الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

باب الحج ومحرمات الإحرام

باب الحج ومحرمات الإحرام


كتاب بغية المسترشدين باعلوي الحضرمي علي المذهب الشافعي

محتويات

باب الحج

[فائدة]: الحج يكفر الصغائر والكبائر حتى التبعات على المعتمد إذا مات فيه أو بعده وقبل تمكنه من أدائه اهـ.
[فائدة]: قال الخوّاص رحمه الله: من علامات قبول حج العبد وأنه خلع عليه خلعة الرضا عنه أنه يرجع من الحج وهو متخلق بالأخلاق المحمدية، لا يكاد يقع في ذنب، ولا يرى نفسه على أحد من خلق الله، ولا يزاحم على شيء من أمور الدنيا حتى يموت، وعلامة عدم قبول حجه أن يرجع على ما كان عليه قبل الحج، كما أن من علامات مقته أن يرجع وهو يرى أن مثل حجه أولى بالقبول من حج غيره، لما وقع فيه من الكمال في تأديه المناسك وخروجه فيها من خلاف العلماء، لكن لا يدرك هذا المقت إلا أهل الكشف اهـ من خاتمة الميزان للشعراني.

(مسألة: ج): ظاهر قوله عليه الصلاة والسلام: "اللهم اغفر للحاج" الخ، أنه المتلبس بالحج لا من انقضى حجه. لكن ورد أيضاً أنه يغفر له ولمن استغفر له بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وعشراً من ربيع الأول، وفي رواية: يستجاب له من دخول مكة إلى رجوعه إلى أهله وفضل أربعين يوماً، فالمختار طلب الدعاء منه كما عليه السلف إلى الأربعين، وأولى منه أن يكون قبل دخول داره، فلو لم يدخل إلا بعد سنين استمر الحكم، والسر في ذلك وقوفه في تلك المشاعر العظام، وما يلقاه من المتاعب والمشاقّ الحاصلة له بسبب هجران الوطن مدة السفر، وعدم تغير حاله قبل الأربعين غالباً.

[فائدة]: يختص بحرم مكة اثنا عشر حكماً: تحريم الاصطياد فيه، وقطع شجره، ونحر الهدي، وتفرقة لحمه، والطعام اللازم في المنسك به إلا في حق المحصر، ولزوم المشي إليه بنذر، وكونه لا يدخل إلا بإحرام ولا يتحلل إلا فيه إلا المحصر فيتحلل حيث أحصر، وتغلظ الدية بالقتل فيه، ولا تملك لقطته، ولا يدخله مشرك أي كافر ولو كتابياً، ولا يدفن فيه، ولا يحرم فيه بالعمرة وهو عازم على أن لا يخرج إلى أدنى الحل، ولا يجب على حاضريه دم التمتع والقران اهـ شرح التحرير.

[فائدة]: نظم بعضهم حد حرم مكة المشرفة فقال:
وللحرم التحديد من أرض طيبة ** ثلاثة أميال إذا رمت إتقانه
وسبعة أميال عراق وطائف ** وجدة عشر ثم تسع جعرّانه
ومن يمن سبع بتقديم سينه ** وقد كملت فاشكر لربك إحسانه
وطول المسجد الحرام 400 ذراع، وعرضه 300، ودعائمه أي سواريه 400، أبوابه 43، ارتفاع الكعبة المشرفة 28 ذراعاً اهـ كما وجدته. وقال الكردي: وبين باب العمرة إلى أدنى الحل اثنا عشر ألفاً وأربعمائة وعشرون ذراعاً.

[فائدة]: ورد في الحديث: "ينزل ربنا تبارك وتعالى على بيته الحرام كل يوم مائة وعشرين رحمة: ستون للطائفين، وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين". وحكمة التفاضل أن الطائف يجمع بين طواف وصلاة ونظر، والمصلي فاته الطواف، والناظر فاته كلاهما اهـ فتاوى البلقيني، وقال في التحفة: والاشتغال بالعمرة أفضل منه بالطواف على المعتمد إذا استوى زمانهما اهـ.

[فائدة]: حديث: "من استطاع الحج ولم يحج مات إن شاء يهودياً أو نصرانياً" صحيح عن ابن عمر في حكم المرفوع، وهو محمول على المستحل، وعامّ في جميع المسلمين بشرط الاستطاعة اهـ فتاوى ابن حجر.
(مسألة: ب): يجب الحج على التراخي إن لم يخف العضب أو الموت أو تلف المال،فمتى أخره مع الاستطاعة حتى عضب أو مات تبين فسقه من وقت خروج قافلة بلده من آخر سني الإمكان، وتبين بطلان سائر تصرفاته مما تتوقف صحته على العدالة، كذا أطلقه ابن حجر و (م ر) وقيده ابن زياد بالعالم بالعصيان بالتأخير، وحينئذ يجب على المعضوب كورّاث الميت الاستنابة فوراً فيأثم بالتأخير.

(مسألة: ك): من شروط وجوب الحج الاستطاعة، فمن لم يستطع لم يجب عليه الحج ولا الإحجاج عنه، نعم يجوز ولو لأجنبي الإحجاج عنه لا من ماله ولو من الثلث إلا بإذن جميع الورثة المطلقي التصرف ما لم يوص به، ومن شروط الاستطاعة ظن الأمن اللائق بالسفر على نفسه وما يحتاج لاستصحابه، لا الزائد على ما يحتاجه في طريقه إن أمن عليه في محله، ولو اختص الخوف به لم يستقر في ذمته كما في التحفة، فلو خاف من رصدي يرقبه في الطريق أو البلد لأخذ شيء منه وإن قل ظلماً لم يلزمه كما أطلقه الجمهور، وكل مانع من أداء النسك مجوّز للخروج منه لأن فيه إعانة على الظلم، ولا يجب احتمال الظلم في أداء النسك، نعم في المغني أن نحو الدرهمين لا يتحلل لأجلهما، وأوجب المالكية والحنابلة بذل قليل لا يجحف، واختلف الحنفية في ذلك، وهذا أعني عدم لزوم الحج حينئذ حيث لا طريق آخر خال عن المكس، وإلا وجب سلوكه وإن بعد عن الأول جداً كعشر سنين من مكة مثلاً، كما لو أمكنه مع المحمل الكبسي أو الشامي فيعرج له، نعم لو فرض أن جميع الطرق لا تخلو عن المكس أو غلب الهلاك أو استوى الأمران فلا وجوب.

[فائدة]: من شروط الاستطاعة كون المال فاضلاً عن مؤنة من عليه مؤنتهم، وشمل ذلك أهل الضرورات من المسلمين ولو من غير أقاربه، لما ذكروه في السير أن دفع ضرورات المسلمين بإطعام جائع وكسوة عار ونحوهما فرض على من ملك أكثر من كفاية سنة، وقد أهمل هذا غالب الناس حتى من ينتمي إلى الصلاح، ويحرم عليه السفر حتى يترك لممونه قوته مدة ذهابه وإيابه، نعم يخير بين طلاق زوجته وترك مؤنتها، قاله ابن حجر اهـ باعشن.

(مسألة: ب): يلزم الشخص صرف مال تجارته وبيع عقاره في الحج، إذ يصير بذينك مستطيعاً، بخلاف كتب الفقيه، وخيل الجندي، وثياب التجمل، وآلة المحترف، وحلي المرأة اللائق بها المحتاجة للتزين به عادة، فلا يعدّ صاحبها مستطيعاً، ولا يلزمه بيعها في الفطرة ابتداء كالكفارة وثمن ما ذكر كهي، نعم يختلف الحكم في النفيس والمكرر، فإذا كان يمكنه الإبدال بلائق وإخراج التفاوت لزمه ذلك في الحج والفطرة لا الكفارة، ومتى صارت المرأة عجوزاً، لا تحتاج للحلي، ووجدت شروط الاستطاعة ببيعه لزمها بيعه والإحجاج بنفسها أو الاستنابة على ما فصل، ولو كان معه ما يكفيه للحج بنفسه لكنه أعمى أو امرأة يحتاج إلى قائد أو محرم ولم يفضل لهما شيء فعضب والمال بحاله لزمه استنابة غيره من الميقات بذلك المال، كما لو كان مع المعضوب مال يكفي أجيراً من مكة كستة قروش لزمه أن يوكل من يستأجر حاجاً من الميقات أيضاً فوراً، وإن عضب بعد التمكن وإلا فعلى التراخي، لأن الاستطاعة بالغير كهي بالنفس.

[فائدة]: امرأة لا تستطيع الركوب أو المشي في العقاب أو تستطيعه لكن بمشقة شديدة لكبر أو زمانة بأن لا تحتمل عادة جاز لها أن تستأجر من يحج عنها، كما نقله باسودان عن ابن حجر و (م ر) وقال الكردي: حد المشقة ما لا يذاق الصبر عليه اهـ.
(مسألة: ش): لا يضر الشك في نية النسك بعد الفراغ منه كالصوم بالأولى، والفرق بينهما وبين الصلاة والوضوء حيث أثر الشك فيهما على المعتمد، أن أحكام النية في نحو الصلاة أغلظ منها في النسك والصوم، وعظم المشقة في هذين، ورجح السمهودي وغيره عدم تأثير الشك بعد فراغ العبادة مطلقاً.

[فائدة]: استؤجر للحج عن غيره فقال عند تلفظه بالنية: نويت الحج وأحرمت به عن فلان، فإن كان قلبه موافقاً للسانه وقع له، وإلا فالعبرة بما في قلبه، وأصل الصيغة الصحيحة أن يقول: نويت الحج عن فلان وأحرمت به لله تعالى، اهـ فتاوى باسودان.
[فائدة]: أفتى ابن حجر بأنه لو أحرم شخص بالحج عند مجاوزة الميقات وشرط التحلل لكل عذر يعرض له دينياً أو دنيوياً أو شرطه إن وجد من يستأجره قبل التروية صح شرطه ذلك، ثم إن شرطه بلا هدي كان تحلله بالنية فقط أو بهدي لزمه اهـ.

[فائدة]: الظاهر في وضع الحجر الموجود الآن أنه على الوضع القديم فتجب مراعاته، ولا نظر لاحتمال زيادة أو نقص، نعم في كل من فتحتيه فجوة نحو من ثلاثة أرباع ذراع بالحديد خارجة عن سمت ركن البيت بشاذروانه، وداخلة في سمت حائط الحجر فهل تغلب الأولى فيجوز الطواف فيها أو الثانية فلا؟ كل محتمل والاحتياط الثاني، ويتردد النظر في الرفرف الذي بحائط الحجر هل هو منه أو لا؟ ثم رأيت ابن جماعة حرر عرض الحجر بما لا يطابق الخارج الآن إلا بدخول ذلك الرفرف، فلا يصح طواف من جعل أصبعه عليه، ولا من مس جدار الحجر الذي تحت ذلك الرفرف اهـ تحفة، ومنها ويسنّ أن يصلي بعده أي الطواف ركعتين خلف المقام الذي أنزل من الجنة ليقوم عليه إبراهيم عليه السلام، والمراد بخلفه كل ما يصدق عليه ذلك عرفاً، وحدث الآن في السقف خلفه زينة عظيمة بذهب وغيره فينبغي عدم الصلاة تحتها، ويليه في الفضل داخل الكعبة فتحة الميزاب فبقية الحجر فالحطيم فوجه الكعبة فبين اليمانيين فبقية المسجد فدار خديجة فمكة فالحرم اهـ.

[فائدة]: تكره إعادة السعي لحاج ومعتمر، اختلفوا في القارن فرجح ابن حجر في كتبه، و (م ر) في شرح الدلجية تبعاً للبلقيني عدم ندبه، وذهب الخطيب في المغني، و (م ر) في شرح الإيضاح، (وسم) وابن علان وغيرهم إلى ندبه له، ومقتضى كلامهم امتناع موالاة الطوافين والساعين، فيطوف ويسعى ثم يطوف ويسعى، وقد تجب إعادة السعي كأن بلغ أو أفاق أو أعتق بعده وأدرك الوقوف كاملاً فيعيده حينئذ قاله الكردي، قال: وذرع ما بين الصفا والمروة سبعمائة وسبعون ذراعاً بذراع اليد المعتدلة قاله ق ل اهـ.
[فائدة]: روى البيهقي أنه قال: "ما من مسلم يقف عشية عرفة فيستقبل القبلة بوجهه ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، مائة مرة، ثم يقول: اللهم صلّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، مائة مرة، ثم سورة الإخلاص مائة مرة، إلا قال الله تعالى: يا ملائكتي ما جزاء عبدي هذا؟ أشهدكم أني قد غفرت له وشفعته، ولو سألني لشفعته في أهل الموقف" اهـ.

وقال الكردي: قوله عليه الصلاة والسلام: "أفضل الدعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت لا إله إلا الله وحده" الخ، أي بعرفة وغيرها كما يدل عليه حذف الظرف، ويحتمل أنه قيد فيه لأن الأصل تشارك المتعاطفات في القيد، والأول أقرب اهـ شرح الإيضاح اهـ.
[فائدة]: يسنّ في رمي جمرة العقبة أن يجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه ويستقبلها حالة الرمي للاتباع، ويختص هذا بيوم النحر لتميزها فيه، بخلاف بقية أيام التشريق، فإن السنة استقباله القبلة في رمي الكل اهـ تحفة.

[فائدة]: من شروط النفر الأول أن يكون بعد جميع الرمي، فلا بد لمن رمى جمرة العقبة حينئذ أن يعود إلى منى ليكون نفره منها بعد جميع الرمي لأنها خارج منى وإلا لم يصح نفره الأول، وأن ينوي النفر مع الخروج من منى، وأن ينفر في اليوم الثاني وبعد الزوال، وأن يكون قد بات الليلتين قبله، وأن ينفر قبل الغروب، فلو غربت وهو في شغل الارتحال أو عاد بعد الغروب إلى منى لحاجة لزمه المبيت ورمى غده قاله (م ر) . وقال ابن حجر: لا. اهـ. كردي. وقال السيوطي: وسميت جماراً لأن آدم كان يرمي إبليس فيجمر من بين يديه أي يسرع اهـ.

محرمات الإحرام وأحكام الدماء

[فائدة]: محرمات الإحرام على أربعة أقسام أولها ما أبيح للحاجة ولا دم فيه ولا إثم وهو سبعة عشر: لبس السراويل لفقد الإزار، ونحو الخف المقطوع لفقد النعل، وعقد الخرقة على ذكر سلس لم يستمسك إلا بذلك، واستدامة ما لبد به شعره قبل الإحرام حيث كان ساتراً، أو ما تطيب به قبل الإحرام، وحمل مسك بيده بقصد نقله إن قصر الزمن، وتأخير إزالة الطيب بعد تذكر الناسي لحاجة كأن كان لغيره وخاف فوته، وإزالة الشعر مع جلده، والنابت في العين والمغطي لها، والظفر بعضوه أو المؤذي بنحو انكساره، وقتل صائل ولو على نحو اختصاص، ووطء جراد عم المسالك ولم يكن بدّ من وطئه، والتعرض لبيض الصيد وفرخه إذا وضعهما في فرشه ولم يمكن دفعه إلا بالتعرض أو انقلب عليهما نائماً ولم يعلم بهما، أو خلصه من سبع ليداويه فمات، أو تطيب، أو دهن، أو لبس، أو جامع سهواً أو جهلاً بشرطه أو مكرهاً، أو لم يعلم أن مماسه طيب أو أنه يعلق، أو حلق أو قلم، أو قتل صيداً صبي أو مجنون أو مغمى عليه ولا تمييز لكل.

ثانيها: ما فيه إثم ولا فدية وهو خمسة عشر: عقد النكاح للمحرم، وإذنه فيه لعبده أو موليه، وتوكيله فيه، ولا ينعقد في الكل، والمباشرة، والنظر بشهوة، والإعانة على قتل الصيد والدلالة عليه، وإعارة آلة الاصطياد، وأكل ما صيد له أو تسبب فيه، وتملك الصيد بنحو شراء أو هبة مع القبض ولم يتلف، واصطياده إذا لم يتلف أيضاً، وتنفيره إذا لم يمت، أو مات بآفة سماوية، وإمساكه صيد المحرم، وفعل شيء من محرمات الإحرام بميت محرم. ثالثها: ما فيه الفدية ولا إثم وهو عشرة: احتياج الرجل إلى ستر رأسه، أو لبس المحيط في بدنه لحر أو برد أو مرض أو مداواة، أو فجأة حرب ولم يجد ما يدفع به العدوّ ونحو ذلك، واحتياج المرأة إلى ستر وجهها ولو لنظر أجنبي، أو احتياج إلى إزالة الشعر لنحو قمل وحرّ ومرض، أو لبد رأسه ولزمه غسل ولم يمكنه بلا حلق، أو أزال المميز شعره أو ظفره جاهلاً أو ناسياً للإحرام، أو نفر صيداً بلا قصد وتلف بلا آفة سماوية قبل أن يرجع إلى محله سالماً، أو يسكن غيره ويألفه، أو ركب شخص صيداً وصال على محرم ولم يمكن للمحرم دفعه إلا بقتل الصيد ويرجع المحرم في هذه بما غرمه على الصائل، أو اضطر المحرم إلى ذبحه لشدّة الجوع، أو ركب دابة أو قادها أو ساقها فرفست صيداً أو عضته من غير تقصير، أو بالت في الطريق فزلق ببولها صيد فهلك، كما اعتمده ابن حجر وغيره، واعتمد (م ر) عدم الضمان في هذه. والحاصل في هذا القسم أن كل ما فعله للحاجة المبيحة لفعله وهي المشقة الشديدة، وإن لم تبح التيمم ففيه الفدية ولا إثم. رابعها: سائر المحرمات غير ما مر اهـ كردي.

(فرع): الحاصل أن ما كان من الإتلاف من هذه المحرمات كقتل الصيد أو أخذ طرف من الإتلاف وطرف من الترفه كإزالة الشعر والظفر فيضمن مطلقاً، لا فرق فيه بين الناسي والجاهل وغيرهما، وما كان من الترفه المحض كالطيب فيعتبر في ضمانه العقل والاختيار والعلم اهـ شرح الروض. واعلم أن قتل الصيد والجماع كبيرة، وفعل غيرهما من المحرمات صغيرة اهـ باعشن.

(فرع): مما يغفل عنه كثيراً تلويث الشارب والعنفقة بالدهن عند أكل اللحم فإنه مع العلم والتعمد حرام فيه الفدية اهـ نهاية، ولا يحرم دخوله في كيس النوم إن لم يستر رأسه إذ لا يستمسك عند قيامه اهـ باعشن. وينبغي أن من أحرم وفي ملكه بيض نعام مذر أو جلدة فرو أنه لا يخرج عن ملكه لأنه جماد، كما يحل للمحرم لحم صيد لم يصد له ولا دل عليه اهـ كشف الحجاب.

(مسألة): حلق رأس محرم لم يدخل وقت تحلله بغير اختياره ولم يقدر المحرم على دفعه أثم ولزمته الفدية وللمحرم مطالبته بإخراجها، فإن أخرجها المحرم بإذن الحالق جازت وإلا فلا، قاله في التحفة والنهاية. أما من دخل وقت تحالمه فالإثم على الحالق بغير إذنه ولا فدية، إذ لا تجب الفدية إلا حيث لزمت المحرم لو فعل بنفسه قاله في حاشية الإيضاح، وهل يجزىء المحلوق حينئذ عن إزالة الشعر الواجب الظاهر لا لعدم الإذن والفعل كما في الوضوء.

[فائدة]: نظم ابن المقري دماء النسك فقال:
أربعة دماء حج تحصر ** فالأول المرتب المقدر
تمنع فوت وحج قرناً ** وترك رمي والمبيت بمنى
وتركه الميقات والمزدلفة ** أو لم يودع أو كمشي أخلفه
ناذره يصوم إن دماً فقد ** ثلاثة فيه وسبعاً في البلد
والثاني ترتيب وتعديل ورد ** في محصر ووطء حج إن فسد
إن لم يجد قوّمه ثم اشترى ** به طعاماً طعمة للفقرا
ثم لعجز عدل ذاك صوما ** أعني به عن كل مدّ يوما
والثالث التخيير والتعديل في ** صيد وأشجار بلا تكلف
إن شئت فاذبح أو فعدل مثل ما ** عدّلت في صورة ما تقدما
وخيرن وقدرن في الرابع ** فاذبحه أو جد بثلاث آضع
لشخص نصف أو فصم ثلاثاً ** تجتثّ ما اجتثثته اجتثاثا
في الحلق والقلم ولبس دهن ** طيب وتقبيل ووطء ثني
أو بين تحللي ذوي إحرام ** هذي دماء الحج بالتمام

وحاصل ما ذكره أن دماء الحج إما على الترتيب أو على التخيير،وكل منهما إما مقدر أو معدل، ومعنى المرتب ما لا يجوز العدول عنه إلى غيره مع القدرة عليه، والمخير ما يجوز، والمقدر ما قدر الشارع بدله بشيء محدود، والمعدول ما أمر فيه بالتقدير والعدول إلى غيره، فالترتيب والتخيير لا يجتمعان، وكذا التقدير والتعديل اهـ.

(مسألة: ش): آفاقي اعتمر في غير أشهر الحج، ثم اعتمر فيها أيضاً، ثم حج من عامه لزمه دم التمتع، سواء كان الإحرام بالعمرة بقرب مكة أم لا، جاوز الميقات مريداً للنسك أم لا على المعتمد، إذ شرط عدمه الاستيطان بالفعل لا بالنية حال الإحرام، ولو أحرم آفاقي بعمرة في أشهره ثم قرن من عامه لزمه دمان خلافاً للسبكي اهـ. قلت: وهل يتكرر الدم بتكرر العمرة في أشهر الحج أم لا؟ واعتمد في التحفة وحاشية الإيضاح عدم التكرر، وقال في النهاية: ولو كرر المتمتع لعمرة في أشهر الحج أفتى الريمي صاحب التفقيه شرح التنبيه بالتكرر، وأفتى بعض مشايخ الناشري بعدمه، قال أي الناشري: وهو الظاهر اهـ. قال ع ش: قوله وهو الظاهر هو المعتمد.

(مسألة: ب) يلزم من فاته الوقوف أن يتحلل بأعمال عمرة فيأتي بأركانها مع نية التحلل بها ما عدا السعي إن قدمه بعد طواف القدوم، ولا ينقلب عمرة بنفس الفوات، ولا تجزيه عن عمرة الإسلام، ويلزمه القضاء فوراً مع الهدي، وإن كان حجه تطوعاً ما لم ينشىء الفوات عن حصر بأن أحصر فسلك طريقاً أخرى ففاته الحج وتحلل بعمرة فلا قضاء حينئذ لأنه بذل وسعه، ولو ترك ركناً غير الوقوف لم يتحلل إلا بالإتيان به ولو بعد مدة طويلة، سواء أمكنه فعله أم لا، كحائض لم يمكنها الطواف ولا تلزم الجاهل الواطىء قبل التحلل كفارة ولا فساد لعذره اهـ. وعبارة التحفة من فاته الوقوف بعذر أو غيره تحلل فوراً وجوباً لئلا يصير محرماً بالحج قبل أشهره، فلو استمر على إحرامه إلى قابل لم يجزه الإحرام للحج القابل، ثم إن لم يمكن عمل عمرة تحلل بحلق ثم ذبح كالمحصر، وإن أمكنه فله تحللان: أولهما بواحد من الحلق أو الطواف المتبوع بالسعي إن لم يقدمه وفات بفوات الوقوف. وثانيهما بطواف وسعي وحلق مع نية التحلل، وأفهم المتن والأثر أنه لا يلزمه مبيت منى ولا رمي اهـ ومثله النهاية.

[فائدة]: تعتبر قيمة المثلى والطعام في الزمان بحالة الإخراج على الأصح، وفي المكان بجميع الحرم لأنه محل الذبح لا بمحل الإتلاف على الذهب، وغير المثلى تعتبر قيمته في الزمان بحالة الإتلاف لا الإخراج على الأصح، وفي المكان بمحل الإتلاف لا بالحرم على المذهب أيضاً اهـ إقناع.

[فائدة]: يجب صرف الدم الواجب إلى مساكين الحرم حتى نحو جلده، وتجب النية عند التفرقة، وتجزي قبلها بقيدها السابق في الزكاة، وظاهر كلامهم أن الذبح لا تجب له نية وهو مشكل بالأضحية، إلا أن يفرق بأن القصد هنا إعظام الحرم بتفرقة اللحم فيه، فوجب اقترانها بالمقصود دون وسيلته، وثم إراقة الدم لكنها فداء عن النفس، ولا تكون كذلك إلا إن قارنت نية القربة ذبحها فتأمله اهـ تحفة.

أحكام التأجير في النسك والوصية به

[فائدة]: قال في شرح مناسك النووي: قولهم يحرم نقل تراب الحرم وحجره إلى الحل محله لغير التداوي كتراب حمزة للصداع، وكذا للحاجة كالشجر اهـ.
(مسألة: ب): استأجر من يحج عن الميت من تركته وليس نحو وصي ولا وارث، فإن علم الأجير فلا أجرة، وإن جهل لزمت المؤجر ولا يرجع بها على التركة، وفي الحالين يقع الحج للميت ويبرأ عن حجة الإسلام.

(مسألة): استأجر الوصي شخصاً للحج عن الميت زيد بن سالم إجارة ذمية بأجرة معلومة، فاستأجر الأجير آخر أن يحج عن عمرو بن سالم غلطاً، فنوى الأجير عند الإحرام عمراً المستأجر عنه لم يقع عن زيد بل يقع للأجير، إلا إن كان هناك شخص اسمه عمرو بن سالم وقصده الأجير، والحال أنه ميت عليه حج، أو معضوب أذن لمن يحج عنه فيقع له ولا أجرة عليه ولا على تركته، نعم إن قصد الأجير الأول عند استئجار الثاني عن عمرو بن سالم أي الذي استؤجرت منه، وقصده الأجير الثاني أيضاً عند النية صح ووقع لزيد، وهذا كما لو نسي اسم المستأجر له فنوى الحج عمن استؤجر عنه، ولا يضر الغلط في الاسم إذا كان ثم قرينة تصرفه، كما لو قال: أصلي خلف زيد هذا أو الذي في المحراب عمراً فبان، وحيث قلنا يقع الحج لزيد فبالمسمى إن صحت الإجارة وإلا فبأجرة المثل، وحيث لم يقع له فبأجرة المثل على الأجير الأول لتغريره الأجير الثاني،

ولا يلزم الوصي شيء لعدم تقصيره، بل تبقى الحجة معلقة بذمة الأجير الأول، فيلزمه الإحجاج ثانية عن الميت بنفسه أو بغيره، وهذا كما لو وكل شخصاً يستأجر حاجاً عن ميته فاستأجره، ثم ادعى الموكل فسخ الوكالة قبل الاستئجار وأقام بينة بذلك، فعليه يعني الموكل أجرة المثل للحاج لتغريره، فإن لم يقم بينة فبالمسمى ويقع في الصورتين للميت، كما لو أجر آخر عن حج تطوّع عن ميت لم يوص به فتلزمه أجرة المثل، وكما لو أجر المعضوب من يحج عنه ثم حضر معه وحج فيقع حج الأجير له، لكن يلزم المعضوب المسمى لتقصيره بحضوره مع الأجير، بخلاف ما لو برىء المعضوب بعد حج الأجير فيلزمه الحج بنفسه، ولا أجرة للأجير لعدم تقصير المعضوب حينئذ، وما لو أجر الوصي حاجاً عن موصيه الميت فأحرم ولد الموصي مثلاً عن أبيه قبل إحرام الأجير فيقع حج الأجير له، ولا أجرة له على أحد لعدم التقصير منهم ولا شيء للولد أيضاً اهـ. ذكر جلّ ذلك الكردي في رسالة له في الحج عن الغير عن فتاوى ابن حجر.

(مسألة: ب): أفتى بعض المحققين بأن الأولى للوصي الاستئجار عن الميت دون المجاعلة، لأن الأول عقد لازم لا يتمكن الأجير من فسخه، بخلاف الجعالة فالأمر فيها إلى رأي المجاعل، فقد يختار الترك بعد لزوم العقد، وأفتى أبو مخرمة بعدم قبول قول المجاعل: حججت إلا ببينة، إذ لا يستحق الجعل إلا بتمام العمل، ولا تثبت دعواه التمام إلا بالبينة، ويقبل قول الأجير: حججت بيمينه، وأما الزيارة فأعمالها محسوسة، فلا يقبل قول الأجير ولا المجاعل بل لا بد من البينة، ولو جوعل على النسكين والزيارة فتركها ولو بعذر انحط قسطها باعتبار المسافة والأعمال ويختلف باختلاف الأماكن، فبالنسبة لنحو الشجر ينحط نحو الثلث وحضرموت الربع تقريباً.

(مسألة: ب): لا تجوز الاستنابة لإتمام أركان الحج ولو بعذر كموت ومرض، بل لا يجوز البناء على فعل نفس الشخص فيما لو أحصر فتحلل ثم زال العذر فلا يبنى على فعله، فلو استؤجر للنسكين فأحرم من الميقات ومات يوم النحر قبل طواف الإفاضة استحق من المسمى بقدر ما عمله مع حسبان السير، فيقسط المسمى من ابتداء السير على أعمال الحج والعمرة، ففي هذه الصورة يستحق غالبه، لأنه لم يبق إلا طواف الإفاضة والعمرة وقسطهما من المسمى بالنسبة لما قد فعله مع اعتبار قسط السير قليل، ولعل أن يرشد المؤجر ووارث الأجير على أن يخرجوا قدر حجة من الميقات عن المحجوج عنه ويفوز الأجير بالباقي، ولو شرط على الأجير أن لا أجرة إلا إن كمل أعمال الحج فسدت الإجارة ولزم أجرة المثل، فلو مات في الأثناء استحق القسط كما ذكر لعدم تقصيره.

(مسألة: ب): استطاع ولم يحج حتى مات لزم الإحجاج عنه بأجرة المثل من ميقات بلده إن خلف تركة أوصى بذلك أم لا؟ فإن أوصى بزائد على أجرة المثل فالزيادة من الثلث كحجة أوصى بها وهو غير مستطيع، ولا ينفذ تصرف الوارث في شيء من التركة قبل الإحجاج عنه، كإيفاء جميع الديون المتعلقة بالتركة، وهذا مما يغفل عنه كثيراً فينبغي التفطن له.

(تتمة): تنقسم الإجارة في النسك إلى عين وذمة ويشتركان في شروط، وينفرد كل بشروط، وتحصل إجارة العين بنحو: استأجرتك أو اكتريت عينك لتحج عني أو عن مورّثي، أو فلان بكذا، ولها شروط منها أن يباشر الأجير عمل النسك المستأجر عليه بنفسه، وأن يعين السنة الأولى من سني إمكان الحج من بلد الإجارة أو يطلق ويحمل عليها، وأن يعقدها للحج حال خروجه أو مع أسبابه، فلو جد في السير فوصل الميقات قبل أشهره بطلت إذ شرط العمل التوالي.

أما العمرة فسائر السنة، وأن لا يشترط تأخير العمل، وأن يقدر الأجير على الشروع في العمل عقب الإجارة بأن لا يقوم به مانع، وأن تتسع المدة لإدراك الحج بعد، فلو ظن اتساعه فبان خلافه لم تصح، وأن يكون الأجير قد حج عن نفسه، وأن لا يخالف في كيفية أداء ما استؤجر عليه، فلو أبدل بقران أو تمتع إفراداً أو بإفراد تمتعاً انفسخت في العمرة، أو بقران تمتعاً انفسخت في الحج، أو بإفراد قراناً انفسخت فيهما، وأن لا يفسد الأجير نسكه، ولا يؤخر الإحرام عن أوّل سني الإمكان، ولا يموت قبل إكمال الأركان، ولا يقع عليه حصر يتحلل منه، ولا يفوته الحج، ولا ينذر النسك قبل الوقوف أو قبل الطواف في العمرة، وتحصل إجارة الذمة بنحو: ألزمت ذمتك تحصيل حجة لي أو لفلان بكذا، وتختص بشرطين فقط: حلول الأجرة وتسليمها في مجلس العقد، فلا تنفسخ بإفساده النسك وإحصاره وغيرهما مما مرّ، وله الاستنابة ولو بشيء قليل وأخذ الزائد، نعم لا تصح الاستنابة إلا من عدل،

وأما وكلاء الأوصياء في الاستئجار فيلزمهم الاستئجار بكل المال المدفوع إليهم وإلا فسقوا وعزروا، وكذا الوصي إن علم بحالهم كالفقيه العاقد بينهما، ويشترط لكل منهما علم المتعاقدين أعمال النسك عند العقد أركاناً وواجبات وسنناً على تردد، فيما المراد بالسنن وقصد النسك عمن استؤجر له، فلا بد من نوع تعيين له عند العقد والإحرام، وكون الأجرة معلومة كالثمن واستجماع العاقدين ما شرط في البائع والمشتري من التكليف والرشد الاختيار إلا ما استثني، وفي الأجير لفرض النسك خاصة البلوغ والحرية لا الذكورة، وكون المحجوج عنه ميتاً أو معضوباً بإذنه، وبيان أنه إفراد أو غيره إن استؤجر لهما أو لمطلق النسك فإن أبهم بطل، لكن يقع للمستأجر بأجرة المثل،وأن لا يشترط على الأجير مجاوزة الميقات بلا إحرام، وأن يكون الأجير ظاهر العدالة ما لم يعينه الموصي أو المعضوب مع العلم بحاله، وأن يكون المستأجر له مما يطلب فعله من المحجوج عنه، وأن يكون بين المعضوب ومكة مسافة القصر، وأن يوصي الميت بالنسك إن كان تطوّعاً، وأن لا يتكلف المعضوب الحج ويحضر مع أجيره، وإلا انفسخت ووقع للأجير واستحق الأجرة، وأن لا يشفى المعضوب من عضبه وإلا بان للأجير ولا أجرة، فتحصل أن شروط العينية ثمانية وعشرون،

والذمية ستة عشر، وأما الجعالة للنسك فتجامع الإجارة في أكثر الأحكام، وتفارقها في جوازها على عمل مجهول ومع غير معين، وكونها جائزة من الطرفين، وعدم استحقاق العامل الجعل إلا بتمام العمل، فلو مات أثناء النسك لم يستحق شيئاً، ولا يقبل قوله إلا ببينة، وإلا حلف المجاعل إنه لا يعلمه حج، وهي عينية كجاعلتك لتحج، وذمية كألزمت ذمتك تحصيل حجة، ففي الأولى لا بد أن يعين أوّل سني الإمكان أو يطلق وإلا لم يصح إلى آخر ما مر، ولا تصح الإجارة على زيارة قبر النبي ما لم تنضبط كأن كتب له بورقة، نعم تصح على تبليغ السلام عليه ، وتصح الجعالة على الدعاء لا الوقوف عند القبر اهـ. قلت: وقوله في شروط الإجارة وببيان أنه إفراد الخ، نعم نقل الكردي عن المجموع والعباب أنه لو قال: أجرتك إفراداً، وإن قرنت أو تمتعت فقد أحسنت جاز وتخير الأجير، وحينئذ ففيه فسحة للمستأجرين في التخيير، وقوله: وأن يكون بين المعضوب ومكة مسافة القصر، نعم إن تعذر حجه وعجز عنه بالكلية جازت الاستنابة ولو بمكة، قاله في الفتح ومختصر الإيضاح و (م ر) وعبد الرؤوف خلافاً للتحفة. وقوله في الجعالة الذمية: ألزمت ذمتك الخ تقدم في إجارة الذمة أن هذه صيغتها، فليحرر.

(مسألة: ك): أوصى بحجة الإسلام ثم حج لم تبطل وصيته، بخلاف ما لو أوصى بحجة ولو لمعين فحج عنه غيره تطوّعاً، أو استأجره الوصي بمال نفسه أو بغير جنس الموصى به أو صفته فتبطل الوصية، وعلى الوصي في الثانية بأقسامها أجرة الأجير من ماله، كما في التحفة والنهاية. والفرق أنه في الثانية لما مات قبل الحج انصرفت الوصية لحجة الإسلام، فلما تبرع عنه سقطت وتعذر تنفيذ الوصية، وأما الأولى فإنما تعتبر الوصية عند الموت وليس عليه حجة الإسلام فانصرفت إلى غيرها وتعتبر من الثلث حينئذ.

(مسألة: ش): أوصى بحجتين لغير وارث وعينهما في قطعة أرض تعينت إن وسعها الثلث زادت على أجرة المثل ووجبت الحجتان أم لا، نعم الزائد على أجرة المثل وصية تحتاج إلى قبول، ثم إن قال: تباع ويصرف ثمنها باعها الوارث، ثم الحاكم إن لم يكن وصي، وإن قال: تكون لمن حج في مقابل عمله دفعت له، بل للموصى له الاستبداد بقبضها بعد الحجتين إن كانت معينة معلومة، وإن لم تخرج القطعة من الثلث اعتبرت من رأس المال إن وجبت الحجتان ولم تزد على أجرة المثل، وإلا اعتبر الزائد وما قابل المندوبة من الثلث فيما لو كانت إحداها واجبة.

(مسألة: ش): قول الشخص: العقار الفلاني لك يا فلان صريح إقرار إن اقتصر عليه، فإن زاد من مالي فكناية وصية إذ يحتملها والهبة الناجزة، فإن لم تعلم له نية لم تثبت، وإن زاد وصية أو بعد موتي متصلاً باللفظ كان صريح وصية، ثم لو زاد على ما ذكر وتسلم أجرة حجتين منك لي ولابن عمي نظر، فإن قال: أردت أن الوصية في مقابلة الحجتين، أو ادعى الوارث إرادة الميت ذلك وصدقه الموصى له، أو اطرد العرف باستعمالهم صيغة الإخبار وهي وتسلم الخ بمعنى على أن تسلم ونحوها من الأدوات الإلزامية استحق العقار كله بالقبول بعد الموت وتسليم أجرة حجتين إن خرج من الثلث مطلقاً، وكذا إن زاد وكان أجرة المثل وقد لزمته الحجتان، أما تصوير وجوب حجته فواضح، وأما حجة ابن عمه كأن لزمته باستئجارها أو بإرثه له وقد خلف تركة وعليه حج، فإن كانتا مندوبتين حسبتا من الثلث، فلو لم يسلمهما الموصى له ولو بعذر كأن بادر آخر ولو أجنبياً بأدائهما بطلت الوصية لفوات شرطها، وإن أتى بإحداهما استحق قسطها من العقار فقط، وإن ترك الآخر بعذر بأن لم يصح الإيصاء كأن كان ابن العم قد حج ولم يوص بالتطوّع، وإن شك في قوله وتسلم الخ ولا عرف حمل على الوصية فيستحقها وإن لم يسلم الأجرة، نعم إن قال الموصي: هو لك في مقابلة ما تؤديه من أجرة الحجتين لم يستحق إلا بذلك.

(مسألة: ب ك): أوصى بحجة ألف درهم، فإن زادت على أجرة المثل وخرجت من الثلث وجب الاستئجار بجميعها، ولا يجوز نقص الأجير عنها، سواء عينه الموصي أو عين القدر فقط، بل لو استأجر بدون المعين وجب دفع الزائد، هذا إن لم يكن الأجير وارثاً، وإلا توقف الزائد على أجرة المثل على الإجازة، وإن كانت الألف أجرة المثل فما دونها جاز الاستئجار ببعضها إذا استجمع الأجير شروط الحج عن الغير ويكون الباقي تركة. زاد ب: ثم إن وجد عدل أو أمثل فيما إذا عم الفسق كما هو الغالب يحج من بلد المحجوج عنه بتلك الأجرة تعين رعاية لمصلحة الميت، إذ ثواب السير من البلد محسوب للمحجوج عنه بدليل توزيع الأجرة عليه وعلى الأعمال، وإن لم يجد نحو الوصي حاجاً بتلك الصفة إلا من اليمن أو الميقات بل أو نحو مكة، الظاهر جواز الاستئجار بل وجوبه نظراً لمصلحة الميت.

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية