الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

ابتداء الناسخ والمنسوخ كتاب الرسالة للإمام الشافعي

ابتداء الناسخ والمنسوخ كتاب الرسالة للإمام الشافعي

  اسم الكتاب: الرسالة
اسم المؤلف: محمد بن إدريس الشافعي (١٥٠ هـ - ٢٠٤ هـ)
تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر
الموضوع: علم أصول الفقه علي المذهب الشافعي


فهرس الموضوعات 

  1. ابتداء الناسخ والمنسوخ
  2. الناسخ والمنسوخ الذي يدل الكتاب على بعضه والسنة على بعضه
  3. باب فرض الصلاة الذي دل الكتاب ثم السنة عن من تزول عنه بالعذر وعلى من لا تكتب صلاته بالمعصية
  4. الناسخ والمنسوخ الذي تدل عليه السنة والاجماع
  5. باب الفرائض التي أنزل الله نصا
  6. الفرائض المنصوصة التي سن رسول الله معها
  7. الفرض المنصوص الذي دلت السنة على أنه إنما أراد به الخاص جمل الفرائض
  8. جمل الفرائض
  9. في الزكاة
  10. [في الحج]
  11. [في العدد]
  12. [في محرمات النساء]
  13. في محرمات الطعام
  14. فيما تمسك عنه المعتدة من الوفاة
  15. باب العلل في الأحاديث
  16. وجه آخر
  17. وجه آخر
  18. وجه آخر من الاختلاف
  19. اختلاف الرواية على وجه غير الذي قبله
  20. وجه آخر مما يعد مختلفا وليس عندنا بمختلف
  21. وجه آخر مما يعد مختلفا
  22. وجه آخر من الاختلاف
  23. في غسل الجمعة
  24. النهي عن معنى دل عليه معنى في حديث غيره
  25. النهى عن معنى أوضح من معنى قبله
  26. النهى عن معنى يشبه الذي قبله في شئ ويفارقه في شئ غيره
  27. باب آخر
  28. وجه يشبه المعنى الذي قبله
  29. صفة نهي الله ونهي رسوله
  30. باب العلم
  31. العودة الي كتاب الرسالة للإمام الشافعي

 

 ابتداء (١) الناسخ والمنسوخ
٣١٢ - قال الشافعي إنَّ الله خلَق الخلْق لِما سَبَق في علمه مما أراد بخلقهم وبهم لا مُعَقِّبَ لحُكْمه وهو سريع الحِساب
٣١٣ - وأنزل عليهم الكتاب تِبْيانًا لكل شئ وهدى ورحمة وفرض فيهم فرائض أثبتها وأُخْرَى نسَخَها رحمةً لِخَلْقه بالتخفيف عنهم وبالتوسعة عليهم زيادة فيما ابتدأهم به مِن نِعَمه وأثابَهم على الانتهاء إلى ما أثبت عليهم جَنَّتَه والنجاة من عذابه فعَمَّتْهم رحمتُه فيما أثبت ونسخ فله الحمد على نعمه
٣١٤ - (٢) وأبان الله لهم (٣) أنه إنما نسخ ما نسخ من الكتاب بالكتاب وأن السنةَ لا ناسخةٌ للكتاب (٤) وإنما هي تَبَع للكتاب يُمَثِّلُ ما نَزل (٥) نصًا ومفسِّرةٌ معنى ما أنزل الله منه جُمَلًا
٣١٥ - قال الله: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا (٦) ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بدله قل ما يكون لي أن
(١) في ج باب ابتداء وكلمة باب ليست في الأصل.
(٢) هنا في ب وج زيادة قال الشافعي وفي ب زيادة رحمه الله تعالى.
(٣) في ب وأبان لهم بحذف لفظ الجلالة.
(٤) في ب وج لا تكون ناسخة وهو مخالف للأصل، ولعل من زاد كلمة تكون ظن أن هذا التركيب غير جيد وهو ظن خاطئ.
(٥) في كل النسخ المطبوعة زيادة به وليست في الأصل، وهي أيضا زيادة غير جيدة.
(٦) في الأصل إلى هنا، ثم قال إلى: عذاب يوم عظيم.
 
أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ ربي عذاب يوم عظيم (١».
٣١٦ - (٢) فأخبر الله (٣) أنه فرَضَ على نبيه اتباعَ ما يوحَى إليه ولم يجعل له تبديله نفسه
٣١٧ - وفي قوله (مَا يَكُونُ لِي أَنْ أبدله من تلقاء نفسي) بيانُ ما وصفتُ مِن أنه لا يَنْسخ كتاب الله إلا بكتابه كما كان المبتدئ لفرضه (٤) فهو المُزيلُ المثبت لِما شاء (٥) منه جل ثناؤه ولا يكون ذلك لأحد من خلقه
٣١٨ - وكذلك قال (٦): (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ ويثبت وعنده أم الكتاب (٧»
٣١٩ - (٨) وقد قال بعضُ أهل العلم في هذه الآية والله أعلم دِلَالة على أن الله جعَل لرسوله أنْ يقولَ مِن تِلقاء نفسه بتوفيقه فيما لم يُنْزِلْ فيه كتابًا والله أعلم
٣٢٠ - وقيل (٩) في قوه (يمحو الله ما يشاء) يمحو فرض ما يشاء ويثبت ما يشاء (١٠) وهذا يُشبه ما قيل والله أعلم
(١) سورة يونس ١٥.
(٢) هنا في ج زيادة قال الشافعي.
(٣) في ب فأخبرنا الله، وهو مخالف للأصل.
(٤) في ب بفرضه وهو خلاف الأصل.
(٥) في ج يشاء وهو مخالف للأصل.
(٦) في ب قال الله تعالى.
(٧) سورة الرعد ٣٩.
(٨) هنا في ج زيادة قال الشافعي.
(٩) في ج قال الشافعي: وقد قيل وهو مخالف للأصل.
(١٠) هنا في ج زيادة قال الشافعي.
 
٣٢١ - وفي كتاب الله دِلالة عليه قال الله (ما ننسخ من آية (١) أو ننسها [*] نأت بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله على كل شئ قدير (٢»
٣٢٢ - فأخبر الله أن ننسخ القُرَآن وتأخيرَ إنْزالِه لا يكون إلا بِقُرَآن مثلِه
٣٢٣ - وقال: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ (٣) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مفتر (٤»
٣٢٤ - (٥) وهكذا سنة رسول الله لا يَنْسَخُها إلا سنةٌ لرسول الله ولو أحدث الله لرسوله (٦) في أمر سنَّ فيه غيَر ما سنَّ (٧) رسول الله لَسَنَّ (٨) فيما أحدث الله إليه حتى يُبَيِّنَ (٩) للناس أن له سنةً ناسخةَ لِلَّتي قّبْلَها مما يخالفها وهذا مذكور في سنته ﷺ
٣٢٥ - (١٠) فإن قال قائل فقد وجدنا الدِّلالة على أنَّ القُرَآن ينسخ القرآن لا أنه لا مثلَ للقرآن فأوْجِدْنا ذلك في السنة
٣٢٦ - قال الشافعي فيما وصفتُ مِن فرْضِ الله على الناس
(١) في الأصل إلى هنا، ثم قال الآية.
(٢) سورة البقرة ١٠٦.
(٣) في الأصل إلى هنا، ثم قال إلى: قوله انما أنت مفتر.
(٤) سورة النحل ١٠١.
(٥) هنا في ج زيادة قال الشافعي.
(٦) في ج لرسول الله.
(٧) في كل النسخ المطبوعة غير ما سن فيه وكلمة فيه ليست من الأصل، ولكنها مكتوبة فيه بين السطور بخط آخر.
(٨) في ج ليس بدل لسن وهو تصحيف قبيح.
(٩) في ج يتبين وهو مخالف للأصل.
(١٠) هنا في ج زيادة قال الشافعي.

[*] (أو نُنْسِها) أفادني الأخ العلامة الشيخ محمد خميس هيبة أن الواجب کتابتها على قراءة ابن كثير، وهي التي كان يقرأ بها الشافعي (أو نَنْسَأْهَا) لأن الشافعي فسرها بعد ذلك في الفقرة التالية بالتأخير، وهو المعنى على قراءته. وانظر تفسير القرطبي (ج ٢ ص ٦١).
[كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
اتباع أمر رسول الله (١) دليلٌ على أن سنة رسول الله إنما قُبِلَتْ عن الله فَمَنْ اتبعها فبِكتاب الله تَبِعَها (٢) ولا نجد خبرًا ألزمه الله خلْقَه نصًا بَيِّنًا إلا كتابَه ثم سنةَ نبيه فإذا كانت السنة كما وصفتُ لا شِبْهَ لها مِنْ قول خَلْقٍ من خلق الله لَمْ يَجُزْ أن ينسخها إلا مثلُها ولا مثل لها غيرُ سنة رسول لأن الله لم يجعل لآدمي بعده ما جعل له بل فرَض على خلقه اتباعَه فألزمهم (٣) أمره فالخلْق كلهم له تبعٌ ولا يكون للتابع أن يخالف ما فُرِضَ عليه اتباعُه (٤) ومن وجب عليه اتباع سنة رسول الله لم يكن له خلافُها ولم يقُمْ مَقامَ أنْ ينسخ شيئًا منها
٣٢٧ - (٥) فإن قال أفيَحْتَمِلُ أنْ تكون له سنة مأثورة قد نُسِخَتْ ولا تُؤْثَرُ السنة التي نَسَخَتْها
٣٢٨ - فلا يحتمل هذا وكيف يَحْتَمِلُ أنْ يُؤثر ما وُضِع فرضُه ويُتْرَكَ ما يَلْزَم فرضُه ولو جاز هذا خرج عامةُ السنن من أيدي الناس بِأنْ يقولوا لَعَّلها مَنْسوخَة وليس يُنْسَخُ فرضٌ أبدًا إلا ثبت مكانه فرض كما نسخت نسخت قبله بيت المقدس فأثبت
(١) في ب رسوله.
(٢) في ب يتبعها وفي ج اتبعها وما هنا هو الذي في الأصل.
(٣) في ب وألزمهم.
(٤) في ب ما فرض الله ﷿ عليه اتباعه وهو مخالف للأصل.
(٥) هنا في ب زيادة قال.
 
مكانَها الكعبةُ (١) وكلُّ منسوخ في كتاب وسنة هكذا (٢)
٣٢٩ - (٣) فإن قال قائل هل ننسخ السنةُ بالقُرَآن
٣٣٠ - قيل لو نُسخَت السنة بالقُرَآن كانت للنبي فيه سنةٌ تُبَيِّنُ أنَّ سنته الأولى منسوخة بسُنته الآخِرة (٤) حتى تقوم الحجةُ على الناس بأن الشئ ينسخ بمثله
(١) هنا في ب زيادة قال.
(٢) هكذا في الأصل، وهو صواب وواضح، فجاء بعض من كان بيدهم الأصل فزاد بخط آخر بين السطرين لفظ الجلالة ووضع خطا راسيا بعد كلمة كتاب فصارت تقرأ كتاب الله ووضع خطا معقوفا إلى اليسار بعد كلمة سنة وكتب بالهامش نبيه ﷺ. وبذلك طبعت في النسخ المطبوعة، الا ان ج فيها رسول الله بدل نبيه وكل ذلك مخالف للأصل.
ثم أقول: فلينظر المقلدون، وليتأملوا ما يقول الإمام الشافعي، وما يقيم من الأدلة على وجوب اتباع السنة، وانه لا يكون للتابع ان يخالف ما فرض عليه اتباعه وان من وجب عليه اتباع سنة رسول الله لم يكن له خلافها، ولم يقم مقام ان ينسخ شيئا منها. وليحذروا ما يقولون - من اعتذارهم عن مخالفة الأحاديث الصحاح تقليدا لمتبوعيهم -: إنه يجوز أن تكون هذه الأحاديث منسوخة أو معارضة بغيرها. وهذا الذي خشي الشافعي ﵁ ان يكون، وخشي آثاره في العلماء والعامة، إذ لو جاز هذا خرجت عامة السنن من أيدي الناس.
ولينظر المقلدون إلى ما كان من اثر التقليد في هذه العصور الحاضرة: ان وضعت قوانين مأخوذة عن الإفرنج، خارجة عن كل دليل من أدلة الاسلام، وكادت ان تهضمها عقول المسلمين، وان يقدموها في معاملاتهم وأحوالهم على قواعد دينهم، حتى لنخشى ان يخرجوا من الاسلام جملة. وكان من اثر التقليد: ان قام ناس زعموا لأنفسهم انهم مجددون في الدين، فوضعوا أنفسهم موضع من ينسخ السنة، ثم يتأولون القران على ما يخطر لهم مما يرونه مصلحة للناس في عقولهم ونظرهم، حتى لنخشى ان يخرجوا من الاسلام جملة وتفصيلا. ولا حول ولا قوة الا بالله.
(٣) هنا في س وب زيادة قال وفي ج قال الشافعي.
(٤) في النسخ المطبوعة كلها الأخرى وهو خطأ ومخالف للأصل، لان المراد السنة المتأخرة بعد الأولى كلها المتقدمة، كما يقال صلاة العشاء الآخرة فهي تأنيث الاخر بكسر الخاء، واما الأخرى فإنها تأنيث الاخر بفتح الخاء، بمعنى أحد الشيئين.
 
٣٣١ - (١) فإنْ قال ما الدليل على ما تقول (٢)
٣٣٢ - فما وصَفْتُ مِنْ مَوْضعه من الإبانة عن الله معنى ما أراد بفرائضه خاصًا وعامًا مما وصفت في كتابي هذا وأنه لا يقول أبدا لشئ إلا بحُكْم الله ولو نسخ الله مما قال حكْمًا لَسنَّ رسول الله فيما نسخه سنة
٣٣٣ - ولو جاز أن يقال قد سنَّ رسول الله ثم نسخ (٣) سنتَه بالقُرَآن ولا يُؤْثَرُ عن رسول الله السنةُ الناسخةُ جاز (٤) أن يقال فيما حرم رسول الله من البُيوع كلِّها قد يحتمل أن يكون حرَّمَها قبل أن ينزل عليه (أحل الله البيع وحرم الربا (٥» وفيمن رجَم مِن الزناة قد يحتمل أن يكون الرجم منسوخًا لقول الله (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة (٦) وفي المسح على
(١) في ج قال الشافعي: فان قال قائل وهو مخالف للأصل.
(٢) في س وج ما الدليل على ما تقول مما وصفت وهذه الزيادة الأخيرة ليست في الأصل، وليست ضرورية لصحة السؤال. واما الجواب فهو قوله بعد ذلك: فما وصفت الخ.
(٣) في س نسخت وهو مخالف للأصل.
(٤) في ب وج لجاز وأظن أن زيادة اللام جاءت من بعض القارئين للرسالة من العلماء المتقدمين ﵏، ظنا منهم ان حذفها خطأ. وهو غلط. وكلام الشافعي يحتج به في اللغة وعلوم اللغة: ثم قد قال العلامة ابن مالك في كتابه شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح ص ١١٦: يظن بعض النحويين ان لام جواب لو في نحو: لو فعلت لفعلت: لازمة، والصحيح جواز حذفها في أفصح الكلام المنثور، كقوله تعالى: لو شئت أهلكتهم من قبل الخ.
(٥) سورة البقرة ٢٧٥.
(٦) سورة النور ٢.
 
الخُفَّيْن نَسَخت آيةُ الوُضوء المسحَ وجاز أن يقال لا يُدْرَأُ (١) عن سارق سرق من غير حِرْزٍ وسرِقَتُهُ أقلُّ من ربع دينار لقول الله (السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما (٢» لأن اسم السرقة يَلْزَم من سرَق قليلًا وكثيرًا (٣) ومن حِرز ومن غيِر حرز ولجاز رَدُّ كل حديث عن رسول الله بأن يقال (٤) لم يقله (٥) إذا لم يَجِدْه (٦) مثلَ التنزيل وجاز (٧) رد السنن بهذين الوجهين فتُرِكَتْ كلُّ سنة معها كتابٌ جملةً تحتمل سنتُه أن توافقه (٨) وهي لا تكون ابدا
(١) في كل النسخ المطبوعة لا يدرأ القطع وهو المراد في الكلام، ولكن هذه الزيادة ليست في الأصل.
(٢) سورة المائدة ٣٨.
(٣) في ج أو كثيرا وهو مخالف للأصل.
(٤) هكذا في الأصل. يريد ان من أراد رد الحديث سهل عليه ان ينكره ويقول: ان رسول الله لم يقله. ويظهر ان بعض من كان بيدهم الأصل ظن أن في الكلام نقصا فوضع بجوار يقال خطا معقوفا إلى اليمين وكتب في الهامش لعله ليصير الكلام بان يقال: لعله لم يقله وبذلك جاءت الجملة في كل النسخ المطبوعة، وهذه الزيادة بخط مخالف لخط الأصل، والمعنى صحيح بدونها.
(٥) في ب لم يقله رسول الله ﷺ.
(٦) في الأصل لم ينقط الحرف الأول، فيمكن قراءته بالياء، كما اخترنا هنا، وكما اختار مصحح ج. ويمكن قراءته بالنون نجده كما اختار مصححا س وب وفي ج إذا لم يجده نصا وكلمة نصا زيادة ليست في الأصل، وهي إلى ذلك خطأ في هذا المقام.
(٧) في ب «ولجاز».
(٨) في ب لا تحتمل سنته ان توافقه نصا. وزيادة لا في الأول ونصا في الاخر -: خطأ وخلاف للأصل، بل يفسد المعنى ويبطل ذلك. لان المراد ان هذه الاحتمالات لو جازت، وهذا الصنيع لو قبل ممن يصنعه -: كان سببا لترك كل ما ورد من السنة التي تبين المجمل مما جاء في الكتاب، وتحتمل ان توافقه، فيأتي هذا المشكك ويعقد خلافا بين السنة وبين الكتاب، ويضرب بعض ذلك ببعض، ويرد بيان السنة بعام الكتاب ومجمله، ويزعم أنها مخالفة له، وهي لا تكون ابدا الا موافقة له.
 
إلا موافِقة له إذا (١) احتمل اللفظ فيما رُوِي عنه خلافَ اللفظ في التنزيل بوجه أو احتمل أن يكون في اللفظ عنه أكثرُ مما في اللفظ في التنزيل (٢) وإنْ كان مُحتمِلا أن يخالفه من وجه
٣٣٤ - وكتابُ الله وسنةُ رسوله (٣) تدل على خلاف هذا القول وموافِقةٌ ما قلنا
٣٣٥ - وكتاب الله البيانُ الذي يُشْفى (٤) به من العَمى وفيه الدلالة على موضع رسول الله من كتاب الله ودينه واتباعِه له وقيامه بتَبْيِينِه عن الله



الناسخ والمنسوخ (٥) الذي يدل الكتاب على بعضه والسنة على بعضه
٣٣٦ - قال الشافعي مما نَقَل (٦) بعضُ مَن سمعتُ مِنه مِن أهل العلم أن الله أنزل فَرْضًا في الصلاة قبل فرض الصلوات الخمس
(١) في س وب وإذا وزيادة الواو مخالفة للأصل وخطأ.
(٢) في ب وج زيادة بوجه وهو مخالف للأصل.
(٣) في ب نبيه ﷺ.
(٤) لم ينقط الحرف الأول في الأصل، فيمكن ان تقرأن يشفى ونشفي. وفي ج يشتفي وهو مخالف للأصل.
(٥) في س باب بيان الناسخ الخ، وفي ج باب الناسخ الخ، وهذه الزيادة فيهما ليست في الأصل.
(٦) في ج كان مما نقل.
 
فقال (يا أيها الْمُزَّمِّلُ قُمْ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ القرآن ترتيلا (١» ثم نسخ هذه في السورة معه (٢) فقال (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى (٣) مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عليكم فاقرؤا مَا تَيَسَّرَ مِنْ القُرَآن عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ منكم مرض وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرؤا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ (٤».
٣٣٧ - (٥) ولما ذكر الله بعد أمره بقيام الله نصْفِه إلا قليلًا أو لزيادة عليه فقال: (أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ من الذين معك) فخفف فقال: (علم أن سيكون منكم مرضى) قرأ إلى (٦) (فاقرؤا ما تيسر منه)
٣٣٨ - قال الشافعي (٧) فكان (٨) بيِّنًا في كتاب الله نسخ
(١) سورة المزمل ١ - ٤.
(٢) في س معها وهي في الأصل معه وعلى الهاء ضمة صغيرة، وحاول بعض الكاتبين تغييرها إلى الضمير المؤنث، فالصق ألفا بالهاء.
(٣) في الأصل إلى هنا، ثم قال إلى قوله: وآتوا الزكاة.
(٤) سورة المزمل ٢٠.
(٥) هنا في ب وج زيادة قال الشافعي وفي ب فلما وهو مخالف للأصل.
(٦) سبق ان ذكرنا الآية بتمامها، ولذلك أثبتنا هنا ما في الأصل، وقوله قرأ إلى اختصر من الربيع، يعنى ان الشافعي قرأ إلى هذا الحد عند الاستدلال بالآية.
(٧) قوله قال الشافعي ثابت في الأصل بهامشه بنفس الخط، ولم يذكر في ب وج.
(٨) في ب كان بحذف الفاء.
 
قيام الليل ونصفِه والنقصانِ من النصف والزيادة عليه بقول الله (فاقرؤا ما تيسر منه)
٣٣٩ - فاحتمل (١) قول الله (فاقرؤا ما تيسر منه) معنيين
٣٤٠ - أحدهما أن يكون فرضا ثابتا أنه أزِيل به فرض غيره
٣٤١ - والآخر أن يكون فرضًا منسوخًا أزيل بغيره كما أُزيل به غيره وذلك لقول الله (وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مقاما محمودا (٢» فاحتمل (٣) قوله (وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ) أن يتهجَّد بغير الذي فُرِض عليه مما تَيَسَّرَ مِنه
٣٤٢ - قال (٤) فكان الواجب طلبَ الاستدلال بالسنة على أحد المعنيين فوجدنا سنة رسول الله تدل على ألاَّ واجب من الصلاة إلا الخَمسُ فصِرنا إلى أن الواجب الخمس وأن ما سواها من واجب
(١) في ب وج قال الشافعي ثم احتمل وهذه الزيادة ليست في الأصل، وكانت فيه فاحتمل ثم أصلحت بخط آخر ثم احتمل ويظهر ان هذا التغيير حديث جدا، لان ناسخ س انما نسخها ف آخر ذي الحجة سنة ١٣٠٨ وقد نقل الحرف على الصواب بالفاء.
(٢) سورة الإسراء ٧٩.
(٣) في ب احتمل وهو مخالف للأصل، وفي س واحتمل ولكن الكلمة كانت بالفاء واضحة، ثم غيرت بقلم. آخر إلى الواو، ويظهر لي ان سبب ذلك أن القارئين لم يتضح لهم وجه ربط الجمل بعضها ببعض، وهو ظاهر بالتأمل الدقيق.
(٤) في ب وج قال الشافعي.
 
مِن صلاة قبلَها منسوخ بها استدلالًا بقول الله (فتهجد به نافلة لك) وأنها ناسخة لقيام الليل ونصفِه وثلثِه وما تيسر
٣٤٣ - ولَسْنَا (١) نُحِبُّ لأحد تركَ أن يتهجد بما يسره الله عليه من كتابه مُصَلِّيًا به وكيف ما أكْثَرَ فهو أحبُّ إلينا
٣٤٤ - (٢) أخبرنا مالك (٣) عن عمه (٤) أبي سُهَيْل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول جَاءَ أَعْرَابِيٌّ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأسِ نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ وَلَا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْ الإسْلَامِ فَقَالَ النَّبِيُّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ (٥) فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَة قاَلَ (٦) هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا فَقَالَ (٧) لَا إلاَّ أنْ تَطَّوَّعَ قَالَ وَذَكَرَ لَهُ رَسُولَ اللهِ صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَان فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غّيْرُهُ قَالَ لَا إلاَّ أنْ تَطَّوَّعَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ لَا أَزِيدُ (٨) عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ (٩) فَقَالَ رَسُوُل الله (١٠) أفلح إن صدق (١١) "
(١) في ج فلسنا.
(٢) هنا في ج زيادة قال الشافعي.
(٣) في كل النسخ المطبوعة زيادة بن انس.
(٤) كلمة عمه لم تذكر في س.
(٥) في ب خمس صلوات كتبهن الله تعالى. وهي زيادة ليست في الأصل ولا في الموطأ.
(٦) في النسخ المطبوعة فقال والفاء مزادة في الأصل ملصقة بالقاف بخط آخر.
(٧) في ب وج قال وهو مخالف للأصل.
(٨) في النسخ المطبوعة والله لا أزيد. والزيادة ثابتة في الموطأ وليست في الأصل.
(٩) كلمة منه لم تذكر في ب. وهي ثابتة في الأصل والموطأ.
(١٠) في ب فقال النبي ﷺ.
(١١) الحديث في الموطأ رواية يحيى ١: ١١٨ - ١٨٩ بأطول من هذا. ورواه أيضا البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
 
٣٤٥ - (١) ورواه (٢) عُبادة بن الصامِت عن النبي أنَّهُ قال «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللهُ عَلَى خَلْقِهِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اْسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدًا (٣) أن يدخله الجنة (٤)»



باب (٥) فرض الصلاة الذي دلَّ الكتاب ثم السنة عن من تزول عنه بالعذر وعلى من لا تُكتب صلاته بالمعصية
٣٤٦ - (٦) قال الله ﵎ (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ (٧) حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويحب المتطهرين (٨»
٣٤٧ - قال الشافعي افترض الله الطهارةَ على المُصَلِّي فِي الوُضوء والغسل مِن الجنَابَة فلم تكن لغير طاهر صلاة ولما
(١) هنا في ب وج زيادة قال الشافعي.
(٢) في النسخ المطبوعة وروى ولكن في بحذف الواو، وكل ذلك خلاف الأصل، وما فيه هو الصحيح، لان المراد: وروى هذا المعنى عبادة، وهو: ان سنة رسول الله تدل على ألاَّ واجب من الصلاة الا الخمس.
(٣) هكذا ضبط، في الأصل بالنصب، وعلى طرف الألف فتحتان. وانظر ما سيأتي في شرح الفقرتين ٤٤٠ و٤٨٥.
(٤) الحديث رواه مالك في الموطأ رواية يحيى ١: ١٤٤ - ١٤٥ عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن عبادة. ورواه أبو داود ١: ٥٣٤ عن القعنبي عن مالك. ورواه أيضا النسائي وابن ماجة. وهو حديث صحيح، صححه ابن عبد البر وغيره.
(٥) كلمة باب ثابتة في الأصل، ولكن عليها علامة الالغاء، وأرجح ان ذلك من تصرف بعض القارئين.
(٦) هنا في ب وج زيادة قال الشافعي.
(٧) في الأصل إلى هنا، ثم قال الآية.
(٨) سورة البقرة ٢٢٢.
 
ذكر اللهُ المَحِيضَ فأمَرَ باعتزال النساء حتى يَطْهُرْنَ فإذا تَطَهَّرْنَ أُتِينَ (١) استدلَلْنا على أنَّ تَطَهُّرَهُنَّ (٢) بالماء بعد زوال المحيض لأن الماء موجود في الحالات كلها في الحَضَر فلا يكون للحائض طهارة بالماء (٣) لأن الله إنما ذكَرَ التَّطَهُّرَ بعد أنْ يَطْهُرْنَ وَتَطَهُّرُهُنَّ زَوالُ المحيض (٤) في كتاب الله ثم سنة رسوله
٣٤٨ - (٥) أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة وذَكَرَتْ إحرامَها مع النبي وأنَّها حاضتْ فأمَرَها أن تَقْضي ما يقضي الحاج «غير أن لا تطو في بالبيت حتى تطهري (٦)»
(١) في س أوتين وهو خطأ.
(٢) في س وب على أن تطهرن وفي ب على أن يطهرن كلاهما خطأ ومخالف للأصل. وتطهرهن اسم ان وبعد زوال المحيض خبرها.
(٣) يعني ان الحائض إذا اغتسلت بالماء لا تطهر، فلا طهارة لها به. وهو واضح، ولكن بعض قارئي الأصل لم يفهم هذا، وظن في الكلام نقصا، فزاد بحاشيته بخط آخر ما ظنه اتماما له، فأحال المعنى إلى وجه اخر، فصار الكلام هكذا: فلا يكون للحائض طهارة الا بالماء بعد زوال المحيض إذا كان موجودا وهو تصرف غير سديد، وبذلك طبع في النسخ الثلاث.
(٤) يريد ان طهر الحائض هو زوال الحيض، كما دل عليه الكتاب والسنة. ويؤيد ان هذا مراده: قوله بعد ذلك رقم ٣٤٩: فاستدللنا على أن الله انما أراد بفرض الصلاة من إذا توضأ واغتسل طهر، فاما الحائض فلا تطهر بواحد منهما والناسخون لم يفهموا مراد الشافعي فصحح كل منهم العبارة بما ظنه صوابا: ففي س وتطهرهن بعد زوال المحيض وفي ب ويطهرن زوال المحيض وفي ج وطهورهن بعد زوال المحيض، وكل ذلك خطأ ومخالف للأصل.
(٥) هنا في ج زيادة قال الشافعي.
(٦) في الأصل: غير أن لا تطوفي بالبيت ولا تطهري فجاء بعض القارئين فكشط الياء من تطوقي وأكمل الفاء، ووضع خطا لالغاء الياء من تطهري وكتب فوقها بين السطرين بخط آخر تصلى حتى ليصير الكلام هكذا:
غير أن لا تطوف بالبيت ولا تصلى حتى تطهر. وهو تصرف غريب، ينافي الأمانة العلمية، وزاد في الحديث ما ليس منه، وأخطأ فيما زاد! والحديث في موطأ مالك ١: ٣٦٢ مطولا، وفيه: افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى تطهري. وقد اختصره الشافعي، اقتصارا منه على موضع الاستدلال، ولكن الربيع أخطأ في الكتابة، فكتب ولا بدل حتى واما القارئ المتصرف في الأصل، فإنه حرف الكلام من الخطاب إلى الغيبة، مع ثبوت ذلك في الأصل، وزاد النهي عن الصلاة، مع أنه لم يذكر في الحديث، ولم يكن موضع سؤال عائشة في حجة الوداع، وهي تعلم يقينا ان الحائض لا تصلي، بل إن هذا كان سبب سؤالها، إذ خشيت أن تكون ممنوعة بحيضها من جميع شعائر الحج، كما منعت من الصلاة. ولذلك قالت في أول الحديث: قدمت مكة وانا حائض، فلم أطف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله ﷺ، فقال: افعلي ما يفعل الحاج الحديث. وكذلك رواه الشافعي في الام مختصرا ١: ٥١ وجاء فيه على الصواب: افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري.
 
٣٤٩ - فاستدللنا (١) على أنَّ الله إنَّمَا أراد بفرض الصلاة مَنْ إذا تَوَضَّأ واغتسل (٢) طَهُرَ فأما الحائض فلا تَطْهر بواحد منهما وكان الحيض شيئًا خُلِقَ فيها لم تَجْتَلِبْهُ على نفسها فتكون عاصية به فزال عنها فرض الصلاة أيام حيضها فلم يكن عليها قضاءُ ما تركتْ منها في الوقت الذي يزول عنها فيه فرضها.
٣٥٠ - (٣) وقلنا في المُغْمى عليه والمغلوب على عقله بالعارض من أمر الله الذي لا جناية له فيه قِياسًا على الحائض إن الصلاة عنه مرفوعة لأنه لا يعْقِلها ما دام في الحال التي لا يعقل فيها.
٣٥١ - (٣) وكان عامًّا في أهل العلم أن النبي لم يأمر الحائض بقضاء الصلاة وعامًا أنها أُمِرَتْ بقضاء الصوم فَفَرَقْنَا بَيْنَ الفَرْضَيْنِ استدلالًا بما وصفت من نقل أهل العلم وإجماعهم
(١) في النسخ المطبوعة فاستدللنا بهذا والزيادة ليست من الأصل، ولكنها مكتوبة بحاشيته بخط الكاتب الذي زاد الزيادة السابقة في رقم ٣٤٧.
(٢) في ب وج أو اغتسل والألف مكتوبة في الأصل بخط آخر.
(٣) هنا في ب وج زيادة قال الشافعي في الموضعين.
 
٣٥٢ - وكان (١) الصوم مفارقَ الصلاة (٢) في أن للمسافر تأخيرَه عن شهر رمضان وليس له ترك يوم لا يصلي فيه صلاة السفر كان الصوم شهرًا مِن اثني عشر شهرًا وكان في أحدَ عشر شهرًا خَلِيًّا مِن فرض الصوم ولم يكن أحد من الرجال مطيقًا بالفعل (٣) للصلاة خَلِيًّا من الصلاة (٤)
٣٥٣ - (٥) قال الله: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى (٦) حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حتى تغتسلوا (٧»
٣٥٤ - (٨) فقال بعض أهل العلم نزلتْ هذه الآية قبْلَ تحريم الخمر (٩)
٣٥٥ - (١٠) فدل القُرَآن والله أعلم على ألا صلاة لسكرانَ حتى يعلمَ ما يقول إذْ بدأ بنهيه عن الصلاة وذكر معه الجُنُبَ فلم يختلف أهل العلم ألا صلاة لجنب حتى يتطهر
(١) في ب وج فكان وهو مخالف للأصل.
(٢) في ب وج مفارقا للصلاة وهو تصرف من الناسخين غير جيد.
(٣) في ب بالعقل وهو تصحيف.
(٤) في ج خليا من الصلاة في السكر وهو خلط من الناسخ.
(٥) في ج زيادة قال الشافعي.
(٦) في الأصل إلى هنا، ثم قال الآية.
(٧) سورة النساء ٤٣.
(٨) في ج زيادة قال الشافعي.
(٩) ثبت ذلك في حديثين صحيحين، عن عمر بن الخطاب وعن علي، رواهما أبو داود ٣: ٣٦٤ - ٣٦٥ والترمذي والنسائي وغيرهم.
(١٠) في ب وج زيادة قال الشافعي.
 
٣٥٦ - (١) وإن كان نَهْيُ السكران عن الصلاة قبل تحريم الخمر فهو حين حُرِّم الخمرُ أَوْلى أن يكون منهيًا (٢) بأنه عاصٍ (٣) من وجهين أحدهما أن يُصَلِّيَ في الحال التي هو فيها مَنْهِيٌّ والآخر أنْ يَشْرَبَ الخمرَ (٤)
٣٥٧ - (٥) والصلاة قول وعمل وإمساكٌ فإذا لم يَعْقِل القول والعمل والإمساك فلم يأت (٦) بالصلاة كما أُمر فلا تُجْزئ عنه وعليه إذا أفاق القضاءُ
٣٥٨ - (٧) ويُفارق المغلوبُ على عقله بأمر الله الذي لا حِيلة له فيه السكرانَ (٨) لأنه أدخل نفسه في السُّكر فيكون على السكران القضاء دون المغلوب على عقله بالعارض الذي لم يجتلبه على نفسه فيكون عاصيا باجتلابه
٣٥٩ - (٩) وَوَجَّهَ اللهُ رسوله للقبلة في الصلاة إلى بيت المقدس فكانت القبلةَ التي لا يحلُّ قبل نسخها استقبال غيرها ثم نسخ
(١) في ج زيادة قال الشافعي.
(٢) في ج منهيا عنه والزيادة ليست في الأصل، وهي خطأ أيضا.
(٣) في ب لأنه وهو مخالف للأصل.
(٤) في النسخ المطبوعة المحرم وما هنا هو الذي في الأصل، ولكن بعض القراء ضرب على كلمة الخمر وكتب بحاشيته كلمة المحرم بخط آخر.
(٥) في ب زيادة قال وفي ج قال الشافعي.
(٦) في ب وج ولم يأت وهو خطأ ومخالف للأصل، لان قوله فلم يأت جواب الشرط.
(٧) في ج زيادة قال الشافعي.
(٨) السكران مفعول يفارق والمغلوب فاعله، ويجوز العكس: فيكون السكران مرفوعا، على أنه فاعل مؤخر.
(٩) في ب زيادة قال وفي ج قال الشافعي.
 
الله قبلة بيت المقدس ووجَّهَه إلى البَيْت (١) فلا يحل لأحد استقبال بيت المقدس أبدًا لَمَكْتوبةٍ ولا يحل (٢) أن يستقبل غير البيت الحرام
٣٦٠ - قال (٣) وكلٌّ كان حقًّا في وقته فكان التوجه إلى بيت المقدس - أيامَ وجَّه اللهُ إليه نبيه - حَقًّا ثم نَسَخَه فصار الحق في التوجه إلى البيت الحرام لا يحل استقبال غيره في مكتوبة إلا في بعض الخوْف أو نافلةٍ في سفرٍ (٤) استدلالًا بالكتاب والسنة
٣٦١ - (٥) وهكذا كلُّ ما نسخ الله ومعنى «نَسَخَ» تَرَكَ فَرْضَه كان حقًّا في وقته وترْكُه حقًّا (٦) إذا نسخه الله فيكون من
(١) في ج إلى البيت الحرام وزيادة الحرام ليست في الأصل.
(٢) في ج ولا يحل له وزيادة له مخالفة للأصل.
(٣) في ج قال الشافعي.
(٤) هذه العبارة تحتاج إلى ايضاح: فان استقبال المصلي بيت المقدس أو غيره في صلاة الخوف، إذا اقتضى موقف الخوف ان ينحرف عن جهة الكعبة، وكذلك استقبال المتنفل على الدابة الجهة التي يسير إليها: ليس استقبالا لبيت المقدس، وهو القبلة المنسوخة، وانما هو رخصة أعم من ذلك، إذ رخص لهذين ان يدعا التوجه قبل الكعبة، نزولا على حكم الضرورة التي اعتبرها الشارع، ولا يسمى هذا على الحقيقة استقبالا للقبلة المنسوخة، إذ هي وغيرها من سائر الجهات في ذلك سواء.
وكلمة سفر كذا هي في ب وج، وفي س السفر ولكنها كانت في الأصل بدون ال ثم ألصقت فيها بخط مخالف لخطه.
(٥) هنا في ج زيادة قال الشافعي.
(٦) في ج حقا في وقته والزيادة ليست في الأصل.
 
أدرك فرضَه مُطيعًا به وبتركه ومَن لم يدرك فرضَه مُطيعًا باتِّباع الفرْضِ الناسِخ له
٣٦٢ - قال الله لنبيه (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السماء (١) فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره (٢»
٣٦٣ - (٣) فإن قال قائل فأين الدلالة على أنهم حُوِّلوا إلى قِبْلةٍ بعد قبلة
٣٦٤ - ففي قول الله (٤): (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ (٥) مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مستقيم (٦».
٣٦٥ - (٧) مالك (٨) عن عبد الله بن دينار عن بن عمر (٩)
(١) في الأصل إلى هنا، ثم قال إلى: فولوا وجوهكم شطره.
(٢) سورة البقرة ١٤٤.
(٣) هنا في ب وج زيادة قال الشافعي.
(٤) هذا جواب السؤال، اي الدلالة في الآية المذكورة.
(٥) في الأصل إلى هنا، ثم قال إلى: صراط مستقيم.
(٦) سورة البقرة ١٤٢.
(٧) هنا في ج زيادة قال الشافعي.
(٨) في ج أخبرنا مالك بن انس وفي س وب أخبرنا مالك وما هنا الموافق للأصل.
والحديث في الموطأ رواية يحيى ١: ٢٠١ ورواية محمد بن الحسن ص ١٥٦ ورواه البخاري في كتاب الصلاة، وفي كتاب التفسير من طريق مالك ١: ٤٢٤ و٨: ١٣١ من فتح الباري ورواه مسلم في كتاب الصلاة من طريق مالك أيضا ١: ١٤٨. ورواه الشافعي في الام أيضا عن مالك ١: ٨١ - ٨٢. ورواه أحمد عن إسحاق بن عيسى عن مالك رقم ٥٩٣٤ ج ٢ ص ١١٣.
(٩) في النسخ المطبوعة عن عبد الله بن عمر وكلمة عبد الله مكتوبة بحاشية الأصل بخط آخر.
 
قال «بينما (١) الناس بقباء (٢) في صلاة الصبح غذ جَاءَهمْ آتٍ فَقَالَ إنَّ النَّبِيَّ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرَآن وَقَدْ أُمِرَ أنْ يَسْتَقْبِلَ (٣) القبلة (٤) فاستقبلوها (٥) وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلىَ الكَعْبَةِ» [*]
٣٦٦ - مالك (٦) عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب
(١) في الموطأ رواية يحيى بينا بحذف الميم، وهو يوافق رواية البخاري في كتاب التفسير. ولكن الذي في شرح الزرقاني ١: ٣٥٣ بالميم كما هنا. وهو يوافق رواية محمد بن الحسن والبخاري ومسلم والشافعي في الام.
(٢) قباء بضم القاف والمد، ويجوز صرفه ومنعه من الصرف، ويجوز أيضا قصره بحذف الهمزة. وهو يذكر ويؤنث، وهو موضع معروف ظاهر المدينة. قال الحافظ في الفتح: والمراد هنا مسجد أهل قباء، ففيه مجاز الحذف. واللام في الناس:
للعهد الذهني، والمراد أهل قباء ومن حضر معهم.
(٣) يستقبل بالياء، مبنى للفاعل، والضمير يرجع إلى النبي ﷺ، وفي س تستقبل بالتاء الفوقية وبالبناء للمفعول، وهو مخالف للأصل ولسائر الروايات.
(٤) في النسخ المطبوعة الكعبة بدل القبلة وهو مخالف للأصل، وأظنه تصرفا من الناسخين أو المصححين، وهذا مناف للأمانة العلمية في النقل، وان كان المعنى واحدا، لان القبلة هنا هي الكعبة، ولكن الرواية بالمعنى لا تجوز في الكتب المصنفة بتغيير شئ منها. ويظهر ان من تصرف هذا التصرف رجع فيه إلى الموطأ برواية يحيى والى البخاري ومسلم. ولكن رواية محمد في الموطأ ورواية الشافعي في الأم القبلة كما هنا.
[كلمة «القبلة» كتبت كذلك في ابن جماعة، وكتب فوقها بالحمرة «الكعبة» وبجوارها علامة نسخة. وكلمة «فاستقبلوها» ضبطت في ابن جماعة أيضًا بفتح الباء وكسرها، وكتب فوقها «معًا»
كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
(٥) قال الحافظ في الفتح: فاستقبلوها: بفتح الموحدة، للأكثر - يعني من رواة نسخ البخاري - اي: فتحولوا إلى جهة الكعبة، وفاعل استقبلوها: المخاطبون بذلك، وهم أهل قباء. وقوله: وكانت وجوههم الخ: تفسير من الراوي للتحول المذكور ... وفي رواية الأصيلي: فاستقبلوها: بكسر الموحدة بصيغة الامر .. ويرجح رواية الكسر انه عند المصنف - يعني البخاري - في التفسير من رواية سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار في هذا الحديث بلفظ: وقد امر ان يستقبل الكعبة، ألا فاستقبلوها. فدخول حرف الاستفتاح يشعر بان الذي بعده أمر، لا أنه بقية الخبر الذي قبله.
أقول: ويؤيد الأول رواية احمد في المسند رقم ٥٨٢٧ ج ٢ ص ١٠٥ عن إسماعيل بن عمر عن سفيان عن عبد الله بن دينار، وفيه: وقد امر ان يتوجه إلى الكعبة، قال: فاستداروا.
(٦) في ج قال الشافعي أخبرنا مالك وفي س وب أخبرنا مالك بن انس وكل ذلك مخالف لما في الأصل، وقد زاد بعض القارئين فيه بخط آخر بين السطرين (انا) اختصار أخبرنا.
وهذا الحديث المرسل في موطأ يحيى ١: ٢٠١ ولم يذكره محمد بن الحسن في موطئه الذي رواه عن مالك.
ورواه أيضا ابن سعد في الطبقات ج ١ ق ٢ ص ٤ عن يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد.

[*] الحديث رقم (٣٦٥) سيأتي مرة أخرى بهذا الإسناد برقم (١١١٣). [كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
أنه كان يقول (١) «صَلَّى رَسُولُ اللهِ (٢) سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ ثُمَّ حُوِّلَتْ القبلة قبل بدر بشهرين (٣)»
٣٦٧ - قال (٤) والاستدلال بالكتاب في صلاة الخوف قولُ الله (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا (٥» وليس لِمُصَلي المكتوبةِ أن يُصَلِّيَ رَاكِبًا إلا في خوْف ولم يذْكر الله أن يتَوجه القبلة (٦)
(١) في الموطأ أنه قال.
(٢) في النسخ المطبوعة زيادة نصها: بعد قدومه المدينة وهي مكتوبة بحاشية الأصل بخط آخر. والذي في الموطأ: بعد أن قدم المدينة.
(٣) حديث ابن المسيب هذا حديث مرسل، ولكنه اعتضد بحديثين موصولين صحيحين:
أولهما: حديث البراء بن عازب: ان النبي ﷺ كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده، أو قال أخواله، من الأنصار، وانه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وانه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن صلى معه، فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: اشهد بالله لقد صليت مع رسول الله ﷺ قبل مكة، فداروا كما هم قبل البيت. رواه البخاري في كتاب الايمان ١: ٨٩ - ٩٠ من فتح الباري) ورواه أيضا في مواضع أخر من صحيحه، ورواه مسلم ١: ١٤٨ ورواه ابن سعد في الطبقات مختصرا ومطولا ج ١ ق ٢ ص ٥ وج ٤ ق ٢ ص ٨٠ - ٨٢ ورواه أحمد في المسند ج ٤ ص ٢٨٣ و٢٨٨ - ٢٨٩ و٣٠٤ ورواه أيضا أصحاب السنن الا أبا داود.
الحديث الثاني حديث ابن عباس: كان رسول الله ﷺ يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه، وبعد ما هاجر إلى المدينة ستة عشر شهرا، ثم صرف إلى الكعبة رواه أحمد رقم ٢٩٩٣ ج ١ ص ٣٢٥ ورواه أيضا الحافظ في فتح اسناده ١: ٨٩ ورواه أيضا ابن سعد في الطبقات ج ق ٢ ص ٤ وذكره الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ٢: ١٢ وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير والبزار، ورجاله رجال الصحيح.
(٤) في ب وج قال الشافعي.
(٥) سورة البقرة ٢٣٩.
(٦) في النسخ المطبوعة إلى القبلة وكلمة إلى ملصقة في الأصل في أول السطر بخط جديد، وما في الأصل صحيح، على النصب بنزع الخافض.
 
٣٦٨ - وروى بن عمر عن رسول الله صلاةَ الخوفِ فقال في روايته «فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا وَرُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي القِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبلِيهَا (١)»
٣٦٩ - (٢) وصلى رسول الله النافلةَ في السَّفَرِ على راحلته أيْن (٣) تَوجَّهتْ به حَفِظَ ذلك عن جابر بن عبد الله وأنس بن مالك وغيرهما (٤) وكان لا يصلي المكتوبة مسافرا إلا بالأرض متوجها للقبلة (٥)
٣٧٠ - بن أبي فديك (٦) عن بن أبي ذِئْبٍ عن عثمان بن عبد الله بن سراقة (٧) عن جابر بن عبد الله «أنَّ النَّبِيَّ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ مُوَجِّهَةً (٨) بِهِ قِبَلَ المَشْرِقِ فِي غَزْوَةِ بَنِي أنْمَارٍ (٩)» [*]
(١) حديث ابن عمر رواه مالك في الموطأ عن نافع عن ابن عمر ١: ١٩٣ وروى الشافعي في الام بعضه عن مالك ١: ١٩٧ ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك ٨: ١٥٠ من الفتح ونسبه السيوطي في الدر المنثور (: ٣٠٨) أيضا إلى عبد الرزاق وابن جرير والبيهقي، وسيأتي أيضا في ٥١٣، ٥١٤.
(٢) هنا في ب وج زيادة قال الشافعي.
(٣) في النسخ المطبوعة أينما وهو مخالف للأصل، وقد كتب بعض الناس في الأصل بخط آخر كلمة ما فوق نون أين.
(٤) حديث جابر سيأتي الكلام عليه، وحديث انس رواه أحمد والشيخان وأبو داود والنسائي، وممن روى ذلك أيضا ابن عمر عند مالك والشافعي واحمد ومسلم والترمذي، وفي الباب أحاديث كثيرة. وانظر نيل الأوطار ٢: ١٨٢ - ١٨٣ وفتح الباري ٢: ٤٠٦ - ٤٠٧ و٤٧٣ - ٤٧٥.
(٥) في ب إلى القبلة وهو مخالف للأصل.
(٦) في النسخ المطبوعة أخبرنا ابن أبي فديك وفي ج أيضا زيادة قال الشافعي وكلها مخالف للأصل، وقد زاد بعض الناس فيه كلمة انا اختصار أخبرنا.
(٧) سراقة بضم السين المهملة وتخفيف الراء. وعثمان هذا: أمه زينب بنت عمر بن الخطاب، وكانت أصغر أولاد عمر. انظر طبقات ابن سعد ٥: ١٨١ والتهذيب.
(٨) ضبط في الأصل بكسر الجيم، ومعناه صحيح. ويجوز أيضا فتحها كما هو ظاهر.
(٩) الحديث رواه الشافعي أيضا في الام ١: ٨٤ عن محمد بن إسماعيل، وهو ابن أبي فديك الذي رواه عنه هنا، عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن عبد الله بن سراقة عن جابر: ان النبي ﷺ في غزوة أنمار كان يصلي على راحلته متوجها قبل المشرق. ورواه أحمد عن وكيع رقم ١٤٢٤٩ ج ٣ ص ٣٠٠ ورواه البخاري عن آدم بن أبي إياس ٧: ٣٣٣ من الفتح: كلاهما عن ابن أبي ذئب.
ولم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة من طريق عثمان بن عبد الله بن سراقة الا البخاري وحده. ولكن رواه أيضا الشافعي وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي من طرق أخرى عن جابر بألفاظ مختلفة، وسيأتي أيضا في ٤٩٧ و٤٩٨.
 
٣٧١ - (١) قال الله (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يغلبون مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (٢»
٣٧٢ - ثم أبان في كتابه أنه وضَع عنهم أن يقوم الواحد بقتال العشرة وأَثْبَتَ عليهم أنْ يقوم الواحد بقتال الاثنين فقال:
(الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا (٣) فإن يكن منكم مائة صابرون يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين (٤»
٣٧٣ - (٥) أخبرنا سفيان (٦) عن عمرو بن دينار عن بن عباس قال " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ إِنْ يكن منكم عشرون صابرون
(١) هنا في ب وج زيادة قال الشافعي.
(٢) سورة الأنفال ٦٥.
(٣) في الأصل إلى هنا، ثم قال الآية.
(٤) سورة الأنفال ٦٦.
(٥) هنا في ج زيادة قال الشافعي.
(٦) في كل النسخ المطبوعة سفيان بن عيينة وهو هو، ولكن كلمة بن عيينة لم تذكر في الأصل.
 
يغلبوا مائتين) كتب (١) عليهم ألا يفر العشرين مِنَ المِائَتَيْنِ فَأَنْزَلَ اللهُ (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا) إلى (يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) فَكَتَبَ (٢) أنْ لَا يَفِرَّ المِائَةُ مِنَ المائتين (٣) "
٣٧٤ - قال (٤) وهذا كما قال بن عباس إن شاء الله وقد بيَّن اللهُ هذا في الآية وليستْ تَحْتاج إلى تَفْسِيرٍ (٥)
٣٧٥ - (٦) قال: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ (٧) فَاسْتَشْهِدُوا عليهن أربعة منكم فغن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أو يجعل الله لهن سبيلا
(١) بالبناء للمفعول، وقد ضبطت كذلك في النسخة اليونينية من البخاري ٦: ٦٣ وكذلك ضبطت الكاف في الأصل بالضم.
(٢) بالبناء للفاعل، وكذلك ضبطت في البخاري وعليها علامة الصحة (صح) وكذلك وضعت فتحة فوق التاء في الأصل.
(٣) الحديث رواه الشافعي أيضا في الام عن ابن عيينة ٤: ٩٦ ورواه البخاري عن ابن المديني عن سفيان انظر الفتح ٨: ٣٣٣ - ٣٣٥ وزاد في آخره قال سفيان: وقال ابن شبرمة: وأرى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل هذا وذكره السيوطي في الدر المنثور من طريق سفيان ٣: ٢٠٠ ونسبه أيضا لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان، وقال في آخره: قال سفيان: وقال ابن شبرمة: وأرى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل هذا: ان كانا رجلين أمرهما، وان كانوا ثلاثة فهو ي سعة من تركهم.
وهذه قاعدة جليلة ونظر ثاقب من ابن شبرمة، ﵀.
(٤) كلمة قال ثابتة في الأصل بخطه بين السطور، وحذفت في ب. وفي ج قال الشافعي.
(٥) قال الشافعي في الام: وهذا كما قاله ابن عباس إن شاء الله تعالى، مستغنى فيه بالتنزيل عن التأويل.
(٦) هنا في ج زيادة قال الشافعي.
(٧) في الأصل إلى هنا، ثم قال: إلى: سبيلا.
 
وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ (١) فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (٢»
٣٧٦ - (٣) ثم نَسَخ الله الحبسَ والأذى في كتابه فقال (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مائة جلدة (٤»
٣٧٧ - (٣) فدلت السنة على أن جلد المِائة للزَّانِيَيْنِ البِكْرَيْن
٣٧٨ - (٣) أخبرنا عبد الوهاب (٥) عن يونس بن عُبَيْدٍ عن الحسن عن عُبادَة بن الصَّامِت أنَّ رسولَ الله قال «خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا البِكْرُ بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ (٦)» [*]
٣٧٩ - (٧) أخبرنا الثقة من أهل العلم (٨) عن يونس بن عبيد
(١) في الأصل إلى هنا، ثم قال: إلى اخر الآية.
(٢) سورة النساء ١٥ و١٦.
(٣) هنا في ج زيادة قال الشافعي.
(٤) سورة النور ٢.
(٥) في النسخ المطبوعة زيادة بن عبد المجيد الثقفي وهو هو، لكن الزيادة ليست من الأصل.
بل كتبت بحاشيته بخط آخر، وضاع بعضها بتأكل الورق.
(٦) سيأتي الكلام على الحديث في الكلام على الاسناد التالي بعد.
(٧) في ج قال الشافعي وأخبرنا وهو مخالف للأصل.
(٨) هذا الثقة من أهل العلم مبهم. وقد ذكر بعض العلماء قواعد فيما يقول فيه الشافعي مثل هذا، ولكنها غير مطردة، فقد قال الأصم في المسند الذي جمع فيه حديث الشافعي ص ١١٦ من المطبوع بهامش الجزء السادس من الام وص ٢٨ من طبعة المطبعة العلمية ما نصه: سمعت الربيع بن سليمان يقول: كان الشافعي ﵁ إذا قال (أخبرني من لا أتهم) يريد به إبراهيم بن أبي يحيى، وإذا قال (أخبرني الثقة) يريد به يحيى بن حسان. ومن الواضح جدا أن يحيى بن حسان غير مراد هنا. لأنه ولد سنة ١٤٤ ويونس بن عبيد مات سنة ١٣٩.

[*] [. الحديث رقم (٣٧٨) سيأتي بهذا الإسناد برقم (٦٨٦).كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
عن الحسن عن حِطَّانَ الرَّقَاشِيِّ (١) عن عُبادة بن الصامت عن النبي مثله (٢)
(١) حطان بكسر الحاء وتشديد الطاء المهملتين والرقاشي بفتح الراء وتخفيف القاف وبالشين المعجمة، وهو حطان بن عبد الله وقد زيد في ج بن عبد الله وليس في الأصل. وحطان هذا تابعي ثقة، وكان مقرئا، قرأ على أبي موسى الأشعري عرضا، وقرأ عليه الحسن البصري.
(٢) ذكره الشافعي أيضا في الام ٦: ١١٩ معلقا بدون اسناد فقال: روى الحسن عن حطان الرقاشي عن عبادة. ورواه في كتاب اختلاف الحديث بهامش الام ٧: ٢٥٢ عن عبد الوهاب بالاسناد الأول الذي هنا، ثم قال: وقد حدثني الثقة ان الحسن كان يدخل بينه وبين عبادة: حطان الرقاشي، ولا أدري أدخله عبد الوهاب بينهما فزال من كتابي حين حولته من الأصل أم لا؟ والأصل يوم كتبت هذا الكتاب غائب عني.
والظاهر أن الحسن البصري روى هذا الحديث عن حطان الرقاشي عن عبادة، وكان في بعض أحيانه يرسله عن عبادة ويحذف شيخه فيه، ولكنه لم يسمعه من عبادة.
وممن رواه عن الحسن عن عبادة مرسلا: جرير بن حازم، عند الطيالسي رقم ٥٨٤ وعند احمد في المسند ٥: ٣٢٧ ورواه البيهقي ٨: ٢١٠ من طريق يزيد بن زريع عن يونس بن عبيد عن الحسن: قال عبادة.
وقد رواه آخرون عن الحسن عن حطان الرقاشي عن عبادة، منهم: حميد الطويل عند احمد ق: ٣١٧. ومنهم: ابن فضالة، عند الطيالسي رقم ٥٨٤.
ومنهم منصور بن زاذان، عند احمد ٥: ٣١٣ والدارمي ٢: ١٨١ ومسلم ٢: ٣٣ وأبي داود ٤: ٢٤٩ والترمذي ١: ٢٧٠ وابن الجارود ٣٧١ - ٣٧٢ والطحاوي في معاني الآثار ٢: ٧٩ وأبي جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ ص ٩٧ والبيهقي في السنن ٨: ٢٢١ - ٢٢٢.
ومنهم قتادة، عند احمد ٥: ٣١٧ و٣١٨ والدارمي ومسلم وأبي داود، في المواضع التي ذكرناها، وعند الطبري في التفسير ٤: ١٩٨ - ١٩٩ والطحاوي ٢: ٧٧ والبيهقي ٨: ٢١٠.
وقد رواه قتادة أيضا عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله عن عبادة، عند ابن ماجة ٢: ٦٠ فقد سمعه قتادة اذن من شيخين عن حطان: الحسن البصري ويونس بن جبير.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور ٢: ١٢٩ ونسبه أيضا لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان.
 
٣٨٠ - قال (١) فدلّتْ سنةُ رسول الله أنَّ جَلْدَ المائة ثابت على البِكْرين الحُرَّيْن (٢) ومنسوخ عن الثَّيِّبَيْنِ وأن الرجْمَ ثابِت على الثَّيِّبَيْنِ الحُريْن (٣).
٣٨١ - لأنَّ قولَ رسول الله (٤) " خُذُوا عَنِّي (٥) قَدْ جعل الله
(١) في ب وج قال الشافعي.
(٢) في ب على الحرين البكرين بالتقديم والتأخير، وهو مخالف للأصل.
(٣) هنا في النسخ الثلاث المطبوعة زيادة نصها: قال الشافعي: أخبرنا مالك وسفيان عن ابن شهاب عن عبيد الله عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني: ان النبي ﷺ قال لرجل في ابنه وزنى -: وعلى ابنك جلد مائة، وتغريب عام قال الشافعي.
وهذه الزيادة كلها ليست في الأصل، وهذا الموضع هناك في السطر الأخير من الصفحة، فجاء بعض القارئين فوضع على كلمة الحرين خطا معقوفا إلى اليمين ثم كتب بالحاشية اليمنى للصفحة بخط آخر قال الشافعي وضاع منها الحرفان الأخيران (فعي) ثم كتب سطرا تحت السطر الأخير من الأصل، ضاع أكثر كتابته ولم يبق منه إلا هريرة وزيد بن خالد الجهني ثم كتب بالحاشية اليسرى إتماما للكلام قال لرجل في ابنه، ويظهر أنه عاد إلى إتمام الحديث في سطر تحت السطر الذي ضاع أكثره، فضاع كله ضرورة.
ولست أدري ما وجه هذه الزيادة هنا؟ أما الحديث فإنه معروف من رواية مالك في الموطأ ٣: ٤٠ - ٤١ وهو حديث مطول، ورواه الشافعي في الأم عن مالك ٦: ١١٩ و١٤٢ - ١٤٣ وقال: وقد روى ابن عيينة بهذا الإسناد عن النبي ﷺ. ورواه أيضا مختصرا عن مالك وسفيان بن عيينة في كتاب اختلاف الحديث هامش الام ٧: ٢٥١.
ولكن أين وجه الاستدلال بهذه القطعة من الحديث التي زادها هذا الكاتب بحاشية الأصل؟ نعم أن الشافعي سيشير إلى بعض الحديث فيما يأتي في قوله ومر أنيسا أن يغدو على امرأة الأسلمي فان اعترفت رجمها، فلو نقل الكاتب هذا الموضع من الحديث كان له وجه، أما ما أتى به فإنه لا وجه له، إلى أنه تصرف بان زاد في الأصل ما لم يكن ثابتا فيه؟
والشافعي نفسه حين احتج للنسخ في كتاب اختلاف الحديث -: انما احتج من هذا الحديث برجم امرأة الرجل الأسلمي كما احتج هنا سواء، لان النبي ﷺ امر برجمها ولم يجلدها، واما ابن الرجل السائل عن الحكم فإنه كان بكر فأمر بجلده وتغريبه، وهذا ثابت غير منسوخ.
[حديث أبي هريرة وزيد بن خالد سيأتي في (٦٩١، ١١٢٥، ١١٢٦) كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
(٤) في ب قول الرسول ﷺ.
(٥) في س وب خذوا عني، خذو عني وهو مخالف للأصل، وان كان لفظ الحديث ولكن الظاهر أن الشافعي اختصره عند حكايته ثانية للاستدلال به.
 
لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ " أوَّلُ نَزَلَ فنُسخ به الحبسُ والأذى عن الزانِيَيْن

٣٨٢ - فلَمَّا رجَمَ النبي ماعِزًا (١) ولمْ يجْلِده وأمر أنيسا (٢) أن يغدوا على امرأة الأسْلَمِي (٣) فإنْ اعترَفَتْ رَجَمَهَا دلَّ على نَسْخِ الجَلْد عن الزانيين الحُرَّيْن الثَّيِّبَيْنِ وثبت الرجم عليهما لأن كل شئ أبدا (٤) بعد أول فهو آخر (٥) [*]
(١) هو ماعز بن مالك الأسلمي.
(٢) أنيس بالتصغير، وهو ابن الضحاك الأسلمي.
(٣) هكذا جزم الشافعي بان زوج المرأة أسلمى، ولم أجد ما يؤيد ذلك، والمفهوم من الروايات انه اعرابي. والقصة فيها نزاع بين رجلين، كان ابن أحدهما أجيرا عند الاخر، فزنى بامرأته، وأفتاهما بعض الناس من الصحابة فتوى غير ثبت، فتخاصما إلى النبي ﷺ قال الحافظ في الفتح ١٢: ١٢٣: لم أقف على أسمائهم ولا على اسم الخصمين، ولا الابن، ولا المرأة وانظر تفصيل القول في هذا الموضع كله، في الفتح ١٢: ١٢٠ - ١٤٣، ونيل الأوطار ٧: ٢٤٩ - ٢٥٦.
(٤) هذه الكلمة مكتوبة بحاشية الأصل بخط صغير، ولم أستطع الجز بأنه خط الأصل أو مخالف له، ولكن يرجح صحة اثباتها ان العلامة القوسية المتجهة إلى اليمين، فوق كلمة شئ -: مكتوبة بنفس القلم ونفس الحبر المكتوب به الأصل.
(٥) يوضح هذا ما قال الشافعي في كتاب اختلاف الحديث هامش الام ٧: ٢٥١ - ٢٥٣ فقد روى حديث الأجير مع امرأة مستأجرة ثم حديث عبادة خذوا عني ثم قال: فكان هذا أول ما نسخ من حبس الزانيين وأذاهما، وأول حد نزل فيهما، وكان فيه ما وصفت في الحديث قبله: من أن الله انزل حد الزنا للبكرين والثيبين، وان من حد البكرين النفي على كل واحد منهما مع ضرب مائة، ونسخ الجلد عن الثيبين، وأقر أحدهما: الرجم، فرجم النبي ﷺ امرأة الرجل، ورجم ماعز بن مالك، ولم يجلد واحدا منهما. فان قال قائل: ما دل على أن امر امرأة الرجل وماعز بعد قول النبي ﷺ (الثيب بالثيب جلد مائة والرجم)؟ قيل: إذا كان النبي يقول: خذوا عنى قد جعل الله لهن سبيلا، الثيب بالثيب جلد مائة والرجم): كان هذا لا يكون الا أول حد حد به الزانيان، فإذا كان أول فكل شئ جد بعد يخالفه: فالعلم يحيط بأنه بعده، والذي بعد ينسخ ما قبله إذا كان يخالفه، وقد أثبتنا هذا والذي نسخه في حديث المرأة التي رجمها أنيس، مع حديث ماعز وغيره.
هذا ما ذهب إليه الشافعي ﵁ في الإجابة عن حديث عبادة الدال على جلد الثيب مع رجمه، وهو مذهب جيد واضح. واما ابن جرير الطبري فقد ذهب إلى أن حديث عبادة ضعيف، فقال في تفسيره ٤: ١٩٩: وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله (أو يجعل الله لهن سبيلا): قول من قال: السبيل التي جعلها الله جل ثناؤه للثيبين المحصنين الرجم بالحجارة، وللبكرين جلد مائة ونفى سنة، لصحة الخبر عن رسول الله ﷺ انه رجم ولم يجلد، واجماع الحجة التي لا يجوز عليها - فيما نقلته مجمعة عليه -: الخطأ والسهو والكذب، وصحة الخبر عنه انه قضى في البكرين بجلد مائة ونفي سنة، فكان في الذي صح عنه من تركه جلد من رجم من الزناة في عصره -: دليل واضح على وهي الخبر الذي روى عن الحسن عن حطان عن عبادة عن النبي ﷺ انه قال: السبيل للمحصن الجلد والرجم.
وحديث عبادة حديث صحيح، ولم يأت الطبري بحجة في تضعيفه. والراجح عندي ما ذهب إليه الشافعي ﵁.

[*] انظر أيضًا ما سيأتي في الفقرات (٦٨٥، ٦٨٩، ١١٢٥، ١١٢٦). [كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
٣٨٣ - (١) فدل كتاب الله ثم سنة نبيه على أن الزانيين المَمْلوكَيْن خارِجان من (٢) هذا المعنى
٣٨٤ - قال الله ﵎ في المَمْلوكات (٣) (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا على المحصنات من العذاب (٤» [*]
٣٨٥ - والنِّصْف لا يكون إلا من الجَلْدِ الذي يَتَبَعَّضُ فأما الرَّجْم الذي هو (٥) قتل فلا نصف له لأن المرجوم قد
(١) في ب وج «ودل» وفي ج زيادة «قال الشافعي».
(٢) في س «عن» وهو مخالف للأصل.
(٣) في ج «المملوكين» وهو خطأ.
(٤) سورة النساء (٢٥).
(٥) في س وج «فيه» بدل «هو» والذي في الأصل «هو» ثم غيرت فوقها بخط آخر فجعلت «فيه». والصواب ما في الأصل.

[*] انظر أيضًا ما سيأتي في (٦٨٣، ٦٨٤). [كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
يموت في أوَّل حَجَرٍ يُرْمى به فلا يُزاد عليه ويُرْمى بألفٍ وأكثر فيُزادُ عليه (١) حتى يموت فلا يكون لهذا نِصف محدود أبدًا والحدود مُوَقَّتة بإتْلاف نفْسٍ والإتلاف مُوَقَّتٌ بِعَدَدِ ضَرْبٍ أو تحديد قطعٍ (٢) وكل هذا معروف ولا نصف للرجم معروف (٣).
(١) كلمة «عليه» سقطت من ج خطأ.
(٢) اشتبه معنى الكلام على الناسخين، فتصرفوا فيه ليصححوه، زعموا!! فجعلوه هكذا كما في النسخ الثلاث المطبوعة: والحدود موقتة ب [- لا] إتلاف نفس، والاتلاف [غير] موقت» الخ فزادوا «لا» و«غير» ولكن في س الزيادة الأولى فقط.
ومعنى كلام الشافعي واضح بين: أن الحد موقت بأن لا يصل إلى إتلاف النفس، فالاتلاف ميقات للحد، لا يجوز تعديه. وأن الاتلاف موقت بالعدد الجائز في الجلد، وبالقدر الجائز في القطع، أي أنه خارج عنهما، ولا يكون شيء منهما إتلافا للنفس مقصودا. قال الشافعي في الأم (٧٥: ٦)، «وإذا أقام السلطان حدا: من قطع، أو حد قذف، أو حد زنا ليس برجم، على رجل أو امرأة، عبد أو حر -: فمات من ذلك: فالحق قتله، لأنه فعل به ما لزمه» وقال أيضا (١٢٢: ٦): «فإن قيل:
قد يتلف الصحيح المحتمل فيما يرى ويسلم غير المحتمل؟ قيل: إنما يعمل من هذا على الظاهر، والآجال بيد الله».
(٣) هنا في النسخ الثلاث المطبوعة زيادة نصها: «قال الشافعي: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة وعن زيد بن خالد الجهني - وفي س عن زيد: بحذف الواو، وهو خطأ، لأن الحديث معروف عنهما معا -: أن رسول الله ﷺ سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ فقال: إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير.
قال ابن شهاب: لا أدري أ بعد الثالثة أو الرابعة؟ والضفير الحبل».
وهذه الزيادة ثابتة بحاشية الأصل بخط جديد غير خطه. وقد بلى الورق من أطرافه فضاع كثير منها.
ويظهر أن الذي زادها ظن أن هذا الحديث سقط من أصل الرسالة، لأن الشافعي أشار إلى حديث «إذا زنت الأمة» ليستدل به على أن الأمة لا ترجم، فبحث كاتب الزيادة في أحاديث الشافعي: إما في كتاب «الأم»، وإما في «مسند الشافعي» الذي جمعه أبو العباس الأصم -: فوجد حديث أبي هريرة وزيد بن خالد، فنقله هنا.
وقد أخطأ فيما فعل، لأن الحديثين وإن اتفقا في بعض معناهما إلا انهما يختلفان في اللفظ والسياق. وأخطأ أيضا في أن زاد في كتاب «الرسالة» ما ليس منه.
وهذا الحديث - أعني حديث أبي هريرة وزيد بن خالد - رواه مالك في الموطأ (٤٤: ٣) ورواه الشافعي عن مالك في الأم (١٢١: ٦) ورواه أيضا أحمد والبخاري ومسلم وغيرهما.
وأما الحديث الذي أشار إليه الشافعي هنا فإنه حديث أبي هريرة مرفوعا: «إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر»، رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم، ولم أجده من رواية الشافعي. وقوله «لا يثرب عليها» قال الشوكاني في نيل الأوطار (٢٩٤: ٧): «بمثناة تحتية مضمومة ومثلثة مفتوحة ثم راء مشددة مكسورة وبعدها موحدة، وهو التعنيف. وقد ثبت في رواية عند النسائي بلفظ [ولا يعنفها] والمراد أن اللازم لها شرعا هو الحد فقط، فلا يضم إليه سيدها ما ليس بواجب شرعا وهو التثريب».
 
٣٨٦ - (١) وقال رسول (٢) الله «إذَا زَنَتْ أمَةُ أحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا» ولم يقل «يَرْجُمْهَا» ولم يختلف المسلمون في ألاَّ رَجْمَ على مَمْلُوكٍ في الزِّناَ
٣٨٧ - (١) وإحصانُ الأمة إسلامُها
٣٨٨ - (٣) وإنما قلنا هذا استدلالًا بالسنة وإجماعِ أكْثرِ أهْل العِلْم
٣٨٩ - ولَمَّا قال رسول الله إذَا زَنَتْ أمَةُ أحَدِكُمْ فَتَبَيًّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا ولم يقل مُحْصَنَةً كانت أو غير محصنة استدللنا (٤)
(١) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٢) في ج «وقول رسول الله ﷺ» وهو مخالف للأصل.
(٣) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٤) هنا في س وج زيادة نصها [على أن الإحصان ههنا الإسلام، دون النكاح والحرية والتحصين] وهي زيادة يضطرب بها الكلام، ولا داعي إليها، لأنها تفهم مما يأتي.
وهذه الزيادة ثابتة بحاشية الأصل بخط آخر جديد، وكتب بجوارها «صح»، وما هي بصحيحة.
 
على أنَّ قول الله في الإماء (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ (١) فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا على المحصنات من العذاب (٢» إذا أسْلَمْنَ لا إذا نُكِحْنَ فأُصِبْنَ بالنكاح ولا إذا أَعتَقْنَ وإنْ لَمْ يُصَبْن
٣٩٠ - فإن قال قائل أراكَ تُوقِع الإحْصان على معاني (٣) مختلفة
٣٩١ - قيل نَعَم جِماعُ الإحصان أن يكون دون التحصين مانعٌ من تناول المُحَرَّم فالإسلام مانع وكذلك الحُرية مانعة وكذلك الزوجُ والإصابةُ مانع وكذلك الحبس في البيوت مانع وكلُّ ما مَنَعَ أَحْصَنَ قال الله (٤): (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لكم لتحصنكم من بأسكم (٥» وقال: (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى محصنة (٦» يعني ممنوعة.
٣٩٢ - (٧) قال وآخِرُ الكلام وأوَّلُه يَدُلان على أن معنى الإحصان المذكورِ عامًّا (٨) في موضع دون غيره أن الاحصان (٩)
(١) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٢) سورة النساء (٢٥).
(٣) في النسخ المطبوعة «معان» بحذف الياء، وهي ثابتة في الأصل.
(٤) في س «وقد قال الله» وزيادة «وقد» موجودة في الأصل فوق السطر، ولكنها بخط مخالف لخطه.
(٥) سورة الأنبياء.
(٦) سورة الحشر (١٤).
(٧) في ب وج «قال الشافعي».
(٨) في ب «عام» وهو خطأ ومخالف للأصل.
(٩) في س «لأن الاحصان» وفي ب وج «إذ الاحصان»، وكل ذلك خطأ، منشأه اشتباه الكلام على الناسخين أو المصححين، فغيروه إلى ما ظنه كل منهم صوابا، ففي ب ظن الناسخ أو المصحح أن قوله «عاما» خبر قوله «أن معنى الإحصان» فغيره إلى «عام» بالرفع، وجعل هو الآخران أن قوله «أن الاحصان ههنا الإسلام» الخ:
تعليل لما قبله فغيروا كلمة «أن» إلى «إذ» أو إلى «لأن».
والصواب أن قوله «أن الاحصان ههنا الاسلام» جملة في موضع الخبر لقوله «أن معنى الإحصان» وأن قوله: «المذكور عاما في موضع دون غيره» وصف لكلمة الاحصان الأولى وضع معترضا بين اسم «أن» وخبرها. ويكون معنى الجملة: أن الاحصان الذي ذكر عاما في بعض المواضع: يراد به الاسلام، وأن هذا هو المراد بالاحصان هنا.
 
ها هنا الإسلامُ دون النكاح والحرية والتحصينِ بالحبس والعفاف وهذه الأسماء التي يجمعها اسم الاحصان (١)

 

الناسخ (٢) والمنسوخ الذي تدلُّ عليه السنة والإجماع
٣٩٣ - (٣) قال الله ﵎ (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ (٤) للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين (٥».
٣٩٤ - (٦) قال الله: (والذين يتوفون منكم ويذرون (٧)
(١) في لسان العرب: «أصل الاحصان: المنع. والمرأة تكون محصنة بالاسلام والعفاف والحرية والتزويج». وفيه أيضا: «قال الأزهري: والأمة إذا زوجت جاز أن يقال:
قد أحصنت، لأن تزويجها قد أحصنها، وكذلك إذا أعتقت فهي محصنة، لأن عتقها قد أعفها، وكذلك إذا أسلمت، فان إسلامها إحصان لها». وقال الراغب في المفردات: «الحصان - بفتح الحاء - في الجملة: المحصنة، إما بعفتها أو تزوجها، أو بمانع من شرفها وحريتها».
(٢) في ب وج «باب الناسخ» الخ وكلمة «باب» ليست في الأصل.
(٣) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٤) في الأصل إلى هنا، ثم قال «إلى: المتقين».
(٥) سورة البقرة (١٨٠).
(٦) في ب «وقال» وفي ج «قال الشافعي: وقال الله جل ثناؤه». وكلاهما مخالف لما في الأصل.
(٧) في الأصل إلى هنا، ثم قال: «إلى: في أنفسهن من معروف، الآية».
 
أزواجا وصية لأزواجهم متاع إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ من معروف والله عزيز حكيم (١»
٣٩٥ - فأنزل الله (٢) ميراثَ الوالِدَيْن ومن ورث بعدَهما ومَعَهما (٣) من الأقْرَبِين وميراثَ الزوج من (٤) زوجته والزوجةِ من زوجها
٣٩٦ - (٥) فكانت الآيتان محتملتين لأن تُثْبِتا (٦) الوصيةَ للوالدَيْن والأقربين والوصيَّةَ للزوج (٧) والميراثَ مع الوصايا فيأخذون بالميراث والوصايا ومحتملةً بأن تكون (٨) المواريث ناسخة للوصايا
٣٩٧ - فما احتملتْ الآيتان ما وصفنا كان على أهل العلم طَلَبُ الدِّلالة من كتاب الله فما لم يجدوه (٩) نصًا في كتاب الله طَلَبُوه
(١) سورة البقرة (٢٤٠).
(٢) في ج «قال الشافعي: وأنزل الله».
(٣) في ب «أو معهما». وهو خلاف الأصل.
(٤) في ج «عن» وهو خطأ.
(٥) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٦) في ج «تثبت» بالأفراد. وهو غير جيد الا على تأول.
(٧) في ج «للزوجية» وهو خطأ. وفي ب «للزوجة»، وهو صواب في المعنى، لأن المراد بالزوج هنا الزوجة، و«الزوج» مما يطلق على كل من الزوجين، وهى اللغة العالية، وقد جاء بها القرآن.
(٨) في ب «لأن تكون» وهو خلاف الأصل.
(٩) في ج «فلما لم يجدوه» وهو خطأ.
 
في سنة رسول الله فإن وَجَدوه فما قَبِلُوا (١) عن رسول الله فَعَنْ اللهِ قَبِلُوهُ بما افْتَرَضَ (٢) مِن طاعته
٣٩٨ - ووَجدْنا أهلَ الفُتْيَا ومكن حَفِظْنَا عنه مِنْ أهل العلم بالمَغَازِي مِنْ قُريش وغيرهمْ لا يختلفون في أنَّ النبي قال عامَ الفَتْحِ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَلَا يقتل مؤمن كافر ويَأْثُرُونه (٣) عَنْ مَنْ حَفظوا عنه مِمَّنْ لَقُوا من أهل العلم بالمغازي
٣٩٩ - فكان هذا نَقْلَ عامَّةٍ عنْ عامَّة وكان أقوى في بعض الأمْرِ (٤) من نقْلِ واحد عن واحد وكذلك وجدنا أهل العلم عليه مُجتمعين (٥)
٤٠٠ - قال (٦) ورَوَى بعضُ الشَّامِيِّين حديثًا ليس مما يُثْبِتُه أهل الحديث فيه أن بعض رجال مجهولون فرويناه (٧) عن النبي منقطعا (٨)
(١) في ج «فيما قبلوا» وهو خطأ.
(٢) في ج «مما افترض» وهو خطأ. وفي ب وس «بما افترض عليهم» وكلمة «عليهم» ثابتة في الأصل بين السطرين بخط جديد يخالف خطه.
(٣) «اثر الحديث»: نقله، بابه: نصر وضرب.
(٤) في ج «الأمور» وهو خطأ ومخالف للأصل.
(٥) في ب وج «مجتمعين» وهو مخالف للأصل.
(٦) في ج «قال الشافعي» وهو مخالف للأصل.
(٧) في ج «ورويناه» وهو مخالف للأصل.
(٨) يعني أنه رواه من جهة الحجازيين منقطعا، ومن جهة الشاميين متصلا، في اسناده رواة مجهولون.
 
٤٠١ - وإنما قَبِلْنَاه بما وَصَفْتُ (١) من نقْل أهل المغازي (٢) وإجماع العامة عليه وإن كُنَّا قد ذكرنا الحديث فيه واعتمدنا على حديثِ أهل المغازي عامًّا وإجماع الناس
٤٠٢ - (٣) أخْبَرنا سفيان (٤) عن سليمان الأحْوَل عن مجاهد أنَّ رسولَ الله قال «لا وصية لوارث (٥)»
(١) في ب «بما وصفنا» وفي ج «كما وصفنا» وكلاهما مخالف للأصل.
(٢) في س وج «أهل العلم بالمغازي» وكلمة «العلم» مكتوبة بهامش الأصل بخط آخر، وزاد كاتبها حرف الباء موصولا بكلمة «المغازي» وهو تصرف غير جيد ممن صنعه.
(٣) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٤) في ب «أخبرنا ابن عيينة» وفي ج «أخبرنا سفيان بن عيينة» وهو هو، ولكن الأصل ما أثبتنا.
(٥) روى الشافعي الحديث بهذا الاسناد في الأم (٢٧: ٤) ثم قال: «وما وصفت من أن الوصية للوارث منسوخة بآي المواريث، وأن لا وصية لوارث -: مما لا أعرف فيه عن أحد ممن لقيت خلافا».
ورواه ثانيا بنفس الاسناد (٣٦: ٤) ثم قال: «ورأيت متظاهرا عند عامة من لقيت أهل العلم بالمغازي أن رسول الله ﷺ قال في خطبته عام الفتح: لا وصية لوارث. ولم أر بين الناس في ذلك اختلافا».
ورواه ثالثا - بالاسناد عينه فقال (٤٠: ٤): «فوجدنا الدلالة على أن الوصية للوالدين، والأقربين الوارثين منسوخة بآي المواريث من وجهين: أحدهما: أخبار ليست بمتصلة عن النبي ﷺ من جهة الحجازيين. منها: أن سفيان بن عيينة أخبرنا عن سليمان الأحول عن مجاهد أن النبي ﷺ قال:
لا وصية لوارث. وغيره يثبته بهذا الوجه. ووجدناه غيره قد يصل فيه حديثا عن النبي ﷺ بمثل هذا المعنى. ثم لم نعلم أهل العلم في البلدان اختلفوا في أن الوصية للوالدين منسوخة بآي المواريث».
هذا إسناد الحجازيين الذي أشار اليه الشافعي، ولم أجد اسناد الشآميين من روايته، ولكن وجدته من رواية غير الشافعي. وهو حديث صحيح بأسانيد صحاح، ويظهر أن رواية الشآميين التي وصلت للشافعي كان في إسنادها رجال مجهولون، أو كان في إسنادها من لم يعرفه الشافعي فلم يطمئن إلى الثقة بروايته. وقد جاء الحديث من رواية أبي أمامة، ومن رواية عمرو بن خارجة، ومن رواية غيرهما:
فروى الترمذي (١٦: ٢ طبعة بولاق و١٨٩: ٣ - ١٩٠ من شرح المباركفوري) من طريق إسماعيل بن عياش: «حدثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول في خطبته في حجة الوداع: إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث» وذكر الحديث بطوله. قال الترمذي: «وهو حديث حسن صحيح، وفي بعض نسخه «حسن» ولم يذكر التصحيح. وهو الذي نقله عنه ابن حجر في الفتح (٢٧٨: ٥) ولكن نقل ابن التركماني في الجوهر النقي (٢٦٤: ٦) عن الترمذي تصحيحه.
ورواه أيضا أحمد في المسند (٢٦٧: ٥) وأبو داود (٧٣: ٣) وابن ماجة (٢:
٨٣) والبيهقي (٢٦٤: ٦): كلهم من طريق إسماعيل بن عياش. وروي البيهقي عن أحمد بن حنبل قال: «إسماعيل بن عياش ما روى عن الشاميين صحيح، وما روى عن أهل الحجاز فليس بصحيح» ثم قال البيهقي: «وكذلك قال البخاري وجماعة من الحفاظ، وهذا الحديث انما رواه إسماعيل عن شامي». وقال ابن حجر في الفتح:
«وهذا من روايته عن شرحبيل بن مسلم، وهو شامي ثقة، وصرح في روايته بالتحديث عند الترمذي».
أقول: وإسماعيل ثقة، قد تكلمت عنه باسهاب في شرحي على الترمذي (١:
٢٣٧ - ٢٣٨) وشرحبيل تابعي شامي ثقة كما قال ابن حجر، فالاسناد صحيح لا مطعن فيه.
وقد وجدت للحديث عن أبي أمامه إسنادا آخر: قال ابن الجارود (ص ٤٢٤):
«حدثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الحميد البهراني قال ثنا يزيد بن عبد ربه قال ثنا الوليد بن مسلم قال ثنا ابن جابر وحدثني سليم بن عامر وغيره عن أبي أمامة وغيره ممن شهد خطبة رسول الله صلي الله عليه وسلم يومئذ، فكان فيما تكلم به: ألا ان الله قد أعطى كل ذي حق حقه، ألا لا وصية لوارث». وهذا إسناد صحيح، تكلموا في بعض رجاله بما لا يضعف حديثهم، وقد يكون هذا الاسناد هو الذي يشير الشافعي إلى جهالة بعض رواته، ولعله سمعه من أحد الرواة عن الوليد بن مسلم، فلم يتثبت من إسناده، والله أعلم بذلك.
روى الترمذي أيضا (٢: ١٦) من طريق قتادة «عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن عمرو بن خارجة: أن النبي ﷺ خطب على ناقته، وأنا تحت جرانها، وهي تقصع بجرتها، وإن لعابها يسيل بين كتفي، فسمعته يقول: ان الله أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث» وذكر الحديث. قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح» ورواه أيضا ابن سعد في الطبقات (ج ٢ ق ١ ص ١٣١ - ١٣٢) وأحمد في المسند بأحد عشر اسنادا (٤: ١٨٦ - ١٨٧ و٢٣٨ - ٢٣٩) والنسائي (٢:
١٢٨) وابن ماجة (٢: ٨٢ - ٨٣) والدارمي (٢: ٤١٩) والبيهقي (٦: ٢٦٤):
كلهم من طريق قتادة. وهذا الحديث أيضا مما يحتمل أن يكون هو الذي أشار اليه الشافعي، لأن في إسناده عند أحمد (٤: ١٨٦) عن عبد الرزاق عن الثوري عن الليث «عن شهر بن حوشب قال: أخبرني من سمع النبي ﷺ، وعن ابن أبي ليلى أنه سمع عمرو بن خارجة».
وأرجوا أن أوفق إلى تحقق هذا الحديث بأسانيده عند الكلام عليه في شرحي على الترمذي، ان شاء الله تعالى، وأسأله التوفيق والعون.
وقال ابن حجر في الفتح (هـ: ٢٧٨) بعد أن ذكر أحاديث آخر في الباب:
«ولا يخلو إسناد كل منها عن مقال، لكن مجموعها يقتضي أن للحديث أصلا، بل جنح الشافعي في الأم إلى أن هذا المتن متواتر» ثم نقل كلام الشافعي الذي في «الرسالة» هنا. وقد بحثت عنه في «الأم» فلم أجد إلا ما نقلت عنها آنفا، فلعله في موضع لم أره.
ثم قال ابن حجر: «وقد نازع الفخر في كون هذا الحديث متواترا» ومنازعة الفخر ليست مبنية إلا على الاحتمالات العقلية، ولم يحقق المسئلة على قواعد الفن الصحيحة.
انظر تفسير الفخر (٦٤٠: ١ - ٦٤١ من طبعة بولاق الأولى).
وقد ذهب ابن حزم أيضا إلى أن هذا المتن متواتر، فقال في المحلى (٩: ٣١٦):
«لأن الكواف نقلت أن رسول الله ﷺ قال: لا وصية لوارث».
 
٤٠٣ - (١) فاستدللنا بما وصفتُ، من نقْلِ عامَّة أهل المغازي عن النبي أن «لَا (٢) وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» -: على أنَّ المواريث ناسخة للوصية للوالدين والزوجة، مع الخبر المُنْقَطع عن النبي، وإجماعِ العامَّة على القول به.
٤٠٤ - (٣) وكذلك قال (٤) أكثرُ العامَّة: إن الوصية للاقربين
(١) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٢) رسمت في الأصل «ألا».
(٣) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٤) في ج «قول» بدل «قال» وهو مخالف للأصل.
 
منسوخة زائلٌ فَرْضُها إذا كانوا وارثين فبالميراث وإن (١) كانوا غَيْرَ وارثين فليس بِفَرض أنْ يُوصي لهم
٤٠٥ - إلاَّ أنَّ طاوسًا وقليلًا معه قالوا نُسِخت الوصية للوالدين وَثَبَتَتْ للقرابة غير الوارثين فَمَنْ أوْصَى لغير قرابة لم يَجُزْ (٢)
٤٠٦ - (٣) فلَمَّا احتملت الآية ما ذهب إليه طاوس مِن أنَّ الوصيَّة للقرابة ثابتة إذْ لم يكن (٤) في خبر أهل العلم بالمغازي إلاَّ أنَّ النبي قال «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَجَبَ عِندنا على أهل العلم طلبُ الدِّلالة على خِلاف ما قال طاوس (٥) أو مُوَافَقَتِه
٤٠٧ - فوجدنا رسول الله حَكَمَ في سِتَّةِ مَمْلُوكِينَ كانوا لرجل لا مالَ له غيرُهم فَأَعْتَقَهُم عند الموت فَجَزَّأَهُم النبيُّ ثلاثةَ أجزاء فَأَعْتَقَ اثنين وأرق أربعة
(١) في س وب «وإذا» وكانت في الأصل «وإن» ثم غيرها بعض القارئين بخط مخالف لخطه فجعلها «وإذا».
(٢) في ج «لم تجز» وهو مخالف للأصل.
(٣) هنا في ب زيادة «قال» وفي ج «قال الشافعي».
(٤) في س «إذا لم يكن» وهو مخالف للأصل، وفي ج «إذ لم تكن» وهو خطأ ظاهر.
(٥) في النسخ الثلاث المطبوعة «على خلاف ما قال طاوس في الآية» وكذلك، في النسخة المقروءة على ابن جماعة. وزيادة «في الآية» مكتوبة بحاشية الأصل على يمين السطور بخط جديد، ووضع كاتبها في الأصل علامة لموضعها بعد كلمة «موافقته» فأخطأ الناسخون في إدخالها في الأصل، وأخطؤا أيضا موضعها الذي أراده كاتبها، ولا حاجة بالكلام إلى زيادتها.
 
٤٠٨ - (١) ﷿ أخْبَرَنا بذلك عبد الوهاب (٢) عن أيوب (٣) عن أبي قِلابَة (٤) عن أبي المُهَلَّبِ (٥) عن عِمران بن حُصَينٍ عن النبي (٦)
٤٠٩ - قال (٧) فكانت دِلالة السنة في حديث عِمران بن حُصَيْنٍ بَيِّنَةً بأن رسول الله أَنْزَلَ عِتْقَهم في المرض (٨) وصية
(١) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٢) في ب وج زيادة «الثقفي» وليست في الأصل وهو: عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وهو ثقة، ولد سنه ١٠٨ أو ١١٠ ومات سنة ١٩٤.
(٣) في س وب زيادة «السختياني»، وهي مكتوبة بحاشية الأصل بخط آخر.
و«السختياني» بفتح السين المهملة وإسكان الخاء المعجمة.
(٤) «قلابة» بكسر القاف وتخفيف اللام. وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي - بفتح الجيم وإسكان الراء - البصري.
(٥) «المهلب» بضم الميم وفتح الهاء وتشديد اللام المفتوحة. أبو المهلب: هو الجرمي البصري، واختلف في اسمه. وهو عم أبي قلابة، وهو بصري تابعي ثقة.
(٦) في ج زيادة كلمة «الحديث». واما في ب فإنه ذكر الحديث كله نصا، وكلاهما مخالف للأصل. والحديث أشار إليه الشافعي في الأم في موضعين من كتاب الوصايا (٤: ٢٤ و٢٧) ورواه في اختلاف الحديث (٧: ٣٧٠ - ٣٧١ من هامش الأم): «أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين: أن رجلا من الأنصار أوصى عند موته، فأعتق ستة مماليك، ليس له مال غيرهم، أو قال: أعتق عند موته ستة مماليك، ليس له شيء غيرهم، فبلغ ذلك النبي ﷺ، فقال فيه قولا شديدا، ثم دعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء، فأقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرق أربعة».
ورواه أيضا أحمد في المسند (٤: ٤٢٦ و٤٢٨ وفي مواضع اخر) ومسلم (٢:
٢٣) وأبو داود (٤: ٥٠ - ٥١) والترمذي (١: ٢٥٥) النسائي (١: ٢٧٨) وابن ماجة (٢: ٣١).
(٧) في ب وج «قال الشافعي» وهو مخالف للأصل.
(٨) في النسخ الثلاث المطبوعة زيادة: «إذا مات المعتق في المرض». وهي مكتوبة بحاشية الأصل بخط جديد.
 
٤١٠ - والذي أعْتَقَهُمْ رجل من العَرَب والعربيُّ إنَّما يَمْلِكُ مَن لا قَرابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِن العجم فأجازَ النبي لهم الوصيةَ
٤١١ - فدلَّ ذلك على أن الوصية لو كانت تَبْطُلُ لِغير قرابة بَطَلَتْ لِلْعبيد المُعْتَقين لِأنَّهم ليسوا بِقَرَابة للمُعْتِق
٤١٢ - ودلَّ ذلك على أنْ لا وصيةَ لِمَيِّت إلا في ثُلُثِ ماله ودل ذلك (١) على أنْ يُرَدَّ ما جَاوَزَ الثلثَ في الوصية وعَلَى إبْطال (٢) الاستسعاء (٣) وإثْبَات القَسْمِ والقُرْعَة
٤١٣ - وبَطَلَتْ (٤) وصية الوالدين لأنهما وارثان وثبت ميراثهما
٤١٤ - رضي الله تعالى عنه ومَن أوْصَى له المَيِّتُ مِن قَرَابةٍ وغيرِهِم جَازَتْ الوصيةُ إذا لم يكن وارِثًا
٤١٥ - وأحَبُّ إلي لو أوصى لقرابة
٤١٦ - (٥) وفي القُرَآن ناسخٌ ومنسوخٌ غيرُ هذا مُفَرَّقٌ في مَواضِعِهِ في كتاب (أحكام القُرَآن)
٤١٧ - وإنما وصفتُ (٦) مِنه جُمَلًا يُسْتدل بها على ما كان في
(١) كلمة «ذلك» سقطت من جميع النسخ المطبوعة، وهي ثابتة في الأصل واضحة.
(٢) في ب وج «ودل على إبطال» وزيادة «دل» ههنا مخالفة للأصل.
(٣) في س «الابتغاء» بدل «الاستسعاء» وهو تصحيف قبيح.
(٤) في ب وج «فبطلت» وهو مخالف للأصل.
(٥) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٦) في س «وضعت» وهو مخالف للأصل.
 
معناها (١) ورأيت أنها كافِيَةٌ في الأصل مِمَّا (٢) سكنت عنه وأسْألُ اللهَ العِصْمةَ والتوْفيقَ.
٤١٨ - (٣) وأتْبَعْتُ ما كتبتُ منها علمَ الفرائض التي أَنْزلها الله مُفَسَّرَاتٍ وجُمَلًا وسُنَنَ رسول الله معها وفيها لِيَعْلَمَ مَنْ عَلِم هذا مِن علم (الكتاب) الموضعَ الذي وَضَعَ الله به نَبِيَّه مِن كتابِه ودينِه وأهلِ دينِه.
٤١٩ - ويَعْلمون (٤) أن اتِّباعَ أمره وطاعة الله وأنَّ سُنَّتَه تَبَعٌ لكتاب الله فيما أنْزَلَ وأنها لا تخالف كتاب الله أبدًا
٤٢٠ - ويعلم من فهم الكتاب (هذا الكتاب) أنَّ البيان يكون من وجوه لا مِن وَجْهٍ واحد يَجْمَعُها أنها عند أهل العلم بَيِّنَةٌ ومُشْتَبِهَةُ البَيَانِ (٥) وعند مَن يقصر علمه مختلفة البيان
(١) في النسخ الثلاث المطبوعة «في مثل معناها» وكلمة «مثل» مكتوبة في الأصل بين السطور بخط غير خطه.
(٢) في ب «عما» بدل «مما» وهو مخالف للأصل.
(٣) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٤) في ب «ويعلموا» كأنه منصوب عطفا على «يعلم» في الفقرة السابقة. ولكن هذا مخالف للأصل، والنون ثابتة فيه واضحة، وكذلك هي ثابتة في النسخة المقروءة على ابن جماعة، فكأن الشافعي يريد هنا استئناف الكلام، تقوية له، وان كان معطوفا في المعنى على ما قبله.
(٥) يعني أن وجوه البيان عند أهل العلم بعضها بين لا يحتاج إلى ايضاح وإمعان، وبعضها مشتبه، يحتاج إلى دقة نظر وعناية، ليعلم الناسخ من المنسوخ، وليجمع بين الأدلة التي ظاهرها التعارض. وأما عند غير أهل العلم فإنها كلها مختلفة البيان، لا يدرك وجه الكلام، ولا يعرف ما يجمع به بين الأدلة، وذلك كنحو ما مضى في أنواع البيان، انظر الفقرات (٥٣ وما بعدها و١٧٤ وما بعدها). ويظهر أن هذا المعنى لم يتضح للناسخين فغيروا الكلام بالحذف أو بالزيادة: ففي النسخة المقروءة على ابن جماعة «بينة مشتبهة البيان، بحذف الواو، ووضع فوق موضع الواو بين الكلمتين علامة الصحة «صح» بالقلم الأحمر، وهو خطأ ظاهر، لا يوصف أبدا بالصحة، والواو ثابتة في الأصل واضحة. وأما في ب وج فكتب هكذا: «بينة غير مشتبهة البيان» وزيادة كلمة «غير» إفساد للمعنى.
 
 

باب الفرائض التي أنزل الله (١) نصًا
٤٢١ - قال الله جل ثناؤه (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ (٢) ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الفاسقون (٣»
٤٢٢ - قال الشافعي فالمحصنات (٤) ها هنا البوالغ الحراير وهذا يدل على أن الإحصان اسم جامع لمعاني مختلفة
٤٢٣ - وقال: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ (٥) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أربعة شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ (٦) أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ الله عليها إن كان من الصادقين (٧»
(١) في ب وج «أنزلها الله» وهو مخالف للأصل.
(٢) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٣) سورة النور (٤).
(٤) في النسخ الثلاث المطبوعة «المحصنات» بدون الفاء، وهي ثابتة في الأصل.
(٥) في الأصل إلى هنا، ثم قال «إلى قوله: إن كان من الكاذبين».
(٦) في الأصل إلى هنا، ثم قال «إلى: إن كان من الصادقين».
(٧) سورة النور (٦ - ٩).
 
٤٢٤ - (١) فلما فَرَقَ اللهُ بَيْن حُكم الزوجِ والقاذِف سِواه فَحَدَّ القاذِفَ سِواه إلا أنْ يَأْتِيَ بأربعة شُهَدَاء على ما قال وأخرجَ الزوجَ بالِّلعَان (٢) من الحَدِّ دل ذلك على أنَّ قَذَفَةَ المُحْصَنات الذين أُريدوا بالجلد قذفةُ الحرائرِ البوالِغِ غير الأزْواجِ
٤٢٥ - وفي هذا الدليلُ (٣) على ما وصفت من القُرَآن عَرَبي يكون منه ظاهِرُه (٤) عامًّا وهو يراد به الخاص لا أنَّ واحِدَة من الآيتين نَسَخَتْ الأُخْرى ولكن كلُّ واحدة منهما على ما حَكَمَ اللهُ به فَيُفَرَّقُ بَيْنَهما حيث فرق الله ويجمعان حيث مع اللهُ
٤٢٦ - فإذا الْتَعَنَ الزوجُ خرج من الحد كما يَخرج الأَجْنَبِيُّون بالشُّهود (٥) وإذا لم يَلتعنْ وزوجتُه حُرةٌ بالغة حُدَّ
٤٢٧ - قال (٦) وفي العَجْلَانِيِّ (٧) وزوجته أنزلت آية اللعان ولا عن النبيُّ بَيْنَهما (٨) فَحَكَى اللعانَ بَيْنهما سهل بن سعد الساعدي
(١) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٢) في س «بالالتعان» والكلمة مكتوبة في الأصل «باللعان» ثم تصرف فيها بعض الكاتبين فأصلحها إصلاحا ظاهرا ليجعلها «بالالتعان».
(٣) في ب وج «دليل» وهو مخالف للأصل.
(٤) في ب «ظاهر» بدون الضمير، وهو خطأ ومخالف للأصل.
(٥) في ب «كما يخرج الأجنبيون منه بالشهود» وكلمة «منه» ليست في الأصل.
(٦) في ب وج «قال الشافعي» وهو مخالف للأصل.
(٧) «العجلاني» بفتح العين المهملة واسكان الجيم وبالنون، واسمه «عويمر» بالتصغير وآخره راء.
(٨) في ب «ولاعن رسول الله ﷺ بينهما»، وفي ج «فلاعن النبي ﷺ بينهما، وكلاهما مخالف للأصل.
 
وحكاه بن عباس وحكى بن عمر حضورَ لِعانٍ (١) عندَ النبيِّ (٢)، فَمَا حَكَى مِنهم واحد (٣) كيفَ لَفْظُ النبيِّ (٤) في أمْرِهما باللِّعانِ
٤٢٨ - وقد حَكَوْا معًا أحكامًا لرسول الله ليست نصًّا في القُرَآن منها تَفْريقه بَيْن المُتَلاعِنين ونَفْيُه الولدَ وقولُه «إنْ جَاءَتْ بِهِ هَكَذَا (٥) فَهُوَ لِلَّذِي يَتَّهِمُهُ» فَجاَءَتْ بِهِ عَلَى الصِّفَةِ (٦)، وَقَالَ «إنَّ أَمْرَهُ لَبَيِّنٌ لَوْلَا مَا حكى الله (٧)» وحكى بن عباس أنَّ النبي قال عند الخامسة «قَفُوهُ فَإِنَّهَا مُوجِبَةٌ (٨)»
٤٢٩ - (٩) فاستَدْلَلْنا على أنهم لا يَحْكُونَ بَعضَ ما يُحتاج إليه مِن الحديث ويَدَعُون بعضَ ما يُحتاج إليه مِنه وأَوْلَاهُ أنْ يحكى من ذلك كيف لا عن النبيُّ (١٠) بَيْنهما إلاَّ عِلمًا بأنَّ أحَدًا قَرَأ كتاب
(١) «لعان» بالتنكير في الأصل، وتحت النون فيه كسرتان، وفي ب وج «اللعان» بالتعريف، وهو مخالف للأصل.
(٢) انظر رواياتهم في الدر المنثور (٢١: ٥ - ٢٤).
(٣) في س «واحد منهم» بالتقديم والتأخير، وهو خطأ من الناسخ.
(٤) في ب وج «كيف كان لفظ النبي» وزيادة «كان» خلاف للأصل.
(٥) في ب وج «كذا» بدل «هكذا» وهو مخالف للأصل.
(٦) في النسخ الثلاث المطبوعة «على تلك الصفة» وكلمة «تلك» مزيدة بحاشية الأصل بخط آخر.
(٧) في ب وج «لولا ما حكم الله» وهو مخالف للأصل، والمراد: لولا ما حكي الله في كتابه من اللعان. ويؤيده رواية البخاري وغيره «لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن».
(٨) يعني: أن هذه اليمين الخامسة توجب النار لمن حلف كاذبا، إذ لو اعترف قبل أن يحلف فقد وجب عليه الحد، وهو كفارة لذنبه.
(٩) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(١٠) كلمة «النبي» لم تذكر في س سهوا من الناسخ، وهي ثابتة في الأصل، وفي ب وج «رسول الله ﷺ».
 
الله يَعْلم أنَّ رسولَ الله إنَّمَا لَاعَنَ كما أَنْزل اللهُ
٤٣٠ - فَاكْتَفَوْا بإبانَةِ اللهِ اللعانَ بالعَدَد والشهادةِ لكلَّ واحدٍ مِنهما دون حِكايةِ لفظِ رسول الله حِينَ لَاعَنَ بَيْنَهما (١)
٤٣١ - قال الشافعي في كتاب الله (٢) غاية الكفاية من اللعانِ وعدَدِهِ
٤٣٢ - (٣) ثم حَكَى بعضُهم عَن النبيِّ في الفُرْقَة بَيْنهما كما وَصَفْتُ
٤٣٣ - وقد وصفْنا سننَ رسولِ الله مَعَ كتابِ اللهِ قَبْلَ هذا (٤).
(١) قال الشافعي في الأم (١١١: ٥):
«فيما حكي عن رسول الله ﷺ إذ لاعن بين أخوي بني العجلان، ولم يتكلف أحد حكاية حكم النبي ﷺ في اللعان، أن يقول: قال للزوج: قل كذا، ولا للمرأة:
قولي كذا، إنما تكلفوا حكاية جملة اللعان -: دليل على أن الله ﷿ إنما نصب اللعان حكاية في كتابه، فإنما لاعن رسول الله ﷺ بين المتلاعنين بما حكم الله ﷿ في القرآن، وقد حكى من حضر اللعان في اللعان ما احتيج إليه، مما ليس في القرآن منه».
وقوله «بما حكم الله» أرجح أن صوابه «بما حكى الله».
(٢) في ب وس «وفي كتاب الله» والواو مكتوبة في الأصل بخط غير خطه.
(٣) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٤) مضى في مواضع كثيرة، منها في (باب ما أبان الله لخلقه من فرضه على رسوله اتباع ما أوحي إليه. الخ) في الفقرات (٢٩٨ - ٣٠٩).
وللشافعي ﵁ في هذا الموضع فصل نفيس جدا، كتبه في الأم (١١٣: ٥ - ١١٤) يجب أن نلحقه بكلامه هنا، إتماما له وبيانا، لأنه بموضوع (الرسالة) أشبه:
 
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(قال الشافعي: ففي حكم اللعان في كتاب الله، ثم سنة رسول الله ﷺ: دلائل واضحة، ينبغي لأهل العلم أن ينتدبوا بمعرفته (١)، ثم يتحروا أحكام رسول الله ﷺ في غيره على مثاله (٢)، فيؤدون (٣) الفرض، وتنتفي عنهم الشبه التي عارض بها من جهل لسان العرب وبعض السنن، وغبى عن موضع الحجة.
منها: أن عويمرا سأل رسول الله ﷺ عن رجل وجد مع امرأته رجلا، فكره رسول الله ﷺ المسائل.
وذلك أن عويمرا لم يخبره أن هذه المسئلة كانت.
وقد أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عامر بن سعد عن أبيه أن النبي ﷺ قال: «إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يكن فحرم من أجل مسئلته».
وأخبرنا ابن عيينة عن ابن شهاب عن عامر بن سعد عن أبيه عن النبي ﷺ مثل معناه.
قال الله ﷿: [لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم، وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم، عفا الله عنها، والله غفور حليم. قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين (٤)].
قال الشافعي رحمه الله تعالى: كانت المسائل فيها فيما لم ينزل،
===
(١) كذا في الأم، ولعل صحته «لمعرفته» باللام.
(٢) في الأم «أمثاله» وهو خطأ.
(٣) في الأم «فهو دون» وكتب مصححها بحاشيتها ما يفيد تصحيحها بما أثبتنا.
(٤) سورة المائدة (١٠١ و١٠٢).
 
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إذا كان الوحي ينزل بمكروه، لما ذكرت من قول الله ﵎، ثم قول رسول الله ﷺ وغيره فيما في معناه.
وفي معناه كراهية لكم أن تسألوا عما لم يحرم، فان حرمه الله في كتابه أو على لسان رسوله ﷺ: حرم ابدا، الا أن ينسخ الله تحريمه في كتابه، أو ينسخ على لسان رسوله ﷺ سنه بسنة (١).
وفيه دلائل على أن ما حرم رسول الله ﷺ حرام باذن الله تعالى إلى يوم القيامة، بما وصفت وغيره، من افتراض الله تعالى طاعته في غير آية من كتابه، وما جاء عنه ﷺ، مما قد وصفته في غير هذا الموضع.
وفيه دلالة على أن رسول الله صلى الله على وسلم حين وردت عليه هذه المسئلة، وكانت حكما -: وقف عن جوابها، حتى أتاه من الله ﷿ الحكم فيها، فقال لعويمر: «قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك» فلاعن بينهما، كما أمر الله تعالى في اللعان، ثم فرق بينهما، وألحق الولد بالمرأة ونفاه عن الأب، وقال له: «لا سبيل لك عليها» ولم يردد الصداق على الزوج.
فكانت هذه أحكاما وجبت باللعان، ليست باللعان بعينه، فالقول فيها واحد من قولين: أحدهما: أني سمعت ممن أرضى دينه وعقله وعلمه يقول: انه لم يقض فيها ولا غيرها الا بأمر الله ﵎، قال:
===
(١) في الأم «لسنة» باللام، وهو خطأ.
 
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فأمر الله إياه وجهان: أحدهما: وحي ينزله فيتلى على الناس، والثاني:
رسالة تأتيه عن الله تعالى بأن افعل كذا، فيفعله.
ولعل من حجة من قال هذا القول ان يقول: قال الله ﵎: [وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم] (١) فيذهب إلى أن الكتاب هو ما يتلى عن الله تعالى، والحكمة هي ما جاءت به الرسالة عن الله، مما بينت سنة لرسول الله ﷺ. وقد قال الله ﷿ لأزواج نبيه (٢): [واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة] (٣).
ولعل من حجته أن يقول: قال رسول الله ﷺ لأبي الزاني بامرأة الرجل الذي صالحه على الغنم والخادم -: «والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله. أما إن الغنم والخادم رد عليك».
وأن امرأة رجم إذا اعترفت، وجلد ابن الرجل مائة وغربه عاما.
ولعله يذهب إلى أنه إذا انتظر الوحي في قضية لم ينزل عليه فيها - انتظره كذلك في كل قضية ...
وقال غيره: سنة رسول الله ﷺ وجهان: أحدهما:
ما يبين ما في كتاب الله (٤)، المبيِّن عن معنى ما أراد الله بجملته، خاصا وعاما.
والآخر: ما ألهمه الله من الحكمة، وإلهام الأنبياء وحي. ولعل من حجة من قال هذا القول أن يقول: قال الله ﷿ فيما يحكي عن إبراهيم:
===
(١) سورة النساء (١١٣).
(٢) في الام «لأزواجه» وهو خطأ مطبعي واضح.
(٣) سورة الأحزاب (٣٤).
(٤) في الأم «ما تبين مما في كتاب الله» وهو تحريف، صحته ما كتبنا.
 
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى؟ قال: يا أبت افعل ما تؤمر] (١) فقال غير واحد من أهل التفسير: رؤيا الأنبياء وحي، لقول ابن إبراهيم الذي أمر بذبحه: [يا أبت افعل ما تؤمر] ومعرفته أن رؤياه امر أمر به، وقال الله ﵎ لنبيه: [وما جعلنا الرؤيا التي أريناك الا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن] (٢) وقال غيرهم: سنة رسول الله ﷺ وحي، وبيان عن وحي، وأمر جعله الله اليه، بما ألهمه من حكمته، وخصه به من نبوته، وفرض على العباد اتباع أمر رسول الله ﷺ في كتابه.
قال: وليس تعدو السنن كلها واحدا من هذه المعاني التي وصفت، باختلاف من حكيت عنه من أهل العلم. وأيها كان فقد ألزمه الله تعالى خلقه، وفرض عليهم اتباع رسوله فيه.
وفي انتظار رسول الله ﷺ الوحي في المتلاعنين، حتى جاءه فلاعن، ثم سن الفرقة، وسن نفي الولد، ولم يردد الصداق على الزوج وقد طلبه -: دلالة على أن سنته لا تعدو واحدا من الوجوه التي ذهب إليها أهل العلم: بأنها تبين عن كتاب الله: إما برسالة من الله، أو إلهام له، وإما بأمر جعله الله اليه، لموضعه الذي وضعه من دينه - وبيان لأمور: منها أن الله تعالى أمره أن يحكم علي الظاهر، ولا يقيم حدا بين اثنين إلا به، لأن الظاهر يشبه الاعتراف من المقام
===
(١) سورة الصافات (١٠٢).
(٢) سورة الاسراء (٦٠).
 
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عليه الحد، أو بينة، ولا يستعمل على أحد - في حد ولاحق وجب عليه -: دلالة على كذبه، ولا يعطى أحدا بدلالة على صدقه، حتى تكون الدلالة من الظاهر في العام، لا من الخاص.
فإذا كان هذا هكذا في أحكام رسول الله ﷺ:
كان من بعده من الولاة أولى أن لا يستعمل دلالة، ولا يقضي إلا بظاهر أبدا.
فإن قال قائل: ما دل على هذا؟ قلنا: قال رسول الله ﷺ في المتلاعنين: «ان أحدكما كاذب». فحكم على الصادق والكاذب حكما واحدا: أن أخرجهما من الحد. وقال رسول الله ﷺ: «إن جاءت به أحيمر فلا أراه الا قد كذب عليها، وان جاءت به أديعج فلا أراه إلا قد صدق» فجاءت به علي النعت المكروه. وقال رسول الله ﷺ: «ان أمره لبين لولا ما حكم الله (١)». فأخبر أن صدق الزوج على الملتعنة بدلالة على صدقه أو كذبه بصفتين، فجاءت دلالة على صدقه، فلم يستعمل عليها الدلالة، وأنفذ عليها ظاهر حكم الله تعالى: من ادراء الحد، وإعطائها الصداق، مع قول رسول الله ﷺ: «ان أمره لبين لولا ما حكم الله (١)».
وفي مثل معنى هذا من سنة رسول الله ﷺ قوله:
«انما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن
===
(١) انظر ما مضى في حاشية رقم (٤٢٨).
 
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار». فأخبر أنه يقضي على الظاهر من كلام الخصمين، وانما يحل لهما ويحرم عليهما فيما بينهما وبين الله على ما يعلمان.
ومن مثل هذا المعنى من كتاب الله قول الله ﷿: [إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله، والله يعلم انك لرسوله، والله يشهد ان المنافقين لكاذبون (١)] فحقن رسول الله ﷺ دماءهم بما أظهروا من الاسلام، وأقرهم على المناكحة والموارثة، وكان الله أعلم بدينهم بالسرائر، فأخبره الله أنهم في النار، فقال: [ان المنافقين في الدرك الأسفل من النار (٢)].
وهذا يوجب على الحكام ما وصفت: من ترك الدلالة الباطنة، والحكم بالظاهر من القول أو البينة أو الاعتراف أو الحجة. ودل أن عليهم أن ينتهوا إلى ما انتهي بهم اليه، كما انتهى رسول الله صلي الله عليه وسلم في المتلاعنين إلى ما انتهى به اليه. ولم يحدث رسول الله ﷺ في حكم الله، وأمضاه على الملاعنة، بما ظهر له من صدق زوجها عليها بالاستدلال بالولد -: أن يحدها حد الزانية.
فمن بعده من الحكام أولى أن لا يحدث في شئ، لله فيه حكم، أو لرسوله (٣) ﷺ: غير ما حكما به بعينه، أو ما كان في معناه.
===
(١) سورة المنافقون (١).
(٢) سورة النساء (١٤٥).
(٣) في الأم «ولا لرسوله» وهو خطأ واضح.
 
٤٣٤ - (١) قال الله (كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات) (٢) (فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا (٣»
٤٣٥ - (٤) ثم بَيَّن أيَّ شهر هو فقال: (شَهْرُ رمضان الذي أنزل فيه القرآن (٥) هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تشكرون (٦»
٤٣٦ - قال الشافعي فما علمتُ أحدًا مِن أهل العلم بالحديث
وواجب على الحكام والمفتين أن لا يقولوا الا من وجه لزم من كتاب الله أو سنة أو إجماع، فإن لم يكن في واحد من هذه المنازل اجتهدوا عليه، حتى يقولوا مثل معناه، ولا يكون لهم - والله أعلم - أن يحدثوا حكما ليس في واحد من هذا ولا في مثل معناه).
(١) في ج «قال الشافعي: وقال الله» وهو مخالف للأصل.
(٢) سورة البقرة (١٨٣ و١٨٤)
(٣) سورة البقرة (١٨٥) وهذه جزء من الآية، وقد كتب في الأصل عقب ما قبله بدون فصل، فأوهم أنه متصل بما قبله، ولذلك تصرف الناسخون هنا: ففي ج زاد بينهما كلمة «وقال» ليفصل بين الآيتين، وفي ب ذكر من الآية الأولى إلى قوله «لعلكم تتقون» ثم قال «الآية» ثم ذكر قوله «ثم بين أي شهر هو» الخ.
(٤) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٥) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٦) سورة البقرة (١٨٥).
 
قَبْلنا تكلَّفَ أنْ يرْوِيَ عن النبي أنَّ الشهر المفروض صومه شهرُ رمضان الذي بَيْن شعبان وشوالٍ لمعرفتهم بشهر (١) رمضان مِن الشهور واكتفاءً (٢) منهم بأن الله فَرَضَهُ
٤٣٧ - وقد تَكَلَّفوا حفظَ صومه في السفر وفطرِه وتكلَّفوا كيف قَضَاؤه (٣) وما أشبهَ هذا مما ليس فيه نص كتاب
٤٣٨ - ولا علمْتُ أحدًا من غير أهل العلم احْتَاجَ في المسألة (٤) عن شهر رمضان أيُّ شهرٍ هو ولا: هل (٥) هو واجب أم لا
٤٣٩ - (٦) وهكذا ما أنزل الله من جُمَل فَرَائضه في أنَّ عليهم صلاةً وزكاة وحجا مَنْ أطاقه (٧) وتحريِمِ الزنا والقتل وما أشْبَهَ هذا
٤٤٠ - قال (٨) وقد كانت لرسول الله في هذا سننا (٩) ليست
(١) في ب «شهر» بحذف باء الجر، وهي ثابتة في الأصل.
(٢) في ج «واكتفى» وهو مخالف للأصل وخطأ أيضا.
(٣) رسمت في الأصل «قضأه» بوضع الهمزة فوق الألف.
(٤) في ب وج «إلى المسألة» وهو مخالف للأصل.
(٥) كلمة «هل» سقطت من س خطأ.
(٦) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٧) في س «أطاق» وهو مخالف للأصل.
(٨) كلمة «قال» لم تذكر في س، وهي ثابتة في الأصل. وفي ج «قال الشافعي».
(٩) كتبت في الأصل «سننا»، ووضع على الألف فتحتان، وكانت مكتوبة في النسخة المقروءة على ابن جماعة بالنصب أيضا، ثم كشطت الألف، وأصلحت لتقرأ «سنن» بالرفع بمدادين: أسود وأحمر معا، ولكن موضع كشط الألف فيها واضح، وهو يؤيد أن صحتها في لغة الشافعي هكذا. وانظر ما مضى في الفقرتين (٣٠٧ و٣٤٥) وما سيأتي في الفقرة (٤٨٥).
 
نصًّا في القُرَآن أبان رسولُ الله عَنْ الله معنى ما أراد بها وتكلَّم المسلمون في أشياءَ مِن فُروعها لمْ يَسُنَّ رسولُ الله فيها سُنَّة مَنْصوصةً
٤٤١ - فمِنها (١) قولُ الله (٢) (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ (٣) مِنْ بَعْدُ حتى تنكح زوج غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يتراجعا (٤»
٤٤٢ - (٥) فاحتمل قولُ الله (٦) (حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) أن يتزوجها زوجٌ غيرُه وكان هذا المعنى الذي يَسْبِق إلى مَنْ خوطب به أنها إذا عُقِدَتْ عليها عُقْدةُ النكاحِ فقد نَكَحَتْ
٤٤٣ - واحتمل حتى يُصِيبها زوجٌ غيرُه لأن اسْم النكاح «يَقَعُ بالإصابة ويقع بالعقد (٧)
٤٤٤ - فلَمَّا قال رسولُ الله لامْرأة طلَّقَها زوجُها ثَلَاثًا ونَكَحَها بَعْدَه (٨) رجلٌ» لَا تَحِلِّينَ (٩) حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ
(١) في ج «منها» بحذف الفاء، وهو مخالف للأصل.
(٢) هنا في ب وج زيادة «في الرجل يطلق امرأته التطليقة الثالثة» ولكن. في ج «الزوج» بدل «الرجل» وليس من ذلك شيء في الأصل.
(٣) في الأصل إلى هنا، ثم قال «إلى قوله: أن يتراجعا».
(٤) سورة البقرة (٢٣٠).
(٥) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٦) في ج «قوله» وهو مخالف للأصل.
(٧) في ج «ويقع بالعقد معها» وزيادة كلمة «معها» خلاف للأصل، وإفساد للمعنى أيضا كما هو ظاهر.
(٨) في س «بعدها» وهو خطأ مطبعي.
(٩) في س وج «لا تحلين له» وكلمة «له» ليست في الأصل.
 
وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ «(١) يعني يُصيبك زوج غيره والإصابة النكاح (٢)
٤٤٥ - فإن قال قائل فاذْكر الخبَرَ عَنْ رسولِ الله بما ذكرْتَ
٤٤٦ - قيل (٣) أخبرنا سفيان (٤) عن بن شهاب (٥) عن عروة (٦) عن عائشة (٧)» أنَّ امْرَأةَ رِفَاعَةَ (٨) جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ فَقَالَتْ إنَّ رِفَاعَةَ
(١) «العسيلة» بالتصغير. قال في النهاية: «شبه لذة الجماع بذوق العسل، فاستعار لها ذوقا، وانما أنث لأنه أراد قطعة من العسل، وقيل: على اعطائها معنى النطفة، وقيل العسل في الأصل يذكر ويؤنث، فمن صغره مؤنثا قال: عسيلة، كقويسة وشميسة، وانما صغره إشارة إلى القدر القليل الذي يحصل به الحل».
وقال الشريف الرضي في المجازات النبوية (ص ٢٨٢ - ٢٨٣): هذه استعارة كأنه ﵊ كنى عن حلاوة الجماع بحلاوة العسل، وكأن مخبر المرأة ومخبر الرجل كالعسلة المستودعة في ظرفها، فلا يصح الحكم عليها إلا بعد الذوق منها، وجاء ﵊ باسم العسلة مصغرا: لسر لطيف في هذا المعنى، وهو أنه أراد فعل الجماع دفعة واحدة، وهو ما تحل المرأة به للزوج الأول، فجعل ذلك بمنزلة الذواق من العسلة من غير استكثار منها، ولا معاودة لأكلها، فأوقع التصغير على الاسم، وهو في الحقيقة للفعل».
(٢) جواب «لما» في قوله «فلما قال رسول الله لامرأة» -: محذوف، للعلم به وقيام الدليل من سياق الكلام عليه، كأنه يريد: فلما قال ذلك رسول الله تبين أن المراد بالنكاح في الآية إصابة الزوج إياها بعد الزواج.
(٣) في ج «قيل له» وكلمة «له» ليست في الأصل.
(٤) في ج «سفيان بن عيينة» وهو هو، لكن كلمة «بن عيينة» ليست في الأصل.
(٥) في ب «عن الزهري» والزهري هو ابن شهاب، ولكن النص الذي هنا هو الذي في الأصل.
(٦) في ج «عن عروة بن الزبير» وزيادة «بن الزبير» خلاف الأصل.
(٧) في ج زيادة «زوج النبي ﷺ» وليست في الأصل.
(٨) في ج زيادة «القرظي» وليست في الأصل.
 
طَلَّقَنِي (١) فَبَتَّ طَلَاقِي وَإنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ (٢) تَزَوَّجَنِي وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ (٣) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (٤) أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ (٥) "
٤٤٧ - قال الشافعي فَبَيَّن رسولُ الله أنَّ إحلالَ الله إيَّاها للزوج المُطَلِّقِ ثلاثًا بَعْدَ زَوْجٍ بالنكاح إذا كانَ مَع النِّكاحِ إصابَةٌ مِن الزوج.

الفرائض المنصوصة (٦) التي سن رسول الله معها
٤٤٨ - (٧) قال الله ﵎ (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم (٨) وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم
(١) في س وب «إني كنت عند رفاعة فطلقني» وما هنا هو الذي كان في الأصل، ثم تصرف بعض القارئين فأصلح كلمة «إن» بزيادة بسيطة في رأس النون، لتقرأ بالنون والياء، ثم كتب في الحاشية الأصل «إني كنت عند رفاعة» ولكنه نسي أن يصلح كلمة «طلقني» فلم يزد الفاء في أولها، فكان هذا أمارة على خطئه في تصرفه، وعدم احسانه إياه.
(٢) «الزبير» هنا بفتح الزاي وكسر الباء الموحدة، وبذلك ضبط في الأصل.
(٣) قال في النهاية: «أرادت متاعه، وأنه رخو مثل طرف الثوب، لا يغني عنها شيئا».
(٤) في ج «فتبسم رسول الله ﷺ وقال»، وليس ذلك في الأصل.
(٥) الحديث رواه الشافعي أيضا. في الأم (٥: ٢٢٩) بهذا الاسناد، وكذلك رواه في اختلاف الحديث (ص ٣١٤ من هامش الجزء السابع من الأم) والحديث معروف، رواه أصحاب الكتب الستة وغيرهم.
(٦) في ب وج «باب الفرائض المنصوصة» الخ، وكلمة «باب» ليست في الأصل.
(٧) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٨) في الأصل إلى هنا، ثم قال «إلى فاطهروا».
 
وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا (١»
٤٤٩ - وقال: (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ (٢) حَتَّى تغتسلوا (٣»
٤٥٠ - فأبان أنَّ طهارَةَ الجُنُب الغُسْلُ دُون الوُضوء
٤٥١ - (٤) وسَنَّ رسولُ الله الوضوءَ كما أَنْزَلَ اللهُ فَغَسَلَ وَجْهه ويَدَيْه إلى المِرْفَقَيْن ومسح بِرَأسه وغسَلَ رِجْليه إلى الكَعْبَيْن
٤٥٢ - (٥) أخْبَرَنا عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسْلَمَ عن عطاء بن يسار عن بن عباس عن النبي «أنَّهُ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً (٦).
٤٥٣ - (٥) أخبرنا مالك بن عمرو بن يحيى (٧) عن أبيه أنه قال لعبد الله بن زيد وهو جد عمرو بن يحيى (٨)» هل تستطيع أن
(١) سورة المائدة (٦).
(٢) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٣) سورة النساء (٤٣).
(٤) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٥) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٦) في ج «عن ابن عباس: أن النبي ﷺ توضأ مرة مرة» وهو مخالف لسياق الأصل، وان كان المعنى واحدا.
والحديث رواه الشافعي في الأم (١: ٢٧) عن عبد العزيز بن محمد مطولا، واختصره هنا، ورواه أيضا أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
وانظر شرحنا على الترمذي في الحديث رقم (٤٢).
(٧) في النسخ المطبوعة زيادة «المازني» وليست في الأصل، ولكنها كتبت بحاشيته بخط آخر.
(٨) هو عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن الأنصاري المازني، وعبد الله هو ابن زيد بن عاصم بن كعب بن عمرو بن عوف الأنصاري. وعبد الله ليس جدا لعمرو بن يحيى، ونقل السيوطي في شرح الموطأ (١: ٣٩) عن ابن عبد البر قال: «هكذا في الموطأ عند جميع رواته، وانفرد به مالك، ولم يتابعه عليه أحد، ولم يقل أحد من رواة هذا الحديث في عبد الله بن زيد بن عاصم أنه جد عمرو بن يحيى المازني: إلا مالك وحده» ونقل عن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في شرح الالمام قال: «هذا وهم قبيح من يحيى بن يحيى أو من غيره». والظاهر أن الوهم ليس من يحيى، لأن الشافعي رواه هنا مثل رواية يحيى، والغالب أن الخطأ جاء من اختصار الرواية، فقد رواه البخاري:
«حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى: المازني عن أبيه:
أن رجلا قال لعبد الله بن زيد، وهو جد عمرو بن يحيى: أ تستطيع» الخ. قال الحافظ في الفتح (١: ٢٥٢): «قوله: أن رجلا، هو عمرو بن أبي حسن، كما سماه المصنف في الحديث الذي بعد هذا من طريق وهيب عن عمرو بن يحيى، وعلى هذا فقوله هنا [وهو جد عمرو بن يحيى] فيه تجوز، لأنه عم أبيه، وسماه جدا لكونه في منزلته، ووهم من زعم أنه المراد بقوله [وهو] عبد الله بن زيد، لأنه ليس جدا لعمرو بن يحيى: لا حقيقة ولا مجازا. وأما قول صاحب الكمال ومن تبعه في ترجمة عمرو بن يحيى: إنه ابن بنت عبد الله بن زيد: فغلط، توهمه من هذه الرواية، وقد ذكر ابن سعد أن أم عمرو بن يحيى هي حميدة بنت محمد بن إياس بن البكير، وقال غيره: هي أم النعمان بنت أبي حية». وقال الحافظ في التهذيب نحو هذا أيضا (٨: ١١٩).
 
تُرِيَنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ (١) نَعَمْ فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ (٢) ثُمَّ مَضْمَضَ (٣) وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إلَى المِرْفَقَيْنِ ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاه ثُمَّ رَدَّهُمَا (٤) إلَى المَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ ثُمَّ غسل رجليه (٥) "
(١) في ج زيادة «بن زيد» وليست في الأصل.
(٢) في ب وج «مرتين مرتين» والذي في الأصل واحدة فقط.
(٣) في ب وج «تمضمض» بزيادة التاء في أول الفعل، وهو مخالف للأصل.
(٤) زيد بهامش الأصل كلمة «ثم رجع بخط آخر، وأشار كاتبها إلى أن موضعها هنا، وبهذه الزيادة طبعت في س. وأما في ج فان ناسخها وضع الزيادة عقب قوله «إلى قفاه» وهو خطأ صرف.
(٥) الحديث: أشرنا فيما مضى إلى موضعه من الموطأ والبخاري، ورواه أيضا الشافعي في الأم (١: ٢٣ و٢٧) ورواه أيضا أحمد وباقي أصحاب الكتب الستة.
 
٤٥٤ - (١) فَكان ظاهِرُ قولِ الله (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ (٢» -:
أقلَّ ما وَقع (٣) عليه اسم الغَسْل وذلك مَرَّةٌ واحْتَملَ أكثرَ (٤).
٤٥٥ - فسَنَّ رسولُ الله الوُضوءَ مَرَّةً فَوافَقَ ذلك ظاهرَ القُرَآن وذلك أقلُّ ما (٥) يَقع عليه اسمُ الغَسْل واحتمل أكثر (٦)، وسنَّهُ مَرَّتَيْن وثلاثًا (٧)
٤٥٦ - فلمَّا سنَّهُ مرة استدللنا على أنَّه لوْ كانتْ مرَّةٌ لا تُجْزِئ (٨) لم يتوضأْ مرةً ويُصَلي وأنَّ ما جاوَزَ مرةً اخْتِيَارٌ لا فرضٌ في الوضوء (٩) لا يجزئ (١٠) أقل منه
(١) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٢) زاد في ج «وأيديكم إلى المرافق» ولم تذكر هنا في الأصل.
(٣) في ب وج «يقع» مضارع، بدل الماضي «وقع» وهو مخالف للأصل.
(٤) في س وج زيادة «من مرة» وهي زيادة ليست من الأصل، وقد كتبت فيه بين السطرين بخط آخر.
(٥) ما بين القوسين جاء موضعه في الأصل في آخر السطر، ولم يمكني قراءته، وكتب في الهامش بجواره كلمة «وذلك» فاتبعت في إثباته هنا ما في النسخ المطبوعة، وأما المخطوطة المقروءة على ابن جماعه فإن فيها «وهو أقل ما يقع» الخ، والمعنى واحد.
(٦) في ج «واحتمل أكثر من مرتين». وأما في ب فإنه لم يذكر فيها الجملة أصلا، وكلاهما مخالف للأصل.
(٧) في ب «قال: وسن رسول الله ﷺ مرتين وثلاثا» وهو مخالف للأصل.
(٨) في ب وج: «لا تجزئ منه» وكلمة «منه» ليست في الأصل.
(٩) «أن» هي المؤكدة المفتوحة الهمزة، و«ما» موصولة: اسمها، و«اختيار» خبرها. وهكذا كتب في الأصل على الصواب، ويظهر أن مصححي س وب خفى عليهم المعنى، فكتبوا الجملة هكذا: «وانما جاوز مرة اختيارا لا فرضا في الوضوء» وهو خطأ ظاهر.
(١٠) في س «ولا يجزئ» وزيادة الواو خطأ، ومخالفة للأصل، وإن كان قد ألصقها بعض الكاتبين في الأصل بين الكلمتين بشكل ظاهر الاصطناع.
 
٤٥٧ - (١) وهذا مثلُ ما ذكرتُ مِن الفرائض قَبْله لو تُرِك (٢) الحديث فيه اسْتُغْنِيَ فيه بالكتاب وحين حُكِيَ الحديثُ فيه دلَّ على اتباعِ الحديث كتابَ الله
٤٥٨ - (٣) ولعلَّهم إنما حَكَوُا الحديثَ فيه لن أكثرَ ما تَوَضَّأَ رسولُ الله ثلاثًا فأرادوا أن الوضوءَ ثلاثًا اختيارٌ لا أنه واجبٌ لا يجزئُ أقلُّ منه ولما ذُكِرَ منه في (٤) أن «من توضأ وضوء هذا وكان ثلاثا ثم وصل لا يحدث نفسه فيما غُفِرَ لَهُ (٥)» فأرادوا طَلَبَ الفَضْل في الزيادة في الوضوء وكانتْ الزيادةُ فيه نافِلَةً
٤٥٩ - (١) وغَسَلَ رَسُولُ الله في الوضوء المِرْفَقَيْنِ والكَعْبَين وكانت الآية محتملةً أن يكونا مَغْسولين وأن يَكُونَ (٦) مغْسولًا إليهما ولا يكونان (٧) مغسولَيْن ولعلهم حَكَوا الحديثَ إبانَةً لهذا أيضًا
٤٦٠ - وأشْبَهُ الأمريْن بظاهر الآية أن يكونا مغسولين
(١) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٢) في ب «ولو ترك» بزيادة واو العطف، وهو خطأ في المعنى ومخالف للأصل.
(٣) هنا في ب زيادة «قال» وفي ج «قال الشافعي».
(٤) في ب «فيه» بدل «في» وهو غير جيد ومخالف للأصل، وكلمة «منه» لم تذكر في النسخ المطبوعة، وهي ثابتة في الأصل، والمراد: ولما ذكر من الحديث الخ.
(٥) في ب «غفر الله له»، وهو مخالف للأصل: والحديث الذي أشار اليه الشافعي معروف من حديث عثمان بن عفان، رواه الشافعي وأحمد والشيخان وغيرهم.
(٦) في ب وج «يكونا» والذي في الأصل «يكون» ثم كتب كاتب فيه حرفي «نا» بين الواو والنون، وضرب على النون الأخيرة، وهو تصرف من صانعه من غير دليل.
(٧) في ب «يكونا» وهو مخالف للأصل.
 
٤٦١ - (١) وهذا (٢) بيانُ السُّنَّة مع بَيانِ القُرَآن
٤٦٢ - وسَوَاءٌ البيانُ في هذا وفيما قَبْله ومُسْتَغْنىً (٣) بِفرْضه بالقُرَآن (٤) عند أهْل العلْم ومُخْتلِفان عند غيْرِهم
٤٦٣ - (١) وسن رسول الله في الغسل من الجَنابَةِ غُسْلَ (٥) الفَرْج والوُضوءَ كوُضوءِ الصلاةِ ثم الغُسْلَ فكذلك أحْبَبْنَا أنْ نَفْعلَ
٤٦٤ - (٦) ولم أعلم مُخَالفًا حفظت عنده مِن أهل العلم في أنَّه كيْف ما جاء بِغُسْلٍ (٧) وأتَى على الإسْباغ أجْزَأهُ وإنْ اختاروا غيْرَه لأن الفرضَ الغُسْلُ فيه ولم يُحَدَّدْ تحديدَ الوُضوءِ
٤٦٥ - (٦) وسنَّ رسولُ الله فيما (٨) يَجِبُ منه الوضوءُ وما الجنابةُ (٩) التي يَجِبُ منه الوضوءُ وما الجنابةُ التي يَجِبُ بها الغُسْلُ إذْ لم (١٠) يكنْ بعضُ ذلك منصوصًا في الكتاب
(١) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٢) في ب وج «فهذا» وهو مخالف للأصل.
(٣) في ب وج «ومستغنى فيه» وكلمة «فيه» ليست في الأصل.
(٤) في ب «في القرآن» وهو مخالف للأصل وخطأ، إذ أن الأعلى في المعنى أن يكون قوله «بالقرآن» متعلقا بقوله «مستغنى» لا بقوله «بفرضه». لأن المراد أنه استغنى في الدلالة عليه بالكتاب. وليس المراد هنا ان ينص على أنه مفروض بالكتاب، كما هو ظاهر من بساط القول.
(٥) ضبطنا كلمة «الغسل» الأولى بفتح الغين، وضبطنا هذه، والتي ستأتي بضمها -:
اتباعا لضبط الأصل، وكل جائز، كما هو معروف في كتب اللغة وغيرهما.
(٦) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٧) في ب وج «يغسل» فعل مضارع، وهو لا يناسب كلام الشافعي وبلاغته.
والكلمة واضحة في الأصل بالباء الموحدة في أولها، وضبطت بالجر في آخرها.
(٨) في ب «ما» بدل «فيما» وهو مخالف للأصل.
(٩) في س «وماء الجنابة» وهو خطأ. ومخالف للأصل، وفي ب «والجنابة» بحذف «ما» وهي ثابتة في الأصل.
(١٠) في ج «إذا» بدل «إذ» وهو خطأ ومخالف للأصل.
 
الفرْضُ (١) المنصوص الذي دلَّتْ السنةُ على أنه إنما أراد الخاصَّ (٢)
٤٦٦ - (٣) قال الله ﵎ (يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ (٤) فِي الْكَلَالَةِ إِنْ امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد (٥»
٤٦٧ - وقال: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ (٦) مِمَّا قل منه أو كثر نصيبا مفروضا (٧»
٤٦٨ - وقال (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ (٨) مِمَّا ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً
(١) في النسخ المطبوعة «باب ما جاء في الفرض» وكلمة «باب» كتبت في الأصل بخط آخر.
وحشرت، في فراغ قبل كلمة «الفرض». وقوله «ما جاء» كتب بهامش الأصل بخط آخر أيضا.
(٢) في النسخ المطبوعة «على أنه انما أريد به الخاص» وهو مخالف للأصل.
(٣) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٤) في الأصل إلى هنا، ثم قال «إلى: إن لم يكن لها ولد».
(٥) سورة النساء (٧٦). وقد ذكرت الآية في ج ولكن ناسخها أخطأ في أولها إذ جعله «يستفتونك في النساء قل الله يفتيكم في الكلالة» وهو خلط منه بين هذه الآية وبين الآية (١٢٧) من هذه السورة.
(٦) في الأصل إلى هنا، ثم قال: «إلى: نصيبا مفروضا».
(٧) سورة النساء (٧).
(٨) في الأصل إلى هنا، ثم قال «إلى قوله: يوصين بها أو دين».
 
مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين (١»
٤٦٩ - وقال: (ولهن الربع (٢» مع آيِ المَوارِيثِ كلِّها
٤٧٠ - (٣) فدلَّتْ السنة على أن الله إنما (٤) أراد أراد مِمَّنْ سمَّى له المواريثَ من الإخوة والأخواتِ والولد والأقارب والوالدَيْنِ والأزواج وجَمِيع مَنْ سمى له فريضة في كتابه خاصا مما سمى
٤٧١ - وذلك أن يجتمع دينُ الوارثِ والمَوْروث فلا يختلفان ويكونان مِن أهْل دار المسلمين (٥) ومن (٦) له عَقْدٌ من المسلمين يَأْمَنُ به على ماله ودَمِه (٧) أو يكونان من المُشْركين فيَتَوَارَثان بالشِّرْك (٨)
٤٧٢ - (٩) أخْبَرَنا سفيان (١٠) عن الزهري (١١) عن علي بن حسين
(١) سورة النساء (١١، ١٢).
(٢) هذا إشارة إلى باقي الآية (١٢) من سورة النساء.
(٣) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٤) كلمة «إنما» سقطت من س خطأ، وهي ثابتة في الأصل.
(٥) في ج «ويكونان من أهل الإسلام» وفي النسخة المقروءة على ابن جماعة «ويكونان من المسلمين» وكلاهما خطأ ومخالف للأصل.
(٦) كتب بعض الكاتبين في الأصل ألفا قبل الواو، لتقرأ «أو من» والمعنى على العطف بأو، ولكن الذي في الأصل العطف بالواو، وهو جائز صحيح. وفي ب وج «أو ممن» وهو مخالف للأصل.
(٧) في ب وج «دمه وماله» بالتقديم والتأخير، وهو مخالف للأصل.
(٨) هنا في ج زيادة نصها: «قال الشافعي: الشرك كله شيء واحد، يرث النصراني من اليهودي، واليهودي من المجوسي، إلا المرتد، فإنه لا يرث ولا يورث، وماله فيء».
وهذه الزيادة ليست في الأصل، ولم تذكر في ب ولا س. ولكنها ثابتة في النسخة المقروءة على ابن جماعة، ويظهر أنها نقلت منها.
(٩) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(١٠) في ب وج زيادة «بن عيينة»، وهي مكتوبة بحاشية الأصل بخط آخر.
(١١) في ج «عن الزهري عن ابن شهاب» وهو خلط، لأن الزهري هو ابن شهاب.
 
عن عمرو بن عثمان بن زيد أنَّ رسولَ الله قال «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم (١)» [*]
(١) عمرو: هو عمرو بن عثمان بن عفان، ترجم له ابن سعد في الطبقات (١١١: ٥ - ١١٢) وقال: «وكان ثقة، وله أحاديث» وفي رواية مالك في الموطأ «عمر بن عثمان» أي بضم العين (الموطأ من رواية يحيى ٥٩: ٢ ورواية محمد ص ٣٢٠) وعمر بن عثمان ترجم له ابن سعد أيضا (١١٢: ٥) وقال: «وله دار بالمدينة، وكان قليل الحديث».
ونقل السيوطي، في شرح الموطأ عن ابن عبد البر قال: «هكذا قال مالك: عمر بن عثمان، وسائر أصحاب ابن شهاب يقولون: عمرو بن عثمان، ورواه ابن بكبر عن مالك على الشك، فقال: عن عمر بن عثمان أو عمرو بن عثمان، وقال ابن القاسم فيه:
عن عمرو بن عثمان، والثابت عن مالك: عمر بن عثمان، كما رواه يحيى وأكثر الرواة.
وذكر ابن معين عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال له: قال لي مالك بن أنس: تراني لا أعرف عمر من عمرو؟ وهذه دار عمر وهذه دار عمرو؟! قال ابن عبد البر: ولا خلاف في أن عثمان له ولد يسمى عمر، وآخر يسمى عمرا، وإنما الاختلاف في هذا الحديث: هل هو لعمر أو لعمرو؟ فأصحاب ابن شهاب غير مالك يقولون فيه: عن عمرو بن عثمان، ومالك يقول فيه: عمر بن عثمان، وقد وافقه الشافعي ويحيى بن سعيد القطان على ذلك.
فقال: هو عمر، وأبي أن يرجع، وقال: قد كان لعثمان ابن يقال له عمر، وهذه داره.
قال بن عبد البر: ومالك لا يكاد يقاس به غيره حفظا وإتقانا، لكن الغلط لا يسلم منه أحد، وأهل الحديث يأبون أن يكون في هذا الإسناد إلا عمرو بالواو. وقال علي بن المديني عن سفيان بن عيينة أنه قيل له: إن مالكا يقول في حديث [لا يرث المسلم الكافر]: عمر بن عثمان؟ فقال سفيان: لقد سمعته من الزهري كذا وكذا مرة.
وتفقدته منه، فما قال إلا عمرو بن عثمان. قال ابن عبد البر: وممن تابع ابن عيينة على قوله [عمرو بن عثمان]، معمر وابن جريج وعقيل ويونس وشعيب بن أبي حمزة والأوزاعي، والجماعة أولى أن يسلم لها، وكلهم يقول في هذا الحديث: [ولا الكافر المسلم] فاختصره مالك، ولقد أحسن ابن وهب في هذا الحديث: رواه عن يونس ومالك جميعا وقال: قال مالك: عمر، وقال يونس: عمرو، وقال أحمد بن زهير: خالف مالك الناس في هذا فقال: عمر بن عثمان».
والحديث رواه الشافعي أيضا في الأم (ج ٤ ص ٢) عن سفيان بن عيينة كما هنا، ورواه عن مالك أيضا، وقال فيه «عمرو بن عثمان» وزاد في آخره «ولا الكافر المسلم» فلا أدري هل سمعه الشافعي بعد ذلك من مالك على الصواب مطولا، أو هذا من تصرف الناسخين والقارئين في الأم، كمثل الذي نرى هنا من تصرفهم في الرسالة؟!
والحديث رواه أيضا أحمد عن ابن عيينة (٢٠٠: ٥) وعن عبد الرزاق عن ابن جريج (٢٠٨) وعن محمد بن جعفر عن معمر (٢٠٩) كلهم عن الزهري بهذا، ورواه أيضا (٢٠٢: ٥) عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري وفيه قصة، ورواه أيضا (٢٠٨: ٥) عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك كرواية الموطأ. وقد رواه أيضا أصحاب الكتب الستة وغيرهم.

[*] الحديث رقم (٤٧٢) ستأتي إشارة إليه في (١٢٤٤) [كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
٤٧٣ - (١) وأن يكون الوارث والموروث حرين في الاسلام
٤٧٤ - (٢) أخبرنا بن عيينة (٣) عن بن شهاب عن سالم عن أبيه أنَّ رسولَ الله قال «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالُ (٤) فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلاَّ أنْ يَشْتَرِطَهُ المُبْتَاعُ (٥)»
٤٧٥ - قال (٦) فلما كان بَيِّنًا في سنة رسول الله أنَّ العبدَ لا يَمْلِكُ مالًا وأن مَا مَلَكَ العبدُ فإنما يَمْلِكُهُ لِسَيِّدِهِ (٧) وأن اسمَ المالِ له إنما هو إضافةُ إليه لأنه في يَدَيْهِ لَا أنَّهُ (٨) مالكُ لَه ولا يكون مَالِكًا له وهو لا يَمْلِك نفْسَهُ (٩) وهو مملوك يباع ويوهب ويورث
(١) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٢) هنا في ج زيادة «قال الشافعي»، وهذه الزيادة مكتوبة بحاشية الأصل بخط جديد.
(٣) في ج «سفيان بن عيينة» وكلمة «سفيان» ليست في الأصل.
(٤) في س وب «له مال» بدون الواو، وهي ثابتة في الأصل.
(٥) الحديث رواه الشافعي في الام (٣: ٤) بهذا الاسناد، ورواه أحمد (رقم ٤٥٥٢ ج ٣ ص ٩) عن سفيان بن عيينة كذلك، ورواه في مواضع أخر، ورواه أيضا أصحاب الكتب الستة.
(٦) في النسخ الثلاث المطبوعة «قال الشافعي» وهو مخالف للأصل، وكلمة «قال» مكتوبة فيه بين السطرين بخطه.
(٧) في س «فإنما يملكه العبد لسيده» وكلمة «العبد» ليست في الأصل ولا في سائر النسخ.
(٨) في س «لا لأنه» وزيادة اللام مخالفة للأصل، وإن كانت ملصقة فيه بالألف بخط آخر ظاهر الاصطناع.
(٩) هنا في ب زيادة «وكيف يملك نفسه» وهي ليست في الأصل ولا في سائر النسخ
 
وكان (١) الله إنما نَقَلَ مِلْكَ الموْتَى (٢) إلى الأحياءِ فملكوا منها ما كان الموْتى مالكِينَ وإنْ كان العبدُ أبًا أو غيرَه مِمَنْ سُمِّيَتْ له فَريضةٌ فكان (٣) لوْ أُعْطِيَهَا مَلَكَها سيِّدُهُ عليه لم يكن السيدُ بِأَبِي الميِّتِ ولا وارثًا سُميتْ له فريضةٌ فَكُنَّا لو أعْطَيْنَا العبدَ بأنه أب إنما أعْطَيْنَا السيدَ الذي لا فريضةَ له فَوَرَّثْنَا غيرَ مَن وَرَّثَهُ اللهُ فلم نُوَرِّثْ عبدًا لِمَا وصفتُ ولا أحدًا لم تجتمعْ فيه الحُرِّيَّةُ والإسلامُ والبراءةُ من القتل حتى لا يكونَ قاتلًا
٤٧٦ - (٤) وذلك أنه رَوَى (٥) مالك عن يحيى بن سعيد بن عمرو بن شُعَيْبٍ أنَّ رسول الله قال «ليس لقاتل شئ (٦)»
(١) في ج «فكان» وهو مخالف للأصل.
(٢) في ج «نقل ميراث ملك الموتى» وزيادة «ميراث» مخالفة للأصل.
(٣) في ب «وكان» وهو مخالف للأصل.
(٤) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٥) في ب «أخبرنا» بدل «روى» وهو مخالف للأصل.
(٦) الحديث في الموطأ مطولا فيه قصة (٧٠: ٣) وهو من رواية عمرو بن شعيب عن عمر بن الخطاب، وهو منقطع، لأن عمرا لم يدرك عمر. وروي أحمد في المسند (رقم ٣٤٧ ج ١ ص ٤٩) قطعة منه عن هشيم، ويزيد عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب قال قال عمر: «لولا أني سمعت رسول الله ﷺ يقول: ليس لقاتل شيء:
لورثتك، قال: ودعا خال المقتول فأعطاه الإبل». وهذه الرواية منقطعة أيضا، وفيها خطأ في سياق الحديث. وروى أيضا قوله «لا يرث القاتل» وجعله موقوفا من كلام عمر (رقم ٣٤٦) فرواه عن أبي المنذر أسد بن عمرو قال «أراه عن حجاج» يعني ابن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عمر. وهو إسناد ضعيف، لضعف أسد بن عمرو، ولتردده في أنه عن الحجاج. وروى أيضا (رقم ٣٤٨) عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن إسحق «حدثني عبد الله بن أبي نجيح وعمرو بن شعيب كلاهما عن مجاهد بن جبر» فذكر الحديث عن عمر، وقال فيه:
«سمعت رسول الله ﷺ يقول: ليس لقاتل شيء». وهذا أيضا منقطع، لأن مجاهدا لم يدرك عمر.
وروى أبو داود في سننه (٣١٣: ٤ - ٣١٤) من طريق محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده حديثا طويلا في الديات، وفي آخره: «وقال رسول الله ﷺ: ليس للقاتل شيء، وان لم يكن له وارث فوارثه أقرب الناس إليه. ولا يرث القاتل شيئا». وهذا إسناد صحيح. وقد روى أحمد قطعا من هذا الحديث من طريق محمد بن راشد بهذا الاسناد في مواضع من مسنده، ولكن لم يرو فيه هذه القطعة التي ذكرنا. وانظر أيضا سنن الترمذي (١٤: ٢) وسنن ابن ماجة (٧٤: ٢ و٨٦) ونيل الأوطار (١٩٤: ٦ - ١٩٦) والسنن الكبري للبيهقي (٢١٩: ٦ - ٢٢١).
 
٤٧٧ - (١) فلم نُوَرِّثْ قاتِلًا ممن قتل وكان أخفُّ حالِ القاتل عَمْدًا أنْ يُمْنَعَ الميراثَ عُقُوبةً مع تَعَرُّضِ سَخَط اللهِ أنْ يُمْنَعَ ميراثُ من عصى الله بالقتل
٤٧٨ - (٢) وما وصفتُ مِنْ ألا (٣) يَرِثَ المُسلمَ إلا المسلم حرٌّ (٤) غيرُ قاتلٌ عَمْدًا (٥) مَا لَا اختلافَ فيه بَيْنَ أحدٍ مِن أهل العلم حفظتُ عنه بِبَلدنا ولا غَيْرِهِ (٦)
٤٧٩ - (٢) وفي اجتماعهم (٧) على ما وصفنا من هذا حجة تلزمهم (٨)
(١) هنا في ج زيادة «قال الشافعي» وفي ب «قال الشافعي: لما بلغنا أن رسول الله ﷺ قال: ليس لقاتل شيء -: لم نورث» الخ. وكل ذلك مخالف للأصل.
(٢) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٣) هكذا رسمت في الأصل «ألا» فحافظنا على رسمه. وفي ب «أنه لا» وهو مخالف للأصل.
(٤) في ج «المسلم الحر» وهو مخالف للأصل وغير جيد في سياق الكلام.
(٥) في ب «مما» بدل «ما» وهو مخالف للأصل.
(٦) في ب «ولا في غيره» وزيادة «في» خلاف للأصل.
(٧) في ج إجماعهم، وهو مخالف للأصل.
(٨) جائز أن يكون مضارع الثلاثي أو الرباعي. وفي ج «يلزمهم» بالتحتية، وهو خطأ ومخالف للأصل.
 
ألا يتفرقوا في شئ مِنْ سُنَنِ رسولِ الله بأنَّ (١) سننَ رسول الله إذا قامتْ هذا المَقام فيما لِلَّهِ فيه فرضٌ منصوص فدلتْ على أنه على بعضِ من لَزِمَهُ اسمُ ذلك الفرْضِ دون بعض كانت فيما كان مِثْلَه مِن القُرَآن هكذا وكانت فيما سَنَّ النبيُّ (٢) فيما ليسَ فيه لله (٣) حُكْمٌ منصوص هكذا
٤٨٠ - وأوْلَى (٤) أنْ لا يَشُكَّ عالمٌ في لزومها وأنْ يعْلم أنَّ أحكامَ اللهِ ثمَّ أحكامَ رسولِه لا تختلف وأنها تجري على مثال واحد
٤٨١ - (٥) قال الله ﵎ (لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ (٦) بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ منكم (٧»
٤٨٢ - وقال (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الربا (٦) وأحل الله البيع وحرم الربا (٨»
٤٨٣ - (٩) ونَهَى (١٠) رسولُ الله عَن بُيُوعٍ تَرَاضَى بِها المتبايعان
(١) في س «فان» وفي ب وج «لأن» وكلها مخالف للأصل، والباء للتعليل.
(٢) في ب «رسول الله ﷺ».
(٣) في ب وج «لله فيه» بالتقديم والتأخير، وهو مخالف للأصل.
(٤) في ج «فأولى» وهو مخالف للأصل.
(٥) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٦) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٧) سورة النساء (٢٩).
(٨) سورة البقرة (٢٧٥).
(٩) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(١٠) في ج «ثم نهى» وهو مخالف للأصل.
 
فحُرِّمتْ مثلُِ الذَّهَبِ (١) بِالذهبِ إلا مِثْلًا بِمِثلٍ ومثلُِ الذهب بالوَرِق وأحدُهُما (٢) نَقْدٌ (٣) والآخر نَسِيَّةٌ (٤) وما كان في معنى هذا (٥) مما ليس بالتبايع به (٦) مُخَاطَرَة ولا أمرٌ يَجْهَلُه البائِع ولا المُشْتَرِي.
٤٨٤ - فدلتْ السنةُ على أنَّ الله جل ثناؤه أرادَ بإحْلالِ البَيْعِ ما لم يُحَرِّمْ مِنْهُ دون ما حَرَّمَ على لسان نَبِيِّه
٤٨٥ - ثم كانت لرسول الله فِي بيوعٍ سِوَى هذا سننا (٧) منها
(١) في ب «مثل بيع الذهب» وكلمة «بيع» زيادة ليست في الأصل.
(٢) في ب وج «أحدهما» بحذف الواو، وهي ثابتة في الأصل.
(٣) في س «نقدا» بالنصب، وهو خطأ، ويظهر أنه خطأ مطبعي.
(٤) هكذا ضبطت، في الأصل بتشديد الياء وبدون همزة، وهي «النسيئة» بالهمزة.
وتسهيلها جائز معروف، كما في «خطيئة وخطية». وقد قرأ ورش وأبو جعفر:
(إنما النسي) [سورة التوبة ٣٧] بتشديد الياء من غير همز، وانظر التيسير لأبي عمرو الداني (ص ١١٨ طبعة الألمان بالآستانة) والنشر لابن الجزري (١: ٣٩٨).
(٥) في ب «في هذا المعنى» وهو مخالف للأصل.
(٦) في ب «فيه» بدل «به» وهو مخالف للأصل.
(٧) هكذا كتبت «سننا» في الأصل بالألف منصوبة. وقد مضي في الفقرة (٣٠٧) أن قال الشافعي «فكان مما ألقى في روعه سنته» وضبط الربيع في الأصل كلمة «سنته» بالنصب، ووجهنا ذلك هناك باحتمال أن تكون «من» في «مما» زائدة، ومضى أيضا في الفقرة (رقم ٣٤٥) حديث عبادة بن الصامت وفيه «كان له عند الله عهدا» وقد جاء في الأصل مكتوبا بالنصب «عهدا» فوضع بجوار الدال ألف عليها فتحتان، وقد ظننت أولا أنهما علامة على إلغاء الألف، ثم تبين لي أنهما فتحتان، وضعتا تأكيدا لنصب الكلمة، ولم أستطع التعليق على ذلك هناك، وإنما أشرت إلى ما هنا فقط، إذ لم أدرك ذلك إلا عند التصحيح المطبعي، وكذلك مضى في الفقرة (رقم ٤٤٠) قوله «وقد كانت لرسول الله في هذا سننا» بالنصب، والتوجيه الذي وهنا به قوله «فكان مما ألقى في روعه سنته»: لا يصلح في هذه المواضع. ومن البعيد جدا أن يكون هذا كله خطأ في جميع هذه المواضع على اختلاف سياق الكلام فيها، والأصل دقيق جدا في تصحيحه، إلا ما يخلو منه كتاب، والشافعي لغته يحتج بها. والذي يبدو لي أن تكون هناك لغة غربية لم تنقل في كتب العربية، من اللغات الشاذة: إما تنصب معمولي «كان» كما نقلت لنا لغة في نصب معمولي «أن» وإما تعتبر الظرف اسما لها، لا خبرا مقدما على الاسم، ويكون كلام الشافعي في هذه المواضع - في الرسالة - شاهدا لذلك، كما استشهدوا على أغرب منه بحروف من الشعر أو النثر، ليس نقلها بأوثق من هذا النقل. والله أعلم.
والظاهر عندي هو الوجه الأول: أنه بنصب معمولي «كان»، لأنه لو كان قوله «سننا» خبرا، على الوجه الثاني: لم تلحق علامة التأنيث بالفعل.
 
العبدُ يُباعُ وقد دلَّسَ البائعُ المُشْتَرِيَ (١) بِعَيْبٍ فَلِلْمُشترِي ردُّه وله الخَراجُ بِضَمَانِهِ ومنها أنَّ من باع عبدا وله (٢) مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاعُ ومنها (٣) من باع نَخْلًا قدْ أُبِّرَتْ (٤) فَثَمَرُها (٥) للبائعِ إلا أن يشترط (٦) المبتاع لَزِمَ (٧) الناسَ الأخذُ بِها بما ألزمهم الله من الانتهاء إلى أمره
(١) في النسخ المطبوعة «للمشتري» وفي الأصل كما هنا «المشتري» ثم جاء بعض الكاتبين فوصل الألف باللام بشكل ظاهر الاصطناع، لتقرأ «للمشتري» وهو تصرف خاطئ، فان «المشتري» مفعول «دلس» والفعل متعد، فلو كان الأصل «للمشتري» لقال بعد ذلك «عيبا» ليكون مفعول الفعل.
(٢) في ب «له» بدون الواو، وهو مخالف للأصل.
(٣) في النسخ المطبوعة زيادة «أن» وهي مكتوبة في الأصل بين السطرين بخط آخر.
(٤) تأبير النخل تلقيحه، يقال: نخلة مؤبرة، مثل مأبورة. فالفعل يستعمل ثلاثيا وبالتضعيف بمعنى واحد.
(٥) في ب «فثمرتها» وهو مخالف للأصل وإن كان موافقا لبعض الروايات في لفظ الحديث، انظر فتح الباري (٣٣٥: ٤ - ٣٣٦ و٢٧: ٥ و٢٢٩) وما في الأصل موافق للفظ الموطأ (١٢٤: ٢).
(٦) في س وج «يشترطه» وفي ب «يشترطها» وكلها مخالف للأصل.
(٧) في ب «فلزم» وهو مخالف للأصل، وخطأ، لأن الجملة صفة لقوله «سننا» في أول هذه الفقرة.
 
(١) جُمَلُ الفَرَائِضِ
٤٨٦ - (٢) قال الله ﵎ (إِنَّ الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا (٣»
٤٨٧ - وقال (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة (٤»
٤٨٨ - وقال لِنَبِيِّهِ (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وتزكيهم بها (٥»
٤٨٩ - وقال (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ (٦) مَنْ استطاع إليه سبيلا (٧»
٤٩٠ - قال الشافعي (٨) أحكمَ (٩) اللهُ فرضَه (١٠) في كتابِهِ
(١) في ج زيادة كلمة «باب» وليست في الأصل. وفي كل النسخ المطبوعة بعد قوله «جمل الفرائض» زيادة «التي أحكم الله سبحانه فرضها بكتابه، وبين كيف فرضها على لسان نبيه ﷺ». وهذه الزيادة مكتوبة بحاشية الأصل بخط آخر قديم، ولعلها من بعض العلماء الذين قرؤا الرسالة، ورأوا أن العنوان للباب غير كاف، فأوضحوه بما فهموا من مراد الشافعي في الباب.
(٢) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٣) سورة النساء (١٠٣).
(٤) سورة البقرة (٤٣ و٨٣ و١١٠) وفي مواضع كثيرة من القرآن.
(٥) سورة التوبة (١٠٣).
(٦) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٧) سورة آل عمران (٩٧).
(٨) قوله «قال الشافعي» لم يذكر، في ب مع أنه ثابت في الأصل، ومع أنه يزاد فيها كثيرا في مواضع لم يكن ثابتا فيها.
(٩) في النسخ المطبوعة «فأحكم» والذي في الأصل «أحكم» ثم زاد بعض قارئيه «فأ» في فراغ بين ياء «الشافعي» والألف، فصارت «فااحكم» فلم يحسن كاتبها ما صنع.
(١٠) في ب هنا زيادة «وبين كيف فرضه» وهي زيادة ليست في الأصل، ولا معنى لها، إذ هي تكرار لما يأتي.
 
في الصَّلاةِ والزكاةِ والحجِّ وَبَيَّنَ كيْف فَرَضَهُ على لسان نَبِيِّهِ
٤٩١ - فأخْبَرَ رسولُ اللهِ أنَّ عَدَدَ الصلواتِ المفروضاتِ خَمْسٌ وأخبر أن عدد الظهر والعصر والعشاء في الَحَضَرِ أرْبَعٌ أرْبَعٌ وعددَ المغرب ثلاثٌ وعددَ الصبْح ركعتان
٤٩٢ - وسَنَّ فيها كلِّها قِراءةً وسنَّ أنَّ الَجْهَر مِنها (١) بالقِراءة في المغرب والعشاء والصبح وأنَّ المخافتةَ بالقِراءة في الظهر والعصر
٤٩٣ - وسَنَّ أنَّ الفرْضَ في الدخول في كلِّ صلاة بِتَكْبِير والخُروجَ (٢) مِنها بتَسْليمٍ وأنه يُؤْتَى فيها بتكبير ثم قِراءةٍ ثم رُكُوعٍ ثم سَجْدَتَيْن بعد الرُّكوع وما سِوَى هذا مِنْ حُدُودِها
٤٩٤ - وسَنَّ في صلاة السفر كلَّما كان (٣) أرْبَعًا من الصلواتِ إنْ شاءَ المُسافِرُ وإثباتَ المَغْرب والصبح على حالها في الحضر (٤)
٤٩٥ - وأنها كلها في القبلة مسافر كان أوْ مُقِيمًا إلا في حالٍ مِن الخوف واحدة
(١) في النسخ المطبوعة «فيها» وهي في الأصل «منها» ثم غيرها بعض القارئين تغييرا ظاهرا، فأرجعنا الكلمة إلى ما كانت عليه في الأصل.
(٢) في ب «وأن الخروج» وكلمة «أن» ليست في الأصل.
(٣) في النسخ المطبوعة «قصر كل ما كان» بإضافة «قصر» إلى «كل» وما هنا هو الذي في الأصل، والألف في «قصرا» ثابتة فيه، ثم حاول بعض قارئيه محوها، ولكن بقي أثرها واضحا. وهي ثابتة أيضا في النسخة المقروءة على ابن جماعة.
(٤) في ج «في الحضر والسفر» وفي ب «في الحضر وفي السفر» والزيادة فيهما ليست في الأصل، وهي خطأ، إذ المراد الإخبار عن حال السفر أن المغرب والصبح ثبتتا فيه على حالهما في الحضر، كما هو واضح من سياق الكلام.
 
٤٩٦ - وسن أنَّ النَّوَافِلَ في مِثْل حالها لا تَحِلُّ إلاَّ بِطُهُورٍ ولا تجوز إلا بقِراءة وما تجوز به المكتوباتُ من السجود والركوع واستقبال القبلة في الحض وفي الأرْض وفي السفر وأنَّ للرَّاكِب أنْ يصلِيَ في النَّافِلة (١) حيث (٢) توجَّهَتْ بِه دابَّتُهُ
٤٩٧ - (٣) أخبرنا بن أبي فديك عن بن أبي ذِئْبٍ عن عثمان بن عبد الله بن سراقة عن جابر بن عبد الله (٤) «أنَّ رسولَ اللهِ فِي غَزْوَةِ بَنِي أنْمَارٍ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ مُتَوَجِّهًا قِبَلَ المَشْرِقِ (٥)»
٤٩٨ - (٣) أخبرنا مسلم (٦) عن بن جُرَيْجٍ عن أبي الزبير عن جابر عن النَّبِيِّ مِثْلَ مَعْناه لا أدْرِي أسَمَّى (٧) بَنِي أنمار أولا (٨) أو قال «صلى في السفر (٩)»
(١) في س وج «أن يصلي في السفر النافلة» وفي ب «أن يصلي النافلة» وكل ذلك مخالف للأصل.
(٢) في ج «حيثما» وهو مخالف للأصل.
(٣) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٤) لم يذكر في ب قوله «بن عبد الله».
(٥) مضى الكلام على الحديث في رقم (٣٧٠).
(٦) في النسخ المطبوعة زيادة «بن خالد» وهي مكتوبة بحاشية الأصل بخط آخر. ومسلم هو ابن خالد بن فروة أبو خالد الزنجي المكي الفقيه، وهو الذي تعلم منه الشافعي الفقه قبل أن يلقى مالكا.
(٧) في ج «أسماه» وهو خطأ.
(٨) قوله «أولا» لم يذكر في ب وج وهو ثابت في الأصل.
(٩) في ج «في سفره» وهو مخالف للأصل، وقال الشافعي في الأم (٨٤: ١): «أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول: رأيت رسول الله ﷺ وهو يصلي وهو على راحلته -: النوافل في كل جهة».
 
٤٩٩ - (١) وسنَّ رسولُ الله في صَلاة الأعْيَاد والاسْتِسْقَاءِ سنة الصلوات في عدد الركوع والسجود وسنَّ في صلاة الكسوف فزاد فيها ركعةً على ركوع (٢) الصلوات فجَعَلَ في كل ركعة ركعتَيْنِ
٥٠٠ - قال (٣) أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد بن عَمْرَةَ (٤) عن عائشة عن النّبِيِّ (٥)
٥٠١ - وأخبرنا (٦) مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة عن النبي
٥٠٢ - قال (٧) مالكٌ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس عن النبي مِثْلَه
٥٠٣ - قال (٧) فَحُكِيَ عن عائشة وابن عباسٍ في هذه الأحاديث صلاةُ النبي بِلَفْظٍ مختلفٍ واجتمع (٨) في حديثهما معًا على أنه صَلَّى صلاةَ الكُسُوفِ ركعتين في كل ركعة ركعتين (٩)
(١) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٢) في ج «على عدد ركوع» وكلمة «عدد» ليست في الأصل.
(٣) كلمة «قال» ليست. في س وب وهي ثابتة بحاشية الأصل بخط صغير، ولكنه نفس خط الأصل.
(٤) في النسخ المطبوعة زيادة «بنت عبد الرحمن» وهي ثابتة بحاشية الأصل بخط جديد.
(٥) في ج «عن عائشة زوج النبي ﷺ» وفي ب «عن عائشة ﵂ عن النبي ﷺ مثله» وكلاهما مخالف للأصل.
(٦) في النسخ المطبوعة «وأخبرناه» وهذا الضمير المزاد ليس في الأصل.
(٧) كلمة «قال» في الموضعين لم تذكر في النسخ المطبوعة، وهي ثابتة بحاشية الأصل، كالتي مضت في رقم (٥٠٠).
(٨) في س وب «واجتمعا» وهي في الأصل بالعين المفردة، ثم أصلحها أحد القارئين فألحق بالعين ألفا وضرب على أسفلها بخطين صغيرين.
(٩) لم يسق الشافعي ألفاظ الأحاديث الثلاثة، ولا داعي للإطالة بذكرها، وهي في الموطأ بهذه الأسانيد (١٩٤: ١ - ١٩٦) وكذلك رواها الشافعي في الأم عن مالك (١:
٢١٤ - ٢١٥) ولكنه ذكر حديث ابن عباس بطوله، واختصر حديث عمرة عن عائشة، ولم يذكر لفظ حديث عروة منها، ولكنه قال «مثله». وهذه الأحاديث صحاح، رواها الشيخان وغيرهما.
 
٥٠٤ - (١) رضي الله تعالى عنها وقال الله (٢) في الصلاة (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ على المؤمنين كتابا موقوتا (٣»
٥٠٥ - فَبَيَّنَ رسولُ الله عَن الله تِلك المَوَاقيتَ وصلى الصلوات لوقتها فحُوصرَ يومَ الأحْزابِ فلم يَقْدر على الصلاة في وقتها فأخَّرَها للعُذْر حتى صَلَّى الظهرَ والعصرَ والمغرِبَ والعشاءَ في مَقَامٍ واحِدٍ
٥٠٦ - [*] (١) أخبرنا محمد بن إسماعيلَ بن أبي فديك عن بن أبي ذِئْبٍ عن المَقْبُرِيِّ عن عبد الرحمن بن أبي سعيد (٤) عن أبيه قال " حُبِسْنَا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل (٥) حتى كفينا وذلك قَوْلُ اللهِ (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ الله قويا عزيزا (٦» فدعا (٧) رسول الله بلالا فأمره فأقام الظهر فصلاها
(١) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٢) لفظ الجلالة لم يذكر في ب.
(٣) سورة النساء (١٠٣).
(٤) في النسخ المطبوعة زيادة «الخدري» وهي مكتوبة بحاشية الأصل بخط غير خطه.
(٥) «الهوي» بفتح الهاء وكسر الواو وتشديد الياء، وأصله السقوط، والمراد الحين الطويل من الزمان، وقيل هو مختص بالليل، ويجوز ضم الهاء أيضا، كما نقله في اللسان عن ابن سيده، وكما نص عليه صاحب القاموس.
(٦) سورة الأحزاب (٢٥).
(٧) في النسخ المطبوعة «قال فدعا» وكلمة «قال» مكتوبة بين السطور بخط جديد.

[*] [الحديث رقم (٥٠٦) سيأتي أيضًا في (٦٧٤). كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها ثُمَّ أَقَامَ العَصْرَ فَصَلَّاهَا هَكَذَا (١) ثُمَّ أَقَامَ المغرب فصلاها كذلك ثم أقام العشاء فصلاها كَذَلِكَ أَيْضًا قَالَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنْزَلَ (٢) في صلاة الخوف (فرجالا أو ركبانا (٣» "

٥٠٧ - قال (٤) فَبَيَّنَ أبو سعيد أنَّ ذلك قَبْل أنْ يُنَزِّلَ اللهُ على النبي الآيةُ التي ذُكرتْ (٥) فيها صلاةُ الخوْف (٦)
٥٠٨ - (٧) والآيةُ التي ذُكِرَ فيها صَلَاةُ الخوف قوْلُ اللهِ (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاةِ (٨) إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كفروا إن الكافرين كانوا
(١) في ب وج «كذلك» بدل «هكذا» وهو مخالف للأصل.
(٢) «ينزل» ضبط، في الأصل بضم حرف المضارعة، فيكون مبنيا للمفعول، ونائب الفاعل قوله «فرجالا أو ركبانا» على الحكاية. وفي س وج «ينزل الله» وفي ب «قبل أن ينزل الله ﷿ على نبيه ﷺ». وهذه الزيادات ليست في الأصل.
(٣) سورة البقرة (٢٣٩) وفي النسخ المطبوعة «فإن خفتم فرجالا أو ركبانا» وهو تكميل من الناسخين، لأن قوله «فإن خفتم» لم يذكر في الأصل.
والحديث رواه الشافعي أيضا في الأم بهذا الاسناد (١: ٧٥) وقا ل ابن سيد الناس:
«هذا إسناد صحيح جليل»، وهو كما قال. ورواه أيضا الطيالسي وأحمد والنسائي والبيهقي وغيرهم، وانظر شرحنا على الترمذي في الباب رقم (١٣٢).
(٤) في ب وج «قال الشافعي» وهو مخالف للأصل. وكلمة «قال» مكتوبة في الأصل بين السطور بخط صغير ولكنه خط الأصل تماما.
(٥) في س «ذكر» بدون التاء، وهي ثابتة في الأصل، ولكن ضرب عليها بعض القارئين، وهو تصريف غير لائق، ولعله ظن أن الفعل مبني للفاعل، فحذفها لذلك، وهو خطأ.
(٦) في ج زيادة عقب هذا «فرجالا أو ركبانا» وليست في الأصل.
(٧) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٨) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
 
لكم عدوا مبينا (١» وقال (٢): (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ (٣) فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لم يصلوا فليصلوا معك (٤»
٥٠٩ - [*] أخبرنا (٥) مالك (٦) عن يزيد بن رُومَانَ عن صالح بن خوات عن من صلى مع رسول الله صلاة الخوف يوم ذات الرقاع (٧) «أنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ وُجَاهَ العَدُوِّ (٨) فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاء الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا (٩) لأنفسهم ثم سلم بهم (١٠)»
(١) سورة النساء (١٠١).
(٢) هكذا ذكر الشافعي الآية مفصولة عن التي قبلها بقوله «وقال» وهي التالية لها في التلاوة.
(٣) في الأصل إلى هنا، ثم قال «إلى فليصلوا معك».
(٤) سورة النساء (١٠٢).
(٥) في ج «قال الشافعي: فأخبرنا» وهو مخالف للأصل.
(٦) في ج زيادة «بن أنس» وليست في الأصل.
(٧) «الرقاع» بكسر الراء، جمع «رقعة» بضم الراء. وسميت بذلك، لأن بعض الصحابة الذين غزوا فيها نقبت أقدامهم: أي رقت، وسقطت أظفارهم، فكانوا يلفون على أرجلهم الخرق. انظر فتح الباري (٧: ٣٢٥).
(٨) «وجاه» بكسر الواو وبضمها، يعني مقابل.
(٩) في ج «فأتموا» وهو مخالف لما في الأصل والموطأ والأم والبخاري.
(١٠) الحديث في الموطأ (١: ١٩٢) ورواه الشافعي أيضا في الأم (١: ١٨٦) عن مالك، ورواه البخاري (٧: ٣٢٥ - ٣٢٦) عن قتيبة عن مالك، ورواه أيضا أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

[*] [الحديث رقم (٥٠٩) سيأتي أيضًا في (٦٧٧). كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
٥١٠ - أخبرني (١) مَنْ سَمِعَ عبدَ الله بن عمر بن حَفْصٍ يَذْكُرُ عن أخيه عُبَيْدِ الله بن عمر (٢) عن القاسم بن محمد عن صالح بن خَوَّاتٍ عن أبيه خوَّات بن جُبَيْرٍ عن النبي مِثْلَ حديثِ يزيد بن رومان (٣) [*]
٥١١ - (٤) وفي هذا دلالة على ما وصفتُ قبْلَ هذا في (هذا الكتاب) مِنْ أن رسول الله إذا سَنَّ سنةً فأحدَثَ اللهُ إليه (٥)
(١) في ج زيادة «قال الشافعي». وفي النسخ الثلاث المطبوعة «وأخبرني» بزيادة واو العطف، وكل ذلك مخالف للأصل.
(٢) قوله «بن عمر» لم يذكر في ب، وهو ثابت في الأصل.
(٣) هذا الإسناد رواه الشافعي أيضا في الأم (١: ١٨٦ - ١٨٧) ولكن سقط هناك من الناسخ أو الطابع قوله «عن أبيه خوات بن جبير» وهو خطأ ظاهر.
قال الحافظ في الفتح (٧: ٣٢٦) في شرح قوله في الحديث السابق «عمن شهد مع رسول الله»: «قيل: إن اسم هذا المبهم سهل بن أبي حثمة، لأن القاسم بن محمد روى حديث صلاة الخوف عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة، وهذا هو الظاهر من رواية البخاري. ولكن الراجح أنه أبوه خوات بن جبير، لأن أبا أويس روى هذا الحديث عن يزيد بن رومان - شيخ مالك فيه - فقال: عن صالح بن خوات عن أبيه، أخرجه ابن منده في معرفة الصحابة من طريقه، وكذلك أخرجه البيهقي من طريق عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن أبيه، وجزم النووي في تهذيبه بأنه خوات بن خبير، وقال: إنه محقق من رواية مسلم وغيره» وما نسبه الحافظ للنووي في تهذيبه لم أجده في (تهذيب الأسماء واللغات) ولم أجد له ما يؤيده في صحيح مسلم، فلعل الحافظ أراد شيئا آخر فأخطأه. والرواية التي يشير إليها عند البيهقي هي في السنن الكبري (٢٥٣: ٣) من طريق عبد العزيز الأويسي وهو عبد العزيز بن عبيد الله بن يحيى بن عمرو بن أويس القرشي المدني، عن عبد الله بن عمر عن أخيه. ولعل الأويسي هذا هو الذي أبهمه الشافعي هنا وفي الأم بقوله «من سمع عبد الله بن عمر»، لأن عبد العزيز هذا من أقران الشافعي، الذين شاركوه في كثير من شيوخه، كمالك والدراوردي.
وبعد أن عرف هذا الراوي المبهم، أو عرف راو آخر بدلا منه -: ظهر أن هذا الاسناد صحيح، لأن عبد الله بن عمر العمري ثقة، ومن تكلم فيه فلا حجة له، وقد تأيدت روايته بما نقله ابن حجر من رواية أبي أويس عن يزيد رومان.
(٤) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٥) كلمة «إليه» لم تذكر في ب وهي ثابتة في الأصل.

[*] [الحديث رقم (٥١٠) سيأتي أيضًا في (٦٧٨)، وستأتي الإشارة إليه وإلى (٥٠٩) في (٧١١). كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
في تلك السنَّةِ نَسْخَهَا (١) أو مَخْرَجًا (٢) إلى سَعَةٍ منها سنَّ رسولُ الله سنةً تقومُ الحجةُ على الناس بها حتى يكونوا إنَّمَا صاروا من سُنَّتِهِ إلى سُنَّتِهِ التي بَعْدَهَا
٥١٢ - (٣) فنَسَخَ اللهُ تأخير الصلاة عَنْ وَقْتِها في الخوف إلى أنْ يُصَلُّوها كما أنزل الله وسنَّ رسولُه (٤) في وَقْتها (٥) ونسخ رسول اللهُ سنتَه في تأخيرها بِفَرْض الله في كتابه ثم بِسُنته صَلاها رسول الله في وقتها كما وصفتُ
٥١٣ - أخبرنا مالك (٦) عن نافع عن بن عمر أراه عن النبي (٧)
(١) في ج «نسخا» وهو مخالف للأصل.
(٢) عبث بعض العابثين بالأصل، فوضع بجوار الميم نقطتين ثم وضع بين الجيم والألف هاء لتقرأ «يخرجها» وهو عبث غريب، والكلمة واضحة المعنى. وهي ثابتة على صحتها في النسخة المقروءة على ابن جماعة، بل لعل هذا العبث كان قريبا بعد نسخ النسخة التي طبعت عنها س وهي منسوخة في سنة ١٣٠٨.
(٣) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٤) في س «رسول الله».
(٥) «في وقتها» متعلق بقوله «أن يصلوها» وليس متعلقا بقوله «وسن»، يعني:
أن الله نسخ تأخير الصلاة في الخوف، وجعل بدلا منه أن يصلوها في وقتها، كما أنزل الله وسن رسوله، بما جاء من ذلك في صلاة الخوف.
(٦) في ج «قال الشافعي: وأخبرنا مالك بن أنس». وما هنا هو الموافق للأصل.
(٧) الذي يقول «أراه عن النبي» ولم يجزم برفعه: هو نافع، فيما يظهر من رواية الموطأ، فإن فيه (١٩٣: ١): «قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر حدثه الا عن رسول الله ﷺ»، هكذا في رواية يحيى، ونحوه في البخاري (١٥٠: ٨) عن عبد الله بن يوسف، كلاهما عن مالك، ولكن الظاهر أن الشك من مالك، لأن الشافعي رواه في الأم (١٩٧: ١) وقال: «قال مالك: لا أراه يذكر ذلك إلا عن النبي ﷺ»، ويؤيده ما نقله السيوطي في شرح الموطأ عن ابن عبد البر قال: «هكذا روى مالك هذا الحديث عن نافع على الشك في رفعه، ورواه عن نافع جماعة ولم يشكوا في رفعه، منهم ابن أبي ذئب وموسى بن عقبة وأيوب بن موسى، وكذا رواه الزهري عن سالم عن ابن عمر مرفوعا، ورواه خالد بن معدان عن ابن عمر مرفوعا».
 
فَذَكَرَ صلاةَ الخوف فقال " إنْ كَانَ خَوْفٌ (١) أشد من ذلك صلوا رجالا وركبانا (٢) مستقبلي القِبْلِةِ أوْ غَيْرَ (٣) مُسْتَقْبِلِيهَا (٤). [*]
٥١٤ - [*] أخبرنا (٥) رجلٌ عن بن أبي ذِئْب عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي مِثْلَ مَعْناه ولم يَشُكَّ أه عن أبيه وأنه مرفوع إلى النبي (٦)
(١) في ب «فإن كان» والفاء ليست في الأصل، وقوله «خوف» ذكر في النسخ الثلاث المطبوعة «خوفا» بالنصب. والذي في الأصل بالرفع، ثم ألصق بعض القارئين ألفا في الفاء ليكون الحرف منصوبا، والتصنع فيها ظاهر. ويؤيد صحة ما في الأصل أن الكلمة مرفوعة في النسخة اليونينية من البخاري (٣١: ٦) ولفظه: «فان كان خوف هو أشد من ذلك». وأما في الموطأ فإنها ذكرت منصوبة، ولكن الضبط في البخاري أوثق وأصح. وقد مضى أيضا في (٣٦٨) بالرفع.
(٢) في س وج «أو ركبانا» والهمزة ليست في الأصل، وإن كانت في الموطأ والبخاري إلا أن الشافعي اختصر الحديث جدا، وهو مطول فيهما.
(٣) في ب وج «وغير» بدون الهمزة، وهي ثابتة في الأصل، وكذلك في الموطأ والبخاري.
(٤) الحديث قد بينا أنه رواه مالك في الموطأ، والبخاري من طريق مالك. وقد رواه أيضا مسلم (٢٣٠: ١ - ٢٣١) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن آدم عن سفيان [هو: الثوري] عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر، وذكره مختصرا، وذكر فيه قوله «فإذا كان خوف» الخ وجعله من كلام ابن عمر موقوفا عليه. ورواه أيضا ابن ماجة (١: ١٩٦) عن محمد بن الصباح عن جرير بن حازم عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، فذكر الحديث مرفوعا كله بسياق آخر، وهذا إسناد صحيح.
(٥) في ج «قال الشافعي: وأخبرنا» وما هنا هو الموافق للأصل.
(٦) قال الشافعي في الأم (١٩٧: ١) بعد رواية حديث مالك - السابق -: «أخبرنا محمد بن إسماعيل أو عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي ﷺ». وهذا هو الإسناد الذي هنا. ومنه نعرف الرجل المبهم في هذا الإسناد، وأنه أحد رجلين: محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، أو عبد الله بن نافع الصائغ، وابن أبي فديك ثقة، وعبد الله بن نافع من طبقة الشافعي، ومن رواة الموطأ عن مالك، وقد تكلموا فيه من قبل حفظه، قال البخاري: «في حفظه شيء، وأما الموطأ فأرجو» وقال أحمد: «كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه، كان يحفظ حديث مالك كله، ثم دخله بآخره شك» وقال الخليلي:
«لم يرضوا حفظه، وهو ثقة، أثنى عليه الشافعي، وروى عنه حديثين أو ثلاثة».
وهذا الاسناد جيد على كل حال، وقد اعتضد بما نقلنا قبل في رفع الحديث عن رواة آخرين، وانظر أيضا فتح الباري (٣٥٩: ٢ - ٣٦٠).

[*] [الحديثان رقم (٥١٣، ٥١٤) ستأتي إشارة إليهما، في (٧١٢). كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
٥١٥ - قال (١) فدلتْ سنةُ رسول الله على ما وصفتُ مِن أن القِبلة في المكتوبة على فَرْضِها أبَدًا إلا في الموضع الذي لا يمكن فيه الصلاة إليها وذلك عند المسايفة (٢) والهَرَب وما كان في المعنى الذي لا يُمْكن فيه الصلاة إليها (٣)
٥١٦ - وثبتت (٤) السنة في هذا ألاَّ تُتْرَكَ (٥) الصلاةُ في وَقْتها كيف ما أمكنت المصلي

في الزكاة (٦)
٥١٧ - (٧) قال الله (٨) (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة (٩»
(١) في س وج «قال الشافعي» وهو مخالف للأصل، وكلمة «قال» لم تذكر في ب وهي مكتوبة في الأصل بين السطرين بخط صغير، ولكن الخط واحد.
(٢) «المسايفة» بالفاء، يعني القتال بالسيوف، وفي ج بالغين بدل الفاء، وهو خطأ مطبعي ظاهر، وفي س «المسابقة» بالقاف، وهو تصحيف.
(٣) كلمة «إليها» لم تذكر في ج، وهي ثابتة في الأصل، وحذفها خطأ.
(٤) في ب «وبينت» وهو تصحيف، والكلمة واضحة النقط في الأصل.
(٥) في ج «يترك» وهو تصحيف ومخالف في الأصل.
(٦) في ب وج «باب في الزكاة» وكلمة «باب» ليست في الأصل.
وهذا الباب جعل الشافعي عنوانه «في الزكاة» وهو عنوان قاصر، لأن فيه مسائل كثيرة، من أبواب مختلفة، ولذلك رأيت أن أزيد لكل موضوع عنوانا بين مربعين هكذا [].
(٧) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٨) في ب «قال الله ﵎ في الزكاة» والزيادة ليست في الأصل.
(٩) سورة البقرة (٤٣ و٨٣ و١١٠) وفي سور أخرى من القرآن.
 
وقال (١): (والمقيمون الصلاة والمؤتون الزكاة (٢» وقال (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٣) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون (٤»
٥١٨ - فقال بعضُ أهل العلم هي الزكاةُ المفْروضة (٥)
٥١٩ - قال الله (٦): (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً (٧) تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سكنا لهم والله سميع عليم (٨»
٥٢٠ - (٩) فكان مَخْرَجُ الآية عامًا على الأمْوال وكان يحتمل أن تكون (١٠) على بعض الأموال دون بعض فدلتْ السنة على أن الزكاة في بعض الأموال (١١) دون بعض
٥٢١ - فلما كان المال أصنافا منه الماشية فأخذ (١٢) رسول الله
(١) في ج «وقال الله» ولفظ الجلالة لم يذكر في الأصل.
(٢) سورة النساء (١٦٢).
(٣) في الأصل إلى هنا، ثم قال «إلى قوله: الماعون».
(٤) سورة الماعون (٤ - ٧).
(٥) هذا القول في تفسير الماعون مروي عن علي وابن عباس وابن الحنفية والضحاك وغيرهم. انظر الدر المنثور (٤٠١: ٦).
(٦) في س «وقال الله» وفي ج «قال الشافعي وقال الله». وهما مخالفان للأصل.
(٧) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٨) سورة التوبة (١٠٣).
(٩) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(١٠) هكذا نقطت في الأصل بالتاء الفوقية، وهو صواب، لأن الضمير يرجع للآية، ونقطت في ج بالياء التحتية، وهو مخالف للأصل، وان كان صحيحا في المعنى.
(١١) في ب وج «المال» وهو مخالف للأصل.
(١٢) في ج «وأخذ» وهو مخالف للأصل وخطأ.
 
مِن الإبل والغَنَم (١) وأمَر فيما بَلَغنَا بالأخْذ من البقر خاصة دون الماشية سِواها (٢) ثم أخَذ منها بِعَدَدٍ مُخْتلف كما قَضَى اللهُ على لسان نبيه (٣) وكان (٤) للناس ماشيةٌ مِن خيل حمر (٥) وبِغَال وغيرها فلَمَّا لم يأخذْ رسولُ الله مِنها شيئًا وسَنَّ أنْ ليس في الخيل صدقةٌ (٦) استدللنا (٧) على أن الصدقة فيما أَخَذَ منها (٨) وأمر (٩) بالأخذ منه دون غيره
٥٢٢ - (١٠) وكان للناس زَرْع وغِراس (١١) فأخَذَ رسولُ الله من النَّخْل والعِنَب الزكاةَ بِخَرْصٍ (١٢) غيرُ مختلفٍ ما (١٣) أَخَذَ منهما
(١) في ج زيادة «والبقر» وهو مخالف للأصل وخطأ، لأنه سيذكر البقر عقيب هذا.
(٢) انظر الأم (٧: ٢ - ٨) ونيل الأوطار (١٩١: ٤ - ١٩٢).
(٣) في ج «كما قضاه الله على لسانه» وهو مخالف للأصل.
(٤) في ج «فكانت» وهو مخالف للأصل. وفي س «وكانت» والذي في الأصل «وكان» ولكن بعض القارئين ألحق بالنون تاء بخط آخر ظاهر المخالفة.
(٥) في ب «وحمير» وهو جمع صحيح أيضا، ولكنه مخالف للأصل.
(٦) قال الشافعي في الام (٢٢: ٢): «أخبرنا مالك وابن عيينة كلاهما عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة»، ورواه أيضا أحمد وأصحاب الكتب الستة، وانظر نيل الأوطار (١٩٦: ٤).
(٧) قوله «استدللنا» راجع إلى قوله «فلما كان المال أصنافا» وإلى قوله «فلما لم يأخذ رسول الله منها شيئا».
(٨) في ج «منها» وهو مخالف للأصل.
(٩) في ب «وأمرنا» وفي ج «وأخبرنا» وكلاهما مخالف للأصل.
(١٠) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(١١) الغراس، بكسر الغين المعجمة وتخفيف الراء: ما يغرس من الشجر.
(١٢) قال في اللسان: «الخرص: حزر ما على النخل من الرطب تمرا، وقد خرصت النخل والكرم أخرصه خرصا: إذا حزر ما عليها من الرطب تمرا ومن العنب زبيبا، وهو من الظن، لأن الحزر انما هو تقدير بظن.»
(١٣) في ب «مما» بدل «ما» وهو خطأ ومخالف للأصل.
 
وأخَذَ منهما مَعًا العُشْرَ إذا سُقِيَا بِسَماء أو عَيْنٍ ونصْفَ العُشر إذا سُقِيَا بِغَرْبٍ (١)
٥٢٣ - (٢) وقد أخَذَ بعضُ أهل العلم مِن الزيتون قياسًا على النخل والعنب
٥٢٤ - (٢) ولم يَزَلْ للناس غِراسٌ غيرُ النخل والعنب والزيتون كثيرٌ مِن الجَوْز واللَّوْز والتين وغيره فلما لم يأخذ رسول الله منه شيئًا ولم يأمر (٣) بالأخذ منه استدللنا على أن فرْضَ الله الصدقةَ (٤) فيما كان مِن غِراس في بعضِ الغِرَاس دون بعضٍ.
٥٢٥ - (٥) وَزَرَعَ الناسُ الحِنْطَةَ والشعير والذُّرةَ وأصْنافًا سِواها فَحَفِظْنا عَن رسول الله الأخْذَ مِن الحِنطة والشعير والذُّرة وأَخَذَ مَن قَبْلَنَا (٦) من الدخن (٧) والسلت (٨)
(١) الغرب: بفتح الغين المعجمة واسكان الراء: الدلو العظيمة.
(٢) هنا في ج في الموضعين زيادة «قال الشافعي».
(٣) في ب «ولم يأمرنا» وهو مخالف للأصل.
(٤) في ج «على أن الله فرض الصدقة» وهو مخالف للأصل.
(٥) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٦) في النسخ المطبوعة «من كان قبلنا وكلمة» «كان» لم تذكر في الأصل.
(٧) قال في لسان العرب: «الدخن: الجاورس، وفي المحكم: حب الجاورس، واحدته: دخنة». وقال داود الأنطاكي في التذكرة: «جاورس: هو الذرة، نبت يزرع فيكون كقصب السكر في الهيئة، وببلاد السودان يعتصر منه ماء مثل السكر، وإذا بلغ أخرج حبه في سنبلة كبيرة متراكمة بعضها فوق بعض، وهو ثلاثة أصناف: مفرطح أبيض إلى صفرة في حجم العدس، وهذا هو الأجود، ومستطيل صغار يقارب الأرز، متوسط، ومستدير مفرق الحب، هو أردؤه».
(٨) السلت، بضم السين المهملة واسكان اللام: نوع من الشعير لا قشر له، يكون بالغور والحجاز، يتبردون بسويقه في الصيف. هكذا في اللسان، ورجحه على قول من زعم أنه نوع من الحنطة. وقال داود في التذكرة: «نوع من الشعير ينبت بالعراق، قيل واليمين، وينزع من قشره كالحنطة ويخبز».
 
والعَلَس (١) والأُرْزِ (٢) وكُلِّ ما نَبَّتَهُ (٣) الناسُ وَجَعَلُوهُ قُوتًا خُبْزًا وعَصِيدَةً وسَوِيقًا وأُدْمًا (٤) مثل الحِمَّصِ والقطاني (٥)
(١) العلس، بالعين المهملة واللام المفتوحتين، وكذلك ضبطت واضحة في الأصل، وفي ب «والعدس» بالدال بدل اللام، وهو خطأ. لأن العدس من القطاني التي سيذكرها بعد قليل. وكذلك قال أيضا في الام (٢٩: ٢): «فيؤخذ من العلس، وهو حنطة، والدخن والسلت والقطنية كلها: حمصها وعدسها وفولها ودخنها، لأن كل هذا يؤكل خبزا وسويقا وطبيخا، وتزرعه الآدميون». أظن أن قوله في الأم «ودخنها»: خطا أيضا من الناسخين، لأنه ذكر الدخن قبل ذلك، ولعل صوابه «ودجرها» بضم الدال المهملة واسكان الجيم وبالراء، وهو اللوبياء، كما نقله في اللسان عن الأزهري منسوبا للشافعي، وسنذكر نصه بعد قليل.
والعلس: نوع جيد من القمح، وقيل: هو ضرب من القمح يكون في الكمام منه حبتان، يكون بناحية اليمن، وهو طعام أهل صنعاء. قاله في اللسان.
(٢) قال النووي في المجموع (٤٩٤: ٥ - ٤٩٥): «في الأرز ست لغات: إحداها:
فتح الهمزة وضم الراء وتشديد الزاي، والثانية: كذلك الا أن الهمزة مضمومة، والثالثة: بضم الهمزة والراء وتخفيف الزاي، ككتب، والرابعة: مثلها لكن ساكنة الراء، والخامسة: رنز بنون ساكنة بين الراء، والزاي، والسادسة: بضم الراء وتشديد الزاي». هذه الأخيرة هي المشهورة على ألسنة العامة ويظن كثير ممن لا علم لهم بالعربية أنها غير فصيحة.
وفي ج هنا زيادة بعد قوله «والأرز» نصها: «والعلس هي حبة عندهم» والظاهر أن هذه الزيادة كانت حاشية على بعض النسخ، فظنها الناسخ من أصل الكتاب، فأدخلها فيه خطأ.
(٣) في س وج «أنبته» وفي ب «ينبته» وكلها مخالف للأصل. وما فيه هو الصواب، لأن الإنبات انما ينسب إلى الله تعالي، وأما الذي ينسب للناس فهو التنبيت، قال في اللسان: «ونبت فلان الحب. وفي المحكم: نبت الزرع والشجر تنبيتا:
إذا غرسه وزرعه».
(٤) في س وج «أو عصيدة أو سويقا وأدما» وفي ب مثل ذلك الا أنه قال «أو أدما» وكل ذلك مخالف للأصل، وقد زاد بعضهم بخط آخر ألفا قبل واو العطف في «وعصيدة» ونبوها عن موضعها في الأصل ظاهر.
(٥) القطاني: جمع «قطنية» وفيها ثلاث لغات: «قطنية» و«قطنية» و«قطنية». وفي اللسان: «هي الحبوب التي تدخر، كالحمص والعدس والباقلي والترمس والدخن والأرز والجلبان» وفيه أيضا عن التهذيب: «وانما سميت الحبوب قطنية لأن مخارجها من الأرض، مثل مخارج الثياب القطنية، ويقال لأنها كلها تزرع في الصيف وتدرك في آخر وقت الحر». ثم نقل عن الأزهري قال:
«هي مثل العدس والخلر، وهو الماش، والفول والدجر وهو اللوبيا ء، والحمص وما شاكلها مما يقتات، سماها الشافعي كلها قطنية، فيما روى عنه الربيع، وهو قول مالك بن أنس».
 
فهي (١) تصلح (٢) خبزًا وسويقًا وأدمًا (٣) اتِّباعًا لِمَنْ مَضَى وقياسًا على ما ثَبَتَ أنَّ رسول الله أَخَذَ مِنه الصدقةَ وكان في معنى ما أخذ (٤) لنبي لأن الناس نَبَّتُوه (٥) لِيَقْتَاتُوه.
٥٢٦ - (٦) وكان للناس نَبَاتٌ غيرُه فلم يأخذ (٧) منه رسولُ الله ولا مَنْ بَعْدَ رسولِ الله عَلِمْناه (٨) ولم يكن في معنى ما أخذ منه ومثل ذلك الثفاء (٩)
(١) في ب «وهي» وهو مخالف للأصل.
(٢) في ب وج زيادة «أن تكون» وهي مخالفة للأصل.
(٣) في ج «أو سويقا أو أدما» وهو مخالف للأصل.
(٤) في النسخ المطبوعة «أخذ منه» وزيادة «منه» ليست في الأصل، ولكنها مكتوبة بحاشيته بخط آخر.
(٥) في س وج «أنبتوه» وهو مخالف للأصل، بل فيه فتحة على النون وشدة على الباء.
(٦) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٧) في س وج «فلما لم يأخذ» وهو مخالف للأصل.
(٨) في ب «فيما علمناه» وكلمة، «فيما» ليست في الأصل.
(٩) «الثفاء» بضم الثاء المثلثة وتشديد الفاء وبالمد، هو حب الرشاد، قال النووي في المجموع (٤٩٩: ٥): «كذا فسره الأزهري والأصحاب». وفي لسان العرب قول آخر: أنه الخردل، وقيل: «بل هو الخردل المعالج بالصباغ». قال أيضا:
«هو فعال، واحدته: ثفاءة، بلغة أهل الغور».
وهذا الحرف كتب في الأم (٢٩: ٢) وفي ب على الصواب. وكتب في س «السغا» وفي ج «الثغا» وهما غلط وخلط.
 
والأَسْبيوش (١) والكُسْبرة (٢) وحَبِّ العُصْفُر (٣) وما أشبهه فلم تكن فيه زكاة فدلَّ ذلك على أن الزكاة في بعض الزرع دون بعض
٥٢٧ - (٤) وفرض رسول الله في الوَرِق (٥) صدقةً وأَخَذَ المُسْلمون في الذهب بعده صدقةً إمَّا بخبر عن النبي لم يبلغنا (٦)
(١) هذه كلمة أعجمية معربة، وقد كتبت في الأصل بالألف ثم السين المهملة ووضع تحتها علامة الإهمال، ثم الباء الموحدة ثم الياء المثناة التحتية ثم الشين المعجمة في آخرها.
وكذلك كتبت أيضا في الأم (٢٩: ٢) واختلفت فيها النسخ الأخرى، فكتبت في س وج «الأشبيوش» بالشين المعجمة في أولها أيضا، وفي ب «الأسفيوش» بالفاء بدل الباء الموحدة، وكل ذلك مخالف للأصل. وكتبت في تذكرة داود في حرف الألف «أسفيوس» بالفاء والسينين المهملتين بدون ضبط، وفسرها بأنها «البزرقطونا» ثم كتبها في مادة «بزرقطونا»: «أسفيوش» وقال: «وهو ثلاثة أنواع: أبيض، وهو أجودها وأكثرها وجودا عندنا، وأحمر، دونه في النفع، وأكثر ما يكون بمصر، ويعرف عندهم بالبرلسية، نسبة إلى برلس، موضع معروف عندهم، وأسود، هو أردؤها، ويسمى بمصر: الصعيدي، لأنه يجلب عندهم من الصعيد الأعلى، والكل: بزر معروف في كمام مستدير، وزهره كألوانه، ونبته لا يجاوز ذراعا، دقيق الأوراق والساق، ويدرك بالصيف في نحو حزيران، وأجوده الرزين الحديث الأبيض.»
(٢) «الكسبرة» بضم الكاف وإسكان السين المهملة وضم الباء الموحدة وفتحها، وكتبت في ج «الكزبرة» بالزاي بدل السين، وهي لغة فيها مع ضم الباء وفتحها أيضا.
(٣) «العصفر» بضم العين واسكان الصاد المهملتين وضم الفاء. نقل في اللسان عن ابن سيده قال: «العصفر هذا الذي يصبغ به: منه ريفي ومنه بري، وكلاهما نبت بأرض العرب».
(٤) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٥) الورق: الفضة، مضروبة أو غير مضروبة.
(٦) قال الحافظ ابن حجر في التلخيص (ص ١٨٢): «فائدة: قال الشافعي في الرسالة
 
وإما قياسًا على أن الذهب والورِق نَقْدُ الناس الذي اكتنزوه وأجازوه
باب في الزكاة، بعد باب جمل الفرائض ما نصه: ففرض رسول الله ﷺ في الورق صدقة، وأخذ المسلمون بعده في الذهب صدقة، إما بخبر عنه لم يبلغنا وإما قياسا. وقال ابن عبد البر: لم يثبت عن النبي ﷺ في زكاة الذهب شيء من جهة نقل الآحاد الثقات، لكن روي الحسن بن عمارة عن أبي إسحق عن عاصم والحرث عن على، فذكره، وكذا رواه أبو حنيفة، ولو صح عنه لم يكن فيه حجة لأن الحسن بن عمارة متروك».
والحديث الذي أشار اليه ابن عبد البر وابن حجر رواه أبو داود (١٠: ٢ - ١١) وبن حزم في المحلى (٦٨: ٦) من طريق ابن وهب: «أخبرني جرير بن حازم وسمى آخر عن أبي إسحق عن عاصم بن ضمرة والحرث الأعور عن علي عن النبي ﷺ» وفيه: «وليس عليك شيء، يعني في الذهب، حتى تكون لك عشرون دينارا، فإذا كانت لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك، قال: فلا أدري، أ علي يقول فبحساب ذلك، أو رفعه إلى النبي ﷺ؟». وروى ابن حزم بعده من طريق عبد الرزاق عن الحسن بن عمارة عن أبي إسحق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال قال رسول الله ﷺ: «ومن كل عشرين دينارا نصف دينار». وقد ضعف ابن حزم الإسنادين، أما الثاني فمن أجل الحسن بن عمارة، وأما الأول فقال فيه ما نصه (٧٠: ٦): «إن ابن وهب عن جرير بن حازم عن أبي إسحق قرن فيه بين عاصم بن ضمرة وبين الحرث الأعور، والحرث كذاب، وكثير من الشيوخ يجوز عليهم مثل هذا. وهو أن الحرث أسنده، وعاصم لم يسنده، فجمعهما جرير، وأدخل حديث أحدهما في الآخر». ثم عاد ابن حزم فأنصف، إذ رأى أنه أخطأ في تعليله، فلم ينكص عن الاقرار بخطئه ولم تأخذه العصبية لرأيه، فقال (٧٤: ٦):
«ثم استدركنا، فرأينا أن حديث جرير بن حازم مسند صحيح، لا يجوز خلافه، وأن الاعتلال فيه بأن عاصم بن ضمرة أو أبا إسحق أو جريرا خلط إسناد الحرث بارسال عاصم -: هو الظن الباطل الذي لا يجوز، وما علينا من مشاركة الحرث لعاصم، ولا لإرسال من أرسله، ولا لشك زهير فيه -: شيء، وجرير ثقة، فالأخذ بما أسنده لازم». والحديث حسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام، وهو عندي حديث صحيح كما قال ابن حزم. وقال العلامة الأمير الصنعاني في سبل السلام (١٧٨: ٢) «أخرج البخاري وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقهما إلا جعلت له يوم القيامة صفائح وأحمي عليه، الحديث، فحقها هو زكاتها، وفي الباب عدة أحاديث يشد بعضها بعضا، سردها في الدر المنثور».
وفي الموطأ (٢٤٢: ١): «قال مالك: السنة التي لا اختلاف فيها عندنا أن الزكاة تجب في عشرين دينارا عينا، كما تجب في مائتي درهم».
 
أثمانا على ما تبايعوا (١) في البلدان قَبْل الإسلام وبعده
٥٢٨ - (٢) وللناس تِبْرٌ غيرُه مِن نحُاس وحَدِيد ورَصَاصٍ فلما لم يأخذ منه رسولُ الله ولا أحدٌ بعده زكاةً تركناه اتِّباعًا بِتَرْكه (٣) وأنه لا يجوز أن يقاس بالذهب والوَرِقِ الَّذَيْنِ هما الثمن عامًا في البلدان على غيرهما لأنه في غيرِ مَعْناهما لا زكاةَ فيه ويَصْلُح (٤) أن يُشْتَرَى بالذَّهَب والورِق غيرُهما من التِّبْر إلى أجل معلوم وبوزن (٥) معلوم
٥٢٩ - (٦) وكان الياقوتُ والزبرجدُ أكثرَ ثَمَنًا مِن الذهب والورِق فلَمَّا لم يأخذ منهما (٧) رسول الله ولم يأمُرْ بالأخذ (٨) ولا مَن بَعْدَه عَلِمْناه (٩) وكان مالَ الخاصَّةِ وما لا يُقَوَّمُ به على أحد في شئ استهلكه الناسُ لأنه غيرُ نَقْدٍ لم يأخذ منهما
(١) في س وج «يتبايعون» وهو مخالف للأصل.
(٢) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٣) في ب «لتركه» وهو مخالف للأصل.
(٤) في ب «وقد يصلح» وهو مخالف للأصل.
(٥) في ب وج «بوزن» بحذف واو العطف، وهو مخالف للأصل.
(٦) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي». وقد بدأ ناسخ نسخة س يخالف الأصل، فيزيد ما يجده من الزيادات في نسخ أخرى غير نسخة الربيع التي ينقل عنها.
(٧) في ب «فهما» وهو خطأ ومخالف للأصل.
(٨) في س وج «بالأخذ منهما» والزيادة ليست في الأصل، ولكن بعض قارئيه كتب بين السطرين في هذا الموضع كلمة «منه».
(٩) في ب «فيما علمناه» وكلمة «فيما» ليست في الأصل.
 
٥٣٠ - (١) ثم كان ما (٢) نَقَلَتْ العامَّةُ عَنْ رسولِ الله في زَكاة الماشية والنَّقْد أنه أخذها في كلِّ سنةٍ مرةً
٥٣١ - (٣) وقال الله (وَآتُوا حقه يوم حصاده (٤» فسَنَّ رسولُ الله أن يُؤخَذَ مما فيه زكاةٌ (٥) مِن نَبَاتِ الأرض الغِراسِ وغيْرِه على حُكْمِ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يومَ يُحْصَدُ لا وَقْتَ له غيرُه (٦)
٥٣٢ - (٣) وسنَّ في الرِّكَازِ الخُمُسَ فدَلَّ على أنه يَوْمَ يُوجَدُ لا في وقت غيره (٧).
(١) هنا في النسخ الثلاث المطبوعة زبادة «قال الشافعي».
(٢) في ب «مما» بدل «ما» وهو مخالف للأصل.
(٣) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٤) سورة الأنعام (١٤١) وقوله «حصاده» ضبط في الأصل بكسر الحاء، وهي قراءة ابن كثير، الذي كان الشافعي يقرأ بحرفه أو روى قراءته. وأما القراءة المعروفة بفتح الحاء فإنها قراءة ابن عامر وعاصم وأبي عمرو، وقرأ باقي السبعة بالكسر.
(٥) في ب الزكاة» وهو مخالف للأصل. وكانت الكلمة في الأصل بالألف واللام، ثم حاول الربيع إصلاحها فضرب على الألف ومد اللام مع الزاي فصارا معا كأنهما زاي كبيرة، ويظهر أنه رآها بعد ذلك موضع اشتباه على القارئ: أ يقرؤها بالتعريف أم بغيره؟ فأعاد كتابة الكلمة بدون حرف التعريف فوقها بين السطرين، واليقين عندي أنه هو الذي صنع ذلك: أن الخط في الكل واحد، لا شبهة فيه.
(٦) قال الشافعي في الأم (٣١: ٢): «إذا بلغ ما أخرجت الأرض ما يكون فيه الزكاة أخذت صدقته، ولم ينتظر بها حول، لقول الله ﷿: [وآتوا حقه يوم حصاده]، ولم يجعل له وقتا إلا الحصاد، فاحتمل قول الله ﷿ [يوم حصاده] إذا صلح بعد الحصاد، واحتمل يوم يحصد وإن لم يصلح، فدلت سنة رسول الله ﷺ على أن تؤخذ بعد ما يجف، لا يوم يحصد -: النخل والعنب، والأخذ منهما زبيبا وتمرا، فكان كذلك كل ما يصلح بجفوف ودرس، مما فيه الزكاة مما أخرجت الأرض».
(٧) في ج «لا وقت له غير هـ» وهو مخالف للأصل. وقد عبث عابث من القارئين بالأصل فوضع بين السطرين فوق الفاء من قوله «فدل» حرف «لا» وفوق الهاء من قوله «غيره» حرف «إلى» ووضع بينهما روس خاءات ستة، يشير بذلك - على عادة المتقدمين - إلى أن هذه الجملة زائدة في هذه النسخة عن نسخة غيرها.
فلعله كانت في يده نسخة أخرى ليست أصلا معتمدا كهذا الأصل، ولم يعلم موضع الثقة بنسخة الربيع.
وقد قال الشافعي في الأم (٣١: ٢): «وزكاة الركاز يوم يؤخذ، لأنه صالح بحاله، لا يحتاج إلى إصلاح».
 
٥٣٣ - (١) أخبرنا سفيان (٢) عن الزهري عن بن المسيب (٣) وأبي سلمة (٤) عن أبي هريرة أن رسول الله قال «وفي الركاز الخمس (٥)»
٥٣٤ - (٦) ﷿ ولولا دِلالةُ السُّنَّةِ كان ظاهرُ القُرَآن أنَّ الأمْوالَ كلَّها سَوَاءٌ وأنَّ الزكاةَ في جَمِيعِهَا دون بعض
(١) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٢) في ب «أخبرنا ابن عيينة» وفي س وج «أخبرنا سفيان بن عيينة» وكلها مخالف للأصل، وقد زيد قوله «بن عيينة» بحاشية الأصل بخط آخر.
(٣) في ب «عن سعيد» وفي س وج «عن سعيد بن المسيب» وهو هو، ولكن ما هنا هو الذي في الأصل.
(٤) في س وج زيادة «بن عبد الرحمن» وليست في الأصل.
(٥) الحديث رواه مالك في الموطأ (٢٤٤: ١) عن الزهري، ورواه أيضا الشافعي في الأم (٣٧: ٢) بهذين الاسنادين: عن سفيان وعن مالك، ورواه أيضا عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. ورواه أيضا أحمد وأصحاب الكتب الستة.
والركاز - بكسر الراء، قال في النهاية: «الركاز عند أهل الحجاز: كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض، وعند أهل العراق: المعادن، والقولان تحتملهما اللغة، لأن كلا منهما مركوز في الأرض، أي ثابت، يقال: ركزه يركزه ركزا: إذا دفنه، وأركز الرجل إذا وجد الركاز، والحديث إنما جاء في التفسير الأول، وهو الكنز الجاهلي، وإنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه». ويؤيد تفسير الحديث بهذا رواية أحمد لحديث الشعبي عن جابر مرفوعا «وفي الركاز الخمس. قال: قال الشعبي:
الركاز الكنز العادي» (مسند أحمد رقم ١٤٦٤٤ ج ٣ ص ٣٣٥).
(٦) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
 
فِي الحَجِّ (١)
٥٣٥ - (٢) وفَرَضَ اللهُ الحجَّ على من يَجد السبيلَ (٣) فَذُكِر عن النبي أن السبيلَ الزَّادُ والمَرْكَب (٤) وأخْبَرَ رسولُ الله بمَواقيتِ الحج وكيف التَّلْبِيَةُ فيه وما سَنَّ وما يَتَّقِي المُحرمُ مِن لُبْسِ الثِّياب والطِّيب وأعمالِ الحج سِواها مِن عرفةَ والمزدلفةِ والرَّميِ والحِلَاقِ والطواف وما سِوى ذلك
٥٣٦ - (٥) فلو أن امْرَأً لم يعْلم لرسول الله سنةً مع كتاب الله إلا ما وصلنا مما سن رسول الله فيه معنى ما أنزله الله جملة وأنه إنما
(١) هذا العنوان زيادة من عندنا، كما أشرنا إليه في أول عنوان الباب، قبل الفقرة (٥١٧)
(٢) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٣) قال الله تعالى: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إليه سبيلا».
سورة آل عمران (٩٧).
(٤) «المركب» بفتح الكاف: الدابة، وفي ج «والراحلة» وهو مخالف للأصل وإن كان موافقا لبعض لفظ الحديث.
والحديث في ذلك رواه الشافعي في الأم (٩٢: ٢) عن سعيد بن سالم عن إبراهيم بن يزيد عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عمر، وفيه: «فقام آخر فقال:
يا رسول الله، ما السبيل؟ فقال: زاد وراحلة،». ثم قال الشافعي: «وروي عن شريك بن أبي نمر عمن سمع أنس بن مالك يحدث عن رسول الله ﷺ أنه قال: السبيل الزاد والراحلة». وحديث ابن عمر رواه أيضا الترمذي (١٥٥: ١) من طريق وكيع عن إبراهيم بن يزيد، وقال: «حديث حسن» ورواه ابن ماجة (١٠٩: ٢) من طريق مروان بن معاوية ووكيع عن إبراهيم. وإبراهيم بن يزيد هو الخوزي - بضم الخاء المعجمة - وهو ضعيف، وللحديث شواهد كثيرة، انظر نيل الأوطار (١٢: ٥ - ١٣).
(٥) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
 
استدرك ما وصت من فَرْض الله الأعمالَ وما يُحَرِّم (١) وما يُحِلُّ (٢) ويُدْخَلُ (٣) به فيه ويُخْرَجُ (٤) منه ومواقِيتِه وما سَكَتَ عنه سِوى ذلك من أعماله قامَتْ الحجَّة عليه بأن سنة رسول الله إذا قامت هذا المقام مع فرضِ الله في كتابه مرَّةً أو أكثرَ قامتْ كذلك أبدًا
٥٣٧ - واستُدِلَّ (٥) أنه لا تُخالِف له سنة أبدًا كتابَ الله وأن سنَّتَه وإنْ لم يكن فيها نصُّ كتاب (٦) لازِمةٌ بما وصفتُ من هذا مع ما ذكرتُ سِواه (٧) مما فَرَضَ اللهُ مِن طاعة رسولِهِ
٥٣٨ - ووَجَبَ عليه أن يَعْلَمَ أن اللهَ لم يجْعل هذا لخلقٍ غيرِ رسولِه
٥٣٩ - وأن يجعل قولَ كلِّ أحدٍ وفعْلَه أبَدًا تَبعًا لِكِتاب الله ثم سنةِ رسوله
٥٤٠ - وأن يَعْلمَ أنَّ عالِمًا إن روي عنه قول (٨) يخالف فيه شيئا
(١) وضع في الأصل ضمة فوق الياء وشدة فوق الراء.
(٢) في ب «ويحل» بحذف «ما» وهي ثابتة في الأصل.
(٣) في س وج «وما يدخل» وكلمة «ما» مكتوبة في الأصل بين السطرين بخط آخر.
(٤) وضعت ضمة فوق الياء في الأصل.
(٥) وضعت فوق التاء ضمة في الأصل، ولولا ذلك لضبطناها بالفتح، مناسبة للسياق.
(٦) في س «كتاب الله» ولفظ الجلالة ليس في الأصل.
(٧) في ج «في سواه» وكلمة «في» ليست في الأصل، وفي س كذلك وزاد أنه كرر كلمة «سواه»، وهو خطأ ظاهر.
(٨) في ب وج «قولا» كأن مصححيهما فهموا أن «روى» مبني للفاعل، ولو كان ما فهموا فسد المعنى، لأن الضمير في «عنه» عائد على قوله «عالما» وقد وضعت في الأصل ضمة على الراء من كلمة «روى».
 
سنَّ فيه رسولُ الله سنةً لوْ عَلِمَ سنةَ رسولِ الله لمْ يُخالِفْها وانْتَقَلَ عَنْ وقوله إلى سنَّةِ النبي (١) إنْ شاءَ الله وإنْ (٢) لم يَفْعل كان غيْرَ مُوَسَّعٍ له
٥٤١ - فكيف والحُجَجُ في مثل هذا لِلَّهِ قائمَةٌ (٣) على خَلْقِه بما افْتَرَضَ (٤) مِن طاعة النبي (٥) وأبانَ مِنْ مَوْضِعِه الذي وَضَعَهُ به مِن وحْيِه ودِينِه وأهْلِ دِينِه (٦)

[في العِدَدِ (٧)]
٥٤٢ - (٨) قال الله والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا (٩) وقال والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء (١٠)
٥٤٣ - وقال واللائي يئسن من المحيض من نسائكم (١١)
(١) في ب «إلى سنة رسول الله ﷺ».
(٢) في ب وج «فان» وهو مخالف للأصل.
(٣) في ب «قائمة لله». وهو مخالف للأصل.
(٤) في ج «فرض» وهو مخالف للأصل، وإن كان بعض قارئيه حاول تغيير الكلمة إلى «فرض» محاولة واضحة.
(٥) في ب «نبيه».
(٦) هذه الفقرات العالية الرائعة (٥٣٦ - ٥٤١) في نصرة السنة وتعليم العلماء وجوب اتباعها -: مما يكتب بذوب التبر، لا بماء الحبر، رحم الله الشافعي ورضي عنه.
(٧) هذا العنوان زدناه كما أشرنا إلى ذلك في أول الباب.
(٨) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٩) سورة البقرة (٢٣٤).
(١٠) سورة البقرة (٢٢٨).
(١١) في الأصل إلى هنا، ثم قال «إلى قوله: أن يضمن حملهن».
 
إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن (١)
٥٤٤ - (٢) فقال بعضُ أهلِ العلم قد أوْجَبَ اللهُ على المُتَوَفَّى عنْها زوْجُها أربعةَ أشهُرٍ وعشْرًا وذكر أن أجل الحامل أمن تَضَعَ (٣) فإذا جَمَعَتْ أنْ تكون حامِلا مُتَوَفَّى عنها (٤) أتَتْ بالعِدَّتَيْنِ مَعًا كما أجدها في كلِّ فرضَيْن جُعِلا عليها أتَتْ بهما معًا (٥)
٥٤٥ - قال (٦) فلَمَّا قال رسولُ اللهِ لِسُبَيْعَة بنْتِ الحارثِ (٧) ووضَعَتْ بعْدَ وَفَاةِ زوْجِها بأيامٍ قَدْ حللت فَتَزَوَّجِي (٨) [*] دلَّ هذا على أنَّ العِدة في الوفاة والعدةَ في الطلاق بالأقراءِ والشُّهور إنما أرِيد بِهِ مَن لا حَمْلَ به من النساء وأن الحمْلَ إذا كان فالعِدة سِواه ساقطةٌ
(١) سورة الطلاق (٤).
(٢) في ج «قال الشافعي: وقال» الخ وهو مخالف للأصل.
(٣) في النسخ المطبوعة «أن تضع حملها» وكلمة «حملها» مزادة في الأصل بين السطور.
(٤) في ب زيادة كلمة «زوجها» وليست في الأصل.
(٥) في ب «أتت بهما جميعا» وهو مخالف للأصل.
(٦) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» وهو مخالف للأصل، والذي فيه كلمة «قال» فقط بين السطرين بنفس خط الأصل.
(٧) «سبيعة» بضم اليسن المهملة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء المثناة التحتية وفتح العين المهملة، وهي بنت الحرث الأسلمية زوجة سعد بن خولة، وهو الذي توفي عنها.
(٨) قصة سبيعة الأسلمية رواها الشافعي في الأم (٢٠٥: ٥ - ٢٠٦) بأسانيد متعددة، ورواها مالك في الموطأ (١٠٥: ٢ - ١٠٦)، ورواها البخاري ومسلم وغيرهما، وانظر نيل الأوطار (٨٥: ٧ - ٨٩).
[*] قصة سُبيعةَ الأسلمية ستأتي أيضًا بإسنادها في (١٧١١). [كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
في محرمات النساء (١)
٥٤٦ - قال الله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وبنات الأخت وأمهاتكم التي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ التي في حجوركم من نسائكم التي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فلا جناح عليكم وحلائل أبناءكم الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ (٢) وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ (٣) إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عليما حكيما (٤»
٥٤٧ - فاحتملت الآية مَعْنَيَيْن أحدُهما أنَّ ما سَمَّى الله من نساء مَحْرَمًا مُحَرَّمٌ (٥) وَما سَكَتَ عنه حَلالٌ بالصَّمْت عنه وبقول الله (٦)
(١) زدنا هذا العنوان كما أشرنا في أول الباب.
(٢) في لأصل «حرمت عليكم أمهاتكم، إلى: وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم، الآية».
(٣) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٤) سورة النساء (٢٣ و٢٤).
(٥) في ج «يحرم» وهو مخالف للأصل، بل الكلمة مضبوطة فيه بضمة فوق الميم وشدة فوق الراء.
(٦) في ج «ولقول الله» وهو مخالف للأصل.
 
(وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) وكان هذا المعنى هو الظاهرَ مِن الآيَة
٥٤٨ - وكان بَيِّنًا في الآية تحريمُ الجمْع بمعنىً (١) غيرِ تحريم الأمهات فكان ما سمى (٢) حلال حَلالٌ (٣) وما سمى (٤) حرامًا حرامٌ (٥) وما نهى عن الجمع بَيْنه مِن الأخْتَيْنِ كما نهى عنه.
٥٤٩ - وكان في نهيه عن الجمع بينهما دليلٌ على أنه إنما حرَّم الجمعَ وأنَّ كلَّ واحدة منهما على الانفراد حلالٌ في الأصل (٦)
(١) في النسخ المطبوعة «لمعنى»، باللام، وهي بالباء، واضحة في الأصل.
(٢) في النسخ المطبوعة «ما سمى الله» ولفظ الجلالة لم يذكر في الأصل. وكلمة «سمى» كتبت فيه «سما» بالألف ووضح فوق السين فتحة وفوق الميم شدة.
(٣) في النسخ المطبوعة «حلالا» بالنصب، وهي في الأصل بدون ألف، ثم صححها بعض القارئين بالصاق الألف بالام الأخيرة، وهي في النسخة المقروءة على ابن جماعة بدون ألف أيضا وضبطت بضم اللام فيها. وما في الأصل صواب. توجيهه: أن يكون اسم «كان» ضمير الشأن، والجملة بعدها «ما سمى حلالا حلال» خبر «كان».
هذا وجه، وآخر: أن يكون قوله «حلال» خبرا لمبتدأ محذوف، والجملة خبر «كان». هناك أوجه أخر، تظهر عند البحث والتأمل. وانظر كتاب (شواهد التوضيح، والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح) لابن مالك (ص ٢١ - ٢٤) عند شرح قول عائشة في المحصب «إنما كان منزل ينزله رسول الله ﷺ».
(٤) في ب «. وما سمى الله» ولفظ الجلالة ليس في الأصل.
(٥) في النسخ المطبوعة «حراما» بالنصب، وهي الأصل بدون الألف، وكذلك في النسخة المقروءة على ابن جماعة، وضبطت فيها بالرفع. وقد حاول بعض قارئي الأصل إصلاح الكلمة بنوعين من الاصلاح: أحدهما: إلصاق ألف في الميم لتكون منصوبة، والاخر: إلصاق فاء في حرف الحاء، لتكون «فحرام». وفي توجيه هذا الأوجه السابقة فيما قبله، ووجه آخر: أن تكون «ما» الموصولة مبتدأ، وقوله «حرام» خبرا، ويكون من عطف الجمل.
(٦) في ب «وإن كان كل واحده منهما على الانفراد حلالا في الأصل» فزاد كلمة «وكان» ثم نصب كلمة «حلالا» وذلك كله مخالف للأصل.
 
وما سِواهُنَّ مِن الأُمَّهاتِ والبَنَات والعَمَّات والخالاتِ مُحَرَّمَاتٌ في الأصل
٥٥٠ - وكان (١) معنى قوله (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) مَنْ سَمَّى تَحْريمَه في الأصْل ومَنْ هو في مِثْلِ حالِه بالرَّضَاعِ أنْ يَنْكِحوهنَّ بِالوَجْه الذي حَلّ (٢) به النكاح (٣).
(١) في ج «فكان» وهو مخالف للأصل.
(٢) في النسخ المطبوعة «أحل» بزيادة الهمزة في أوله، وهو مخالف للأصل.
(٣) وهكذا شاء الربيع أن يختم الجزء الأول من «كتاب الرسالة» في أثناء الكلام، ثم يبدأ الجزء الثاني بقول الشافعي: «فان قال قائل: ما دل على هذا؟ فان النساء المباحات لا يحل أن ينكح منهن أكثر من أربع» ألخ. وما إخاله يفعل ذلك إلا عن أمر الشافعي ورأيه، ولعله نقل عن نسخة الشافعي التي كتب بخطه ثم عرض عليه فأقره، وإلا فما الذي يدعوه أن يقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، ويختم الجزء الأول في أثناء الكلام، مع أنه لم يكتب في الصفحة التي انتهى عندها الجزء إلا سطرين وبعض سطر من قوله «وأحل لكم ما وراء ذلكم» إلى هنا، وباقيها بياض؟ ثم هو يؤكد هذا التقسيم في آخر الكتاب، عند إجازة نسخه إذ يقول «وهو ثلاثة أجزاء» فما لهذا وجه إلا أنه صنيع المؤلف، حافظ عليه تلميذه الأمين.
وأما النسخة المقروءة على ابن جماعة فقد كتب بهامشها في هذا الموضع «آخر الجزء الثاني» ولم أجد فيها موضعا لآخر الجزء الأول، وتقسيمها مضطرب على كل حال، وسأبين ذلك في مقدمة الكتاب إن شاء الله.
وهذه الصفحة من الأصل التي فيها ختام الجزء الأول هي الصفحة (٥٠) ثم بعد ذلك سماعات وأسانيد وعناوين للجزء الثاني، كما سنذكر في المقدمة إن شاء الله، إلى آخر الصفحة (٦٢) ثم يبدأ الجزء الثاني من الصفحة (٦٣). وهذه الأرقام أنا الذي وضعتها لنسخة الربيع بما فيها من سماعات وغيرها، وإلا فإن أصلها أوراق ملحقة بالكتاب ليست منه، ولكنها صارت جزءا منه في نظر التاريخ، فلم أفصل بينها وبينه في الترقيم. ولذلك ترى أن الجزء الأول من نسختنا هذه يبدأ من الصفحة (١٣) من الأصل. وأسال الله العون والهداية والتوفيق، إنه سميع الدعاء.
وكتب أبو الأشبال
 
قال أنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال (١)
بسم الله الرحمن الرحيم
٥٥١ - فإن قال قائلٌ ما دلَّ على هذا
٥٥٢ - فإن النِّساءَ (٢) المُباحاتِ لا يَحلُّ أن يُنْكح (٣) مِنهنَّ أكثرُ مِن أرْبَعٍ ولو نَكَحَ خامِسةً (٤) فُسِخ النِّكاحُ فَلا تحلُّ (٥) مِنهن واحدةٌ إلا بنِكاحٍ صحيحٍ وقَدْ كانت الخامسةُ مِن الحَلالِ بِوَجْهٍ وكذلك الواحِدة بِمَعْنَى قول الله (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) بالوجه الذي أُحِلَّ به النكاحُ وعلى الشرط الذي أحَلَّه به لا مُطْلَقًا
٥٥٣ - فيكون نكاحُ الرجلِ المرأةَ لا يُحَرِّمُ عليه نكاحَ عمَّتها ولا خالَتِها بكُلِّ حال كما حَرَّمَ اللهُ أمَّهاتِ النساءِ بِكُلِّ حال فتكون العَمَّةُ والخالةُ داخِلَتَيْنِ في معنى مَنْ أحل بالوجه الذي أحلها به
(١) هذه الزيادة ما بقي مما كتب عبد الرحمن بن نصر في أول الجزء الثاني من الرسالة قبل البسملة، كما فعل في الأول والثالث، وانظر ما كتبناه في التعليق في أول الكتاب (ص ٧).
(٢) قوله «فان النساء» الخ جواب السؤال، ولذلك زيد في ب وج قبله كلمة «قيل» وليست بالأصل.
(٣) هكذا ضبط الفعل في الأصل بضم الياء، مبنيا للمفعول، ثم ضبط بعد ذلك قوله «ولو نكح خامسة» بفتح النون في الفعل ونصب المفعول.
(٤) في ب «خمسا» وهو مخالف للأصل.
(٥) في ب «ولا تحل» وفي ج «ولا يحل» وكلاهما مخالف للأصل.
 
٥٥٤ - كما يَحِلُّ له نكاحُ امرأةٍ إذا فارَق رابِعَةً كانت (١) العمَّةُ إذا فُورِقَت ابْنَتُ (٢) أخيها حَلَّتْ

في محرمات الطعام (٣)
٥٥٥ - (٤) وقال الله لنبيه (قل لا أجد فيما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا (٥) عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لغير الله به (٦»
٥٥٦ - (٧) فاحتملتْ الآيةُ مَعْنَيَيْنِ أحدُهما أنْ لا يَحْرُمَ على طاعِمٍ (٨) أبَدًا إلا ما اسْتَثْنَى اللهُ
٥٥٧ - وهذا المعنى الذي إذا وُجِّهَ (٩) رجلٌ مُخَاطَبًا به كان الذي
(١) في النسخ الثلاث المطبوعة «وكانت» وزيادة الواو خطأ، ومخالفة للأصل ولما في نسخة ابن جماعة، ويظهر أن الناسخين لم يفهموا مراده، وظنوا أن هذا من عطف الجمل، وليس كذلك، إذ المراد: أنه إذا فارق الزوج امرأته حلت له عمتها، كما يحل له نكاح امرأة أخرى إذا طلق إحدى زوجاته الأربع، فلا يجمع خمسا في عصمته.
لا يجمع بين المرأة وعمتها.
(٢) هكذا رسمت في الأصل، وهو صواب عندنا، فلذلك حافظنا عليه.
(٣) العنوان زيادة من عندنا، كما ذكرنا في أول الباب.
(٤) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي» وليست في الأصل.
(٥) في الأصل إلى هنا ثم قال «إلى: فسقا اهل لغير الله به».
(٦) سورة الأنعام (١٤٥).
(٧) هنا في النسخ الثلاث المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٨) في ج «على طاعم يطعمه أبدا» والزيادة مخالفة للأصل.
(٩) في النسخ الثلاث المطبوعة «واجه» وهو مخالف للأصل، وفيه تكلف في المعنى، ولو كان «ووجه» مبنيا للمفعول كان أقرب، ولكن ما هنا هو الذي في الأصل، وقد ضبط فيه بضم الواو، والمعنى سليم صحيح، والاستعمال في ذلك كله مجاز، لأن أصل «الوجه» في الحقيقة: الجارحة المعروفة، ثم توسعوا في استعمال المادة في معان مجازية كثيرة.
 
يَسْبِقُ إليه أنَّه لا يَحْرُمُ (١) غيرُ ما سَمَّى اللهُ مُحَرَّمًا وما كان هكذا فهو الذي يقولُ له (٢) أظْهَرُ المعاني وأعمُّها وأغْلَبُها والذي لو احتملت الآيةُ معنى (٣) سِواه كان هو المعنى الذي يَلْزَمُ أهلَ العِلْم القوْلُ به إلا أنْ تأتِيَ سنةُ النبي (٤) تدُلُّ على معنىً غيْرِهِ مما تحتمله الآية فيقولَ (٥) هذا معنى ما أراد الله ﵎
٥٥٨ - (٦) ولا يقال بخاصٍّ في كتاب الله ولا سُنةٍ إلا بِدِلالةٍ فيهما أو في واحِدٍ مِنهما ولا يقال بخاصٍّ (٧) حتى تكون الآية تحتمل أن يكون أُرِيدَ بها ذلك الخاصُّ فأمَّا ما لم تكنْ مُحْتَمِلةً له فلا يقال فيها بما لم (٨) تحتمل الآيةُ
٥٥٩ - ويحتمل قول الله (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه) من شئ سئل عنه رسول الله (٩) دون غيره
(١) في ب «لا يحرم عليه» وكلمة «عليه» ليست في الأصل.
(٢) فاعل «يقول» محذوف للعلم به، أي: يقول له القائل. وفي ب «يقال له» وهو خلاف الأصل.
(٣) في النسخ المطبوعة «معاني» وهو مخالف للأصل.
(٤) في س وج «للنبي» وفي ب «سنة رسول الله» وكلاهما مخالف للأصل. وفي س وب زيادة «بأبي هو وأمي» وهذه الزيادة مكتوبة بحاشية الأصل بخط آخر.
(٥) قوله «فيقول» يعني القائل، وفي النسخ المطبوعة «فنقول» وهو مخالف للأصل.
(٦) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٧) في س وج «لخاص» وهو خطأ ومخالف للأصل.
(٨) في ب «لا» بدل «لم» وهو مخالف للأصل.
(٩) في النسخ المطبوعة «سئل رسول الله صلى عليه وسلم عنه» وهو مخالف للأصل.
 
٥٦٠ - ويَحْتمل مِمَّا كُنْتُمْ تأكُلُونَ وهذا أَوْلَى مَعَانِيه (١) استدلالًا بالسُّنة عليه دون غَيْرِه
٥٦١ - (٢) أخبرنا سفيان (٣) عن بن شهاب عن أبي إدريسَ الخَوْلَانِيِّ عن أبي ثَعْلَبَةَ (٤) (أنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ (٥) مِنَ السِّبَاعِ (٦) «
٥٦٢ - أخبرنا (٧) مالك عن إسماعيلَ بن أبي حَكِيم عن عَبِيدَةَ بن سفيان الحَضْرَمِيِّ (٨) عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي قال» أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ (٩) "
(١) في ج «أولي معانيه به» وزيادة «به» خلاف الأصل.
(٢) هنا في النسخ الثلاث زيادة «قال الشافعي».
(٣) في س وج زيادة «بن عيينة» وليست في الأصل.
(٤) في النسخ المطبوعة زيادة «الخشني» وهو هو، ولكنها ليست في الأصل. والخشني بضم الخاء وفتح الشين المعجمتين ثم نون.
(٥) في النسخ المطبوعة «عن أكل كل ذي ناب» وزيادة كلمة «أكل» ليست من الأصل، ولكن جاء بعض قارئيه فكتب ألفا قبل كلمة «كل» لتقرأ «أكل» ثم زاد في الحاشية كلمة «كل» ليقرأ «أكل كل» ولا داعي لهذه الزيادة، وإن كانت ثابتة في الروايات الأخرى للحديث، في الصحيحين وغيرهما -: لأن النهي عن كل ذي ناب إنما هو النهي عن أكل ذلك، وفي الترمذي كما هنا بحذف كلمة «أكل» (٣٤٥: ٢ من شرح المبار كفوري).
(٦) الحديث رواه الشافعي أيضا في الأم (٢١٩: ٢) عن ابن عيينة ومالك، كلاهما عن ابن شهاب، وهو في الموطأ (٤٣: ٢) ولكن بلفظ حديث أبي هريرة الآتي.
ورواه أيضا أحمد في المسند بأسانيد كثيرة (١٩٣: ٤ و١٩٤) ورواه أيضا أصحاب الكتب الستة. وانظر فتح الباري (٥٦٤: ٩ - ٥٦٧) ونيل الأوطار (٢٨٤: ٨ - ٢٨٥).
(٧) في ب «وأخبرنا» وفي س وج «قال الشافعي وأخبرنا» وكلها مخالف للأصل.
(٨) «عبيدة» بفتح العين المهملة. قال ابن حجر في التهذيب (٢٨٩: ١): «نقل ابن شاهين في الثقات عن أحمد بن صالح قال: إسماعيل بن أبي حكيم عن عبيدة بن سفيان -: هذا من أثبت أسانيد أهل المدينة».
(٩) الحديث رواه الشافعي أيضا في الأم (٢١٩: ٢) عن مالك، وهو في الموطأ (٤٣: ٢) رواه أيضا أحمد ومسلم. النسائي والترمذي وابن ماجة، كما في المنتقى.
 
فيما تُمْسَكُ عَنْه المُعْتَدَّةُ مِن الوَفَاةِ (١)
٥٦٣ - (٢) قال الله (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ (٣) فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بالمعروف والله بما تعملون خبير (٤»
٥٦٤ - فذَكَر اللهُ أنَّ على المُتَوَفَّى عَنْهُنَّ عِدَّةً وأنهُنَّ إذا بَلَغْنَهَا (٥) فَلهُنَّ أنْ يَفْعلْنَ في أنْفُسهِنَّ بالمَعْروف ولم يَذْكر شيئًا تجتنبه في العِدة
٥٦٥ - قال (٦) فكان (٧) ظاهرُ الآية أنْ تُمْسِكَ المعتدَّةُ في العِدَّة عَن الأزواج فَقَطْ مع إقامتها في بَيْتها بالكِتاب
٥٦٦ - وكانتْ تَحْتمل أن تُمْسِكَ عن الأزواج وأن يكون عليها في الإمساك عن الأزواج إمساكٌ عَنْ غَيْرِه مِمَّا كان مُباحا لها قَبْلَ العِدَّة مِنْ طِيبٍ وزينة (٨)
(١) العنوان زيادة من عندنا، كما ذكرنا في أول الباب.
(٢) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٣) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٤) سورة البقرة (٢٣٤).
(٥) في ب «بلغن أجلهن» وهو مخالف للأصل.
(٦) كلمة «قال» لم تذكر في س وب وهي ثابتة في الأصل بخطه بين السطرين. وفي ج «قال الشافعي».
(٧) في ج «وكان» وهو مخالف الأصل.
(٨) في س وج زيادة «وغيرها» وليست في الأصل.
 
٥٦٧ - فلَمَّا سَنَّ رسولُ الله على المُعْتَدَّة مِن الوفاة الإمساك عن الطِّيبِ وغَيْرِه كان عليها الإمساكُ عن الطيب وغيره بِفَرْض السُّنَّة والإمساكُ عن الأزواج والسُّكْنَى في بَيْت زوْجها بالكتاب ثم السُّنة (١)
٥٦٨ - واحتملت (٢) السنةُ في هذا المَوْضِع ما احتملتْ في غيره مِنْ أن تكونَ السنةُ بَيَّنَتْ عَنِ الله كَيْف إمساكُها كما بَيَّنَت الصلاةَ والزكاةَ والحَجَّ واحتملتْ أنْ يكونَ رسول ال (٣) له سَنَّ فيما ليس فيه نصُّ حُكْمٍ لِلَّهِ (٤)

باب العلل في الأحاديث
٥٦٩ - قال الشافعي قال لِي قائِلٌ فَإنَّا نَجِدُ من الأحاديث عن رسول الله لأحاديث في القُرَآن مِثْلُها نَصًّا (٥) وأخْرَى في القُرَآن مثلها
(١) هكذا هو في الأصل والنسخ المطبوعة «ثم السنة» وهو صواب واضح، ولكن بعض العابثين عبث بالأصل فألحق باء بكلمة «السنة» ليجعلها «بالسنة» وهو تصرف غير جائز، إذ لا داعي إليه مع صحة ما في الأصل.
(٢) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٣) في س وج زيادة «ﷺ بأبي هو وأمي»، وهي مكتوبة بحاشية الأصل بخط غير خطه.
(٤) «حكم» بالتكبير، و«لله» بحرف الجر، كما في الأصل، وهو الصواب، وبذلك ضبطت أيضا في نسخة ابن جماعة، وفي النسخ المطبوعة «حكم الله» بالإضافة، وهو مخالف للأصل.
(٥) في ج «أحاديث مثلها في القرآن نصا». بالتقديم والتأخير، وهو مخالف للأصل.
 
جُمْلةً وفي الأحاديث منها (١) أكثرَ مِمَّا في القرآن وأخرى ليس منها شئ في القُرَآن وأخرى مُوتَفِقَةٌ (٢) وأخرى مُخْتلفةٌ ناسِخة ومَنْسوخَة (٣) وأخرى مختلفة ليس فيها دِلالةٌ على ناسخٍ ولا منسوخ وأخرى فيها نَهْيٌ لِرسول الله (٤) فتقولون ما نَهَى عنْه حَرَامٌ وأخرى لرسول الله فيها نهْيٌ (٥) فتقولون نَهْيُه وأمره على الاختيار لا على التَّحْريمِ ثم نَجِدُكم تذهبون إلى بعض المختلفة (٦) من
(١) في س وج «وفي الأحاديث مثلها منها» بزيادة كلمة «مثلها» وهي زيادة ليست في الأصل، وتفسد المعنى أيضا، إذ ليست هذه الأحاديث نوعا آخر، إنما هي التي في القرآن مثلها جملة، ولكن فيها زيادات ليست في القرآن، هي تفصيل لمجمله، وبيان له.
(٢) في النسخ المطبوعة «متفقة» وهو مخالف للأصل، وانظر ما مضى حاشية (رقم ٩٥).
(٣) في النسخ المطبوعة «وأخرى ناسخة ومنسوخة»، وكذلك في النسخة المقروءة على ابن جماعة، وزيادة كلمة «وأخرى» مخالفة للأصل، وقد كتبت الكلمة بحاشيته بخط جديد، وهي ظاهرة الخطأ، لأن قوله «ناسخة ومنسوخة» بيان لنوع من أنواع الأحاديث المتعارضة، إذ منها ما هو ناسخ ومنسوخ، ومنها ما لا دلاله فيه على ناسخ ولا منسوخ، كما قال الشافعي، وكما هو ظاهر معروف.
(٤) في س «فيها نهى النبي ﷺ» وهو مخالف للأصل. وفي ج «ليس فيها نهي النبي ﷺ» وهو خلط وإفساد للمعنى.
(٥) في ج «فيها لرسول الله صلى عليه وسلم نهى»، بالتقديم والتأخير، وهو مخالف للأصل، وقد صنع فيه بعض الكاتبين ذلك، فكتب كلمة «فيها» بين السطرين فوق كلمتي «وأخرى» و«لرسول» وضرب على كلمة «فيها» المكتوبة في موضعها بالأصل. وفي س وج «وأخرى ليس فيها لرسول الله ﷺ نهي»، وهو خلط وإفساد للمعنى، ويظهر أن القارئين لم يفهموا مراد الشافعي، فظنوا أن النوعين أحدهما يكون فيه نهي للنبي، والآخر لا يكون فيه نهي، فأصلح كل منهم الكلام على ما فهم، فجعل بعضهم النوع الأول الذي ليس له فيه نهي، وعكس بعضهم.
ومراد الشافعي فيما حكى عن المعترض عليه ظاهر: أن المعترض يقول: إنا نرى أحاديث فيها نهي عن النبي، وأنتم تذهبون في الأخذ بها مذهبا مختلفا، فتارة تحملون النهي في بعض الحديث على التحريم، وتارة تحملونه في بعض الحديث على الاختيار لا على التحريم.
(٦) في ب «المختلف» وهو مخالف للأصل،
 
الأحاديث دون بعْضٍ ونجدكم تَقِيسُون على بعْضِ حَديثه ثم يَخْتَلِف قِياسُكم عليها وتَتْرُكون بعْضًا فلا تَقِيسون عليه فَمَا حُجَّتُكُمْ في القياس وتَرْكِه ثم تفْتَرِقون بعدُ فمِنكُمْ مَنْ يَتْرُك من حديثه الشئ ويَأْخُذ بمثل الذي تَرَكَ وأَضْعَفَ (١) إسْنادًا مِنه
٥٧٠ - قال الشافعي فقلتُ له كلُّ ما سَنَّ رسولُ الله مَعَ كِتاب الله مِن سنةٍ فهي مُوَافِقة كتابَ الله في النصِّ بِمِثْلِهِ وفي الجُمْلة بالتَّبْيِينِ عَن الله والتبيينُ يكون أكثرَ تَفْسِيرًا مِن الجُمْلة
٥٧١ - وما سَنَّ (٢) مِمَّا ليس فيه نص كتاب الله (٣) فيفرض الله طاعتَه عامَّةً في أمْرِه تَبِعْنَاه (٤)
٥٧٢ - وأما الناسِخةُ والمنسوخة (٥) مِنْ حديثه فهي (٦) كما نَسَخَ الله الحكم في كتابة بالحكم غيره (٧) عامةً في أمْرِه وكذلك (٨) سنةُ رسولِ الله تنسخ بسنته
(١) في النسخ المطبوعة «أو أضعف» والألف مصطنعة في الأصل اصطناعا واضحا.
(٢) في ب و«وما سَنَّ رسول الله ﷺ» والزيادة ليست في الأصل.
(٣) في ب «نص كتاب» بحذف لفظ الجلالة، وهو مخالف لأصل.
(٤) في ج «اتبعناه» وهو مخالف للأصل.
(٥) في ب «وأما الناسخ والمنسوخ» وهو مخالف للأصل.
(٦) في ب «فهو» وهو مخالف للأصل.
(٧) في ب «كما نسخ الله تعالى الحكم من كتابه بحكم غيره» وفي ج «كما نسخ الله الحكم من كتابه بالحكم وكذلك غيره» وكل ذلك مخالف للأصل واضطراب في فهم معناه.
(٨) في النسخ المطبوعة «فكذلك» وهو مخالف للأصل.
 
٥٧٣ - وذكر له بعضَ ما كتبْتُ في (كِتابي) قَبْلَ هذا (١) مِن إيضَاح ما وَصَفْتُ.
٥٧٤ - فأمَّا (٢) المُخْتَلِفةُ التي لا دِلالةَ على أيِّها ناسِخٌ ولا أيِّها مَنْسوخٌ (٣) فكُلُّ أمْرِه مُوتَفِقٌ (٤) صحيح لا اختلافَ فيه
٥٧٥ - ورسولُ الله عَرَبِيُّ اللِّسان والدَّار فقدْ (٥) يقولُ القولَ عامًّا يُريدُ به العامَّ وعامًّا يريدُ به الخاصَّ كما وصفتُ لك في كتاب الله وسُنَنِ رسولِ الله (٦) قَبْلَ هذا
٥٧٦ - ويسئل عن الشئ فَيُجيب على قَدر المَسْألَةِ ويُؤَدِّي عنه (٧) المُخْبِرُ عنه الخَبَرَ مُتَقَصًّى (٨) والخَبَرَ مُخْتَصَرًا والخبَر (٩) فيأتِيَ بِبَعْض مَعْناه دون بعض
٥٧٧ - ويُحَدِّثُ عنه الرجلُ الحَدِيثَ قَدْ أدْرَكَ جَوَابَه ولم يُدْرك المسألَةَ فيَدُلَّه على حَقِيقَة الجَوَابِ بِمَعْرِفَته السَّبَبَ الذي يخرج عليه الجواب
(١) في ب «في كتابي هذا» بحذف «قبل» وهي ثابتة في الأصل، وكلمة «كتابي» واضحة في الأصل، ولكن عبث بها بعض قارئيه ليجعلها تقرأ «كتبي» وعبثه واضح.
(٢) في النسخ المطبوعة «وأما» وهو مخالف للأصل.
(٣) في ج «على أنها ناسخة ولا أنها منسوخة» وهو خطأ ومخالف للأصل.
(٤) في النسخ المطبوعة «متفق» وهو مخالف للأصل، وانظر حاشية (رقم ٩٥).
(٥) في ب «وقد» وهو مخالف للأصل.
(٦) في ب «رسوله» وهو مخالف للأصل.
(٧) كلمة «عنه» ثابتة هنا في الأصل ومحذوفة في النسخ المطبوعة.
(٨) في س «متقصيا» وهي ثابتة في الأصل «متقصا» كعادته في رسم مثل هذه الكلمات بالألف، فحاول بعض القارئين تغييرها محاولة واضحة، ونقط نقطتين تحت الكلمة بين الصاد والألف، وفي ج «متقصا» بالنون من الانقاص، وهو مخالف للأصل.
(٩) كلمة «والخبر» لم تذكر هنا في ب وهي ثابتة في الأصل، وحذفها خطأ واضح.
 
٥٧٨ - ويسن في الشئ سنة (١) وفيما يخالفه أخرى فلا يخلص عض السَّامِعِين بَيْنَ اختلاف الحالَيْنِ (٢) اللَّتَيْنِ سَنَّ فيهما
٥٧٩ - ويسُنُّ سنَّةً في نصٍّ معناه (٣) فَيَحْفَظُها حافِظٌ (٤) ويَسُنُّ في مَعْنًى يُخَالِفُهُ في معنى ويُجَامِعُه في معنى سنةً غيرَها لاختلاف الحالَيْنِ (٢) فيَحْفَظُ غيرُه تِلْكَ السنةَ فإذا أدَّى كلٌّ ما حَفِظَ رَآهُ بعضُ السامِعِينَ اختلافًا وليس منه شئ مختلفٌ
٥٨٠ - ويَسنُّ بِلَفْظٍ مَخْرَجُهُ عَامٌّ جملةً بتحريم شئ أو بتَحْليله (٥) ويسنُّ في غيره خلافَ الجمْلة فيستدل على أنه يُرِدْ بما حَرَّمَ ما أحَلَّ ولا بما أحَلَّ ما حَرَّمَ
٥٨١ - ولكل هذا نظيرٌ فيما كَتَبْنَا (٦) مِن جُمَل أحكامِ الله
٥٨٢ - ويسُنُّ السنةَ ثم يَنْسَخُهَا بِسُنَّتِهِ ولم يَدَعْ (٧) أنْ يُبَيِّنَ (٨)
(١) في ج «بسنته» وهو خطأ ومخالف للأصل.
(٢) في النسخ المطبوعة في الموضعين «الحالتين» وهو في ذاته صحيح، ولكن الذي في الأصل «الحالين» وهو أصح وأفصح.
(٣) في ب «معنى» وهو غير واضح، ومخالف للأصل، وكلمة «نص» مضبوطة، في الأصل بتشديد الصاد والتنوين، وفي ج «في نص معناه بعض» وزيادة كلمة «بعض» هنا خلط غريب.
(٤) في ج «حافظ آخر» وهذه الزيادة غير جيدة ومخالفة للأصل، وإن كانت مكتوبة في حاشية المخطوطة المقروءة على ابن جماعة.
(٥) في ب وج «أو تحليله» بحذف الباء، وهي ثابتة في الأصل.
(٦) في ب «كتبناه» وهو مخالف للأصل.
(٧) في ج «ولم ندع» بالنون، وهو خطأ لا يوافق المعنى، ومخالف للأصل.
(٨) في ب زيادة «صلى الله تعالى عليه وسلم» وفي س وج زيادة «رسول الله ﷺ» وكل ذلك لم يذكر في الأصل.
 
كلَّمَا (١) نَسَخَ مِن سنته بسنته ولكن ربما ذَهَبَ على الذي سَمِعَ مِن رسولِ الله بعضُ علمِ الناسِخ أو عِلمِ المَنْسوخ فَحَفِظَ (٢) أحدُهما دون الذي سمِع مِن رسولِ الله الآخَرَ وليس يذهب ذلك على عامَّتهم حتى لا يكون فيهم موْجودًا إذا طُلِبَ
٥٨٣ - وكلُّ ما (٣) كان كما وصفْتُ أُمْضِيَ على ما سَنَّهُ (٤) وفُرِّقَ بَيْنَ ما فَرَّقَ بينه منه
٥٨٤ - وكانتْ طاعَتُه (٥) في تَشْعِيبِه على ما سَنَّهُ واجِبةً (٦) ولم يقل ما فَرَّقَ (٧) بَيْنَ كذا كذا
٥٨٥ - أن قولَ «مَا فَرَّقَ (٧) بَيْنَ كَذَا كَذَا» فيما فَرَّقَ بينه رسولُ الله لا يَعْدُو أنْ يكونَ جَهْلًا ممن (٨) قاله أو ارتِيابًا شَرًّا مِن الجَهْل وليس فيه طاعةُ الله باتِّباعه
(١) رسمت في النسخ المطبوعة «كل ما» ورسمت في الأصل، «كلما» فأبقيناها على رسم الأصل، لتحتمل المعنيين.
(٢) في ب «فيحفظ» وهو مخالف للأصل.
(٣) رسمت في الأصل «كلما» فخالفنا رسمه، ليكون المراد واضحا محدودا.
(٤) في ج «أمضي على ما سنه ﷺ» وفي ب «أمضي على ما سنه عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم» وفي س «مضي على ما سنه»، وكل ذلك مخالف للأصل.
(٥) في ب «وكانت طاعته صلى الله تعالى عليه وسلم» والزيادة ليست في الأصل.
(٦) في س وج «على ما سنه رسول الله ﷺ سنة واحدة واجبة منه».
وبهذه الزيادات التي ليست في الأصل اضطرب المعنى، والذي في الأصل واضح مفهوم وهو الصواب.
(٧) كلمة «فرق» ضبطت في الأصل في الموضعين بفتحة فوق الفاء وشدة فوق الراء.
(٨) في ج «مما» وهو خطأ ومخالف للأصل.
 
٥٨٦ - وما لم يوجد فيه إلا الاختلافُ فلا أن يكونَ لم يُحْفَظْ مُتَقَصًّى (١) كما وصفتُ قَبْلَ هذا فَيُعَدُّ مُخْتَلِفًا ويَغِيبَ عنَّا مِنْ سبَبِ تَبْيِينِهِ ما علِمْنا في غَيْرِهِ أو وَهمًا مِنْ مُحَدِّثٍ
٥٨٧ - ولم نجِدْ عنه (٢) شَيْئًا مُخْتَلِفًا فَكَشَفْنَاه إلا وجَدْنا له وجهًا يحتمل به ألاَّ يكونَ مُخْتَلِفًا وأن يكون داخلًا في الوجوه التي وصفتُ لك
٥٨٨ - أو نَجِدُ الدِّلالةَ على الثابِتِ منه دون غيره بِثُبُوتِ الحديثِ فلا يكون الحديثان اللذان نُسِبَا إلى الاختلاف متكافيين (٣) فنصير إلى الا ثبت من الحديثين
٥٨٩ - أو يكون على الا ثبت منهما دِلالةٌ مِن كتاب الله أو سنة نبيه (٤) أو الشَّوَاهِدِ التي وَصَفْنا قَبْلَ هذا فنصير إلى الذي هو أقْوَى وأَوْلَى أنْ يثبت بلا دليل
٥٩٠ - ولم نجد عنه حَدِيثَيْنِ مُخْتلِفَيْن إلاَّ ولهما مَخْرَجٌ أو على أحَدِهما دِلالةٌ بأحَدِ ما وصفت (٥) إما بموافقة (٦) كتاب (٧)
(١) في س وج «متقصيا» وهو خطأ ومخلف للأصل.
(٢) في النسخ المطبوعة زيادة «ﷺ» ولم تذكر في الأصل.
(٣) رسمت في الأصل هكذا، بياء بدل الهمزة، فأثبتناها على ذلك، إذ هو لغة فصيحة.
(٤) في ب «أو سنة رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم» وهو مخالف للأصل.
(٥) في النسخ المطبوعة «وصفنا» وهو مخالف للأصل.
(٦) في س «لموافقته» وفي ج «بموافقته» وكلاهما مخالف للأصل.
(٧) في النسخ المطبوعة «كتاب الله» ولفظ الجلالة مكتوب في الأصل بين السطرين بخط غير خطه.
 
أو غَيْرِه من سنته (١) أو بعض الدلايل
٥٩١ - وما نهى عنه رسول الله (٢) فهو التحْرِيمِ حتى تَأْتِيَ (٣) دلالةٌ عنه (٤) على أنه أراد به غَيْرَ التحْريم
٥٩٢ - قال (٥) وأما القياس على سنن (٦) رسول الله فأصْلُهُ وَجْهَانِ ثم يَتَفَرَّعُ في أحَدِهما وجوه
٥٩٣ - قال وما هُمَا
٥٩٤ - قلت إنَّ اللهَ تَعَبَّدَ خَلْقَهُ في كتابه وعلى لسان نبيه بما سَبَقَ في قَضَائِه أنْ يَتَعَبَّدَهُمْ به ولِمَا شاءَ (٧) لا مُعَقِّبَ لحُكْمه فيما (٨) تعبَّدَهم به مما دلَّهم رسولُ الله على المعنى الذي له (٩) تعبَّدَهم به أو وجدوه في الخبر عنه لو ينزل في شئ في مِثْلِ المعنى الذي له تعبَّد خلقَه (١٠)
(١) في النسخ المطبوعة «سنة» بحذف الضمير، وهو مخالف للأصل.
(٢) كلمة «رسول الله» لم تذكر في ج وذكر بدلها «ﷺ»، وما هنا هو الثابت في الأصل.
(٣) في ج «يأتي» وهو خطأ ومخالف للأصل.
(٤) كلمة «عنه» لم تذكر في ب وهي ثابتة في الأصل. وفي س وج «عنه ﷺ» وزيادة الصلاة ليست في الأصل.
(٥) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» وهو مخالف للأصل.
(٦) في ب «سنة» بالافراد، وهو مخالف للأصل.
(٧) في النسخ المطبوعة «وكما» بدل «ولما» وهو مخالف للأصل.
(٨) في ب «فما» بدل «فيما» وهو خطأ.
(٩) كلمة «له» لم تذكر في ب وهي ثابتة في الأصل.
(١٠) ما أثبتنا هنا هو الذي في الأصل، واضطربت النسخ الأخرى في هذه الجملة، وأظن ناسخيها أو مصححيها لم يدركوا المراد تماما، ففي س «ولم ينزل شيء في مثل المعنى» الخ.
وفي ب «لم يترك شيء في مثل هذا المعنى الذي به تعبد خلقه» وفي ج «ولم ينزل» الخ، بزيادة حرف العطف فقط.
 
ووجب (١) على أهل العلم أن يُسْلِكُوهُ (٢) سبيلً السنة غذا كان في معناها وهذا (٣) الذي يتفرع كثيرًا
٥٩٥ - والوجه الثاني أن يكونَ أحَلَّ لهم شيئًا جُمْلَةً وحَرَّمَ منه شيئًا بِعَيْنِهِ فيُحِلُّونَ الحلال بالجملة ويحرمون الشئ بعَيْنِهِ ولا يَقِيسُونَ عليه على الأقَلِّ الحَرَامِ (٤) لأنَّ الأكْثَرَ مِنْهُ حلالٌ والقِياسُ على الأكْثَرِ أوْلَى أنْ يُقَاسَ عليه مِن الأقَلِّ
٥٩٦ - وكذلك إنْ حَرَّمَ جُمْلَةً (٥) وأحَلَّ بعضَها وكذلك إنْ فَرضَ شيْئًا وخصَّ رسولُ الله التَّخْفيفَ في بعضه
٥٩٧ - (٦) وأمَّا القِياسُ فإنَّما أخَذْناه استدلالًا بالكتاب والسنة والآثار (٧)
(١) في س «وأوجب» وفي ج «فأوجب» وكلاهما خطأ. مخالف للأصل، والذي فيه «ووجب» ثم رآها كاتبه غير واضحة، فأعاد كتابتها فوقها واضحة بنفس الخط، ثم عبث بها عابث فألصق بالواو الأولى ألفا، فصارت تحتمل أن تقرأ «وأوجب» أو «فأوجب» والتعمل فيها ظاهر واضح.
(٢) فعل «سلك» يتعدى لمفعولين بنفسه وبالهمزة، والذي هنا من الثاني، لأنه ضبط في الأصل بضم الياء وكسر اللام.
(٣) زاد بعض الناس في الأصل ألفا قبل الواو، لتقرأ «أو هذا»، وهي زيادة نابية عن موضعها غير جيدة، ولذلك لم تذكر في النسخة المقروءة على ابن جماعة، ولا في النسخ المطبوعة.
(٤) قوله «على الأقل الحرام» بيان لقوله «عليه» في قوله «ولا يقيسون عليه» وهو ظاهر، وفي ج «ولا يقيسون عليه إلا على أقل الحرام» وهو خلط وإفساد للمعنى.
(٥) في النسخ المطبوعة زيادة «واحدة» وهي زيادة خطأ صرف، وليست في الأصل.
(٦) هنا في س وب زيادة «قال الشافعي».
(٧) كتب كاتب في الأصل بخط جديد كلمة «من» بعد الواو، ويظهر أنها كتابة حادثة قريبا بعد نسخ نسخة س، لأنها لم تذكر في أيه نسخة أخرى.
 
٥٩٨ - وأمَّا أنْ نُخالِفَ حَديثا عن رسول الله (١) ثابِتًا عنه فأرْجُو أنْ لا يُؤْخَذَ ذلك علينا إن شاء اللهُ
٥٩٩ - وليس ذلك لأحد ولكن قدْ يَجْهَلُ الرجُلُ السنةَ فيكونُ له قوْلٌ يُخالِفُهَا لا أنَّهُ عَمَدَ خِلافَها (٢) وَقَدْ يَغْفُلُ المرْءُ ويُخْطِئ في التَّأْوِيلِ. (٣)
٦٠٠ - قال (٤) فقال لي قائلٌ فَمَثِّلْ لِي كُلَّ صِنْفٍ مِمَّا وصفْتَ مِثالًا تَجْمَعُ لي فيه الإتْيانَ على ما سَألْتُ عَنْهُ بأمْرٍ لا تُكْثِرُ (٥) علَيَّ فأنْساهُ وابدأ بالناسِخ والمَنْسوخ مِن سُنَنِ (٦) النبي واذكر منها
(١) في النسخ المطبوعة «لرسول الله» والذي في الأصل ما هنا، ثم ضرب بعض الكاتبين على كلمة «عن» وألصق لاما بالراء، ويظهر أن هذا التغيير قديم، لأنها ثابتة باللام أيضا في النسخة المقروءة على ابن جماعة.
(٢) «عمد» - من باب ضرب - يتعدى بنفسه وباللام وبإلى، كما نص عليه في اللسان وكما هو ثابت بالأصل هنا، وهو حجة، ويظهر أن مصححي مطبعة بولاق غرهم ما يوهمه كلام صاحب القاموس، فظنوا الكلمة غير صواب، فغيروها في نسخة ب وجعلوها «تعمد».
(٣) الله أكبر. هذا هو الإمام حقا. وصدق أهل مكة وبروا، حين سموه «ناصر الحديث».
(٤) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» وهو زيادة عما في الأصل.
(٥) في ج «ولا تكثر» وزيادة الواو ليست في الأصل، وان كانت ثابتة في النسخة المقروءة على ابن جماعة، وموقعها في السياق غير جيد. وفي س «لا يكثر» بالفعل المضارع، وهو مخالف أيضا للأصل. والتاء الفوقية واضحة فيه وفوقها ضمة، وقد زاد بعض الكاتبين نقطتين تحت التاء لتقرأ أيضا بالياء، ولم يحسن فيما صنع، لأن الضمة فوق الحرف تبطل صنيعه.
(٦) في ج «رسول الله».
 
شيئًا مِمَّا معه القُرَآن وإنْ كَرَّرْتَ بعْضَ ما ذَكَرْتَ
٦٠١ - (١) فقلتُ له كان أوَّلُ ما فَرَضَ اللهُ على رسوله في القِبْلة أن يَسْتقبِل بيْتَ المَقْدِس للصَّلاة فكان (٢) بَيْتُ المَقْدِس القِبْلَةَ التي لا يَحِلُّ لأحدٍ أن يُصَلِّيَ إلا إليها في الوقْتِ الذي اسْتَقبَلَها فيه رسولُ الله فَلَمَّا نَسَخَ اللهُ قِبلةَ بيْتِ المقدس ووَجَّهَ رسولَه والناسَ إلى الكَعْبَةِ كانت الكعبةُ القِبلةَ التي لا يحلُّ لمُسْلم أنْ يسْتَقْبِلَ المكتوبَة (٣) في غيْرِ حالٍ مِن الخوْفِ غيْرَها ولا يحل أن يستقبل بيتَ المقدِس أبدًا

٦٠٢ - وكلٌّ كان (٤) حَقًّا في وَقْتِه بيتُ المقدس مِن حينِ اسْتَقْبَلَهُ النبيُّ إلى أنْ حُوِّلَ عنه الحَقُّ في القِبْلَة ثم البيتُ الحَرامُ الحق في القبلة إلى يوْم القيامة
٦٠٣ - وهكذا كلُّ منسوخ في كتابِ اللهِ وسنَّةِ نَبِيِّه
٦٠٤ - قال (٥) وهذا مع إبانته لك الناسخَ والمنسوخ من الكتاب والسنة دليلٌ لك على أن النبي إذا سن سنَّةً حوَّلَهُ اللهُ
(١) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٢) في ب «وكان» وهو مخالف للأصل.
(٣) كذا في الأصل بنزع الخافض، وكتب كاتب بحاشيته «لعله: في» يعني أنه ظن أن كلمة «في» سقطت من النسخة. ويظهر أن بعض العلماء أصلح الكلمة بعد ذلك بزيادة الباء فصارت «بالمكتوبة» كما في المقروءة على ابن جماعة، وبذلك طبعت في الطبعات الثلاث.
(٤) كذا في الأصل وسائر النسخ، وزاد بعض الكاتبين بحاشية الأصل كلمة «قد» وجعل موضعها قبل «كان».
(٥) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
 
عنْها إلى غَيْرِها سنَّ أخرى يَصِيرُ إليها الناسُ بعْدَ التي حُوِّلَ عنها لِئَلاَّ يذْهَبَ على عامَّتِهِم الناسِخُ فَيَثْبُتُونَ على المَنْسوخِ
٦٠٥ - ولئلا يُشَبَّهَ (١) على أحَدٍ بأن رسولَ اللهِ يَسُنُّ (٢) فيكون في الكتاب شئ يَرَى مَنْ جَهِلَ اللِّسَانَ أو العِلْمَ بموقع السنة مع الكتاب أو إبانَتِها (٣) مَعانِيه أنَّ الكتاب (٤) يَنْسَخُ السُّنَّةَ
٦٠٦ - (٥) فقال (٦) أفَيُمْكِنُ أنْ تخالفَ السنَّةُ في هذا الكتاب
٦٠٧ - قلت لا وذلك لأنَّ اللهَ جلَّ ثَنَاؤُه (٧) أقام على خَلْقِهِ الحجة من وجهين أصلها في الكتاب كتابه سنةُ نبيه بفرْضِه في كِتَابِه اتِّبَاعَهَا
٦٠٨ - فلا يجوزُ أنْ يَسُنَّ رسولُ الله سنَّةً لازِمَةً فَتُنْسَخَ فلا يَسُنَّ ما نَسَخَها (٨) وإنما يُعْرَفُ الناسخ بالآخر من الامرين
(١) في سائر النسخ «يشتبه» وهو مخالف للأصل، والكلمة فيه واضحة مضبوطة.
(٢) في ب وج «سن» وهو مخالف للأصل.
(٣) في سائر النسخ «وإبانتها» بالواو بدل «أو» والألف ثابتة في الأصل، ثم ضرب عليها بعض القارئين، ولا وجه لذلك.
(٤) في س «أن يقول: الكتاب، الخ، وكلمة «يقول» مزادة بحاشية الأصل بخط آخر، وهي زيادة غير جيدة.
(٥) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٦) في ج «وقال» وهو مخالف للأصل.
(٧) في س «لأنه ﷿».
(٨) في س «ولا يسن» وفي ج «ولا يبين ناسخا» وكلاهما مخالف للأصل، والكلمة واضحة فيه مضبوطة.
 
وأكثَرُ الناسخ في كتاب الله إنما عُرِفَ بِدِلالة سُنَنِ (١) رسولِ الله
٦٠٩ - فإذا كانت السنة تدلُّ على ناسِخِ القُرَآن وتُفَرِّقُ بَيْنَهُ وبَيْنَ منسوخِهِ لم يَكُنْ أن تُنْسَخَ السنَّةُ بِقُرَآن إلا أحْدَثَ رسولُ الله مَعَ القُرَآن سنَّةً تَنْسَخُ سنَّتَهُ الأُولَى لِتَذْهَبَ الشُّبْهةُ عَنْ مَن (٢) أقامَ اللهُ عليه الحُجَّةَ مِن خَلْقه
٦١٠ - قال أفَرَأَيْتَ لَوْ قال قائل حَيْثُ وَجَدْتُ القُرَآن (٣) ظاهِرًا عامًّا ووَجَدْتُ سنةً تحْتَمِلُ أنْ تُبَيِّنَ عَن القُرَآن وتحتمل أن تكون بخلاف (٤) ظاهره عَلِمْتُ أنَّ السنةَ منسوخَةٌ بالقُرَآن
٦١١ - (٥) فقلتُ له لا يقولُ هذا عالِمٌ
٦١٢ - قال وَلِمَ
٦١٣ - قلت إذا كان الله فَرَضَ على نبيه اتِّباعَ ما انزل الله إليه وشَهِدَ له بالهُدَى وفرض على الناس طاعَتَه وكان اللِّسانُ كما وصفْتُ قبل هذا مُحْتَمِلًا للمعاني وأن يكون كتابُ الله يَنْزِلُ عامًّا يُرَادُ به الخاصَّ وخاصًا يراد به العام وفرضا جملة بينه رسول الله (٦)
(١) الكلمة واضحة في الأصل، وقد غيرها بعض قارئيه لتقرأ «سنة»، وبذلك كتبت في النسخة المقروءة على ابن جماعة، وهو تصرف غير سديد.
(٢) في ج «على من» وهو خطأ وخلط.
(٣) في ب «في القرآن» وزيادة «في» خطأ ومخالفة للأصل.
(٤) في ب «خلاف» بحذف الباء، وهو خلاف الأصل.
(٥) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٦) في ج «وبينه رسول الله»، بزيادة حرف العطف، وهو خطأ ومخالف للأصل.
 
فقامت السنةُ مع كتاب الله هذا المقامَ لم تكن السنةُ (١) لِتُخَالِفَ كتابَ الله ولا تكونُ السنةُ إلا تَبعًا لِكتاب اللهِ بِمِثْلِ تَنْزِيلِه أو مُبَيِّنَةً معنى ما أرادَ اللهُ فهي (٢) بكل حالٍ مُتَّبِعَةٌ كتابَ اللهِ
٦١٤ - قال أفَتُوجِدُنِي الحُجَّةَ بما قلتَ في القُرَآن
٦١٥ - فذكَرْتُ له بعضَ ما وصفتُ في كتاب (السنَّةُ مع القُرَآن (٣» مِن أنَّ الله فَرَضَ الصلاةَ والزكاة والحجَّ فَبَيَّنَ رسولُ اللهِ كيفَ الصلاةُ وعَدَدَها ومواقيتَها وسُنَنَها وفي كَمْ الزكاةُ مِن المال وما يَسْقُطُ عنه مِن المالِ ويَثْبُتُ عليه (٤) ووقتَها وكيف عَمَلُ الحجِّ وما يُجْتَنَبُ فيه ويُبَاحُ
٦١٦ - قال وذكرتُ له قولَ الله (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما (٥» و(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مائة جلدة (٦» وأنَّ رسولَ الله لَمَّا سَنَّ القطْعَ على من بلغت سرقته
(١) في ج «سنة» بالتنكير، وهو خلاف الأصل.
(٢) في النسخ المطبوعة «وهي» وهو مخالف للأصل.
(٣) لا أدري أ هذا كتاب معين ألفه الشافعي، أم يريد ما ذكر في كتبه من الرسالة وغيرها، مما تكلم فيه عن وجه بيان السنة للقرآن وما جاء في السنة مما ليس فيه نص كتاب؟
فإني لم أجد في ترجمة الشافعي في مؤلفاته كتابا باسم [السنة مع القران] ولم أجد كذلك كتابا بهذا الاسم في الكتب التي ألحقت بكتاب الأم، وعسى أن يتبين لي حقيقة ذلك عند تحقيق الكلام في كتبه، إن شاء الله.
(٤) «يسقط» و«يثبت» كتبا في ب «تسقط»، و«تثبت» بالتاء، وهو مخالف للأصل.
(٥) في ب زيادة كلمة «الآية» وليست في الأصل. وهذه الآية في سورة المائدة (٣٨).
(٦) سورة النور (٢).
 
دينار فصاعدا على الحُرَّيْنِ البِكْرَيْنِ (١) دون الثَّيِّبَيْنِ الحريْن والمملوكيْنِ دلَّتْ سنةُ رسولِ الله على أنَّ الله أراد بها الخاصَّ من الزُّناة والسُّرَّاق وإن كان مَخْرَجُ الكلام عامًا في الظاهر على السراق والزناة
٦١٧ - قال فهذا (٢) عنْدِي كما وصفْتَ أفَتَجِدُ حُجَّةً على مَنْ رَوَى (٣) أنَّ النبي قال «مَا جَاءَكُمْ عَنِّي فَاعْرِضُوُه عَلَى كِتَابِ اللهِ فَمَا وَافَقَهُ فَأَنَا قُلْتُهُ وَمَا خَالَفَهُ فلم أقله (٤)»
(١) في س وج «البكرين البالغين» والزيادة ليست في الأصل.
(٢) في ب «وهذا» وهو مخالف للأصل.
(٣) كتب بعض الكاتبين بين السطرين في الأصل، بعد كلمة «روى» كلمة «الحديث» وهذه الزيادة ليست في سائر النسخ، وما أظنها صحيحة.
(٤) هذا المعنى لم يرد فيه حديث صحيح ولا حسن، بل وردت فيه ألفاظ كثيرة، كلها موضوع أو بالغ الغاية في الضعف، حتى لا يصلح شيء منها للاحتجاج أو الاستشهاد.
وأقرب رواية لما نقله الشافعي هنا فوهاه وضعفه -: رواية الطبراني في معجمه الكبير من حديث ابن عمر، نقلها الهيثمي في محمع الزوائد (١٧٠: ١) وقال: «فيه أبو حاضر عبد الملك بن عبد ربه، وهو منكر الحديث».
وقال في عون المعبود (٣٢٩: ٤): «فأما ما رواه بعضهم أنه قال. إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافقه فخذوه -: فإنه حديث باطل لا أصل له.
وقد حكي زكريا الساجي عن يحيى بن معين أنه قال: هذا حديث وضعته الزنادقة».
ونقل العلامة الفتني في تذكرة الموضوعات (ص ٢٨) عن الخطابي أنه قال أيضا:
«وضعته الزنادقة». ونقل هو والعجلوني في كشف الخفا (٨٦: ١) عن الصغاني أنه قال: «هو موضوع».
وقد كتب الامام الحافظ أبو محمد بن حزم، في هذا المعنى فصلا نفيسا جدا، في كتاب الإحكام (٧٦: ٢ - ٨٢) وروى بعض ألفاظ هذا الحديث المكذوب، وأبان عن عللها فشفى. ومما قال فيه: «ولو أن امرأ قال لا نأخذ إلا ما وجدنا في القرآن -: لكان كافرا باجماع الأمة، ولكان لايلزمه إلا ركعة ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل، وأخرى عند الفجر، لأن ذلك أقل ما يقع عليه اسم صلاة، ولا حد للاكثر في ذلك. وقائل هذا كافر مشرك حلال الدم والمال» ثم قال: «ولو أن امرأ لا يأخذ إلا بما اجتمعت عليه الأمة فقط، أو يترك كل ما اختلفوا فيه، مما قد جاءت فيه النصوص -: لكان فاسقا باجماع الأمة. فهاتان المقدمتات توجب بالضرورة الأخذ بالنقل».
وانظر أيضا لسان الميزان (٤٥٤: ١ - ٤٥٥).
 
٦١٨ - (١) فقلت له ما ورى هذا يثبت حديثه في شئ صَغُرَ وَلَا كَبُرَ (٢) فيُقالَ لنا قدْ ثَبَّتُّمْ (٣) حديث من روى هذا في شئ
٦١٩ - وهذا أيضًا رِوايةٌ مُنْقَطِعة عَن رَجُلٍ مَجْهولٍ ونحن لا نقبل مثل هذه الرواية في شئ
٦٢٠ - قال (٤) فَهَلْ عَن النبي رِوايةٌ بما قُلْتُم (٥)
٦٢١ - فقلتُ له نعم
٦٢٢ - [*] أخبرنا سفيان (٦) قال أخبرني سالم أبو النضر أنه سمع
(١) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٢) في س «صغير ولا كبير» وهو مخالف للأصل، وكلمة «كبر» فيه مضبوطة بفتح الكاف وضم الباء، ومع ذلك فإن بعض قارئيه عبث به، فزاد ياء في كل من الكلمتين قبل الراء، وهو تصرف غير حميد، والكلمتان مضبوطتان أيضا في النسخة المقروءة على ابن جماعة بضم الغين والباء.
(٣) «ثبتم» مضبوطة في الأصل بفتحة على الثاء وشدة على الباء، وفي النسخ المطبوعة «كيف أثبتم» فزاد ناسخوها ألفا، وغيروا «قد» إلى كيف» بدون حجة، وأظنهم لم يفهموا وجه الكلام، فغيروه إلى ما ظنوه صحيحا، وإنما يريد الشافعي: أن هذا الحديث لم يروه ثقة ممن أخذنا بروايته، حتى يكون للمعترض حجة علينا إذا أخذنا بشيء من روايته، بل هذا الراوي لم نحتج بشيء مما روى، إذ هو ليس بمقبول الرواية عندنا.
(٤) في ب «فقال» وهو مخالف للأصل.
(٥) في ج «فيما قلتم» وفي س «فيما قلت»، وكلاهما مخالف للأصل، وقد حاول بعض قارئيه تغيير كلمة «بما» ليجعلها «لما» والتصنع في ذلك واضح.
(٦) في النسخ المطبوعة زيادة «بن عيينة» وليست في الأصل، وهو هو.

[*] الحديث رقم (٦٢٢) سيأتي أيضًا في (١١٠٦، ١١٠٧). [كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
عبيد الله بن أبي رافع يحدث عن أبيه أن النبي قال لَا أُلْفِيَنَّ أحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أرِيكَتِهِ يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري ما وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللهِ اتَّبَعْنَاهُ (١)
٦٢٣ - قال الشافعي فَقَدْ ضَيَّقَ رسولُ الله على الناسِ أنْ يرُدُّوا أمْرَهُ بِفَرْضِ اللهِ عليهم اتِّباعَ أَمْرِهِ
٦٢٤ - قال (٢) فأين ليِ جُمَلًا أجْمَعَ لك أهلُ العِلم أو أكثَرُهم عليه (٣) مِن سنَّةٍ مع كتاب الله يَحْتمل أنْ تكون السنةُ مع الكتابِ دَليلًا على أنَّ الكتابَ خاصٌّ وإنْ كانَ ظاهِرُه عامًّا
٦٢٥ - فقُلْتُ له نَعَمْ ما سمِعْتَني (٤) حَكَيْتُ في (كتابي) (٥)
٦٢٦ - قال فَأَعِدْ منه شيئًا
٦٢٧ - قلتُ (٦) قال الله (حرمت عليكم أمهاتكم
(١) مضى الحديث بهذا الاسناد واسناد آخر برقم (٢٩٥ و٢٩٦ وتكلمنا عليه هناك.
(٢) «قال»: أي المعترض المناظر للشافعي، وفي النسخ المطبوعة «قال الشافعي: فقال» وهو إيضاح للمراد، ولكنه مخالف للأصل.
(٣) في النسخ المطبوعة «عليها» وهو مخالف للأصل، ويظهر أنها كانت في النسخة المقروءة على ابن جماعة «عليه» كما في الأصل. ثم حكت بالسكين وجعلت «عليها» وما في الأصل يحتاج لشيء من التأويل في إعادة الضمير إلى قوله «جملا»، ولسنا نرى به بأسا.
(٤) في س وب «نعم، بعض ما سمعتني». وزيادة «بعض» ليست في الأصل. وفي ج «بعض ما سمعتني» بحذف كلمة «نعم» وهو مخالف أيضا للأصل.
(٥) في النسخ المطبوعة زيادة «هذا» وليست في الأصل.
(٦) في ب «فقلت» وهو مخالف للأصل.
 
وَبَنَاتُكُمْ (١) وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وراء ذلكم (٢»
٦٢٨ - قال (٣) وذَكَرَ (٤) اللهُ مَنْ حَرَّمَ ثم قال (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) فقال رسولُ الله «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ المَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ المَرْأَةِ وَخَالَتِهَا (٥)» فلمْ أَعْلَمْ مُخالِفًا في اتباعه
(١) في الأصل إلى هنا ثم قال «إلى: وأحل لكم ما وراء ذلكم».
(٢) سورة النساء (٢٣ و٢٤).
(٣) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» وهو مخالف للأصل.
(٤) في النسخ المطبوعة «فذكر» بالفاء، وفي الأصل بالواو، ثم أصلحها بعض القارئين بالصاق الواو بالذال إصلاحا مصطنعا غير جيد.
(٥) في س وب تقديم ذكر الخالة وتأخير العمة في لفظ الحديث، وهو خلاف الأصل والحديث رواه الشافعي في الأم (ج ٥ ص ٤) عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا بتقديم ذكر العمة كما في الأصل، وكذلك هو في الموطأ (ج ٢ ص ٦٧ - ٦٨).
والحديث رواه أيضا أحمد وأصحاب الكتب الستة من حديث أبي هريرة، كما في نيل الأوطار (ج ٦ ص ٢٨٥).
 
٦٢٩ - فكانَتْ فيه دِلالَتَانِ دِلالَةٌ عَلَى أنَّ سنةَ رسول الله لا تكون مُخالفةً لِكتاب اللهِ بِحَالٍ ولكنَّها مُبَيِّنَةٌ عامَّهُ وخاصَّهُ
٦٣٠ - ودِلالةٌ على أنهم قَبِلوا فيه خَبَرَ الواحِدِ فلا نَعْلَمُ (١) أحَدًا رَواهُ مِن وَجْهٍ يَصِحُّ عَن النبي إلا أبا هريرة (٢)
٦٣١ - قال (٣) أفيحتمل أن يكونَ هذا الحديثُ عِنْدَك خلافا لشئ مِن ظاهِرِ الكتاب
٦٣٢ - فقلتُ (٤) لا ولا غَيْرُهُ
٦٣٣ - قال فما مَعْنى قول الله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) فقد ذَكَرَ التحريمَ وقال (٥) (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وراء ذلكم)
(١) في ب «ولا أعلم» وهو مخالف للأصل، وفي س «ولا نعلم» وحرف العطف في الأصل ملصق بحرف «لا» بدون نقط، فمن المحتمل قراءته واوا أو فاء، والفاء أرجح عندي، ويؤيده ما في النسخة المقروءة على ابن جماعة.
(٢) قال الشافعي في الأم (ج ٥ س ٤): «ولا يروى من وجه يثبته أهل الحديث عن النبي ﷺ: إلا عن أبي هريرة، وقد روي من وجه لا يثبته أهل الحديث من وجه آخر، وفي هذا حجة على من رد الحديث، وعلى من أخذ بالحديث مرة وتركه أخرى».
وهذا الذي قال الشافعي يدل على أنه يصل إليه طرق صحيحة للحديث من غير حديث أبي هريرة، ولكنه قد صح من حديث جابر، فرواه أحمد والبخاري والترمذي، كما في نيل الأوطار (ج ٦ ص ٢٨٥ - ٢٨٦) ونقل عن ابن عبد البر قال: «كان بعض أهل الحديث يزعم أنه لم يرو هذا الحديث غير أبي هريرة، يعني من وجه يصح، وكأنه لم يصح حديث الشعبي عن جابر، وصححه عن أبي هريرة، والحديثان جميعا صحيحان».
(٣) في ج «فقال» وفي ب «قال: فقال» وكلاهما مخالف للأصل.
(٤) في ب «قلت» وهو مخالف للأصل.
(٥) في النسخ المطبوعة «ثم قال» وهو مخالف للأصل.
 
٦٣٤ - قلتُ ذكَرَ تحريمَ مَنْ هو حَرامٌ بِكلِّ حالٍ مثل الأُمِّ والبِنْت والأخْت والعَمَّة وبَنَاتِ الأخ وبنات الأخْت وذكَرَ مَنْ حَرَّمَ بكل حال من النَّسَب والرَّضاعِ وذكر مَن حَرَّم مِن الجَمْعِ بَيْنَهُ (١) وكان أصْلُ كلِّ واحدٍ منهما مُباحًا على الانْفِرادِ قال (٢) (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) يعني بالحال (٣) التي أحلَّها بِه
٦٣٥ - ألَا تَرَى أنَّ (٤) قوله (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) بمعنى ما أحَلَّ به (٥) لا أنَّ واحِدَةً مِن النَّساءِ حَلالٌ بِغيرِ نِكاحٍ يَصِحُّ (٦) ولا أنه يجوز نِكاحُ خامِسَةٍ على أرْبعٍ (٧) ولا جَمْعٌ بَيْنَ أُخْتَيْنِ ولا غير ذلك مما نهى عنه
(١) هكذا في الأصل باثبات «من» مع ضبط «حرم» بفتح الحاء وتشديد الراء، والتضعيف هنا للتعدية، فكان الظاهر أن لا يؤتى بحرف «من»، ولعل هذا استعمال عند بعض العرب، أو هو على تضمين معنى «منع» وقد ضرب بعض القارئين على حرف «من» ولذلك لم يذكر في النسخ المطبوعة ولا في النسخة المقروءة على ابن جماعة.
(٢) في النسخ المطبوعة «وقال» واثبات الواو مخالف للأصل.
(٣) هي ب «في الحالة» وهو مخالف للأصل.
(٤) في س وج «إلى» بدل «أن» والكلمة في الأصل غير واضحة، إذ اعتورها التغيير في الكتابة، فلم يظهر ما كانت عليه أولا، ولكنها جعلت «إلى» وتحت الياء نقطتان، وليس ذلك من قاعدة الربيع في الكتابة، وفي الحاشية مكتوب كلمة «أن» ومضروب عليها، والراجح عندي أنها بخط الربيع، كتبها بيانا كعادته وعادة غيره من العلماء السابقين، وأن الضرب عليها إنما جاء ممن تصرف في أصل الكلمة في أثناء السطر.
(٥) كلمة «أحل» ضبطت في الأصل بفتح الألف والحاء بالبناء للفاعل.
(٦) في النسخ المطبوعة، «صحيح» وهو مخالف للأصل.
(٧) في ب «الأربع» وهو مخالف للأصل.
 
٦٣٦ - فذكرتُ (١) له فرْض اللهِ في الوُضوء ومَسْحَ النبي على الخُفَّيْنِ وما صارَ إليه أكثرُ أهْلِ العِلم مِن قَبُول المَسْحِ
٦٣٧ - فقال (٢) أفيُخالِفُ المسْحُ شيئا مِن القُرَآن
٦٣٨ - قلت لا تخالفه سنةٌ بحالٍ
٦٣٩ - قال فما وَجْهُهُ
٦٤٠ - قلت (٣) لَمَّا قال (٤) (غذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا (٥) وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين (٦» دلَّت السنةُ على أنَّ مَن كان (٧) على طَهارَةٍ ما لمَْ يُحْدِثْ فقامَ إلى الصلاةِ لم يكنْ عليه هذا الفَرْضُ فكذلك دلت (٨) على أن فَرْضَ غَسْل القَدَمَيْنِ إنما هو على المُتَوَضِّئ لا خُفَّيْ عليه (٩) لَبِسَهُمَا كاملَ الطهارة
(١) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي: وذكرت» وهو مخالف للأصل، وقد كتب بعض الناس فيه بين السطرين كلمة «قال» بخط آخر.
(٢) في ب «قال» وهو مخالف للأصل.
(٣) في النسخ المطبوعة «قلت له» وكلمة «له» لم تذكر في الأصل.
(٤) في النسخ المطبوعة «لما قال الله. ولفظ الجلالة لم يكتب في الأصل، ولكنه كتب فيه بين السطرين بخط جديد.
(٥) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٦) سورة المائدة (٦).
(٧) في النسخ المطبوعة «على أن كل من كان» وزيادة كلمة «كل» ليست من الأصل، ولكنها مكتوبة فيه بين السطرين بخط آخر.
(٨) في ب «وكذلك»، وفي س وج «دلت السنة» وكلها مخالف للأصل.
(٩) حذف النون هنا للإضافة إلى الضمير، وحرف الجر بينهما مقحم، على ما قال علماء العربية ورجحوه، وهذا الحذف ورد كثيرا في كلام العرب. انظر فقه اللغة للثعالبي (ص ٣٤٩ طبعة الحلبي) وشرح ابن يعيش على المفصل (١٠٤ - ١٠٧).
 
٦٤١ - وذكرتُ له تحريمَ النبيِّ كلَّ ذِي نابٍ مِن السِّباعِ وقدْ قال الله (قُلْ لَا أجد فيما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا (١) عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم (٢» فقال ثم سَمَّى ما حَرَّمَ (٣)
٦٤٢ - فقال (٤) فما معنى هذا
٦٤٣ - قلنا (٥) معناه قل لا أجد فيما يوُحَى إلَيَّ مُحَرَّمًا مما كنتم تأكلون إلا أن يكون (٦) مَيْتَةً وما ذُكِر بعدها فأما ما تَرَكْتم (٧) أنكم لم تَعُدُّوه مِن الطَّيِّبات فلم يُحَرِّم عليكم مما كنتم تستحلون إلا ما سَمَّى اللهُ ودلت السنةُ على أنه حرَّم (٨) عليكم منه ما كنتم تُحَرِّمون لِقول الله (يحل (٩) لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث (١٠)
(١) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٢) سورة الأنعام (١٤٥).
(٣) لم يذكر الشافعي نص الآية في هذه المحرمات، فلذلك قال «ثم سمي ما حرم» يشير به إلى باقي الآية. وفي ب «فسمى» وهو مخالف للأصل.
(٤) في ب «قال» وهو مخالف للأصل.
(٥) في ب «قلت» وهو مخالف للأصل.
(٦) وضع في الأصل نقطتان فوق الحرف ونقطتان تحته، ليقرأ بالتاء وبالياء.
(٧) في ب وج «ذكرتم» بدل «تركتم» وهو مخالف للأصل.
(٨) في النسخ المطبوعة «على أنه إنما حرم» وكلمة «إنما» ليست من الأصل، ولكنها مكتوبة بحاشيته بخط آخر.
(٩) التلاوة «ويحل» ولكن الواو كتبت في الأصل بخط جديد، والشافعي كثيرا ما يترك حرف العطف اكتفاء بموضع الاستدلال من الآية، وليس بصنيعه هذا بأس.
(١٠) سورة الأعراف (١٥٧).
 
٦٤٤ - قال (١) وذكرتُ له قولَ الله (وَأَحَلَّ اللَّهُ البيع وحرم الربا (٢» وقولَه (لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أن تكون (٣) تجارة عن تراض منكم (٤» ثم حَرَّم رسولُ الله بيوعًا منها الدنانيرُ بالدَّراهم إلى أجلٍ وغيرُها فحرَّمَها المُسْلِمون بتحريم رسولِ اللهِ فليس (٥) هذا ولا غيره خلافًا لكتاب الله
٦٤٥ - قال فَحُدَّ لي معنى هذا بأجْمَعَ منه وأخْصَرَ
٦٤٦ - (٦) فقلتُ له لَمَّا كان في كتاب الله دِلالة على أنَّ الله قد وضَعَ رسولَه مَوْضع الإبانَةِ عنه وفَرَض على خَلْقِه اتِّباعَ أمره فقال (وَأَحَلَّ اللَّهُ البيع وحرم الربا (٢» فإنما يعْني أحَلَّ اللهُ البيْعَ إذا كان على غير ما نهى الله عنه في كتابه أو على لسان نبيه وكذلك قوله (٧) (وأحل لكم ما وراء ذلكم (٨» بما أحله الله (٩) به
(١) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي».
(٢) سورة البقرة (٢٧٥).
(٣) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٤) سورة النساء (٢٩).
(٥) في النسخ المطبوعة «وليس» وهي في الأصل بالفاء ملصقة باللام، فتصرف بعض القارئين فيه فمد نقطة الفاء فجعلها فتحة، لتقرأ واوا مفتوحة.
(٦) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٧) في س وج «قول الله» وهو مخالف للأصل.
(٨) سورة النساء (٢٤).
(٩) لفظ الجلالة لم يذكر في النسخ المطبوعة، وهو ثابت في الأصل، ولكن وضع عليه خط، كأنه إشارة إلى حذفه. في س وج «مما» بدل «بما» وهو مخالف للأصل.
 
مِن النكاح ومِلْك اليمين في كتابه لا أنه إباحة في كل وجهٍ وهذا كلام عربي
٦٤٧ - (١) وقلت له لوْ جازَ أنْ تُتْرَكُ (٢) سنةٌ مما ذهب إليه من جَهِلَ مكانَ السنَنِ مِن الكتاب تُرك (٣) ما وصفْنا مِن المسح على الخُفَّيْنِ وإباحَةُ (٤) كلِّ ما لَزِمه اسمُ بيْعٍ (٥) وإحلالُ أنْ يُجْمَعَ (٦) بين المرْأَةِ وعَمَّتها وخالتها وإباحةُ كلِّ ذي نابٍ مِن السِّباع وغيرُ ذلك
٦٤٨ - ولَجاز أن يقال سنَّ النبيُّ ألاَّ يُقْطَعَ مَن لمْ تبلغ سرِقَتُه ربعَ دينارٍ (٧) قبْلَ التَّنْزيلِ ثم نَزَل عليه (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا (٨» فمن لزِمه اسمُ سَرِقةٍ (٩) قُطِعَ
٦٤٩ - ولجاز أن يقال إنما سن النبي الرجمَ على الثَّيِّب حتى نزلتْ عليه (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحد منهما مائة
(١) هنا في النسخ، المطبوعة زيادة «قال الشافعي». وفي حاشية الأصل بلاغ نصه:
«بلغ السماع في المجلس الخامس، وسمع ابني محمد، علي وعلى المشايخ».
(٢) في س «يترك» بالياء التحتية، وهي واضحة بالتاء المثناة الفوقية في الأصل.
(٣) «ترك» فعل مبني لما لم يسم فاعله، وبذلك ضبط في الأصل بضم التاء، وكذلك ضبط في النسخة المقروءة على ابن جماعة بضم التاء وكسر الراء. وفي النسخ المطبوعة «لجاز ترك» فزادوا عما في الأصل كلمة «لجاز» واستتبع هذا جعل كلمة «ترك» مصدرا بفتح التاء واسكان الراء، وكل هذا تصرف غير مستساغ.
(٤) قوله «إباحة» فاعل لفعل محذوف، تقديره «لزم» أو نحوها، وهو معطوف على قوله «ترك».
(٥) في ب «البيع» وهو مخالف للأصل
(٦) ضبط في الأصل بضم الياء، على البناء للمفعول.
(٧) في النسخ المطبوعة زيادة «فصاعدا» وليست في الأصل.
(٨) سورة المائدة (٣٨).
(٩) عبث بعض القارئين في الأصل فألصق بالسين «ال» لتقرأ «السرقة».
 
جلدة (١» فيُجْلَد (٢) البِكرُ والثيبُ ولا نرْجُمُهُ
٦٥٠ - وأن يقال في البيوع التي حرَّم رسولُ الله إنما حرَّمَها قبْل التنزيل فلما أُنْزِلتْ (وَأَحَلَّ اللَّهُ البيع وحرم الربا (٣» كانت حَلالًا
٦٥١ - والرِّبا أن يكونَ للرَّجُل على الرجلِ الدَّيْنُ فَيَحِلُّ فيقولُ أَتَقْضِي أمْ تَرْبِي فيؤخر (٤) عنه ويزيده غفي ماله وأشباهٌ لهذا (٥) كثيرةٌ
٦٥٢ - (٦) فمن قال هذا (٧) كان مُعَطِّلًا لِعَامَّة سنَنِ رسولِ الله وهذا القول جهل مما قاله
٦٥٣ - قال أجَلْ
٦٥٤ - وسنةُ رسولِ الله كما وصفْتُ ومَنْ (٨) خالفَ ما قلْتُ فيها فقد جمَعَ الجْهَل بالسنة والخَطَأَ في الكلام فيما جهل
٦٥٥ - قال فاذْكُرْ سنةً نُسِختْ بسنةٍ سِوى هذا
(١) سورة النور (٢).
(٢) في ب «فنجلد» بالنون، وهو مخالف للأصل.
(٣) سورة البقرة (٢٧٥).
(٤) زاد بعضهم بخط جديد في الأصل هاء في قوله «فيؤخر» لتقرأ «فيؤخره».
(٥) في ب «هذا» بدون لام الجر، وهو مخالف للأصل.
(٦) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٧) في النسخ المطبوعة زيادة «القول» وليست في الأصل.
(٨) في ب «فمن» وهو مخالف للأصل.
 
٦٥٦ - رضي الله تعالى عنه فقلتُ له السننُ الناسِخَةُ والمنسوخةُ مُفَرَّقَةٌ في مَواضِعِها وإنْ رُدِّدَتْ (١) طالَتْ
٦٥٧ - قال فيكفي (٢) منها بعضُها فاذْكره مُخْتَصَرًا بَيِنًا
٦٥٨ - (٣) فقلتُ (٤) أخبرنا مالك (٥) عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْمٍ عن عبد الله بن واقِدٍ عن عبد الله بن عمر (٦) قال «رَسُوُل اللهِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ» قال عبد الله بن أبي بكر فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ (٧) فَقَالَتْ صَدَقَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تقول " دَفَّ (٨) نَاسٌ مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ حَضْرَةَ الأَضْحَى فِي زَمَانِ النَّبِيِّ فَقَاَل النَّبِيُّ ادَّخِرُوا لثلاث فتصدقوا بما بقي قال فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَنْتَفِعُونَ بِضَحَايَاهُمْ يُجْمِلُونَ
(١) كلمة «رددت» واضحة في الأصل ومضبوطة بضم الراء وتشديد الدال الأولى، وكذلك في النسخة المقروءة على ابن جماعة، وفي ب «وردت» وكتب مصححوها بحاشيتها ما نصه «قوله وإن وردت، كذا في بعض النسخ، وفي بعضها رددت». فلا أدري عن أي نسخة طبعت نسخة بولاق أو صححت!!
(٢) في ب «فيكفيني» وهو مخالف للأصل، وقد حاول بعض قارئيه تغيير الكلمة إلى هذا محاولة واضحة.
(٣) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٤) في النسخ الثلاث المطبوعة زيادة «له» وليست في الأصل.
(٥) في النسخ المطبوعة زيادة «بن أنس» وليست في الأصل.
(٦) في ج «عبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر» وهو خطأ مطبعي واضح.
(٧) في ب زيادة «بنت عبد الرحمن» وفي س وج «ابنة عبد الرحمن» والزيادة ليست في الأصل، ولكنها مكتوبة بخط جديد بين السطور.
(٨) بالدال المهملة المفتوحة وتشديد الفاء، أي أتوا، والدافة: القوم يسيرون جماعة سيرا ليس بالشديد، كما في النهاية.
 
مِنْهَا الوَدَكَ (١) وَيَتَّخِذُونَ (٢) الأَسْقِيَةَ فَقَالَ رسولُ اللهِ ومَا ذَاكَ أوْ كَمَا قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ نَهَيْتَ عَنْ إمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ حَضْرَةَ الأَضْحَى فكلوا وتصدقوا وادخروا (٣) "
٦٥٩ - (٤) وأخبرنا بن عُيَيْنَة (٥) عن الزهري عن أبي عُبَيْد مولى بن أزْهَرَ (٦) قال شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ علي بن أبي طالب فسَمِعتُهُ يقول لَا يَأْكُلَنَّ أحَدُكُمْ (٧) مِنْ لَحْمِ (٨) نُسُكِهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ
٦٦٠ - (٤) أخْبَرَنا (٩) الثِّقة عن مِعْمَرٍ عن الزهري عن أبي عبيد
(١) «الودك»: دسم اللحم ودهنه، وقوله «يجملون» بالجيم، وفي النسخ المطبوعة «يحملون» بالحاء المهملة، وهو خطأ ومخالف للأصل، إذ هي فيه بالجيم واضحة وفوق الياء ضمة، أي إنه من الرباعي «أجمل»، والفعل هنا ثلاثي ورباعي، يقال: جمل الشحم، من باب نصر، وأجمله: كلاهما بمعنى أذابه واستخرج دهنه، قال في النهاية:
«وجملت أفصح من أجملت».
(٢) في النسخ المطبوعة «ويتخذون منها». والزيادة ليست في الأصل، ولكنها مكتوبة بحاشيته بخط جديد، ويظهر أن كاتبها أخذها من الموطأ.
(٣) الحديث في الموطأ (٣٦: ٢)، ورواه أيضا الشافعي عن مالك في كتاب اختلاف الحديث (ج ٧ ص ٢٤٦ - ٢٤٧ من هامش الأم)، ورواه أيضا أحمد والشيخان، كما في نيل الأوطار (٢١٧: ٥).
(٤) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٥) في النسخ، الثلاث المطبوعة «أخبرنا» بحذف الواو، وفي س وج «سفيان بن عيينة» وكل ذلك مخالف للأصل.
(٦) أبو عبيد - بالتصغير - اسمه: سعد بن عبيد الزهري، وكان من القراء وأهل الفقه.
(٧) عبث عابث في الأصل، فضرب على الكاف والميم ووضع فوقهما رأس خاء صغيرة، كأنه يشير إلى أنها نسخة، وهو عمل غير صائب.
(٨) كلمة «لحم» مكتوبة في الأصل بين السطرين بخط شبه خطه، ولست أجزم أنه هو.
(٩) في ب «وأخبرنا» بزيادة الواو، وفي س وج «وأخبرني» وكلها مخالف للأصل.
 
عن علي أنه قال قال رسول الله «لَا يَأْكُلَنَّ أحَدُكُمْ مِنْ لَحْمِ (١) نُسُكِهِ بَعْدَ ثلاث (٢)»
٦٦١ - (٣) أخبرنا بن عيينة عن إبراهيم بن مَيْسَرَةَ قال سمعت أنس بن مالك يقول إنَّا لَنَذْبَحُ مَا شَاءَ اللهُ (٤) مِنْ ضَحَايَانَا ثُمَّ نَتَزَوَّدُ بَقِيَّتَهَا إلىَ البَصْرَةِ
٦٦٢ - قال الشافعي (٥) فهذه الأحاديث تَجْمع معاني منها
(١) كلمة «لحم» لم تذكر في النسخ المطبوعة ولكنها ثابتة في الأصل، وضرب عليها بعضهم إلغاء لها، واثباتها أولى.
(٢) هذا الحديث نقله الحازمي في الاعتبار (ص ١٢٠) من طريق الشافعي، وقد أبهم الشافعي شيخه الذي رواه له عن معمر، وهو في صحيح مسلم (١٢٠: ٢) من طريق عبد الرزاق عن معمر، وكذلك رواه أحمد في المسند عن عبد الرزاق (رقم ١١٩٢ ج ١ ص ١٤١) ورواه الطحاوي في معاني الآثار (٣٠٦: ٢) من طريق عبد الرزاق أيضا عن معمر، ورواه أحمد في المسند عن محمد بن جعفر عن معمر (رقم ٥٨٧ و١١٨٦ ج ١ ص ٧٨ و١٤٠). وهو ثابت من طرق أخرى صحيحة عن الزهري وعن شيخه أبي عبيد مولي ابن أزهر، وفي صحيح مسلم (١١٩: ٢ - ١٢٠) ومسند احمد (رقم ٤٣٥. ٥١٠ و٨٠٦ و١٢٧٥ ج ١ ص ٦١ و٧٠ و١٠٣ و١٤٩) والطحاوي (٣٠٦: ٢).
والأثر الذي قبل هذا عن علي: قصر به الشافعي فلم يرفعه، أو لعل شيخه سفيان بن عيينة هو الذي رواه له موقوفا، وقد رواه مسلم من طريق سفيان بهذا الاسناد مرفوعا.
وقد جاء عن علي رواية بالنهي ثم الاذن بالادخار، رواها أحمد في المسند (رقم ١٢٣٥ و١٢٣٦ ج ١ ص ١٤٥): من طريق علي بن زيد بن جدعان عن ربيعة بن النابغة عن أبيه عن علي، وربيعة هذا ذكره ابن حبان في الثقات، وأبوه مجهول، فهو إسناد ضعيف.
(٣) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٤) قوله «ما شاء الله» مكتوب في الأصل بين السطور بنفس الخط، وهو ثابت أيضا في النسخة المقروءة على ابن جماعة وفي الاعتبار للحازمي (ص ١٢١) إذ روى الأثر من طريق الشافعي.
(٥) هذه الفقرات من أول (رقم ٦٦٢) إلى آخر الباب نقلها الحازمي في الاعتبار (س ١٢١ - ١٢٢) من الطبعة المنيرية.
 
أنَّ حديث علي عن النبي في النهي عَنْ إمْساك لُحُوم الضَّحايا بعْد ثلاثٍ وحديث عبد الله بن واقِدٍ مُوتَفِقَانِ (١) عن النبي
٦٦٣ - وفيها دِلالة على أنَّ عَلِيًَّا سمع النهيَ مِن النبي وأنَّ النهيَ بَلَغَ عبدَ الله بن واقد
٦٦٤ - ودلالةٌ على أن الرُّخْصَةَ مِن النبي لم تبلُغْ عليًا ولا عبدَ الله بن واقد ولو بَلَغَتْهمَا الرُّخْصَةُ مَا حَدَّثاَ بالنهي والنَّهْيُ منسوخ وتَرَكا الرخصةَ والرخصةُ ناسخة والنهي منسوخ لا يَسْتَغْنِي سامِعُه عَنْ علم ما نَسَخَهُ (٢)
٦٦٥ - وقولُ أنس بن مالك كنا نَهْبِطُ بِلحوم الضحايا البَصْرَةَ يَحْتَملُ أنْ يكونَ أنس سَمِعَ الرخصةَ ولم يسمَعْ النهيَ قَبْلَهَا فَتَزَود بالرخصة ولم يسمع نهيًا أو سمع الرخصةَ والنهيَ فكان النهيُ منسوخًا فلم يذكرْهُ
٦٦٦ - فقال كلُّ واحِدٍ من المُخْتَلِفَينَ (٣) بما عَلِمَ
٦٦٧ - بسم الله الرحمن الرحيم وهكذا يجب على مَنْ سَمِعَ (٤) شيئًا مِن رسول الله أو ثَبَتَ له عنه أنْ يقول بما سمع حتى يعلم غيره (٥)
(١) في النسخ المطبوعة «متفقان». وانظر الحاشية رقم (٥) من الصفحة (٣١).
(٢) في س وج «عن علم ناسخه» وهو مخالف للأصل.
(٣) يعني من الفريقين المختلفين، وهكذا ضبطت الكلمة في الأصل بفتح الفاء على التثنية وإلا فقد كان يمكن قراءتها بكسر بلفظ الجمع.
(٤) في النسخ المطبوعة «على كل من سمع» وكلمة «كل» لم تذكر في الأصل.
(٥) فلا عذر في خلاف حديث رسول الله لمقلد ولا لغيره.
 
٦٦٨ - قال الشافعي فلما حَدَّثَتْ عائشةُ عَن النبي بالنهي عَنْ إمْساك لُحوم الضحايا بعد ثلاثٍ ثم بالرخصة فيها بعد النهي وأنَّ رسولَ الله أخْبَرَ أنَّه نهى عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث للدَّافَّة كان الحديث التَّام المحفوظ أوَّلُه وآخِرُه وسَبَبُ التحريم والإحلال فيه حديثُ عائشة عن النبي وكان على مَنْ عَلِمَهُ أنْ يصيرَ إليه
٦٦٩ - (١) وحديثُ عائشة مِنْ أبْيَنِ ما يوجَدُ في الناسخ والمنسوخ مِن السُّنَنِ
٦٧٠ - وهذا يَدل على أنَّ بعض الحديث يُخَصُّ (٢) فيُحْفظ بعضُه دون بعض فيُحفظ منه شئ كان أوَّلًا ولا يُحفظ آخِرًا ويُحْفظ أخِرًا ولا يُحفظ أوَّلًا فيُؤَدِّي كلٌّ ما حَفِظَ
٦٧١ - فالرخصةُ بعْدَها في الإمساك والأكْل والصدقة مِن لحوم الضحايا إنما هي لواحد مَعْنَيَيْنِ لِاخْتِلَاف الحالَيْن
٦٧٢ - فإذا دَفَّت الدَّافَّةُ ثَبَتَ النهي عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث وإذا لم تَدِفَّ دافَّة فالرخصةُ ثابِتة بالأكْل والتزود والادخار والصدقة
(١) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٢) «يخص» ضبطت في الأصل واضحة بضم الياء وفتح الخاء وتشديد الصاد، وكذلك كتبت في الاعتبار، ومع ذلك فقد غيرها الناسخون في نسخ الرسالة، فكتبوها «يختصر».
 
٦٧٣ - (١) ويُحتمل أنْ يكونَ النهي عَن إمْساك لحوم الضَّحايا بَعْد ثلاث منسوخًا في كلِّ حالٍ (٢) فيُمْسك الإنسان مِن ضحيَّتِه ما شاء ويتَصَدَّق بما شاء (٣)
(١) هنا في ب زيادة «قال».
(٢) في النسخ المطبوعة «بكل حال» وهو مخالف للأصل.
(٣) هذا ما قال الشافعي هنا، وقال في كتاب [اختلاف الحديث] (ص ٢٤٧ - ٢٤٨ من هامش الجزء ٧ من الام) بعد أن ذكر حديث عائشة:
«فيشبه أن يكون إنما نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث إذ كانت الدافة -: على معنى الاختيار، لا على معنى الفرض، وإنما قلت يشبه الاختيار لقول الله ﷿ في البدن: (فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا)، وهذه الآية في البدن التي يتطوع بها أصحابها، لا التي وجبت عليهم قبل أن يتطوعوا بها، وإنما كل النبي ﷺ من هديه أنه كان تطوعا، فاما ما وجب من الهدي كله فليس لصاحبه أن يأكل منه شيئا، كما لا يكون له أن يأكل من زكاته ولا من كفارته شيئا، وكذلك إن وجب عليه أن يخرج من ماله شيئا، فأكل بعضه فلم يخرج ما وجب عليه بكماله. وأحب لمن أهدي نافلة أن يطعم البائس الفقير لقول الله:
(فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) وقوله: (وأطعموا القانع والمعتر) القانع: هو السائل، والمعتر: الزائر المار بلا وقت، فإذا أطعم من هؤلاء واحدا أو أكثر فهو من المطعمين، فأحب إلي ما أكثر أن يطعم ثلثا، ويهدي ثلثا، ويدخر ثلثا، ويهبطَ به حيث شاء، والضحايا من هذه السبيل، والله أعلم. وأحب إن كانت في الناس مخمصة أن لا يدخر =
 
وجهٌ آخَرُ (١) مِن الناسخ والمنسوخ
٦٧٤ - (٢) أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك (٣) عن بن أبي ذِئْبٍ عن المَقْبُرِيِّ عن عبد الرحمن بن أبي سعيد (٤) عن (٥) أبي سعيد
= أحد من أضحيته ولا من هديه أكثر من ثلاث، لأمر النبي ﷺ في الدافة»
وقال الشافعي في اختلاف الحديث أيضا (ص ١٣٦ - ١٣٧):
«وفي مثل هذا المعنى أن علي بن أبي طالب خطب الناس، وعثمان بن عفان محصور، فأخبرهم أن النبي ﷺ نهى عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث، وكان يقول به، لأنه سمعه من النبي، وعبد الله بن واقد قد رواه عن النبي، وغيرهما، فلما روت عائشة أن النبي نهى عنه عند الدافة، ثم قال: كلوا وتزودوا وادخروا وتصدقوا، وروى جابر بن عبد الله عن النبي أنه نهي عن لحوم الضحايا بعد ثلاث، ثم قال:
كلوا وتزودوا وتصدقوا -: كان يجب على من علم الامرين معا أن يقول: نهي النبي عنه لمعني، فإذا كان مثله فهو منهي عنه، وإذا لم يكن مثله لم يكن منهيا عنه، أو يقول: نهى النبي عنه وقت ثم أرخص فيه بعده، والآخر من أمره ناسخ للأول. قال الشافعي: وكل قال بما سمعه من رسول الله، وكان من رسول الله ما يدل على أنه قاله على معنى دون معنى أو نسخه، فعلم الأول ولم يعلم غيره، فلو علم أمر رسول الله فيه صار اليه، إن شاء الله».
وهكذا تردد الشافعي في قوله في هذا كما ترى، فمرة يذهب إلى النسخ، ومرة يذهب إلى أن النهي اختيار لا فرض، ومرة يذهب إلى ان النهي لمعنى، فإذا وجد ثبت النهي، والذي أراه راجحا عندي: أن النهي عن الادخار بعد ثلاث انما كان من النبي ﷺ لمعنى دف الدافة، وأنه تصرف منه ﷺ على سبيل تصرف الإمام والحاكم، فيما ينظر فيه لمصلحة الناس، وليس على سبيل التشريع في الأمر العام، بل يؤخذ منه أن للحاكم أن يأمر وينهى في مثل هذا، ويكون أمره واجب الطاعة، لا يسع أحدا مخالفته، وآية ذلك أن النبي ﷺ حين أخبروه عما نابهم من المشقة في هذا سألهم:
«وما ذاك»؟ فلما أخبروه عن نهيه أبان لهم عن علته وسببه، فلو كان هذا النهي تشريعا عاما لذكر لهم أنه كان ثم نسخ، أما وقد أبان لهم عن العلة في النهي فإنه قصد إلى تعليمهم أن مثل هذا يدور مع المصلحة التي يراها الإمام، وأن طاعته فيه واجبة. ومن هذا نعلم أن الأمر فيه على الفرض لا على الاختيار، وإنما هو فرض محدد بوقت أو بمعنى خاص، لا يتجاوز به ما يراه الامام من المصلحة.
وهذا معنى دقيق بديع، يحتاج إلى تأمل، وبعد نظر، وسعة اطلاع على الكتاب والسنة ومعانيهما، وتطبيقه في كثير من المسائل عسير، إلا على من هدي الله.
(١) في ب «باب وجه آخر» وكلمة «باب» ليست في الأصل.
(٢) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٣) الحديث مضي بهذا الاسناد برقم (٥٠٦).
(٤) في ب زيادة «الخدري» وهي مزادة في الأصل بين السطور بخط جديد.
(٥) زاد بعض الكاتبين هنا بهامش الأصل كلمة «أبيه» بخط جديد.
 
الخُدْرِي قال «حُبِسْنَا يَوْمَ الخَنْدَقِ عَنِ الصَّلَاةِ حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل حَتَّى كُفِينَا وَذَلِكَ (١) قَوْلُ اللهِ (وَكَفَى اللَّهُ المؤمنين القتال (٢) وكان الله قويا عزيزا) (٣) قال (٤) فدعا رسول الله بلالا فأمر فأقام الظهر (٥) فصلاها فأحسن (٦) صلاتها كما كان يصليها في وقتها ثم أقام العصر فصلاها كَذَلِكَ ثُمَّ أَقاَمَ المَغْرِبَ فَصَلاَّهَا كَذَلِكَ ثُمَّ أقام العشاء فصلاها كذلك أيضا قال وذلك قَبْلَ أنْ أَنْزَلَ (٧) اللهُ فِي صَلَاةِ الخَوْفِ (فرجالا أو ركبانا) (٨)»
٦٧٥ - الشافعي فَلمَّا حَكَى أبو سعيد أنَّ صَلاة النبي عامَ الخنْدَق كانت (٩) قَبْل أنْ يُنْزَلَ في صلاة الخوف إلا بعدها إذْ حضرها أبو سعيد وحكى تأخيرَ الصَّلَوات حتى خَرَجَ مِن وَقْت عامَّتها (١٠) وحكى أنَّ ذلك قبْل نُزُول صلاة الخوف
(١) في ب «فذلك» وهو مخالف للأصل.
(٢) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٣) سورة الأحزاب (٢٥).
(٤) كلمة «قال» لم تذكر في س وج وهي ثابتة في الأصل.
(٥) في س «صلاة الظهر» وكلمة «صلاة» ليست من الأصل ولكنها مكتوبة فيه بين السطرين بخط جديد.
(٦) في ب «وأحسن» وهو خلاف الأصل.
(٧) في النسخ المطبوعة «ينزل» وما هنا هو الذي في الأصل، ثم ضرب عليه بعض القارئين وكتب فوقه بين السطرين «ينزل».
(٨) سورة البقرة (٢٣٩). وانظر ما كتبناه على الحديث فيما مضى.
(٩) في ب «كانت عام الخندق» بالتقديم والتأخير، وهو مخالف للأصل.
(١٠) في النسخ المطبوعة «حتى خرج وقت عامتها» بحذف «من» وهي ثابتة في الأصل، والمعنى عليها صحيح واضح.
 
٦٧٦ - قال (١) فلا تُؤَخَّر صلاةُ الخوف بحالٍ أبدًا عَن الوقت إن كانتْ فِي حَضَرٍ أو عن وقت الجَمْعِ في السَّفَرِ بخوفٍ (٢) ولا غير ولكن تُصَلَّى كما صَلَّى رسولُ الله
٦٧٧ - والذي أخَذْنا به في صلاة الخوف أنَّ مالكًا أخبرنا (٣) عن يزيد بن رُومان عن صالح بن خوات عن من صلى مع رسول الله صلاة الخوف يوم ذات الرقاع (٤) «أن طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ وُجَاهَ العَدُوِّ فَصَلَّى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وُجَاهَ (٥) العَدُوِّ وَجَاءَت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ»
٦٧٨ - قال (١) أخبرنا (٦) مَنْ سمع عبدَ الله بن عمر بن حفص يُخْبِر (٧) عن أخيه عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات بن جبير عن أبيه عن النبي مِثْلَهُ (٨) [*]
(١) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» وهو مخالف للأصل.
(٢) في النسخ المطبوعة «لخوف» باللام، وهي بالباء واضحة في الأصل.
(٣) مضى الحديث بهذا الاسناد برقم (٥٠٩).
(٤) في النسخ المطبوعة «يوم ذات الرقاع صلاة الخوف» بالتقديم والتأخير، ولكن في ب «خوف» بدون حرف التعريف، وكل ذلك مخالف للأصل.
(٥) قلنا فيما مضى: إن «وجاه» بضم الواو وبكسرها، وضبطناه كذلك في كل المواضع، ولكنها ضبطت في الأصل هنا بالكسر فقط، فاتبعناه فيه.
(٦) في ب «وأخبرنا» والواو ليست في الأصل.
(٧) كتبت في الأصل «يذكر» ثم ضرب عليها وكتب فوقها «يخبر» والخط واحد، وقد مضى فيما سبق بلفظ «يذكر».
(٨) في ب زيادة «أو مثل معناه» وليست في الأصل.
[*] الحديث رقم (٦٧٨) مضى بهذا الإسناد في (٥١٠)، وستأتي إشارة إليه وإلى (٦٧٧) في (٧١١). [كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
٦٧٩ - قال (١) وقَدْ رُوِىَ (٢) أنَّ النبي صَلَّى صَلاة الخوف على غَيْرِ ما حَكَى مالك
٦٨٠ - وإنما أخذْنَا بهذا دونَه لأنه كان أشْبَهَ بالقُرَآن وأقوى في مكايدة العدوِّ
٦٨١ - وقد كتبنا هذا بالاختلاف فيه وتَبَيُّنِ (٣) الحجَّة في (كتاب الصلاة (٤» وتركْنا ذكْرَ مَنْ خالَفَنا فيه وفي غيره من الأحاديث لِأنَّ ما خُولِفْنَا فيه منها مفترق (٥) في كتبه

وجه آخر (٦)
٦٨٢ - (٧) قال الله ﵎ (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ (٨) فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً منكم فإن شهدوا
(١) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» وهو مخالف للأصل.
(٢) في ب «وروي» بحذف «قد» وهو مخالف للأصل.
(٣) في النسخ المطبوعة «وتبيين» بياءين، والكلمة في الأصل بياء واحدة وفوقها شدة، ثم غيرها بعض قارئيه، فقسم الياء نصفين، وزاد نقطتين، ونسي الشدة التي تفسد عليه صنعه.
(٤) انظر (كتاب صلاة الخوف) في الام (١٨٦: ١ - ٢٠٣) وانظر كتاب اختلاف الحديث بهامش الأم (٢٢١: ٧ - ٢٢٦) ولست أظن أن الشافعي يشير هنا بقوله:
«كتاب الصلاة» إلى هذين الموضعين، لأنه لم يفصل فيهما الاختلاف ولم يبين الحجة.
وأنا أرجح أن «كتاب الصلاة» الذي ذكره هنا كتاب آخر من مؤلفات الشافعي، لم يقع إلينا.
(٥) في ب وج «مفرق» وهو مخالف للأصل.
(٦) في س وب «وجه آخر من الناسخ والمنسوخ» وفي ج كذلك مع زيادة كلمة «باب» في أوله، وكل ذلك مخالف للأصل.
(٧) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٨) في الأصل إلى هنا، ثم قال: «إلى قوله: فأعرضوا عنهما».
 
فامسكوهن بالبيوت حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وأصلحا فاعرضوا عنهما (١»
٦٨٣ - (٢) فكان حدُّ الزانيين بهذه الآية الحبْسَ والأذى حتى أنزلَ اللهُ على رسوله (٣) حَدَّ الزنا فقال (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي (٤) فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مائة جلدة (٥» وقال في الإماء (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ العذاب (٦» فَنُسِخ الحبس (٧) عَن الزُّناة وثَبَتَ (٨) عليهم الحُدُودُ
٦٨٤ - ودلَّ قولُ الله في الإماء (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما على المحصنات من العذاب) على فَرْقِ اللهِ بَيْنَ حدِّ المَماليك والأحْرار في الزِّنا وعلى أنَّ النصفَ لا يكونُ إلاَّ مِنْ جلْد لأن الجلْدَ بِعَدَدٍ ولا يكون مِن رَجْمٍ لأن الرَّجمَ إتْيانٌ على النِّفْس بلا عدد لأنه قد يُؤْتىَ عليها (٩) برجمة واحدة وبألف وأكثر (١٠) فلا نصف (١١)
(١) سورة النساء (١٥ و١٦).
(٢) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٣) في س وج «رسول الله».
(٤) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٥) سورة النور (٢).
(٦) سورة النساء (٢٥).
(٧) ضبط بالرفع في الأصل.
(٨) في النسخ المطبوعة «وأثبت» وهو مخالف للأصل.
(٩) في النسخ المطبوعة «على نفس المرجوم» بدل «عليها» وهو مخالف للأصل.
(١٠) في ب «وبأكثر» وهو مخالف للأصل.
(١١) في ب «ولا نصف» وهو مخالف للأصل.
 
لمِا لا يُعْلَمُ بعدد ولا نصف للنفس فيؤتى بالرجم على نِصْف النفس (١)
٦٨٥ - (٢) واحتمل (٣) قولُ الله في سورة النور (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) أن يكونَ على جميع الزُّناةِ الأحْرار وعلى بَعْضِهِم دُون بعض فاسْتَدللنا بسنة رسولِ الله بِأَبي هو وأُمِّي على مَنْ أُريدَ باِلمائة جَلدةٍ
٦٨٦ - (٢) أخبرنا عبد الوهاب (٤) عن يونس بن عبيد عن الحسن (٥) عن عُبادَة بن الصَّامِت (٦) أنَّ رسولَ الله قال «خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قَدْ جعل لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ»
٦٨٧ - قال (٧) فدلَّ قولُ رسولِ الله «قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا» على أنَّ هذا أولُ ما حُدَّ به الزُّناةُ لأنَّ اللهَ يقول (٨) (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يجعل الله لهن سبيلا)
(١) انظر ما مضى برقم (٣٨٥).
(٢) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٣) في النسخ المطبوعة «ويحتمل» والذي في الأصل «واحتمل» ثم حاول بعض القراء فيه تغييرها بالضرب على الألف وإلصاق ياء في رأس الحاء.
(٤) في النسخ المطبوعة زيادة «الثقفي» وهذه الزيادة مكتوبة بحاشية الأصل بخط جديد.
والحديث مضى بهذا الاسناد برقم (٣٧٨).
(٥) في ج «الحسين» وهو خطأ.
(٦) قوله «بن الصامت» لم يذكر في ب وهو ثابت في الأصل.
(٧) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» وهو مخالف للأصل.
(٨) في س «قال»، وهي في الأصل «يقول» ثم غيرها بعض الكاتبين فجعلها «قال».
 
٦٨٨ - (١) ثم رَجَمَ رسولُ الله ماعِزًا ولم يَجْلِده وامرأة الأسلمي ولم يجلدها فدلت سنة رسول الله على أن الجلد منسوخ عن الزانيين الثيبين
٦٨٩ - قال (٢) ولم يكن بين الأحرار في الزنا فَرْق (٣) إلا بالإحصان بالنكاح وخلافِ الإحصان به
٦٩٠ - (٤) وإذ (٥) كان قولُ النبي (٦) «قَدْ جَعَلَ الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام» ففي هذا دلالة على أن أوَّل ما نُسِخَ الحبْسُ عَن الزانيين وحُدَّا بعد الحبس وأنَّ كلَّ حَدٍّ حَدَّهُ الزانيين فلا يكون (٧) إلا بعد هذا إذْ (٨) كان هذا أوَّلَ حَدِّ الزانيين (٩)
٦٩١ - [*] (٤) أخبرنا مالك (١٠) عن بن شهاب (١١) عن عبيد الله
(١) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٢) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» وهو زيادة عما في الأصل.
(٣) في ب «فرق في الزنا» بالتقديم والتأخير، وهو خلاف الأصل.
(٤) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٥) في النسخ المطبوعة «وإذا» وهو مخالف للأصل.
(٦) في س وج «رسول الله».
(٧) في الأصل «ولا يكون». وقد اضطررت لمخالفته واتباع ما في النسخة المقروءة على ابن جماعة، لأن الفاء متعينة هنا، وإلا نقص الكلام واضطرب المعنى.
(٨) في س وج «إذا» وهو خطأ ومخالف للأصل.
(٩) انظر ما مضى برقم (٣٨٠ - ٣٨٢).
(١٠) الحديث أشرنا إليه فيما مضى في شرح الفقرة (٣٨٢). وهو في موطأ مالك (٣:
٤٠ - ٤١)، ورواه الشافعي في الأم (١١٩: ٦) عن مالك، ورواه في اختلاف الحديث (٢٥١: ٧) مختصرا عن مالك وابن عيينة. ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك (١٧٢: ٨ - ١٧٣ من الطبعة السلطانية).
(١١) في ب «عن الزهري» وهو هو، ولكن ما هنا هو الذي في الأصل.

[*] الحديث رقم (٦٩١) ستأتي الإشارة إليه بهذا الإسناد وإسناد آخر في (١١٢٥، ١١٢٦). [كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
بن عبد الله (١) عن أبي هريرة وزيد بن خالد (٢) أنهما أخْبَرَاهُ " أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا يَا رَسُولَ اللهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ وَقَالَ الآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُهُمَا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ وَائْذِنْ لِي فِي أنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ (٣) تَكَلَّمْ قَالَ (٤) إنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا (٥) عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأُخْبِرْتُ أنَّ عَلَى اِبْنِي الرَّجْمُ (٦) فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَجَارِيَةٍ (٧) لِي ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ العِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ (٨) مِائَةٍ (٩) وَتَغْرِيبَ عَامٍ وإنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ الله والذي (١٠) نفسي بيده لأقضين
(١) في النسخ المطبوعة زيادة «بن عتبة»، والزيادة ليست في الأصل، ولكنها مكتوبة بحاشيته بخط جديد، وهي ثابتة في الموطأ والأم.
(٢) في س وج «عن زيد بن خالد» وكلمة «عن» مكتوبة في الأصل بين السطرين بغير خطه، ولم تذكر أيضا في الموطأ ولا في الأم. وفي النسخ الثلاث المطبوعة زيادة «الجهني» وهي مكتوبة بحاشية الأصل بخط آخر، وثابتة أيضا في الموطأ والأم.
(٣) في ب «فقال» وهو مخالف للأصل، ولكنه موافق لما في الموطأ.
(٤) في ب «فقال» وهو مخالف للأصل ولكل الروايات الأخرى.
(٥) «العسيف» بفتح العين وكسر السين المهملتين وآخره فاء -: الأجير.
(٦) هكذا ضبطت الكلمة في الأصل بالرفع، وله وجه من العربية: ان يكون اسم «أن» ضمير الشأن، وجملة «على ابني الرجم» خبرها.
(٧) في النسخ المطبوعة «وبجارية» وهو موافق لما في الموطأ، ولكن الذي في الأصل «وجارية» ثم ألصق بعض القارئين شرطة صغيرة فوق رأس الجيم، لتكون باء الجر، ولكنه لم ينقطها! والذي في الأصل موافق لما في الام.
(٨) «جلد» ضبطت في الأصل بالنصب.
(٩) في س وج «مائة جلدة» وهو مخالف للأصل ولكل الروايات التي أشرنا إليها، والذي في الموطأ والأم «فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة» الخ، وبالضرورة تكون «جلد» هنا مرفوعة، خبرا ل «أن».
(١٠) في الموطأ والأم «أما والذي» بزيادة «أما» وليست في الأصل هنا.
 
بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ أمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ إليك (١) وجلد انه مائة وغربه عام وَأَمَرَ أَنِيسً (٢) الأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ (٣) امْرَأَةَ الآخَرِ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا (٤) «
٦٩٢ - (٥) أخبرنا مالك (٦) عن نافع عن بن عمر» أَنَّ النَّبِيَّ رَجَمَ يَهُودِيَيْنِ زَنَيَا (٧) "
٦٩٣ - قال (٨) فثبت جلدُ مائة (٩) والنفيُ على البِكْرين الزانيين والرجمُ على الثيبين الزانيين
٦٩٤ - وإنْ كانَا ممن أُرِيدا (١٠) بالجلد فقد نُسِخ عنهما الجلد مع الرجم وإنْ لم يكونا أريدا (١١) بالجلد وأريد به البكران فيهما مخالفان للثيبين (١٢)
(١) رد: أي مردود. وكلمة «إليك» بدلها في الموطأ والأم «عليك».
(٢) رسم في النسخ المطبوعة والموطأ والأم «أنيسا» بالألف، ورسم في الأصل كما هنا بدونها، وهو جائز، كما شرحناه مرارا.
(٣) في الأم «يغدو» بدل «يأتي» وهو يوافق بعض روايات الحديث، ولكنه مخالف للموطأ ولما في أصل الرسالة هنا.
(٤) الحديث رواه أيضا أحمد وأصحاب الكتب الستة، انظر المنتقى (رقم ٤٠١٣) ونيل الأوطار (٢٤٩: ٧).
(٥) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٦) في النسخ المطبوعة زيادة «بن أنس» وليست في الأصل.
(٧) هذا اختصار من الشافعي لحديث رواه مالك في الموطأ (٣٨: ٣ - ٣٩) ورواه أيضا أحمد والشيخان، انظر المنتقى (رقم ٤٠١٩) ونيل الأوطار (٢٥٦: ٧).
(٨) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» وهو زيادة عما في الأصل.
(٩) في س وج «جلد المائة» وهو مخالف للأصل.
(١٠) في النسخ المطبوعة «أريد» والألف ثابتة في آخر الكلمة في الأصل، وهو صحيح لان «من» تطلق على الواحد وعلى المتعدد.
(١١) في س وج «أريد» وهو خطأ ومخالف للأصل.
(١٢) في ب «يخالفان الثيبين» وهو مخالف للأصل.
 
٦٩٥ - ورَجْمُ الثيبين بَعْد آية الجلد بما رَوَى رسولُ الله عن الله وهذا أشْبَهُ مَعانِيه وأولاها عندنا والله أعلم (١)

وجه آخر (٢)
٦٩٦ - (٣) ﷺ أخبرنا مالك (٤) عن بن شهاب عن أنس بن مالك (٥) " أنَّ النَّبِيَّ رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ (٦) فَصَلَّى صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَاعِدٌ وَصَلَّيْنَا (٧) وَرَاءَه قُعُودًا فَلَمَّا انْصَرَفَ قال إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا (٨) وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وغذا قال سمع الله لمن حمده
(١) هنا بحاشية الأصل: «بلغت والحسن بن علي الأهوازي وجماعة» ولكن الكلمة الأخيرة لم يظهر منها الا رأس الجيم، وأيضا بهامشه ما نصه: «بلغ السماع في المجلس السادس».
(٢) في ب «ووجه آخر من الناسخ والمنسوخ» وفي س «وجه آخر من الناسخ والمنسوخ» وكذلك في ج ولكن زاد كلمة «باب» وكل هذا مخالف للأصل، وقد كتب فيه بخط آخر كلمة «باب» ونسي كاتبها أن كلمة «وجه» مضبوطة فيه بالرفع، وهو ينافي ما زاده.
(٣) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٤) في س وج زيادة «بن أنس». والحديث في الموطأ (١٥٥: ١) ورواه الشافعي في الأم عن مالك (١٥١: ١) وكذلك في اختلاف الحديث (٩٩: ٧) لكنه اختصره فيه.
(٥) في ب «عن الزهري عن أنس» وهو مخالف للأصل.
(٦) جحش - بضم الجيم وكسر الحاء المهملة وآخره شين -: أي خدش جلده.
(٧) ما هنا هو الموافق للأصل والموطأ والأم، وفي س وج «فصلينا» وهو يوافق ما في اختلاف الحديث.
(٨) في ب «فصلوا خلفه قياما» وزيادة «خلفه» مخالفة للأصل وسائر الروايات التي أشرنا إليها.
 
فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ (١) وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ (٢) «
٦٩٧ - (٣) أخبرنا مالك (٤) عن هشام بن عُرْوة (٥) عن أبيه عن عائشة أنها قالت» رَسُولُ اللهِ فِي بَيْتِهِ (٦) وَهُوَ شَاكٍ فَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَه (٧) قَوْمٌ قِيَامًا فَأَشَارَ إلَيْهِمْ أنْ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ (٨) قَالَ إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا (٩) «
٦٩٨ - قال (١٠) وهذا مثل حديث أنس وإنْ كان حديث أنس مُفَسَّرًا وأوْضَحَ (١١) مِن تَفْسيرِ هذا
٦٩٩ - (٣) أخبرنا مالك (١٢) عن هشام بن عروة عن أبيه» أنَّ رَسُولَ اللهِ خَرَجَ فِي مَرَضِهِ فَأَتَى أبَا بكر وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَاسْتَأْخَرَ أبو بكر فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ أن كما أنت
(١) في ب «ربنا لك الحمد» بحذف الواو، وهو موافق لما في الأم، وما هنا هو الموافق للأصل والموطأ.
(٢) الحديث رواه أيضا أحمد والشيخان، وانظر المنتقى (رقم ١٤٤٤) ونيل الأوطار (٢٠٨: ٣).
(٣) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٤) الحديث في الموطأ (١٥٥: ١ - ١٥٦).
(٥) قوله «بن عروة» لم يذكر في ب وهو ثابت في الأصل والموطأ.
(٦) قوله «في بيته» ولم يذكر في الموطأ.
(٧) في ب «خلفه» وهو مخالف للأصل والموطأ.
(٨) في س وج «فلما انصرف إليهم» والزيادة ليست في الأصل ولا في الموطأ.
(٩) الحديث رواه أحمد والشيخان، انظر المنتقى (رقم ١٤٤٣) ونيل الأوطار (٢٠٨: ٣).
(١٠) كلمة «قال» لم تذكر في ب، وفي س وج «قال الشافعي» وكل ذلك مخالف للأصل.
(١١) في ب «أوضح» بدون واو العطف، وهي ثابتة في الأصل وعليها فتحة.
(١٢) هو في الموطأ (١٥٦: ١).
 
فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ إِلَى جَنْبِ أبي بكر فَكَانَ أبو بكر يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللهِ وَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أبي بكر (١) «
٧٠٠ - وبه يأخذ الشافعي (٢)
٧٠١ - قال وذَكَرَ إبراهيم النَّخَعِيُّ عن الأسود بن يزيد عن عائشة عن رسول الله وأبي بكر مِثْل معنى حديث عروة» النبي صلى قاعدا وأبو بكر قائما يصلي بصلاة النبي وهو وراءه قياما (٣) "
(١) هذا الحديث رواه مالك مرسلا (في الموطأ ١٥٦: ١)، قال السيوطي في شرحه:
«قال ابن عبد البر: لم يختلف عن مالك في إرسال هذا الحديث، وقد أسنده جماعة عن هشام عن أبيه عن عائشة، منهم حماد بن سلمه وابن نمير وأبو أسامة. قلت: من طريق ابن نمير أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجة، ومن طريق حماد بن سلمة أخرجه الشافعي في الام».
أقول: ولم أجده في الأم، ولكنه في اختلاف الحديث بهامش الأم (٩٩: ٧ - ١٠٠) قال الشافعي هناك: «أخبرنا الثقة يحيى بن حسان أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة» فذكر الحديث بمعناه، ولعل السيوطي قصد بقوله «في الأم» كتاب «اختلاف الحديث» إذ هو من الكتب التي ألفها الشافعي وألحقها أصحابه بكتاب «الأم».
(٢) هذه الجملة - فيما ترجح - من كلام الربيع، وقد كتبها بخط دقيق بين السطرين، وكتب أيضا بخط دقيق بين كلمتي «أبي بكر» و«وذكر» كلمة «قال»، ولم ينقط الجملة المزادة، ولذلك اشتبه الأمر على الناسخين ومصححي النسخ المطبوعة، فجعلوا الكلام هكذا: «وبه نأخذ. قال الشافعي» وأما النسخة المقروءة على ابن جماعة فان فيها مثل ما أثبتنا هنا، ولكن زاد كاتبها كلمة «الشافعي» مرة أخرى بعد كلمة «قال».
(٣) في اختلاف الحديث (ص ١٠٠) بعد حديثه عن يحيى بن حسان، والذي أشرنا إليه:
«وذكر إبراهيم عن الأسود عن عائشة عن النبي مثل معناه» فعلقه عن إبراهيم كما هنا، واختصره في الأم (١٥١: ١) لفظا وإسنادا، فذكره معلقا عن عائشة، ثم أشار إليه مرة أخرى (ص ١٥٦) ولم يذكر إسناده أيضا. وقد رواه الحازمي في الناسخ والمنسوخ (ص ٨٣) باسناده موصولا، ثم قال: «هذا حديث صحيح ثابت متفق عليه». وهو كما قال، انظر نيل الأوطار (١٨٣: ٣ - ١٨٥).
وفي ب «قيام» بدل «قياما» وهو مخالف للأصل. وفيها أيضا بعد زيادة نصها: «قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ﵂، مثل حديث مالك، وبين فيه: أن قال:
صلى النبي ﷺ قاعدا، وأبو بكر خلفه قائما، والناس خلف أبي بكر قيام». وكتب مصححها بحاشيتها: «سقط هذا الحديث من بعض النسخ».
وهذه الزيادة ليس لها أصل في كتاب [الرسالة] فلا توجد في أصل الربيع، ولم تذكر في النسخة المقروءة على ابن جماعه ولا في غيرها، ولعلها كتبها بعض الناسخين في حاشية إحدى النسخ التي لم تقع إلينا، ويكون كاتبها نقلها من اختلاف الحديث أو من غيره من كتب الشافعي، بيانا لإسناد الشافعي فيه، لا زيادة في الكتاب، ثم أدخلت فيه خطأ بعد ذلك.
 
٧٠٢ - قال (١) فلما كانتْ (٢) صلاة النبي في مرضه الذي مات فيه قاعدا والناس خلفه قياما استدللنا على أنَّ أمرَه الناسَ (٣) بِالجُلوس في سَقْطَته عن الفرس قبل مرضه الذي مات فيه فكانت صلاته في مرضه الذي مات فيه قاعدًا والناس خلفه قيامًا ناسخةً لأنْ يجلسَ الناس بجلوس الإمام.
٧٠٣ - وكان في ذلك دليلٌ بما (٤) جاءت به السنة وأجمع عليه
(١) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» وهو مخالف للأصل.
(٢) في ب «فلما كانت هذه» وكلمة «هذه» زيادة ليست في الأصل ولا في سائر النسخ ولا حاجة بالكلام إليها هنا.
(٣) في س وج «على أن أمره الأول الناس» وكذلك في النسخة المقروءة على ابن جماعة، وفي ب «على أن أمره للناس». والذي في الأصل «على أن أمره الأول بالجلوس» ثم ضرب الربيع على كلمة «الأول» وكتب فوقها «الناس» بخطه، فظن من بعده أنه يجمع بين الكلمتين، وهو غير جيد، لأن كلمة «الأول» هنا لا موضع لها، لأنه سيقول «قبل مرضه الذي مات فيه» فهذا يغني عن قوله «الأول». وإنما يريد الشافعي أن يخبر عن أمره الناس بالجلوس أنه كان قبل مرض موته، فلا يناسب وصفه ابتداء بأنه «الأول» لأنه قد يشير إلى الاستغناء عن الخبر.
(٤) في الأصل «بما» وكذلك في النسخة ابن جماعة، وهو صحيح واضح، ومع هذا فقد غير في النسخ المطبوعة، ففي س وج بدلها «على ما» وفي ب «لما»، وكل ذلك خطأ كما هو بديهي.
 
الناس مِن أن الصلاة قائمًا إذا أطاقها المُصَلِّي وقاعدًا إذا لم يُطق وأنْ ليس للمطيق القيامَ مُنفردًا أنْ يُصَلِّيَ قاعدًا
٧٠٤ - فكانت سنةُ النبي أنْ صلَّى في مَرَضه قاعدًا ومَنْ خلْفه قِيامًا مع أنها ناسخة لِسنته الأُولَى قبْلها مُوافِقةً سنتَه في الصحيح والمريض وإجماعَ الناس أنْ يُصلي كلُّ واحد مِنهما فرْضَه كما يُصلي المريضُ خلْفَ الإمام الصحيح قاعدا والإمام قائمًا
٧٠٥ - وهكذا نقول يصلي الإمامُ جالِسًا (١) ومَنْ خلْفه مِن الأصِحَّاء قِيامًا فيُصَلي كلُّ واحِد فرْضَه ولوْ وَكَّلَ غَيْرَه (٢) كان حسنا
٧٠٦ - وقد أوْهَمَ (٣) بعضُ الناس فقال (٤) لا يَؤُمَّنَّ أحَدٌ بعد النبي جالسًا واحتجَّ بحديثٍ رواه منقطع (٥) عن رجل مرغوب
(١) عبث بعض الكاتبين في الأصل فزاد هنا، وهو آخر سطر في الصفحة كلمة «ويصلي» وهي زيادة خطأ.
(٢) في ب «ولو وكل الامام غيره» وفي س وج «ولو استخلف غيره» وكلها مخالف للأصل.
(٣) في النسخ المطبوعة «وهم» بحذف الهمزة من أوله، وهي ثابتة في الأصل وفي النسخة المقروئة على ابن جماعة. وكلام أصحاب المعاجم يدل على الفرق بين «وهم» و«أوهم» ويوهم أنهما لا يكونان بمعنى واحد، إلا صاحب لقاموس، واستعمال الشافعي هنا يؤيده، قال صاحب القاموس: «وهم، كوعد وورث، وأوهم: بمعنى».
(٤) في ج «وقال» وهو مخالف للأصل.
(٥) كلمة «رواه» ثابتة في الأصل بين السطرين بخطه، وهي ثابتة أيضا في نسخة ابن جماعة وقوله «منقطع» بالخفض صفة لحديث، وفي س وج «منقطعا» بالنصب على أنه حال، وهو في الأصل بدون الألف، ثم أصلحه بعض القارئين فألصق الألف بالعين، ويظهر أن هذا التغيير قديم، لأنها كتبت بالنصب أيضا في نسخة ابن جماعة.
 
الرِّواية عنه (١) لا يَثْبُتُ (٢) بمثله حجة على أحدٍ فيه «لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا (٣)»
(١) في النسخ المطبوعة «مرغوب عن الرواية عنه» وكذلك في نسخة ابن جماعة، وكلمة «عن» ليست من الأصل، ولكنها مزادة فيه بين السطور بخط غير خطه، ولا حاجة إليها في الكلام، بل هو صحيح فصيح بدونها، وقد ضبطت كلمة «مرغوب» في الأصل بكسرة واحدة تحتها، وهي دليل على إضافتها لما بعدها، وعلى أن زيادة حرف «عن» خطأ ممن زاده.
(٢) في س وب «لا تثبت» بالتاء الفوقية في أوله، ولكنه بالياء التحتية منقوطة واضحة في الأصل.
(٣) هذا الحديث غاية في الضعف، رواه الدارقطني من طريق جابر الجعفي عن الشعبي عن النبي ﷺ مرفوعا، ورواه البيهقي في السنن الكبري (٣: ٨٠) من طريق الدارقطني، ثم روي عن الربيع قال: «قال الشافعي: قد علم الذي احتج بهذا أن ليست فيه حجة، وأنه لا يثبت، لأنه مرسل، ولأنه عن رجل يرغب الناس عن الرواية عنه». ويريد الشافعي بالرجل جابرا الجعفي، إذ هو ضعيف جدا، وذكر الحافظ العراقي في طرح التثريب (٢: ٣٤٠) أنه روي أيضا «من رواية عبد الملك بن حبيب عمن أخبره عن مجالد عن الشعبي، ومجالد ضعيف، وفي السند إليه من لم يسم، فلا يصح الاحتجاج به» ووقع في طرح التثريب «مجاهد» بدل «مجالد» وهو خطأ مطبعي شنيع.
وقال الشافعي في اختلاف الحديث (ص ١٠٠ - ١٠٢) بعد أن روى أحاديث الباب:
«فنحن لم نخالف الأحاديث الأولى بما يجب علينا من أن نصير إلى الناسخ. الأولى كانت حقا في وقتها ثم نسخت، فكان الحق في نسخها. وهكذا كل منسوخ: يكون الحق ما لم ينسخ، فإذا نسخ كان الحق في ناسخه. وقد روي في هذا الصنف شيء يغلط فيه بعض من يذهب إلى الحديث، وذلك: أن عبد الوهاب أخبرنا عن يحيى بن سعيد عن أبي الزبير عن جابر: أنهم خرجوا يشيعونه وهو مريض، فصلى جالسا وصلوا خلفه جلوسا. أخبرنا عبد الوهاب عن يحيى بن سعيد أن أسيد بن حضير فعل ذلك. قال الشافعي: وفي هذا ما يدل على أن الرجل يعلم الشيء عن رسول الله، لا يعلم خلافه عن رسول الله -:
 
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فيقول بما علم، ثم لا يكون في قوله بما علم وروي حجة على أحد علم أن رسول الله قال قولا أو عمل عملا ينسخ العمل الذي قال به غيره وعلمه، كما لم يكن في رواية من روى أن النبي صلى جالسا وأمر بالجلوس، وصلى جابر بن عبد الله وأسيد بن الحضير وأمرهما بالجلوس وجلوس من خلفهما -: حجة على من علم من رسول الله شيئا ينسخه. وفي هذا دليل على أن علم الخاصة يوجد عند بعض، ويعزب عن بعض، وأنه ليس كعلم العامة الذي لا يسع جهله. ولهذا أشباه كثيرة. وفي هذا دليل على ما في معناه منها».
وقال الحافظ ابن حبان في صحيحه، فيما نقله عنه الزيلعي في نصب الراية (٢٤٨: ١ من طبعة الهند) بعد أن نقل عنه أنه روى حديث الأمر بالصلاة قاعدا خلف الامام إذا صلى قاعدا: «وفي هذا الخبر بيان واضح أن الامام إذا صلى قاعدا كان على المأمومين أن يصلوا قعودا، وأفتى به من الصحابة جابر بن عبد الله وأبو هريرة وأسيد بن حضير وقيس بن فهد - بالقاف - ولم يرو عن غيرهم من الصحابة خلاف هذا باسناد متصل ولا منقطع، فكان إجماعا، والإجماع عندنا إجماع الصحابة، وقد أفتى به من التابعين جابر بن زيد، ولم يرو عن غيره من التابعين خلافه باسناد صحيح ولا واه، فكان إجماعا من التابعين أيضا. وأول من أبطل ذلك في الأمة المغيرة بن مقسم - بكسر الميم وسكون القاف وفتح السين المهملة - وأخذ عنه حماد بن أبي سليمان، ثم أخذه عن حماد أبو حنيفة، ثم عنه أصحابه. وأعلى حديث احتجوا به حديث رواه جابر الجعفي عن الشعبي: قال ﵇: لا يؤمن أحد بعدي جالسا. وهذا لو صح إسناده لكان مرسلا، والمرسل عندنا وما لم يرو سيان». ونقل الحافظ العراقي في طرح التثريب (٣٣٣: ٢ - ٣٣٤) عن ابن حبان نحو هذا الكلام.
ولست أرضى من ابن حبان ادعاءه الاجماع، كلمة مرسلة لا حجة لها، كما قال الشافعي في اختلاف الحديث (ص ١٤٣): ««ولا ينسب إلى ساكت قول قائل ولا عمل عامل، إنما ينسب إلى كل قوله وعمله، وفي هذا ما يدل على أن ادعاء الإجماع في كثير من خاص الأحكام ليس كما يقول من يدعيه».
وهذه المسئلة - في صلاة المأموم خلف الامام القاعد - من أدق مسائل الخلاف، =
 
٧٠٧ - قال (١) ولهذا أشباهٌ في السنة مِن الناسخ والمنسوخ
٧٠٨ - وفي هذا دلالة على ما كان في مثل معناها إنْ شاء الله
٧٠٩ - وكذلك له أشباهٌ في كتاب الله قد وصفنا (٢) بعضها
= وللعلماء فيها أقوال مختلفة، وأبحاث مستوعبة، فيها خطأ وفيها صواب، ليس المقام هنا مقام تفصيلها، وانظر في ذلك طرح التثريب للحافظ العراقي (٣٣٣: ٢ - ٣٤٦) ونصب الراية للزيلعي (٢٤٥: ١ - ٢٤٩ من طبعة الهند) والمحلى لابن حزم وتعليقنا عليه (٥٨: ٣ - ٧٢) ونيل الأوطار للشوكاني (٢٠٧: ٣ - ٢١٢) وغير ذلك.
والصحيح الراجح عندنا ما ذهب إليه أحمد بن حنبل، من أن الإمام إذا صلى جالسا لعذر وجب على المأمومين أن يصلوا وراءه جلوسا، على حديث أنس وعائشة، الذين مضيا برقمي (٦٩٦ و٦٩٧) وأن دعوى النسخ لا دليل عليها، بل هذا الحكم محكم.
ومما قلنا في ذلك في تعليقنا على المحلى: «ودعوى النسخ يردها سياق أحاديث الأمر بالقعود وألفاظها، فان تأكيد الأمر بالقعود بأعلى ألفاظ التأكيد، مع الانكار عليهم بأنهم كادوا يفعلون فعل فارس والروم -: يبعد معهما النسخ، إلا إن ورد نص صريح يدل على إعفائهم من الأمر السابق، وأن علة التشبه بفعل الأعاجم زالت، وهيهات أن يوجد هذا النص، بل كل ما زعموه للنسخ هو حديث عائشة - أعني في صلاة النبي في مرض موته مع أبي بكر - ولا يدل على شيء مما أرادوا. ثم إن في الأحاديث التصريح بايجاب صلاة المأموم قاعدا، مع النص على أن هذا بناء على أن الإمام إنما جعل ليؤتم به، ولا يزال الامام إماما، والمأموم ملزما بالائتمام به في كل أفعال صلاته، وأمرنا بعدم الاختلاف عليه، لأنه جنة للمصلين، ولا اختلاف أكثر من عدم متابعته في أركان الصلاة. ويؤيد هذا أن النبي ﷺ جعل اتباع الامام في الجلوس إذا صلى جالسا -: من طاعة الأئمة الواجبة دائما، إذ هي من طاعة الله، فقد روى الطيالسي (رقم ٢٥٧٧) والطحاوي من طريقه (٢٣٥: ١) عن شعبة عن يعلى بن عطاء قال: سمعت أبا علقمة يحدث عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصي الله، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصي الأمير فقد عصاني، فان صلى قاعدا فصلوا قعودا، الحديث. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد أخرج الشيخان أوله. وهذا قوي في رد دعوى النسخ، والحمد لله على توفيقه».
(١) كلمه «قال» لم تذكر في ب. وفي س وج «قال الشافعي» وكلها مخالف للأصل.
(٢) في س وج «وضعنا» وهو مخالف للأصل.
 
في كتابنا هذا وما بقي مُفَرَّق في أحكام القُرَآن والسنة (١) في مواضعه (٢)
٧١٠ - قال (٣) فقال (٤) فاذكر من الأحاديث المُخْتلِفة التي لا دِلالة فيها على ناسخ ولا منسوخ والحجة فيما ذهبْتَ إليه منها دون ما تركتَ
٧١١ - (٥) فقلت له قد ذكرتُ قبل هذا (٦) أنَّ رسولَ الله صَلَّى صَلَاة الخوف يوم ذات الرِّقاع فَصَفَّ بِطائفة (٧) وطائفةٌ في غير صلاة بِإزَاءِ العدُوِّ فصلى بالذين معه ركعة وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فوقفوا بإزاء العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التبي بقِيَتْ (٨) ثم ثبت جالسًا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم
٧١٢ - قال (٩) وروى بن عمر عن النبي أنه صلى
(١) في النسخ المطبوعة «في كتاب أحكام القرآن والسنة». وكلمة «كتاب» ليست في الأصل ولكنها مكتوبة في حاشيته بخط آخر جديد، وكذلك لم تذكر في نسخة ابن جماعة.
(٢) في ب «موضعه» وفي ج «مواضعها» وكلاهما مخالف للأصل.
(٣) في س وج «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
(٤) كلمة «فقال» لم تذكر في ب.
(٥) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٦) هو حديث صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله صلاة الخوف يوم ذات الرقاع، وقد مضى في (٥٠٩ و٥١٠ و٦٧٧ و٦٧٨». وما هنا ليس لفظ الحديث، وإنما هو من كلام الشافعي تلخيصا له.
(٧) في ب «فصفت طائفة» وفي س وج «فصف بطائفة خلفه» وكله مخالف للأصل.
(٨) في س وج «عليهم» وهو خطأ وخلط ومخالف للأصل.
(٩) كلمة «قال» لم تذكر في ب، وفي س وج «قال الشافعي» وكله خلاف للأصل.
 
الخَوْفِ خِلَافَ هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي بَعْضِ أمْرِهَا فَقَالَ (١) صَلَّى رَكْعَةً بِطَائِفَةٍ وَطَائِفَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ العَدُوِّ ثُمَّ انْصَرَفَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي وَرَاءَه فَكَانَتْ (٢) بَيْنَهُ وَبَيْنَ العَدُوِّ وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي لَمْ تُصَلِّ مَعَهُ (٣) فَصَلَّى بِهِمْ الرّكعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَقَضَوْا مَعًا (٤)
٧١٣ - قال (٥) وروى أبو عَيَّاشٍ الزُّرَقِيُّ (٦) أنَّ النبي صلى يوم عسفان (٧) وخالد بن الوليد بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ فَصَفَّ بِالنَّاسِ مَعَهُ مَعًا (٨) ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا مَعًا (٩) ثُمَّ سجد فسجدت معه طائفة
(١) تقدم بعض حديث ابن عمر، ولم يسق لفظه كله هناك في (٥١٢ و٥١٤) والذي هنا ليس لفظ الحديث، وإنما هو من لفظ الشافعي رواية بالمعنى.
(٢) في ب «وكانت» ورسم الكلمة في الأصل يحتمل القراءة بالوجهين.
(٣) «تصل» رسمت في الأصل «تصلي» باثبات الياء، وهو جائز على وجه. وكلمة «معه» كتبت فيه بين السطرين بخط يشبه خطه، ولا أجزم بذلك، وهي ثابتة في سائر النسخ.
(٤) في س «فصفوا» وهو خطأ ومخالف للأصل.
(٥) كلمة «قال» لم تذكر في ب، وفي س وج «قال الشافعي» وكله خلاف الأصل.
(٦) «عياش» بفتح العين المهملة وتشديد الياء التحتية وآخره شين معجمة، و«الزرقي» بضم الزاي وفتح الراء. وأبو عياش هذا أنصاري، شهد أحدا وما بعدها، واختلف في اسمه، وعرف بكنيته.
(٧) «عسفان» بضم العين وسكون السين المهملتين، وهي على مرحلتين من مكة على طريق المدينة، وانظر تاريخ ابن كثير (٨١: ٤ - ٨٣).
(٨) في ب «فصف الناس معه» بحذف الباء وحذف «معا» وهو مخالف للأصل.
(٩) في س «وركعوا معه معا» بزيادة «معه» وليست في الأصل، ولكنها مكتوبة بحاشيته بخط آخر.
 
وَحَرَسَتْهُ طَائِفَةٌ فَلَمَّا قَامَ مِنَ السُّجُودِ سَجَدَ الَّذِينَ حَرَسُوهُ (١) ثُمَّ قَامُوا فِي صَلَاتِهِ (٢) "
٧١٤ - وقال جابِرٌ قَرِيبًا مِنْ هذا المعنى (٣)
٧١٥ - قال (٤) وقد رُوِيَ ما لا يَثْبُتُ مِثلُه بخلافها كلِّها
(١) في س وج «حرسوا» والذي في الأصل «حرسوه» ثم تصرف فيها بعض الكاتبين فغير الهاء إلى ألف، وهو تلاعب من غير دليل.
(٢) في ب وج «صلاتهم» وهو خطأ ومخالف للأصل.
وحديث أبي عياش هذا أشار اليه الشافعي أيضا في اختلاف الحديث (ص ٢٢٥) باختصار، فلم يذكر إسناده ولا لفظه كله. ورواه في الأم (١٩١: ١) قال:
«أخبرنا الثقة عن منصور بن المعتمر عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي قال: صلى رسول الله ﷺ صلاة الخوف بعسفان، وعلى المشركين يومئذ خالد بن الوليد، وهم بينه وبين القبلة، فكبر رسول الله ﷺ، فصففنا خلفه صفين، ثم ركع فركعنا، ثم رفع فرفعنا جميعا، ثم سجد النبي ﷺ والصف الذي يليه، فلما رفعوا سجد الآخرون مكانهم، ثم سلم النبي ﷺ». وهذا السياق يدل على أن ما ذكره الشافعي هنا في الرسالة بدون إسناد إنما هو حكاية منه لمعنى الحديث، لا رواية للفظه.
والحديث رواه أحمد في المسند (٥٩: ٤ - ٦٠) مطولا، عن عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي، فذكره مفصلا في وصف الصلاة، وقال في آخره: «فصلاها رسول الله ﷺ مرتين: مرة بعسفان، ومرة بأرض بني سليم». ثم رواه عقيبه عن محمد بن جعفر عن شعبة عن منصور بإسناده.
ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده (رقم ١٣٤٧) عن ورقاء عن منصور، ورواه أبو داود السجستاني في سننه (٤٧٧: ١ - ٤٧٨) عن سعيد بن منصور عن جرير بن عبد الحميد عن منصور، ورواه النسائي (٢٣٠: ١ - ٢٣١) من طريق شعبة ومن طريق عبد العزيز بن عبد الصمد: كلاهما عن منصور بإسناده وقال الحافظ ابن كثير في التاريخ، بعد أن أشار إلى طرق هذا الإسناد -: «وهذا إسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجه واحد منهما»، وهو كما قال.
(٣) الحديث عن جابر رواه الشافعي في الأم (١٩١: ١) عن ابن عيينة عن أبي الزبير عن جابر بعد حديث أبي عياش الزرقي، ولم يذكر لفظ حديث جابر، وأشار اليه في اختلاف الحديث (ص ٢٢٥) بدون إسناد، ورواه أيضا أحمد ومسلم وابن ماجة والنسائي وانظر نيل الأوطار (٥: ٤ - ٦) وتاريخ ابن كثير ٨١: ٤١ - ٨٣).
(٤) كلمة «قال» لم تذكر في ب، وفي س وج «قال الشافعي» وكله مخالف الأصل.
 
٧١٦ - فقال (١) لي قائل وكف صِرْتَ إلى الأخذ بصلاة النبي ذات الرِّقاع دون غيرها
٧١٧ - (٢) فقلت (٣) اما حديث أبي عياش وجابر في صلاة الخوف فكذلك أقول وإذا كان مثْلُ السبب الذي صلى له تلك الصلاةَ
٧١٨ - قال وما هو
٧١٩ - قلت كان رسولُ الله في ألفٍ وأربعمائة (٤) وكان خالد بن الوليد (٥) في مائتين وكان منه بعيدًا في صحراءَ واسعةٍ لا يُطْمَعُ فيه (٦) لقلةِ مَنْ معه وكثرة مَنْ مع رسول الله وكان الأغْلَب منه أنَّه مَأْمون على أن يَحْمِل عليه ولو حمَل مِن بيْن يديْهِ رآه وقد حُرِسَ منه في السجود إذْ (٧) كان لا يَغِيبُ عنْ طَرْفِهِ
٧٢٠ - فإذا كانت الحال بِقِلة العدو وبُعْدِه وأن لا حائلَ دونه يستره كما وصفتُ أمَرْتُ بصلاة الخوف هكذا
(١) في ب «قال» وهو مخلف للأصل.
(٢) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٣) في ب «قلت» وهو مخالف للأصل.
(٤) رسمت في الأصل «وأربع مائة».
(٥) «بن الوليد» لم يذكر في ب.
(٦) «يطمع» مضبوطة في الأصل بضم الياء، على البناء للمجهول، والضمير في «فيه» عائد إلى رسول الله ﷺ. وفي ب «به» بدل «فيه» وهو مخالف للأصل. الضمير في «معه» الآتية: راجع إلى خالد.
(٧) في س وب «إذا» وهو مخالف للأصل.
 
٧٢١ - قال فقال (١) قد عرفتُ أن الرواية في صلاة (٢) ذات الرِّقاع لا تُخالف هذا لاختلاف الحالين قال (٣) فكيف خالفت حديث بن عمر
٧٢٢ - فقلت (٤) له رواه عن النبي (٥) خوَّات بن جُبَيْر وقال سهل بن أبي حَثْمَة بِقريب مِن معناه وحُفِظ عن علي بن أبي طالب أنه صلى صلاة الخوف ليلة الهَرِيرِ (٦) كما روى خوات بن جبير (٧) عن النبي (٨) وكان خواتٌ مُتَقَدِّمَ الصُّحْبَة والسِّنِّ
٧٢٣ - فقال (٩) فهل من حجة أكثرُ مِن تقدُّمِ صحبته
(١) في ج «قال الشافعي: فقال» وهو مخالف للأصل. وفي س كذلك ولكن بحذف «فقال» وهو خطأ، لأن ما سيأتي كلام المعترض المناظر للشافعي.
(٢) في النسخ المطبوعة ونسخة ابن جماعة زيادة كلمة «يوم» وهي مرادة قطعا، وحذفت للعلم بها، إذ لم تذكر في الأصل، ولكن كتبها كاتب بين السطرين بخط آخر.
(٣) كلمة «قال» ثابتة في الأصل، ولم تذكر في سائر النسخ.
(٤) في ب «قلت» وهو مخالف للأصل.
(٥) في النسخ المطبوعة «عن رسول الله ﷺ».
(٦) «الهرير» بفتح الهاء وكسر الراء، وليلة الهرير: من ليالي صفين بين علي ومعاوية.
ويقال لها «يوم الهرير» أيضا، وانظر تفصيل حكايتها في تاريخ الطبري (ج ٦ ص ٢٣ وما بعدها) وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج ١ ص ١٨٣ - ٢٠٧ و٤٧٩ - ٥٠٦). وكان في الجاهلية يوم آخر يسمى «يوم الهرير»، كان بين بكر بن وائل وبني تميم.
(٧) في س «كما روي صالح بن خوات بن جبير» وفي ج «كما روى صالح بن خوات» وفي ب «كما روى صالح» فقط، وكل ذلك مخالف للأصل، وهو خطأ أيضا، وإن كان الحديث مرويا - كما مضى في رقم (٥٠٩ و٥١٠) - من طريق صالح بن خوات، لأن الشافعي نسب الحديث في أول الكلام إلى راوية الصحابي خوات، ثم سيقول عقب ذلك: «وكان خوات متقدم الصحبة والسن» فلا معنى مع هذا السياق لنسبة الحيث إلى صالح، وهذا الخطأ تبع فيه الناسخون أحد الذين قرؤا في الأصل، إذ زاد فيه بين السطور «صالح بن».
(٨) قوله «عن النبي» لم يذكر في ب وهو ثابت في الأصل.
(٩) في النسخ المطبوعة «قال» وهو مخالف للأصل.
 
٧٢٤ - فقلت (١) ك نعم ما وصفْتُ فيه مِن الشَّبَه بمعنى كتاب الله
٧٢٥ - قال فأيْنَ يُوافق كتابَ الله (٢)
٧٢٦ - قلت قال الله: (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ (٣) فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عن أسلحتهم وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حذركم (٤»
٧٢٧ - وقال (فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ (٥) فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كانت على المؤمنين كتابا موقوتا (٦» يعني والله أعلم فأقيموا الصلاة كما كنتم تصلون في غير الخوف
٧٢٨ - (٧) فلما فرَّقَ الله بين الصلاة في الخوف والامن حِياطَةً لأهل دينه أنْ يَنال منهم عدوُّهم غِرَّة فتعقَّبْنا حديث خوات بن جبير (٨) والحديث الذي يخالفه فوجدنا حديث خوات بن جبير (٨)
(١) في النسخ المطبوعة «قلت» والفاء ثابتة في الأصل.
(٢) في س «في كتاب الله» وكلمة «في» مكتوبة محشورة في الأصل بين الكلام بخط آخر، وهي ثابتة في نسخة ابن جماعة وعليها علامة «صح».
(٣) في الأصل إلى هنا، ثم قال: «قرأ إلى قوله: خذوا حذركم».
(٤) سورة النساء (١٠٢).
(٥) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٦) سورة النساء (١٠٣).
(٧) هنا في ش وج زيادة «قال الشافعي».
(٨) «بن جبير» في الموضعين لم يذكر في ب.
 
أوْلَى بالحَزْمِ في الحَذَر منه وأحْرَى أن تتكافأ الطائفتان فيهما (١)
٧٢٩ ﷺ وذلك أنَّ الطائفة التي تصلي مع الإمام أوَّلًا مَحْروسة بطائفة في غير صلاة والحارس إذا كان في غير صلاة كان مُتَفَرِّغًا مِن فرض الصلاة قائمًا وقاعدًا ومنحرفًا يمينًا وشمالًا وحاملًا إنْ حُمِل عليه ومتكلِّما إنْ خاف عَجَلَةً مِن عَدُوه ومُقاتِلًا إنْ أمكنته فرصة غير محُول بيْنه وبين هذا في الصلاة ويخفف الايمان بمن معه الصلاةَ إذا خاف حمْلةَ العدُوِّ بكلام الحارس
٧٣٠ - قال (٢) وكان الحقُّ للطائفتين مَعًا سَواءً فكانت الطائفتان في حديث خوات (٣) سَواءً تَحْرُس كلُّ واحِدة (٤) مِن الطائفتين الأُخْرى والحارسة خارِجَة مِن الصلاة فتكون الطائِفَة الأُولَى قد أعْطَتْ الطائفةَ التي حرستْهَا مِثلَ الذي أخذتْ منها فحَرَسَتْها خَلِيَّةً مِن الصلاة فكان هذا عدْلًا بيْن الطائفتين
٧٣١ - قال (٥) وكان الحديث الذي يخالف حديث خوات بن جبير (٦) على خِلاف الحَذَر تَحْرسُ (٧) الطائفةُ الأُولى في ركعةٍ ثم تنصرف المحروسة قبْلَ تُكْمِلَُ الصلاة (٨) فتَحْرُس ثم تصلي
(١) «فيها» يعني: في الصلاة، ويظهر أن هذا لم يتضح لبعض القارئين في الأصل، فظنوا أن الضمير راجع إلى الحذر، فضرب واحد منهم على كلمة «فيها» وكتب فوقها بخط آخر كلمة «فيه» وبذلك ثبتت في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة، والذي في الأصل هو الصواب.
(٢) في س وج «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
(٣) في س وج زيادة «بن جبير» وليست في الأصل.
(٤) في ب «كل طائفة» وهو مخالف للأصل.
(٥) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
(٦) لفظ «بن جبير» لم يذكر في س وج وهو ثابت في الأصل.
(٧) «تحرس» منقوطة في الأصل بنقطتين فوق أولها وأخر بين تحته، لتقرأ بالياء والتاء.
(٨) في النسخ المطبوعة «قبل أن تكمل الصلاة» وزيادة «أن» ليست من الأصل، والذي فيه صحيح، على بعض لغات العرب، وهو حذف «أن» الناصبة وإبقاء عملها، وقال البصريون: إنه شاذ، وذهب الكوفيون وبعض البصريين إلى أنه يقاس عليه، وأجازه الأخفش بشرط رفع الفعل. انظر التصريح شرح التوضيح (٢٤٥: ٢) والانصاف لابن الأنباري (ص ٢٣٢ - ٢٣٥) والفعل هنا «تكمل» لم يضبط في الأصل. لا بالرفع ولا بالنصب، فلذلك ضبطناه بالوجهين على الاحتمالين، وإن كان نصبه عندنا أرجح.
 
الطائفة الثانية محروسةً بطائفة في صلاة ثم يقْضيان جميعًا لا حارس لهما لأنه لم يخرج من الصلاة إلا الإمام وهو وحْده ولا يُعني (١) شيئًا فكان هذا خِلاف الحذر والقوَّة في المكيدة
٧٣٢ - وقد أخبرنا الله أنه فرَّق (٢) بين صلاة الخوف وغيرها نَظَرًا لأهل دينه أنْ لا (٣) ينال منهم عدوُّهم غِرَّةً ولم تأخذ الطائفة الأولى مِن الآخرة مثلَ ما أخذتْ مِنها
٧٣٣ - ووجدتُ اللهَ ذكَرَ صلاةَ الإمام والطائفتين مَعًا ولم يَذْكر على الإمام ولا على واحدة من الطائفتين قَضَاءً فدل ذلك على أن حال الإمام ومَنْ خلْفه في أهم يخرجون من الصلاة لا قضاءَ عليهم سواءٌ (٤)
(١) في النسخ المطبوعة «لا يغني» بحذف الواو، وهي ثابتة في الأصل.
(٢) «فرق» ضبطت في الأصل بفتح الفاء وتشديد الراء. وفي س وج «قد فرق» وزيادة «قد» مخالفة للأصل.
(٣) في ب وس «لئلا» وهي في الأصل «أن لا» واضحة، ثم ضرب عليها بعض القارئين وكتب فوقها بخط آخر «لئلا» وما في الأصل صحيح صواب. وفي ج «لأن ينال» وهو خطأ وخلط في المعنى غريب.
(٤) عبث بعض القارئين في الأصل، فكتب في حاشيته بجوار كلمة «سواء» على يمينها:
كلمة «فيه» لتقرأ «فيه سواء» وهو تصرف ينافي الأمانة، ويدل على جهل فاعله.
 
٧٣٤ - (١) وهكذا حديث خوات وخلافُ الحديث الذي يخالفه
٧٣٥ - قال الشافعي فقال فهل للحديث الذي تركتَ وجهٌ غيرَ ما (٢) وصفْتَ
٧٣٦ - قلت (٣) نعم يحتمل أن يكونَ لَمَّا جازَ أنْ تُصَلَّى (٤) صلاةُ الخوف على خِلاف الصلاة في غير الخوف جاز لهم أن يُصلُّوها كيْفَ ما تيَسَّر لهم وبقدر حالاتهم وحالات العدو إذا أكمَلُوا العَدَدَ فاختلف (٥) صلاتُهم وكلُّها مُجْزِيَةٌ عنهم (٦)

وجه آخر من الاختلاف (٧)
٧٣٧ - قال الشافعي قال (٨) لي قائل قد اختلف في التشهد فروى بن مسعود عن النبي " كان يعلمهم التشهد كما يعلمهم
(١) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٢) «غير» مضبوطة في الأصل بالنصب.
(٣) في س وج «فقلت» وهو مخالف للأصل.
(٤) «يصلي» ضبطت في الأصل بضم أولها، ووضع فوقه نقطتان وتحته نقطتان، ليقرأ بالياء وبالتاء.
(٥) في النسخ المطبوعة «فاختلفت» وهو مخالف للأصل، والذي فيه صحيح. قال الله تعالى في سورة الأنفال (٣٥): «وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية».
(٦) هنا بحاشية الأصل «بلغ». «بلغ السماع في المجلس السابع».
(٧) في ج زيادة كلمة «باب» في أول العنوان، وليست في الأصل.
(٨) في س وج «فقال» وفي ب «وقال» وكل مخالف للأصل.
 
السُّورَةَ مِنَ القُرَآن «فقال في مُبْتَدَاهُ (١) ثلاث كلماتٍ» التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ «(٢) فَبِأيِّ التشهد أخَذْتَ
٧٣٨ - فقلت أخبرنا مالك (٣) عن بن شهاب عن عروة (٤) عن عبد الرحمن بن عبدٍ القارِيِّ (٥) أنَّه سمع عمر بن الخطاب يقول على المنبر وهو يُعَلِّمُ الناس التشهُّدَ يقول قولوا» التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ (٦) الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ أشْهَدُ أنْ لَا إلَهَ إلاَّ اللهُ وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ "
٧٣٩ - قال الشافعي فكان هذا الذي عَلَّمَنا مَنْ سبَقَنا بالعلم مِنْ فُقهائنا صِغارًا ثم سمعناه بإسنادٍ (٧) وسمعنا ما خالَفَه (٨) فلم نسمع إسنادًا في التشهد يخالِفه ولا يُوافقه أثْبَتَ عِندنا منه وإنْ كان غيره ثابتا
(١) في النسخ المطبوعة «مبتدئه» وما هنا هو الذي في الأصل، ويصح قراءته بتسهيل الهمزة، ويصح أيضا باثباتها وكسرها، إذا كان على رأي من يكتبها على الألف في هذه الحال.
(٢) لفظ التشهد من رواية ابن مسعود معروف، وقد رواه أحمد وأصحاب الكتب الستة.
وانظر نيل الأوطار (٢: ٣١٢) ونصب الراية (١: ٤١٩ - ٤٢٠ من طبعة مصر).
(٣) الحديث في الموطأ (١: ١١٣). قال الزيلعي في نصب الراية (١: ٤٢٢):
«وهذا إسناد صحيح».
(٤) في س وج زيادة «بن الزبير» وليست في الأصل.
(٥) «عبد» بالتنوين، و«القاري» بتشديد الياء، نسبة إلى قبيلة «القارة بن الدبش» وهم مشهورون بجودة الرمي.
(٦) في س وج زيادة «لله» وليست في الأصل.
(٧) في النسخ المطبوعة «باسناده» بزيادة هاء الضمير، وليست في الأصل، ولكنها مزادة فيه فوق السطر.
(٨) في س وج «يخالفه» واليا ء ملصقة بالخاء في الأصل ظاهرة التصنع ومن غير نقط.
 
٧٤٠ - فكان (١) الذي نذهب إليه أنَّ عمر لا يُعلِّم الناس على المنبر بيْن ظَهْرَانَيْ أصحاب رسول الله إلا على (٢) ما علَّمَهم النبي
٧٤١ - فلَمَّا انتهَى إلينا مِن حديث أصحابنا حديثٌ يُثْبِته (٣) عن النبي صِرْنا إليه وكان أوْلَى بِنا
٧٤٢ - قال وما هو؟
٧٤٣ - قلت أخبرنا الثقة وهو حي بن حسَّان (٤) عن الليث بن سعد عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير وطاوس عن بن عباس أنَّه (٥) قال كَانَ رَسُولُ اللهِ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا القُرَآن (٦) فَكَانَ يَقُولُ التَّحِيَّاتُ المباركات الصلوات الطيبات لله
(١) في ج «وكان» وهو مخالف للأصل
(٢) كلمة «على» لم تذكر في النسخ المطبوعة، وهي ثابتة في الأصل ونسخة ابن جماعة.
(٣) في ب وج «نثبته» بالنون، وهو مخالف للأصل.
(٤) قوله «وهو يحيى بن حسان» مكتوب في الأصل بين السطرين بنفس الخط، إلا أنه صغير دقيق. في ب بحذف «وهو».
والحديث رواه الشافعي في الأم (١: ١٠١): «أخبرنا يحيى بن حسان» وبعد آخره: «قال الربيع: وحدثناه يحيى بن حسان». رواه الشافعي أيضا في اختلاف الحديث ٧٠: ٦١ - ٦٢ من هامش الأم): «أخبرنا الثقة» ولم يسمه، وبعد اخره «قال الربيع: هذا حدثنا به يحيى بن حسان».
ويحيى بن حسان هذا هو التنيسي البصري، وهو ثقة ولد سنه ١٤٤ قبل الشافعي، وعاش بعده، فمات بمصر سنة ٢٠٨.
(٥) كلمة «أنه» لم تذكر في ب وهي ثابتة في الأصل.
(٦) في النسخ المطبوعة «كما يعلمنا السورة من القرآن» والزيادة ليست في الأصل، ولكنها مكتوبة في حاشيته بخط آخر، وهي ثابتة في روايته في اختلاف الحديث، ومحذوفة في روايته في الأم، فالظاهر أن الحديث عند الشافعي بالوجهين، فكان تارة يرويه هكذا، وتارة هكذا، أو لعله يختصره في بعض أحيانه، ويأتي به على وجهه في بعض وقته.
 
سَلَامٌ (١) عَلَيْكَ أيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ سَلَامٌ (١) عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ أشْهَدُ أن لا إله غلا الله وأن (٢) محمدا رسول الله (٣) "
٧٤٤ - قال الشافعي فقال (٤) فأنَّى تَرَى (٥) الروايةَ اختلفَتْ فيه عن النبي فروى بن مسعود خِلافَ هذا ورَوَى أبو موسى (٦) خِلاف هذا وجابر خلاف هذا وكلُّها قد يُخالِف بعضُها بعْضًا في شئ مِنْ لفْظِه ثم علَّمَ عمر خلاف هذا كله في بعض لفظه
(١) في النسخ المطبوعة «السلام» في الموضعين بالتعريف، وما هنا هو الثابت في الأصل ونسخة ابن جماعة، والموافق لما في الأم واختلاف الحديث، وهو الذي نسبه المجد بن تيمية لرواية الشافعي، في المنتفى (٢: ٣١٦ من نيل الأوطار) وهو الذي نقله ابن دقيق العيد في شرح العمدة (٢: ٧٠) أن السلام مذكور بالتنكير في حديث ابن عباس. نعم قد ورد في بعض رواياته بالتعريف في صحيح مسلم وغيره، ولكنها ليست رواية الشافعي. والتنكير أيضا موافق لرواية الترمذي في سننه (١: ٥٩ من طبعة بولاق) عن قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد.
(٢) كذا في الأصل، وفي النسخ المطبوعة والأم «وأشهد أن».
(٣) قال الشافعي في الأم (١: ١٠١) بعد رواية حديث ابن عباس هذا -: «وقد رويت في التشهد أحاديث مختلفة، فكان هذا أحبها إلي، لأنه أكملها».
وقال في اختلاف الحديث (ص ٦٣): «وإنما قلنا بالتشهد الذي روي عن ابن عباس لأنه أتمها، وأن فيه زيادة على بعضها: المباركات».
والحديث رواه أصحاب الكتب الستة ما عدا البخاري، وانظر نصب الراية (١: ٤٢٠).
(٤) هذا هو الصواب، وفي س وج «قال الشافعي: فان قال قائل» وهو الذي في نسخة ابن جماعة. وأما الذي في الأصل فهو «فقال» وكتب الربيع بين السطرين بخط صغير «قال الشافعي» ثم جاء بعض الكاتبين فضرب على كلمة «فقال» وكتب بجوار كتابه الربيع بين السطرين: «فان قال قائل» والخط فيها ظاهر المخالفة.
(٥) في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة «فانا نرى» وهو تحريف عما في الأصل، فإنها مكتوبة فيه «فأني» بالياء، و«ترى» بنقطتين فوق التاء واضحتين، ومراد هذا القائل أن يسأل الشافعي عما يراه سببا لاختلاف الروايات في التشهد، يقول له:
من أين ترى جاء الاختلاف في الرواية؟ ولذلك ما أجابه بعد: «الأمر في هذا بين».
(٦) في النسخ المطبوعة «وأبو موسى» بحذف «روى» وهي ثابتة في الأصل، ولكن ضرب عليها بعض الناس، فأثبتناها، لعدم ثقتنا بأي شيء مما تصرف فيه قارئوه.
 
وكذلك تشهد عائشة وكذلك تشهد بن عمر ليس فيها (١) شئ إلا في (٢) لفظه شئ غيرُ ما في لفْظ صاحبِه وقد يزيدُ بعضها (٣) الشئ على بَعْضٍ (٤)
٧٤٥ - فقلت له الأمرُ في هذا بَيِّنٌ
٧٤٦ - قال فأبِنْهُ لي؟
٧٤٧ - قلت كلٌّ كلامٌ (٥) أريد بها تعْظيمُ الله فعَلَّمَهُمْ رسولُ الله (٦) فلعلَّه جَعَلَ يعلمه الرجل فيحفظه (٧) والآخر فيحفظه
(١) في ب «منها» بدل «فيها» وهو مخالف للأصل.
(٢) في ب «إلا وفي» بزيادة الواو، وهو مخالف للأصل.
(٣) «بعضها» أي بعض الروايات المشار إليها، وفي النسخ المطبوعة «بعضهم» وهو مخالف للأصل، ويظهر أن من غير الكلمة ظن أن الضمير راجع إلى الرواة، من أجل كلمة «صاحبه» مع أن الضمائر كلها السابقة راجعة إلى الروايات.
(٤) أما تشهد ابن مسعود فقد سبق تخريجه، وأما تشهد أبي موسى فقد رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة، وأما تشهد جابر فقد رواه النسائي وابن ماجة، وأما تشهد عمر فقد سبق أيضا، وأما تشهد عائشة وابن عمر فهما في الموطأ (١: ١١٣ - ١١٤) عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد عن عائشة، وعن نافع عن ابن عمر، وهذان إسنادان لا خلاف في صحتهما.
(٥) المعنى على هذا واضح، أي كل الوارد في التشهد كلام أريد به تعظيم الله، ولكن ضبطت الكلمتان في نسخة ابن جماعة بضمة واحدة على «كل» وبخفض «كلام» على الإضافة إليها، والذي سوغ لهم هذا ما سيأتي من تغيير كلمة «فعلمهم» في الأصل، ولكن مع هذا يكون المعنى غير مستقيم، لأن النبي ﷺ لم يعلمهم في التشهد كل كلام أريد به تعظيم الله، فان ما ورد في الثناء عليه وتعظيمه لا يكاد يحصر، ثم لا نهاية لما يلهمه الله عباده المؤمنين من الثناء عليه وتقديسه وتعظيمه، ﵎.
(٦) يعني: فعلمهم رسول الله التشهد، ولم يفهم بعض قارئي الأصل مراد الشافعي، فغير الكلمة فجعل الميم واوا وزاد بعدها هاء، لتقرأ «فعلمهموه» وهو تغيير ظاهر فيه التكليف في الكتابة، وهو أيضا إفساد للمعنى، كما أوضحنا، وبهذا التغيير كتبت الكلمة في نسخة ابن جماعة، وطبعت في النسخ المطبوعة.
(٧) في النسخ المطبوعة «فينسى» وهو خطأ ومخالف للأصل، لأن المعنى أنه جعل يعلمه لهم، فيحفظه كل منهم، ثم يزيد بعضهم أو ينقص من اللفظ أو يغير منه، على أن لا يحيل المعنى، وهذا واضح من سياق الكلام الآتي.
والثابت في الأصل ما أثبتنا هنا، وكلمة «الرجل» مكتوبة فيه في آخر سطر من الصفحة (٧٧) وكلمة «فيحفظه» أول الصفحة (٧٨) فجاء بعض قارئيه فزاد في آخر السطر بجوار كلمة «الرجل» كلمة «فينسا» مرسومة بالألف، ثم ضرب في الصفحة الأخرى على كلمة «فيحفظه». ويظهر أن هذا التغيير قديم فيه، لأن في نسخة ابن جماعة «يعلمه الرجل فينسى فيحفظه «بالجمع بين الكلمتين، ثم ضرب فيها على الثانية بالحمرة.
 
وما أُخذ حفظًا فأكثرُ ما يُحْترس فيه منه إحالةُ المعنى فلم تكن فيه زيادة ولا نقص ولا اختلاف شئ (١) مِن كلامه يُحِيل المعنى فلا تَسَعُ (٢) إحالتُه
٧٤٨ - فلعل النبي أجاز لِكل امرئٍ منهم كما (٣) حَفِظَ إذ كان لا معنى فيه يحيل شيئًا عن حكمه ولعل من اختلفت روايته واختلف تشهده إنما توسَّعوا فيه فقالوا على ما حفِظوا وعلى ما حَضَرَهُم وأُجِيزَ (٤) لهم
٧٤٩ - قال (٥) أفَتَجِدُ شيئا يدلُّ على إجازة ما وصفت
٧٥٠ - فقلت نعم
٧٥١ - قال وما هو
(١) في ب «ولا اختلاف في شيء» وزيادة «في» مخالفة للأصل.
(٢) في ب وج «يسع» بالياء، وهو مخالف للأصل.
(٣) في س وج «لكل امرئ منهم ما حفظ كما حفظ» وفي ب «لكل امرئ منهم كل ما حفظ» وما هنا هو الصحيح الثابت في الأصل.
(٤) في ج «فأجيز» وهو مخالف للأصل.
(٥) في ب «قال الشافعي رحمه الله تعالى: فقال» وهو مخالف للأصل.
 
٧٥٢ - قلت أخبرنا مالك (١) عن بن شهاب عن عروة (٢) عن عبد الرحمن بن عبد القارئ قال سمعت عمر بن الخطاب يقول «سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الفرقان على غير ما أقرؤها وَكَانَ النَّبِيُّ أَقْرَأَنِيهَا فَكِدْتُ أعْجَلُ (٣) عَلَيْهِ ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ (٤) فَجِئْتُ بِهِ إلَى (٥) النَّبِيِّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ اقْرَأْ فَقَرَأَ القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ هَكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ لِي (٦) اقْرَأْ فَقَرَأْتُ فَقَالَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ إنَّ هَذَا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤا ما تيسر (٧)»
(١) في النسخ المطبوعة زيادة «بن أنس» وليست في الأصل، والحديث في الموطأ (١:
٢٠٦).
(٢) في س وج زيادة «بن الزبير» وليست في الأصل.
(٣) في النسخ المطبوعة «أن أعجل» وهي موافقه للموطأ، ولكن كلمة «أن» ليست في الأصل.
(٤) «لببته» قال السيوطي: «بتشديد الباء الأولى، أي أخذت بمجامع ردائه في عنقه وجررته به، مأخوذ من اللبة، بفتح اللام، لأنه يقبض عليها».
(٥) «إلى» لم تذكر في ب ولا في الموطأ، وهي ثابتة في الأصل.
(٦) «لي» لم تذكر في ج وهي ثابتة في الأصل بين السطرين بخطه.
(٧) في النسخ المطبوعة «ما تيسر منه» وهو موافق لما في الموطأ، ولكن كلمة «منه» ليست من الأصل، بل هي مكتوبة فيه بين السطرين بخط جديد.
والحديث رواه الطيالسي في مسنده (ص ٩) ورواه أحمد (رقم ١٥٨ و٢٧٧ و٢٧٨ و٢٩٦ و٢٩٧ ج ١ ص ٢٤ و٤٠ و٤٢ - ٤٣) ونسبه السيوطي في الدر المنثور (ج ٥ ص ٦٢) إلى البخاري ومسلم وابن جرير وابن حبان والبيهقي، ونسبه النابلسي في ذخائر المواريث (ج ٣ ص ٤٢ - ٤٣) أيضا إلى أبي داود والترمذي والنسائي.
والحديث صحيح لا خلاف في صحته. وقال السيوطي: «اختلف العلماء في المراد بسبعة أحرف على نحو أربعين قولا، سقتها في كتاب الاتقان. وأرجحها عندي قول من قال: إن هذا من المتشابه الذي لا يدرى تأويله، فان الحديث كالقرآن، منه المحكم والمتشابه».
والذي اختاره السيوطي قول لا تقوم له قائمة، ولا يثبت على النقد، فان المتشابه لا يكون في أحكام التكليف، وهذا إخبار في حكم بإجازة القراءة، أو هو أمر بها للإباحة، فكيف يكون متشابها؟!
وقد أطال إمام المفسرين ابن جرير الطبري الكلام عليه في مقدمة تفسيره (ج ١ ص ٩ - ٢٥) وأسهب القول فيه أيضا الحافظ ابن حجر في الفتح (ج ٩ ص ٢١ - ٣٦) والرجل العربي الصريح، والعالم القرشي، سيد الفقهاء وامام العلماء، الشافعي -: قال في تفسيره ومعناه قوله الحق محكمة موجزة، لله أبوه.
 
٧٥٣ - قال (١) فإذا (٢) كان الله لِرَأْفته (٣) بخلْقِه أنزل كتابَه على سبْعة أحْرف معرفةً منه بأنَّ الحفْظَ (٤) قدْ يَزِلُّ لِيُحِلَّ (٥) لهم (٦) قراءته وإنْ اختلف اللفظُ (٧) فيه ما لم يكن في اختلافهم (٨) إحالةُ معنى كان ما سِوَى كتابِ الله أوْلَى أنْ يجوز فيه اختلاف اللفظ ما لم يُحِلْ معْناه (٩)
٧٥٤ - وكل ما لم يكن فيه حكم اختلاف (١٠) اللفظ فيه لا يحيل معناه
(١) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
(٢) في النسخ المطبوعة «فإذا» والألف مزادة في الأصل بغير خطه.
(٣) في ب زيادة «ورحمته» وليست في الأصل.
(٤) في ج زيادة «منه» في هذا الموضع، وهي خطأ ومخالفة للأصل.
(٥) «ليحل» بالياء منقوطة من تحتها في الأصل. وفي ب «لتحل».
(٦) في ج زيادة «يعني» ولا داعي إليها، وليست في الأصل.
(٧) في س وب «لفظهم» بدل «اللفظ» وما هنا هو الذي في الأصل. ثم ضرب عليه بعض قارئيه وكتب فوقه بخط مخالف «لفظهم».
(٨) كانت في الأصل «قراءتهم» ثم ضرب عليها وكتب فوقها بنفس الخط «اختلافهم» فلذلك اعتمدنا هذا التصحيح.
(٩) كانت في الأصل «معنى» ثم أصلحت فوقها بنفس الخط «معناه».
(١٠) كانت في الأصل «فخلاف» ثم أصلحت فوقها بنفس الخط «فاختلاف».
 
٧٥٥ - وقد قال بعضُ التابعين لَقِيتُ (١) أُناسًا مِن أصحاب رسول الله فاجتمعوا في المعنى (٢) واختلفوا عليَّ (٣) في اللفظ فقلْتُ لبعضهم ذلك فقالَ لا بأس ما لم يحيل المعنى (٤) [*]
٧٥٦ - قال الشافعي فقال ما في التشهد إلا تعظيم الله وإنِّي لأرْجو أن يكون كلُّ هذا فيه واسِعًا وأن لا يكون الاختلافُ فيه إلاَّ مِن حيْثُ ذكرْتَ ومثلُ هذا كما قلت يمكن في صلاة
(١) هكذا في الأصل ونسخة ابن جماعة، وهو صحيح واضح، ومع هذا فان بعض قارئي الأصل ضرب عليها وكتب فوقها «أتيت» بغير حاجة ولا حجة! وطبعت في س وج «رأيت»!!
(٢) في ب «فاجتمعوا لي في المعنى» وفي ج «فأجمعوا في المعنى» وكلاهما مخالف للأصل.
(٣) كلمة «علي» ثابتة في الأصل، ولكن ضرب عليها بعض القارئين بغير وجه، وهي ثابتة بالحمرة بحاشية نسخة ابن جماعة وعليها علامة الصحة «صح» وقد حذفت في ش وج.
(٤) كذا هو في الأصل «يحيل» على صورة المرفوع بعد «لم» ولم يضبط آخره فيه بشيء من حركات الاعراب، فلذلك ضبطناه بضم اللام وكسرها معا، أما الضم فعلى اعتبار الفعل مرفوعا على لغة من يهمل «لم» فلا يجزم بها، حملا على «ما»، وشاهده معروف في الأشموني على الألفية وغيره من كتب النحو، وهو «لم يوفون بالجار» فبعضهم جعله خاصا بضرورة الشعر، وصرح ابن مالك في التسهيل بأنه لغة قوم، أي انه جائز في النثر. وانظر همع الهوامع (٥٦: ٢) وشرح شواهده (٧٢: ٢ - ٧٣) وحاشية الأمير على المغني (٣٧٠: ١ - ٣٧١) وأما كسر اللام فعلى اعتبار أن الفعل مجزوم وأن الياء قبلها إشباع لحركة الحاء فقط، فتكسر اللام للتخلص من التقاء الساكنين، وانظر شواهد التوضيح والتصحيح لابن مالك (ص ١٣ - ١٥).
وفي س «ما لم يحل المعنى» وفي ب «ما لم يحل معنى» وفي ج «ما لم يخل المعنى» وكلها مخالف للأصل.
وانظر بحث الرواية بالمعنى في شرحنا على ألفية السيوطي والمصطلح (ص ١٦٢ - ١٦٥) وفي شرحنا على اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير (ص ١٦٦ - ١٦٩).

[*] سيأتي كلام عن الرواية بالمعنى في (١٠٠١) وما بعدها. [كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
الخوف فيكون إذا جاء بكمال الصلاة على أي الوجوه رُوِيَ عن النبي (١) أجْزَأَهُ إذ خالَفَ اللهُ بيْنها وبيْن ما سِواها مِن الصلوات ولكن (٢) كيْف صِرْتَ إلى اختيار حديث بن عباس عن النبي في التشهد دون غيره
٧٥٧ - قلت لما رايته واسعا وسمعته عن بن عباس صحيحًا كان عندي أجمعَ وأكثرَ لفْظًا مِن غيْرِه فأخذْتُ به غيرَ مُعَنِّفٍ لِمَن أخذ بغيره مما ثبت عن رسول الله (٣)


اختلاف الرواية على وجهٍ غير الذي قبله
٧٥٨ - (٤) أخبرنا مالك (٥) عن نافع عن أبي سعيد الخدري أنَّ رسولَ الله قال " لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلاَّ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ (٦) وَلَا تَبِيعُوا الوَرِقَ (٧) بِالوَرِقِ إلا مثلا
(١) في ب «عن رسول الله».
(٢) في النسخ المطبوعة «قال: ولكن» وزيادة «قال» هنا غير جيدة، ومخالفة للأصل.
(٣) في النسخ المطبوعة زيادة كلمة «باب» وهي مكتوبة في الأصل بخط غير خطه.
(٤) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٥) في ب زيادة «بن أنس» وليست في الأصل. والحديث في الموطأ (١٣٥: ٢).
(٦) «تشفوا» بضم التاء وكسر الشين المعجمة وتشديد الفاء: أي لا تفضلوا، و«الشف» بكسر الشين: الزيادة والفضل، و«الشف» أيضا: النقصان، فهو من الأضداد.
(٧) «الورق» بفتح الواو وكسر الراء: الفضة، وقد تسكن راؤه أيضا.
 
بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا شَيْئًا مِنْهَا (١) غَائِبًا بِنَاجِزٍ (٢) «
٧٥٩ - (٣) أخبرنا مالك (٤) عن موسى بن أبي تميم عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله قال» الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا (٥) «
٧٦٠ - (٣) أخبرنا مالك (٦) عن حُمَيْد بن قيس عن مجاهد عن بن عمر أنه قال» الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا هَذَا عَهْدُ نَبِيِّنَا إلَيْنَا وعهدنا إليكم (٧) "
٧٦١ - قال الشافعي روى عثمان بن عفان وعبادة
(١) في النسخ المطبوعة «منها شيئا» بالتقديم والتأخير، وهو موافق لما في الموطأ ونسخة ابن جماعة، وما هنا هو الذي في الأصل.
(٢) المراد بالغائب المؤجل، وبالناجز الحاضر. والحديث رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
(٣) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٤) في ب زيادة «بن انس» وليست في الأصل. والحديث في الموطأ (١٣٤: ٢ - ١٣٥).
(٥) الحديث رواه مسلم والنسائي، ورواه أحمد عن الشافعي وعن عبد الرحمن بن مهدي (رقم ٨٩٢٣ و١٠٢٩٨ ج ٢ ص ٣٧٩ و٤٨٥).
(٦) في ب زيادة «بن أنس» وليست في الأصل. والحديث مطول في الموطأ (١٣٥: ٢).
(٧) هذا حديث صحيح جدا، ومع ذلك فإني لم أجده في غير الموطأ، ولم يروه أحمد في المسند، وإنما روى لابن عمر أحاديث أخر في الربا، وكذلك أشار ابن حجر في التخليص، والهيثمي في مجمع الزوائد إلى أحاديث غيره من حديث ابن عمر.
 
بن الصَّامِت عن رسول الله النَّهْيَ عَنِ الزِّيادَةِ فِي الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ يَدًا بِيَدٍ (١)
٧٦٢ - قال الشافعي وبهذه الأحاديث نأخذ (٢) وقال بمثل معناها الأكابر من أصحاب رسول الله وأكثر المفتين (٣) بالبلدان (٤)
٧٦٣ - (٥) أخبرنا سفيان (٦) أنه سمع عبيد الله بن أبي يزيد (٧) يقول سمعت بن عباس يقول أخبرني أسامة بن زيد أن النبي (٨) قال «إنما الربا في النسية (٩)»
(١) أما حديث عثمان فقد رواه مالك في الموطأ بلاغا (١٣٥: ٢) ورواه مسلم في صحيحه موصولا (٤٦٥: ١). وأما حديث عبادة بن الصامت فقد نسبه المجد في المنتقى (٣٣٩: ٢) لأحمد ومسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجة.
(٢) هكذا الجملة في الأصل، ثم غيرت تغييرا قديما بخط مخالف لخطه، فضرب على الواو من «وبهذه» وكتب على يمينها - لأنها في أول السطر - كلمة «فأخذنا» ثم ضرب على كلمة «نأخذ» فصارت الجملة: «فأخذنا بهذه الأحاديث» وبذلك كتبت في نسخة ابن جماعة وفي النسخ المطبوعة، وقد اتبعنا الأصل فأرجعناها إلى ما كانت عليه.
(٣) هكذا في الأصل باثبات الياءين واضحتين وعلى الأولى منهما شدة، وقد جهدت أن أجد له وجها من العربية فلم أجد، فأثبت ما فيه، وهو عندي حجة، لعل غيري يعلم من تأويله ما لم أعلم.
(٤) في ب «في البلدان» وهو مخالف للأصل. و«البلدان» بضم الموحدة، وبذلك ضبطت في الأصل.
(٥) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٦) في النسخ المطبوعة زيادة «بن عيينة» وليست في الأصل، ولكنها مكتوبة بحاشيته بخط آخر.
(٧) هو مكي ثقة كثير الحديث، مات سنة ١٢٦ وله ٨٦ سنة، مترجم في التهذيب، وفي ابن سعد (٣٥٤: ٥ - ٣٥٥).
(٨) في ب «أن رسول الله».
(٩) «النسية» مكتوبة في الأصل بتشديد الياء بدون همز، هنا وفي المواضع الآتية كلها، وفي النسخ المطبوعة «النسيئة» بالهمزة، وكلاهما صحيح، كما أوضحنا ذلك في (رقم ٤٨٣ ص ١٧٤).
والحديث رواه الشافعي أيضا في اختلاف الحديث (ص ٢٤١) عن سفيان بن عيينة، ورواه أحمد في المسند (٢٠٤: ٥) عن ابن عيينة وليس فيه كلمة «إنما».
ورواه أيضا مسلم (٤٦٩: ١) والنسائي (٢٢٣: ٢): كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، ولفظ مسلم كلفظ الشافعي، ولفظ النسائي: «لا ربا إلا في النسيئة».
ورواه الطيالسي (رقم ٦٢٢) عن جماد بن زيد عن عبيد الله. ورواه الدارمي (٢٥٩٢) عن أبي عاصم عن ابن جريج عن عبيد الله، ووقع في نسخة الدارمي:
«ابن جرير» وهو خطأ صوابه «ابن جريح» ولفظ الطيالسي كلفظ الشافعي، ولفظ الدارمي «إنما الربا في الدين» ثم قال الدارمي: «معناه درهم بدرهمين». وبوب عليه: «باب لا ربا إلا في النسيئة».
ثم الحديث ورد من طرق أخرى، منها في البخاري (٧٤: ٣ - ٧٥ من الطبعة السلطانية: ٣١٨ - ٣١٩ من فتح الباري)، ومنها في مسلم (٤٦٨: ١ - ٤٦٩) والنسائي (٢٢٣: ٢) وابن ماجة (١٩: ٢) وذلك في أثناء حديث لأبي سعيد الخدري، نقله عن ابن عباس عن أسامة. رواه أيضا أحمد في المسند (٢٠٢: ٥) من طريق ابن إسحق: «حدثني عبيد الله بن علي بن أبي رافع عن سعيد بن المسيب حدثني أسامة بن زيد أنه سمع رسول الله ﷺ يقول:
لا ربا إلا في النسيئة».
 
٧٦٤ - قال (١) فأخذ بهذا بن عباس ونفَرٌ من أصحابه المكيين وغيرُهم
٧٦٥ - قال (١) فقال لي قائل هذا الحديث (٢) مخالف للأحاديث قبْلَه
٧٦٦ - قلت قد يحتمل خِلافها ومُوافقَتَها
٧٦٧ - قال وبأي شئ (٣) يحتمل موافقتها
٧٦٨ - قلت قد يكون أسامة (٤) سَمِعَ رسول الله يسئل عن
(١) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
(٢) في النسخ المطبوعة «إن هذا الحديث» وكلمة «إن» ليست في الأصل، ولكنها مكتوبة بحاشيته بخط آخر.
(٣) في ب «فبأي شيء» وهو مخالف للأصل.
(٤) في س وج زيادة «بن زيد» والزيادة بحاشية الأصل بخط مخالف.
 
الصِّنفَيْن المختلفين مثل الذهب بالوَرِقِ والتمر بالحِنْطَة أو ما اختلف جِنْسه مُتَفاضِلًا يدًا بيد فقال «غنما الربا في النسية» أن تكونُ المسألة سبقَتْهُ بهذا وأدْرَكَ (١) الجوابَ فرَوَى الجواب ولم يَحْفظ المسألة أو شكَّ فيها لأنه ليس في حديثه ما يَنْفِي هذا عن حديث أسامة فاحتمل موافقتها لهذا
٧٦٩ - (٢) فقال (٣) فلم قلت يحتمل خلافها
٧٧٠ - قلت لأن بن عباس الذي رَواه وكان (٤) يذهب فيه غيرَ هذا المَذْهب فيقول لا ربا في بيعٍ يدًا بيد إنما الربا في النسِيَّة
٧٧١ - (٢) فقال فما الحجة إن كانت الأحاديث قبله مخالِفةً (٥) في تركه غيرِه
٧٧٢ - فقلت له كل واحد ممن روى خلافَ أسامة (٦) وإن لم يكن أشهرَ بالحفظ للحديث من أسامة فليس به تقصير عن حفظه وعثمان بن عفان (٧) وعبادة بن الصامت أشد تقدما بالسن
(١) في ب «فأدرك» وهو مخالف للأصل.
(٢) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٣) في س وج زيادة «لي» وليست في الأصل.
(٤) في نسخة ابن جماعة «كان» بحذف الواو، على اعتبار أن الجملة خبر «أن»، ولكن الواو ثابتة في الأصل واضحة، فخبر «أن» هو قوله «الذي رواه».
(٥) في ب «مخالفة له» وكلمة «له» ليست في الأصل.
(٦) في س وج زيادة «بن زيد» وليست في الأصل.
(٧) «بن عفان» لم تذكر في ج وهي ثابتة بالأصل.
 
والصحبة من أسامة وأبو هريرة أسَنُّ وأحفَظُ مَنْ روَى الحديث (١) في دَهْرِهِ
٧٧٣ - ولَمَّا كان حديثُ اثنين أوْلَى في الظاهر بالحفظ (٢) وبأن يُنْفَى عنه الغَلَطُ من حديثٍ واحد كان حديثُ الأكثر (٣) الذي هو أشبه أن يكون أوْلَى بالحفظ مِن حديث مَن هو أحدَثُ منه وكان حديث خمسةٍ أولى أن يُصارَ إليه (٤) مِن حديث واحد (٥)
(١) في ج «من رواة الحديث» وهو مخالف للأصل.
(٢) في ب وج «باسم الحفظ» وهو مخالف للأصل وغير جيد.
(٣) في نسخة ابن جماعة «الأكبر» بالباء الموحدة، ووضع فوقها «صح» وتبعتها النسخ المطبوعة، والصواب ما في الأصل «الأكثر» بالثاء المثلثة، ونقطها واضح فيه جدا. والذي ألجأهم إلى التغيير بالباء الموحدة قوله «أولى بالحفظ من حديث من هو أحدث منه» لتتم المقابلة وتظهر، ولكن طرق الشافعي في كلامه غير ما يظنون، فإنه يشير إلى الشيء ثم يصرح به، وقد يشير ولا يصرح، على عادة الفصحاء البلغاء، فقد أشار بقوله «الأكثر» إلى الترجيح بالعدد، ثم بقوله «من هو أحدث منه» إلى الترجيح بالسن، فجمع بينهما في قولة واحدة، ثم عاد بعد ذلك فأكد الترجيح بالكثرة صريحا، وعين عددها وأنه خمسة، وهذا - كما قال الشافعي فيما مضى (رقم ٦٤٦) - كلام عربي!!
وقوله «الذي هو أشبه» الخ خبر «كان».
(٤) في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة زيادة «عندنا» وهي مزيدة بين السطور في الأصل بخط جديد.
(٥) قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٣١٨: ٤ - ٣١٩): «والصرف: دفع ذهب وأخذ فضة وعكسه، وله شرطان: منع النسيئة مع اتفاق النوع واختلافه، وهو المجمع عليه، ومنع التفاضل في النوع الواحد منهما. وهو قول الجمهور، وخالف فيه ابن عمر، ثم رجع، وابن عباس، واختلف في رجوعه، وقد روى الحاكم من طريق حيان العدوي، وهو بالمهملة والتحتانية -: سألت أبا مجلز عن الصرف؟ فقال: كان ابن عباس لا يرى به بأسا، زمانا من عمره، ما كان منه عينا بعين يدا بيد، وكان يقول: إنما الربا في النسيئة، فلقيه أبو سعيد، فذكر القصة والحديث، وفيه: التمر بالتمر، والحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، والذهب بالذهب، والفضة بالفضة -: يدا بيد، مثلا بمثل، فمن زاد فهو ربا. فقال ابن عباس: أستغفر الله وأتوب اليه، فكان ينهي عنه أشد النهي. واتفق العلماء على صحة حديث اسامة، واختلفوا في الجمع بينه وبين حديث أبي سعيد، فقيل: منسوخ، لكن النسخ لا يثبت بالاحتمال، وقيل:
المعنى في قوله: لا ربا: الربا الأغلظ الشديد التحريم، المتوعد عليه بالعقاب الشديد، كما تقول العرب: لا عالم في البلد إلا زيد، مع أن فيها علماء غيره، وإنما القصد نفي الأكمل، لا نفي الأصل، وأيضا: فنفي تحريم ربا الفضل من حديث أسامة انما هو بالمفهوم، فيقدم عليه حديث أبي سعيد، لأن دلالته بالمنطوق، ويحمل حديث أسامة على الربا الأكبر، كما تقدم، والله أعلم».
وهذا الذي قال الحافظ أدق تلخيص لاختلاف أنظارهم في الجمع بين الحديثين، وما قال الشافعي هنا أعلى وأرجح عندنا، وهو نحو الذي قاله في اختلاف الحديث (ص ٢٤١ - ٢٤٣).
 
(١) وجه آخر مما يُعَد مختلفًا وليس عندنا بمختلف
٧٧٤ - (٢) أخبرنا (٣) بن عيينة عن محمد بن العَجْلانِ (٤) عن عاصم بن عمر بن قَتَادَةَ عن محمود بن لَبِيد عن رافع بن خَدِيج أنَّ رسولَ الله قال «أسْفِرُوا بِالفَجْرِ (٥) فَإِنَّ ذَلِكَ (٦) أعْظَمُ للاجر أو أعظم لأجوركم (٧)»
(١) هنا في النسخ المطبوعة زيادة كلمة «باب» وهي مكتوبة في الأصل بغير خطه.
(٢) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٣) في ب زيادة «سفيان».
(٤) في النسخ المطبوعة «عجلان» بدون «أل» وهي ثابتة في الأصل، ومحمد هذا ثقة من صغار التابعين، مات بالمدينة سنة ١٤٨.
(٥) في النسخ المطبوعة ونسخة ابن جماعة «بصلاة الفجر» وما هنا هو الذي في الأصل، ثم ضرب بعض قارئيه على «با» وكتب فوقها «بصلاة» وهو تصرف غير سائغ.
وفي رواية الشافعي لهذا الحديث بهذا الاسناد في اختلاف الحديث (ص ٢٠٧):
«أسفروا بالصبح».
(٦) تصرف بعض القارئين في الأصل، فضرب على النون من «فان» وعلى كلمة «ذلك» وكتب فوقهما «نه» لتقرأ «فإنه أعظم». ولم يتبعه على هذا أحد من الناسخين أو المصححين.
(٧) هذا حديث صحيح، صححه الترمذي وغيره، وقد خرجنا طرقه في شرحنا على الترمذي (رقم ١٥٤ ج ١ ص ٢٨٩ - ٢٩٠).
 
٧٧٥ - (١) أخبرنا سفيان (٢) عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت «كُنَّ النِّسَاءُ (٣) مِنَ المُؤْمِنَاتِ يُصَلِّينَ مَعَ النَّبِيِّ الصُّبْحَ ثُمَّ يَنْصَرِفْنَ وَهُنَّ مُتَلَفِّعاتٌ (٤) بِمُرُوطِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أحَدٌ مِنَ الغَلَسِ (٥)»
٧٧٦ - قال (٦) وذكَرَ تَغْلِيسَ النبي بالفجر سهلُ بن سعد وزيد بن ثابت وغيرُهما مِن أصحاب رسول الله شبيه (٧) بمعنى عائشة (٨)
٧٧٧ - قال الشافعي قال (٩) لي قائل نحن نرى أن نسافر (١٠)
(١) هنا في ش وج زيادة «قال الشافعي».
(٢) في ش وج «أخبرنا ابن عيينة» وفي ب «أخبرنا سفيان بن عيينة» وما هنا هو الذي في الأصل.
(٣) تصرف بعض قارئي الأصل فضرب على الألف وعبث باللام ليجعل الكلمة تقرأ «نساء» بغير تعريف، وبذلك كتبت في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة.
(٤) اختلف الرواة في هذا الحرف: فرواه بعضهم بالعين المهملة بعد الفاء، وهو الثابت هنا في الأصل وسائر النسخ، والعين فيه واضحة وعليها فتحة وتحتها علامة إهمالها، ورواه بعضهم «متلففات» بفاءين، وكل صحيح، ومعناهما مقارب، والمروط: جمع «مرط» وهو كساء من صوف أو خز.
(٥) «الغلس» ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح، وهذا الحديث صحيح، رواه أصحاب الكتب الستة وغيرهم، وانظر بعض القول عليه في شرحنا على الترمذي (رقم ١٥٣ ج ١ ص ٢٨٧ - ٢٨٩).
(٦) كلمة «قال» لم تذكر في ب وفي س وج «قال الشافعي».
(٧) هكذا هو في الأصل بالرفع، خبر لمبتدأ محذوف، وقد غيرت فيه بخط جديد، فجعلت «شبيها» بالنصب على الحال، وبذلك ثبتت في النسخ المطبوعة.
(٨) في النسخ المطبوعة «بمعنى حديث عائشة» وكلمة «حديث» مكتوبة بخط جديد بحاشية الأصل، والمعنى عليها، ولكن الشافعي حذفها للعلم بها.
(٩) في ب «فقال» وهو مخالف للأصل.
(١٠) في ج «يسفر» وهي بالنون واضحة في الأصل.
 
بالفجر اعتمادًا على حديث رافع بن خديج ونزْعُمُ أن الفضْل في ذلك وأنت ترى ان جائزا لنا غذا اختلف الحديثان أنْ نأخذَ بأحدهما ونحن نَعُدُّ هذا مخالفًا لحديث عائشة.
٧٧٨ - (١) قال فقلت له ك إن كان مخالفًا لحديث عائشة فكان (٢) الذي يَلْزَمنا وإيَّاكَ أن نصير إلى حديث عائشة دونه لأن أصل ما نبْنِي نحن وأنتم (٣) عليه ان الأحاديث غذا اختلفت لم نذهب إلى واحد منهما (٤) دون غيره إلا بسبب يدل على أن هذا الذي ذهبنا إليه أقوى من الذي تَرَكْنا (٥)
٧٧٩ - قال وما ذلك السبب
٧٨٠ - قلت أن يكون أحدُ الحديثين أشْبَهَ بكتاب الله فإذا أشبه كتابَ الله (٦) كانت فيه الحجةُ
٧٨١ - قال هكذا نقول
٧٨٢ - قلنا (٧) فإن لم يكن فيه نصُّ كتاب (٨) كان
(١) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي».
(٢) كانت في الأصل «لكان» ثم ضرب عليها وكتب فوقها بنفس الخط «فكان».
(٣) هكذا في الأصل وسائر النسخ، ولكن ضرب عليها بعضهم وكتب فوقها بخط آخر «أنت».
(٤) في ج «منهما» وكانت كذلك في الأصل، ثم ضرب عليها وكتب فوقها بخطه «منها».
(٥) في ب ونسخة ابن جماعة «تركناه».
(٦) في ب «فإذا كان أشبه بكتاب الله» وهو مخالف للأصل.
(٧) في ج «قلت» وهو مخالف للأصل.
(٨) في س وج «نص في كتاب الله» بزيادة «في» وفي ب «نص كتاب» بحذف لفظ الجلالة، وكلها مخالف للأصل.
 
أولاهما بنا الا ثبت منهما وذلك أن يكون مَن رواه أعرفَ إسنادا وأشهرَ بالعلم وأحفظَ له (١) أو يكونَ رُوِيَ الحديثُ الذي ذهبنا إليه مِن وجهين أو أكثرَ والذي تركْنا مِن وجهٍ فيكونَُ الأكثر أولى بالحفظ مِن الأقل أو يكونَ الذي ذهبنا إليه أشبهَ بمعنى كتابِ الله أو أشبهَ بما سِواهما مِن سُنَنِ رسول الله أوْ أَوْلى (٢) بما يَعرف أهلُ العلم أو أصحَّ (٣) في القياس والذي عليه الأكثرُ مِن أصحاب رسول الله
٧٨٣ - قال وهكذا نَقول ويقول أهلُ العلم
٧٨٤ - قلت فحديث عائشة أشبه بِكتاب الله لأن الله يقول (حَافِظُوا عَلَى الصلوات والصلاة الوسطى) (٤) فإذا أحل (٥) الوقت فأولى المصلين بالمحافظة المقدم الصلاة (٦)
(١) كلمة «له» لم تذكر في ب وهي ثابتة في الأصل، وكتب بعض الناس بحاشية الأصل هنا زيادة «من الأول» ثم ضرب عليها، ثم كتب فوقها «صح صح» وكل هذا عبث لا يسوغ، وهذه الزيادة مكتوبة في نسخة ابن جماعة ومضروب عليها بالحبر الأحمر. وأما ج فان ما فيها خلط، هو «وأشهر بالعلم والحفظ له من الإملاء»!
(٢) في النسخ المطبوعة ونسخة ابن جماعة «وأولى» والألف مكتوبة في الأصل قبل الواو، ثم كشطت وبقي أثرها واضحا، واثباتها هو الصواب.
(٣) في ب «أو أوضح» وفي س وج «وأوضح» وكلها مخالف للأصل، والكلمة فيه بينة، ووضع فوق الحاء شدة.
(٤) سورة البقرة (٢٣٨).
(٥) «حل» مضبوطة في الأصل بوضع علامة الإهمال تحت الحاء وشده فوق اللام، ولكن هذا لم يمنع عابثا من أن يضرب عليها ويكتب بالحاشية بدلها «دخل» وبذلك كتبت في نسخة ابن جماعة وب وس.
(٦) في النسخ المطبوعة «للصلاة» وهو مخالف للأصل. وقد حاول بعضهم إصلاحه فوصل الألف باللام، لتقرأ «للصلاة». وما في الأصل صواب، لان «الصلاة» مفعول لاسم الفاعل، أو مضاف اليه إضافة لفظية.
 
٧٨٥ - وهو أيضا أشهر رجلا بالثِّقة (١) وأحْفَظُ ومع حديث عائشة ثلاثةٌ كلُّهم يَرْوُونَ (٢) عن النبي مثلَ معنى حديث عائشة زيد بن ثابت وسهل بن سعد (٣)
٧٨٦ - وهذا أشبه بسنن النبي مِن حديث رافع بن خَدِيج
٧٨٧ - قال وأيُّ سننٍ
٧٨٨ - قلت قال رسول الله «وأول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله» (٤)
(١) في سائر النسخ «بالفقه» وما هنا هو الذي في الأصل، ثم ضرب عليه وكتب فوقه بخط آخر «بالفقه».
(٢) في ج «يروى» وهو مخالف للأصل.
(٣) هكذا في الأصل، ذكر اثنين فقط، وكذلك في نسخة ابن جماعة، وكتب بحاشيتها ما نصه: «لم يذكر الثالث في الثلاث نسخ اللاتي قوبلت هذه النسخة عليهن».
وأما س وب فزيد فيهما «وغيرهما» كأن مصححيهما رأوا أن هذا يغني عن ذكر الثالث .. والثالث الذي ترك ذكره هنا سهوا ذكره الشافعي في اختلاف الحديث (ص ٢٠٧) وهو: أنس بن مالك. وأحاديث هؤلاء الثلاثة رواها البيهقي في السنن الكبرى (٤٥٥: ١ - ٤٥٦) وذكر أن حديث زيد رواه مسلم، وحديثي أنس وسهل رواهما البخاري.
ثم إن في النسخ المطبوعة هنا زيادة أخرى نصها: «والعدد الأكثر أولى بالحفظ والنقل» وهي ثابتة في نسخة ابن جماعة، وليس منها حرف واحد في الأصل هنا، فلذلك لم نثبتها.
(٤) نقل الشافعي هذا الحديث هنا بدون إسناد كما ترى، وكذلك فعل في اختلاف الحديث (ص ٢٠٩)، يذكره على سبيل الاستدلال والاحتجاج، ولا أزال أعجب من صنعه هذا! فانه حديث موضوع لا أصل له ثابت، مداره على شيخ اسمه «يعقوب بن الوليد المدني» قال أحمد: «كان من الكذابين الكبار، وكان يضع الحديث». وقال أبو حاتم: «كان يكذب والحديث الذي رواه موضوع». وقد تكلمت على الحديث بتوسع في شرحي على الترمذي (رقم ١٧٢ ج ١ ص ٣٢١ - ٣٢٢).
 
٧٨٩ - وهو لا يُؤْثِر على رضوان الله شيئًا والعفو لا يحتمل إلا معنيَيْنِ عفْوٌ (١) عن تقْصيرٍ أو توْسِعَةٌ والتوسعة تُشْبِه أن يكون الفضْل في غيرِها إذْ لم يُؤْمَرْ بترك ذلك الغير الذي وُسِّع في خلافها (٢)
٧٩٠ - قال وما تريد بهذا (٣)
(١) «عفو» بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف. وفي ج وس «عفوا» بالنصب وهو صحيح عربية، على أنه بدل من «معنيين» ولكنه مخالف لما في الأصل.
(٢) ما هنا هو الذي في الأصل، واضطربت النسخ الأخرى في هذا الموضع، تبعا لاضطراب كاتبيها في فهم الكلام أو عدم فهمه! ففي نسخة ابن جماعة «إذ لا يؤمر بترك ذلك الغير التي وسع في خلافها» وكتب بحاشيتها أن في نسخة «لم» بدل «لا» ووضع فوق كلمة «الغير» «صح» وأما س وج ففيها «إذ لم يؤمر بترك ذلك الغير التي وسع في خلافها» وهذا منقول عن الأصل بعد لعب اللاعبين فيه، إذ غيروا كلمة «لم» فجعلوها «لا» و«الغير» ضربوا على الألف في أولها، و«الذي» جعلوها «التي» والتغيير في هذه المواضع في الأصل واضح، وما كان فيه قبله واضح أيضا. وأما ب ففيها كما هنا تماما، وكتب مصححها بحاشيتها ما نصه: «قوله: خلافها، هكذا في النسخ، ولعله من تحريف النساخ، ووجه الكلام - والله أعلم - خلافه، بالتذكير. فتأمل»!
وكل هذا راجع إلى سوء فهم الكلام، وهو بين، فان «الغير» هو غير التوسعة و«الذي» نائب فاعل «يؤمر» والضمير في «خلافها» راجع إلى الأعمال التي تقابل التوسعة، وهي المأمور بها أولا التي طلبت قبل التوسعة، ومعنى الكلام: أن المكلف طلب منه أمر، ووسع له في غيره، فهذا المكلف الذي وسع له في مخالفة ما طلب منه لا يزال مطالبا بالأمر الأول، مع التوسيع له في تركه، لأنه لم يؤمر بترك الذي طلب منه، وانما أبيح له فقط، كما في المثال الذي هنا: طلب منه الصلاة في أول الوقت، ووسع له - عفوا من الله - في تأخيرها للوقت الآخر، فهو لم يؤمر بترك الصلاة في أول الوقت، بل لا يزال مأمورا به.
وبحاشية الأصل في هذا الموضع ما نصه: «بلغ السماع في المجلس الثامن، وسمع الجميع، ابني محمد والجماعة».
(٣) كلمة «بهذا» مضروب عليها في الأصل، ومكتوب فوقها «بذلك» بخط مقارب لخط الأصل، وأنا أشك في أنه هو، ثم ضرب آخر عليها، وكتب فوقها بخط واضح المخالفة «هذا»!
 
٧٩١ - قلت إذْ (١) لم نؤمر (٢) بترك الوقت الأول وكان (٣) جائزًا أنْ نُصَلِّيَ فيه وفي غيره قبْلَهُ فالفضْل في التَّقْديم والتأخيرُ تقصيرٌ مُوَسَّعٌ
٧٩٢ - وقد أبانَ رسولُ الله مثْلَ ما قلنا وسُئِلَ أيُّ الأعْمَالِ أَفْضَلُ فقال «الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا (٤)»
٧٩٣ - وهو لا يدع موضع الفضل ولا يأمر الناس إلا به
٧٩٤ - وهو الذي لا يجهله عالم أنَّ تقديمَ الصلاة في أول وقتها أولى بالفضل (٥) لِمَا يَعْرِضُ للآدمِيِّينَ من الاشغال والنسيان والعلل (٦)
(١) في ابن جماعة «إذا» وعليها علامة الصحة، وبذلك طبعت في النسخ الثلاث، والذي في الأصل ما هنا، ثم كتب كاتب ألفا قصيرة فوق السطر.
(٢) «نؤمر» النون منقوطة في الأصل ظاهرة، ولم تنقط في نسخة ابن جماعة، وفي النسخ المطبوعة «يؤمر».
(٣) هكذا في الأصل وباقي النسخ، ومع ذلك، فان بعضهم غيرها تغييرا واضحا في الأصل.
فجعلها «فكان».
(٤) نقل الشافعي هذا الحديث هنا من غير إسناد، وكذلك فعل في اختلاف الحديث (ص ٢٠٩) فقال: «وسئل رسول الله: أي الأعمال أفضل؟ فقال: الصلاة في أول وقتها. ورسول الله لا يؤثر على رضوان الله ولا على أفضل الأعمال شيئا». وهو حديث ضعيف، رواه الترمذي (رقم ١٧٠) من حديث أم فروة، وقد تكلمنا عليه تفصيلا في شرحنا (٣٢٣: ١ - ٣٢٥). وقد ثبت من حديث ابن مسعود:
أنه سأل رسول الله ﷺ: اي الأعمال أفضل؟ فقال: «الصلاة على مواقيتها» رواه الطيالسي والدارمي والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، ورواه الحاكم أيضا بلفظ: «الصلاة في أول وقتها» وقد علل بعضهم هذه الرواية، وقد تكلمنا عليها تفصيلا ورجحنا صحتها، في شرحنا على الترمذي (رقم ١٧٣ ج ١ ص ٣٢٥ - ٣٢٧).
(٥) كلمة «بالفضل» لم تذكر في نسخة ابن جماعة، وكتب في الحاشية بدلها «بالناس» بالقلم الأحمر، ووضع عليها «صح» وما هنا هو الذي في الأصل وسائر النسخ.
(٦) في س وج زيادة «التي لا تجهلها - ج تجهله - العقول» وليس هذا في الأصل هنا.
 
٧٩٥ - وهذا أشبه بمعنى كتاب الله
٧٩٦ - قال وأيْن هو من الكتاب؟
٧٩٧ - قلت قال الله (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوسطى (١» ومَن قدَّمَ الصلاةَ في أوَّل وقْتِها (٢) كان أولى بالمحافظة عليها ممن أخَّرَها عَن أوَّل الوقت
٧٩٨ - وقد رأينا الناس فيما وجب عليهم وفيما تطوعوا به يؤمرون بتعجيله غذا أمْكَن لِمَا يعرض للآدميين من الأشغال والنِّسْيان والعلل الذي لا تجهله العقول (٣)
٧٩٩ - وغن تقديم صلاة الفجر في أوَّل وقتها عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب (٤) وابن مسعود وأبي موسى الأشعري وأنس بن مالك وغيرهم مثبت
٨٠٠ - (٥) فقال فإن (٦) أبا بكر وعمر وعثمان دخلوا في الصلاة مُغَلِّسِيَن وخرجوا منها مُسْفِرِينَ بإطالة القراءة
(١) سورة البقرة (٢٣٨).
(٢) في ب «الوقت» وهو مخالف للأصل.
(٣) يعني: وهو الأمر الذي لا تجهله العقول. فلم يفهم الناسخون والقارئون هذا، فزاد بعضهم في الأصل واوا ليكون «والذي» الخ وبذلك طبعت في س. وقد ضرب آخر على «الذي» ولا أدري ما يبغي! وفي ب وج «التي لا تجهلها العقول» وهو معنى سليم وموافق لنسخة ابن جماعة، ولكنه مخالف للأصل.
(٤) «بن أبي طالب» لم تذكر في ب وج.
(٥) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٦) في النسخ المطبوعة «إن» والفاء ثابتة في الأصل.
 
٨٠١ - (١) فقلت له قد أطالوا القراءة وأوْجَزُوهَا والوقتُ في الدخول لا في الخروج مِن الصلاة وكلُّهم دخل مُغَلِّسًا وخرج رسول الله منها مُغَلِّسًا
٨٠٢ - فخالفتَ الذي هو أولى بك أنْ تصير إليه مما ثَبَتَ عَنْ رسول الله وخالفْتَهم فقلْتَ يدخل الدَّاخل فيها مُسْفِرًا ويخرج (٢) مُسْفِرًا ويُوجِز القِراءة فخالفتهم في الدخول وما احْتَجَجْتَ بِهِ مِنْ طُولِ القراءة وفي الأحاديث عن بعضهم أنه خرجَ منها مُغلِّسًا
٨٠٣ - قال (٣) فقال أفَتَعُدُّ خَبَرَ رافع يُخالِف خبَرَ عائشة
٨٠٤ - فقلتُ له لا
٨٠٥ - فقال فبِأيِّ وجْهٍ (٤) يُوافقه (٥)
٨٠٦ - فقلت إن رسول الله لَمَّا حَضَّ الناسَ على تقديم الصلاة وأخبر بالفضل فيها احتمل أن يكون من الرَّاغِبِين مَنْ يُقَدِّمها قبْل الفجر الآخِرِ فقال «أَسْفِرُوا بِالفَجْرِ» يعني حتى يتبين الفجر الآخر معترضا
(١) هنا في ب زيادة «قال الشافعي».
(٢) هنا في ب زيادة «منها» وليست في الأصل، ولكنها مكتوبة بين السطرين بخط جديد.
ولعلها كتبت حديثا بعد نسخ النسخة التي طبعت عنها س لأنها لم تثبت فيها.
(٣) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي».
(٤) في س وج «شيء» وهو مخالف للأصل، وكانت في نسخة ابن جماعة كذلك، ثم ضرب عليها بالحمرة وصححت في الحاشية «وجه».
(٥) في ب «توافقه» وهو خطأ ومخالف للأصل.
 
٨٠٧ - قال أفيحتمل (١) معنىً غيرَ ذلك
٨٠٨ - قلت نعم يحتمل ما قلتَ وما بَيْنَ ما قُلْنا وقلْتَ وكلَّ معنى يقع عليه اسم «الإسفار» (٢)
٨٠٩ - قال فما جعَلَ معْناكم أوْلَى مِنْ معْنانا
٨١٠ - فقلت بما وصفْتُ (٣) مِنَ التَّأويل (٤) وبأنَّ النبي قال «هُمَا فَجْرَانِ فَأَماَّ الَّذِي كَأَنَّهُ ذَنَبُ السِّرْحَانِ (٥) فَلَا يُحِلُّ شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمُهُ وَأَمَّا الفَجْرُ المُعْتَرِضُ فَيُحِلُّ الصَّلَاةَ وَيُحَرِّمُ الطَّعَامَ» يعني (٦) على من أراد الصيام (٧).
(١) عبث بالأصل عابث، فضرب على الألف بخطوط مضطربة قبيحة!
(٢) معنى الكلام ظاهر واضح، وقد أفسده مصحح ب أو ناسخو النسخ التي طبع عنها، إذ جعلوا الكلام هكذا: «نعم، يحتمل ما قلت، وبين ما قلنا وقلت معنى يقع عليه اسم الإسفار»!!
(٣) في نسخة ابن جماعة «لما وصفت لك» وفي النسخ المطبوعة «بما وصفت لك» وما هنا هو الذي في الأصل، وكلمة «لك» مكتوبة فيه بين السطرين بخط جديد.
(٤) ضرب بعض القارئين في الأصل علي كلمة «التأويل» وكتب فوقها «الدلايل» وبذلك طبعت في س وب وفي نسخة ابن جماعة «الدليل» وعليها «صح» وبها طبعت في ج وما هنا هو الصحيح الذي في الأصل.
(٥) «السرحان» بكسر السين المهملة وسكون الراء: الذئب، وقيل: الأسد.
(٦) كلمة «يعني» لم تذكر في س خطأ، وهي ثابتة في الأصل.
(٧) في نسخة ابن جماعة «الصوم» وهو مخالف لأصل. وهذا الحديث بهذا اللفظ لم أجده الا في رواية مطولة رواها البيهقي (٢١٥: ٤) من حديث محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، ونسبها السيوطي في الدر المنثور (٢٠٠: ١) أيضا إلى وكيع وابن أبي شيبة وابن جرير والدار قطني، وهي رواية مرسلة، لأن راويها ليس بصحابي، وقال السيوطي: «وأخرجه الحاكم من طريقه عن جابر موصولا» ولم أجده في المستدرك.
وأما هذا المعنى فقد ورد فيه أحاديث صحيحة كثيرة، ذكرت في الدر المنثور وغيره.
 
وجه آخر مما يُعَدُّ مختلفًا (١)
٨١١ - (٢) أخبرنا سفيان (٣) عن الزهري عن عطاء بن يزيد اللَّيْثِيِّ عن أبي أيُّوبَ الأنْصاري أنَّ النّبِيَّ قَالَ «لَا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا لِغَايِطِ أَوْ بَوْلٍ (٤) وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا قَالَ أَبُو أَيُّوب فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ صُنِعَتْ (٥) فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ اللهَ» (٦)
٨١٢ - (٧) أخبرنا مالك (٨) عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن عبد الله بن عمر أنَّه كان يقول " إنَّ نَاسًا (٩) يَقُولُونَ (١٠) إذَا قَعَدْتَ عَلَى حَاجَتِكَ فَلَا تَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَلَا بَيْتَ المَقْدِسِ فقال عبد الله (١١) لقد ارتقيت على
(١) في س وج زيادة كلمة «باب» في أول العنوان، وليست في الأصل.
(٢) هنا في النسخ الثلاث زيادة «قال الشافعي».
(٣) فيها زيادة «بن عيينة».
(٤) في س وج «بغائط ولا بول» وهو مخالف للأصل.
(٥) في س وج زيادة «نحو القبلة» وفي ب «قد بنيت قبل القبلة» وكل ذلك خلاف لما في الأصل، ويظهر أن الناسخين حفظوا بعض روايات الحديث، فكتب كل ما حفظ أو علم.
(٦) الحديث رواه الشافعي أيضا في اختلاف الحديث بهذا الاسناد (ص ٢٦٩). وهو حديث صحيح، رواه الشيخان وغيرهما، وانظر شرحنا على الترمذي (رقم ٨ ج ١ ص
١٣ - ١٤).
(٧) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٨) الحديث في الموطأ (٢٠٠: ١).
(٩) في النسخ المطبوعة «أناسا» وهو موافق لما في الموطأ، وما هنا هو الموافق للأصل.
(١٠) في ب «كانوا يقولون» وزيادة «كانوا» مخالفة للأصل والموطأ.
(١١) في س وج زيادة «بن عمر».
 
ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا فَرَأْيْتُ رَسُولَ اللهِ عَلَى لَبِنَتَيْنِ (١) مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ المَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ " (٢)
٨١٣ - قال الشافعي أدَّبَ رَسولُ الله مَن كان بيْن ظَهْرَانَيْهِ وهم عَرَب لا مُغْتَسَلَاتِ (٣) لَهُمْ أو لأكثرهم في منازلهم فاحتمل أدَبُه لهم معنيين
٨١٤ - أحدهما أنهم إنما كانوا يذهبون لحوائجهم في الصحراء فأمرهم ألاَّ يستقبلوا القبلة ولا يستدبروها لسعة الصحراء ولخفة (٤) المؤنة عليهم لسعة مذاهبهم عن أنْ تُسْتقبل القبلة أو تُستدبر (٥) لحاجة الإنسان مِن غايط أو بول ولم يكن لهم مِرْفَقٌ (٦) في استقبال القبلة ولا استدبارِها أوْسَعَ عليهم مِنْ تَوَقِّى ذلك
(١) «على» حرف، وفي ج «علا» كأنه يريد بها الفعل الماضي من العلو، ولو كان هذا صحيحا لكتبت في الأصل بالألف، و«اللبنة» بفتح اللام وكسر الباء وفتح النون: ما يصنع من الطين أو غيره للبناء قبل أن يحرق.
(٢) الحديث رواه الشافعي عن مالك في اختلاف الحديث (ص ٢٦٩ - ٢٧٠) ورواه أيضا احمد وأصحاب الكتب الستة.
(٣) «مغتسلات» ضبطت في نسخة ابن جماعة بفتح التاء، وهو لحن.
(٤) في النسخ المطبوعة «وخفة» بدون اللام وهي ثابتة في الأصل ونسخة ابن جماعة.
(٥) هكذا في الأصل ونسخة ابن جماعة وب، وهو الصواب الصحيح، وقد ضبطت التاء في الفعلين في الأصل بالضم بيانا لبنائهما للمفعول، ولكن عبث بعض قارئيه فوضع نقطتين تحت التاء في كل من الفعلين وزاد بجوار الفعل الثاني «ها» لتقرأ الجملة «عن ان يستقبل القبلة أو يستدبرها» وبذلك طبعت في س وج.
(٦) «مرفق» بوزن «مجلس» و«مقعد» و«منبر» مصدر «رفق به» كالرفق، وهذا هو المراد هنا، وأما مرافق الدار، كالمطبخ والكنيف ونحوهما من مصاب الماء -: فواحدها «مرفق» بوزن «منبر» لا غير، على التشبيه باسم الآلة. وفي ب «مرافق» وفي ج «مرتفق» وهو خطأ ومخالف للأصل.
 
٨١٥ - وكثيرًا ما يكون الذاهبون في تلك الحال في غير سِتْر عن مصلِّي (١) يرى عوراتهم مقبلين ومدبرين (٢) غذا استقبل (٣) القبلة فأُمِروا أن (٤) يُكْرموا قِبْلَةَ الله ويستروا العورات مِنْ مُصَلي إنْ صلَّى حيث يراهم وهذا المعنى أشبه معانيه والله أعلم

٨١٦ - (٥) وقد يحتمل أن يكون نهاهم أن يستقبلوا ما جعل قبلة في الصحراء (٦) لغائط أو بول لِئَلاَّ يُتَغَوَّطَ أو يُبالَ (٧) في القِبلة فتكونَ قَذِرَةً بِذلك أوْ مِن وَرَائِها فيكونَ مِنْ ورائِها أذًى للمصلين إليها (٨)

٨١٧ - قال (٩) فسمع أبو أيوب ما حَكَى (١٠) عن النبي جملة فقال
(١) «ستر» مضبوطة في الأصل بكسر السين، وفي ب «ستر عورة» وهو مخالف للأصل. و«مصلى» مكتوبة في الأصل هنا وفيما يأتي باثبات حرف العلة، وهو جائز فصيح، خلافًا لما يظنه أكثر الناس.
(٢) في ب «أو مدبرين» وهو مخالف للأصل.
(٣) عبث كاتب في الأصل فألصق باللام واوا وألفا، لتقرأ «استقبلوا» وقد عمل بعضهم ذلك في نسخة ابن جماعة أيضا، ولكن بكشط آخر اللام بالسكين ثم إصلاحها بالقلم.
ومرجع هذا إلى عدم فهم الكلام، فان المراد أن المصلي إذا استقبل القبلة قد يرى عورة الجالس لحاجته إذا كان مقبلا عليه مستدبرا القبلة، وكذلك إذا كان موليه دبره مستقبلا القبلة. وأما نسخة ابن جماعة، فان الكلام فيها أشد اضطربا:
«في غير ستر عن مصلي ترى عوراتهم» الخ، وهذا كلام لا يفيد معنى صحيحا.
(٤) في النسخ المطبوعة «بأن» والياء ملصقة بالألف في الأصل
(٥) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٦) في ب «في الصحراء».
(٧) في ب «ويبال».
(٨) في الكلام نقص في ب لأن فيها «فتكون قذرة بذلك أو يكون من ورائها» الخ.
(٩) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي».
(١٠) «حكى» رسمت في الأصل «حكا» بالألف، كعادته في مثل ذلك، ثم حك بعض القارئين الألف وألحق ياء في الكاف ووضع ضمة على الحاء، ليكون الفعل مبنيا للمفعول، وهو عبث لا داعي إليه، بل هو خطأ. وفي ب «فسمع أبو أيوب مقالة النبي».
 
به على المذهب في الصحراء والمنازل ولم يُفَرِّقْ في المذهب بين المنازل التي للناس (١) مرافق أنْ يضعوها في بعض الحالات مُسْتَقْبِلَةَ القِبلة أو مستدبرتها (٢) والتي يكون فيها الذاهبُ لحاجته مُسْتَتِرًا فقال بالحديث جملةً كما سمعه جملةً
٨١٨ - وكذلك ينبغي لمن سمع الحديث أن يقول به على عُمُومِه وجملته حتى يجد دِلالة يفرق بها فيه بينه (٣)
٨١٩ - قال الشافعي (٤) لما (٥) حكى بن عمر أنه رأى النبي مستقبلًا بيت المقدس لحاجته وهو (٦) إحدى القبلتين وإذا استقبله استدبر الكعبة أنْكَرَ على مَنْ يقول لا يستقبِلِ القبلة
(١) في ج «التي هي للناس» وزيادة «هي» من نسخة ابن جماعة، وليست في الأصل.
(٢) كذا في الأصل ونسخة ابن جماعة، وهو الصواب، لأن المراد أن هذه الكنف قد توضع مستقبلة القبلة أو مستدبرتها، ولم يفهم هذا بعض قارئي الأصل، فحاول تغييره ليجعله «مستقبلي القبلة أو مستدبريها» وتعمله لذلك واضح. وبه طبعت في ب.
(٣) كلمة «بينه» لم تذكر في النسخ المطبوعة ولا في نسخة ابن جماعة، بل وضع فيها علامة «صح» في موضعها دلالة على صحة حذفها، ولكنها ثابتة في الأصل، ثم ضرب بعض الناس عليها، ثم أعيدت كتابتها بخط آخر، واثباتها هو الصحيح، والضمير فيها عائد على الحديث، والمراد الأفراد الداخلة في العموم أو في الجملة.
(٤) «قال الشافعي» لم تذكر في ب وهي ثابتة في الأصل.
(٥) في سائر النسخ «ولما» والواو مكتوبة في الأصل بخط آخر مخالف.
(٦) في س وج وابن جماعة «وهي» والكلمة في الأصل «وهو» ثم حاول بعضهم تغييرها محاولة واضحة وكتب فوقها بخط جديد «هي».
 
ولا تستدبِرْها لحاجة (١) ورَأَى أنْ لا ينبغيَ لأحد أن يَنْتَهِيَ (٢) عَن أمْرٍ فعله رسول الله
٨٢٠ - ولم يسمع فيما يُرَى (٣) ما أمَرَ به رسولُ الله في الصحراء فَيُفَرِّقَ بيْن الصحراء والمنازل فيقولَ بالنهي في الصحراء وبِالرخصة في المنازل فيكون قد قال بما سمع ورأى وفرَّقَ بالدلالة عن رسول الله على ما فرق بينه لافتراق (٤) حال الصحراء والمنازل
٨٢١ - (٥) وفي هذا بَيانُ أن كُلَّ مَن سَمِعَ مِن رسول الله شيئًا قَبِلَه عنه وقال به وإن لم يُعرف حيثُ يَتَفَرَّقُ (٦) لمْ يتفرق (٧) بين ما لم يعرف (٨) غلا بِدِلالةٍ عن رسول الله على الفرق بَيْنَهُ
(١) كذا في الأصل وسائر النسخ، ولكن عابثا في الأصل ألصق بآخر الكلمة هاء، لتقرأ «لحاجته».
(٢) في ج «أن لا ينتهي» وهو خطأ واضح.
(٣) «يرى» مضبوطة في الأصل ضم أولها، وفي س «يروى» وفي ج «ولم نسمع فيما نرى» وكلاهما خطأ وخلط.
(٤) في س «على افتراق» وفي باقي النسخ «وعلى افتراق» وكله خطأ ومخالف للأصل، لأنه تعليل للتفرقة بين الصحراء والمنازل فيما دلت عليه الأحاديث من ذلك. والكلمة فيه واضحة «لافتراق» وحاول بعض قارئيه جعل حرفي اللام والألف ألفا، ثم كتب بجوارها كلمة «على» محشورة في السطر، ثم أعاد بالحاشية كتابة «على افتراق» تأكيدا لصنيعه الذي أخطأ فيه.
(٥) هنا في النسخة المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٦) في ب «يفرق» وهو خطأ ومخالف للأصل.
(٧) هكذا في الأصل، وهو واضح مفهوم، ولكن تصرف فيه بعض القارئين، فزاد واوا قبل «لم» وضرب على «يتفرق» وكتب فوقها «يفرق» بخط مخالف لخطه، فصارت «ولم يفرق» وبذلك طبعت في س، وفي ب وج «ولم يفرق» بدون الواو وهو موافق لنسخة ابن جماعة.
(٨) غير بعض القارئين حرف «لم» فجعله «لا» بدون مسوغ، وبذلك كتبت في نسخة ابن جماعة وطبعت في ب وس، وفي ج «بين من لا يعرف» وهو خطأ.
 
٨٢٢ - ولهذا أشباهٌ (١) في الحديث اكتفينا بما ذَكَرْنَا مِنها مِمَّا لم نَذْكر (٢)

(٣) وجه آخر من الاختلاف
٨٢٣ - (٤) أخبرنا بن عيينة (٥) عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة (٦) عن بن عباس قال أخبرني الصَّعْبُ بن جَثَّامَةَ (٧) «أنَّهُ سمع النبي يسئل عَنْ أَهْلِ الدَّاِر مِنَ المُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ (٨) فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ هُمْ منهم» وزاد عمر بن دينار عن الزهري " هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ (٩)
(١) في النسخ المطبوعة «أشباه كثيرة» والزيادة ليست في الأصل.
(٢) هنا بحاشية الأصل «بلغ». «بلغ سماعا».
(٣) في ج زيادة كلمة «باب».
(٤) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٥) في ب «أخبرنا سفيان» وما هنا هو الذي في الأصل.
(٦) في النسخ المطبوعة زيادة «بن مسعود» وليست في الأصل.
(٧) «الصعب» بفتح الصاد وسكون العين المهملتين، و«جثامة» بفتح الجيم وتشديد الثاء المثلثة.
(٨) في النهاية: «أي يصابون ليلا، وتبييت العدو: هو أن يقصد في الليل من غير أن يعلم، فيؤخذ بغتة، وهو البيات».
(٩) الحديث نسبه المجد بن تيمية في المنتقى لأحمد وأصحاب الكتب الستة إلا النسائي، وانظر نيل الأوطار (ج ٨ ص ٧٠) ورواية عمرو بن دينار في مسند أحمد (ج ٤ ص ٣٨ و٧١) وهي في البخاري أيضا في سياق حديث سفيان عن الزهري. وقال الحافظ في الفتح (ج ٦ ص ١٠٣) إنه «يوهم أن رواية عمرو بن دينار عن الزهري هكذا بطريق الإرسال. وبذلك جزم بعض الشراح، وليس كذلك، فقد أخرجه الإسماعيلي من طريق العباس بن يزيد حدثنا سفيان قال: كان عمرو يحدثنا قبل أن يقدم المدينة الزهري عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن الصعب. قال سفيان:
فقدم علينا الزهري فسمعته يعيده ويبديه، فذكر الحديث» ورواية الشافعي هنا تؤيد ما قال الحافظ من أن الرواية موصولة عن سفيان عن الزهري وعن سفيان عن عمرو بن دينار عن الزهري.
 
٨٢٤ - (١) أخبرنا بن عيينة (٢) عن الزهري عن بن كَعْب بن مالك (٣) عن عَمِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ لما بعث إلى بن أبي الحُقَيْقِ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ (٤)»

٨٢٥ - (٥) قال فكان سفيان يذهب إلى أنَّ قولَ النبي «هُمْ مِنْهُمْ» إباحَةٌ لِقَتْلِهم وأنَّ حديث بن أبي الحُقَيْقِ ناسخ له وقال كان (٦) الزهري غذا حدَّثَ حَديثَ الصَّعْب بن جَثَّامَةَ أتْبَعَهُ حديث ابن كعب
(١) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٢) في النسخ المطبوعة «أخبرنا سفيان».
(٣) ابن كعب بن مالك يحتمل أن يكون عبد الله، وأن يكون عبد الرحمن، وكلاهما ثقة، وكلاهما روى عنه الزهري، والإسناد صحيح بكل حال.
(٤) هذه الرواية أشار إليها أبو داود في سننه بعد أن روى حديث الصعب بن جثامة من طريق سفيان (ج ٣ ص ٧ - ٨) فقال: «قال الزهري: ثم نهى رسول الله ﷺ بعد ذلك عن قتل النساء والولدان». وهذه الإشارة ليست في شيء من الكتب الستة إلا في أبي داود، ولم ير الحافظ ابن حجر إسنادها الذي في الرسالة هنا، ولذلك خرجها في الفتح من طريق آخر، فقال (ج ٦ ص ١٠٣):
«وزاد الإسماعيلي في طريق جعفر الفريابي عن علي عن سفيان: وكان الزهري إذا حدث بهذا الحديث قال: وأخبرني ابن كعب بن مالك عن عمه أن رسول الله ﷺ لما بعث إلى ابن أبي الحقيق نهى عن قتل النساء والصبيان». وابن أبي الحقيق هو «أبو رافع سلام بن أبي الحقيق اليهودي» وكان ممن حزب الأحزاب على رسول الله ﷺ، وكان تاجرا مشهورا بأرض الحجاز، وانظر قصة مقتله في سيرة ابن هشام (ص ٧١٤ - ٧١٦ طبعة أوربة) وفي البداية لابن كثير (١٣٧: ٤ - ١٤٠).
(٥) في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
(٦) في س وج «قال: وكان» بجعل واو العطف بعد «قال» وفي ب «قال:
وقد كان» وكل ذلك مخالف للأصل، وهو خطأ أيضا، لأن الشافعي يحكي عن سفيان أنه يرى النسخ وانه قال كأن الزهري الخ، كأن سفيان يحتج لرأيه في النسخ بطريقة الزهري في التحديث بأحدهما بعد الآخر، وهذا هو الصواب الموافق للأصل ولنسخة ابن جماعة، وقد وضع عليها علامة الصحة في هذا الموضع، ويوافق أيضا ما نقلناه عن الحافظ عن رواية الإسماعيلي.
 
٨٢٦ - قال الشافعي وحديث الصَّعْب بن جَثَّامَةَ (١) في عُمْرَةِ النبي فإنْ كان في عُمرته الأولى فقد قيل أمر بن أبي الحُقَيْقِ قَبْلَهَا وقيل في سَنَتِها وإنْ كان في عُمرته الآخِرة (٢) فهو (٣) بعْدَ أمْرِ بن أبي الحقيق غير شك (٤) والله أعلم
٨٢٧ - (٥) ﷺ ولم نَعْلَمْه صلى الله عليه رخَّص في قتل النساء والوِلْدان ثم نهى عنه
٨٢٨ - ومعنى (٦) نهيه عندنا والله أعلم عن قتل النساء والوِلدان أن يَقْصِدَ قَصْدَهُمْ (٧) بِقتل وهم يُعْرفون مُتَمَيِّزين ممن أمَرَ (٨) بقتله منهم
٨٢٩ - ومعنى قوله هم منهم انهم يجمعون خصلتين أن
(١) «بن جثامة» لم يذكر في ب وج وهو ثابت في الأصل.
(٢) في ب «الأخيرة» وهو مخالف للأصل.
(٣) في ب «فهي» وهو خطأ ومخالف للأصل.
(٤) في ب «من غير شك» وحرف «من» ليس في الأصل.
(٥) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٦) في النسخ المطبوعة «وانما معنى» وكلمة «إنما» ليست في الأصل.
(٧) «قصدهم» مضبوطة في الأصل بفتح الدال، فتكون مفعولا، وضبطت في نسخة ابن جماعة بالرفع، فيكون الفعل قبلها مبنيا للمفعول، ولكنه مخالف للأصل.
(٨) «أمر» مضبوطة في الأصل بفتح الميم، فيكون الفعل مبنيا للفاعل، وفي نسخه ابن جماعة ضبطت بكسر الميم، فيكون الفعل مبنيا للمفعول، وهو مخالف للأصل.
 
ليس لهم حُكْم الإيمان الذي يُمْنَع به الدَّمُ (١) ولا حكمُ دار الإيمان الذي يُمنع به الإغارة (٢) على الدار
٨٣٠ - وغذا (٣) أباحَ رسولُ الله البَيَاتَ (٤) والإغارة (٢) على الدار فأغار على بني المُصْطَلِقِ غارِّين فالعلم يحيط أن البيات والإغارة (٥) إذا حَلَّ (٦) بإحلال رسول الله لم يمتنع أحدٌ بَيَّتَ أوْ أغارَ مِن أن يُصيب النساء والوِلدان فيسقط المَأْثَمُ فيهم والكفارةُ والعقْلُ والقَوَدُ عَن من أصابهم إذ (٧) أُبيح له أن يُبَيِّتَ ويُغير وليست لهم حُرْمة الإسلام
٨٣١ - ولا يكون له قتْلُهم عامِدًا لهم متميزين عارفًا بهم
٨٣٢ - فإنما (٨) نهى عن قتل الوِلدان لأنهم لم يَبْلُغوا كُفْرًا فيعلموا به وعن قتل النساء لأنه لا معنى فيهن لقتالٍ وأنهن والوِلدان يُتَخَوَّلُون (٩) فيكونون قوَّةً لأهل دين الله
(١) في النسخ المطبوعة زيادة «بكل حال» وليست في الأصل، ولكنها ثابتة بحاشية نسخة ابن جماعة وعليها علامة الصحة، ولا أدري من أين إثباتها؟
(٢) في ب وج في الموضعين «الغارة» وهو مخالف للأصل.
(٣) في ب «فإذا» وفي ج «وإذا» وكلاهما مخالف للأصل.
(٤) «البيات» وبفتح الباء بوزن «سحاب» قولا واحدا، ومع ذلك فقد ضبطت في نسخة ابن جماعة هنا وفيما يأتي بكسر الباء، وهو خطأ لا وجه له.
(٥) هكذا كانت في الأصل، ثم أصلحت بالكشط، فجعلت «الغارة» وكتب بالحاشية بخط مخالف لخطه «قال الشيخ: كله والغارة» ولا أدري من الشيخ؟
(٦) في ج «أحل» وفي ب «حلا» وكلاهما مخالف للأصل.
(٧) في النسخ المطبوعة «إذا» وهو مخالف للأصل.
(٨) في ب وج «وإنما» وهو مخالف للأصل.
(٩) «يتخولون» يعني: يتخذون خولا، أي عبيدا وإماء وخدما
 
٨٣٣ - (١) فإن قال قائل أبِنْ (٢) هذا بغيره
٨٣٤ - قيل فيه ما اكتفى العالم به مِنْ غَيْرِه
٨٣٥ - فإن قال أفتجد ما تَشُدُّه به غيرَه وتشبه (٣) مِنْ كتاب الله
٨٣٦ - قلت نعم قال الله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا (٤) فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وكان الله عليما حكيما (٥»
٨٣٧ - قال (٦) فأوجب الله بقتل المؤمن خطأً الدِّية وتحريرَ رقبةٍ وفي قتل ذي الميثاقِ الديةَ وتحريرَ رقبةٍ إذا كانا معًا ممنوعَي الدم بالإيمان والعهد والدار معًا فكان (٧) المؤمن في الدار غير
(١) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٢) في س وج «فأبن» وهو مخالف للأصل.
(٣) هكذا في الأصل بنقطتين وضمة فوق التاء، وفي ابن جماعة والنسخ المطبوعة «ويشبهه».
(٤) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٥) سورة النساء (٩٢).
(٦) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
(٧) في النسخ المطبوعة «وكان» وهو مخالف للأصل.
 
الممنوعة وهو ممنوعٌ بالإيمان فَجُعِلَتْ فيه الكفارة بإتلافه ولم يُجْعَلْ (١) فيه الدِّيةُ وهو ممنوع الدم بالإيمان فلما كان الوِلْدانُ والنساء مِن المشركين لا ممنوعين بإيمان ولا دار ولم يكن فيهم عَقْلٌ ولا قَوَدٌ ولا دية ولا مأثم إن شاء الله ولا كفارةٌ (٢)

في غسل الجمعة (٣)
٨٣٨ - (٤) فقال فاذْكر وجوهًا مِن الأحاديث المختلفة عند بعض الناس أيضًا
٨٣٩ - فقلت أخبرنا مالك عن صفوان بن سُلَيْم (٥) عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخُدري أنَّ رسولَ الله قال «غُسْلُ يَوْمِ الجُمْعَةِ واجب على كل محتلم» (٦)
٨٤٠ - (٧) أخبرنا (٨) بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه
(١) «تجعل» كتبت في الأصل بالتاء وبالياء معا.
(٢) هذا الباب من أول الفقرة (رقم ٨٢٣) إلى هنا نقله الحازمي في الناسخ والمنسوخ (ص ١٧١ - ١٧٢).
(٣) هذا العنوان ليس من الأصل، زدناه من عندنا إيضاحا وبيانا.
(٤) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٥) «سليم» بضم السين المهملة وفتح اللام.
(٦) الحديث في الموطأ (ج ١ ص ١٢٤ - ١٢٥) ورواه الشافعي في اختلاف الحديث (ص ١٧٨)، ورواه أيضا أحمد وأصحاب الكتب الستة إلا الترمذي، وانظر نيل الأوطار (ج ١ ص ٢٩٣) وقد وهم هناك في نسبته إليهم جميعا، لأن الترمذي لم يخرجه من حديث أبي سعيد.
(٧) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٨) في ب «وأخبرنا» والواو ليست في الأصل.
 
أنَّ النبي قال «مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الجُمْعَةَ (١) فَلْيَغْتَسِلْ» (٢)
٨٤١ - قال الشافعي فكان قولُ رسول الله في «غسل يوم الجمعة واجب» وأمْرُه بالغسل يحتمل معنيين الظاهرُ منهما أنه واجب فلا تجزئ الطهارَةُ لِصَلاة الجُمْعَةِ إلاَّ بالغسل كما لا يجزئ في طهارة الجُنُبِ غيْرُ الغسل ويحتمل واجبٌ (٣) في الاختيار والأخْلاق (٤) والنَّظافة
٨٤٢ - (٥) أخبرنا مالك عن الزهري عن سالم (٦) قال " دَخَلَ رجل من أصحاب النبي يوم الجمعة (٧) وعمر بْنُ الخَطَّابِ يَخْطُبُ فَقَالَ عُمَرُ أَيَّتُ (٨) سَاعَةٍ هَذِهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ انْقَلَبْتُ مِنَ السُّوقِ فَسَمِعْتُ النِّدَاءَ فَمَا زِدْتُ عَلَى أَنْ توضأت فقال عمر
(١) في س وج «إلى الجمعة» وحرف «إلى» ليس في الأصل.
(٢) الحديث رواه الشافعي في اختلاف الحديث (ص ١٧٨)، ورواه أيضا أحمد وأصحاب الكتب الستة وغيرهم، وانظر نيل الأوطار (ج ١ ص ٢٩٠).
(٣) في النسخ المطبوعة «أنه واجب» وكلمة «أنه» ليست في الأصل.
(٤) في النسخ المطبوعة «وكرم الأخلاق» وكلمة «كرم» زادها بعض القارئين في الأصل بين السطور، فضرب على الواو، ثم كتب «وكرم» وهو تصرف غير سائغ.
(٥) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٦) في ب «عن سالم بن عبد الله بن عمر» والزيادة ليست في الأصل.
(٧) في النسخ المطبوعة «من أصحاب رسول الله ﷺ المسجد يوم الجمعة» وهو موافق لما في الموطأ واختلاف الحديث، وما هنا هو الذي في الأصل.
(٨) هكذا رسمت في الأصل، وهو الرسم القديم في مثلها، فتبعناه.
 
الوُضُوءُ (١) أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ؟! (٢) «
٨٤٣ - (٣) أخبرنا الثِّقة عن مَعْمَرٍ (٤) عن الزهري عن سالم عن أبيه: مثلَ (٥) معنى حديث مالك وسَمَّى الدَّاخِلَ يَوْمَ الجمعة بِغَيْرِ غُسل» عثمان بن عَفَّانَ (٦) "
٨٤٤ - (٧) قال فلَمَّا حَفِظَ عمر عن رسول الله أنه كان يأمر بالغُسْلِ (٨) وعلم أنَّ عثمان قد عَلِمَ مِنْ أمْر رسول الله (٩) بالغسل ثم ذكر عمر لعثمان أمْرَ النبي بالغُسل وعلِمَ عثمان ذلك فلو ذهب
(١) في النسخ المطبوعة «والوضوء» وحرف الواو مزاد في الأصل بغير خطه، وهو ثابت في الموطأ وغيره، ويجوز في «الوضوء» الرفع والتصب، وإن كان النصب أرجح عندهم. وانظر شرح السيوطي على الموطأ في ذلك.
(٢) الحديث في الموطأ (ج ١ ص ١٢٣ - ١٢٤) ورواه الشافعي في اختلاف الحديث (ص ١٧٩)، وهو هكذا فيهما مرسل عن سالم، لأن سالم بن عبد الله بن عمر لم يدرك عهد عمر، وإنما رواه عن أبيه عبد الله بن عمر، وقال ابن عبد البر: «كذا رواه أكثر رواة الموطأ عن مالك مرسلا، لم يقولوا: عن أبيه» ثم ذكر من رواه موصولا عن مالك وعن الزهري، وهو حديث صحيح، رواه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهما موصولا عن ابن عمر. وانظر نيل الأوطار (ج ١ ص ٢٩٤) وشرح السيوطي على الموطأ.
(٣) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٤) في النسخ المطبوعة «عن معمر بن راشد» والزيادة ليست في الأصل.
(٥) في ب «بمثل» وهو مخالف للأصل.
(٦) قال السيوطي في شرح الموطأ: «والرجل المذكور سماه ابن وهب وابن القاسم في روايتيهما للموطأ: عثمان بن عفان، قال ابن عبد البر: ولا أعلم فيه خلافا».
وروى مسلم في صحيحه (١ ص ٢٣٢) من حديث أبي هريرة نحو هذه القصة، وسمي الداخل أيضا «عثمان بن عفان».
(٧) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
(٨) في ب «بالغسل يوم الجمعة» والزيادة ليست في الأصل.
(٩) في س وج «من أمر النبي ﷺ» وما هنا هو الذي في الأصل.
 
على مُتَوَهِّمٍ (١) أنَّ عثمان نسِيَ فقد ذكَّرَه عمر قبْلَ الصلاة بِنسيانِه فلَمَّا لم يتركْ عثمان الصلاة للغسل (٢) ولمَّا لمْ يأمره (٣) عمر بالخروج للغسل دلَّ ذلك على أنهما قد عَلِمَا أن أمْرَ رسول الله بالغسل على الاختيار لا على أنْ (٤) لا يُجْزِئَ غيُره لأن عمر بلم يكن لِيَدَعَ أمْرَه بالغسل ولا عثمان إذْ علمنا أنه ذاكِرٌ لِترك الغُسل وأمرِ النبي بالغسل إلاَّ والغُسْلُ كما وصفْنَا على الاختيار
٨٤٥ - قال (٥) ورَوَى البصْرِيُّونَ أنَّ النبي قال «مَنْ توضأ يوم الجمعة فبها نعمة (٦) ومن اغتسل فالغسل أفضل (٧)»
(١) في ب «على من توهم» وهو مخالف للأصل.
(٢) في النسخ المطبوعة «لترك الغسل» وما هنا هو الذي في الأصل، وكذلك كانت في نسخة ابن جماعة، ثم أصلحت بجعلها «الغسل» وكتبت كلمة «لترك» بحاشيتها» وكتب بجوارها علامة الصحة، وهو تصرف في الأصل غير سليم، لأن الكلام بدونه صحيح مفهوم.
(٣) في النسخ المطبوعة «ولم يأمره» بحذف «لما» وهي ثابتة في الأصل ونسخة ابن جماعة
(٤) في س «أنه» وهو مخالف للأصل.
(٥) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
(٦) هكذا رسمت في الأصل بالتاء المربوطة فتبعناه، وطبعت في النسخ الأخرى «ونعمت» وقد تصرف بعضهم في الأصل فمد التاء لتكون مفتوحة.
(٧) هو من حديث سمرة بن جندب، رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي، وحسنه الترمذي، ورواه ابن ماجة من حديث جابر بن سمرة، وانظر نيل الأوطار (ج ١ ص ٢٩٥) وقال الحافظ في الفتح (ج ٢ ص ٣٠٠ - ٣٠١): «ولهذا الحديث طرق، أشهرها وأقواها رواية الحسن عن سمرة، أخرجها أصحاب السنن الثلاثة وابن خزيمة وابن حبان، وله علتان: إحداهما: أنه من عنعنة الحسن، والأخرى أنه اختلف عليه فيه، وأخرجه ابن ماجة من حديث أنس، والطبراني من حديث عبد الرحمن بن سمرة، والبزار من حديث أبي سعيد، وابن عدي من حديث جابر، وكلها ضعيفة».
 
٨٤٦ - أخبرنا (١) سفيان (٢) عن يحيى (٣) عن عَمْرةَ (٤) عن عائشة قالت «كَانَ النَّاسُ عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ وَكَانُوا (٥) يروحون بهيأتهم فقيل لهم لو اغتسلتم (٦)!».
(١) في ب «وأخبرنا» والواو ليست في الأصل.
(٢) في النسخ المطبوعة زيادة «بن عيينة».
(٣) في النسخ المطبوعة زيادة «بن سعيد».
(٤) في النسخ المطبوعة زيادة «بنت عبد الرحمن» وهذه الزيادات ليست في الأصل.
(٥) في س وج «فكانوا» وهو مخالف للأصل.
(٦) هنا بحاشية الأصل كلمة «بلغ» مرتين، وأيضا «بلغ السماع في المجلس التاسع، وسمع الجميع، ابني محمد والجماعة».
والحديث رواه أحمد والشيخان وغيرهما، وانظر نيل الأوطار (ج ١ ص ٢٩٥ - ٢٩٦) وفتح الباري (ج ٢ ص ٣٢٠ - ٣٢٢).
وقد سلك الشافعي ﵁ في وجوب غسل الجمعة مسلك التأويل للنص الصريح، بدون سبب أو دليل، ولم ينفرد بهذا، فقد نقل الزرقاني في شرح الموطأ (ج ١ ص ١٩٠) عن ابن عبد البر قال: «ليس المراد أنه واجب فرضا، بل هو مؤول، أي واجب في السنة، أو في المروءة، أو في الأخلاق الجميلة، كما تقول العرب وجب حقك. ثم أخرج بسنده عن أشهب: أن مالكا سئل عن غسل يوم الجمعة، أ واجب هو؟ قال: هو حسن وليس بواجب!. وأخرج عن ابن وهب: أن مالكا سئل عن غسل يوم الجمعة، أواجب هو؟ قال: هو سنة ومعروف! قيل: إن في الحديث واجب؟ قال ليس كل ما جاء في الحديث يكون كذلك!!». ونقل السيوطي نحوه (ج ١ ص ١٢٥) وهذا التأويل ذهب إلى نحوه ابن قتيبة في كتاب تأويل مختلف الحديث (ص ٢٥١) والخطابي في معالم السنن (ج ١ ص ١٠٦) وأبى ذلك ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام (ج ٢ ص ١٠٩ - ١١١) ورده أبلغ رد، وضعفه أشد تضعيف، في بحث نفيس، وكذلك ابن حزم في المحلى (ج ٢ ص - ١٩) والحق الذي نذهب إليه، ونرضاه: أن غسل يوم الجمعة واجب حتم، وأنه واجب لليوم وللاجتماع، لا وجوب الطهارة للصلاة، فمن تركه فقد قصر فيما وجب عليه، ولكن صلاته صحيحة إذا كان طاهرا، وبهذا يجاب عما قاله الشافعي وغيره من أن عمر وعثمان لو علما أن الامر للوجوب لترك عثمان الصلاة للغسل، ولأمره عمر بالخروج للغسل، ولم يكونا ليدعا ذلك الا وعندهما أن الأمر للاختيار، لأن موضع الخطأ في هذا القول الظن بأن الوجوب يستدعي أن هذا الغسل شرط في صحة الصلاة، ولا دليل عليه، بل الأدلة تنفيه. فالوجوب ثابت، والشرطية ليست ثابتة، وبذلك نأخذ بالحديثين كليهما، ولا نرد أحدهما للآخر ولا نؤوله، وأيضا: فان الأصل في الأمر أنه للوجوب، ولا يصرف عنه إلى الندب إلا بدليل، وقد ورد الأمر بالغسل صريحا، ثم تأيد في معنى الوجوب بورود النص الصريح الصحيح بأن غسل يوم الجمعة واجب، ومثل هذا الذي هو قطعي الدلالة، والذي لا يحتمل التأويل -: لا يجوز ان يؤول لأدلة أخرى، بل تؤول الأدلة الأخرى إن كان في ظاهرها المعارضة له، وهذا بين لا يحتاج إلى بيان.
[وانظر شرحنا على الترمذي في الحديثين (٥٢٨، ٥٢٩). كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
النهي (١) عن معنىً دلَّ عليه معْنًى في (٢) حديثٍ غيره
٨٤٧ - (٣) أخبرنا مالك عن أبي الزِّنَاد (٤) ومحمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله (٥) قال «لَا يَخْطُبْ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ (٦)»
٨٤٨ - (٧) أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر عن النبي أنه قال «لَا يَخْطُبْ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ (٨)»
٨٤٩ - قال الشافعي فلو لم تأت عن رسول الله دِلالة على أن نهيه عن أنْ يَخْطُب (٩) عَلَى خطبة أخيه على معنى
(١) هنا في س وج زيادة كلمة «باب».
(٢) في س «من» وهي في الأصل «في» ثم عبث بها قارئيه، فجعلها «من».
(٣) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٤) في ب «وعن محمد» بزيادة «عن» وليست في الأصل.
(٥) في ب «أن النبي» وما هنا هو الذي في الأصل.
(٦) في النهاية: «تقول منه: خطب يخطب خطبة، بالكسر. فهو خاطب، والاسم منه الخطبة أيضا، فأما الخطبة بالضم فهو من القول والكلام». والحديث في الموطأ (ج ٢ ص ٦١) ورواه أيضا البخاري والنسائي كما في نيل الأوطار (ج ٦ ص ٢٣٥).
(٧) هنا ف س وج زيادة «قال الشافعي» وفي ب «وأخبرنا» بزيادة الواو.
(٨) الحديث في الموطأ (ج ٢ ص ٦١ - ٦٢) ورواه أيضا أحمد والبخاري والنسائي، كما في نيل الأوطار. والحديثان رواهما الشافعي أيضا في اختلاف الحديث عن مالك (ص ٢٩٦ - ٢٩٧).
(٩) في النسخ المطبوعة زيادة «أحدكم» وهي في الأصل بين السطرين بخط مخالف لخطه، فلذلك حذفناها.
 
دون معنى كان الظاهِرُ أنَّ حرامًا أنْ يخطب المرء على خِطبة غيره مِن حينِ يبتدئُ (١) إلى أنْ يدعَها
٨٥٠ - قال (٢) وكان قول النبي «لَا يَخْطُبْ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» يحتمل أن يكون جوابا أراد به فسي معنى الحديث (٣) ولم يسمع مَنْ حدَّثَه السببَ الذي له قال رسول الله هذا فأدَّيَا (٤) بَعْضَهُ دون بعْض أو شَكَّا في بعْضه وسَكَتَا عَمَّا شَكَّا فيه (٥)
٨٥١ - فيكون النبي (٦) سُئل عن رجل خطب امرأة فَرَضِيَتْهُ وأذِنت في نكاحه (٧) فخَطَبَها أرْجَحُ عندها منه فرجعت عن الأول الذي أذنت في نكاحه (٨) فنهى عن خِطبة المرأة إذا كانت بهذه
(١) في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة «يبتدئ الخطبة» وكلمة «الخطبة» ليست في الأصل، وان كان المعنى على إرادتها وإضمارها.
(٢) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
(٣) يعني أراد به شيئا في معنى الحديث، لم يذكره الراوي، وهو السؤال. هذا الكلام واضح ظاهر، على حذف مفعول «أراد». ويظهر أن قارئي الأصل لم يفهموا المراد، واضطرب عليهم معنى الكلام، فزاد بعضهم بخط جديد بين السطور كلمة «منه» بعد كلمة «جوابا» ثم ضرب على كلمة «في» وكتبها بين السطور بعد كلمة «معنى» فصار السياق هكذا «يحتمل أن يكون جوابا منه أراد به معنى في الحديث»، وبذلك كتبت نسخة ابن جماعة وطبعت النسخ المطبوعة، وهذا تغيير لا أستجيزه، وان كان المعنى عليه صحيحا، لأن الأصل صحيح المعنى أيضا.
(٤) في ج «فأدى» وهو مخالف للأصل، والمراد أبو هريرة وابن عمر.
(٥) في النسخ المطبوعة وابن جماعة زيادة «منه» وهي غير ضرورية، وليست في الأصل.
(٦) كلمة «النبي» لم تذكر في ج.
(٧) في ب «إنكاحه» بزيادة الألف في أول الكلمة، وهو مخالف للأصل.
(٨) في س «نكاحه» بحذف الألف من أول الكلمة، وهي ثابتة في الأصل وضرب عليها بعض قارئيه عن غير حجة.
 
الحال وقد يكون أن ترجع عن من أذنت في نكاحه (١) فلا يَنْكحُها من رجعت له (٢) فيكونُ فَسَادًا (٣) عليها وعلى خاطبها الذي أذنت في نكاحه (٤)
٨٥٢ - (٥) فإن قال قائل لِمَ صِرت إلى أن تقول إنَّ نهي النبي أنْ يخطب الرجل على خطبة أخيه على معنى دون معنى
٨٥٣ - فبِالدِّلالة عنه (٦)
٨٥٤ - فإن قال فأين هي
٨٥٥ - قيل له إن شاء الله أخبرنا مالك (٧) عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قَيْسٍ أنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا فأمرها رسول الله أن تعتد في
(١) في س وج «نكاحه» وحالها حال التي قبلها.
(٢) في ب «اليه» وهو مخالف للأصل.
(٣) في ب «فيكون هذا إفسادا» وفي س وج ونسخة ابن جماعة «فيكون هذا فسادا». وما هنا هو الذي في الأصل، ثم زاد بعض الكاتبين كلمة «هذا» بين السطور، وزاد ألفا بين النون والفاء، ومخالفة ذلك لخط الأصل واضحة.
(٤) هكذا الأصل، ثم زاد بعضهم كلمة «له» بعد «أذنت» لأنها في آخر السطر، ثم ضرب على حرفي «حه» وكتب فوقهما «حها» لتقرأ الكلمة «إنكاحها» وبهذا التغيير طبعت في س وج، وفي ب كالأصل ولكن بزيادة «له» وكذلك في نسخة ابن جماعة، وكتب في حاشيتها «إنكاحها» وعليها علامة نسخة.
(٥) هنا في ب زيادة «قال الشافعي».
(٦) هذا جواب سؤال القائل، وزيد في أوله في النسخ المطبوعة كلمة «قلت» وليست في الأصل. وسمج بعضهم فعبث في الأصل بالغاء الفاء لتكون «بالدلالة» وبذلك أضاع جواب السؤال.
(٧) في ب زيادة «بن أنس» وليست في الأصل، والحديث في الموطأ (ج ٢ ص
٩٨ - ٩٩) مطول، واختصره الشافعي هنا، وكذلك فعل في اختلاف الحديث (ص ٢٩٧).
 
بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَقَالَ إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي (١) قَالَتْ فَلَمَّا حَلَلَتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ معاوية بن أبي سفيان وأبا جَهْمٍ خَطَبَانِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ فَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ (٢) وأمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ اِنْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ قَالَتْ فَكَرِهْتُهُ فَقَالَ اِنْكِحِي أُسَامَةَ فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا (٣) واغْتَبَطْتُ بِهِ (٤)
٨٥٦ - قال الشافعي فبهذا (٥) قُلْنَا
٨٥٧ - ودلَّت سنةُ رسول الله في خِطبته فاطمةَ على أسامة بعد إعلامها رسول الله أن معاوية وأبا جهم خطباها على أمْرين
٨٥٨ - أحدهما أنَّ النبي يعلم أنهما لا يخطُبانها إلاَّ وخِطبةُ أحدهما بعد خطبة الآخر فَلَمَّا لم يَنْهَهَا (٦) ولم يقل لها ما كان لواحد
(١) أي أعلميني.
(٢) في معناه قولان مشهوران: أحدهما: أنه كثير الأسفار، والثاني: أنه كثير الضرب للنساء، والنووي رجح هذا الأخير لوروده صريحا في رواية لمسلم «فرجل ضراب».
(٣) في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة «خيرا كثيرا» والزيادة ليست في الأصل، ولا في الموطأ، ولا في اختلاف الحديث.
(٤) الاغتباط: الفرح بالنعمة. والحديث رواه أحمد وأصحاب الكتب الستة إلا البخاري، كما في نيل الأوطار (ج ٦ ص ٢٣٧).
(٥) في ب «وبهذا» وهو مخالف للأصل.
(٦) في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة «لم ينههما» والذي في الأصل «لم ينهها» ثم ألصق بعض قارئيه حرف الميم في طرف الألف بينها وبين الهاء، وإنما فعل هذا فاعله إذ ظن أن النهي لا يكون لفاطمة في هذا، وإنما يكون للخاطبين: معاوية وأبي جهم، وهو فهم خاطئ، لأنه لو كان هذا المراد لكان النهي للمتأخر منهما، لا لهما جميعا، وانما المراد: لما لم ينه فاطمة عن هذا العمل، وهو قبول خطبة الآخر بعد الأول ثم أوضحه بقوله «ولم يقل لها» الخ، وفيه خطابها بالكاف، فالسياق كله في شأن ما تخاطب به هي.
 
أنْ يَخْطُبَكِ حتى يترك الآخَرُ خِطْبَتَكِ وخطبها على أسامة بن زيد بعد خطبتهما فاستدللنا (١) على أنها لم ترضى (٢) ولو رَضِيَتْ واحِدًا منهما أمرها أن تتزوج مَنْ رضيت وأن إخبارَها إياهُ بمن خطبها إنما كان إخبارًا عَمَّا (٣) لم تأذن فيه ولعلها استشارةٌ له ولا يكون (٤) أن تستشيره وقد أذِنَتْ بأحدهما (٥)
٨٥٩ - فلما خطبها على أسامة استدللنا على أنَّ الحال (٦) التي خطبها فيه غيرُ الحال التي نهى عن خطبتها فيها ولم تكن حالٌ تُفَرِّقُ (٧) بين خطبتها حتى يَحِلَّ بعضها ويحرُمَ بعضها إلا إذا أذنت للولي أن يزوجها فكان لزوجها إن زوَّجها الولي أن يُلْزِمها التزويجَ وكان عليه أن يُلزمَه وحَلَّتْ له فأما قبل ذلك فحالها واحدة ليس (٨) لوليها أن يزوجها حتى تأذن (٩) فرُكُونها وغيرُ ركونِها سواء
(١) في ب «استدللنا» بدون الفاء، وهو الأظهر، والفاء ثابتة في الأصل، وإن كان يخيل إلي أنها تشبه أن تكون مزادة ملصقة بالألف، ولكني لا أستطيع ترجيح ذلك.
(٢) في النسخ المطبوعة «لم ترض» على الجادة، ولكنها واضحة في الأصل باثبات حرف العلة، بل هي مكتوبة بالألف هكذا «لم ترضا» وإثبات حرف العلة في مثله جائز، كما أشرنا إليه فيما مضى في الحاشية (رقم ٤ ص ٢٧٥) وقد ذكر ابن مالك شواهد لهذا كثيرة في شرح شواهد التوضيح (ص ١٣) وما بعدها.
(٣) في س وج «عمن» وهو مخالف للأصل.
(٤) في النسخ المطبوعة زيادة «لها» وهي مكتوبة بين السطور في الأصل بخط آخر.
(٥) في ب وج «لأحدهما» وهو مخالف للأصل.
(٦) في س وج «الحالة» وهو مخالف للأصل.
(٧) الأفصح في «الحال» التأنيث، والذي في الأصل تكن بدون نقط، و«تفرق» بالتاء، فقد استعملها على التأنيث، فلذلك كتبنا «تكن» بالتاء أيضا، واضطربت النسخ المطبوعة في الفعلين، بين تأنيث وتذكير.
(٨) في النسخ المطبوعة «وليس» والواو مزادة في الأصل بخط غير خطه.
(٩) في ج «يأذن» وهو خطأ، إذ المراد اذنها هي.
 
٨٦٠ - فإن قال قائل فإنها راكِنةً (١) مخالِفَةٌ لِحَالِها غيرَ راكِنة
٨٦١ - فكذلك هي لو خُطِبتْ فَشَتَمَت الخاطب وتَرَغَّبَتْ عنه (٢) ثم عاد عليها بالخطبة فلم تشتمه ولم تظهر تَرَغُّبًا (٣) ولم تركن كانتْ (٤) حالها التي تَرَكَتْ فيها شَتْمه مخالفةً لحالها التي شتمته فيها وكانت في هذه الحال أقربَ إلى الرضا ثم تنتقلُ حالاتُها لأنها (٥) قبل الرُّكون إلى مُتَأَوَّلٍ (٦) بعضُها أقْرَبُ إلى الركون من بعض
(١) قوله «راكنة» منصوب على الحال من الضمير في «فإنها» و«مخالفة» خبر «إن» وهو واضح، وضبطت «راكنة» في نسخة ابن جماعة بالرفع، وهو لحن ظاهر.
(٢) فعل «ترغب» ومصدره الآتي «الترغب» شيء طريف، لم أجده في كتب اللغة، وهو تصريف قياسي، والشافعي لغته حجة.
(٣) في النسخ المطبوعة «ترغبا عنه» وكلمة «عنه» ليست في الأصل، وهي مكتوبة في نسخة ابن جماعة ومضروب عليها بالحمرة ومكتوب فوق كلمة «ترغبا» وعلامة الصحة أي صحة حذف «عنه».
(٤) في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة «فكانت» والفاء لم تذكر في الأصل، ولا ضرورة لها بل المعنى بدونها أوضح.
(٥) كلمة «لأنها» ثابتة في الأصل، ثم ضرب عليها بعض قارئيه خطأ بغير حجة، وسيأتي وجه خطئه.
(٦) هكذا في الأصل «متأول» وضبط بكسرتين تحت اللام، ثم تصرف بعض قارئيه في الواو ليجعلها زايا، لتقرأ «منازل» ونسي نقطتي التاء وكسرتي اللام، إذ لو كانت كما صنع لخفضت بالفتحة على المنع من الصرف. وبهذا التغيير كتبت في نسخة ابن جماعة وطبعت النسخ المطبوعة. ومرد هذا كله إلى عدم فهم السياق، فإن الشافعي يريد ان حالات المرأة تختلف في قبول الخاطب وعدم قبوله، وبعض حالاتها أقرب إلى الركون من بعض، وأنها إلى متأول قبل الركون، أي لها مندوحة فيما تختاره قبل أن تصرح بالرضا والقبول، وهذا هو المراد بقوله «متأول»، والضمير في قوله «بعضها أقرب الركون من بعض» يرجع إلى حالاتها المذكورة، ولما لم يفهم قارئو الكتاب هذا المعنى، غيروا الكلمة إلى «منازل» ليعود إليها الضمير في قوله «بعضها» وحذفوا كلمة «لأنها»، على ما فهموا، وهو خطأ صرف لا معنى له.
 
٨٦٢ - ولا يصح (١) فيه معنى بحال والله أعلم إلا ما وضفت من أنه نهى على الخطبة بعد (٢) إذنها للولي بالتزويج حَتَّى يَصِيرَ أمْرُ الولي جائزًا فأما ما لم يَجُز أمر الولي فأوَّلُ حالها وآخرُها (٣) سواءٌ والله أعلم (٤) (٥)

النهي عن معنىً أوضحَ من معنىً قبله
٨٦٣ - (٦) أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله قال " كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لم يتفرقا إلا بيع الخيار (٧)
(١) في النسخ المطبوعة «فلا يصلح» وهو مخالف للأصل، وكذلك في نسخة ابن جماعة ولكن كتب بحاشيتها كلمة «يصح» وعليها علامة نسخة، وما هنا هو الصواب الموافق للأصل.
(٢) في ب «من بعد» وكلمة «من» ليست في الأصل.
(٣) هكذا في الأصل وجميع النسخ، ولكن عبث بالأصل عابث فجعل الكلمة «وآخره» وهو تصرف غير جائز، ولا داعي له.
(٤) هكذا قال الشافعي، وهو يريد به الرد على مالك، وفي الموطأ بعد رواية حديثي أبي هريرة وابن عمر: «قال مالك: وتفسير قول رسول الله ﷺ فيما نرى والله أعلم -: لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه: أن يخطب الرجل المرأة فتركن إليه، ويتفقان على صداق واحد معلوم، وقد تراضيا، فهي تشترط عليه لنفسها.
فتلك التي نهي أن يخطبها الرجل على خطبة أخيه، ولم يعن بذلك إذا خطب الرجل المرأة فلم يوافقها أمره ولم تركن إليه أن لا يخاطبها أحد فهذا باب فساد يدخل على الناس».
وانظر اختلاف الحديث للشافعي (ص ٢٩٦ - ٣٠١) فقد أطال هناك في الرد على مالك بأكثر مما قال هنا وأوضح.
وهنا بحاشية الأصل ما نصه «بلغت والحسن بن علي الأهواني».
(٥) هنا في ب وج زيادة كلمة «باب» وليست في الأصل.
(٦) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٧) الحديث في الموطأ (ج ٢ ص ١٦١) ورواه الشافعي أيضا عن مالك، في الأم (ج ٣ ص ٣) وفي كتاب اختلاف مالك والشافعي (في الام ج ٧ ص ٢٠٤) ورواه أيضا أحمد وأصحاب الكتب الستة، انظر نيل الأوطار (ج ٥ ص ٢٨٩ - ٢٩٤) وعون المعبود (ج ٣ ص ٢٨٧ - ٢٨٨).
 
٨٦٤ - (١) أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله قال «لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ (٢)»
٨٦٥ - قال الشافعي وهذا (٣) معنى يُبَيِّنُ أن رسول الله قال «المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا» وأن نهيه على أن يبيع الرجل على بيع أخيه إنما هو قبل أن يتَفَرَّقا عن (٤) مقامهما الذي تبايعا فيه
٨٦٦ - وذلك أنهما لا يكونان متبايعين حتى يَعْقدا البيْعَ معًا فلو كان البيع إذا عَقَداه لزم كلَّ واحد منهما ما ضَرَّ البائِعَ أن يبيعه رجلٌ سِلْعَةً كسلعته أو غيرَها وقد تمَّ بيعه لِسِلْعته ولكنه لَمَّا كان لهما الخِيار كان الرجل لو اشترى من رجلٍ ثَوْبًا بِعشرة دنانِيرَ فجاءه (٥) آخر فأعطاه مثله بتسعة دنانير أشْبَهَ أن يَفْسَخَ البيعَ إذا كان له الخيارُ (٦) قبل أن يفارقه ولعله يفسخه ثم لا يَتِمُّ
(١) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٢) الحديث رواه أحمد والبخاري ومسلم من حديث أبي هريرة، ورواه أيضا بنحوه من حديث ابن عمر، وانظر نيل الأوطار (ج ٥ ص ٢٦٨ - ٢٧١).
(٣) في ب «فهذا» وهو مخالف للأصل.
(٤) في ب وج «من» وهو مخالف للأصل.
(٥) في ب «فجاء» بدون الضمير، وهو مخالف للأصل.
(٦) في س وج «الخيار له» بالتقديم والتأخير، وفي نسخة ابن جماعة كذلك أيضا، ولكن كتب فوق كل منهما بالحمرة حرف «م» علامة على أن الصواب تقديم المتأخر وتأخير المتقدم، ليعود كما في الأصل، وهذا اصطلاح قديم معروف عند أهل العلم.
 
البيع بينه وبين الآخر (١) فيكونُ الآخَرُ قد أفسد على البائع المشتري أو على أحدهما
٨٦٧ - فهذا وجْهُ النهي عن أن يبيع الرجل على بيع أخيه لَا وَجْهَ له غيرُ ذلك
٨٦٨ - ألَا تَرَى أنه لوْ باعَهُ ثوبًا بعشرة دنانيرَ فلزمه البيع قبل أن يتفرقا من مقامهما ذلك ثم باعها آخر خيرًا منه بدينار لم يَضُرَّ البائِعَ الأوَّلَ لأنه قد لَزِمَهُ (٢) عَشْرَةُ دنانيرَ لا يستطيع فسخَها
٨٦٩ - قال (٣) وقد رُوِيَ عن النبي أنه قال «لَا يَسُومُ أَحَدُكُمْ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» فإن كان ثابتًا ولسْتُ أحفظه ثابتًا (٤) فهو مثل «لَا يَخْطُبْ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» لا يسوم على سومه (٥) إذا رضي البيعَ وأذِنَ بأن يُباعَ قبل البيع حتى لو بيع (٦) لزمه
(١) «البيع» بفتح الباء الموحدة وتشديد الياء التحتية المكسورة: البائع والمشتري والمساوم.
(٢) في ب «لزمه له» وزيادة «له» ليست في الأصل ولا في سائر النسخ.
(٣) كلمة «قال» لم تذكر في سائر النسخ وهي ثابتة في الأصل.
(٤) بل هو ثابت صحيح، فقد رواه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة، انظر نيل الأوطار (٢٦٨: ٥ - ٢٧١).
(٥) في ب وج «ولا يسوم علي سوم أخيه» وكذلك في س ولكن بحذف واو العطف، وكله مخالف للأصل.
(٦) في نسخه ابن جماعة والنسخ المطبوعة «حتى لو لم يبع» وهو خطأ ومخالف للأصل وقد حاول بعض القارئين تغيير الأصل، فكتب كلمة «لم» بحاشيته وزاد نقطة تحت باء «بيع» ولكنه نسي نقطتي الياء بجوار العين واضحتين.
 
٨٧٠ - فإن قال قائل ما دل على ذلك
٨٧١ - (١) فإن رسول الله باع فيمن يزيد (٢) [*] وبيْعُ مَنْ يَزيدُ سَوْمُ رجُلٍ على سوم أخيه ولكن البائع لم يرضى السوم الأول حتى طلب الزيادة (٣)

النهي عن معنى يُشْبِه الذي قبلَه في شئ ويفارقه في شئ غيره
٨٧٢ - (٤) أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة «أنَّ رَسُولَ اللهِ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَعَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ (٥)»
٨٧٣ - (٦) أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر ان رسول الله قال "
(١) هنا في النسخ الأخرى كلها زيادة «قيل له» وليست في الأصل. وقوله «فان رسول الله» الخ هو جواب السؤال.
(٢) في ب «ممن يزيد» وهو مخالف للأصل.
(٣) هنا في ب وج زيادة كلمة «باب».
(٤) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٥) الحديث في الموطأ (ج ١ ص ٢٢١) ورواه الشافعي أيضا عن مالك، في اختلاف الحديث (ص ١٢٥) وفي الأم (ج ١ ص ١٢٩ - ١٣٠) ورواه أيضا البخاري ومسلم وغيرهما، وانظر شرح الزرقاني على الموطأ (ج ١ ص ٣٩٧) ونيل الأوطار (ج ٣ ص ١٠٦).
(٦) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».

[*] قوله «فإن رسول الله باع فيمن يزيد» إشارة إلى حديث أنس: «أن النبي ﷺ باع قَدَحًا وحِلْسًا فيمن يَزِيدُ». رواه أحمد والترمذي وحَسَّنهُ، ورواه أبو داود أيضًا. وانظر المنتقى رقم (٢٨٤٧) ونيل الأوطار (ج ٥ ص ٢٦٩) [كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
لَا يَتَحَرَّى (١) أَحَدُكُمْ بِصَلَاتِهِ (٢) عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا «
٨٧٤ - (٣) أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصُّنَابِحِيِّ (٤) أنَّ رسولَ الله قال» إن الشمس تطلع
(١) هكذا هو في الأصل بصورة المرفوع، وكتب فيه «لا يتحرا» بالألف، على عادته في كتابة مثل ذلك. وفي ب ونسخة ابن جماعه «لا يتحر» وهو مخالف للأصل، وقد اختلفت نسخ الموطأ فيه. والظاهر أن النسخة التي شرح عليها السيوطي كالأصل هنا، والتي شرح عليها الزرقاني بحذف الياء، وقال: «هكذا بلا ياء عند أكثر رواة الموطأ، على أن [لا] ناهية، وفي رواية التنيسي والنيسابوري [لا يتحرى] بالياء على ان [لا] نافية». الثابت في النسخة اليونينية من البخاري - وهي أصح النسخ، ضبطا وإتقانا - «لا يتحري» بالياء أيضا (ج ١ ص ١٢١) وكذلك في اختلاف الحديث، وقد تمحلوا لتأويل ذلك كعادتهم، بجعل [لا] نافية، كما فعل الزرقاني، وكما نقل الحافظ ابن حجر في الفتح عن السهيلي وعن الطيبي (ج ٢ ص ٤٩ - ٥٠). وقال الحافظ العراقي في طرح التثريب (ج ٢ ص ١٨٢): «كذا وقع في الموطأ والصحيحين [لا يتحرا] باثبات الألف، وكان الوجه حذفها، ليكون ذلك علامة جزمه، ولكن الاثبات اشباع، فهو على حد قوله تعالى (إنه من يتقي ويصبر) فيمن قرأ باثبات الياء».
وانظر أيضا شرح شواهد التوضيح لابن مالك (ص ١١ - ١٥).
(٢) كذا في الأصل وسائر النسخ «بصلاته» والذي في الموطأ والبخاري واختلاف الحديث وغيرها بدلها «فيصلى». فيظهر أن الشافعي رواه هنا بالمعنى.
(٣) الحديث في الموطأ (ج ١ ص ٢٢١) ورواه الشافعي عن مالك، في اختلاف الحديث (ص ١٢٥) وفي الام (ج ١ ص ١٣٠) ورواه البخاري ومسلم وغيرهما أيضا.
وانظر شرح الزرقاني على الموطأ (ج ١ ص ٣٩٦ - ٣٩٧).
(٤) «الصنابحي» بضم الصاد المهملة وفتح النون وكسر الباء الموحدة ثم حاء مهملة، نسبة إلى «صنابح» بطن من مراد، كما قال الزرقاني في شرح الموطأ (ج ١ ص ٣٩٥).
وقد اضطربت أقوالهم في الصنابحي هذا اضطرابا غريبا، لأن عندهم راويين آخرين يشتبهان به، أحدهما «أبو عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة - بالتصغير الصنابحي»، والآخر «الصنابح بن الأعسر الأحمسي» فقد ظنوا أن الصنابحي الراوي هنا هو أحد هذين، وأن مالكا أو بعض الرواة عنه أخطأ في اسمه، ولذلك قال الترمذي في [باب ما جاء في فضل الطهور] بعد أن ذكر ان في الباب عن الصنابحي، قال: «والصنابحي الذي روى عن أبي بكر الصديق ليس له سماع من رسول الله ﷺ، =
 
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، ويكنى أبا عبد الله، رحل إلى النبي ﷺ فقبض النبي ﷺ وهو في الطريق، وقد روى عن النبي ﷺ أحاديث». (ج ١ ص ٨ من شرحنا عليه).
وقال أيضا في [باب ما جاء في كراهية الصلاة بعد العصر وبعد الفجر] فيمن ذكر أحاديثهم في الباب: «الصنابحي ولم يسمع من النبي ﷺ» (ج ١ ص ٣٤٤).
ونقل الحافظ ابن حجر في التهذيب (ج ٦ ص ٩١) عن الترمذي قال: «سألت محمد بن إسماعيل عنه؟ فقال: وهم فيه مالك، وهو أبو عبد الله، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، ولم يسمع من النبي ﷺ». وكذلك نقل البيهقي في السنن الكبرى عن البخاري (ج ١ ص ٨١ - ٨٢)، ونقل نحوه أيضا عن يحيى بن معين، وقال البيهقي أيضا في هذا الحديث (ج ٢ ص ٤٥٤): «كذلك رواه مالك بن أنس، ورواه معمر بن راشد عن زيد بن أسلم عن عطاء، عن أبي عبد الله الصنابحي. قال أبو عيسى الترمذي: الصحيح رواية معمر، وهو أبو عبد الله الصنابحي، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة». ونقل ابن حجر في التهذيب (ج ٦ ص ٢٢٩) عن يعقوب بن شيبة قال: «هؤلاء الصنابحيون الذين يروى عنهم في العدد ستة، وإنما هما اثنان فقط: الصنابحي الأحمسي، وهو الصنابح الأحمسي، هذان واحد، من قال فيه [الصنابحي] فقط أخطأ، وهو الذي يروي عنه الكوفيون، والثاني: عبد الرحمن بن عسيلة، كنيته أبو عبد الله، لم يدرك النبي ﷺ، بل أرسل عنه، روى عن أبي بكر وغيره، فمن قال [عن عبد الرحمن الصنابحي] فقط أصاب اسمه، ومن قال [عن أبي عبد الله الصنابحي] فقد أصاب كنيته، وهو رجل واحد، ومن قال [عن أبي عبد الرحمن] فقد أخطأ، قلب اسمه فجعله كنيته، ومن قال [عن عبد الله الصنابحي] فقد أخطأ قلب كنيته فجعلها اسمه. هذا قول علي بن المديني ومن تابعه، وهو الصواب عندي».
وقد قلدهم ابن عبد البر في ذلك، فيما نقله عنه السيوطي في شرح الموطأ في موضعين (ج ١ ص ٥٢ و٢٢٠) قال في الأول: «قال ابن عبد البر: سئل ابن معين عن أحاديث الصنابحي عن النبي ﷺ؟ فقال: مرسلة، ليس له صحبة، وإنما هو من كبار التابعين، وليس هو [عبد الله]، وانما هو [أبو عبد الله] واسمه عبد الرحمن بن عسيلة». وقال في الموضع الثاني، وهو شرح الحديث الذي هنا:
«قال ابن عبد البر: هكذا قال جمهور الرواة عن مالك، وقالت طائفة، منهم مطرف واسحق بن عيسى الطباع: [عن عطاء عن أبي عبد الله الصنابحي] قال: وهو الصواب وهو عبد الرحمن بن عسيلة، تابعي ثقة، ليست له صحبة. قال: وروى زهير بن محمد هذا الحديث عن زيد بن أسلم عن عطاء عن عبد الله الصنابحي قال: سمعت رسول الله ﷺ، وهو خطأ، والصنابحي لم يلق رسول الله ﷺ.
وزهير، لا يحتج بحديثه».
 
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= هذا قولهم، وكله عندي خطأ، اختلطت عليهم الروايات والأسماء واشتبهت، بل هم ثلاثة، لا اثنان: «الصنابح بن الأعسر الأحمسي» صحابي، و«أبو عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي» تابعي، والثالث: «عبد الله الصنابحي» صحابي سمع النبي ﷺ، ولم يخطئ فيه مالك، ولم يخطئ زهير بن محمد في روايته قول عبد الله الصنابحي «سمعت رسول الله ﷺ»، وزهير ثقة، والطعن فيه ليس قائما، وانظر كلامنا عليه في شرحنا على الترمذي (ج ٢ ص ٩١ - ٩٢) ومع ذلك فان زهيرا لم ينفرد بهذا التصريح بسماع عبد الله الصنابحي من النبي ﷺ، فقد صرح به مالك أيضا، نقله الحافظ في الإصابة (ج ٤ ص ١٤٥) فقال: «وكذا أخرجه الدار قطني في غرائب مالك من طريق إسماعيل بن أبي الحرث، وابن منده من طريق إسماعيل الصائغ: كلاهما عن مالك وزهير بن محمد قالا: حدثنا زيد بن أسلم بهذا، قال ابن منده: رواه محمد بن جعفر بن أبي كثير وخارجة بن مصعب بن زيد».
وأقوى من هذا كله أن ابن سعد ترجم في الطبقات «تسمية من نزل الشأم من أصحاب رسول الله ﷺ» فذكر تراجمهم (ج ٧ ق ٢ ص ١١١ - ١٥١) ثم ترجم عقبهم «الطبقة الأولى من أهل الشأم بعد أصحاب رسول الله ﷺ» فذكر الصنابحي هذا في الصحابة الذين نزلوا الشأم فقال (ج ٧ ق ٢ ص ١٤٢):
«عبد الله الصنابحي، أخبرنا سويد بن سعيد قال حدثنا حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: سمعت عبد الله الصنابحي يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: أن الشمس تطلع من قرن شيطان، فإذا طلعت قارنها، فإذا ارتفعت فارقها، ويقارنها حين تستوي، فإذا نزلت للغروب قارنها، وإذا غربت فارقها، فلا تصلوا هذه الساعات الثلاث».
فهذا جزم من ابن سعد بأنه صحابي، ورواية باسناد صحيح أنه سمع من النبي ﷺ، كرواية زهير بن محمد.
ثم هذا الصنابحي له حديثان، هذا الحديث الذي هنا، وحديث آخر في فضل الوضوء، رواه مالك في الموطأ بهذا الإسناد (ج ١ ص ٥٢ - ٥٣) ومالك الحكم والحجة في حديث أهل المدينة وروايتهم، وقد تابعه غيره في حديث الباب، فلا يحكم بخطئه الا بدليل قاطع، إذ هو الحجة على غيره.
وبعد كتابة ما تقدم وجدت بحاشية الأم (ج ١ ص ١٣٠) عن السراج البلقيني قال: «حديث الصنابحي هذا هو في الموطأ روايتنا من طريق يحيى بن يحيى. وأخرجه النسائي من حديث قتيبة عن مالك كذلك، وأما ابن ماجة فأخرج الحديث من طريق شيخه اسحق بن منصور الكوسج عن عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي عبد الله الصنابحي، كذا وقع في كتاب ابن ماجة [عن أبي عبد الله]. واعلم أن جماعة من الأقدمين نسبوا الامام مالكا إلى أنه وقع له خلل =
 
وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ (١) فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا ثُمَّ إذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا ثُمَّ إذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا فَإِذَا غَرُبَتْ فَارَقَهَا وَنَهَى رَسُولُ اللهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الساعات (٢) "
٨٧٥ - (٣) فاحتمل النهي من رسول ال (٤) له عن الصلاة في هذه الساعات معنيين
٨٧٦ - أحدهما وهو أعَمُّهما أنْ تكون الصلوات كلها واجِبها الذي نُسي ونيم عنه وما لزم بوجه من الوجوه منها مُحَرَّمًا في هذه الساعات لا يكون لأحد أن يُصلي فيها ولو صلى لم يؤدي (٥) ذلك عنه ما لزمه من الصلاة كما يكون مَنْ قدَّم صلاةً (٦) قبل دخول وقتها لم تجزئ (٧) عنه
= في هذا الحديث. باعتبار اعتقادهم أن الصنابحي في هذا الحديث هو عبد الرحمن بن عسيلة أبو عبد الله، وإنما صحب أبا بكر الصديق ﵁، وليس الأمر كما زعموا، بل هذا صحابي غير عبد الرحمن بن عسيلة، وغير الصنابحي بن الأعسر الأحمسي، وقد بينت ذلك بيانا شافيا في تصنيف لطيف، سميته [الطريقة الواضحة في تبيين الصنابحة]، فلينظر ما فيه فإنه نفيس».
وهذا يوافق ما رجحته، فالحمد لله على التوفيق.
(١) انظر في شرح هذا الحرف ما نقلناه في شرحنا على الترمذي (ج ١ ص ٣٠١ - ٣٠٢).
(٢) الحديث رواه الشافعي أيضا عن مالك في اختلاف الحديث (ص ١٢٥ - ١٢٦) وفي الام (ج ١ ص ١٣٠).
(٣) هنا في ب وج زيادة «قال الشافعي».
(٤) في ب «من النبي ﷺ» وما هنا هو الذي في الأصل.
(٥) في الأصل ونسخة ابن جماعة باثبات الياء، ثم كشطت فيهما بالسكين، وموضع الكشط فيهما ظاهر واضح، فأثبتناها، كما سبق في أمثالها، من إثبات حرف العلة مع الجازم.
(٦) في ب «الصلاة» وهو مخالف للأصل وسائر النسخ.
(٧) في ب «لم تجز» وهو مخالف للأصل، والياء ثابتة فيه وفي نسخة ابن جماعة، وليس عليها فيهما همزة، ويحتمل أن تقرأ «لم تجزئ» بالهمز، لأن الأصل لم تكتب فيه الهمزات قط.
 
٨٧٧ - واحتمل (١) أن يكون أراد به بعض الصلاة (٢) دون بعض
٨٧٨ - فوجدنا الصلاة تتفرق بوجهين أحدهما ما وجب منها فلم يكن لمسلم تركُه في وقته ولو تركه كان عليه قَضَاهُ (٣) والآخر ما تقرب إلى الله بالتنقل فيه وقد كان للمتنقل تركُه بلا قَضًا (٤) له عليه
٨٧٩ - ووجدنا الواجب عليه (٥) منها يُفارق التَّطَوُّع في السَّفر إذا كان المرء راكبًا فيصلي المكتوبة بالأرض لا يجزئه (٦) غيرُها والنافلةَ راكبًا مُتَوجهًا حيث شاء (٧)
٨٨٠ - ومُفَرَّقان (٨) في الحضر والسفر ولا يكون (٩) لمن أطاق
(١) في ب وج «ويحتمل» وهو مخالف للأصل.
(٢) في ابن جماعة والنسخ المطبوعة «الصلوات» وهي في الأصل «الصلاة» على الرسم القديم، ثم غيرها بعض القارئين تغييرا واضحا، ليجعلها «الصلوات» ولا داعي لهذا، لأن «الصلاة» هنا المراد بها الجنس، ولذلك قال بعد: «فوجدنا الصلاة تتفرق بوجهين» فهذا الجنس أيضا.
(٣) كذا رسمت «قضا» في الأصل، بتخفيف الهمزة، ورسمت في سائر النسخ «قضاؤه» بتحقيق الهمزة.
(٤) كذلك رسمت «قضا» في الأصل بدون الهمزة، ويجوز تحقيقها. وفي ب وج «فلا قضاء» وهي في الأصل «بلا» والباء واضحة فيه.
(٥) كلمة «عليه» لم تذكر في سائر النسخ، وهي ثابتة في الأصل.
(٦) في س وج «ولا يجزئه» والواو ليست في الأصل، ولا في نسخة ابن جماعة، بل وضع في موضعها علامة الصحة، تأكيدا لعدم إثباتها.
(٧) في ب «حيث توجه» وهو مخالف للأصل وسائر النسخ.
(٨) هكذا في الأصل، وهو صحيح واضح، يعني: وهما مفرقان في الحضر والسفر، ثم أبان ذلك الفرق في الحضر والسفر، بأن الفرض لا يجوز من قعود للقادر على القيام، بخلاف النفل. وكتب فوق الكلمة في الأصل بخط مخالف لخطه «ويتفرقان» وبذلك ثبتت في سائر النسخ.
(٩) في ب «فلا يكون» وهو مخالف للأصل وسائر النسخ.
 
القيام أن يصلي واجبا الصَّلاة قاعدًا ويكون ذلك له في النافلة
٨٨١ - (١) فلَمَّا احتمل المعنيين وجب على أهل العلم أن لا يحملوها على خاصٍّ دون عامٍّ إلا بدِلالة مِن سنة رسول الله أو إجماع علماء المسلمين الذين لا يكن أن يجمعوا على خلاف سنة رسول الله (٢)
٨٨٢ - قال (٣) وهكذا غير هذا من حديث رسول الله هو على الظاهر من العامِّ حتى تأتي الدِّلالة عنه كما وصفْتُ أو بإجماع المسلمين أنه على باطنٍ (٤) دون ظاهِرٍ وخاصٍّ دون عامٍّ فيجعلونه بما (٥) جاءت عليه الدلالة عليه (٦) ويطيعونه في الأمرين جميعًا (٧)
٨٨٣ - (٨) أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بُسْر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أنَّ رسول الله
(١) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٢) في ج «سنة رسول الله ﷺ» وهو مخالف للأصل وسائر النسخ.
(٣) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
(٤) في ابن جماعة والنسخ المطبوعة «على أنه باطن» وما هنا هو الذي في الأصل، وهو صواب واضح، ولكن بعض قارئيه ضرب على كلمة «أنه» ثم كتبها بخط مخالف بعد كلمة «على».
(٥) في س «لما» وهو مخالف للأصل وسائر النسخ، وقد تصرف فيها بعض العابثين فمد الباء ليجعلها لاما، وهو عمل غير سائغ.
(٦) في سائر النسخ «الدلالة عنه» والكلمة في الأصل «عليه» في آخر السطر، فضرب عليها بعض القارئين وكتب بجوارها «عنه» ولا وجه له. وكلمة «عليه» الأولى متعلقة ب «جاءت» والثانية متعلقة ب «الدلالة».
(٧) في سائر النسخ «معا» بدل «جميعا» وهو مخالف للأصل.
(٨) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
 
قال «مَنْ أَدْرَكَ رَكعَةً مِنَ الصُّبْحِ (١) قَبْلَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكعْةً مِنَ العَصْرِ (١) قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ العَصْرَ» (٢)
٨٨٤ - قال الشافعي " فالعلم يحيط أن المُصلي ركعةً من الصبح (٣) قبل طلوع الشمس والمصلي ركعة من العصر قبل غروب الشمس قد (٤) صلَّيَا معًا في وقتين يجمعان تحريمَ وقتين وذلك أنهما صليا بعد الصبح والعصر ومع بُزُوغ الشمس ومَغِيبها (٥) وهذه (٦) أربعةُ أوْقات مَنْهِيٌّ عن الصلاة فيها
٨٨٥ - (٧) لَمَّا (٨) جعَلَ رسول الله المصلين في هذه الأوقات مُدْرِكين لصلاة الصبح والعصر استدللنا على أن نهيه عن الصلاة في هذه الأوقات على النوافل (٩) التي لا تَلْزَمُ وذلك أنه لا يكون
(١) في ب «من الصبح ركعة» و«من العصر ركعة» بالتقديم والتأخير فيهما، وهو مخالف للأصل والموطأ.
(٢) الحديث في الموطأ (ج ١ ص ٢٢ - ٢٣) ورواه الشافعي أيضا عن مالك، في الأم (ج ١ ص ٦٣). ورواه أحمد وأصحاب الكتب الستة، كما في نيل الأوطار (ج ١ ص ٤٢٤ - ٤٢٥).
(٣) في ب «من الصبح ركعة» وهو مخالف للأصل.
(٤) في ج «فقد» وهو مخالف للأصل.
(٥) في ب «وغروبها» وهو مخالف للأصل.
(٦) في ب «فهذه» وهو مخالف للأصل.
(٧) هنا في ج زيادة «قال الشافعي».
(٨) هكذا في الأصل «لما» بدون الفاء، ثم ضرب عليها بعض قارئيه وكتب فوقها بخط ظاهر المخالفة «فلما» وبذلك ثبتت في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة، وما في الأصل صواب، على أنه استئناف، والعطف بالفاء هنا ليس بحتم.
(٩) يعني: أن النهي منصب على النوافل فقط، وهذا معنى صحيح سليم، ومع ذلك فقد =
 
أن يُجْعل المَرْءُ مُدْرِكًا لصلاةٍ في وقتٍ نُهِيَ فيه عن الصلاة
٨٨٦ - (١) أخبرنا مالك عن بن شهاب عن بن المسيب أنَّ رسولَ الله قال مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ (أقم الصلاة لذكري (٢» (٣) «
٨٨٧ - (٤) وحدث (٥) أنس بن مالك (٦) وعمران بن حصين (٧) عن النبي (٨) مِثل معنى حديث بن المسيب وزاد أحدُهما» أوْ نَامَ عَنْهَا «(٩)
٨٨٨ - قال الشافعي فقال رسول الله» فليصلها إذا
= حاول بعض قارئي الأصل تغيير «على» ليجعلها «عن» محاولة متكلفة، وبذلك ثبتت في سائر النسخ، والواجب إثبات ما في الأصل.
(١) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٢) سورة طه (١٤).
(٣) الحديث في الموطأ مطول (ج ١ ص ٣٢ - ٣٤) اختصره الشافعي هنا وفي الام (ج ١ ص ١٣٠ - ١٣١) واختلاف الحديث (ص ١٢٦).
وقال السيوطي: «هذا مرسل تبين وصله، فأخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجة من طريق ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة».
(٤) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٥) هكذا في الأصل «وحدث» ووضع على الدال شدة، ثم حاول بعضهم تغييرها بزيادة ياء قبل الثاء لتقرأ «وحديث» ولكنه نسي الشدة فوق الدال! وبذلك طبعت في ب وس.
(٦) قوله «بن مالك» لم يذكر في ب وهو ثابت في الأصل.
(٧) في النسخ المطبوعة «الحصين» بزيادة حرف التعريف، وهو مخالف للأصل ولنسخة ابن جماعة.
(٨) قوله «عن النبي» لم يذكر في ب وهو ثابت في الأصل.
(٩) روى الشافعي في الأم (ج ١ ص ١٣١) حديث نافع بن جبير عن رجل من أصحاب النبي ﷺ، في قصة نومهم عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، ثم قال: «وهذا يروى عن النبي ﷺ متصلا من حديث أنس وعمران بن حصين عن النبي ﷺ، ويزيد أحدهما عن النبي ﷺ: من نسي الصلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها. ويزيد الآخر: أي حين ما كانت». وقال
 
ذَكَرَهَا «فجعل ذلك وقتًا لها وأخبر به (١) عن الله ﵎ ولم يستثني (٢) وقتًا مِن الأوقات يَدَعُها فيه بعْد ذكرها
٨٨٩ - (٣) أخبرنا بن عيينة (٤) عن أبي الزبير (٥) عن عبد الله بن باباه (٦) عن جبير بن مُطْعِمٍ أن النبي قال» يَا بَنِي عَبْدِ منَاَفٍ مَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا فَلَا يَمْنَعَنَّ أَحَدًا طَافَ بَهَذَا البَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ " (٧)
٨٩٠ - (٨) أخبرنا (٩) عبد المجيد (١٠) عن بن جريج عن
(١) في ب «بذلك» بدل «به» وهو مخالف للأصل.
(٢) هكذا هو في الأصل باثبات حرف العلة بعد الجازم، وقد ذكرنا وجهه مرارا، والنسخ المطبوعة محذوف فيها حرف العلة.
(٣) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٤) في ب «أخبرنا سفيان» وفي س وج «أخبرنا سفيان بن عيينة» وما هنا هو الثابت في الأصل.
(٥) في النسخ المطبوعة زيادة «المكي» وليست في الأصل.
(٦) «باباه» بموحدتين مفتوحتين بعد كل منها ألف وآخره هاء ساكنة، وعبد الله هذا تابعي ثقة.
(٧) الحديث رواه أبو داود (ج ٢ ص ١١٩) وقال المنذري: «وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة. قال الترمذي: حديث جبير بن مطعم حديث حسن صحيح».
ونسبه الشوكاني أيضا لابن خزيمة وابن حبان والدار قطني، ووهم المجد بن تيمية في المنتقى فنسبه لصحيح مسلم، وتعقبه في ذلك الحافظ في التلخيص، كما في نيل الأوطار (ج ٣ ص ١١٥) وهو الصواب، لأن المنذري لم ينسبه إلى مسلم، وكذلك النابلسي في ذخائر المواريث، وكذلك بحثت أنا عنه في صحيح مسلم فلم أجده. ورواه الشافعي أيضا بهذا الاسناد في (ج ١ ص ١٣١) وفي اختلاف الحديث (ص ١٢٧). ورواه الحاكم في المستدرك (ج ١٠ ص ٤٤٨) وصححه هو والذهبي، ورواه البيهقي في السنن الكبرى من طريق الشافعي وغيره (ج ٢ ص ٤٦١).
(٨) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٩) في س وج «أخبرني» وهو مخالف للأصل.
(١٠) في النسخ المطبوعة زيادة «بن عبد العزيز» وليست في الأصل.
 
عطاء (١) عن النبي مثل معناه (٢) وزاد فيه «يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ» ثم ساق الحديث (٣)
٨٩١ - قال (٤) فأخبر جُبَيْرٌ عن النبي أنَّهُ أَمَرَ بِإِبَاحَةِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَالصَّلَاةِ لَهُ فِي أَيِّ سَاعَةٍ ما شَاءَ (٥) الطَّائِفُ وَالمُصَلِّي
٨٩٢ - وهذا يبين (٦) أنه إنما نهى عن المواقيت التي نهى عنها عن الصلاة التي لا تلزم بوجه من الوجوه فأما ما لزم فلم يَنهَ عنه بل أباحه صلى الله عليه (٧).
٨٩٣ - وصلى المسلمون على جنائزهم عامةً بعد العصر والصبح (٨) لأنها لازمة
٨٩٤ - (٩) وقد ذهب بعض أصحابنا (١٠) إلى أن عمر بن الخطاب
(١) في ب زيادة «بن يسار» وليست في الأصل.
(٢) في النسخ المطبوعة «بمثل معناه» والباء ليست في الأصل.
(٣) هذا الاسناد رواه الشافعي أيضا في الأم (ج ١ ص ١٣١) واختلاف الحديث (ص ١٢٧ - ١٢٨) هكذا: «أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء عن النبي: مثله أو معناه لا يخالفه، وزاد عطاء: يا بني عبد المطلب، أو يا بني هاشم أو يا بني عبد مناف». ففيهما زيادات عما في الأصل هنا.
(٤) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
(٥) في ب «في أي ساعة كانت ما شاء» وزيادة «كانت» ليست في الأصل، وهي غير جيدة في موضعها.
(٦) في ب «وهذا بين» وهو مخالف للأصل.
(٧) هكذا في الأصل، لم بذكر «وسلم» وزيدت في س وج، وفي ب «﵊».
(٨) في ب «بعد الصبح والعصر» بالتقديم والتأخير، وهو مخالف للأصل.
(٩) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(١٠) في ب «بعض الناس» وهو مخالف للأصل وسائر النسخ.
 
طاف بعد الصبح ثم نَظَرَ فلم يرى (١) الشمْسَ طلعتْ فركِب حتى أتى ذا طوًى (٢) وطلعت الشمس فأناخ فصلى فنهى (٣) عن الصلاة للطواف بعد العصر وبعد الصبح كما نهى عما لا يلزم مِن الصلاة (٤)
٨٩٥ - قال (٥) فإذا كان لِعُمر أن يؤخر الصلاة للطواف فإنما تركها لأن ذلك له ولأنه لو أراد منزلًا بذي طوى لحاجةٍ (٦) كان واسعًا له إن شاء الله ولكن (٧) سمع النهيَ جملةً عن الصلاة (٨) وضرب المنكدِرَ (٩) عليها بالمدينة بعد العصر ولم يسمع ما يدل على أنه
(١) هكذا رسمت في الأصل «يري» باثبات الياء بعد الجازم. وقد بينا مرادا أنه سائغ على قلة، وفي باقي النسخ «ير» بحذف الياء على الجادة.
(٢) «طوى» ضبطت في نسخة ابن جماعة بضم الطاء وكسرها، وكتب فوقها «معا».
وفي القاموس: «وذو طوى مثلثة الطاء، وينون: موضع قرب مكة». وانظر الخلاف في هذا الحرف في معجم البلدان لياقوت (ج ٦ ص ٦٤).
(٣) رسمت في الأصل «فنها» بالألف كعادته في مثل ذلك، والفاء والنون واضحتا النقط فيه، وهو الصواب الذي عليه معنى الكلام، وكتبت في ابن جماعة «فيها» وكتب عليها «صح» وبذلك طبعت في ج، وهو خطأ ظاهر ليس له وجه من الصحة، إذ به يفسد تركيب الكلام ويبطل معناه.
(٤) قصة صلاة عمر المشار إليها مذكورة في الموطأ (ج ١ ص ٣٣٥).
(٥) كلمة «قال» لم تذكر في ب، وفي س وج «قال الشافعي» وكله مخالف للأصل.
(٦) في النسخ المطبوعة «لحاجة الإنسان» والزيادة ليست في الأصل ولا في نسخة ابن جماعة، وزيادتها في هذا الموضع سخف تماما، لأن «حاجة الانسان» قد يكنى بها عما لا مناسبة له هنا!
(٧) في النسخ المطبوعة «ولكنه» وقد كتبت كذلك بين السطور في الأصل بخط آخر وأثبتنا ما كان فيه، وهو صحيح لا غبار عليه.
(٨) في ب «عن الصلوات» وهو مخالف للأصل ولسائر النسخ.
(٩) في ج «فضرب» وهو مخالف للأصل، وفي س «وضرب ابن المنكدر» وكلمة «ابن» ليست في الأصل ولا في سائر النسخ، وهي خطأ صرف، بل جهل ممن زادها، لأن محمد بن المنكدر لم يدرك عهد وعمر ولا قريبا منه، بل الذي أدركه أبوه «المنكدر بن عبد الله بن الهدير - بالتصغير - بن عبد العزى» وهو من بني تيم بن مرة، وله ترجمة في طبقات ابن سعد (ج ٥ ص ١٧ - ١٨). وفي الموطأ، (ج ١ ص ٢٢١): «مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد: أنه رأى عمر بن خطاب يضرب المنكدر في الصلاة بعد العصر».
 
إنما نهى (١) عنها للمعنى الذي وصفنا فكان يجب عليه ما فعل
٨٩٦ - ويجب على من علم المعنى الذي نَهَى (١) عنه والمعنى الذي أبيحت فيه -: أن إباحتها (٢) بالمعنى الذي أباحها في خلاف المعنى الذي نهى فيه عنها كما وصفتُ مما رَوَى علي (٣) عن النبي مِن النهي عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث (٤) إذا سمع النهي ولم يسمع سبب النهي (٥)
٨٩٧ - قال (٦) فإن قال قائل فقد صنع أبو سعيد الخدري كما صنع عمر (٧)؟
٨٩٨ - قلنا والجواب فيه (٨) كالجواب في غيره
(١) كتبناها «نهى» وضبطناها مبنية للفاعل - في الموضعين - لأنها كتبت في الأصل «نها» على قاعدته في كتابة أمثالها.
(٢) يعني: أن يعلم أن إباحتها الخ، فحذف للعلم بالمحذوف.
(٣) في س وج زيادة «بن أبي طالب» وليست في الأصل.
(٤) في س وج «بعد الثلاث» وهو مخالف للأصل.
(٥) انظر ما مضى برقم (٦٥٨ - ٦٧٣).
(٦) كلمة «قال» لم تذكر في ب، وفي س وج «قال الشافعي» وكل مخالف للأصل.
(٧) في س وج زيادة «بن الخطاب» وليست في الأصل. وأثر أبي سعيد هذا الذي أشار إليه الشافعي رواه البيهقي في السنن الكبرى (ج ٢ ص ٤٦٤).
(٨) في ب «عنه» بدل «فيه» وهو مخالف للأصل.
 
٨٩٩ - قال (١) فإن قال قائل فهل مِن أحد صنع خلاف ما صنعا (٢)؟.
٩٠٠ - قيل (٣) نعم بن عمر وابن عباس وعائشة والحسن والحسين وغيرهم وقد سمع بن عمر النهي من النبي
٩٠١ - (٤) أخبرنا بن عيينة (٥) عن عمرو بن دينار قال رأيت أنا وعطاء بن أبي رباح بن عمرَ طاف بعد الصبح وصلى (٦) قبل أن تطلع الشمس (٧).
٩٠٢ - سفيان (٨) عن عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ (٩) عن أبي شعبة (١٠) أن الحسن والحسين طافا بعد العصر وصليا
(١) كلمة «قال» لم تذكر في النسخ المطبوعة، وهي ثابتة في الأصل.
(٢) في ج «ما صنعاه» وهو مخالف للأصل.
(٣) في س وج «قلنا» بدل «قيل» وهو مخالف للأصل.
(٤) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٥) في س وج زيادة «سفيان بن عينية» والزيادة ليست في الأصل.
(٦) في النسخ المطبوعة وابن جماعة زيادة «ركعتين» وليست في الأصل.
(٧) هذا الأثر رواه البيهقي في السنن الكبرى (ج ٢ ص ٤٦٢) بإسناده ذكر أوله ولم يذكر آخره، عن عمرو بن دينار.
(٨) هكذا في الأصل حذف «أخبرنا» على إرادتها للعلم بها، وهو جائز كثير في كتب السنة. وقد زيدت في ب، وفي س وج زيادة «قال الشافعي أخبرنا».
(٩) «الدهني» بضم الدال المهملة وسكون الهاء ثم نون، ويقال أيضا بفتح الهاء، كما نص عليه السمعاني في الأنساب، وفي منسوب لبطن من بجيلة، يقال لهم «دهن بن معاوية» كما في المشتبه للذهبي (ص ٢٠٢)، وهو مولى لهم، كما نص عليه ابن سعد في الطبقات (ج ٦ ص ٢٣٧)، وهو عمار بن معاوية، ويقال «بن أبي معاوية» كما في ابن سعد ورجال الصحيحين، وكنيته «أبو عمار» وهو ثقة. ووقع في نسخة السنن الكبرى «الذهبي» وهو تصحيف.
(١٠) هكذا كتب في الأصل «شعبة» واضحة النقط ولم أوقن من معرفة من «أبو شعبة» هذا، ويحتمل احتمالا راجحا أنه «أبو شعبة المدني مولى سويد بن مقرن المزني» وله ترجمة في التهذيب، وذكر أنه روى عنه ابن المنكدر، وابن المنكدر من طبقة عمار بن معاوية الدهني. وقد اختلفت النسخ في كتابة هذه الكنية، ففي س وج والسنن الكبرى البيهقي «أبي سعيد» وفي ب «أبي شعبة» وفي حاشيتها أن في بعض النسخ «أبي سعيد»، وفي نسخة ابن جماعة «أبي شعبة» ثم ضرب بعض الناس على نقط الشين بالحمرة وزاد نقطة تحت الباء، وكتب بحاشيتها «سعيد» وعليها «خ» علامة أنها نسخة، والله أعلم.
 
٩٠٣ - (١) أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن بن جريج عن بن أبي مليكة قال رأيت بن عباس طاف بعد العصر وصلَّى (٢) [*]
٩٠٤ - قال (٣) وإنما ذكرْنا تَفَرُّقَ أصحاب رسول الله في هذا ليَسْتَدِلَّ مَن عَلِمَهُ على أنَّ تفرُّقهم فيما لرسول الله فيه سنةٌ لا يكون إلا على هذا المعنى أو على أنْ لا تبلغ السنة مَن قال خلافها منهم أو تأويلٍ تحتمله السنة أو ما أشبه ذلك مما قد يرى قائله له فيه عذر إن شاء الله
٩٠٥ - (٤) وغذا ثبت عن رسول الله الشئ فهو لازم لجميع مَنْ عَرَفَهُ لا يُقَوِّيه ولا يُوهِنُه شئ غيره بل الفرْضُ الذي على الناس اتِّباعه ولم يجعل لِأَحَدٍ معه أمْرًا يخالف أمْرَهُ باب آخر
(١) في س وج زيادة «قال الشافعي» وفي زيادة واو العطف فقط.
(٢) هذا الأثر والذي قبله رواهما البيهقي في السنن الكبرى باسناده من طريق الشافعي (ج ٢ ص ٤٦٣).
(٣) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
(٤) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».

[*] سيأتي أيضًا لابن عباس حديث في النهي عن الصلاة بعد العصر في (١٢٢٠). [كذا استدركه أحمد شاكر في الملحق (معدُّه للشاملة)]
 
باب آخر (١)
٩٠٦ - (٢) أخبرنا مالك (٣) عن نافع عن بن عمر «أَنَّ رَسُولَ اللهِ نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ (٤) كَيْلًا وَبَيْعُ الكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا (٥)»
٩٠٧ - (٦) أخبرنا مالك عن عبد الله بن زيد مولى الأسود
(١) في ب «وجه آخر يشبه الباب قبله» وفي ج «باب وجه آخر يشبه الباب الذي.
قبله» وكلاهما مخالف للأصل، وقد زيد فيه قوله «مما يشبه هذا» بخط مخالف لخطه.
(٢) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٣) في س وج زيادة «بن أنس». والحديث في الموطأ (ج ٢ ص ١٢٨).
(٤) «الثمر» الأولى بالثاء المثلثة وفتح الميم، و«التمر» الثانية بالتاء المثناة وسكون الميم، كما في الأصل، ووقع في س وج في الأولي «التمر» كالثانية، وهو خطأ. وما في الأصل هو الصواب الموافق للموطأ ولرواية البخاري في النسخة اليونينية (ج ٣ ص ٧٣ و٧٥) وقد وضع عليها في الموضع الأول علامة الصحة «صح» وكذلك ضبطها الحافظ في الفتح (ج ٤ ص ٣٢١) فقال: «قوله [بيع الثمر] بالمثلثة وتحريك الميم، وفي رواية مسلم [ثمر النخل] وهو المراد هنا، وليس المراد بالثمر من غير النخل، فإنه يجوز بيعه بالتمر، بالمثناة والسكون، وإنما وقع النهي عن الرطب بالتمر، لكونه متفاضلا من جنسه».
(٥) «المزابنة» قال الحافظ في الفتح (ج ٤ ص ٣٢٠): «مفاعلة من الزين، بفتح الزاي وسكون الموحدة، وهو الدفع الشديد، ومنه سميت الحرب الزبون، لشدة الدفع فيها، وقيل للبيع المخصوص: المزابنة، لأن كل واحد من المتبايعين يدفع صاحبه عن حقه، أو لأن أحدهما إذا وقف على ما فيه من الغبن أراد دفع البيع بفسخه، وأراد الآخر دفعه عن هذه الإرادة بإمضاء البيع». وتفسير المزابنة المذكور في الحديث، يحتمل أنه مرفوع، أو أنه من كلام الصحابي، ورجح الحافظ في الفتح رفعه، وأنه على تقدير أن يكون من الصحابي فهو أعرف بتفسيره من غيره.
والحديث رواه الشافعي عن مالك، في اختلاف الحديث (ص ٣١٩)، ورواه أيضا الشيخان وغيرهما.
(٦) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي» وفي ب «وأخبرنا».
 
بن سفيان أن زيدا أبا عياش أخيره عن سعد بن أبي وقاص «أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ سُئِلَ (١) عَنْ شِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ فَقَالَ النَّبِيُّ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ قاَلُوا (٢) نَعَمْ فنهى عن ذلك (٣)»
(١) «سئل» رسمت في الأصل «سيل» بنقطتين بدل الهمزة ووضعت ضمة فوق السين، ثم حاول بعض قارئيه تغييرها، فزاد نقطتين تحت أول السين، ليجعلها تقرأ «يسئل» ونسي ضمة السين والنقطتين بجوار اللام، والذي في الأصل ما أثبتنا. والآخر مطابق للموطأ واختلاف الحديث ونسخ الرسالة المطبوعة ونسخة ابن جماعة.
(٢) في سائر النسخ «فقالوا» وهو المطابق للموطأ، والفاء مزاد في الأصل ملصقة، فحذفناها، وهو الموافق لما في اختلاف الحديث.
(٣) الحديث في الموطأ (ج ٢ ص ١٢٨) ورواه الشافعي عن مالك أيضا، في اختلاف الحديث (ص ٣١٩)، وفي الأم (ج ٣ ص ١٥)، ورواه أصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح» وانظر تحفة الأحوذي (ج ٢ ص ٢٣٢ - ٢٣٣).
ورواه الحاكم في المستدرك (ج ٢ ص ٣٨ - ٣٩) عن الأصم عن الربيع عن الشافعي باسناده، ثم رواه بأسانيد أخر، ثم قال: «هذا حديث صحيح، لإجماع أئمة النقل على إمامة مالك بن أنس، وأنه محكم في كل ما يرويه من الحديث، إذ لم يوجد في روايته إلا الصحيح، خصوصا في حديث أهل المدينة، ثم لمتابعة هؤلاء الأئمة إياه في روايته عن عبد الله بن يزيد، والشيخان لم يخرجاه لما خشياه من جهالة زيد أبي عياش».
ووافقه الذهبي.
و«زيد أبو عياش» - بفتح العين المهملة وتشديد المثناة التحتية وآخره شين معجمة -: نقل عن مالك أنه مولى سعد بن أبي وقاص، وقيل: إنه مولى بني مخزوم، وسماه بعضهم «أبا عياش زيد بن عياش» وقال ابن حجر في التهذيب: «قال الطحاوي:
قيل فيه أبو عياش الزرقي، وهو محال، لأن أبا عياش الزرقي من جلة الصحابي، لم يدركه ابن يزيد. قلت: وقد فرق أبو أحمد الحاكم بين زيد أبي عياش الزرقي الصحابي، وبين زيد أبي عياش الزرقي التابعي. وأما البخاري فلم يذكر التابعي جملة، بل قال:
زيد أبو عياش هو زيد بن الصامت، من صغار الصحابة». نقلوا عن أبي حنيفة أنه قال: «مجهول» وكذلك قال ابن حزم في الاحكام (ج ٧ ص ١٥٣) بعد أن روى الحديث باسناده، ورددت عليه في تعليقي عليه، وكذلك قال في المحلى (ج ٨ ص ٤٦٢).
ونقل في تحفة الأحوذي عن المنذري قال: «كيف يكون مجهولا وقد روى عنه ثقتان: عبد الله بن يزيد وعمران بن أبي أنس! [*] وهما من احتج بهما مسلم في صحيحه، وقد عرفه أئمة هذا الشأن، وأخرج حديثه مالك مع شدة تحريه في الرجال». ونقل عن البناية للعيني عند قول صاحب الهداية «وزيد بن عياش ضعيف عند النقلة» -:
«هذا ليس بصحيح. بل هو ثقة عند النقلة». نقل ابن حجر في التهذيب أن الحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان أيضا وأن زيدا ذكره ابن حبان في الثقات ووثقه الدار قطني.
وقال الخطابي في المعالم (ج ٣ ص ٧٨): «قد تكلم بعض الناس في إسناد حديث سعد بن أبي وقاص، وقال: زيد أبو عياش راويه ضعيف، ومثل هذا الحديث على أصل للشافعي لا يجوز أن يحتج به. قال الشيخ - يعني الخطابي -: وليس الأمر على ما توهمه، وأبو عياش هذا مولى لبني زهرة معروف، وقد ذكره مالك في الموطأ، وهو لا يروي عن رجل متروك الحديث بوجه، وهذا من شأن مالك وعادته معلوم».
===
(عمران بن أبي أنيس) هكذا في تحفة الأحوذي بالتصغير، وهو خطأ، وصوابه: (عمران بن أبي أنس) بالتكبير.
 
٩٠٨ - (١) أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر عن زيد بن ثابت «أنَّ رَسُولَ اللهِ رَخَّصَ (٢) لِصَاحِبِ العَرِيَّةِ أنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا (٣)»
٩٠٩ - (١) أخبرنا بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه نعن زيد بن ثابت «أنَّ النَّبِيَّ (٤) رَخَّصَ فِي العرايا (٥)»
(١) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي» وفي ب «وأخبرنا» وكل مخالف للأصل.
(٢) هكذا في الأصل «رخص» ووضع فوق الخاء شدة، وفي الموطأ «أرخص» بالهمزة والمعنى واحد، وهما روايتان ثابتتان في الحديث.
(٣) الحديث في الموطأ (ج ٢ ص ١٢٥) ورواه البخاري ومسلم وغيرهما. والعرية قال في النهاية: «اختلف في تفسيرها، فقيل: إنه لما نهي عن المزابنة، وهو بيع الثمر في رؤس النخل بالتمر، رخص في جملة المزابنة في العرايا، وهو أن من لا نخل له من ذوي الحاجة يدرك الرطب، ولا نقد بيده يشتري به الرطب لعياله، ولا نخل له يطعمهم منه، ويكون قد فضل له من قوته تمر، فيجئ إلى صاحب النخل فيقول له: بعني ثمر نخلة أو نخلتين بخرصها من التمر، فيعطيه ذلك الفاضل من التمر بثمر تلك النخلات، ليصيب من رطبها مع الناس. فرخص فيه إذا كان دون خمسه أوسق. والعرية فعيلة بمعنى مفعولة، من: عراه يعروه: إذا قصده، ويحتمل أن تكون فعيلة بمعنى فاعلة: من عري يعري: إذا خلع ثوبه، كأنها عريت من جملة التحريم فعريت، أي خرجت».
وانظر معالم السنن (ج ٣ ص ٧٩ - ٨٠). «الخرص» بفتح الخاء مصدر، قال في النهاية: «خرص النخلة والكرمة يخرصها خرصا: إذا حزر ما عليها من الرطب تمرا، ومن العنب زبيبا، فهو من الخرص: الظن، لأن الحزر إنما هو تقدير بظن، والاسم:
الخرص بالكسر».
(٤) في النسخ المطبوعة «أن رسول الله» وما هنا هو الذي في الأصل.
(٥) في ب «في بيع العرايا» وكلمة «بيع» ليست في الأصل ولا في نسخة ابن جماعة.
والحديث رواه الشافعي في اختلاف الحديث (ص ٣١٩) وفيه كلمة «بيع»، ورواه أيضا أصحاب الكتب الستة. وانظر ذخائر المواريث (رقم ١٩٦١).
 
٩١٠ - قال الشافعي فكان بيع الرُّطَبِ بالتَّمْرِ مَنْهِيًّا عنه لنهي النبي (١) وبَيَّنَ رسولُ الله أنه إنما نهى عنه لأنه ينقص إذا يَبِسَ وقد نهى عن التمر بالتمر (٢) غلا مثلًا بمثل فلَمَّا نظَرَ (٣) في المُتَعَقَّبِ مِن نُقْصان الرطب إذا يبس كان لا يكون أبدا مثلا بمثل غذ كان النُّقْصَانُ مُغَيَّبًا لا يُعْرَفُ فكان يجمع معنيين أحدهم التَّفاضُل في المَكِيلَة والآخر المُزَابَنَة وهي بيع ما يُعْرف كيْلُه بما يُجْهل كيْله مِنْ جنسه فكان مَنْهِيًّا (٤) لمعنيين
٩١١ - فَلَمَّا رخَّصَ (٥) رُسولُ الله في بيع العَرَايَا بالتمر كيْلًا لم تعدوا (٦) العرايا أن تكون رخصة من شئ نُهِيَ عنه (٧) أو لم يكن النهي عنه عن المزابنة والرطب بالتمر إلاَّ مَقْصُودًا بهما إلى غير
(١) في النسخ المطبوعة زيادة «عنه» وكذلك في نسخة ابن جماعة، وهذه الزيادة مكتوبة في الأصل بين السطرين بغير خطه، فلذلك لم نثبتها.
(٢) في ب «وقد نهي عن بيع الثمر بالتمر». وكلمة «بيع» ليست في الأصل، وقوله «الثمر» خطأ صرف، لأن المراد هنا «التمر» بالمثناة، كما هو ظاهر.
(٣) هكذا في الأصل، المراد: فلما نظر النبي ﷺ الخ، كما هو واضح، ولكن زاد بعضهم في الأصل بخط جديد حرف «نا» لتقرأ «نظرنا» وبذلك ثبتت في سائر النسخ، وهو خطأ.
(٤) في النسخ المطبوعة وابن جماعة زيادة «عنه» وهي مكتوبة في الأصل بين السطرين بخط مخالف، فحذفناها، والكلام على إرادتها، كعادة الفصحاء.
(٥) في ج «أرخص» وهو مخالف للأصل.
(٦) هكذا في الأصل باثبات حرف العلة مع الجازم. وهو جائز كما ذكرنا مرارا، ثم أثبت فيه ألف بعد الواو، وهو رسم شاذ لا يقاس عليه، وإنما أثبتناه لطرافته.
(٧) في س وب ن قد نهى عنه» ولفظ «قد» ليس من الأصل، بل كتب بالحاشية بخط آخر.
 
العرايا فيكونَ هذا مِن الكلام العام الذي يراد به الخاص (١) 

 

وجه يشبه المعنى الذي قبله (٢)
٩١٢ - (٣) وأخبرنا (٤) سعيد بن سالم (٥) عن بن جُرَيْجٍ عن عطاء (٦) عن صفوان بن مَوْهَبٍ أنه أخبره عن عبد الله بن محمد بن صَيْفِيِّ (٧) عن حكيم بن حِزَامٍ (٨) أنه قال " قال لي
(١) هنا بحاشية الأصل «بلغ». «بلغ السماع في المجلس العاشر، وسمع ابني محمد» ولم يظهر باقي الكلام، ولعله «والجماعة» كما مضى مرارا.
(٢) هذا العنوان هو الذي في الأصل، واختلفت فيه النسخ: ففي ج ونسخة ابن جماعة بزيادة كلمة «باب» في أوله، وفي س «وجه آخر يشبه الذي قبله» وفي ب «وجه يشبه المعنى قبله».
(٣) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٤) الواو ثابتة في الأصل، ومحذوفة في النسخ المطبوعة.
(٥) في س «ثابت» بدل «سالم» وهو خطأ، وفي ب بحذفها أصلا، وفي كلها زيادة «القداح» وهي زيادة مكتوبة بحاشية الأصل بخط آخر، وسعيد بن سالم القداح أبو عثمان: كوفي سكن مكة، قال الشافعي: «كان سعيد القداح يفتي بمكة ويذهب إلى قول أهل العراق». وهو ثقة، وتكلم فيه بعضهم بما لا يرد روايته، من ميله إلى بعض الأهواء، ولكنه صدوق.
(٦) في سائر النسخ زيادة «بن أبي رياح» وهي مكتوبة بحاشية الأصل بخط جديد.
(٧) «موهب» بفتح الميم وسكون الواو وفتح الهاء وآخره باء موحدة. وصفوان بن موهب وعبد الله بن محمد بن صيفي: حجازيان، ذكرهما ابن حبان في الثقات، وليس لهما في الكتب الستة غير هذا الحديث، عند النسائي.
(٨) «حزام» بكسر الحاء وتخفيف الزاي، وحكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى. هو ابن أخي خديجة زوج النبي ﷺ، وكان من سادات قريش، وكان صديق النبي ﷺ قبل البعثة، وكان يوده ويحبه بعد البعثة، ولكن تأخر إسلامه حتى أسلم عام الفتح، وكان من العلماء بأنساب قريش وأخبارها، ولم يقبل شيئا من أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا معاوية، مات سنه ٥٤ عن ١٢٠ سنه.
 
رَسُولُ اللهِ أَلَمْ أُنَبَّأْ أَوْ أَلَمْ يَبْلُغْنِي أَوْ كَمَا شَاءَ اللهُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّكَ تَبِيعُ الطَّعَامَ قال حكيم بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ لَا تَبِيعَنَّ طَعَامًا حتى تشتريه وتستوفيه (١) "
٩١٣ - (٢) أخبرنا سعيد (٣) عن بن جُرَيج قال أخبرني عطاء ذلك (٤) أيضًا عن عبد الله بن عِصْمَة (٥) عن حكيم بن حزام أنه سمعه منه عن النبي (٦)
٩١٤ - (٧) أخبرنا الثقة عن أيوب بن أبي تميمة عن يوسف
(١) الحديث من هذا الطريق رواه أحمد في المسند (رقم ١٥٣٩٢ ج ٣ ص ٤٠٣) عن روح بن عبادة عن ابن جريج، ورواه النسائي (ج ٢ ص ٢٢٥) مختصرا عن إبراهيم بن الحسن عن حجاج بن محمد عن ابن جريج. وهذه أسانيد صحاح.
(٢) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي» وفي ب «وأخبرنا» وكلها مخالف للأصل.
(٣) في ج «سعيد بن سالم» والزيادة ليست في الأصل.
(٤) في النسخ المطبوعة «بذلك» والباء مكتوبة في الأصل ملصقة بالذال، وإلصاقها ظاهر، ويظهر أن نسخة ابن جماعة كانت «بذلك» ثم حكت الباء والذال بالسكين، وكتب بدلهما ذال فقط، وموضع الحك واضح بين.
(٥) «عصمة» بكسر العين وسكون الصاد المهملتين، وعبد الله بن عصمة هو الجشمي، بضم الجيم وفتح الشين المعجمة، حجازي، ذكره ابن حبان في الثقات. قال ابن حجر في التهذيب: «قال ابن حزم في البيوع من المحلى -: متروك، وتلقى ذلك عبد الحق فقال: ضعيف جدا. وقال ابن القطان: بل هو مجهول الحال. وقال شيخنا: لا أعلم أحدا من أئمة الجرح والتعديل تكلم فيه، بل ذكره ابن حبان في الثقات». وليس له في الكتب الستة غير هذا الحديث عند النسائي.
وقد زيد في س وج هنا كلمة «الجشمي» وليست في الأصل، وفي ج خطأ غريب، فإنه ذكر فيها باسم «عطاء بن عبد الله بن عصمة الجشمي».
(٦) في ب «عن رسول الله». وهذا الإسناد رواه أحمد أيضا عقيب الأول (رقم ١٥٣٩٩٣) وكذلك النسائي نحوه أيضا من طريق عبد العزيز بن رفيع عن عطاء عن حزام بن حكيم عن أبيه، وإسناده صحيح.
(٧) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي» وفي ب «وأخبرنا» وكلها خلاف الأصل.
 
بن مَاهَكَ (١) عن حكيم بن حزام قال «نَهَانِي رَسُولُ اللهِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي (٢)»
٩١٥ - (٣) يعني بيعَ ما ليس عندك وليس بمضمون عليك
٩١٦ - (٤) أخبرنا بن عيينة عن بن أبي نَجِيحٍ عن عبد الله بن كثير (٥) عن أبي المنهال (٦) عن بن عباس قال " قدم رسول الله
(١) «ماهك» بفتح الهاء، وهو ممنوع من الصرف، للعلمية والعجمة.
(٢) أبهم الشافعي شيخه هنا وفي اختلاف الحديث (ص ٣٢٨). رواه أحمد عن إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب (رقم ١٥٣٧٦ ج ٣ ص ٤٠٢) ورواه الترمذي عن قتيبة عن حماد بن زيد عن أيوب (ج ٢ ص ٢٣٧ من شرح المبار كفوري).
ورواه أيضا الطيالسي عن شعبة عن أبي بشر جعفر بن إياس بن أبي وحشية عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام (رقم ١٣٥٩) ورواه أحمد (رقم ١٥٣٧٥ و١٥٣٧٨) وأبو داود (ج ٣ ص ٣٠٢) والترمذي (ج ٢ ص ٢٣٦) وابن ماجة (ج ٢ ص ٩): كلهم من طريق شعبة. ورواه النسائي (ج ٢ ص ٢٢٦) من طريق هشيم عن أبي بشر. ورواه أيضا أحمد (رقم ١٥٣٧٤) من طريق يونس عن يوسف بن ماهك. ورواه أحمد أيضا (رقم ١٥٣٧٩) من طريق هشام الدستوائي: «حدثني يحيى بن أبي كثير عن رجل أن يوسف بن ماهك أخبره أن عبد الله بن عصمة أخبره أن حكيم بن حزام أخبره». ورواه الطيالسي (رقم ١٣١٨) عن الدستوائي عن يحيى عن يوسف، فلم يذكر رجلا مبهما. وهذا المبهم هو يعلى بن حكيم، فقد رواه ابن حزم في المحلى (ج ٨ ص ٥١٩) من طريق همام عن يحيى بن أبي كثير: «أن يعلى بن حكيم حدثه أن يوسف بن ماهك حدثه أن حكيم بن حزام حدثه». فظهر من هذا اسم الرجل المبهم، وظهر منه أيضا أن يوسف بن ماهك سمعه من عبد الله بن عصمة عن حكيم، وأنه سمعه من حكيم نفسه أيضا، فكان تارة يذكر الواسطة وتارة يحذفها، والحديث قد حسنه الترمذي، وهو حديث صحيح.
(٣) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٤) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي» وفي ب «وأخبرنا».
(٥) زعم أبو علي الجياني أن عبد الله بن كثير في هذا الإسناد هو ابن المطلب بن أبي وداعة، وخطأه العلماء في ذلك، وابن أبي وداعة ليست له في البخاري رواية، وأما الذي هنا فهو عبد الله بن كثير الداري المكي، قارئ أهل مكة، وهو أحد القراء السبعة المعروفين، وانظر فتح الباري (ج ٤ ص ٣٥٥).
(٦) أبو المنهال اسمه «عبد الرحمن بن مطعم البناني» وهو تابعي مكي ثقة.
 
المدينة وهو يُسَلِّفُونَ فِي التَّمْرِ (١) السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ مَنْ سَلَّفَ فَلْيُسَلِّفْ (٢) فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَأَجَلٍ مَعْلُومٍ «
٩١٧ - قال الشافعي حِفْظِي (٣)» وَأَجَلٍ مَعْلُومٍ «
٩١٨ - وقال غَيْرِي قَدْ قال ما قلْتُ وقال» أو إلى أجل معلوم (٤) "
(١) «التمر» بالتاء المثناة واضحة في الأصل ونسخة ابن جماعة، وتختلف فيها الروايات والنسخ في الصحيحين وغيرهما، قال النووي في شرح مسلم (ج ١١ ص ٤١):
«هكذا هو في أكثر الأصول: تمر: بالمثناة، وفي بعضها: ثمر: بالمثلثة، وهو أعم».
(٢) قوله «يسلفون» وقوله «سلف» وقوله «فليسلف» موضوع على كل منها في الأصل شدة فوق اللام، وضبطت «سلف» فيه بفتح السين أيضا. وتختلف كذلك النسخ والروايات فيها، ففي البخاري مثلا (ج ٣ ص ٨٥ من الطبعة السلطانية) في رواية ابن علية عن ابن أبي نجيح «يسلفون» «سلف» «فليسلف» وفي رواية صدقة عن ابن عيينة «يسلفون» «أسلف» وفي رواية ابن المديني عن سفيان «فليسلف». وقال الحافظ في الفتح (ج ٤ ص ٣٥٥) في شرح رواية ابن علية «من سلف»: «كذا لابن علية بالتشديد، وفي رواية ابن عيينة: من أسلف في شيء. وهي أشمل». وقد ظهر لنا من رواية الشافعي هنا أن ابن عيينة رواه أيضا بالتضعيف، وكذلك هو في اختلاف الحديث كما هنا».
(٣) في ج «وحفظي» والواو ليست في الأصل.
(٤) يعني أن غير الشافعي قال في روايته «ووزن معلوم وأجل معلوم أو إلى أجل معلوم».
على الشك بين العطف بالواو بدون «إلى» وبين زيادة «إلى» بدون الواو. وكذلك هو في الأصل والنسخ المطبوعة، وكان كذلك في نسخة ابن جماعة ثم كشطت ألف «أو» وموضع الكشط ظاهر. وهذا الشك في الكلمة سببه سفيان بن عيينة، فقد روى الدارمي الحديث (ج ٢ ص ٢٦٠) عن محمد بن يوسف عن سفيان، وقال:
«في كيل معلوم ووزن معلوم. وقد كان سفيان يذكره زمانا: إلى أجل معلوم.
ثم شككه عباد بن كثير». ورواه الشافعي في اختلاف الحديث (ص ٣٢٨) فقال «وأجل معلوم، أو إلى أجل معلوم» بدون أن يبين ما أبانه هنا، ولكنه زاد ذلك إيضاحا في الأم (ج ٣ ص ٨١) فرواه عن سفيان «وأجل معلوم» ثم قال: «حفظته كما وصفت من سفيان مرارا. قال الشافعي: وأخبرني من أصدقه من أصدقه عن سفيان أنه قال كما قلت، وقال في الأجل: إلى أجل معلوم».
والراجح رواية من رواه عن سفيان بن عيينة بلفظ «ووزن معلوم إلى أجل معلوم» لأنها روايته قبل أن يشك فيه، كما نقلنا من رواية الدارمي، ولأن أكثر الرواة عنه ذكروه هكذا، فقد رواه أحمد في المسند (برقم ١٩٣٧ ج ١ ص ٢٢٢) عن سفيان بهذا اللفظ، ورواه كذلك أيضا البخاري (ج ٣ ص ٨٥ من الطبعة السلطانية وج ٤ ص ٣٥٥ - ٣٥٦ من الفتح) عن صدقة وعن ابن المديني وعن قتيبة، ورواه مسلم (ج ١١ ص
٤٢ - ٤٣ من النووي) عن يحيى بن يحيى وعمرو الناقد، تحفة الأحوذي) عن أحمد بن منيع، ورواه النسائي (ج ٢ ص ٢٢٦) عن قتيبة، ورواه ابن ماجة (ج ٢ ص ٢٢) عن هشام بن عمار، ورواه ابن الجارود (ص ٢٨٩ - ٢٩٠) عن محمد بن يحيى عن أبي نعيم: كلهم عن سفيان بن عيينة بهذا.
وقد رواه أحمد (رقم ١٨٦٨ و٢٥٤٨ ج ١ ص ٢١٧ و٢٨٢) عن ابن علية عن ابن أبي نجيح، وعن عفان عن عبد الوارث عن ابن أبي نجيح، وكذلك رواه مسلم عن شيبان عن عبد الوارث عن ابن أبي نجيح، وعن يحيى بن يحيى وابن أبي شيبة وإسماعيل بن سالم عن ابن علية عن ابن أبي نجيح، ومن طريق وكيع وابن مهدي كلاهما عن الثوري عن ابن أبي نجيح، وكلهم لم يذكر قوله «أجل معلوم» بأي لفظ. ووقع في متن مسلم تبعا لبعض نسخه «ابن عيينة» بدل «ابن علية» وهو خطأ واضح، كما أبانه النووي.
والراجح أيضا زيادة ابن عيينة في قوله «إلى أجل معلوم» لأنها زيادة ثقة، وإن شك فيها هو بعد ذلك. وقد تابعه عليها الثوري، إذ وراه مرة بدونها، ومرة قال «ووزن معلوم ووقت معلوم» كما رواه أحمد في المسند عن ابن مهدي عن الثوري (رقم ٣٣٧٠ ج ١ ص ٣٥٨).
 
٩١٩ - قال (١) فكان نهي النبي «أنْ يَبِيعَ المَرْءُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ» يحتمل (٢) أن يبيع ما ليس بحضرته يراه المشتري كما يراه البائع عند تبايعهما ويحتمل أن يبيعه ما ليس عنده ما ليس يملك (٣) بعينه
(١) كلمة «قال» ليست في ب وفي س وج «قال الشافعي» وكلها مخالف للأصل.
(٢) في ج «يحتمل معنيين» وهذه الزيادة ليست في الأصل، وهي مكتوبة في نسخة ابن جماعة ومضروب عليها بالحمرة، علامة إلغائها.
(٣) في ب وس «مما ليس يملكه» وفي ج «مما ليس يملك» وما هنا هو الذي في الأصل ونسخة ابن جماعة، ثم ألصق بعض قارئي الأصل ميما في أول «ما» وهاء في الكاف من «يملك».
 
فلا يكون موصوفًا مضمونًا (١) على البائع يُؤْخَذُ به ولا في مِلْكِهِ فيلزم (٢) أن يُسَلِّمَهُ إليه بعينه وغيْرَ هذين المعنيين
٩٢٠ - فَلَمَّا أَمَرَ رسولُ الله مَنْ سلَّف أن يُسَلِّفَ في كيْلٍ معلوم ووَزْنٍ معلوم وأجَلٍ معلوم أو إلى أجل معلوم دخل هذا (٣) بيعُ ما ليس عند المرء حاضرًا ولا مملوكًا حين باعه
٩٢١ - ولَمَّا (٤) كانَ هذا مضْمونًا على البائع بصفة يؤخذ بها عند مَحَلِّ الأجل دلَّ على أنه إنما نهى عن بيع عين الشئ في ملك البائع (٥) والله أعلم
٩٢٢ - وقد يحتمل أو يكون النهيَ (٦) عن بيع العين الغائبة
(١) في ب «ولا مضمونا» وهو مخالف للأصل ولسائر النسخ.
(٢) في ابن جماعة والنسخ المطبوعة «فيلزمه» وقد عبث بعض الناس في الأصل فضرب على الميم وكتب فوقها «مه».
(٣) في ابن جماعة والنسخ المطبوعة «دخل في هذا» وكلمة «في» ليست في الأصل، والذين زادوها ظنوا أن إثباتها واجب، لأن الفعل لازم، ولكن سمع استعماله متعديا، مثل «دخلت البيت» وتأوله بعضهم، فقال صاحب اللسان: «والصحيح أن تريد: دخلت إلى البيت، وحذفت حرف الجر، فانتصب انتصاب المفعول به».
وقد ورد في القرآن كثيرا بدون الحرف، نحو قوله تعالى في سورة النحل (٣٢) (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون). فهنا قوله «هذا» مفعول مقدم و«بيع» فاعل مؤخر.
(٤) في ب «فلما» وهو مخالف للأصل.
(٥) في النسخ المطبوعة «الشيء الذي ليس في ملك البائع» وزيادة كلمة «الذي» لا ضرورة لها، وليست في الأصل ولا في نسخة ابن جماعة.
(٦) كذا ضبط هذا الحرف في الأصل بالنصب، وهو الوجه، وهو الصواب، لأنه خبر «يكون» واسمها محذوف للعلم به، كأنه قال: «وقد يحتمل أن يكون المراد النهي الخ، وضبط في نسخة ابن جماعة بالرفع على أنه الاسم، فلا بد من تقدير حذف الخبر، والصواب المناسب للسياق هو الأول.
 
كانتْ في ملك الرجل أو في غير ملكه لأنها قد تَهْلِكُ وتنقص قبل أن يراها المشتري
٩٢٣ - قال (١) فكل (٢) كلام كان عامًا ظاهرًا في سنة رسول الله فهو على ظهوره وعمومه حتى يُعْلَمَ حديثٌ ثابِتٌ عن رسول الله بأبي هو وأمي (٣) يدل على أنه إنما أريد بالجملة العامة في الظاهر بعضُ الجملة دون بعض كما وضفت من هذا (٤) وما كان في مثل معناه
٩٢٤ - ولزم أهلَ العلم أنْ يُمْضُوا الخبرين على وجوههما (٥) ما وجدوا لإمضائهما وجهًا ولا يَعُدُّونهما مختلفين وهما يحتملان أن يُمْضيَا وذلك (٦) إذا أمكن فيهما أن يُمْضَيَا مَعًا أو وُجِد (٧) السبيلُ إلى إمضائهما ولم يكن منهما واحد (٨) بأوجب من الآخر
(١) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
(٢) في س وج «وكل» وهو مخالف للأصل.
(٣) الزيادة مكتوبة بحاشية الأصل بخط لست أجزم بأنه خطه، وعليها «صح صح».
(٤) في ب «في» بدل «من» وهو مخالف للأصل وسائر النسخ، وفي س وج «من هذا الكلام» والكلمة الزائدة ليست في الأصل، وهي مكتوبة بحاشية نسخة ابن جماعة وعليها علامة «صح».
(٥) في ب «على عمومها ووجوههما» والزيادة ليست في الأصل ولا في سائر النسخ.
(٦) في ج «وذلك أنه» الخ وزيادة «أنه» مفسدة للمعنى، ومخالفة للأصل ولسائر النسخ، بل إن في نسخة ابن جماعة علامة الصحة بين كلمتي «وذلك» و«إذا» إشارة إلى رفع احتمال وجود شيء بينهما.
(٧) في ب «وجدنا» والكلمة واضحة في نسخة ابن جماعة «وجد» وكانت كذلك في الأصل، ثم تصرف فيها بعض قارئيه فكشط أولها وأصلحها «نجد» ولكن لا يزال أثر الواو باقيا، والضمة التي فوقها باقية واضحة.
(٨) في النسخ المطبوعة «واحد منهما» بالتقديم والتأخير، وكذلك كتبت في نسخة ابن جماعة، وكله مخالف للأصل، ولكن وضع على كل من الكلمتين في نسخة ابن جماعة حرف م إشارة إلى الصواب الموافق له.
 
٩٢٥ - ولا يُنْسَب الحديثان (١) إلى الاختلاف ما كان لهما وجهًا (٢) يمضَيَان (٣) معًا إنما المختلِف ما لم يُمْضَى (٤) إلا بسقوط غيره مثل أن يكون الحديثان في الشئ الواحد هذا يحله وهذا يحرمه (٥)
(١) في ب «فلا ننسب الحديثين» وهو مخالف للأصل ولسائر النسخ.
(٢) هكذا في الأصل بالنصب، وأضفه إلى الشواهد السابقة في مثل هذا، مما تكلمنا عليه في الفقرة (٤٨٥) وما قبلها، مما أشرنا هناك إلى أرقامه.
(٣) في سائر النسخ زيادة «فيه» هنا، وهي مكتوبة بحاشية الأصل بخط آخر.
(٤) حذف في سائر النسخ حرف العلة، ولكنه ثابت في الأصل، بل رسمت فيه هكذا «ما لم يمضا» كعادته في كتابة مثله بالألف، وقد تقدم الكلام مرارا في جواز إثبات حرف العلة مع «لم». ثم إن سائر النسخ زادت هنا كلمة «أحدهما» ظنا من ناسخيها أو مصححيها أن الكلام يفسد بدونها! ولو كان ما ظنوا لقال «إنما المختلفان» وأما إفراد «المختلف» فيراد به أحد المختلفين فقط، فلا يقال فيه بعد ذلك «ما لم يمضي أحدهما»!
(٥) قال الخطابي في المعالم في مثل هذا المعنى (ج ٣ ص ٨٠): «وسبيل الحديثين إذا اختلفا في الظاهر وأمكن التوفيق بينهما وترتيب أحدهما على الآخر -: أن لا يحملا على المنافاة، ولا يضرب بعضها ببعض، لكن يستعمل كل واحد منهما في موضعه. وبهذا جرت قضية العلماء في كثير من الحديث.
ألا ترى أنه لما نهى حكيما عن بيع ما ليس عنده ثم أباح السلم: كان السلم عند جماعة العلماء مباحا في محله، وبيع ما ليس عند المرء محظورا في محله، وذلك: أن أحدهما - وهو السلم - من بيوع الصفات، والآخر من بيوع الأعيان. وكذلك سبيل ما يختلف: إذا أمكن التوفيق فيه لم يحمل على النسخ، ولم يبطل العمل به».
 
صفة نهي الله ونهي رسوله (١)
٩٢٦ - (٢) الله ﷿ فقال فصِفْ لي جِمَاع نهي الله جل ثناؤه ثم نهى لنبي عامًّا لا تُبْقِ (٣) منه شيئًا
٩٢٧ - (٢) فقلت له يجمع نهيه معنيين (٤)
٩٢٨ - أحدهما أن يكون الشئ الذي نهى عنه مُحَرَّمًا لا يحل إلا بوجه دل الله عليه في كتابه أو على لسان نبيه (٥)
٩٢٩ - فإذا نهى رسولُ الله عن الشئ من هذا فالنهيُ مُحرِّم لا وجه له غيرُ التحريم إلا أنْ يكون على معنى كما وصفت
٩٣٠ - الله ﵎ قال فصِفْ لي (٦) هذا الوجه الذي بدأت بذكره من
(١) هذا العنوان ليس في الأصل ولا في غيره من النسخ، وإنما زدته فصلا لكلام جديد في موضوع دقيق، واقتداء بالشافعي، إذ جعل له كتابا خاصا، من كتبه التي ألحقت بالأم، وهو (كتاب صفة نهي رسول الله ﷺ (ج ٧ ص ٢٦٥ - ٢٦٧).
(٢) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٣) هكذا كتبت في الأصل «تبق» بدون الياء، على أن «لا» ناهية جازمة، وضبطت بضم التاء وكسر القاف، وكذلك في نسخة ابن جماعة ونسخة ب. وفي س وج «لا تبقي» وباثبات الياء، على أن «لا» نافية وهو مخالف للأصل. وانظر إلى دقة الربيع في كتابة الأصل وضبطه. فإنه يكتب الفعل المعتل المجزوم بحرف «لم» باثبات حرف علته، ثم يكتب المجزوم بحرف «لا» بحذف الحرف، لأن الأول لا يشتبه على أحد بعد «لم» والثاني يخشى فيه الاشتباه بعد «لا» فاحترز في موضع الشبهة، ليحدد المعنى واضحا.
(٤) في نسخة ابن جماعة «معنيان»، وعليه يكون «نهيه» منوصوبا مفعولا مقدما، ولكنه مخالف للأصل.
(٥) في ب «رسوله» وهو مخالف للأصل.
(٦) قوله «لي» لم يذكر في ج ولا في نسخة ابن جماعة، وهو ثابت في الأصل وسائر النسخ.
 
النهي بمثال يدل على ما كان في مثل معناه (١)
٩٣١ - قال (٢) فقلتُ له كلُّ النساء مُحَرَّمَاتُ الفُرُوج إلا بواحد من المعنيين النكاحِ والوطْئِ (٣) بمِلْكِ اليَمين وهما المعنيان اللذان أَذِنَ اللهُ فيهما وسنَّ رسولُ الله كيْفَ النكاح الذي يَحِلُّ به الفرج المُحَرَّمُ قبله فسَنَّ فيه ولِيًّا وشهودًا ورِضًا مِنَ المنْكوحة الثيِّب وسنته في رضاها دليلٌ على أنَّ ذلك يكون بِرضا المُتَزَوِّج لا فرق بينهما
٩٣٢ - (٤) فإذا جمع النكاح أربعا رضا المزوجة (٥) الثيب والزوج (٦) وأن يُزَوِّج المرأةَ وليُّها بشهود حَلَّ النكاحُ إلا في حالات سأذكرها إن شاء الله
٩٣٣ - وإذا (٧) نقص النكاحَ (٨) واحدٌ مِن هذا كان
(١) في س وج «بمثل معناه» وهو مخالف للأصل ولنسخة ابن جماعة.
(٢) في النسخ المطبوعة زيادة «الشافعي».
(٣) في سائر النسخ «أو الوطء» بالعطف بحرف «أو» ولكن الذي في الأصل بالواو فقط، ثم كتب بعض القارئين ألفا بين الحاء والواو بخط مخالف، فلذلك لم نذكرها.
وكلمة «الوطئ» هكذا رسمت في الأصل ونسخة ابن جماعة، فأثبتناها على الرسم القديم.
(٤) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٥) في ب «الزوجة» وهو مخالف للأصل، بل هي فيه بينة جدا، «المزوجة» وعلى الواو شدة، وكذلك في نسخة ابن جماعة، وعليها علامة «صح».
(٦) في ب «والزوج» وهو أيضا مخالف للأصل ونسخة ابن جماعة.
(٧) في ب «فإذا» وهو مخالف للأصل. ويظهر أنها كانت في ابن جماعة كالأصل، ثم غيرت الواو فجعلت فاءا، تغييرا واضحا.
(٨) كلمة «النكاح» لم تذكر في كل النسخ الأخرى، مع أنها ثابتة في الأصل، وضرب عليها بعض قارئيه بغير حجة، والمعنى بها صحيح سليم.
 
النكاح فاسد لأنه لم يُؤْتَ به كما سنَّ رسول الله فيه (١) الوجهَ الذي يحل به النكاح
٩٣٤ - ولو سَمَّى صَدَاقًا كان أحبَّ إليَّ ولا يَفْسد النكاح بترك تسمية الصَّداق لأن الله أثْبَتَ النكاحَ في كتابه بغير مهر وهذا مكتوب في غير هذا الموضع (٢)
٩٣٥ - قال (٣) وسواء في هذه المرأةُ الشريفة والدَّنِيَّةُ (٤) لأن كلَّ واحِدٍ (٥) منهما فيما يَحِلُّ به ويحرم (٦) ويجب لها وعليها من الحلال والحرام والحدود سواء
٩٣٦ - (٧) والحالات التي لو أُتِيَ بالنكاح فيها على ما وصفت
(١) كلمة «فيه» هنا جيدة في موضعها، والمعنى عليها، ولكنها لم تعجب بعض قارئي الأصل، أو لم يفهم موقعها، فضرب عليها وكتب فوقها «به»، وبذلك كتبت في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة، وهو تصرف لا أرضاه.
(٢) قال الله تعالى في سورة البقرة (٢٣٦): (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء مالم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة، ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) وانظر الأم للشافعي (ج ٥ ص ٥١ - ٥٢).
(٣) في النسخ المطبوعة زيادة «الشافعي».
(٤) في الأصل بتشديد الياء بدون همز، وهو صحيح. وفي النسخ المطبوعة «والدنيئة».
(٥) في النسخ المطبوعة ونسخة ابن جماعة «واحدة» والهاء مكتوبة في الأصل بين السطرين، وما فيه صحيح، على إرادة الشخص أو نحو ذلك، وهذا كثير في العربية معروف.
(٦) هكذا في الأصل، «يحل» و«يحرم» بالياء التحتية، وهو صحيح. وفي النسخ المطبوعة ونسخة ابن جماعة بالتاء المثناة الفوقية فيهما، وهو مخالف للأصل.
(٧) هنا في ب زيادة «قال» وفي س وج «قال الشافعي».
 
يجوز النكاحُ فيما لم يُنْهَ فيها عنها من النكاح (١) فأما إذا عُقد بهذه الأشياء (٢) كان النكاح مفسوخًا بنهي الله (٣) في كتابه وعلى لسان نبيه عن النكاح بحالات نهى عنها فذلك مفسوخ
٩٣٧ - وذلك أن ينْكِحَ الرجل أختَ امرأتِه وقد نهى الله عن الجمع بينهما وأن ينكح الخامسةَ (٤) وقد انْتَهَى اللهُ به إلى أربع فبين (٥)
(١) هكذا في الأصل، والمعنى ظاهر صحيح، فقوله «الحالات» مبتدأ، وخبره «فيما لم ينه» الخ، يعني: والحالات التي يجوز فيها النكاح إذا وجدت أركانه إنما تكون في الحالات التي لم ينه فيها عنها، أي عن الحالات من النكاح، وهي الحالات التي ورد فيها النهي عنها من حالات النكاح، كالأمثلة التي سيذكر الشافعي. ولم يفهم القارئون في الأصل مراده، فضرب بعضهم على كلمتي «فيها عنها» وكتب بدلهما بين السطرين كلمة «عنه»، وبذلك كتبت في نسخة ابن جماعة وس وج. وفي ب «فيما لم ينه الله عنه من النكاح»، وكلمه مخالف للأصل بغير حجة. وقوله «ينه» ضبط في الأصل بفتحة وضمة معا فوق الياء، ليقرأ بالوجهين.
(٢) يعني إذا عقد النكاح بهذه الحالات التي نهي عنها كان مفسوخا، ولم يفهم قارئوا الأصل هذا، فكتب أحدهم بحاشيته عند قوله «بهذه» ما نصه «لعله: غير» كأنه ظن أن الإشارة إلى الشروط التي يصح بها النكاح، فإذا عقد بغيرها لم يصح، ولكن الإشارة ظاهرة إلى الحالات المنهي عنها. وقد غير الناسخون الكلمة تبعا لسوء، الفهم، فطبعت في كل النسخ «بغير هذه الأشياء». وهو مخالف للأصل، ومخالف للمعنى المراد. وأما نسخة ابن جماعة فان كاتبها كتب أولا كلمة «بغير» ثم ضرب عليها حين كتابتها، وكتب بعدها بنفس السطر «بهذه» فصار السياق فيها على الصواب كما في الأصل.
(٣) هذا هو الصواب الموافق للأصل «بنهي» بالباء، وكانت كذلك في نسخة ابن جماعة، ثم غيرت بجعل الباء فاء وضبطت بفتحة على النون وسكون على الهاء، لتكون «فنهى».
وهو خطأ لا معنى له. وفي س وج هنا زيادة «عنه» وهي غير ثابتة في الأصل ولا في نسخة ابن جماعة.
(٤) في ب «أو ينكح» وفي نسخة ابن جماعة «خامسة» وكلاهما مخالف للأصل.
(٥) في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة «وبين» وهي في الأصل كما أثبتنا، ثم حاول بعض قارئيه تغيير الفاء إلى واو، ومحاولته ظاهرة التصنع، والعطف بالفاء هنا أعلى وأبلغ.
 
النبي أن انتهاءَ اللهِ به إلى أربع حَظْرٌ (١) عليه أن يجمع بين أكثر منهُنَّ أو ينكحَ المرأةَ على عمتها أو خالتها وقد نهى النبي عن ذلك وأنْ يَنْكِحَ (٢) المرأةَ في عِدَّتِهَا
٩٣٨ - (٣) فكلُّ نكاح كان من هذا لم يصِحَّ وذلك أنه (٤) قد نُهِيَ عن عقده وهذا ما خلاف (٥) فيه بيْنَ أحد من أهل العلم
٩٣٩ - (٣) ومثله والله أعلم أن النبي نهى عن الشِّغَارِ (٦) وأن النبي نهى عن نكاح المُتْعَةِ (٧) وأن النبي نهى المُحْرِمَ أنْ يَنْكِحَ أو يُنْكِحَ
٩٤٠ - (٣) فنحن نفسخ هذا كلَّه من النكاح في هذه الحالات التي نهى عنها بمثل ما فسخنا به ما نهى مما ذكر (٨) قبله
(١) في الأصل «حظرا» وهو وإن كان له وجه من العربية، على لغة من ينصب معمولي «أن» الا أن الألف فيه مكتوبة بخط مخالف لخط الأصل، محشورة بين الكلمتين، فلذلك لم نرض إثباتها.
(٢) هكذا في الأصل. وهو صواب. وفي ب «أو تنكح» وفي باقي النسخ «أو أن تنكح» وكلها مخالف للأصل، وقد زاد بعض قارئيه ألفا قبل الواو بخط مخالف لخطه.
(٣) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٤) في ب «لأنه» وهو مخالف للأصل.
(٥) في س «مما لا خلاف» وفي ج «مما لا اختلاف» وكلاهما مخالف للأصل.
(٦) «الشغار» قال في النهاية: «هو نكاح معروف في الجاهلية، كان يقول الرجل للرجل شاغرني، أي زوجني أختك أو بنتك أو من تلي أمرها حتى أزوجك أختي أو بنتي أو من ألي أمرها، ولا يكون بينهما مهر، ويكون بضع كل واحدة منهما في مقابلة بضع الأخرى. وقيل له شغار: لارتفاع المهر بينهما».
(٧) نكاح المتعة: هو النكاح إلى أجل معين.
(٨) في النسخ المطبوعة ونسخة ابن جماعة «ذكرنا» وقد زاد بعضهم في الأصل بين السطرين حرفي «نا».
 
٩٤١ - وقد يخالفنا في هذا (١) غيْرُنا وهو مكتوب فسي غير هذا المرضع (٢)
٩٤٢ - ومثله أن يَنْكِح (٣) المرأةَ بغير إذنها فتُجِيزَ بعدُ فلا يجوز لأن العقْدَ وقَعَ مَنْهِيًّا عنه
٩٤٣ - (٤) ومثل هذا ما نهى عنه رسول الله (٥) مِن بيع (٦) الغَرَرِ وبيع (٧) الرطب بالتمر إلا في العرايا أو غير ذلك مما نهى عنه (٨)
٩٤٤ - وذلك أن أصلَ مالِ كلِّ امْرِئٍ (٩) محرَّم على غيره إلاَّ بما أُحَلَّ به وما أُحل به من البيوع ما لم ينْه عنه رسول الله ولا يكون (١٠) ما نهى عنه رسول الله من البيوع محلا ما كان أصله محرما
(١) في ب «في هذا المعنى» والزيادة ليست في الأصل.
(٢) انظر اختلاف الحديث للشافعي (ص ٢٣٨ - ٢٤١ و٢٥٤ - ٢٥٧) والأم (ج ٥ ص ٦٨ - ٧٢).
(٣) في النسخ المطبوعة ونسخة ابن جماعة زيادة «الرجل» وهي مكتوبة في الأصل بجوار كلمه «ينكح» في طرف السطر، بخط مخالف لخطه.
(٤) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٥) في النسخ المطبوعة «النبي ﷺ».
(٦) في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة «بيوع» وما هنا هو الذي في الأصل، ثم كتب فوقه بعض قارئه كلمة «بيوع» بخط آخر.
(٧) في ج «وعن بيع» وكلمة «عن» هنا خطأ، وهي مكتوبة في نسخة ابن جماعة ومضروب عليها بالحمرة.
(٨) في س وج زيادة «رسول الله ﷺ» وليست في الأصل، وهي مكتوبة في نسخة ابن جماعة وعليها خطوط حمراء، إشارة إلى أنها ليست مذكورة في الأصول المقابلة عليها، وقوله «أو غير ذلك» ضرب بعض قارئي الأصل على الألف من «أو» فأثبتناها.
(٩) في ج «ما لكل امرئ» فجعلت فيها «ما» موصولة، والذي في الأصل وسائر النسخ «مال» وبعدها «كل»، وهو الصحيح الظاهر.
(١٠) هكذا في الأصل بالعطف بالواو، وهو صواب، وفي سائر النسخ «فلا يكون».
 
من مال الرجل لأخيه ولا تكون المعصية بالبيع المنهي عنه تُحِلُّ مُحَرَّمًا ولا تَحِلُّ (١) إلا بما لا يكون مَعْصِيَةً وهذا يدخل في عامة العلم
٩٤٥ - (٢) فإن قال قائل ما الوجه المباح الذي نُهِيَ المرْءُ فيه عن شئ وهو يخالف النهيَ (٣) الذي ذكرتَ قبْلَه
٩٤٦ - فهو إن شاء الله مثل نهي رسول الله أن يشتمل الرجل على الصَّمَّاءِ (٤) وأن يَحْتَبِيَ في ثوب (٥) واحد مفضيا بفرجه
(١) هكذا في الأصل ونسخة ابن جماعة، التاء منقوطة فيهما بنقطتين من فوق، والضمير راجع إلى أموال الغير المحرمة. وفي ب «يحل» بالياء التحتية، وهو ظاهر، ولكنه مخالف للأصل.
(٢) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٣) في ب «المنهي» وهو مخالف للأصل وسائر النسخ.
(٤) هكذا هو في الأصل باثبات حرف «على» وقد ضرب عليه بعض القارئين بإشارة خفيفة، وحذف من نسخة ابن جماعة وسائر النسخ، واللفظ الوارد في الأحاديث وكتب اللغة «يشتمل الصماء» و«اشتمال الصماء». وما هنا له وجه صحيح، لأن فعل «اشتمل» غير متعد، فإذا عدي جئ بحرف «على»، وقولهم «اشتمل الصماء» ليس تعدية للفعل، بل هو مفعول مطلق، كأنه قال «اشتمل الاشتمالة الصماء» وهو معنى مجازي، تشبيها لهيئته حين اشتماله بالشيء الاسم لا منفذ له، فكذلك إذا قيل «اشتمل على الصماء» كان مجازا أيضا، كأنه قيل «اشتمل على الهيئة الصماء»، فهذا وجهه.
و«اشتمال الصماء» قال أبو عبيد: «هو أن يشتمل بالثوب حتى يجلل به جسده ولا يرفع منه جانبا، فيكون فيه فرجة تخرج منها يده، وهو التلفع، وربما اضطجع فيه على هذه الحالة. قال أبو عبيد: وأما تفسير الفقهاء فإنهم يقولون: هو ان يشتمل بثوب واحد ليس عليه غيره ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبه فتبدو منه فرجة.
قال: والفقهاء أعلم بالتأويل في هذا الباب، وذلك أصح في الكلام، فمن ذهب إلى هذا التفسير كره التكشف وإبداء العورة، ومن فسره تفسير أهل اللغة فإنه كره أن يتزمل به شاملا جسده، مخافة أن يدفع إلى حالة سادة لتنفسه فيهلك».
هذا ما نقله في اللسان مادة (ش م ل) وقوله «فتبدو منه فرجة» أرجح ان صوابه «فيبدو منه فرجه». وتفسير الفقهاء هو الصواب، وهو الذي أشار اليه الشافعي هنا، وهو حجة اللغة أيضا.
(٥) هكذا في الأصل «في ثوب» وفي سائر النسخ «بثوب» وقد حاول بعض القارئين تغييره في الأصل، فضرب على حرف «في» وألصق بالثاء باء، والذي في الأصل صحيح، يقال: «احتبى في ثوبه» و«بثوبه» وورد في الحديث «نهى أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد». وأحاديث النهي عنه وعن اشتمال الصماء رواها الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة ومن حديث أبي سعيد الخدري.
 
السماء وأنه أمر غُلامًا أن يأكل مما بين يديه ونهاه (١) أن يأكل مِن أعلى الصَّحْفَةِ (٢) ويُرْوَى عنه (٣) وليس كثبوت ما قبله مما ذكرنا أنه نهى عن (٤) أن يَقْرُِن (٥) الرجل غذا أكل بين التمرتين وأن يكْشِف (٦) التمْرة عمَّا في جوفها وأن يعر (٧) على ظهر الطريق (٨)
(١) هنا في س وج زيادة «عن» وهي في نسخة ابن جماعة أيضا وعليها علامة الصحة، وهي مكتوبة في الأصل بين السطرين بخط مخالف، فلذلك لم نثبتها.
(٢) «الصحفة» قال في النهاية: «إناء كالقصعة المبسوطة ونحوها، وجمعها صحاف».
وانظر في هذا الباب حديثي ابن عباس وعمر بن أبي سلمة في المنتقى (رقم ٤٦٨١ و٤٦٨٢).
(٣) هنا في س وج زيادة «ﷺ».
(٤) في نسخة ابن جماعة بحذف «عن» وكتب على موضعها علامة الصحة، والصحيح اثباتها اتباعا للأصل.
(٥) «قرن» من بابي «نصر وضرب» ولذلك ضبط المضارع في نسخة ابن جماعة بضم الراء وكسرها، وكتب فوقها «معا».
(٦) في س وج ونسخة ابن جماعة «تكشف» بالتاء الفوقية، وبذلك يكون مبنيا لما لم يسم فاعله، و«التمرة» نائب الفاعل، والذي في الأصل ما أثبتناه هنا.
(٧) ضبط في نسخة ابن جماعة بفتح الراء المشددة، مبنيا لما لم يسم فاعله، لمجانسة ما قبله، وضبطنا بالبناء للفاعل أنسب لسياق الكلام. و«التعريس» قال في النهاية: «نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة».
(٨) أما حديث النهي عن القران بين التمرتين فإنه حديث صحيح ثابت، رواه أصحاب الكتب السنة، وانظر عون المعبود (ج ٣ ص ٤٢٦ - ٤٢٧) فلعله لم يصل إلى الشافعي باسناد صحيح، وقد ثبت عند غيره. وأما حديث النهي عن كشف التمرة فنقل في عون المعبود (٤٢٦: ٣) عن ملا علي القاري أنه رواه الطبراني من حديث ابن عمر باسناد حسن. ويعارضه ما رواه أبو داود وابن ماجة من حديث أنس ابن مالك قال: «أتي النبي ﷺ بتمر عتيق، فجعل يفتشه، يخرج السوس منه». وجمع بعضهم بينهما بأن النهي محمول على التمر الجديد دفعا للوسوسة، أو بأن النهي للتنزيه والفعل لبيان الجواز. واما النهي عن التعريس على الطريق فإنه ثابت صحيح أيضا، رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة، كما في عون المعبود (ج ٢ ص ٣٣٣).
 
٩٤٧ - (١) فَلما كان الثوب مباحًا لِلاَّبِسِ (٢) والطعامُ مباحًا لآكِلِه حتى يأتيَ عليه كلِّه إنْ شاء والأرض مباحة له إن كانت لله لا لآدمي وكان الناس فيها شرعا (٣) فهو نهي فيها (٤) عن شئ أن يفعله وأُمِر فيها بأن يفعل شيئًا غير الذي نُهِيَ عنه
٩٤٨ - والنهي يدل على أنه إنما نَهَى (٥) عن اشتمال الصماء والاحتباء مُفضيًا بفرجه غيرَ مُسْتَتِرٍ أنَّ في ذلك كشفَ عورته قيل له يسترها بثوبه فلم يكن نهيُهُ عن كشف عورته نهيَه عن لبس ثوبه فيحرم عليه لبه بل أمره أن يلبسه كما يستر عورته
(١) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٢) في النسخ المطبوعة وابن جماعة «للابسه»، والذي هنا هو ما في الأصل، ثم ضرب بعضهم على الباء والسين وكتب فوقهما بخط آخر «بسه».
(٣) «شرعا» بالشين المعجمة والراء المفتوحتين، يعني سواء.
(٤) النسخ هنا مضطربة جدا، والذي في الأصل كلمة «نهي» واضحة، وعلى النون ضمة، وقبلها كلمه كشطت بالسكين، ثم كتب في موضعها حرف «م» وأطيل حتى وصل بالنون، لتقرأ «منهي»، ولكن مزور ذلك نسي الضمة فوق النون، وقد غلب على ظني، بل أكاد أوقن أن المحذوف كلمه «فهو» فأثبتها، وذلك من سياق الكلام أولا، ومما في النسخ الأخرى ثانيا، وإن كانت مضطربة وليست بحجة. ففي نسخة ابن جماعة «وهو منهي عنه فيها» ووضع على كلمة «وهو» رأس خاء بالحمرة علامة انها نسخة، ثم فوقه رقم «٢» وفي مقابله في الحاشية بالحمرة كلمة «فهي» ثم وضع فوق كلمة «عنه» خط أفقي بالحمرة، أمارة إلغائها. وفي ب وج «فهو منهي فيها» وفي س «فهو منهي فنها فيها»، وكل هذا تخليط!!
(٥) «نهى» رسم في الأصل بالألف «نها» كعادته في مثله، فلذلك ضبطناه مبنيا للفاعل.
 
٩٤٩ - ولم يكن أمْرُه أن يأكل مِن بين يديه ولا يأكل من رأس الطعام (١) إذا كان مباحًا له أن يأكل ما بين يديه (٢) وجميعَ الطعام إلاَّ أدَبًا في الأكل من بين يديه لأنه أجملُ به عند مُوَاكِلِه وأبعَدُ له من قُبْح الطَّعْمَة (٣) والنَّهَم (٤) وأَمَره ألا يأكل من رأس الطعام لأن البركة تنزل منه (٥) له على النظر له في أن يُبارَك له بَرَكَةً دائِمة يدوم نزولها له (٦) وهو يبيحُ له إذا أكل ما حوْلَ رأس الطعام أن يأكل رأسه
٩٥٠ - وإذا أباح له المَمَرَّ على ظهر الطريق فالممر عليه غذا كان مباحا (٧)
(١) في ب «من رأس الثريد» وهو مخالف للأصل.
(٢) في النسخ المطبوعة «مما بين يديه» وكلمة «ما» واضحة في الأصل، ويظهر أنها كانت في نسخة ابن جماعة «مما» ثم أصلحت بالكشط وبنفس الخط «ما» وأثر الاصلاح فيها ظاهر. وصواب المعنى على ما في الأصل.
(٣) «الطبعة» ضبطت في الأصل بكسر الطاء، وهو الصواب، وضبطت في نسخة ابن جماعة بالضم، وهو خطأ، لأنها بالكسر حالة الأكل وهيئته، وهو المراد هنا، ولا يقال فيه إلا بالكسر، وأما الطعمة بالضم فإنها المأكلة أو الرزق أو وجه المكسب، وهذه المعاني غير مرادة هنا، ويجوز فيها كسر الطاء أيضا، وأما الحالة والهيئة فهي بالكسر لا غير.
(٤) «النهم» إفراط الشهوة في الطعام وأن لا تمتلئ عين الآكل ولا تشبع. وفي ج بعد قوله «والنهم» زيادة «والشره في الطعام» وليست في الأصل ولا في سائر النسخ.
(٥) كلمة «له» ضرب عليها بعض قارئي الأصل، ولم تذكر في سائر النسخ، وإثباتها الصواب.
(٦) في ب «بركة دائمة تدوم بدوام نزولها» وفي س «بركة دائمة يدوم بدوام نزولها به» وكلاهما مخالف للأصل، وقد كتب بعضهم بخط جديد بحاشيته كلمة «بدوام».
(٧) في س وج «على ظهر الطريق فالممر عليه إذا كان مباحا فله التعريس عليها» وهو مخالف للأصل في جعل «إذا» بدل «إذ» وفي زيادة «فله التعريس عليها».
وفي ب «على ظهر الطريق فله التعريس عليها إذ كان مباحا» وهو مخالف للأصل أيضا، ولكنه موافق لنسخة ابن جماعة، فان فيها كما في الأصل، ثم وضعت علامة «خ» بالحمرة فوق قوله «فالممر عليه» وكتب أمامه بالحاشية قوله «فله التعريس عليها» ووضع فوقه كلمة «أصل»! ولا أدري من أي أصل جاء هذا؟!.
 
لأنه لا مالِكَ له يمنع الممر عليه فيحرُم بمنعه فإنما نهاه لمعنى (١) يُثْبِت نظرًا له فإنه قال «فَإِنَّهَا مَأْوَى الهَوَامِّ وَطُرُقُ الحَيَّاتِ» على النظر له (٢) لا على أن التعريس محرَّم وقد ينهى (٣) عنه إذا كانت (٤) الطريق مُتَضايقًا مسْلوكًا لأنه إذا عرَّس عليه في ذلك الوقت منع (٥) غيره حقه في المعمر.
٩٥١ - (٦) فإن قال قائل فما الفرق بين هذا والأوَّل
٩٥٢ - قيل له مَن قامت عليه الحجة يَعْلَم أن النبي نهى عمَّا وصفْنا ومَنْ فَعَل ما نُهِيَ عنه وهو عالم بنهيه فهو عاصٍ بفعله ما نُهِيَ عنه وليَسْتَغْفِرِ (٧) الله ولا يَعودُْ (٨)
٩٥٣ - فإن قال (٩) فهذا عاص (١٠) والذي ذكرت في الكتاب
(١) في نسخة ابن جماعة وج «لمعني ما» وزيادة «ما» خلاف للأصل.
(٢) في النسخ المطبوعة «على وجه النظر له» وكلمة «وجه» ليست في الأصل، وهي مكتوبة في نسخة ابن جماعة «وجهه» وعليها خط بالحمرة أمارة إلغائها.
(٣) في ب «نهي» وهو خطأ ومخالف للأصل.
(٤) هكذا في الأصل «كانت» ويظهر أنها كانت كذلك في نسخة ابن جماعة ثم كشطت النون والتاء، وكتب بدلهما نون، وموضع الكشط والاصلاح ظاهر. و«الطريق» مما يذكر ويؤنث، وقد استعمل الشافعي كليهما هنا في جملة واحدة كما ترى، وهو شيء طريف!
(٥) في ب «يمنع» وهو مخالف للأصل.
(٦) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٧) في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة «فليستغفر» بالفاء، ولكنها في الأصل بالواو
(٨) هكذا في الأصل «يعود» باثبات الواو مع «لا» الناهية، ويجوز أن تكون نافية، على إرادة النهي أيضا، وهو كثير، وقد تكلمنا مرارا على إثبات المجزوم في صورة المرفوع في كلام الشافعي، وبينا وجه صحته.
(٩) في ب زيادة «قائل» وليست في الأصل ولا في سائر النسخ.
(١٠) في س بدل «عاص» «عام» وهو مخالف للأصل، وهو خطأ أيضا.
 
قبْله في النكاح والبيوع عاص (١) فكيْف فرَّقْتَ بين حالهما (٢)
٩٥٤ - فقلتُ (٣) أمَّا في المعْصِية فلم أفرِّقْ بينهما لأنِّي قد جعلتهما عاصيين وبعضُ المعاصِي أعظمُ مِنْ بعض
٩٥٥ - فإن قال فكيف لم تُحَرِّمْ على هذا لُبْسَهُ وأكلَه ومَمَرَّه على الأرض بمعصيته وحرَّمْتَ على الآخر نِكاحَه وبيعه بمعصيته
٩٥٦ - قيل هذا أُمِرَ بِأمْرٍ في مباحٍ حلال له فأحللْتُ له ما حلَّ له وحرَّمتُ عليه ما حُرِّم عليه وما حرِّم عليه غيرُ ما أُحل له ومعصيته في الشئ المباح له لا تحرمه عليه بكل حال ولكن تُحَرِّم (٤) عليه أن يفعل فيه المعصيةَ
٩٥٧ - (٥) فإن قيل فما مثل هذا
٩٥٨ - قيل له (٦) الرجل له الزوجة والجارية وقد نُهِيَ أنْ يَطَأهما حائضتين (٧) وصائمتين ولوْ فَعَلَ (٨) لم يحلَّ ذلك الوطئ (٩) له
(١) في س بدل «عاص» «عام» وهو مخالف للأصل، وهو خطأ أيضا.
(٢) في ب «حاليهما» وهو مخالف للأصل.
(٣) في س وج «قلت» وهو مخالف للأصل.
(٤) في س وج «يحرم» والتاء في الأصل منقوطة من فوق.
(٥) هنا في ب زيادة «قال الشافعي ﵁».
(٦) «له» لم تذكر في س وج وهي ثابتة في الأصل.
(٧) في ب «حائضين» وما هنا هو الذي في الأصل ونسخة ابن جماعة، وهو صحيح فصيح. يقال للمرأة «حائضة» كما يقال «حائض».
(٨) في س وج ونسخة ابن جماعة «ولو فعل ذلك» وكلمة «ذلك» مزادة بحاشية الأصل بخط جديد.
(٩) رسمت في الأصل «الوطئ».
 
في حاله تلك ولم تُحَرَّمْ واحدة منهما عليه في حالٍ غير تلك الحال إذا كان أصلُهُما مباحًا وحلالًا
٩٥٩ - (١) وأصلُ مال الرجل محرَّم على غيره إلا بما أبيح به (٢) مما يَحِلُّ وفروجُ النساء محرمات إلا بما أُبيحتْ به مِن النكاح والمِلْك فإذا عقد عُقْدة النكاح أو البيع (٣) مَنْهِيًّا عنها (٤) على محرَّم لا يَحِلُّ إلا بما أُحلَّ به لم يَحِلَّ المحرَّمُ بِمُحَرَّمٍ وكان على أصل تحريمه حتى يؤتى بالوجه الذي أحلَّه الله به (٥) في كتابه أو على لسان رسوله (٦) أو إجماع المسلمين (٧) أو ما هو في مثل معناه
٩٦٠ - قال (٨) وقد مَثَّلْتُ قبْل هذا النهيَ الذي أُريد به غيرُ التحريم بالدلائل فاكْتَفَيْتُ مِن ترْدِيدِه وأسأل الله العِصْمة والتَّوْفيق
(١) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٢) اختلفت النسخ هنا، ففي ب وس «بما أبيح له به» وفي ج «بما أبيح به» وفي نسخة ابن جماعة كما في ب وس وكتب بحاشيتها بجوار كلمة «له» كلمة «به» وعليها علامة نسخة. وهو غلط، لأنه بذلك تتكرر كلمة «به» مرتين. والذي في الأصل ما أثبتنا هنا، ثم عبث به بعض العابثين فغير كلمة «به» تغييرا متكلفا ليجعلها «له» ثم أعاد كتابتها فوقها، ثم كتب هو أو غيره بحاشيته كلمتي «له به» وعن هذا العبث اضطربت النسخ فيما أرى.
(٣) في سائر النسخ «البيع أو النكاح» وما هنا هو الأصل، ثم ضرب بعض قارئيه على قوله «النكاح أو» ثم أعاد كتابتهما بين السطور بخط آخر بعد كلمة «البيع».
(٤) في سائر النسخ «عنهما» وما هنا هو الذي في الأصل، والضمير عائد على العقدة، ولكن بعض القارئين ألصق في أسفل الألف نقطة حبر، فأشبهت الكلمة أن تقرأ «عنهما»، والتصنع في هذا العمل ظاهر جدا.
(٥) كلمة «به» لم تذكر في ب وهي ثابتة في الأصل.
(٦) في ب «نبيه» وهو مخالف للأصل.
(٧) ب «أو إجماع الناس» وهو مخالف للأصل.
(٨) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي» والزيادة ليست في الأصل.
 
باب العلم (١)
٩٦١ - قال الشافعي فقال (٢) لي قائل ما العِلْمُ وما يَجِبُ على الناس في العلم فقلت له العلم عِلْمان علمُ عامَّةٍ لا يَسَعُ بالِغًا غيرَ مغلوب على عقْلِه جَهْلُهُ
٩٦٢ - قال ومِثْل ماذا
٩٦٣ - قلت مثلُ الصَّلَوَاتِ الخمس (٣) وأن لله على الناس (٤) صومَ شهْر رمضان وحج البيت غذا استطاعوه (٥) وزكاةً في أموالهم وأنه حرَّمَ عليهم الزِّنا (٦) والقتْل والسَّرِقة والخمْر وما كان في معنى
(١) العنوان لم يذكر في الأصل، بل لم يزده أحد من قارئيه بحاشيته، ولكنه ثابت في نسخة ابن جماعة، وقد رأيت إثباته مع الإشارة إلى زيادته.
وهذا الباب بدء أبحاث جديدة في الكتاب، هي في الحقيقة أصول العلم، وأصول الحديث، وأصول الفقه في الدين، وهي التي لا يكتبها بمثل هذه القوة إلا الشافعي.
(٢) في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة «قال» بدون الفاء، وهي ثابتة في الأصل.
(٣) هذا ما في الأصل، وفي باقي النسخ «مثل أن الصلوات خمس». وقد عبث في الأصل بعض الكاتبين، فكتب «أن» بين السطور، وكشط الألف واللام من «الخمس».
(٤) في ج «وأن على الناس» وفي س «وأن الله فرض على الناس»، وكله خلاف الأصل، وقد زاد بعضهم بخط آخر ألفا بجوار كلمة «لله» وكتب «فرض» بين السطرين، حتى تقرأ الجملة على ما كتب في س.
(٥) في ابن جماعة والنسخ المطبوعة «إن استطاعوا إليه سبيلا» وقد غير بعضهم في الأصل كلمة «إذا» فجعلها «إن» والهاء في «استطاعوه» فجعلها آلفا، وأما الزيادة فليست في الأصل.
(٦) في سائر النسخ «الربا والزنا» وما هنا هو الثابت في الأصل، ولكن فيه تحت النون نقطة، فلا أدري هل هي ثابتة صحيحة، لتشير إلى قراءة الكلمة بالوجهين «الزنا» «الربا»؟ وكلمة «القتل» مقدمة في ب.
 
هذا مِمَّا كُلِّفَ العِبادُ أنْ يَعْقِلوه ويعْملوه ويُعْطُوه مِن أنفسهم وأموالهم وأن يَكُفُّوا عنه ما حرم عليه منه (١)
٩٦٤ - (٢) وهذا الصنف كله من العلم (٣) موجودا نَصًّا (٤) في كتاب الله وموْجودًا (٥) عامًّا عنْد أهلِ الإسلام ينقله (٦) عَوَامُّهم عن مَن مضى من عوامِّهم يَحْكونه عن رسول الله ولا يتنازعون (٧) في حكايته ولا وجود به عليهم
(١) في ابن جماعة وج «بما حرم الله عليهم منه» وفي س وب كما هنا ولكن في س بدل «ما» «بما» وفي ب «مما» وكل ذلك مخالف للأصل، والذي فيه «ما» ثم لم يفهم بعض قارئيه، فألصق باء في الميم واضحة التصنع.
والذي في الأصل واضح، «ما» موصولة بدل من الضمير في «عنه» يعني:
وأن يكفوا عن الذي حرم عليهم منه، وكلمة «حرم» ضبطت في الأصل بفتح الحاء بالبناء للفاعل.
(٢) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٣) في س وج وابن جماعة تأخير كلمة «كله» بعد قوله «من العلم» والذي كان في الأصل ما أثبتنا، ثم ضرب بعض قارئيه على كلمة «كله» وأعاد كتابتها مؤخرة فوق السطر.
(٤) قوله «نصا» ضبط في الأصل بفتح النون وتشديد الصاد، حتى لا يكون موضع شبهة وكذلك في ابن جماعة، ولكن بعض القارئين كتب في الأصل ألفا بعد الدال ونقطتين تحت النون، لتقرأ «أيضا» وهو عبث وسخف.
(٥) هكذا هو في الأصل بألف بعد الدال وعليها فتحتان، والوجه الرفع. ولكن لما هنا وجها أيضا، أن يكون مفعولا لفعل محذوف، كأنه قال: وتجده موجودا، أو:
ونراه موجودا، أو نحو ذلك. وقد كانت بالنصب أيضا في نسخة ابن جماعة، ثم كشطت الألف، وموضعها بين.
(٦) هنا في ب زيادة «كله»، وليست في الأصل.
(٧) في ب «لا يتنازعون» وفي ج «فلا يتنازعون»، وكلاهما مخالف للأصل.
 
٩٦٥ - وهذا العلم العام الذي لا يمكن فيه الغلط مِن الخبر ولا التأويلُ ولا يجوز فيه التنازعُ
٩٦٦ - قال فما الوجه الثاني
٩٦٧ - قلت له (١) ما يَنُوبُ العِباد مِن فُروع الفرائض وما يُخَصُّ به مِن الأحكام وغيرها مما ليس فيه نص كتاب ولا في أكثر نص سنة وإن كانت في شئ سنة فإنما هي من أخبار الخاصة ولا (٢) أخبارِ العامَّة وما كان منه يحتمل التأويل ويُسْتَدْرَكُ قِياسًا
٩٦٨ - قال فيَعْدُو (٣) هذا أن يكون واجِبًا وجوبَ العلم قبله (٤) أوْ مَوْضوعًا عن الناس علمه حتى يكون علمه منتفلا (٥)
(١) في ب «فقلت له» وفي س وج «قال: فقلت له» وكل مخالف للأصل.
(٢) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «من» وليست في الأصل، وهي مكتوبة في نسخة ابن جماعة وعليها خط أحمر، للدلالة على إلغائها.
(٣) كتبت في الأصل «فيعدوا» على الكتبة القديمة، ثم ألصق بعضهم ألفا أخرى قبل الفاء، وبذلك كتبت في نسخة ابن جماعة «أ فيعدوا». وهذه همزة الاستفهام جائز حذفها. وفي س وج «أ فتعدون» وهو خطأ لا معنى له.
(٤) في النسخ المطبوعة «العلم الذي قبله» وهو مخالف للأصل ولنسخة ابن جماعة. وحذف الموصول وإبقاء صلته لدلالتها عليه جائز عند الكوفيين والأخفش، وكلام الشافعي به حجة وشاهد لهم. وقد مضى أيضا في الفقرة (٢٩١) قوله «في الآي ذكرت»، وتأولناه هناك بأن الجملة حال، وهو مما يدخل في هذا الباب أيضا من حذف الموصول لدلالة الصلة. وانظر شواهد التوضيح لابن مالك (ص ٥١).
(٥) هكذا نقطت في الأصل واضحة، النون قبل التاء، وهو صحيح جائز، يقال: «انتفل» و«تنفل» بمعنى. وفي س وب «متنفلا» بتقديم التاء على الجادة.
 
ومَنْ تَرَكَ علْمَه غيرَ آثِمٍ بِتركه أو مِنْ وَجْهٍ ثالثٍ فتُوجِدُنَاهُ (١) خَبَرًا أو قياسا
٩٦٩ - (٢) فقلت له بلْ هو مِن وجه ثالثٍ
٩٧٠ - قال فصِفْهُ (٣) واذْكر الحجَّةَ فيه ما (٤) يَلْزَمُ منه ومَنْ يَلْزَمُ وعنْ مَنْ يَسْقُطُ
٩٧١ - فقلت له هذه درجةٌ مِن العلم ليس تَبْلُغُها (٥) العامَّةُ ولم يُكَلَّفْهَا كلُّ الخاصَّة ومَن احتمل بلوغَها مِن الخاصة فلا يَسَعُهُمْ كلَّهم كافةً ان يعطلوها وغذا قام بها مِن خاصَّتِهم مَنْ فيه الكفايةُ لم يَحْرَجْ غيرُه ممن تَرَكَها إن شاء الله والفضْل فيها لمن قام بها على مَنْ عَطَّلَهَا (٦)
٩٧٢ - فقال فأوْجِدْنِي هذا (٧) خبرًا أو شيئًا (٨) في معناه ليكون هذا قياسًا عليه
(١) في س وج «فوجدناه» وهو خطأ ومخالف للأصل.
(٢) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٣) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «لي» وهي مكتوبة في نسخة ابن جماعة وملغاة بالحمرة.
(٤) في النسخ المطبوعة «وما» والواو ليست في الأصل ولا في نسخة ابن جماعة.
(٥) في النسخ المطبوعة «يبلغها» بالياء التحتية، وهي في الأصل منقوطة التاء من فوق.
(٦) هذه الفقرة في ج فيها بضع أغلاط، لم نر داعيا إلى الإطالة بذكرها.
(٧) في س «قال الشافعي قال فأوجد لي» وكذلك في ج بحذف «قال»، وفي ب «قال فأوجدني» بحذف الفاء، وفيها كلها «في هذا» بزيادة «في» وكل ذلك مخالف للأصل.
(٨) في س «وسببا» وفي ج «وشيئا» وكلاهما خطأ ومخالف للأصل.
 
٩٧٣ - فقلت يه فَرَضَ اللهُ الجِهادَ في كتابه وعلى لسانِ نبِّيه ثم أكَّدَ النَّفِير مِن الجهاد فقال (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ (١) بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالقُرَآن وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فاستبشروا بيعكم الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٢)
٩٧٤ - الله تعالى وقال (قاتلوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً (٣) كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ الله مع المتقين) (٤)
٩٧٥ - وقال (اقتلوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (٥) وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٦)
٩٧٦ - وقال (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ (٧) وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ورسوله ولا يدينون دين الحق
(١) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٢) سورة التوبة (١١١).
(٣) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية». والتلاوة «وقاتلوا» ولكن الشافعي كثيرا ما يحذف حرف العطف عند ذكر الآيات للاستدلال.
(٤) سورة التوبة (٣٦).
(٥) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية». والتلاوة «فاقتلوا».
(٦) سورة التوبة (٥).
(٧) في الأصل إلى هنا، ثم قال «إلى: صاغرون».
 
من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) (١)
٩٧٧ - (٢) أخبرنا عبد العزيز (٣) عن محمد بن عمرو (٤) عن أبي سَلَمَةَ (٥) عن أبي هريرة قال قال رسولُ الله لَا أزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلاَّ اللهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا (٦) مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلاَّ بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ (٧)
٩٧٨ - وقال الله جَلَّ ثناؤه (مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ (٨) اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شيئا والله على كل شئ قدير) (٩)
٩٧٩ - (انفروا خفافا وثقالا (١٠) وجاهدوا بأموالكم
(١) سورة التوبة (٢٩).
(٢) هنا في س وج زيادة «قال الشافعي».
(٣) في النسخ المطبوعة ونسخة ابن جماعة زيادة «بن محمد الدراوردي» وقد كتب بعضهم في الأصل بين السطور «بن محمد» بخط آخر.
(٤) في النسخ المطبوعة زيادة «بن علقمة» وليست في الأصل ولا في نسخة ابن جماعة، بل كتب فيها فوق موضع الزيادة «صح» دلالة على عدم اثباتها هنا.
(٥) في س وج زيادة «بن عبد الرحمن».
(٦) في ب «فإذا قالوها فقد عصموا» وفي س وج ونسخة ابن جماعة «فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا» والكل مخالف للأصل.
(٧) الحديث رواه أصحاب الكتب الستة بألفاظ متقاربة وبأسانيد كثيرة. انظر عون المعبود (ج ٢ ص ١ - ٣. ص ٣٤٧ - ٣٤٨).
(٨) في الأصل إلى هنا، ثم قال «إلى: على كل شيء قدير».
(٩) سورة التوبة (٣٨ و٣٩).
(١٠) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
 
وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إن كنتم تعلمون) (١)
٩٨٠ - قال (٢) فاحتملت الآيات أن يكون الجهاد كلُّه والنفيرُ خاصة منه على كل مُطِيقٍ له لا يَسَعُ أحَدًا منهم التخَلُّف عنه كما كانت الصلوات والحجُّ والزَّكاة فلم يخرج أحَدٌ (٣) وجب عليه فرض منها (٤) أنْ يؤدِّيَ غيرُهُ الفرْضَ عن نفسه لأنَّ عَمَلَ أحَدٍ (٥) في هذا لا يُكْتب لغيره
٩٨١ - واحتملت أن يكون معنى فرْضِها غيرَ معنى فرْضِ الصلوات وذلك أن يكون قُصِدَ بالفرض فيها (٦) قصْدَ الكِفاية فيكونَُ مَن قام بالكفاية في جهاد مَنْ جُوهِدَ مِن المشركين مُدْرِكًا تأديةَ الفرض ونافِلَةَ الفضْل ومُخْرِجًا مَن تَخَلَّفَ مِن المَأْثَمِ
٩٨٢ - ولمْ يُسَوِّي (٧) اللهُ بينهما فقال الله (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أول الضرر (٨) والمجاهدون في سبيل الله
(١) سورة التوبة (٤١).
(٢) في النسخ المطبوعة «قال الشافعي».
(٣) في النسخ المطبوعة زيادة «منهم» وليست في الأصل، وكتبت في نسخة ابن جماعة، ثم ألغيت بالحمرة.
(٤) كلمه «من» لم تذكر في نسخة ابن جماعة ولا النسخ المطبوعة، وهي ثابته في الأصل ثم ضرب عليها بعض قارئيه، واثباتها هو الصواب، وهي هنا للسببية.
(٥) في ب «عمل كل أحد» وكلمة «كل» هنا لا معنى لها، وليست في الأصل.
(٦) في س «منها» وهو مخالف للأصل.
(٧) هكذا بالأصل باثبات حرف العلة مع «لم» وقد أبنا وجهه مرارا. وفي سائر النسخ «لم يسو» على الجادة.
(٨) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
 
بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى القاعدين أجرا عظيما) (١) فأما الظاهر في الآيات فالفَرْضُ على العامَّة (٢)
٩٨٣ - قال فأين (٣) الدِّلالة في أنه (٤) إذا قام بعضُ العامَّةِ بالكفاية أخرج المتخلفين ن المَأْثَمِ
٩٨٤ - (٥) فقلت له في هذه الآية
٩٨٥ - قال وأين هو منها
(١) سورة النساء (٩٥). ثم هنا بحاشية الأصل ما نصه: «بلغ السماع في المجلس الحادي عشر، وسمع ابني محمد».
(٢) هذه الجملة من كلام الشافعي، يريد أن ظاهر الآيات في الامر بالقتال أنه فرض عين وثم هو يريد أن يشرح ما دعاه إلى القول بغير ظاهرها، في صورة السؤال والجواب، كما سيأتي، ولكن قارئوا الكتاب لم يفهموا مراده، وظنوا أن هذا من سؤال مناظره، فزاد بعضهم بين السطور «قال فقال» ليجعل هذا الكلام من اعتراض المعترض، ثم جاءت نسخة ابن جماعة وبعدها النسخ المطبوعة فزادوا ونقصوا، فقالوا «قال الشافعي فقال أما الظاهر» الخ، وكل هذا خطأ.
(٣) هذا اعتراض المناظر، ولذلك ثبت في الأصل قوله «قال». وأما النسخ الأخرى فأتموا الكلام على فهمهم فحذفوا كلمة «قال». وقوله «فأبن» بالباء الموحدة، من الإبانة، وضبطت في الأصل بكسر الباء، ولكن تصرف فيها بعضهم فوضع نقطه أخرى لتكون «فأين» ونسي الكسرة تحت الباء! وبذلك كتبت في سائر النسخ.
(٤) الشافعي يكثر التنويع في استعمال حروف الجر، ويعلو في عبارته عن مستوى العلماء، ولذلك لم يرض بعض قارئي الأصل عن كلمة «في» هنا، فضرب عليها والصق باء بالألف، فصارت «بأنه» وبذلك ثبتت في النسخ المطبوعة، وأما نسخة ابن جماعة ففيها «على أنه» ثم كتب بالحمرة فوق حرف «على» علامة أنها نسخة.
(٥) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
 
٩٨٦ - قلتُ قال اللهُ (وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) فوَعَدَ (١) المتخلفين عن الجِهاد الحُسْنَى على (٢) الإيمان وبأن فضيلةَ المجاهدين على القاعِدين ولو كانوا آثمين بالتخلف إذا غَزَا غيرُهم كانت العقوبة بالإثم إن لم يعفو اللهُ (٣) أوْلَى بهم مِنَ الحُسنى
٩٨٧ - قال فهل تجد في هذا غيرَ هذا
٩٨٨ - قلت: نعم قال الله (وَمَا كَانَ المؤمنين لينفروا كافة (٤) فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) (٥) وغَزَا رسولُ الله وَغَزَّى معه مِن أصْحابه جماعة (٦) وخلف أخرى (٧) حتى تخلف
(١) في ب «فوعد الله» ولفظ الجلالة لم يذكر في الأصل.
(٢) في ب «بالحسنى» وفي س وج «الحسنى عن الجهاد» بالتقديم والتأخير، وكل ذلك مخالف للأصل.
(٣) «يعفو» كتبت في الأصل على صورة المرفوع بعد الجازم، بل كتبت هكذا «يعفوا». وكتبت في سائر النسخ «يعف». وفي س وب «ان لم يعف الله عنهم» والزيادة ليست في الأصل ولا في نسخة ابن جماعة.
(٤) في الأصل إلى هنا، ثم قال «إلى: يحذرون».
(٥) سورة التوبة (١٢٢).
(٦) «غزى» كتبت في الأصل «غزا» على قاعدته في كتابة أمثالها بالألف، فاشتبهت على القارئين والناسخين، فظنوها «غزا» ثلاثيا، والصواب أنها من الرباعي المضاعف، يقال: «أغزى الرجل وغزاه: حمله أن يغزو» هكذا نص اللسان، وهو الذي يناسب سياق الكلام في قوله «وخلف أخرى». ويؤيده أن كلمة «جماعة» ضبطت في الأصل بالنصب بفتحتين، ثم حاول بعض القارئين تغييرها، فألصق باء برأس الجيم، لتقرأ «بجماعة» ولم يمنعه من ذلك ضبطها بالفتح، ويظهر انها كانت كذلك في نسخة ابن جماعة، ثم كشطت الفتحتان من فوق الكلمة، وموضع الكشط ظاهر، ووضعت كسرتان تحتها، ثم ألصقت الباء بالجيم إلصاقا مستحدثا واضح الجدة، وبذلك طبعت في ج.
(٧) في ب «آخرين» وهو مخالف للأصل ونسخة ابن جماعة.
 
علي بن أبي طالب في غزوة تبوك وأخْبَرَنا اللهُ (١) أنَّ المسلمين لم يكونوا لِيَنْفِرُوا كافة (٢): (فلولا نفر من كل فرقة منهم طَائِفَةٌ) فأخْبَرَ أنَّ النَّفِيرَ على بعضهم دون بعضٍ وأنَّ التَّفَقُّهَ إنما هو على بعضهم دون بعض
٩٨٩ - رضي الله تعالى عنه وكذلك ما عَدَا الفرْضَ في عُظْمِ الفرائض (٣) التي لا يَسَعُ جَهْلُها والله أعْلَمُ
٩٩٠ - (٤) وهكذا كلُّ ما كان الفرْضُ فيه مَقْصودًا به قصْدَ الكِفاية فيما يَنوبُ فإذا قام به المسلمين مَنْ فيه الكفاية خَرَجَ مَنْ تَخَلَّفَ عنه مِنَ المَأْثَمِ
٩٩١ - ولو ضَيَّعُوهُ مَعًا خِفْتُ أنْ لا يَخرج واحِدٌ منهم مُطِيقٌ فيه مِن المأثم بَلْ لا أشُكُّ إن شاء الله لِقوْله (إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) (٥).
(١) هذا في الأصل، وهو صحيح واضح، ولكن بعض القارئين ضرب على كلمة «وأخبرنا» وهي في آخر السطر، وكتب فوقها بخط آخر «قال وأخبرنا» ثم ضرب على ذلك شخص آخر، وكتب بخط ثالث بجوار لفظ الجلالة في أول السطر بعده كلمة «وأخبر». وعن ذلك اضطربت النسخ، ففي نسخة ابن جماعة «وأخبر الله» وفي ج «وأخبره الله» وفي س «فأخبره الله» وفي ب «قال الشافعي رحمه الله تعالى:
فأخبر الله»، والصواب ما أثبتنا.
(٢) زاد بعضهم هنا في الأصل بين السطرين بخط آخر، كلمة «قال» وبذلك ثبتت في سائر النسخ، وما في الأصل صحيح، على إرادة القول محذوفا، كصنيع البلغاء.
(٣) «عظم» ضبطت في الأصل بضم العين. وفي اللسان: «قال اللحياني: عظم الامر وعظمه: معظمه. وجاء في عظم الناس وعظمهم، أي في معظمهم».
(٤) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(٥) سورة التوبة (٣٩).
 
٩٩٢ - قال فَمَا معناها
٩٩٣ - قلت الدِّلالة عليها أنَّ تخلُّفَهمْ عَن النَّفير كافَّةً لا يَسَعُهم ونَفِيرَ بعضهم إذا كانت (١) في نفير كفايةٌ يُخْرِجُ (٢) مَنْ تَخَلَّفَ (٣) مِن المأثم إن شاء الله لأنه إذا نَفَرَ بعضُهم وقع عليهم اسم النفير
٩٩٤ - قلت ومثلُ ماذا (٤) سِوى الجِهادِ
٩٩٥ - قلت الصلاة على الجنازة (٥) ودفْنُها لا يحل تركها ولا يجب على كُلِّ مَنْ بِحَضْرَتِهَا (٦) كلِّهم حُضورُها (٧) ويُخْرِجُ مَن تَخَلَّفَ (٨) مِن المأثم مَن قام بكِفايتها
(١) في ب «إذا كان» وهو مخالف للأصل.
(٢) في ج ونسخة ابن جماعة «تخرج» وهو مخالف للأصل، وخطة، لأن الضمير راجع إلى النفير.
(٣) في ب زيادة «عنها» وهي زيادة خطأ، وليست في الأصل.
(٤) في ج «ومثل هذا» وهو خطأ صرف. وفي نسخة ابن جماعة «وما مثل ما سوى الجهاد» ثم ضرب على «ما» الأولى بالحمرة، وهو مخالف للأصل.
(٥) في نسخة ابن جماعة وس وج «الجنائز» بالجمع، وفي الأصل كما هنا بالإفراد، ثم لعب فيه بعضهم، فضرب على حرفي «زة» وكتب فوقهما «يز».
(٦) في س «يحضرها» والذي في الأصل وسائر النسخ «بحضرتها» ثم كشط بعضهم التاء، وأبقى موضعها وإحدى نقطتيها ظاهرين.
(٧) بحاشية ب ما نصه: «ولا يجب الخ»، هكذا في جميع النسخ بتكرار لفظ كل، والظاهر أنه من الناسخ، كتبه مصححه». وليس هذا من الناسخ، بل هو في أصل الربيع واضح، وهو تكرار لزيادة التوكيد، وليت الناسخين أبقوا لنا سائر الأصول كما أبقوا هذه!
(٨) في س وج زيادة «عنها» وليست في الأصل، بل كتبت فيه بين السطور بخط آخر، وكتبت كذلك بحاشية نسخة ابن جماعة وعليها علامة الصحة.
 
٩٩٦ - وهكذا رَدُّ السلام قال الله (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بتحية فحيوا بأحسن منها (١) أوردوها إن الله على كل شئ حسيبا) (٢) وقال رسولُ الله (يُسَلِّمُ القَائِمُ عَلَى القَاعِدِ) وإذا سلم من القوم واحدا أَجْزَأَ عَنْهُمْ (٣) وإنما أُريدَ بهذا الرَّدُّ فَرَدُّ قليل جامِعٌ لاسم الرَّدّ والكفاية فيه مانعٌ لِأنْ يكونَ (٤) الرَّدُّ مُعَطَّلًا
٩٩٧ - ولم يَزَلِ المسلمون على ما وصفْتُ مُنْذُ بعثَ اللهُ نَبِيَّهُ (٥) فيما بَلَغَنا إلى اليوم يَتَفَقَّهُ أقَلُّهُمْ ويَشْهَدُ الجنائِزَ بعضُهم ويجاهدُ (٦) ويرُدُّ السلامَ بعضُهم ويتخلف عَنْ ذلك غيرهم فيعرفون
(١) في الأصل إلى هنا، ثم قال «الآية».
(٢) سورة النساء (٨٦).
(٣) هذان حديثان. ولكن في الموطأ (ج ٣ ص ١٣٢): «مالك عن زيد بن أسلم أن رسول الله ﷺ قال: يسلم الراكب على الماشي، وإذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم». وأخرج الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة مرفوعا:
«يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير». وله ألفاظ أخرى، وانظر عون المعبود (ج ٤ ص ٥١٦ - ٣١٧) وفتح الباري (ج ١١ ص ١٣ - ١٤) وصحيح مسلم (ج ٢ ص ٩١٧٤. وروى أبو داود (ج ٤ ص ٥٢٠) من حديث علي بن أبي طالب مرفوعا «يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم». وفي إسناده سعيد بن خالد الخزاعي المدني، وفيه ضعف من قبل حفظه. وفي الباب حديث بمعناه من رواية الحسن بن علي، نسبه الهيثمي في مجمع الزوائد (ج ٨ ص ٣٥) إلى الطبراني، وقال: «وفي كثير بن يحيى، وهو ضعيف».
(٤) في نسخة ابن جماعة وس وج «لئلا يكون» وهو خطأ صرف، لأن المراد أن كون الأمر في هذا على الكفاية يمنع تعطيل الرد، وهو ظاهر، وبني الخطأ على تصرف بعض القارئين في الأصل، فزاد كلمة «لا» بين السطور بين كلمتي «لأن» و«يكون».
(٥) في ب «نبيهم» وهو مخالف للأصل.
(٦) في نسخة ابن جماعة بالحاشية زيادة كلمة «بعضهم» وعليها علامة الصحة، وليست في الأصل.
 
الفضْلَ لمن قام بالفقه (١) والجهاد وحضورِ الجنائز ورد السلام ولا يأثمون مَنْ قَصَّرَ عن ذلك إذا كان بهذا (٢) قائمون بكفايته

عن الكاتب

Ustadz Online

التعليقات