الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

كِتَابُ الطَّلَاقِ أسنى المطالب لزكريا الأنصاري

كِتَابُ الطَّلَاقِ أسنى المطالب لزكريا الأنصاري
عنوان الكتاب: أسنى المطالب في شرح روض الطالب
المؤلف: زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري - شهاب أحمد الرملي - محمد بن أحمد الشوبري
تحقيق: زهير الشاويش الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت- دمشق- عمان الطبعة: الثالثة، 1412هـ / 1991م
عدد الأجزاء: 12 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
موضوع: الفقه علي مذهب الشافعي
فهرس كِتَاب الطَّلَاقِ
  1. الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيّ إثْبَاتًا وَنَفْيًا
  2. الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ
    1. الْبَابُ الْأَوَّلُ الْمُطَلِّقُ وَشَرْطُ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ التَّكْلِيفُ
    2. الرُّكْنُ الثَّانِي فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ
    3. الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ فَيُشْتَرَطُ قَصْدُ اللَّفْظِ بِمَعْنَاهُ
    4. الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَحَلُّ وَهُوَ الْمَرْأَةُ
    5. الرُّكْنُ الْخَامِسُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْمَحَلِّ
  3. الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ
  4. الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ
  5. الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ
  6. الْبَابُ السَّادِسُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ
  7. العودة الي كتاب أسنى المطالب في شرح روض الطالب
[كِتَابُ الطَّلَاقِ]
الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيّ إثْبَاتًا وَنَفْيًا
[الطَّرَفَ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ]
(كِتَابُ الطَّلَاقِ)
(قَوْلُهُ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَمْلُوكٌ لِلزَّوْجِ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْأَجْنَبِيِّ بِغَيْرِ نِيَابَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْ قَوْلِيَّةٍ لَا بِالتَّنْجِيزِ وَلَا بِالتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ قَسَّمَ الْأَصْحَابُ الطَّلَاقَ إلَى وَاجِبٍ كَطَلَاقِ الْمَوْلَى وَطَلَاقِ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ إذَا رَأَيَاهُ وَإِلَى مُسْتَحَبٍّ كَمَا إذَا كَانَ يُقَصِّرُ فِي حَقِّهَا لِبُغْضٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ عَفِيفَةٍ أَوْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ وَإِلَى مَحْظُورٍ كَطَلَاقِ الْبِدْعَةِ وَإِلَى مَكْرُوهٍ وَهُوَ عِنْدَ اسْتِقَامَةِ الْحَالِ قَالُوا وَلَيْسَ فِيهِ مُبَاحٌ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى جَوَازِهِ إذَا كَانَ لَا شَهْوَةَ لَهُ وَلَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِمُؤْنَتِهَا مِنْ غَيْرِ حُصُولٍ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ طَلَاقُهَا (قَوْلُهُ فَالسُّنِّيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا) وَلَوْ بِوَطْءٍ فِي دُبُرِهَا وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُهَا مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ (قَوْلُهُ لَيْسَتْ بِحَامِلٍ إلَخْ) وَلَا حَالَةٍ يَسْتَعْقِبُ الطَّلَاقَ الشُّرُوعُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا أَنْ يُجَامِعَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ أَوْ فِي الْحَيْضِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَمْ يَبِنْ الْحَمْلُ

(3/263)


أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» (وَالْبِدْعِيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا بِلَا عِوَضٍ مِنْهَا فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ قَوْله تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وَزَمَنُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ (أَوْ) فِي (طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ فِيهِ وَلَوْ) كَانَ الْجِمَاعُ أَوْ الِاسْتِدْخَالُ (فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ) (إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ حَمْلُهَا) وَكَانَتْ مِمَّنْ قَدْ تَحْبَلُ لِأَدَائِهِ إلَى النَّدَمِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُطَلِّقُ الْحَائِلَ دُونَ الْحَامِلِ وَعِنْدَ النَّدَمِ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ فَيَتَضَرَّرُ هُوَ وَالْوَلَدُ وَلِأَنَّ عِدَّتَهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا تَكُونُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَلَوْ كَانَتْ حَائِلًا تَكُونُ بِالْأَقْرَاءِ وَرُبَّمَا يَلْتَبِسُ الْأَمْرُ وَتَبْقَى مُرْتَابَةً فَلَا يَتَهَيَّأُ لَهَا التَّزَوُّجُ.
وَأَلْحَقُوا الْجِمَاعَ فِي الْحَيْضِ بِالْجِمَاعِ فِي الطُّهْرِ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِيهِ وَكَوْنِ بَقِيَّتِهِ مِمَّا دَفَعَتْهُ الطَّبِيعَةُ أَوَّلًا وَتَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ وَأَلْحَقُوا الْجِمَاعَ فِي الدُّبُرِ بِالْجِمَاعِ فِي الْقُبُلِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ بِهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلَوْ فِي حَيْضٍ أَنَّ مَا قَبْلَهُ شَامِلٌ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ قَالَ أَوْ حِيضَ قَبْلَهُ كَانَ أَوْلَى وَكَأَنَّهُ غَلَّبَ قَوْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ عَلَى ذَلِكَ (وَكَذَا) طَلَاقُ (مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ دَوْرَهَا مِنْ الْقَسْمِ) فَإِنَّهُ يُدْعَى كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا طَلَّقَهَا بِغَيْرِ سُؤَالِهَا وَإِلَّا فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبِدْعِيٍّ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا بِسُؤَالِهَا مُسْقِطَةٌ لَحَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا

(أَمَّا الصَّغِيرَةُ وَالْحَامِلُ) مِنْ الْمُطَلِّقِ (وَلَوْ حَاضَتْ وَغَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْآيِسَةُ وَالْمُخْتَلِعَةُ فَلَا بِدْعَةَ لَهُنَّ وَلَا سُنَّةَ) لِانْتِقَاءِ مَا ذُكِرَ فِيهِمَا وَلِأَنَّ افْتِدَاءَ الْمُخْتَلِعَةِ يَقْتَضِي حَاجَتَهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْفِرَاقِ وَرِضَاهَا بِطُولِ التَّرَبُّصِ وَأَخْذَهُ الْعِوَضَ يُؤَكِّدُ دَاعِيَةَ الْفِرَاقِ وَيُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ وَالْحَامِلُ وَإِنْ تَضَرَّرَتْ بِالطُّولِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَقَدْ اسْتَعْقَبَ الطَّلَاقَ شُرُوعُهَا فِي الْعِدَّةِ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَدْ تُضْبَطُ الْأَقْسَامُ عَلَى الْإِبْهَامِ بِأَنْ يُقَالَ الطَّلَاقُ إنْ حَرُمَ إيقَاعُهُ فَبِدْعِيٌّ وَإِلَّا فَسُنِّيٌّ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَوِرُهَا التَّحْرِيمُ وَلَيْسَ بِسُنِّيٍّ وَلَا بِدْعِيٍّ فِي غَيْرِهَا

(وَقَدْ يَجِبُ الطَّلَاقُ فِي الْإِيلَاءِ) عَلَى الْمُوَلَّى (وَ) فِي (الشِّقَاقِ) عَلَى الْحَكَمَيْنِ (إذَا أَمَرَ) الْمُطَلِّقُ (بِهِ فَلَا بِدْعَةَ فِيهِ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ مَعَ رِضَا الزَّوْجَةِ بِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأَوْلَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ أَحْوَجُهَا بِالْإِيذَاءِ إلَى الطَّلَبِ وَهُوَ غَيْرُ مَلْجَأٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ فِيهَا الْوُجُوبُ الْمُخَيَّرُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا إمَّا الطَّلَاقُ أَوْ الْفَيْئَةُ أَوْ الْوُجُوبُ الْعَيْنِيُّ بِحَمْلِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ.

(وَيُسْتَحَبُّ الطَّلَاقُ لِخَوْفِ تَقْصِيرِهِ) فِي حَقِّهَا لِبُغْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ لِعَدَمِ عِفَّتِهَا) بِأَنْ لَا تَكُونَ عَفِيفَةً وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ طَلَاقَ الْوَلَدِ إذَا أَمَرَهُ بِهِ وَالِدُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا أَمَرَهُ بِهِ لَا لِتَعَنُّتٍ وَنَحْوِهِ (وَيُكْرَهُ عِنْدَ سَلَامَةِ الْحَالِ) لِخَبَرِ «لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللَّهِ مِنْ الطَّلَاقِ» .

(وَلَوْ سَأَلَتْهُ) الطَّلَاقَ (بِلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا) الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِهَا فِي الْحَدِيثِ أَمْرُ نَدْبٍ وَالْقَرِينَةُ عَلَى كَوْنِهِ أَمْرًا لَامُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ فَلْيُرَاجِعْهَا لِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ لَفْظَ مُرْهُ وَالْفَاءَ وَقِيلَ لِيُرَاجِعْهَا لَكَانَ أَمْرًا لِلْغَائِبِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرْهُ مُرَادٌ بِهِ الْأَمْرُ مِنْ قِبَلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَلِكِ لِوَزِيرِهِ قُلْ لِفُلَانٍ يَفْعَلْ كَذَا أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ الْمَلِكِ وَالْقَرِينَةُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ مُبْلِغٌ لِأَمْرِ الْمَلِكِ وَمِثْلُهُ يَأْتِي هَا هُنَا.
(قَوْلُهُ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) إذَا لَمْ يَسْتَعْقِبْ الطَّلَاقَ الْعِدَّةُ أَوْ كَانَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ فِي الْحَيْضِ قَبْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ بِحَالِهَا وَبِتَحْرِيمِ طَلَاقِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا. اهـ. وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْبِدْعِيِّ وَقَوْلُهُ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ) بِنَاءً عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ اسْتِئْنَافُهَا الْعِدَّةَ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ) وَلَا يَمْنَعُ تَحْرِيمُهُ وُقُوعَهُ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ مَبْنِيٍّ عَلَى التَّغْلِيبِ فَلَا يَمْنَعُهُ تَضَرُّرُ الْمَمْلُوكِ كَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ) أَيْ الْمُحْتَرَمَ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيٍ) أَيْ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا) أَيْ إنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ الْمَارِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ هُنَا الْجَزْمُ بِالْجَوَازِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَقَالَ لَهَا سَيِّدُهَا إنْ طَلَّقَك الزَّوْجُ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرَّةٌ فَسَأَلَتْهُ ذَلِكَ لِأَجَلٍ الْعِتْقِ بَلْ يَتَّجِهُ هَذَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ حَائِضًا.
وَالصُّورَةُ مَا ذَكَرْنَاهُ فَسَأَلَتْهُ لِلْخَلَاصِ مِنْ الرِّقِّ إذْ دَوَامُهُ أَضُرُّ بِهَا مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَقَدْ لَا يَسْمَحُ بِهِ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَمُوتُ فَيَدُومُ أَسْرُهَا بِالرِّقِّ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ فِي الْحَيْضِ لَمْ يَكُنْ بِدْعِيًّا وَإِنْ طَالَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَصَدَ خَلَاصَهَا مِنْ أَصْلِ الرِّقِّ وَأَنْعَمَ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ

(قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْآيِسَةُ) أَيْ وَالْمُتَحَيِّرَةُ

(قَوْلُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمُرَادُهُ يَعْنِي الرَّافِعِيَّ الْفَيْئَةُ بِاللِّسَانِ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ فِي الْحَيْضِ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ فَالْحُكْمُ مِنْ حَيْثُ هَؤُلَاءِ يَتَقَيَّدُ بِفَيْئَةِ اللِّسَانِ بَلْ لَا تَكْفِي فِيمَا إذَا طَلَبَتْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ.
(قَوْلُهُ بِحَمْلِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَتَعَيَّنُ كَمَا لَوْ آلَى ثُمَّ غَابَ أَوْ آلَى وَهُوَ غَائِبٌ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَوَكَّلَتْ فِي الْمُطَالَبَةِ فَذَهَبَ وَكِيلُهَا إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الزَّوْجُ وَطَالَبَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِالْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ فِي الْحَالِ وَبِالسَّيْرِ إلَيْهَا أَوْ بِحَمْلِهَا إلَيْهِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَسِيرُ إلَيْهَا لَمْ يُمَكَّنْ بَلْ يُجْبَرْ عَلَى الطَّلَاقِ عَيْنًا. اهـ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا تَكُونَ عَفِيفَةً) أَوْ تَارِكَةً لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ وَاجِبِ الدِّينِ أَوْ كَانَتْ تُؤْذِي أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ كَانَتْ مُفْسِدَةً لِمَالِهِ أَوْ يَخَافُ مِنْ الْقَالَةِ لِبُرُوزِهَا وَتَبَرُّجِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فُجُورَهَا أَوْ بَانَ كَوْنُهَا عَقِيمًا

(3/264)


عِوَضٍ أَوْ اخْتَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ حَرُمَ) إذْ لَا تُعْلَمُ بِذَلِكَ حَاجَتُهَا إلَى الْخَلَاصِ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ خَلْعُهُ فِي الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ أَخْذَهُ الْعِوَضَ يُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ وَلَيْسَ فِيهِ تَطْوِيلُ عِدَّةٍ عَلَيْهَا.

(فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنْ يُرَاجِعَ) مُطَلَّقَتُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ الطُّهْرُ الثَّانِي لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ بَقِيَّةُ صُوَرِ الْبِدْعِيِّ وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا الرَّجْعَةَ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَجِبُ قَالَ الْإِمَامُ وَمَعَ اسْتِحْبَابِ الرَّجْعَةِ لَا نَقُولُ إنَّ تَرْكَهَا مَكْرُوهٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهَا وَلِدَفْعِ الْإِيذَاءِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ صَرَّحَ فِيمَا قَالَهُ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا وَالِاسْتِنَادُ إلَى الْخَبَرِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَا نَهْيَ فِيهِ (فَإِنْ رَاجَعَ وَالْبِدْعَةُ لِحَيْضٍ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ مِنْهُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلِئَلَّا يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْ الرَّجْعَةِ مُجَرَّدَ الطَّلَاقِ وَكَمَا يُنْهَى عَنْ النِّكَاحِ لِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ يُنْهَى عَنْ الرَّجْعَةِ وَلَا يُسْتَحَبُّ الْوَطْءُ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ اكْتِفَاءً بِإِمْكَانِ التَّمَتُّعِ (أَوْ) رَاجَعَ وَ (كَانَتْ الْبِدْعَةُ لِطُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ) أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَلَمْ يَبِنْ حَمْلُهَا (وَوَطِئَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ) فِيهِ (فَلَا بَأْسَ بِطَلَاقِهَا فِي الطُّهْرِ الثَّانِي وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا إلَّا بَعْدَ الطُّهْرِ أَوْ رَاجَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَطَأْهَا (اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِيهِ) أَيْ فِي الطُّهْرِ الثَّانِي لِئَلَّا تَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلطَّلَاقِ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ طَلَّقَ غَيْرَ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ دَوْرَهَا مِنْ الْقَسْمِ بِخِلَافِ مَنْ طَلَّقَ هَذِهِ لِلُزُومِ الرَّجْعَةِ لَهُ لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا.

(فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي آخِرِ حَيْضِك فَسُنِّيٌّ) لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي آخِرِ (طُهْرِك فَبِدْعِيٌّ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الطُّهْرُ الْمُحْتَوَشُ بَيْنَ دَمَيْنِ لَا لِانْتِقَالٍ مِنْهُ إلَى الْحَيْضِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مُقَيَّدَانِ لِضَابِطَيْ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ.

(وَ) الطَّلَاقُ (الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ صَادَفَتْ زَمَنَ الْبِدْعَةِ بِدْعِيٌّ) لَكِنْ (لَا إثْمَ فِيهِ) أَوْ زَمَنَ السَّنَةِ سُنِّيٌّ فَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ بِدْعِيًّا أَوْ سُنِّيًّا بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ لَا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ إذْ لَا ضَرُورَةَ حِينَئِذٍ وَلَا نَدَمَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَيْضِ وَبِالْجُمْلَةِ (فَلْيُرَاجَعْ) اسْتِحْبَابًا (وَتَعْلِيقُهُ حَالَ الْحَيْضِ مُبَاحٌ) .

(فَرْعٌ) لَوْ (طَلَّقَهَا) وَلَوْ فِي الطُّهْرِ (حَامِلًا) بِحَمْلٍ (لِغَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ أَوْ مِنْ زِنًا سَابِقٍ) عَلَى الطَّلَاقِ (وَقَعَ بِدْعِيًّا لِتَأَخُّرِ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ) لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَانْقِضَاءِ النِّفَاسِ بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْهُ (وَذَكَرَ) الْأَصْلُ (فِي الْعَدَدِ فِي حَمْلِ الزِّنَا خِلَافَ هَذَا) لَيْسَ خِلَافَهُ بَلْ ذَاكَ فِيمَا إذَا حَاضَتْ وَهَذَا فِيمَا إذْ لَمْ تَحِضْ بِقَرِينَةِ تَعْلِيقِهِ السَّابِقِ وَإِذَا رَاجَعَ الْحَامِلَ الْمَذْكُورَةَ فَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا حَتَّى تَضَعَ ثُمَّ يَنْقَطِعَ نِفَاسُهَا ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ لِئَلَّا تَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلطَّلَاقِ.

(وَلَا بِدْعَةَ) وَلَا سُنَّةَ (فِي فَسْخِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ ضَرَرٍ نَادِرٍ فَلَا يُنَاسِبُهُ تَكْلِيفُ رِعَايَةِ الْأَوْقَاتِ وَلِأَنَّهُ فَوْرِيٌّ غَالِبًا فَلَوْ كَانَ كَالطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ لَأُخِّرَ عَنْ زَمَنِ الْبِدْعَةِ إلَى زَمَنِ السُّنَّةِ فَيَتَنَافَى الْفَوْرِيَّةُ وَالتَّأْخِيرُ (وَ) لَا فِي (عِتْقِ مَوْطُوءَةٍ) لَهُ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ أَعْظَمُ (وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ) لِمَا فِي خَبَرِ اللِّعَانِ أَنَّ الْمُلَاعَنَ قَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَوْ كَانَ بِدْعِيًّا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ بِاللِّعَانِ وَذَلِكَ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مِثْلِهِ وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ فَجَازَ مُجْتَمِعًا وَمُتَفَرِّقًا كَعِتْقِ الْعَبِيدِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ مَحْبُوبٌ وَالطَّلَاقُ مَبْغُوضٌ وَكَمَا لَا يَحْرُمُ جَمْعُهَا (لَا يُكْرَهُ وَ) لَكِنْ (يُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى طَلْقَةٍ فِي الْقُرْءِ) لِذَاتِ الْأَقْرَاءِ وَفِي الشَّهْرِ لِذَاتِ الْأَشْهُرِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّجْعَةِ أَوْ التَّجْدِيدِ إنْ نَدِمَ (وَإِلَّا فَفِي الْيَوْمِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُفَرِّقْ الطَّلْقَاتِ عَلَى الْأَيَّامِ (وَيُفَرِّقُهُنَّ عَلَى الْحَامِلِ طَلْقَةً فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ خُلْعُهُ فِي الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ إلَخْ) بَلْ هُوَ حَرَامٌ قَطْعًا فَقَدْ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فِيهِ وَمَا لَمْ تَسْأَلْهُ بِخِلَافِ الْحَيْضِ لِأَنَّ الْبِدْعَةَ فِيهِ لِحَقِّهَا وَقَدْ رَضِيَتْ فَسَقَطَ وَهَاهُنَا الْبِدْعَةُ لِحَقِّ الْوَلَدِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِرِضَاهَا

[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنْ يُرَاجِعَ مُطَلَّقَتُهُ]
(قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنْ يُرَاجِعَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ طَلَّقَهَا لِمَا تَحَقَّقَهُ مِنْ فُجُورِهَا أَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ شَاعَ ذَلِكَ عَنْهَا أَوْ زَنَتْ بَعْدَ طَلَاقِهِ إيَّاهَا وَنَحْوِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُسْتَحَبَّ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا وَلَا تَبْعُدُ كَرَاهَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُرَاغَمَةِ الْغَيْرَةِ وَالْمُرُوءَةِ وَجَلْبِ الْوَقِيعَةِ فِيهِ وَلَا سِيَّمَا إذَا حَمَلَتْ مِنْ زِنًا وَظَهَرَ ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُسْتَحَبَّ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلَا تَبْعُدُ كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ طَلَّقَ غَيْرَ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي آخِرِ حَيْضِك]
(قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي) أَيْ أَوْ عِنْدَ. (قَوْلُهُ فَسُنِّيٌّ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ تَمَّ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي آخِرِ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ أَوْ طُهْرُك فَبِدْعِيٌّ) مِثْلُهُ مَا لَوْ تَمَّ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي آخِرِ الطُّهْرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ مُعْتَدَّةً قَبْلَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ.

(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِتَعْصِيبِهِ كَإِنْشَائِهِ الطَّلَاقَ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُخَالِفُهُ وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ يَقَعُ بِدْعِيًّا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ مِنْهُ وَهَذَا كَرَجُلٍ رَمَى إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ آدَمِيًّا فَقَتَلَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ الطَّلَاقُ فِي زَمَانِ الْحَيْضِ وَإِيجَادُ الصِّفَةِ لَيْسَ بِتَكْلِيفٍ نَعَمْ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ يَقْرُبُ إنْ نَظَرْنَا إلَى الْمَعْنَى وَلَوْ وُجِدَ التَّعْلِيقُ وَالصِّفَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالِاخْتِيَارِ فِي حَالِ الْحَيْضِ فَيَظْهَرُ التَّحْرِيمُ نُظِرَ إلَى اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى هَذَا إنْ كَانَ فِي حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ وُجِدَ التَّعْلِيقُ فِي حَيْضَةٍ وَالصِّفَةُ فِي حَيْضَةٍ أُخْرَى فَفِيهِ احْتِمَالٌ إنْ نَظَرْنَا إلَى اللَّفْظِ لَا إلَى الْمَعْنَى وَقَوْلُهُ أَثِمَ بِإِيقَاعِهِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِوُقُوعِهِ فَإِنَّ الصِّفَةَ وُقُوعٌ لَا إيقَاعٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَثِمَ بِإِيقَاعِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ.

[فَرْعٌ طَلَّقَهَا حَامِلًا بِشُبْهَةٍ أَوْ مِنْ زِنًا سَابِقٍ عَلَى الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ وَلَا فِي عِتْقِ مَوْطُوءَةٍ إلَخْ) لِأَنَّهُ إنْعَامٌ عَلَيْهَا وَهِيَ مُغْتَبِطَةٌ بِهِ وَهُوَ أَبَرُّ لَهَا مِنْ أَنْ يُؤَخِّرَ إعْتَاقَهَا إلَى أَنْ تَطْهُرَ فَرُبَّمَا يَنْدَمُ فَلَا يُعْتِقُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَقَدْ يَمُوتُ السَّيِّدُ قَبْلَ طُهْرِهَا فَيَسْتَمِرُّ رِقُّهَا.

(3/265)


الْحَالِ وَيُرَاجَعُ وَأُخْرَى بَعْدَ النِّفَاسِ وَالثَّالِثَةُ بَعْدَ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ) وَقِيلَ يُطَلِّقُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ طَلْقَةً وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي إضَافَتِهِ) أَيْ الطَّلَاقُ (إلَى السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ) بِشَرْطٍ وَبِدُونِهِ (فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ أَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ) مَثَلًا (فَأَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَكَانَتْ حَالَ الْإِضَافَةِ أَوْ الدُّخُولِ فِي حَالِ سُنَّةٍ أَوْ بِدْعَةٍ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَإِلَّا فَحِينَ تُوجَدُ الصِّفَةُ) تَطْلُقُ (فَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ) فِي صُورَتَيْ التَّطْلِيقِ السَّابِقَتَيْنِ وَكَانَتْ (صَغِيرَةً لَمْ تَحِضْ) أَوْ نَحْوُهَا مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ كَحَامِلٍ (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) وَلَغَا الْوَصْفُ إذْ لَيْسَ فِي طَلَاقِهَا سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ حَاضَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (فِي قَوْلِهِ) لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ (لِلسُّنَّةِ بِالطُّهْرِ مِنْ حَيْضٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِي أَحَدِهِمَا) مَعَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَامَعَهَا فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ لِعَدَمِ السُّنَّةِ (وَ) يَقَعُ الطَّلَاقُ (فِي قَوْلِهِ) لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ (لِلْبِدْعَةِ بِظُهُورِ دَمِ الْحَيْضِ أَوْ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الطُّهْرِ) مَعَ الدُّخُولِ (وَعَلَيْهِ النَّزْعُ) عَقِبَ الْإِيلَاجِ (فَلَوْ اسْتَدَامَ) الْوَطْءَ (مِنْ غَيْرِ نَزْعٍ فَلَا حَدَّ) وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَعُلِمَ التَّحْرِيمُ لِأَنَّ أَوَّلَهُ مُبَاحٌ (وَلَا مَهْرَ) لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْوَطَآتِ وَلَوْ نَزَعَ وَعَادَ فَهُوَ ابْتِدَاءُ وَطْءٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ.

(فَرْعٌ اللَّامُ فِيمَا يُعْهَدُ انْتِظَارُهُ وَتَكَرُّرُهُ لِلتَّأْقِيتِ) كَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ وَهِيَ مِمَّنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا فِي حَالِ السُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ لِأَنَّهُمَا حَالَتَانِ مُنْتَظَرَتَانِ يَتَعَاقَبَانِ تَعَاقُبَ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَيَتَكَرَّرَانِ تَكَرُّرَ الْأَسَابِيعِ وَالشُّهُورِ فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ لِرَمَضَانَ مَعْنَاهُ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَأَنْتِ طَالِقٌ نَعَمْ لَوْ قَالَ أَرَدْت الْإِيقَاعَ فِي الْحَالِ قُبِلَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ مَعَ احْتِمَالِ اللَّفْظِ لِذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَ) اللَّامُ (فِيمَا لَا يُعْهَدُ) انْتِظَارُهُ وَتَكَرُّرُهُ (لِلتَّعْلِيلِ كَطَلَّقْتُكِ لِرِضَا زَيْدٍ أَوْ لِقُدُومِهِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ) أَوْ لِلسُّنَّةِ (وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَوْ حَامِلٌ) أَوْ نَحْوُهَا (مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَرْضَ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَقْدُمْ وَالْمَعْنَى فَعَلْت هَذَا لِيَرْضَى أَوْ يَقْدُمَ وَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ قَوْلِ السَّيِّدِ أَنْت حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى (فَلَوْ نَوَى) بِهَا (التَّعْلِيقَ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) وَيَدِينُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت طَلَاقَهَا مِنْ الْوَثَاقِ (وَلَوْ قَالَ فِي الصَّغِيرَةِ وَنَحْوِهَا) أَنْتِ طَالِقٌ (لِوَقْتِ الْبِدْعَةِ) أَوْ لِوَقْتِ السُّنَّةِ (وَنَوَى التَّعْلِيقَ قُبِلَ) لِتَصْرِيحِهِ بِالْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ كَمَا مَرَّ نَقْلُ الْأَصْلُ ذَلِكَ عَنْ بَسِيطِ الْغَزَالِيِّ تَفَقُّهًا وَأَقَرَّهُ (وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ بِرِضَا زَيْدٍ أَوْ بِقُدُومِهِ تَعْلِيقٌ) كَقَوْلِهِ إنْ رَضِيَ أَوْ قَدِمَ (وَقَوْلُهُ) لِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ (لَا لِلسُّنَّةِ كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ وَعَكْسِهِ) أَيْ وَقَوْلُهُ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لَا لِلْبِدْعَةِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَقَوْلُهُ سُنَّةٌ لِطَلَاقٍ أَوْ طَلْقَةٌ سُنِّيَّةٌ كَقَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ وَقَوْلُهُ بِدْعَةُ الطَّلَاقِ أَوْ طَلْقَةٌ بِدْعِيَّةٌ كَقَوْلِهِ لِلْبِدْعَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَائِضٍ وَنَحْوِهَا) مِمَّنْ طَلَاقُهَا بِدْعِيٌّ (إنْ كُنْت فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا طَلَاقَ وَلَا تَعْلِيقَ) حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ إذَا صَارَتْ فِي حَالِ السُّنَّةِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ وَأَنْت طَاهِرٌ فَإِنْ قَدِمَ وَهِيَ طَاهِرٌ طَلُقَتْ لِلسُّنَّةِ وَإِلَّا فَلَا تَطْلُقُ لَا فِي الْحَالِ وَلَا إذَا طَهُرَتْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ وَهِيَ طَاهِرٌ بِمَا إذَا لَمْ يُجَامِعْهَا فِي طُهْرِهَا قَبْلَ الْقُدُومِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدِمَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَا تَطْلُقُ إذَا طَهُرَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنَّ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ لَا تَطْلُقُ إلَى آخِرِهِ فَلَمَّا قَدِمَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْآنَ بَلْ بَعْدُ فِي حَالِ السُّنَّةِ (أَوْ) قَالَ لِذَاتِ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ (أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا) أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا (وَقَالَ أَرَدْت) الْوُقُوعَ (فِي الْحَالِ لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَعْمَلُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ لَا فِيمَا يُخَالِفُهُ صَرِيحًا وَإِذَا تَنَافَيَا لَغَتْ النِّيَّةُ وَعُمِلَ بِاللَّفْظِ لِأَنَّهُ أَقْوَى (فَإِنْ قَالَ) لَهَا فِي حَالِ الْبِدْعَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي إضَافَة الطَّلَاقُ إلَى السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ بِشَرْطٍ وَبِدُونِهِ]
الطَّرَفُ الثَّانِي فِي إضَافَتِهِ لِلسُّنَّةِ) (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إلَخْ) قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ بِالسُّنَّةِ أَوْ فِي السُّنَّةِ كَقَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلطَّاعَةِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ تَحِضْ أَوْ نَحْوَهَا إلَخْ) لَوْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً لَمْ يَقَعْ فِي زَمَانِ الشَّكِّ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً فَمَا الْحُكْمُ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقَدْ يَشْمَلُهُ كَلَامُ الدَّارِمِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الطُّهْرِ) مِثْلُ إيلَاجِ الزَّوْجِ إيلَاجُ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ.

(قَوْلُهُ وَاللَّامُ فِيمَا لَا يُعْهَدُ لِلتَّعْلِيلِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بِهَا (قَوْلُهُ لِرِضَا زَيْدٍ) أَوْ لِفُلَانٍ (قَوْلُهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَوْ حَامِلٌ) هَلْ الْمُتَحَيِّرَةُ فِي مَعْنَى الصَّغِيرَةِ وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لَمْ أَرَ لَهُمْ فِيهَا شَيْئًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ فِي مَعْنَى الصَّغِيرَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فَعَلْت هَذَا لِيَرْضَى إلَخْ) لِأَنَّ اللَّامَ وَضَعَهَا لِلتَّعْلِيلِ وَإِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي التَّوْقِيتِ إذَا اقْتَرَنَتْ بِذِكْرِ الْوَقْتِ أَوْ بِمَا مَرَّ وَيَجْرِي مَجْرَى الْوَقْتِ وَلَمْ يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَحُمِلَ عَلَى التَّعْلِيلِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ مَنْ يَعْرِفُ الْوَضْعَ وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ بِرِضَا زَيْدٍ إلَخْ) أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ بِرِضَا اللَّهِ تَعَالَى يَعْتِقُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ رِضَاهُ بِهِ.

[فَرْعٌ قَالَ لِحَائِضٍ وَنَحْوِهَا إنْ كُنْت فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدِمَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الْقُدُومُ وَهِيَ طَاهِرٌ قَدْ وُجِدَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا صِفَةُ السُّنَّةِ فَنَنْظُرُ فَإِذَا وُجِدَتْ طَلُقَتْ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنَّ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَعْمَلُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ) لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا لَفْظَ لَهُ (قَوْلُهُ لَا فِيمَا يُخَالِفُهُ صَرِيحًا) لِأَنَّ قَوْلَهُ طَلَاقًا سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ طَلْقَةً حَسَنَةً أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهِ لَيْسَتْ صَرِيحَةً بَلْ ظَاهِرَةً

(3/266)


(أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا الْآنَ) أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا الْآنَ (وَقَعَ) فِي الْحَالِ (لِلْإِشَارَةِ) إلَى الْوَقْتِ وَيَلْغُو اللَّفْظُ.

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ طَلَّقْتُك لَا لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْبِدْعَةِ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا وَقَعَ فِي الْحَالِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ ذَاتَ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ أَمْ لَا لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ فَحَالُهَا مَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَتْ فَالْوَصْفَانِ مُتَنَافِيَانِ فَسَقَطَا وَبَقِيَ أَصْلُ الطَّلَاقِ (فَإِنْ أَرَادَ بِالسُّنِّيِّ الْوَقْتَ وَالْبِدْعِيِّ الثَّلَاثَ فِي قَوْلِهِ) لِذَاتِ أَقْرَاءٍ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا (سُنِّيًّا بِدْعِيًّا قُبِلَ وَإِنْ تَأَخَّرَ الطَّلَاقُ) أَيْ وُقُوعُهُ لِأَنَّ ضَرَرَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ أَكْثَرُ مِنْ فَائِدَةِ تَأَخُّرِ الْوُقُوعِ.

(فَصْلٌ لَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ فَالصَّغِيرَةُ وَنَحْوُهَا) مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ (تَطْلُقُ فِي الْحَالِ ثَلَاثًا) كَمَا لَوْ وَصَفَهَا كُلَّهَا بِالسُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ (وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ) تَطْلُقُ (طَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ وَطَلْقَةً) ثَالِثَةً (فِي الْحَالِ الثَّانِي) لِأَنَّ التَّبْعِيضَ يَقْتَضِي التَّشْطِيرَ ثُمَّ يَسْرِي كَمَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ بَعْضُهَا لِزَيْدٍ وَبَعْضُهَا لِعَمْرٍ وَيُحْمَلُ عَلَى التَّشْطِيرِ (فَلَوْ قَالَ أَرَدْت عَكْسَهُ) أَيْ إيقَاعَ طَلْقَةٍ فِي الْحَالِ وَطَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ الثَّانِي (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْبَعْضِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الْأَجْزَاءِ (وَلَوْ أَرَادَ بَعْضَ كُلِّ طَلْقَةٍ) أَيْ إيقَاعَهُ فِي الْحَالِ (وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي الْحَالِ) بِطَرِيقِ التَّكْمِيلِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَسَكَتَ وَهِيَ فِي حَالِ السُّنَّةِ) أَوْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ (وَقَعَ فِي الْحَالِ وَاحِدَةٌ) فَقَطْ لِأَنَّ الْبَعْضَ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ النِّصْفِ وَإِنَّمَا حُمِلَ فِيمَا مَرَّ عَلَى التَّشْطِيرِ لِإِضَافَتِهِ الْبَعْضَيْنِ إلَى الْحَالَيْنِ فَسَوَّى بَيْنَهُمَا (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (خَمْسًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِي الْحَالِ) أَخْذًا بِالتَّشْطِيرِ وَالتَّكْمِيلِ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَةٌ لِلسُّنَّةِ وَطَلْقَةٌ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ طَلْقَةٌ فِي الْحَالِ وَ) وَقَعَ (فِي الْمُسْتَقْبَلِ طَلْقَةٌ وَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَتَيْنِ لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ وَقَعَ الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ الطَّلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ وَصْفٌ لِلطَّلْقَتَيْنِ فِي الظَّاهِرِ فَيَلْغُو لِلتَّنَافِي وَيَبْقَى الطَّلْقَتَانِ وَهَذَا (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ) فَإِنَّهُ يَقَعُ الْجَمِيعُ فِي الْحَالِ (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ أَحْسَنُ الطَّلَاقِ وَأَتَمُّهُ وَنَحْوُهُ) مِنْ صِفَاتِ الْمَدْحِ كَأَجْمَلِهِ وَأَفْضَلِهِ وَأَعْدَلِهِ (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلسُّنَّةِ) فَلَا يَقَعُ إنْ كَانَتْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى حَالِ السُّنَّةِ.

(وَأَقْبَحِهِ) أَيْ وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ أَقْبَحُ الطَّلَاقِ (وَنَحْوُهُ) مِنْ صِفَاتِ الذَّمِّ كَأَسْمَجِهِ وَأَفْضَحِهِ وَأَفْحَشِهِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْحَرَجِ) أَوْ طَلَاقُ الْحَرَجِ (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ) فَلَا يَقَعُ إنْ كَانَ فِي حَالِ السُّنَّةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى حَالِ الْبِدْعَةِ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْحُسْنِ الْبِدْعِيَّ) لِأَنَّهُ فِي حَقِّهَا أَحْسَنُ لِسُوءِ خُلُقِهَا (وَبِالْقَبِيحِ السَّيِّئَ) لِحُسْنِ عِشْرَتِهَا (لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا إلَّا فِيمَا يَضُرُّهُ) بِأَنْ كَانَتْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ فِي الْأُولَى وَفِي حَالِ السُّنَّةِ فِي الثَّانِيَةِ فَيُقْبَلُ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ وَفِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ (وَإِنْ فَسَّرَ الْقَبِيحَ بِالثَّلَاثِ قُبِلَ) مِنْهُ وَهَذِهِ قَدَّمَهَا مَعَ زِيَادَةِ قَبِيلِ الْفَصْلِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ هُنَا فَإِنْ فَسَّرَ كُلَّ صِفَةٍ بِمَعْنًى فَقَالَ أَرَدْت كَوْنَهَا حَسَنَةً مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ وَقَبِيحَةً مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ حَتَّى تَقَعَ الثَّلَاثُ أَوْ بِالْعَكْسِ قُبِلَ مِنْهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ.

(وَإِنْ قَالَ لِطَاهِرٍ غَيْرِ مَمْسُوسَةٍ أَنْت طَالِقٌ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً وَالْقُرْءُ) هُنَا (هُوَ الطُّهْرُ) وَإِنْ لَمْ يَحْتَوِشْ بِدَمَيْنِ لِصِدْقِ الِاسْمِ وَإِنَّمَا شُرِطَ الِاحْتِوَاشُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِتَكَرُّرِ الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِإِظْهَارِ احْتِوَاشِهَا الدِّمَاءَ (بَانَتْ فِي الْحَالِ بِطَلْقَةٍ فَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا قَبْلَ الطُّهْرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَقَوْلَا عَوْدِ الْحِنْثِ) يَجْرِيَانِ فِي وُقُوعِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْعَوْدِ (أَوْ) جَدَّدَهُ (بَعْدَهُمَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) الْأُولَى قَوْلُ الْأَصْلِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ قَبْلَ التَّجْدِيدِ (أَوْ) قَالَهُ لِطَاهِرٍ (مَمْسُوسَةٍ وَقَعَ لِكُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةٌ) سَوَاءٌ أَجَامَعَهَا فِيهِ أَمْ لَا وَتَكُونُ الطَّلْقَةُ سُنِّيَّةً إنْ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ وَبِدْعِيَّةً إنْ جَامَعَهَا فِيهِ وَتُشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ بِالطَّلْقَةِ الْأُولَى أَمَّا إذَا قَالَهُ لِحَائِضٍ فَلَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْقُرْءَ عِنْدَنَا الطُّهْرُ كَمَا مَرَّ (أَوْ) قَالَهُ (لِحَامِلٍ أَوْ صَغِيرَةٍ أَوْ آيِسَةٍ) كُلٌّ مِنْهُمَا مَمْسُوسَةٌ (وَقَعَ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ) كَمَا مَرَّ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ (فَإِنْ رَاجَعَ الْحَمْلَ وَقَعَتْ أُخْرَى بِالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ ثُمَّ تُسْتَأْنَفُ الْعِدَّةُ) لِهَذِهِ الطَّلْقَةِ سَوَاءٌ أَوْطَأَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَمْ لَا (فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْوَضْعِ فَإِنْ كَانَتْ الْحَامِلُ حَائِضًا) وَقْتَ التَّعْلِيقِ (لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ) لِتُوجَدَ الصِّفَةُ (وَلَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ طُهْرِهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ قُرْءٌ وَاحِدٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْقُرْءَ مَا دَلَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ مَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ سُنِّيًّا الْآنَ) أَوْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.

[فَرْعٌ قَالَ طَلَّقْتُك لَا لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْبِدْعَةِ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا]
(قَوْلُهُ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا) أَوْ طَلْقَةً حَسَنَةً قَبِيحَةً أَوْ جَمِيلَةً فَاحِشَةً أَوْ لِلْحَرَجِ وَالْعَدْلِ.

[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ]
(قَوْلُهُ لِأَنَّ اسْمَ الْبَعْضِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الْأَجْزَاءِ) أَيْ حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ بَعْضُهَا لِزَيْدٍ وَبَعْضُهَا لِعَمْرٍو ثُمَّ فَسَّرَ الْبَعْضَ بِدُونِ النِّصْفِ قُبِلَ (قَوْلُهُ كَأَجْمَلِهِ وَأَفْضَلِهِ إلَخْ) أَيْ وَأَكْمَلِهِ وَأَجْوَدِهِ أَوْ خَيْرَ الطَّلَاقِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لِلطَّاعَةِ.

(قَوْلُهُ وَأَفْحَشِهِ) أَيْ وَأَفْظَعِهِ وَأَرْدَئِهِ وَأَتْلَفَهُ وَشَرِّ الطَّلَاقِ وَأَضَرِّهِ وَأَمَرِّهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْحَسَنِ الْبِدْعِيَّ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت بِقَوْلِي أَحْسَنِ الطَّلَاقِ أَعْجَلَهُ أَوْ لَمْ أَعْرِفْ مَعْنَاهُ.

(قَوْلُهُ وَالْقُرْءُ هُنَا الطُّهْرُ) لَا شَكَّ أَنَّا وَجَدْنَا هُنَا قَرِينَةً تَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالطُّهْرِ وَهِيَ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ لَمَّا كَانَ حَرَامًا كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ عَدَمَ إرَادَتِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ وَإِرَادَةَ الْمَعْنَى الْآخَرِ وَحِينَئِذٍ صَارَ هَذَا الْحُكْمُ عَامًّا لِمَنْ يَعْلَمُ تَحْرِيمَ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ أَيْضًا وَلَوْ كَافِرًا

(3/267)


الْحَمْلِ وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْقُرْءَ هُنَا الطُّهْرُ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ) لَهَا أَنْت طَالِقٌ (فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً) فَإِنَّ طَلَاقَهَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ طُهْرِهَا (وَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (تَكَرَّرَ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ الْأَقْرَاءِ) وَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ مِنْهُ.

(فَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ (بِكُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً لِلسُّنَّةِ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَكَمَا ذُكِرَ فِيمَا لَوْ لَمْ يَقُلْ لِلسُّنَّةِ (إلَّا أَنَّ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ لَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ فِي طُهْرٍ جُومِعَتْ فِيهِ) لِعَدَمِ وَصْفِ السُّنَّةِ (وَمَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا) إمَّا (لِلسُّنَّةِ أَوْ بِلَا قَيْدٍ وَنَوَى التَّفْرِيقَ) لَهَا (عَلَى الْأَقْرَاءِ مُنِعَ) أَيْ لَمْ يُقْبَلْ (ظَاهِرًا) لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ دَفْعَةً فِي حَالِ السُّنَّةِ فِي الْأُولَى وَفِي الْحَالِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يُعَارِضُهُ فِي الْأُولَى ذِكْرُ السُّنَّةِ إذْ لَا سُنَّةَ فِي التَّفْرِيقِ (إلَّا إنْ تَلَفَّظَ بِالسُّنَّةِ وَكَانَ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ) لِلثَّلَاثِ كَالْمَالِكِيِّ فَيَقْبَلُ ظَاهِرُ الْمُوَافَقَةِ تَفْسِيرَهُ اعْتِقَادَهُ وَتَبِعَ فِي تَقْيِيدِهِ بِالسُّنَّةِ أَصْلَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَمَلًا بِاعْتِقَادِ الْحَالِفِ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَأُمِرَتْ) زَوْجَتُهُ (بِالِامْتِنَاعِ) مِنْهُ ظَاهِرًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا فِيهِ (وَجَازَ) لَهُ (الْوَطْءُ) لَهَا (بَاطِنًا) إذَا رَاجَعَهَا وَكَانَ صَادِقًا وَفِي ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ (وَلَهَا التَّمْكِينُ) مِنْ وَطْئِهِ لَهَا (إنْ صَدَّقَتْهُ) بِقَرِينَةٍ (وَهَذَا مَعْنَى التَّدْيِينُ) وَهُوَ لُغَةً أَنْ تَكِلَهُ إلَى دِينِهِ وَإِذَا صَدَّقَتْهُ فَرَآهُمَا الْحَاكِمُ مُجْتَمِعَيْنِ فَهَلْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ أَقْوَاهُمَا فِي الْكِفَايَةِ نَعَمْ (وَيُدَيَّنُ مَنْ طَلَّقَ صَغِيرَةً لِلسُّنَّةِ) أَوْ بِلَا قَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ (وَقَالَ أَرَدْت إذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ) لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَانْتَظَمَ مَعَ كَوْنِ اللَّفْظِ لَيْسَ نَصًّا فِي إفْرَادِهِ (وَإِنْ قَالَ) (أَنْت طَالِقٌ وَأَرَادَ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (لَا إنْ شَاءَ اللَّهُ دُيِّنَ) وَالْفَرْقُ أَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوَهُ كَأَنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ بِرَفْعِ حُكْمِ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ وَمَا عَدَاهُ مِنْ صُوَرِ التَّعْلِيقِ يُخَصِّصُهُ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ وَقَوْلُهُ مِنْ وَثَاقٍ تَأْوِيلٌ وَصَرْفٌ لِلَّفْظِ مِنْ مَعْنًى إلَى مَعْنًى فَكَفَتْ فِيهِ النِّيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً قَالَ فِي الْأَصْلِ وَشَبَّهُوا ذَلِكَ بِالنَّسْخِ لَمَّا كَانَ رَفْعًا لِلْحُكْمِ بِالْكُلِّيَّةِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِاللَّفْظِ بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ فَلِذَلِكَ جَازَ بِاللَّفْظِ وَبِغَيْرِهِ كَالْقِيَاسِ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ النُّسَخُ جَائِزٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الصَّحِيحِ كَالتَّخْصِيصِ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ.

(وَلَوْ خَصَّصَ عَامًّا كَنِسَائِي) طَوَالِقُ (أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً دُيِّنَ) لِمَا مَرَّ (وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ (ظَاهِرًا) لِمُخَالَفَتِهِ عُمُومَ اللَّفْظِ الْمَحْصُورِ إفْرَادُهُ الْقَلِيلَةُ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) تُشْعِرُ بِإِرَادَةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ غَيْرِ الطَّلَاقِ (كَحَلِّهَا مِنْ وَثَاقٍ) عِنْدَ قَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت حَلَّهَا مِنْ وَثَاقِهَا (وَقَوْلُ الْمُسْتَثْنَاةِ وَهِيَ تُخَاصِمُهُ تَزَوَّجْت) عَلَيَّ إذَا قَالَ عَقِبَهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصِمَةِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِقُوَّةِ إرَادَتِهِ بِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِأَكْلِ خُبْزٍ) أَوْ نَحْوِهِ (ثُمَّ فَسَّرَ بِنَوْعٍ خَاصٍّ) فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ وَمَا حُكِيَ عَنْ النَّصِّ فِي لَا آكُلُ مِنْ أَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِنَوْعٍ يُحْمَلُ عَلَى وُجُودِ الْقَرِينَةِ أَوْ عَلَى الْقَبُولِ بَاطِنًا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ (وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت) التَّكْلِيمَ (شَهْرًا لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ) فَلَا تَطْلُقُ إذَا كَلَّمَتْهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحَقِّ آدَمِيٍّ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ ثُمَّ قَالَ قَصَدْت شَهْرًا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى.

(وَالضَّابِطُ) فِيمَا يُدَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يُدَيَّنُ (أَنَّهُ إنْ فَسَّرَ) كَلَامَهُ (بِمَا يَرْفَعُ الطَّلَاقَ فَقَالَ) بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ) عَلَيْك (أَوْ) أَرَدْت (إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ (أَوْ) فَسَّرَهُ (بِتَخْصِيصٍ بِعَدَدٍ كَطَلَّقْتُك ثَلَاثًا وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ) كَقَوْلِهِ (أَرْبَعَتُكُنَّ) طَوَالِقُ (وَأَرَادَ إلَّا ثَلَاثَةً لَمْ يُدَيَّنْ وَإِنْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ (مِنْ مُقَيِّدٍ لِلطَّلَاقِ أَوْ صَارِفٍ) لَهُ (إلَى مَعْنًى آخَرَ أَوْ مُخَصِّصٍ) لَهُ بِبَعْضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْقُرْءَ هُنَا الطُّهْرُ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لِلِابْتِدَاءِ قُوَّةً فَأَثَّرَ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ الْخَالِي عَنْ الِاحْتِوَاشِ.

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَهَا التَّمْكِينُ إنْ صَدَّقَتْهُ) فَإِنْ قَالَتْ لَا أَعْلَمُ صِدْقَهُ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَهَا وَإِذَا عَلِمَ الْقَاضِي الْحَالَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَتَحْرُمُ بِهِ بَاطِنًا وَقَبْلَ تَفْرِيقِهِ لَيْسَ لِمَنْ ظَنَّ صِدْقَ الزَّوْجِ نِكَاحُهَا وَفِيمَا بَعْدَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا تَحْرِيمُهُ (قَوْلُهُ أَقْوَاهُمَا فِي الْكِفَايَةِ نَعَمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِلَا قَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّسْخُ بِالْقِيَاسِ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَاخْتَارَهُ وَحَكَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ إنَّهُ الْمَذْهَبُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك فَلَا نَقْلَ فِيهَا وَكَثِيرًا مَا يُسْأَلُ عَنْهَا وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ فِيهَا أَنَّهُ إنْ قَدَّمَ غَيْرَ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَخَّرَهَا فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك وَلَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا طَلُقَتْ وَهَكَذَا أَقُولُ فِي إلَّا إنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي إلَّا أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا طَلُقَتْ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَرَأَيْت فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا قَالَ الشَّيْخُ الْقَفَّالُ إنْ قَالَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ طَلُقَتْ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَصِحُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ قَالَ الْقَفَّالُ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ طَالِقٌ إلَّا عَمْرَةَ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ سِوَاهَا طَلُقَتْ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا) لَوْ ادَّعَى فِي الْمُشْتَرَكِ إرَادَةَ أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ قُبِلَ ظَاهِرًا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ بِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ) فَإِنَّ قَصْدَهُ تَصْدِيقُ نَفْسِهِ وَنَفْيُ التُّهْمَةِ وَأَنَّهُ مَا أَوْحَشَهَا بِإِدْخَالِ ضِرَّةٍ عَلَيْهَا وَمَنْعِهَا مِنْ سُؤَالِ الطَّلَاقِ.

(3/268)


نِسَائِهِ (كَقَوْلِهِ) بَعْدَ أَنْتِ طَالِقٌ (أَرَدْت إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (أَوْ) أَنَّك (طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ) أَرَدْت (إلَّا فُلَانَةَ بَعْدَ) قَوْلِهِ (كُلُّ امْرَأَةٍ) لِي طَالِقٌ (أَوْ نِسَائِي) طَوَالِقُ (دُيِّنَ) وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ لَفْظَ الْأَرْبَعَةِ وَنَحْوَهَا مِنْ الْأَعْدَادِ نَصٌّ فِي الْعَدَدِ الْمَعْلُومِ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي بَعْضِهِ غَيْرُ مَفْهُومٍ بِخِلَافِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ.

(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَوَلَدَتْ وَاحِدًا طَلُقَتْ بِالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (أَوْ) وَلَدَتْ (تَوْأَمَيْنِ مَعًا فَطَلْقَتَيْنِ) تَطْلُقُ (بِالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ أَيْضًا) لِأَنَّهَا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ وَكُلَّمَا تَقْضِي التَّكْرَارَ (فَلَوْ تَعَاقَبَا) بِأَنْ وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ (طَلُقَتْ) طَلْقَةً (بِوِلَادَةِ الْأَوَّلِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (لَا) طَلْقَةً أُخْرَى (بِالطُّهْرِ مِنْ) وِلَادَةِ (الثَّانِي لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ) أَيْ بِوَضْعِهِ (أَوْ) قَالَ لَهَا (كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ) لِلسُّنَّةِ (فَوَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ وَفِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ طَلُقَتْ) طَلْقَةً (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ (فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَطْهُرَ) مِنْ النِّفَاسِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَطَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتَطْلُقُ طَلْقَةً أُخْرَى وَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا إنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ وَإِلَّا فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَطْهُرَ كَذَا ذَكَرُوهُ (وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا) وَلَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ (لَا تَطْلُقُ لِانْقِضَاءِ عِدَّةِ) الطَّلَاقِ (الْمُتَجَزِّئَةِ) أَيْ بِوَضْعِ الْآخَرِ أَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا فَنَكَحَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ فَلَا تَقَعُ طَلْقَةٌ أُخْرَى بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ.

(وَإِنْ قَالَ لِحَامِلٍ مِنْ زِنًا أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَالْحَمْلُ كَالْمَعْدُومِ) إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ (فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَمْسُوسَةٍ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ أَوْ) كَانَتْ (مَمْسُوسَةً وَلَمْ تَرَ الدَّمَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ النِّفَاسِ وَكَذَا) إنْ رَأَتْهُ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ (الْحَيْضِ إنْ عَلَّقَ وَهِيَ حَائِضٌ) كَالْحَائِلِ بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ حَيْثُ يَقَعُ طَلَاقُهَا فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا إذْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ كَمَا مَرَّ.

(وَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (بِصِيغَةِ الشَّكِّ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لَا فِي الْحَالَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا بَلْ (فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ الْيَقِينُ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَجِيءَ الْغَدُ وَهَذَا فِيمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَمَّا غَيْرُهَا فَيَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً سُنِّيَّةً) أَوْ حَسَنَةً (فِي دُخُولِ الدَّارِ كَإِذَا) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً سُنِّيَّةً أَوْ حَسَنَةً إذَا (دَخَلْت الدَّارَ) فَتَطْلُقُ إذَا دَخَلَتْهَا طَلْقَةً سُنِّيَّةً حَتَّى لَوْ كَانَتْ فِي حَيْضٍ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ أَوْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ أَوْ جَامَعَهَا فِيهِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ (قَالَهُ) إسْمَاعِيلُ (الْبُوشَنْجِيُّ وَإِنْ عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِالسُّنَّةِ وَهِيَ طَاهِرٌ فَادَّعَى جِمَاعَهَا فِيهِ) حَتَّى لَا تَطْلُقَ فِي الْحَالِ وَأَنْكَرَتْ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَكَمَا لَوْ قَالَ الْمَوْلَى وَالْعِنِّينُ جَامَعْت قَالَهُ الْبُوشَنْجِيُّ أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ (وَ) قَوْلُهُ لَهَا (طَلَّقْتُك طَلَاقًا كَالثَّلْجِ أَوْ كَالنَّارِ يَقَعُ فِي الْحَالِ) وَيَلْغُو التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنْ قَصَدَ التَّشْبِيهَ بِالثَّلْجِ فِي الْبَيَاضِ وَبِالنَّارِ فِي الْإِضَاءَةِ طَلُقَتْ فِي زَمَنِ السُّنَّةِ أَوْ التَّشْبِيهَ بِالثَّلْجِ فِي الْبُرُودَةِ وَبِالنَّارِ فِي الْحَرَارَةِ وَالْإِحْرَاقِ طَلُقَتْ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ. .

الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ

الْأَوَّلُ مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ الْمُطَلِّقُ وَشَرْطُ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ وَهِيَ خَمْسَةٌ)
(الْأَوَّلُ الْمُطَلِّقُ وَشَرْطُ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ التَّكْلِيفُ) وَالِاخْتِيَارُ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَمُخْتَارٍ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بَعْدَ الْأَهْلِيَّةِ لِفَسَادِ عِبَارَتِهِ وَلِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» وَيُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ وَسَيَأْتِي.

الرُّكْنُ الثَّانِي فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ

الْأَوَّلُ فِي اللَّفْظِ وَهُوَ) (صَرِيحٌ) وَهُوَ مَا لَا يَحْتَمِلُ ظَاهِرُهُ غَيْرَ الطَّلَاقِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ (وَكِنَايَةٍ) وَهِيَ مَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ فَهِيَ (تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ فَالصَّرِيحُ الطَّلَاقُ وَالسَّرَاحُ) بِفَتْحِ السِّينِ (وَالْفِرَاقُ) وَالْخُلْعُ وَالْمُفَادَاةُ كَمَا تَقَدَّمَ لِاشْتِهَارِهَا فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ أَوْ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ) أَوْ مِنْ الْعَمَلِ.

[فَصْلٌ قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ]
(قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا لَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْحَامِلَ مِنْ شُبْهَةٍ لَيْسَ طَلَاقُهَا سُنِّيًّا وَلَا بِدْعِيًّا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ طَلَاقَهَا لَا يَسْتَعْقِبُ شُرُوعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَحَدُّ الْبِدْعِيِّ مُنْطَبِقٌ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِدْعِيٌّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ)
(قَوْلُهُ وَشَرْطُ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ التَّكْلِيفُ) قَدْ يُتَصَوَّرُ طَلَاقُ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ فِيمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا فِي حَالِ التَّكْلِيفِ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ إلَخْ) السَّكْرَانُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَلَكِنْ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ التَّكَالِيفِ كَمَا أَنَّ الْمُرْتَدَّ الْمَجْنُونَ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعُقَلَاءِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِعَاقِلٍ وَهَذَا مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّ السَّكْرَانَ مُكَلَّفٌ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ فِي حَالِ سُكْرِهِ بِالْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى مَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُهُ وَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ كَوْنِ السَّكْرَانِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ ظَاهِرًا وَاعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ وَقَوْلُهُ وَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُهُ قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ وُقُوعُ حَجِّ الْمَجْنُونِ نَفْلًا.

[الرُّكْنُ الثَّانِي فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ]
[الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي لَفْظِ الطَّلَاقُ]
(قَوْلُهُ فَالصَّرِيحُ الطَّلَاقُ وَالسَّرَاحُ وَالْفِرَاقُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الدَّارِمِيُّ قَالَ ابْنُ خَيْرَانَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا الطَّلَاقَ فَهُوَ صَرِيحُهُ حَسْبُ أَيْ وَالْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ كِنَايَةٌ لَهُ قَطْعًا وَنَحْوُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ فِي الْحِلْيَةِ لَوْ قَالَ عَرَبِيٌّ فَارَقْتُك وَلَمْ يَعْرِفْ عُرْفَ الشَّرْعِ الْوَارِدِ فِيهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا يُحَرِّمُ وَمَا قَالَاهُ ظَاهِرٌ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ إنَّ كُلَّ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ أَحْرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الصَّرِيحِ سَوَاءٌ كَانَ

(3/269)


وَوُرُودِهَا فِي الْقُرْآنِ مَعَ تَكَرُّرِ بَعْضِهَا فِيهِ وَإِلْحَاقِ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهَا بِمَا تَكَرَّرَ بِجَامِعِ اسْتِعْمَالِهِمَا فِيمَا ذُكِرَ (كَأَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقٌ) بِالتَّشْدِيدِ (وَيَا طَالِقُ وَيَا مُطَلَّقَةُ) بِالتَّشْدِيدِ (أَمَّا مُطْلَقَةٌ بِالتَّخْفِيفِ فَكِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِهَا الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ (وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ الطَّلَاقُ أَوْ طَلِقَةٌ أَوْ نِصْفُ طَلِقَةٍ أَمَّا أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ وَنِصْفُ طَالِقٍ فَصَرِيحٌ) لَيْسَ أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ بَلْ فِي السَّقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَ مِنْهَا صَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ إذْ الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ وَاَلَّذِي فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ أَنَّ أَنْتِ لَك طَلِقَةٌ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْكَافِ صَرِيحٌ أَمَّا أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ فَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ كَأَنْتِ طَلِقَةٌ (وَالْفِعْلُ مِنْ لَفْظَيْ الطَّلَاقِ وَالسَّرَاحِ صَرِيحٌ) كَفَارَقْتُك وَسَرَّحْتُك فَهُمَا كَطَلَّقْتُك (وَالْمُشْتَقُّ مِنْهُمَا) كَمُفَارَقَةٍ وَمُسَرَّحَةٍ (كَالْمُشْتَقِّ مِنْ الطَّلَاقِ) أَيْ كَمُطَلَّقَةٍ (وَ) قَوْلُهُ (أَنْتِ وَطَلِقَةٌ أَوْ وَأَنْتِ وَالطَّلَاقُ) أَيْ قَرَنْت بَيْنَكُمَا (كِنَايَةٌ) وَلَا مَعْنًى لِلْوَاوِ وَالثَّانِيَةُ فِي أَوْ وَأَنْتِ (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ مِنْ الْعَمَلِ وَسَرَّحْتُك إلَى كَذَا وَفَارَقْتُك فِي الْمَنْزِلِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (كِنَايَةٌ إنْ قَارَنَهُ الْعَزْمُ عَلَى الزِّيَادَةِ) الَّتِي أَتَى بِهَا (أَوْ تَوَسَّطَ) هـ (لَا إنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَقَالَ مِنْ وَثَاقٍ) أَوْ نَحْوَهُ فَلَا تَكُونُ كِنَايَةً بَلْ صَرِيحٌ فَتَأْثِيرُ النِّيَّةِ مَشْرُوطٌ بِالْإِتْيَانِ بِهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا يَأْتِي أَوَّلَ الْفَصْلِ الْآتِي.

(وَتَرْجَمَةُ) لَفْظِ (الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ) لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي مَعْنَاهَا عِنْدَ أَهْلِهَا شُهْرَةَ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عَدَمِ صَرَاحَةٍ نَحْوِ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ عِنْدَ النَّوَوِيِّ بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ ذَاكَ وَإِنْ اشْتَهَرَ فِيهِ (وَ) تَرْجَمَةُ (صَاحِبَيْهِ) أَيْ الطَّلَاقُ وَهُمَا الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ (كِنَايَةٌ) كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي تَرْجَمَتِهِمَا الْوَجْهَانِ فِي تَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ لَكِنْ بِالتَّرْتِيبِ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الصَّرَاحَةِ لِأَنَّ تَرْجَمَتَهُمَا بَعِيدَةٌ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فِي الطَّلَاقِ قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ أَظْهَرُ وَبِهِ أَجَابَ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ الْإِمَامِ هُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَعِبَارَةُ الرُّويَانِيِّ فِي حِلْيَتِهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا عِنْدِي وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ اخْتِيَارٌ لَهُمَا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَبِهِ جَزَمَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ فِي الْخُلْعِ عَنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَكَلَامُ الْمُحَرَّرِ يَقْتَضِيهِ وَقَدْ بَسَطَ الْأَذْرَعِيُّ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ فَالْمَذْهَبُ مَا فِي الْمُحَرَّرِ لَا مَا فِي الرَّوْضَةِ (وَ) قَوْلُهُ (أَلْقَيْت عَلَيْك طَلْقَةً صَرِيحٌ وَفِي وَضَعْت عَلَيْك) طَلْقَةً (أَوْ لَك طَلْقَةٌ) (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ لِوُجُودِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَضَمَّنْ إيقَاعًا. وَقَوْلُ الْقَائِلِ لَك هَذَا الثَّوْبُ يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمِلْكِ وَيَحْتَمِلُ الْهِبَةَ وَقِيَاسٌ صَرَاحَةً أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي تَرْجِيحُ صَرَاحَةً وَضَعْت عَلَيْك طَلْقَةً وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِ صَرَاحَةً لَك طَلْقَةٌ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا كِنَايَةٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
عِنْدَنَا صَرِيحًا أَمْ كِنَايَةً وَكُلُّ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ كِنَايَةً أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْكِنَايَةِ وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا عِنْدَنَا لِأَنَّا نَعْتَبِرُ عُقُودَهُمْ فِي شِرْكِهِمْ بِمُعْتَقِدِهِمْ فَكَذَا إطْلَاقُهُمْ. اهـ. وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ التَّصْرِيحَ بِخِلَافِهِ وَلَا رِفَاقِهِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا حَكَمْنَا فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ بَيْنَهُمْ بِمَا نَحْكُمُ بِهِ بَيْنَنَا نَعَمْ لَا نَتَعَرَّضُ إلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ تَرَافُعٍ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ حَكَمْنَا فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) أَيْ وَأَنْتِ سَرَاحٌ أَوْ السَّرَاحُ أَوْ أَنْتِ أَطْلَقُ مِنْ امْرَأَةٍ فُلَانٍ وَامْرَأَةُ فُلَانٍ مُطَلَّقَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ نِصْفُ طَالِقٍ فَصَرِيحٌ) كَقَوْلِهِ نِصْفُك طَالِقٌ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ إنْ أَنْتِ لَك طَلْقَةٌ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْكَافِ إلَخْ) سَتَأْتِي هَذِهِ فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُمَا (فَرْعٌ) فِي الْوَدَائِعِ لِابْنِ سُرَيْجٍ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ كُلَّ تَطْلِيقٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ لِلطَّلَاقِ غَايَةً وَهَذِهِ غَايَتُهُ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْعَمَلِ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَعْمَلُ كَبَنَاتِ الْمُلُوكِ (قَوْلُهُ وَفَارَقْتُك فِي الْمَنْزِلِ كِنَايَةٌ) قَدْ ذَكَرُوا فِيمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَقَالَ لِإِحْدَاهُنَّ فَارَقْتُك أَنَّهُ فَسْخٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ (قَوْلُهُ إنْ قَارَنَهُ الْعَزْمُ عَلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي أَتَى بِهَا) فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالزِّيَادَةِ وَنَوَاهَا قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ الطَّلَاقِ دُيِّنَ فَإِنْ كَانَتْ قَرِينَةٌ كَمَا لَوْ قَالَهُ وَهُوَ يُحِلُّهَا مِنْ وَثَاقٍ قُبِلَ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ.
(فَرْعٌ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَا كِدْت أَنْ أُطَلِّقَك فَهُوَ إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّفْيَ الدَّاخِلَ عَلَى كَادَ أَنْ لَا يُثْبِتَهُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَأَخَذْنَاهُ بِهِ لِلْعُرْفِ.

(قَوْلُهُ وَتَرْجَمَةُ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ) سُئِلْت عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ وَهُوَ لَا يُفَرِّقُ هُوَ وَلَا قَوْمُهُ بَيْنَ الطَّاءِ وَالتَّاءِ فَيَنْطِقُونَ بِالتَّاءِ مَكَانَ الطَّاءِ فَقَالَ أَنْت تَالِقٌ أَوْ التَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ وَالشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ وَالسِّرَاجُ الْعَبَّادِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعَصْرِيِّينَ وَقَاسُوهُ عَلَى تَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ تَرْجَمَةَ الطَّلَاقِ مَوْضُوعَةٌ فِي لُغَةِ الْعَجَمِ لِلطَّلَاقِ فَلَمْ تَحْتَمِلْ غَيْرَهُ بِخِلَافِ التَّلَاقِ بِالتَّاءِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ فَإِذَا اُشْتُهِرَ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ يَكُونُ كِنَايَةً فِيهِ كَحَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَحْوِهِ فَأَجَبْت بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمَذْكُورَةَ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا إلَّا بِنِيَّةٍ وَقَدْ شَمِلَهَا قَوْلُهُمْ إذَا اُشْتُهِرَ فِي الطَّلَاقِ سِوَى الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ الصَّرِيحَةِ كَحَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ فَفِي الْتِحَاقِهِ بِالصَّرِيحِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْمُتَقَدِّمُونَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا. اهـ. وَيُؤَيِّدُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهَا عِنْدَ نِيَّتِهِ أَنَّ حَرْفَ التَّاءِ قَرِيبٌ مِنْ مَخْرَجِ الطَّاءِ وَيُبْدَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الْوَالِدُ فِي " لَازِمٌ لِي، وَوَاجِبٌ عَلَيَّ " مَمْنُوعٌ. (قَوْلُهُ كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَلَامٌ الصَّغِيرُ يَفْهَمُهُ وَالْفَرْقُ اشْتِهَارُ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي كُلِّ لُغَةٍ بِخِلَافِ لَفْظِ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ) هُوَ الْأَصَحُّ.

(3/270)


(فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْكِنَايَةِ نِيَّةٌ) بِالْإِجْمَاعِ (مُقَارِنَةٌ) لِلَّفْظِ. (وَلَوْ) كَانَتْ مُقَارِنَةً (لِبَعْضِ اللَّفْظِ) كَفِي وَالِاكْتِفَاءِ بِالْبَعْضِ وَلَوْ بِآخِرِهِ صَحِيحُهُ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا وَنَقَلَ فِي تَنْقِيحِهِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهَا لِأَوَّلِ اللَّفْظِ فَلَا يَكْفِي وُجُودُهَا بَعْدَهُ إذْ انْعِطَافُهَا عَلَى مَا مَضَى بَعِيدٌ بِخِلَافِ اسْتِصْحَابِ مَا وُجِدَ وَلِأَنَّهَا إذَا وُجِدَتْ فِي أَوَّلِهِ عُرِفَ قَصْدُهُ مِنْهُ فَالْتَحَقَ بِالصَّرِيحِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ نَصُّ الْأُمِّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَبِهِ الْفَتْوَى كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الشَّرْحَيْنِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ لَهُ أَنَّهُ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصَحَّحَ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ اشْتِرَاطَ مُقَارَنَتِهَا لِجَمِيعِ اللَّفْظِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَاللَّفْظُ الَّذِي يُعْتَبَرُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ هُوَ لَفْظُ الْكِنَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ.
فَمَثَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ لِقَرْنِهَا بِالْأَوَّلِ بِقَرْنِهَا بِالْبَاءِ مِنْ بَائِنٍ وَالْآخَرَانِ بِقَرْنِهَا بِالْخَاءِ مِنْ خَلِيَّةٍ لَكِنْ مَثَّلَ لَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ بِقَرْنِهَا بِأَنْتِ مِنْ أَنْتِ بَائِنٌ وَصَوَّبَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْأَوَّلَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْكِنَايَاتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ جُعِلَتْ لِصَرْفِ اللَّفْظِ إلَى أَحَدِ مُحْتَمَلَاتِهِ وَالْمُحْتَمَلُ إنَّمَا هُوَ بَائِنٌ مَثَلًا وَأَمَّا أَنْتِ فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْمُخَاطَبِ لَكِنْ أَثْبَتَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ وَأَيَّدَ الِاكْتِفَاءَ بِهَا عِنْدَ أَنْتِ بِمَا إذَا أَوْقَعَ أَنْتِ زَمَنَ الطُّهْرِ وَطَالِقٌ زَمَنَ الْحَيْضِ فَإِنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ قَالَ يَكُونُ الطَّلَاقُ سُنِّيًّا وَيَحْصُلُ لَهَا قُرْءٌ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَنْتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْ الْكِنَايَةِ فَهُوَ كَالْجُزْءِ مِنْهَا لِأَنَّ مَعْنَاهَا الْمَقْصُودَ لَا يَتَأَدَّى بِدُونِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْكِنَايَةُ (كَأَنْتِ خَلِيَّةٌ) وَ (بَرِيَّةٌ) أَيْ مِنِّي وَ (بَتَّةٌ) وَ (بَتْلَةٌ) أَيْ مَقْطُوعَةُ الْوَصْلَةِ وَ (بَائِنٌ) مِنْ الْبَيْنِ وَهُوَ الْفِرَاقُ.
(وَحَرَامٌ وَلَوْ) مَعَ عَلَيَّ أَوْ (زَادَ) فِيهِ (أَبَدًا) فَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ صَرِيحًا لِأَنَّ التَّحْرِيمَ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ وَقَدْ يُظَنُّ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ بِالْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ وَأَنْتِ (حُرَّةٌ) وَ (وَاحِدَةٌ) وَ (اعْتَدِّي) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِلْعِدَّةِ فِي الْجُمْلَةِ (وَتَسَتَّرِي) أَيْ لِأَنَّك حَرُمْت عَلَيَّ بِالطَّلَاقِ فَلَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَرَاك (وَاسْتَبْرِئِي زَوْجَك) وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَ (الْتَحِقِي بِأَهْلِك) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك سَوَاءٌ أَكَانَ لَهَا أَهْلٌ أَمْ لَا وَ (حَبْلُك عَلَى غَارِبِك) أَيْ خَلَّيْت سَبِيلَك كَمَا يُخَلَّى الْبَعِيرُ فِي الصَّحْرَاءِ وَزِمَامُهُ عَلَى غَارِبِهِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الظَّهْرِ وَارْتَفَعَ مِنْ الْعِتْقِ لِيَرْعَى كَيْف شَاءَ (لَا أَنْدَهُ سَرْبَك) أَيْ لَا أَهْتَمُّ بِشَأْنِك لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَأَنْدَهُ أَزْجُرُ وَالسَّرْبُ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ مَا يُرْعَى مِنْ الْمَالِ كَالْإِبِلِ وَذَكَرَ الْمُطَرِّزِيُّ أَنَّ السِّرْبَ بِكَسْرِ السِّينِ الْجَمَاعَةُ مِنْ الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ فَيَجُوزُ كَسْرُ السِّينِ هُنَا أَيْضًا (وَاعْزُبِي) بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ زَايٍ أَيْ تَبَاعَدِي عَنِّي.
وَ (اُغْرُبِي) بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ رَاءٍ أَيْ صِيرِي غَرِيبَةً بِلَا زَوْجٍ وَ (اذْهَبِي) أَيْ إلَى أَهْلِك لِأَنِّي طَلَّقْتُك (لَا اذْهَبِي إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ (إنْ نَوَاهُ بِمَجْمُوعِهِ) لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ بَلْ هُوَ لِاسْتِدْرَاكِ مُقْتَضَى قَوْلِهِ اذْهَبِي فَإِنْ نَوَاهُ بِقَوْلِهِ اذْهَبِي وَقَعَ وَ (وَدَعِينِي) وَ (بَرِئْت مِنْك وَلَا حَاجَةَ لِي فِيك) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَ (تَجَرَّعِي) أَيْ كَأْسَ الْفِرَاقِ وَ (ذُوقِي) أَيْ مَرَارَتَهُ وَ (تَزَوَّدِي) أَيْ اسْتَعِدِّي لِلُّحُوقِ بِأَهْلِك فَقَدْ طَلَّقْتُك (وَيَا بِنْتِي إنْ أَمْكَنَ) كَوْنُهَا بِنْتَه وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَادَةِ لِلْمُلَاطَفَةِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ (وَتَزَوَّجِي) وَانْكِحِي أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (وَأَحْلَلْتُك) أَيْ لِلْأَزْوَاجِ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (وَرَدَدْت عَلَيْك الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ) هَذَا كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَإِنْ قَالَ رَدَدْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَكِنَايَةٌ فِي وَاحِدَةٍ (وَفَتَحْت عَلَيْك الطَّلَاقَ) أَيْ أَوْقَعْته وَفِي نُسْخَةٍ الطَّرِيقَ وَفِي أُخْرَى طَرِيقِي أَيْ لِلْوَصْلَةِ إلَى الْأَزْوَاجِ (وَلَعَلَّ اللَّهَ يَسُوقُ إلَيْك الْخَيْرَ) أَيْ بِالطَّلَاقِ (وَبَارَكَ اللَّهُ لَك) أَيْ فِي الْفِرَاقِ (لَا إنْ قَالَ) بَارَكَ اللَّهُ (فِيك) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بَارَكَ اللَّهُ لِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي كِنَايَةِ الطَّلَاق النِّيَّة]
فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْكِنَايَةِ نِيَّةٌ) (قَوْلُهُ وَالِاكْتِفَاءُ بِالْبَعْضِ وَلَوْ بِآخِرِهِ صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا) لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُقُوعِ وَقَدْ قَارَنَتْهُ النِّيَّةُ (قَوْلُهُ لَكِنْ مَثَّلَ لَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ بِقَرْنِهَا بَانَتْ مِنْ أَنْتِ بَائِنٌ) مَعْلُومٌ أَنَّ نِيَّتَهُ بِبَائِنٍ طَالِقٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الطَّلَاقَ بِمَجْمُوعِ قَوْلِهِ اذْهَبِي إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ لَا يَحْتَمِلُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ أَثْبَتَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ وَأَيَّدَ الِاكْتِفَاءَ بِهَا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ فِيمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَظَرٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ النُّبَلَاءِ لِأَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ إنَّمَا قَالَ بِكَوْنِهِ سَيِّئًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِمَجْمُوعِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ بَلْ شَرَعَ فِي التَّطْلِيقِ حَالَةَ الطُّهْرِ فَلَمْ يَقْصِدْ تَطْوِيلَ الْعِدَّةِ وَلَا نِزَاعَ أَنَّ لِقَوْلِهِ أَنْتِ أَثَرًا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَلِذَلِكَ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ بِكَوْنِهِ سُنِّيًّا وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ قُرْءٌ فَبَعِيدٌ جِدًّا لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ اللَّفْظِ أَوْ مَعَ آخِرِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ إلَّا فِي حَالِ الْحَيْضِ وَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَقَعَ سُنِّيًّا (قَوْلُهُ وَبَائِنٌ) هِيَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ كَطَالِقٍ وَيَجُوزُ فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ بَائِنَةٌ (قَوْلُهُ وَحَرَامٌ وَلَوْ زَادَ أَبَدًا إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَضَافَ إلَى قَوْلِهِ تَصَدَّقْت صَدَقَةً لَا تُبَاعُ أَوْ لَا تُوهَبُ فَإِنَّ الْأَصَحَّ صَرَاحَتُهُ فِي الْوَقْفِ وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَهُمَا بِثَلَاثَةِ فُرُوقٍ أَحَدُهُمَا أَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ مَحْصُورَةٌ بِخِلَافِ الْوَقْفِ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ بَيْنُونَةٍ مُحَرَّمَةٍ لَا تَحِلُّ لِي أَبَدًا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالطَّلَاقِ بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَفْسُوخُ وَالزَّائِدُ فِي أَلْفَاظِ الْوَقْفِ يَخْتَصُّ بِالْوَقْفِ الثَّالِثِ تَصَدَّقْت بِكَذَا يَقْتَضِي زَوَالَ الْمِلْكِ وَلَهُ مَحْمَلَانِ مَحْمِلُ الصَّدَقَةِ الَّتِي تَحْتَمِلُ الْمِلْكَ وَمَحْمِلُ الصَّدَقَةِ الَّتِي هِيَ الْوَقْفُ فَالزِّيَادَةُ تُعَيِّنُ الْمَحْمَلَ الثَّانِي بِخِلَافِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ خَطَأٌ (قَوْلُهُ وَتَجَرَّعِي) أَمَّا جَرَّعْتنِي وَغَصِصْتنِي فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ (قَوْلُهُ وَأَحْلَلْتُك) أَوْ أَنْتِ أَوْلَى النَّاسِ بِنَفْسِك أَوْ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرِي فِيك أَوْ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك فِي أَوْ أَبْعَدَك اللَّهُ أَوْ أَحْلَلْت أُخْتَك لِي

(3/271)


فِيك وَهُوَ يَشْعُرُ بِرَغْبَتِهِ فِيهَا (وَوَهَبْتُك لِأَهْلِك أَوْ لِلنَّاسِ) أَوْ لِأَبِيك أَوْ لِلْأَزْوَاجِ أَوْ لِلْأَجَانِبِ فَهُوَ كِنَايَةُ.
(وَكَذَا حَلَالُ اللَّهِ) أَوْ حِلُّ اللَّهِ (عَلَيَّ حَرَامٌ) أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (وَلَوْ تَعَارَفُوهُ طَلَاقًا) وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّ الصَّرِيحَ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقُرْآنِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ الْحُرُمُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ مَا فَعَلْت كَذَا (فَلَوْ حَلَفَ بِهِ وَلَهُ نِسَاءٌ فَحَنِثَ طَلُقَتْ إحْدَاهُنَّ) فَقَطْ (إنْ لَمْ يُرِدْ الْجَمِيعَ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ (فَلْيُعَيِّنْهَا) كَمَا لَوْ حَلَفَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ الْجَمِيعَ وَقَعَ عَلَيْهِنَّ (وَكُلِي) أَيْ زَادَ الْفِرَاقِ (وَاشْرَبِي) أَيْ شَرَابَهُ (لَا قُومِي وَأَغْنَاك اللَّهُ) وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ إلَّا بِتَعَسُّفٍ كَأَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاءَك وَمَا أَحْسَنَ وَجْهَك وَتَعَالِي وَاقْرُبِي وَاغْزِلِي وَاقْعُدِي.

(وَالْعِتْقُ) أَيْ صَرَائِحُهُ (وَكِنَايَاتُهُ كِنَايَاتٌ) فِي الطَّلَاقِ كَعَكْسِهِ أَيْ كَمَا أَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ كِنَايَاتٌ فِي الْعِتْقِ لِمَا بَيْنَ مِلْكَيْ النِّكَاحِ وَالْيَمِينِ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ (لَا) قَوْلُهُ (اعْتَدَّ وَاسْتَبْرِئْ رَحِمَك) إنْ قَالَهُ (لِلْعَبْدِ) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ الْعِتْقُ وَإِنْ نَوَاهُ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ (وَأَمَّا) قَوْلُهُ (أَنَا مِنْك طَالِقٌ أَوْ خَلِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ) أَوْ نَحْوُهَا (فَكِنَايَةٌ) إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقُهَا وَقَعَ لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا حَيْثُ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا فَصَحَّ حَمْلُ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِ عَلَى حِلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِهَذَا الْحَجْرِ مَعَ النِّيَّةِ فَاللَّفْظُ مِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ كِنَايَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ أَنَا مِنْك حُرٌّ لَيْسَ كِنَايَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُحِلُّ النِّكَاحَ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالْعِتْقُ يُحِلُّ الرِّقَّ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْعَبْدِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا لَمْ تَقَعْ سَوَاءٌ أَنَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ أَمْ طَلَاقَ نَفْسِهِ أَمْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا لِأَنَّهُ إضَافَةٌ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحَلِّهِ وَتَصْوِيرُهُمْ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ لَفْظَةِ مِنْك وَكَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِي عَدَمَ اعْتِبَارِهَا وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ وَلِهَذَا حَذَفَهَا الدَّارِمِيُّ (لَا اسْتَبْرِئِي رَحِمِي مِنْك) أَوْ أَنَا مُعْتَدٌّ مِنْك فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ لِاسْتِحَالَتِهِ فِي حَقِّهِ (وَالظِّهَارُ كِنَايَةٌ فِي عِتْقِ الْأَمَةِ) فَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَتْ لِأَنَّهُ لَا نَفَاذَ لِلظِّهَارِ فِيهَا كَمَا لَا نَفَاذَ لِلطَّلَاقِ فِيهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَصْلُحُ كِنَايَةً عَنْ الْعِتْقِ (لَا فِي الطَّلَاقِ) إذْ لَيْسَ الظِّهَارُ كِنَايَةً فِيهِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ كِنَايَةً فِي الظِّهَارِ وَإِنْ احْتَمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ لِمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ مِنْ إفَادَةِ التَّحْرِيمِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَنْفِيذُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَلَا يُشْكِلُ بِأَنْتِ حَرَامٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ نَفَذَ لِأَنَّ هَذَا صَرِيحُ اشْتِهَارٍ أَوْ مَا فِي الْقَاعِدَةِ صَرِيحٌ وَضْعًا عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي.

(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ ظِهَارًا) (وَقَعَ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَجَازَ أَنْ يُكَنِّيَ عَنْهُ بِالْحَرَامِ (وَلَوْ نَوَاهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ تَخَيَّرَ) وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا وَلَا يَثْبُتَانِ جَمِيعًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُزِيلُ النِّكَاحَ وَالظِّهَارَ يَسْتَدْعِي بَقَاءَهُ وَقِيلَ إنْ نَوَى فِي الثَّانِيَةِ الظِّهَارَ أَوَّلًا صَحَّا مَعًا أَوْ الطَّلَاقَ أَوَّلًا وَكَانَ بَائِنًا فَلَا مَعْنَى لِلظِّهَارِ بَعْدَهُ أَوْ رَجْعِيًّا كَانَ الظِّهَارُ مَوْقُوفًا فَإِنْ رَاجَعَهَا فَهُوَ صَحِيحٌ وَالرَّجْعَةُ عَوْدٌ وَإِلَّا فَهُوَ لَغْوٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ.
لَكِنْ رَجَّحَ فِي الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْأَصْلُ ذِكْرًا وَمَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ تَعَاقُبِ الْبَيِّنَتَيْنِ مُؤَيِّدٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِقَرْنِ النِّيَّةِ لِبَعْضِ اللَّفْظِ (أَوْ) نَوَى (تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا) أَوْ فَرْجِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَوْ رَأْسِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَطْلَقَ ذَلِكَ أَوْ أَقَّتَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَكُلِي وَاشْرَبِي إلَخْ) وَكُلِي وَاشْرَبِي مِنْ كِيسِك فَإِنَّك قَدْ طَلُقْت.

(قَوْلُهُ وَالْعِتْقُ وَكِنَايَاتُهُ كِنَايَاتٌ فِي الطَّلَاقِ كَعَكْسِهِ) لَوْ وَكَّلَ سَيِّدُ الْأَمَةِ زَوْجَهَا فِي عِتْقِهَا أَوْ عَكْسِهِ فَطَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا وَقَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ مَعًا وَقَعَا وَيَصِيرُ كَإِرَادَةِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ كِنَايَاتِ الْعِتْقِ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ تَوَقَّفْت فِي كَوْنِ كَثِيرٍ مِنْهَا كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ لِلَّهِ وَيَا مَوْلَايَ وَيَا مَوْلَاتِي وَإِذَنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ مَا أَطْلَقُوهُ هُنَا عَلَى إرَادَةِ الْغَالِبِ لَا أَنَّ كُلَّ كِنَايَةٍ هُنَاكَ كِنَايَةٌ هُنَا (قَوْلُهُ لَا أَعْتَدُّ وَاسْتَبْرِ رَحِمَك لِلْعَبْدِ) قَالَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ الْحُسْبَانِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ بِهَذَا مَا لَوْ قَالَ تَقَنَّعْ أَوْ تَسَتَّرْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُخَاطَبُ بِهِ عَادَةً لِبُعْدِهِ عَنْ الْمُرَادِ وَلَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ فَوَجْهَانِ وَيَنْبَغِي اخْتِصَاصُهُمَا بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَمَةُ مَوْطُوءَةً فَإِنْ كَانَتْ كَانَ ذَلِكَ كِنَايَةً قَطْعًا وَأَلْحَقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ كَالْمَيْتَةِ أَوْ كَالْخِنْزِيرِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ خِدْمَتُك عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلَهُ تَجَرَّعِي وَذُوقِي فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَلَا يَجْرِي فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ إلَّا إذَا كَانَ مُرَادُهُ دَوَامَ الْمِلْكِ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ كِنَايَةً (قَوْلُهُ وَتَصْوِيرُهُمْ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي اعْتِبَارُ لَفْظَةِ مِنْك) وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّهُ إذَا حُذِفَ لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ مَذْكُورًا وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى نِيَّتِهِ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا قَالَ طَالِقٌ وَنَوَى أَنْتِ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الزَّوْجَةِ إنْ وَقَوْلُ الزَّوْجِ طَلَّقْت نَفْسِي كَقَوْلِهِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَإِنْ كَانَ لَهُ زَوْجَاتٌ وَقَصَدَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ فَيُعَيِّنُ.

[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ ظِهَارًا]
(فَصْلٌ قَالَ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ) (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ نَوَى فِي الثَّانِيَةِ الظِّهَارَ أَوَّلًا صَحَّا مَعًا إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ هَذَا التَّفْصِيلُ فَاسِدٌ عِنْدِي لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ إذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّصَرُّفَاتُ لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ بِإِرَادَتِهِمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ اهـ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمِنْهَاجِ وَلِذَا أَطْلَقَ الْإِرْشَادُ كَأَصْلِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ نَوَاهُمَا مَعًا فَمَعْنَاهُ جَمِيعًا لِيُوَافِقَ إطْلَاقَ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَا الْمَعِيَّةَ الْمُقَابِلَةَ لِلتَّرْتِيبِ صَوْنًا لِكَلَامِهِ عَنْ الِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ أَوْ تَحْرِيمُ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا كُرِهَ وَلَمْ تَحْرُمْ إلَخْ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ

(3/272)


(كُرِهَ) لِإِيجَابِهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْكَرَاهَةُ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي الظِّهَارِ (وَلَمْ تَحْرُمْ) هِيَ عَلَيْهِ لِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَالَ إنِّي جَعَلْت امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامًا فَقَالَ كَذَبْت لَيْسَتْ عَلَيْك حَرَامًا ثُمَّ تَلَا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ} [التحريم: 1] (وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَطَأْ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ أَخْذًا مِنْ قِصَّةِ «مَارِيَةَ لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: 1] {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] » أَيْ أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ كَفَّارَةً كَكَفَّارَةِ أَيْمَانِكُمْ (وَلَيْسَ ذَلِكَ يَمِينًا) لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ (وَكَذَا) يُكْرَهُ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ يَمِينًا (إذَا لَمْ يَنْوِ) بِهِ (شَيْئًا) لِعُمُومِ مَا مَرَّ وَشُمُولِ كَلَامِهِ لِمَا عَدَا لُزُومَ الْكَفَّارَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ) (قَالَ أَرَدْت بِهِ الْيَمِينَ مِنْ الْوَطْءِ) أَيْ عَلَى تَرْكِهِ (لَمْ تَسْقُطْ الْكَفَّارَةُ) إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِأَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَهَذَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ (وَلَوْ) (حَرَّمَ) الشَّخْصُ (غَيْرَ الْإِبْضَاعِ) كَأَنْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الطَّعَامُ أَوْ الْعَبْدُ حَرَامٌ عَلَيَّ (فَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِبْضَاعِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالِاحْتِيَاطِ وَلِشِدَّةِ قَبُولِهَا التَّحْرِيمَ بِدَلِيلِ تَأْثِيرِ الظِّهَارِ فِيهَا دُونَ الْأَمْوَالِ وَكَالْأَمْوَالِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّخْصِ لِآخَرَ لَيْسَ بِزَوْجَةٍ وَلِأَمَةٍ لَهُ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ.

وَأَمَّا الْأَمَةُ فَقَدْ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ) لِقِصَّةِ مَارِيَةَ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ كَأُخْتِهِ لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ (وَفِي) وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ (الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِهَا) كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ (وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِي زَوْجَةٍ أَحْرَمَتْ أَوْ اعْتَدَّتْ بِشُبْهَةٍ) أَحَدُهُمَا لَا لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا وَثَانِيهِمَا نَعَمْ لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِاسْتِبَاحَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ وَجَزَمَ الرُّويَانِيُّ بِالْأَوَّلِ فِي أَمَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْقَاضِي بِهِ فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْمُرْتَدَّةِ (وَلَا كَفَّارَةَ) بِذَلِكَ (فِي رَجْعِيَّةٍ) لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا (وَوَجَبَتْ فِي حَائِضٍ وَصَائِمَةٍ وَنَحْوِهَا) كَنُفَسَاءَ وَمُصَلِّيَةٍ لِأَنَّهَا عَوَارِضُ سَرِيعَةُ الزَّوَالِ فَإِنْ أَرَادَ تَحْرِيمَ وَطْئِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (هَذَا) أَيْ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ الْمَذْكُورَةِ (إذَا نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِ الْأَمَةِ) أَوْ نَحْوِ عَيْنِهَا مِمَّا مَرَّ (أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى عِتْقًا نَفَذَ) لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِيهِ (أَوْ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا لَغَا) لِاسْتِحَالَتِهِمَا فِي حَقِّ الْأَمَةِ.

(فَرْعٌ) لَوْ (حَرَّمَ كُلَّ مَا يَمْلِكُ وَلَهُ نِسَاءٌ وَإِمَاءٌ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَتَكْفِيه) كَفَّارَةٌ (وَاحِدَةٌ) كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ جَمَاعَةً فَكَلَّمَهُمْ وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ أَنْتُنَّ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَمَا نَقَلَهُ فِي الظِّهَارِ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ فِي هَذِهِ ضَعِيفٌ وَلِهَذَا حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ (وَلَوْ حَرَّمَ زَوْجَتَهُ مَرَّاتٍ) كَأَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (فِي مَجْلِسٍ كَفَاهُ كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ (وَكَذَا) فِي (مَجَالِسَ وَنَوَى التَّأْكِيدَ لَا) إنْ نَوَى (الِاسْتِئْنَافَ) فَلَا يَكْفِيه كَفَّارَةٌ بَلْ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَرَّاتِ وَمِثْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَا لَوْ نَوَاهُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ خِلَافَهُ (فَإِنْ أَطْلَقَ فَقَوْلَانِ) أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ التَّعَدُّدِ كَمَا فِي تَكَرُّرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَ) قَوْلُهُ لَهَا (أَنْت حَرَامٌ) (كِنَايَةٌ) فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ (إنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ) فَإِنْ قَالَهَا فَهُوَ صَرِيحٌ.

(فَرْعٌ لَوْ) (قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ) أَوْ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ (فَكَقَوْلِهِ) أَنْتِ (حَرَامٌ عَلَيَّ) فِيمَا مَرَّ وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِمَا عَدَا لُزُومَ الْكَفَّارَةِ فِيمَا إذَا نَوَى التَّحْرِيمَ أَوْ أَطْلَقَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا تَرْجِيحُ لُزُومِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ظَاهِرِ النَّصِّ وَعَنْ الْإِمَامِ ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (لَا إنْ قَصَدَ) بِهِ (الِاسْتِئْنَافَ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

[فَرْعٌ لَا يَلْحَقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ سُؤَالُ الْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ]
(فَرْعٌ) (لَا يَلْحَقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ سُؤَالُ الْمَرْأَةِ) الطَّلَاقَ (وَلَا قَرِينَةٌ) مِنْ غَضَبٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ خِلَافَ مَا تُشْعِرُ بِهِ الْقَرِينَةُ وَاللَّفْظُ فِي نَفْسِهِ مُحْتَمِلٌ (وَلَا) يَلْحَقُهَا بِهِ (مُوَاطَأَةٌ كَالتَّوَاطُؤِ عَلَى جَعْلِ) قَوْلِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَطَلَّقْتُك) كَأَنْ قَالَ مَتَى قُلْت لِامْرَأَتِي أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنِّي أُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا (بَلْ يَكُونُ ابْتِدَاءً) أَيْ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ بِهِ لِاحْتِمَالِ تَغْيِيرِ نِيَّتِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا مُوَاطَأَةَ إلَى آخِرِهِ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ (وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْأَصْحَابُ (إنَّ) قَوْلَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّشْرِيكُ هُنَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ لَا يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ اتِّفَاقًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ طَلُقَتْ وَلَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَحْرُمْ وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ) وَإِنْ اشْتَهَرَ لَفْظُ الْحَرَامِ فِي الطَّلَاقِ وَاللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ حِلُّ الْوَطْءِ عَلَى إخْرَاجِهَا كَمَا يَتَوَقَّفُ الْوَطْءُ فِي الظِّهَارِ وَعَلَى التَّكْفِيرِ وَالْفَرْقُ غِلَظُ حُرْمَةِ الظِّهَارِ فَإِنَّ النُّطْقَ بِهِ حَرَامٌ وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ الْكَبَائِرِ وَأَمَّا النُّطْقُ بِالتَّحْرِيمِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ (قَوْلُهُ وَكَالْأَمْوَالِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّخْصِ لِآخَرَ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ) شَمِلَ الْمُسْتَوْلَدَةَ (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَبْرَأَةُ) أَيْ وَالْمُكَاتَبَةُ (قَوْلُهُ أَوْ اعْتَدَّتْ بِشُبْهَةٍ) أَيْ أَوْ ارْتَدَّتْ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا لِصِدْقِهِ فِي وَضْعِهَا) هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ لِاسْتِحَالَتِهِمَا فِي حَقِّ الْأَمَةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُمْهُورُ وَإِنْ قَالَ الرِّيمِيُّ فِي نِيَّةِ الظِّهَارِ أَنَّهُ كَمَا لَوْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا.

[فَرْعٌ حَرَّمَ عَلَى نَفْسه كُلَّ مَا يَمْلِكُ وَلَهُ نِسَاءٌ وَإِمَاءٌ]
(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَا لَوْ نَوَاهُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ التَّعَدُّدِ) هُوَ الْأَصَحُّ.

(3/273)


(أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ صَرِيحٌ فِي الْكَفَّارَةِ مَجَازٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَعْنَى لُزُومِ الْكَفَّارَةِ) أَيْ لَيْسَ لُزُومُهَا مَعْنًى لِلَّفْظِ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِهِ (فَإِنْ) (ادَّعَتْ) فِي تَلَفُّظِهِ بِكِنَايَةِ (نِيَّتِهِ) لِلطَّلَاقِ (فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَتْ) يَمِينَ الرَّدِّ (حُكِمَ بِالطَّلَاقِ) فَرُبَّمَا كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ ثُمَّ جَحَدَ أَوْ اُعْتُمِدَتْ قَرَائِنُ يَجُوزُ الْحَلِفُ بِمِثْلِهَا.

[فَصْلٌ مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ فِي الطَّلَاق مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ]
(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (لَمْ يَبْقَ بَيْنِي وَبَيْنَك شَيْءٌ وَبَيْعٌ) (الطَّلَاقُ) لَهَا (بِصِيغَتِهِ) أَيْ الْبَيْعُ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ (بِلَا عِوَضٍ) أَوْ بِعِوَضٍ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْخُلْعِ (أَوْ) قَوْلُهُ (أَبْرَأْتُك أَوْ عَفَوْت عَنْك أَوْ بَرِئْت مِنْ نِكَاحِك أَوْ بَرِئْت إلَيْك مِنْ طَلَاقِك) (كِنَايَةٌ) وَمَعْنَاهُ فِي الْآخِرَةِ تَبَرَّأْت مِنْك بِوَاسِطَةِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْك (لَا) قَوْلُهُ (بَرِئْت مِنْ طَلَاقِك) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَاهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَبْعُدُ إيقَاعُهُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِهِ بَرِئْت مِنْ عُهْدَتِهِ أَوْ مِنْ سَبَبِ إيقَاعِهِ فَإِنَّ سَبَبَهُ مِنْك.

(وَقَوْلُهُ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ لَا فَرْضٌ) عَلَيَّ (صَرِيحٌ) لِلْعُرْفِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَعَدَمُهُ فِي الثَّالِثِ قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُزَنِيّ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَهُوَ كِنَايَةٌ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّهُ صَرِيحٌ وَهُوَ الْأَوْجَهُ بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْحَقُّ فِي هَذَا الزَّمَنِ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ فَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ.

(وَ) قَوْلُهُ (طَلَّقَك اللَّهُ وَأَعْتَقَك اللَّهُ وَأَبْرَأَك اللَّهُ لِزَوْجَتِهِ) فِي الْأُولَى (وَأَمَتِهِ) فِي الثَّانِيَةِ وَغَرِيمِهِ فِي الثَّالِثَةِ (صَرِيحٌ) فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْإِبْرَاءِ إذْ لَا يُطَلِّقُ اللَّهُ وَلَا يُعْتِقُ وَلَا يُبْرِئُ إلَّا وَالزَّوْجَةُ طَالِقٌ وَالْأَمَةُ مُعْتَقَةٌ وَالْغَرِيمُ بَرِيءٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ بَاعَك اللَّهُ وَأَقَالَك كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ وَيُعْرَفُ بِأَنَّ الصِّيَغَ هُنَا قَوِيَّةٌ لِاسْتِقْلَالِهَا بِالْمَقْصُودِ بِخِلَافِ صِيغَتَيْ الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ.

(وَ) قَوْلُهُ (طَلَاقُك عَلَيَّ وَلَسْت زَوْجَتِي) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (كِنَايَةٌ) وَفَارَقَ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا عَلَيَّ الطَّلَاقُ عَلَى قَوْلِ الصَّيْمَرِيِّ بِاحْتِمَالِهِ طَلَاقُك فَرْضٌ عَلَيَّ مَعَ عَدَمِ اشْتِهَارِهِ بِخِلَافِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ (وَيَقَعُ بِأَنْتِ طَالِقَانِ وَطَوَالِقُ طَلْقَةٌ) فَقَطْ (وَكَذَا) يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ (أَنْت طَالِقٌ بِالتَّرْخِيمِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ (وَقِيلَ لَا يَقَعُ بِهِ وَإِنْ نَوَى وَإِنْ قَالَ ذُو زَوْجَةٍ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْت طَلُقَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ) لِأَنَّهُ يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ (كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك وَسِوَاك) أَيْ أَوْ سِوَاك (طَالِقٌ) فَلَا تَطْلُقُ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَوَجْهُهُ أَنَّ إلَّا أَصْلُهَا الِاسْتِثْنَاءُ فَلَزِمَ الِاسْتِغْرَاقُ إذْ هُوَ إخْرَاجٌ بَعْدَ إدْخَالٍ، وَغَيْرُ وَنَحْوُهَا أَصْلُهُمَا الصِّفَةُ فَيَكُونُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَى الْمُغَايَرَةِ لِلْمُخَاطَبَةِ فَقَطْ وَسَوَّى السُّبْكِيّ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهِ فَقَالَ الَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ قَدَّمَ غَيْرَ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَخَّرَهَا طَلُقَتْ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي إلَّا فَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي إلَّا أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ طَلُقَتْ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهَا مُسْتَنِدًا إلَى كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَكَلَامُ الْخُوَارِزْمِيَّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهَا وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ (وَبِخِلَافِ قَوْلِهِ لِنِسْوَةٍ هِيَ) أَيْ زَوْجَتُهُ (فِيهِنَّ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ إلَّا هَذِهِ) وَأَشَارَ إلَيْهَا أَوْ إلَّا زَوْجَتِي فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُنَّ وَاسْتَثْنَى زَوْجَتَهُ.

(وَقَوْلُهُ بِطَلَاقِك لَأَفْعَلَنَّ) كَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ أَوْ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ]
قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي) أَيْ أَوْ يَلْزَمُنِي وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِغُلَامِهِ اعْمَلْ الشُّغْلَ الْفُلَانِيَّ فَقَالَ لَا أُحْسِنُهُ فَقَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَنَّك تَعْرِفُ أَيْنَ يَسْكُنُ إبْلِيسُ فَإِنْ قَصَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْغُلَامَ حَاذِقٌ فَطِنٌ نَبِيهٌ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ الْأُمُورُ الْعُرْفِيَّةُ غَالِبًا يَقَعُ طَلَاقُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ إلَخْ) قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا إلَّا أَنْ يَسْبِقَنِي الْقَضَاءُ وَالْقَدْرُ ثُمَّ فَعَلَهُ وَقَالَ أَرَدْت إخْرَاجَ مَا يُقَدَّرُ مِنْهُ عَنْ الْيَمِينِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا تَطْلُقُ وَقَوْلُهُ أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي صَرِيحٌ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ أَلْزَمْتُك أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك فِرَاقِي أَوْ طَلَاقِي كَانَ صَرِيحًا (قَوْلُهُ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّهُ صَرِيحٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ) وَلِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ النَّقْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فس.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ سَائِرُ زَوْجَاتِهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَإِنْ كَانَ وَضْعُ اللُّغَةِ يَقْتَضِي الطَّلَاقَ لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الثَّلَاثِ وَإِنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْعُمُومِ قَالَ شَيْخُنَا سُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ قَالَ وَالطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَلَاقٌ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ التَّعْلِيقَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُحْلَفُ بِهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ فَإِنْ نَوَاهُ بِهِ وَقَعَ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ بَيْنَ جَرِّ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَعَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي تَمْهِيدِهِ مَا يَعْتَادُهُ النَّاسُ فِي الْعِتْقِ حَيْثُ يَقُولُونَ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَثِيرًا مَا يَنْطِقُونَ بِهِ مَجْرُورًا مَقْسَمًا بِهِ فَيَقُولُونَ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ بِزِيَادَةِ وَاوِ الْقَسَمِ وَذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنَّ مَدْلُولَ ذَلِكَ هُوَ الْقَسَمُ بِهِمَا فِي حَالِ لُزُومِهَا فَتَأَمَّلْهُ وَهُمَا لَا يَصْلُحَانِ لِلْقَسَمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَضْلًا عَنْ التَّقْيِيدِ ثُمَّ تَكَرُّرِ السُّؤَالِ لَهُ عَنْ قَوْلِك مَثَلًا الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا مِنْ غَيْرِ وَاوِ الْقَسَمِ بَلْ وَعَنْ قَوْلِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي فَقَطْ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ مُطْلَقًا أَوْ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ ثُمَّ أَلْحَقَ بِخَطِّهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَيُوَجَّهُ بِأَنْ يَلْزَمُنِي مُسْتَعْمَلٌ فِي الْحَالِ لِلْعُرْفِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَقَعُ بِهِ وَإِنْ نَوَى) أَيْ لِأَنَّ التَّرْخِيمَ لَا يَقَعُ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ إلَّا نَادِرًا فِي الشِّعْرِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ) لَمْ يَتَوَارَدْ كَلَامُ الْقَفَّالِ وَالْخُوَارِزْمِيّ عَلَى تَصْوِيرٍ وَاحِدٍ ع (قَوْلُهُ فَقَالَ وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ بِطَلَاقِك لَأَفْعَلَنَّ كَذَا) إذَا قَالَ وَالطَّلَاقِ لَا أَفْعَلُ كَذَا بِالْجَرِّ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَهُ ر

(3/274)


(أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك وَلَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ لَغْوٌ) أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُحْلَفُ بِهِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ حِينَ التَّعْلِيقِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ لَيْسَ بِكَلَامٍ وَيُفَارِقُ وُقُوعَهُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ بِحُصُولِ الْإِفْهَامِ بِهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَكَذَا) يَلْغُو قَوْلُهُ (أَنْت طَالِقٌ أَوْ لَا) بِإِسْكَانٍ لِوَاوٍ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِفْهَامٌ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَ هَلْ أَنْت طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (إنْشَاءً) لِلطَّلَاقِ (فَتَطْلُقُ) وَلَا يُؤَثِّرُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ أَوْ لَا وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَ كَأَصْلِهِ الْمَسْأَلَةَ كُلَّهَا فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فَهِيَ مُكَرَّرَةٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهُوَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ طَلُقَتْ.

(وَإِنْ نُسِبَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِ أُمِّهَا فَقَالَ) زَوْجُهَا (بِنْتُ فُلَانٍ طَالِقٌ وَنَوَاهَا طَلُقَتْ) وَلَا يَضُرُّ التَّجَوُّزُ فِي نِسْبَتِهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ النِّكَاحِ (وَإِلَّا فَلَا) تَطْلُقُ (وَلَوْ قَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ) إنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ وَمَا وَقَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ اسْتَنَدَ فِيهِ إلَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمْ وَالْأَصَحُّ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ الْأَوَّلُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ.

(وَلَيْسَ) قَوْلُهُ (بَانَتْ مِنِّي امْرَأَتِي أَوْ حَرُمَتْ عَلَيَّ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ) فَيَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ (وَإِنْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ مُدَّةٍ ثَلَاثًا ثُمَّ فَسَّرَ الْكِنَايَةَ بِالطَّلَاقِ لِيَرْفَعَ الثَّلَاثَ) أَيْ وُقُوعَهَا لِمُصَادِفَتِهَا الْبَيْنُونَةَ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ أَيْ تَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى مُدَّةٍ.

(وَإِنْ قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ) زَيْنَبَ (غَيْرَ زَوْجَتِهِ قُبِلَ) كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْقَبُولِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ وَقَالَ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ إنَّهُ الصَّحِيحُ الَّذِي عِلِّيّه الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا إنْ سَبَقَ اسْتِدْعَاؤُهَا) بِأَنْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْت زَيْنَبَ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت زَيْنَبَ غَيْرَهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ لِدَلَالَةِ الْحَالِ (وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ أَنَّ سُؤَالَ الْمَرْأَةِ لَا يُلْحِقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ) وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ زَيْنَبَ لَيْسَ كِنَايَةً عَنْ الزَّوْجَةِ وَإِنَّمَا هُوَ صَرِيحٌ فِيهَا وَالْإِبْهَامُ إنَّمَا حَصَلَ بِتَسْمِيَةِ غَيْرِهَا بِاسْمِهَا فَهُوَ كَالْمُشْتَرَكِ يَنْصَرِفُ إلَى أَحَدِ مُسَمَّيَاتِهِ بِالْقَرِينَةِ نَعَمْ قَدْ يُنَازَعُ فِي أَنَّ الْقَرِينَةَ هُنَا تَقْتَضِي طَلَاقَ زَوْجَتِهِ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ طَلَّقْتُك إلَى طَلَّقْت زَيْنَبَ يُشْعِرُ بِإِرَادَةِ غَيْرِهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَرَادَهُ سَوَاءٌ أَسَبَقَ سُؤَالُهَا أَمْ لَا فَتَطْلُقُ ثُمَّ التَّنَاقُضُ الْمُشَارُ إلَيْهِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ الَّتِي شُرِحَتْ عَلَيْهَا تَبَعًا لِأَصْلِهَا أَمَّا عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مِنْ تَرْكِهِ قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ زَيْنَبُ إلَى آخِرِهِ فَلَا تَنَاقُضَ.

(وَقَوْلُهُ لِلْوَلِيِّ زَوِّجْهَا إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ) بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَهَا تُزَوِّجِي أَوْ انْكِحِي لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ وَطَالِقٌ فَلْيُفَسَّرْ الْأَوَّلُ) أَيْ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى تَفْسِيرِهِ وَلَا يُجْعَلُ الثَّانِي تَفْسِيرًا لَهُ.

(وَإِنْ) كَرَّرَ كِنَايَةً كَأَنْ (قَالَ اعْتَدِّي نَاوِيًا) بِهِ الطَّلَاقَ (وَكَرَّرَهُ غَافِلًا عَنْ التَّأْكِيدِ وَالِاسْتِئْنَافِ فَعَلَى أَيِّهِمَا يُحْمَلُ؟ قَوْلَانِ) أَوْجَهُهُمَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ فَإِنْ نَوَى التَّأْكِيدَ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ الِاسْتِئْنَافُ فَثِنْتَانِ إنْ كَرَّرَ مَرَّةً وَإِلَّا فَثَلَاثٌ (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَلْفَاظُ) وَنَوَى الطَّلَاقَ (تَعَدَّدَ) بِعَدَدِهَا وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ عَنْ جَدِّهِ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُخَالِفٌ لِلرَّاجِحِ فِي اخْتِلَافِ الصَّرَائِحِ مِنْ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا لَوْ اتَّفَقَتْ وَلَعَلَّ مَا قَالَهُ شُرَيْحٌ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ فِي اخْتِلَافِ الصَّرَائِحِ.

(وَلَوْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْ امْرَأَتَك فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى السُّؤَالِ فِي الْأُولَى وَالتَّفْوِيضِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَى امْرَأَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ وَلَا دَلَالَةٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ امْرَأَتِي وَنَوَى الطَّلَاقَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ كَانَ أَبَوَا زَوْجَتَيْهِ) مُسَمَّيَيْنِ (مُحَمَّدَيْنِ وَغَلَبَ عَلَى إحْدَاهُمَا) عِنْدَ النَّاسِ (زَيْدٌ فَقَالَ بِنْتُ مُحَمَّدٍ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) بِنْتُ مُحَمَّدٍ مُعَيَّنًا (حَتَّى يُرِيدَ نَفْسَهُ) أَيْ الْمُعَيَّنَ فَتَطْلُقُ بِنْتُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي اسْمِ الشَّخْصِ بِتَسْمِيَةِ أَبَوَيْهِ لَا بِتَسْمِيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ إلَخْ) لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْتِ فِي أَوَّلِ الطَّلَاقِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَا.

(قَوْلُهُ وَإِنْ نُسِبَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِ أُمِّهَا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا ابْنَةُ غَيْرِهِ أَمَّا إذَا كَانَ يَجْهَلُ ذَلِكَ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهَا ابْنَةُ مَنْ اُشْتُهِرَ نَسَبُهَا إلَيْهِ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا كَمَا لَوْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي أَوْ طَلَّقْت نِسَاءَ الْعَالَمِينَ وَزَوْجَتِي لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ طَلَاقَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ حَتَّى يَصِحَّ الْعَطْفُ.

(قَوْلُهُ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَالَ أَرَدْت الْإِخْبَارَ بِأَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَعَرَفَ ذَلِكَ الطَّلَاقَ ثُمَّ رَأَيْت مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْقَاضِي الطَّبَرِيِّ قَالَ الدَّارَكِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْيَزِيِدِيّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فُلَانَةُ طَالِقٌ فَسَمَّى امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أَجْنَبِيَّةً اسْمُهَا اسْمُ امْرَأَتِهِ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجِهَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ فُلَانَةُ امْرَأَتِي أَوْ طَلَّقْت فُلَانَةَ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْقَبُولِ إلَخْ) لَوْ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ وَاسْمُهَا فَاطِمَةُ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْت فَاطِمَةَ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت فَاطِمَةَ أُخْرَى طَلُقَتْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِدَلَالَةِ الْحَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت فَاطِمَةَ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت فَاطِمَةَ أُخْرَى قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ.

(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ لِلْوَلِيِّ زَوِّجْهَا إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ) لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَسْلِيطَ الْوَلِيِّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهَا.

(قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ) هُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ تَعَدَّدَ بِعَدَدِهَا) أَيْ إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ.

(قَوْلُهُ فَتَطْلُقُ بِنْتُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) يُتَّجَهُ تَحْلِيفُهُ عِنْدَ طَلَبِ الْأُخْرَى ذَلِكَ

(3/275)


النَّاسِ وَقَدْ تَتَعَدَّدُ الْأَسْمَاءُ (وَلَوْ قِيلَ لِزَيْدٍ يَا زَيْدُ فَقَالَ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت) زَيْدًا (غَيْرِي قُبِلَ) مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ فَلَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ إذَا أَرَادَ نَفْسَهُ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا وَهُوَ مَنْقُولُ الْأَصْلِ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا رَجَّحَهُ مِنْ أَنَّهَا لَا تَطْلُق إلَّا عِنْدَ إرَادَتِهِ نَفْسَهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ إلَّا حِينَئِذٍ وَلِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ الْقَبُولِ فِي مَسْأَلَةِ زَيْنَبَ السَّابِقَةِ (وَلَوْ قِيلَ) لَهُ (أَطَلَّقْت) امْرَأَتَك (فَقَالَ) لِلْقَائِلِ (اعْلَمْ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَعْلَمَ وَلَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْعِلْمُ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي قَبْلَ التَّدْبِيرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْت تَعْلَمُ أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي بِيَدِي حُرٌّ حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقُولُ لَهُ عَالِمًا بِحُرِّيَّتِهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ ثَمَّ مُعَلَّقٌ بِاعْتِرَافِهِ بِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ بِخِلَافِهِ هُنَا.

(فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي ثَلَاثًا فَقَالَ) لِفُقَهَاءَ (اُكْتُبُوا لَهَا ثَلَاثًا فَفِي كَوْنِهِ كِنَايَةً تَرَدُّدٌ) أَيْ احْتِمَالَانِ لِأَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ أَحَدُهُمَا لَا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فِعْلُ الْكَاتِبِ وَلَمْ يُفَوِّضْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ إلَيْهِ حَتَّى يَقَعَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُ وَثَانِيهِمَا وَهُوَ أَقْرَبُ نَعَمْ بِتَقْدِيرِ اُكْتُبُوا لَهَا ثَلَاثًا لِأَنِّي طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا (وَقَوْلُهُ أَنْت كَذَا أَوْ كَمَا أُضْمِرَ أَوْ امْرَأَتِي الْحَاضِرَةُ طَالِقٌ وَكَانَتْ غَائِبَةً لَغْوٌ) فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَاهُ إذْ لَا إشْعَارَ لِلْأَوَّلَيْنِ بِالْفُرْقَةِ وَلَا لِلثَّالِثِ بِهَا فِي الْغَائِبَةِ.

(وَلَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَيَّنَ نَفْسَهُ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُعَبِّرُ بِغَيْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا لَمْ يَقَعْ (وَقَوْلُهُ) لِابْنِهِ الْمُكَلَّفِ (قُلْ لِأُمِّك أَنْت طَالِقٌ) وَلَمْ يُرِدْ التَّوْكِيلَ (يَحْتَمِلُ التَّوْكِيلَ) فَإِذَا قَالَهُ لَهَا طَلُقَتْ كَمَا تَطْلُقُ بِهِ لَوْ أَرَادَ التَّوْكِيلَ (وَ) يَحْتَمِلُ (الْإِخْبَارَ) أَيْ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَيَكُونُ الِابْنُ مُخْبِرًا لَهَا بِالْحَالِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُدْرَكُ التَّرَدُّدِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ إنْ جَعَلْنَاهُ كَصُدُورِ الْأَمْرِ مِنْ الْأَوَّلِ كَانَ الْأَمْرُ بِالْإِخْبَارِ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْبَارِ مِنْ الْأَبِ فَيَقَعُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وَبِالْجُمْلَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَفْسِرَ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ عَمِلَ بِالِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ بَلْ بِقَوْلِ الِابْنِ لِأُمِّهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ.

(وَيَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ) فِي الطَّلَاقِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْوَكَالَةَ) يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يُطَلِّقُ لِمُوَكِّلِهِ وَقِيلَ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي أَوَاخِرِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّارِفِ بِأَنْ لَا يَقُولَ طَلَّقْتهَا عَنْ غَيْرِ الْمُوَكِّلِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الدِّيَاتِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَكِيلُ الْمُقْتَصِّ قَتَلْته بِشَهْوَةِ نَفْسِي لَا عَنْ الْمُوَكِّلِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ كَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ لَا يَقَعُ إلَّا لِمُوَكِّلِهِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ (وَإِنْ قَالَ) الْوَكِيلُ (طَلَّقْت مَنْ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقَ بِلَفْظِي فَوَجْهَانِ) فِي أَنَّ الَّتِي وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِهَا هَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ فِي السِّكَّةِ طَالِقٌ وَزَوْجَتُهُ فِيهَا طَلُقَتْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ فِي هَذِهِ لَوْ قَالَ امْرَأَةُ كُلِّ مَنْ فِي السِّكَّةِ طَالِقٌ وَهُوَ فِي السِّكَّةِ إلَى آخِرِهِ إنَّمَا يَتَّجِهُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ.

(وَإِنْ قِيلَ) لَهُ (إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتُك طَالِقٌ فَقَالَ نَعَمْ وَكَانَ قَدْ فَعَلَهُ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْهُ وَإِنَّمَا أَجَازَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ نَقْلِهِ هَذَا عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي قَالَ الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ قِيلَ لَهُ طَلَّقْتهَا فَقَالَ نَعَمْ وَهَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي تَعْلِيقِهِ الْأَوَّلِ.

(وَإِنْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا لَمْ تَطْلُقْ) زَوْجَتُهُ (بَاطِنًا) وَإِنَّمَا تَطْلُقُ ظَاهِرًا (وَإِنْ قَالَ) لِإِحْدَى نِسَاؤُهُ (أَنْت طَالِقٌ مِائَةً فَقَالَتْ تَكْفِينِي ثَلَاثٌ فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك فَكِنَايَةٌ فِي الضَّرَائِرِ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ عَلَى كُلٍّ ثَلَاثٌ وَكَانَ التَّقْدِيرُ أَنْتِ طَالِقٌ بِثَلَاثٍ وَهُنَّ طَوَالِقُ بِالْبَاقِي وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطِبْهُنَّ وَإِنَّمَا رَدَّ عَلَيْهِنَّ شَيْئًا لَاغِيًا (هَذَا قَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ قَالَتْ تَكْفِينِي وَاحِدَةٌ) فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك (طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَالضَّرَائِرُ طَلْقَتَيْنِ إنْ نَوَى) الطَّلَاقَ (أَوْ قَالَتْ تَكْفِينِي ثَلَاثًا) صَوَابُهُ ثَلَاثٌ فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك (لَغَا مَا أَلْقَاهُ عَلَى الضَّرَائِرِ) بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ لَغْوٌ وَقِيَاسُ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وُقُوعُ ثَلَاثٍ عَلَى الضَّرَائِرِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْخِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَغَوِيّ فِي الشِّقَّيْنِ مَعًا وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ.

(وَقَوْلُهُ حَرَّمْتُك وَالنِّيَّةُ نِيَّةُ زَيْدٍ كَحَرَّمْتُك) بِدُونِ ذِكْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْقُولُ الْأَصْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَثَانِيهُمَا وَهُوَ أَقْرَبُ نَعَمْ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ التَّوْكِيلَ) فَإِنْ أَرَادَ التَّوْكِيلَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَقُولَ الِابْنُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَفْسَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَيَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْوَكَالَةَ لِانْتِفَاءِ الصَّارِفِ عَنْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ الْوَكِيلَ إذَا أَطْلَقَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَنْ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّارِفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا فِيمَا لَا يَصِحُّ فِيهِ الْوُقُوعُ لِنَفْسِهِ أَمَّا مَا يَصِحُّ فِيهِ الْوُقُوعُ لَهُ فَلَا شَكَّ فِي اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ كَمَا سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ.

(قَوْلُهُ فَقَالَ نَعَمْ إلَخْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَنْت سَرَقْت مَالِي فَأَنْكَرَ فَقَالَ إنْ كُنْت سَرَقْته فَامْرَأَتُك طَالِقٌ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ قَالَ طَالِقٌ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَحْدَهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مَا لَمْ يَقُلْ امْرَأَتِي وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ سَرَقْت مَالِي فَقَالَ مَا سَرَقْته فَقَالَ إنْ كُنْت سَرَقْته فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيْك حَرَامٌ فَقَالَ نَعَمْ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ عَلَى مَذْهَبِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ عِنْدَهُمْ هَذَا اللَّفْظُ كِنَايَةٌ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ وَاللَّفْظُ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ كَانَتْ تَكْفِينِي وَاحِدَةٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ صَوَابُهُ ثَلَاثٌ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأُولَى صَوَابٌ أَيْضًا بِجَعْلِ فَاعِلِ يَكْفِينِي ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الطَّلَاقِ لِفَهْمِهِ مِنْ طَالِقٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ لَغْوٌ) فَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ بَعْدَ التَّنْقِيبِ التَّامِّ أَنْ جُعِلَ ذَلِكَ كِنَايَةً فِي الضَّرَائِرِ إلَّا الْمُتَوَلِّي.

(3/276)


الْبَاقِي (وَالْبَاقِي لَغْوٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فِي هَذَا وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ فَعَلْت كَذَا فَأَنْكَرَ فَقَالَ الْحِلُّ عَلَيْك حَرَامٌ وَالنِّيَّةُ نِيَّتِي أَنَّك مَا فَعَلْت كَذَا فَقَالَ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك مَا فَعَلْته لَغَا قَوْلُهُ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك وَيَكُونُ كَمَا لَوْ تَلَفَّظَ بِهِ ابْتِدَاءً (وَإِنْ قِيلَ لِمَنْ أَنْكَرَ) شَيْئًا (امْرَأَتُك طَالِقٌ إنْ كُنْت كَاذِبًا فَقَالَ طَالِقٌ) طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ إنْ كَانَ كَاذِبًا لِتَرَتُّبِ كَلَامِهِ عَلَى كَلَامِ الْقَائِلِ (إلَّا إنْ أَرَادَ غَيْرَهَا) فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إشَارَةٌ إلَيْهَا وَلَا تَسْمِيَةٌ (أَوْ قَالَ بِنْتِي أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ) وَأَنْت يَا زَوْجَتِي (أَوْ) قَالَ (نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْت يَا زَوْجَتِي لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ عَطَفَهَا عَلَى نِسْوَةٍ لَمْ يَطْلُقْنَ.

(الطَّرَفُ الثَّانِي) فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ (مَقَامَ اللَّفْظِ فَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ) مِنْ عُقُودٍ وَحُلُولٍ كَإِقْرَارٍ وَدَعْوًى كَالنُّطْقِ (فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا) أَحْكَامُهُ (وَلَوْ) كَانَ (كَاتِبًا) لِعَجْزِهِ مَعَ دَلَالَتِهَا عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ النُّطْقُ (لَكِنْ) (لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ) بِإِشَارَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ) بِهَا وَلَا يَحْنَثُ بِهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْكَلَامِ (فَإِنْ أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ) أَيْ الذَّكِيَّ (وَغَيْرَهُ الطَّلَاقَ مَثَلًا فَصَرِيحٌ أَوْ) أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ (وَحْدَهُ فَكِنَايَةٌ) تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَقِيلَ يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا رَجَّحَهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (وَتَفْسِيرُهُ صَرِيحُ إشَارَتِهِ) فِي الطَّلَاقِ (بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَتَفْسِيرِ اللَّفْظِ الشَّائِعِ فِي الطَّلَاقِ بِغَيْرِهِ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرٌ إلَّا بِقَرِينَةٍ (وَلَوْ أَشَارَ نَاطِقٌ) بِالطَّلَاقِ (وَ) إنْ (نَوَى) كَأَنْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اذْهَبِي (لَغَا) وَإِنْ أَفْهَمَ بِهَا كُلَّ أَحَدٍ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْعِبَارَةِ إلَى الْإِشَارَةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلطَّلَاقِ وَإِنْ قَصَدَهُ بِهَا فَهِيَ لَا تُقْصَدُ لِلْإِفْهَامِ إلَّا نَادِرًا وَلَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ فَإِنَّهَا حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ كَالْعِبَارَةِ (فَلَوْ قَالَ) مَنْ لَهُ امْرَأَتَانِ (امْرَأَتِي طَالِقٌ مُشِيرًا لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَقَالَ أَرَدْت الْأُخْرَى قُبِلَ) مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ بِالْإِشَارَةِ شَيْءٌ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ بَلْ يُطَلَّقَانِ جَمِيعًا وَالتَّرْجِيحُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ آخَرَ الْبَابِ الْخَامِسِ (وَإِنْ قَالَ) لِأَحَدِهِمَا (أَنْت طَالِقٌ وَهَذِهِ فَهَلْ) لَفْظُهُ (هَذِهِ كِنَايَةٌ أَوْ صَرِيحٌ وَجْهَانِ) عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي مَا لَمْ يَنْوِ خِلَافَهُ لِأَنَّهُ عَطَفَهَا عَلَى مَنْ طَلُقَتْ وَكَمَا لَوْ قَالَ مَنْ أَكْرَهَ عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ إلْحَاقًا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ طَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا.

(فَصْلٌ كَتْبُ الطَّلَاقِ) وَلَوْ صَرِيحًا (كِنَايَةٌ وَلَوْ مِنْ الْأَخْرَسِ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ قَرَأَهُ) أَيْ مَا كَتَبَهُ حَالَ الْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا (فَصَرِيحٌ فَلَوْ قَالَ قَرَأْته حَاكِيًا) مَا كَتَبْته (بِلَا نِيَّةً) لِلطَّلَاقِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَهُوَ يَحُلُّ الْوَثَاقَ وَقَالَ نَوَيْت حَلَّهُ (وَفَائِدَتُهُ) أَيْ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ (إذَا لَمْ يُقَارِنْ الْكَتْبَ النِّيَّةُ) فَإِنْ قَارَنَهَا طَلُقَتْ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ (وَمِثْلُهُ) فِيمَا ذُكِرَ (الْعِتْقُ وَالْإِبْرَاءُ وَالْعَفْوُ) عَنْ الْقِصَاصِ وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ غَيْرَ النِّكَاحِ. .

[فَرْعٌ كَتَبَ أَنْتِ أَوْ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ]
(فَرْعٌ) لَوْ (كَتَبَ أَنْت) أَوْ زَوْجَتِي (طَالِقٌ وَنَوَى) الطَّلَاقَ (طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ كِتَابُهُ) إلَيْهَا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ طَرِيقٌ فِي إفْهَامِ الْمُرَادِ كَالْعِبَارَةِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَحْتَمِلُ النَّسْخَ وَالْحِكَايَةَ وَتَجْرِبَةَ الْقَلَمِ وَالْمِدَادِ وَغَيْرِهَا (وَإِنْ كَتَبَ إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَرَأْته أَوْ فَهِمَتْهُ مُطَالَعَةً) وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ مِنْهُ (طَلُقَتْ) فَإِنْ قَرَأَتْ أَوْ فَهِمَتْ بَعْضَهُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَلَوْ قُرِئَ عَلَيْهَا لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ الشَّرْطِ مَعَ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ بِعَزْلِ الْقَاضِي لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى اللَّفْظِ وَعَزْلُ الْقَاضِي عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَقْصُودِ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْقُضَاةِ أَنْ تُقْرَأَ عَلَيْهِمْ الْكُتُبُ (إلَّا إذَا كَانَتْ أُمِّيَّةً وَعَلِمَ) الزَّوْجُ بِأَنَّهَا أُمِّيَّةٌ فَتَطْلُقُ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ وُجِدَ (لَا إنْ جَهِلَ) أَنَّهَا أُمِّيَّةٌ فَلَا تَطْلُقُ نَظَرًا إلَى حَقِيقَةِ اللَّفْظِ.

(وَلَوْ كَتَبَ إذَا وَصَلَك) أَوْ بَلَغَك أَوْ أَتَاك (كِتَابِي) فَأَنْت طَالِقٌ (طَلُقَتْ بِوُصُولِهِ) إلَيْهَا رِعَايَةً لِلشَّرْطِ (لَا) إنْ وَصَلَ إلَيْهَا (مَمْحِيٌّ) مَا فِيهِ وَفِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَغَا قَوْلُهُ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك إلَخْ) لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ وَاللَّفْظُ مِنْ وَاحِدٍ فَأَمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ وَاحِدٍ وَاللَّفْظُ مِنْ آخَرَ فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْغَيْرَ لَا يَقُومُ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي النِّيَّةِ.

[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ مَقَامَ اللَّفْظِ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ]
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ مَقَامَ اللَّفْظِ) (قَوْلُهُ فَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ كَالنُّطْقِ) قَالَ الْإِمَامُ فِي الْأَسَالِيبِ وَكَانَ السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِيهَا بَيَانٌ وَلَكِنَّ الشَّارِعَ تَعَبَّدَ النَّاطِقِينَ بِالْعِبَارَةِ فَإِذَا عَجَزَ الْأَخْرَسُ لِخَرَسِهِ عَنْ الْعِبَارَةِ أَقَامَتْ الشَّرِيعَةُ إشَارَتَهُ مُقَامَ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُهُ) يَشْمَلُ مَا لَوْ عَلَّقَ عَلَى مَشِيئَةِ زَيْدٍ وَكَانَ نَاطِقًا ثُمَّ خَرِسَ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ مُنْشَؤُهُمَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ التَّعْلِيقِ أَوْ بِحَالِ وُجُودِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ وَغَيْرَهُ الطَّلَاقَ فَصَرِيحٌ) كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ كَمْ طَلَّقْت امْرَأَتَك فَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ) وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا.

[فَصْلٌ كِتَابَةُ الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ أَوْ فَهِمَتْهُ مُطَالَعَةً طَلُقَتْ) نَعَمْ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا أَرَدْت الْقِرَاءَةَ بِاللَّفْظِ قَبْلَ قَوْلِهِ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ إطْلَاقِ قِرَاءَتِهَا إيَّاهُ عَلَى مُطَالَعَتِهَا إيَّاهُ وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِهِ وَبَيْنَ جَوَازِ إجْرَاءِ ذِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ الْقُرْآنَ عَلَى قَلْبِهِ وَنَظَرِهِ فِي الْمُصْحَفِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ أُمِّيَّةً وَعَلِمَ الزَّوْجُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقْرَأَهُ عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ طَالَعَهُ أَوْ فَهِمَهُ أَوْ قَرَأَهُ خَالِيًا ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ إذْ الْغَرَضُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِيهِ بَقِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ بِقِرَاءَتِهَا وَكَانَتْ قَارِئَةً وَهُوَ يَعْلَمُ ثُمَّ نَسِيَتْ الْقِرَاءَةَ أَوْ عَمِيَتْ ثُمَّ جَاءَ الْكِتَابُ أَهَلْ تَطْلُقُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهَا وَلَوْ عَلَّقَهُ بِقِرَاءَتِهَا عَالِمًا بِأَنَّهَا غَيْرُ قَارِئَةٍ ثُمَّ تَعَلَّمَتْ وَوَصَلَ كِتَابُهُ هَلْ تَكْفِي قِرَاءَةُ غَيْرِهَا الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ فِي الثَّانِيَةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ التَّعْلِيقِ وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِي الْأُولَى لِذَلِكَ وَلَا نَقْلَ عِنْدِي فِيهِمَا.

(3/277)


نُسْخَةٍ مَمْحِيًّا فَلَا تَطْلُقُ كَمَا لَوْ ضَاعَ (إلَّا إنْ بَقِيَتْ الْآثَارُ مَقْرُوءَةً) أَيْ يُمْكِنُ قِرَاءَتُهَا فَتَطْلُقُ كَمَا لَوْ وَصَلَ وَالْمَكْتُوبُ بِحَالِهِ وَالْأَوْلَى قِرَاءَةُ مَمْحِيٍّ عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى بِكَسْرِ الْحَاءِ فَيَكْتُبُ مَمْحٍ مِنْ امَّحَى بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ لُغَةٌ فِي انْمَحَى لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْقُوصٌ وَإِعْرَابُ الْمَنْقُوصِ نَصْبًا كَإِعْرَابِهِ رَفْعًا وَجَرًّا فِي لُغَةٍ وَلَا يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِإِسْكَانِ الْمِيمِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ رُبَاعِيًّا مَعَ أَنَّهُ ثُلَاثِيٌّ تَقُولُ مَحَى لَوْحَهُ يَمْحُوهُ مَحْوًا وَيَمْحِيه مَحْيًا وَيَمْحُهُ فَهُوَ مَمْحُوٌّ وَمَمْحِيٌّ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَلَوْ انْمَحَى إلَّا مَوْضِعَ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ) لِوُصُولِ الْمَقْصُودِ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ تَطْلُقُ إنْ قَالَ كِتَابِي كَمَا ذُكِرَ لَا إنْ قَالَ كِتَابِي هَذَا أَوْ الْكِتَابُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُقَالُ تَصْوِيرُهُ بِكِتَابِي يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّالِثِ وَقَدْ اسْتَحْسَنَهُ الْأَصْلُ.

(وَلَا أَثَرَ) فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ (لِبَقَاءِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِهِ مَوْضِعَ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ وُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَإِنْ عُلِّقَ بِبُلُوغِ الطَّلَاقِ) أَوْ وُصُولِهِ أَوْ إتْيَانِهِ (فَسَلِمَ) مِنْ الِانْمِحَاءِ (مَوْضِعُ الطَّلَاقِ وَقَعَ قَطْعًا) فَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ لَمْ يَقَعْ وَلَا حَاجَةَ بِقَوْلِهِ قَطْعًا (وَقِرَاءَةُ بَعْضِ الْكِتَابِ) أَوْ فَهْمُهُ مُطَالَعَةً (إنْ عُلِّقَ بِقِرَاءَتِهِ كَوُصُولِ بَعْضِهِ إنْ عُلِّقَ بِوُصُولِهِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثُمَّ (وَإِنْ عُلِّقَ بِوُصُولِ الْكِتَابِ ثُمَّ بِوُصُولِ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ بِوُصُولِ الْكِتَابِ طَلْقَتَيْنِ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ (أَوْ) عُلِّقَ (بِوُصُولِ نِصْفِ الْكِتَابِ فَوَصَلَ كُلُّهُ طَلُقَتْ) لِاشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى النِّصْفِ.

(وَإِنْ كَتَبَ غَيْرَهُ أَوْ كَنَّى) بِلَفْظِ (بِإِذْنِهِ وَ) لَوْ (نَوَى هُوَ) الطَّلَاقَ (لَغَا) فَالْعِبْرَةُ بُنَيَّةِ الْكَاتِبِ وَالْكَانِي (وَالْكَتْبُ عَلَى الْأَرْضِ) أَوْ نَحْوِهَا (كِتَابَةٌ لَا عَلَى الْمَاءِ وَالْهَوَاءِ) وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْبَيْعِ (وَإِنْ كَتَبَ أَنْت طَالِقٌ وَاسْتَمَدَّ) بِالْقَلَمِ مِنْ الدَّوَاةِ نُظِرَ (إنْ كَانَ) الِاسْتِمْدَادُ (لِحَاجَةٍ ثُمَّ كَتَبَ تَعْلِيقًا) كَإِذَا أَتَاك كِتَابِي (صَحَّ التَّعْلِيقُ) ظَاهِرًا فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْكِتَابُ (وَإِلَّا وَقَعَ فِي الْحَالِ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِنْ كَانَ السُّكُوتُ لِحَاجَةٍ تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِالشَّرْطِ وَإِلَّا وَقَعَ فِي الْحَالِ (وَإِنْ أَنْكَرَ) الزَّوْجُ (الْكِتَابَ) أَيْ كَتْبَ الطَّلَاقِ (أَوْ النِّيَّةَ) وَادَّعَتْهُ الزَّوْجَةُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ.

(الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ) لِلطَّلَاقِ وَهُوَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَاحْتَجُّوا لَهُ أَيْضًا «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ وَبَيْنَ مُفَارَقَتِهِ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [الأحزاب: 28] » إلَى آخِرِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهِنَّ الْفُرْقَةَ أَثَرٌ لَمْ يَكُنْ لِتَخْيِيرِهِنَّ مَعْنًى وَاسْتُشْكِلَ بِمَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِاخْتِيَارِهَا الدُّنْيَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إيقَاعِهِ بِدَلِيلِ {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: 28] (قَوْلُهُ طَلِّقِي نَفْسَك) لِزَوْجَتِهِ (أَوْ اعْتِقِي نَفْسَك لِأَمَتِهِ تَمْلِيكٌ) لِلطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِغَرَضِهِمَا (كَالْهِبَةِ) وَنَحْوِهَا فَكَأَنَّهُ يَقُولُ مَلَّكْتُكُمَا نَفْسَكُمَا فَيَمْلِكَانِهَا بِالطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ (لَا تَوْكِيلٌ) بِذَلِكَ دَفْعٌ لِمَا قِيلَ إنَّهُ تَوْكِيلٌ كَمَا فِي التَّفْوِيضِ لِأَجْنَبِيٍّ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ لَهُمَا فِيهِ غَرَضًا وَلَهُمَا بِالزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ اتِّصَالًا (فَإِنْ كَانَ) التَّفْوِيضُ (بِمَالُ فَيُمْلَكُ بِعِوَضٍ) كَالْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ بِلَا عِوَضٍ كَالْهِبَةِ (وَشَرْطُهُ) أَيْ التَّفْوِيضُ أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهِ (التَّكْلِيفُ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَا مَعَ غَيْرِ مُكَلَّفَةٍ لِفَسَادِ الْعِبَارَةِ (وَالتَّطْلِيقُ فَوْرًا لِتَضَمُّنِهِ الْقَبُولَ) وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ يَقْتَضِيه فَلَوْ أَخَّرَتْ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ ثُمَّ طَلَّقَتْ لَمْ يَقَعْ (إلَّا أَنْ قَالَ) طَلِّقِي نَفْسَك (مَتَى شِئْت) فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ وَإِنْ اقْتَضَى التَّمْلِيكُ اشْتِرَاطَهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لِمَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ سُومِحَ فِي تَمْلِيكِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَبَعْضِ مُخْتَصِرِي الرَّوْضَةِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّفْوِيضَ تَمْلِيكٌ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَوَجَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا ذُكِرَ وَالْأَصْلُ إنَّمَا ذَكَرَهُ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ وَصَوَّبَهُ فِي الذَّخَائِرِ وَهُوَ الْحَقُّ وَالْإِعْتَاقُ كَالطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ وَفِيمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَبْحَثَ مَوْضُوعٌ لَهُ.

(وَلِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ) عَنْ التَّفْوِيضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَوْ انْمَحَى إلَّا مَوْضِعَ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ) لَوْ قَالَ إذَا جَاءَك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَتَاهَا بَعْضُ الْكِتَابِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الطَّلَاقِ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَك خَطِّي فَأَنْت طَالِقٌ فَذَهَبَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَقِيَ ذِكْرُ الطَّلَاقِ.

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَسَكَتَ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ بِكِتَابَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَإِلَّا فَكِتَابَةُ صَرِيحِ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ خَطَّهُ لَمْ تَطْلُقْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بَلْ يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى إثْبَاتِ قِرَاءَتِهِ أَوْ نِيَّتِهِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلشُّهُودِ الشَّهَادَةُ عَلَى أَنَّهُ خَطَّهُ إذَا شَاهَدُوهُ وَقْتَ كِتَابَتِهِ وَكَانَ الْخَطُّ مَحْفُوظًا عِنْدَهُمْ لِيَأْمَنُوا التَّزْوِيرَ.

[الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ فِي الطَّلَاقُ]
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ) .
(فَرْعٌ) فَوَّضَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ إلَى رَجُلَيْنِ فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ ثَلَاثًا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَيْهَا وَاخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ فَيَثْبُتُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ قَالَ الْفُورَانِيُّ لَا يَقَعُ سَيَأْتِي عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّطْلِيقُ فَوْرًا) كَأَنْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ التَّطْلِيقَ هُنَا جَوَابُ التَّمْلِيكِ فَكَانَ كَقَبُولِهِ وَقَبُولُهُ فَوْرِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَخَّرَتْ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ قَالَتْ عَلَى الْفَوْرِ قَبِلْت (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَبَعْضِ مُخْتَصِرِي الرَّوْضَةِ) كَالْأُصْفُونِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ) وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْحِجَازِيُّ وَنَقَلَهُ فِي التَّدْرِيبِ عَنْ النَّصِّ وَقَالَ جَرَى عَلَيْهِ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّمْلِيكِ وَمَنْ أَثْبَتَ الْقَوْلَيْنِ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ إذَا فَوَّضَ الطَّلَاقَ إلَيْهَا وَجَعَلَهُ عَلَى التَّرَاخِي فَاَلَّذِي رَمَزَ إلَيْهِ الْأَصْحَابُ فِي خِلَالِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ رَأَيْنَاهُ تَمْلِيكًا عَلَى مَا حَكَيْنَاهُ فِي الْجَوَابِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.

(3/278)


(قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّطْلِيقِ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) أَيْ التَّفْوِيضُ (فَقَوْلُهُ إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ زَيْدٌ) مَثَلًا (فَطَلِّقِي نَفْسَك لَغْوٌ) كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (وَإِنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ إذَا جَاءَ الْغَدُ) مَثَلًا (فَأَمْرُ امْرَأَتِي) أَيْ فِي الطَّلَاقِ (بِيَدِك وَقَصَدَ التَّقْيِيدَ بِالْغَدِ تَقَيَّدَ) الطَّلَاقُ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ الطَّلَاقُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَصَدَ إطْلَاقَ الطَّلَاقِ لَهُ بَعْدَ وُجُودِ الْغَدِ أَوْ أَطْلَقَ (فَلَهُ الطَّلَاقُ بَعْدَهُ) مَتَى شَاءَ كَمَا لَهُ الطَّلَاقُ فِيهِ وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِمَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (أَمْرُهَا بِيَدِك إلَى شَهْرٍ) أَوْ شَهْرًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَهُ التَّطْلِيقُ) فِيهِ لَا بَعْدَهُ (وَإِنْ قَالَ) لَهَا (طَلِّقِي نَفْسَك فَعَلَّقَتْهُ بِقُدُومِ زَيْدٍ لَغَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهَا التَّعْلِيقَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ الَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ (وَإِنْ قَالَتْ) بَعْدَ قَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَك (كَيْف أُطَلِّقُ نَفْسِي ثُمَّ طَلَّقَتْ وَقَعَ) الطَّلَاقُ وَالْفَصْلُ بِذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ لِقَصْرِهِ (وَلَوْ وَكَّلَهَا أَوْ وَكَّلَ آخَرَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ لَمْ يَصِحَّ) كَمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ أَيْضًا فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِهِ يُوجَدُ لَا مَحَالَةَ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْأَيْمَانِ فَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ.

(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لَهَا بَيِّنِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَيَا) عِنْدَ قَوْلِهِمَا الطَّلَاقَ (طَلُقَتْ) كَمَا تَطْلُقُ بِالصَّرِيحِ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ لَفْظُهُمَا بِالْكِنَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ لَمْ يُفَوِّضْ الطَّلَاقَ وَإِذَا لَمْ تَنْوِ هِيَ مَا امْتَثَلَتْ (وَتَطْلُقُ إذَا قَالَ) لَهَا (طَلِّقِي) نَفْسَك (فَقَالَتْ سَرَّحْت) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الصَّرَاحَةِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ (لَوْ كَنَّى) وَنَوَى (فَصَرَّحَتْ هِيَ أَوْ وَكِيلُهُ) فِي الطَّلَاقِ (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ صَرَّحَتْ فَكَنَّتْ هِيَ أَوْ وَكِيلُهُ وَنَوَيَا (إلَّا إنْ أَمَرَهُمَا بِأَحَدِهِمَا فَخَالَفَا) كَأَنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك أَوْ لَهُ طَلِّقْهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَوْ قَالَ بِكِنَايَتِهِ فَعَدَلَا عَنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ إلَى غَيْرِهِ وَلَا تَطْلُقُ لِمُخَالَفَتِهِمَا صَرِيحَ كَلَامِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ طَلِّقْهَا بِلَفْظِ التَّطْلِيقِ فَطَلَّقَهَا بِلَفْظِ التَّسْرِيحِ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ تَطْلُقْ لِلْمُخَالَفَةِ (وَإِنْ أَجَابَتْ زَوْجَهَا بِطَلَّقْتُك فَكِنَايَةٌ كَقَوْلِهِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ) بِجَامِعِ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ.

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لَهَا نَاوِيًا لِلتَّفْوِيضِ) لِلطَّلَاقِ (اخْتَارِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت أَوْ) قَالَ (اخْتَارِي) فَقَطْ (فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي وَنَوَتْ) فِيهِمَا (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (وَإِنْ تَرَكَا النَّفْسَ مَعًا فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَتْ نَفْسَهَا إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِ أَحَدِهِمَا مَا يُشْعِرُ بِالْفِرَاقِ وَثَانِيهِمَا يَقَعُ إذَا نَوَتْ نَفْسَهَا وَبِهِ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ الْجَزْمُ بِهِ وَجَرَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَلَوْ قَالَتْ) بَعْدَ قَوْلِهِ اخْتَارِي نَفْسَك أَوْ اخْتَارِي فَقَطْ (نَاوِيَةً) لِلطَّلَاقِ (اخْتَرْت أَهْلِي أَوْ الْأَزْوَاجَ) أَوْ غَيْرَك (طَلُقَتْ) لِإِشْعَارِهَا بِالْفِرَاقِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ نَاوِيَةً مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) إنْ أَجَابَتْهُ (بِاخْتَرْت زَوْجِي) أَوْ الزَّوْجَ (أَوْ النِّكَاحَ) فَلَا تَطْلُقُ لِعَدَمِ إشْعَارِهِ بِهِ (وَإِنْ قَالَتْ) فِي جَوَابِهِ (أَخْتَارُ لَمْ تَطْلُقْ) لِاحْتِمَالِ الِاسْتِقْبَالِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ (إلَّا إنْ قَصَدَتْ) بِهِ (الْإِنْشَاءَ) فَتَطْلُقُ (وَالْقَوْلُ فِي عَدَمِ اخْتِيَارِهَا) لِلطَّلَاقِ (فَوْرًا قَوْلُهُ) لِلْأَصْلِ وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الِاخْتِيَارِ مُمْكِنَةٌ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ التَّخْيِيرِ أَوْ فِي اخْتِيَارِ الزَّوْجَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى.

(وَ) الْقَوْلُ (فِي الْبَيِّنَةِ) إثْبَاتًا وَنَفْيًا (قَوْلُ النَّاوِي) لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ نَعَمْ لَوْ قَالَتْ مَا نَوَيْت فَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ نَوَيْت طَلُقَتْ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَكَذَا) الْقَوْلُ فِيهَا (قَوْلُهُ مَنْ وُكِّلَ فِي الطَّلَاقِ فَكَنَّى) بِهِ كَأَنْ قَالَ لَهَا أَنْت بَائِنٌ أَوْ أَمْرُك بِيَدِك وَزَعَمَ أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ وَلَمْ تُكَذِّبْهُ وَكَذَّبَهُ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ (لَا إنْ كَذَّبَاهُ مَعًا) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ (وَإِنْ فَوَّضَهَا) أَيْ فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ (فِيمَا شَاءَتْ مِنْ الثَّلَاثِ) كَأَنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي أَوْ طَلِّقِي نَفْسَك مِنْ ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ مَا شِئْت (مَلَكَتْ مَا دُونَهَا) مِنْ وَاحِدَةٍ وَثِنْتَيْنِ وَلَا تَمْلِكُ الثَّلَاثَ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ (وَإِنْ كَرَّرَ) قَوْلَهُ (اخْتَارِي وَأَرَادَ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ بِاخْتِيَارِهَا فَإِنْ أَرَادَ عَدَدًا وَقَعَ أَوْ أَطْلَقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَمْرُك بِيَدِك فَتَزَوَّجَ فَفِي مَصِيرِهِ مُفَوِّضًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِتَفْوِيضٍ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَلَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ الَّذِي عِنْدِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ قَالَ لَهَا بَيِّنِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَيَا الطَّلَاقَ]
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ طَلَّقَهَا بِلَفْظِ التَّطْلِيقِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ قَالَ لَهَا نَاوِيًا لِلتَّفْوِيضِ لِلطَّلَاقِ اخْتَارِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت]
(قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا يَقَعُ إنْ نَوَتْ نَفْسَهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ إذْ الْقَرِينَةُ دَلَّتْ عَلَى الْمَحْذُوفِ فَكَانَ كَالْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَتْ أَخْتَارُ) أَيْ أَوْ أَطْلُقُ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ الِاسْتِقْبَالِ) لَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَ النُّحَاةِ الْمُضَارِعُ إذَا تَجَرَّدَ فَالْحَالُ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْحَالِ وَعَارَضَهُ أَصْلُ بَقَاءِ النِّكَاحِ.

(قَوْلُهُ وَلَا تَمْلِكُ الثَّلَاثَةَ) لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ كَمَا لَوْ قَالَ ضَعُوا عَنْ الْمُكَاتِبِ مَا شَاءَ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشَاءَ الْكُلَّ.

(3/279)


وَقَعَ بِعَدَدِ اللَّفْظِ إنْ لَمْ تُخَالِفْهُ فِيهِمَا وَإِلَّا وَقَعَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ.

(وَلَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا عَبَثًا) وَنَوَتْ (فَصَادَفَتْ التَّفْوِيضَ) لَهَا وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا (طَلُقَتْ) كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ حَيٌّ فَبَانَ مَيِّتًا بَلْ أَوْلَى (وَإِنْ جَعَلَ طَلَاقَهَا بِيَدِ اللَّهِ وَيَدِ زَيْدٍ لَغَا إنْ قَصَدَ الشِّرْكَةَ) فَلَيْسَ لِزَيْدٍ أَنْ يُطَلِّقَهَا (لَا) إنْ قَصَدَ (التَّبَرُّكَ) أَوْ أَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ فَلَا يَلْغُو قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ قَصَدَ الشِّرْكَةَ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ الْعَطْفِ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (جَعَلْت كُلَّ أَمْرٍ لِي عَلَيْك بِيَدِك كِنَايَةٌ فِي التَّفْوِيضِ) إلَيْهَا وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا مَا لَمْ يَنْوِهَا هُوَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(وَ) قَوْلُهُ (طَلِّقِي نَفْسَك فِي غَدٍ لَغْوٌ) وَإِنْ ضَمَّهُ إلَى غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَك الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ كَمَا صَوَّرَ بِهِ الْأَصْلُ فَيَلْغُو فِيهِ قَوْلُهُ وَغَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي أَوْ أَبِينِي نَفْسَك فَطَلَّقَتْ) نَفْسَهَا (وَنَوَيَا الثَّلَاثَ وَقَعَتْ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ وَقَدْ نَوَيَاهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِيَاهَا بِأَنْ نَوَى أَحَدُهُمَا عَدَدًا وَالْآخَرُ أَقَلَّ مِنْهُ (فَأَقَلُّ النِّيَّتَيْنِ) يَقَعُ لِأَنَّهُ الْمُتَّفِقُ عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى فَأَقَلُّ الْمَنْوِيَّيْنِ (وَلَوْ لَمْ يَنْوِ) هُوَ أَوْ هِيَ (شَيْئًا وَقَعَتْ وَاحِدَةً) وَإِنْ نَوَى عَدَدًا وَطَلَّقَتْ بِالصَّرِيحِ لِأَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِي الْعَدَدِ وَهِيَ لَمْ تَنْوِ عَدَدًا (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَالَتْ بِلَا نِيَّةٍ طَلَّقْت وَقَعْنَ) لِأَنَّ قَوْلَهَا هُنَا جَوَابٌ لِكَلَامِهِ فَهُوَ كَالْمُعَادِ فِي الْجَوَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَلَفَّظْ هُوَ بِالثَّلَاثِ وَنَوَاهَا لِأَنَّ الْمَنْوِيَّ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ عَوْدِهِ فِي الْجَوَابِ إذْ التَّخَاطُبُ بِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ (أَوْ) قَالَتْ (طَلَّقْت وَاحِدَةً وَقَعَتْ) لِأَنَّهَا الْمُوقِعَةُ أَوْ ثِنْتَيْنِ وَقَعَتَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ زَادَتْ الثِّنْتَيْنِ) الْبَاقِيَتَيْنِ عَلَى الْوَاحِدَةِ الَّتِي أَوْقَعَهَا (فَوْرًا وَلَوْ بَعْدَمَا رَاجَعَ وَقَعْنَ) أَيْ الثَّلَاثُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَطْلُقَ الثَّلَاثَ دَفْعَةً وَبَيْنَ قَوْلِهَا طَلَّقْت وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَلَا يَقْدَحُ تَخَلُّلُ الرَّجْعَةِ مِنْ الزَّوْجِ وَالتَّصْرِيحُ بِفَوْرِيَّةِ الزِّيَادَةِ وَبِحُكْمِ مَا إذَا لَمْ يُرَاجِعْ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا) أَوْ ثِنْتَيْنِ (فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ لِأَنَّهَا الْمَأْذُونُ فِيهِ وَالْمُتَّفِقُ عَلَيْهِ (وَالْوَكِيلُ كَذَلِكَ) أَيْ كَالْمَرْأَةِ فِيمَا ذُكِرَ فَلَا يَقَعُ بِطَلَاقِهِ إلَّا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ (طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً أَوْ) قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك (وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَشِيئَةَ وَإِنْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْعَدَدِ فَقَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا وَعَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً (لَغَا) فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ لِصَيْرُورَةِ الْمَشِيئَةِ شَرْطًا فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ وَالْمَعْنَى طَلِّقِي إنْ اخْتَرْت الثَّلَاثَ فَإِذَا اخْتَارَتْ غَيْرَهُنَّ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى تَفْوِيضِ الْمُعَيَّنِ وَالْمَعْنَى فَوَّضْت إلَيْك أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَإِنْ شِئْت فَافْعَلِي مَا فَوَّضْت إلَيْك وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَلَا نُفُوذَ مَا يَدْخُلُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّلَاقِ أَيْضًا فَقَالَ إنْ شِئْت طَلِّقِي ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً كَانَ كَمَا لَوْ أَخَّرَهَا عَنْ الْعَدَدِ.

الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ

فَيُشْتَرَطُ قَصْدُ اللَّفْظِ بِمَعْنَاهُ) أَيْ مَعَهُ لِيُزِيلَ مِلْكَ النِّكَاحِ فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إنَّ الْبَاءَ فِي بِمَعْنَاهُ تَحْرِيفٌ وَإِنَّمَا صَوَابُهُ بِاللَّامِ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قَصْدُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى مَعًا وَاعْتُبِرَ قَصْدُ الْمَعْنَى لِيَخْرُجَ حِكَايَةُ طَلَاقِ الْغَيْرِ وَتَصْوِيرُ الْفَقِيهِ وَالنِّدَاءُ بِطَالِقٍ لِمُسَمَّاةٍ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ وَقَصْدُهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا عِنْدَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ عَنْ مَعْنَاهُ كَهَذِهِ الْمُخْرِجَاتِ لَا مُطْلَقًا إذْ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ قَصَدَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَفَهِمَ مَعْنَاهُ وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَاهُ كَمَا فِي حَالِ الْهَزْلِ بَلْ لَوْ قَالَ مَا قَصَدْته لَمْ يُدَيَّنْ وَمِنْ هُنَا قَالُوا الصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ وَعَلَى اعْتِبَارِ قَصْدِ الْمَعْنَى فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ بَعْضِ فُضَلَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى أَيْ وَفَهْمُهُ وَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَعَ ذَاكَ قَصْدُ الْإِيقَاعِ قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ فَقَالَ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ إنَّمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ إذَا نَوَى حَقِيقَةَ الطَّلَاقِ وَقَصَدَ إيقَاعَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ (فَحِكَايَةُ الطَّلَاقِ) كَقَوْلِهِ قَالَ فُلَانٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ (وَكَذَا طَلَاقُ النَّائِمِ) وَالْمُبَرْسَمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَغْوٌ وَإِنْ قَالَ) بَعْدَ اسْتِيقَاظِهِ (أَجَزْته أَوْ أَوْقَعْته) لِعَدَمِ قَصْدِ مَعْنَاهُ وَلِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ وَذَكَرَ مِنْهَا النَّائِمَ» .
(وَكَذَا سَبْقُ اللِّسَانِ) إلَى لَفْظِ الطَّلَاقِ لَغْوٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ اللَّفْظَ (لَكِنْ يُؤَاخَذُ بِهِ وَلَا يُصَدَّقُ) فِي دَعْوَاهُ السَّبْقَ (ظَاهِرًا إنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ بِخِلَافِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ) وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ كَمَالَ التَّفْوِيضِ.

(قَوْلُهُ وَالْوَكِيلُ كَذَلِكَ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إذَا وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَقَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَقَعَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ فَتَسْمِيَةُ بَعْضِهِ كَتَسْمِيَةِ كُلِّهِ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْهَا طَلْقَةً فَطَلَّقَهَا نِصْفًا وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا مُؤَقَّتًا كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ شَهْرًا. اهـ. وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ نِصْفَ طَلْقَةٍ فَطَلَّقَهَا كَذَلِكَ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إذَا وَكَّلَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ فِي فَصْلٍ فِي إيقَاعِ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْعَدَدِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّلَاقِ أَيْضًا فَبَحْثُ الشَّارِحُ الْآتِي مَرْدُودٌ.

[الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ]
(الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ) (قَوْلُهُ وَكَذَا سَبْقُ اللِّسَانِ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ طَلَبْتُك فَسَبَقَ لِسَانِي إلَى طَلَّقْتُك وَمِنْ صُوَرِ سَبْقِ اللِّسَانِ أَنْ يَرَاهَا طَالِعَةً فِي سُلَّمٍ أَوْ حَبْلٍ فَيَقُولُ إلَى أَيْنَ أَنْتِ طَالِقَةٌ ثُمَّ يَقُولُ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ إلَى أَيْنَ أَنْتِ طَالِعَةٌ أَوْ يَرَاهَا ذَاهِبَةً فِي طَرِيقٍ فَيَقُولُ إلَى أَيْنَ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ وَقَالَ أَرَدْت إلَى أَيْنَ أَنْتِ مُنْطَلِقَةٌ

(3/280)


مَا إذَا كَانَتْ قَرِينَةٌ كَأَنْ دَعَاهَا بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ إلَى فِرَاشِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ الْآنَ طَاهِرَةٌ فَسَبَقَ لِسَانُهُ وَقَالَ أَنْتِ الْآنَ طَالِقَةٌ (وَلَوْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ) فِي دَعْوَاهُ السَّبْقَ (بِأَمَارَةٍ فَلَهَا مُصَادَقَتُهُ) أَيْ قَبُولُ قَوْلِهِ (وَكَذَا لِلشُّهُودِ) الَّذِينَ سَمِعُوا الطَّلَاقَ مِنْهُ وَعَرَفُوا صِدْقَ دَعْوَاهُ السَّبْقَ بِأَمَارَةٍ (أَنْ لَا يَشْهَدُوا) عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَذَكَرَ أَوَاخِرَ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ لَفْظَ رَجُلٍ بِالطَّلَاقِ وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمُطْلَقِ الطَّلَاقِ وَكَانَ مَا هُنَا فِيمَا إذَا ظَنُّوا وَمَا هُنَاكَ فِيمَا إذَا تُحَقَّقُوا كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُمْ وَمَعَ ذَلِكَ فِيمَا هُنَا نَظَرٌ (فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا أَوْ طَارِقًا أَوْ طَالِبًا) أَوْ نَحْوَهَا مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تُقَارِبُ حُرُوفَ طَالِقٍ (فَنَادَاهَا يَا طَالِقُ طَلُقَتْ وَ) لَكِنْ (إنْ ادَّعَى سَبْقَ اللِّسَانِ) إلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ (قُبِلَ مِنْهُ) ظَاهِرًا لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ (أَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا فَنَادَاهَا) بِهِ (لَمْ تَطْلُقْ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ نِدَاءَهَا بِاسْمِهَا (إلَّا إنْ نَوَى) الطَّلَاقَ فَتَطْلُقُ وَصُورَةُ عَدَمِ طَلَاقِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَنْ تُوجَدَ التَّسْمِيَةُ بِطَالِقٍ عِنْدَ النِّدَاءِ فَإِنْ زَالَتْ ضَعُفَتْ الْقَرِينَةُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نِدَاءِ عَبْدِهِ الْمُسَمَّى بِحَرْبِيٍّ حُرٌّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَضَبَطَ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ يَا طَالِقْ بِإِسْكَانِ الْقَافِ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إنْ قَالَ يَا طَالِقُ بِالضَّمِّ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ بِنَاءَهُ عَلَى الضَّمِّ يُرْشِدُ إلَى إرَادَةِ الْعَلَمِيَّةِ وَإِنْ قَالَ يَا طَالِقًا بِالنَّصْبِ تَعَيَّنَ صَرْفُهُ إلَى التَّطْلِيقِ وَيَنْبَغِي فِي الْحَالَيْنِ أَنَّا لَا نَرْجِعُ لِدَعْوَى خِلَافِ ذَلِكَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ.

(فَصْلٌ يَقَعُ طَلَاقُ الْهَازِلِ وَعِتْقُهُ وَكَذَا نِكَاحُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) فَلَا يُدَيَّنُ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ فِي مُعْرِضِ الدَّلَالِ أَوْ الِاسْتِهْزَاءِ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْتُك وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَتَى بِاللَّفْظِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ وَعَدَمُ رِضَاهُ بِوُقُوعِهِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لَا أَثَرَ لَهُ لِخَطَأِ ظَنِّهِ كَمَا لَا أَثَرَ لَهُ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ وَلِخَبَرِ «ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ وَقِيسَ بِالثَّلَاثَةِ غَيْرُهَا وَخُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَبْضَاعِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَزِيدِ اعْتِنَاءٍ عَلَى أَنَّ التِّرْمِذِيَّ رَوَى أَنَّ هَزْلَ الْعِتْقِ جَدٌّ وَإِنَّمَا لَمْ يُدَيَّنْ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْ اللَّفْظَ إلَى غَيْرِ مَعْنَاهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت عَنْ وَثَاقٍ لِأَنَّهُ ثَمَّ صَرَفَ اللَّفْظَ عَنْ ظَاهِرِهِ إلَى مَعْنًى آخَرَ.

(وَلَوْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً) لِكَوْنِهَا فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ زَوَّجَهُ أَبَاهُ فِي صِغَرِهِ أَوْ وَكِيلُهُ فِي كِبَرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ نَحْوَهَا (أَوْ نَسِيَ النِّكَاحَ فَطَلَّقَهَا طَلُقَتْ ظَاهِرًا) لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي مَحَلِّهِ وَظَنُّ غَيْرِ الْوَاقِعِ لَا يَدْفَعُهُ (وَفِي الْبَاطِنِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى) صِحَّةِ (الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ) وَعَدَمِهَا وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْوُقُوعُ (وَلَوْ جَفَاهُ جَمْعٌ) كَأَنْ كَانَ وَاعِظًا وَطَلَبَ مِنْ الْحَاضِرِينَ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ فَقَالَ مُتَضَجِّعًا مِنْهُمْ (طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ امْرَأَتُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ) بِهَا (لَغَا) فَلَا تَطْلُقُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ أَفْتَى بِخِلَافِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ وَلِأَنَّ النِّسَاءَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَوْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ بِإِمَارَةٍ فَلَهَا مُصَادَقَتُهُ) وَلَا يُكْرَهُ لَهَا وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا النُّشُوزُ عَنْهُ فَإِنْ نَشَزَتْ لَمْ يُجْبِرْهَا الْحَاكِمُ وَإِنْ أَثِمَتْ لِوُقُوعِ طَلَاقِهِ فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ وَكَانَ مَا هُنَا فِيمَا إذَا ظَنُّوا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَالِعًا أَوْ طَارِقًا إلَخْ) لَوْ كَانَ الزَّوْجُ أَلْثَغَ يُبْدِلُ الرَّاءَ لَامًا وَاسْمُهَا طَارِقٌ فَلَا شَكَّ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّهُ أَرَادَ النِّدَاءَ وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ طَاهِرَةً أَوْ اسْمًا آخَرَ فَأَرَادَ أَنْ يُنَادِيَهَا بِاسْمِهَا فَسَبَقَ إلَى لِسَانِهِ يَا طَالِقُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَالْمُكْرَهِ (قَوْلُهُ وَصُورَةُ عَدَمِ طَلَاقِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَنْ تُوجَدَ التَّسْمِيَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يُؤَثِّرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ طَلَاقُ الْهَازِلِ وَعِتْقُهُ وَنِكَاحُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا]
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَقَعُ طَلَاقُ الْهَازِلِ) أَيْ وَاللَّاعِبِ قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا عَطْفُهُ اللَّعِبَ عَلَى الْهَزْلِ يَقْتَضِي تَغَايُرَهُمَا وَكَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ يَقْتَضِي تَرَادُفَهُمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْفَائِقِ الْهَزْلُ وَاللَّعِبُ مِنْ وَادِي الِاضْطِرَابِ وَعَطْفُهُ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْوَاوِ مِنْ بَابِ عَطْفِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَذْكُرَا فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ إلَّا لَفْظَ الْهَزْلِ فَقَطْ وَإِنَّمَا جَمَعَ الْمُحَرَّرُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ فِي الشَّرْحِ صَوَّرَ الْهَازِلَ فِيمَا إذَا لَاعَبَهَا بِالطَّلَاقِ وَفِي النِّهَايَةِ الْهَازِلُ الَّذِي يَقْصِدُ اللَّفْظَ دُونَ مَعْنَاهُ وَاللَّاعِبُ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْهُ اللَّفْظُ دُونَ قَصْدٍ.

(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْوُقُوعُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَحَذَفَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ذِكْرَ الْبِنَاءِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِهِ (قَوْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَأَنْ حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عَلَى زَيْدٍ فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهِمْ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَقَالَ هُوَ الَّذِي أَعْتَقِدهُ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الطَّلَاقِ لُغَةً الْهَجْرُ وَالْمُفَارَقَةُ وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْوَاعِظِ عَلَى الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّهُ هُنَا مُتَعَذِّرٌ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي جَمِيعِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ وَشَرْطُ حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ عَدَمُ تَضَادِّهِمَا فَتَعَيَّنَتْ اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ لَا تُفِيدُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ بِكِنَايَتِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ بَلْ لَوْ صَرَّحَ وَقَالَ طَلَّقْتُكُمْ وَزَوْجَتِي لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَكُتِبَ أَيْضًا فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَوْ زَاحَمَتْهُ امْرَأَةٌ فِي طَرِيقٍ فَقَالَ تَأَخَّرِي يَا حُرَّةُ فَبَانَتْ أَمَتَهُ لَا تَعْتِقُ وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْهُ فِي أَوَائِلِ الْعِتْقِ وَأَقَرَّاهُ وَهِيَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ هُنَا عَلَى أَنَّ النِّدَاءَ بِالصَّرِيحِ صَرِيحٌ كَقَوْلِهِ يَا طَالِقُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ حَقِيقَةُ الطَّلَاقِ لُغَةً الْهَجْرُ وَالْمُفَارَقَةُ وَشَرْعًا حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْوَاعِظِ عَلَى الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّهُ مُتَعَذِّرٌ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي جَمِيعِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ وَشَرْطُ حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ عَدَمُ تَضَادِّهِمَا فَتَعَيَّنَتْ اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ لَا تُفِيدُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ بَلْ لَوْ صَرَّحَ وَقَالَ طَلَّقْتُكُمْ وَزَوْجَتِي لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِيمَنْ قَالَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا فَاطِمَةُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى نِسْوَةٍ لَمْ يَطْلُقْنَ فَكَانَ لَغْوًا بِاعْتِبَارِ مَا عَطْفٌ

(3/281)


لَا يَدْخُلْنَ فِي خِطَابِ الرِّجَالِ إلَّا بِدَلِيلٍ انْتَهَى وَاعْتُرِضَ بِمَنْعِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ إذْ مَعْنَاهُ الْفُرْقَةُ وَقَدْ نَوَاهَا وَبِأَنَّ دَلِيلَ الدُّخُولِ هُنَا مَوْجُودٌ وَهُوَ مُشَافَهَةُ الْحَاضِرِينَ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ فِيهِمْ لَا يَمْنَعُ الْإِيقَاعَ كَمَنْ خَاطَبَهَا يَظُنُّهَا غَيْرَهَا وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا قَطْعُ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْوَاعِظُ بِخِلَافِ مَنْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّهَا غَيْرَهَا وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ الْقَصْدِ لِلتَّغْلِيبِ وَلَا قَصْدَ.

(فَرْعٌ) لَوْ (لُقِّنَ) الزَّوْجُ (الطَّلَاقَ) أَيْ كَلِمَتُهُ (بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا) فَقَالَهَا (جَاهِلًا مَعْنَاهَا فَقَصَدَ بِهِ) الْأَوْلَى بِهَا (الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ) كَمَا لَوْ قَصَدَهُ بِلَفْظٍ لَا مَعْنَى لَهُ وَكَمَا لَوْ لُقِّنَ كَلِمَةَ الْكُفْرِ فَقَالَهَا لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ لَفَظَ عَجَمِيٌّ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُلَقَّنَ وَأَنْ لَا يُلَقَّنَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَكَذَا) لَا يَقَعُ (لَوْ قَصَدَ) بِهَا (مَعْنَاهَا بِالْعَرَبِيَّةِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ قَصْدُهُ (وَيُؤَاخَذُ) بِمَعْنَاهَا فِيمَا ذُكِرَ (ظَاهِرًا مُخَالِطُ أَهْلِهَا) وَيُدَيَّنُ.

(فَصْلٌ) فِي الْإِكْرَاهِ (لَا يَصِحُّ طَلَاقٌ وَإِسْلَامٌ) وَغَيْرُهُمَا مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ (مِنْ مُكْرَهٍ بِبَاطِلٍ) لِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِخَبَرِ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ لَوْ صَدَرَ مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ وَصَحَّ إسْلَامُهُ فَإِذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ لَغَا كَالرِّدَّةِ نَعَمْ تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ فِيهَا مُكْرَهًا بَطَلَتْ (لَا حَقَّ) أَيْ لَا مِنْ مُكْرَهٍ بِحَقٍّ (فَيَصِحُّ إسْلَامُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ بِالْإِكْرَاهِ) لَهُمَا عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ وَكَذَا طَلَاقُ الْمَوْلَى وَاحِدَةً بِإِكْرَاهِ الْقَاضِي لَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَتَقَدَّمَ تَصْوِيرُ أَمْرِهِ بِالطَّلَاقِ دُونَ الْفَيْئَةِ (لَا) إسْلَامُ (الذِّمِّيِّ) لِأَنَّهُ مُقَرٌّ عَلَى كُفْرِهِ بِالْجِزْيَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُعَاهِدَ كَالذِّمِّيِّ (فَلَوْ أَكْرَهَ الْقَاضِي) الزَّوْجَ (الْمَوْلَى عَلَى) الطَّلْقَاتِ (الثَّلَاثِ) فَتَلَفَّظَ بِهَا (وَقُلْنَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (لَغَا) الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ غَيْرُهُ (وَإِلَّا وَقَعَتْ وَاحِدَةً) وَلَغَا الزَّائِدُ (وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ بِصِيغَةٍ) مِنْ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ (أَوْ صِفَةٍ) مِنْ تَنْجِيزٍ أَوْ تَعْلِيقٍ أَوْ تَوْحِيدٍ لِلطَّلَاقِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ أَوْ ضِدِّهِ (فَأَتَى بِغَيْرِهَا أَوْ) عَلَى الطَّلَاقِ (بِتَخْيِيرٍ) فِيهِ أَوْ فِي الزَّوْجَاتِ كَطَلِّقْ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ حَفْصَةَ أَوْ عَمْرَةَ (أَوْ) عَلَى طَلَاقٍ (مُبْهَمٍ) مَحَلُّهُ كَطَلِّقْ إحْدَى زَوْجَتَيْك (فَعَيَّنَ) فِي التَّخْيِيرِ أَوْ الْإِبْهَامِ (أَوْ عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ فَقَالَ هِيَ وَعَمْرَةُ طَلْقَانِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِظُهُورِ قَصْدِ الِاخْتِيَارِ بِعُدُولِهِ عَمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ (فَلَوْ قَالَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ أَوْ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ عَمْرَةُ لَا حَفْصَةُ) وَإِنْ عُطِفَتْ عَمْرَةُ عَلَى مَنْ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ مَنْ لَمْ تَطْلُقْ هُنَا مَحَلٌّ لِطَلَاقِ الزَّوْجِ حَالَةَ إيقَاعِهِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي وَفِي نِسَاءِ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي.

(فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى الْمُكْرَهُ التَّوْرِيَةَ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت بِطَلَاقِ فَاطِمَةَ غَيْرَ زَوْجَتِي أَوْ الطَّلَاقَ مِنْ وَثَاقٍ (قُبِلَ) مِنْهُ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا لِأَنَّهُ لَا طَلَاقَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ التَّوْرِيَةَ (وَلَا يَلْزَمُهُ) لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (التَّوْرِيَةُ) بِأَنْ يُرِيدَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ (فَلَوْ تَرَكَهَا عَالِمًا) بِهَا وَلَوْ (مِنْ غَيْرِ دَهْشَةٍ) أَصَابَتْهُ بِالْإِكْرَاهِ (لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى اللَّفْظِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ تُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ وَيُفَارِقُ الْمَصُولَ عَلَيْهِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْهَرَبُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ بِأَنَّ النُّفُوسَ يُحْتَاطُ لَهَا مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهَا وَالتَّوْرِيَةُ مِنْ وَرَّيْت الْخَبَرَ تَوْرِيَةً أَيْ سَتَرَتْهُ وَأَظْهَرْت غَيْرَهُ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ وَرَاءِ الْإِنْسَانِ كَأَنَّهُ يَجْعَلُهُ وَرَاءَهُ حَيْثُ لَا يُظْهَرُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَمَعْنَاهَا أَنْ يُطَلِّقَ لَفْظًا هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنًى وَيُرِيدُ بِهِ مَعْنًى آخَرَ يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ.

(وَلَوْ أُكْرِهَ) عَلَى الطَّلَاقِ (فَقَصَدَ الْإِيقَاعَ) بِهِ (وَقَعَ) لِقَصْدِهِ فَصَرِيحُ لَفْظِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ كِنَايَةٌ (وَلَوْ أُكْرِهَ غَيْرُ الزَّوْجِ الْوَكِيلُ) فِي الطَّلَاقِ عَلَيْهِ (لَغَا) طَلَاقُ الْوَكِيلِ فَلَا يَقَعُ وَإِنْ وُجِدَ اخْتِيَارُ مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ أَمَّا لَوْ أَكْرَهَهُ الزَّوْجُ فَيَقَعُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ.

[فَصْلٌ حَدُّ الْإِكْرَاهِ]
(فَصْلٌ حَدُّ الْإِكْرَاهِ أَنْ يُهَدِّدَ الْمُكْرَهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِكْرَاهِ (بِعَاجِلٍ) مِنْ أَنْوَاعِ الْعِقَابِ (يُؤَثِّرُ لِعَاقِلٍ لِأَجْلِهِ الْإِقْدَامَ عَلَى مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ) بِهِ مَا هَدَّدَهُ بِهِ إنْ امْتَنَعَ مِمَّا أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ (وَعَجَزَ عَنْ الْهَرَبِ) وَالْمُقَاوَمَةِ (وَالِاسْتِغَاثَةِ) بِغَيْرِهِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الدَّفْعِ وَخَرَجَ بِعَاجِلِ الْآجِلِ فَلَا يَحْصُلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ مُجَرَّدُ الْهَجْرِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ فِي مَحَلِّ الزَّوْجِيَّةِ فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا قَطْعُ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يُرِدْ الْوَاعِظُ ذَلِكَ فِي مُخَاطَبَتِهِ لِلْحَاضِرِينَ فَلَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ عِصْمَةٌ يَقْطَعُهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ مُفَارَقَتَهُمْ وَمُتَارَكَتَهُمْ وَعَدَمَ الِاجْتِمَاعِ بِهِمْ وَهَذَا صَارِفٌ عَنْ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا فَلَا يَقَعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ طَلَاقٌ.

[فَرْعٌ لُقِّنَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا فَقَالَهَا جَاهِلًا مَعْنَاهَا]
(قَوْلُهُ لُغَةُ الطَّلَاقِ بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا) شَمِلَ الْعَجَمِيَّ وَالْعَرَبِيَّ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُلَقَّنَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ فِي الْإِكْرَاهِ فِي الطَّلَاق]
(قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ تَصْوِيرُ أَمْرِهِ بِالطَّلَاقِ دُونَ الْفَيْئَةِ) صُورَتُهُ أَنْ يَتَعَيَّنَ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ آلَى مِنْ غَائِبَةٍ أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِالْفَيْئَةِ وَمَضَى زَمَنُ إمْكَانٍ لِلِاجْتِمَاعِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ عَيْنًا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُعَاهِدَ أَيْ وَالْمُسْتَأْمَنَ كَالذِّمِّيِّ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَكْرَهَ الْقَاضِي إلَخْ) قَالَ الكوهكيلوني فِي الضَّابِطِ إنَّ كُلَّ مَا لَا يَلْزَمُهُ حَالَ الطَّوَاعِيَةِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ بِالْإِكْرَاهِ وَكُلَّ مَا يَلْزَمُهُ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَطَلَاقِ زَوْجَةِ الْمَوْلَى وَبَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْأَدَاءِ.

[فَرْعٌ ادَّعَى الْمُكْرَهُ عَلَى الطَّلَاقَ التَّوْرِيَةَ]
(قَوْلُهُ لَوْ ادَّعَى الْمُكْرَهُ التَّوْرِيَةَ إلَخْ) كُلُّ قَرِينَةٍ إذَا ادَّعَاهَا الْمُخْتَارُ يُدَيَّنُ بِهَا فِي الْبَاطِنِ إذَا ادَّعَاهَا الْمُكْرَهُ تُقْبَلُ ظَاهِرًا.

(فَصْلٌ) حَدُّ الْإِكْرَاهِ

(3/282)


بِهِ الْإِكْرَاهُ كَقَوْلِهِ لِأَضْرِبَنَّكَ غَدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إيقَاعُ مَا هَدَّدَهُ بِهِ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَا سِيَّمَا إذَا عُرِفَ مِنْ عَادَةِ الظَّالِمِ إيقَاعُ ذَلِكَ انْتَهَى وَمَعَ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ عَاجِلًا لَا يُشْتَرَطُ تَنْجِيزُهُ بَلْ يَكْفِي التَّوَعُّدُ لَفْظًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(وَيَخْتَلِفُ الْإِكْرَاهُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَسْبَابِ) الْمُكْرَهِ عَلَيْهَا فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ إكْرَاهًا فِي شَخْصٍ دُونَ آخَرَ وَفِي سَبَبٍ دُونَ آخَرَ (فَالتَّخْوِيفُ بِالْحَبْسِ الطَّوِيلِ وَالصَّفْعِ ظَاهِرًا) أَيْ فِي الْمَلَأِ وَتَسْوِيدِ الْوَجْهِ (وَالطَّوَافِ) فِي السُّوقِ أَيْ التَّخْوِيفِ بِكُلٍّ مِنْهَا (لِذِي مُرُوءَةٍ وَإِتْلَافِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (لَا) إتْلَافِ الْمَالِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (الَّذِي لَا يُضَيِّقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُكْرَهِ كَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي حَقِّ الْمُوسِرِ (إكْرَاهٌ عَلَى الطَّلَاقِ) وَنَحْوِهِ (لَا عَلَى الْقَتْلِ) وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ إتْلَافُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ إكْرَاهًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَحَمَّلُهُ وَلَا يُطَلِّقُ بِخِلَافِ الْمَالِ الَّذِي يُضَيِّقُ عَلَى الْمُكْرَهِ (وَ) الْإِكْرَاهُ (بِإِتْلَافِ الْمَالِ إكْرَاهٌ فِي إتْلَافِ الْمَالِ) وَحُصُولُ الْإِكْرَاهِ بِمَا ذُكِرَ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ لَكِنْ فِي بَعْضِ تَفْصِيلِهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي حُكِيَ عَنْ النَّصِّ وَصَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَقَالَ فِي الشَّرْحَيْنِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِمَحْذُورٍ مِنْ نَحْوِ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ أَخْذٍ مَالٍ أَوْ إتْلَافِهِ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ اسْتِخْفَافٍ وَتَخْتَلِفُ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ وَلَا يَخْتَلِفُ بِهِ مَا قَبْلَهَا وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ وَنَحْوُهُ (لَا بِطَلِّقْ زَوْجَتَك وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي) أَوْ كَفَرْت أَوْ أَبْطَلْت صَوْمِي أَوْ صَلَاتِي فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ (وَلَا بِتَخْوِيفٍ مِنْ قِصَاصٍ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ طَلِّقْ امْرَأَتَك وَإِلَّا اقْتَصَصْت مِنْك فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ (وَإِنْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نُخَلِّيك حَتَّى تَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّك تَكْتُمُنَا) أَيْ لَا تُخْبِرُ بِنَا (فَحَلَفَ) بِذَلِكَ (فَهُوَ إكْرَاهٌ) مِنْهُمْ لَهُ عَلَى الْحَلِفِ (فَإِذَا أَخْبَرَ بِهِمْ لَمْ تَطْلُقْ) زَوْجَتُهُ (أَوْ أُكْرِهَ) بِأَنَّ حَمَلَهُ ظَالِمٌ (عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى زَيْدٍ أَوْ مَالِهِ) وَقَدْ أَنْكَرَ مَعْرِفَةَ مَحَلِّهِ فَلَمْ يُخَلِّهِ حَتَّى يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ (فَحَلَفَ بِهِ كَاذِبًا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الطَّلَاقِ بَلْ خُيِّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّلَالَةِ.

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ طَلَّقْت مُكْرَهًا) فَأَنْكَرَتْ زَوْجَتُهُ (وَهُنَاكَ قَرِينَةٌ كَالْحَبْسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (وَإِلَّا فَلَا كَدَعْوَى الْإِغْمَاءِ) بِأَنْ طَلَّقَ مَرِيضٌ ثُمَّ قَالَ كُنْت مُغْمًى عَلَيَّ فَإِنَّهُ إنْ عُهِدَ لَهُ إغْمَاءٌ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا (فَإِنْ ادَّعَى الصِّبَا) بَعْدَ طَلَاقِهِ بِقَيْدٍ زَادَ بِقَوْلِهِ (وَأَمْكَنَ) صِدْقُهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ مَعَ تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَى النَّوْمِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ قَالَ طَلَّقْت وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ نَائِمٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى وَوَجْهُ النَّظَرِ بِأَنَّهُ لَا أَمَارَةَ عَلَى النَّوْمِ بِخِلَافِ الصِّبَا وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَةَ النَّوْمِ لِهَذَا النَّظَرِ وَتَعَجَّبَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ جَزَمَ فِي الْأَيْمَانِ بِعَدَمِ تَصْدِيقِ مُدَّعِي عَدَمِ قَصْدِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ظَاهِرًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِمَا وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ تِلْكَ لَا تُشْبِهُ هَذِهِ فَإِنَّ الزَّوْجَ تَلَفَّظَ ثَمَّ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ ثُمَّ ادَّعَى صَرْفَهُ بِعَدَمِ الْقَصْدِ وَالْمُدَّعَى هُنَا طَلَاقٌ مُقَيَّدٌ بِحَالَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا الطَّلَاقُ فَقُبِلَ قَوْلُهُ لِعَدَمِ مُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ.

(فَصْلٌ) فِي طَلَاقِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ (يَنْفَدُ طَلَاقُ الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ) بِشُرْبِ خَمْرٍ (وَشُرْبِ دَوَاءٍ مُجَنِّنٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ) وَذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ أَوْ إتْلَافُ عُضْوِ أَحَدِهِمْ (قَوْلُهُ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ إلَخْ) لِيَجْتَمِعَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُ مَا فِي الزَّوَائِدِ لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا تَبَعًا لِلشَّاشِيِّ فِي الْمُعْتَمَدِ وَقَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا تَوَعَّدَ بِأَخْذِ الْقَلِيلِ مِنْ مَالِ مَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي إلَخْ) قَالَ الْحُسْبَانِيُّ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَظْهَرُ عَدَمُ الْوُقُوعِ إذَا قَالَهُ مَنْ لَوْ هَدَّدَ بِقَتْلِهِ كَانَ مُكْرَهًا كَالْوَلَدِ وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ عَدَمُ الْوُقُوعِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا بِتَخْوِيفٍ مِنْ قِصَاصٍ) أَيْ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نُخَلِّيك إلَخْ) أَيْ وَقَدْ هَدَّدُوهُ بِمَا هُوَ إكْرَاهٌ (قَوْلُهُ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى زَيْدٍ أَوْ مَالِهِ فَحَلَفَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيُسْأَلُ عَنْهُ كَثِيرًا أَنَّ الْمَكَسَةَ أَوْ أَعْوَانَهُمْ يُمْسِكُونَ التَّاجِرَ وَغَيْرَهُ وَيَقُولُونَ بِعْت بِضَاعَةً بِلَا مَكْسٍ أَوْ خُفْيَةً أَوْ حِدْت عَنْ الطَّرِيقِ فَيُنْكِرُ فَيَقُولُونَ احْلِفْ بِالطَّلَاقِ بِأَنَّك لَمْ تَصْنَعْ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ خَوْفًا مِنْ شَرِّهِمْ إذْ لَوْ اعْتَرَفَ ضَرَبُوهُ وَأَخَذُوا مَالَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا إذْ لَا غَرَضَ لَهُمْ فِي حَلِفِهِ وَلَمْ يُكْرِهُوهُ عَلَيْهِ عَيْنًا وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ قَالَ طَلَّقْت مُكْرَهًا فَأَنْكَرَتْ زَوْجَتُهُ]
(قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ فِيهِ نَظَرٌ) وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ كُنْت نَائِمًا وَقْتَ تَلَفَّظْت بِالطَّلَاقِ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَغْشِيًّا عَلَيَّ وَنَازَعَتْهُ الْمَرْأَةُ وَقَالَتْ تَنَاوَمْت أَوْ تَجَانَنْت أَوْ تَغَاشَيْتَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَوْ قَالَ كُنْت مَجْنُونًا فَقَالَتْ مَا جُنَّ قَطُّ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ فَالنَّوْمُ لِمَا عُهِدَ مِنْهُ قَبْلَ قَوْلِهِ كَالْمَجْنُونِ لِمَا عُهِدَ مِنْهُ وَقِيَاسُهُ فِي الْمَرِيضِ إذَا عُهِدَ مِنْهُ الْغَشْيُ فَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ فَتُصَدَّقُ هِيَ وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ وَتَعَجَّبَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا إيرَادٌ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ هَا هُنَا قَيَّدَ إقْرَارَهُ بِحَالَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا الطَّلَاقُ فَقُبِلَ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ وَعَدَمِ مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ شَخْصًا وَقَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ عُرِفَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْيَمِينِ الَّتِي أَوْرَدَهَا فَصُورَتُهَا مَا إذَا أَتَى بِصَرِيحِ الْيَمِينِ ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِمُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِمَا) أَيْ فَكَانَ يَنْبَغِي رَدُّ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ بِهَذَا.

[فَصْلٌ فِي طَلَاقِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ]
(قَوْلُهُ يَنْفُذُ طَلَاقُ الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ إلَخْ) لِأَنَّهُ كَالصَّاحِي فِي قَضَاءِ صَلَوَاتِ زَمَنِ سُكْرِهِ وَكَذَا فِي وُقُوعِ طَلَاقِهِ وَغَيْرِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِيَنْزَجِرَ

(3/283)


بِلَا حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ السُّكْرُ بِمَا ذُكِرَ كَزَوَالِ عَقْلِهِ بِوَثْبَةٍ (وَلَوْ كَانَ) السُّكْرُ (طَافِحًا) عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَسْقُطُ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ لِعِصْيَانِهِ بِإِزَالَةِ عَقْلِهِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ وَخَالَفَ الْإِمَامُ فِي الطَّافِحِ (وَكَذَا تَنْفُذُ سَائِرُ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ مِمَّا لَهُ وَعَلَيْهِ) مَعًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَوْ مُنْفَرِدَيْنِ كَالْإِسْلَامِ وَالطَّلَاقِ وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ نُفُوذِ طَلَاقِهِ مَا لَوْ طَلَّقَ بِكِنَايَةٍ لِاحْتِيَاجِهَا إلَى النِّيَّةِ كَمَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَخَرَجَ بِالْمُتَعَدِّي غَيْرُهُ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُسْكِرٌ أَوْ شَرِبَ دَوَاءً مُجَنِّنًا لِحَاجَةٍ فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ (وَالرُّجُوعُ فِي مَعْرِفَةِ السُّكْرِ إلَى الْعُرْفِ قُلْت وَلَا حَاجَةَ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ) الْقَائِلِ بِنُفُوذِ تَصَرُّفِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ (إلَى مَعْرِفَةِ السُّكْرِ لِأَنَّهُ إمَّا صَاحٍ وَإِمَّا سَكْرَانُ زَائِلُ الْعَقْلِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّاحِي بَلْ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ السُّكْرِ فِي غَيْرِ الْمُتَعَدَّى) بِهِ (وَفِيمَا إذَا قَالَ إنْ سَكِرْت فَأَنْت طَالِقٌ فَيُقَالُ أَدْنَاهُ) أَيْ أَدْنَى السُّكْرِ الْمُقَابِلِ لِأَنْهَاهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ طَافِحًا (أَنْ يَخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ وَيَنْكَشِفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ) كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ أَدْنَى وَقَدْ جَعَلَهُ الْأَصْلُ حَدًّا لِلسَّكْرَانِ مَعَ حُدُودٍ أُخَرَ وَجَعَلَ أَقْرَبَهَا مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الرُّجُوعِ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَلَوْ قَالَ السَّكْرَانُ بَعْدَمَا طَلَّقَ إنَّمَا شَرِبْت الْخَمْرَ مُكْرَهًا أَيْ وَثَمَّ قَرِينَةٌ أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ مَا شَرِبْته مُسْكِرٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يُسْتَفْسَرَ فَإِنْ ذَكَرَ مَا يَكُونُ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا فَذَاكَ وَإِلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ إكْرَاهًا وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ.

الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَحَلُّ وَهُوَ الْمَرْأَةُ

فَإِنْ قَالَ طَلَّقْتُك) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ (فَذَاكَ) وَاضِحٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ جِسْمُك أَوْ جَسَدُك أَوْ شَخْصُك أَوْ جُثَّتُك أَوْ ذَاتُك طَالِقٌ طَلُقَتْ (وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْهَا) مَعْلُومًا كَالنِّصْفِ أَوْ مُبْهَمًا كَالْبَعْضِ شَائِعًا كَمَا مَثَّلْنَا أَوْ مُعَيَّنًا أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا ظَاهِرًا كَانَ كَالْيَدِ أَوْ بَاطِنًا كَالْكَبِدِ (وَلَوْ) كَانَ الْجُزْءُ (مِمَّا يَنْفَصِلُ) مِنْهَا فِي الْحَيَاةِ (كَالشَّعْرِ وَالظُّفْرِ طَلُقَتْ) كَمَا فِي الْعِتْقِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ يَحْصُلُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْغَى وَتَبْعِيضُهُ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي حُكْمِ النِّكَاحِ فَوَجَبَ تَعْمِيمُهُ (لَا الْفَضَلَاتِ) كَرِيقٍ وَعَرَقٍ وَبَوْلٍ (وَلَوْ لَبَنًا وَمَنِيًّا) فَلَا تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ بِطَلَاقِ شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا وَاللَّبَنُ وَالْمَنِيُّ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا دَمًا فَقَدْ تَهَيَّآ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ كَالْبَوْلِ وَكَالْفَضَلَاتِ الْأَخْلَاطِ كَالْبَلْغَمِ وَالْمَرْتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَالشَّحْمُ وَالسَّمْنُ وَالدَّمُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا جُزْءٌ مِنْ الْبَدَنِ وَبِهَا قِوَامُهُ فَإِذَا أَطْلَقَ شَيْئًا مِنْهَا طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي السَّمْنِ هُوَ مَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَبَعْضِ نُسَخِ الْكَبِيرِ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ كَالْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهَا مَعْنًى قَائِمٌ بِالذَّاتِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ إنَّ تِلْكَ النُّسْخَةَ سَقِيمَةٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ السَّقِيمَةُ هَذِهِ وَالسَّمْنُ لَيْسَ مَعْنِيٌّ بَلْ هُوَ زِيَادَةُ لَحْمٍ فَيَكُونُ كَاللَّحْمِ وَأَلْحَقَ الْمُتَوَلِّي بِالدَّمِ رُطُوبَةَ الْبَدَنِ (لَا الْجَنِينَ) لِأَنَّهُ شَخْصٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ (وَلَا الْعُضْوَ الْمُلْتَحِمَ) بِالْمَرْأَةِ (بَعْدَ الْفَصْلِ) مِنْهَا لِأَنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ قَطْعِهِ وَعَدَمِ تَعْلِيقِ الْقِصَاصِ بِهِ (وَلَا الْمَعَانِي الْقَائِمَةَ بِالذَّاتِ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْحَرَكَةِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ) الْمَعْنَوِيَّةِ كَالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ وَالْمَلَاحَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَجْزَاءً مِنْ بَدَنِهَا (فَإِنْ قَالَ اسْمُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إنْ لَمْ يُرِدْ) بِهِ (الذَّاتَ) فَإِنْ أَرَادَهَا بِهِ طَلُقَتْ (أَوْ) قَالَ (رُوحُك أَوْ نَفْسُك) بِإِسْكَانِ الْفَاءِ (طَالِقٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ مِمَّا لَهُ وَعَلَيْهِ مَعًا) خَرَجَ بِهِ النَّائِبُ عَنْ غَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ نُفُوذِ طَلَاقِهِ مَا لَوْ طَلَّقَ بِكِنَايَةٍ إلَخْ) أَمَّا لَوْ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ طَلَاقُهُ بِهَا (قَوْلُهُ مَعَ حُدُودٍ أُخَرَ إلَخْ) عَنْ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ الَّذِي لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَبَيْنَ أُمِّهِ وَامْرَأَتِهِ وَقِيلَ إنَّهُ الَّذِي يُفْصِحُ بِمَا كَانَ يَحْتَشِمُ مِنْهُ وَقِيلَ الَّذِي يَتَمَايَلُ فِي مَشْيِهِ وَيَهْذِي فِي كَلَامِهِ وَقِيلَ الَّذِي لَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يُسْتَفْسَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[الرُّكْنُ الرَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ الْمَحَلُّ]
(الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَحَلُّ) (قَوْلُهُ كَالشَّعْرِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ لَوْ أَشَارَ إلَى شَعْرَةٍ فَقَالَ هَذِهِ الشَّعْرَةُ مِنْك طَالِقٌ طَلُقَتْ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا فَرْجَك طَلُقَتْ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَالِاسْتِثْنَاءُ لَا يَسْرِي وَلَوْ قَالَ يَا حَفْصَةُ أَنْت طَالِقٌ وَرَأْسُ عَمْرَةَ بِرَفْعِ رَأْسِ طَلُقَتَا وَقِيلَ إذَا لَمْ يَنْوِ فَفِي طَلَاقِ عَمْرَةَ وَجْهَانِ وَلَوْ قَالَ رَأْسِ عَمْرَةَ بِجَرِّ الرَّأْسِ لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ فَإِنَّهُ أَقْسَمَ بِرَأْسِهَا عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ (قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْهَا) كَفَرْجِك أَوْ دُبُرِك (قَوْلُهُ ظَاهِرًا كَانَ كَالْيَدِ) أَوْ بَاطِنًا كَالْكَبِدِ لَوْ قَالَ أُنْثَيَاك أَوْ إحْدَى أُنْثَيَيْك طَالِقٌ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَحْمَدُ الرَّسُولُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قَالَ لِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ أُنْثَيَيْنِ مِنْ دَاخِلِ الْفَرْج وَقَالَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ وَأَظُنُّهُ قَالَ إحْدَاهُمَا لِنَبْتِ الشَّعْرِ وَالثَّانِيَةُ لِنُزُولِ الْمَنِيِّ. اهـ. وَلَمْ نَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَلَعَلَّ قَوْلَهُمْ عُضْوٌ يَشْمَلُهُ فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ. اهـ. نَاشِرِيّ وَقَوْلُهُ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَحْمَدُ الرَّسُولُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْقُونَوِيِّ فِي شَرْحِ الْحَاوِي (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ زِيَادَةُ لَحْمٍ فَيَكُونُ كَاللَّحْمِ) يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا ضَمَانَهُ فِي الْغَصْبِ فِيمَا لَوْ سَمِنَتْ ثُمَّ هَزَلَتْ فَأَوْجَبُوا ضَمَانَ كُلِّ سِمَنٍ تَكَرَّرَ بِخِلَافِ الصَّنْعَةِ إذَا زَالَتْ ثُمَّ عَادَتْ (قَوْلُهُ وَلَا الْمَعَانِي إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ وَلَا أَصْلُهُ لِمَا إذَا قَالَ عَقْلُك طَالِقٌ وَقَدْ اسْتَفْتَيْت عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَجَبْت فِيهَا بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفِقْهِ أَنَّ الْعَقْلَ عَرَضٌ وَلَيْسَ بِجَوْهَرٍ. اهـ. قَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ وَأَنَّهُ مِنْ الْمَعَانِي وَقَوْلُهُ وَأَجَبْت فِيهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ اسْمُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) إنْ لَمْ يُرِدْ الذَّاتَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت اسْمَهَا دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ قَبُولِهِ

(3/284)


لَا نَفَسُك بِفَتْحِ الْفَاءِ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُمَا أَصْلُ الْآدَمِيِّ وَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ نَفَسِك بِفَتْحِ الْفَاءِ لِأَنَّهُ أَجْزَاءٌ مِنْ الْهَوَاءِ تَدْخُلُ الرِّئَةَ وَتَخْرُجُ مِنْهَا لَا جُزْءٌ مِنْ الْمَرْأَةِ وَلَا صِفَةٌ لَهَا وَمِثْلُهُ ظِلُّك وَطَرِيقُك وَصُحْبَتُك صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا) تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ (حَيَاتُك) طَالِقٌ (إنْ أَرَادَ بِهَا الرُّوحَ) أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ (لَا) إنْ أَرَادَ بِهَا (الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالْحَيِّ) كَسَائِرِ الْمَعَانِي.

(فَرْعٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَى الْجُزْءِ ثُمَّ يَسْرِي) إلَى بَاقِي الْبَدَنِ كَمَا فِي الْعِتْقِ (فَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَيَمِينُك طَالِقٌ فَقُطِعَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَطْلُقْ كَمَنْ خَاطَبَهَا) بِذَلِكَ (وَلَا يَمِينَ) لَهَا لِفِقْدَانِ الْجُزْءِ الَّذِي يَسْرِي مِنْهُ الطَّلَاقُ إلَى الْبَاقِي كَمَا فِي الْعِتْقِ وَكَمَا لَوْ قَالَ فَلِحْيَتُك أَوْ ذَكَرُك طَالِقٌ وَصَوَّرَ الرُّويَانِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا فَقَدَتْ يَمِينَهَا مِنْ الْكَتِفِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ (وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَوْ لِمُلْتَقَطَةٍ يَدُك أُمُّ وَلَدِي) فِي الْأُولَى (أَوْ) يَدُك (ابْنِي) فِي الثَّانِيَةِ (لَغَا) فَلَا يَثْبُتُ بِهِ اسْتِيلَادٌ وَلَا نَسَبٌ لِعَدَمِ السِّرَايَةِ فِيهِمَا.

الرُّكْنُ الْخَامِسُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْمَحَلِّ

فَيَقَعُ فِي الْعِدَّةِ طَلَاقُ رَجْعِيَّةٍ) لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكِ الرَّجْعَةِ (لَا) طَلَاقٌ (بَائِنٌ) لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا (وَقَوْلُهُ) لِأَجْنَبِيَّةٍ (إنْ تَزَوَّجْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ لَغْوٌ) لِذَلِكَ وَلِخَبَرِ «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ وَلَا عِتْقَ إلَّا بَعْدَ مِلْكٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ بِلَفْظِ «لَا طَلَاقَ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ وَلَا عَتَاقَ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ» وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ أَيْ لَا طَلَاقَ وَاقِعٌ وَلَا مُعَلَّقَ وَلَا عَتَاقَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ كَالنَّذْرِ بِنَحْوِ قَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ حَيْثُ يَلْزَمُهُ النَّذْرُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ رَقَبَةً لِأَنَّ ذَاكَ الْتِزَامٌ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ (فَإِنْ قَالَ) لِرَقِيقٍ (إنْ مَلَكْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقك أَوْ فَأَنْت وَصِيَّةٌ لِزَيْدٍ فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ النَّذْرِ الْتِزَامٌ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ وَصُورَةُ الْوَصِيَّةِ أَوْلَى بِذَلِكَ وَثَانِيهِمَا لَا لِتَعَلُّقِهِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ (وَ) إنْ قَالَ (لِغَيْرِ حَامِلٍ) أَوْ لِحَامِلٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَكَانَ الْأَوْلَى وَالْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ لِأَمَتِهِ أَوْ لِحَائِلٍ (إنْ وَلَدْت فَوَلَدُك حُرٌّ فَوَلَدَتْ عَتَقَ) الْوَلَدُ لِأَنَّهُ مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِي الْأَصْلِ فَمَلَكَهُ فِي الْفَرْعِ كَمَا أَنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّارِ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَنَافِعِ الْمَعْدُومَةِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَا تَلِدُهُ الْأَمَةُ ثُمَّ عَلَّقَ بِذَلِكَ فَوَلَدَتْ لَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ تَنْزِيلًا لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنَافِعَهَا فِي الْوِلَادَةِ مَنْزِلَةَ مِلْكِهِ لَهَا وَكَلَامُهُمْ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ.

(وَلَوْ عَلَّقَ الْعَبْدُ) الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ (بِدُخُولِهَا فَعَتَقَ ثُمَّ دَخَلْت أَوْ بِعِتْقِهِ فَعَتَقَ وَقَعْنَ) أَيْ الثَّلَاثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلثَّالِثَةِ حَالَةَ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ مَلَكَ التَّعْلِيقَ فِي الْجُمْلَةِ وَلِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ النِّكَاحِ الْمُقَيَّدِ بِمِلْكِ الثَّلَاثِ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ وَقَدْ وُجِدَتْ وَشُبِّهَ ذَلِكَ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ حَالَ الْبِدْعَةِ (وَإِنْ عَلَّقَ) الزَّوْجُ (طَلَاقَهَا) بِصِفَةٍ كَدُخُولِ الدَّارِ (فَأَبَانَهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ قَبْلَ التَّزْوِيجِ لَمْ تَطْلُقْ) لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالدُّخُولِ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ (وَكَذَا) إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّزْوِيجِ (إذْ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ الْحِنْثُ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّلَاقِ (وَلَا فِي غَيْرِهِ كَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَالْعِتْقِ بَعْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ) أَيْ مِلْكِ النِّكَاحِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالرَّقَبَةِ فِي الثَّالِثِ وَبَعْدَ تَجَدُّدِهِ وَذَلِكَ لِتَخَلُّلِ حَالَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَرُفِعَ حُكْمُ الْيَمِينِ وَلِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ سَبَقَ هَذَا النِّكَاحَ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ كَالتَّعْلِيقِ فِي حَالِ عَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ (وَلَا يَضُرُّهُ) أَيْ عَوْدُ الْحِنْثِ فِيمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ) الظَّاهِرُ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ إذْ الْحَيَاةُ صِفَةٌ تَقْتَضِي الْحِسَّ وَالْحَرَكَةَ الْإِرَادِيَّةَ وَتَفْتَقِرُ إلَى الْبَدَنِ وَالرُّوحِ.

[فَرْعٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَى الْجُزْءِ ثُمَّ يَسْرِي إلَى بَاقِي الْبَدَنِ]
(قَوْلُهُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْيَدَ هَلْ تَطْلُقُ إلَى الْمَنْكِبِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ هَلْ تَطْلُقُ إلَى الْمَنْكِبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[الرُّكْنُ الْخَامِسُ فِي الطَّلَاقِ الْوِلَايَةُ عَلَى الْمَحَلِّ]
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إنْ تَزَوَّجْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ لَغْوٌ) رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ آبَائِهِ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنَّ أُمِّي عَرَضَتْ عَلَيَّ قَرَابَةً فَقُلْت هِيَ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِلْكٌ قُلْت لَا قَالَ لَا بَأْسَ» وَرُوِيَ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ يَوْمَ أَتَزَوَّجُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ فَقَالَ طَلَّقَ مَا لَا يَمْلِكُ» وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ صَرِيحَانِ فِي إبْطَالِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ لَا طَلَاقَ إلَخْ) اسْتَدَلَّ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] وَعَلَّلَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْعَقْدِ فَبَطَلَ أَثَرُهُ.
(تَنْبِيهٌ)
قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَرُفِعَ إلَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ فَفَسَخَهُ انْفَسَخَتْ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ أَنَّهُ يَمِينٌ أَوْ لَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ قَالَ الْهَرَوِيُّ لَيْسَ ذَلِكَ بِفَسْخٍ بَلْ هُوَ حُكْمٌ بِإِبْطَالِ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْيَمِينَ الصَّحِيحَةَ لَا تُفْسَخُ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ النَّذْرِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ) قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ مَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ أَوْ فَهُوَ حُرٌّ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَّقَ بِذَلِكَ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَلَّقَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَبَعْدَ الْقَبُولِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالدُّخُولِ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ) لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنَاوَلَتْ فِعْلًا وَاحِدًا وَقَدْ وُجِدَ فِي حَالٍ لَا يَقَعُ فِيهَا فَانْحَلَّتْ (قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَهُ) قَالَ الْغَزِّيِّ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت فَأَبَانَهَا ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا لَمْ تَنْحَلَّ يَمِينُهُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ بَعْدَ نِكَاحِهَا طَلُقَتْ عَلَى أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَوْ تَزَوَّجَ فِي الْبَيْنُونَةِ ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا لَمْ تَطْلُقْ بِمَا جَرَى فِي الْبَيْنُونَةِ فَلَوْ كَانَ قَالَ إذَا تَزَوَّجْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْك فَأَبَانَهَا وَتَزَوَّجَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَلَا تَطْلُقُ إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا امْرَأَةً بَعْدَ أَنْ نَكَحَهَا. اهـ. مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُقُوعِ طَلَاقِهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ سَبَقَ هَذَا النِّكَاحَ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يُرَادَ بِهِ النِّكَاحُ الثَّانِي لِسَبْقِهِ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ وَقَدْ انْقَطَعَ.

(3/285)


ذُكِرَ (تَخَلُّلُ) الطَّلَاقِ (الرَّجْعِيِّ وَالرَّجْعَةِ) بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَوُجُودِ الصِّفَةِ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَيْسَتْ نِكَاحًا مُجَدَّدًا وَلَا تَخَلُّلُ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ مَا ذُكِرَ (وَلَوْ قَالَ إنْ أَبَنْتُكِ ثُمَّ نَكَحْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَلَغْوٌ) فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ لِمَا مَرَّ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بِقَوْلِهِ وَدَخَلْت الدَّارَ وَجَعَلَهُ عَقِبَ نَكَحْتُك كَمَا فَعَلَ الْأَصْلُ كَانَ أَخْصَرَ.

(وَمَنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَتَهُ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الثَّلَاثِ) وَلَوْ بَعْدَ الزَّوْجِ (عَادَتْ إلَيْهِ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا) دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ الطَّلَاقِ لَمْ يُحْوِجُ إلَى زَوْجٍ آخَرَ فَالنِّكَاحُ الثَّانِي وَالدُّخُولُ فِيهِ لَا يَهْدِمَانِهِ كَوَطْءِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ أَمَّا بَعْدَ اسْتِكْمَالِهَا فَتَعُودُ إلَيْهِ بِالثَّلَاثِ لِأَنَّ دُخُولَ الثَّانِي بِهَا أَفَادَ حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لِاسْتِغْرَاقِهِ فَكَانَ نِكَاحًا مُفْتَتَحًا بِأَحْكَامِهِ.

(فَصْلٌ لِلْحُرِّ) طَلْقَاتٌ (ثَلَاثٌ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] أَيْنَ الثَّالِثَةُ فَقَالَ {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] » (وَلِلْعَبْدِ) مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا (طَلْقَتَانِ) فَقَطْ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُمَلِّكُ فَاعْتُبِرَ بِمَالِكِهِ وَمَشْرُوعٌ لِحَاجَةِ الرَّجُلِ فَاعْتُبِرَ بِجَانِبِهِ وَالْمُبَعَّضُ كَالْعَبْدِ (وَإِنْ طَلَّقَهَا الذِّمِّيُّ) الْحُرُّ (طَلْقَةً ثُمَّ اُسْتُرِقَّ) بَعْدَ نَقْضِهِ الْعَهْدَ (ثُمَّ نَكَحَهَا) بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (عَادَتْ) لَهُ (بِطَلْقَةٍ) فَقَطْ لِأَنَّهُ رَقَّ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ عَدَدِ الْعَبِيدِ (وَكَذَا لَوْ سَبَقَ مِنْهُ) قَبْلَ اسْتِرْقَاقِهِ (طَلْقَتَانِ) ثُمَّ نَكَحَهَا عَادَتْ إلَيْهِ بِطَلْقَةٍ (لِأَنَّهَا لَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ (بِهِمَا) فَطَرَيَانُ الرِّقِّ لَا يَرْفَعُ الْحِلَّ الثَّابِتَ (وَمَنْ عَتَقَ بَعْدَ طَلْقَةٍ) أَوْقَعَهَا عَلَى زَوْجَتِهِ ثُمَّ رَاجَعَهَا أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ (بَقِيَ لَهُ طَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُ عَتَقَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ عَدَدِ الْعَبِيدِ (أَوْ) عَتَقَ (بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ) فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ لِاسْتِيفَائِهِ عَدَدَ الْعَبِيدِ فِي الرِّقِّ وَلِأَنَّهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِهِمَا فِي الرِّقِّ فَلَا تُرْفَعُ الْحُرْمَةُ بِعِتْقٍ يَحْدُثُ بَعْدَهُ كَمَا قُلْنَا إنَّ الذِّمِّيَّ الْحُرَّ إذَا طَلَّقَ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ لَا يَرْتَفِعُ الْحِلُّ بِرِقٍّ يَحْدُثُ بَعْدَهُ (وَكَذَا) لَا يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ (لَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (هَلْ وَقَعَتَا) أَيُّ الطَّلْقَتَانِ (قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ) لِأَنَّ الرِّقَّ وَوُقُوعَ الطَّلْقَتَيْنِ مَعْلُومَانِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الرِّقِّ حِينَ أَوْقَعَهُمَا (فَإِنْ ادَّعَى تَقَدُّمَ الْعِتْقِ) عَلَيْهِمَا (وَأَنْكَرَتْ هِيَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِوَقْتِ الطَّلَاقِ (إلَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى يَوْمِ الطَّلَاقِ) كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ (وَادَّعَى الْعِتْقَ قَبْلَهُ) فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الرِّقِّ قَبْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى يَوْمِ الْعِتْقِ وَمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتٍ.

(فَصْلٌ طَلَاقُ الْمَرِيضِ) فِي الْوُقُوعِ (الصَّحِيحِ) أَيْ كَطَلَاقِهِ فِيهِ (فَيَتَوَارَثَانِ) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي) الطَّلَاقِ (الرَّجْعِيِّ) مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا لِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ فِي الرَّجْعِيَّةِ بِلُحُوقِ الطَّلَاقِ لَهَا كَمَا مَرَّ وَصِحَّةِ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ مِنْهَا وَوُجُوبِ نَفَقَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَالِّهَا (لَا) فِي الطَّلَاقِ (الْبَائِنِ) لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ.

الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ

[الطَّرَف الْأَوَّلُ نِيَّةِ الْعَدَدِ فِي الطَّلَاقِ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ وَفِيهِ أَطْرَافٌ)
ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ فِي نِيَّةِ الْعَدَدِ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ) أَوْ نَحْوُهُ (وَنَوَى ثَلَاثًا) مَثَلًا (وَقَعْنَ) لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهَا سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا (أَوْ أَنْتِ وَاحِدَةٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً سَوَاءً رَفَعَ) فِيهِمَا (وَاحِدَةٌ أَوْ نَصَبَ وَنَوَى ثَلَاثًا وَقَعْنَ) لِاحْتِمَالِ الْحَمْلِ عَلَى وَاحِدَةٍ مُلَفَّقَةٍ مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ عَلَى تَوَحُّدِ الْمَرْأَةِ عَنْ زَوْجِهَا بِمَا نَوَاهُ وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ وُقُوعُهَا أَيْضًا فِي الْجَرِّ وَالسُّكُونِ وَيُقَدَّرُ الْجَرُّ بِأَنْتِ ذَاتُ وَاحِدَةٍ أَوْ مُتَّصِفَةٌ بِوَاحِدَةٍ أَوْ بِكَوْنِ الْمُتَكَلِّمِ لَحَنَ وَاللَّحْنُ لَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ عِنْدَنَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ.
وَأَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا ذُكِرَ فِي حَالِ النَّصْبِ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَخَالَفَ فِيهِ الْمِنْهَاجَ تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَ وُقُوعَ وَاحِدَةٍ فَقَطْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] ثُمَّ قَالَ {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وَلَمْ يُفَرِّقْ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ أَنْ تَتَزَوَّجَ قَبْلَ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ فَقَدْ يَدْخُلُ بِهَا الزَّوْجُ وَقَدْ لَا يَدْخُلُ فَدَخَلَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ كُلُّهَا تَحْتَ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ.

[فَصْلٌ لِلْحُرِّ طَلْقَاتٌ ثَلَاثٌ]
(قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ بِمَالِكِهِ) كَعَدَدِ الزَّوْجَاتِ.

[فَصْلٌ طَلَاقُ الْمَرِيضِ فِي الْوُقُوعِ الصَّحِيحِ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ)
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ إلَخْ) أَشَارَ بِقَوْلِهِ بَائِنٌ إلَى أَنَّ الْكِنَايَةَ كَالصَّرِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ لِحَدِيثِ «رُكَانَةَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَحَلَّفَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ لَوَقَعَ وَيُشْتَرَطُ فِي نِيَّةِ الْعَدَدِ اقْتِرَانُهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ فَإِنْ نَوَاهَا فِي أَثْنَائِهِ فَعَلَى مَا مَرَّ فِي نِيَّةِ أَصْلِ الطَّلَاقِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِي التَّأْكِيدِ إرَادَتُهُ فِي أَوَّلِ التَّأْسِيسِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي اقْتِرَانِ نِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ سَأَلْت عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ أَنْتُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا وَلَمْ يَقْصِدْ تَوْزِيعًا وَلَا إيقَاعَ الثَّلَاثِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ فَهَلْ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ فَأَجَبْت بِأَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَنْ يَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتُمَا طَالِقَانِ مِنْ الْكُلِّيِّ التَّفْصِيلِيِّ فَهُوَ حُكْمٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى انْفِرَادِهَا كَصِيغَةِ الْعُمُومِ فَكَانَ قَوْلُهُ ثَلَاثًا رَاجِعًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَا إلَى مَجْمُوعِهِمَا وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْعَصْرِيِّينَ أَنَّهُ أَجَابَ بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى تَوْزِيعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِمَا كَأَنَّهُ قَاسَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْقَعْت عَلَيْكُمَا أَوْ بَيْنَكُمَا ثَلَاثًا وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي مَا أَجَبْت بِهِ وَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةً (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ وُقُوعُهَا أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا ذُكِرَ فِي حَالِ النَّصْبِ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَخَالَفَ فِيهِ الْمِنْهَاجُ إلَخْ) وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ أَنْتِ اثْنَتَانِ إذَا نَوَى بِهِ ثَلَاثًا فَيَجِيءُ فِيمَا يَظْهَرُ فِيهِ الْخِلَافُ هَلْ يَقَعُ مَا نَوَى أَوْ لَا يَقَعُ إلَّا اثْنَتَانِ قَالَ شَيْخُنَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ بَائِنٌ ثَلَاثًا وَنَوَى

(3/286)


عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ مِنْ أَنَّ وَاحِدَةً صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَالنِّيَّةُ مَعَ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْمَنْوِيَّ لَا تُؤَثِّرُ (فَإِنْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ ثَلَاثًا وَنَوَى الطَّلَاقَ لَا الثَّلَاثَ وَقَعْنَ) لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ وَكِنَايَةٌ فِي الْعَدَدِ وَقَدْ نَوَاهُ وَكَذَا إنْ نَوَى الثَّلَاثَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَالَ (أَنْت بَائِنٌ ثَلَاثًا وَنَوَى وَاحِدَةً فَهَلْ يُنْظَرُ إلَى اللَّفْظِ) فَيَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِهَا (أَوْ) إلَى (النِّيَّةِ) فَوَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِالثَّلَاثِ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ (وَجْهَانِ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي الْجَزْمُ بِالْأَوَّلِ وَذِكْرُ الثَّلَاثِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِثَالٌ فَالثِّنْتَانِ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَلَوْ أَرَادَ الثَّلَاثَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (فَمَاتَتْ أَوْ أَمْسَكَ فُوهُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ لَا قَبْلَهُ وَقَعْنَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَاهَا بِأَنْتِ طَالِقٌ لِتَضَمُّنِ إرَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ قَصْدَهَا وَقَدْ تَمَّ مَعَهُ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي حَيَاتِهَا أَوْ قَبْلَ إمْسَاكٍ فِيهِ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا مُبَيِّنٌ لِأَنْتِ طَالِقٌ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَا يُقَالُ تَبِينُ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَلَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَقِيلَ يَقَعُ وَاحِدَةً وَقِيلَ لَا شَيْءَ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ إنْ نَوَى الثَّلَاثَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَقَصَدَ أَنْ يُحَقِّقَهُ بِاللَّفْظِ فَثَلَاثٌ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَ فِي الْأَنْوَارِ قَوْلَ الْبُوشَنْجِيُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ الْمَنْقُولُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَفَّالِ وَغَيْرِهِمَا أَمَّا إذَا حَصَلَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ لِخُرُوجِهَا عَنْ مَحَلِّ الطَّلَاقِ أَوْ إمْسَاكٍ فِيهِ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِهِ (وَرِدَّتُهَا وَإِسْلَامُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (كَمَوْتِهَا) فِيمَا ذُكِرَ.

(فَصْلٌ) لَوْ قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ (أَنْت طَالِقٌ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَ الطَّلَاقِ أَوْ أَكْبَرَهُ بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ أَطْوَلَهُ) أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ أَشَدَّهُ أَوْ نَحْوَهَا (وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ) فَقَطْ رَجْعِيَّةٌ (وَكَذَا لَوْ قَالَ بِعَدَدِ التُّرَابِ) بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ إنَّ التُّرَابَ اسْمُ جِنْسٍ لَا جَمْعٌ وَقَالَ الْبَغَوِيّ عِنْدِي تَقَعُ الثَّلَاثُ بِنَاءً عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْمُبَرِّدِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْقَاضِي وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرِهِمْ وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ قَوْلَ الْبَغَوِيّ قَالَا وَلَا يَقْتَضِي الْعُرْفُ غَيْرَهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لِأَنَّ التُّرَابَ إنْ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ جَمْعًا فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَاحِدُهُ تُرَابَةٌ (أَوْ) بِعَدَدِ (شَعْرِ إبْلِيسَ) لِأَنَّهُ نَجَّزَ الطَّلَاقَ وَرَبَطَ عَدَدَهُ بِشَيْءٍ شَكَكْنَا فِيهِ فَنُوقِعُ أَصْلَ الطَّلَاقِ وَيُلْغَى الْعَدَدُ إذْ الْوَاحِدَةُ لَيْسَتْ بِعَدَدٍ لِأَنَّ أَقَلَّ الْعَدَدِ اثْنَانِ (فَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (بِعَدَدِ أَنْوَاعِ التُّرَابِ أَوْ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ بِالْمُثَلَّثَةِ أَوْ كُلِّهِ أَوْ يَا مِائَةَ طَالِقٍ أَوْ أَنْت مِائَةُ طَالِقٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ) لِظُهُورِ ذَلِكَ فِيهَا وَالتَّصْرِيحُ بِالضَّبْطِ بِالْمُثَلَّثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) أَنْتِ (كَمِائَةِ طَالِقٍ فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا تَقَعُ ثَلَاثٌ لِوُقُوعِ الشَّبَهِ فِي الْعَدَدِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَثَانِيهُمَا وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ وَاخْتَارَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ بَعْدُ وَأَقَرَّهُ وَاخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ (أَوْ) أَنْت (طَالِقٌ) طَلْقَةً وَاحِدَةً (أَلْفَ مَرَّةٍ أَوْ كَأَلْفٍ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (بِوَزْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا) فِي الثَّلَاثِ (فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ تَقَعُ لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَاحِدَةِ فِي الْأُولَتَيْنِ يَمْنَعُ لُحُوقَ الْعَدَدِ وَذِكْرُ الْوَزْنِ فِي الثَّالِثَةِ يُلْغَى لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُوزَنُ وَاسْتَشْكَلَ حُكْمُ الْأُولَيَيْنِ (أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَوْ إنْ لَمْ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالتَّعْلِيقِ بِلَا قَصْدٍ لَمْ يَنْفَعْ فَهُنَا أَوْلَى (إلَّا إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ الِاسْتِثْنَاءَ) فَلَمْ يُتِمَّهُ فَلَا تَطْلُقُ (وَيُصَدَّقُ) فِي دَعْوَى ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَاحِدَةً أَنَّهُ يَقَعُ الْمَنْوِيُّ عَلَى الْمُرَجَّحِ مَا يَشْهَدُ لِمَا ذُكِرَ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ الْأَجْزَاءِ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يُنْظَرُ إلَى اللَّفْظِ أَوْ النِّيَّةِ) وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكِنَايَةِ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَرَادَ الثَّلَاثَ) بِأَنْ نَوَاهَا مُقْتَرِنَةً بِلَفْظَةِ طَالِقٍ (قَوْلُهُ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ إنْ نَوَى الثَّلَاثَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ إلَخْ) هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ إذْ النِّيَّةُ إذَا لَمْ تُقَارِنْ اللَّفْظَ لَا أَثَرَ لَهَا ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّوْشِيحِ أَنَّهُ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ وَكَأَنَّهُ تَحْقِيقُ مَنَاطٍ ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَوْتَهَا قَبْلَ تَمَامٍ ثَلَاثًا وَبَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا كَمَوْتِهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مُصَرَّحًا بِهِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ بِوَقْعِ الثَّلَاثِ إذَا شَرَعَ فِي لَفْظِ ثَلَاثًا وَمَاتَتْ فِي أَثْنَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ شَرَعَ فِيهِ كَمَا قِيلَ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ ثُمَّ مَاتَتْ فَقَالَ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ دَخَلْت الدَّارَ أَنَّهُ يُقْبَلُ لِوُجُودِ بَعْضِ لَفْظِ التَّعْلِيقِ.

[فَصْلٌ قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ نَحْوَهَا]
(فَصْلٌ قَوْلُهُ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مِلْءَ الدُّنْيَا) أَيْ أَوْ مِلْءَ الْبُيُوتِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهَا) أَيْ كَأَكْمَلِهِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ إنَّ التُّرَابَ اسْمُ جِنْسٍ) أَيْ وَاحِدٌ لَا يَقْتَضِي الْعَدَدَ صَرِيحًا وَلَا ضِمْنًا (قَوْلُهُ فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَاحِدُهُ تُرَابَةٌ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَا قَلِيلَ وَلَا كَثِيرَ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَلَوْ قَالَ لَا كَثِيرَ وَلَا قَلِيلَ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ قَالَهُ فِي الْمُطَارَحَاتِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَا قَلِيلَ وَقَعَ الْكَثِيرُ وَهُوَ الثَّلَاثُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَلَمْ يَرْتَفِعْ وَفِي الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ لَا كَثِيرَ وَقَعَ الْقَلِيلُ وَهُوَ وَاحِدَةٌ وَفِي قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا قَلِيلَ رَفْعٌ لَهُ وَالطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَأَفْتَى الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ وَمُدْرِكُهُ ظَاهِرٌ وَأَفْتَى الْفَقِيهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ بِوُقُوعِ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ كَأَنَّهُ قَالَ طَلْقَةً وَشَيْئًا وَلَمَّا قَالَ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ وَقَعَتْ أَيْضًا طَلْقَتَانِ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ وَشَيْئًا فَتَقَعُ الثَّلَاثُ. اهـ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَكْثَرَ لَيْسَ إنْشَاءَ طَلَاقٍ بَلْ هَذَا عَطْفٌ عَلَى التَّفْسِيرِ لِلْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَقَلَّ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ تَفْسِيرًا وَالتَّقْدِيرُ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا هُوَ أَقَلُّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرُ مِنْ طَلْقَةٍ وَهَذَا الْمَجْمُوعُ لَا يَزِيدُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ قَطْعًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بِوَزْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ إلَخْ) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ مِثْقَالَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ مَثَاقِيلَ أَوْ خَمْسَةً أَوْ عَشَرَةً أَوْ عِشْرِينَ فَطَلْقَةٌ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ وَمَنَعَ إتْمَامَ الْكَلَامِ

(3/287)


الظَّاهِرَةِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْبَابِ السَّادِسِ مَا حَاصِلُهُ الْوُقُوعُ إلَّا بِقَرِينَةٍ أُخْرَى بِأَنْ مَنَعَ إتْمَامَ الْكَلَامِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ فَلَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا قَرِينَةَ فَالْقِيَاسُ الْوُقُوعُ لَا عَدَمُهُ كَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ الْإِتْمَامِ بِلَا مَانِعٍ دَالٌّ عَلَى الْإِضْرَابِ عَنْهُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ السَّابِقُ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ إنَّ الصِّيغَةَ وَضْعُهَا التَّعْلِيقُ لِأَنَّ دَلَالَتَهَا عَلَى مَا وُضِعَتْ لَهُ مَشْرُوطٌ بِذِكْرِ مَدْخُولِهَا مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُجَامِعَ الطَّلَاقَ نَحْوُ إنْ كُنْت زَوْجَتِي.

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ فَإِنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ لَهَا أَنْت مُطَلَّقَةٌ أَنْت مُسَرَّحَةٌ أَنْت مُفَارِقَةٌ مُتَوَالِيًا) فِيهِمَا (وَكَذَا لَوْ لَمْ يُكَرِّرْ أَنْتِ) بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ مُسَرَّحَةٌ مُفَارِقَةٌ (وَقَعَ الثَّلَاثُ إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ (لَا إنْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ) فَلَا يَقَعُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ أَكَّدَ الْأُولَى بِالْأُخْرَيَيْنِ فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ تَقَعُ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ فِي الْكَلَامِ مَعْهُودٌ فِي جَمِيعِ اللُّغَاتِ (أَوْ) أَكَّدَهَا (بِالثَّانِيَةِ أَوْ) أَكَّدَ (الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ) فَطَلْقَتَانِ يَقَعَانِ عَمَلًا بِقَصْدِهِ (فَلَوْ أَكَّدَ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ فَثَلَاثٌ) لِتَخَلُّلِ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْمُؤَكَّدِ وَالْمُؤَكِّدِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا مُتَوَالِيًا عَمَّا لَوْ فَرَّقَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ تَأْكِيدٌ لِلْفَصْلِ نَعَمْ يُدَيَّنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَقَالَ أَكَّدْت الْأُولَى) بِالْأُخْرَيَيْنِ أَوْ بِإِحْدَاهُمَا (لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) لِاخْتِصَاصِهِمَا بِالْعَاطِفِ الْمُوجِبِ لِلتَّغَايُرِ (أَوْ) أَكَّدْت (الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ قُبِلَ) لِتَسَاوِيهِمَا (وَتَطْلُقُ ثَلَاثًا بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَطَالِقٌ لِلْمُغَايَرَةِ وَكَذَا) بِقَوْلِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ بَلْ طَالِقٌ (وَكَذَا) بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ (لَا بَلْ) طَالِقٌ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَى الْمُغَايَرَةِ (وَلَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا) مِنْ ذَلِكَ (إلَّا طَلْقَةٌ وَ) إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِهَا فَلَا يَقَعُ بِمَا بَعْدَهَا شَيْءٌ وَيُخَالِفُ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا حَيْثُ تَقَعُ بِهِ الثَّلَاثُ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَمَحَلُّهُ فِي الْمُنَجَّزِ (فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا) الْأَوْلَى وَالْأَخْصَرُ فَلَوْ قَالَ لَهَا (إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ) أَوْ عَكَسَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَدَخَلَتْ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ) لِتَعَلُّقِهَا بِالدُّخُولِ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهَا وَكَمَا لَوْ قَالَهُ لِلْمَدْخُولِ بِهَا وَاسْتَشْكَلَ هَذَا فِي صُورَةِ الْعَكْسِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ نَحْوَهُ اخْتَصَّ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْأَخِيرَةِ وَتَقَعُ وَاحِدَةً وَقِيَاسُهُ هُنَا وُقُوعُ وَاحِدَةٍ مُنَجَّزَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ مُفَرَّقٍ فَاخْتَصَّ بِالْأَخِيرِ (لَا إنْ عَطَفَ بِثُمَّ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ فَلَا تَقَعُ الثَّلَاثُ بَلْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى وَقَعَ لِصَاحِبِ الْأَنْوَارِ إلْحَاقُ الْفَاءِ بِالْوَاوِ وَأَخْذًا مِنْ اقْتِصَارِهِمْ عَلَى تَمْثِيلِهِمْ بِثُمَّ وَهُوَ عَجِيبٌ.

(وَلَوْ كَرَّرَ) فِي مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهَا (إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ) كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ (لَمْ يَتَعَدَّدْ) أَيْ الطَّلَاقُ (إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ) فَيَتَعَدَّدُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَقَصْدُ الِاسْتِئْنَافِ يَقْتَضِي اسْتِيفَاءَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ الْوُقُوعُ لَا عَدَمُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ فِي الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَرَّرَ اللَّفْظَ أَرْبَعًا فَالْحُكْمُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ كَالْحُكْمِ فِي صُورَةِ تَكْرِيرِهِ ثَلَاثًا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَخَيَّلَ أَنَّ الرَّابِعَةَ يَقَعُ بِهَا طَلْقَةٌ لِفَرَاغِ الْعَدَدِ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ التَّأْكِيدُ بِمَا يَقَعُ لَوْلَا قَصْدُ التَّأْكِيدِ فَلِإِنْ يُؤَكَّدُ بِمَا لَا يَقَعُ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ التَّأْكِيدِ أَوْلَى. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّمْهِيدِ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَقْبَلُ التَّأْكِيدَ مُطْلَقًا كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي امْتِنَاعِهِ وَبِتَقْدِيرِهِ فَالْخُرُوجُ عَنْ الْمَهِيعِ النَّحْوِيِّ لَا أَثَرَ لَهُ كَمَا أَوْضَحَهُ الْأَصْحَابُ فِي الْإِقْرَارِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ أَجَابَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيه بِحَاصِلِ مَا ذَكَرْته اهـ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ لَفْظِيٌّ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ يَجْرِي فِي الزَّوَائِدِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرَةَ لَمَّا «عَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَةَ الزُّورِ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ أَنَّهُ نَطَقَ بِذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ» إذْ يَبْعُدُ حَمْلُهُ عَلَى الثَّلَاثِ فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ كَانَ إذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ ثَلَاثًا فِي الْغَالِبِ وَقَوْلُهُ فَالْحُكْمُ عِنْدِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَحْوِهِ) وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَأْتِي فِي تَكْرِيرِ الْكِنَايَاتِ كَقَوْلِهِ اعْتَدِّي اعْتَدِّي اعْتَدِّي (قَوْلُهُ عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ) لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْإِيقَاعِ كَاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَلِهَذَا يُقَالُ إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ التَّأْسِيسِ وَالتَّأْكِيدِ فَالتَّأْسِيسُ أَوْلَى (قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ تَأْكِيدٌ لِلْفَصْلِ) نَعَمْ إذَا كَانَ فَصْلُهُ لِعُذْرٍ كَأَنْ كَانَ بِهِ عِيٌّ أَوْ مَنَعَهُ سُعَالٌ طَوِيلٌ مُتَوَاصِلٌ قَبْلَ قَوْلِهِ إنَّهُ أَرَادَ التَّأْكِيدَ لِلْقَرِينَةِ الدَّالَّةَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ اتِّصَالِ الْكَلَامِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فَوَضَعَ إنْسَانٌ يَدَهُ عَلَى فِيهِ مَعَ تَمَامِ قَافِ طَالِقٍ ثُمَّ أَرْسَلَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بِهِ تَأْكِيدَ مَا تَقَدَّمَ وَكُنْت عَازِمًا عَلَيْهِ فَمَنَعَنِي وَضْعُ الْيَدِ عَلَى فِي مِنْهُ. (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا لِاخْتِصَاصِهِمَا إلَخْ) أَيْ وَيُدَيَّنُ.
(فَرْعٌ) فِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقًا فَإِنْ أَرَادَ طَلْقَتَيْنِ وَقَعَتَا وَإِنْ أَرَادَ لِتَأْكِيدٍ وَنَصَبَ عَلَى الْحَالِ قُبِلَ مِنْهُ وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ قُبِلَ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَهَا (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا إلَخْ) قَالَ الدَّارِمِيُّ لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى ثَلَاثًا أَوْ كَرَّرَهُ وَنَوَى بِالْأَوَّلِ ثَلَاثًا وَقَعْنَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَرَّرَهُ وَنَوَى بِالْأَوَّلِ ثَلَاثًا فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ وَاضِحَةٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهَا جَرْيًا عَلَى ظَاهِرِ الْإِطْلَاقِ فَاسْتَحْضَرَهَا فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ فِي صُوَرِ التَّكْرَارِ لَا سِيَّمَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرَ وَالْأَرْجَحُ إلَى الْجَمِيعِ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ فَالْجَوَابُ الَّذِي أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ

(3/288)


بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تُشْبِهُ الْحُدُودَ الْمُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ فَتَتَدَاخَلُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا تَعَدُّدَ فِيهِمَا كَمَا لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ فِيمَا لَوْ حَنِثَ فِي أَيْمَانٍ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي الْإِطْلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ.

(وَلَوْ طَالَ فَصْلٌ وَتَعَدَّدَ مَجْلِسٌ) غَايَةٌ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَا لِلْمُسْتَثْنَى فَلَوْ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ وَلَا تَعَدَّدَ مَجْلِسٌ كَانَ غَايَةً لِلْمُسْتَثْنَى (فَإِنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَقَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ حُذِفَ الْعَاطِفُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (وَيَقَعُ لِلْمَمْسُوسَةِ) أَيْ الْمَدْخُولِ بِهَا (بِقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ ثَلَاثٌ) وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْإِقْرَارِ بِقُرْبِ الِاسْتِدْرَاكِ فِي الْإِخْبَارِ وَبَعْدَهُ فِي الْإِنْشَاءِ وَبِظُهُورِ التَّعَدُّدِ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الْإِقْرَارِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَعَادَ اللَّفْظَ هُنَا بَعْدَ فَصْلِ تَعَدَّدَ الطَّلَاقُ بِخِلَافِهِ ثُمَّ (وَ) يَقَعُ لَهَا (بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَلْ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ) طَلْقَةٌ (مُنَجَّزَةٌ وَ) طَلْقَتَانِ (مُعَلَّقَتَانِ) رَدًّا لِلشَّرْطِ إلَى مَا يَلِيه خَاصَّةً لِأَجَلٍ بَلْ وَبِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ طَالِقٌ فَطَالِقٌ طَلْقَتَانِ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِهَا وَيَقَعُ لِلْمَمْسُوسَةِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ بَلْ وَاحِدَةً ثَلَاثٌ وَلِغَيْرِهَا ثِنْتَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَ) يَقَعُ (بِقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً قَبْلَ أَوْ بَعْدَ) طَلْقَةٍ (أَوْ بَعْدَهَا أَوْ قَبْلَهَا) طَلْقَةٌ (أَوْ مَعَ) طَلْقَةٍ (أَوْ مَعَهَا) طَلْقَةٌ (أَوْ تَحْتَ) طَلْقَةٍ (أَوْ تَحْتَهَا) طَلْقَةٌ (أَوْ فَوْقَ) طَلْقَةٍ (أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَةٌ طَلْقَتَانِ لِلْمَمْسُوسَةِ) يَقَعَانِ مَعًا فِي مَعَ بِتَمَامِ الْكَلَامِ وَمُتَعَاقِبَتَيْنِ فِي غَيْرِهَا بِتَمَامِ الْكَلَامِ بِأَنْ تَقَعَ أَوَّلًا الْمُضَمَّنَةُ ثُمَّ الْمُنَجَّزَةُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ فَوْقَ طَلْقَةٍ أَوْ تَحْتَهَا طَلْقَةٌ وَبِالْعَكْسِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَةٌ أَوْ تَحْتَ طَلْقَةٍ عَلَى كَلَامٍ يَأْتِي فِي تَحْتَ وَفَوْقَ (وَكَذَا غَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ) يَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَتَانِ (فِي قَوْلِهِ مَعَ) طَلْقَةٍ (أَوْ مَعَهَا طَلْقَةٌ) لِاقْتِضَاءِ مَعَ مَعْنَى الضَّمِّ وَالْمُقَارَنَةِ فَيَقَعَانِ مَعًا بِلَا تَرْتِيبٍ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ لَا يَقَعُ بِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ لِظُهُورِ التَّرْتِيبِ فِيهَا وَتَعَذُّرِهِ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ هَذَا مَفْهُومُ كَلَامِهِ وَهُوَ فِي تَحْتَ وَفَوْقَ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَوَلِّي لَكِنْ الَّذِي نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُمَا كَمَعَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ مَشَى شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ.
(فَإِنْ أَرَادَ) فِي الْمَمْسُوسَةِ (بِبَعْدَ) فِي قَوْلِهِ طَلْقَةً بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ (أَنِّي سَأُطَلِّقُهَا) بَعْدَ هَذَا طَلْقَةً (دُيِّنَ) فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا (أَوْ) أَرَادَ (بِقَبْلِهَا أَنَّهُ أَوْ غَيْرَهُ) مِنْ زَوْجٍ آخَرَ (سَبَقَ مِنْهُ) (طَلَاقٌ لَهَا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ) فِيمَا إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي وَفَسَّرَ بِهَذَا وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ سَبْقِ الطَّلَاقِ مِنْهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَإِنْ قَالَ لِغَيْرِ مَمْسُوسَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) كَمَا لَوْ قَالَهُ لِلْمَمْسُوسَةِ وَسَيَأْتِي (أَوْ) قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً وَمِائَةً أَوْ إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ طَلْقَةً وَنِصْفًا أَوْ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ) طَلْقَةً بَلْ (ثَلَاثًا فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ تَقَعُ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِهَا لِعَطْفِ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا بِخِلَافِهِ فِي إحْدَى عَشْرَةَ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ فَهُوَ بِمَعْنَى الْمُفْرَدِ (أَوْ) قَالَ ذَلِكَ (لِلْمَمْسُوسَةِ تَعَدَّدَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) كَمَا مَرَّ بَعْضُهُ (أَوْ) قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً قَبْلَهَا) .
قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ بَعْدَهَا (كُلُّ تَطْلِيقَةٍ طَلُقَتْ الْمَمْسُوسَةُ ثَلَاثًا) مَعَ تَرْتِيبٍ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَبَاقِي الثَّلَاثِ وَطَلُقَتْ غَيْرُهَا وَاحِدَةً أَمَّا فِي بَعْدِهَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي قَبْلِهَا فَلِأَنَّ الْوَاقِعَ إنَّمَا هُوَ الْمُنَجَّزُ لَا الْمُضَمَّنُ لِئَلَّا يَلْزَمَ الدَّوْرُ (أَوْ) قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنْت (طَالِقٌ حَتَّى يُتِمَّ الثَّلَاثَ) أَوْ أُكْمِلَهَا أَوْ أُوقِعَهَا عَلَيْك (وَلَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ فَوَاحِدَةٌ) وَقِيلَ ثَلَاثٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْوَانًا مِنْ الطَّلَاقِ فَوَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا) وَلَوْ قَالَ أَنْوَاعًا مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ أَجْنَاسِهِ مِنْهُ أَوْ أَصْنَافًا لِظَاهِرِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ (وَإِنْ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ يَا مُطَلَّقَةُ أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت تِلْكَ الطَّلْقَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ أَطْلَقَ) فَلَا تَعَدُّدَ فِيهِمَا وَجَّهَهُ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ جَرَيَانَ الْعَادَةِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُكَرِّرُ الْيَمِينَ الْوَاحِدَةَ مَرَّاتٍ.

(قَوْلُهُ أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَةٌ إلَخْ) أَيْ أَوْ عَلَى طَلْقَةٍ أَوْ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ لَا يَقَعُ بِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُهُمَا يَقْتَضِي مُوَافَقَتَهُمَا لِلْمُتَوَلِّي.
(قَوْلُهُ لَكِنَّ الَّذِي نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُمَا كَمَعَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَعَ لِلْقِرَانِ فِي اللُّغَةِ وَفَوْقَ وَتَحْتَ لِلتَّرْتِيبِ الْمُنَافِي لِلْقِرَانِ وَعِبَارَةُ التَّتِمَّةِ إذَا قَالَ طَلْقَةً فَوْقَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً تَحْتَ طَلْقَةٍ فَهَذَا وَصْفٌ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْئًا مَحْسُوسًا حَتَّى يَتَعَيَّنَ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ فَيَلْغُو قَوْلُهُ فَوْقَ وَقَوْلُهُ تَحْتَ فَيَصِيرُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً طَلْقَةً وَالْحُكْمُ فِيهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ اهـ وَفِي الذَّخَائِرِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْحُكْمُ فِيهَا كَمَا لَوْ قَالَ قَبْلَ وَبَعْدَ وَتَكُونُ تَحْتَ وَفَوْقَ عِبَارَةً عَنْ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ فَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَحْتَ طَلْقَةٍ كَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ وَإِذَا قَالَ فَوْقَ طَلْقَةٍ كَأَنَّهُ قَالَ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي الظَّرْفِ عُرْفًا وَعَادَةً وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ اللَّفْظَ يَتَضَمَّنُ الْجَمْعَ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَيُؤَكَّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ بِأَنَّ تَحْتَ وَفَوْقَ ظَرْفَا مَكَان يَكُونُ لِلْجَوَاهِرِ وَالْأَجْسَامِ وَالطَّلَاقُ لَفْظٌ مِنْ قَبِيلِ الْإِعْرَاضِ لَا يُوصَفُ بِذَلِكَ فَكَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى صَرْفِ اللَّفْظِ إلَى الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ الْمُمْكِنَةِ فِي الْإِيقَاعِ إذْ لَا بُدَّ لِلْوُقُوعِ مِنْ زَمَانٍ وَالزَّمَانُ لَهُ قَبْلٌ وَبَعْدٌ وَلَيْسَ لَهُ فَوْقٌ وَتَحْتٌ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مَشَى شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ فَوَاحِدَةٌ فَقَطْ تَقَعُ) لِأَنَّهَا بَانَتْ بِهَا لِعَطْفِ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذْ لَمْ يَنْوِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الثَّلَاثَ فَإِنْ نَوَاهُنَّ بِهِ وَقَعْنَ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(3/289)


فَهَلْ يُقْبَلُ) مِنْهُ (أَوْ يَقَعُ) طَلْقَةً (أُخْرَى وَجْهَانِ) أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ.
(وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا) أَوْ طَلِّقْنِي وَطَلِّقْنِي وَطَلِّقْنِي أَوْ طَلِّقْنِي طَلِّقْنِي كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ (فَقَالَ طَلَّقْتُك) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ (وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَوَاحِدَةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّ الْجَوَابَ مُنَزَّلٌ عَلَى السُّؤَالِ فَيَنْبَغِي وُقُوعُ ثَلَاثٍ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَالَتْ بِلَا نِيَّةٍ طَلَّقْت وَالنَّظَرُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ السَّائِلَ فِي تِلْكَ مَالِكٌ لِلطَّلَاقِ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ (وَلَوْ طَلَّقَهَا) طَلْقَةً (رَجْعِيَّةً ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا لَغَا) فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ.

(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ وَقَعَ طَلْقَتَانِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي وَصَوَّبَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْحِسَابِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ) ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ حِسَابُ الضَّرْبِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً فِي طَلْقَةٍ وَأَرَادَ مَعَ) طَلْقَةٍ (وَقَعَ طَلْقَتَانِ) كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْإِقْرَارِ (أَوْ الظَّرْفِ أَوْ الْحِسَابِ أَوْ يُرِدْ شَيْئًا فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا مُقْتَضَى الظَّرْفِ وَمُوجِبُ الْحِسَابِ وَالْمُحَقَّقُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِرَادَةِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ وَأَرَادَ مَعَ فَثَلَاثٌ أَوْ الْحِسَابُ فَإِنْ عَلِمَهُ فَطَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُمَا مُوجِبَتَاهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ الْحِسَابَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ (فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ (وَلَوْ قَالَ أَرَدْت مَا يَقْتَضِيهِ الْحِسَابُ) لِأَنَّ مَا لَا يَعْلَمُهُ لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ (وَكَذَا) يَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ (إنْ قَصَدَ الظَّرْفَ) لِأَنَّهَا مُقْتَضَاهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا الْغَزَالِيُّ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ) وَلَمْ يُرِدْ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ (فَطَلْقَةٌ) سَوَاءٌ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ الظَّرْفَ أَوْ الْحِسَابَ أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَجَزَّأُ (وَكَذَا) يَقَعُ طَلْقَةً بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ إلَّا إنْ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ فَثِنْتَانِ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً وَرُبْعًا أَوْ) وَ (نِصْفًا فِي وَاحِدَةٍ وَرُبْعٍ) وَلَمْ يُرِدْ الْمَعِيَّةَ (فَثِنْتَانِ وَإِنْ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ فَثَلَاثٌ) بِتَكْمِلَةِ الْكَسْرِ فِي الْأَرْبَعِ.

(وَلَوْ عَلَّقَ عَدَدَ طَلَاقِ زَيْدٍ) كَأَنْ قَالَ طَلَّقْتُك مِثْلَ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ أَوْ عَدَدَ طَلَاقِهِ (أَوْ نَوَاهُ) أَيْ الْعَدَدَ (وَهُوَ يَجْهَلُهُ) فِيهِمَا (فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ فَثَلَاثٌ) إدْخَالًا لِلطَّرَفَيْنِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الضَّمَانِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَالظَّاهِرُ اسْتِيفَاؤُهُ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ كَمَا قَدَّمْته فِي بَابِ الضَّمَانِ (وَكَذَا) يَقَعُ الثَّلَاثُ (لَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (مَا بَيْنَ الْوَاحِدَةِ إلَى الثَّلَاثِ) لِأَنَّ مَا بَيْنَ بِمَعْنَى مِنْ بِقَرِينَةِ إلَى وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (مَا بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِ فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا الصَّادِقَةُ بِالْبَيْنِيَّةِ بِجَعْلِ الثَّلَاثِ بِمَعْنَى الثَّالِثَةِ.

(النَّوْعُ الثَّانِي التَّجْزِئَةُ الطَّلَاقُ لَا يَتَجَزَّأُ) بَلْ ذِكْرُ بَعْضِهِ كَذِكْرِ كُلِّهِ لِقُوَّتِهِ سَوَاءٌ أَبْهَمَ أَمْ عَيَّنَ (فَقَوْلُهُ) أَنْتِ طَالِقٌ (بَعْضَ طَلْقَةٍ) أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ تَقَعُ بِهِ (طَلْقَةٌ وَلَوْ زَادَ فِي أَجْزَاءِ الْمُطَلِّقَةِ فَقَالَ) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ) أَوْ أَرْبَعَةَ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ (فَطَلْقَتَانِ) لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ مَتَى زَادَتْ عَلَى طَلْقَةٍ حُسِبَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ طَلْقَةٍ أُخْرَى وَأُلْغِيَ مَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَنِصْفَ طَلْقَةٍ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (خَمْسَةَ أَنْصَافِهَا) أَوْ سَبْعَةَ أَثْلَاثِهَا أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا جَاوَزَتْ فِيهِ الْأَجْزَاءُ طَلْقَتَيْنِ (فَثَلَاثٌ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَيْ طَلْقَةٍ أَوْ رُبْعَ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ) أَوْ رُبْعَيْ طَلْقَةٍ (فَطَلْقَةٌ إنْ لَمْ يُرِدْ كُلًّا) أَيْ كُلَّ جُزْءٍ (مِنْ طَلْقَةٍ) فَإِنْ أَرَادَهُ وَقَعَ ثِنْتَانِ (وَكَذَا) يَقَعُ طَلْقَةً بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفُ طَلْقَتَيْنِ) وَلَمْ يُرِدْ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ لِأَنَّهَا نِصْفُهُمَا وَحَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ فَلَا نُوقِعُ مَا زَادَ بِالشَّكِّ قَالَ الْإِمَامُ وَلَيْسَ كَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ نِصْفُ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ لِأَنَّهُمَا شَخْصَانِ لَا يَتَمَاثَلَا فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِمَا إضَافَةٌ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَالطَّلْقَتَانِ يُشْبِهَانِ الْعَدَدَ الْمَحْضَ.
(وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَى نِصْفِ دِرْهَمَيْنِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) لِأَنَّهُ نِصْفُهُمَا (أَوْ) لَهُ عَلَى (ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ دِرْهَمٍ فَدِرْهَمٌ وَنِصْفٌ) لِأَنَّ الْمَالَ يَتَجَزَّأُ (وَيَقَعُ بِقَوْلِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَقْرَبُهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِذَلِكَ إذَا خَاطَبَهَا بِذَلِكَ فِي عِدَّةِ طَلْقَةٍ رَجْعِيَّةٍ قَبْلَ أَنْ يُرَاجِعَهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ إذَا طَلَّقَ رَجْعِيًّا ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا وَنَوَى قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ فَلَغْوٌ وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ. اهـ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ إذَا طَلَّقَ رَجْعِيًّا ثُمَّ سَكَتَ وَرَاجَعَ أَصْحَابَهُ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا فَإِنْ قَصَدَ بِكَلَامِهِ ثَانِيًا أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ وَبَيَانٌ لَهُ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا أَنَّهَا طَالِقٌ ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا كَمَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً أَنْتِ ثَلَاثًا وَنَوَى الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ فَإِنَّهُ يَقَعُ وَإِنَّهُ إنْ قَالَ إنْ غِبْت عَنْ زَوْجَتِي سَنَةً فَمَا أَنَا لَهَا بِزَوْجٍ وَلَا هِيَ لِي بِامْرَأَةٍ فَهُوَ إقْرَارٌ فِي الظَّاهِرِ بِزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ السَّنَةِ وَتَوَقُّعِ زَوَالِهَا بِذَلِكَ مُحْتَمَلٌ فَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ ظَاهِرًا وَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.

[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ]
(قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي وَصَوَّبَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[الطَّرَفُ الثَّالِثُ الْحِسَابِ فِي الطَّلَاق]
[النَّوْع الْأَوَّلُ حِسَابُ الضَّرْبِ فِي الطَّلَاق]
(قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ الْحِسَابَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ فَوَاحِدَةٌ فَقَطْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا جَهِلَ مَا يُرِيدُونَ بِهِ جُمْلَةً وَرَأْسًا أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ عَدَدًا لَكِنَّهُ جَهِلَهُ فَفِيهِ نَظَرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ فَوَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَدَدًا وَنَوَى عَدَدًا مِنْ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ قَطْعًا فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ) وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ.

[النَّوْعُ الثَّانِي التَّجْزِئَةُ فِي الطَّلَاقُ]
(قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ فِي أَجْزَاءِ الْمُطَلِّقَةِ فَقَالَ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ إلَخْ) صَحِيحٌ الْبُلْقِينِيُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَةٌ فَإِنَّ الْأَجْزَاءَ الْمَذْكُورَةَ يَصِحُّ أَنْ تَقَعَ فِي وَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ فَيُقْضَى فِيهَا بِقِسْمَةِ الْمَالِ الْوَاحِدِ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ الْعَوْلِ جَوَابُهُ إنَّ الْوَصِيَّةَ وَالْوَقْفَ مَحْصُورَانِ فِي الْمَالِ فَوَجَبَ فِيهِ التَّوْزِيعُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ يُمْكِنُ إعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَمِثْلَهُ وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ لِدُخُولِ وَاوِ الْعَطْفِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ النِّصْفَيْنِ إلَى طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَمِثْلَيْهِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ.

(3/290)


أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ) أَوْ ثُلُثَيْ طَلْقَتَيْنِ (طَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إلَى طَلْقَةٍ (وَ) يَقَعُ (بِثَلَاثَةِ أَنْصَافٍ طَلْقَتَيْنِ أَوْ) ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ (الطَّلَاقُ ثَلَاثٌ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَانِ كَمَا مَرَّ آنِفًا فَثَلَاثَةٌ أَيْضًا فِيهِمَا ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِصَرْفِ اللَّفْظِ الْمُعَرَّفِ بِأَلْ إلَى الْجِنْسِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّهُ أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إلَى طَلْقَةٍ وَعَطَفَ فَاقْتَضَى التَّغَايُرَ (وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ الطَّلْقَةَ) وَلَمْ تَزِدْ الْأَجْزَاءُ عَلَيْهَا كَأَنْ قَالَ نِصْفُ وَثُلُثُ وَسُدُسُ طَلْقَةٍ (أَوْ) كَرَّرَهَا لَكِنْ (حَذَفَ الْوَاوَ) كَأَنْ قَالَ نِصْفُ طَلْقَةٍ ثُلُثُ طَلْقَةٍ سُدُسُ طَلْقَةٍ (أَوْ) لَمْ يُكَرِّرْهَا بَلْ (حَذَفَ الطَّلْقَةَ أَوْ الْوَاوَ) الصَّادِقُ ذَلِكَ بِحَذْفِهِمَا بِجَعْلِهِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ كَأَنْ قَالَ نِصْفُ ثُلُثِ سُدُسٍ أَوْ نِصْفٌ وَثُلُثٌ وَسُدُسٌ أَوْ نِصْفُ ثُلُثِ سُدُسِ طَلْقَةٍ (فَوَاحِدَةٌ) إذْ كُلُّهَا أَجْزَاءُ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ (فَلَوْ زَادَتْ الْأَجْزَاءُ بِلَا وَاوٍ) وَكَرَّرَ الطَّلْقَةَ (كَنِصْفِ طَلْقَةٍ ثُلُثِ طَلْقَةٍ رُبْعِ طَلْقَةٍ فَطَلْقَتَانِ) كَمَا لَوْ قَالَ ثَلَاثَةُ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ وَنِصْفَهَا وَنِصْفَهَا فَثَلَاثٌ إلَّا إنْ أَرَادَ بِالنِّصْفِ الثَّالِثِ التَّأْكِيدَ فَطَلْقَتَانِ وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْشَاءِ تَخَيَّرَ) بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ أَعْتَقْت هَذَا أَوْ هَذَيْنِ (أَوْ) عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ (شَاكًّا لَمْ تَلْزَمْ الثَّانِيَةُ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ وَلَا يُنَافِي التَّخْيِيرَ فِي الْأُولَى عَدَمُهُ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا وَلِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ حَيْثُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ إلَّا غَدًا أَوْ بَعْدَ انْتِقَالِهَا لِلْحَالَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّ ذَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخْتَرْ خِلَافَهُ وَإِنَّمَا سَكَتُوا عَنْ التَّخْيِيرِ ثُمَّ لِأَنَّ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ غَايَةً تُنْتَظَرُ بِخِلَافِهِ هُنَا.

(النَّوْعُ الثَّالِثُ التَّشْرِيكُ فَإِنْ أَوْقَعَ عَلَى أَرْبَعٍ) بِأَنْ قَالَ أَوْقَعْت عَلَيْهِنَّ (طَلْقَةً طُلِّقْنَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً أَوْ أَرْبَعًا) أَوْ ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ يَطْلُقْنَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ مَا ذُكِرَ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِنَّ خَصَّ كُلًّا مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ أَوْ بَعْضُهَا فَتَكْمُلُ (إلَّا إنْ نَوَى تَوْزِيعَهُنَّ) أَيْ تَوْزِيعَ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ (فَثَلَاثًا ثَلَاثًا) يَقَعْنَ فِي صُورَتَيْ الْأَرْبَعِ وَالثَّلَاثِ وَثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ فِي صُورَةِ الثِّنْتَيْنِ وَلِبُعْدِ هَذَا عَنْ الْفَهْمِ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (أَوْ أَوْقَعَ) عَلَيْهِنَّ (خَمْسًا) أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا (أَوْ ثَمَانِيًا طَلُقْنَ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ فَإِنْ أَرَادَ التَّوْزِيعَ أَوْ قَالَ تِسْعًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ أَوْقَعَ بَيْنَهُنَّ ثَلَاثًا) مَثَلًا (وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إحْدَاهُنَّ) وَأَخْبَرَ بِهِ (لَمْ يُقْبَلْ) ظَاهِرًا لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي الشَّرِكَةَ كَمَا لَوْ قَالَ أَوْقَعْت الطَّلَاقَ بَيْنَكُنَّ (وَدُيِّنَ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت طَلْقَتَيْنِ) مِنْ الثَّلَاثِ (لَعَمْرَةَ وَوَاحِدَةً لِلْبَاقِيَاتِ) وَفِي نُسْخَةٍ لِلْجَمِيعِ (قُبِلَ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَتَعَطَّلْ الطَّلَاقُ فِي بَعْضِهِنَّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَدَدِ بَيْنَهُنَّ وَإِنْ تَفَاوَتْنَ فِيمَا يَلْحَقُهُنَّ (فَلَوْ أَوْقَعَ بَيْنَهُنَّ ثُلُثَ طَلْقَةٍ وَرُبْعَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ تَغَايُرَ الْأَجْزَاءِ وَعَطْفَهَا يُشْعِرُ بِقِسْمَةِ كُلِّ جُزْءٍ بَيْنَهُنَّ (فَإِنْ أَوْقَعَ) بِأَنْ قَالَ أَوْقَعْت بَيْنَهُنَّ (طَلْقَةً وَطَلْقَةً وَطَلْقَةً فَهَلْ يَطْلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ التَّفْصِيلَ يُشْعِرُ بِقِسْمَةِ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ (أَوْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً) كَقَوْلِهِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ (وَجْهَانِ) أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ (وَإِنْ أَوْقَعَ بَيْنَ أَرْبَعٍ أَرْبَعًا وَقَالَ أَرَدْت) أَنِّي أَوْقَعْت (عَلَى ثِنْتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَيَيْنِ) لَمْ أُوقِعْ عَلَيْهِمَا شَيْئًا (لَحِقَ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَتَانِ طَلْقَتَانِ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (وَ) لَحِقَ (الْأُخْرَيَيْنِ طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ) لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ الطَّلَاقُ فِي بَعْضِهِنَّ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَلَوْ ذَكَرَهَا عَقِبَ مَسْأَلَةِ عَمْرَةَ كَالرَّافِعِيِّ كَانَ أَنْسَبَ.

(فَرْعٌ) لَوْ (طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَقَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْت كَهِيَ أَوْ مِثْلُهَا وَنَوَى طَلَاقَهَا طَلُقَتْ) وَإِلَّا فَلَا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ غَيْرَ الطَّلَاقِ وَالْمُرَادُ بِإِشْرَاكِهَا مَعَهَا جَعْلُهَا مُشَارِكَةً لَهَا فِي كَوْنِهَا مُطَلَّقَةً لَا فِي طَلَاقِهَا إذْ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ عَلَيْهَا لَا يُمْكِنُ جَعْلُ بَعْضِهِ لِغَيْرِهَا أَمَّا لَوْ قَالَ أَشْرَكْتُك مَعَهَا فِي الطَّلَاقِ فَتَطْلُقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الظِّهَارِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ (لَوْ أَشْرَكَهَا فِي طَلَاقٍ وَقَعَ عَلَى امْرَأَةِ غَيْرِهِ وَنَوَى وَإِنْ أَشْرَكَهَا مَعَ ثَلَاثٍ) طَلَّقَهُنَّ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَنَوَى (وَأَرَادَ أَنَّهَا شَرِيكَةُ كُلٍّ) مِنْهُنَّ (طَلُقَتْ ثَلَاثًا أَوْ) أَنَّهَا (مِثْلُ إحْدَاهُنَّ طَلُقَتْ) طَلْقَةً (وَاحِدَةً وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ) نِيَّةَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً وَلَا عَدَدًا لِأَنَّ جَعْلَهَا كَإِحْدَاهُنَّ أَسْبَقُ إلَى الْفَهْمِ وَأَظْهَرُ مِنْ تَقْدِيرِ تَوْزِيعِ كُلِّ طَلْقَةٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلَوْ أَوْقَعَ بَيْنَ ثَلَاثٍ طَلْقَةً ثُمَّ أَشْرَكَ الرَّابِعَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[النَّوْعُ الثَّالِثُ التَّشْرِيكُ فِي الطَّلَاقِ]
قَوْلُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي الشَّرِكَةَ) أَيْ وَالتَّخْصِيصُ يُنَاقِضُهَا فَلَمْ يُقْبَلْ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَدَدِ بَيْنَهُنَّ) وَإِنْ تَفَاوَتْنَ فِيمَا يَلْحَقُهُنَّ وَهَذَا كَمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ هَاتَانِ الدَّارَانِ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ (قَوْلُهُ أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا.

[فَرْعٌ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَقَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا وَنَوَى طَلَاقَهَا]
(قَوْلُهُ وَقَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى قَسَمْت الطَّلَاقَ بَيْنَكُمَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ وَصَارَ حَقٌّ فِي إحْدَاهُمَا فَلَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا مِثْلُ ذَلِكَ.

(3/291)


مَعَهُنَّ وَقَعَ عَلَى الثَّلَاثِ طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ وَعَلَى الرَّابِعَةِ طَلْقَتَانِ إذْ يَخُصُّهَا بِالشَّرِكَةِ طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ قَالَ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ لَوْ طَلَّقَ إحْدَى نِسَاؤُهُ الثَّلَاثِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ أَشْرَكْتُك مَعَهَا ثُمَّ لِلثَّالِثَةِ أَشْرَكْتُك مَعَ الثَّانِيَةِ طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ حِصَّتَهَا مِنْ الْأُولَى طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ وَالثَّالِثَةُ طَلْقَةً لِأَنَّ حِصَّتَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ طَلْقَةٌ عَلَى مَا يَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ قَرِيبًا.

(فَإِنْ أَشْرَكَهَا مَعَ امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا) هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (ثَلَاثًا) وَنَوَى (فَهَلْ تَطْلُقُ وَاحِدَةً) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ (أَوْ ثَلَاثًا) لِأَنَّهَا أَشْرَكَهَا مَعَهَا فِي كُلِّ طَلْقَةٍ (أَوْ اثْنَتَيْنِ) لِأَنَّهُ أَشْرَكَهَا مَعَهَا فِي ثَلَاثٍ فَيَخُصُّهَا طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ (وُجُوهُ الْمَذْهَبِ ثَالِثُهَا) ذِكْرُ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَتَرْجِيحُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْأَصْلِ أَخْذٌ مِنْ جَزْمِ الْجُرْجَانِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ السَّابِقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَحَلٌّ إذَا نَوَى الشَّرِكَةَ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ كَلَامَ الْمَنْثُورِ مُقَيَّدٌ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ أَنْتِ شَرِيكَتُهَا فِي هَذَا الطَّلَاقِ وَكَذَا قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لَكِنَّ الْقَاضِيَ أَسْقَطَهُ فَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي هَذَا الطَّلَاقِ أَنَّهُ أَرَادَ الْعَدَدَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْوِهِ فَالْأَوْجَهُ فِي مَسْأَلَتِنَا إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ وُقُوعُ وَاحِدَةٍ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَعُمْدَةُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ التَّابِعُ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لِلْآخِرَتَيْنِ أَشْرَكْتُكُمَا مَعَهُمَا وَنَوَى فَإِنْ نَوَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَالْأُولَيَيْنِ مَعًا أَوْ أَنَّهَا تُشَارِكُ كُلًّا مِنْهُمَا فِي طَلْقَتِهَا طَلُقَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلْقَتَيْنِ وَإِنْ نَوَى أَنَّهَا كَوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ أَطْلَقَ فَطَلْقَةٌ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.

(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا صَحَّ ثُمَّ إنْ أَرَادَ اشْتِرَاكَهَا مَعَهَا فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِدُخُولِ الْأُولَى طَلُقَتَا بِدُخُولِهَا وَإِنْ أَرَادَ إشْرَاكَهَا مَعَهَا فِي أَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِدُخُولِهَا كَمَا فِي الْأُولَى تَعَلَّقَ طَلَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدُخُولِ نَفْسِهَا فَلَوْ أَطْلَقَ فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الثَّانِي وَلَوْ قَالَ أَرَدْت تَوَقُّفَ طَلَاقِ الْأُولَى عَلَى دُخُولِ الثَّانِيَةِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ.

الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ

[الضَّرْب الْأَوَّلُ الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا فِي الطَّلَاقِ]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ ضَرْبَانِ)
الْأَوَّلُ الِاسْتِثْنَاءُ (بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا فَيُشْتَرَطُ) فِيهِ (أَنْ لَا يَسْتَغْرِقَ) الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (وَأَنْ لَا يُفْصَلَ) بَيْنَهُمَا (بِأَكْثَرَ مِنْ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ أَوْ الْعَيِّ) أَوْ التَّذَكُّرِ أَوْ انْقِطَاعِ الصَّوْتِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ فَاصِلًا بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ يَسِيرًا (وَهُوَ) أَيْ الِاتِّصَالُ هُنَا (أَبْلُغُ مِنْ اتِّصَالِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ) فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ إذْ يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ اثْنَيْنِ مَا لَا يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ وَاحِدٍ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَقْصِدَهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ (وَلَوْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا (فَلَا يُشْتَرَطُ) مِنْ أَوَّلِهِ وَلَا يَكْفِي بَعْدَ الْفَرَاغِ إذْ لَوْ كَفَى لَلَزِمَ عَلَيْهِ رَفْعُ الطَّلَاقِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ وَلَوْ كَانَ أَوْلَى (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاتِّصَالِ وَالْقَصْدِ (فِي التَّعْلِيقِ) بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ تَقْيِيدُ كَالِاسْتِثْنَاءِ (فَقَوْلُهُ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بَاطِلٌ لِلِاسْتِغْرَاقِ) فَتَقَعُ الثَّلَاثُ (وَلَا يُجْمَعُ الْمَعْطُوفُ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِغْرَاقِ) الْحَاصِلِ بِجَمْعِهِمَا (وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى لِإِثْبَاتِهِ) وَلَا فِيهِمَا لِذَلِكَ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْإِقْرَارِ وَهُوَ وَاحِدٌ (فَلَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً وَقَعَتْ طَلْقَةً) لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى إذَا لَمْ يُجْمَعْ مُفَرَّقُهُ لَمْ يَبْلُغْ إلَّا مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ وَهُوَ وَاحِدَةٌ (أَوْ) طَلَّقَ ثَلَاثًا (إلَّا وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ) إلْغَاءٌ لِقَوْلِهِ وَاثْنَتَيْنِ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِمَا (أَوْ) طَلَّقَ (طَلْقَتَيْنِ وَطَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً وَقَعَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الْوَاحِدَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ طَلْقَةٍ فَيَسْتَغْرِقُ فَيَلْغُو (أَوْ) طَلَّقَ (ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ فِي مَسْأَلَتِنَا إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْمُزَنِيّ إنْ نَوَى الشَّرِكَةَ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ وَقَعَ طَلْقَتَانِ وَإِلَّا فَطَلْقَةٌ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ.

[فَرْعٌ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اعْلَمْ أَنَّ مَسَائِلَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمُهِمَّاتِ الَّتِي تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى وَيَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهَا وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَجْهَلُ حَقِيقَةَ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَا تَطْلُقِي وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا لَا وَاحِدَةً وَقَصَدَ بِذَلِكَ مَا يُقْصَدُ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَتَانِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ. اهـ. هُوَ وَاضِحٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَقَعُ فِي الْحَالِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَوْقَعَ ذَلِكَ عَلَى الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي الْفَتَاوَى يَمِيلُ إلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَهُوَ الْأَوْلَى نَعَمْ إنْ قَصَدَ إيقَاعَ الثَّلَاثِ مُعَلَّقَةً عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ فَذَاكَ (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَسْتَغْرِقَ إلَخْ) وَأَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ وَلَا يُدَيَّنْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَسْمَعُهُ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي نَفِيه وَيُحْكَمُ بِالْوُقُوعِ إذَا حَلَفَتْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّهُ تَعَقَّبَ الْإِقْرَارَ بِمَا يَرْفَعُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ يَسِيرًا) شَمِلَ مَا لَوْ عَطَسَ مَعَ فَرَاغِهِ مِنْ طَالِقٍ فَحَمِدَ وَاسْتَثْنَى مُتَّصِلًا بِالْحَمْدِ أَوْ شَمَّتَ عَاطِسًا أَوْ رَدَّ سَلَامًا ثُمَّ اسْتَثْنَى (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَوَّلِهِ) كَمَا يَكْفِي نِيَّةُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ فِي أُولَاهُمَا (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهَا) أَيْ كَدُخُولِ الدَّارِ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بَاطِلٌ) لِلِاسْتِغْرَاقِ لِإِفْضَائِهِ إلَى اللَّغْوِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ فَإِنَّهُ وَإِنْ رَفَعَ حُكْمَ اللَّفْظِ الْمُتَقَدِّمِ جَمِيعَهُ فَالْكَلَامُ مُنْتَظَمٌ مَعَهُ إذْ هُوَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ صِيغَتُهَا التَّرَدُّدُ إذْ الْمَشِيئَةُ غَيْبٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ مَبْنَى الْكَلَامِ عَلَى التَّنَاقُضِ وَحَكَمْنَا بِانْتِفَاءِ الطَّلَاقِ لِأَمْرٍ اقْتَضَاهُ لَا لِاخْتِلَالِ الْكَلَامِ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَقَعَتْ ثَلَاثًا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْ