الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

فصل في شروط الصلاة إعانة الطالبين

فصل في شروط الصلاة إعانة الطالبين


محتويات

فصل في شروط الصلاة

فصل في شروط الصلاة أي في بيان الشروط المتوقف عليها صحة الصلاة. وهي جمع شرط بسكون الراء، وهو لغة: تعليق أمر مستقبل بمثله، أو إلزام الشئ والتزامه. وبفتحها، العلامة. واصطلاحا: ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود، ولا عدم لذاته. اه‍. تحفة. إذا علمت ذلك تعلم أن قول الشارح: الشرط ما يتوقف عليه صحة الصلاة وليس منها ليس معنى لغويا ولا اصطلاحيا له، وإنما هو بيان لما يراد به هنا - أي في الصلاة - وليس هذا من شأن التعاريف. وقوله: وليس منها قيد لاخراج الركن. (قوله: لانها أولى بالتقديم) أي لان الشروط أحق بالتقديم. (قوله: إذ الشرط إلخ) أي فهو مقدم طبعا فناسب أن يقدم وضعا. واعلم أن الشروط قسمان: قسم يعتبر قبل الشروع فيها ويستصحب إلى آخرها، وقسم يعتبر بعد الشروع ويستصحب كترك الافعال وترك الكلام وترك الاكل فقوله: ما يجب تقديمه إلخ هو بالنظر للاول (قوله: شروط الصلاة خمسة) وإنما لم يعد من شروطها الاسلام، والتمييز، والعلم بفرضيتها، وكيفيتها، وتمييز فرائضها من سننها، لانها غير مختصة بالصلاة. وبعضهم عدها وجعل الشروط تسعة. (قوله: الطهارة لغة إلخ) أي بفتح الطاء، وأما بضمها فاسم لبقية الماء. (قوله: النظافة) أي من الاقذار - ولو طاهرة كالمخاط والبصاق - حسية كانت كالانجاس، أو معنوية كالعيوب من الحقد والحسد وغيرهما.

(وقوله: والخلوص من الدنس) عطف تفسير (قوله: وشرعا رفع المنع إلخ) اعلم أن الطهارة الشرعية لها
وضعان: وضع حقيقي، وهو إطلاقها على الوصف المترتب على الفعل، وهو زوال المنع المترتب على الحدث أو الخبث. وإن شئت قلت: ارتفاع المنع المترتب على ذلك. ومجازي: وهو إطلاقها على الفعل، كتعريف الشارح فهو من إطلاق اسم المسبب على السبب. واعلم أنهم قسموها إلى قسمين، عينية وحكمية. فالاولى: هي ما لا تجاوز محل حلول موجبها كغسل الخبث، والثانية: هي ما تجاوز ما ذكر كالوضوء، فإنه يجاوز المحل
الذي حل فيه الموجب وهو خروج شئ من أحد السبيلين. ولها وسائل أربع ومقاصد كذلك، فالاول: الماء، والتراب، والحجر، والدابغ.

والثانية: الوضوء، والغسل، والتيمم، وإزالة النجاسة. وأما الاواني والاجتهاد فهما من وسائل الوسائل فإطلاق الوسيلة عليهما مجاز.
(قوله: وهو ما يقع عليه اسم الماء) أي ما يطلق عليه اسم الماء لا مصاحبة قيد لازم، فشمل المتغير كيثرا بما لا يضر، أو بمجاور كعود ودهن وقوله: وإن رشح هذه الغاية للرد على الرافعي حيث قال: نازع فيه عامة الاصحاب، وقالوا يسمونه بخارا ورشحا لا ماء. وفي جعله الرشح من البخار نظر، إذ هو من الماء لا منه. وأجيب: بجعل من للتعليل، ومتعلق رشح محذوف، أي وإن رشح من الماء لاجل البخار وقوله: المغلى بضم الميم وفتح اللام من أغلى، أو بفتح الميم وكسر اللام من غلي. (قوله: أو استهلك فيه الخليط) أي بحيث لا يسلبه اسم الماء. والمستهلك فيه الخليط هو الذي لم يغيره ذلك الخليط لا حسا ولا تقديرا. (قوله: أو قيد) بفتح القاف وسكون الياء على أنه مصدر معطوف على قوله بلا قيد، أو بضم أوله وكسر الياء المشددة على أنه فعل مبني للمجهول معطوف على قوله وإن رشح. قوله: إلا مقيدا) أي بإضافة كماء ورد، أو بصفة كماء دافق، أو بلام العهد كالماء في قوله (ص): نعم. إذا رأت الماء. (قوله: غير مستعمل في فرض طهارة) أي غير مؤدي به ما لا بد منه. فالمراد بالفرض ما لا بد منه، أثم الشخص بتركه أم لا، عبادة كان أم لا، فشمل ماء وضوء الصبي ولو غير مميز بأن وضأه وليه للطواف فهو مستعمل لانه أدى به ما لا بد منه، وإن كان لا إثم عليه بتركه. وشمل أيضا ماء غسل الكافرة لتحل لحليلها المسلم لانه أدى به ما لا بد منه، وإن لم يكن غسلها عبادة وقوله: من رفع حدث بيان لفرض والمراد برفع الحدث عند مستعمله، فشمل ماء وضوء الحنفي بلا نية لانه استعمل في رفع حدث عنده، وإن لم يرفع الحدث عندنا لعدم النية. فقوله بعد: ولو من طهر حنفي. إشارة إلى ذلك. وإنما لم يصح اقتداء الشافعي به إذا مس فرجه اعتبارا باعتقاد المأموم لاشتراط الرابطة، أي نية الاقتداء في الصلاة دون الطهارة واحتياطا في البابين. ولذا لا يصح الاقتداء به إذا توضأ بلا نية على الاظهر، مع حكمنا على مائه بالاستعمال، فننظر لمعتقده ونحكم باستعمال الماء، ولمعتقدنا ونحكم بعدم صحة وضوئه لعدم نيته. ولا يخفى ما في ذلك من الاحتياط.

وقوله: ولو من طهر إلخ أي ولو كان الاستعمال للماء حصل من طهر حنفي، إلخ. وقوله: أو صبي إلخ أي ولو كان من طهر صبي غير مميز، طهره وليه لاجل أن يطوف به. (قوله: ولو معفوا عنه) أي كقليل دم أجنبي غير مغلظ، أو كثير من نحو براغيث وغير ذلك. (قوله: فعلم) أي من تقييد المستعمل بكونه قليلا. وقوله: أي وبعد فصله عن المحل وذلك لان الماء ما دام مترددا على العضو لا يثبت له حكم الاستعمال. واعلم أن شروط الاستعمال أربعة، تعلم من كلامه: قلة الماء واستعماله فيما لا بد منه، وأن ينفصل عن العضو، وعدم نية الاغتراف في محلها وهو في الغسل بعد نيته، وعند مماسة الماء لشئ من بدنه. فلو نوى الغسل من الجنابة ثم وضع كفه في ماء قليل ولم ينو الاغتراف صار مستعملا. وفي الوضوء بعد غسل الوجه وعند إرادة غسل اليدين، فلو لم ينو الاغتراف حينئذ صار الماء مستعملا. وفي ع ش ما نصه:

(فائدة) لو اغترف بإناء في يده فاتصلت يده بالماء الذي اغترف منه، فإن قصد الاغتراف أو ما في معناه، كمل ء هذا الاناء من الماء، فلا استعمال. وإن لم يقصد شيئا مطلقا فهل يندفع الاستعمال ؟ لان الاناء قرينة على الاغتراف دون رفع الحدث، كما لو أدخل يده بعد غسلة الوجه الاولى من اعتماد التثليث، حيث لا يصير الماء مستعملا لقرينة اعتياد التثليث، أو يصير مستعملا. ويفرق بأن العادة توجب عدم دخول وقت غسل اليد بخلافه هناك، فإن اليد دخلت في وقت غسلها. فيه نظر ويتجه الثاني. اه‍. (قوله: كأن جاوز) مثال للمنفصل حكما وقوله: منكب المتوضئ أي أو جاوز صدر الجنب، كأن تقاذف الماء من رأسه إلى ساقه. (قوله: مما يغلب فيه التقاذف) بيان لنحو الصدر، أي من كل عضو يصل إليه الماء المتقاذف، أي المتطاير، غالبا.

(قوله: لو أدخل المتوضئ) أي أو الجنب، بدليل قوله: بعد نية الجنب. ولو قال المتطهر لكان أولى، لشموله الجنب. (قوله: بعد نية الجنب) متعلق بأدخل. (قوله: أو تثليث إلخ) معطوف على نية الجنب، أي أو أدخل يده بعد تثليث إلخ. وقوله: أو بعد الغسلة الاولى معطوف على بعد نية الجنب، والاولى حذف بعد، فيكون معطوفا على تثليث. وقوله: إن قصد الاقتصار عليها أي الاولى قيد في الاخير. وقوله: بلا نية اغتراف متعلق بأدخل أيضا، أي بأن أدخلها بقصد غسلها في الاناء وأطلق. أما إذا نوى الاغتراف، أي قصد إخراج الماء من الاناء ليرفع به الحدث خارجه، فلا يصير الماء مستعملا. ونية الاغتراف محلها قبل مماسة الماء فلا يعتد بها بعدها. (قوله: ولا قصد) عطف على بلا نية اغتراف. (وقوله: لغرض آخر أي غير التطهر به خارج الاناء، بأن قصد بأخذ الماء شربه أو غسل إناء به مثلا. وفي سم ما نصه (قوله: لغرض آخر أي كالشرب، بل قد يقال قصد أخذ الماء لغرض آخر من إفراد نية الاغتراف، لان المراد بها أن يقصد بإدخال يده إخراج الماء أعم من أن يكون لغرض غير التطهر به خارج الاناء أولا، فليتأمل.

شروط الوضوء

(قوله: صار مستعملا) جواب له، وإنما صار الماء مستعملا بذلك لانتقال المنع إليه وقوله: بالنسبة لغير يده أي من بقية أعضاء الوضوء بالنسبة للمحدث، أو بقية البدن بالنسبة للجنب. وقوله فله أن يغسل إلخ مرتب على محذوف، أي أما بالنسبة ليده فلا يصير مستعملا، فله أن يغسل إلخ. يعني: له إن لم يتم غسلها أن يغسل بقيتها بما في كفه، لان الماء ما دام مترددا على العضو له حكم التطهير. وقوله: باقي ساعدها في الروض ما نصه: فلو غسل بما في كفه باقي يده لا غيرها أجزأه. اه‍. (قوله: وغير متغير إلخ) معطوف على غير مستعمل. وقوله: بحيث يمنع إلخ تصوير لكون التغير كثيرا. وقوله: بأن تغير أحد صفاته تصوير ثان له أيضا، أو تصوير لمنع إطلاق اسم الماء عليه. (قوله: ولو تقديريا) أي ولو كان التغير حاصلا بالفرض والتقدير لا بالحس، وهو ما يدرك بإحدى الحواس التي هي الشم والذوق والبصر، وذلك بأن يقع في الماء ما يوافقه في جميع صفاته، كماء مستعمل، أو في بعضها كماء ورد منقطع الرائحة وله لون وطعم أو أحدهما ولم يتغير الماء به، فيقدر حينئذ مخالفا وسطا، الطعم طعم الرمان واللون لون العصير والريح ريح اللاذن - بفتح الذال المعجمة - فإذا كان الواقع في الماء قدر رطل مثلا من ماء الورد الذي لا ريح له ولا طعم ولا لون، نقول: لو كان الواقع فيه قدر رطل من ماء الرمان هل يغير طعمه أم لا ؟ فإن قالوا: يغيره. انتفت الطهورية. وإن قالوا لا يغيره. نقول: لو كان الواقع فيه قدر رطل من اللاذن هل يغير ريحه أو لا ؟ فإن قالوا: يغيره. انتفت الطهورية. وإن قالوا: لا يغيره. نقول: لو كان الواقع فيه قدر رطل من عصير العنب هل يغير لونه أو لا ؟ فإن قالوا: يغيره. سلبناه الطهورية. وإن قالوا: لا يغيره، فهو باق على طهوريته. وهذا إذا فقدت الصفات كلها، فإن فقد بعضها ووجد بعضها قدر المفقود، لان الموجود إذا لم يغير فلا معنى لفرضه.

واعلم أن التقدير المذكور مندوب لا واجب، فلو هجم شخص واستعمل الماء أ جزأه ذلك. (قوله: أو كان التغير بما على عضو المتطهر) أي بأن كان عليه نحو سدر أو زعفران فتغير الماء به فإنه يضر. وخرج بقوله: بما على عضو. ما إذا أريد تطهير السدر أو نحوه، وتغير الماء قبل وصوله إلى جيمع أجزائه فإنه لا يضر لكونه ضروريا في تطهيره. اه‍ ع ش بالمعنى. (قوله: وإنما يؤثر التغير) أي في طهورية الماء بحيث لا يصح التطهير به، وإن كان طاهرا في نفسه. (قوله: إن كان بخليط) سيأتي محترزه. (قوله: وهو) أي الخليط. (قوله: ما لا يتميز في رأي العين) أي الشئ الذي لا يرى متميزا عن الماء. وقيل: هو الذي لا يمكن فصله. (قوله: وقد غني) بكسر النون، ومضارعه يغنى بفتحها، بمعنى استغنى. (قوله: كزعفران إلخ) تمثيل للخليط الطاهر المستغنى عنه. (قوله: وثمر شجر إلخ) أي وكثمر شجر. ويضر سقوطه في الماء مطلقا، سواء كان بنفسه أو بفعل الفاعل، بدليل تقييده الورق بالطرح، أي بفعل الفاعل. وكما في النهاية، ونصها: ويضر التغير بالثمار الساقطة بسبب ما انحل منها، سواء أوقع بنفسه أم بإيقاع، كان على صورة الورق كالورد أم لا. اه‍.

(قوله: وورق طرح) خرج به ما إذا لم يطرح بل تناثر بنفسه فلا يضر وإن تفتت كما سيذكره. وقوله: ثم تفتت خرج به ما إذا لم يتفتت فلا يضر لانه مجاور. والترتيب المستفاد من ثم ليس بقيد بل مثله بالاولى ما إذا تفتت ثم طرح. (قوله: لا تراب) أي لا إن كان التغير بتراب، فإنه لا يضر لموافقته للماء في الطهورية، ولان تغيره به مجرد كدورة. وقوله: وملح ماء أ ولا إن كان التغير بملح ناشئ من الماء، فإنه لا يضر أيضا لكونه منعقدا من الماء، فسومح فيه، بخلاف الجبلي فإنه يضر لكونه غير منعقد من الماء، فهو مستغنى عنه. (قوله: وإن طرحا فيه) أي وإن طرح التراب وملح الماء في الماء فإنه لا يضر. والغاية للرد بالنسبة للتراب وللتعميم بالنسبة للملح. (قوله: ولا يضر تغير إلخ) محترز قوله كثيرا. وقوله: لقلته أي التغير.

وقوله: ولو ا حتمالا أي ولو كانت قلة التغير احتمالا لا يقينا فإنه لا يضر، لانا لا نسلب الطهورية بالمحتمل، أي المشكوك فيه. قال في شرح الروض: نعم، لو تغير كثيرا ثم زال بعضه بنفسه أو بماء مطلق، ثم شك في أن التغير الآن يسير أو كثير لم يطهر، عملا بالاصل. قاله الاذرعي. اه‍. (قوله: المجاور وهو ما يتميز للناظر) وقيل إنه ما يمكن فصله. وقيل فيه وفي المخالط: المتبع العرف. وقوله: ولو مطيبين بفتح الياء المشددة، أي حصل الطيب لهما بغيرهما. وقيل: بكسر الياء، أي مطيبين لغيرهما. (قوله: ومنه) أي المجاور البخور. وفي النهاية: ويظهر في الماء المبخر - الذي غير البخور طعمه أو لونه أو ريحه - عدم سلبه الطهورية، لانا لم نتحقق انحلال الاجزاء والمخالطة، وإن بناه بعضهم على الوجهين في دخان النجاسة. اه‍. أي فإن قلنل دخان النجاسة ينجس الماء، قلنا هنا: يسلب الطهورية. وإن قلنا بعدم التنجيس، ثم قلنا بعدم سلبها هنا. لكن المعتمد عدم سلب الطهورية هنا مطلقا. والفرق أن الدخان أجزاء تفصلها النار، وقد اتصلت بالماء فتنجسه ولو مجاورة، إذ لا فرق في تأثير ملاقاة النجس بين المجاور والمخالط. بخلاف البخور فإنه طاهر وهو لا يسلب الطهورية إلا إن كان مخالطا، ولم تتحقق المخالطة. اه‍ ع ش. (قوله: ومنه إلخ) أي ومن المجاور أيضا ماء أغلى فيه نحو بر وتمر فإنه لا يضر بالقيد الذي ذكره.

وفي سم ما نصه: قال الشارح في شرح العباب: والحب كالبر والثمر، إن غير وهو بحاله فمجاور، وإن انحل منه شئ فمخالط، فإن طبخ وغير ولم ينحل منه شئ فوجهان. ثم قال: وأوجه الوجهين أنه لا أثر لمجرد الطبخ، بل لا بد من تيقن انحلال شئ منه بحيث يحدث له بسبب ذلك اسم آخر، لانه حينئذ مجاور، التغير به لا يضر، وإن حدث بسببه اسم آخر. فالحاصل أن ما أغلي من نحو الحبوب والثمار وما لم يغل، إن تيقن انحلال شئ منه فمخالط، وإلا فمجاورر. وإن حدث له بذلك اسم آخر، ما لم ينسلب عنه اطلاقه اسم الماء بالكلية. اه‍. (قوله: وبقولي غني عنه) أي وخرج بقولي إلخ، فهو معطوف على بقولي الاول. (قوله: كما في مقره) أي موضع قراره، أي الماء، ومنه كما هو ظاهر القرب التي يدهن باطنها بالقطران - وهي جديدة - لاصلاح ما يوضع فيها بعد من الماء، وإن كان من القطران المخالط. وقوله: وممره أي موضع مروره، أي الماء. وفي النهاية ما نصه: وظاهر كلامهم أن المراد بما في المقر والممر ما كان خلقيا في الارض، أو مصنوعا فيها بحيث صار يشبه الخلقي، بخلاف الموضع فيها لا بتلك الحيثية، فإن الماء يستغنى عنه. اه‍.

(قوله: من نحو طين) بيان لما، واندرج تحت نحو النورة والزرنيخ ونحوهما. (قوله: وطحلب) بضم أوله مع ضم ثالثه أو فتحه، شئ أخضر يعلو الماء من طول المكث، ولا يشترط أن يكون بمقر الماء أو ممره، وإن أوهمته عبارة الشارح. وقوله: مفتت أي ما لم يطرح، فإن طرح وصار مخالطا ضر. (قوله: وكالتغير بطول المكث) معطوف على كما في مقره، أي فهو لا يضر لعدم الاستغناء عنه. وعبارته صريحة في أنه من المخالط، لكن الذي لا غنى عنه مع أنه لا من المخالط ولا من المجاور. ولو أخرجه بمخالط لكان له وجه، وذلك لان غير المخالط صادق بالمجاور وبالذي ليس بمجاور ولا مخالط. (قوله: أو بأوراق) معطوف على بطول المكث. وقوله: متناثرة بنفسها أي لا بفعل الفاعل. وهو مفهوم قوله سابقا: طرح.

(قوله: أو بنجس) معطوف على بخليط، لكن بقطع النظر عن تقييد التغير فيه بالكثرة. أي وغير متغير بنجس مطلقا، قليلا كان التغير أو كثيرا. (قوله: في صورتي إلخ) قصده بيان أن الغاية راجعة للصورتين، صورة التغير بالطاهر وصورة التغير بالنجس. أي لا فرق في التغير بالطاهر بين أن يكون الماء قليلا أو كثيرا، أو بالنجس كذلك، إلا أنه يشترط في التغير بالاول أن يكون التغير كثيرا كما علمت. (قوله: والقلتان) هما في الاصل الجرتان العظيمتان، فالقلة الجرة العظيمة، سميت بذلك لان الرجل العظيم يقلها أي يرفعها. وهي تسع قربتين ونصفا من قرب الحجاز، والقربة منها لا تزيد على مائة رطل بغدادي. وفي عرف الفقهاء: اسم للماء المعلوم. (قوله: خمسمائة رطل بغدادي) الرطل البغدادي عند النووي مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم، وعند الرافعي مائة وثلاثون درهما، وهو خلاف المعتمد. وقوله: تقريبا أي لا تحديدا. فلا يضر نقص رطل أو رطلين - على الاشهر في الروضة -. (قوله: وبالمساحة) أي والقلتان بالمساحة. وهي بكسر الميم الذرع. وقوله: في المربع ذراع إلخ بيان ذلك أن كلا من الطول والعرض والعمق يبسط من جنس الكسر، وهو الربع. فجملة كل واحد خمسة أرباع، ويعبر عنها بأذرع قصيرة، وتضرب خمسة الطول في خمسة العرض يكون الحاصل خمسة وعشرين، تضرب في خمسة العمق يكون الحاصل مائة وخمسة وعشرين، وكل ربع يسع أربعة أرطال فتضرب في المائة والخمسة والعشرين تبلغ خمسمائة رطل.

(قوله: وفي المدور ذراع من سائر الجوانب إلخ) بيان ذلك فيه أن العمق ذراعان بذراع النجار، وهو ذراع وربع بذراع الآدمي، فهما به ذراعان ونصف، وأن العرض ذراع، وإذا كان العرض كذلك، يكون المحيط ثلاثة أذرع وسبعا، لان محيط كل دائرة ثلاثة أمثال عرضها وسبع مثله. وتبسط كلا من العمق والعرض أرباعا، فيكون العمق عشرة أذرع والعرض أربعة، وإذا كان العرض أربعة كان المحيط اثنى عشر وأربعة أسباع، فتضرب نصف العرض في نصف المحيط يكون الخارج اثنى عشرى وأربعة أسباع، ثم تضرب ما ذكر في عشرة العمق يكون الخارج مائة وخمسة وعشرين وخمسة أسباع. لان حاصل ضرب اثنتي عشرة في عشرة بمائة وعشرين، وحاصل ضرب أربعة أسباع في عشرة أربعون سبعا خمسة وثلاثون بخمسة صحيحة - ولا تضر زيادة الاسباع - وكل ربع يسع أربعة أرطال، فتضرب في المائة والخمسة والعشرين يبلغ خمسمائة رطل.

(قوله: ولا تنجس قلتا ماء) للخبر الصحيح: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث أي لم يقبله. كما صرحت به ر واية: لم ينجس. وهي صحيحة أيضا. (قوله: ولو احتمالا) أي ولو كانت القلتان احتمالا لا يقينا، فلا تنجس لان الاصل الطهارة. وقوله: كأن شك إلخ تمثيل له. (قوله: إن تيقنت قلته) غاية للغاية. وقوله قبل أي قبل الشك بأن كان قليلا يقينا ثم زيد عليه، واحتمل بلوغه وعدمه. (قوله: بملاقاة نجس) متعلق بتنجس. (قوله: ما لم يتغير) أي الماء الذي بلغ قلتين. وقوله: به أي بالنجس. فإن تغير به تنجس، ولا فرق في التغير بين أن يكون حسيا أو تقديريا، بأن وقع في الماء نجس يوافقه في صفاته - كالبول المنقطع الرائحة واللون والطعم - فيقدر مخالفا أشد، الطعم طعم الخل واللون لون الحبر والريح ريح المسك. فلو كان الواقع قدر رطل من البول المذكور مثلا، نقدر ونقول: لو كان الواقع قدر رطل من الخل هل يغير طعم الماء أو لا ؟ فإن قالوا: يغيره. حكمنا بنجاسته. وإن قالوا: لا يغيره. نقول: لو كان الواقع قدر رطل من الحبر هل يغير لون الماء أو لا ؟ فإن قالوا: يغيره. حكمنا بنجاسته. وإن قالوا: لا يغيره. نقول: لو كان الواقع قدر رطل من المسك هل يغير ريحه أو لا ؟ فإن قالوا: يغيره. حكمنا بنجاسته. وإن قالوا: لا يغيره. حكمنا بطهارته. وهذا إذا كان الواقع فقدت فيه الاوصاف الثلاثة، فإن فقدت صفة واحدة فرض المخالف المناسب لها فقط، كما تقدم في الطاهر.

(قوله: وإن استهلكت النجاسة فيه) يحتمل ارتباط هذه الغاية بقوله: ولا تنجس قلتا ماء بملاقاة نجس إن لم يتغير به، سواء كان النجس الواقع في الماء متميزا عنه، بحيث يرى بأن كان جامدا، أو استهلك فيه بأن كان مائعا، أو امتزج بالماء بحيث صار لم يبق له طعم ولا لون ولا ريح. ويحتمل ارتباطه بمفهوم قوله: ما لم يتغير، أي فإن تغير به تنجس، سواء استهلكت النجاسة فيه أم لا، والاول أقرب. (قوله: ولا يجب التباعد من نجس في ماء كثير) يعني ولا يجب التباعد من النجس الكائن في ماء كثير حال الاغتراف منه، بل له أن يغترف من حيث شاء، حتى من أقرب موضع إلى النجاسة، كما صرح بذلك في النهاية. قال في الروض: فإن غرف دلوا من ماء قلتين فقط، وفيه نجاسة جامدة لم يغرفها مع الماء، فباطن الدلو طاهر لانفصال ما فيه عن الباقي قبل أن ينقص عن قلتين، لا ظاهر لتنجسه بالباقي المتنجس بالنجاسة لقلته. فإن غرفها مع الماء بأن دخلت معه أو قبله في الدلو انعكس الحكم. اه‍.

(قوله: ولو بال في البحر مثلا) أي أو في ماء كثير. (قوله: فارتفعت منه) أي من البحر بسبب البول. وقوله: رغوة هي الزبد الذي يرتفع على وجه الماء. (قوله: فهي) أي الرغوة، نجسة. وقوله: إن تحقق أنها أي الرغوة، من عين النجاسة، أي البول. كأن كانت برائحة البول أو طعمه أو لونه. وقوله: أو من المتغير إلخ أي أو تحقق أنها من الماء المتغير أحد أوصافه بذلك البول. (قوله: وإلا فلا) أي وإن لم يتحقق أنها من ذلك فلا يحكم عليها بالنجاسة. (قوله: ولو طرحت فيه) أي في البحر مثلا. وقوله: بعرة
أي ونحوها من كل نجاسة جامدة. (قوله: فوقعت إلخ) في الكلام حذف، أي فارتفعت من أجل قوة الطرح قطرة منه فوقعت على شئ. وقوله لم تنجسه جواب لو. أي لم تنجس تلك القطرة الشئ الذي وقعت عليه لطهارتها. (قوله: وينجس قليل الماء إلخ) أي لمفهوم الحديث المتقدم، إذ مفهومه أن ما دونهما يحمل الخبث، أي يتأثر به. وقوله: حيث لم يكن واردا أي حيث لم يكن الماء واردا على النجس، فإن كان واردا ففيه تفصيل يأتي. وحاصله: أنه إذا ورد الماء على المحل النجس ولم ينفصل عنه فهو طاهر مطهر. فإن انفصل عنه، ولم يتغير ولم يزد وزنه بعد اعتبار ما يأخذه المحل، وطهر المحل، فهو طاهر غير مطهر. فإن فقد واحد من هذه القيود فهو نجس.

(قوله: بوصول نجس إليه) أي إلى الماء القليل، وهو متعلق بينجس، وخرج به ما إذا كان بقرب الماء جيفة مثلا وتغير الماء بها فإنه لا يؤثر. وقوله: يرى بالبصر المعتدل خرج به غير المرئي به، فإنه لا يؤثر. وإن كان بمواضع متفرقة، وكان بحيث لو جمع لرؤي، وكان المجموع قليلا ولو من مغلظ وبفعله عند م ر. وقوله: غير معفو عنه في الماء خرج به المعفو عنه فيه. وهو ما أشار إليه بقوله: لا بوصول ميتة. وقوله: ولو معفوا عنه في الصلاة أي ولو كان النجس الذي لا يعفى عنه في الماء معفوا عنه في الصلاة فإنه يضر، وذلك كقليل دم أجنبي غير مغلظ، أو كثير من نحو براغيث. فإن ما ذكر يعفى عنه إذا كان في نحو ثوب المصلي، ولا يعفى عنه في الماء. (قوله: كغيره) أي كغير الماء وهو مرتبط بقوله: وينجس إلخ. أي وينجس قليل الماء بما ذكر، كما أن غيره من المائعات ينجس به أيضا إلا أنه لا يتقيد بالقلة.

وقوله: من رطب ومائع بيان للغير ثم إن كان المراد بالرطب الجامد كان عطف ما بعده عليه للمغايرة. إلا أنه يشكل عليه أن الجامد إنما ينجس ظاهره الملاقي للنجس، لا كله، كما سيأتي، وإن كان المراد به ما يعم المائع كان العطف عليه من عطف الخاص على العام، ويشكل عليه أيضا ما ذكر. وظاهر عبارة الروض تخصيص الرطب بالمائع، ونص عبارته مع شرحه: ودونهما - أي القلتين - قليل فينجس هو ورطب غيره كزيت، وإن كثر بملاقاة نجاسة مؤثرة في التنجس وإن لم يتغير. ثم قال: وخرج بالرطب الجامد الخالي عن رطوبة عند الملاقاة، وبالمؤثرة غيرها مما يأتي. اه‍. وقوله: وإن كثر أي ينجس غير الماء وإن كان كثيرا. والفرق بينه حيث تنجس مطلقا بوصول النجاسة إليه وبين الماء حيث اختص بالقلة، أن غير الماء ليس في معناه لقوة الماء ومشقة حفظه من النجس، بخلاف غيره. (قوله: لا بوصول ميتة إلخ) أي لا ينجس قليل الماء وغيره من المائعات بوصول ما ذكر للعفو عنه في الماء.

وقوله: لا دم لجنسها سائل تعبيره بذلك أولى من تعبير غيره بقوله لا دم لها سائل، إذ العبرة بجنسها لا بها. فلو فرض أن لها دما يسيل وجنسها ليس له ذلك ألحقت به، ولا يضر وقوعها فيه. أو فرض أنها ليس لها دم يسيل وجنسها له ذلك ألحقت به وضر وقوعها. (فائدة) خبر لا في هذا التركيب محذوف تقديره موجود، وسائل صفة ويجوز فيه الرفع على أنه صفة لاسم لا مراعاة له قبل دخولها لانه كان مرفوعا بالابتداء، والنصب على أنه صفة له باعتبار محله، إذ محله نصب بلا، ولا يجوز بناؤه على الفتح لوجود الفاصل بينهما. كما قال ابن مالك: وغير ما يلي وغير المفردلا تبن وانصبه أو الرفع اقصد وقوله: عند شق عضو منها متعلق بسائل، أي: سائل عند شق عضو منها في حياتها أو عند قتلها. ويحرم الشق المذكور أو القتل بالقصد للتعذيب، واختلف فيما شك في سيل دمه وعدمه، فهل يجوز شق عضو منه أو لا ؟ قال بالاول الرملي تبعا للغزالي، لانه لحاجة. وقال بالثاني ابن حجر تبعا لامام الحرمين، لما فيه من التعذيب، وله حكم ما لا يسيل دمه - فيما يظهر من كلامهم - عملا بكون الاصل في الماء الطهارة فلا ننجسه الشك، ويحتمل عدم العفو، لان العفو رخصة فلا يصار إليها إلا بيقين.

(قوله: كعقرب ووزغ) تمثيل للميتة التي ليس لجنسها دم سائل. (قوله: إلا إن تغير) استثناء من عدم التنجس بوصول الميتة وقوله: فيحنئذ ينجس أي فحين إذ تغير بها ينجس. والفاء واقعة في جواب الشرط. (قوله: لا سرطان وضفدع) عطف على كقعرب ووزع. وقوله: فينجس بهما أي بالسرطان والضفدع، لان لجنسهما دما سائلا. (قوله: خلافا لجمع) أي قالوا بعدم التنجس بهما. (قوله: ولا بميتة) عطف على لا بوصول ميتة، أي ولا ينجس أيضا بوصول ميتة، إلخ. وقوله: كالعلق بفتحتين، دود الماء. (قوله: ولو طرح فيه ميتة من ذلك) ظاهره عود اسم الاشارة على المذكور من الميتة التي لا دم لجنسها سائل والتي نشؤها من الماء، وهو ما جرى عليه جمع. وجرى الشيخان على أن ما كان نشؤه من الماء لا يضر طرحه مطلقا. وظاهر كلام ابن حجر تأييده. ونص عبارة التحفة: ولا أثر لطرح الحي مطلقا أو الميتة التي نشؤها منه. كما هو ظاهر كلامهما. وفرض كلامهما في حي طرح فيما نشؤه منه ثم مات فيه بدليل كلام التهذيب ممنوع. اه‍. وظاهر كلام الرملي يؤيد الاول ونص عبارته، وحاصل المعتمد في ذلك كما اقتضاه كلام البهجة منطوقا ومفهوما، واعتمده الوالد رحمه الله وأفتى به، أنها إن طرحت حية لم يضر، سواء كان نشؤها منه أم لا، وسواء أماتت فيه بعد ذلك أم لا، إن لم تغيره. وإن طرحت ميتة ضر، سواء كان نشؤها منه أم لا. وأن وقوعها بنفسها لا يضر مطلقا، أي حية أو ميتة، فيعفى عنه كما يعفى عما يقع بالريح، وإن كان ميتا ولم يكن نشؤه منه، إن لم يغير، وليس الصبي - ولو غير مميز - والبهيمة كالريح لان لهما اختيارا في الجملة. اه‍. وكتب ع ش ما نصه:

قوله: والبهيمة كالريح قال ابن حجر: وإن كان الطارح غير مكلف لكن من جنسه، وهي تخرج البهيمة لانها ليست من جنس الصبي. وقال سم على المنهج: وفي إلحاق البهيمة بالآدمي تأمل. (قوله: ولا أثر لطرح الحي مطلقا) أي سواء كان نشؤه منه أم لا. (قوله: واختار كثيرون إلخ) مرتبط بقوله وينجس قليل الماء إلخ. (قوله: لا ينجس مطلقا) أي قليلا كان أو كثيرا. قال ابن حجر: وكأنهم نظروا للتسهيل على الناس، وإلا فالدليل ظاهر في التفصيل. (قوله: والجاري كراكد) أي في جميع ما مر من التفرقة بين القليل والكثير، وأن الاول يتنجس بمجرد الملاقاة. لكن العبرة في الجاري بالجرية نفسها لا مجموع الماء. فإذا كانت الجرية - وهي الدفعة التي بين حافتي النهر - في العرض دون قلتين تنجست بمجرد الملاقاة، ويكون محل تلك الجرية من النهر نجسا ويطهر بالجرية بعدها، وتكون في حكم غسالة النجاسة. هذا في نجاسة تجري بجري الماء، فإن كانت جامدة واقفة فذلك المحل نجس وكل جرية تمر بها نجسة إلى أن يجتمع قلتان في حوض. وبه يلغز فيقال: ماء ألف قلة غير متغير وهو نجس، أي لانه ما دام لم يجتمع فهو نجس، وإن طال محل جري الماء. والفرض أن كل جرية أقل من قلتين. (قوله: لا ينجس قليله) أي الجاري لقوته بوروده على النجاسة، فأشبه الماء الذي نطهرها به. وعليه فمقتضاه أن يكون طاهرا لا طهورا. اه‍ نهاية.

(قوله: وهو مذهب مالك) أي ما في القديم من جملة ما ذهب إليه الامام مالك. (قوله: قال في المجموع إلخ) هذا مرتبط بقوله فيما تقدم وينجس قليل الماء بوصول نجس، فهو تعميم في النجس، أي سواء كان جامدا أو مائعا. (قوله: والماء القليل إذا تنجس) أي بوقوع نجاسة فيه وقوله: يطهر ببلوغه قلتين أي بانضمام ماء إليه لا بانضمام مائع فلا يطهر، ولو استهلك فيه وقوله: ولو بماء متنجس أي ولو كابلوغه ما ذكر بانضمام ماء متنجس إليه، أي أو بماء مستعمل أو متغير أو بثلج أو برد أذيب. قال في التحفة: ومن بلوغهما به ما لو كان النجس أو الطهور بحفرة أو حوض آخر وفتح بينهما حاجز واتسع بحيث يتحرك ما في كل بتحرك الآخر تحركا عنيفا، وإن لم تزل كدورة أحدهما ومضى زمن يزول فيه تغير لو كان.

وقوله: حيث لا تغير به أي يطهر بما ذكر، حيث لم يوجد فيه تغير لا حسا ولا تقديرا، فإن وجد فيه ذلك لم يطهر. (قوله: والكثير يطهر بزوال تغيره) أي الحسي والتقديري. وقوله: بنفسه
أي لا بانضمام شئ إليه، كأن زال بطول المكث. وقوله: أو بماء زيد عليه أي أو زال تغيره بانضمام ماء إليه. أي ولو كان متنجسا أو مستعملا أو غير ذلك، لا إن زال بغير ذلك كمسك وخل وتراب فلا يطهر للشك في أن التغير استتر أو زال، بل الظاهر أنه استتر. وقوله: أو نقص عنه أي أو زال التغير أو بماء نقص عنه. وقوله: وكان الباقي كثيرا قيد في الاخيرة. أي وكان الباقي بعد نقص شئ منه كثيرا، أي يبلغ قلتين. (تتمة) لم يتعرض المؤلف للاجتهاد مع أنه وسيلة للماء، ولنتعرض له تكميلا للفائدة، فنقول: اعلم أنهم ذكروا للاجتهاد شروطا، أحدها: بقاء المشتبهين إلى تمام الاجتهاد. فلو انصب أحدهما أو تلف امتنع الاجتهاد، ويتيمم ويصلي بلا إعادة. ثانيها: أن يتأيد الاجتهاد بأصل الحل، فلا يجتهد في ماء اشتبه ببول وإن كان يتوقع ظهور العلامة، إذ لا أصل للبول في حل المطلوب، وهو التطهير هنا. ثالثها: أن يكون للعلامة فيه مجال، أي مدخل، كالاواني والثياب، فلا يجتهد فيما إذا اشتبهت محرمه بأجنبيات محصورات للنكاح لانه يحتاط له. رابعها: الحصر في المشتبه به، فلو اشتبه إناء نجس بأوان غير محصورة فلا اجتهاد بل يأخذ منها ما شاء إلى أن يبقى عدد محصور - عند ابن حجر - وزاد بعضهم: سعة الوقت. فلو ضاق الوقت عن الاجتهاد تيمم وصلى، والاوجه خلافه. واشترط بعضهم أيضا أن يكون الانآن لواحد، فإن كانا لاثنين، لكل واحد، توضأ كل بإنائه، والاوجه - كما في الاحياء - خلافه عملا بإطلاقهم إذا علمت ذلك. فلو اشتبه ماء طاهر أو تراب كذلك بماء متنجس أو تراب كذلك، أو اشتبه ماء طهور أو تراب كذلك بماء مستعمل أو بمتنجس أو تراب كذلك، اجتهد في المشتبهين جوازا إن قدر على طاهر بيقين، ووجوبا إن لم يقدر على ذلك، واستعمل ما ظنه بالاجتهاد طاهرا أو طهورا، ويسن له قبل الاستعمال أن يريق المظنون نجاسته لئلا يغلط فيستعمله أو يتغير اجتهاده فيشتبه عليه الامر، فإن تركه بلا إراقة وتغير ظنه باجتهاده ثانيا لم يعمل بالثاني من الاجتهادين لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد إن غسل ما أصابه ماء الاول بماء الثاني ويصلي بنجاسة إن لم يغسله. ولا يعمل بالاجتهاد الاول أيضا عند م ر، فلا يصلي بالوضوء الحاصل منه. واعتمد ابن حجر خلافه. أو اشتبه ماء وبول أو ماء وماء ورد فلا يجتهد، بل في الاول يريقهما أو أحدهما، أو يخلط أحدهما أو شيئا منه على الآخر ثم يتيمم ولا إعادة عليه. فلو تيمم قبل ذلك لا يصح تيممه، لان شرط صحته أن لا يتيمم بحضرة ماء متيقن الطهارة، ويتوضأ بكل مرة في الثاني. ومثل الاجتهاد في الماء والتراب الاجتهاد في الثياب والاطعمة والحيوانات، فلو اشتبه عليه ثوب نجس بثوب طاهر، أو طعام نجس بطعام طاهر، أو اشتبه عليه شاته بشاة غيره، اجتهد في ذلك، فما أداه اجتهاده إلى أنه طاهر أو ملكه، عمل به، وما لا فلا.

(قوله: وثانيها) أي وثاني شروط الوضوء. (قوله: على عضو مغسول) أي كالوجه واليدين والرجلين، وخرج به الممسوح كالرأس فلا يشترط فيه الجري. (قوله: فلا يكفي أن يمسه الماء) قال في العباب: ومن ثم لم يجز الغسل بالثلج والبرد إلا إن ذابا وجريا على العضو. (قوله: لانه لا يسمى غسلا) أي لان المس المذكور لا يسمى غسلا، مع أن المأمور به في الآية الشريفة الغسل. قال في النهاية: ولا يمنع من عد هذا شرطا كونه معلوما من مفهوم الغسل لانه قد يراد به - أي الغسل - ما يعم النضح. اه‍. (قوله: وثالثها) أي ثالث شروط الوضوء. (قوله: تغيرا ضارا) بأن يكون كثيرا بحيث يمنع إطلاق اسم الماء عليه كما تقدم. (قوله: كزعفران وصندل) تمثيل للمغير الذي على العضو. (قوله: خلافا لجمع) أي قالوا: يغتفر ما على العضو. (قوله: ورابعها) أي رابع شروط الوضوء. (قوله: حائل) أي جرم كثيف يمنع وصول الماء للبشرة. (قوله: بين الماء والمغسول) مثله الممسوح كما هو ظاهر.

(قوله: كنورة إلخ) تمثيل للحائل. (قوله: بخلاف دهن جار) أي بخلاف ما إذا كان على العضو دهن جار فإنه لا يعد حائلا فيصح الوضوء معه، وإن لم يثبت الماء على العضو لان ثبوت الماء ليس بشرط. (قوله: وأثر حبر وحناء) أي وبخلاف أثر حبر وحناء فإنه لا يضر. والمراد بالاثر مجرد اللون بحيث لا يتحصل بالحت مثلا منه شئ. (قوله: أن لا يكون وسخ تحت ظفر) أي من أظفار اليدين أو الرجلين. قال الزيادي: وهذه المسألة مما تعم بها البلوى، فقل من يسلم من وسخ تحت أظفار يديه أو رجليه، فليتفطن لذلك. (قوله: خلافا لجمع) أي قالوا بعدم اشتراط ذلك. (قوله: وأطالوا في ترجيحه) أي مستدلين بأنه (ص) كان يأمر بتقليم الاظفار ورمي ما تحتها ولم يأمرهم بإعادة الصلاة. قال في شرح العباب: وما في الاحياء - مما نقله الزركشي عن كثيرين، وأطال هو وغيره في ترجيحه، وأنه الصحيح المعروف من المسامحة عما تحتها من الوسخ دون نحو العجين - ضعيف، بل غريب كما أشار إليه الاذرعي اه‍.

(قوله: بشئ مما تحتها) أي سواء كان من الوسخ أو من العجين. (قوله: حيث منع) أي ذلك الشئ - وسخا أو غيره - وقوله: بمحله أي ذلك الشئ. (قوله: وأفتى البغوي في وسخ إلخ) لا يختص هذا بما تحت الاظفار بل يعم سائر البدن وعبارة ابن حجر: وكوسخ تحت الاظفار، خلافا للغزالي، وكغبار على البدن، بخلاف العرق المتجمد عليه لانه كالجزء منه. ومن ثم نقض مسه. اه‍. (قوله: وهو العرق المتجمد) قضيته وإن لم يصر كالجزء ولم يتأذ بإزالته - وهو ظاهر لكثرة تكرره والمشقة في إزالته - لكن في ابن عبد الحق: نعم، هن صار الجرم المتولد من العرق جزءا من البدن لا يمكن فصله عنه فله حكمه، فلا يمنع صحة الوضوء ولا النقض بمسه. اه‍ ع ش. (قوله: وخامسها) أي وخامس شروط الوضوء. وبقي من الشروط: عدم المنافي من حيض ومس ذكر، وعدم الصارف ويعبر عنه بدوام النية حكما، والاسلام، والتمييز، ومعرفة كيفية الوضوء بأن لا يقصد بفرض معين نفلا، وغسل ما لا يتم الواجب إلا به. وقد عد بعضهم شروط الوضوء خمسة عشر شرطا، ونظمها في قوله: أيا طالبا مني شروط وضوئه فخذها على الترتيب، إذ أنت سامع شروط وضوء عشرة ثم خمسة فخذ عدها والغسل للطهر جامع طهارة أعضاء نقاء وعلمه بكيفية المشروع والعلم نافع وترك مناف في الدوام وصارف عن الرفع والاسلام قد تم سابع وتمييزه واستثن فعل وليه إذا طاف عنه وهو بالمهد راضع ولا حال نحو الشمع والوسخ الذي حوى ظفر والرمص في العين مانع وجري على عضو وإيصال مائه وويل لاعقاب من النار واقع وتخليل ما بين الاصابع واجب إذا لم يصل إلا ما هو قالع وماء طهور والتراب نيابة وبعد دخول الوقت إن فات رافع كتقطير بول ناقض واستحاضة وودي ومذي أو مني يدافع وليس يضر البول من ثقبة علت كجرح على عضو به الدم ناقع ونيته للاغتراف محلها إذا تمت الاولى من الوجه تابع ونية غسل بعدها فانو واغترف وإلا فالاستعمال لا شك واقع

وقد صححوا غسلا مع البول إن جرى خلاف وضوء خذه والعلم واسع ووشم بلا كره وعظمة جابرتشق بلا خوف ويكشط مانع (وقوله: كسلس) بكسر اللام على أنه اسم فاعل، وبفتحها على أنه مصدر، ويقدر مضاف، أي ذي سلس. وشمل سلس البول وسلس الريح، فلو توضأ قبل دخول الوقت لم يصح لانه طهارة ضرورة، ولا ضرورة قبل الوقت. (قوله: ويشترط له أيضا إلخ) الانسب والاخصر أن يقول بعد قوله دخول وقت لدائم الحدث ولو ظنا، أي سواء كان دخوله يقينا أو كان ظنا، فيما إذا اشتبه عليه الوقت أدخل أم لا، فاجتهد فأداه اجتهاده إلى دخوله. وعبارة المنهج القويم: ودخول الوقت لدائم الحدث أو ظن دخوله. اه‍. وهي ظاهرة، تأمل. (قوله: فلا يتوضأ) أي دائم الحدث. وقوله: كالمتيمم أي حال كونه كالمتيمم، فإنه يشترط في تيممه دخول الوقت سواء كان دائم الحدث أم لا.

(قوله: أو نفل مؤقت) كالكسوفين والعيدين. (قوله: قبل وقت فعله) متعلق بيتوضأ. (قوله: ولصلاة جنازة) أي ولا يتوضأ لصلاة جنازة قبل غسل الميت لان وقتها إنما يدخل بعده. (قوله: وتحية قبل دخول المسجد) أي ولا يتوضأ لصلاة التحية قبل دخول المسجد. (قوله: وللرواتب المتأخرة قبل فعل الفرض) أي ولا يتوضأ قبل فعل الفرض لاجل الرواتب، أي بقصد استباحة فعل الرواتب. فلو توضأ لاجل ذلك لم يصح وضوءه أصلا لان وقتها إنما يدخل بعد فعل الفرض. واعلم أن دائم الحدث - كالمتيمم - يستباح له بوضوئه للفرض أن يصلي الفرض وما شاء من النوافل، وإذا علم ذلك فلا ينظر لمفهوم قوله ولا يتوضأ للرواتب قبل الفرض من أنه يتوضأ لها بعده. (قوله: أو تيممان) هو ساقط في بعض نسخ الخط، وهو أولى، لان التيممين يلزمان دائم الحدث والسليم. تأمل. (قوله: أحدهما) أي أحد الوضوأين أو التيممين - على ما في بعض النسخ - يكون للخطبتين لان الخطبة، وإن كانت فرض كفاية هي قائمة مقام ركعتين فالتحقت بفرائض الاعيان

(قوله: والآخر بعدهما) أي والوضوء أو التيمم الآخر يكون بعد الخطبتين لاجل صلاة الجمعة. (قوله: ويكفي واحد لهما لغيره) أي غير دائم الحدث، وهو السليم. وصريحه أنه يكفي وضوء واحد أو تيمم واحد للخطبتين والجمعة لغير دائم الحدث، وليس كذلك بالنسبة للتيمم كما علمت، فيتعين حمل قوله واحد على خصوص الوضوء، (قوله: ويجب عليه الوضوء إلخ) أي ويجب على دائم الحدث الوضوء لكل فرض ولو منذورا، فلا يجوز أن يجمع بوضوء واحد بين فرضين، كما أنه لا يجوز أن يجمع بتيمم واحد بينهما. وسيأتي تفصيل ما يستباح للمتيمم من الصلوات وغيرهما بتيممه في بابه، ويقاس عليه دائم الحدث في جميع ما يأتي فيه. (قوله: وكذا غسل الفرج إلخ) أي وكذا يجب على دائم الحدث إلخ. وحاصل ما يجب عليه - سواء كان مستحاضة أو سلسا - أن يغسل فرجه أولا عما فيه من النجاسة، ثم يحشوه بنحو قطنة - إلا إذا تأذى به أو كان صائما - وأن يعصبه بعد الحشو بخرقة إن لم يكفه الحشو لكثرة الدم، ثم يتوضأ أو يتيمم، ويبادر بعده إلى الصلاة، ويفعل هكذا لكل فرض وإن لم تزل العصابة عن محلها. وقوله: التي بفمه أي الفرج. وقوله: والعصابة أي وإبدال العصابة، أي تجديدها. وقوله: وإن لم تزل عن موضعها أي يجب تجديدها، وإن لم تنتقل عن موضعها، وإن لم يظهر الدم مثلا من جوانبها. (قوله: وعلى نحو سلس) أي ويجب على نحو سلس. والمقام للاضمار، فلو قال: - كالذي قبله - وعليه مبادرة، لكان أولى. (وقوله: بالصلاة) أطلقها للاشارة إلى أنه لا فرق بين أن تكون فرضا أو نفلا. (قوله: فلو أخر لمصلحتها إلخ) مقابل لمحذوف تقديره فإن أخر لغير مصلحتها كأكل ضر ذلك

واستأنف جميع ما تقدم عند فعل الصلاة، فلو أخر إلخ. (قوله: كانتظار إلخ) أي وكإجابة المؤذن والاجتهاد في القبلة وستر العورة. وقوله: جماعة أي مشروعة لتلك الصلاة بأن تكون صلاتها مما يسن لها الجماعة، وإلا كالمنذورة مثلا مما لا تشرع فيه الجماعة، لا يغتفر التأخير لاجلها. وقوله: وإن أخرت أي الجماعة أو الجمعة، عن أول وقتها، فإنه لا يضر انتظارها. (قوله: وكذهاب إلى مسجد) معطوف على كانتظار. (قوله: لم يضره) جواب لو. (قوله: وفروضه إلخ) لما أنهى الكلام على شروطه شرع يتكلم على فروضه. وقوله: ستة أي فقط، في حق السليم وغيره. قال في التحفة: أربعة منها ثبتت بنص القرآن واثنان بالسنة. (قوله: أحدها نية) هي لغة: القصد. وشرعا: قصد الشئ مقترنا بفعله. واعلم أن الكلام عليها من سبعة أوجه، نظمها بعضهم بقوله: حقيقة، حكم محل وزمن كيفية شرط ومقصود حسن فحقيقتها - لغة وشرعا - ما تقدم، وحكمها الوجوب، ومحلها القلب، وزمنها أول الواجبات، وكيفيتها تختلف بحسب الابواب، وشرطها إسلام الناوي وتمييزه وعمله بالمنوي، وعدم الاتيان بما ينافيها بأن يستصحبها حكما. والمقصود بها تمييز العبادة عن العادة، كالجلوس مثلا للاعتكاف أو للاستراحة.

(قوله: أو أداء فرض وضوء) أي أو نية ذلك، بأن يقول: نويت أداء فرض الوضوء. (قوله: أو رفع حدث) أي أو نية رفع حدث، بأن تقول: نويت رفع الحدث. والمراد رفع حكمه، وهو المنع من الصلاة. وقوله: لغير دائم حدث قيد في الاخير لا غير، وخرج به دائمه فلا ينوي رفع الحدث لان حدثه لا يرتفع. (قوله: حتى في الوضوء المجدد) يعني أنه يأتي بالامور المتقدمة - أعني نية الوضوء أو أداء فرض الوضوء أو نية رفع الحدث - حتى في الوضوء المجدد، قياسا على الصلاة المعادة. وخالف في بعض ذلك الرملي، وعبارته: ومحل الاكتفاء بالامور المتقدمة في غير الوضوء المجدد. أما هو فالقياس عدم الاكتفاء فيه بنية الرفع أو الاستباحة، وإن ذهب الاسنوي إلى الاكتفاء بذلك، كالصلاة المعادة. اه‍. إذا علمت ذلك تعلم أن الغاية المذكورة للرد بالنسبة لبعضها، وكان الاولى تأخيرها عن جميع ما يأتي من صيغ النية. (قوله: أو الطهارة عنه) أي أو نية الطهارة عن الحدث. فهو معطوف على قوله وضوء. ولو قال: نويت الطهارة، من غير أن يقول عن الحدث لم يكف، لان الطهارة لغة: مطلق النظافة.

(قوله: أو الطهارة لنحو الصلاة) أي أو نية الطهارة لنحو الصلاة. وقوله: مما إلخ بيان لنحو الصلاة. والمراد كل عبادة متوقفة على الوضوء، كالطواف ومس المصحف وحمله. (قوله: أو استباحة مفتقر إلى وضوء) أي أو نية استباحة ما يفتقر إلى وضوء، بأن يقول: نويت استباحة الصلاة أو الطواف أو مس المصحف، فيأتي بإفراد هذه الكلية، ويصح أن يأتي بهذه الصيغة الكلية بأن يقول: نويت استباحة مفتقر إلى وضوء. (قوله: ولا تكفي نية إلخ) أي لانه يستبيحه مع الحدث فلم يتضمن قصده قصد رفع الحدث. اه‍ نهاية. وقال ع ش: وصورة ذلك - أي عدم الاكتفاء بالنية المذكورة - أنه ينوي استباحة ذلك، كأن يقول: نويت استباحة القراءة. أما لو نوى الوضوء للقراءة، فقال ابن حجر: إنه - أي الوضوء، لا يبطل إلا إذا نوى التعليق أولا،
بخلاف ما إذا لم ينوه إلا بعد ذكره الوضوء، لصحة النية حينئذ، فلا يبطلها ما وقع بعد. اه‍ بتصرف.

(قوله: إنما الاعمال بالنيات) أي بنياتها، (فأل) عوض عن الضمير. قال بعضهم: وآثر ذكر الاعمال على ذكر الافعال لان الاول خاص بذوي العقول، بخلاف الثاني فإنه عام فيهم وفي غيرهم. اه‍. (قوله: أي إنما صحتها) أي صحة الاعمال. والمراد بها: المعتد بها شرعا ليخرج نحو الاكل والشرب، وخروج بعض الاعمال المذكورة عن اعتبار النية فيه كالاذان والخطبة والعتق والوقف ونحو ذلك مما لا يتوقف على نية لدليل آخر. وقوله: لاكمالها أي ليس المراد إنما كمال الاعمال، كما قاله الامام أبو حنيفة، فتصح عنده الوسائل بغير نية، كالوضوء والغسل. (قوله: ويجب قرنها) دخول على المتن. وهو غير ملائم لقوله عند أول إلخ. فلو قال: ويجب وقوعها عند أول إلخ، لكان أنسب، تأمل. وقوله: عند أول إلخ إنما وجب قرنها به لاجل الاعتداد بفعله لا لاجل الاعتداد بالنية، فلا ينافي ما يأتي من أنه لو أتى بها في الاثناء كفى. وإذا سقط غسل وجهه لعلة ولا جبيرة فالاوجه - كما في التحفة - وجوب قرنها بأول مغسول من اليد، فإن سقطتا أيضا فالراس فالرجل، ولا يكتفي بنية التيمم لاستقلاله، كما لا تكفي نية الوضوء في محلها عن التيمم لنحو اليد كما هو ظاهر.

(قوله: بأثنائه) أي أثناء غسل الوجه. (قوله: كفى) أي أجزأ قرنها به. (قوله: ووجب إعادة غسل ما سبقها) أي إعادة غسل الجزء الذي غسل قبل النية لعدم الاعتداد به. (قوله: ولا يكفي قرنها بما قبله) أي بما قبل غسل الوجه من السنن، كغسل الكفين وكالمضمضة والاستنشاق. ومحل عدم الاكتفاء بقرنها بهما إن لم ينغسل معهما جزء من الوجه، كحمرة الشفتين، وإلا كفاه. وفاته ثواب السنة، كما سيذكره. وقوله: حيث لم يستصحبها أي النية، إلى غسل شئ منه، أي الوجه، فإن استصحبها كفت. (قوله: وما قارنها هو أوله) أي والجزء الذي قارن غسله النية هو أول الغسل ولو كان وسط الوجه أو أسفله. (قوله: فتفوت سنة المضمضة) أي والاستنشاق، وهو تفريع على كون ما قارن النية هو أول الغسل. (وقوله: إن انغسل معها) أي مع المضمضة، أي ومع الاستنشاق كما علمت، وإنما فاتت السنة بذلك لانه يشترط في حصولها تقدمهما على غسل الوجه، ولم يوجد. واعلم أن هذا الجزء الذي انغسل مع المضمضة أو الاستنشاق لا تجب إعادة غسله إن غسله بنية الوجه فقط، أما إذا غسله بنية المضمضة أو الاستنشاق، أو بنيتهما مع الوجه، أو أطلق، وجبت إعادته، وهذا هو المعتمد. وقيل: لا يعيده إلا إن قصد السنة فقط لا إن قصد الوجه فقط، أو قصده والسنة، أو أطلق. والحاصل أن الكلام هنا في ثلاثة مقامات: الاول في الاكتفاء بالنية. الثاني في فوات ثواب المضمضة والاستنشاق. الثالث في إعادة ذلك الجزء، وفيه تفصيل قد علمته. (قوله: فالاولى) أي لاجل أن لا تفوت عليه سنة المضمضة والاستنشاق. وقوله: أن يفرق النية أي أو يدخل الماء في محلهما من أنبوبة حتى لا ينغسل معهما شئ من الوجه. (قوله: حتى لا تفوت إلخ) علة للاولوية. وقوله: من أوله أي من أول غسل الوجه. (وقوله: وفضيلة المضمضة إلخ) أي حتى لا تفوت فضيلة المضمضة أو الاستنشاق، لما علمت من أن شرط حصولها تقدمهما على غسل الوجه. وقوله: مع انغسال الاولى بانغسال، بباء السببية.

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية