الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

فسخ النكاح والحضانة ونفقة المملوك

 فسخ النكاح والحضانة ونفقة المملوك

فرع في فسخ النكاح
كتاب فتح المعين في الفقه الشافعي

محتويات

فرع في فسخ النكاح

وشرع دفعا لضرر المرأة.
يجوز لزوجة مكلفة أي بالغة عاقلة لا لولي غير المكلفة.
فسخ نكاح من أي زوج أعسر مالا وكسبا لائقا به حلالا بأقل نفقة تجب وهو مد أو أقل كسوة تجب كقميص وخمار وجبة شتاء بخلاف نحو سراويل ونعل وفرش ومخدة والأواني لعدم بقاء النفس بدونهما.
فلا فسخ بالإعسار بالأدم وإن لم يسغ القوت ولا بنفقة الخادم ولا بالعجز عن النفقة الماضية كنفقة الأمس وما قبله لتنزيلها منزلة دين آخر.

أو أعسر بمسكن وإن لم يعتادوه أو أعسر بمهر واجب حال لم تقبض منه شيئا حال كون الإعسار به قبل وطئ طائعة فلها الفسخ
للعجز عن تسليم العوض مع بقاء المعوض بحاله وخيارها حينئذ عقب الرفع إلى القاضي فوري فيسقط الفسخ بتأخيره بلا عذر كجهل ولا فسخ بعد الوطء لتلف المعوض به وصيرورة العوض دينا في الذمة فلو وطئها مكرهة فلها الفسخ بعده أيضا.

قال بعضهم: إلا إن سلمها الولي له وهي صغيرة بغير مصلحة فتحبس نفسها بمجرد بلوغها فلها الفسخ حينئذ إن عجز عنه ولو بعد الوطء لان وجوده هنا كعدمه.
أما إذا قبضت بعضه فلا فسخ لها على ما أفتى به ابن الصلاح واعتمده الأسنوي والزركشي وشيخنا وقال البارزي كالجوهري1 لها الفسخ أيضا واعتمده الأذرعي.

تنبيه: يتحقق العجز عما مر بغيبة ماله لمسافة القصر فلا يلزمها الصبر إلا إن قال أحضر مدة الإمهال أو
بتأجيل دينه بقدر مدة إحضار ماله الغائب بمسافة القصر أو بحلوله مع إعسار المدين ولو الزوجة لأنها في حالة الإعسار لا تصل لحقها والعسر منظر وبعدم وجدان المكتسب من يستعمله إن غلب ذلك أو بعروض ما يمنعه عن الكسب

فائدة [في بيان حكم ما إذا كان عند زوجة الغائب بعض ماله وكان معسرا بما مر] إذا كان للمرأة على زوجها الغائب دين حال من صداق أو غيره وكان عندها بعض ماله وديعة فهل لها أن تستقل بأخذه لدينها بلا رفع إلى القاضي ثم تفسخ به أو لا؟

فأجاب بعض أصحابنا ليس للمرأة المذكورة الاستقلال بأخذ حقها بل ترفع الأمر إلى القاضي لان النظر في مال الغائبين للقاضي نعم إن علمت أنه لا يأذن لها إلا بشيء يأخذه منها جاز لها الاستقلال بالأخذ وإذا فرغ المال وأرادت الفسخ بإعسار الغائب فإن لم يعلم المال أحد ادعت إعساره وأنه لا مال له حاضر ولا ترك نفقة وأثبتت الإعسار وحلفت على الأخيرين ناوية بعدم ترك النفقة عدم وجودها الآن وفسخت بشروطه وإن علم المال فلا بد من بينة بفراغه أيضا انتهى.
فلا فسخ على المعتمد بامتناع غيره موسرا أو متوسطا من الإنفاق حضر أو غاب إن لم ينقطع خبره فإن انقطع خبره ولا مال له حاضر جاز لها الفسخ لان تعذر واجبها بانقطاع خبره كتعذر بالإعسار كما جزم به الشيخ زكريا وخالفه تلميذه شيخنا.

واختار جمع كثيرون من محققي المتأخرين في غائب تعذر تحصيل النفقة منه الفسخ وقواه ابن الصلاح وقال في فتاويه: إذا تعذرت
النفقة لعدم مال حاضر مع عدم إمكان أخذها منه حيث هو بكتاب حكمي وغيره لكونه لم يعرف موضعه أو عرف ولكن تعذرت مطالبته عرف حاله في اليسار والإعسار أو لم يعرف فلها الفسخ بالحاكم والإفتاء بالفسخ هو الصحيح انتهى.
ونقل شيخنا كلامه في الشرح الكبير وقال في آخره وأفتى بما قاله جمع من متأخري اليمن.

وقال العلامة المحقق الطنبداوي في فتاويه والذي نختاره تبعا للائمة المحققين أنه إذا لم يكن له مال كما سبق لها الفسخ وإن كان ظاهر المذهب خلافه لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [22 سورة الحج الآية: 78] ولقوله صلى الله عليه وسلم: "بعثت بالحنيفية السمحة" [مسند أحمد رقم: 21788] ولان مدار الفسخ على الإضرار ولا شك أن الضرر موجود فيها إذا لم يمكن الوصول إلى النفقة منه وإن كان موسرا.
إذ سر الفسخ هو تضرر المرأة وهو موجود لاسيما مع إعسارها فيكون تعذر وصولها إلى النفقة حكمه حكم الإعسار انتهى.

وقال تلميذه شيخنا خاتمة المحققين ابن زياد في فتاويه: وبالجملة فالمذهب الذي جرى عليه الرافعي والنووي عدم جواز الفسخ كما سبق والمختار الجواز.
وجزم في فتيا له أخرى بالجواز.
ولا فسخ بإعسار بنفقة ونحوها أو بمهر قبل ثبوت إعساره
أي الزوج بإقراره أو بينة تذكر إعساره الآن.
ولا تكفي بينة ذكرت أنه غاب معسرا.

ويجوز للبينة اعتماد في الشهادة على استصحاب حالته التي غاب عليها من إعسار أو يسار ولا تسأل من أين لك أنه معسر الآن فلو صرح بمستنده بطلت الشهادة عند قاض أو محكم فلا بد من الرفع إليه فلا ينفذ ظاهرا ولا باطنا قبل ذلك ولا يحسب عدتها إلا من الفسخ.
قال شيخنا: فإن فقد قاض ومحكم بمحلها أو عجزت عن الرفع إلى القاضي كأن قال لا أفسخ حتى تعطيني مالا استقلت بالفسخ للضرورة وينفذ ظاهرا وكذا باطنا كما هو ظاهر خلافا لمن قيد بالأول لان الفسخ مبني على أصل صحيح وهو مستلزم للنفوذ باطنا ثم رأيت غير واحد جزموا بذلك انتهى.

وفي فتاوى شيخنا ابن زياد: لو عجزت المرأة عن بينة الإعسار جاز لها الاستقلال بالفسخ انتهى.
وقال الشيخ عطية المكي في فتاويه: إذا تعذر القاضي أو تعذر الإثبات عنده لفقد الشهود أو غيبتهم فلها أن تشهد بالفسخ وتفسخ بنفسها كما قالوا في المرتهن إذا غاب الراهن وتعذر إثبات الرهن عند القاضي أن له بيع الرهن دون مراجعة قاض بل هذا أهم وأهم وقوعا انتهى.

فـ: إذا توفرت شروط الفسخ من ملازمتها المسكن الذي غاب عنها وهي فيه وعدم صدور نشوز منها وحلفت عليهما وعلى أن لا مال له حاضر ولا ترك نفقة وأثبتت الإعسار بنحو النفقة على المعتمد أو تعذر تحصيلها على المختار يمهل القاضي أو المحكم وجوبا ثلاثة من الأيام وإن لم يستمهله الزوج ولم يرج حصول شيء في المستقبل ليتحقق إعساره في فسخ لغير إعساره بمهر فإنه على الفور.
وأفتى شيخنا أنه لا إمهال في فسخ نكاح الغائب.

ثم بعد إمهال الثلاث بلياليها يفسخ هو أي القاضي أو المحكم أثناء الرابع لخبر الدارقطني [السنن الكبرى 7/469, 470] والبيهقي [سنن الدارقطني رقم: 193, 3/297] في الرجل لا يجد شيئا ينفق على امرأته يفرق بينهما وقضى به عمر وعلي وأبو هريرة رضي الله عنهم قال الشافعي رضي الله عنه: ولا أعلم أحدا من الصحابة خالفهم.

ولو فسخت بالحاكم على غائب فعاد وادعى أن له مالا بالبلد لم يبطل كما أفتى به الغزالي إلا إن ثبت أنها تعلمه ويسهل عليها أخذ النفقة منه بخلاف نحو عقار وعرض لا يتيسر بيعه فإنه كالعدم.
أو تفسخ هي بإذنه أي القاضي بلفظ فسخت النكاح فلو سلم نفقة الرابع فلا تفسخ بما مضى لأنه صار دينا ولو أعسر بعد أن سلم نفقة الرابع بنفقة الخامس بنت على المدة ولم تستأنفها وظاهر قولهم أنهم لو أعسر بنفقة السادس استأنفتها وهو محتمل ويحتمل أنه
إن تخللت ثلاثة وجب الاستئناف أو أقل فلا كما قاله شيخنا.
ولو تبرع رجل بنفقتها لم يلزمها القبول بل لها الفسخ.

فرع: لها في مدة الإمهال والرضا بإعساره الخروج نهارا قهرا عليه لسؤال نفقة أو اكتسابها وإن كان لها
مال وأمكن كسبها في بيتها وليس له منعها لان حبسه لها إنما هو في مقابلة إنفاقه عليها وعليها رجوع إلى مسكنها ليلا لأنه وقت الإيواء دون العمل ولها منعه من التمتع بها نهارا وكذلك ليلا لكن تسقط نفقتها عن ذمته مدة المنع في الليل.

قال شيخنا: وقياسه أنه لا نفقة لها زمن خروجها للكسب انتهى.
فرع: لا فسخ في غير مهر لسيد أمة وليس له منعها من الفسخ بغيره ولا الفسخ به عند رضاها بإعساره أو
عدم تكليفها لان النفقة في الأصل لها بل له إلجاؤها إليه بأن لا ينفق عليها ويقول لها إفسخي أو جوعي دفعا للضرر عنه.
ولو زوج أمته بعبده واستخدمه فلا فسخ لها ولا له إذ مؤنتها عليه.
ولو أعسر سيد المستولدة عن نفقتها قال أبو زيد: أجبر على عتقها أو تزويجها.

----
.1 في التحفة والنهاية: كالجوري.
----

فائدة: لو فقد الزوج قبل التمكين فظاهر كلامهم أنه لا فسخ ومذهب مالك رحمه الله تعالى لا فرق بين
الممكنة وغيرها إذا تعذرت النفقة وضربت المدة وهي عنده شهر للتفحص عنه ثم يجوز الفسخ.
تتمة [في بيان حكم مؤن الأقارب الأصول والفروع] يجب على موسر ذكر أو أنثى ولو بكسب يليق به بما فضل عن قوته وقوت ممونة يومه وليلته وإن لم يفضل عن دينه كفاية نفقة وكسوة مع أدم ودواء لأصل وإن علا ذكر أو أنثى وفرع وإن نزل كذلك إذا لم يملكاها وإن اختلفا دينا لا إن كان أحدهما حربيا أو مرتدا.

قال شيخنا في شرح الإرشاد: ولا إن كان زانيا محصنا أو تاركا للصلاة خلافا لما قاله في شرح المنهاج.
ولا إن بلغ فرع وترك كسبا لائقا.
ولا أثر لقدرة أم أو بنت على النكاح لكن تسقط نفقتها بالعقد وفيه نظر لان نفقتها على الزوج إنما تجب بالتمكين كما مر وإن كان الزوج معسرا ما لم تفسخ ولا تصير مؤن القريب بفوتها دينا عليه إلا باقتراض قاض لغيبة منفق أو منع صدر منه لا بإذن منه ولو منع الزوج أو القريب الإنفاق أخذها المستحق ولو بغير إذن قاض.

فرع: من له أب وأم فنفقته على أب وقيل هي عليهما لبالغ.
ومن له أصل وفرع فعلى الفرع وإن نزل أو له محتاجون من أصول وفروع ولم يقدر على كفايتهم قدم نفسه ثم زوجته وإن تعددت ثم الأقرب فالأقرب نعم لو كان له أب وأم وابن قدم الابن الصغير ثم الأم ثم الأب ثم الولد الكبير.

ويجب على أم إرضاع ولدها اللبأ وهو اللبن أول الولادة ومدته يسيرة وقيل يقدر بثلاثة أيام وقيل سبعة.
ثم بعده إن لم توجد إلا هي أو أجنبية وجب إرضاعه على من وجدت ولها طلب الأجرة ممن تلزمه مؤنته وإن وجدتا لم تجبر الأم خلية كانت أو في نكاح أبيه فإن رغبت في إرضاعه فليس لأبيه منعها إلا إن طلبت فوق أجرة المثل وعلى أب أجرة مثل لام لإرضاع ولدها حيث لا متبرع بالرضاع وكمتبرع راض بما رضيت1.

----
1 قال الشيخ علوي السقاف رحمه الله أن جملة: وكمتبرع راض بما رضيت من نسخ الطبع لا الخط وهي لا تستقيم إلا بزيادة دون قبل ما كما صرح في الفتح فتح الجواد وغيره.
----

فصل في بيان أحكام الحضانة ونفقة المملوك

والأولى بالحضانة وهي تربية من لا يستقل إلى التمييز أم لم تتزوج بآخر فأمهاتها وإن علت فأب فأمهاته فأخت فخالة فبنت أخت,
فبنت أخ فعمة.
والمميز إن افترق أبواه من النكاح كان عند من اختاره منهما ولأب اختير منع الأنثى لا الذكر زيارة الأم ولا تمنع الأم عن زيارتها على العادة والأم أولى بتمريضهما عند الأب إن رضي وإلا فعندها وإن اختارها ذكر فعندها ليلا وعنده نهارا أو اختارتها أنثى فعندها أبدا ويزورها الأب على العادة ولا يطلب إحضارها عنده ثم إن لم يختر واحدا منهما فالأم أولى وليس لأحدهما فطمه قبل حولين من غير رضا الآخر ولهما فطمه قبلهما إن لم يضره ولأحدهما بعد حولين ولهما الزيادة في الرضاع على الحولين حيث لا ضرر لكن أفتى الحناطي بأنه يسن عدمها إلا لحاجة.

[بيان نفقة المماليك من الأقارب] ويجب على مال كفاية رقيقة إلا مكاتبا ولو أعمى أو زمنا ولو غنيا أو أكولا نفقة وكسوة من جنس المعتاد لمثله من أرقاء البلد ولا يكفي ساتر العورة وإن لم يتأذ به نعم إن اعتيد ولو ببلاد العرب على الأوجه كفى: إذ لا تحقير حينئذ وعلى السيد ثمن دوائه وأجرة الطبيب عند الحاجة. وكسب الرقيق لسيده ينفقه منه إن شاء ويسقط ذلك بمضي الزمان كنفقة القريب.

ويسن أن يناوله مما يتنعم به من طعام وأدم وكسوة والأفضل
إجلاسه معه للأكل.
ولا يجوز أن يكلفه كالدواب على الدوام عملا لا يطيقه وإن رضي إذ يحرم عليه إضرار نفسه فإن أبى السيد إلا ذلك بيع عليه: أي إن تعين البيع طريقا وإلا أوجر عليه.

أما في بعض الأوقات فيجوز أن يكلفه عملا شاقا ويتبع العادة في إراحته وقت القيلولة والاستمتاع وله منعه من نفل صوم وصلاة.
وعلى مالك علف دابته المحترمة ولو كلبا محترما وسقيها إن لم تألف الرعي ويكفها وإلا كفى إرسالها للرعي والشرب حيث لا مانع فإن لم يكفها الرعي لزمه التكميل فإن امتنع من علفها أو إرسالها أجبر على إزالة ملكه أو ذبح المأكولة فإن أبى فعل الحاكم الأصلح من ذلك.
ورقيق كدابة في ذلك كله.
ولا يجب علف غير المحترمة وهي الفواسق الخمس.

ويحلب مالك الدواب ما لا يضر بها ولا بولدها وحرم ما ضر أحدهما ولو لقلة العلف والظاهر ضبط الضرر بما يمنع من نمو أمثالهما وضبطه فيه بما يحفظه عن الموت توقف فيه الرافعي فالواجب الترك له قدر ما يقيمه حتى لا يموت.
ويسن أن لا يبالغ الحالب في الحلب بل يبقى في الضرع شيئا وأن يقص أظفار يديه.
ويجوز الحلب إن مات الولد بأي حيلة كانت.
ويحرم التهريش بين البهائم.

ولا يجب عمارة داره أو قناته بل يكره تركه إلى أن تخرب بغير عذر كترك سقي زرع وشجر دون ترك
زارعة الأرض وغرسها ولا يكره عمارة لحاجة وإن طالت والأخبار الدالة على منع ما زاد على سبعة أذرع محمولة على من فعل ذلك للخيلاء والتفاخر على الناس والله سبحانه وتعالى أعلم.

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية