باب في العارية
كتاب فتح المعين في الفقه الشافعي
محتويات
باب في العارية
بتشديد الياء وتخفيفها: وهي اسم لما يعار للعقد المتضمن لإباحة الانتفاع بما يحل الانتفاع به مع بقاء عينه ليرده من عار: ذهب وجاء بسرعة لا من العار وهي مستحبة أصالة لشدة الحاجة إليها وقد تجب كإعارة ثوب توقفت صحة الصلاة عليه وما ينقذ غريقا أو يذبح به حيوان محترم يخشى موته.
صح من ذي تبرع إعارة عن غير مستعارة لانتفاع مع بقاء عينه مملوك ذلك الانتفاع ولو بوصية أو إجارة أو وقف وإن لم يملك العين لان العارية ترد على المنفعة فقط.
وقيد ابن الرفعة صحتها من الموقوف عليه بما إذا كان ناظرا.
قال الأسنوي: يجوز للإمام إعارة مال بيت المال.
مباح فلا يصح إعارة ما يحرم الانتفاع به كآلة لهو وفرس وسلاح لحربي وكأمة مشتهاة لخدمة أجنبي.
وإنما تصح الإعارة من أهل تبرع بلفظ يشعر بإذن فيه أي الانتفاع.
كأعرتك وأبحتك منفعة وكأركب وخذه لتنتفع به.
ويكفي لفظ أحدهما مع فعل الآخر ولا يجوز لمستعير إعارة عين مستعارة بلا إذن معير وله إنابة من يستوفي المنفعة له كأن يركب دابة استعارها للركوب من هو مثله أو دونه لحاجته ولا يصح إعارة ما لا ينتفع به مع بقاء عينه كالشمع للوقود لاستهلاكه ومن ثم صحت للتزين به كالنقد وحيث لم تصح العارية فجرت ضمنت لان للفاسد حكم صحيحه وقيل لا ضمان لان ما جرى بينهما ليس بعارية صحيحة ولا فاسدة.
ولو قال احفر في أرضي بئرا لنفسك فحفر لم يملكها ولا أجرة له على الآمر فإن قال أمرتني بأجرة فقال مجانا صدق الآمر ووارثه ولو أرسل صبيا ليستعير له شيئا لم يصح فلو تلف في يده أو أتلفه لم يضمنه هو ولا مرسله كذا في الجواهر.
ويجب على مستعير ضمان قيمة يوم تلف للمعار إن تلف كله أو بعضه في يده ولو بآفة من غير تقصير بدلا أو أرشا وإن شرطا عدم ضمانه لخبر أبي داود وغيره: العارية مضمونة أي بالقيمة يوم التلف
لا يوم القبض في المتقوم وبالمثل في المثلي على الأوجه.
وجزم في الأنوار بلزوم القيمة ولو في المثلي كخشب وحجر.
وشرط التلف المضمن أن يحصل لا باستعمال وإن حصل معه فإن تلف هو أو جزؤه باستعمال مأذون فيه: كركوب أو حمل أو لبس اعتيد فلا ضمان للإذن فيه وكذا لا ضمان على مستعير من نحو مستأجر إجارة صحيحة فلا ضمان عليه لأنه نائب عنه وهو لا يضمن فكذا هو.
وفي معنى المستأجر الموصى له بالمنفعة والموقوف عليه وكذا مستعار لرهن تلف في يد مرتهن لا ضمان عليه كالراهن وكتاب موقوف على المسلمين مثلا استعاره فقيه فتلف في يده من غير تفريط لأنه من جملة الموقوف عليهم.
فرع: لو اختلفا في أن التلف بالاستعمال المأذون فيه أو بغيره: صدق المعير كما قاله الجلال البلقيني لأن الأصل في العارية الضمان حتى يثبت مسقطه.
ويجب عليه أي على المستعير مؤنة رد للمعار على المالك وخرج بمؤنة الرد مؤنة المعار فتلزم المالك لأنها من حقوق
الملك وخالف القاضي فقال إنها على المستعير.
وجاز لكل من المعير والمستعير رجوع في العارية مطلقة كانت أو مؤقتة حتى في الإعارة لدفن ميت قبل مواراته بالتراب ولو بعد وضعه في القبر لا بعد المواراة حتى يبلى ولا رجوع لمستعير حيث تلزمه الاستعارة كإسكان معتدة ولا لمعير في سفينة صارت في اللجة وفيها متاع المستعير وبحث ابن الرفعة أن له الأجرة.
ولا في جذع لدعم جدار مائل بعد استناده وله الأجرة من الرجوع ولو استعار للبناء أو الغراس لم يجز له ذلك إلا مرة واحدة فلو قلع ما بناه أو غرسه لم يجز له إعادة إلا بإذن جديد إلا إذا صرح له بالتجديد مرة أخرى.
فروع: لو اختلف مالك عين والمتصرف فيه كأن قال المتصرف أعرتني فقال المالك بل آجرتك بكذا.
صدق المتصرف بيمينه إن بقيت العين ولم يمض مدة لها أجرة وإلا حلف المالك واستحقها كما لو أكل طعام غيره وقال كنت أبحت لي وأنكر المالك أو عكسه بأن قال المتصرف آجرتني بكذا وقال المالك بل أعرتك والعين باقية صدق المالك بيمينه.
ولو أعطى رجلا حانوتا ودراهم أو أرضا وبذرا وقال اتجر أو ازرعه فيها لنفسك فالعقار عارية وغيره قرض على الأوجه لا هبة خلافا لبعضهم ويصدق في قصده.
ولو أخذ كوزا من سقاء ليشرب منه فوقع من يده وانكسر قبل شربه أو بعده فإن طلبه مجانا ضمنه دون الماء أو بعوض والماء قدر كفايته فعكسه.
ولو استعار حليا وألبسه بنته الصغيرة ثم أمر غيره بحفظه في بيته ففعل فسرق غرم المالك المستعير ويرجع على الثاني إن علم أنه عارية وإن لم يكن يعلم أنه عارية بل ظنه للآمر لم يضمن.
ومن سكن دارا مدة بإذن مالك أهل ولم يذكر له أجرة لم تلزمه.
مهمة قال العبادي وغيره في كتاب مستعار رأى فيه خطأ لا يصلحه إلا المصحف فيجب.
قال شيخنا: والذي يتجه أن المملوك غير المصحف لا يصلح فيه شيء إلا إن ظن رضا مالكه به.
وأنه يجب إصلاح المصحف لكن إن لم ينقصه خطه لرداءته وأن الوقف يجب إصلاحه إن تيقن الخطأ فيه.
فصل في بيان أحكام الغصب
لغصب: استيلاء على حق غير ولو منفعة كإقامة من قعد بمسجد أو سوق بلا حق كجلوسه على فراش غيره وإن لم ينقله وإزعاجه عن داره وإن لم يدخلها وكركوب دابة غيره واستخدام عبده.
وعلى الغاصب: رد وضمان متمول تلف بأقصى قيمه من حين غصب إلى تلف ويضمن مثلي وهو ما حصره كيل أو وزن وجاز السلم فيه كقطن ودقيق وماء ومسك ونحاس ودراهم ودنانير ولو مغشوشا وتمر وزبيب وحب صاف1 ودهن وسمن بمثله في أي مكان حل به المثلي.
فإن فقد المثل فيضمن بأقصى قيم من غصب إلى فقد
ولو تلف المثلي: فله مطالبته بمثله في غير المكان الذي حل به المثلي إن لم يكن لنقله مؤنة وأمن الطريق وإلا فبأقصى قيم المكان.
ويضمن متقوم أتلف كالمنافع والحيوان بالقيمة.
ويجوز أخذ القيمة عن المثلي بالتراضي وإذا أخذ منه القيمة فاجتمعا ببلد التلف لم يرجعا إلى المثل وحيث وجب مثل فلا أثر لغلاء أو رخص.
فروع لوحل رباط سفينة فغرقت بسببه ضمنها أو بحادث ريح فلا وكذا إن لم يظهر سبب.
ولو حل وثاق بهيمة أو عبد لا يميز أو فتح قفصا عن طير فخرجوا ضمن إن كان بتهييجه وتنفيره.
وكذا إن اقتصر على الفتح إن كان الخروج حالا لا عبدا عاقلا حل قيده فأبق ولو معتادا للإباق.
ولو ضرب ظالم عبد غيره فأبق لم يضمن.
ويبرأ الغاصب برد العين إلى المالك ويكفي وضعها عنده ولو نسيه برئ بالرد إلى القاضي.
ولو خلط مثليا أو متقوما بما لا يتميز: كدهن أو حب وكذا درهم على الأوجه بجنسه أو غيره وتعذر
التمييز صار هالكا لا مشتركا فيملكه الغاصب لكن الأوجه أنه محجور عليه في التصرف فيه حتى يعطى بدله.
----
.1 في نسخة: حب جاف بالجيم.
وقال الشيخ علوي السقاف رحمه الله بالصاد كما في الإمداد وفتح الجواد لا بالجيم كما في نسخ محرفة ثم أضاف واحترز بالصافي عن نحو المختلط بالشعير فإنه متقوم وإن وجب رد مثله فتنبه انتهى.
----
باب في الهبة
أي مطلقها: الشامل للصدقة والهدية.
الهبة: تمليك عين يصح بيعها غالبا أو دين من أهل تبرع بلا عوض.
واحترز بقولنا بلا عوض عن البيع والهبة بثواب فإنها بيع حقيقة.
بإيجاب: كوهبتك هذا وملكتكه ومنحتكه.
وقبول متصل به كقبلت ورضيت.
وتنعقد بالكتابة: كلك هذا أو كسوتك هذا.
وبالمعاطاة على المختار.
قال: قال شيخنا في شرح المنهاج: وقد لا تشترط الصيغة كما لو كانت ضمنية كأعتق عبدك عني فأعتقه وإن لم يقل مجانا وكما لو زين ولده الصغير بحلي بخلاف زوجته لأنه قادر على تمليكه بتولي الطرفين.
قاله القفال وأقره جمع.
لكن اعترض بأن كلام الشيخين يخالفه حيث اشترطا في هبة الأصل تولي الطرفين بإيجاب وقبول.
وهبة ولي غيره أن يقبلها الحاكم
أو نائبه.
ونقلوا عن العبادي وأقره: أنه لو غرس أشجارا وقال عند الغرس أغرسها لابني مثلا لم يكن إقرارا بخلاف ما لو قال لعين في يده اشتريتها لابني أو لفلان الأجنبي فإنه إقرار.
ولو قال جعلت هذا لابني لم يملكه إلا إن قبض له.
وضعف السبكي والأذرعي وغيرهما قول الخوارزمي وغيره أن إلباس الأب الصغير حليا يملكه إياه.
ونقل جماعة عن فتاوى القفال نفسه أنه لو جهز بنته مع أمتعة بلا تمليك يصدق بيمينه في أنه لم يملكها إن ادعته وهذا صريح في رد ما سبق عنه.
وأفتى القاضي فيمن بعث بنته وجهازها إلى دار الزوج بأنه إن قال هذا جهاز بنتي فهو مالك لها وإلا فهو عارية ويصدق بيمينه.
وكخلع الملوك لاعتياد عدم اللفظ فيها انتهى.
ونقل شيخنا ابن زياد عن فتاوى ابن الخياط1: إذا أهدى الزوج للزوجة بعد العقد بسببه فإنها تملكه ولا يحتاج إلى إيجاب وقبول.
ومن ذلك ما يدفعه الرجل إلى المرأة صبح الزواج مما يسمى صبحية
في عرفنا وما يدفعه إليها إذا غضبت أو تزوج عليها فإن ذلك تملكه المرأة بمجرد الدفع إليها انتهى.
ولا يشترط الإيجاب والقبول قطعا في الصدقة وهي ما أعطاه محتاجا وإن لم يقصد الثواب أو غنيا لأجل ثواب الآخرة بل يكفي فيها الإعطاء والأخذ ولا في الهدية ولو غير مأكول وهي ما نقله إلى مكان الموهوب له إكراما بل يكفي فيها البعث من هذا والقبض من ذاك وكلها مسنونة وأفضلها الصدقة.
وأما كتاب الرسالة الذي لم تدل قرينة على عوده فقد قال المتولي إنه ملك المكتوب إليه وقال غيره: هو باق بملك الكاتب وللمكتوب إليه الانتفاع به على سبيل الإباحة.
وتصح الهبة باللفظ المذكور: بلا تعليق فلا تصح مع تعليق كإذا جاء رأس الشهر فقد وهبتك أو أبرأتك ولا مع تأقيت بغير عمري ورقبى فإن أقت الواهب الهبة بعمر المتهب كوهبت لك هذا عمرك أو ما عشت صحت وإن لم يقل فإذا مت فهي لورثتك وكذا إن شرط عودها إلى الواهب أو وارثه بعد موت المتهب فلا تعود إليه ولا إلى وارثه للخبر الصحيح [البخاري رقم: 2625, مسلم رقم: 1625, أبو داود رقم: 3556, الترمذي رقم: 1350, 1351, النسائي رقم: 3731, 3736, 3737, 3740, 3742, 3744, 3751, ابن ماجه رقم: 2380, 2383, مسند أحمد رقم: 14659, 14866, موطأ مالك رقم: 1479] وتصح ويلغو
الشرط المذكور فإذا أقت بعمر الواهب أو الأجنبي كأعمرتك هذا عمري أو عمر فلان.
لم تصح ولو قال لغيره أنت في حل مما تأخذ أو تعطي أو تأكل من مالي فله الأكل فقط لأنه إباحة وهي تصح بمجهول بخلاف الأخذ والإعطاء قاله العبادي.
ولو قال وهبت لك جميع ما لي أو نصف ما لي صحت إن كان المال أو نصفه معلوما لهما وإلا فلا.
وفي الأنوار: لو قال أبحت لك ما في داري أو ما في كرمي من العنب فله أكله دون بيعه وحمله وإطعامه لغيره.
وتقتصر الإباحة على الموجود أي عندها في الدار أو الكرم.
ولو قال أبحت لك جميع ما في داري أكلا واستعمالا ولم يعلم المبيح الجميع لم تحصل الإباحة انتهى.
وجزم بعضهم أن الإباحة لا ترتد بالرد.
وشرط الموهوب كونه عينا يصح بيعها فلا تصح هبة المجهول كبيعه وقد مر آنفا بيانه بخلاف هديته وصدقته فتصحان فيما استظهره شيخنا.
وتصح هبة المشاع كبيعه ولو قبل القسمة: سواء وهبه للشريك أو غيره.
وقد تصح الهبة دون البيع كهبة حبتي بر ونحوهما من المحقرات وجلد نجس على تناقض فيه في الروضة وكذا دهن متنجس
وتلزم أي الهبة
بأنواعها الثلاثة: بقبض فلا تلزم بالعقد بل بالقبض على الجديد لخبر [مجمع الزوائد رقم: 14071, 8/512, المعجم الكبير للطبراني23/ 352] أنه صلى الله عليه وسلم أهدى للنجاشي ثلاثين أوقية مسكا فمات قبل أن يصل إليه فقسمه صلى الله عليه وسلم بين نسائه.
ويقاس بالهدية الباقي.
وإنما يعتد بالقبض إن كان بإقباض الواهب أو بإذنه أو إذن وكيله فيه ويحتاج إلى إذنه فيه وإن كان الموهوب في يد المتهب ولا يكفي هنا الوضع بين يدي المتهب بلا إذن فيه لان قبضه غير مستحق له فاعتبر تحققه بخلافه في المبيع فلو مات أحدهما قبل القبض قام مقامه وارثه في القبض والإقباض ولو قبضه فقال الواهب رجعت عن الإذن قبله وقال المتهب بعد صدق الواهب على ما استظهره الأذرعي لكن ميل شيخنا إلى تصديق المتهب لأن الأصل عدم الرجوع قبله وهو قريب.
ويكفي الإقرار بالقبض كأن قيل له وهبت كذا من فلان وأقبضته فقال نعم.
----
1 راجع الحاشية في النفقة الصفحة 542.
----
وأما الإقرار أو الشهادة بمجرد الهبة فلا يستلزم القبض نعم يكفي عنه قول الواهب ملكها المتهب ملكا لازما
قال بعضهم: وليس للحاكم سؤال الشاهد عنه لئلا يتنبه له.
ولأصل ذكر أو أنثى من جهة الأب أو الأم وإن علا رجوع فيما وهب أو تصدق أو أهدى لا فيما أبرأ. لفرع وإن سفل إن بقي الموهوب في سلطنته بلا استهلاك وإن غرس الأرض أو بني فيها أو تخلل عصير موهوب أو آجره أو علق عتقه أو رهنه أو وهبه بلا قبض فيهما لبقائه في سلطنته1 فلا رجوع إن زال ملكه بهبة مع قبض وإن كانت الهبة من الابن لابنه أو لأخيه لأبيه أو ببيع ولو من الواهب على الأوجه أو بوقف.
ويمتنع الرجوع بزوال الملك وإن عاد إليه ولو بإقالة أو رد بعيب لان الملك غير مستفاد منه حينئذ.
ولو وهبه الفرع لفرعه وأقبضه ثم رجع فيه: ففي رجوع الأب وجهان والأوجه منهما: عدم الرجوع لزوال ملكه ثم عوده.
ويمتنع أيضا إن تعلق به حق لازم كأن رهنه لغير أصل وأقبضه ولم ينفك وكذا إن استهلك كأن تفرخ البيض أو نبت الحب لان الموهوب صار مستهلكا.
ويحصل الرجوع بنحو رجعت في الهبة كنقضتها أو أبطلتها أو رددت الموهوب إلى ملكي وكذا بكناية كأخذته وقبضته مع النية لا بنحو بيع وإعتاق وهبة لغيره ووقف لكمال ملك الفرع
ولا يصح تعليق الرجوع بشرط ولو زاد الموهوب رجع بزيادته المتصلة كتعلم الصنعة لا المنفصلة كالأجرة والولد والحمل الحادث على ملك فرعه.
ويكره للأصل الرجوع في عطية الفرع إلا لعذر كأن كان الولد عاقا أو يصرفه في معصية.
وبحث البلقيني امتناعه في صدقة واجبة كزكاة ونذر وكفارة وبما ذكره أفتى كثيرون ممن سبقه وتأخر عنه. وله الرجوع فيما أقر بأنه لفرعه كما أفتى به النووي واعتمده جمع متأخرون.
قال الجلال البلقيني عن أبيه وفرض ذلك فيما إذا فسره بالهبة وهو فرض لا بد منه انتهى.
وقال النووي: لو وهب وأقبض ومات فادعى الوارث كونه في المرض والمتهب كونه في الصحة صدق
انتهى.
ولو أقاما بينتين قدمت بينة الوارث لأن معها زيادة علم.
وهبة دين للمدين إبراء له عنه فلا يحتاج إلى قبول نظرا للمعنى.
ولغيره أي المدين هبة صحيحة إن علما قدره كما صححه جمع تبعا للنص خلافا لما صححه المنهاج.
تنبيه لا يصح الإبراء من المجهول للدائن أو المدين لكن فيما
فيه معاوضة كأن أبرأتني فأنت طالق لا فيما عدا ذلك: على المعتمد وفي القديم: يصح من المجهول مطلقا
----
.1 في نسخة في الموضعين سلطته.
----
ولو أبرأ ثم ادعى الجهل: لم يقبل ظاهرا بل باطنا ذكره الرافعي.
وفي الجواهر عن الزبيلي1: تصدق الصغيرة المزوجة إجبارا بيمينها في جهلها بمهرها.
قال الغزي: وكذا الكبيرة المجبرة إن دل الحال على جهلها وطريق الإبراء من المجهول أن يبرئه مما يعلم أنه لا ينقص عن الدين كألف شك هل دينه يبلغها أو ينقص عنها؟
ولو أبرأ من معين معتقدا أنه لا يستحقه فبان أنه يستحقه برئ.
ويكره لمعط: تفضيل في عطية فروع وإن سفلوا ولو الأحفاد مع وجود الأولاد على الأوجه سواء كانت تلك العطية هبة أم هدية أم صدقة أم وقفا أو أصول وإن بعدوا سواء الذكر وغيره إلا لتفاوت حاجة أو فضل على الأوجه.
قال جمع: يحرم
ونقل في الروضة عن الدارمي: فإن فضل في الأصل فليفضل الأم وأقره لما في الحديث "أن لها ثلثي البر" [صحيح ابن حبان1 كذا هو في أغلب كتب الفقه وهكذا ذكر الأذرعي أنه سمعه من فقهاء عصره راجع طبقات فقهاء الشافعية لابن الصلاح رحمه الله 1/403, وما قاله ابن قاضي شهبة رحمه الله في الحاشية حيث يخلص أن الصواب فيه هو: الدنبلي نقلا عن الإمام الذهبي رحمه الله نسبة إلى قبيلة من أكراد الموصل تدعى دنبل.
رقم: 433, 2/176] بل في شرح مسلم عن المحاسبي الإجماع على تفصيلها في البر على الأب.
فروع الهدايا المحمولة عند الختان ملك للأب وقال جمع: للابن فعليه يلزم الأب قبولها ومحل الخلاف إذا أطلق المهدي فلم يقصد واحدا منهما وإلا فهي لمن قصده اتفاقا ويجري ذلك فيما يعطاه خادم الصوفية فهو له فقط عند الإطلاق أو قصده ولهم عند قصدهم وله ولهم عند قصدهما أي يكون له النصف فيما يظهر وقضية ذلك أن ما اعتيد في بعض النواحي من وضع طاسة بين يدي صاحب الفرح ليضع الناس فيها دراهم ثم يقسم على الحالق أو الخاتن أو نحوهما يجري فيه ذلك التفصيل فإن قصد ذلك وحده أو مع نظرائه المعاونين له عمل بالقصد وإن أطلق كان ملكا لصاحب الفرح يعطيه لمن يشاء وبهذا يعلم أنه لا نظر هنا للعرف أما مع قصد خلافه فواضح وأما مع الإطلاق فلان حمله على من ذكر من الأب والخادم وصاحب الفرح نظرا للغالب أن كلا من هؤلاء هو المقصود هو عرف الشرع فيقدم على العرف المخالف له بخلاف ما ليس للشرع فيه عرف فإنه تحكم فيه العادة ومن ثم لو نذر لولي ميت بمال فإن قصد أنه يملكه لغا وإن أطلق فإن كان على قبره ما يحتاج للصرف في مصالحه صرف له وإلا فإن كان عنده قوم اعتيد قصدهم بالنذر للولي صرف لهم.
ولو أهدي لمن خلصه من ظالم لئلا ينقص ما فعله لم يحل له قبوله وإلا حل أي وإن تعين عليه تخليصه.
ولو قال خذ هذا واشتر لك به كذا تعين ما لم يرد التبسط أي أو تدل قرينة حاله عليه.
ومن دفع لمخطوبته أو وكيلها أو وليها طعاما أو غيره ليتزوجها فرد قبل العقد رجع على من أقبضه.
ولو بعث هدية إلى شخص فمات المهدي إليه قبل وصولها بقيت على ملك المهدي فإن مات المهدي لم يكن للرسول حملها إلى المهدي إليه.