الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

باب في الإجارة

باب في الإجارة كتاب فتح المعين في الفقه الشافعي

باب في الإجارة
كتاب فتح المعين في الفقه الشافعي

محتويات

باب في الإجارة

هي لغة: اسم للأجرة وشرعا تمليك منفعة بعوض بشروط آتية.
تصح إجارة بإيجاب كأجرتك هذا أو أكريتك أو ملكتك منافعه سنة: بكذا.
وقبول كاستأجرت واكتريت وقبلت.

قال النووي في شرح المهذب إن خلاف المعاطاة يجري في الإجارة والرهن والهبة.
وإنما تصح الإجارة بأجر صح كونه ثمنا.
معلوم للعاقدين قدرا وجنسا وصفة إن كان في الذمة وإلا كفت معاينته في إجارة العين أو الذمة فلا يصح إجارة دار ودابة بعمارة لها.
وعلف ولا استئجار لسلخ شاة بجلد ولطحن نحو بر ببعض دقيق في منفعة متقومة أي لها قيمة معلومة عينا وقدرا وصفة واقعة للمكتري غير متضمن لاستيفاء عين قصدا بأن لا يتضمنه العقد.

وخرج بمتقومة ما ليس لها قيمة فلا يصح اكتراء بياع للتلفظ بمحض كلمة أو كلمات يسيرة على الأوجه ولو إيجابا وقبولا وإن روجت السلعة إذ لا قيمة لها ومن ثم اختص هذا بمبيع مستقر القيمة في البلد كالخبز بخلاف نحو عبد وثوب مما يختلف ثمنه باختلاف متعاطيه فيختص بيعه من البياع بمزيد نفع فيصح استئجاره عليه وحيث لم يصح فإن تعب بكثرة تردد أو كلام فله أجرة المثل وإلا فلا.
وأفتى شيخنا المحقق ابن زياد بحرمة أخذ القاضي الأجرة على مجرد تلقين الإيجاب إذ لا كلفة في ذلك.
وسبقه العلامة عمر الفتى بالإفتاء بالجواز إن لم يكن ولي المرأة فقال إذا لقن الولي والزوج صيغة النكاح فله أن يأخذ ما اتفقا عليه بالرضا وإن كثر وإن لم يكن لها ولي غيره فليس له أخذ شيء على إيجاب النكاح لوجوبه عليه حينئذ انتهى.
وفيه نظر لما تقرر آنفا.

ولا استئجار دراهم ودنانير غير المعراة للتزين لأن منفعة نحو
التزيين بها لا تقابل بمال وأما المعراة: فيصح استئجارها على ما بحثه الأذرعي لأنها حينئذ حلى واستئجار الحلي صحيح قطعا.
وبمعلومة استئجار المجهول فأجرتك إحدى الدارين باطل.
وبواقعة للمكتري ما يقع نفعها للأجير فلا يصح الاستئجار لعبادة تجب فيها نية غير نسك كالصلاة لان المنعة في ذلك للأجير لا المستأجر والإمامة ولو نقل كالتراويح لان الإمام مصل لنفسه فمن أراد اقتدي به وإن لم ينو الإمامة أما ما لا يحتاج إلى نية كالأذان والإقامة فيصح الاستئجار عليه والأجرة مقابلة لجميعه مع نحو رعاية الوقت وتجهيز الميت وتعليم القرآن كله أو بعضه وإن تعين على المعلم للخبر الصحيح [البخاري رقم: 5737] : "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا: كتاب الله".

قال شيخنا في شرح المنهاج: يصح الاستئجار لقراءة القرآن عند القبر أو مع الدعاء بمثل ما حصل له من الأجر له أو لغيره عقبها عين زمانا أو مكانا أو لا ونية الثواب له غير دعاء لغو خلافا لجمع وإن اختار السبكي ما قالوه وكذا أهديت قراءتي أو ثوابها له خلافا لجمع أيضا أو بحضرة المستأجر أي أو نحو ولده فيما يظهر ومع ذكره في القلب حالتها كما ذكره بعضهم وذلك لان موضعها موضع بركة وتنزل رحمة والدعاء بعدها أقرب إجابة وإحضار المستأجر في القلب سبب لشمول الرحمة له إذا نزلت على قلب
القارئ وألحق بها الاستئجار لمحض الذكر والدعاء عقبه وأفتى بعضهم بأنه لو ترك من القراءة المستأجر عليها آيات لزمه قراءة ما تركه ولا يلزمه استئناف ما بعده وبأن من استؤجر لقراءة على قبر لا يلزمه عند الشروع أن ينوي أن ذلك عما استؤجر عنه أي بل الشرط عدم الصارف فإن قلت: صرحوا في النذر بأنه لا بد أن ينوي أنها عنه قلت: هنا قرينة صارفة لوقوعها عما استؤجر له ولا كذلك ثم ومن ثم لو استؤجر هنا لمطلق القراءة وصححناه: احتاج للنية فيما يظهر أولا لمطلقها كالقراءة بحضرته لم يحتج لها فذكر القبر مثال انتهى ملخصا.
وبغير متضمن لاستيفاء عين ما تضمن استيفاءها فلا يصح اكتراء بستان لثمرته لأن الأعيان لا تملك بعقد الإجارة قصدا.

ونقل التاج السبكي في توشيحه اختيار والده التقي السبكي في آخر عمره صحة إجارة الأشجار لثمرها وصرحوا بصحة استئجار قناة أو بئر للانتفاع بمائها للحاجة.
قال في العباب: لا يجوز إجارة الأرض لدفن الميت لحرمة نبشه قبل بلائه وجهالة وقت البلى.

ويجب على مكر تسليم مفتاح دار لمكتر ولو ضاع من المكتري وجب على المكري تجديده والمراد بالمفتاح مفتاح الغلق المثبت أما غيره فلا يجب تسليمه بل ولا قفله كسائر المنقولات.
وعمارتها كبناء وتطيين سطح ووضع باب وإصلاح منكسر وليس المراد بكون ما ذكر واجبا على المكري أنه يأثم بتركه أو أنه يجبر عليه بل إنه إن تركه ثبت للمكتري الخيار كما بينته بقولي:
فإن بادر وفعل ما عليه فذاك وإلا فللمكتري خيار إن نقصته المنفعة.
وعلى مكتر تنظيف عرصتها أي الدار من كناسة وثلج والعرصة: كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها شيء من بناء وجمعها: عرصات.
وهو أي المكتري أمين على العين المكتراة مدة الإجارة إن قدرت بزمن أو مدة إمكان الاستيفاء إن قدرت بمحل عمل وكذا بعدها ما لم يستعملها استصحابا لما كان ولأنه لا يلزمه الرد ولا مؤنته بل لو شرط أحدهما عليه فسد العقد وإنما الذي عليه التخلية كالوديع ورجح السبكي أنه كالأمانة الشرعية فيلزمه إعلام مالكها بها أو الرد فورا وإلا ضمن والمعتمد خلافه وإذا قلنا بالأصح أنه ليس عليه إلا التخلية فقضيته أنه لا يلزم إعلام المؤجر بتفريغ العين بل الشرط أن لا يستعملها ولا يحبسها لو طلبها وحينئذ يلزم من ذلك أنه لا فرق بين أن يقفل باب نحو الحانوت بعد تفريغه أو لا لكن قال البغوي: لو استأجر حانوتا شهرا فأغلق بابه وغاب شهرين لزمه
المسمى للشهر الأول وأجرة المثل للشهر الثاني.

قال شيخنا في شرح المنهاج: وما ذكره البغوي في مسألة الغيبة متجه ولو استعمل العين بعد المدة لزمه أجرة المثل.
كأجير فإنه أمين ولو بعد المدة أيضا فلا ضمان على واحد منهما فلو اكترى دابة ولم ينتفع بها فتلفت أو اكتراه لخياطة ثوب أو صبغه فتلف فلا يضمن سواء انفرد الأجير باليد أم لا كأن قعد المكتري معه حتى يعمل أو أحضره منزله ليعمل.
إلا بتقصير كأن ترك المكتري الانتفاع بالدابة فتلفت بسبب كانهدام سقف اصطبلها عليها في وقت لو انتفع بها فيه عادة سلمت وكأن ضربها أو أركبها أثقل منه.
ولا يضمن أجير لحفظ دكان مثلا إذا أخذ غيره ما فيها.
قال الزركشي: إنه لا ضمان أيضا على الخفير.
وكأن استأجره ليرعى دابته فأعطاها آخر يرعاها فيضمنها كل منهما والقرار على من تلفت بيده.
وكأن أسرف خباز في الوقود أو مات المتعلم من ضرب المعلم فإنه يضمن.
ويصدق الأجير في أنه لم يقصر ما لم يشهد خبيران بخلافه.
ولو اكترى دابة ليركبها اليوم ويرجع غدا فأقام بها ورجع في الثالث ضمنها فيه فقط لأنه استعملها فيه تعديا.
ولو اكترى عبدا لعمل معلوم ولم يبين موضعه فذهب به من بلد العقد إلى آخر فأبق: ضمنه مع الأجرة.

فرع: يجوز لنحو القصار حبس الثوب كرهنه بأجرته حتى يستوفيها.
ولا أجرة لعمل: كحلق رأس وخياطة ثوب وقصارته وصبغه بصبغ مالكه بلا شرط الأجرة.
فلو دفع ثوبه إلى خياط ليخيط أو قصار ليقصره أو صباغ ليصبغه ففعل ولم يذكر أحدهما أجرة ولا ما يفهمها فلا أجرة له لأنه متبرع.
قال في البحر: ولأنه لو قال اسكني دارك شهرا فأسكنه لا يستحق عليه أجرة إجماعا وإن عرف بذلك العمل بها لعدم التزامها.
ولا يستثنى وجوبها على داخل حمام أو راكب سفينة مثلا بلا إذن لاستيفائه المنفعة من غير أن يصرفها صاحبها إليه بخلافه بإذنه أما إذا ذكر أجرة فيستحقها قطعا إن صح العقد وإلا فأجرة المثل.
وأما إذا عرض بها كأرضيك أو لا أخيبك أو ترى ما يسرك فيجب أجرة المثل.
وتقررت أي الأجرة التي سميت في العقد عليه أي المكتري بمضي مدة في الإجارة المقدرة بوقت أو مضي مدة إمكان
الاستيفاء في المقدرة بعمل وإن لم يستوف المستأجر المنفعة لان المنافع تلفت تحت يده وإن ترك لنحو مريض أو خوف طريق إذ ليس على المكري إلا التمكين من الاستيفاء وليس له بسبب ذلك فسخ ولا رد إلى تيسير العمل.
وتنفسخ الإجارة بتلف مستوفى منه معين في العقد كموت نحو دابة وأجير معينين وانهدام دار ولو بفعل المستأجر في زمان مستقبل لفوات محل المنفعة فيه لا في ماض بعد القبض إذا كان لمثله أجرة لاستقراره.
بالقبض فيستقر قسطه من المسمى باعتبار أجرة المثل.

وخرج بالمستوفى منه غيره مما يأتي وبالمعين في العقد المعين عما في الذمة فإن تلفهما: لا يوجب انفساخا يل يبدلان ويثبت الخيار على التراخي على المعتمد بعيب نحو الدابة المقارن إذا جهله والحادث لتضرره وهو ما أثر في المنفعة تأثيرا يظهر به تفاوت أجرتها.
ولا خيار في إجارة الذمة بعيب الدابة بل يلزمه الإبدال.
ويجوز في إجارة عين وذمة استبدال المستوفي كالراكب والساكن والمستوفى به كالمحمول والمستوفى فيه كالطريق بمثلها أو بدون مثلها ما لم يشترط عدم الإبدال في الآخرين.

فرع: لو استأجر ثوبا للبس المطلق لا يلبسه وقت النوم ليلا وإن اطردت عادتهم بذلك.
ويجوز لمستأجر الدابة مثلا منع المؤجر من حمل شيء عليها.
فائدة: قال شيخنا: إن الطبيب الماهر أي بأن كان خطوه نادرا لو شرطت له أجرة وأعطي ثمن
الأدوية فعالجه بها فلم يبرأ استحق المسمى إن صحت الإجارة وإلا فأجرة المثل. وليس للعليل الرجوع
عليه بشيء لان المستأجر عليه المعالجة لا الشفاء بل إن شرط بطلت الإجارة لأنه بيد الله تعالى لا غير.
أما غير الماهر فلا يستحق أجرة ويرجع عليه بثمن الأدوية لتقصيره بمباشرته بما ليس له بأهل.

ولو اختلفا: أي المكري والمكتري في أجرة أو مدة أو قدر منفعة هل هي عشرة فراسخ أو خمسة؟ أو في قدر المستأجر: هل هو كل الدار أو بيت منها؟ تحالفا وفسخت أي الإجارة ووجب على المكتري أجرة المثل لما استوفاه.
فرع: لو وجد المحمول على الدابة مثلا ناقصا نقصا يؤثر وقد كاله المؤجر حط قسطه من الأجرة إن
كانت الإجارة في الذمة وإلا لم يحط شيء من الأجرة.
ولو استأجر سفينة فدخلها سمك فهل هو له أو للمؤجر؟ وجهان.
تتمة: [في بيان أحكام المساقاة والمزارعة والمخابرة] : تجوز المساقاة وهي أن يعامل المالك غيره على نخل أو شجر عنب مغروس معين في العقد مرئي لهما عنده ليتعهده بالسقي والتربية على أن الثمرة الحادثة أو الموجودة لهما.
وإلا تجوز في غير نخل وعنب لا تبعا لهما وجوزها القديم في سائر الأشجار وبه قال مالك وأحمد واختاره جمع من أصحابنا ولو ساقاه على ودي غير مغروس ليغرسه ويكون الشجر أو ثمرته إذا أثمر لهما لم تجز لكن قضية كلام جمع من السلف جوازها والشجر لمالكه وعليه لذي الأرض أجرة مثلها.

والمزارعة: هي أن يعامل المالك غيره على أرض ليزرعها بجزء معلوم مما يخرج منها والبذر من المالك فإن كان البذر من العامل فهي مخابرة وهما باطلان للنهي عنهما.
واختار السبكي كجمع آخرين جوازهما واستدلوا بعمل عمر رضي الله عنه وأهل المدية.
وعلى المرجح فلو أفردت الأرض بالمزارعة فالمغل للمالك وعليه للعامل أجرة عمله ودوابه وآلاته وإن أفردت الأرض بالمخابرة فالمغل للعامل وعليه لمالك الأرض أجرة مثلها وطريق جعل الغلة
لهما ولا أجرة أن يكتري العامل نصف الأرض بنصف البذر ونصف عمله ونصف منافع آلاته أو بنصف البذر ويتبرع بالعمل والمنافع إن كان البذر منه فإن كان من المالك استأجره بنصف البذر ليزرع له النصف الآخر من البذر في نصف الأرض ويعيره نصفها.

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية