معه رجالاً، فسار في هلال المحرم حتى بلغ قَطَناً فأغار عليهم، فهربوا من منازلهم، ووجد أبو سلمة إبلاً وشاءً فأخذها، ولم يلق حرباً، ورجع بعد عشرة أيام من خروجه.

سرية

وفي بدئها أيضاً بلغه عليه الصلاة والسلام أن سفيانبن خالدبن نُبَيْح الهُذلي المقيم بعُرَنَة يجمع الجموعَ لحربه، فأرسل له عبد اللهبن أُنَيْس الجهني وحده ليقتله، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَتَقَوَّلَ حتى يتمكن، فأذن له، وقال: «انتسب لخزاعة»، فخرج لخمس خَلَون من المحرم، ولما وصل إليه قال له سفيان: ممّن الرجل؟ قال: من خُزاعة، سمعتُ بجمعك لمحمد فجئت لأكون معك، فقال له: أجل، إني لفي الجمع له، فمشى عبد الله معه وحدَّثه وسفيان يستحلي حديثه، فلما انتهى إلى خِبائه تفرق الناس عنه فجلس معه عبد الله حتى نام، فقام وقتله، ثم ارتحل حتى أتى المدينة، ولم يلحقه الطلب وكفى الله المؤمنين القتال.

سرية

وفي صَفَر أرسل عليه الصلاة والسلام عشرة رجال عيوناً على قريش، مع رهط عَضَل والقَارَةِ، الذين جاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبون من يفقِّههم في الدين، وأمَّر عليهم عاصمبن ثابت الأنصاري، فخرجوا يسيرون الليل ويكمنون النهار حتى إذا كانوا بالرَّجيع غدر بهم أولئك الرهط، ودلُّوا عليهم هذيلاً قوم سفيانبن خالد الهذلي الذي كان قتله عبد اللهبن أنيس، فنفروا إليهم فيما يقرب من مائتي رامٍ، واقتفوا آثارهم حتى قربوا منهم، فلما أحسَّ بهم رجال السرية لجؤوا إلى جبل هناك، فقال لهم الأعداء: انزلوا ولكم العهد ألاّ نقتلكم، فنزل إليهم ثلاثة اغتروا بعهدهم، وقاتلهم الباقون، ومعهم عاصم غير راضين بالنزول في ذمة مشرك. ولما رأى الثلاثة الذين سلَّموا عينَ الغدر امتنع أحدهم فقتلوه، وأما الاثنان فباعوهما بمكة ممّن كان له ثأر عند المسلمين، وهناك قُتِلا. وقد قال أحدهما وهو خُبيببن عدي حين أرادوا قتله:
وَلَسْتُ أُبالي حينَ أُقْتَلُ مُسْلِماًعلى أَيِّ جَنْبٍ كان في الله مَصْرَعيوذلكَ في ذاتِ الإلهِ وَإِنْ يَشَأْيُبَاركْ على أَوصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ

سرية

وفي صَفَر وفد على رسول الله أبو براء عامربن مالك مُلاعِبُ الأسنّة، وهو من رؤوس بني عامر، فدعاه عليه الصلاة والسلام إلى الإسلام فلم يسلم ولم يبعد، بل قال: إني أرى أمرك هذا حسناً شريفاً ولو بعثتَ معي رجالاً من أصحابك إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك، رجوتُ أن يستجيبوا لك، فقال عليه الصلاة والسلام: «إني أخشى عليهم أهل نجد». فقال أبو براء عامر: أنا لهم جار، فأرسل معه المنذربن عمرو في سبعين من أصحابه كانوا يُسَمَّون القرَّاء لكثرة ما كانوا يحفظون من القرآن، فساروا حتى نزلوا بئر معونة، فبعثوا حَرَامبن مِلحان بكتاب إلى عامربن الطفيل سيدِ بني عامر، فلما وصل إليه لم يلتفت إلى الكتاب بل عدا على حَرَام فقتله، ثم استصرخ على بقية البعثة أصحابه من بني عامر فلم يرضوا أن يخفروا جوار ملاعب الأسنة، فاستصرخ عليهم قبائل من بني سُليم، وهم رِعْلٌ وذَكوان وعُصَيَّة فأجابوا وذهبوا معه، حتى إذا التقوا بالقرَّاء أحاطوا بهم، وقاتلوهم حتى قتلوهم عن آخرهم، بعد دفاع شديد لم يُجْدِهم نفعاً لقلّة عددهم وكثرة عدوهم، ولم ينجُ إلا كعببن زيد، وقع بين القتلى حتى ظُنَّ أنه منهم، وعمروبن أمية كان في سَرْح القوم. وَأُبْلِغَ عليه الصلاة والسلام خبر القراء فخطب في أصحابه، وكان فيما قال: «إن إخوانكم قد لقوا المشركين وقتلوهم، وإنهم قالوا: ربنا بلِّغ قومنا أنّا قد لقينا ربنا فرضينا عنه ورضي عنّا»، وكان وصول خبر هذه السرية وسرية الرجيع في يوم واحد، فحزن عليهم صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً، وأقام يدعو على الغادرين بهم شهراً في الصلاة.

غزوة بني النَّضِير

يا لله، ما أسوأ عاقبة الطيش فقد تكون الأمة مرتاحة البال، هادئة الخواطر، حتى تقوم جماعة من رؤسائها بعمل غدر، يظنون من ورائه النجاح، فيجلب عليهم الشرور ويشتتهم من ديارهم، وهذا ما حصل ليهود بني النضير حلفاء الخزرج، الذين كانوا يجاورون المدينة، فقد كان بينهم وبين المسلمين عهود يأمن بها كلٌّ منهم الآخر، ولكن بنو النضير لم يوفوا بهذه العهود حسداًمنهم وبغياً. فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض من أصحابه في ديار بني النضير إذ ائتمر جماعة منهم على قتله بأن يأخذ واحدٌ منهم صخرةً ويلقيها عليه من علو، فأُطلع عليه الصلاة والسلام على قصدهم، فرجع وتبعه أصحابه، ثم أرسل لهم محمدبن مسلمة يقول لهم: «اخرجوا من بلادي فقد هممتم بما هممتم من الغدر». إذ الحزم كل الحزم ألا يتهاون الإنسان مع مَنْ عُرف منه الغدر، فتهيأ القوم للرحيل، فأرسل لهم إخوانهم المنافقون يقولون: لا تخرجوا من دياركم ونحن معكم لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ(11) لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الاْدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ(12) أَشَدُّ الْكِتَابِ فِى أَبَداً إِنَّكَ نَافَقُواْ تَرَ جَآءوا خَصَاصَةٌ خَصَاصَةٌ عَلَى خَصَاصَةٌ وَمَن أُخْرِجْتُمْ وَاللَّهُ أَبَداً أَحَداً قُوتِلْتُمْ فِى أَبَداً إِنَّهُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ رَّحِيمٌ الَّذِينَ وَإِن مِنْ وَاللَّهُ فِى قُلُوبِنَا لَنَنصُرَنَّكُمْ أَلَمْ فِى فِى أَبَداً وَاللَّهُ مِنْ رَّحِيمٌ عَلَى وَاللَّهُ لّلَّذِينَ سَبَقُونَا رَءوفٌ تَرَ وَاللَّهُ فِى مِنْ قُوتِلْتُمْ فِى أَبَداً رَبَّنَآ وَلإِخْوانِنَا عَلَى نُطِيعُ سَبَقُونَا وَإِن تَرَ مِنْ أَبَداً

إِنَّهُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ فِى أَبَداً يَقُولُونَ غِلاًّ وَاللَّهُ فِى أَبَداً الَّذِينَ وَإِن قُلُوبِنَا فِى أَبَداً لّلَّذِينَ لَنَنصُرَنَّكُمْ إِنَّهُمْ بِالإَيمَانِ أَبَداً فيكُمْ لّلَّذِينَ فِى أَبَداً لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن عَلَى نُطِيعُ أَبَداً وَإِن فِى فِى رَبَّنَآ لّلَّذِينَ وَإِن مِنْ فِى أَبَداً قُوتِلْتُمْ فِى الَّذِينَ عَلَى رَءوفٌ تَرَ رَبَّنَآ قُلُوبِنَا

لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن عَلَى وَاللَّهُ فِى الَّذِينَ لّلَّذِينَ مِنْ وَإِن أَبَداً مِنْ أَبَداً يَشْهَدُ فِى أَبَداً وَإِن رَّحِيمٌ إِنَّهُمْ قُوتِلْتُمْ غِلاًّ فِى قُلُوبِنَا قُوتِلْتُمْ سَبَقُونَا يَخْرُجُونَ وَإِن وَإِن أَحَداً لّلَّذِينَ وَاللَّهُ وَإِن عَلَى وَاللَّهُ سَبَقُونَا مِنْ الَّذِينَ يَشْهَدُ تَرَ فِى إِنَّهُمْ لّلَّذِينَ لَنَنصُرَنَّكُمْ مِنْ أَبَداً إِنَّهُمْ وَلَئِن فِى لَكَاذِبُونَ وَلَوْ سَبَقُونَا وَإِن فِى قُلُوبِنَا قُوتِلْتُمْ وَاللَّهُ فِى أَبَداً قُوتِلْتُمْ لإِخْوَانِهِمُ إِنَّهُمْ تَرَ نُطِيعُ لّلَّذِينَ إِنَّكَ يَقُولُونَ وَلَئِن لاَ قُوتِلْتُمْ وَاللَّهُ فِى نُطِيعُ إِنَّهُمْ إِنَّكَ يَقُولُونَ وَاللَّهُ قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن وَاللَّهُ كَفَرُواْ قُوتِلْتُمْ وَاللَّهُ فِى سَبَقُونَا قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن وَإِن فِى قُوتِلْتُمْ مِنْ لّلَّذِينَ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن وَإِن قُوتِلْتُمْ فِى وَلَئِن عَلَى نُطِيعُ إِنَّكَ فِى يَقُولُونَ تَرَ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن مِنْ أَبَداً إِنَّهُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ فِى أَبَداً يَقُولُونَ غِلاًّ وَاللَّهُ فِى أَبَداً الَّذِينَ وَإِن الَّذِينَ لّلَّذِينَ أَبَداً إِنَّهُمْ فِى أَبَداً أُخْرِجُواْ عَلَى ءامَنُواْ وَإِن سَبَقُونَا وَإِن تَرَ قُلُوبِنَا فيكُمْ الَّذِينَ مِنْ قُوتِلْتُمْ رَءوفٌ إِنَّهُمْ

أَبَداً لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن أَبَداً إِنَّهُمْ أَحَداً وَاللَّهُ قُوتِلْتُمْ سَبَقُونَا رَّحِيمٌ مِنْ يَشْهَدُ وَلاَ أَبَداً يَشْهَدُ لّلَّذِينَ الَّذِينَ أَبَداً إِنَّهُمْ وَإِن لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن عَلَى نُطِيعُ فيكُمْ أَلَمْ نُطِيعُ فِى وَلَئِن نُطِيعُ إِنَّهُمْ فيكُمْ أَبَداً وَاللَّهُ قُلُوبِنَا لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن فِى أَبَداً تَرَ مِنْ قُلُوبِنَا وَاللَّهُ أَبَداً وَإِن إِنَّهُمْ تَرَ وَاللَّهُ فِى وَإِن قُوتِلْتُمْ مِنْ قُلُوبِنَا رَّحِيمٌ فِى وَلَئِن قُلُوبِنَا قُوتِلْتُمْ سَبَقُونَا يَخْرُجُونَ قُلُوبِنَا لاَ إِنَّهُمْ وَلَئِن أُخْرِجُواْ وَإِن الَّذِينَ فِى مِنْ رَّحِيمٌ غِلاًّ عَلَى قُلُوبِنَا أَبَداً رَءوفٌ أَلَمْ أَبَداً لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن عَلَى أَحَداً وَإِن فِى رَءوفٌ أَلَمْ أَبَداً قُلُوبِنَا قُوتِلْتُمْ إِنَّهُمْ فيكُمْ إِنَّهُمْ قُوتِلْتُمْ فيكُمْ فِى مِنْ وَإِن قُوتِلْتُمْ فيكُمْ قُلُوبِنَا أَبَداً لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن عَلَى نُطِيعُ الَّذِينَ سَبَقُونَا أَبَداً وَاللَّهُ فِى تَرَ الَّذِينَ وَاللَّهُ أَبَداً فِى وَلَئِن سَبَقُونَا قُوتِلْتُمْ إِنَّهُمْ رَبَّنَآ أَبَداً إِنَّهُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن عَلَى وَاللَّهُ إِنَّهُمْ أَحَداً نُطِيعُ وَلَئِن مِنْ قُوتِلْتُمْ رَّحِيمٌ وَإِن فِى تَجْعَلْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن عَلَى وَاللَّهُ سَبَقُونَا قُوتِلْتُمْ أَبَداً لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن وَإِن فِى إِنَّكَ وَإِن أَبَداً لّلَّذِينَ فِى قُلُوبِنَا أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ سَبَقُونَا وَإِن وَاللَّهُ فِى أَبَداً لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن عَلَى وَلاَ الَّذِينَ أَبَداً غِلاًّ فِى أَبَداً إِنَّكَ تَرَ قُلُوبِنَا نُطِيعُ نُطِيعُ مِنْ أَبَداً عَلَى وَاللَّهُ يَقُولُونَ فِى تَرَ فِى أَبَداً إِنَّهُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ رَّحِيمٌ إِنَّهُمْ رَءوفٌ تَرَ

قُلُوبِنَا وَاللَّهُ قُوتِلْتُمْ قُلُوبِنَا إِنَّهُمْ وَاللَّهُ لّلَّذِينَ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن قُلُوبِنَا سَبَقُونَا إِنَّهُمْ رَّحِيمٌ إِنَّهُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَإِن أَحَداً إِنَّهُمْ إِنَّهُمْ الَّذِينَ أَحَداً قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ فِى فِى أَبَداً وَإِن الَّذِينَ أَبَداً وَإِن وَاللَّهُ قُوتِلْتُمْ وَلَوْ

ولما سار اليهود نزل بعضهم بخيبر، ومنهم أكابرهم حُيَيُّبن أخطب، وسلاّمبن أبي الحُقَيْق، ومنهم من سار إلى أَذْرعَات بالشام، وأسلم منهم اثنان: يامينبن عمرو وأبو سعدبن وهب، ولم يخمِّس رسولُ الله ما أخذ من بني النضير، فإنه فيءٌ لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، ومثل هذا يكون لمعدّات الحرب، وللرسول، يطعم منه أهله، ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، كما قال تعالى في سورة الحشر: مَّآ أَفَآء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَى لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاْغْنِيَآء مِنكُمْ} (الحشر: 7) فأعطى عليه الصلاة والسلام من هذا الفيء فقراء المهاجرين، الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم، وردّوا لإخوانهم من الأنصار ما كانوا قد أخذوه منهم أيام هجرتهم، وأخذ عليه الصلاة والسلام أرضاً يزرعها ويدّخِر منها قُوت أهله عاماً.

غزوة ذات الرقاع

وفي ربيع الآخر بلغه عليه الصلاة والسلام أن قبائل من نجد يتهيؤون لحربه، وهم: بنو محارب وبنو ثعلبة، فتجهَّز لهم، وخرج في سبعمائة مقاتل، وولّى على المدينة عثمانبن عفان، ولم يزالوا سائرين حتى وصلوا ديار القوم، فلم يجدوا فيها أحداً غير نسوة فأخذهنّ، فبلغ الخبر رجالهم، فخافوا وتفرقوا في رؤوس الجبال، ثم اجتمع جمع منهم وجاؤوا للحرب، فتقارب الناسُ، وأخافَ بعضهم بعضاً. ولما حانت صلاة العصر وخاف عليه الصلاة والسلام أن يغدر بهم الأعداء وهم يصلّون، صلى بالمسلمين صلاة الخوف، فألقى الله الرعب في قلوب الأعداء، وتفرقت جموعهم خائفين منه صلى الله عليه وسلم.
ومال الإمام البخاري إلى أن هذه الغزوة كانت في السنة السابعة وأجمعَ أهلُ السِّيَرِ على خلافه.

غزوة بدر الآخرة

لما أهلّ شعبانُ هذا العام كان موعد أبي سفيان، فإنه بعد انقضاء غزوة أُحُد قال للمسلمين: موعدنا بدر العام المقبل، فأجابه الرسول إلى ذلك، وكان بدر محل سوق تُعقد كل عام للتجارة في شعبان يقيم التجار فيه ثمانياً، فلما حَلَّ الأجلُ وقريش مُجدبون، لم يتمكن أبو سفيان من الإيفاء بوعده، فأراد أن يخذل المسلمين عن الخروج كيلا يُوسم بخلف الوعد، فاستأجر نُعيمبن مسعود الأشجعي، ليأتي المدينة ويُرجفَ بما جمعه أبو سفيان من الجموع العظيمة، فقدم نُعيم المدينة وقال للمسلمين: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (آل عمران: 173) ولم يلتفت عليه الصلاة والسلام لهذا الإرجاف اتِّكالاً على ربه، بل خرج بألف وخمسمائة من أصحابه، واستخلف على المدينة عبد اللهبن عبد اللهبن أُبَيَ. ولم يزالوا سائرين حتى أتوا بدراً، فلم يجدوا بها أحداً لأن أبا سفيان أشار على قريش بالخروج على نيّة الرجوع بعد مسير ليلة أو ليلتين ظانّاً أن إرجاف نُعيم يفيد، فيكون المخلف هم المسلمون، فسار حتى أتى مجنَّة ــــ وهي سوق معروفة من ناحية مَرّ الظهران ــــ فقال لقومه: إن هذا عام جدب ولا يصلحنا إلا عام عشب فارجعوا، أما المسلمون فأقاموا ببدر لا يشاركهم في تجارته أحد {فَانْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء وَاتَّبَعُواْ رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ(174)

حوادث

وفي هذا العام ولد الحسينبن علي، وفيه توفيت زينب بنت خزيمة أُم المؤمنين، وفيه توفي أبو سَلَمة رضي الله عنه ابن عمة رسول الله، وأخوه من الرضاعة، وأولُ من هاجر إلى الحبشة، وفيه تزوج عليه الصلاة والسلام أُمَّ سَلَمَةَ هنداً زوج أبي سلمة بعد وفاته.

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية