الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

سنة الصلاة إعانة الطالبين

سنة الصلاة إعانة الطالبين


محتويات

فصل 3

(قوله: وإلا حرم) أي وإن لم يأذن ولم يعلم رضاه حرم الاستياك بسواكه. وقوله: كأخذه أي السواك، من ملك الغير فإنه يحرم حيث لم يأذن له ولم يعلم رضاه. وقوله: ما لم تجر عادة أي توجد عادة. وقوله بالاعراض عنه أي عن السواك. فإن جرت عادة بالاعراض عنه لم يحرم أخذه منه. (قوله: ويكره للصائم) أي ولو حكما، فيدخل الممسك. كأن نسي النية ليلا في رمضان فأمسك فهو في حكم الصائم على المعتمد، وإنما كره السواك لاطيبية خلوفه - بضم الخاء، أي ريح فمه - كما في خبر: لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. أي أكثر

ثوابا عند الله من ريح المسك المطلوب في نحو الجمعة، أو إنه عند الملائكة أطيب من ريح المسك عندكم. وأطيبيته تفيد طلب إبقائه. وقوله بعد الزوال إنما اختصت الكراهة بما بعده لان التغير بالصوم إنما يظهر حينئذ. قاله الرافعي بخلافه قبله، فيحال على نوم أو أكل أو نحوهما، ولانه يدل عليه خبر: أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا ثم قال: وأما الثانية: فإنهم يمسون وخلوف أفواهم أطيب عند الله من ريح المسك فقيد بالمساء، وهو إنما يكون بعد الزوال. ومحل كراهته بعده إذا سوك الصائم نفسه فإن سوكه غيره بغير إذنه حرم على ذلك الغير لتفويته الفضيلة. (قوله: إن لم يتغير فمه بنحو نوم) فإن تغير به لم يكره، وهو خلاف الاوجه، كما في التحفة، ونصها: ولو أكل بعد الزوال ناسيا مغيرا، أو نام أو انتبه، كره أيضا على الاوجه، لانه لا يمنع تغير الصوم، ففيه إزالة له - ولو ضمنا - وأيضا فقد وجد مقتض هو التغير، ومانع هو الخلوف، والمانع مقدم. إلا أن يقال إن ذلك التغير أذهب تغير الصوم لاضمحلاله فيه وذهابه بالكلية، فيسن السواك لذلك، كما عليه جمع. اه‍.

وقوله: كما عليه جمع أفتى به الشهاب الرملي. اه‍ سم. (قوله: فمضمضة) أي فبعد السواك تسن مضمضة. وقوله: فاستنشاق أي فبعد المضمضة يسن استنشاق. ويعلم من العطف بالفاء المفيدة للترتيب، أن الترتيب بينهما مستحق، أي شرط، في الاعتداد بهما لا مستحب. فلو قدم الاستنشاق على المضمضة حسبت دونه عند ابن حجر لوقوعه في غير محله، وعند الرملي يحسب ما فعل أولا. (فائدة) الحكمة في ندب غسل الكفين والمضمضة والاستنشاق معرفة أوصاف الماء - من لون وطعم وريح - هل تغيرت أم لا. وقال بعضهم: شرع غسل الكفين للاكل من موائد الجنة، والمضمضة لكلام رب العالمين، والاستنشاق لشم روائح الجنة، وغسل الوجه للنظر إلى وجه الله الكريم، وغسل اليدين للبس السوار في الجنة، ومسح الرأس للبس التاج والاكليل فيها، ومسح الاذنين لسماع كلام رب العالمين، وغسل الرجلين للمشي في الجنة. (قوله: للاتباع) أي وخروجا من خلاف الامام أحمد في قوله بوجوبهما.

(قوله: وأقلهما) أي أقل المضمضة والاستنشاق. والمراد: أقل ما تؤدى به السنة ما ذكر. أي: وأما أكملهما فيكون بأن يدير الماء في الفم ثم يمجه - بالنسبة للمضمضة -، وبأن يجذبه بنفسه إلى أعالي أنفه ثم ينثره - بالنسبة للاستنشاق -. (قوله: ولا يشترط في حصول أصل السنة) أي بقطع النظر عن الكمال: (قوله: إدارته) أي الماء، وقوله: في الفم أي في جوانبه: (وقوله: ومجه) أي إخراجه من الفم بعد الادارة. (قوله: ونثره من الانف) أي رميه منه بعد صعوده إلى أعاليه. (قوله: بل تسن) أي المذكورات - الادارة والمج والنثر - والانسب في المقابلة أن يقول أما كمالهما فيشترط فيه ذلك. وقوله: كالمبالغة فيهما أي كسنية المبالغة في المضمضة والاستنشاق. وقوله: لمفطر خرج الصائم فلا يبالغ خشية الافطار، ومن ثم كرهت له.

وقوله: للامر بها أي بالمبالغة، في قوله (ص): إذا توضأت فأبلغ في المضمضة والاستنشاق ما لم تكن صائما والمبالغة في المضمضة أن يبلغ الماء إلى أقصى الحنك ووجهي الاسنان واللثاث، وفي الاستنشاق أن يصعد الماء بالنفس إلى الخيشوم. (قوله: ويسن جمعهما) أي الجمع بين المضمضة والاستنشاق، وضابطه أن يجمع بينهما بغرفة. وفيه ثلاث كيفيات، الاولى: أن يتمضمض ويستنشق بثلاث غرف، يتمضمض من كل منهما ثم يستنشق، وهي التي اقتصر عليها الشارح لانها الافضل. الثانية: أن يتمضمض ويستنشق بغرفة، يت‍ مضمض منها ثلاثا ثم يستنشق منها كذلك. الثالثة: أن يتمضمض ويستنشق بغرفة، يتمضمض منها مرة ثم يستنشق منها مرة، وهكذا. وقوله: بثلاث غرف لو قال وبثلاث غرف لكان أولى، ليفيد أن ذلك أفضل من الجمع بينهما بغرفة، أي بالكيفيتين السابقتين. واعلم أن ما ذكر هو الافضل، وإلا فأصل السنة يتأدى بغير الجمع بينهما: ففيه أيضا ثلاث كيفيات، الاولى: أن يتمضمض ويستنشق بغرفتين، يتمضمض من الاولى ثلاثا ثم يسنتشق من الثانية ثلاثا. الثانية: أن يتمضمض ويستنشق

بست غرفات، يتمضمض بواحدة ثم يستنشق بأخرى، وهكذا. الثالثة: أن يتمضمض ويستنشق بست غرفات، يتمضمض بثلاث متوالية ثم يستنشق كذلك، وهذه أضعفها وأنظفها. (قوله: ومسح كل رأس) أي ويسن مسح كل الرأس، أي حتى الذوائب الخارجة عن حد الرأس، كما في سم، ونص عبارته: وأفتى القفال بأنه يسن للمرأة استيعاب مسح رأسها ومسح ذوائبها المسترسلة تبعا. وألحق غيره ذوائب الرجل بذوائبها في ذلك. اه‍. واعلم أن عندهم مسح جميع الرأس من السنن إنما هو بالنسبة لما زاد على القدر الواجب فلا ينافي وقوع أقل مجزئ منه فرضا، والباقي سنة. لان القاعدة أن ما تمكن تجزئته - كمسح جميع الرأس وتطويل الركوع والسجود - يقع بعضه واجبا وبعضه مندوبا، وما لا تمكن تجزئته - كبعير الزكاة المخرج عما دون الخمسة والعشرين - يقع كله واجبا: قوله: للاتباع) قال في التحفة: إذ هو أكثر ما ورد في صفة وضوئه (ص). اه‍. (قوله: وخروجا من خلاف مالك وأحمد) أي فإنهما يوجبان مسح كل الرأس. (قوله: فإن اقتصر على البعض) أي فإن أراد الاقتصار على مسح البعض. وقوله: فالاولى أي الافضل أن يكون هو، أي ذلك البعض الناصية. (قوله: والاولى في كيفيته) أي والافضل في صفة المسح. وقوله: أن يضع يديه أي بطون أصابع يديه.

(قوله: ملصقا) منصوب على الحال، أي يضع يديه حال كونه ملصقا مسبحته بالاخرى. (قوله: وإبهاميه على صدغيه) أي ويضع إبهاميه على صدغيه. ولو عبر بالباء بدل على كما في التحفة لكان أولى، إذ المعنى عليه وملصقا إبهاميه بصدغيه، فيكون مع ما قبله بيانا لهيئة الوضع على مقدم الرأس كما هو قاعدة الحال. (قوله: ثم يذهب بهما) أي بمسبحتيه، كما صرح به في شرح الروض. وقوله: لقفاه متعلق بيذهب. (قوله: ثم يردهما) أي المسبحتين مع بقية الاصابع. (وقوله: إلى المبدأ) أي المحل الذي بدأ به. وقوله: إن كان له شعر ينقلب قال في التحفة: ليصل الماء لجميعه. ومن ثم كانا مرة واحدة، وفارقا نظيرهما في السعي لان القصد ثم قطع المسافة. (قوله: وإلا فليقتصر على الذهاب) أي وإن لم يكن له شعر ينقلب، بأن لم يكن له شعر أصلا، أو كان ولكن لا ينقلب لنحو صغره أو طوله، فليقتصر على الذهاب ولا يردهما، فإن ردهما لم يحسب ثانية لصيرورة الماء مستعملا لاستعماله فيما لا بد منه وهو غسل البعض الواجب. (قوله: وإن كان على رأسه عمامة أو قلنسوة) أي ولم يرد نزعها: أو عسر نزعها

وقوله: تمم عليها أي تمم مسح الرأس على العمامة أو نحوها، وإن كان تحتها عرقية كما في النهاية. قال: ويؤيده ما بحثه بعضهم من إجزاء المسح على الطيلسان ونحوه. قال عميرة: الظاهر أن حكمها - أي العمامة - كالرأس من الاستعمال، برفع اليد في المرة الاولى. فلو مسح بعض الرأس ورفع يده ثم أعادها على العمامة لتكميل المسح صار الماء مستعملا بانفصاله عن الرأس، وهذا ظاهر، ولكنه يغفل عنه كثير عند التكميل على العمامة. ثم ذلك القدر الممسوح من الرأس هل يمسح ما يحاذيه من العمامة ؟ ظاهر العبارة: لا. اه‍. وقوله: ظاهر العبارة: لا أي لانه المفهوم من التكميل وقوله: بعد مسح الناصية أفهم اشتراط كون التكميل بعد مسح الناصية، وهو كذلك. فلو مسح على العمامة أو نحوها أولا ثم مسح الواجب من الرأس لم تحصل السنة. ويشترط أيضا أن لا يكون عاصيا باللبس لذاته، بأن لا يكون عاصيا أصلا أو عاصيا به لا لذاته، كأن كان غاضبا. فإن كان عاصيا به لذاته كأنه يكون محرما فيمتنع عليه التكميل. وأن لا يكون على العمامة نجاسة معفو عنها، كدم براغيث، وإلا امتنع التكميل لما فيه من التضمخ بالنجاسة.

(قوله: للاتباع) وهو أنه (ص) توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة. رواه مسلم. (قوله: ومسح كل الاذنين) أي ويسن بعد
مسح الرأس مسح كل الاذنين. ولو عبر بدل الواو بثم لكان أولى. وقوله: ظاهرا وباطنا. الاول هو ما يلي الرأس، والثاني ما يلي الوجه، لان الاذن كانت مطبوقة كالبيضة، فلهذا كان ما يلي الوجه هو الباطن لانه كان مستورا. اه‍ بجيرمي. (قوله: وصماخيه) أي ويسن مسح صماخيه - بكسر الصاد - وهما خرقا الاذن. وكيفية مسحهما مع الاذنين أن يدخل رأس مسبحتيه في صماخيه ويديرهما في المعاطف، ويمر إبهاميه على ظاهر أذنيه، ثم يلصق كفيه وهما مبلولتان بالاذنين.

(قوله: للاتباع) وهو أنه (ص) مسح في وضوئه برأسه وأذنيه، ظاهرهما وباطنهما، وأدخل أصبعيه في صماخي أذنيه. رواه أبو داود بإسناد حسن. (قوله: إذ لم يثبت فيه شئ) أي لم يرد فيه حديث، وأثر ابن عمر: من توضأ ومسح عنقه وقي الغل يوم القيامة، غير معروف، كما في شرح الروص. (قوله: وحديثه موضوع) وهو: مسح الرقبة أمان من الغل. وهو بضم الغين: طوق حديد يجعل في عنق الاسير، تضم به يداه إلى عنقه. وبكسرها: الحقد. قال تعالى: * (ونزعنا ما في صدورهم من غل) * (قوله: ودلك أعضاء) أي ويسن دلك أعضاء الوضوء، لكن المغسول منها فقط دون الممسوح، كما في الفشني على الزبد. (قوله: وهو) أي الدلك. (وقوله: إمرار اليد) أي مع الدعك. قال في القاموس: دلكه بيده مرسه ودعكه. اه‍. وقوله: عقب ملاقاتها أي الاعضاء. (قوله: خروجا إلخ) أي ويسن الدلك خروجا من خلاف من أوجبه، وهو الامام مالك رضي الله عنه. أي واحتياطا وتحصيلا للنظافة.

(قوله: وتخليل لحية كثة) أي ويسن تخليل لحية كثة. ومحله إذا كان لرجل واضح، أما لحية المرأة والخنثى فيجب تخليلها كلحية الرجل الخفيفة. واختلفوا في لحية المحرم: هل يخللها أو لا ؟ ذهب ابن حجر إلى الاول، لكنه برفق لئلا يتساقط منها شئ. وذهب الرملي إلى الثاني. ومثل اللحية كل شعر يكفي غسل ظاهره. (قوله: والافضل كونه) أي التخليل. وقوله: بأصابع يمناه ويكفي كونه بغير الاصابع رأسا، وبأصابع غير يمناه. وقوله: ومن أسفل أي والافضل كونه من أسفل اللحية، ويكفي كونه من أعلاها. وقوله مع تفريقها أي الاصابع. وقوله: وبغرفة مستقلة أي والافضل كونه بغرفة مستقلة غير غرفة غسل الوجه. (قوله: للاتباع) وهو ما روى الترمذي وصححه: أنه (ص) كان يخلل لحيته الكريمة. وما روى أبو داود: أنه (ص) كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته، وقال: هكذا أمرني ربي واختلفوا في محله هل هو قبل غسل الوجه أو بعد الغسلات الثلاث له ؟ أو بعد كل غسلة منه ؟ أقوال في ذلك، ونقل بعضهم عن ابن حجر الاخير. (قوله: ويكره تركه) أي التخليل.

(قوله: وتخليل أصابع إلخ) أي ويسن تخليل أصابع إلخ، أي من رجل أو أنثى أو خنثى فلا فرق هنا. ومحل سنيته إن وصل الماء إلى الاصابع من غير تخليل فإن لم يصل الماء إليها - أي إلى باطنها - إلا به - كأن كانت أصابعه ملتفة - وجب، وإن لم يتأت تخليلها لالتحامها حرم فتقها إن خاف محذور تيمم. (قوله: بالتشبيك) أي بأي كيفية وقع. لكن الاولى فيما يظهر في تخليل اليد اليمنى أن يجعل بطن اليسرى على ظهر اليمنى، وفي اليسرى بالعكس، خروجا في فعل العبادة عن صورة العادة في التشبيك، وهذا يفيد طلب تخليل كل يد وحدها. لكن في شرح العباب للشارح في مبحث التيامن: نعم، تخليلهما - أي اليدين - لا تيامن فيه لانه بالتشبيك. اه‍. وهو ظاهر. اه‍ كردي نقلا عن العناني. (قوله: والرجلين بأي كيفية كان) أي ويسن تخليل أصابع الرجلين بأي كيفية وجد ذلك. (قوله: والافضل أن يخللها) أي أصابع الرجلين. وقوله: من أسفل أي أسفل الرجل. وقوله: بخنصر يده اليسرى متعلق بيخللها. وقيل: بخنصر يده اليمنى. وقيل: هما سواء. والمعتمد الاول. وقوله: مبتدئا حال من فاعل الفعل.

(قوله: وإطالة الغرة) أي ويسن إطالة إلخ. وقوله: بأن يغسل إلخ تصوير للاطالة الكاملة. وأما أقلها فهو يحصل بغسل أدنى زيادة على
الواجب، كما سيذكره، والغرة نفسها اسم للواجب فقط - كما في التحفة - ومثلها التحجيل. (قوله: وإطالة تحجيل) أي ويسن إطالة تحجيل. (وقوله: بأن يغسل إلخ) تصوير لاقل الاطالة: وأما أكملها فهو ما ذكره بقوله: وغايته إلخ. (قوله: وغايته) أي غاية إطالة التحجيل. وذكر الضمير مع كون المرجع مؤنثا لاكتسابه التذكير من المضاف إليه. (قوله: وذلك لخبر) أي ودليل ذلك، أي استحباب إطالة الغرة والتحجيل، خبر الشيخين إلخ. (قوله: يدعون) أي يسمون أو يعرفون أو ينادون إلى الجنة. (قوله: غرا) جمع أغر، وهو حال، أي ذوي غرة، على ما عدا التفسير الاول، أو مفعول ثان على التفسير الاول. وأصلها بياض بجبهة الفرس فوق الدرهم، شبه به ما يكون لهم من النور. وقوله: محجلين من التحجيل. وأصله بياض في قوائم الفرس، شبه به ما يكون لهم من النور أيضا.

(قوله: من آثار الوضوء) في رواية: من إسباغ الوضوء. قال ع ش نقلا عن المناوي: وظاهر قوله من إسباغ الوضوء أن هذه السيما إنما تكون لمن توضأ. وفيه رد لما نقله الفاسي المالكي في شرح الرسالة، أن الغرة والتحجيل لهذه الامة، من توضأ منهم ومن لا. كما يقال لهم أهل القبلة، من صلى منهم ومن لا. (قوله: زاد مسلم: وتحجيله) وعلى الرواية الاولى فالمراد بالغرة ما يشمل التحجيل، أو فيه حذف الواو مع ما عطفت. (قوله: ويحصل أقل الاطالة) أي بالنسبة للغرة والتحجيل. وهذا مكرر بالنسبة للثاني إذ هو قد ذكره بالتصوير. وقوله: وكمالها إلخ مكرر بالنسبة لهما إذ هو قد ذكر ذلك بالتصوير في الاول، وبقوله وغايته إلخ في الثاني. إذا علمت ذلك فالاولى إسقاطه مع ما قبله. نعم، ينبغي أن يذكر أقل الاطالة بالنسبة للغرة عندها. (قوله: وتثليث كل) أي ويسن تثليث كل. وإنما لم يجب لانه (ص) توضأ مرة مرة وتوضأ مرتين مرتين. وفي البجيرمي: قال الشوبري: وسئل شيخنا عما لو نذر الوضوء مرتين هل يصح قياسا على إفراد يوم الجمعة بصوم أم لا ؟ فأجاب: لا ينعقد نذره، لانه منهي عنه. اه‍.

وقوله: من مغسول وممسوح بيان للمضاف إليه. وفيه أن المغسول اسم للعضو الذي يغسل، كالوجه واليدين والرجلين. والممسوح اسم لما يمسح، كالرأس والاذنين والجبيرة ونحو العمامة. ولا معنى لتثليث ذلك. وأجيب بأن في الكلام مضافا محذوفا بالنسبة إليهما، ويقدر قبل كل، أي: ويسن تثليث غسل كل أو مسح كل إلخ. والمعتمد أنه لا يسن تثليث مسح الخف لئلا يعيبه. وألحق الزركشي به الجبيرة والعمامة، فلا يسن تثليث مسحهما. وعليه ابن حجر. (قوله: ودلك) معطوف على مغسول، والاولى عطفه مع ما بعده على المضاف الذي قدرته قبل لفظ كل. (قوله: وذكر عقبه) مثله الذي قبله، ولو حذف لفظ عقبه ليشمل ما كان قبله لكان أولى. وفي ع ش ما نصه: (فرع) هل يسن تثليث النية أيضا أو لا ؟ لان النية ثانيا تقطع الاولى فلا فائدة في التثليث ؟ يحرر سم منهج قلت: وقضية قول البهجة: وثلث الكل يقينا ما خلامسحا لخفين..... إلخ يقتضي طلبه، فيكون ما بعد الاولى مؤكدا لها، ويفرق بينه وبين تكرير النية في الصلاة، حيث قالوا: يخرج بالاشفاع ويدخل بالاوتار لانه عهد فعل النية في الوضوء بعد أوله فيما لو فرق النية أو عرض ما يبطلها كالردة، ولم يعهد مثل ذلك في الصلاة. ونقل عن فتاوي م ر ما يوافقه. اه‍.

(قوله: للاتباع في أكثر ذلك) في شرح المنهج: للاتباع في الجميع. أخذا من إطلاق خبر مسلم: أنه (ص) توضأ ثلاثا ثلاثا. ورواه أيضا في الاول مسلم، وفي الثاني - في مسح الرأس - أبودواد، وفي الثالث البيهقي، وفي الخامس - في التشهد - أحمد وابن ماجة. اه‍. نعم، هو لم يذكر في عبارته السواك، فظهر وجه قول الشارح في أكثر ذلك. ورأيت في الكردي بعد نقله عبارة شرح المنهج ما نصه: وقد بين الشيخ في الامداد ما لم يرد مما قاسوه، فقال: للاتباع في أكثر ذلك، وقياسا في غيره. أعني نحو الدلك والسواك والتسمية. اه‍.

(قوله: مثلا) راجع لليد. (قوله: ولو في ماء قليل) قال في التحفة: وإن لم ينو الاغتراف. على المعتمد لما مر، أنه لا يصير مستعملا بالنسبة لها إلا بالفضل، كبدن جنب انغمس ناويا في ماء قليل. اه‍. (قوله: إذا حركها مرتين) عبارة غيره: إذا حركها ثلاثا. ويمكن أن يقال مرتين غير المرة الواجبة. ثم إن التحريك إنما هو في الماء الراكد، أما الجاري فيحصل فيه التثليث بمرور ثلاث جريات على العضو. (قوله: كما استظهره شيخنا) عبارته بعد ما نقلته على قوله: ولو في ماء قليل فبحث أنه لو ردد ماء الاولى قبل انفصاله عن نحو اليد عليها لا تحسب ثانية. فيه نظر، وإن أمكن توجيهه بأن القصد منها النظافة والاستظهار، فلا بد من ماء جديد. اه‍. وإذا علمتها تعلم ما في قوله: كما استظهره شيخنا

(قوله: ولا يجزئ تثليث إلخ) أي لان الشرط في حصول التثليث حصول الواجب أولا. قال في التحفة: ولو اقتصر على مسح بعض رأسه وثلثه حصلت له سنة التثليث. كما شمله المتن وغيره. وقولهم: لا يحسب تعدد قبل تمام العضو مفروض في عضو يجب استيعابه بالتطهير. اه‍. (قوله: ولا بعد تمام الوضوء) أي ولا يجزئ تثليث بعد تمام الوضوء. فلو توضأ مرة مرة إلى تمام غسل الاعضاء، ثم أعاد كذلك ثانيا وثالثا، لم يحصل التثليث. فإن قيل: قد تقرر أنه لو فعل ذلك في المضمضة والاستنشاق حصل له التثليث ؟ أجيب بأن الفم والانف كعضو واحد فجاز ذلك فيهما. قال بعضهم: ومقتضى ما ذكر أنه لو غسل اليمنى من يديه ورجليه مرة ثم اليسرى كذلك، وهكذا في الثانية والثالثة، حصلت فضيلة التثليث، لان اليدين والرجلين كعضو واحد. (قوله: ويكره النقص إلخ) أي لانه (ص) توضأ ثلاثا وقال: هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم. وأما وضوءه (ص) مرة مرة ومرتين مرتين فإنما كان لبيان الجواز.

(قوله: كالزيادة عليها) أي ككراهة الزيادة على الثلاث. قال في بداية الهداية: ولا تزد في الغسل على ثلاث مرات، ولا تكثر صب الماء من غير حاجة بمجرد الوسوسة فللموسوسين شيطان يلعب بهم يقال له: الولهان. اه‍. وفي حاشية الرشيدي على فتح الجواد شرح منظومة ابن العماد في المعفوات ما نصه: واعلم أن الباب الاعظم الذي دخل منه إبليس على الناس - كما قال السبكي - هو الجهل، فيدخل منه على الجاهل بأمان، وأما العالم فلا يدخل عليه إلا مسارقة. وقد لبس على كثير من المتعبدين لقلة علمهم، لان جمهورهم يشتغل بالتعبد قبل أن يحكم العلم. وقد قال الربيع بن خثيم: تفقه ثم اعتزل. فأول تلبسه عليهم إيثارهم التعبد على
العلم، والعلم أفضل من النوافل. فأراهم أن المقصود من العلم العمل، وما فهموا من العمل إلا عمل الجوارح، وما علموا أن المراد من العمل عمل القلب، وعمل القلب أفضل من عمل الجوارح، فلما تمكن منهم بترك العلم دخل عليهم في فنون العبادة. فمن ذلك الاستطابة والحدث، فيأمرهم بطول المكث في الخلاء، وذلك يؤذي الكبد، فينبغي أن يكون بقدر الحاجة. ومنهم من يحسن لهم استعمال الماء الكثير، وإنما عليه أن يغسل حتى تزول العين. ومنهم من لبس عليه في وضوئه في النية، فتراه يقول: نويت رفع الحدث، ثم يعيد ذلك مرات كثيرة. وسبب هذا: إما الجهل بالشرع، أو خبل في العقل، لان النية في القلب لا باللفظ، فتكلف اللفظ أمر لا يحتاج إليه.

ومنهم من لبس عليه بكثرة استعمال الماء في وضوئه، وذلك يجمع مكروهات أربعا: الاسراف في الماء إذا كان مملوكا أو مباحا، أما إذا كان مسبلا للوضوء فهو حرام. وتضييع العمر الذي لا قيمة له فيما ليس بواجب ولا مستحب. وعدم ركون قلبه إلى الشريعة حيث لم يقنع بما ورد به الشرع. والدخول فيما نهى عنه من الزيادة على الثلاث. وربما أطال الوضوء فيفوت وقت الصلاة أو أول وقتها أو الجماعة، ويقول له الشيطان: أنت في عبادة لا تصح الصلاة إلا بها. ولو تدبر أمره علم أنه في تفريط ومخالفة. فقد حكي عن ابن عقيل أن رجلا لقيه فقال له إني أغسل العضو فأقول ما غسلته، وأكبر فأقول ما كبرت. فقال ابن عقيل: دع الصلاة فإنها لا تجب عليك فقال قوم لابن عقيل: كيف ؟ فقال لهم: قال رسول الله (ص): رفع القلم عن المجنون حتى يفيق ومن يكبر وهو يقول ما كبرت فهذا مجنون، والمجنون لا تجب عليه الصلاة. اه‍. (قوله: أي بنية الوضوء) راجع للزيادة. وفي المغني ما نصه: قال ابن دقيق العيد: ومحل الكراهة في الزيادة على الثلاث إذا أتى بها على قصد نية الوضوء أو أطلق، فلو زاد عليها بنية التبرد أو مع قطع نية الوضوء عنها لم يكره. اه‍.

(قوله: وتحرم) أي الزيادة. وهذا كالتقييد لكراهة الزيادة، أي محل الكراهة في الزيادة ما لم تكن من ماء موقوف، وإلا حرمت لانها غير مأذون فيها. وقوله: على التطهر أي المتطهر، فهو مصدر بمعنى اسم الفاعل، أي أنه موقوف على من يريد أن يتطهر به. (قوله: يأخذ الشاك أثناء الوضوء) سيأتي مقابله. وقوله: في استيعاب أي استيعاب غسل عضوه، أي شك هل كمل غسله أم لا ؟ فيجب تكميله عملا بالاحوط. وتقدم عن الشارح في مبحث الترتيب أنه نقل عن شيخه أنه لو شك بعد عضو في أصل غسله لزمه إعادته، أو بعضه لم تلزمه. وإن كان قبل فراغ الوضوء، فتنبه له. (قوله: أو عدد) أي أو الشاك في عدد، كأن شك هل غسل ثلاثا أو اثنين ؟ فيأخذ بالاقل احتياطا ويأتي بثالثة. ولا يقال: ربما تكون رابعة فيكون بدعة، وتركه سنة أهون من ارتكاب بدعة. لانا نقول: محل كونها بدعة إذا تيقن أنها رابعة. (قوله: باليقين) متعلق بيأخذ. (قوله: وجوبا في الواجب) كما إذا شك في الغسلة الاولى أو في استيعابها العضو وقوله: وندبا في المندوب كما إذا شك في الغسلة الثانية أو الثالثة.

(قوله: ولو في الماء الموقوف) غاية في الاخذ باليقين. (قوله: وتيامن) أي وسن تيامن. (قوله: في اليدين والرجلين) أي فقط، أما غيرهما فيطهر دفعة واحدة كالكفين والخدين والاذنين. (قوله: ولنحو أقطع) معطوف على محذوف تقديره: وتيامن في اليدين والرجلين لغير نحو أقطع ولنحو أقطع. أي وتيامن لنحو أقطع في كل الاعضاء. وقوله: في جميع أعضاء وضوئه أي إن توضأ بنفسه كما هو ظاهر. اه‍ تحفة. (قوله: وذلك) أي كون التيامن سنة ثابت لانه (ص) إلخ. (قوله: وشأنه كله) أي حاله كله. وعطفه على تطهره من عطف العام على الخاص. (قوله: أي مما هو من باب التكريم) تخصيص لعموم قوله وشأنه كله، أي مما يطلب التيامن في الامور التي ليس فيها إهانة، بل فيها شرف
وتكرمة، كالاكل والشرب والاكتحال والتقليم وحلق الرأس والخروج من الخلاء. أما ما فيه إهانة فيطلب له اليسار، كما سيأتي. واختلفوا فيما ليس فيه إهانة ولا تكرمة، هل يطلب فيه التيامن أو لا ؟

وذكر الشنواني أن المعتمد الثاني. وذكر في التحفة أنه يلحق بما فيه تكرمة، أي فيكون باليمين. (قوله: ويكره تركه) أي ترك التيامن. (قوله: ويسن التياسر في ضده) أي ضد ما هو من باب التكريم. (قوله: وهو) أي الضد. (قوله: ويسن البداءة بغسل أعلى وجهه) أي لكونه أشرف، ولكونه محل السجود، وللاتباع. وقوله: وأطراف يديه ورجليه عبارة بافضل مع شرحه لابن حجر: والبداءة في غسل اليد والرجل - أي كل يد ورجل - بالاصابع إن صب على نفسه، فإن صب عليه غيره بدأ بالمرفق والكعب. هذا ما في الروضة، لكن المعتمد ما في المجموع وغيره من أن الاولى البداءة بالاصابع مطلقا. اه‍. إذا علمت ذلك فالمراد من الاطراف الاصابع. (قوله: وإن صب عليه غيره) غاية في سنية البداءة بغسل ما ذكر، وهي للرد على ما في الروضة. (وقوله: وأخذ الماء إلخ) أي ويسن أخذ الماء ونقله إلى الوجه بكفيه معا. (قوله: ووضع ما يغترف منه) أي الاناء الذي يغترف منه، كقدح. وقوله: عن يمينه متعلق بوضع، وذلك لان الاغتراف منه حينئذ أمكن له. (قوله: وما يصب منه عن يساره) أي ويسن وضع الاناء الذي يصب منه - كإبريق - عن يساره، أي لان الصب حينئذ أمكن له.

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية