الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

آداب الصلاة والصيام

آداب الصلاة والصيام



آداب الصلاة والإمامة والقدوة والجمعة والصيام << كتاب بداية الهداية للإمام الغزالي


محتويات

آداب الصلاة

فإذا فرغت من طهارة الحدث، وطهارة الخبث، في البدن، والثياب، والمكان ومن ستر العورة من السرة إلى الركبة.. فاستقبل القبلة قائما مزاوجا بين قدميك لا تضمهما، واستو قائما، واقرأ (قل أعوذ برب الناس) تحصنا بها من الشيطان الرجيم.
وأحضر قلبك ما أنت فيه، وفرغه من الوسواس، وانظر بين يدي من تقوم، ومن تناجي، واستح أن تناجى أن تناجى مولاك بقلب غافل، وصدر مشحون بوساوس الدنيا وخبائث الشهوات.

واعلم أنه تعالى مطلع على سريرتك وناظر إلى قلبك، فإنما يتقبل الله من صلاتك بقدر خشوعك وخضوعك وتواضعك وتضرعك، واعبده في صلاتك كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

فإن لم يحضر قلبك ولم تسكن جوارحك لقصور معرفتك بجلال الله تعالى، فقدر أن رجلا صالحا من وجوه أهل بيتك ينظر إليك ليعلم كيف صلاتك، فعند ذلك يحضر قلبك وتسكن جوارحك، ثم ارجع إلى نفسك وقل: يا نفس السوء الا تستحين من خالقك ومولاك، إذ قدرت اطلاع عبد ذليل من عباده عليك، وليس بيده ضرك ولا نفعك خشعت جوارحك وحسنت صلاتك، ثم إنك تعلمين أنه مطلع عليك، ولا تخشعين لعظمته، أهو - تعالى - عندك أقل من عباده؟! فما أشد طغيانك وجهلكّ وما أعظم عداوتك لنفسك. وعالج قلبك بهذه الحيل فعسى أن يحضر معك في صلاتك؛ فإنه ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها، وأما ما أتيت مع الغفلة والسهو فهو إلى الاستغفار والتكفير أحوج.

فإذا حضر قلبك، فلا تترك الإقامة، وإن كنت وحك. وإن انتظرت حضور جماعة فأذن، ثم أقم.
فإذا أقمت فانو وقل في قلبك: أؤدي فرض الظهر لله تعالى، وليكن ذلك حاضرا في قلبك عند تكبيرك. ولا تغرب عنك النية قبل الفراغ من التكبير، وارفع يديك عند التكبير - بعد إرسالهما أولا - إلى حذو منكبيك وهما مبسوطتان، وأصابعهما منشورة، ولا تتكلف ضمهما ولا تفريجهما، بحيث تحاذى بإبهاميك شحمتى أذنيك، وبكفيك منكبيك، فإذا استقرتا في مقرهما فكبر، ثم أرسلهما برفق.
ولا تدفع يديك عند الرفع والإرسال إلى قدام دفعا، ولا إلى خلف رفعا، ولا تنفضهما يمينا ولا شمالا. فإذا أرسلتهما فاستأنف رفعهما إلى صدرك، وأكرم اليمنى بوضعها على اليسرى، وانشر أصابع اليمنى على طول ذراعك اليسرى، واقبض بها على كوعها.

وقل بعد التكبير: الله أكبر كبيرا، والحمدلله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، ثم اقرأ: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. ثم قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم أقرأ الفاتحة بتشديداتها، واجتهد في الفرق ببين الضاد والظاء في قراءتك في الصلاة، وقل آمين، ولا تصله بقولك: ولا الضالين - وصلا واجهر بالقراءة في الصبح والمغرب، والعشاء، أعني في الركعتين الأوليين إلا أن تكون مأموما واقرأ في الصبح بعد الفاتحة من السور الطوال من المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي الظهر والعصر والعشاء من أوساطه، نحو: (وَالسَماءِ ذَاتِ البُروج) وما قاربها من السور، وفي الصبح في السفر: (قُل يَأَيُها الكَافِرون)، و (قُل هُوَ الله أَحَد). ولا تصل آخر السورة بتكبيرة الركوع، ولكن افصل بينهما بمقدار سبحان الله.

وكن في جميع قيامك مطرقا، قاصرا نظرك على مصلاك؛ فذلك أجمع لهمك، وأجدر لحضور قلبك وإياك أن تلتفت يمينا وشمالا في صلاتك.
ثم كبر للركوع وارفع يديك كما سبق، ومد التكبير إلى انتهاء الركوع، ثم ضع راحتيك على ركبتيك وأصابعك منشورة، وانصب ركبتيك، ومد ظهرك وعنقك ورأسك مستويا كالصحيفة الواحدة، وجاف مرفقيك عن جنبيك والمرأة لا تفعل ذلك بل تضم بعضها إلى بعض، وقل: سبحان ربي العظيم - ثلاثا. وإن كنت منفردا، فالزيادة إلى سبع وعشرين حسنة.

ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائما، وارفع يديك قائلا: سمع الله لمن حمده، فإذا استويت قائما فقل: ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الارض وملء ما شئت من شي بعد. وإن كنت في فريضة الحج فاقرأ القنوت في الركعة الثانية في اعتدالك من الركوع.
ثم اسجد مكبرا غير رافع اليدين، وضع أولا على الأرض ركبتيك، ثم يديك ثم جبهتك مكشوفة، وضع أنفك مع الجبهة وجاف مرفقيك عن جنبيك، وأقل بطنك عن فخذيك، والمرأة لا تفعل ذلك، وضع يديك على الأرض حذو منكبيك، ولا تفرض ذراعيك على الارض، وقل: سبحان ربي الاعلى - ثلاثا أو سبعا أو عشرا، إن كنت منفردا.

ثم ارفع رأسك من السجود مكبرا حتى تعتدل جالسا، واجلس على رجلك اليسرى، وانصب قدمك اليمنى، وضع يديك على فخذيك، والأصابع منشورة، وقل: رب اغفر لي، وارحمني، وارزقني، واهدني، واجبرني وعافني واعف عني. ثم اسجد سجدة ثانية كذلك..
ثم اعتدل جالسا للاستراحة في كل ركعة لا تشهد عقبها، ثم تقوم وتضع اليدين على الأرض، ولا تقدم إحدى رجليك في حال الارتفاع، وابتدىء بتكبيرة الارتفاع عند القرب من حد جلسة الاستراحة، ومدها إلى انتصاف ارتفاعك إلى قيامك ولتكن هذه الجلسة جلسة خفيفة مختطفة.

وصل الركعة الثانية كالأولى، وأعد التعوذ في الابتداء، ثم اجلس في الركعة الثانية للتشهد الأول، وضع اليد اليمنى في جلة التشهد الاول على الفخذ اليمنى مقبوضة الأصابع إلا المسبحة والإبهام فترسلها، وانشر مسبحة يمناك عند قولك: (إلا الله) لا عند قولك: (لا إله). وضع اليد اليسرى منشورة الاصابع على الفخذ اليسرى، واجلس على رجلك اليسرى في هذا التشهد كما بين السجدتين، وفي التشهد الاخير متوركا. واستكمل الدعاء المعروف المأثور بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. واجلس فيه على وركك الأيسر، وضع رجلك اليسرى خارجة من تحتك، وانصب القدم اليمنى، ثم قل بعد الفراغ: السلام عليكم ورحمة الله - مرتين، من الجانبين، والتفت بحيث يرى بياض خدك من جانبيك، وانو الخروج من الصلاة، وانو السلام على من بجانبك من الملائكة والمسلمين.
وهذه هيئة صلاة المنفرد..

وعماد الصلاة الخشوع، وحضور القلب مع القراءة والذكر بالتفهم.
قال الحسن البصري - رحمة الله تعالى: كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العبد ليصلي الصلاة فلا يكتب له منها سدسها ولا عشرها، وإنما يكتب للعبد من صلاته بقدر ما عقل منها).


آداب الإمامة والقدوة

ينبغي للإمام أن يخفف الصلاة، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: ما صليت خلف أحد صلاة أخف ولا أتم من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولا يكبرما لم يفرغ المؤذن من الاقامة، وما لم تتسو الصفوف، ويرفع الإمام صوته بالتكبيرات، ولا يرفع المأموم صوته إلا بقدر ما يسمع نفسه، وينوي الإمام الإمامة لينال الفضل، فإذا لم ينو صحت صلة القوم إذا نووا الاقتداء به، ونالوا فضل القدوة.
ويسر الإمام بدعاء الاستفتاح والتعوذ كالمنفرد، ويجهر بالفاتحة والسورة في جميع الصبح، وأوليى المغرب والعشاء، وكذلك المنفرد، ويجهر بقوله: (آمين) في الجهرية، وكذلك المأموم، ويقرن المأموم تأمينه بتأمين الإمام معا تعقيبا له، ويسكت الإمام سكتة عقب الفاتحة ليثوب غليه نفسه، ويقرأ المأموم الفاتحة في الجهرية في هذه السكتة، ليتمكن من الاستماع عند قراءة الإمام، ولا يقرأ المأموم السورة في الجهرية إلا إذا لم يسمع صوت الإمام.

ولا يزيد الإمام على ثلاث في تسبيحات الركوع والسجود، ولا يزيد في التشهد الأول بعد قوله: (اللهم صل على محمد) ويقتصر في الركعتين الأخيرتين على الفاتحة، ولا يطول على القوم، ولا يزيد دعاؤه في التشهد الأخير على قدر تشهده وصلاته على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينوي الإمام عند التسليم السلام على القوم، وينوي القوم بتسليمهم جوابه.

ويلبث الإمام ساعة بعد ما يفرغ من السلام ويقبل على الناس بوجهه، ولا يلتفت إن كان خلفه نساء حتى ينصرفن أولا.
ولا يقوم أحد من القوم حتى يقوم الإمام . وينصرف الإمام حيث شاء عن يمينه أو شماله، واليمن أحب إلي.
ولا يخص الإمام نفسه بالدعاء في قنوت الصبح، بل يقول: (اللهم اهدنا)ن ويجهر به، ويؤمن القوم ولا يرفعون أيديهم إذ لم يثبت ذلك في الاخبار، ويقرأ المأموم بقية القنوت من قوله: (إنك تقضي ولا يقضى عليك).
ولا يقف المأموم وحده، بل يدخل في الصف، أو يجر إلى نفسه غيره، ولا ينبغي للمأموم أن يتقدم على الإمام في أفعاله أو يساويه، بل ينبغي أن يتأخر عنه، ولا يهوي للركوع إلا إذا انتهى الإمام إلى حد الركوع، ولا يهوى للسجود ما لم تصل جبهة الامام إلى الارض.

آداب الجمعة

اعلم أن الجمعة عيدي المؤمنين، وهو يوم شريف خص الله عزوجل به هذه الامة، وفيه ساعة مبهمة لا يوافقها عبد مسلم يسال الله تعالى فيها حاجة إلا أعطاه إياها.
فاستعد لهبا من يوم الخميس؛ بتنظيف الثياب، وبكثرة التسبيح والاستغفار عشية الخميس، فإنها ساعة توازى في الفضل ساعة يوم الجمعة.

وانو صوم يوم الجمعة، لكن مع الخميس أو السبت؛ إذ جاء في افراده نهى.
فإذا طلع عليك الصبح، فاغتسل؛ن (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) أي ثابت مؤكد. ثم تزين بالثياب البيض؛ فإنها أحب الثياب إلى الله تعالى، واستعمل من الطيب أطيب ما عندك، وبالغ في تنظيف بدنك بالحلق والقص والسواك وسائر أنواع النظافة وتطييب الرائحة.
ثم بكر إلى الجامع، واسع إليها على الهينة والسكينة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (نمن راح إلى الجمعة في الساعة الاولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة. فإذا خرج ا لإمام طوت الصحف، ورفعت الاقلام، واجتمعت الملائكة عند المنبر يستمعون الذكر). ويقال إن الناس في قربهم عند النظر إلى وجه الله تعالى على قدر بكورهم إلى الجمعة.

ثم إذا دخلت الجامع، فاطلب الصف الاول، فإذا اجتمع الناس فلا تتخط رقابهم، ولا تمر بين أيديهم وهم يصلون، واجلس بقرب حائط أو اسطوانة حتى لا يمروا بين يديك، ولا تقعد حتى تصلي التحية، والأحسن ان تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة الاخلاص خمسين مرة، ففي الخبر: (أن من فعل ذلك لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة أو يرى له). ولا تترك التحية وإن كان الإمام يخطب.
ويستحب في هذا اليوم أو في ليلته أن يصلى أربع ركعات بأربع سور: سورة الانعام، والكهف، وطه، ويس، فإن لم تقدر فسورة يس والدخان، و (الم) السجدة، وسورة الملك. ولا تدع قراءة هذه السورة ليلة الجمعة؛ ففيها فضل كثير. ومن لم يحسن ذلك فليكثر من قراءة سورة الاخلاص. وأكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم خاصة.

ومتى خرج الامام، فاقطع الصلاة والكلام، واشتغل بجواب المؤذن ثم استماع الخطبة والاتعاظ بها، ودع الكلام رأسا في الخطبة، ففي الخبر: (ان من قال لصاحبه - والإمام يخب - أنصت، أو صه؛ فقد لغا، نومن لغا فلا جمعة له)، آي لأن قوله أنصت: كلام، فينبغي أن ينهىغيره بالاشارة لا باللفظ.

ثم اقتد بالإمام كما سبق. فإذا فرغت وسلمت، فاقرأ الفاتحة قبل أن تتكلم سبع مرات، والاخلاص سبعا، والمعوذتين سبعا سبعا، فذلك يعصمك من الجمعة الاخرى، ويكون حرزا لك من الشيطان، وقل بعد ذلك: يا غني، يا حميد، يا مبدىء، يا معيد، يا رحيم، يا ودود؛ أغنني بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك. ثم صل بعد الجمعة ركعتين أو أربعا أو ستا، مثنى، مثنى، فكل ذلك مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحوال مختلفة.
ثم لازم المسجد إلى المغرب أو إلى العصر، وكان حسن المراقبة للساعة الشريفة؛ فإنها مبهمة في جميع اليوم، فعساك أن تدركها وأنت خاشع لله تعالى متذلل متضرع.

ولا تحضر في الجامع مجالس الحلق، ولا مجالس القصاص، بل مجلس العلم النافع، وهو الذي يزيد في خوفك من الله تعالى، وينقص من رغبتك في الدنيا، فكل علم لا يدعوك من الدنيا إلى الآخرة فالجهل أعود عليك منه؛ فاستعذ بالله من علم لا ينفع.
وأكثر من الدعاء عند طلوع الشمس، وعند الزوال، وعند الغروب، وعند الإقامة، وعند صعود الخطيب المنبر، وعند قيام الناس إلى الصلاة، فيوشك أن يكون الساعة الشريفة في بعض هذه الاوقات.
واجتهد أن تتصدق في هذا اليوم بما تقدر عليه وإن قل، فتجمع بين الصلاة والصوم والصدقة والقراءة والذكر والاعتكاف والرباط.
واجعل هذا اليوم من الاسبوع خاصة لآخرتك؛ فعساه أن يكون كفارة لبقية الاسبوع.

آداب الصيام

لا ينبغي أن تقتصر على صوم رمضان فتترك التجارة بالنوافل، وكسب الدرجات العالية في الفراديس؛ فتتحسر إذ نظرت إلى منازل الصائمين، كما تنظر إلى الكواكب الدرية، وهم في أعلى عليين.
والأيام الفاضلة التي شهدت الأخبار بشرفها وفضلها، وبجزالة الثواب في صيامها: يوم عرفة لغير الحاج، ويوم عاشوراء، والعشر الاول من ذي الحجة، والعشر الأول من المحرم، ورجب وشعبان، وصوم الأشهر الحرم من الفضائل، وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، واحد فرد وثلاثة سرد، وهذه في السنة. وأما في الشهر فأول الشهر وأوسطه وآخره، والأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وأما في الاسبوع فيوم الاثنين والخميس والجمعة؛ فتكفر ذنوب الاسبوع بصوم الاثنين والخميس والجمعة، وتكفر ذنوب الشهر باليوم الأول واليوم الأوسط واليوم الآخر والأيام البيض، وتكفر ذنوب السنة بصيام هذه الأيام والاشهر المذكورة.
ولا تظن إذا صمت أن الصوم هو ترك الطعام والشراب والوقاع فقط، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش)، بل تمام الصوم بكف الجوارح كلها عما يكرهه الله تعالى، بل ينبغي أن تحفظ العين عن النظر إلى المكاره، واللسان عن النطق بما لا يعنيك، والأذن عن الاستماع إلى ما حرمه الله؛ فإن المستمع شريك القائل وهو أحد المغتابين، وكذلك تكف جميع الجوارح كما تكف البطن والفرج، ففي الخبر(خمس يفطرن الصائم: الكذب، والغيبة، والنميمة، واليمين الكاذبة، والنظر بشهوة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما الصوم جنة فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث، ولا يفسق، ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم).

ثم اجتهد أن تفطر على طعام حلال، ولا تستكثر فتزيد على ما تأكله كل ليلة، فلا فرق إذا استوفيت ما تعتاد أن تأكله دفعتين في دفعة واحدة، وإنما المقصود بالصيام كسر شهوتك، وتضعيف قوتك لتقوى بها على التقوى. فإذا أكلت عشية ما تداركت به ما فتك ضحوة، فلا فائدة في صومك، وقد ثقلت عليك معدتك، وما وعاء يملأ أبغض إلى الله تعالى من حلال، فكيف إذا ملىء من حرام؟

فإذا عرفت معنى الصوم فاستكثر منه ما استطعت، فإنه أساس العبادات، ومفتاح القربات؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزى به)، وقال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يقول الله تعالى عزوجل من قائل: إنما يذر شهوته وطعامه وشرابه من أجلى، فالصوم لي وأنا أجزى به) وقال صلى الله عليه وسلم: (للجنة باب له الريان، لا يدخله إلا الصائمون).
فهذا القدر من شرح الطاعات يكفيك من بداية الهداية، فإذا احتجت إلى الزكاة، والحج، أو إلى مزيد شرح الصلاة والصيام، فاطلبه مما أوردناه في كتابنا (إحياء علوم الدين).

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية