الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

سيرة الإمام الشافعي و منهجيته العلمية

 سيرة الإمام الشافعي و منهجيته  العلمية

اسم الكتاب / المقالة: موجز مبسط عن سيرة الإمام الشافعي و عن منهجيته العلمية
الموضوع: سيرة أئمة المذاهب السنية وأصولهم الفقهية
تأليف: م.عبد الله بن علي صغير

المحتويات

  1. مقدمة المكاتب :
  2. الفوائد المرجوة من استعراض ودراسة تراجم الأنبياء والصالحين و الأئمة وسيرة
  3. ولادة الإمام الشافعي ونسبه :
  4. التفاؤل بأن الشافعي هو عالم قريش الذي بشر به الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم
  5. تعلُّم الشافعي وطلبه للعلم
  6. أساتذة الشافعي:
  7. لقاء الشافعي بالإمام مالك وتتلمذه على يداه :
  8. أثر وفاة الإمام مالك على الشافعي رضي الله عنهما وذهاب الشافعي إلى العراق:
  9. إقامة الشافعي في العراق ومصاحبته للإمام محمد بن الحسن الشيباني
  10. عقيدة الشافعي :
  11. قوله في خلق القرآن:
  12. قوله في الرد على المتكلمين في ذات الله عزّ وجلّ وما شابه ذلك:
  13. تربية طلابه على وعلى عدم التفكير بأمور منهي عنها كالتفكير بذات الله وما شابه ذلك
  14. عقيدة الشافعي في الأسماء والصفات :
  15. توجيهاته لمقلديه بلزوم السنة النبوية وعدم تقديم رأيه والعياذ بالله على السنة الصحيحة
  16. منهجية الشافعي العلمية والأصول الفقه للمذهب الشافعي:
  17. المذهب الشافعي هو مزيج مذهب أهل الحديث ومذهب أهل الرأي:
  18. الأصول الفقهية للمذهب الشافعي :
  19. مؤلفات الشافعي رحمه الله :
  20. نظرة الشافعي رحمه الله إلى العلم والعلماء :
  21. حب الشافعي لعلوم الحديث ولأهل الحديث :
  22. الشافعي المحدث :
  23. الشافعي صاحب اللغة العربية السليمة وصاحب الحجة البليغة :
  24. الشافعي العابد الخاشع:
  25. الشافعي المؤمن السخي الكريم:
  26. حب الشافعي لمهنة الطب:
  27. أدب الشافعي مع مخالفي مذهبه وعدم تعصبه:
  28. ثناء العلماء على الشافعي رضي الله عنه :
  29. من حكم الشافعي رحمه الله :
  30. طلاب العلم يسألون والشافعي يجيب :
  31. بعض الشبهات أثيرت عن الشافعي والرد عليها :
  32. مرض الشافعي ووفاته :
  33. خاتمة وكلمة لابدّ منها:
  34. قائمة بأسماء المراجع المستخدمة في هذا البحث :


1- مقدمة الكاتب :

بسم الله والصلاة والسلام على محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر على الظالمين الله اكبر مع المظلومين ولا إله إلا الله محمد رسول الله صلوات ربي عليه وسلام , والله نشهد أنّه أدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في سبيل الله حق الجهاد ورضي اللهم عن آل بيته الطاهرين وأصحابه المخلصين الذين أدوا الأمانة وتابعوا المسيرة فجزاهم الله عن أمة الإسلام أحسن الجزاء .

أخوة الإيمان والعقيدة:

أمّا بعد فإنني اليوم في هذا الموضوع سوف أحدث نفسي وأحدثكم عن رجل ليس ككل الرجال, إمام وليس ككل الأئمة.
سوف أتشرف بالحديث عن إمام فتح باب الفقه على مصراعيه بعد أن كانت مقفلة , إمام مجدد لدين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في القرن الثاني الهجري , إمام جمع بين مذهب أهل الحديث وبين مذهب أهل الرأي , إمام شهد له أعداؤه بأنه يحمل نصف عقل أهل الدنيا ! .
ألا وهو محمد بن إدريس الشافعي مؤسس أصول الفقه السنية وشيخ الإسلام وإمام أهل السنة رضي الله عنه وأرضاه وجزاه عنّا خير الجزاء.
وأرجو الله أن يوفقني بالحديث عن هذا الإمام وأرجو من الله أن يبلغني غايتي في هذا الموضوع وأن يسدد خطاي فإن أحسنت فمن الله وإن أسأت فمن نفسي والله ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين .

تم الانتهاء من هذا البحث المتواضع بتاريخ
19 ذي الحجة عام 1429 هجري و الموافق 16/12/2008 ميلادي
أخوكم خادم الإسلام والمسلمين
م.عبدالله بن علي صغير


2- الفوائد المرجوة من استعراض ودراسة تراجم الأنبياء و الصالحين والأئمة وسيرة ومنهج الإمام الشافعي:

إن لعلم السيرة والتراجم دور كبير في حياة المسلم عامة و الملتزم خاصة , ومن يقرأ القران الكريم يلاحظ فيه الكثير من قصص التراجم عن الأنبياء والرسل والرجال الصالحين وذلك لأنّه من خلال دراسة تراجم الأنبياء والرسل والأئمة يمكن أن نجني بعض ا لفوائد منها :
- كانت قصص الأنبياء والرسل عليهم السلام تأتي لتشحذ همم الصحابة رضوان الله عليهم وتأتي مسلية ومقوية لفؤاد رسولنا الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم, فكان رسولنا الكريم يقول عندما ينال منه المنافقون ويتكلمون عنه بسوء ((......رَحِمَ اللهُ موسى, قد أُوذِيَ بأكثرَ من هذا فصبرَ )) رواه بخاري , فوجد رسولنا الكريم في قصص سيدنا موسى عليه السلام المذكورة في القرآن الكريم مواساة لما يتعرض له من اتهامات و همز ولمز , جزاك الله يا رسولنا الكريم يا أبا الزهراء عن الإسلام أفضل الجزاء .

- ليبين الله عزّ و جلّ لنبيه وآل بيته ولصحابته الكرام أن ما يتعرضون له من مشقة في سبيل الدعوة ونشر الدين, قد تعرض لها سابقاً الصالحين من الأمم السابقة فلا ييأس الصحابة ويتذكرون أن طريق التوحيد أصعب الطرق وأخطرها , هذا الطريق الذي قتل فيه يحيى و سجن فيه يوسف وصاح من ألمه فيه أيوب ... , فتتهيأ نفوس الصحابة على توقع البلاء وتستعد له .

- تراجم الشخصيات المؤمنة وأئمة الهدى تعطي قوة للمسلم الملتزم الذي يسير في طريق الالتزام الشرعي , فبطبيعة المسلم يبحث عن قدوة يقتدي بها صحيح أن قدوتنا هي الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن ثمّ آل بيته وأصحابه الكرام ولكن أحياناً يعتري المسلم خواطر وهواجس شيطانية خاطئة: فعندما يتذكر تضحيات الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد يقول في نفسه إنه لنبي معصوم !أمّا أنا فلا قدرة لي على الفعل مثلما فعل! , وكذلك الأمر أيضاً عندما يتذكر المسلم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم قد يقول في نفسه لقد كان معهم الرسول الكريم أمّا أنا فلست مثل الصحابة ! ..... لذلك فنحن بحاجة لتسليط الضوء على سيرة ومنهج رجال مؤمنين ليسوا أنبياء وليسوا صحابة بل هم علماء أتقياء فضلاء قدموا للإسلام الكثير الكثير , فهنا المسلم السوي صاحب القوة والالتزام قد تعتريه الغبطة لأولئك العلماء الذين ليسوا هم أنبياء ولا صحابة فيحبهم ويتأسى بأفعالهم والله ولي التوفيق.

- إن دراسة سيرة ومنهج الإمام الشافعي ضروري جداً للمسلم البسيط حتى يتعرف على هذا الإمام الذي قد يكون هذا المسلم أحد مقلديه فمن الجهل أن نقلد إمام لا تعرف عنه شيء إلا اسمه! .

وذلك إن طالب العلم يستفيد جداً من دراسة سيرة والمنهج العلمي للشافعي فيعرف أصول فقه المذهب الشافعي ويتعرف على أقوال العلماء القدماء المعاصرين للشافعي ويتعرف على مجدد القرن الثاني الهجري فتقوى عزيمة ذلك المسلم وتُشحذ همته.

- إن دراسة سير الأئمة الصالحين تعطي للمسلم ثقة قوية بأمته وخصوصاً في هذه المرحلة الصعبة التي تمر فيها الأمة الإسلامية فيدرك المسلم أن الأمة الإسلامية أمة حيّة لن تموت ,أمة ترفد البشرية على مر العصور والتاريخ برجال يحملون هذا الدين حق حمله.

و أيضاً عندما نقرأ سيرة الإمام الشافعي ونتعرف على عطائه للإسلام فإننا نستحضر قوله تعالى ((من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا )) الأحزاب 23.

وقوله تعالى ((في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال,رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار)) النور36- 37
ونثق ونقتنع قناعة تامة بأنّ هذا الدين محفوظ بحفظ القرآن , حفظاً من التبديل والتحريف وحفظاً بوجود رجال على مر الزمان وفي كل مكان يجددون لهذه الأمة دينها وهذا تصديقاً لقوله تعالى (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)) الحجر 9
والآن أخوتي وأحبابي وقرة عيني دعونا نبدأ مشوارنا العلمي ورحلتنا الفكرية مع مجدد القرن الثاني الهجري وأتمنى لي ولكم الفائدة في متابعة هذا المجهود المتواضع .
أخوكم في الله خادم الإسلام والمسلمين عبدالله بن علي


3- ولادة الإمام الشافعي ونسبه :

الامام الشافعي رضي الله عنه هو : محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد ابن عبد يزيد بن هشام بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب الإمام عالم العصر ناصر الحديث فقيه الملة, ابو عبد الله القرشي ثم المطلبي الشافعي المكي الغزي المولد نسيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه فالمطلب هو اخو هاشم , والد عبد المطلب اتفق مولد الامام بغزة ومات أبوه ادريس شابا .

وُلِدَ بالاتفاق عام 150 هجرية والصحيح الذي ذهب إليه الجمهور أنه ولِدَ في غزة في فلسطين، والده قرشي ويلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف جده صلى الله عليه وسلم , أما أمّه فمن قبيلة أخرى، من قبيلة الأسد وهي قبيلة عربية أصيلة و لكنها ليست قرشية.


4- التفاؤل بأن الشافعي هو عالم قريش الذي بشر به الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن: فما أخرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة عن علي رضي الله عنه وفيه: ((وإن علم عالم قريش يسع طباق الأرض )) قال البيهقي وابن حجر طرق هذا الحديث إذا ضمت بعضها إلى بعض أفادت قوة وعلم أن للحديث أصلا. انتهى .
وقد قال الكثير من علماء المسلمين أنّ هذا الحديث ينطبق على الإمام الشافعي فكان الإمام أحمد بن حنبل – مؤسس الفقه الحنبلي- يقول : إذا سئلت عن مسألة لا اعرف فيها خبرا قلت فيها بقول الشافعي لأنه إمام قرشي وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال عالم قريش يملأ الأرض علماً .

وحسب ما ورد في المصادر التاريخية المتوفرة بين يدي المسلمين فإنّ هذه الصفات عالم قريش الذي سوف يملأ الأرض علماً لا تنطبق على رجل غير الشافعي , فنلاحظ على مر القرون الماضية منذ حوالي ثلاثة عشر قرناً أن كتب الشافعي ومذهبه من أكثر المذاهب الإسلامية انتشاراً, وكتبه من أغنى الكتب علماً , وعلى كل حال إن ّاستقامة الإمام الشافعي وفقه وورعه ومنهجه الفقهي الدقيق هما اللذان جعلونا نتبعه وليس مجرد التوقع أو التفاؤل.

- وقد يعترض الأخوة الشيعة ويقولون أنّ الحديث السابق " بخصوص عالم قريش " المقصود به علماء أهل البيت لا أحد سواهم وخصوصاً أنهم من قريش فجمعوا العلم والنسب !

أجيبه بعون الله وأقول : صحيح أنه خرج من أهل البيت علماء وفقهاء كمحمد الباقر جعفر الصادق رضي الله عنهما وغيرهم كثر, ولكن الحديث السابق يبين حقيقة وهي أنّ ذلك العالم القرشي المعني بالحديث السابق سوف يملأ الأرض علماً , وهذا تثنى للإمام الشافعي فكتبه الآن من أكثر من ألف ومائتي سنة منتشرة في جميع أقطار العالم الإسلامي , بينما لم يصلنا أي كتاب عن الإمام جعفر الصادق بسند صحيح , ويوجد عند الشيعة كتب منسوبة لجعفر الصادق وأئمة أهل البيت وإذا فرضنا جدلاً صحة وسلامة نقلها فإنّ نسبة المسلمين- الذين غالبهم شيعة - الذين يقرؤون ويستفيدون من هذه الكتب لا تشكل خمسة بالمئة من مجموع المسلمين سنة وشيعة لذلك فالحديث السابق لا ينطبق على أئمة أهل البيت رضوان الله عليهم والله ورسوله أعلم.

ولا يظنّ أحد أنني أنتقص بذلك من مقدار أهل البيت والعياذ بالله لا والله ولكن الحق يقال وسلام الله على محمد وعلى آل محمد.


5- تعلُّم الشافعي وطلبه للعلم :

ولِدَ الشافعي في أسرة فقيرة جداً، وبعد ولادته بعامين توفي أبوه فقررت أمه العودة بابنها محمد من غزة في فلسطين إلى مكة لأنه قرشي حتى لا يضيع نسبه ولأن له سهم من ذوي القربى.

ولكن هذا المال الذي كانت تأخذه من سهم ذوي القربى كان قليلاً وقليلاً جداً، فعانت هي ووليدها محمد حرماناً وفقراً , ولكن الأم كانت قوية الشخصية راسخة الإيمان، على جانب من العلم والحفظ، فأرادت لولدها أن يتعلم و يحفظ فدفعت به إلى مكان في مكة يقرئ الصبيان ,ولكن الأم لم تجد مالاً يكفي لأجر المعلم، فكان الشيخ المقرئ يهمل ويقصِّر في تعليم الصبي المتعطِّش إلى العلم والمعرفة ولكن كان المعلم إذا علَّم الصبيان شيئاً، تلقَّف الشافعي ذلك الكلام ثم إذا قام المعلم من مكانه ليقضي شأنه أخذ محمد مكانه وراح يعلم الصبيان تلك الأشياء.

ورآه المعلم يفعل ذلك، فارتاحت نفسه و نظر إلى أنَّ الشافعي يكفيه من أمر الصبيان أكثر من الأجرة التي يريدها بها منه فترك طلب الأجرة واستمرت هذه الحال مع الشافعي حتى حفظ القرآن وهو دون العاشرة من عمره ومنهم من قال و هو ابن سبع سنين.

تعقيب لابد منه : حول اتخاذ مالاً لقاء تعليم القرآن أو أي علم شرعي:

أ‌- إذا كان المعلم للعلم الشرعي متفرغاً للتعليم الشرعي:
من وجهة النظر الشرعية يحق للمعلم طلب مبلغ من المال من الطلاب لقاء تعليمهم العلم الشرعي ولكن من الأفضل أن لا يأخذ شيء من طلاب العلم وخصوصاً إذا كان ميسورا الحال.
ويجب أن لا يتحوّل العلم الشرعي وأساتذته إلى تجار يبتغون عرض الدنيا ومتاع الدنيا على حساب العلم الشرعي وتعليمه, فلقد كان لنا الأسوة الحسنة برسولنا الكريم وأصحابه الكرام وآل بيته الطاهرين فلم نسمع حسب المصادر التاريخية الموجودة أنّ الصحابة أو العلماء الثقات كانوا يأخذون مالاً لقاء تعليمه العلم الشرعي, بل على العكس علماؤنا الأولون هم الّذين كانوا ينفقون على طلاب العلم ويجعلون صدقاتهم إليهم كما كان يفعل الإمام مالك رضي الله عنه,فيجب أن نقدم للإسلام ويجب علينا أن نضحي في سبيل الله.

ب‌- إذا كان المعلم للعلم الشرعي غير متفرغاً للتعليم الشرعي :
كأن يكون طبيباً أو مهندساً أو معلماً وإلى جانب ذلك يكون معلماً للقرآن الكريم في أحد المساجد أو غيرها .... في هذه الحالة من المفضل أن لا يأخذ أي أجر لقاء تعليمه العلم الشرعي والله خير الرازقين ليحصل بذلك على عظيم الأجر من الله تعالى , ولكي لا تتحول نيته من نية المعلم لدين الله إلى معلم يطلب المال لقاء تعليمه العلم الشرعي.... والله أعلم.


أساتذة الشافعي:

أخذ الشافعي العلم عن نخبة من العلماء ومن شتى الأمصار وسوف يتضح لنا ذلك فيما يلي:
من مكة الشريفة : أخذ العلم ببلده عن مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكة وداود ابن عبد الرحمن العطار وعمه محمد بن علي بن شافع فهو ابن عم العباس جد الشافعي وسفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي وسعيد بن سالم و فضيل بن عياض .
وتتلمذ أيضاً الإمام الشافعي على يد جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً, والإمام جعفر الصادق هو مؤسس الفقهي الجعفري الذي يتبع مذهبه الغالبية العظمى من الشيعة الاثنى عشرية لذلك يوجد تشابه بين أصول المذهب الشافعي وأصول المذهب الفقهي الجعفري.

ويقول الربيع سمعت الحميدي سمعت مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكة يقول للشافعي أفت يا أبا عبدالله فقد والله آن لك أن تفتي .

من المدينة المنورة: أخذ الشافعي عن العلم عن الإمام مالك بن أنس مؤسس المذهب المالكي.
وقرأ الشافعي القرآن على شبل واخبر شبل انه قرأ على عبد الله بن كثير وقرأ على مجاهد وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس.

من العراق: أخذ الشافعي العلم عن أصحاب الإمام أبو حنيفة وعلى رأسهم محمد بن الحسن.
وكان مذهب الإمام مالك هو مذهب أهل الحديث والإمام أبو حنيفة رضي الله عنهما منهجه هو منهج أهل الرأي والاستحسان, لذلك فللإمام الشافعي مذهبين:

المذهب القديم: وهو مذهب أهل الحديث.
المذهب الجديد : وهو مذهب أهل الحديث وأهل الرأي وسوف يمر معنا ذلك إن شاء الله.

من مصر : وكان يحضر في المسجد الحرام دروس إمام مصر الليث بن سعد حين يأتي حاجاً أو معتمراً وكان يوصي مستمعيه أن يتقنوا اللغة وأسرارها وأن يتعلموها, خاصة كلام هُذَيل وهم قبيلة في البادية وأن يحفظوا أشعارهم لأن هذيل أفصح العرب لذلك سوف نرى كيف حرص الإمام الشافعي على إتقان اللغة العربية . وكانت السيدة نفيسة رضي الله عنها حفيدة الحسن بن علي رضي الله عنهما موئل علم ودين و تقوى، تقيم في مصر، وكان الشافعي يعرف مقدارها ومكانتها, فاستأذن في زيارتها فأذنت له ورحبت به وأعجبها عقله وورعه وسمع منها ما لم يكن قد وصل إليه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يُروى أنه كان يلتقط العظام العريضة فيكتب عليها أو يذهب إلى الديوان فيجمع الأوراق المهملة التي يلقى بها فيستوهبها ويكتب على ظهرها.

هذه المعاناة وفقته إلى أن يعتمد على الحفظ فتكوَّنت لديه حافظة قوية ساعدته مستقبلاً على حفظ كل ما يسمع وما يُلقى إليه من علم ومعرفة.

وهنا لا بدّ لنا من التعليق بسيط على هذه القصة والحكمة:
إنّ فقر الشافعي وعدم توفر له سبل العيش وعدم وجود ما يكفيه لشراء الورق للكتابة , قد ولدت قوة الحفظ وجعلته يعتمد على الحفظ أكثر من التدوين .

و يجب على المسلم دوماً أن يتذكر قوله تعالى ((.... وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)) البقرة 216, فأحياناً يكون الفقر والظلم الذي قد يتعرض له المسلم هو خير له , فالله عزّ وجلّ يعلم ونحن لا نعلم وخالقنا أعلم بنا.

فالمسلم الحق يدرك دوماً أنّ الله عزّ وجل يختار له الأفضل, فكثير من الزوجات يقلن لو كان زوجي كذا وكذا لكان أفضل ! وهنّ لا يعلمن أين الخير ولا يعلمن أو لا يدركن أنّ الله رحيم بعباده.

فمثلاً بعض النساء يفضّلن الرجل المتحرر – حسب تعبيرهنّ- الذي لا يدقق كثيراً على الحجاب الشرعي ولا يمانع اختلاط النساء بالرجال الأجانب – أعاذنا الله من ذلك الرجل ومن تلك المرأة- , والسؤال الذي يجب أن تسأل المرأة المسلمة نفسها في هذه الحالة : لو كان زوجك كما تريدين فهل أنت تضمنين نفسك أن لا تنجرفي وراء هذه الحياة وتحبين الاختلاط ويصبح عندك حب الاختلاط ومجالسة الرجال وألا تخشين على ابنك وبنتك الذين سوف يكبرون ويعلمون أنّك كنت على ضلال وانحلال ؟!.

فرأيت الكثير من النساء المؤمنات الطاهرات يعانين من مشكلة الاختلاط ويكون سببها الزوج .

نعود إلى الشافعي :والشافعي بذكائه وملاحظته أدرك أنَّ لغة قريش قد دخلتها ألفاظ غريبة ولم يعد لسانها هو اللسان العربي السليم في فصاحته وبيانه، وعلِمَ أنه لا يستطيع أن يجيد علوم القرآن والحديث واستخراج الأحكام من النصوص إلا إذا أتقن اللغة العربية الصحيحة.

انطلق الشافعي إلى مضارب هذه القبيلة فأقام في ظهرانيهم و لازمهم عشرة أعوام عكف خلالها على دراسة اللغة وآدابها وحفظ الشعر كما تعلَّم الرماية والفروسية وبرع فيهما. وروى الشافعي عن نفسه فقال: كانت همَّتي في شيئين، في الرمي والعلم فصرتُ في الرمي بحيث أصيب عشرة من عشرة " . وسكتَ عن موضوع العلم تواضعاً عِلماً أنه في العلم أكثر من ذلك ,
وكان الشافعي يوماً يحضر مجلس ابن عيينة فحدَّث ابن عيينة بحديث التالي :

عن صفيةَ بنتِ حُيَيَ- زوج رسول الله- قالت : كانَ رسولُ اللَّهِ مُعْتَكِفاً فأَتيتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا، فحدَّثْتُهُ، ثم جِئْتُ لِأَنْقَلِبَ، فقامَ مَعِي يَقْلِبُني، وكان مَنْزِلُها في دارِ أُسَامَةَ بنِ زيدٍ، ورآنا رجلانِ من الأَنْصارِ، فَلَمَّا رأيا النبيَّ قنَّعا رؤُوسَهما، فقالَ النبيُّ : «على رِسْلِكما أنها صَفِيَّةُ بنتُ حُيَيَ»، فقالا: سُبحانَ اللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ قالَ: «إِنَّ الشيطانَ يَجْرِي مِنَ الإِنسانِ مَجْرَى الدَّمِ وإنِّي خِفْتُ أَنْ يَقْذِفَ في قُلُوبِكُما شَيْئاً» أو قالَ: «شَرّاً». أخرجه ابن حبان في صحيحه, فقال ابن عيينة: ما فقه هذا الحديث يا أبا عبد الله ؟ فقال الشافعي: لو كان القوم اتهموا رسول الله صلى الله عليه وسلم لكانوا بتهمتهم إيّاه كفاراً و لكنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أدَّب مَن بعده فقال إذا كنتم هكذا فافعلوا هكذا حتى لا يُظَنَّ بكم، لا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم - وهو أمين الله في وحيه – يُتَّهم, فقال ابن عيينة: جزاك الله خيراً يا أبا عبد الله ما يجيئنا منك إلا ما نحبه.

من هذه القصة السابقة نجد أنّ الإمام الشافعي رضي الله عنه نفى أن يكون القوم قد اتهموا الرسول الأعظم بأي شيء...., ولكن التاريخ يبين لنا عكس ذلك فكان إلى جانب الأنصار رضي عنهم كان في المدينة المنورة تيار عظيم العدد من المنافقين بزعامة عبدالله بن أبي سلول فهو كان محرك الفتنة في غزوة بني المصطلق التي اتهمت بها السيدة عائشة رضي الله عنها في عرضها فيقول الله تعالى ((إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم)) النور 11 .

و بالتالي من غير المستبعد أن يكونا الرجلين صاحبا القصة من المنافقين وخصوصاً أنّه لم يذكر اسم هذين الرجلين. وعلى كل حال أصحاب رسول الله رضي الله عنهم بشر يصيبون ويخطئون ولكن ليسوا ككل البشر فلو تمت المقارنة بين محاسن الصحابة رضي الله عنهم وهفواتهم سوف نجد أننا نقارن بين بحر عظيم من مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال وبين نقطة صغيرة من الندى فأين الثرى من الثريا.

ونعود للشافعي :ولا عجب في ذلك فقد كان يعمل و يهتدي وفق توجيهات أمّه البارّة التي كانت عالمة، حافظة وفقيهة, فقد استُدعِيَت مرة للشهادة أمام قاضي مكة و معها امرأة أخرى وأراد القاضي أن يفرِّق بينها وبين المرأة الأخرى في الشهادة ليسمع كلاّ منهما على حدة، فاعترضت وطلبت إلى القاضي أن تكون شهادتها وشهادة المرأة الأخرى بحضور كليهما واستدلَّت على ذلك بقوله تعالى: ((أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى)) [البقرة: 282] ونلاحظ هنا أن ّ القاضي الشرعي لم يقل لأم الإمام الشافعي أنك لا تعلمين شيء ولست فقيه لذلك لا يحق لك الاعتراض , وهذا طبيعي لأنّ ذلك الزمان لم يفسد بعد وهذه القصة درس للجميع للعلماء والمتعلمين لكي يعلموا أنّ الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بسيط سهل يفهم الجميع فالله عزّ وجل يقول ((وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون)) سبأ 28, فنبينا الكريم فديته بأبي وأمي هو بعث معلماً للشيخ والطفل والرجل والمرأة .
وأجازه شيخ الحرم الإمام مسلم بن خالد الزنجي وكان أول من أجازه فقال له وهو غلام: أنت يا أبا عبد الله والله لقد آن لك أن تفتي, ولكن الشافعي مع هذا رفض أن يفتي وكيف يفعل ذلك وهو يعتبر أنَّ سلّم العلم ما زال طويلاً، وكيف يفعل ذلك والإمام مالك في المدينة ؟!.


6- لقاء الشافعي بالإمام مالك وتتلمذه على يداه :

أدرك الشافعي ما عند مالك من علم واسع وأحب لقاءه ولكنه تهيَّبَ أن يرحل إليه قبل أن يأخذ من علومه شيئاً، فأقبل على الموطأ فحفظه غيباً ولم يكن يملك ثمنه فاستعاره وحفظه.

و خشيَ أن لا يستقبله الإمام مالك لحداثة سنِّه فلقد اشتُهِرَ عن مالك أنه رغم سماحته, و طيب خُلُقه كان صارماً في العمل ولا يبيح وقته للناس ولا يستقبل من يطرق بابه خلال راحته في داره, ولكن الشافعي الشاب المتوقد المتوهج المتعطش إلى غَرف العلم لا يشبع نهمه الجلوس في حلقات درس مالك في المسجد ولكنه يريد أن يتفرَّد بلقائه, فتوسطت له أمّه عند والي مكة، فأرسل معه رسالة إلى والي المدينة .

فلما وصلت الرسالة إلى والي المدينة وقرأها قال:"يا فتى إنَّ مشيي من جوف مكة إلى جوف المدينة حافياً راحلاً أهوَن عليّ من المشي إلى باب مالك، فلستُ أرى الذل حتى أقف على بابه !",

فقال الشافعي: أصلح الله الأمير، إن رأى الأمير يوجه إليه ليحضر, فقال الأمير: هيهات، ليت أني لو ركبت ُأنا ومن معي وأصابنا من تراب العتيق -حي يسكنه مالك- نلنا بعض حاجتنا, وواعده على الذهاب إلى مالك في وقت العصر .,

ويروي الشافعي فيقول: وركبنا جميعاً، فو الله لكان كما قال، لقد أصابنا من تراب العتيق فتقدم رجل منا فقرع الباب فخرجت إلينا جارية سوداء فقال لها الأمير: قولي لمولاكِ أني بالباب, فدخلت ثم خرجت فقالت: إنَّ مولاي يقرئكَ السلام و يقول إن كان لديك مسألة فارفقها في رقعة يخرج إليك الجواب و إن كان للحديث فقد عرفتَ يوم المجلس فانصرِف, فقال لها الأمير: قولي له إنَّ معي كتاب والي مكة إليه في حاجة.

فدخلت وخرجت وإذا بمالك قد خرج وعليه المهابة والوقار وهو شيخ طويل مسنون اللحية، فرفع الوالي الكتاب إلى الإمام مالك فطفق يقرأه فلما بلغ إلى هذا: إنَّ هذا رجل يهمني أمره وحاله فتحدثه ...وتفعل ... وتصنع .... فرمى مالك الكتاب من يده ثم قال: سبحان الله أوَ صار علم رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخّذ بالرسائل ؟! قال الشافعي: فرأيتُ الوالي قد تهيَّب أن يكلِّمه فتقدمتُ وقلت: أصلحك الله ... إني رجل مطلبيّ من بني المطَّلِب وحدَّثتُه عن حالتي و قضيتي فلما سمع كلامي نظر إليَ و كان لمالك فراسة فقال: ما اسمك ؟ قلت: محمد، فقال: " يا محمد إنه سيكون لك شأن وأي شأن، إنَّ الله تعالى قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بالمعصية, إذا جاء الغد تجيء مصطحباً معك ما تقرأ به ", وطلب منه أن يأتي بمن يقرأ له الموطأ لصغر سنه ولكن الشافعي جاءه في اليوم الثاني ومعه الموطأ وبدأ يقرأ عن ظهر غيب والكتاب في يده , وكلما قرأ قليلاً تهيَّب مالكاً وأراد أن يقطع ولكن أعجب مالك حُسن قراءته وإعرابه فقال: زد يا فتى ، حتى قرأ عليه الموطأ في أيام يسيرة.

ولازم الشافعي مالكاً تسعة أعوام ولم ينقطع عنه إلا لزيارة أمّه أو لرحلة علمية و كان قد ذهب في بعض الرحلات إلى العراق وحصل ثروة من علم أبي حنيفة.

هكذا كانوا أئمة الهدى أئمة التقوى يجعلون الكل يحترمهم ولا يذلون العلم ولا يصغّروه لا للسلاطين ولا لأصحاب الثروات فحري بنا أن نقتدي بهم , فدين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلو ولا يعلى عليه.

قد يقول قائل : يقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ )) أخرجه أبو داوود , فنحن عندما نلين الحديث ونعظم ونحترم أصحاب السلطة وأصحاب المال فإننا نطبق السنة النبوية ؟!

نجيبه بعون الله: لا مانع بأن نلين الكلام ونحترم أصحاب السلطة وأصحاب المال وذلك بشروط وضوابط منها :

أ‌- أن يكون الهدف من ذلك هو دعوتهم و هدايتهم ونصحهم وإرشادهم وليس طمعا بمالهم أو خوفاً من سلطتهم فقد وردت الأحاديث الصحيحة أن نبينا الكريم كان يرسل رسل إلى هرقل يقول فيها :" إلى هرقل عظيم الروم " , فهنا سيد الخلق لم يصف هرقل بعظيم الروم خوفاً من دولته أو محاباة له لا ورب محمد وإنما حرصاً على هدايته.

ب‌- أن لا يكون في ذلك عدم احترام للعلم الشرعي أو تقليل من أهميه العلم أو احترام العالم , فيجب على العالم أن يحترم مكانته العلمية وان لا يحدث بالعلم الشرعي إلا لمن يستحقه ويحترمه , فيقول نبينا الكريم ((....إن عيسى بن مريم صلوات الله عليه وسلامه قام في بني إسرائيل فقال يا بني إسرائيل لا تتكلموا بالحكمة ثم الجاهل فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم....)) رواه الحاكم في مستدركه على الصحيحين.

فهذا الخطاب لا يخص بني إسرائيل بل يخص الأمة المحمدية باتفاق العلماء لذلك فمن الظلم إعطاء العلم الشرعي لمن لا يستحقه ومن الظلم أيضاً منعه عمن يستحقه , وأسال الله لي ولكم المغفرة إن وقعنا في ذلك, فللأسف أحياناً الاندفاع وراء أشخاص قد تتفاءل بهم خيراً يجعلك تعطيهم الكثير من العلم الشرعي و يرفضون تقبله وهذه من الأخطاء الدعوية التي يجب علينا الانتباه لها فالعلم الشرعي يعطى بعزة ولمن يقدر قيمته.

ت- أن لا يكون هذا التقرُّب مثار شبة وفتنة لشباب الأمة فنلاحظ أن بعض طلاب العلم يتمسحون بأصحاب الثروات ويسعون لإرضائهم على حساب عزتهم وعزة علمهم , وإذا قلت لهم لماذا تفعل ذلك فيقول كان شيخي وشيخ شيخي يتقرب ومنهم ويبرهم ؟ ....... ونحن نقول له لا بارك الله بك ولا بشيخك إن كان ذلك على حساب دين عزة دين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبهاؤه وإن كنت لا تحترم العلم الذي تحمله , فالأحرى بشيخك ان يعلمك ويؤدبك على وجوب احترام العلم وعدم التهاون به.


7- أثر وفاة الإمام مالك على الشافعي رضي الله عنهما وذهاب الشافعي إلى العراق:

لما كان عام مائة وتسعة وسبعون هجري توفي مالك رحمه الله, و بكاه الشافعي بكاءً حاراً, وكان الشافعي يعاني من الفقر ولا يبالي في سبيل إقباله على العلم و الدراسة فلمّا توفي مالك شعر بفراغ فالتفت يبحث عن عمل, وكان قد وصل إلى قمة الشباب، فبحث له بعض القرشيّن عن عمل في اليمن بواسطة والي اليمن، فأُعطِيَ عملاً جيداً في نجران .

إتهامه بخيانة الخلافة العباسية : في اليمن عظُمت ثروة الإمام الشافعي العلمية بالتعرف على فقه إمام مصر الليث بن سعد الذي كان تلامذته منتشرين هناك.

ولكن والي مدينة نجران تحفَّظ عليه فوشى إلى هارون الرشيد بشأنه و شأن عدد من الناس معه ,وكانت الخلافة العباسية آنذاك تحسب حساباً للشيعة لاسيما العلويين - أي أسرة و ذرية سيدنا علي رضي الله عنه - ذلك لأنّ الخلافة العباسية قامت على سواعد الشيعة أي المتشيعين والمناصرين لعلي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، إلا أنَّ العباسيين تنكروا لهم بعد قيام الخلافة.

لذا كانت الخلافة العباسية دائماً تخشى من ثورة العلويين عليهم, وكان والي نجران قد اتَّهم الشافعي بأنه يحرِّض العلويين على الثورة, وسيق إلى هارون الرشيد مكبَّلاً بتهمة خيانة الدولة وكانت عقوبة هذه الخيانة القتل.

دخل الشافعي ثابت الفؤاد على الخليفة ينتظر الحكم عليه وهو يردد: " الله يا لطيف ... أسألك اللطف فيما جرت به المقادير ", قال الشافعي للخليفة: السلام عليك يا أمير المؤمنين وبركاته (دون أن يلفظ و رحمة الله). فردَّ عليه الرشيد: وعليك السلام ورحمة الله و بركاته، ثم أضاف فقال: بدأت بسنَّة لم تؤمر بإقامتها ، ورددنا عليك فريضة قامت بذاتها ومن العجب أن تتكلم في مجلسي بغير أمري أو إذني.

فقال الشافعي: إنَّ الله تعالى قال: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا...... " النور55، وهو الذي إذا وعد وفَّى، فقد مكَّنك في أرضه و أمَّنني بعد خوفي ... حيث رددت عليَّ السلام بقولك وعليك رحمة الله، فقد شملتني رحمة الله بفضلك, فقال الرشيد: وما عذرك بعد أن ظهر أنَّ صاحبك - يعني الثائر العَلَوي - طغى علينا وبغى واتَّبعه الأرذلون وكنتَ أنت الرئيس عليهم؟ فقال الشافعي: أما و قد استنطقتني يا أمير المؤمنين فسأتكلم بالعدل والإنصاف ولكن الكلام مع ثقل الحديد صعب، فإن جُدتَ عليّ بفكه أفصحتُ عن نفسي وإن كانت الأخرى فيدك العليا ويدي السفلى والله غني حميد.

فأمَر الرشيد بفك الحديد عنه وأجلسه، فقال الشافعي: حاشا الله أن أكون ذلك الرجل، ولكن قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا))، الحجرات 6, لقد أفِك المبَلِّغ فيما بلَّغك, وإنَّ لي حرمة الإسلام وذمة النسب و كفى بهما وسيلة وما أنا بطالبيّ ولا عَلَوي و إنما أُدخِلتُ في القوم بغياً عليّ, أنا محمد بن إدريس، وأنا طالب علم, فقال الرشيد: أنت محمد بن إدريس؟ قال: نعم ، ثم التفت إلى محمد بن الحسن الشيباني وسأله: يا محمد ما يقول هذا؟ أ هو كما يقول؟ قال محمد بن الحسن: إنَّ له من العلم شأناً كبيراً وليس الذي زعم عليه من شأنه.

وكأنَّ الله تعالى وضع هذه المحنة التي انزلق فيها الشافعي من أجل أن يعيده عز وجل من عمل الدنيا إلى عمل الآخرة وهذا واضح جداً و عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر .

لذا ينبغي للمسلم أن يراجع نفسه كل فترة من الزمن و يحاول أن يتذكر ما هي الأشياء التي حصلت معه في الماضي وظنها آنذاك أنّها شرّاً وإذا بها مع مَرّ السنين الخير كله، ذلك يفيد الإنسان بزيادة ثقته بالله تعالى فإنَّ أكثر المعاصي والإرباكات إنما هي ناتجة عن عدم الثقة بالله .


8- إقامة الشافعي في العراق ومصاحبته للإمام محمد بن الحسن الشيباني:

وبقي الشافعي في العراق بعد أن سيق إلى الخليفة العباسي , فتعرَّف على محمد بن الحسن ووطَّد صلته به وعاد وتفرغ للعلم وترك الدنيا والعمل فيها.

يقول الشافعي: " أخذتُ من محمد بن الحسن وقر بعير (أي حمل بعير) من سماعه عن أبي حنيفة، أي لو جمعتُ العلم الذي أخذته منه في كتب فإن هذه الكتب تبلغ حمل بعير وكل ما فيها ليس فيه شيء من عندي ،كله أخذته سماعاً من محمد بن الحسن ". انظروا إلى تواضع الشافعي الذي ما حال بينه و بين هذه الكلمة المكانة العالية التي تبوَّأها قد تقدَّم ربما على محمد بن الحسن وهو المجتهد المطلق ما قال في نفسه ماذا سيقول عني الناس لو سمعوا أني تلميذ محمد بن الحسن , و هذا من باب ذكر فضل أهل الفضل, لبث الشافعي في العراق زهاء عامين عاد بعدها إلى مكة وأخذ يدرس في الحرم المكي، وهذه فترة ازدهار علمه.

منذ هذا العهد بدأ الشافعي يصب كل تفكيره ويعمل كل فهمه في تدوين الفقه, وأصوله أي بدأ في تدوين موازين الاجتهاد وأصول استنباط الأحكام من نصوص القرآن والسنَّة حتى تجتمع العقول المختلفة على هذه الموازين. فالقرآن والسنة كلٌ منهما مليء بالأحكام و لكن كيف نفهمهما؟ وما هي قواعد الفهم؟، ما هي قواعد الدلالة العربية التي على أساسها نستنبط الأحكام من القرآن ومن السنة ؟ هذا ما بدأ يشغل بال الشافعي فوضع وخطط لهذا العلم و هو علم جديد لم يكن موجوداً من قبل هو "علم أصول الفقه ".


9- عقيدة الشافعي :

إنّ دين محمد دين عزيز ودين القول والفعل , فلا نقبل أن نتعلم العلم الشرعي الصحيح إلا ممن صحت عقيدته , وحسن عمله فالله عزّ وجل يقول ((يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون,كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)) الصف 2-3 , فمن الذنوب العظيمة أن يقول الإنسان مالا يفعل , أو أن يبتغي بعلمه غير الله أعاذنا وإياكم من ذلك , ويقول أحد التابعين سُفْيَانَ رضي الله عنه : "كانَ يُقالُ العُلَمَاءُ ثلاثَةٌ عالِمٌ باللَّهِ يخشى اللَّهَ ليسَ بعالِمٍ بأمرِ اللَّهِ، وعالِمٌ باللَّهِ عالِمٌ بأمْرِ اللَّهِ يَخْشَى اللَّهَ فذاكَ العالِمُ الكاملُ، وعالِمٌ بأمرِ اللَّهِ ليس بعالِمٍ باللَّهِ لا يخشى اللَّهَ فذلِكَ العالمُ الفاجِرُ". سنن الدرامي

و الذي يهمنا ويفيدنا نحن كطلاب علم وحق وحقيقة هو العالم الكامل الذي يتق الله ولديه من العلم ما يذهب به الجهل عن قلوبنا وعقولنا.

وقد رأيت الكثير من المسلمين يتساهلون بطلب العلم فكلّما سمعوا من يتحدث بأمور الدين أصغوا له دون معرفة علمه واستقامته.
وهناك من يخطأ ويقول نأخذ ما في رؤوس العلماء وندع ما في النفوس! بحجة أنه ذلك الشخص المتعلم يميز بين الخبيث والطيب , ونجيب ذلك المسلم المخطئ ونقول لعلّ ذلك العالم المدلس أو غير الثقة الذي تتعلم منه يخدعك بقضية فقهية أو بمسألة عقائدية فكيف سوف تعرف أنّك مخدوع ؟!.

وكان الصحابي الجليل مالك بن أنس يقول يقول: "إنَّ هذا العِلْـمَ دِين فـانظروا عن من تأخذونَ دينكُم" تهذيب الكمال جزء 16 صقحة 342

لذلك دوماً يقول العلماء الأتقياء لطلابهم – اللهم اجعلنا من طلاب العلم- خذوا العلم من رجل لديه علم يعصمه عن الجهل, وخشية من الله تعصمه عن الغش والكذب والتدليس .

نعود إلى عقيدة الشافعي رضي الله عنه والتي سوف نتناول فيها قول الشافعي في خلق القرآن وقوله فيمن يخوض في علم الكلام وقوله في صفات وأسماء الله عزّ وجل وأخيراً موقفه من التقليد:


أ- قوله في خلق القرآن:

إن فتنة القول في خلق القرآن كانت ظاهرة في عهد الشافعي رضي الله عنه ولكن هذه الفتنة قويت واشتد ساعدها في عهد المأمون بعد وفاة هارون الرشيد وكما عودونا أئمة الحق والخير على عدم سكوتهم على الحق وخصوصاً فيما يتعلق بحدود الله وما يمس العقيدة الإسلامية .

فالقرآن كلام الله الأزلي وليس بمخلوق , وإنّ القول بأنّ القرآن مخلوق يفضي والعياذ بالله إلى وصف إحدى صفات الله بأنّها مخلوقة وهذا كفر صريح وهذا قول المعتزلة وبعض أهل البدع والفتن , لذلك إنّ أهل السنة والجماعة يقولون أنّ القرآن هو كلام الله الأزلي وليس بمخلوق .

وقد سئل الشافعي عن القرآن فقال أف أف القرآن كلام الله من قال مخلوق فقد كفر .
و عن الربيع بن سليمان قال حضرت الشافعي أو حدثني أبو شعيب إلا أني اعلم انه حضر عبد الله ابن عبد الحكم ويوسف بن عمرو وحفص الفرد وكان الشافعي يسميه حفصا المنفرد فسأل حفص عبد الله ما تقول في القرآن فأبى أن يجيبه فسأل يوسف فلم يجبه وأشار إلى الشافعي فسأل الشافعي واحتج عليه فطالت فيه المناظرة فقام الشافعي بالحجة عليه بأن القرآن كلام الله غير مخلوق وبكفر حفص .


ب- قوله في الرد على المتكلمين في ذات الله عزّ وجلّ :

أخوتي المؤمنين بارك الله بكم المقصود بالكلام هو الخوض والعياذ بالله بذات الله وبمشيئة الله وبقدر الله , لذلك يجب معرفة هذه القاعدة العقائدية التي تقول " الخوض في ذات الله كفر وضلال والبحث في صفات الله هو تقوى وإيمان " معنى ذلك أنّ المسلم إذا تفكّر بماهية وشكل يد لله وكيف استوى إلى العرش وراح يجسم الله عزّ وجل والعياذ بالله ويصف الذات الإلهية بشيء من صفات المخلوقين هذا كله كفر وضلال أعاذنا الله منكم ومنه .

من جهة أخرى إذا بدأ المسلم يتفكر بصفات الله أي ما هي صفات الله ( الرحمة – الغفور- الخالق – المبدع – المصور-..... ) وما هو انعكاسها على أرض الواقع فإنّ هذا التفكير يعتبر عبادة وإيمان جعلنا الله وإياكم من أهل التفكر الصحيح والإيمان الصريح .
وكان علماء الهدى والخير ومنهم الإمام الشافعي دوماً وأبداً يتصدّون لأهل الكلام والبدع ويربّون طلابهم على ذلك, فقد روي عن الشافعي بعض الأقوال في الكلام وأهله من هذه الأقوال:

 ما ارتدى احد بالكلام فأفلح .
 لو علم الناس ما في الكلام والأهواء لفروا منه كما يفرون من الأسد .
 الشافعي يقول والله لأن يفتي العالم فيقال أخطأ العالم خير له من أن يتكلم فيقال زنديق وما شيء أبغض إلي من الكلام وأهله, قال الذهبي هذا دال على أن مذهب أبي عبد الله- أي الشافعي - أنّ الخطأ في الأصول ليس كالخطأ في الاجتهاد في الفروع , لذلك نرى أنّ علماءنا القدماء الأفاضل كانوا يتشددون في الأصول وفي العقيدة والحمد لله أنّ جميع أهل السنة متفقون على الأصول أمّا في مسائل الفروع فالاختلاف فيها توسعة ورحمة للمسلمين.

 قال المزني سألت الشافعي عن مسألة من الكلام فقال سلني عن شيء إذا أخطأت فيه قلت أخطأت ولا تسألني عن شيء إذا أخطأت فيه قلت كفرت .

 الشافعي يقول: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل و يطاف بهم في العشائر ينادى عليهم هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة واقبل على الكلام .


ج- تربية طلابه على وعلى عدم التفكير بأمور منهي عنها كالتفكير بذات الله وما شابه ذلك:

و هنا لا بدّ لنا أن نستعرض بعض القصص المفيدة التي نرى فيها الأسلوب التربوي العقائدي عند الشافعي لطلابه, فمن هذه القصص القصة التي يرويها المزني عن نفسه وهو أحد تلامذة الشافعي فيقول المزني :

قلت إن كان أحد يخرج ما في ضميري وما تعلق به خاطري من أمر التوحيد فالشافعي, فصرت إليه وهو في مسجد مصر فلما جثوت بين يديه قلت هجس في ضميري مسألة في التوحيد فعلمت أن أحدا لا يعلم علمك فما الذي عندك؟
فغضب- أي الشافعي - ثم قال أ تدري أين أنت؟!
قلت :نعم.
قال هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون!
أبلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك ؟
قلت: لا
قال هل تكلم فيه الصحابة ؟
قلت: لا
قال تدري كم نجما في السماء ؟
قلت: لا
قال :فكوكب منها تعرف جنسه طلوعه أفوله مم خلق ؟!
قلت : لا.

قال: فشيء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقه!
ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت فيها ففرعها على أربعة أوجه فلم أصب في شيء منه,
فقال: شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات تدع علمه وتتكلف علم الخالق ! إذا هجس في ضميرك ذلك فارجع إلى الله وإلى قوله تعالى (( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم, إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون (( البقرة 163-164 ,فاستدل بالمخلوق على الخالق ولا تتكلف علم ما لم يبلغه عقلك!
قال المزني : فتبت . انتهى .

سبحان من علمك الحكمة والمنطق يا إمام ! ما شاء الله ما أعقلك يا شافعي! والله نحن بحاجة لمثلك والله شباب اليوم بحاجة إلى علماء مجددين لدين محمد أصحاب منطق وحجة وبرهان, وإقناع يضربون الأمثلة المنطقية والعلمية ثم يستشهدون بقال الله وقال رسول الله.
وأسلوب الشافعي في القصة السابقة يعطينا درساً دعوياً واضحاً في أسلوب الدعوة إلى الله , فعلى الداعي إلى الله أن لا يكتف بقال الله وقال رسول الله , بل عليه أن يطرح الأمثلة البسيطة و الأساليب العلمية ثم يتدرج رويداً رويداً حتى يصل إلى فكرته , فنلاحظ من القصة السابقة كيف تدرج الشافعي في تعليمه للمزني فلم يقل له مباشرة قال الله وقال رسول الله , بل تدرج معه في سلم الحكمة والمنطق السليم حتى أوصله إلى قناعة صحيحة بقول تعالى (( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم, إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر ----- (( البقرة 163-164 , لذلك حري بدعاتنا وعلماؤنا أن يتعلموا من الشافعي كيف تكون التربية العقائدية السليمة!.

و هناك بعض الدعاة للأسف يأتيهم رجل عنده مشكلة في التوحيد فيزجروه ويوبخوه أحياناً والبعض أحياناً يقوم بإعطائه ورداًً وذكراً خاصاً ؟!.... وهذا عين الجهل والخطأ بل يجب أن يناقش ذلك المسلم بأسلوب مبسط وأن يبين له مكان خطاه حتى يصل قناعة مفيدة, فلا الأذكار ولا غيرها تفيد ما لم يكن هناك عقيدة سليمة يعرف من خلالها المسلم أين يضع عقله وقلبه.

وفي حادثة أخرى جاء رجل إلى المزني يسأله عن شيء من الكلام فقال إنِّي أكره هذا بل أنهى عنه كما نهى عنه الشافعي لقد سمعت الشافعي يقول سئل مالك عن الكلام والتوحيد فقال: محال أن نظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنَّه علَّم أمَّته الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد, والتوحيد ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" فما عصم به الدم والمال حقيقة التوحيد . انتهى

فحقيقة التوحيد هي لا إله إلا الله وأمّا التفكر والسؤال عن كيفية استواء الرحمن؟! وكيف وسع كرسيه السماوات والأرض ؟!......فهذه من الضلال والبدع أعاذنا الله وإياكم من شر محدثات الأمور.


ت- عقيدة الشافعي في الأسماء والصفات :

وقال شيخ الإسلام علي بن احمد بن يوسف الهكاري في كتاب عقيدة الشافعي ...حدثنا يونس بن عبد الأعلى سمعت أبا عبد الله الشافعي يقول وقد سئل عن صفات الله تعالى وما يؤمن به فقال أي الشافعي :
لله أسماء وصفات جاء بها كتابه, وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته , لا يسع أحدا قامت عليه الحجة ردها لأن القرآن نزل بها وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القول بها فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر , فأمّا قبل ثبوت الحجة فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالروية والفكر, ولا نكفِّر بالجهل بها أحدا إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها ونثبت هذه الصفات وننفي عنها التشبيه كما نفاه عن نفسه فقال ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) الشورى 11 .


ط- توجيهاته لمقلديه بلزوم السنة النبوية وعدم تقديم رأيه والعياذ بالله على السنة الصحيحة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

كان الأئمة رضوان الله عليهم أحرص الناس على إتباع سنة رسول الله صلى عليه وعلى آله وسلم , لأنهم يفهمون قول الله عزّ وجلّ (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )) الأحزاب 21, ويعلمون أن السلامة تكون بتطبيق سنة أبي القاسم سلام الله عليه .

لذلك نرى دوماً أنّ الشافعي وغيره من أئمة الهدى كانوا دوماً ينبهون طلابهم ومقلديهم إلى أصل هام ألا وهو: إتباع السنة وعدم تقليد الشافعي ولا غيره في حال تعارض رأي الشافعي أو غيره مع السنة , ولكن للأسف هذه القاعدة لم يفهما بعض طلاب العلم وبعض الدعاة فنراهم لا يقبلون النقاش العلمي أو الانتقاد الصحيح لأي قول من أقوال الشافعي, ونسوا بذلك أنّ الإمام الشافعي بشر قد يخطئ وهذا هو الغلو والعياذ بالله .

فنحن لا نتبع أقوال أحد إلا أقوال محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإما أقوال العلماء والأئمة التي لم تستند على دليل من القرآن و السنة أو الإجماع أو القياس فهي للنقاش والاجتهاد.

وفي هذا المقام أجد من المفيد أن أذكر بعض أقوال الشافعي وتوجيهاته لمقلديه وتوصياته لأصحابه بإتباع السنة وترك العمل بقول الشافعي في حال تعارض مع السنة النبوية ومن هذه الأقوال كما وردت في سير أعلام النبلاء للذهبي الجزء العاشر :
1- قال الشافعي: كل ما قلته فكان من رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما صح فهو أولى ولا تقلدوني.
2- الشافعي: يقول إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بها ودعوا ما قلته.

3- الشافعي يقول:وقد قال له رجل تأخذ بهذا الحديث يا أبا عبد الله فقال متى رويت عن رسول الله حديثاً صحيحاً ولم آخذ به فأشهدكم أنّ عقلي قد ذهب ؟!.

4- قال الحميدي روى الشافعي يوماً حديثاً فقلت أ تأخذ به ؟ فقال : رأيتني خرجت من كنيسة أو علي زنار حتى إذا سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لا أقول به !!

5- الشافعي يقول: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أقل به.
6- و قال أبو ثور سمعت الشافعي يقول: كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو قولي وإن لم تسمعوه مني ويروى أنه قال إذا صح الحديث فهو مذهبي وإذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط.

7- الشافعي يقول إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا ما قلت. انتهى
ويا حبذا لو أنّ طلبة العلم والعلماء يتركون التعصب لمشايخهم و علمائهم فللأسف وجدت بعض طلاب العلم تقول لهم قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث الصحيح كذا ! فيجيب بأنه يتبع شيخه ولا يأخذ بذلك الحديث ! يا سبحان الله يا سبحان الله متى كانت آراء الرجال مقدمة على السنة الصحيحة!.

يا سبحان الله أ بقي بعد هذا الغلو من غلو ؟!.... صحيح أننا نتبع منهجية الشافعي العلمية ونثق به ولكن نحن كطلبة علم وباحثين عن الحق والحقيقة, لا نقول قال الشافعي ونسكت ! لا وألف لا بل نقول على أية آية قرآنية أو حديث نبوي أو إجماع أو قياس استند الشافعي في إفتائه ؟! .


10- منهجية الشافعي العلمية والأصول الفقهية للمذهب الشافعي:


أ‌- المذهب الشافعي هو مزيج مذهب أهل الحديث ومذهب أهل الرأي:

يعتبر مذهب الإمام الشافعي مزيج من مذهبين : مذهب أهل الحديث (القرآن والحديث ) أي مذهب الإمام مالك ومذهب أهل الرأي والقياس أي مذهب الإمام أبو حنيفة رضي الله عنهم جميعاً.

كان الشافعي يضرب في طول البلاد وعرضها في سبيل أن ينقل علم الحجاز إلى العراق, و بالعكس ويجمع الكل تحت مظلة هذه القواعد، فلقد تنبَّه إلى ثغرات علماء العراق وهي أنّهم كلما فقدوا النص استنجدوا بالرأي والاستحسان , ومالوا إلى ما تطمئنُّ إليه نفوسهم ولكن على أي أساس؟ وعلى أي قاعدة ؟ وما هو المقياس الذي يوضح الرأي المتفق مع شرع الله تعالى و حكمه و الرأي المتنكر عن شرع الله تعالى وحكمه؟ لا يوجد ! إذاً هذه هي الثغرة التي يعاني منها أهل العراق. انتهى

أما أهل الحجاز فلاحظ أنهم يأخذون بالنص دون أن يتوغلوا في فهم طرق دلالته وقوانين هذه الدلالة, إذا رأوا نصاً في كتاب الله تعالى أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم تصوَّروا ضرورة تطبيق هذا النص دون التأمل في كيفيته وأسلوبه، وهذه هي ثغرتهم، فكان كتاب الرسالة الذي ألفه الشافعي رحمه الله جاء سداً لثغرة أهل الحديث فتقبله المسلمون في جميع أنحاء البلاد وأقبلوا عليه وأنصح نفسي و جميع طلاب العلم والعلماء والدعاة أن يدرسوا هذا الكتاب الرائع .


ب- الأصول الفقهية للمذهب الشافعي :

إنّ علم أصول الفقه عبارة عن جملة من القواعد والمبادئ الأساسية , والكليّة التي يتوصل بها إلى تحصيل الأحكام والحلول وبفضل علم أصول الفقه يتعلم الفقيه المناهج والأسس والطرق التي يستطيع من خلالها استنباط الأحكام الفقهية للحوادث المتجددة، وبفضله تعرف العلل ,والحِكَم التي من أجلها شرعت الأحكام الشرعية، و « بفضله يعرف من يريد كتابة أي بحث من البحوث العلمية كيفية كتابة ذلك البحث لأن علم أصول الفقه قد جمع بين النقل والعقل، ومن تعمّقَ فيه: عرف طريق إيراد المسألة وتصويرها والاستدلال عليها وطريقة الاعتراض والجواب والمناقشة بأسلوب مبني على أسس ومناهج وطرق يندر أن تجدها في غير هذا العلم »

«وأشرف العلوم ما ازدوج فيه العقل والسمع واصطحب فيه الرأي و الشرع وعلم الفقه وأصوله من هذا القبيل, فإنّه يؤخذ من صفو الشرع والعقل سواء السبيل, فلا هو تصرف بمحض العقول بحيث لا يتلقاه الشرع بالقبول ، ولا هو مبني على محض التقليد الذي لا يشهد له العقل بالتأييد والتسديد » .

عن يونس يقول : سمعت الشافعي يقول الأصل القرآن والسنة وقياس عليهما والإجماع أكبر من الحديث المنفرد .
وابن أبي حاتم سمعت يونس يقول قال الشافعي الأصل قرآن أو سنة فإن لم يكن فقياس عليهما وإذا صح الحديث فهو سنة والإجماع أكبر من الحديث المنفرد والحديث على ظاهره وإذا احتمل الحديث معاني فما أشبه ظاهره وليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع ابن المسيب .

إذاً الأصول الفقهية للمذهب الشافعي هي :
الأصل الأول : كتاب الله تعالى والاستدلال به يتوقف على معرفة اللغة ، ومعرفة أقسامها , وهو ينقسم إلى : أمر ونهي ، وعام وخاص ، ومجمل ومبين ، وناسخ ومنسوخ .

الأصل الثاني : السنة والسنة في اللغة : أصلها الطريقة المحمودة ، قال الخطابي ، فإذا أُطلقت انصرفت إليها, وقد تستعمل غير مقيدة ، كقولهم : من سنّ سنة سيئة , وتطلق على الواجب في عُرف اللغويين والمحدّثين ، وأما في عُرف الفقهاء ، فيطلقونها على ما لا ليس بواجب ، وتطلق في مقابلة البدعة .

والسنة في المصطلح : تُطلق على ما صدر من النبي صلى الله عليه وسلم من الأقوال، والأفعال ، والتقرير, وتُطلق على ما ترجح جانب وجوده على جانب عدمه ترجيحاً ليس معه المنع من النقيض . انتهى ( البحر المحيط للزركشي 4/164)
والسنة تنقسم إلى ثلاثة أقسام : قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ " : لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ سُنَنَ رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ :

أَحَدُهَا : مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيه نَصَّ كِتَاب، فَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ نَصِ الْكتَاب.
وَالثَّانِي : مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ جُمْلَةَ كِتَاب، فَبَيَّنَ عَنْ اللَّهِ مَا أَرَادَ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِمَا .
وَالثَّالِثُ : مَا سَنَّ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ فِيهِ نَصُّ كتَابٍ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : جَعَلَ اللَّهُ [ لَهُ بِمَا ] فَرَضَ مِنْ طَاعَتِهِ ، وَسَبَقَ فِي عِلْمِه مِنْ تَوْفِيقِه لِرضَاهُ ، أَنْ يَسُنَّ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ نَصُّ كِتَابٍ , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لَمْ يَسُنَّ سُنَّةً قَطُّ إلَّا وَلَهَا أَصْل فِي الْكتَاب , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : بَلْ جَاءَتْهُ رسَالَةُ اللَّه فَأَثْبَتَ سُنَّتَهُ بفَرْض اللَّهِ ,وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : أُلْقِيَ فِي رُوعه كَمَا سَن .

الأصل الثالث : الإجماع : الإجماع لغة : يطلق في اللغة على معنيين : العزم على الشيء والإمضاء، والثاني : الاتفاق.
الإجماع في المصطلح : هُوَ اتِّفَاقُ مُجْتَهِدي أُمَّةِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ بَعْدَ وَفَاته فِي حَادِثَة عَلَى أَمْر مِنْ الْأُمُور فِي عَصْر مِنْ ما .
فمن التعريف السابق يخَرَجَ اتِّفَاقُ الْعَوام ، فَلَا عِبْرَةَ بِوِفَاقِهمْ و لاخَلافهمْ ، وَيَخْرُجُ أَيْضًا اتِّفَاقُ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِين

الأصل الرابع : قول الصحابي: قال الإمام الشافعي في كتاب الأم : " مَا كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَوْجُودَيْنِ فَالْعُذْرُ عَلَى مَنْ سَمِعَهُمَا مَقْطُوعٌ إلَّا بإتباعهما ، فَإِذَا لَمْ يَكُن كَذَلِكَ صِرْنَا إلَى أَقَاوِيل أَصْحَاب الرَّسُولِ أَوْ وَاحِدِهِم ، وَكَانَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ أَبِي بَكْر وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِي - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - أَحَبَّ إلَيْنَا إذَا صِرْنَا إلَى التَّقْلِيد ، وَلَكِنْ إذَا لَمْ نَجِدْ دَلَالَةً فِي الِاخْتِلَافِ تَدُلُ عَلَى أَقْرب الِاخْتلَاف مِنْ الْكِتَاب وَالسُّنَّةِ فَنَتَّبِعُ الْقَوْل الَّذِي مَعَهُ الدَلَالَةُ ، لِأَنَّ قَوْل الْإِمَام مَشْهُور فَإِنَّهُ يَلْزَم النَّاس وَمِنْ لَزِمَ قَوْلُهُ النَّاس كَان أَظْهَرُ مِمَّنْ ُفْتِي الرَّجُلَ وَالنَّفَر ، وَقَدْ يَأْخُذُ بِفُتْيَاه وقَد يَدَعُهَا ، وَأَكْثَرُ الْمُفْتِينَ يفْتُون الْخَاصَّةَ فِي بيُوتِهِمْ وَمَجَالِسهمْ ، وَلَا يَعْنِي الْخَاصَةَ بِمَا قَالُوا : عِنَايَتُهُمْ بمَا قَال الْإِمَامُ
. ثُمَّ قَالَ : فَإِذَا لَمْ يُوجَد عَنْ الْأَئِمَّة فَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدين في مَوْضِع الْأَمَانَة أَخَذْنَا بِقَوْلِهم، وَكَانَ إتباعهم أَوْلَى بِنَا مِنْ إتباع مَنْ بَعْدِهمْ " . البحر المحيط 6/55

قال الزركشي : " وَهَذَا صَرِيحٌ مِنْهُ فِي أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيّ عِنْدَهُ حُجَّة مُقَدَّمَة عَلَى الْقِيَاس ، كَمَا نَقَلَه عَنْهُ إمَامُ الْحَرَمَيْن ، فَيَكُونُ لَهُ قَوْلَان فِي الْجَديد، وَأَحَدُهُمَا مُوَافِقٌ لِلْقَديم ، وَإِنْ كَانَ قَدْ غَفَلَ عَنْ نَقْلِه أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ".
الأصل الخامس :القياس والنظر فيه أوسع من غيره من أبواب الأصول, القياس اصطلاحاً : هو رد الفرع إلى الأصل بعلة تجمعهما في الحكم.
إذا هذه الأصول الفقهية للمذهب الشافعي : فيكون ترتيب الأدلة عند الشافعية كما هو آت :

قال الإمام الشافعي : " وَالْعِلْمُ طَبَقَاتٌ :
الْأُولَى : الْكِتَابُ، وَالسُنّةُ إذَا ثَبَتَتْ السُنَّةُ.
وَالثَّانِيَةُ : الْإِجْمَاعُ مِمَّا لَيْسَ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّة.
والثَّالِثَةُ : أَنْ يَقُولَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا فِيهمْ.
والرَّابِعَةُ : اخْتِلَافُ أَصْحَابِ الرَّسُولِ.
وَالْخَامسَةُ : الْقِيَاسُ عَلَى بَعْضِ هَذِه الطَّبَقَات.
وَلَا يُصَارُ إلَى شَيْءٍ غَيْرَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُمَا مَوْجُودَان، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ أَعْلَى ". انتهى

----------------

ENDNOTE

سير أعلام النبلاء للذهبي الجزء العاشر
ولهذا الحديث طرق كثيرة، قال العجلوني في كشف الخفاء: قال البيهقي وابن حجر طرق هذا الحديث إذا ضمت بعضها إلى بعض أفادت قوة وعلم أن للحديث أصلا. انتهى
سير أعلام النبلاء للذهبي الجزء العاشر
سير أعلام النبلاء للذهبي الجزء العاشر
وقد يسأل سائل و يقول سائل لماذا لم يقل الإمام الشافعي وهو كما نعلمه متواضعاً أنه في العلم أقل من عشرة من عشرة كما يفعل الكثير من علماء عصرنا الذين يصفون أنفسهم أحياناً بعبد حقير أو ما شابه ذلك ؟
فنجيب بعون الله : إن من عادة علماء المسلمين القدماء أن يصغّروا أنفسهم في كل شيء إلا في موضوع العلم إذا كانوا من أهل العلم ,وذلك تصديقاً لقوله تعالى ((وأما بنعمة ربك فحدث )) الضحى 11, فواجب على المسلم إن آتاه الله العلم أن يتحدث عن ذلك أو على الأقل أن يسكت إن أراد التواضع , أمّا أن يقول أنا عبد حقير أو عبد جاهل, بحجة التواضع فهذا مذموم شرعاً لأن الإنسان يصف نفسه بما ليس فيه ولأنّه يجحد نعمة الله .

الموسوعة الإسلامية المعاصرة 1998- 1998
سير أعلام النبلاء للذهبي ج10
الموسوعة الإسلامية المعاصرة عام 1998-1999
(سير أعلام النبلاء للذهبي ج10) وإسناده صحيح .
المصدر السابق
سير أعلام النبلاء للذهبي الجزء العاشر
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
سير أعلام النبلاء للذهبي الجزء العاشر
الموسوعة الإسلامية المعاصرة 1998-1999
ttp://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%81%D8%B9%D9%8A%D8%A9&redirect=no ويكبيديا الموسوعة الحرة
المهذّب في علم أصول الفقه ط/د- www. ar.jurispedia.org
أبوحامد الغزالي : المستصفى ج 4/1- www. ar.jurispedia.org
سير أعلام النبلاء للذهبي ج10
سير أعلام النبلاء للذهبي ج10
البحر المحيط للزركشي 6/55.

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية