الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

الإمام الشافعي المجتهد والمحدث ومؤلفاته

الإمام الشافعي المجتهد والمحدث ومؤلفاته

المحتويات

  1. مؤلفات الشافعي رحمه الله :
  2. نظرة الشافعي رحمه الله إلى العلم والعلماء :
  3. حب الشافعي لعلوم الحديث ولأهل الحديث :
  4. الشافعي المحدث :
  5. الشافعي صاحب اللغة العربية السليمة وصاحب الحجة البليغة :
  6. الشافعي العابد الخاشع:
  7. الشافعي المؤمن السخي الكريم:
  8. حب الشافعي لمهنة الطب:
  9. أدب الشافعي مع مخالفي مذهبه وعدم تعصبه:
  10. ثناء العلماء على الشافعي رضي الله عنه :
  11. من حكم الشافعي رحمه الله :
  12. طلاب العلم يسألون والشافعي يجيب :
  13. بعض الشبهات أثيرت عن الشافعي والرد عليها :
  14. مرض الشافعي ووفاته :
  15. خاتمة وكلمة لابدّ منها:
  16. قائمة بأسماء المراجع المستخدمة في هذا البحث :
  17. العودة إلي كتاب سيرة الإمام الشافعي


- مؤلفات الشافعي رحمه الله :

للشافعي رضي الله عنه مؤلفات عديدة نذكر منها :

أ- كتاب الرسالة :

- سبب تأليف هذا الكتاب :روى جعفر ابن أخي أبي ثور الكلبي عن عمه قال كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي وهو شاب أن يضع له كتاباً فيه معاني القرآن ويجمع قبول الأخبار وحجة الإجماع وبيان الناسخ والمنسوخ فوضع له كتاب الرسالة .
وقال أبو ثور قال لي عبد الرحمن بن مهدي ما أصلي صلاة إلا وأنا أدعو للشافعي فيها.

- محتوى هذا الكتاب:يعتبر هذا الكتاب أول كتاب في أصول الفقه وهو من الكتب الهامة والمفيدة جداً, حيث وضّح فيها الإمام الشافعي أصول الفقه وكيفية استنباط الأحكام.

والذي يدعو إلى الإعجاب أن يكون الشافعي كتب هذه الرسالة في أصول الفقه وهو شاب وكان قد طلبها منه إمام المحدِّثين في بغداد لكي يستفيد منها هو وغيره من كبار العلماء في كيفية فهم النصوص, ولما كتب الشافعي الرسالة ووصلت إلى إمام المحدثين في بغداد، جعل يتعجب ويقول: لو كانت أقل لنفهم (أي القواعد).

كتاب الرسالة هو: مقدمة ضخمة لكتاب الشافعي الأم , وكذلك كتاب الرسالة فهو في أصله عبارة عن مقدمة كبيرة واسعة جداً لكتاب الأم وهو عبارة عن سبعة أجزاء، إلا أنَّ الرسالة فيما بعد أُفرِدَت بالطباعة وأصبحت عبارة عن كتاب مستقل لأنه يحوي علماً مستقلاً، وقد تضمَّن كثيراً من الأمور منها:

- أنَّ أي علم شرعي لا بد أن يدور على فلك نص مأخوذ من الكتاب أو السُنَّة.
- ثم أكَّد أهمية وحجية حديث الآحاد (وحديث الآحاد هو الحديث الذي يرويه صحابي واحد أو اثنين أو ثلاثة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم) ، واستدلَّ على حجية الآحاد بأدلة كثيرة.

و كان قد ظهر في عصر الشافعي من يدَّعي أنه يأخذ بالقرآن الكريم وحده ويدع العمل بالحديث الآحاد هم من الزنادقة، فردَّ عليهم الشافعي رداً مفحماً وسمّيَ بذلك " نصير السُنَّة النبوية ".

باختصار كتاب " الرسالة " هو عبارة عن مفاتيح لكيفية فهم الأحكام من النصوص, وقد كان المجتمع آنذاك يفتقر إلى هذا العلم ولم يكتب فيه أحد قبلاً ، صحيح أنَّ الإمام أبو حنيفة والإمام مالك كل منهما بنى فقهه على أصول ومبادئ و لكن هذه المبادئ لم تسجَّل ولم يُصرَّح بها كلها بل إنَّ تلامذتهما هم الذين استنبطوا الأصول من فروع المسائل.

والذي أعان الشافعي على هذا العلم - علم استنباط الأحكام من النصوص – هو كونه عالماً بالفقه والحديث وبلوغه درجة قصوى من الذكاء.

ويجب التأكيد والتذكير أنّ كتاب الرسالة هو أول كتاب فقهي إسلامي وضح مبادئ وأصول الفقه وبين أحكام الناسخ والمنسوخ وأنصح طلبة العلم المولعين بالفقه وأصوله بقراءة ودراسة هذا الكتاب والذي يمكن أن نسميه كتاب بداية دراسة الفقه الإسلامي على أسس وقواعد صحيحة.

ب- كتاب الأم :

وفي مصر أعاد الشافعي النظر في الرسالة فجدّد تأليفها - والرسالة التي بين أيدي الناس اليوم هي الرسالة المؤلفة في مصر - كما أعاد النظر في كتابه الحجة فألَّف بدلاً عنه كتاب الأم, وهو مجموع لكتب كثيرة جديدة ألَّفها الشافعي في مصر وهذا الكتاب هو المعروف والمشهور في أيامنا.

وتراجع الشافعي عن بعض مسائله الفرعية في العراق وأفتى بغيرها من هنا إذا قيل اليوم في المذهب الشافعي القديم فإنّما يراد به أقواله في العراق المجموعة في كتابه الحجة وإذا قيل مذهب الشافعي الجديد فيراد به أقواله في مصر المجموعة في كتابه الأم.
ج- وابتكر الشافعي كتباً - كما يقول الإمام النووي - لم يسبق إليها، منها: أصول الفقه وكتاب القسامة وكتاب الجزية وكتاب أهل البغي وغيرها.

د- جماع العلم :

كتاب جماع العلم للشافعي رحمه الله أثبت فيه الإمام حجية الحديث على منكريه ممن يدعي الاستغناء بالقرآن الكريم عن السنة المطهرة ، كما رد على من ينكر التمسك بخبر الواحد في قضايا أصول الشريعة ، كل ذلك بأسلوب علمي رصين ، واستدلال أصولي رفيع ، وملكة في استدعاء النصوص تبين أن الناس عيال للشافعي الإمام في علم الأصول.

ط- أحكام القرآن :

لا تنبع قيمة الكتاب من حيث إنه تفسير لبعض آي التنزيل فحسب - وهو لا شك في هذا الباب له تميزه - بل كونه يمثل معالم المنهج التطبيقي لما أصله هذا الجهبذ من قواعد وأصول أحكمت مناحي الاجتهاد وفهم النص ، ولعلّ في دارسة لكتاب ما يفتح أمام الدارسين فهم مراد الإمام في كثير مما ذكره في صدد التأصيل في كتبه الأخرى ، وهو الأمر الذي ضل عنه بعض المتأخرين ممن كتب في الأصول فأهمل ما ذكره الشافعي الإمام من قواعد وهذا الكتاب جمعه البيقهي وسماه أحكام القرآن للشافعي فالبيقهي تتبع تفاسير الشافعي لبعض الآيات وجمعها وجعل منها كتاباً أسماه أحكام القرآن.

ظ- مسند الشافعي :

اشتمل هذا الكتاب على ألف وستمائة وخمسة وسبعون حديثاً رتبت على الأبواب الفقهية...... ومن يتأمل الكتاب يبدو له بوضوح أن هذا الكتاب ليس من صنع الشافعي رحمه الله، وإنّما هو تجميع لمروياته التي سمعها منه الربيع بن سليمان، مع إضافة مرويات أخرى له من غير طريق الشافعي، قال الحافظ ابن حجر في تعريفه بهذا الكتاب: " مسند الشافعي رحمه الله تعالى وهو: عبارة عن الأحاديث التي وقعت في مسموع أبي العباس الأصم عن الربيع بن سليمان من كتاب الأم و المبسوط التقطها بعض النيسابوريين من الأبواب ". انتهى

ع- ديوان الامام الشافعي رحمه الله :

وهو مجموعة قصائد أشعار منسوبة للإمام الشافعي رحمه الله وبعضها لا تثبت نسبتها له .


12- نظرة الشافعي رحمه الله إلى العلم والعلماء :

للشافعي رضي الله عنه أقوال في العلم والعلماء يجب أن تكتب بحروف من ذهب ,وأن يضعها طلاب العلم والدعاة نصب أعينهم لأنّها صدرت عن عالم حمل علوم الرواية والدراية , ومن هذه الأقوال :

أ‌- عن الشافعي أنّه قال: أصل العلم التثبيت وثمرته السلامة وأصل الورع القناعة وثمرته الراحة وأصل الصبر الحزم وثمرته الظفر وأصل العمل التوفيق وثمرته النجاح وغاية كل أمر الصدق . انتهى

ب‌- الشافعي يقول: العالم يسأل عمّا يعلم وعمّا لا يعلم فيثبت ما يعلم ويتعلّم ما لا يعلم والجاهل يغضب من التعلم ويأنف من التعليم . انتهى
لذلك أوجه نصيحة لطلاب العلم والدعاة: أيّما امرئ وجدتموه لا يحب التعلم أو التعليم فاحكموا عليه بالجهل وأعرضوا عنه ولا تضيعوا وقتكم معه وأدعو الله له بالخير و الهداية.

ت‌- وعنه أيضاً ضياع العالم أن يكون بلا إخوان , وضياع الجاهل قلة عقله وأضيع منهما من وآخى من لا عقل له.

ث‌- قال الربيع قال لي الشافعي إن لم يكن الفقهاء العاملون أولياء الله فما لله ولي .
ج‌- قال الشافعي : طلب العلم أفضل من صلاة النافلة .

ح‌- الشافعي يقول :ينبغي للفقيه أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله وشكرا لله .

خ‌- الشافعي يقول وددت أن كل علم أعلمه تعلمه الناس أوجر عليه ولا يحمدوني.

د‌- وعن الشافعي العلم ما نفع ليس العلم ما حفظ .

ذ‌- وقال ما ضحك من خطأ رجل إلا ثبت صوابه في قلبه .


13- حب الشافعي لعلوم الحديث ولأهل الحديث :

كان الشافعي يحب و يجلّ الإمام أحمد بن حنبل وكثيراً- وكان يجلس بين يديه يتعلم منه الحديث ويقول له إذا صح عندك الحديث فأخبرني عنه.

من هنا كان الشافعي ينادي مراراً وتكراراً: إذا صح الحديث فهو مذهبي يعني إن جاءكم حديث صحيح ولم أكن قد سمعتُ به و أفتيتُ بخلافه ووصل إليكم وفقهتم المعنى فإنَّ هذا هو مذهبي, إذاً هذا القول ليس موجهاً إلى عامة الناس وإنّما موَّجه إلى فقهاء مذهبه, معنى ذلك هو أنّه قد يأتي من يعترض على فتاوي الشافعي وبالفعل فقد أتى في هذا الزمن كثير من اعترض على الشافعي.

و الشافعي يقول إذا صح الحديث فهو مذهبي, نقول ليس أي حديث وقع عليه إنسان يستطيع أن يطبق عليه مقولة الشافعي إذ ينبغي :
أولاً أن يكون من أهل النظر والاجتهاد: هذا الشرط هام جداً وقد نبهتني إحدى الأخوات المؤمنات الطاهرات أنّه يجب عليّ أن أتوسع في شرح هذه الفقرة وبإذن الله سوف أفعل ذلك ولكن في لقاء آخر لكي لا يطول هذا الموضوع كثيراً , ولكن اعلموا أخوتي وأحبابي أنّ من العلماء التقليدين الذين يكرهون التجديد ويكتفون بالتقليد من يحارب هذه الفكرة , بحجة أنّنا لسنا أعلم من الشافعي! وما شابه ذلك من العبارات الانهزامية.

نعم نحن لسنا أعلم من الشافعي ولكن يمكن لنا كطلاب علم التدقيق في صحة الأصل الذي اعتمد عليه الشافعي في الفتوى , فمثلاً قد يفتي الشافعي في مسألة فقهية معينة اعتماداً على القياس أو اعتماداً على قول صحابي – وذلك في حال عدم وجود آية قرآنية أو حديث صحيح كما مر معنا في الفقرة العاشرة المقطع ب – ولنفترض أنّه تبيّن وجود حديث صحيح - لم يصل للشافعي- ينافي فتوى الشافعي أو يكون أصح منها , فهل نترك السنة النبوية ونأخذ بقول الشافعي ؟!

الجواب : طبعاً نأخذ بالسنة النبوية الصحيحة وندع قول الإمام الشافعي , وإن شاء الله أوفق في توضيح ذلك في لقاء آخر وبارك الله بكم وجعلكم مصابيح نور في سماء الجهل والظلام.

ثانياً - أن يرى هل اطَّلع على هذا الحديث الشافعي أو أصحابه أو أحد من فقهاء المذهب وكيف فسروه؟.
وكان الإمام الشافعي يرى أن قراءة الحديث وتدارسه أفضل من سائر النوافل فقد روى ابن أبي حاتم عن الربيع يقول : سمعت الشافعي يقول :قراءة الحديث خير من صلاة التطوع وقال طلب العلم أفضل من صلاة النافلة.

وقال الربيع سمعت الشافعي قال لبعض أصحاب الحديث أنتم الصيادلة ونحن- أي الفقهاء- الأطباء .
وكان يقول الشافعي: إذا رأيت رجلاً من أصحاب الحديث فكأني رأيت رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جزاهم الله خيرا هم حفظوا لنا الأصل فلهم علينا الفضل.

ويقول أيضاً: سمعت الشافعي يقول عليكم بأصحاب الحديث فإنهم أكثر الناس صوابا .
ويروى عن الشافعي قوله: لولا المحابر لخطبت الزنادقة على المنابر.

وينقل الإمام المزني رحمه الله الكلمات الأصولية العلمية الفقهية العقائدية الآتية عن الإمام الشافعي :
قال الإمام المزني :قال الإمام الشافعي : "من تعلّم القرآن عظمت قيمته ومن تكلم في الفقه نما قدره ومن كتب الحديث قويت حجته ومن نظر في اللغة رقّ طبعه ومن نظر في الحساب جزل رأيه ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه ". انتهى
بارك الله بك يا إمام على هذه الكلمات الذهبية وهذه الجمل الإيمانية التي فيها ملخصاً لحقيقة العلم الشرعي وأثره على النفوس , وما هذه البلاغة التي جعلت إمامنا وحبيب قلوبنا يستطيع صياغة تلك المعاني بسطرين ونلاحظ كيف وضّح الشافعي أسس طلب العلم الشرعي والتدرج فيه , فبدأ بالقرآن الكريم ثم الفقه ثم علم الحديث ثم التوسع ببحر اللغة العربية وختم بتذكرة لطالب العلم أن لا ينسى نفسه ولا يغفل عن الحساب.

فمن أراد أن تعظم قيمته فعليه بالقرآن, ومن أراد أن يرتفع قدره فعليه بالفقه , ومن أراد أن تقوى حجته فعليه بالحديث , ومن أراد أن يكون رأيه صحيحاً وصائباً ومبتعداً عن الهوى فعليه أن يمعن النظر بالحساب , ومن لم يحفظ نفسه عن المعاصي والذل والهوان والله والله لن ينفعه علمه ولو كان أعلم أهل الأرض , فصون النفس يكون بأمرين :-

أ‌- صونها عن الذل والخنوع وهذا امتثالاً لقوله تعالى ((ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين )) آل عمران 139.
ب‌- صون نفسه ومنعها من ارتكاب المعاصي وتزكيتها بالتقوى والعمل الصالح وهذا تصديقاً لقوله تعالى ((قد أفلح من زكاها, وقد خاب من دساها )) الشمس 9-10

و الله تلك الكلمات نور على نور, كلمات يفهمها الطفل والشاب, والعالم والمتعلم وكما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم ((مَنْ يُرِدِ اللّهُ به خَيراً يُفَقِّهْهُ في الدِّين.... )) أخرجه بخاري في صحيحه , اللهمّ فقهنا في الدين وعلمنا التأويل واجعلنا علماءً مجددين في هذا الدين اللهّم آمين آمين يا رب العالمين.


14- الشافعي المحدث :

مر معنا سابقاً أنّ الإمام الشافعي هو أحد أئمة أهل الحديث وأحد رواته وله كتاب يسمى مسند الإمام الشافعي فيه الكثير من الأحاديث النبوية.

وقد أثنى عليه علماء أهل الحديث ووثقوه ومن جملة ما قيل في الشافعي كإمام محدث:

أ‌- قال يحيى بن معين عن الشافعي أنّه ليس به بأس .
ب‌- وعن أبي زرعة الرازي قال ما عند الشافعي حديث فيه غلط .
ت‌- وقال أبو داود السجستاني ما أعلم للشافعي حديثا خطأ .
ويقول الإمام الذهبي رحمه الله معلقاً على الأقوال السابقة :" هذا من أدل شيء على أنه ثقة حجة حافظ ... , وقد صنف الحافظ أبو بكر الخطيب كتاباً في ثبوت الاحتجاج بالإمام الشافعي وما تكلم فيه إلا حاسد أو جاهل بحاله فكان ذلك الكلام الباطل منهم موجباً لارتفاع شأنه وعلو قدره وتلك سنة الله في عباده (( يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا )) الأحزاب 69-70." انتهى

ث‌- قال أبو حاتم الرازي محمد بن إدريس صدوق .
قد روى الإمام احمد بن حنبل والترمذي والنسائي وابن حبان وغيرهم عن هذا الأمام المحدث , ولكن لو نظرنا في صحيح الإمام البخاري ومسلم فلن نرى أي حديث للشافعي , وللأسف قد استغل البعض هذه النقطة للطعن بالإمام الشافعي المحدث .

وقد دحض هذه الشبهة الحافظ أبو بكر الخطيب فيما نقله الذهبي رحمه الله :
فقال الحافظ أبو بكر الخطيب:سألني بعض إخواننا بيان علة ترك البخاري الرواية عن الشافعي في الجامع وذكر أن بعض من يذهب إلى رأى أبي حنيفة – أي من أصحاب المذهب الحنفي - ضعف أحاديث الشافعي, واعترض بإعراض البخاري عن روايته.

ويتابع القول الإمام الحافظ أبو بكر الخطيب:... وذكر لي من يشار إليه خلو كتاب مسلم وغيره من حديث الشافعي فأجبته بما فتح الله لي: ومثل الشافعي من حسد وإلى ستر معالمه قصد ويأبى الله إلا أن يتم نوره ويظهر من كل حق مستوره, وكيف لا يغبط من حاز الكمال بما جمع الله له من الخلال اللواتي لا ينكرها إلا ظاهر الجهل أو ذاهب العقل ثم أخذ الخطيب يعدد علوم الإمام ومناقبه وتعظيم الأئمة له وقال :
أبى الله إلا رفعه وعلوه وليس لما يعليه ذو العرش واضع
إلى أن قال:

- والبخاري هذب ما في جامعه غير أنه عدل عن كثير من الأصول إيثارا للإيجاز قال إبراهيم بن معقل سمعت البخاري يقول : ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول فترك البخاري الاحتجاج بالشافعي إنّما هو لا لمعنى يوجب ضعفه, لكن غني عنه بما هو أعلى منه ....

- والبخاري لم يدرك الشافعي بل لقي من هو أسن منه كعبيد الله بن موسى وأبي عاصم ممن رووا عن التابعين وحدثه عن شيوخ الشافعي عدة فلم ير أن يروي عن رجل عن الشافعي عن مالك.

- فإن قيل فقد روى عن المسندي عن معاوية بن عمرو عن الفزاري عن مالك ؟!
يجيب أبو بكر الحافظ البغدادي فيقول: فلا شكّ أن البخاري سمع هذا الخبر من أصحاب مالك وهو في الموطأ فهذا ينقض عليك؟! ( أي يبطل حجتك السابق ) قلنا إنه لم يرو- أي البخاري- حديثا نازلاً, وهو عنده عال ( أي توفر له سند قصير يتصل برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) إلا لمعنى ما يجده في العالي فأمّا أن يورد النازل وهو عنده عال لا لمعنى يختص به ولا على وجه المتابعة لبعض ما اختلف فيه فهذا غير موجود في الكتاب, وحديث الفزاري فيه بيان الخبر وهو معدوم في غيره وجوده الفزاري بتصريح السماع ثم سرد الخطيب ذلك من طرق عدة قال والبخاري يتبع الألفاظ بالخبر في بعض الأحاديث ويراعيها وإنا اعتبرنا روايات الشافعي التي ضمنها كتبه فلم نجد فيها حديثا واحدا على شرط البخاري أغرب به ولا تفرد بمعنى فيه يشبه ما بيناه ومثل ذلك القول في ترك مسلم إياه لإدراكه ما أدرك البخاري من ذلك وأما أبو داود فأخرج في سننه للشافعي غير حديث وأخرج له الترمذي وابن خزيمة وابن أبي حاتم. انتهى

وقد تكون إحدى أسباب عدم رواية الإمام البخاري عن الإمام الشافعي هي :
أ- اتهام الشافعي بالتشيع- وسوف يمر معنا ذلك -: فالإمام البخاري كان يحرص في الغالب على عدم الرواية لأي إمام إذا قبل فيه شيء رغم قناعته بسلامة ذلك الإمام وعدله وذلك لأنّ الإمام البخاري أراد من أن يجعل من كتابه الصحيح الجامع أو صحيح بخاري كتاباً مجمعاً عليه عند جميع أهل السنة .

ب- همز ولمز ومهاجمة بعض طلاب الإمام مالك للشافعي- سوف يمر معنا ذلك لا حقاً- : قد يكون ذلك أيضاً أحد الأسباب التي جعلت البخاري ينأى عن الرواية للإمام الشافعي والسبب هو نفس السبب في الفقرة السابقة والله أعلم.


15- الشافعي صاحب اللغة العربية السليمة وصاحب الحجة البليغة :

مر معنا سابقاً كيف أنّ الإمام الشافعي رضي الله عنه حرص على تعلُّم اللغة العربية السليمة , لأنّ فهم اللغة العربية ومعرفة معانيها شيء أساسي ولا غنى عنه لطالب العلم , ولا سيما أنّ القرآن مكتوب باللغة العربية والسنة النبوية هي باللغة العربية السليمة , وسمعت أحد العلماء يقول : من أراد أن يفهم السنة النبوية بشكل صحيح فعليه الاهتمام بمعرفة معاني ألفاظ متن الحديث النبوي الشريف .

لأنّه أحياناً كلمة واحدة في متن الحديث النبوي تغير معناه , لذلك أنصح أخوتي وأخواتي من طلاب العلم أن يهتموا باللغة العربية اهتماماً فائقاً لكي يسيروا في بحر العلم الشرعي دون أية معوقات .

ويوضح الشافعي سبب اهتمامه باللغة العربية بقوله " قال ما أردت بها -يعني العربية- والأخبار إلا للاستعانة على الفقه "
وقد أشاد من عاصر الشافعي من العلماء والفقهاء والمحدثين بسلامة لغته العربية وبقوة بيانه وأنقل لكم بعض تلك الأقوال:
1- عن يونس بن عبد الأعلى قال :ما كان الشافعي إلا ساحراً ما كنّا ندري ما يقول إذا قعدنا حوله كأنّ ألفاظه سكر وكان قد أوتي عذوبة منطق وحسن بلاغة وفرط ذكاء وسيلان ذهن وكمال فصاحة وحضور حجة .

2- وعن عبد الملك بن هشام اللغوي: قال طالت مجالستنا للشافعي فما سمعت منه لحنة قط, قال الذهبي : أنّى يكون ذلك وبمثله في الفصاحة يضرب المثل كان أفصح قريش في زمانه وكان مما يؤخذ عنه اللغة .

3- قال احمد بن أبي سريج الرازي: ما رأيت أحدا أفوه ولا أنطق من الشافعي .
4- وقال الأصمعي ( الشاعر المعروف) : أخذت شعر هذيل عن الشافعي .


16- الشافعي العابد الخاشع:

لقد امتنّ الله على المسلمين بالإسلام وشرفهم بهذا الدين العظيم, وأنزل القرآن فيه هدى ورحمة للعالمين, وإنّ كل شيء فيه تقرب إلى الله يكون له لذّة, فالعلم الشرعي له لذة والعبادة لها لذة وقراءة القرآن لها لذة أيضاً.

و المسلم الحق هو الذي يعطي كل شيء حقه, فالعلم الشرعي له وقته والعبادة لها وقتها والدعوة إلى الله لها وقتها أيضاً.
و الإمام الشافعي بالإضافة إلى كونه عالماً فقيهاً و محدثاً كان عابداً خاشعاً وقانتاً لله وعن عبادة الشافعي رضوان الله عليه, وننقل بعض أقوال معاصريه ومن هذه الأقوال:

 الربيع بن سليمان قال : كان الشافعي قد جزأ الليل فثلثه الأول يكتب, والثاني يصلي, والثالث ينام ويقول الذهبي : أفعاله- أي الشافعي- الثلاثة عبادة بالنية .

 قال حسين الكرابيسي: بت مع الشافعي ليلة فكان يصلي نحو ثلث الليل فما رأيته يزيد على خمسين آية فإذا أكثر فمائة آية, وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله ولا بآية عذاب إلا تعوّذ وكأنّما جمع له الرجاء والرهبة جميعاً .

 قال الربيع بن سليمان من طريقين عنه بل أكثر كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة .

 قال إبراهيم بن محمد الشافعي :ما رأيت أحدا أحسن صلاة من الشافعي وذاك أنه أخذ من مسلم بن خالد وأخذ مسلم من ابن جريج وأخذ ابن جريج من عطاء وأخذ عطاء من ابن الزبير وأخذ ابن الزبير من أبي بكر الصديق وأخذ أبو بكر من النبي صلى الله عليه وسلم .

 قال الربيع: قال لي الشافعي عليك بالزهد فإن الزهد على الزاهد أحسن من الحلي على المرأة الناهد .
وكان الإمام أحمد يحدِّث ابنته كثيراً عن الشافعي وعن تقواه و علمه و في يوم نزل الشافعي ضيفاً عند أحمد و لعلّ ذلك كان في رحلة الشافعي الأخيرة له إلى بغداد ، فأعطاه غرفة لينام فيها, وكان الإمام أحمد كثير التعبد و كثير التنسك فأخذت ابنته تراقب الشافعي كيف تكون عبادته ومتى سيستيقظ من الليل وأيهما أكثر تعبداً والدها أم الشافعي؟! فلاحظت أنَّ غرفة الشافعي بقيت مظلمة إلى قُبَيل أذان الفجر بينما الإمام أحمد كان يقوم أكثر الليل, وفي الصباح قالت لأبيها: أهذا هو الشافعي الذي حدثتني عنه؟ فلم يجبها الإمام أحمد ودخل على الشافعي فقال له: كيف كانت ليلتك يا أبا عبد الله ؟ فقال له: لقد فكرتُ الليلة في بضع آيات من كتاب الله تعالى و روايةٍ في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستخرجتُ منها أحكاماً كثيرة - و في رواية فوق الستين حكماً - فقال الإمام أحمد لابنته: لضجعة واحدة من الإمام الشافعي خير من صلاة أبيكِ الليل كله!.

وهذا دليل عظيم على احترام الأئمة بعضهم لبعض وعلى انكسار طالب العلم أمام معلمه واعترافه بفضله وحري على طلبة العلم الاقتداء بالإمام أحمد بن حنبل و الشافعي ويتعلموا منهم أدب الشكر وأدب العلم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه: (( لاَ يَشْكُرُ الله مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ)) أخرجه ابن داوود في سننه.

هذا يصور لنا كيف كان أدب و تعظيم أئمة المسلمين بعضهم لبعض ونظر كل واحد منهم إلى الآخر على أنه إماماً له ومعلماً له وهذه هي أخلاق الصحابة رضوان الله عليهم فكان كل واحد منهم يظن أن الآخر أفضل منه.

وللأسف نرى أن بعض طلبة العلم من الذين لم يتمكن حب الله ورسوله في أنفسهم يخطئون اتجاه معلميهم فنرى بعضهم لا يفقه من العلم الشرعي إلا القليل ومع ذلك همه انتقاد معلميه لأتفه الأسباب دون بينة أو حجة .


17- الشافعي المؤمن السخي الكريم:

روي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: «والسَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ الله، قَرِيبٌ مِنَ الْجَنَّةِ، قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ، بَعِيدٌ مِنَ النَّارِ, وَالبَخِيلُ بَعِيدٌ مِنَ الله، بَعِيدٌ مِنَ الْجَنَّةِ، بَعِيدٌ مِنَ الناسِ، قَرِيبٌ مِنَ النَّارِ, وَالْجَاهِلُ السَّخِيُّ أَحَبُّ إِلى الله عَزَ وَجَلَّ مِنْ عَابِدٍ بَخِيلٍ» . رواه الترمذي وقال (هذا حديث غريب) .

والأشياء تتبين بأضدادها (والجاهل السخي) قال القاري : أراد به ضد العابد وهو من يؤدي الفرائض دون النوافل، لأن ترك الدنيا رأس كل عبادة وإنّما عبر عنه بالجاهل لأنّه أراد به أنّه مع كونه جاهلاً غير عالم بما لم يجب عليه وجوب عين (أحب إلى الله عز وجل من عابد) أي كثير النوافل سواء يكون عالماً أم لا (بخيل) لأن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وأيضاً البخيل الشرعي هو من ترك الواجب الشرعي المالي والسخي ضده، ولا شك أن من قام بالفرائض وترك النوافل أفضل ممن قام بالنوافل وترك الفرائض،. انتهى

وكان الإمام الشافعي من أكثر الناس سخاء , وأكثرهم إنفاقاً جمع بين العلم ومكارم الأخلاق وفي هذا المقام لابدّ لنا من رواية بعض القصص التي تبين سخاء هذا الإمام لعلّنا نتعلم منه دروساً عملية في الإنفاق من هذه القصص ما رواه الإمام الذهبي في الجزء العاشر في كتابه الشهير سير أعلام النبلاء :

أ‌- فالمزني يقول كنت مع الشافعي يوماً فخرجنا الأكوام فمر بهدف فإذا برجل يرمي بقوس عربية فوقف عليه الشافعي ينظر وكان حسن الرمي فأصاب بأسهم فقال الشافعي أحسنت وبرّك عليه ثم قال أعطه ثلاثة دنانير واعذرني عنده.
ب‌- وقال الربيع كان الشافعي مارا بالحذائين فسقط سوطه فوثب غلام ومسحه بكمه وناوله فأعطاه سبعة دنانير.
ت‌- وقال الربيع أيضاً تزوجت فسألني الشافعي كم أصدقتها ؟ قلت: ثلاثين دينارا عجلت منها ستة فأعطاني أربعة وعشرين ديناراً.

ث‌- حدثنا الزبير بن سليمان القرشي عن الشافعي قال خرج هرثمة فأقرأني سلام أمير المؤمنين هارون وقال قد أمر لك بخمسة آلاف دينار قال فحمل إليه المال فدعا بحجام فأخذ شعره فأعطاه خمسين ديناراً ثم أخذ رقاعاً فصر صرراً , وفرّقها في القرشيين الذين هم بالحضرة ومن بمكة حتى ما رجع إلى بيته إلا بأقل من مئة دينار.


18- حب الشافعي لمهنة الطب:

لقد وردت الكثير من الروايات تشير إلى أن الشافعي يحب الطب , وقد تعمدت ذكر ذلك لغاية وهدف : هذه الغاية والهدف لأبرهن للقارئ بأن الأئمة السنة لا يهملون جوانب الحياة ولا يصبحون جهلاء بعلوم هذه الحياة بحجة أنّهم اختصوا بدراسة الإسلام!! .

وإمامنا الشافعي رضي الله عنه كان يحب الشعر والبلاغة كما مر معنا سابقاً , وكذلك كان يعشق الطب فقد ورد عنه فيما رواه الربيع قوله – أي الشافعي- : لا أعلم علماً بعد الحلال والحرام أنبل من الطب إلا أن أهل الكتاب قد غلبونا عليه .

و قال حرملة( أحد معاصري الشافعي) : كان الشافعي يتلهف على ما ضيع المسلمون من الطب ويقول ضيعوا ثلث العلم ووكلوه إلى اليهود والنصارى.

فالإمام الشافعي يبين رأيه بأنّ أفضل علم بعد العلم الشرعي هو الطب , وكان يتحسر لجهل المسلمين بهذا العلم القيم, وكان يحزن أيضاً لأنّ أهل الكتاب سبقوا المسلمين بهذا العلم في عصره .
وندعو الله عزّ وجل أن يعيد لأمة محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام قوتها ونشاطها العلمي بعد ركود دام قرون والله على كل شيء قدير.


19- أدب الشافعي مع مخالفي مذهبه وعدم تعصبه لمذهبه:

الشافعي رضي الله عنه إن وجد نفسه يخالف في بعض آرائه الإمام مالك، لم يكن يعرِّض لذلك ولم يكن يناقشه ولم يكن يتحدث حتى لا يضع نفسه من أستاذه موضع الرّاد على رأيه, إلى أن بلغه أنَّ في المغرب أناساً وصل بهم التقديس الأعمى للإمام مالك, فصاغ الشافعي هنا في هذا الوقت المتأخر من حياته كتاب بعنوان " خلاف مالك " أي " خلافياتي مع مالك " وقال إنَّ الإمام مالك بَشَر يصيب ويخطِأ وهو أي الشافعي بشر يصيب ويخطأ وبدأ يناقش مسائل يرى خلافاً فيها مع مالك.

وفي كثير من الأحيان ذهب كثير من الأئمة العظام ضحية عصبية تلامذتهم وهذا في التاريخ كثير, فقد يكون الإمام عظيماً لكن له تلامذة يتعصبون ويتشنَّجون.

وكان الشافعي يدعو إلى عدم التعصب في أمر من الأمور لأن الشيطان دائماً يتربص بالمسلمين على الأطراف التي تشكل الإفراط أو التفريط فكلما ابتعد الإنسان عن القصد في الطريق تخطَّفه الشيطان وإنه لا يستطيع أن يتخطَّفه إلا إذا خرج عن الجادة الوسطى كما قال تعالى: ((وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون)) الأنعام 153. انتهى
وكان الشافعي يطبق ما يقوله عملياً فكان يناقش الرجل في موضوع ما أو يناظره أو يخالفه الرأي وبعد ذلك لا يكون شيء بينهما ويروي يونس الصدفي أحد هذه الأمثلة ويقول : ما رأيت أعقل من الشافعي ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا ولقيني فأخذ بيدي ثم قال يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون أخوانا وان لم نتفق في مسألة , قال الذهبي : هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام وفقه نفسه فما زال النظراء يختلفون


20- ثناء العلماء على الشافعي رضي الله عنه :

لقد حاز الإمام الشافعي بعلمه وورعه وحسن أخلاقه إعجاب الغالبية العظمى من العلماء والمحدثين الذين عاصروه وهنا لابدّ لنا من ذكر أقوال بعض العلماء في هذا الإمام المجدد رحمه الله من هذه الأقوال:
 عن قتيبة بن سعيد يقول مات الثوري ومات الورع ومات الشافعي وماتت السنن ويموت أحمد ابن حنبل وتظهر البدع .
 قال أحمد بن حنبل من طرق عنه إن الله يقيض للناس في رأس كل مائة من يعلّمهم السنن وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب, قال : فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز وفي رأس المئتين الشافعي . انتهى
لذلك يعتبر الخليفة عمر بن عبد العزيز هو مجدد القرن الأول الهجري والإمام الشافعي مجدد القرن الثاني الهجري والله تعالى أعلم بذلك.

 وعن أحمد بن حنبل : كان الشافعي من أفصح الناس , قال إبراهيم الحربي سألت أبا عبد الله- أي أحمد بن حنبل رضي الله عنه- عن الشافعي فقال: حديث صحيح ورأي صحيح .
 وقال إسحاق بن راهويه ما تكلم أحد بالرأي- وذكر جماعة من أئمة الاجتهاد-: إلا والشافعي أكثر إتباعاً منه وأقل خطأ منه .

 الحسن بن علي بن الأشعث المصري حدثنا ابن عبد الحكم قال ما رأت عيني قط مثل الشافعي قدمت المدينة فرأيت أصحاب عبد الملك بن الماجشون يغلون بصاحبهم يقولون صاحبنا الذي قطع الشافعي, قال: فلقيت عبد الملك فسألته عن مسألة فأجابني فقلت الحجة قال لأنّ مالكاً قال :كذا وكذا فقلت: في نفسي هيهات أسألك عن الحجة وتقول قال معلمي!!, وإنّما الحجة عليك وعلى معلمك .انتهى
معنى ذلك أنّ الإمام عبد الملك بن الماجشون كان يقلد الإمام مالك ويحتج بقوله ويعتبر قول الإمام مالك حجة , بينما الإمام الشافعي كان يعتمد على الدليل الشرعي لاستنباط الأحكام وحجته قال الله وقال رسول الله .

 قال إبراهيم بن أبي طالب الحافظ: سألت أبا قدامة السرخسي عن الشافعي وأحمد وأبي عبيد وابن راهويه فقال: الشافعي أفقههم .

 قال محمد بن مسلم بن وارة سألت أحمد بن حنبل ما ترى في كتب الشافعي التي عند العراقيين أهي أحب إليك أو التي بمصر؟ قال عليك بالكتب التي عملها بمصر فإنّه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكمها ثم رجع إلى مصر فأحكم تلك, وقلت لأحمد ما ترى لي من الكتب أن أنظر فيه رأي مالك أو الثوري أو الأوزاعي فقال لي قولاً أجلهم أن أذكره, وقال : عليك بالشافعي فإنه أكثرهم صوابا وأتبعهم للآثار .

 أبا عبد الله الصاغاني قال: سألت يحيى بن أكثم عن أبي عبيد والشافعي أيهما أعلم؟ قال: أبو عبيد كان يأتينا ها هنا كثيراً وكان رجلاً إذا ساعدته الكتب كان حسن التصنيف من الكتب وكان يرتبها بحسن ألفاظه لاقتداره على العربية , وأما الشافعي فقد كنّا عند محمد بن الحسن كثيراً في المناظرة وكان رجلاً قرشي العقل والفهم والذهن صافي العقل والفهم والدماغ سريع الإصابة أو كلمة نحوها ,ولو كان أكثر سماعا للحديث لا ستغنى أمة محمد صلى الله عليه وسلم به عن غيره من الفقهاء .
 قال أحمد بن محمد بن بنت الشافعي سمعت أبي وعمي يقولان كان سفيان بن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير و الفتيا التفت إلى الشافعي فيقول سلوا هذا .


21- من حكم الشافعي رحمه الله :

أخوتي الأعزاء نكمل مع الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه, ولا بدّ لنا الآن من استعراض بعد من حكمه وأقواله وسوف أكتفي بمصدر واحد وهو سير أعلام النبلاء للذهبي الجزء العاشر الذي ورد فيه :

 الشافعي يقول الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
 و يقول تجاوز الله عما في القلوب وكتب على الناس الأفعال والأقاويل.
 وقال المزني ... عن الشافعي قال: ما كابرني أحد على الحق ودافع إلا سقط من عيني ولا قَبِلَهُ إلا هبته واعتقدت مودته.
 ويقول الشافعي : اللبيب العاقل هو الفطن المتغافل.
 ويقول : لم أعلم أن الماء البارد ينقص مروءتي ما شربته.
 ويقول : من نم لك نم عليك.
 ويقول : العاقل من عقله عقلُه عن كل مذموم.
 و يقول: أرفع الناس قدراً من لا يرى قدره وأكثرهم فضلاً من لا يرى فضله.
 و يقول: قال التواضع من أخلاق الكرام والتكبر من شيم اللئام التواضع يورث المحبة والقناعة تورث الراحة.
 و يقول: إذا تكلمت فيما لا يعنيك ملكتك الكلمة ولم تملكها.
 ويقول : أنفع الذخائر التقوى وأضرها العدوان.

 ويقول: اجتناب المعاصي وترك ما لا يعنيك ينور القلب عليك بالخلوة وقلة الأكل.
 ويقول: إياك ومخالطة السفهاء ومن لا ينصفك.
 ويقول : طلب فضول الدنيا عقوبة عاقب بها الله أهل التوحيد .
 ويقول: آلات الرياسة خمس صدق اللهجة وكتمان السر والوفاء بالعهد وابتداء النصيحة وأداء الأمانة.
 ويقول : من استغضب فلم يغضب فهو حمار ومن استرضى فلم يرض فهو شيطان.انتهى
و المقصود بالغضب هنا هو الغضب في أمور الدين وفي إقامة حدود الله, وفي الحمية والغيرة للذود عن الإسلام والمسلمين.
أمّا الغضب من أجل أمور دنيوية وفي مسائل الاختلاف فهذا مذموم شرعاً فكان رسولنا الكريم يوصي أصحابه بعدم الغضب: فيروي أبو هريرة :أنَّ رجلاً قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم أوصِني. قال: لا تَغضب. فردَّدَ مراراً، قال: لا تَغضب». أخرجه بخاري في صحيحه
 وقال من لزم الشهوات لزمته عبودية أبناء الدنيا .
 وقال الخير في خمسة غنى النفس وكف الأذى وكسب الحلال والتقوى والثقة بالله .


22- طلاب العلم يسألون والشافعي يجيب :

هذه الفقرة هي أسئلة فرضية أي نحن نفترض أنّ لنا سؤلاً معيناً ونبحث عن الجواب من كلام الإمام الشافعي رضي الله عنه :

- السؤال الأول: هل يمكن إرضاء جميع الناس الذين نعيش معهم وهل هناك سبيل لإرضائهم ؟
الشافعي يجيب قائلاً :
رضى الناس غاية لا تدرك وليس إلى السلامة منهم سبيل فعليك بما ينفعك فالزمه .
السؤال الثاني: هل من الأفضل للمسلم أن يبتعد عن الناس أم من الأفضل له أن يخالطهم بكثرة ؟
الشافعي يجيب قائلاً :
الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة والانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء فكن بين المنقبض والمنبسط .
ويقول الشافعي أيضاً : سياسة الناس أشد من سياسة الدواب

السؤال الثالث : ما هي علامات الصديق المخلص لصديقه ؟
الشافعي يجيب قائلاً :
علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقاً, وعنه أيضاً: ليس بأخيك من احتجت إلى مداراته .
السؤال الرابع : بماذا يكمل الرجل وما هي مقومات المروءة ؟
الشافعي يجيب قائلاً :
لا يكمل الرجل إلا بأربع بالديانة والأمانة والصيانة و الرزانة .
و للمروءة أركان أربعة حسن الخلق والسخاء والتواضع و الشك .

السؤال الخامس: هل تجوز الصلاة وراء الرافضي أو القدري أو المرجئ ؟
الشافعي يجيب قائلاً :
لا تصل خلف الرافضي ولا القدري ولا المرجئ قلت: صفهم لنا , قال : من قال الإيمان قول فهو مرجئ, ومن قال أنّ أبا بكر وعمر ليسا بإمامين فهو رافضي, ومن جعل المشيئة إلى نفسه فهو قدري . انتهى
تنبيه: مسألة الصلاة وراء المخالفين لمذهب أهل السنة فيها خلاف ولعلّ أيسرها هو جواز الصلاة وراء كل مسلم ما دام يتقن ويأتي بأركان الصلاة والله أعلم.

السؤال السادس: نرى بعض المسلمين منشغلين بالأذكار والأوراد والنوافل وفي نفس الوقت يهملون جانب العلم الشرعي فهل هذا يصح ؟
الشافعي يجيب قائلاً :
قراءة الحديث خير من صلاة التطوع وقال طلب العلم أفضل من صلاة النافلة . انتهى
وذلك لأنّ العابد يصلي وصوم و يأتي النوافل وينفع نفسه فقط, بينما من يقرأ ويتفقّه في دينه ينفع نفسه و وينفع غيره بإذن الله, وقد ورد عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنّه قال
«فَضْلُ العَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلي عَلَى أدْنَاكُمْ، إنَّ الله عزَّ وَجَلَّ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمٰواتِ وَ الأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةُ في جُحْرِهَا وَحَتى الحُوتُ في البَحْرِ لَيُصَلُّونَ على مُعَلّمِ النَّاسِ الخَيْرِ» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.


23- بعض الشبهات أثيرت عن الشافعي والرد عليها :

الشبهة الأولى: قيل أنّ الشافعي قد تشيع وترك مذهب أهل السنة فما صحة ذلك ؟
الجواب : "عن علي بن أحمد بن النضر الأزدي قال : سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن الشافعي فقال لقد منَّ الله علينا به لقد كنّا تعلمنا كلام القوم وكتبنا كتبهم حتى قَدِمَ علينا فلمّا سمعنا كلامه علمنا أنّه أعلم من غيره وقد جالسناه الأيام والليالي فما رأينا منه إلا كل خير فقيل له يا أبا عبد الله كان يحيى وأبو عبيد لا يرضيانه يشير إلى التشيع , وأنّهما نسباه إلى ذلك فقال أحمد بن حنبل : ما ندري ما يقولان والله ما رأينا منه إلا خيرا"

ويقول الذهبي : من زعم أنّ الشافعي يتشيع فهو مفتر لا يدري ما يقول .
ويقول الذهبي: لو كان شيعياً وحاشاه من ذلك لما قال الخلفاء الراشدون خمسة بدأ بالصديق وختم بعمر ابن
عبد العزيز .
ولعلّ سبب اتهام الشافعي بالتشيع هو ما رواه الربيع بن سليمان قال" : حججنا مع الشافعي فما ارتقى شرفاً ولا هبط وادياً إلا وهو يبكي وينشد:
يا راكباً قف بالمحصب من منى واهتف بقاعد خيفنا والناهـض
سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى فيضا كملتطم الفرات الفائـض
إن كان رفضاً حب آل محمـد فليشهد الثقـلان أني رافضـي"

الشبهة الثانية: قيل أنّ تلاميذ الإمام مالك وخصوصاً من لقيهم الشافعي بمصر قد طعنوا بالإمام الشافعي فهل هذا صحيح وما سبب ذلك ؟
نعم هذا صحيح وسبب ذلك يتضح لنا فيما رواه الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء الجزء العاشر حيث جاء فيه : روى أبو الشيخ الحافظ وغيره من غير وجه أنّ الشافعي لما دخل مصر أتاه جلة أصحاب مالك , وأقبلوا عليه فلما إن رأوه يخالف مالكاً وينقض عليه جفوه وتنكروا له فأنشأ يقول:

أ أنثر درا بين سارحة النعـم وأنظم منثورا لراعية الغنـــم
لعمري لئن ضيعت في شر بلدة فلست مُضيّعاً بينهم غرر الحكـم
فإن فرج الله اللطيف بلطفـه و صادفت أهلاً للعلوم وللحكـم
بثثت مفيدا واستفدت ودادهم وإلا فمخزون لدي و مكتتــم
ومن منح الجهّال علماً أضاعه ومن منع المستوجبين فقد ظلــم
وكاتم علم الدين عمن يريده يبوء بإثم زاد وآثـم إذا كتـــم

وقال أبو عبد الله بن مندة حدثت عن الربيع قال رأيت أشهب بن عبد العزيز ساجداً يقول في سجوده:
اللهم أمت الشافعي لا يذهب علم مالك , فبلغ الشافعي فأنشأ يقول:
تمنى رجال أن أموت وإن أمــت فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى تهيأ لأخرى مثلها فكأنّ قــد
وقد علموا لو ينفع العلم عندهـم لئن مت ما الداعي علي بمخلد. انتهى

فنلاحظ أنّ السبب الرئيسي لمن طعن بالشافعي من طلاب الإمام مالك هو أنّ الشافعي رحمه الله قد خالف الإمام مالك بعدد من المسائل الفقهية.

وهذه هي حال الدعاة دوماً يتعرضون للذم والهمز واللمز حتى من أخوتهم الدعاة , وكل ذلك بسبب الغيرة والحسد و التعصب الأعمى أعاذني الله وإياكم من الحسد والغيرة وقد صدق الشافعي حين قال موصياً أحد تلاميذه: رضى الناس غاية لا تدرك وليس إلى السلامة منهم سبيل فعليك بما ينفعك فالزمه .

الشبهة الثالثة : لقد سمعنا عن الشافعي القول التالي :
"عن يونس بن عبد الأعلى يقول:قال الشافعي كل حديث جاء من العراق وليس له أصل في الحجاز فلا تقبله وإن كان صحيحا ما أريد إلا نصيحتك" .

والشبهة هي : هل يعقل أن يقول مثل ذلك الكلام الإمام الشافعي ؟ فالكلام السابق للشافعي يتعارض مع أصول التصحيح والتضعيف عند أهل السنة ويتعارض مع قواعد علم الحديث !!

الإجابة يقول الذهبي : إنّ الشافعي رجع عن هذا وصحح ما ثبت إسناده لهم. انتهى


24- مرض الشافعي ووفاته :

أصيب الشافعي في آخر حياته بمرض البواسير و كان يظن أنَّ هذه العلة إنما نشأت بسبب استعماله اللُّبان - وكان يستعمله للحفظ - وبسبب هذه العلة ما انقطع عنه النزيف وربما ركب فسال الدم من عقبيه.

وكان لا يبرح الطست تحته وفيه لبدة محشوة، وما لقي أحد من السقم ما لقي, وعن مرضه يحدثنا يونس بن عبد الأعلى قال ما رأيت أحدا لقي من السقم ما لقي الشافعي فدخلت عليه فقال اقرأ ما بعد العشرين والمئة من آل عمران فقرأت فلما قمت قال لا تغفل عني فإني مكروب .

ويحدثنا المزني عن آخر لحظات من حياة الشافعي فيقول : قال دخلت على الشافعي في موته الذي مات فيه فقلت يا أبا عبد الله كيف أصبحت فرفع رأسه وقال أصبحت من الدنيا راحلاً ولإخواني مفارقاً ولسوء عملي ملاقياً وعلى الله وارداً ما أدري روحي تصير إلى جنة فأوهنيها أو إلى نار فأعزيها ثم بكى, وأنشأ يقول :

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت رجائي دون عفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنتــه بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منه وتكرما
فإن تنتقم مني فلست بآيس ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما
ولولاك لم يغوي بإبليس عابد فكيف وقد أغوى صفيك آدما
وإنّي لآتي الذنب أعرف قدره وأعلم أن الله يعفو ترحما . انتهى

قال أبو العباس الأصم حدثنا الربيع بن سليمان دخلت على الشافعي وهو مريض فسألني عن أصحابنا فقلت إنّهم يتكلمون فقال ما ناظرت أحدا قط على الغلبة وبودي أن جميع الخلق تعلموا هذا الكتاب يعني كتبه على أن لا ينسب إلي منه شيء قال هذا يوم الأحد ومات يوم الخميس , ودُفِنَ الشافعي رحمة الله تعالى عليه في القاهرة في أول شعبان، يوم الجمعة سنة مائتان وأربع هجري, مات وعمره أربعة وخمسون سنة , وكان له ولدان ذكران وبنت واحدة و قد تزوج من امرأة واحدة رحمه الله وأسكنه فسيح جنّاته وجزاه الله عن الإسلام أحسن الجزاء.


25- خاتمة وكلمة لابدّ منها:

الحمد لله ثمّ الحمد لله , الحمد لله الذي منّ علي بالصحة والعافية , الحمد لله الذي هداني إلى صراطه المستقيم .
أمّا بعد أخوة الإيمان والعقيدة فإنني متوجّه إليكم بكلمات الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلمون المبتغى منها :
أخوتي وأخواتي الأفاضل : اعلموا أنّ هذا الدين العظيم منصور لا محالة, وأنّ راية لا إله إلا الله محمد رسول الله سوف تعم مشارق الأرض ومغاربها , والإسلام سوف ينتصر بنا أو بدوننا فالله عزّ وجلّ يقول في محكم تنزيله ((ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)) القصص 5 , فالله عزّ وجلّ سوف يجعل من عباده المستضعفين أئمة خير وسوف يجعلهم وارثين للأرض .
وكذلك يقول الله عزّ وجلّ في آية أخرى ((ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أنّ الأرض يرثها عبادي الصالحون )) الأنبياء 105 , فالله عزّ وجل يقضي بحكمه وبعلمه وبقدرته أنّ عباد الله الصالحين هم من سوف يرث هذه الأرض .

بالله عليكم أبعد كل هذه الآيات يدخل الشك لنفس مؤمنٍ بالله وباليوم الآخر أنَّ الغلبة سوف تكون لا محالة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها !! وهل يشك أحد أنّ النصر لا محالة للمسلمين مهما طال الزمن !!

فالإسلام سوف ينتصر سوف ينتصر لا محالة بإذن الله , وهذه الحقيقة يجب أن نؤمن بها حق اليقين ونعمل جاهدين على أن نكون ممن ينصر الإسلام , وهذه الحقيقة قد فهمها الصحابة المهاجرين والأنصار منذ فجر الدعوة المحمدية المباركة فتسابقوا لنصرته , وحازوا الفضل والمجد بحمل راية لا إله إلا الله محمد رسول الله ,

فكونوا يا أخوتي الأفاضل في هذا الأمر رؤوساً ولا تكونوا فيه أذناباً وبارك الله بكم ورحم الله امرؤ أهدى لي عيوبي .
وأختم موضوعي هذا داعياً الله عزّ وجلّ أن يجعل نيتي خالصة لوجهه الكريم وأن يرزقني وإياكم الشهادة في سبيله وصل اللهم على محمد وعلى آله محمد وارض اللهّم عن المهاجرين والأنصار وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين

تم الانتهاء من هذا البحث المتواضع بتاريخ
19 ذي الحجة عام 1429 هجري والموافق 16/12/2008 ميلادي
أخوكم خادم الإسلام والمسلمين

م.عبدالله بن علي صغير


قائمة بأسماء المراجع المستخدمة في هذا البحث :

1- القرآن الكريم وقد ذكرت اسم السورة ورقم الآية المستشهد بها .
2- الصحيح الجامع أو صحيح الإمام البخاري .
3- صحيح ابن حبان .
4- مستدرك الحاكم .
5- سنن أبي داوود السجستاني .
6- سنن الدرامي.
7- سنن الترمذي
8- تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي.
9- انظر فتح الباري لابن حجر العسقلاني .

10- سير أعلام النبلاء :للحافظ محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي أبو عبد الله , دار النشر: مؤسسة الرسالة , سنة النشر : 1413 هجري , رقم الطبعة : التاسعة, اسم المحقق: شعيب الأرناؤوط , محمد نعيم العرقسوسي.
11- الموسوعة الإسلامية المعاصرة الإصدار الثالث عام 1998- 1999 لمالك غندور , محمد تميم , باسم ايتاني , هيثم تميم.
12 – منتدى فرسان التغيير - بعض مؤلفات الإمام الشافعي: http://www.fursanjo.com.
13- ملتقى المذاهب الفقهية، والدراسات العلمية- ملتقيات المذاهب الفقهية - ملتقى المذهب الشافعي صول مذهب الإمام الشافعي : http://mmf-4.com/vb/forumdisplay.php?f=9
14- شافعية - ويكيبيديا، الموسوعة الحرة : http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%81%D8%B9%D9%8A%D8%A9&redirect=no

---------------------

ENDNOTE

البحر المحيط للزركشي 6/55.
متوفر على الرابط http://www.almeshkat.net/books/archive/books/alresalah_sh.zip
سير أعلام النبلاء للذهبي الجزء العاشر .
متوفر على الرابط http://www.almeshkat.net/books/archive/books/alaomm.zip
متوفر على الرابط http://www.almeshkat.net/books/archive/books/alshafi8.zip
( منتدى فرسان التغيير - بعض مؤلفات الإمام الشافعي http://www.fursanjo.com.
متوفر على الرابط http://www.almeshkat.net/books/archive/books/ahkam_alsafei.zip
منتدى فرسان التغيير - بعض مؤلفات الإمام الشافعي http://www.fursanjo.com.

متوفر على الرابط http://www.almeshkat.net/books/archive/books/m%20alshfi.zip
منتدى فرسان التغيير - بعض مؤلفات الإمام الشافعي http://www.fursanjo.com
المعجم المفهرس ص: 39
متوفر على الرابط : http://www.almeshkat.net/books/archive/books/safi.zip
منتدى فرسان التغيير - بعض مؤلفات الإمام الشافعي http://www.fursanjo.com
سير أعلام النبلاء للذهبي الجزء العاشر
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
- أحمد بن حنبل مؤسس المذهب الحنبلي ولديه كتاب يعرف باسم مسند الإمام أحمد يضم الكثير من الأحاديث النبوية .
سير أعلام النبلاء للذهبي الجزء العاشر.
سير أعلام النبلاء للذهبي الجزء العاشر
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق بتصرف.
معنى ذلك لو احتج شخص ما وقال إن البخاري قد روى عن رجل عن رجل عن رجل عن مالك فلماذا لم يروي عن رجل عن الشافعي عن مالك حيث في هذه الحالة يكون فيها الإمام الشافعي يكون السند أقصر .
أي أن جميع الأحاديث التي يرويها الشافعي تحقق شروط الصحة التي وضعها البخاري– صحيح بخاري- لانتقاء صحيح الصحيح من الأحاديث النبوية
سير أعلام النبلاء للذهبي الجزء العاشر
سير أعلام النبلاء للذهبي الجزء العاشر
المصدر السابق.
المصدر السابق
المصدر السابق.
المصدر السابق
المصدر السابق .
المصدر السابق.
المصدر السابق
وأخرجه البيهقي أيضاً في شعب الايمان عن جابر بن عبد الله والطبراني في الأوسط عن عائشة, قال المناوي: بأسانيد ضعيفة يقوي بعضها بعضاً.
راجع كتاب تحفة الأحوذي الجزء 6 صفة 67.
الشخص الذي يقوم بالحجامة يدعى حجام ولعلها هنا جاءت بمعنى حلاق.
سير أعلام النبلاء للذهبي ج10
المصدر السابق.
الموسوعة الإسلامية المعاصرة 1998-1999
سير أعلام النبلاء للذهبي ج /10
المصدر السابق
المصدر السابق.
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق
سير أعلام النبلاء الجزء العاشر
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق.
المصدر السابق.
المصدر السابق.
المصدر السابق.
المصدر السابق.
أخرجه الترمذي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال الترمذي: غريب، وفي نسخة: حسن صحيح، قال الصدر المناوي: وفيه الوليد بن جميل كنيته أبو زرعة.سببه: عن أبي أمامة ــــ قال: ذُكِرَ لرسول الله رجلان: أحدهما عابد والآخر عالم، فذكره.
سير أعلم النبلاء للذهبي الجزء العاشر.
المصدر السابق.
المصدر السابق.
المصدر السابق.
سير أعلام النبلاء الجزء العاشر
المصدر السابق
المصدر السابق
المصدر السابق.
قال الذهبي إسناد

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية