الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

حكم فوائد المصارف (البنوك) هل حلال أم حرام؟

 

حكم فوائد المصارف (البنوك)

اسم الكتاب الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ الشَّامل للأدلّة الشَّرعيَّة والآراء المذهبيَّة وأهمّ النَّظريَّات الفقهيَّة وتحقيق الأحاديث النَّبويَّة وتخريجها
اسم المؤلف: د. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ
المهنة:أستاذ ورئيس قسم الفقه الإسلاميّ وأصوله بجامعة دمشق - كلّيَّة الشَّريعة
الوفاة 8 أغسطس 2015 الموافق 23 شوال 1436 هـ
التصنيف: الفقه المقارن

المحتويات

  1. فوائد المصارف (البنوك)
  2. التدرج في التشريع
  3. تحريم الربا مر بمراحل أربع
  4. أولها ـ تقبيح فعل اليهود الذين يأكلون الربا والتشنيع
  5. ثانيها ـ التفرقة بين الربا والزكاة
  6. ثالثهما - التنديد بفعل العرب المشركين في الجاهلية ونهي المؤمنين عن محاكاة فعلهم
  7. رابعها ـ تحريم الربا تحريما قطعيا ووصف المرابين بالتعرض لحرب الله ورسوله،
  8. الربا الحرام
  9. أولهما ـ ربا النسيئة
  10. ثانيهما ـ ربا البيوع
  11. ربا المصارف أو فوائد البنوك
  12. الفوائد في قوانين الدول العربية
  13. شبهات القائلين بإباحة فوائد البنوك
  14. ١ - يزعم المبيحون للفوائد المصرفية (البنكية) أنها ليست أضعافا مضاعفة،
  15. ٢ - يزعم المبيحون أيضا بأن لفظ «الربا» في الشريعة مجمل،
  16. ٣ - يزعم بعض المعاصرين كالدكتور معروف الدواليبي أن الربا المحرم هو ربا القروض الاستهلاكية
  17. ٤ - يزعم هؤلاء المبيحون بأن الفائدة في القروض الإنتاجية تقتضيها مصلحة متحققة فتجوز ولو عارضتها مفسدة
  18. ٥ - يزعم المبيحون بأن المصارف (البنوك) في العصر الحديث ضرورة اقتصادية لا يستغنى عنها
  19. ٦ - إن تسويغ (تبرير) الربا بالتضخم النقدي أي بجعل الفائدة تعويضا عن القيمة المفقودة من النقد غير صحيح،
  20. ٧ - إن من مظاهر انحطاط الفكر ودواهي العلم أن يقال: (إن الأوراق النقدية لا توزن، فلا تعتبر من الربويات، بل تأخذ حكم العروض التجارية)
  21. ٨ - أن الفائدة البنكية المعطاة لصاحب المال، المحددة بمقدار معين حرام
  22. الخلاصة
  23. العودة الي الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي   

 

فوائد المصارف (البنوك)

تشهد الساحة الإعلامية المعاصرة هجمة جريئة في الصحف والمجلات وفتاوى شاذة مستعجلة بأقلام كتاب ينتمون للعمل الإسلامي، ويحاولون التجديد والاجتهاد في مجال الربا (أو الفائدة) ويقولون بإباحة فوائد المصارف؛ لأن المصارف (أو البنوك) أصبحت في وقتنا الحاضر ضرورة اقتصادية، وتقوم بتشغيل أموال المودعين في مشاريع متنوعة صناعية وزراعية وتجارية وغيرها بطريق غير مباشر عن طريق إقراضها لأصحاب هذه المشاريع، وأخذ فوائد منهم، وإعطاء بعضها للمودعين، فالبنوك بمثابة وسيط بين الطرفين.
ومن هذه الهجمة: ما كتبه السيد فهمي هويدي في مجلة العربي العدد ٣٤١ أبريل نيسان ١٩٨٧ م شعبان ١٤٠٧ هـ ناقلًا عن عالم محاولة بالقول في إباحة فوائد الإيداع في البنوك، وعدم الاعتماد على مبدأ «كل قرض جر نفعًا فهو ربا» لعدم ثبوت كونه حديثًا، وبالتالي عدم جواز الاستدلال به. ومنها فتوى هذا العالم وهو الدكتور عبد المنعم النمر بإباحة فوائد المصارف في جريدة الأهرام يوم الخميس ٢٧ من شوال ١٤٠٩ هـ الموافق ١٩٨٩/ ٦/‏١م، ومنها فتوى مفتي مصر الدكتور محمد سيد طنطاوي بإباحة شهادات الاستثمار بتاريخ ١٤١٠/ ٥/‏٧هـ = ١٩٨٩/ ١٢/‏٧م، والطامة الكبرى بيان مفتي مصر المذكور قبل ربيع سنة ١٤١٠هـ وقبل نوفمبر (تشرين الثاني) ١٩٨٩ الذي أحل فيه الفوائد الربوية لشهادات الاستثمار والبنوك المتخصصة، وأعقبه عام ١٩٩١ بأن فوائد المصارف حلال في جميع أنحاء الأرض.
 
وأبين هنا مراحل التدرج التشريعي في تحريم الربا في القرآن الكريم، وأذكر الأحاديث النبوية الثابتة ثبوتًا لا شك فيه والمبينة لمدلول الربا، كما أذكر ما عليه قوانين الدول العربية في قضية الربا، ثم أناقش الشبهات التي يثيرها القائلون بإباحة فوائد المصارف الحديثة (١).

التدرج في التشريع: 

هذا من خصائص وأسس بيان الأحكام الشرعية، فلم تحرم الخمر مثلًا دفعة واحدة كما هو معروف، وإنما مر التحريم بمراحل أربع آخرها آيتا المائدة (٩٠ - ٩١): ﴿إنما الخمر والميسر ...﴾ [المائدة:٩٠/ ٥] وعقوبة الزنا مرت بمرحلتين: الأولى - الحبس للنساء والإيذاء للرجال في آيتي النساء (١٥، ١٦) والثانية - حد الجلد في سورة النور (٢) ﴿الزانية والزاني ...﴾ [النور:٢/ ٢٤]  

 

وكذلك تحريم الربا مر بمراحل أربع:


أولها - تقبيح فعل اليهود الذين يأكلون الربا والتشنيع عليهم 

 في قوله تعالى: ﴿سَّماعون للكذب، أكَّالون للسُّحت ...﴾ [المائدة:٤٢/ ٥] وقوله سبحانه: ﴿فبظلمٍ من الذين هادُوا حرمنا عليهم طيبات أحلَّت لهم، وبصدِّهم عن سبيل الله كثيرًا. وأخذهم الربا وقد نهوا عنه، وأكلهم أموال الناس بالباطل، وأعتدنا للكافرين منهم عذابًا أليمًا﴾ [النساء:١٥٩/ ٤ - ١٦٠].


ثانيها - التفرقة بين الربا والزكاة 

 في قوله تعالى: ﴿وما آتيتم من ربًا ليربو في أموال الناس، فلا يربو عند الله، وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله، فأولئك هم المضعفون﴾ [الروم:٣٩/ ٣٠].


(١) علمًا بأن مجمع الفقه الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي ومجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي سنة ١٤٠٦ هـ ومجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة سنة ١٣٨٥ هـ الموافق ١٩٦٥ م انتهت إلى أن فوائد المصارف من الربا الحرام (انظر كتابي الدكتور محمد علي السالوس في الرد على إباحة فتاوى المبيحين).
 
ثالثهما - التنديد بفعل العرب المشركين في الجاهلية ونهي المؤمنين عن محاكاة فعلهم

  بقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافًا مضاعفة﴾ [آل عمران:١٣٠/ ٣] والنهي ليس مقصورًا على حالة المضاعفة، وإنما هذا قيد لبيان الواقع، وتقبيح الوضع القائم الشائع بين العرب حينما يقرض أحدهم لآخر قرضًا لمدة، ثم يحل أجل القرض ويعجز المدين المقترض عن وفاء دينه، فيقول له المقرض الدائن: (إما أن تقضي أو تربي) فيزيد له في الأجل مقابل الزيادة في الربا، وهذا عين عمل المصارف الحالية تكون الفائدة ٧% أو ٩% مثلًا، فيعجز المدين عن سداد الدين، فتضاعف عليه الفائدة في العام الثاني والثالث وهكذا حتى تكاد الفائدة في النهاية تعادل أصل رأس المال وهذه هي الفائدة المركبة، والتي لا يتنبه لها القائلون بفوائد البنوك المقللون لمقدارها والمبيحون لها، بل إن هذه الفوائد أسوأ من ربا الجاهلية.


رابعها - تحريم الربا تحريمًا قطعيًا ووصف المرابين بالتعرض لحرب الله ورسوله، 

في قوله تعالى: ﴿الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبّطه الشيطانُ من المسّ، ذلك بأنهم قالوا: إنما البيع مثل الربا، وأحلَّ الله ُ البيعَ، وحرَّم الرِّبا، فمن جاءه موعظة من ربه، فانتهى فله ما سلف، وأمرُه إلى الله، ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. يمحق الله ُ الربا ويُرْبي الصدقات، والله ُ لا يحبُّ كلَّ كفَّارٍ أثيم﴾ [البقرة:٢٧٥/ ٢ - ٢٧٦] ثم قال الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله، وذرُوا ما بقي من الربا، إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من الله ورسوله، وإن تبتم، فلكم رؤوس أموالكم، لا تَظْلِمون ولا تُظْلَمُون﴾ [البقرة:٢٧٨/ ٢ - ٢٧٩].


ثم جاءت الأحاديث الكثيرة، كالحديث المتفق عليه عن أبي هريرة الذي جاء فيه أن أكل الربا من السبع الموبقات الكبائر، وحديث أسامة بن زيد عند مسلم
 
وغيره «إنما الربا في النسيئة» أو «لا ربا إلا في النسيئة» وحديث ابن مسعود وجابر عند أبي داود وغيره: «لعن رسول الله ﷺ آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه» وحديث ربا البيوع بتحريم الربا في الأصناف الستة - أي وأمثالها - عند مسلم وغيره عن عبادة بن الصامت: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثْلًا بمِثْل، سواء بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد» قال الجصاص في كتابه (أحكام القرآن: ٤٦٧/ ١): «هو عندنا في حيز التواتر، لكثرة رواته، واتفاق الفقهاء على استعماله» وحديث ابن مسعود عند الحاكم أن النبي ﷺ قال: «الربا ثلاثة وسبعون بابًا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه ...».


وأجمعت الأمة على أن الربا محرم، قال الماوردي: «حتى قيل: إنه لم يحل في شريعة قط» لقوله تعالى: ﴿وأخذهم الربا وقد نهوا عنه﴾ [النساء:١٦١/ ٤] يعني في الكتب السابقة.

الربا الحرام: والربا المحرم في الإسلام نوعان:

 
أولهما - ربا النسيئة

الذي لم تكن العرب في الجاهلية تعرف سواه،

  وهو المأخوذ لأجل تأخير قضاء دين مستحق إلى أجل جديد، سواء أكان الدين ثمن مبيع أم قرضًا.


وثانيهما - ربا البيوع

في أصناف ستة، ذكرها حديث عبادة المتقدم، وهو المعروف بربا الفضل، وقد حرم سدًا للذرائع، أي منعًا من التوصل به إلى ربا النسيئة أو ربا القرض، بأن يبيع شخص ذهبًا مثلًا إلى أجل، ثم يؤدي فضة بقدر زائد، مشتمل على الربا. وهذا هو ربا النَّساء في البيوع، فهو كل تأخير أو تأجيل في أحد البدلين في أصناف معينة يحصرها الطُّعم لدى الشافعية أو القوت والادخار في المطعومات لدى المالكية، أو الثمنية في النقدين في مذهبي المالكية والشافعية، أو الكيل والوزن في مذهبي الحنفية والحنابلة. فربا النسيئة زيادة مع زمن، وربا النَّساء زمن بلا زيادة، وربا

 
الفضل زيادة بلا زمن. ولا ربا ببيع كمية حنطة بكمية شعير مثلًا مع التفاوت في المقدار كيلًا أو وزنًا، بشرط التقابض في مجلس العقد، كما لا ربا ببيع مطعومات أو مواد استهلاكية يتأجل دفع ثمنها إلى شهر مثلًا بالنقود الورقية الحالية لاختلاف الفئة بين مطعوم ونقد. ولكن يوجد الربا بتبادل كيلو حنطة يدفع الآن بكيلو حنطة يدفع بعد شهر مثلًا، لاتحاد الجنس، وكذلك يوجد الربا عند شراء الحلي من الصواغ بنقود ورقية إذا تأجل دفع الثمن كله أو بعضه لأجل في المستقبل.


ليست كل زيادة من الربا، وإنما الزيادة في أموال مخصوصة، والزيادة المشروطة في القرض أو جرى عليها العرف حرام، أما التبرع برد الزيادة عند وفاء القرض دون شرط ولا عرف متعارف عليه، فليس حرامًا، فلا يصح القول بأن الرسول ﷺ كان يربي حينما قال: «خيركم أحسنكم قضاء».
ربا المصارف:

وربا المصارف أو فوائد البنوك: 

من ربا النسيئة، سواء أكانت الفائدة بسيطة أم مركبة، لأن عمل البنوك الأصلي الإقراض والاقتراض، فتدفع للمقرض فائدة ٤% أو ٥% وتأخذ فائدة من المقترض ٩% أو ١٢%، ولا يصح القول بأن البنك مجرد وسيط بين المودع والمقترض، يأخذ عمولة مقابل وساطته، لأن البنك ممنوع من القيام بنشاط استثماري، ولا يتقاسم المودع مع البنك الربح والخسارة، ولا يتقاسم البنك مع المقترض في مشروعه الأرباح والخسائر، والنسبة مع الطرفين محددة مشروطة سلفًا سواء بالنسبة للمودع أو المقترض، وإن مضار الربا في فوائد البنوك متحققة تمامًا، وهي حرام حرام حرام كالربا وإثمها كإثمه، لقوله تعالى: ﴿وإن تُبْتُم فلكم رؤوسُ أموالِكم﴾ [البقرة:٢٧٩/ ٢] وقد أصبح الربا في عرف الناس اليوم لا يطلق إلا على ربح المال عند تأخيره، وهو مشابه لربا الجاهلية المضاعف مع مرور الزمن.
 
فربا النسيئة الواقع في عقدي الصرف والقرض هو الواقع الآن، كشراء نقد، (دولارات) بنقد (دراهم) دون تقابض، واقتراض أو استلاف دنانير على أن يرد زيادة عليها بنسبة معينة ٥% مثلًا، أو مبلغًا مقطوعًا كمئة دينار أو ألف. وأما ربا الفضل فهو نادر الحصول، لكنه حرام سدًا للذرائع إلى ربا النسيئة.


ويكون تحريم ربا المصارف بنص القرآن والسنة وإجماع الصحابة، أما القول بأن «كل قرض جر نفعًا» ليس حديثًا فهو صحيح، ولكن ذلك ثبت عن جماعة من الصحابة أنهم نهوا عن قرض جر نفعًا، ونهيهم مستمد من السنة النبوية وهو أن النبي ﷺ «نهى عن سلف وبيع» والسلف هو القرض في لغة الحجاز، مثل أن يقرض شخص غيره ألف درهم على أن يبيعه داره أو على أن يرد عليه أجود منه أو أكثر، والزيادة حرام كما تقدم إذا كانت مشروطة أو متعارفًا عليها في القرض، فإن لم تكن مشروطة ولا متعارفًا عليها فلا بأس بها، ويمكن فهم قاعدة «كل قرض جر نفعًا فهو ربا» على أنه في القرض الذي شرط فيه النفع أو جرى عليه العرف، كما قرر الكرخي وغيره.
وكذلك إيداع المال في المصارف والتعاقد على أن تدفع منها ضرائب الدولة أو تؤخذ الفوائد وتدفع للفقراء حرام أيضًا، لأن الله طيِّب لا يقبل إلا طيبًا، جاء في مسند الإمام أحمد ﵀ عن ابن مسعود ﵁ عن النبي ﷺ قال: «لا يكتسب عبد مالًا من حرام، فينفق منه، فيبارك فيه، ولا يتصدق به، فيتقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، إن الله لا يمحو السيء بالسيء، ولكن يمحو السيء بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث» ولكن لو كان المال مودعًا في بنوك دولة أجنبية، وسجلت له نظاميًا فوائد، فلا مانع كما جاء في فتوى لجنة الإفتاء بالأزهر في الستينات ونشرتها مجلة الوعي الإسلامي من أخذ هذا المال وصرفه في مصالح عامة في ديار المسلمين كتعبيد الطرق وبناء المدارس والمشافي
 
ولا تترك للأجانب يتقوون بها علينا، أوتبنى بها الكنائس، وهذا من قبيل (اختيار أهون الشرين) و(الأخذ بأخف الضررين).

الفوائد في قوانين الدول العربية:
تتفاوت عبارات القوانين في البلاد العربية بالنص على تحريم الفوائد أو إباحتها من الناحية النظرية الظاهرية فقط، ولكن لا تخلو دولة عربية مع الأسف الشديد من إقرار النظام المصرفي والتعامل بالفائدة. فهناك اتجاه يجيز الفائدة مطلقًا كمجلة الالتزامات والعقود التونسية وقانون الموجبات والعقود اللبناني، ففيهما النص على سريان الفائدة من تاريخ الإعذار، وليس للفائدة حد أقصى، وهكذا فعلت تركيا حيث أطلقت حديثًا على لسان رئيس الوزراء الحالي حرية أسعار الفائدة، واتجاه ثان يجيزها بقيود كالقانونين المدني المصري والسوري حيث جاء فيهما: لا يجوز أن تتجاوز الفائدة رأس المال ولا أن تتجاوز الحد الأقصى ولا تسري إلا اعتبارًا من المطالبة القضائية، وقد نص القانون المصري (م ٢٢٦) ومثله العراقي (م ١٧١) على الفائدة ٤% في المسائل المدنية و٥% في المسائل التجارية كالقانون المغربي (م ٨٧٠) الذي نص على أن اشتراط الفائدة بين المسلمين باطل ومبطل للعقد الذي يتضمنه، والقانون المدني الجزائري لعام ١٩٧٥ (م ٤٥٥، ٤٥٦) الذي نص على أن القرض بين الأفراد يكون دائمًا بدون أجر، ويقع باطلًا كل نص يخالف ذلك، ولكنه أجاز التعامل بالفائدة للمؤسسات المالية (البنوك) في حال إيداع أموال لديها، وكذلك القانون الليبي رقم ٧٤ لعام ١٩٧٢ (م ١ الذي أباح الفائدة بين الأشخاص الاعتباريين (كالدولة) ومصارفها، وحرمها على الأشخاص الطبيعيين الأفراد العاديين. وهذه تفرقة ليست في شرع الله ولا دينه، فلا فرق في التحريم بين الفرد المسلم والدولة، والخطاب الشرعي للجميع، وإلا
 
جاز للدولة باعتبارها شخصًا معنويًا كل ما حرمه الإسلام من الظلم والغبن والقتل بغير حق وأكل الأموال بالباطل، وقد قال أبو يوسف ﵀ للخليفة هارون الرشيد في كتاب الخراج «لايجوز لولي الأمر أن يأخذ شيئًا من يد أحد إلا بحق ثابت معروف».
ومن هذا الاتجاه القانون الأردني (بموجب نظام المرابحة العثماني ١٣٠٤ هـ مارس ١٩٠٣م) حيث نص على حد أقصى للفائدة ٩% ونص القانون المدني الأردني (م ٦٤٠) على بطلان شرط المنفعة في القرض وصحة العقد. وكذلك المعمول به في دولة الإمارات، الذي سوِّى فيه بين المعاملات المدنية والتجارية في قانون الاجراءات المدنية لإمارة أبو ظبي، وقضت المحكمة الاتحادية العليا في تفسيرها رقم ١٤ لسنة ١٩٧٩ بدستورية نص المادتين ٦١، ٦٢ من هذا القانون، إلا أنه لا يجوز أن يزيد سعر الفائدة التي تحددها المحكمة عن السعر الذي اتفق عليه الأطراف أو تعاملوا به في أي مرحلة قبل رفع الدعوى، ونص القانون الإماراتي (م٧١٤) على بطلان شرط المنفعة الزائدة في القرض وصحةالتعاقد. لكن نص قانون العقوبات لدولة الإمارات في المادة (٤٠٩) على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبالغرامة التي لا تقل عن ألفي درهم كل شخص طبيعي تعامل مع شخص طبيعي آخر بربا النسيئة في أي نوع من أنواع المعاملات المدنية والتجارية، ويدخل في ذلك كل شرط ينطوي على فائدة ربوية صريحة أو مستترة» وهذا يعني بالمفهوم المخالف إعفاء الأشخاص الاعتبارية (البنوك) من العقوبة.


أما القانونان المدنيان في كل من السودان (م١/ ٢٧٩، ٢٨١) والكويت (م١/ ٥٤٧) فقد نص كلاهما على منع الربا أو الفائدة ظاهرًا. «يكون الإقراض بغير فائدة، ويقع باطلًا كل شرط يقضي بغير ذلك» لكن نص القانون التجاري في الكويت (م ١٠٢) على أن «للدائن الحق في اقتضاء فائدة في القرض التجاري» وكان العمل على هذا أيضًا في السودان، والسعودية وغيرهما.
 
شبهات القائلين بإباحة فوائد البنوك:

 
١ - يزعم المبيحون للفوائد المصرفية (البنكية) أنها ليست أضعافًا مضاعفة، 

 وإنما هي نسبة قليلة ٤% أو ٧% أو ٩%، فلم يشملها النص المحرم للربا: «وحرَّم الربا» وليست مما عهدته العرب. والرد على ذلك أن الربا في الآية ليس هو ربا العهد المذكور في سورة آل عمران فحسب، وهو ربا الجاهلية المضاعف، بل كل ما ذكر في القرآن والسنة الثابتة المفصلة لأنواع الربا وهي ربا الفضل وربا النسيئة الشامل لربا البيوع وربا القروض، وليس مجرد الربا المضاعف، وإنما كل زيادة قليلة أو كثيرة، لقوله تعالى: ﴿وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم﴾ [البقرة:٢٧٩/ ٢] وأكد الله تعالى هذا مباشرة بقوله: ﴿لا تَظْلِمون ولا تُظْلَمُون﴾ [البقرة:٢٧٩/ ٢] كما أن اللام في قوله تعالى: ﴿وحرم الربا﴾ [البقرة:٢٧٥/ ٢] للجنس، أي حرم جنس الربا، ثم أبانت السنة النبوية في الأحاديث الصحيحة المراد من هذا الجنس، أي الزيادة في أموال مخصوصة، وعقود معينة هي البيع والقرض والصرف، لكن الفقهاء اختلفوا في علة الربا بين موسع ومضيق ومتوسط، والفريق الأول هم الحنفية والحنابلة الذين جعلوا العلة هي الكيل والوزن، فشمل الربا كل ما يباع كيلًا كالقمح والشعير، وكل ما يباع وزنًا كالقطن والحديد، والذهب والفضة.
والفريق الثاني هم المالكية الذين حصروا علة ربا المطعومات في القوت والادخار أي كل مقتات غالبًا قابل للادخار مدة سنة مثلًا، أي لا يفسد بتأخيره مدة من الزمن لا حد لها في ظاهر المذهب، وإنما بحسب الأمد المبتغى منه عادة في كل شيء بحسبه، فالمرجع فيه إلى العرف، والفريق الثالث وهم الشافعية الذين جعلوا العلة هي الطُّعْم وهو يشمل كل مايتناول الإنسان اقتياتًا أوتفكهًا أو تداويًا، واتفق الفريقان الثاني والثالث على أن العلة في النقدين وما يحل محلهما من النقود الورقية هي النقدية أو الثمنية، أي كونهما ثمنًا للأشياء.
 
ليست العلة في الربا هي الاستغلال والظلم وإنما هذه حكمة لا يربط الحكم الشرعي بها، ولا يصح القياس عليها لعدم انضباطها واختلافها من شخص لآخر، حتى يقال بأنه إذا لم يتوافر الاستغلال والظلم، كالقروض الإنتاجية لإصلاح أرض أو إقامة مصنع أو تشييد بناء أو غير ذلك من مختلف مجالات الإنماء، كانت الفائدة أي الربا جائزة. ثم إن ربا المصارف كما تقدم يصبح بنظام الفائدة المركبة من ربا الأضعاف المضاعفة، وليس صحيحًا ما ينقل عن ابن عباس أنه كان يحرم فقط ربا الجاهلية، ولا يحرم ربا الفضل وربا النسيئة حسبما زعم السنهوري.

٢ - يزعم المبيحون أيضًا بأن لفظ «الربا» في الشريعة مجمل، 

 عرف العرب بعضه ولم يعرفوا البعض الآخر، ويؤيدون رأيهم بقول عمر ﵁: «أن آية الربا من آخر ما نزل من القرآن، وأن النبي ﷺ قبض قبل أن يبينه لنا، فدعوا الربا الريبة». وهذا خطأ لأن الشريعة تتمثل بالقرآن والسنة الصحيحة، والقرآن حرم جنس الربا، بدليل آخر قول عمر: «فدعوا الربا والريبة» وجاءت السنة الثابتة بمجموع الأحاديث الصحيحة مبينة المراد من قوله تعالى: ﴿وحرَّم الربا﴾ [البقرة:٢٧٥/ ٢] واعتبر النبي ﷺ بعد فتح خيبر المتأخر حدوثه (وهو سنة سبع بعد الحديبية) مبادلة الصاع الجيد من التمر بالصاعين من الرديء «عين الربا» مما يدل على وجود هذه المعاملة بين العرب، وأنها بيع في ظنهم، فكان إرشاد النبي ﷺ دالًا على أن ذلك العقد ربا حرام وليس بيعًا حلالًا، كما أن لفظ الربا الوارد في القرآن شامل لهذا النوع من المعاملة. وعلى هذا فلا يصح القول بحصر الربا بربا الجاهلية (الأضعاف المضاعفة)، وبأن غيره من أنواع الربا مشكوك في حرمته، وإن اعتبرناه حرامًا فهو أقل حرمة من ربا الجاهلية، كما يقول السيد رشيد رضا.


٣ - يزعم بعض المعاصرين كالدكتور معروف الدواليبي أن الربا المحرم هو ربا القروض الاستهلاكية

 أي التي يقترضها ذوو الحاجة الملحة ويؤدونها أضعافًا مضاعفة، أما القروض الإنتاجية التي يقترضها الموسرون للتشغيل في مشروعات إنتاجية صناعية أو تجارية أو زراعية تدر عليهم ربحًا وفيرًا، فليست الفائدة المؤداة ربا محرمًا لعدم توافر معنى استغلال حاجة المحتاج. ويلاحظ أن أول من أعلن هذا في أسبوع الفقه الإسلامي عن الربا سنة ١٩٥١ م في باريس قد تأثر بالنظريات الرأسمالية وبالفكر اليهودي. وقد رددت على هذا بأن الحكم الشرعي يرتبط بالعلة المنضبطة لا بالحكمة المضطربة المختلفة من شخص لآخر، وربط الربا بالاستغلال والظلم بيان للحكمة التشريعية لا لعلة الحكم. ثم إن الشريعة بنصوصها القاطعة حرمت كما تقدم جنس الربا، ولم تفرق بين قرض استهلاكي وقرض إنتاجي، كما أن الإسلام حرم كل أنواع الربا مبتدئًا بالموسرين كالعباس.

٤ - يزعم هؤلاء المبيحون بأن الفائدة في القروض الإنتاجية تقتضيها مصلحة متحققة فتجوز ولو عارضتها مفسدة، 

 والقاعدة المنقولة في مقال العربي السابق عن عالم أن المفسدة إذا عارضتها مصلحة راجحة قدمت المصلحة، وتتمثل المصلحة هنا في توظيف الأموال لمضاعفة الدخل القومي، وفتح مجالات العمل أمام العمال، وإفادة كل من المقرض والمقترض. أما المفسدة فهي الربا فقط. وهذا خطأ بيِّن لأن القاعدة الشرعية الصحيحة أن «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح» وأن المصلحة يعمل بها إذا لم تعارض النص الشرعي، ومجال العمل بالمصلحة عند فقدان الدليل من نص أو إجماع أو قياس، وأن مفاسد القروض الإنتاجية أكثر وأخطر من المصالح الوهمية المشار إليها، لأن المنتج يضيف مقدار الفائدة على تكاليف الإنتاج التي يتحملها المستهلك في نهاية الأمر، ولأن ارتفاع سعر السلع فيه مضرة بمجموع الناس، ولأن الفائدة الربوية تسخر العمل لخدمة رأس المال دائمًا، ولأن إقراض الموسرين يحصر الثروة في أيديهم، ويؤدي إلى التضخم النقدي والتفاوت الصارخ بين الأغنياء والفقراء.
 
٥ - يزعم المبيحون بأن المصارف (البنوك) في العصر الحديث ضرورة اقتصادية لا يستغنى عنها، 

وهذا أيضًا تمويه وخداع، فإن النظام الاشتراكي لا يقر نظام الفوائد المصرفية، كما أن نجاح المصارف الإسلامية التي زادت عن خمسين مؤسسة في عصرنا، في غضون ثلاث عشرة سنة فقط برهان واضح على إمكان قيام نظام اقتصادي خال من الفوائد البنكية أو المصارف الربوية. ولايصح القول أيضًا بأن فوائد المصارف مما تعارف عليها الناس، والعرف مصدر تشريعي؛ لأن هذا عرف فاسد مصادم للنصوص الشرعية.


٦ - إن تسويغ (تبرير) الربا بالتضخم النقدي أي بجعل الفائدة تعويضًا عن القيمة المفقودة من النقد غير صحيح، 

لأن الفائدة في الحقيقة هي سعر استعمال النقدية مع مرور الزمن، وليست تعويضًا عن فقد قيمة النقد، كما أن الربا من مسببات التضخم فعلًا، وليس نتيجة له، كما يقرر الاقتصاديون.


٧ - إن من مظاهر انحطاط الفكر ودواهي العلم أن يقال: (إن الأوراق النقدية لا توزن، فلا تعتبر من الربويات، بل تأخذ حكم العروض التجارية)، 

أو يقال: إن الأوراق النقدية كالفلوس لايجري فيها الربا. وهذا جهل واضح بحقيقة النقود، فإنها ثمن اصطلاحي للأشياء، سواء أكانت معادن أم أي شيء آخر، وقال النبي ﷺ: «لا تبيعوا الدينار بالدينارين» (نيل الأوطار: ٣٠٣/ ٥) والفلوس ليست لها قوة النقود ولا بديلًا عن النقود، وإنما هي كالسلع التجارية، فلا تقوَّم بها السلع والأعيان وإنما تقوَّم بالذهب والفضة، وكان سلخ وجود صفة الربا فيها لتفاهتها، كتفاهة بيع الحفنة بالحفنتين، والتفاحة بالتفاحتين، وإنما سمح بتداولها في الماضي لتسهيل شراء ما رخص ثمنه من الحاجيات.


٨ - أن الفائدة البنكية المعطاة لصاحب المال، المحددة بمقدار معين حرام،
 
لأنها قدر مقطوع لا زيادة فيها ولا نقص ولا تتأثر بحقيقة الأرباح، ولا تساهم في تحمل شيء من الخسارة إذا قيل: إنها عائد استثمار رأس المال المودع في المشروعات الاستثمارية من صناعة وتجارة وزراعة وغيرها.
وعلى هذا فلا يصح القول خلافًا لما جاء في مقال مجلة «العربي» السابق وغيره من الفتاوى الضالة بإباحة أرباح صناديق التوفير التي تعتمدها بعض الحكومات لتشجيع الناس على الادخار، ولا القول بإباحة أرباح شهادات الاستثمار المصرفية حيث يودع بعض الناس أموالهم، ويحصلون على شهادات أو صكوك بقيمتها، تحقق أرباحًا أو جوائز بعد فترة زمنية معينة؛ لأن هذه الصناديق والشهادات ما هي إلا قرض جر نفعًا، وليست عارية؛ لأنه يجب رد العين المعارة بذاتها، ولأن عارية النقود قرض، ولا وديعة، لأن الودائع لا يجوز للوديع تشغيلها، فإن استعملها ضمنها، وليست هي أيضًا من قبيل شركات المضاربة بتقديم رأس المال من جانب والعمل من جانب آخر؛ لأن المصارف تحدد نسبة معينة من الربح بمقدار نسبة رأس المال، لا بحسب نسبة الربح الفعلي، مما يجعل المعاملة ربا نسيئة، والمضارب في شركة المضاربة شريك لرب المال، والشريك لا يضمن إلا بالتعدي أو بالتقصير في العمل، مع أن رأس المال مضمون من قبل المصرف كالمقترض تمامًا، فإنه ضامن بالشرط والتعهد والاتفاق لا تبرعًا لما يقترضه من مال. ثم إنه لا بد من الاشتراك في الربح دون تحديد نسبة مقطوعة، وتكون الخسارة على رب المال في المضاربة، ولا خسارة على أصحاب هذه الأموال، وقد يقرض المصرف بعض الأموال المودعة لديه، وليس هذا جائزًا في المضاربة. ولا يجوز تخصيص حظ معين، لأنه قد أجمع الفقهاء في الشركات وعقود استثمار الأراضي (المساقاة، والمزارعة، والمغارسة) على عدم جواز تخصيص مقدار مقطوع من الربح أو الغلة والناتج لوجود الغرر، أي احتمال وجود ربح أو عدم وجوده،
 
واحتمال تفاوت نسبة الربح، لأن النبي ﷺ في حديث رافع بن خديج نهى عن كراء الأرض بما على السواقي وأمر بكرائها بذهب أو ورق (فضة) معين. ولا عبرة لما يقال بأن المشروع رابح دائمًا، وأن الخسارة نادرة فتكون غررًا يسيرًا لا يبطل العقد فإن الكلام في مقدار
الغرر، ومقدار الغرر فاحش، وليس الكلام في ندرة وقوعه أو عدم وقوعه، لأن الخسارة للمصرف إذا حدثت تكون فاحشة وليست يسيرة.


والكلام عن الغرر يقتضينا الإشارة إلى أن مقال العربي السابق الذي ينقل عن عالم جواز التأمين على الحياة خطأ أيضًا، لأنه بالرغم مما يقال عن أن نسبة الاحتمال أو الغرر في شركات التأمين تخضع لحسابات دقيقة، وهي يسيرة مسموح بها، فهو كلام مناقض للواقع، لأن مقدار الغرر فاحش، واحتمال حدوث الحادث أو عدم حدوثه بيد الله تعالى: ﴿وما تدري نفس ماذا تَكْسِبُ غدًا، وما تدري نفس، بأي أرض تموت، إن الله َ عليمٌ خبيرٌ﴾ [لقمان:٣٤/ ٣١].

والخلاصة:
إن فوائد المصارف حرام شرعًا بنص القرآن والسنة وإجماع الصحابة والأمة، والقول بإباحتها مصادم بداهة للأدلة الشرعية كلها النصية (القرآن والسنة) والاجتهادية (كالإجماع والقياس) ولا عبرة بقول من غير فقه وورع، أو جهل بحقيقة أعمال المصارف.
هذا مع العلم بتناقض فتاوى مفتي مصرالدكتور سيد طنطاوي حيث صدرت له فتاوى سابقة تصرح بتحريم فوائد البنوك وشهادات الاستثمار (١).


(١) انظر كتاب الدكتور محمد علي السالوسي «أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار» وكتابه أيضًا «حكم ودائع البنوك وشهادات الاستثمار في الفقه الإسلامي» جزاه الله خيرًا حيث دافع بورع وحق عن حياض شرع الله القائم على تحريم الفوائد وكل ربح ثابت.

عن الكاتب

Tanya Ustadz

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية