الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

فضل صلاة المرأة في بيتها

فضل صلاة المرأة في بيتها

فضل صلاة المرأة في بيتها
االعودة إلي كتاب عقود اللجين للنووي البنتني

محتويات

الفَصْلُ الثَالِثُ فِيْ فَضْلِ صَلاَةِ الْمَرْأَةِ فِيْ بَيْتِهَا وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِيْ الْمَسْجِدِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(رُوِيَ عَنِ امْرَأَةِ حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ) نسبة إلى بنى ساعدة، قوم من الخزرج (أَنَّهَا جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَكَ، قَالَ) صلى الله عليه وسلم (عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّيْنَ الصَلاَةَ مَعِيْ، وَصَلاَتُكِ فِيْ بَيْتِكِ) أي موضع بيتك الذي تنامين فيه (خَيْرٌ مِنْ صَلاَتِكِ فِيْ حُجْرَتِكِ) بضم الحاء، وهو: كل موضع حُجر عليه بالحجارة (وَصَلاَتُكِ فِيْ حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلاَتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلاَتُكِ فِيْ دَارِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلاَتِكِ فِيْ مَسْجِدِيْ) وذلك لطلب زيادة الستر في حقها. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لأَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ فِيْ بَيْتِهَا خَيْرٌ لَهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِيْ حُجْرَتِهَا، وَلأَنْ تُصَلِّيَ فِيْ حُجْرَتِهَا خَيْرٌ لَهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِيْ الدَاِر، وَلأَنْ تُصَلِّيَ فِيْ الدَاِر خَيْرٌ لَهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِيْ الْمَسْجِدِ}. رواه البيهقي عن عائشة. وقال صلى الله عليه وسلم: {صَلاَةُ المَرْأَةِ في بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا في حُجْرَتِهَا، وَصَلاَتُهَا في مُخْدَعِهَا} أي خزانتها في أقصى بيتها {أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا في بَيْتِهَا} أي صلاتها في كل ما كان أخفى أفضل لتحقق أمن الفتنة. رواه أبو داود عن ابن مسعود، والحاكم عن أم سلمة. وقال صلى الله عليه وسلم: {صَلاَةُ المَرْأَةِ وَحْدَهَا تَفْضُلُ عَلَىْ صَلاَتِهَا فِيْ الجَمْعِ} أي جمع الرجال < ص 14 > {بِخَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ دَرَجَةً}. هذا محمول على الشابة ونحوها. رواه الديلمي عن ابن عمر.

(وَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَحَبَّ صَلاَةِ المَرْأَةِ إِلَى اللهِ فِيْ أَشَدِّ مَكَانٍ فِيْ بَيْتِهَا ظُلْمَةً. وَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا وَمَا بِهَا بَأْسٌ) الواو للحال أي والحال ليس بها ضرر (فَيَسْتَشْرِفُهَا الشَيْطَانُ) أي يرفع بصره إليعا ليغويها (فَيَقُوْلُ) أي الشيطان (لاَ تَمُرِّيْنَ عَلَى أَحَدٍ إِلاَّ أَعْجَبْتِهِ. وَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَتَلْبَسُ ثِيَابَهَا، فَيَقُوْلُ أَهْلُهَا أَيْنَ تُرِيْدِيْنَ ؟، فَتَقُوْلُ) أي المرأة (أَعُوْدُ مَرِيْضًا أَوْ أَشْهَدُ جَنَازَةً أَوْ أُصَلِّي فِيْ المَسْجِدِ. وَمَا عَبَدَتْ امْرَأَةٌ رَبَّهَا مِثْلَ أَنْ تَعْبُدَهُ فِيْ بَيْتِهَا) أي محل إقامتها.
(وَعَنْ أَبِيْ مُحَمَّدٍ الشَيْبَانِيِّ أّنَّهُ رَأَىْ عَبْدَ اللهِ) بن الشياب، وهو صحابي (يُخْرِجُ النِّسَاءَ مِنَ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، وَيَقُوْلُ: اخْرُجْنَ إِلَىْ بُيُوْتِكُنَّ) أي اخرجن من المسجد، واذهبن إلى بيوتكن (فَذَلِكَ خَيْرٌ لَكُنَّ. رَوَاهُ) أي هذا الحديث سليمانُ اللخمي (الطَبْرَانيْ فِيْ الْكَبِيْرِ) أي المعجم الكبير المصنف في أسماء الصحابة. وَرُوِيَ: {أَنَّ امْرَأَةً مَرَّتْ عَلىْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَرِيْحُهَا يعصف، فقال لَهَا أَيْنَ تُرِيْدِيْنَ يَا أمة الجبار، قَالَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ، قَالَ أو تطيبت ؟، قَالَتْ نَعَمْ، قَالَ: فَارْجِعِيْ فَاغْتَسِلِيْ، فَإِنِّيْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: "لاَ يَقْبَلُ اللهُ صَلاَةً مِنْ امْرَأَةٍ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ وَرِيْحُهَا يعصف حَتَّى تَرْجِعَ فَتَغْتَسِلَ"} هذا وليس المراد خصوص الغسل، بل إذهاب رائحتها. وقال صلى الله عليه وسلم: {الْمُخْتَلِعَاتُ وَالْمُتَبَرِّجَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ} أي اللاتي يطلبن الخلع من أزواجهن من غير عذر، واللاتي يظهرن الزينة للناس الأجانب هن امنافقات نفاقا عمليا. رواه أبو نعيم عن ابن مسعود.

(وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: بَيْنَمَا رَسُولَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ) وأصل بين أن تضاف لمتعدد غير جملة، فكفتها ما عن الإضافة للمفرد، أو عن الإضافة أصلا فصارت لمجرد الربط والمفاجأة. وإذ بعدها لمجرد تأكيد مفاجأتها. ورسول الله مبتدأ. وجالس خبره. كذا قاله شيخنا يوسف. وقال أحمد الدردير: بينما ظرف زمان تضاف إلى الجمل ثم ضمنت معنى الشرط، فلذا كانت لا بد لها من جواب، وجوابها لا بد أن يكون مقرونا بإذْ كما هنا، أو بإذا الفجائيتين، والمعنى بين أوقات كون رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد (إِذْ دَخَلَتِْ امْرَأَةٌ مِنْ مُزَيْنَةَ) بالتصغير إسم قبيلة من مُضَر، وهو مزينة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر (تَرْفَلُ) بفتح الحاء أي تطيل ثيابها (فِي زِيَنِةٍ لَهَا فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ ! انْهَوْا نِسَاءَكُمْ عَنْ لُبْسِ الزِّيَنِةِ وَالتَّبَخْتُرِ) أي تحسين المشي (فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يُلْعَنُوا، حَتَّى لَبِسَ نِسَاؤُهُمُ الزِّيِنَةَ، وَتَبَخْتَرُوا) أي مشوا متكبرين (فِي الْمَسْجِدِ"). رواه ابن ماجه. وهذه الزينة كبيرة إذا تحققت الفتنة. أما مجرد خشيتها فهو مكروه، أو مع ظنها فهو حرام غير كبيرة كما أفاده ابن حجر.

(وَقَالَ النَبِيُّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ) أي استعملت العطر، وهو الطيب. والمراد به ما يظهر ريحه (ثُمَّ خَرَجَتْ) أي من بيتها (فَمَرّتْ عَلَى قَوْمٍ) من الأجانب (لِيَجِدُوا رِيْحَهَا) علة لما قبله (فَهِيَ زَانِيَةٌ) أي كالزانية في حصول الإثم وإن تفاوت (وَكُلُّ عَيْنٍ) نظرت إلى محرَّم (زَانِيَةٌ) كما تقدم. رواه الإمام أحمد والنسائي والحاكم، عن أبي موسى الأشعري. ‏

(وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اطَّلَعْتُ) بتشديد الطاء المهملة (فِيْ الجَنّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ) وليس هذا يوجب فضل الفقير على الغني، وإنما معناه أن الفقراء في الجنة أكثر من الأغنياء فأخبر عم ذلك كما تقول أكثر أهل الدنيا الفقراء إخبارا عن الحال، وليس الفقر أدخلهم الجنة، وإنما دخلوا بصلاحهم مع الفقر، فإن الفقير إذا لم يكن صالحا لا يفضل. قال العزيزي: وظاهر الحديث تحريض على ترك التوسع من الدنيا، كما أن فيه تحريض النساء على المحافظة على أمر الدين لئلا يدخلن النار كما قال: (وَاطَّلَعْتُ في النّارِ) أي نار جهنم أي عليها (فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النّسَاءَ). رواه الإمام أحمد ومسلم والترمذي عن أنس، والبخاري والترمذي عن عمران بن حصين.

(وَذَلِكَ) أي كثرة دخول النساء في النار (لِقِلَّةِ طَاعَتِهِنَّ للهِ وَلِرَسُوْلِهِ وَلأَزْوَاجِهِنَّ وَكَثْرَةِ تَبَرُّجِهِنَّ) ولأنكفران العشير وترك الصبر عند البلاء فيهن أكثر (وَالتَبَرُّجُ هُوَ إِذَا أَرَادَتْ الْخُرُوْجَ مِنْ بَيْتِهَا لَبِسَتْ أَفْخَرَ ثِيَابِهَا) أي أعظمها (وَتَجَمَّلَتْ) أي تزينت (وَتَحَسَّنَتْ) أي اجتلبت الإضاءة (وَخَرَجَتْ تفتن النَاسَ) أي تستميلهم (بِنَفْسِهَا، فَإِنْ سَلِمَتْ فِيْ نَفْسِهَا لَمْ يَسْلَمِْ النَاسُ مِنْهَا. وَلِهذَا) أي لعدم سلامة الناس منها
(قَالَ النَبِيُّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ) أي يستقبحظهورها للرجال < ص 15 > (فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا) أي خدرها (اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ) أي رفع بصره إليها، فيوقع في الفتنة، أو المراد شيطان الإنس، سمي به على التشبيه (وَأَقْرَبُ مَا تَكُوْنُ الْمَرْأَةُ مِنَ اللهِ إِذَا كَانَتْ فِيْ بَيْتِهَا. وَفِيْ رِوَايَةٍ: الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ) أي غير وثيقة بها فساد كبير (فَاحْبِسُوْهُنَّ فِيْ الْبُيُوْتِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا خَرَجَتْ الطَرِيْقَ) أي خرجت من خدرها وأرادت أن تسلك الطريق (قَالَ لَهَا أَهْلُهَا أَيْنَ تُرِيْدِيْنَ ؟، قَالَتْ: أَعُوْدُ مَرِيْضًا وَأَشِيْعُ جَنَازَةً، فَلاَ يَزَالُ بِهَا الشَيْطَانُ حَتَّى تُخْرِجَ ذِرَاعَهَا، وَمَا الْتَمَسَتْ) أي طلبت (الْمَرْأَةُ وَجْهَ اللهِ) أي رضاه (بِمِثْلِ أَنْ تَقْعُدَ فِيْ بَيْتِهَا وَتَعْبُدَ رَبَّهَا وَتُطِيْعَ بَعْلَهَا) أي زوجها. وكان حاتم الأصم يقول: "المرأة الصالحة عماد الدين وعمارة البيت وعون على الطاعة، والمرأة المخالفة تذيب قلب صاحبها وهي ضاحكة". وكان عبد الله بن عمر يقول: "علامة كون المرأة من أهل النار أن تضحك لزوجها إذا أقبل، وتخونه إذا أدبر". وكان حاتم الأصم يقول: "من علامة المرأة

الصالحة أن يكون حبها مخافة الله، وغناها القناعة بقسمة الله وحُليّهَا السخاوة بما تملك، وعبادتها حسن خدمة الزوج، وهمتها الإستعداد للموت".
(وَمِنَ الْكَبَائِرِ) أي كبائر الذنوب (خُرُوْجُ الْمَرْأَةِ المْمُزَوّجَةِ مِنْ بَيْتِهَا) أي محل إقامتها (بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلَوْ لِمَوْتِ أَحَدِ أَبَوَيْهَا) أي لأجل جنازته.

(وَفِيْ الإِحْيَاءِ) للغزالي رحمه الله تعالى (خَرَجَ رَجُلٌ فِيْ سَفَرِهِ وَعَهِدَ) بكسر الهاء أي أوصى (إِلَى امْرَأَتِهِ أَنْ لاَ تَنْزِلَ مِنَ الْعلوِ إِلَى السفْلِ، وَكَانَ أَبُوْهَا فِيْ الأَسْفَلِ فَمَرِضَ) أي الأب (فَأَرْسَلَتْ الْمَرْأَةُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَأْذِنُ فِيْ النُزُوْلِ إِلَى أَبِيْهَا) أي لعيادته (فَقَالَ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَطِيْعِيْ زَوْجَكِ") أي ولا تنزلي (فَمَاتَ) أي الأب (فَاسْتَأْذَنَتْ) أي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في النزول لأجل شهود جنازته (فَقَالَ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَطِيْعِيْ زَوْجَكِ") في عدم النزول (فَدُفِنَ أَبُوْهَا، فَأَرْسَلَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا) أي المرأة (يُخْبِرُهَا "أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لأَبِيْهَا بِطَاعَتِهَا لِزَوْجِهَا").

أوصت امرأة بنتها، فقالت: احفظي لزوجك خصالا عشرا يكنْ لكِ ذُخْرًا، الأول والثانية: القناعة وحسن السمع له والطاعة. والثالثة والرابعة: التفقد لمواقع عينه وأنفه، فلاتقع عينه منكِ على قبيح، ولا يشمّ أنفه منك إلا طيب الريح. والخامسة والسادسة: التفقد لوقت طعامه ومنامه، فإن شدة الجوع ملهبة، وتنغيصَ النوم مغضبة. والسابعة والثامنة: الإحراز لماله والرعاية إلى حشمه وعياله. والتاسعة والعاشرة: لا تعصين له أمرا ولا تُفْشِين له سِرّا، فإنكِ إن خالفتِ أمره أوْغِرْتِ صدرَه، وإن أفشيتِ سرّه لم تأمني غدره، وإياكِ ثم إياكِ والفرحَ بين يديه إذا كان مهتما، والكآبة لديه إن كان فرحا.

(وَقَالَ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا وَزَوْجُهَا كَارِهٌ) بأن لم يرض عنها في خروجها (لَعَنَهَا كُلُّ مَلَكٍ فِيْ السَمَاءِ وَكُلُّ شَيْءٍ مَرَّتْ عَلَيْهِ غَيْرُ الجِنِّ وَالإِنْسِ حَتَّى تَرْجِعَ أَوْ تَتُوْبَ. وَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا تَرْضَى إِحْدَاكُنَّ أَيَّتُهَا النِّسَاءُ) أي نساء هذه الأمة (إنَّهَا إِذَا كَانَتْ حَامِلاً مِنْ زَوْجِهَا وَهُوَ عَنْهَا رَاضٍ) بأن تكون مطيعة له فيما يحل، ومثلها الأَمة المؤمنة الحاملة من سيدها (أَنَّ لَهَا) أي بأن لها مدة حملها (مِثْلَ أَجْرِ الصَائِمِ القَائِمِ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ) أي في الجهاد (وَإِذَا أَصَابَهَا الطَلْقُ) أي وجَعُ الولادةِ (لَمْ يَعْلَمْ أَهْلُ السَمَاءِ وَالأَرْضِ) من إنس وجِنّ وملك (مَا أُخْفِىَ) خبئَ (لَهَا مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) أي من شيء نفيس تَقرّ به عينُهَا لأجل ما أقلقها (فَإِذَا وَضَعَتْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ لَبَنِهَا جُرْعَةٌ) بضم وسكون (وَلَمْ يُمَصَّ مِنْ ثَدْيِهَا مَصَّةٌ إِلاَّ كَانَ لَهَا بِكُلِّ جُرْعَةٍ وَبِكُلِّ
مَصَّةٍ حَسَنَةٌ، فَإِنْ أَسْهَرَهَا لَيْلَةً) أي واحدة (كَانَ لَهَا مِثْلُ أَجْرِ سَبْعِيْنَ رَقَبَةً تُعْتِقُهُمْ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ) أي في طاعته (بإخْلاَصٍ) أي من غير رياء. قال المناوي: والمراد بالسبعين التكثير. ومثلُ الزوجةِ الأمَةُ المؤمنةُ الحاملُ من سيِّدها. رواه الحسن بن سفيان والطبراني وابن عساكر عن سلامةَ حاضة سيدِنا إبراهيمَ ابنِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

(وَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الرَجُلَ إِذَا نَظَرَ إِلَى امْرَأَتِهِ وَنَظَرَتْ إِلَيْهِ) بشهوة أو غيرها (نَظَرَ اللهُ تَعَالَى إِلَيْهِمَا نَظْرَةَ رَحْمَةٍ، فَإِذَا أَخَذَ بِكَفِّهَا) أي ليلاعبها أو يجامعها (تَسَاقَطَتْ ذُنُوْبُهُمَا مِنْ خِلاَلِ أَصَابِعِهِمَا) أي من بينها. والمراد صغائر الذنوب لا الكبائر. ومحل ذلك فيما إذا كان قصدهما الإعفاف أو الولد لتكثير الأمة. رواه ميسرة بن علي والرافعي < ص 16 > عن أبي سعيد الخدري.

(وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الرَجُلَ لَيُجَامِعُ أَهْلَهُ) أي زوجته (فَيُكْتَبُ لَهُ بِجِمَاعِهِ أَجْرُ وَلَدٍ ذَكَرٍ قَاتَلَ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ) أي قاتل الكفار لإعلاء دين الله (فَقُتِلَ) وإنما قال ذلك لأنه لو ولد له مثل هذا الولد لكان له أجر التسبب فيه مع أن الله تعالى خالقه زمحييه ومقوّيه على الجهاد، والذي إليه التسبب فقط فعلُهُ، وهو الوقاع، وذلك عند الإمناء في الرحم. واعلم أن في التوصل إلى الولد قربة من أربعة أوجه، الأول: موافقة محبة الله بالسعي في تحصيل الولد لبقاء جنس الإنسان. الثاني: طلب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تكثير من به مباهاته، والثالث: طلب التبرك بدعاء الولد الصالح بعده، والرابع: طلب الشفاعة بموت الولد الصغير إذا مات قبله.

{الفَصْلُ الرَابِعُ فِيْ حُرْمَةِ نَظَرِ الرَجُلِ إِلَى النِّسَاءِ الأَجْنَبِيَّاتِ وَعَكْسِهِ}
(قَالَ اللهُ تَعَالَى) في سورة الأحزاب (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا) أي شيئا من آلات البيت (فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ) أي ستر يستركم عنهن ويسترهن عنكم (وَقَالَ تَعَالَى) في سورة النور (قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) أي عما لا يحل لهم نظره (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) أي عما لا يحل لهم فعله بها (ذَلِكَ أَزْكَى) أي خير (لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُوْن) أي بالأبصار والفروج، فيجازيهم عليه (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ) أي عما لا يحل لهنّ نظره (وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) أي عما لا يحل لهن فعله بها. ‏
(وَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: النَّظْرَةُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إبْلِيسَ، فَمَنْ تَرَكَهَا) أي النظرة (خَوْفًا مِنَ اللهِ تَعَالَى) أي غضبه (أَعْطَاهُ اللهُ تَعَالَى إيمَانًا يَجِدُ حَلاَوَتَهُ) أي الإيمان (فِيْ قَلْبِهِ).
(وَقَالَ عِيْسَى عَلَيْهِ السَلاَمُ: إِيَّاكُمْ وَالنَظْرَةَ) أي اتقوا النظرةَ (فَإِنَّهَا تَزْرَعُ) أي تنبت (فِيْ الْقَلْبِ شَهْوَةً، وَكَفَى بِهَا فِتْنَةً) وهذه الجملة فعل وفاعل وتمييز.

(وَقَالَ سَعْدٌ بْنُ جُبِيْرٍ: إِنَّمَا كَانَتْ فِتْنَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَلاَمُ مِنْ أَجْلِ النَظْرَةِ) رُوي أن داود وقع بصَرُه على امرأةِ أوريا بن حنان، فمال قلبه إليها، وليس له في هذا ذنبٌ البتة. أما وقوعُ بصَره عليها بغير قصدٍ، فليس بذنب. وأما حصول الميل عقب النظر فليس أيضا ذنبا، لأن الميل ليس في وُسْعِه، فليس مكلفا به، فلما وقع في قلبه محبتها طلب من أوريا، فقال له عليه السلام: انزل عن امرأتك واكفلنيها، فاستحيا أوريا أن يزده وطلقها، وكان ذلك جائزا في شريعة داود معتادا فيما بين أمته، غيرَ مُخِلّ بالمروأة، فكان يسأل بعضهم بعضا أن ينزل عن زوجته فيتزوجها إذا أعجبته. هذا، وإن كان جائزا في ظاهر الشريعة، إلا أنه لا يليق لتركه الأفضل، ولذلك عاتبه الله على ذلك. ثم إن طلب داود امرأة أوريا لسر يعلمه الله تعالى، وهو أنه لما تزوجها أتت له بسليمان عليه السلام فهي أمه.

وروي أن داود عليه السلام تمنى يوما من الأيام منزلة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وسأل عليه السلام ربه أن يمتحنه كما امتنحهم ويعطيه من الفضل ما أعطاهم، فأوحى الله تعالى إليه: أنك تبتلى في يوم كذا فاحترس. فلما كان ذلك اليوم جاءه الشيطان، فتمثل له في صورة حمامة من ذهب، فيها من كل لون حسن، فأعجبه حسنها، فمدّ يده ليأخذها ويريها بني إسرائيل لينظروا إلى قدرة الله تعالى، فطارت غير بعيد فتبعها، فطارت من كوّة فنظر داود أين تقع، فأبصر داود امرأة في بستان تغتسل، فعجب داود من حسنها، وحانت منها التفاته، فأبصرت ظله، فنقضت شعرها فغطى بدنها، فزاده أعجابا، فسأل عنها، فقيل له: إنها امرأة أوريا، فطلب منه أن يطلفها ليتزوجها، فذلك جائز من غير نكير، إلا أن داود عليه السلام لعظم منزلته وارتفاع مرتبته وعلوّ سأنه لا ينبغي له أن يسأل رجلا ليس له إلا امرأة واحدة أن ينزل عنها فيتزوجها مع كثرة نسائه، بال كان المناسب له أن يغلب هواه ويصبر على ما امتحن به، فلذلك عاتبه الله تعالى.

(وَقَالَ دَاوُدُ لاِبْنِهِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِمَا السَلاَمُ: "يَا بُنَيَّ امْشِ خَلْفَ الأَسَدِ وَالأَسْوَدِ) أي العظيم من الحيات وفيه سواد كما في الصحاح (وَلاَ تَمْشِ خَلْفَ الْمَرْأَةِ") وقال مجاهد: "هذا إذا أقبلت المرأة جلس إبليس على رأسها فزينها لمن ينظر، وإذا أدبرت جلس على عجيزتها فزينها لمن ينظر".
(وَقِيْلَ لِيَحْيَى عَلَيْهِ السَلاَمُ) وهو لم يكن له ميل إلى أمر النساء (مَا بَدْءُ الزِنَا ؟، قَالَ: النَظَرُ) للمرأة (والتَمَنِّى) للزنا بالقلب، وزنا العين مِنْ كبار الصغائر، وهو يؤدى إلى القرب إلى الكبيرة الفاحشة، وهو زنا الفرج. ومن لم يقدر على غض بصره لم يقدر على حفظ فرجه.

(وَقَالَ الفُضَيْلُ: يَقُوْلُ إِبْلِيْسُ: هُوَ) أي النظر (قَوْسِيْ القَدِيْمَةُ وَسَهْمِيْ الذِيْ لاَ أُخْطِئُ بِهِ) أي بذلك السهم. قال بعضهم: < ص 17 >
كُلُّ الْحَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِنَ النَظَرِ >< وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْنَصْغَرِ الشُّرُرِ وَالْمـَرْأُ مَادَام ذَا عَيْنٍ يُقَلِّبُهَا >< فِيْ أَعْيُنِ الْعَيْنِ مَوْقُوْفٌ عَلَى الخَطَرِ كَمْ نَظْرَةً فَعَلَتْ فِيْ قَلْبِ صَاحِبِهَا >< فِعْلَ السِّهَامِ بِلاَ قَو}سٍ وَلاَ وَتَرِ يَسُرُّ نَاظِـرَهُ مَا ضّرَّ خَاطِـرَهُ >< لاَ مَرْحَبًا بِسُـرُوْرٍ عَادَ بالضَرَرِ (وَقَالَتْ) أم المؤمنينْ (أُمُّ سَلَمَةَ) رضي الله عنها (اسْتَأْذَنَ) عبد الله (ابْنُ أُمِّ مَكْتُوْمٍ الأَعْمَى) وهو ابن شريح بن مالك بن ربيعة. وأم مكتوم أم أبيه، واسمه عاتكة بنت عامر (عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا وَمَيْمُوْنَةُ جَالِسَتَانِ، فَقَالَ: "احْتَجِبَا"، فَقُلْنَا: أَوَ لَيْسَ بِأَعْمَى ؟) فالهمزة داخلة على مقدر، ومدخول الواو معطوف عليه أي أهو مبصر وليس بأعمى ؟ (لاَ يُبْصِرُنَا ؟، فَقَالَ: "وَأَنْتُمَا لاَ تُبْصِرَانِهِ" ؟) وهذا يدل على أنه لا يجوز للنساء مجالسة العميان، فيحرم على الأعمى الخلوة بالنساء. كذا في الإحياء. وقال ابن حجر في الزواجر: وكانت عائشة وحفصة جالستين عند النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل ابن أم مكتوم الأعمى، فأمرهما صلى الله عليه وسلم بالإحتجاب منه، فقالتا إنه أعمى لايبصرنا، فقال صلى الله عليه وسلم: {أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا ؟، ألَسْتُمَا تُبْصِرَانِ ؟}. فقوله: "أنتما" مبتدأ و "عمياوان" خبره. والمعنى: أهو غير بصير، فأنتما عمياوان ؟. (وَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَعَنَ اللهُ النَاظِرَ وَالمَنْظُوْرَ إِلَيْهِ". لاَ يَجُوْزُ لاِمْرَأَةٍ مُؤْمِنَةٍ بِاللهِ أَنْ تُظْهِرَ عَلَى كُلِّ أًَجْنَبِيٍّ أَيْ لَيْسَ بِزَوْجٍ وَلاَ مَحْرَمٍ بِنَسَبٍ) أي قرابة (أَوْ رَضَاعٍ) أو مناكحة (وَلاَ يَجُوْزُ النَظَرُ مِنْهُ إِلَيْهَا، وَلاَ مِنْهَا إِلَيْهِ) فكما يجب على الرجل أن يغض طرْفه عن النساء كذلك يجب على المرأة أن تغض طرفها عن الرجال كما قاله ابن حجر في الزواجر (وَلاَ) يجوز (المَسُّ بِالمُصَافَحَةِ أًَوْ مَعَ مُنَاوَلَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا) فإن ما يحرم نظره يحرم مسه بالأَوْلى، لأنه أبلغ في اللذّة وأغلظ، بدليل أنه لو مس فأنزل بطل صومه، ولو نظر فأنزل لم يبطل. كذا في النهاية شرح الغاية. (وَرَوَى الطَبْرَانِيُّ فِيْ الكَبِيْرِ) أي المعجم الكبير، فإن له معاجم ثلاثة كبيرا وأوسط وأصغر (عَنْ مَعْقِلِ) بفتح الميم وكسر القاف (ابْنِ يَسَارٍ) هذا الحديث: (لأَنْ يُطْعَنَ) بالبناء للمفعول (فِيْ رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ) بكسر الميم وفتح المثناة التحتية، وهو ما يخاط به كالإبرة (مِنْ حَدِيْدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لاَ تَحِلُّ لَهُ) وقال صلى الله عليه وسلم: {اتَّقُوْا فِتْنَةَ الدُنْيَا وَفِتْنَةَ النِّسَاءِ، فّإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِيْ إِسْرَائِيْلَ كَانَتْ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ}. وقال صلى الله عليه وسلم: {مَا تَرَكْتُ بَعْدِيْ فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ}. (وَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إيَّاكُمْ وَالخَلْوَةَ) أي اجتنبوا الخلوة (بِالنِسَاءِ) فوجود الأمرد والأنثى غيرُ الثقة لا يَنفى حرمةَ الخلوة، بخلاف المحرَم والرجل غير الأمرد والأنثى الثقة، فإن كلا منهم ينفى ذلك (فَوَالذِيْ) أي والله الذي (نَفْسِيْ) أي روحي (بِيَدِهِ) أي بقدرته (مَا خَلاَ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ دَخَلَ الشَيْطَانُ بَيْنَهُمَا) أي الرجلِ والمرأةِ فيوقعهما في الفتنة (وَلأَنْ يُزَاحِمَ) أي يضايق (رَجُلٌ خِنْزِيْرًا مُلَطَّخًا بِطِيْنٍ أَوْ حَمْأَ) أي طين أسود مُنْتِنٍ. و"أو" هنا للشك من الراوى (خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُزَاحِمَ مَنْكِبُهُ مَنْكِبَ امْرَأَةٍ لاَ تَحِلُّ) وقال عليه السلام: {النِسَاءُ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ، وَلَوْلاَ هَذِهِ الشَهْوَةُ لمَاَ كَانَ لِلنِّسَاءِ سَلْطَنَةٌ عَلَى الرِّجَالِ}. وقد قيل في تأويل قوله تعالى:{رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ}: "معناه: شدة الغلمة". وقد قيل: {إِذَا قَامَ ذَكَرُ الرَّجُلِ ذَهَبَ ثُلُثَا عَقْلِهِ}. (فَيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَرَادَتْ الْخُرُوْجَ أَنْ تَسْتُرَ جَمِيْعَ بَدَنِهَا وَيَدَيْهَا مِنْ أَعْيُنِ النَاظِرِيْنَْ) إذا خرجت، فيجب عليها أن تنكر على من تظن أنه يعرفها أو تعرفه. وإذا استأذن صديق لبعلها على الباب، وليس البعل حاضرا لم تستفهم، ولم تعاوده في الكلام، غيرة على نفسها وبعلها. كذا قاله الغزالي. (وَقَالَ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُتِبَ عَلَىَ ابْنِ آدَمَ) أي قضى عليه وأثبت في اللوح المحفوظ (نَصِيبُهُ مِنَ الزّنَا) أي مقدماته كما نقله العزيزي عن المناوي (مُدْرِكٌ) أي فهو مدرك (ذَلِكَ) أي ما كتب عليه (لاَ مَحَالَةَ) بفتح الميم أي لا بد ولا شك (فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النّظَرُ) إلى ما لا يحل (وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ) إلى ما لا ينبغى شرعا (وَاللّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ) بما لا ينفع دنيا ولا دينا (وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ) أي القهر والأخذ بالعنف (وَالرّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا) بضم الخاء المعجمة أي نقل الأقدام إلى مل لا يحل (وَالْقَلْبُ يَهْوَى) بفتح الواو أي يحبّ (وَيَتَمَنَّى) مالايحل (وَيُصَدّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذّبُه) أي بالإتيان بما < ص 17 > هو المقصود من ذلك، أو بالترك. رواه مسلم عن أبي هريرة. وقال عليه السلام: {لِكُلِّ ابْنِ آدَمَ حَظٌّ مِنَ الزِّنَا، فَالعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَظَرُ، وَاليَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا البَطْشُ، وَالرِّجْلاَنِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا المَشْيُ، وَالفَمُ يَزْنِيْ وَزِنَاهُ القُبْلَةُ، وَالْقَلْبُ يَهُمّ أَوْ يَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبَهُ} كذا في الإحياء.

(وَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاِبْنَتِهِ فَاطِمَةَ) رضي الله عنها (أَيُّ شَيْءٍ خَيْرٌ لِلْمَرْأَةِ ؟، فَقَالَتْ: أَنْ لاَ تَرَى رَجُلاً وَلاَ يَرَاهَا رَجُلٌ، فَضَمَّهَا إِلَيْهِ) صلى الله عليه وسلم (وَقَالَ) صلى الله عليه وسلم ("ذُرِّيَةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ") أي بعضها على دين بعض، أو بعضها من ولد بعض في التناصر كما في الخازن (فَاسْتَحْسَنَ) صلى الله عليه وسلم (قَوْلَهَا) وكان أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَسُدّون الكُوَى والثُقُبِ في الحِيْطان، لئلا تطّلع النِسْوانُ إلى الرجال، ورأى معاذٌ امرأَتَه في الكُوِّةِ فضربها.

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية