الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

الوهابية والسلفية

الوهابية والسلفية

المحتويات

  1. الوهابية والسلفية
  2. العودة إلي كتاب الوهابية تشوه الإسلام وتؤخر المسلمين


الوهابية والسلفية

كما ينقسم أهل السنة إلى حنفية ومالكية وشافعية وحنبلية، فإن السلفية تنقسم إلى وهابية وجهادية وسلفية أصولية، وترى كل فرقة تغترف من معين واحد، لكن ما يميز الوهابية بصفة خاصة والسلفية بصفة عامة أنك تجدهم يصيحون باسم التوحيد وتصحيح العقيدة وهم أبعد الناس عنها، وت ا رهم يذمون البدع وأهلها بينما هم أساطين البدعة، ولأضرب لذلك الأمثلة وفق ما أتيح لي من مساحة بأو ا رق الكتاب أ ا رها قليلة لما تحويه السلفية والوهابية من فساد.

فمن أشهر صفاتهم الإش ا رك بالله، وآية ذلك تقديمهم فقه الرواية على فقه الآية، ومن ذلك تقديمهم فقه الرجم للزناة على فقه الجلد الوارد بكتاب الله، ومن جحودهم بآيات كتاب الله، فقد ارتضوا بأن يكون فيه آيات بطل العمل بها تحت مسمى علم فاسد لم يتفقوا على معالمه أسموه (الناسخ والمنسوخ)، ويا ليت مصائبهم العقائدية والإيمانية توقفت عند هذا الحد، بل زعموا بأن السنة تنسخ القرءان، فابتدعوا قوة للروايات المنسوبة لرسول الله وتفوَّق فقههم بها على نصوص كتاب الله المحفوظة بحفظ الله.

ومن إفكهم انهم نشروا بين الناس الفُرقة والتَّفرق في ديار الإسلام، فهم زعماء الذَّم في الصوفية، والقدح في الأشعرية، وتكفير الشيعة، وغير ذلك كثير مما يضعف به الإسلام وأهله، ولا ترى للأموات حرمة في فقههم، فبينما يرون شرعية زيارة القبور فإنهم يسعون لتلطيخها واحتقار أبنيتها وأرضها، وت ا رهم يستحبون أن تكون قف ا ر جرداء، وما ذلك إلا من قسوة قلوبهم، وبخاصة على أهل بيت النبوة وم ا رقدهم، بل هم أول من خالف قوله تعالى: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْ ا رً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حسُ نْاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ }الشورى 23 ؛ فهم لا يرون أية مودة لأهل بيت النبوَّة إلا المودة القولية دون العملية، لذلك لا تعجب إن أ ريتهم ينسفون م ا رقد أهل البيت بالنجف وكربلاء.

ولاشك بأن لكل منهج علامة مميزة، وعلائم محددة، فمنهج الفقه الوهابي توقف عند تعاليم محمد بن عبد الوهاب، مع أن الله جعل التفكر فريضة لكل أهل الإسلام، وما التدبر الذي يطلب الله من الناس انتهاجه مع القرءان إلا صورة من صور الفكر، بل ويطلب منهم الممايزة بين ما يقال لهم، فقال تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَ نهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ } الزمر 18

فكيف يمايز الناس بين قول وقول إلا إذا استعملوا الفكر، فهل من سيستعمل الفكر وفق القدر الذي وهبه الله إياه سيكون آثما؟، بينما الله يقول: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْ ا رً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } البقرة 286

لكنك تجد المنهج السلفي الوهابي وقد جعل الإنسان تابعا ذليلا لفكر صنمي يقدسونه ألا وهو فقه القدماء، وكلما طل عليهم فكر جديد حاربوه، وكأن الإسلام منع التفكر، أو جعله لأناس دون آخرين، أو لأن الله يضل المفكرين من المُحدثين.

وهم يتصورون التقوى في أهل الزمن الماضي، ويرجمون أهل زماننا بالقصور الفقهي وقلّة التقوى، وما أظن ذلك النهج إلا من سوء الأدب مع القرءان لأنه يناقض كتاب الله، مع أن بين أهل الزمن القديم من قاتلوا بعضهم البعض بحد السيوف، ومن زيفوا وزوروا الأحاديث النبوية ووضعوها على رسول الله، و أصحاب الغفلة التي تغلغلت الإس ا رئيليات في زمانهم، ومع تقديس من بعدهم لفكرهم فقد وصلتنا تلك الإس ا رئيليات في كل ت ا رثنا الفقهي، فهذا هو الجزء السلبي لعمل الأسلاف، الذين تعظمهم السلفية الحديثة وتطلب منا الانصياع لفكرهم.

وكيف بالفقه السلفي الوهابي الذي يؤمن بأن أقصى مدة حمل للم أ رة أربع سنوات، فيخلط الأنساب بذلك الفقه ويعبث بحق المي ا رث الشرعي أن يعيب على فقه الشيعة الذي يبيح زواج المتعة، ثم يلتف فقه السلفية من باب آخر ويجيز زواج المسيار، ثم تتفرق الأمة على ترهات مثل هذه؟؛ كلٍّ يعتبر أنه على الحق المبين.

بل مما هو أشد وأنكى في فقه السلفية ما يقولونه من مبادئ خاطئة، فقد قالوا بأن السُّنة النبوية توجب ما سكت القرءان عن إيجابه وتحرّم ما سكت القرءان عن تحريمه، فكم من إفك وضلال في تلك المنهجية السلفية التي ترجم القرءان بالنقص التشريعي في الحلال والح ا رم، بينما يقولون بأن رسول الله كان خُلُقُهُ القرءان، فهل من كان خُلُقُهُ القرءان يزيد وينقص في تحريمات القرءان؟، وأين الآية التي سمحت لرسول الله بذلك، لذلك فقد سمح فقهاء السلفية لأنفسهم بابتداع حد لشارب الخمر وألحقوه بالحدود الواردة بكتاب الله.

لكن أُزيد القارئ بعضا من صنوف الفقه السلفي الذي أسبغ الزنا على من تتعطر، وم ا زمير الشيطان على من يعزف، والكفر على من صنع تمثالا، وحكم بالموت على من تمت استتابته ثلاثة أيام فلم يُصلي، وبالقتل على من ارتد عن دين الإسلام، وبحرق بيت من يصلي في بيته ولا يصلي في جماعة، وهم سدنة الجهاد ضد الحكومات وتكفيرها، ويعتبرون العمل بالقانون خروجا على شريعة الله، وحرموا حلق شعر اللحية، وابتدعوا النقاب، ويمنعون الناس أن تضع أموالها بالبنوك، وما ش ركات توظيف الأموال إلا إحدى البدائل التي صنعوها في محاولة منهم لإقامة دولة السلفية التي كانت ستبتلع دولة مصر، وكثير من المصائب التي لا حصر لها والتي يعتزون بها ويعتبرونها فقها رصينا وعلما بالكتاب والسنة.

ولقد ضل هؤلاء فلم يفرقوا بين قول الله:(حُرِّمت عليكم...،& تعالوا أتل ما حَرَّم ربكم عليكم)، وبين قوله تعالى عن نبيه: (وما نهاكم عنه فانتهوا)، فصوبوا سهام التقديس ورفعوا سقف المحاسبة فدمجوا وخلطوا بين التحريم الذي اختص الله به نفسه، والنهي الذي هو من خصائص رسول الله، وجعلوا تحليل الله لأمر معين، كإتيان رسول الله أو حضِّه الناس على تصرف معين، {...وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ ؛ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } الحشر 7 فجعلوا التحريم مثل النهي، وجعلوا إتيان النبي بشيء مثل تحليل الله لشيء، فأصبح قول الله وقول الرسول في ق ا رب واحد في مستوى الحكم عندهم، فضلا عن أن تلك الآية كانت عن توزيع الفيء واعت ا رض بعض الصحابة على حصصهم التي قسمها لهم رسول الله.

فهل نترك ت ا رثنا الفكري دون أن نفكر فيه لأننا ب ا رعم إسلامية خرجت من ب ا رعم، أما العمالقة فكانوا هم الوهابية والسلف؟، إن تقديس فكر الأقدمين هو فقه الآبائية الذي ذمَّه القرءان في كل من فقدوا عقولهم أو عطلوها وقالوا (هذا ما ألفينا عليه آباءنا).

وحرب قامت بين شيخ الأزهر السابق وشيوخ السلفية والوهابية لتحليله فوائد البنوك، ومن جانبي فأنا أدعوهم لتأمين طعام ثمانين مليون مصري عن طريق الابتعاد عن النظام العالمي للبنوك، الذي يقوم أصلا على الفائدة، لكن لتعطل الفكر عندهم فهم يقيمون الع ا رقيل ولا يجدون الحلول، لذلك أطلب منهم فكرة تفصيلية للتعامل بالاستي ا رد للأقماح واللحوم والمعدات وغيرها بغير التعامل مع النظام العالمي للبنوك، وأين الحرمة في الفائدة إذا ما ثبت في فقه الواقع أن البنوك التي تدفع الفائدة لا تخسر، وأن القيمة الش ا رئية للنقد تتغير؟، لذلك وجبت الفائدة لتغير القوة الش ا رئية بتطاول الوقت والزمن، لكن قل في تعطل الفكر وتجمد الثقافة عند هؤلاء ما تشاء.

فبعد تلك الرحلة العلمية والفكرية القصيرة ما أ ري القارئ في السلفية والوهابية؟. وما أ ريه في آلية استخدام العقل للوقوف على حقيقة الأمور؟، وهل يتفق القارئ مع السلفية بوجود آية مخفية لم ترد بالقرآن تحدد الرجم المزعوم للزناة؟، أليس هذا بكفر وفتح لباب الطعن في كتابنا المقدس؟، وما أ ري السادة السلفية في قول الصحابي (ابن أبي أوفى) الذي ذكر حديث الرجم بالبخاري بأنه لا يدري إن كان الرجم تم في عهد رسول الله قبل أم بعد سورة النور التي تحدد الجلد فقط، وقد ذكر البخاري ذلك في صحيحه، ولماذا لا تقولون لا ندري مثل الصحابي والبخاري؟.

ويرى المناصرون لفقه الوهابية بأن السلفية حافظت على نبض التدين، وأتفق معهم في ذلك، فقد حافظت السلفية على التدين لكنها أضاعت الدين، فحينما حملت السلفية الناس على الصلاة، وجعلت عقوبة القتل لتاركها، وحينما حرمت حلق اللحية للرجل، صنعوا مسلما مزيفا على الدين، فهناك فرق بين الدين والتدين، فكان من نتاج منهجهم أن تم تفريغ الدين من الضمير، فأصبحنا نرى المسلم المصلي المرتشي، والمسلم الصوام للف ا رئض والنوافل لكنه يحترف الكذب وغير ذلك، وما ذلك إلا لاهتمام السلفية بالمظهر دون الجوهر، واهتمت بالقوالب دون القلوب، فكثر أتباعها من المنافقين الذين أعجبهم أن يغرروا بالعالم وهم يرتدون مسوح الكهان، من لحية أو عمامة، أو طيب عربي يمسحون به لحاهم التي يستحسنون خضابها بالحناء لأن فقههم يقول بأن ذلك سنة تقربهم من الجنة.

ولأن السلفية الوهابية دموية منذ نشأتها فقد نشرت فقه التطرف في جهاد الحكام والدول، فما ترى قاتلا لحاكم، ولا ناسفا نفسه في خسة بين أبرياء، إلا وتجده من السلفية أو ربيب لها، وهم يُكفرون المجتمعات كلها ما لم تنصاع لفكرهم، وقد يجدر القول بهذه المناسبة أنهم اخترعوا حديثا لتقسيم السلفية وابتدعوا لها فئوية لإضفاء الب ا رءة على أنفسهم، فقالوا بأن هناك سلفية جهادية، وسلفية فقط، وما ذلك إلا للتمويه على الشعوب والحكام، فما التنظيم السري للإخوان المسلمين إلا إخوان مسلمين، لكن قل بأن السلفية بلا جهاد درجة من أجل الوصول للسلفية الجهادية، وليس الأمر أنهما فئتين مختلفتين، وهم يسعون لنيل السلطة والاستيلاء عليها، ويدعون دوما للحكم بما أنزل الله، وهو عندهم لا يعني تدريب المجتمعات على إصلاح القلوب وتنمية الأخلاق، فالشريعة عندهم تنحصر في قطع يد السارق ورجم الزناة وقتل السحرة وتاركي الصلاة، وضرب الأولاد عند عشر سنوات، وٕاطلاق اللحى...وغير ذلك من مظاهر وعناصر القسوة والفظاظة.

ونظ ا ر لاهتمامهم بفقه الشعائر في مظهره دون مخبره، فقد تخلفت الأمة علميا وحضاريا، وما ذلك إلا لخروج العمل والعلم والبحث من منظومة كلمة (عبادة) في منطقهم ومنطقتهم، وٕان كانوا يقولون على استحياء بأن القرءان يحض على العلم والعمل، فما العبادة عندهم إلا الصلاة والصوم والعمرة والحج والصدقات ينفقونها من أموال البترول دون جهد منهم، بل تطاولوا على أهل العلم وأطلقوا عليهم لقب (الفساق) و العلمانيين)، ونبذوهم من منطق أن أولئك العلماء يعادون الدين، فهجر العلماء الدول التي تترعرع فيها السلفية والوهابية، لذلك تجد علماء مسلمون بماليزيا والهند فضلا عن أوربا وأمريكا ولا تجد بدول الخليج وشمال أفريقيا إلا منطق علم الذكورة وعلماء الطهي.

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية