الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

آداب الاستعداد لسائر الصلوات والنوم

آداب الاستعداد لسائر الصلوات والنوم


آداب الاستعداد لسائر الصلوات والنوم >> كتاب بداية الهداية للغزالي

محتويات

  1. آداب ما بعد طلوع الشمس إلى الزوال
  2. آداب الاستعداد لسائر الصلوات
  3. آداب النوم

آداب ما بعد طلوع الشمس إلى الزوال

فإذا طلعت الشمس وارتفعت قدر رمح، فصل ركعتين، وذلك عند زوال وقت الكراهة للصلاة؛ فإنها مكروهة من بعد فريضة الصبح إلى ارتفاع الشمس.
فإذا أضحى النهار، ومضى منه قريب من ربعه، صل صلاة الضحى أربعا أو ستا أو ثمانية، مثنى، مثنى،؛ فقد نقلت هذه الاعداد كلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والصلاد خير كلها فمن شاء فليستكثر، ومن شاء فليستقلل، فليس بين طلوع الشمس والزوال راتبة من الصلة إلا هذه؛ فما فضل منها من أوقاتك فلك فيه أربع حالات: الحالة الأولى وهي الافضل: أن يصرفه في طلب العلم النافع في الدين، دون الفصول الذي أكب الناس عليه وسموه علما.

والعلم النافع هو ما يزيد في خوفك من الله تعالى، ويزيد في بصيرتك بعيوب نفسك، ويزيد في معرفتك بعبادة ربك، ويقلل من رغبتك في الدنيا، ويزيد في رغبتك فني الآخرة، ويفتح بصيرتك بآفات أعمالك حتى تحترز منها، ويطلعك على مكايد الشيطان وغروره، وكيفية تلبيسه على علماء السوء،ن حتى عرضهم لمقت الله تعالى وسخطه؛ن حيث أكلوا الدنيا بالدين، واتخذوا العلم ذريعة ووسيلة الى أخذ اموال السلاطين، وأكل أموال الاوقاف واليتامى والمساكين، وصرفوا همتهم طول نهارهم إلى طلب الجاه والمنزلة في قلوب الخلق، واضطرهم ذلك إلى المراءاة والممراة، والمشاقة في الكالم والمباهاة.

وهذا الفن من العلم النافع، قد جمعناه في كتاب (إحياء علوم الدين) فإن كنت من أهله فحصله واعمل به ثم علمه وادع إليه؛ فمن علم ذلك وعمل به، ثم علمه ودعا إليه فذلك يدعى عظيما في ملكوت السموات بشهادة عيسى عليه السلام.
فإذا أفرغت من ذلك كله، وفرغت من إصلاح نفسك ظاهرا وباطنا، وفضل شيء من أوقاتك، فلا بأس أن تشتغل بعلم المذهب في الفقه لتعرف به الفروع النادرة في العبادات، وطريق التوسط بين الخلق في الخصومات عند انكبابهم على الشهوات.. فذلك أيضا بعد الفراغ من هذه المهمات من جملة فروض الكفايات.

فإن دعتك نفسك إلى ترك ما ذكرناه من الأوراد والأذكار استثقالا لذلك، فاعلم أن الشيطان اللعين قد دس في قلبك الداء الدفين، وهو حب المال والجاه فإياك أن تغتر به، فتكون ضحكة له، فيهلكك، ثم يسخر منك.
فإن جربت نفسك مدة في الاوراد والعبارات، فكانت لا تستثقلها كسلا عنها، لكن ظهرت رغبتك في تحصيل اعلم النافع، ولم ترد به إلا وجه الله تعالى والدار الآخرة، فذلك أفضل من نوافل العبادات مهما صحت النية. ولكن الشأن في صحة النية فإن لم تصح النية فهو معدن غرور الجهال، ومزلة أدام الرجال.

الحالة الثانية: ألا تقدر على تحصيل اعلم النافع في الدين، ولكن تشتغل بوظائف العبادات من الذكر والتسبيح والقراءة والصلاة فذلك من درجات العابدين، وسير الصالحين، وتكون أيضا بذلك من الفائزين.

الحالة الثالثة: أن تشتغل بما يصل منه خير إلى المسلمين، ويدخل به سرور على قلوب المؤمنين، أو تتيسر به الأعمال الصالحة للصالحين: كخدمة الفقهاء والصوفية وأهل الدين، والتردد في أشغالهم، والسعي في إطعام الفقراء والمساكين، والتردد مثلا على المرضى بالعيادة، وعلى الجنائز بالتشييع، فكان ذلك أفضل من النوافل؛ فإن هذه عبادات، وفيها رفق للمسلمين.

الحالة الرابعة: ألا تقوى على ذلك، فاشتغل بحاجاتك اكتسابا على نفسك أو على عيالك، وقد سلم المسلمون منك وآمنوا من لسانك ويدك، وسلم لك دينك، إذا لم ترتكب معصية؛ فتنال بذلك درجة أصحاب اليمين، إن لم تكن من أهل الترقي إلى مقامات السابقين.

فهذا أقل الدرجات في مقامات الدين، وما بعد هذا فهو من مراتع الشياطين؛ وذلك بأن تشتغل - والعياذ بالله - بما يهدم دينك، أو تؤذي به عبدا من عباد الله تعالى؛ فهذه رتبة الهالكين؛ فإياك أن تكون في هذه الطبقة.

واعلم أن العبد في حق دينه على ثلاث درجات: إما سالم.. وهو المقتصر على أداء الفرائض وترك المعاصي.
أو رابح.. وهو المتطوع بالقربات والنوافل.
أو خاسر.. وهو المصر عن اللوازم.
فإن نلم تقدر أن تكون رابحا، فاجتهد أن تكون سالما، وإياك ثم إياك أن تكون خاسرا.
والعبد في حق سائر العباد له ثلاث درجات: الأولى: أن ينزل في حقهم منزلة الكرام البررة من الملائكة، وهو أن يسعى في أغراضهم؛ رفقا بهم، وإدخالا للسرور على قلوبهم.

الثانية: أن ينزل في حقهم منزلة البهائم والجمادات؛ فلا ينالهم خيره، ولكن عنهم شره.
الثالثة: أن ينزل في حقهم منزلة العقارب والحيات والسباع الضاريات، لا يرجى خيره، ويتقى شره.

فإن لم تقدر على أن تلتحق بأفق الملائكة، فاحذر أن تنزل عن درجة البهائم والجمادات إلى درجة العقارب والحيات والسباع الضاريات. فإن رضيت لنفسك النزول من أعلى عليين، فلا ترض لها من الهوى إلى أسفل سافلين، فلعلك تنجو كفافا لا لك ولا عليك.
فعليك في بياض نهارك الا تشتغل إلا بما ينفعك في معادك أو معاشك الذي لا تستغنى عن الاستعانة به على معادك. فإن عجزت عن القيام بحق دينك مع مخالطة الناس، وكنت لا تسلم، فالعزلة أولى، فعليك بها؛ ففيها النجاة والسلامة. فإن كانت الوساوس في العزلة تجاذبك إلى مالا يرضى الله تعالى، ولم تقدر على قمعها بوظائف العبادات فعليك بالنوم فهو أحسن أحوالك وأحوالنا إذا عجزنا عن الغنيمة رضينا بالسلامة في الهزيمة. فأحسن بحال من سلامة دينه في تعطيل حياته إذ النوم أخو الموت، وهو تعطيل الحياة والتحاق بالجمادات.

آداب الاستعداد لسائر الصلوات

آداب الاستعداد لسائر الصلوات ينبغي أن تستعد لصلاة الظهر قبل الزوال، فتقدم الفيلولة إن كان بك قيام في الليل، أو سهر في الخير؛ فإن فيها معونة على قيام الليل، كما أن في السحور معونة على صيام النهار، والقيلولة من غير قيام بالليل كالسحور من غير صيام بالنهار.

فإذا قلت، فاجتهد أن تستيقظ قبل الزوال، وتتوضأ وتحضر المسجد، وتصلي تحية المسجد، وتنتظر المؤذن فتجيبه، ثم تقوم فتصلي أربع ركعات عقب الزوال، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطولهن ويقول: (هذا وقت تفتح فيه أبواب السماء، فأحب أن يرفع لي فيه عمل صالح). وهذه الأربع قبل الظهر سنة مؤكدة؛ ففي الخبر: (من صلاهن فأحسن ركوعهن وسجودهنن صلى معه سبعون ألف ملك يستغفرون له إلى الليل).
ثم صل الفرض مع الإمام ثم صل بعد الفرض ركعتين؛ فهما من الرواتب الثابتة.
ثم صل الفرض مع الإمام، ثم صل بعد الفرض ركعتين فهما من الرواتب الثابتة.

ولا تشتغل إلى العصر إلا بتعلم علم أو إعانة مسلم، أو قراءة قرآن أو سعي في معاش لتستعين به على دينك، ثم صل أربع ركعات قبل العصر؛ فهي سنة مؤكدة؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله امرأ صلى أربعا قبل العصر) فاجتهد أن ينالك دعاؤه صلى الله عليه وسلم.

ولا تشتغل بعد العصر إلا بمثل ما سبق قبله، ولا ينبغي أن تكون اوقاتك مهملة فتشتغل في كل وقت بما اتفق كيف اتفق، بل ينبغي أن حاسب نفسك وترب أورادك في ليلك ونهارك، وتعين لكل وقت شغلا لا تتعداه، ولا تؤثر فيه سواه فبذلك تظهر بركة الأوقات. فأما إذا تركت نفسك سدى مهملا إهمال البهائم لا تدري بماذا تشتغل في كل وقت، فينقضي أكثر أوقاتك ضائعا، وأوقاتك عمرك، وعمرك رأس مالك، وعليه تجارتك، وبه وصولك إلى نعيم دار الأبد نفي جوار الله تعالى؛ فكل نفس من أنفاسك جوهرة لا قيمة لها؛ن إذ لا بدل له فإذا فات فلا عود له. فلا تكن كالحمقى المغرورين الذين يفرحون كل يوم بزيادة أموالهم مع نقصان أعمارهم، فأي خير في مال يزيد وعمر ينقص! ولا تفرح إلا بزيادة علم أو عمل صالح؛ن فإنهما رفيقاك يصحبانك في القبر حيث يتخلف عنك أهلك ومالك، وولدك، وأصدقاؤك.

ثم إذا اصفرت الشمس، فاجتهد أن تعود إلى المسجد قبل الغروب، وتشتغل بالتسبيح والاستغفار؛ فإن فضل هذا الوقت كفضل ما قبل الطلوع، قال الله تعالى: (وَسَبِح بِحَمدِ رَبِك قَبلَ طُلوع الشَمس وَقَبلَ غُروبِها).
واقرأ قبل غروب الشمس أربع سور من القرآن هي: والشمس وضحاها والليل إذا يغشى، والمعوذتين.
ولتغرب عليك الشمس وأنت في الاستغفار، فإذا سمعت الأذان فاجبه، وقل بعده: اللهم إني أسألك عند إقبال ليلك، وإدبارك نهارك، وحضور صلاتك، وأصوات دعاتك: أن تؤتي محمد الوسيلة - الدعاء كما سبق.
ثم صل الفرض بعد جواب المؤذن والاقامة، وصل بعده قبل أن تتكلم ركعتين، فهما راتبتا المغرب وإن صليت بعدهما أربعا تطيلهن، فهن أيضا سنة.

وإن أمكنك أن تنوي الاعتكاف إلى العشاء، وتحيى ما بين العشاءين بالصلاة فافعل، فقد ورد في فضل ذلك ما لا يحصى، وهي ناشئة الليل؛ لأنه أول نشأه، وهي صلاة الأوابين، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: (تَتَجافى جُنوبُهُم عَنِ المَضاجِع)ن فقال: (هي الصلاة ما بين العشاءين؛ فإنها تذهب بملاغات النهار).
والملاغات دخل وقت العشاء، فصل أربع ركعات قبل الفرض إحياء لما بني الأذانين ففضل ذلك كثير وفي الخبر: (أن الدعاء بين الأذان والاقامة لا يرد).
ثم صل الفرض وصل الراتبة ركعتين، واقرأ فيهما سورة الم السجدة، وتبارك الملك أو سورة يسس، والدخان فذلك مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وصل بعدهما أربع ركعات، ففي الخبر ما يدل على عظم فضلهن. ثم صل الوتر بعدها ثلاثا بتسليمتين أو بتسليمة واحدة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها سورة سبح اسم ربك الأعلى، وقل يأيها الكافرون، والاخلاص والمعوذتين.
فإن كنت عازما على قيام الليل، فأخر الوتر، ليكون آخر صلاتك وترا.
ثم اشتغل بعد ذلك بمذاكرة علم أو مطالعة كتاب، ولا تشتغل باللهو واللعب فيكبون ذلك خاتمة أعمالك قبل نومك؛ فإنما الأعمال بخواتيمها.

آداب النوم

فإذا أردت النوم، فابسط فراشك مستقبل القبلة، ونم على يمينك كما يضطجع الميت في الحده.
واعلم أن النوم مثل الموت، واليقظة، فكن مستعدا للقائه، بأن تنام على طهارة، وتكون وصيتك مكتوبة تحت رأسك، وتنام تائبا من الذنوب، مستغفرا، عازما على ألا تعود إلى معصية. واعزم على الخير لجميع المسلمين إن بعثك الله تعالى، وتذكر أنك ستضجع في اللحدن كذلك وحيدا فريدا ليس معك إلا عملك، ولا تجزى إلا بسعيك.
ولا تستجلب النوم تكلفا بتمهيد الفرش الوطيئة؛ فإن النوم تعطيل لحياة، إلا إذا كانت وبالا عليك؛ فنومك سلامة لدينك.

واعلم أن الليل والنهار أربع وعشرون ساعة، فلا يكن نومك بالليل والنهار أكثر من ثماني ساعات، فيكفيك إن عشت مثلا ستين سنة أن تضيع منها عشرين سنة وهو ثلث عمرك.
وأعد عند النوم سواكك وطهورك، واعزم على قيام الليل، أو على القيام قبل الصبح، فركعتان في جوف الليل كنز من كنوز البر؛ فاستكثر من كنوزك ليوم فقرك، فلن تغني عنك كنوز الدنيا إذا مت.

وقل عند نومك: باسمك ربي وضعت جنبي وباسمك أرفعه، فاغفر لي ذنبي؛ اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك، اللهم باسم أحيا وأموت؛ أعوذ بك اللهم من شر كل ذي بشر، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم؛ اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين، وأغنني من الفقر؛ اللهم أنت خلقت نفسي وأنت تتوفاها، لك مماتها ومحياها، إن أمتها فاغفر لها، وإن أحييتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين؛ اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة؛ اللهم أيقظني في أحب الساعات إليك، واستعملني بأحب الاعمال إليك، لتقربني إليك زلفى، وتبعدني عن سخطك بعدا، أسألك فتعطيني، وأستغفرك فتغفر لي، ، وأدعوك فتستجيب لي.
ثم اقرأ آية الكرسي، وآمن الرسول إلى آخر السورة، والاخلاص، والمعوذتين، وتبارك الملك.
ويأخذك النوم وأنت على ذكر الله وعلى الطهارة.
فمن فعل ذلك عرج بروحه إلى العرش، وكتب مصليا إلى أن يستيقظ.

فإذا استيقظت، فارجع إلى ما عرفتك أولا، وداوم على هذا الترتيب بقية عمرك. فإن شقت عليك المداومة، فاصبر صبر المريض على مرارة الدواء انتظارا للشفاء، وتفكر في قصر عمرك، وإن عشت مثلا مائة سنة فهي قليلة بالاضافة إلى مقامك في الدار الآخرة وهي أبد الآباد، وتأمل أنك كيف تتحمل المشقة والذل في طلب الدنيا شهرا أو سنة رجاء أن تستريح بها عشرين سنة مثلا، فكيف لا تتحمل ذلك أيام قلائل رجاء الاستراحة أبد الآباد! ولا ت طول أملك فيثقل عليك عملك، وقر قرب الموت، وقل في نفسك: إني أتحمل المشقة اليوم فلعلي أموت الليلة، وأصبر الليلة فلعلى أموت غدا؛ فإن الموت لا يهجم في وقت مخصوص، وحال مخصوص، فلا بد من هجومه؛ فالاستعداد له أولى من الاستعداد للدنيا، وأنت تعلم أنك لا تبقى فيها إلا مدة يسيرة، ولعله لم يبق من أجلك إلا يوم واحد، أو نفس واحد؛ فقدر هذا في قلبك كل يوم، وكلف نفسك الصبر على طاعة الله يوما فيوما، فإنك لو قدرت البقاء خمسين سنة، وألزمتها الصبر على طاعة الله تعالى نفرت واستعصت عليك. فإن فعلت ذلك فرحت عند الموت فرحا لا آخر له. وإن سوفت وتساهلت جاءك الموت في وقت لا تحتسبه، وتحسرت تحسرا لا آخر له، وعند الصباح يحمد القوم السرى، وعند الموت يأتيك الخبر اليقين، ولتعلمن نبأه بعد حين.
وإذا أرشدناك إلى ترتيب الأوراد، فلنذكر لك كيفية الصلاة والصوم وآدابهما، وآداب الإمامة والقدوة والجمعة.

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية