الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

مراتب الرواة

مراتب الرواة

الكتاب:الجرح والتعديل
المؤلف: ابن أبي حاتم
موضوع: علم الحديث

المحتويات
  1. يحيى بن سعيد القطان 
  2. عبد الرحمن بن مهدي
  3. عبد الله بن المبارك
  4. أبو إسحاق الفزاري
  5. أحمد بن حنبل 
  6. يحيى بن معين 
  7. علي ابن المديني
  8. أبو زرعة الرازي
  9. أبو حاتم الرازي
  10. العودة الي كتاب الجرح والتعديل لأبي حاتم
[ يحيى بن سعيد القطان ]

ومن العلماء الجهابذة النقاد من أهل البصرة من الطبقة الثانية يحيى ابن سعيد القطان ما ذكر من علم يحيى بن سعيد بناقلة - الاخبار ومعرفته بأحوالهم وبصحة الآثار وسقيمها حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا عبد الرحمن ابن عمر رستة الاصبهاني قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : اختلفوا يوما عند شعبة فقالوا اجعل بيننا وبينك حكما ، فقال قد رضيت بالاحول - يعني يحيى بن سعيد القطان - فما برحنا حتى جاء يحيى فتحاكموا [ إليه ] فقضى على شعبة ، فقال [ له ] شعبة ، ومن يطيق نقدك - أو من له مثل نقدك يا احول . قال أبو محمد هذه غاية المنزلة إذ شعبة من بين أهل العلم ثم بلغ من دالته بنفسه وصلابته في دينه ان قضى على شعبة . حدثنا عبد الرحمن انا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب الي قال قال أبي - يعني أحمد بن حنبل - : ما رأينا مثل يحيى بن سعيد في هذا الشأن - يعني في معرفة الحديث ورواته - هو كان صاحب هذا الشأن ،

فقلت له ولا هشيم ؟ فقال : هشيم شيخ ، وما رأينا مثل يحيى - وجعل يرفع امره جدا . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب - يعني أحمد بن حميد - قال قال أحمد بن حنبل : لم يكن [ في زمان يحيى القطان مثله ، كان تعلم من شعبة . نا محمد بن سعيد المقرئ قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن الحكم بن بشير - يقول : لم يكن ] بالبصرة بعد شعبة مثل يحيى بن سعيد - وجعل يثني عليه . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد [ بن حنبل ] نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن قال قال سفيان : يحيى بن سعيد يريد شقيقا عن عبد الله . قال أبو محمد - يعني انه لا يرضى الا برواية الحفاظ المتقنين . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال سئل أحمد بن حنبل عن يحيى ابن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع فقال : كان يحيى ابصرهم بالرجال وأنقاهم حديثا - وأظنه قال - واثبتهم .

حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا أبو الدرداء عبد العزيز بن مثيب قال سمعت محمد بن الازهر الجوزجاني قال قلت لأحمد ابن حنبل : لم لا تقول ليحيى بن سعيد قل حدثنا ؟ فقال : مثل يحيى يقال له : قل حدثنا ؟ . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن البراء قال قال علي ابن المديني ، كان من بعد سفيان الثوري يحيى بن سعيد القطان ، كان يذهب مذهب سفيان الثوري وأصحاب عبد الله بن مسعود . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول : إذا اختلف ابن المبارك ويحيى بن سعيد وسفيان بن عيينة في حديث اخذ يقول يحيى بن سعيد . حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان قال سمعت يزيد بن هارون [ يقول وهو ] يحدثنا بحديث شريك عن جابر الجعفي فقال : يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي لم اسقطا جابر [ الجعفي ] ؟

أما يخافان ان يأخذهما في القيامة فيقول لهما لم اسقطتما عدلي ؟ ثم فكر ساعة ثم رفع رأسه فقال : والله ما [ ارى ] حملهما على ذلك الا الورع . قال أبو سعيد رأيت جدي في المنام فقصصت عليه ما سمعت من يزيد بن هارون فلما بلغت ذكر جابر الجعفي قال : سبحان الله لم يكن بعدل . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن البراء قال قال علي [ بن عبد الله ] ابن المديني : نظرت فإذا الاسناد يدور على ستة ، الزهري وعمرو بن دينار وقتادة ويحيى بن أبي كثير وابي إسحاق - يعني الهمداني - وسليمان الاعمش ، ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الاصناف فممن صنف من أهل الحجاز مالك بن انس وابن جريح ومحمد بن إسحاق وسفيان بن عيينة ، ومن أهل البصرة شعبة وسعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة ومعمر وابو عوانة ، ومن أهل الكوفة سفيان الثوري ، ومن أهل الشام الأوزاعي ، ومن أهل واسط هشيم : ثم صار علم [ هؤلاء ] الاثني عشر إلى ستة ، إلى يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع بن الجراح ويحيى بن أبي زائدة ويحيى ابن آدم وعبد الله بن المبارك .

باب ما ذكر من كلام يحيى بن سعيد في علل الحديث

حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال ذكرت ليحيى بن سعيد حديث أبي إسحاق عن علي بن ربيعة قال : لا اراه سمعه من علي بن ربيعة حدثنا عبد الرحمن نا صالح [ بن أحمد بن حنبل ] نا علي قال قلت ليحيى : حديث حماد بن زيد عن أبي عبد الله الشقري عن إبراهيم في العبد يتسرى فقال : بينه [ ارى ] وبين إبراهيم ثلاثة - اي لم يسمعه من إبراهيم . حدثنا عبد الرحمن نا صالح [ نا علي ] قال عرضت على يحيى ابن سعيد حديث [ ابن ] أبي عروبة عن محمد بن عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب : القضاء ما قضت . فقال هذا رواه عن البري يعني عثمان عن أبي جابر البياضي . قال أبو محمد : وكانا متروكي الحديث . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول : لم يسمع قتادة من أبي سنان حديث البدن ، قال علي قلت ليحيى : وكيف علمت ذاك ؟ قال سمعنا يعني سنان بن سلمة الهذلي حديث ذؤيب الخزاعي .

حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سألت يحيى عن أحاديث عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير فضعفها وقال : ليست بصحاح . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت ليحيى ان يزيد بن هارون روي عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ان رجلا تزوج امرأة على عمتها ؟ فقال يحيى : كنا نعرف حسين المعلم بهذا الحديث مرسلا . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال ذكرت ليحيى حديث ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي مجلز قال : كتب عمر إلى عثمان بن حنيف - الحديث الطويل في الجزية . فقال يحيى : هذا ملزق ، عن أبي مجلز قلت لحيى : ليس هو من صحيح حديث قتادة ؟ قال : لا . حدثنا عبد الرحمن [ نا صالح ] نا علي اقل ذاكرت يحيى نقض الوتر عن أبي بكر ، فقال : ضعيف ، انما هو الحسن عن أبي بكر . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول : كان عند عثمان بن غياث كتاب عن عكرمة فلم يصححه لنا . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول : كان معي اطراف عوف عن الحسن عن النبي ﷺ وخلاس ومحمد عن أبي هريرة ان موسى عليه السلام كان رجلا حييا فقال بنو اسراءيل هو آدر ، قال : فسألت عوفا فترك محمدا وقال : خلاس مرسل حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى قال سمعت الاعمش يحدث بحديث أبي إسحاق شكونا عن حارثة بن مضرب قال علي انما ذكره يحيى على ان الاعمش كان مضطربا في حديث أبي إسحاق . 
 
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا على قال سمعت يحيى وذكر عنده شئ يروي عن عيل عن عامل أن المغيرة بن شعبة لما شهد عليه الثلاثة ، قال [ يحيى ] ليس بصحيح . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى قال كان شعبة يحدث بحديث ابن أبي ليلى عن ابيه عن أبي ايوب في العطاس ، قال يحيى حدثنا ابن أبي ليلى قال حدثني اخي عن ابن أبي ليلى قال قال رسول الله ﷺ : إذا عطس احدكم - قال يحيى فرددته على ابن أبي ليلى غير مرة فقال : عن علي بن أبي طالب . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال وسألت يحيى عن حديث التيمي عن انس في القبلة للصائم ؟ فقال : لا شئ ، لم يسمعه . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سالت يحيى عن حديث ابن أبي عروبة عن أبي رجاء عن أبي موسى في القنوت ، فقال : لم يسمعه من أبي رجاء [ انما ] هذا حديث البراء الغنوي وكأنه لم يرض البراء . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول : حديث التيمي عن الحسن ان ابن عباس كان يعرف ، لم يسمعه من الحسن ، كان يقول : رجل عن الحسن ، قال يحيى فبلغني انه رواه عن أبي بكر الهذلي . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال وسمعت يحيى يقول : حديث إسماعيل بن أبي خالد : إذا فجئتك جنازة - ليس هو من صحيح حديثه . 
 
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا على قال سألت يحيى عن حديث عيسى بن أبي عزة عن الشعبي عن عبد الله عن النبي ﷺ : تقطع اليد في كذا - فضعف الحديث . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا على قال سمعت يحيى يقول في حديث ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في رجل آجر نفسه في الحج - قال : املي على من حفظه : حدثنا عطاء عن ابن عباس ، وكان في كتابه حدثت عن سعيد بن جبير ، وقال : عطاء عن ابن عباس ، قلت ليحيى تراه حديث مسلم البطين ؟ قال : نعم ، وليس من صحيح حديثه عن عطاء . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سألت يحيى عن حديث هشام عن يحيى بن أبي كثير عن سوار الكوفي عن ابن مسعود في العزل ، قال : شبه لا شئ . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى وذكر عنده حديثا الاعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة : تصلي المستحاضة وان قطر الدم على الحصير ، وفي القبلة - يعني حديث النبي ﷺ انه قبل ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ ، فقال يحيى : احك عني انهما شبه لا شئ . 
 
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت ليحيى : ايما أحسن ، حديث سفيان أو شعبة عن يحيى بن وثاب في الغسل يوم الجمعة ؟ قال : حديث سفيان هو اقرب إلى حديث نافع . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول حدثنا المسعودي عن رجل عن زيد بن رفيع عن أبي عبيدة عن عبد الله : النجاة في اثنتين ، قال يحيى : لم يسمعه المسعودي من زيد بن رفيع . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا على قال قلت ليحيى : قول عامر في طلاق الصبي سمعه إسماعيل من عامر ؟ قال : لا ، قلت ليحيى : سألته عنه ؟ قال : نعم - فيما أعلم - فضعفه ، قلت ليحيى : فطلاق السكران قول عامر من صحيح حديثه ؟ قال : لا ، قلت : سألته عنه ؟ قال برأسه اي نعم ، قلت فلم يصححه ؟ قال : لا ، قلت : فقول عامر إذا فاته العيد ؟ قال : اراه من حديثه ، قلت سألته عنه ؟ قال : لا ادري الا اني كنت رأيت في كتاب عنة شعبة . قال قلت ليحيى : فينتظر خفق النعال ؟ فضعفه يحيى بن سعيد . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول : كل شئ حدثنا شعبة عن قتادة عن انس فهو على السماع من انس ، الا حديث اقامة الصف ، قال قلت ليحيى : شعبة اجمل هذا لك ؟ قال : نعم . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى وذكر له حديث عيسى الحناط عن الشعبي عن ثلاثة عشر من أصحاب النبي ﷺ قال : هو احق بها ما لم تغتسل - فقال يحيى : والله - فحلف - ما يسرني اني حدثت بهذا الحديث وأني تصدقت بمالي كله . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سألت يحيى عن حديث سفيان عن حماد عن إبراهيم في القصار لا يضمن قال : هذا غلط خالف أصحاب إبراهيم منصور وسليمان . قال يحيى : وكان هشام يوقفه على حماد . 
 
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول : كان حماد بن سلمة يقول : حديث حميد عن انس ان النبي ﷺ بزق في ثوبه ثم ذلك بعضه ببعض ، انما رواه حميد عن ثابت عن أبي نضرة . قال يحيى : ولم يقل شيئا هذا قد رواه قتادة عن انس . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى وقيل له : تحفظ حديث قتادة : ان هذه الحشوش محتضرة ؟ قال : لا ، فقلت انا له : كان شعبة يحدث عن قتادة عن النضر بن انس عن زيد بن [ ارقم ) وكان ابن أبي عروبة يحدث عن قتادة عن القاسم بن عوف عن زيد بن ارقم ] فقال يحيى : شعبة لو علم انه عن القاسم بن عوف لم يحمله ، [ قال علي ] قلت لم ؟ قال : انه رآه وتركه . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى بن سعيد يقول : سعيد بن أبي عروبة لم يسمع التفسير من قتادة . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول : اخذت اطراف بحر بن مرار عن عبد الرحمن بن أبي بكرة فسألته عنها فلم يصحح منها شيئا ، قلت ليحيى : اي شئ منها ؟ قال : حديث : شهرا عيد لا ينقصان . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا أبو حفص عمرو ابن علي الصيرفي قال سمعت يحيى بن سعيد [ القطان ] يقول : كتبت عن الاعمش أحاديث عن مجاهد كلها ملزقة لم يسمعها . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم نا عمرو بن علي قال سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول : أحاديث ابن جريج عن ابن أبي مليكة كلها صحاح - وجعل يحدثني بها ويقول ثنا ابن جريج قال حدثني ابن أبي مليكة فقال في واحد منها : عن ابن أبي مليكة ، فقلت : قل حدثني ، قال : كلها صحاح . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي قال سمعت يحيى سئل عن حديث عريف بن درهم الجمال فقال : [ روي ] حديثا منكرا عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر قال : الجزور والبقرة عن سبعة - فتمنع به ثم حدثنا به .
 
 حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد يقول قال مالك في حديث ابن شهاب عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان يعني عن اسامة بن زيد عن النبي ﷺ : لا يرث المسلم الكافر ، قال يحيى بن سعيد : فقلت لمالك : عمرو بن عثمان ، فأبى ان يرجع ، وقال : قد كان لعثمان ابن يقال له عمر ، هذه داره . حدثنا عبد الرحمن نا صالح [ بن أحمد ] نا علي [ ابن المديني ] قال قلت ليحيى [ بن سعيد ] : حملت حديث شعبة عن أبي حمزة عن هلال بن حصن عن أبي سعيد : من استعف ؟ فقال يحيى : كان عندي ، اخذته من كتاب إسماعيل أو وهيب - يعني عن شعبة عن قتادة عن نصر بن عمران عن هلال بن حصن عن أبي سعيد ، فلا ادري سألت شعبة عنه ام لا ؟ قال قلت ليحيى لاي شئ تركته ؟ هو عندك باسناد اجود من هذا ؟ قال : نعم ، من هلال بن حصن ؟ محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي سعيد ، وإسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل عن أبي سعيد . قال قلت ليحيى : حديث إسماعيل اجود اسنادا من محمد بن عمرو ؟ قال : ما اقربهما . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا حماد بن زاذان أبو زياد القطان قال سألنا يحيى بن سعيد عن حديث سفيان عن أبي إسحاق عن علي ابن ربيعة قال كنت ردف على . هذا الحديث لا ادري كيف هو ؟ قلت : يرون أن علي بن ربيعة كان ردف على تنكره ؟ قال : علي بن ربيعة كان حدثا وما ادري ؟ قلت تنكره ؟ قال : اي والله . 

باب ما ذكر من كلام يحيى بن سعيد في مراسيل ناقلة الاخبار

حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال نا علي - يعني ابن المديني - قال قلت ليحيى - [ يعنى ] ابن سعيد القطان [ ان ] الفزاري روي عن ابن أبي خالد عن هلال بن يساف قال سمعت أبا مسعود ؟ قال يحيى : انكر أن يكون هلال سمع من أبي مسعود ، وقال يحيى : مات أبو مسعود ايام علي . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علقال سمعت يحيى [ يعني ] ابن سعيد القطان يقول : مرسلات مجاهد احب الي من مرسلات عطاء بكثير ، كان عطاء يأخذ عن كل ضرب . حدثنا عبد الرحمن نا صالح قال قال علي قلت ليحيى بن سعيد : [[ سعيد ] بن المسيب عن أبي بكر ؟ قال : ذاك شبه الريح . 
 
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى وقيل له : كان الحسن يقول سمعت عمران بن حصين ؟ فقال : اما عن ثقة فلا . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول : اول ما طلبت الحديث وقع في يدي كتاب فيه مرسلات عن أبي مجلز فجعلت لا اشتهيها وانا يومئذ غلام . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول : مالك عن سعيد بن المسيب احب الي [ من ] سفيان عن إبراهيم ، قال يحيى : وكل ضعيف . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول : سفيان عن إبراهيم شبه لا شئ لأنه [ لو ] كان فيه اسناد صاح به . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول : مرسلات سعيد بن جبير احب الي من مرسلات عطاء . قلت مرسلات مجاهد احب اليك أو مرسلات طاوس ؟ قال : ما اقربهما . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا على قال سمعت يحيى يقول : مرسلات أبي إسحاق عندي شبه لا شئ والاعمش والتيمي ويحيى بن أبي كثير . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول : مرسلات ابن عيينة شبه الريح ، ثم قال : اي والله وسفيان بن سعيد . قلت مرسلات مالك بن انس ؟ قال : هي احب الي ، ثم قال : ليس في القوم اصح حديثا من مالك . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي : قال يحيى : اما مجاهد عن علي فليس به بأس ، قد اسند [ عن ] ابن أبي ليلى عن علي ، واما عطاء - يعني عن علي - فأخاف ان يكون من كتاب . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول : مرسلات ابن أبي خالد ليس بشئ ، ومرسلات عمرو بن دينار احب الي . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت ليحيى بن سعيد : بسر ابن سعيد لقي زيد بن ثابت ؟ قال : وما ينكر أن يكون قد لقيه ؟ . قلت روي عن أبي صالح عن زيد بن ثابت ؟ قال قد روي شقيق عن رجل عن عبد الله . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول : مرسلات معاوية بن قرة أحب الي من مرسلات زيد بن اسلم . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي قال ذكرت ليحيى حديث موسى بن عبيدة عن عمر بن الحكم قال سمعت سعدا يحدث عن النبي ﷺ قال : صلاة في مسجدي هذا فانكر أن يكون عمر بن الحكم سمع من سعد ، ولم يرض موسى بن عبيدة .
 
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي قال قلت ليحيى بن سعيد نا وكيع نا المغيرة بن زياد عن عطاء عن ابن عباس قال : ليس على النائم جالسا وضوء حتى يضع جنبه فأنكره وقال : هذا قول عطاء حدثنا ابن جريج عن عطاء . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم نا عمرو بن علي نا يحيى عن شعبة عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال : لا يجد العبد طعم الايمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره وهذا خطأ من شعبة ، نا يحيى نا سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن عبد الله ، وهو الصواب . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم نا عمرو بن علي قال سمعت يحيى يقول : كان ابن جريج لا يصحح انه سمع من الزهري [ شيئا ] قال فجهدت به في حديث ان ناسا من اليهود غزوا مع رسول الله ﷺ فأسهم لهم فلم يصحح أنه سمع من الزهري ، ولم يسمع ابن جريج من مجاهد الا حديثا واحدا : فطلقوهن في قبل عدتهن ، ولم يسمع ابن جريج من ابن طاوس الا حديثا في محرم اصاب ذرات قال : فيها قبضات من طعام ، ولم يسمع الحجاج بن ارطاة من الشعبي الا حديثا : لا تجوز صدقة حتى تقبض . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى ارسال الزهري وقتادة شيئا ، ويقول : هو يمنزلة الريح ، ويقول : هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشئ علقوه . ما ذكر من نفع يحيى بن سعيد [ القطان ] للإسلام واهله حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري قال سمعت محمد بن بندار الجرجاني المعروف بالسباك قال قلت لعلي ابن المدينى : من انفع من رأيت للإسلام واهله ؟ قال : ما رأيت احدا أنفع للإسلام واهله من يحيى بن سعيد القطان . ما ذكر من اتقان يحيى بن سعيد [ القطان ] وتثبته - في الحديث 
 
حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر عبد الله بن محمد بن الفضل الاسدي قال سمعت أحمد بن حنبل يقول : يحيى بن سعيد القطان إليه المنتهى في التثبت بالبصرة . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال قال أبي : يحيى بن عيد اثبت من هؤلاء - يعني من وكيع وعبد الرحمن ابن مهدي ويزيد بن هارون وأبي نعيم - وقد روي يحيى عن خمسين شيخا ممن روي عنهم سفيان ، - قلت كان يكثر عن سفيان ؟ قال : انما كان يتتبع ما لم يكن سمعه فيكتبه . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب قال قال أحمد بن حنبل : ما رأيت [ احدا ] اثبت في الحديث من يحيى بن سعيد ، ولم يكن في زمان يحيى القطان مثله ، كان تعلم من شعبة . حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا معاوية بن صالح بن عبيد الله الدمشقي قال قلت ليحيى بن معين : من اثبت شيوخ البصريين ؟ قال : يحيى بن سعيد - مع جماعة سماهم . حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سألت علي ابن المديني قلت : من اوثق أصحاب الثوري ؟ قال : يحيى القطان . حدثنا عبد الرحمن نا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب الي قال قال أبي : ما رأينا مثل يحيى بن سعيد في هذا الشان - يعني في الحديث - ، هو كان صاحب هذا الشان ، فقت له : ولا هشيم ؟ قال : هشيم شيخ ، وما رأينا مثل يحيى - وجعل يرفع امره جدا .
 
باب ما ذكر من جلالة يحيى بن سعيد عند أهل العلم

حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا على - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد قال قال لي شعبة : لولاك ما حدثت - يعني سفيان بن حبيب . حدثنا عبد الرحمن نا صالح [ بن أحمد بن حنبل ] نا علي قال سمعت يحيى يقول : كنت اكتب عن سفيان ههنا وحدي بالبصرة ، وعامة ما كتب عنه ههنا ما كان يبتدئني به . حدثنا عبد الرحمن نا على بن الحسن الهسنجاني نا مسدد قال قال يحيى بن سعيد : جاءني أبو اسامة فذهبت معه إلى شعبة فحدثه باربعين أو خمسين حديثا في فضائل علي ، ثم قال : لولا مكانك ما حدثته بحديث . 

باب ما ذكر من حفظ يحيى بن سعيد

حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا عمرو بن علي قال سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول كنت انا وخالد - يعني ابن الحارث - ومعاذ - يعني ابن معاذ - وما تقدماني في شئ قط [ يعني ] من العلم ، وكنت اذهب انا ومعاذ وخالد بن الحارث إلى ابن عون فيخرج فيقعدان ويكتبان وأجئ فاكتبها في البيت . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي [ يعني ابن المديني ] قال ذكرت ليحيى أصحاب شعبة فقال : انا لا اسمي لك احدا ، كان عامتهم يميلها عليهم رجل الا خالد ومعاذ ، قال كنا إذا قمنا من عند شعبة جلس خالد ناحية ومعاذ ناحية فكتب كل واحد منهما بحفظه ، واما انا فكنت لا اكتب حتى اجئ البيت . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال قلت ليحيى : أخبرني عن ابن أبي ذئب ومن كنت تحفظه عنه كيف كان يصنع فيه ؟ يعنى عبد الله بن سلمة الافطس ، قال كنت اتحفظها واكتبها ثم ينسخها من كتابي . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول : يحيى بن سعيد القطان حافظ ثقة . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: يحيى بن سعيد من الثقات الحفاظ . 

باب ما ذكر من ملازمة يحيى بن سعيد لشعبة وكثرة اختلافه إليه وتعلمه منه معرفة الحديث

حدثنا عبد الرحمن [ نا أبي ] قال سمعت أبا الوليد الطيالسي قال سمعت يحيى بن سعيد يقول : اختلفت إلى شعبة عشرين سنة . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه ين الحسن قال سمعت أبا طالب أحمد بن حميد قال قال أحمد بن حنبل : لم يكن في زمان يحيى بن سعيد القطان مثله ، كان تعلم من شعبة . 

باب ما ذكر من وصف [ طلب ] يحيى بن سعيد للعلم وصبره عليه

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا سعيد أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد [ القطان ] يقول قال والدي قال أبو سعيد - يعني يحيى بن سعيد [ القطان ] : كنت اخرج من البيت وانا اطلب الحديث فلا ارجع الا بعد العتمة . 

باب ما ذكر من معرفة يحيى بن سعيد بتاريخ ناقلة الآثار ورواة الاخبار

حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم [ بن شعيب ] نا عمرو ابن علي قال سمعت ازهر السمان يقول سمعت ابن عون يقول قدمت الكوفة سنة احدى وتسعين وخرجت سنة اربع وتسعين فرأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى ، ورأيت كردوسا وكان قاضي الجماعة ، وكان عمران الخياط ينقل الي حديث زيد بن وهب - فذكرت هذا ليحيى بن سعيد فانكره وقال : غلط بعشر سنين ، كيف يرى عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو فقد في الجماجم ؟ قال أبو حفص والجماجم سنة ثمان وثمانين . قال أبو محمد يعني ان ازهر السمان غلط بعشر سنين كان قدومه [ الكوفة ] سنة احدى وثمانين فقال احدى وتسعين . ما ذكر من زهد يحيى [ بن سعيد ] وورعه حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد [ القطان ] قال لم يكن أبو سعيد - يعني جده [ يحيى بن سعيد ] يمزح ولا يضحك الا تبسما وما أعلم [ اني ] رأيته قهقه قط ولا دخل حماما قط ولا اكتحل ولا ادهن وكان يخضب خضابا حسنا كنت اسمعه يقول : ما عسى بقاء رجل لم يبق من اترابه الا ازهر السمان . 

[عبد الرحمن بن مهدي]

ومن العلماء الجهابذة النقاد من أهل البصرة من الطبقة الثانية عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله ما ذكر من علم عبد الرحمن بن مهدي بناقلة الآثار وصحيح الاخبار وسقيمها وفقهه ومعرفته حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت أبا الربيع الزهراني قال سمعت جرير الرازي يقول : ما رأيت مثل عبد الرحمن بن مهدي ، ووصف عنه بصرا بالحديث وحفظا . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال سمعت علي ابن المديني يقول : كان عبد الرحمن بن مهدي أعلم الناس - ، قالها مرارا . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت أبا هريرة الواسطي قال : كانت الحلقة لعبد الرحمن بن مهدي في مسجد الجامع ، وكان معاذ بن معاذ يقعد إلى سارية في الصدر عن يمينه يحيى بن سعيد وعن يساره خالد بن الحارث وعبد الرحمن له المسألة والمذاكرة ، وهؤلاء مرة بعد المرة الحديث بعد الحديث .
 
 حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال نا عمرو بن علي قال سألت عبد الرحمن بن مهدي عن حديث لعبد الكريم المعلم فقال : هو عن عبد الكريم ، فلما قام سألته فيما بيني وبينه ، قال : فأين التقوى ؟ . قال أبو محمد يعني ان التقوى تحجزه عن الرواية عمن ليس بثقة عنده في السر والعلانية ، وكان عبد الكريم المعلم عنده غير قوي ، فكره ان يحدث عنه . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال سمعت نعيم بن حماد قال قلت لعبد الرحمن بن مهدي كيف تعرف الكذاب ؟ قال : كما يعرف الطبيب المجنون . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمد بن أبي صفوان قال سمعت علي ابن المديني يقول : لو اخذت فاحلفت بين الركن والمقام لحلفت بالله عزوجل إني لم ار احدا [ قط ] أعلم بالحديث من عبد الرحمن بن مهدي . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن البراء قال قال علي ابن المديني [ ثم ] كان بعد مالك بن انس عبد الرحمن بن مهدي يذهب مذهبهم يعني [ مذهب ] تابعي أهل المدينة ويقتدي بطريقتهم ، وقال علي ابن المديني : نظرت فإذا الاسناد يدور على ستة ثم صار علم [ هؤلاء ] الستة إلى اثني عشر ، ثم انتهى علم الاثني عشر إلى ستة - ، يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ووكيع بن الجراح وعبد الله بن المبارك ويحيى بن آدم . 

باب ما ذكر من اتقان عبد الرحمن بن مهدي وحفظه وثبته

حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد [ بن حنبل ] قال قلت لآبي أيما اثبت عندك عبد الرحمن بن مهدي أو وكيع ؟ فقال : عبد الرحمن أقل سقطا من وكيع في سفيان ، قد خالفه وكيع في ستين حديثا من حديث سفيان ، وكان عبد الرحمن يجئ بها على الفاظها ، وهو اكثر عددا لشيوخ سفيان من وكيع ، وروي وكيع عن نحو من خمسين شيخا لم يرو عنهم عبد الرحمن ، ولقد كان لعبد الرحمن توق حسن . قلت : فابو نعيم ؟ قال : أين يقع أبو نعيم من هؤلاء ؟ . حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سألت علي ابن المديني : من اوثق أصحاب الثوري ؟ قال : يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي . حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت المقدمي محمد بن أبي بكر يقول : ما رأيت احدا اتقن لما سمع ولما لم يسمع [ وحديث الناس ] من عبد الرحمن بن مهدي . 
 
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا معاوية بن صالح بن [ أبي ] عبيد الله الدمشقي قال قلت ليحيى بن معين : من اثبت شيوخ البصريين ؟ قال : عبد الرحمن بن مهدي مع جماعة سماهم . حدثنا عبد الرحمن انا عبد الله بن أحمد [ بن حنبل ] فيما كتب إلى قال سمعت أبي - يعني أحمد بن حنبل وذكر ابن مهدي فقال : كان ثقة خيارا من معادن الصدق صالح مسلم . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال حدثوني عن يحيى بن سعيد القطان قال : ما قرأ عبد الرحمن بن مهدي علي مالك اثبت مما سمع الناس . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال سألت عبد الرحمن ابن مهدي وهو يحدثنا بأحاديث مالك عن أبي الاسود عن عروة فمن حسنها قلت له : من أبو الاسود هذا يا أبا سعيد قال [ هذا ] محمد ابن عبد الرحمن بن نوفل ربيب عروة اخو هشام بن عروة من الرضاعة وهو الذي يقول هشام في حديث عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ : ان الله عزوجل لا ينتزع العلم انتزاعا ينتزعه من الناس - فقال هشام : وحدثني اخي محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن أبي قال : لم يزل امر بني اسراءيل معتدلا حتى نشأ فيهم ابناء سبايا الامم فقالوا فيهم بالرأي فضلوا واضلوا فقلت قد كتبته يا أبا سعيد وليس هو هكذا فقال بلى أخرج إلى أبو اسامة كتابه وهو هكذا . قال أحمد بن سنان وكنت كتبته عن أبي اسامة بالكوفة قبل ان انحدر إلى البصرة فلما قدمت واسطا لم يكن لي همة الا أن انظر في كتابي ، فنظرت فإذا الحديث قد املي علينا عن هشام عن ابيه تاما فلما أتمه قال هشام أخبرني من سمع أبي يقول : لم يزل امر بني اسراءيل معتدلا حتى ذكر الحديث بتمامه . 
 
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول : عبد الرحمن بن مهدي اثبت أصحاب حماد بن زيد ، وهو امام ثقة ، اثبت من يحيى بن سعيد ، واتقن من وكيع ، وكان عرض حديثه على سفيان [ الثوري ] . حدثنا عبد الرحمن نا أبو زرعة قال سمعت نوح بن حبيب يقول : حضرنا عبد الرحمن بن مهدي فحدثنا عن سفيان عن منصور عن أبي الضحى في قوله عزوجل ( انما أنت منطر ولكل قوم هاد ) فقال له رجل حضر معنا يا أبا سعيد حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن ابيه عن أبي الضحى ، قال فسكت عبد الرحمن وقال له آخر يا أبا سعيد حدثنا وكيع عن سفيان عن ابيه عن أبي الضحى ، قال فسكت وقال : حافظان ، ثم قال دعوه ، قال نوح ثم اتوا يحيى بن سعيد فأخبروه ان عبد الرحمن [ ابن مهدي ] حدث بهذا الحديث عن الثوري عن منصور عن أبي الضحى فأخبر انك تخالفه ويخالفه وكيع فأمسك عنه وقال : حافظان ، قال فدخل يحيى بن سعيد ففتش كتبه فخرج وقال : هو كما قال عبد الرحمن عن سفيان عن منصور ، قال نوح فأخبر وكيع بقصة عبد الرحمن والحديث وقوله [ حافظان ] فقال وكيع عافى الله أبا سعيد ، لا ينبغي ان يقبل الكذب علينا ، قال ثم نظر وكيع فقال : هو كما قال عبد الرحمن اجعلوه عن منصور . 

باب ما ذكر من جلالة عبد الرحمن [ بن مهدي ] عند العلماء

حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا عبد الرحمن بن عمر الزهري قال سمعت ايوب بن المتوكل قال كان حماد بن زيد إذا نظر إلى عبد الرحمن بن مهدي في مجلسه تهلل وجهه . حدثنا عبد الرحمن أخبرني محمود بن آدم المروزي فيما كتب الي قال سمعت صدقة بن الفضل قال اتيت يحيى بن سعيد [ القطان ] أسأله عن شئ من الحديث فقال لي : الزم عبد الرحمن بن مهدي ، وافادني عنه - أحاديث فسألت سمعت مهدي ابن حسان والد عبد الرحمن بن مهدي قال : كان عبد الرحمن يكون عند سفيان عشرة ايام ، خمسة عشر يوما ، بالليل والنهار ، فإذا جاءنا ساعة جاء رسول سفيان في اثره فيقول : سفيان يدعوك ، فيدعنا ويذهب إليه . 
 
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : أفتى سفيان الثوري في مسألة فرآني كأني انكرت فتياه قال : أنت ما تقول ؟ قلت كذا وكذا خلاف ما يقول ، قال فسكت ولم يقل شيئا . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - نا عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قال قال [ لي ] سفيان : لو أن عندي كتبي لافدتك علما . قال أبو محمد فقد بان بذلك جلالة عبد الرحمن عند الثوري إذ بدأه بهذا القول . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول [ قدمت على سفيان بن عيينة فجعل يسألني عن الحديث . ذكره أبي نا محمد بن أبي صفوان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول ] كتب عني الحديث في حلقة مالك بن انس . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا بكر بن خلف قال حدثني حسين ابن عروة قال كنا عند حماد بن زيد وعنده عبد الرحمن فقال حماد : ان كان احد يؤتي لهذا الشان فهو هذا الشاب . قال أبو محمد [ يعني ] قال بعد ما قام عبد الرحمن من عنده . 

باب ما ذكر من تبجيل عبد الرحمن بن مهدي للعلم واهله

حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال كان عبد الرحمن [ بن مهدي ] لا يتحدث في مجلسه ولا يبري قلم ولا يتبسم ولا يقوم احد قائما كأن على رؤوسهم الطير أو كأنهم في صلاة فان رأى احدا منهم تبسم [ أو تحدث ] أو يضحك أو يبري قملا لبس نعله وخرج . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي ثنا محمد بن أبي صفوان قال سمعت عبد الرحمن [ بن مهدي ] يقول : اختلفت إلى حماد بن زيد زمانا مالي إليه حاجة . 

باب ما ذكر من علم عبد الرحمن [ بن مهدي ] بعلل الحديث

حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال قال لي عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - : يهم ابن عيينة في حديث منصور أن سعدا استأذن علي رسول الله ﷺ قبالة الباب فقال : لا تستأذن مستقبل الباب . قال أبو محمد يعني ان ابن عيينة روي عن منصور عن هلال بن يساف ان سعدا استأذن . قال علي ابن المديني فقلت لعبد الرحمن [ بن مهدي ] ومن خالفه ؟ قال حدثنا عمر الابار عن منصور عن طلحة بن مصرف عن هزيل ابن شرحبيل ان سعدا استأذن . قال أبو محمد فقد بان ان عبد الرحمن ابن مهدي حكم لعمر الابار في روايته هذا الحديث بما ذكر من الاسناد واوقع الغلط على ابن عيينة مع ان ابن المقرئ حدثنا عن سفيان عن منصور عن بعض أصحابه ان سعدا استأذن علي [ النبي ﷺ . وانا يونس بن عبد الاعلى فيما قرئ عليه عن سفيان عن منصور قال اراه عن هلال بن يساف ان سعدا استأذن علي ] رسول الله ﷺ ، وحدثنا أبو بكر بن أبي عاصم النبيل نا محمد بن فضيل البزاز من ساكني مكة نا وكيع عن سفيان عن منصور عن طلحة عن هزيل عن سعد انه اطلع أو أدخل رأسه فقال النبي ﷺ : انما جعل الاستئذان من اجل البصر . قال أبو محمد فقد بان صحة قول عبد الرحمن بن مهدي في علة هذا الحديث .
 
 حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن - [ يعني ] ابن مهدي - يقول : خالفني ابن المبارك في حياة سفيان في حديث حبيب عن إبراهيم في عدة ام الولد قال : ليس هو حبيب بن أبي ثابت . قال عبد الرحمن فسألت سفيان عنه فقال : هو حبيب بن أبي ثابت . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - وذكرت له حديث جرير بن عبد الحميد عن مغيرة عن الشعبي [ عن عمر في الخطأ أخماسا - يعني دية الخطأ - فانكره عبد الرحمن وقال : هذا حديث عبيدة ، قال عبد الرحمن حدثني به هشيم عن عبيدة . نا صالح نا علي قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي قال كان السمان - يعني ازهر - يحدثني عن سفيان عن عيسى بن عيسى الحناط عن الشعبي ] عن مسروق عن عبد الله في القطع ، قال عبد الرحمن فسألت سفيان عنه فقال : عيسى بن أبي عزة عن الشعبي عن عبد الله ، قال أبو محمد يعني ان الصحيح هو عن عيسى بن أبي عزة عن الشعبي عن عبد الله ، مرسل ، وان الذي رواه ازهر السمان غلط . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت لعبد الرحمن انهم رووا عن أبي عوانة عن قتادة عن انس ان أبا بكر رضي الله عنه اوصى بالخمس فأنكره عبد الرحمن 
 
وقال : باطل ، ثم قال انما حدثنا أبو عوانة عن قتادة مرسلا ، ثم قال عبد الرحمن : قد حدثتم ايضا عن قتادة عن انس : ليس على النساء جمعة ، ليس له اصل . عبد الرحمن يقول : ليس له اصل . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي [ يعني ابن المديني ] قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : في حديث رواه الثوري عن عكرمة ابن عمار عن الحضرمي بن لاحق عن ابن عمر وابن عباس انهما كانا يقردان بعيرهما وهما محرمان ، فقال عبد الرحمن : انا افدت سفيان عن عكرمة بن عمار عن الحضروي بن لاحق ان ابن عمر كان يقرد بعيره فحدثه به فغلط فيه فقال سمعت الحضروي يحدث ان ابن عمر وابن عباس كانا يقردان [ البعير ] . قال أبو محمد يعني وليس في الحديث ابن عباس فغلط فزاد فيه ابن عباس . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي قال ذكرت لعبد الرحمن حديثا سمعت يحيى بن سعيد يروي عن محمد بن مهران . عن جده ان [ ابن ] عمر كان يقرأ في الوتر في الثانية قل اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس ، فانكر ولم يرض الشيخ . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت لعبد الرحمن - يعني ابن مهدي : ان الزهري روي عن النبي ﷺ في الضحك في الصلاة ؟ قال عبد الرحمن حدثني رجل انه رأى هذا الحديث عند ابن اخي ابن شهاب في كتب الزهري عن سليمان بن ارقم عن الحسن ، قلت لعبد الرحمن : ان الزهري كانت له مرسلات رديئة وافسدت على مرسلاته - حين ذكر أنه روي هذا الحديث عن سليمان ابن ارقم عن الحسن . حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي [ يعني ابن المديني ] قال قال عبد الرحمن نا حماد بن زيد عن حفص بن سليمان عن أبي العالية ان النبي ﷺ [ امر ] من ضحك في الصلاة ان يعيد الوضوء والصلاة . 

باب ما ذكر من كثرة علم عبد الرحمن بن مهدي

حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال سئل أحمد بن حنبل عن يحيى ابن سعيد وعبد الرحمن ابن مهدي ووكيع فقال : كان عبد الرحمن اكثرهم حديثا . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الرحمن ابن مهدي يقول : عندي عن المغيرة بن شعبة عن النبي ﷺ في المسح على الخفين ثلاثة عشر حديثا . قال أبو محمد فقد بان كثرة علمه حتى يكون عنده عن المغيرة بن شعبة في المسح ثلاثة عشر حديثا . ما ذكر من عناية عبد الرحمن ابن مهدي بالعلم حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي رضي الله عنه قال نا محمد بن بشار بندار قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : لو استقبلت من امري ما استدبرت لكتبت تفسير [ كل ] حديث إلى جنبه ولاتيت المدينة حتى انظر في كتب قوم [ قد ] سمعت منهم . 

[عبد الله بن المبارك]

ومن العلماء الجهابذة [ والثقات ] بخراسان من الطبقة الثانية عبد الله بن المبارك رحمة الله عليه . ما ذكر من علم عبد الله بن المبارك وفقهه حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال حدثني إسحاق بن محمد بن إبراهيم المروزي قال نعى ابن المبارك إلى سفيان بن عيينة فقال : رحمه الله لقد كان فقيها عالما عابدا زاهدا سخيا شجاعا شاعرا . حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا إسماعيل بن مسلمة القعنبي قال حدثني محمد ابن المعتمر بن سليمان قال قلت لآبي يا ابة من فقيه العرب ؟ قال : سفيان الثوري - فلما مات سفيان قلت يا ابة من فقيه العرب ؟ قال : عبد الله بن المبارك . حدثنا عبد الرحمن نا حجاج بن حمزة ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال كان عبد الله - يعني ابن المبارك - لا يفتي الا بقوة واثر . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب أحمد ابن حميد قال سمعت أحمد [ بن محمد ] بن حنبل يقول : لم يكن في زمان ابن المبارك احد اطلب للعلم منه ، لحل إلى اليمن والى مصر والشام والبصرة والكوفة وكان من رواة العلم ، وكان أهل ذاك ، كتب عن الصغار والكبار كتب عن عبد الرحمن بن مهدي وكتب عن الفزاري وجمع امرا عظيما . 
 
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا عمر وبن محمد الناقد قال سمعت سفيان ابن عيينة يقول : ما قدم علينا احد يشبه عبد الله بن المبارك ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة اراه قال - في الكيس والمعرفة . حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر بن الاسدي عبد الله بن محمد بن الفضل الصيداوي قال مسعت ابن شنبويه ( ؟ ) قال سئل ابن المبارك مسألة في المسجد الحرام فجعل يقول : مثلي يفتي في المسجد الحرام ؟ أو أنا أهل ان افتي في المسجد الحرام . حدثنا عبد الرحمن نا سهل بن يحيى العسكري نا محمد بن عبد المجيد نا عبد الله بن المبارك قال كتب الي سفيان بن سعيد : إلى عبد الله [ ابن المبارك ] اما بعد فانشر في الناس مما علمك الله واياك والسلطان . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا المسيب بن واضح قال سمعت المعتمر بن سليمان يقول : ما رأيت مثل ابن المبارك نصيب عنده الشئ الذي لا يصاب عند احد . 
 
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى قال أخبرني عبد الله بن أحمد ابن شبويه قال سمعت أبا الوليد الطيالسي يقول : ما رأيت اجمع من عبد الله بن المبارك . حدثنا عبد الرحمن [ نا أبي ] نا علي بن محمد الطنافسي نا محمد بن أبي خالد قال لما اتى ابن المبارك ابن جريج فاستنطقه فسمع كلامه فقال له : أين نشأت ؟ قال : بخراسان ، قال : ما ظننت خراسان تخرج مثلك - قال وأمكنه من كتبه . حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت عبدة بن سليمان قال قال ابن المبارك كان الربيع بن انس مختفيا عند حائك فاتيته فجهدت أن يأذن لي عليه فأبى فاعطيته اربعين درهما فأذن لي فدخلت عليه فسمعت منه اربعين حديثا ، ثم عدت فجهدت أن يأذن لي فأبى فتركته . قال عبدة لو كان بعض أصحاب الحديث لسعى به . حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول : كان ابن المبارك ربع الدنيا بالرحلة في طلب الحديث لم يدع اليمن ولا مصر ولا الشام ولا الجزيرة ولا البصرة ولا الكوفة . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : عبد الله بن المبارك اجتمع فيه فقه وسخاء وشجاعة وغزو واشياء . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن البراء قال قال علي ابن المديني نظرت فإذا الاسناد يدور على ستة ثم صار [ علم ] هؤلاء الستة إلى اثني عشر ثم انتهى علم الاثني عشر إلى ستة - إلى يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وعبد الله بن المبارك ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ويحيى بن آدم . 

باب ما ذكر في ابن المبارك انه كان امام أهل زمانه

حدثنا عبد الرحمن نا أبي رحمه الله قال سمعت ابن الطباع يحدث عن عبد الرحمن بن مهدي قال : الأئمة أربعة ، سفيان الثوري ومالك بن انس وحماد بن زيد وابن المبارك . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا المسيب بن واضح قال سمعت أبا إسحاق الفزارى يقول : ابن المبارك امام المسلمين - ورأيت أبا إسحاق بين يدي ابن المبارك قاعدا يسائله . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن إبراهيم بن سميع قال قال مسيب بن واضح سمعت أبا إسحاق - يعني إبراهيم بن محمد الفزاري - يقول : ابن المبارك امام العالمين . حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول : عبد الله بن المبارك ثقة امام 

باب ما ذكر من فضل ابن المبارك في نفسه وصلاحه

حدثنا عبد الرحمن انا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب الي قال نا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة قال سمعت أبي يقول قال لي شعبة : عرفت ابن المبارك ؟ قلت : نعم ، قال : ما قدم علينا من ناحيته مثله . حدثنا عبد الرحمن نا أبو نشيط محمد بن هارون قال سمعت نعيم بن حماد قال قلت لعبد الرحمن بن مهدي : ايهما افضل عندك ابن المبارك أو سفيان الثوري ؟ فقال : ابن المبارك ، فقلت : ان الناس يخالفونك ، قال ، ان الناس لم يجربوا ، ما رأيت مثل ابن المبارك . حدثنا عبد الرحمن نا الفضل بن محمد النيسابوري نا سنيد بن داود قال سمعت شعيب بن حرب يقول سمعت سفيان الثوري يقول : لو جهدت جهدي ان اكون في السنة ثلاثة ايام على ما عليه ابن المبارك لم اقدر . حدثنا عبد الرحمن نا الحجاج بن حمزة الخشابي نا علي بن الحسن ابن شقيق عن شيخ بنيسابور ان ابن المبارك حضر يوما عند الثوري فلم يتكلم بحرف حتى قام ، فلما قام قال لأصحابه : وددت اني اقدر أن اكون مثله . حدثنا عبد الرحمن نا حجاج بن حمزة قال قال علي بن الحسن بن شقيق : لم أر احدا من الناس اقرأ من ابن المبارك ، ولا أحسن قراءة ولا اكثر صلاة منه ، كان يصلي الليل كله في السفر وغيره ، وكان يرتل القراءة ويمدها ، وانما ترك النوم في المحمل لأنه كان يصلي وكان الناس لا يدرون . 
 
حدثنا عبد الرحمن نا حجاج بن حمزة قال قال علي بن الحسن بن شقيق برني محمد بن اعين وكان صاحب ابن المبارك في الاسفار وكان كريما عليه ، قال كان ذات ليلة ونحن في غزاة الروم ذهب ليضع رأسه ليريني انه ينام فقلت انا برمحي في يدي قبضت عليه ووضعت رأسي على الرمح كأني انام كذلك قال فظن اني قد نمت فقام فأخذ في صلاته فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر وانا أرمقه فلما طلع الفجر جاء فايقظني وظن انى نائم وقال يا محمد فقلت اني لم انم قال فلما سمعها مني ما رأيته بعد ذلك يكلمني ولا ينبسط الي في شئ من غزاته كلها كأنه لم يعجبه ذاك مني لما فطنت له من العمل فلم ازل اعرفها فيه حتى مات ولم ار رجلا قط اسر بالخير منه . حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر بن أبي الدنيا قال حدثني محمد بن حسان السمتي قال حدثني أبو عثمان الكلبي قال قال لي الأوزاعي : رأيت عبد الله ابن المبارك ؟ قلت : لا ، قال : لو رأيته لقرت عينك . حدثنا عبد الرحمن نا أبو نشيط محمد بن هارون قال سمعت نعيم ابن حماد يقول سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : ما رأيت مثل ابن المبارك . [ نا الحسن بن محمد بن سلمة النحوي قال قال حبان بن موسى سمعت عثمان يقول : لم ار مثل عبد الله بن المبارك ] . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال بلغني ان ابن المبارك اتى حماد بن زيد في اول الامر قال فنظر إليه فأعجبه نحوه فقال [ له ] : من أين أنت ؟ قال : من أهل خراسان ، قال : من اي خراسان ؟ قال : من مرو : قال : تعرف رجلا - أو فتى يقال - له عبد الله بن المبارك ؟ قال : نعم قال : ما فعل ؟ 
 
قال : هو الذي تخاطب ، قال فسلم عليه ورحب به . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن إبراهيم ابن سميع نا عبيد بن جناد قال قال لي عطاء بن مسلم : يا عبيد هل رأيت ابن المبارك ؟ قلت : نعم ، قال : [ ما ] رأيت بعينيك مثله ولا ترى بعينيك مثله حتى تموت . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى انا يوسف بن واقد قال : ما رأيت العيون مثل ابن المبارك . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال سمعت عبد الله ابن سنان الخراساني يقول كان لعبد الله بن المبارك اخوات وكان لابيه المبارك بستان بمرو فنحله عبد الله فلما كبر عبد الله وترعرع وجالس أهل العلم وطلب العلم جاء إلى اخواته فقال لهن ان ابانا كان صنع امرا لم ينبغ له ان يصنعه نحلنى هذا البستان دونكم وليس احد احق ان يخرج اباه مما جعل فيه مني فقد رددت هذا البستان وجعلته ميراثا بيننا [ على كتاب الله عزوجل فحللوا ابانا مما كان دخل فيه ] ، فقلن له أنت في حل وابونا في حل وهو لك كما كان والدنا نحلك ، قال : لا ، ولكنه ميراث بيننا فحللوه : فحللوه ، قال فتزوج عبد الله فولد له ابن فنحلن الاخوات ابن عبد الله حصصهن من البستان قال فمات الغلام فورثه عبد الله فرجع إليه البستان كما كان أبوه نحله . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى انا نوح بن حبيب نا عبد الرحمن ابن مهدي قال : حدثني ابن المبارك وكان نسيج وحده . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم قال قال أبو سلمة : ما رأيت مثل عبد الله بن المبارك . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الله بن سنان الخراساني قال غدوت انا وصاحب لي إلى عبد الله [ بن المبارك في يوم شديد البرد فاستأذنا ] فخرج الينا وعليه قباء طاق فقال جئتم من موضع كذا هذه الساعة فقعد معنا فظننا انه قعد مقدار ما جئنا من موضعا حتى بلغناه ليصيبه من البرد كما أصابنا . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب الي عبد الله بن خبيق قال سمعت يوسف يعني ابن اسباط - يقول : ابن المبارك سيد القراء وهو احب إلى من أبي . حدثنا عبد الرحمن نا الحجاج بن حمزة نا علي بن الحسن بن شقيق قال : لم ار رجلا قط اسر بالخير من عبد الله - يعني ابن المبارك . 
 
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول سمعت عبدة بن سليمان يقول : كان ابن المبارك إذا صلى العصر اتى مسجد المصيصة - يعني مسجد الجامع - فاستقبل القبلة يذكر الله ولم يكلم احدا حتى تغرب الشمس . حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت الحسن بن الربيع يقول قال لي ابن المبارك : ما حرفتك ؟ قلت انا بوراني ، قال وما بوراني ؟ قلت لي غلمان يصنعون البواري ، قال : لو لم تكن لك صناعة ما صحبتني . ما ذكر من معرفة ابن المبارك برواة الآثار وناقله الاخبار وكلامه فيهم حدثنا عبد الرحمن قال قرئ علي العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول في حديث قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي ﷺ : حذف السلام سنة ، قال يحيى : كان عيسى بن يونس يرفعه فقال له ابن المبارك : لا ترفعه فكان بعد لا يرفعه . حدثنا عبد الرحمن نا أبو الفضل الهروي محمد بن أبي الحسين نا أحمد ابن علي الابار البغدادي نا محمد بن علي الشقيقي قال أخبرني أبو عمرو نوح المروزي عن سفيان بن عبد الملك قال قال عبد الله - يعني ابن المبارك - إبراهيم بن طهمان والسكري - يعني أبا حمزة صحيحا الكتب . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ نا عبد الرحمن بن الحكم ابن بشير عن نوفل - يعني ابن مطهر - قال كان بالكوفة رجل يقال له حبيب المالكي وكان رجلا له فضل وصحبة فذكرناه لابن المبارك فأثنينا عليه - قلت عنده حديث غريب ، قال : ما هو ؟ 
 
قلت : الاعمش عن زيد بن وهب قال سألت حذيفة عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال : ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر [ لحسن ] ولكن ليس من السنة ان تخرج على المسلمين بالسيف ، فقال : هذا حديث ليس بشئ ، قلت له انه وانه ، فأبى ، فلما اكثرت عليه في ثنائي عليه فقال : عافاه الله في كل شئ الا في هذا الحديث هذا حديث كنا نستحسنه من حديث سفيان عن حبيب عن أبي البختري عن حذيفة . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال سمعت نعيم بن حماد يقول : كان ابن المبارك لا يترك حديث الرجل حتى يبلغه عنه الشئ الذي لا يستطيع ان يدفعه . حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت يوسف بن يعقوب الصفار قال : ذكر لابن المبارك حديث رواه حبيب بن خالد المالكي فقال : : ليس بشئ ، فقيل لابن المبارك : انه شيخ صالح ، فقال ابن المبارك : هو صالح في كل شئ الا في هذا الحديث . حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت إبراهيم بن موسى يحكي عن بعض المراوزة عن ابن المبارك انه سمع رجلا يذكر ابن لهيعة فقال : قد اراب ابن لهيعة - يعني قد ظهرت عورته . حدثنا عبد الرحمن نا أبو زرعة قال سمعت إبراهيم بن موسى قال سمعت رباح بن خالد قال مسعت ابن المبارك يقول : إذا اجتمع إسماعيل ابن عياش وبقية في الحديث فبقية احب الي . حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا إبراهيم بن موسى نا بقية قال قال لي ابن المبارك : أخرج إلى حديث ثابت بن عجلان ، قلت انها متفرقة ، قال اجمعها [ لي ] ، فجعلت اتذكرها واملي عليه . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا نعيم بن حماد قال رأيت ابن المبارك يقول : اطرح حديث محمد بن سالم . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور بن راشد المروزي قال سمعت سلمة بن سليمان يقول قال عبد الله - [ يعني ] ابن المبارك : إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم فيما بينهم . حدثنا عبد الرحمن انا أبو الحسين الرهاوي [ أحمد بن سليمان ] فيما كتب الي قال سمعت منصور بن موسى قال سمعت يحيى بن آدم يقول لعبد الله بن المبارك ايهما احب اليك نصر بن طريف أو عثمان البري ؟ قال : لاذا ولاذا . 
 
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت هشام بن عبيد الله الرازي قال سألت ابن المبارك : من اروى الناس - أو أحسن الناس رواية - عن المغيرة ؟ أجرير ؟ قال : أبو عوانة . حدثنا عبد الرحمن نا أبو عبد الله الطهراني انا عبد الرزاق قال قال ابن المبارك : ما رأيت احدا اروى للزهري من معمر الا ان يونس كان آخذ للسند لأنه كان يكتب . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي [ يعني ] ابن المديني - قال سألت عبد الرحمن بن مهدي عن يونس الايلي قال : كان ابن المبارك يقول : كتابه صحيح . قال عبد الرحمن وانا اقول : كتابه صحيح . حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي قال سمعت سعيد بن صالح قال رأيت ابن المبارك مر على رجل بهمذان يحدث عن يزيد بن زريع فقال : عن مثله فحدث . حدثنا عبد الرحمن انا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب الي نا محمد ابن عبد العزيز بن أبي رزمة قال أخبرني أبي عن عبد الله بن المبارك عن عمار بن يوسف ، واثني عليه خيرا . حدثنا عبد الرحمن نا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلى نا الحسن بن عيسى بن ما سرجس قال سمعت ابن المبارك يقول : لا يكتب عن جرير بن عبد الحميد حديث السري بن إسماعيل ، وترك ابن المبارك حديثه حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن قال سمعت نعيم بن حماد قال سمعت ابن ارك وذكر [ عنده ] حديث سلم بن سالم فقال : هذا من عقارب سلم . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا عبد الرحمن بن عمر الزهري نا إبراهيم بن عيسى الطالقاني قال قلت لابن المبارك : شهاب بن خراش ؟ فقال : ثقة . 
 
حدثنا عبد الرحمن نا على بن الحسن الهسنجاني قال سمعت يحيى ابن معين قال سمعت ابن المبارك يغمز عمر بن هارون في سماعه من جعفر ابن محمد ، وكان عمر يروي عنه ستين حديثا أو نحو ذلك . حدثنا عبد الرحمن انا عمار بن رجاء فيما كتب الي نا يحيى بن إسحاق السالحيني قال قال ابن المبارك : لم ار رجلا افضل من يحيى بن ايوب . حدثنا عبد الرحمن انا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب الي قال حدثني الحسن بن عيسى قال : ترك ابن المبارك حديث ايوب ابن خوط ، وترك عمرو بن ثابت . حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يذكر عن بعض مشيخته عن ابن المبارك قال : لم يكن بالمدينة احد اشبه باهل العلم من ابن عجلان ، كنت اشبهه بالياقوتة [ بين العلماء ] . حدثنا عبد الرحمن ثنا علي بن الحسن الهسنجاني نا نعيم بن حماد قال قلت لابن المبارك : لاي شئ تركوا عمرو بن عبيد ؟ قال ان عمرا كان يدعو - يعني إلى القدر . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا عبد الرحمن بن عمر رستة نا إبراهيم بن عيسى الطالقاني قال قلت لابن المبارك : أيصلي احد عن احد أو يصوم احد عن احد ؟ قال : الصدقة ليس فيه اختلاف ، قلت فالحديث الذي يروي عن النبي ﷺ : ان من البر بعد البر أن تصلي لهما مع صلاتك وتصوم لهما مع صيامك - ؟ قال : الحديث عمن ؟ قلت : عن شهاب بن خراش ، قال : ثقة عمن ؟ قلت : عن الحجاج ابن دينار ، قال : ثقة عمن ؟ قلت : عن النبي ﷺ : فقال : يا أبا إسحاق بين الحجاج وبين النبي ﷺ مفازة تقطع فيها اعناق المطي . [ حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول سمعت نعيم بن حماد يقول : كان ابن المبارك لا يطرح حديث الرجل حتى يبلغه عنه الشئ الذي لا يستطيع ان يدفعه ] . حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت أحمد بن سعيد الدارمي يقول قال ابن المبارك : حديث الزهري عندنا كأخذ باليد . حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا نعيم بن حماد نا ابن المبارك عن زكريا ابن إسحاق المكي : وكان صدوقا . [ نا أبي عن أبي قدامة قال اراد ابن المبارك ان ياتي أبا المنيب العتكي المروزي فأخبر انه روي عن عكرمة قال : لا يجمع الخراج والعشر فلم ياته ] . 

باب ما ذكر من اتقان ابن المبارك وحفظه وصحة حديثه

حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت إبراهيم بن موسى يقول : لوددت ان جميع ما عندي من حديث الصنعانيين - يعني عبد الرزاق وهشام بن يوسف وابن ثور - عند رجل بقومس ثقة مثل عبد الرحمن بن مهدي عن ابن المبارك عن معمر فكنت اعيده عنه . حدثنا عبد الرحمن : قال سمعت أبي يقول قال علي ابن المديني : عبد الله بن المبارك ثقة . 

باب ما انشد في عبد الله بن المبارك رحمه الله

حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري قال سمعت أبا بكر ابن اسلم بن سليمان يقول رحل أبي من نيسابور إلى مرو ليكتب عن ابن المبارك فقال ابيات شعر انشدها لابن المبارك .

خلفت عرسي يوم السير باكية * يا ابن المبارك تبكيني برنات

خلفتها سحرا في النوم لم ارها * ففي فؤادي منها شبه كيات

اهلي وعرسي وصبياني رفضتهم * وسرت نحوك في تلك المفازات

اخاف والله قطاع الطريق به * وما امنت بها من لدغ حيات

مستوفزات بها رقش مشوهة * اخاف صولتها في كل ساعاتي

اجلس لنا كل يوم ساعة بكرا * ان خف ذاك والا بالعشيات

يا أهل مرو اعينونا بكفكم * عنا والا رميناكم بأبيات

لا تضجرونا فانا معشر صبر * وليس نرجو سوى رب السموات 

[باب ما ذكر في دخول الخلل على الإسلام بموت ابن المبارك]

حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى الواسطي حدثني محمد بن الحسين نا زكريا بن عدي قال سمعت أبا خالد الاحمر وذكر ابن المبارك فقال : ما هدت الارض منذ مات سفيان هدتها لموت ابن المبارك . 

باب ما ذكر من جلالة ابن المبارك عند العلماء

حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن إبراهيم بن سميع قال قال المسيب بن واضح : رأيت أبا إسحاق الفزاري بين يدي ابن المبارك وابو إسحاق اكبر منه بعشر سنين أو اكثر . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول نا محمد بن عباد المكي نا سفيان بن عيينة نا ابن المبارك يعني عن ابن طاوس عن ابيه قال : ليس في القلس وضوء . قال أبو محمد وقد روي سفيان بن عيينة عن ابن المبارك . 

باب ما ذكر من سخاء ابن المبارك وطهارة خلقه

حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري قال سمعت عبد الله بن أحمد نا عبد الرحمن الاحول قال سمعت ابن المبارك يقول : لما أردت ان ارتحل من عند معمر بعثت إليه بوصيف وألف درهم فلما شددت متاعي لارتحل جاءني شاب من أصحاب الحديث فذكر لي حديثا عن معمر لم أسمعه فقال لي سله قبل ان ترتحل فقلت لا آتي الشيخ بعد ما وصلته أسأله فيحدثني به على غير ما كان يحدثني به قبل ان اصله - فارتحل وما سأله عنه . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول سمعت الحسن بن الربيع يقول : ما رأينا الزما ورد الا عند ابن المبارك بالكوفة [ كان ] يتخذ طعاما ويدعو أصحاب الحديث ويمد كرباسة بالطول ويلقي عليه الثياب ويؤكل عليه ، وكان يتخذ الفالوذجات المعقدة ويطعم أصحاب الحديث . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا موسى بن المبارك الرازي قال شكا أبو اسامة إلى ابن المبارك دينا عليه وسأله ان يكلم له بعض اخوانه ، قال فعمد ابن المبارك إلى خمسمائة درهم من ماله فوجهها ليلا مع رسول له وتقدم إلى الرسول ان لا يعلمه من وجهه إليه ، قال فأتاه الرسول فدفع إليه الخمسمائة فقبضها منه وظن انها جاءته من مكان آخر ، قال ثم ان أبا اسامة لقي عبد الله بن المبارك بعد ذلك فذكره الحاجة فسكت عنه ابن المبارك فأعاد عليه مرتين أو ثلاثا فقال له ابن المبارك : فلعلها قد أتتك . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول سمعت عبدة بن سليمان قال كنا مع ابن المبارك بالمصيصة قال فأول ما جاء [ الليل ] اهديت إليه جام لبأ علي يد بني لي فقبل منه وصر في كفه دينارا ثم لقيته في السوق فقلت با أبا عبد الرحمن وجهت اليك - فقال اسكت لا تتكلم بشئ ، وكنت قد كتبت [ عنه ] قبل ذلك حديثا كثيرا . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة رحمه الله يقول بلغني ان ابن المبارك قال لآبي نعيم : اخرج إلى صنعاء في نفقتي ، فامتنع . 

باب ما ذكر من تواضع ابن المبارك رحمه الله

حدثنا عبد الرحمن نا حجاج بن حمزة قال أخبرني زنيج صاحب الطيالسة قال أخبرني فلان - رجل صالح - قال رأيت ابن المبارك وعلى عاتقه طن من حطب يدخل خان قريش . حدثنا عبد الرحمن نا حجاج بن حمزة قال أخبرني محمد بن حماد الطلاس قال أخبرني من رأى ابن المبارك حافيا بلا خف ولا نعل في شرى حوائجه في السوق . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره عبد الله بن أبي عمر البكري نا عبد الملك الميموني قال حدثني أبو جعفر الحراني قال سمعت عيسى بن يونس يقول : كنا بأرض الروم انا وابن المبارك فربما استحييت من خدمة ابن المبارك اياي يأخذ بركابي فإذا نزلنا قدم لنا الخبيص فيلقمي ويقعد فيسألني عن الحديث ويكتب فاقول [ يا شيخ - من صنعه وبره ] [ لي ] [ لله ابوك ] أما آن لك ان تشبع ؟ فيقول : ومن يشبع من هذا الشأن . 

باب ما ذكر من ورع ابن المبارك وزهده

حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري قال سمعت عبد الله بن أحمد انا عبد الرحمن [ الاحول ] قال سمعت ابن المبارك يقول [ بينا ] انا في مرحلة بين الكوفة ومكة إذ جاءني رجل معه حبل قت فجلس بين يدي فقال يا أبا عبد الرحمن انا في هذه القرية ليس فيها حانوت غير حانوتي يمر بي المار فلو ابيت بهذا الحبل الا مائة درهم لم يجد بدا من ان يشتريه مني أفأبيعه ؟ قال فالتفت إلى رفقائي فقلت شدوا متاعكم قال فارتحلت ولم اجبه بشئ قال فلما صرنا في المرحلة الاخرى قلت لرفقائي : تدرون لم سكت عن صاحب الحبل ؟ قالوا : لا ، قال كرهت ان أقول له لا تبعه ، فأحرم عليه شيئا قد احله الله عزوجل [ له ] وكرهت أن اقول له بعه فيقطع ايدي الناس وارجلهم بكلامي ، فارتحلت وسكت . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم قال سمعت محمد بن عبد الله بن حوشب الطائفي قال سمعت أبي يقول : زاملت ابن المبارك - أو قال كنت رفيقا له - شك أبو عبد الله - فذكر يوما قصيدة لسليمان العدوي فقال لي يا أبا محمد هذه احب الي من قصر ابن طاهر ، ثم ذكر يوما كلاما من هذه الرقائق فقال [ لي ] يا أبا محمد ضيعنا أيامنا في الايلاء والظهار وتركنا هذا العلم . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب الي عبد الله بن خبيق قال قيل لابن المبارك كم تكتب ؟ قال : لعل الكلمة التي أنتفع بها لم اكتبها بعد . وقيل لابن المبارك ما التواضع ؟ قال : التكبر على الاغنياء وقيل لابن المبارك اوصني ، قال : اعرف قدرك . حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا محمد بن عمرو زنيج نا أبو إسحاق الطالقاني قال سمعت ابن المبارك قال لان أتصدق بدرهم من حلال أحب الي من ان اتصدق بستين درهما من شبهة . حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري نا عمران بن هارون عن عبدة - يعني ابن سليمان - قال قيل لابن المبارك لو اتيت هذا الرجل فوعظته ؟ قال : لا ، ليس الآمر الناهي من دخل عليهم ، انما الآمر الناهي من جانبهم . حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت عبدة بن سليمان قال كنا مع ابن المبارك في ارض الروم فبينا نحن نسير ذات ليلة والسماء من فوقنا والبلة من تحتنا فقال ابن المبارك : يا أبا محمد افنينا ايامنا في الايلاء والظهار عن مثل هذه الليالي ، فلما اصبحنا نزلنا على عيني ماء فجعل الناس يتبادرون ويسقون دوابهم فقدم ابن المبارك دابته فضرب رجل من [ أهل ] الثغر وجه دابة ابن المبارك وقدم دابته ، فقال: يا أبا محمد المنافسة في مثل هذا الموضع ليس في الموضع الذي إذا رأونا قالوا وسعوا لآبي عبد الرحمن ، ارتفع يا أبا عبد الرحمن . 

[أبو إسحاق الفزاري]

ومن العلماء الجهابذة النقاد من أهل الشام من الطبقة الثانية أبو إسحاق الفزاري إبراهيم بن محمد . ما ذكر من علم أبي إسحاق الفزاري رحمة الله عليه حدثنا عبد الرحمن نا الحجاج بن حمزة العجلي نا علي بن الحسن ابن شقيق قال ذكر أبو إسحاق الفزاري عند سفيان بن عيينة فقال : ما ينبغي ان يكون رجل ابصر بالسير منه . حدثنا عبد الرحمن قال أخبرني أبي رضي الله عنه قال سمعت الحسن ابن الربيع يقول قال عبد الله بن داود الخريبي : لقول أبي إسحاق الفزاري احب الي من قول إبراهيم النخعي . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن إبراهيم بن سميع الدمشقي قال سمعت أبا صالح الفراء - يعني محبوب بن موسى - قال سمعت ابن المبارك يقول : ما رأيت رجلا افقه من أبي إسحاق الفزاري ، قال أبو محمد وقد رأى ابن المبارك سفيان الثوري والأوزاعي ومالك ابن انس والخلق . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن إبراهيم بن سميع قال سمعت أبا صالح الفراء - يعني محبوب بن موسى - قال سمعت علي ابن بكار يقول : قد لقيت الرجال الذين لقيهم أبو إسحاق الفزاري ، ابن عون وهشاما وغيره فما رأيت فيهم افقه من أبي إسحاق الفزاري .
 
باب ما ذكر من امامة أبي إسحاق الفزاري

حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد [ أحمد بن محمد ] بن يحيى بن سعيد القطان نا إبراهيم بن عمر بن أبي الوزير قال سمعت بن عيينة بقول : كان أبو إسحاق الفزاري اماما . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري نا أبو قدامة عبيد الله ابن سعيد قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : كان الأوزاعي والفزاري امامين في السنة . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول : أبو إسحاق الفزاري الثقة المأمون إمام . 

باب ما ذكر من اتقان أبي إسحاق الفزاري وثبته

حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا ابن الطباع عن عبد الرحمن بن مهدي قال ، وددت ان كل شئ سمعته من حديث مغيرة كان من حديث أبي إسحاق الفزاري - يعني عن مغيرة .
 
باب ما ذكر من ورع أبي إسحاق وفضله

حدثنا عبد الرحمن أخبرني أبي قال قال الحسن بن الربيع : ما رأيت اورع من أبي إسحاق الفزاري . حدثنا عبد الرحمن قال أخبرني أبي قال سمعت الحسن بن الربيع يقول : أبو إسحاق الفزاري عندنا خير - أو قال افضل - من معمر . 

باب ما ذكر من نصرة أبي إسحاق للإسلام ودفعه عنه

حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الرازي قال سمعت نعيم بن حماد يقول سمعت ابن عيينة يقول : ما أعلم احدا من أهل الإسلام اجدى وادفع عن أهل الإسلام من أبي إسحاق الفزاري . 

باب ما ذكر من معرفة أبي إسحاق الفزاري بناقلة الاخبار وكلامه فيهم

حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى نامسدد نا ابن داود عن بهيم يعني العجلي الزاهد عن أبي إسحاق الفزاري قال قال الأوزاعي : إذا مات سفيان وابن عون استوى الناس ، قال أبو إسحاق قلت في نفسي : وأنت الثالث قال أبو محمد يعني ان الأوزاعي قرين الثوري وابن عون . 

[ باب ما ذكر من صيانة أبي إسحاق الفزاري نفسه

نا محمد بن أحمد بن أبي عون النسائي نا أحمد بن حكيم أبو عبد الرحمن المروزي نا أحمد بن سليمان نا الاصمعي عبد الملك بن قريب قال كنت عند هارون امير المؤمنين وابو يوسف بجنبه إذ دخل عليه أبو إسحاق الفزاري فأقيم من بعيد قال فنظر إليه هارون فقال انا لله وانا إليه راجعون وقع الشيخ موقع سوء ، قال وإذا الرجل عزيم صريم قال فقال له هارون : أنت الذي تحرم لبس السواد ؟ قال فقال معاذ الله يا امير المؤمنين انا من أهل بيت سنة وجماعة ولقد خرجت مرة في بعض هذه الثغور وخرج اخي مع إبراهيم إلى البصرة فقال لي استاذ هذا : لمخرج اخيك مع إبراهيم احب الي من مخرجك . وهو يرى السيف فيكم ، فلعل هذا الجالس بجنبك أخبرك بهذا ، على هذا وعلى استاذه لعنة الله وغضبه . قال فما زال هارون يقول له : ادن - حتى اقعده فوق أبي يوسف ، وابو يوسف منكس رأسه ، قال فقال له يا أبا إسحاق قد امرنا لك بثلاثة آلاف دينار وبغل وفرس . قال يا امير المؤمنين نحن أهل بيت وفي سعة ، انا لرجل من ولد اسماء بن خارجة الفزاري . قال يا أبا إسحاق خذهما ، ان كنت محتاجا اليهما والا فادفعهما في أهل الحاجة ] .
باب استحقاق السنة محبي أبي إسحاق الفزاري

حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال سمعت حماد بن زاذان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي قال : إذا رأيت شاميا يحب الأوزاعي وابا إسحاق القزاري فهو صاحب سنة . حدثنا عبد الرحمن ثنا أحمد بن سلمة النيسابوري نا أبو قدامة عبيد الله ابن سعيد قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : إذا رأيت الشامي يذكر الأوزاعي والفزاري - [ يعني ] بخير - فاطمئن إليه .
باب ما ذكر من جلالة أبي إسحاق الفزاري عند العلماء

حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال نا أحمد بن إبراهيم الدورقي نا خلف ابن تميم قال أخبرني شعيب بن واقد قال بعث إبراهيم بن سميع إلى أبي إسحاق الفزاري من أذنة أن زرنا واحمل معك سفرة . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي رضي الله عنه قال حدثني محمود ابن إبراهيم بن سميع قال حدثني عمران بن موسى قال سمعت عبدة [ يعني ] ابن سليمان - يقول رأيت ابن المبارك بين يدي أبي إسحاق الفزاري ومعه الواح فقلت له في ذلك فقال : ما اراني ادعه حتى اموت - يعني طلب الحديث .
باب ما ذكر من الرؤيا لآبي إسحاق الفزاري

حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا نعيم ابن حماد قال سمعت مخلدا يقول بعد موت إبراهيم بن محمد الفزاري بيومين أو ثلاثة قال رأيت كأن الناس جمعوا في صحراء أو مفازة فجاءت غيرة فوقفت على رءوس النس فجعل الناس يأخذون يمينا وشمالا وههنا وههنا فجعلت اقول مع من آخذ ؟ أو أين آخذ ؟ إذ انا بمناد ينادي من السماء : اتبعوا إبراهيم بن محمد الفزاري ، فلما اصبحت اتيته فأخبرته بذلك فقال أنشدك بالله لما لم تخبر به احدا حتى اموت . فلولا انه ميت ما أخبرتك . حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت عبدة بن سليمان قال سمعت مخلد بن حسين قال رأيت كأن الناس برزوا في صعيد واحد فبرز [ من ] الناس مالا يوصف فغشيتهم غبرة فماج الناس بعضهم في بعض فسمعت مناديا نادى من السماء : ألا اقتدوا بإبراهيم بن محمد - يعني أبا إسحاق الفزاري ، ذكر مرتين ، ومد بها مخلد صوته ، قال : كما احكى ، قال فذكرتها لآبي إسحاق الفزاري فأقسم علي على ان لا أخبر به حتى اموت وكنت قد أخبرت بها قبل ذلك فأمسكت فلما مات أخبرت بها . [ أبو مسهر ] ومن العلماء الجهابذة النقاد بالشام من الطبقة الثانية أبو مسهر عبد الاعلى بن مسهر ابن عبد الاعلى الدمشقي 

[ باب ما ذكر من علم أبي مسهر رحمه الله ]

حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري قال سمعت يحيى بن معين يقول : ما رأيت منذ خرجت من بلادي [ احدا ] اشبه بالمشيخة الذين ادركت من أبي مسهر ، والذي يحدث وفي البلاد من هو اولى بالتحديث منه فهو احمق . حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب الي قال انا يحيى بن معين قال : نا أبو مسهر الدمشقي وكان ثقة . حدثنا عبد الرحمن قال سألت أبي عن أبي مسهر فقال : ثقة ، وما رأيت ممن كتبنا عنه افصح من أبي مسهر وابي الجماهير . حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد قال سمعت أبا مسهر يقول : لقد حرصت على جمع علم الأوزاعي حتى كتبت عن إسماعيل بن سماعة ثلاثة عشر كتابا حتى لقيت اباك فوجدت عنده علما لم يكن عند القوم . [ حدثني أبي قال سمعت أبا مسهر عبد الاعلى بن مسهر قال سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول : اسم أبي ثعلبة الخشني جرثوم ] . حدثنا عبد الرحمن قال ذكر عن أبي مسهر قال قال سعيد بن عبد العزيز : ما رأيت أحسن مسألة منك بعد سليمان بن موسى . 

باب ما ذكر من كلام أبي مسهر في ناقلة الاخبار وكناهم واسمائهم

حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال قال أبو مسهر : كان سعيد بن عبد العزيز يداني الأوزاعي . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال سمعت أبا مسهر يقول : اسم أبي ثعلبة الخشني جرثوم ، سمعت [ سعيد بن ] عبد العزيز يقوله . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال سمعت أبا مسهر يقول : اسم أبي مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال سمعت أبا مسهر يقول : أبو أمية الشعباني اسمه يحمد . حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا دحيم قال سمعت أبا مسهر يقول : ثابت بن ثوبان من اقدم أصحاب مكحول موتا وانما روي عنه الأوزاعي ويحيى بن حمزة وابنه . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال قال أبو مسهر : لم يمسع سعيد ابن عبد العزيز من محمد بن كعب القرظي . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا دحيم قال : كان أبو مسهر يقدم يزيد بن السمط ويزيد بن يوسف من أصحاب الأوزاعي . حدثنا عبد الرحمن قال حدثن عن أبي مسهر انه سئل : ايوب ابن ميسرة سمع من بسر بن أبي ارطاة يقول اللهم ؟ فقال نعم - حدثني ابنه محمد بن ايوب بن ميسرة بن جلس عن ابيه قال سمعت بسر بن أبي ارطاة يقول : اللهم أحسن معافاتنا في الامور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة . فقلت اني اسمعك تردد هذا الدعاء ؟ قال : اني سمعت رسول الله ﷺ يدعو به . حدثنا عبد الرحمن قال حدثت عن أبي مسهر انه سئل عن الاخذ عن عبد العزيز بن الحصين فقلت له : عبد العزيز ممن يؤخذ عنه الحديث ؟ فقال أما أهل الحزم فلا يفعلون . فسمعت أبا مسهر يحتج بما انكر على عبد العزيز بن الحصين فقال : انا سعيد بن عبد العزيز عن الزهري قال وكان من البلاء على هذه الامة ان يسمى ذلك الشهر شهر الزكاة قال قال عبد العزيز بن الحصين سماه لنا الزهري قيل لآبي مسهر فيزيد بن ربيعة ؟ قال كان شيخا كبيرا . حدثنا عبد الرحمن قال حدثت عن أبي مسهر أنه قيل له : ما تقول في ابن علاق ؟ قال : كان ثقة في طلب العلم ، ونسبه لنا ، فقال : عثمان بن حصين بن عبيدة بن علاق . قلت له : فما تقول في إبراهيم بن أبي شيبان ؟ فقال : ثقة . فقلت له : ما تقول في مدرك ابن أبي سعد ؟ فقال : صالح . قيل له : فما تقول في سليمان بن عتبة ؟ فقال : ثقة . قيل لآبي مسهر إنه يسند أحاديث عن أبي الدرداء ؟ قال : هي يسيرة وهو ثقة ولم يكن له عيب الا لصوفة بالسلطان . قيل لآبي مسهر : من انبل أصحاب الأوزاعي ؟ قال الهقل [ بن زياد ] . فلث فابن سماعة ؟ فقال : بعده . فذاكرت يحيى بن معين بالعراق بعض ما يختلف فيه من حديث الأوزاعي فقال لي : هو عندي حديث [ حتى يجئ مثل ] الهقل [ ابن زياد ] فاني رأيت أبا مسهر يقدمه على أصحاب الأوزاعي . حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت أبا مسهر يقول : بلال بن سعد بالشام مثل الحسن بالعراق ، وكان أبوه سعد بن تميم أدرك النبي ﷺ ، وكان قارئ الشام ، وكان جهير الصوت . حدثنا عبد الرحمن قال حدثت عن أبي مسهر أنه قال له يحيى بن معين في ابن سماعة انه عرض على الأوزاعي ؟ فقال : أحسن حالاته انه كان عرض . حدثنا عبد الرحمن قال وسئل أبو مسهر عن الوليد بن مسلم ، فقال : كان من حفاظ أصحابنا . حدثنا عبد الرحمن قال قال أبي سمعت أبا مسهر يقول : ما اعرف أبا النجاشي يعني صاحب الأوزاعي ، قال وسألت أبا مسهر عن اسم أبي عبد رب الزاهد فقال : عبد الرحمن ، واسم ام الدردا ، هجيمة بنت حيى الوصابيه ، واسم أبي النضر [ القارئ ] حيان - عن سعيد بن عبد العزيز ، واسم أبي فحذم الفهري عبد الله بن عبد الرحمن بن عتبة ابن قحذم ، واسم أبي عبد رب الوضوء عبد الرحمن بن نافع ، واسم أبي زياد الغساني يحيى بن عبيد ، واسم أبي الاعيس عبد الرحمن بن سليمان ، واسم أبي عبيد الله صاحب أبي الدرداء مسلم بن مشكم ، واسم أبي هريرة عبد شمس . قال ورأيت أبا مسهر يقدم صدقة بن خالد ، وقال لنا : صدقة بن خالد صحيح الاخذ صحيح الاعطاء ، وصدقة بن زيد شيخ ثقة روي عند الوليد بن مسلم ، وصدقة بن المنتصر فمن شيوخنا روي عنه ضمرة بن ربيعة . قيل لآبي مسهر فسمع أبو سلام الاسود من كعب ؟ قال : نعم . حدثنا عبد الرحمن أخبرني أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب الي قال أخبرني أبو محمد من بني تميم صاحب لي ثقة قال قال أبو مسهر : كان أبو عبيد الله مسلم بن مشكم ثقة . حدثنا عبد الرحمن قال حدثت عن أبي مسهر انه سئل عن عبد الله ابن يزيد بن راشد ؟ فقال : ثقة عاقل من العابدين ، قلت فسمع من يونس بن ميسرة بن حلبس ؟ قال : قد ادركه وقد ، سمع من عروة بن رويم . قيل لآبي مسهر ، فعبد الرزاق بن عمر يذكر أنه سمع من سعيد ابن عبد العزيز يقول ذهبت انا وعبد الرزاق إلى الزهري فسمعنا منه ؟ فأخبرنا أبو مسهر أن عبد الرزاق أخبره من بعدما أخبرهم سعيد بما أخبرهم من حضوره معه عند الزهري انه ذهب سماعه من الزهري ، قال ثم لقيني عبد الرزاق بعد فقال : قد جمعتها - من بعدما أخبره انها ذهبت ، فقال لنا أبو مسهر فيترك حديثه عن الزهري ويؤخذ عنه ما سواه . 

باب ما ذكر من جلالة أبي مسهر عند أهل بلده

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول : ما رأيت احدا في كورة من الكور اعظم قدرا ولا أجل عند أهلها من أبي مسهر بدمشق وهشام الرازي بالري ، وكنت ارى أبا مسهر إذا خرج إلى المسجد اصطف الناس له يمنة ويسرة يسلمون عليه ويقبلون يده . 

باب ما ذكر من معرة أبي مسهر بتابعي أهل الشام

حدثنا عبد الرحمن - نا أبي رحمه الله قال سألت أبا مسهر : هل سمع مكحول من احد من أصحاب النبي ﷺ ؟ فقال سمع من انس بن مالك ، فقلت له : سمع من أبي هند الداري ؟ فقال : من رواه قلت ، حيوة بن شريح عن أبي صخر عن مكحول انه سمع أبا هند الداري يقول سمعت النبي ﷺ فكأنه لم يلتفت إلى ذلك ، فقلت له : واثلة بن الاسقع ؟ فقال من ؟ قلت حدثنا أبو صالح كاتب الليث حدثني معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول قال دخلت انا وابو الازهر على واثلة ابن الاسقع ، فقلت كأنه اومى رأسه كأنه قبل ذلك . 

[ أحمد بن حنبل ]

ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الثالثة من أهل بغداد أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن اسد الشيباني رحمه الله . 

باب ما ذكر من علم أحمد بن محمد بن حنبل وفقهه

حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي قال حدثني الحارث بن العباس قال قلت لآبي مسهر تعرف احدا يحفظ علي هذه الامة أمر دينها ؟ قال : لا أعلمه الا شابا في ناحية المشرق - يعني أحمد بن حنبل . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي عن عبد الرحمن بن مهدي انه رأى أحمد بن حنبل اقبل إليه اوقام من عنده فقال : هذا أعلم الناس بحديث سفيان الثوري . حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر أحمد بن القاسم بن عطية الرازي نا عبد الله بن أحمد بن شبويه قال سمعت قتيبة بن سعيد بقول : لو ادرك أحمد بن حنبل عصر الثوري ومالك والأوزاعي والليث [ بن سعد ] لكان هو المقدم . قلت لقتيبة يضم أحمد بن حنبل إلى التابعين ؟ قال : إلى كبار التابعين . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة بن عبد الله اليسابوري قال قال عبد الله بن أبي زياد سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول : انتهى العلم إلى اربعة ، إلى أحمد بن حنبل - وهو افقههم فيه ، والى علي ابن المديني - وأعلمهم به ، والى يحيى بن معين - وهو اكتبهم له ، والى أبي بكر بن أبي شيبة - وهو احفظهم له . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري قال ذكرت لقتيبة ابن سعيد يحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل فقال : أحمد بن حنبل اكثر من سميتهم كلهم . حدثنا عبد الرحمن قال أبو عبد الله الطهراني قال سمعت أبا ثور إبراهيم بن خالد يقول : أحمد بن حنبل أعلم أو أفقه من الثوري . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري قال سمعت إسحاق ابن راهويه يقول : كنت اجالس بالعراق أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأصحابنا فكنا نتذاكر الحديث من طريق وطريقين وثلاثة فيقول يحيى بن معين من بينهم : وطريق كذا ، فأقول أليس قد صح هذا باجماع [ منا ] ؟ فيقولون : نعم ، فاقول ما مراده ؟ ما تفسيره ؟ ما فقهه ؟ فيبقون كلهم الا أحمد بن حنبل . حدثنا عبد الرحمن قال سألت أبي رحمه الله عن أحمد بن حنبل وعلي ابن المديني : ايهما كان احفظ ؟ قال : كانا في الحفظ متقاربين ، وكان أحمد افقه . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : ما رأيت احدا اجمع من أحمد بن حنبل ، وما رأيت أكمل منه ، اجتمع فيه زهد وفضل وفقه واشياء كثيرة . قيل له : إسحاق بن راهويه ؟ فقال : أحمد ابن حنبل اكثر من إسحاق وأفقه من إسحاق ، ولم ازل اسمع الناس يذكرون أحمد بن حنبل يقدمونه على يحيى بن معين وعلي أبي خيثمة . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم بن وارة وسئل عن علي ابن المديني ويحيى بن معين ايهما كان احفظ ؟ قال : علي كان أسرد وأتقن ، ويحيى افهم بصحيح الحديث وسقيمه ، وأجمعهم أبو عبد الله أحمد بن حنبل ، كان صاحب فقه وصاحب حفظ وصاحب معرفة . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة وقيل له : اختيار أحمد بن حنبل وإسحاق ابن راهويه احب اليك [ ام قول الشافعي ؟ قال : بل اختيار أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه احب ] الي من قول الشافعي . حدثنا عبد الرحمن قاق وسمعت أبا زرعة يقول : ما أعلم في أصحابنا اسود الرأس افقه من أحمد بن حنبل ، قيل له : إسحاق ابن راهويه فقال : حسبك بأبي يعقوب فقيها . 

باب ما ذكر من امامة أحمد بن حنبل لأهل زمانه

حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري قال سمعت قتيبة ابن سعيد يقول : أحمد بن حنبل امام الدنيا . حدثنا عبد الرحمن نا يعقوب بن إسحاق قال سمعت [ محمد بن يحيى النيسابوري يقول : امامنا أحمد بن حنبل ] . حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسين بن الجنيد قال سمعت أبا جعفر النفيلي يقول : كان أحمد بن حنبل من اعلام الدين . حدثنا عبد الرحمن نا أبي رضي الله عنه نا أحمد بن أبي الحواري نا أبو عثمان الرقي قال سمعت الهيثم بن جميع يقول : ان عاش هذا الفتى - يعني أحمد بن حنبل - سيكون حجة على أهل زمانه .
باب ما ذكر من حفظ أحمد بن حنبل رحمه الله

حدثنا عبد الرحمن نا الحسين بن الحسن الرازي قال سمعت علي ابن المديني يقول : ليس في أصحابنا احفظ من أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، وبلغني انه لا يحدث الا من كتاب ، ولنا فيه أسوة حسنة . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال سمعت أبي يقول : مات هشيم وانا ابن عشرين سنة وانا احفظ ما سمعت منه ، ولقد جاء انسان ابى باب ابن علية ومعه كتب هشيم فجعل يلقيها علي وانا اقول : اسناد هذا كذا ، فجاء المعيطي وكان يحفظ فقال له اجبه فبقي ، ولقد عرفت من حديثه ما لم اسمعه . حدثنا عبد الرحمن نا الحسين بن الحسن الرازي قال سمعت عمرو بن محمد الناقد يقول : إذا وافقني أحمد بن حنبل على حديث فلا ابالي من خالفني . قال أبو محمد قال سعيد بن عمرو البردعي يوما لآبي زرعة يا أبا زرعة أنت احفظ أم أحمد بن حنبل ؟ قال : بل أحمد بن حنبل ، قال : وكيف علمت ذاك ؟ قال : وجدت كتب أحمد بن حنبل ليس في اوائل الاجزاء ترجمة اسماء المحدثين الذين سمع منهم فكان يحفظ كل جزء ممن سمع وانا فلا اقدر على هذا . 

باب ما ذكر من عقل أحمد بن حنبل رحمه الله

حدثنا عبد الرحمن نا إبراهيم بن خالد الرازي قال سمعت محمد بن مسلم يقول سمعت الحسن بن محمد بن الصباح يقول قال لي الشافعي : ما رأيت رجلين اعقل من أحمد بن حنبل وسليمان بن داود الهاشمي . حدثنا عبد الرحمن نا إبراهيم بن خالد الرازي قال سمعت محمد بن مسلم بن وارة يقول سمعت أبا الوليد الجارودي يقول قدم علينا الشافعي يعني مكة فقال : ما خلفت بالعراق رجلين اعقل منهما أحمد بن حنبل وسليمان بن داود الهاشمي . 

باب ما ذكر من تعظيم العلماء [ المتقدمين ] لأحمد ابن حنبل رحمه الله

حدثنا عبد الرحمن نا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني فيما كتب الي قال سمعت أبا اليمان يقول : كنت اشبه أحمد بن حنبل بارطاة ابن المنذر . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال : ما رأيت يزيد ابن هارون لاحد اشد تعظيما منه لأحمد بن حنبل ، وكان يقعده إلى جنبه إذا حدثنا ومرض أحمد بن حنبل فركب إليه يزيد بن هارون وعاده . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان [ الواسطي ] قال : ما رأيت يزيد بن هارون اكرم احدا اكرامه لأحمد بن حنبل وكان يوقر أحمد بن حنبل ولا يمازحه . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : كان أحمد بن حنبل عندي فقال نظرنا فيما يخالفكم فيه وكيع أو فيما يخالف وكيع الناس فإذا هي نيف وستون حرفا . قال أبو محمد هذه رواية عبد الرحمن بن مهدي عن أحمد بن حنبل كلامه . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم قال سألت أحمد بن حنبل ان يكتب لي إلى الهيثم بن جميل فكتب إليه فأتيته وكتبت عنه . قال أبو محمد انما سأله الكتاب إلى الهيثم بن جميل لما علم من محله وجلالته عنده . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم قال : انصرفت من عند الهيثم بن جميل اريد محمد بن المبارك الصوري فأتاني نعي أبي المغيرة عبد القدوس ابن الحجاج وقيل لي صلى عليه أحمد بن حنبل . قال أبو محمد : كان علماء أهل حمص متوافرين في ذلك الزمان ، فقدموا أحمد بن حنبل وهو شاب لجلالته عندهم حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول كان أبو عمر عيسى بن محمد بن النحاس الرملي من عباد المسلمين فدخلت يوما عليه فقال لي : كتبت عن أحمد بن حنبل شيئا ؟ قلت - نعم ، قال : فأمل علي - ، فأمليت عليه ما حفظت من حديث أحمد بن حنبل . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال كتب إلى - إسحاق ابن راهويه ان الامير عبد الله بن طاهر وجه الي فدخلت إليه وفي يدي كتاب أبي عبد الله فقال : ما هذا الكتاب ؟ فقلت : كتاب أحمد بن حنبل ، فأخذه وقرأه وقال : اني احبه لأنه لم يختلط بأمر السلطان . قال أبو محمد حمل إسحاق بن راهويه كتاب أحمد إلى عبد الله بن طاهر يتزين به . حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول : اراد الناس ان أكون مثل أحمد بن حنبل لا والله ما أكون مثل احد ابدا . حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت الحسن بن الربيع يقول : اتاني أحمد بن حنبل فسألني عن أحاديث ، وذكر حديثين فقال : هذا مما سألني أحمد عنه . قال أبو محمد يتبجح بذلك . حدثنا عبد الرحمن قال : سمعت أبي يقول كان الحسن بن الصباح البزار إذا بلغه ان انسانا ذكر أحمد بن حنبل جمع المشايخ واتاه وقال : أستعدي عليه . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال حضرت عند إبراهيم بن أبي الليث وحضر علي ابن المديني وعباس العنبري وجماعة كثيره فنودي بصلاة الظهر فقال علي ابن المديني نخرج إلى المسجد أو نصلي ههنا ؟ فقال أحمد : نحن جماعة نصلي ههنا ، فصلوا . قال أبو محمد رجوع الجماعة الذين حضروا إلى قول أحمد في ترك الخروج إلى المسجد وجمع الصلاة هناك من جلالة أحمد وموقع كلامه عندهم . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول رايت قتيبة بمكة يجئ ويذهب ولا يكتب عنه فقلت لأصحاب الحديث : كيف تغفلون عن قتيبة وقد رايت أحمد بن حنبل في مجلسه ؟ فلما سمعوا مني اخذوا نحوه وكتبوا عنه . حدثنا عبد الرحمن : قال سمعت أبي يقول رأيت في كتب إبراهيم ابن موسى إلى أحمد بن حنبل يسأله في مسألة . حدثنا عبد الرحمن قال ذكر عبد الله بن أبي عمر البكري قال سمعت عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال قال لي أحمد بن يونس بالكوفة : ابلغ أحمد بن حنبل السلام . 

باب ما ذكر من صيانة أحمد بن حنبل [ نفسه ] وظلفه عن [ طلب ] الدنيا

حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال دخلت يوما على أبي رحمه الله ايام الواثق - والله يعلم على أي حالة نحن وقد خرج لصلاة العصر وكان له لبد يجلس عليه وقد اتى عليه سنين كثيرة حتى قد بلي وإذا تحته كتاب كاغذ وإذا فيه : بلغني يا أبا عبد الله ما أنت فيه من الضيق وما عليك من الدين وقد وجهت اليك باربعة آلاف درهم على يدي فلان لتقضي بها دينك وتوسع على عيالك وما هي من صدقة ولا زكاة وانما هو شئ ورثته من أبي . فقرأت الكتاب ووضعته فلما دخلت قلت يا ابة ما هذا الكتاب ؟ فاحمر وجهه وقال رفعته منك ، ثم قال : تذهب بجوابه فكتب إلى الرجل : وصل كتابك الي ونحن في عافية فأما الدين فانه لرجل لا يرهقنا واما عيالنا فهم في نعمة والحمد لله . فذهب بالكتاب إلى الرجل الذي [ كان ] اوصل كتاب الرجل فلما كان بعد حين ورد [ عليه ] كتاب الرجل بمثل ذكل فرد عليه الجواب بمثل ما ورد فلما مضت سنة اقل أو أكثر ذكرناها فقال : لو كنا قبلناها كانت قد ذهبت . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد قال شهدت ابن الجروي اخا الحسن وقد جاءه بعد المغرب فقال انا رجل مشهور وقد اتيتك في هذا الوقت وعندي شئ قدا عددته لك فأحب ان تقبله [ وهو ميراث ] فلم يزل به فلما اكثر عليه قام ودخل . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد قال فأخبرت عن حسن قال قال [ لي ] اخي لما رأيته كلما الححت عليه ازداد بعدا قلت أخبره كم هي ؟ قلت يا أبا عبد الله هي ثلاثة آلاف دينار ، فقام وتركني . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال قال فوزان لابي: عندي خف ابعث به اليك ، فسكت ، فلما اعاد عليه قال : يا أبا محمد لا تبعث بالخف فقد شغل علي قلبي . حدثنا عبد الرحمن نا صالح قال وجه رجل من الصين بكاغد صنيي إلى جماعة من المحدثين فيهم يحيى وغيره ووجه بقمطر إلى أبي فردها . حدثنا عبد الرحمن نا صالح قال كان ولد لي مولود فأهدي صديق لي شيئا ثم اتى على ذلك اشهر واراد الخروج إلى البصرة قال لي : تكلم أبا عبد الله يكتب لي إلى المشايخ بالبصرة ، فكلمته فقال : لولا انه اهدى اليك كنت اكتب له . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال بلغني ان أحمد بن حنبل رهن بغلا له عند خباز على طعام اخذه منه عند خروجه من اليمن واكرى نفسه من جمالين عند خروجه وعرض عليه عبد الرزاق دراهم صالحة فلم يقبلها . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال : بعث ابن طاهر حين مات أحمد بن حنبل بصينيتين عظيمتين عليهما كفنه وحنوطه فأبى صالح ان يقبلها وقال : ان أبا عبد الله قد اعد كفنه - فرد صالح ما بعث به ابن طاهر ، قال فرد ابن طاهر مرة اخرى وقال : اني اكره ان يجد امير المؤمنين علي ، فقال له صالح : ان امير المؤمنين اعفي أبا عبد الله مما يكره وهذا مما يكره فلست اقبله - فرده صالح . حدثنا عبد الرحمن ثنا صالح قال قال أبي : جاءني ابن يحيى بن يحيى - قال أبي وما اخرجت خراسان بعد ابن المبارك رجلا يشبه يحيى ابن يحيى - فجاءني ابنه فقال ان أبي أوصى بمبطنة له لك وقال [ يذكرني بها ، قال أبي ] فقلت جئ بها ، فجاء برزمة ثياب فقلت له : اذهب رحمك الله - يعني ولم يقبله . حدثنا عبد الرحمن نا صالح قال قلت لآبي ان أحمد الدورقي اعطى الف دينار قال : يا بني ورزق ربك خير وابقى .

باب ما ذكر من معرفة أحمد بن حنبل بعلل الحديث بصحيحه وسقيمه وتعديله ناقلة الاخبار وكلامه فيهم
 
 حدثنا عبد الرحمن قال سمعت هارون بن إسحاق الهمداني وذكر له خطأ في اسناد حديث - فقال : هذا كلام أحمد بن حنبل وعلي ابن المديني . حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول ، كان أحمد بن حنبل بارع الفهم لمعرفة الحديث بصحيحه وسقيمه ، وتعلم الشافعي اشياء من معرفة الحديث منه ، وكان الشافعي يقول لأحمد : حديث كذا وكذا قوي الاسناد محفوظ ؟ فإذا قال أحمد : نعم ، جعله اصلا وبني عليه . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره عبد الله بن أبي عمر البكري الطالقاني قال سمعت عبد الملك بن عبد الحيد الميموني قال سمعت أحمد ابن حنبل يقول : لم نصب لهشيم عن الزهري الا اربعة أحاديث . 

باب ما ذكر من حسن نية أحمد بن حنبل في نشر العلم

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول اتيت أحمد بن حنبل في اول ما التقيت معه سنة ثلاث عشرة ومائتين فإذا قد اخرج معه إلى الصلاة كتاب الاشربة وكتاب الايمان فصلى ولم يسأله احد فرده إلى بيته ، واتيته يوما آخر فإذا قد اخرج الكتابين فظننت انه يحتسب في اخراج ذلك لان كتاب الايمان اصل الدين وكتاب الاشربة صرف الناس عن الشر فان اصل كل شر من السكر .
باب ما ذكر من سخاء أحمد بن حنبل مع خفة ذات يده

حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال اهدى إلى أبي رجل ولد له مولود خوان فالوذج فكافأه بسكر ودراهم صالحة . حدثنا عبد الرحمن حدثني محمد بن صالح قال دخلت يوما على أحمد ابن حنبل فإذا هو قد اخرج الي قدحا فيه سويق وقال اشرب .
باب ما سهل الله عزوجل لأحمد ابن حنبل من اعمال البر

حدثنا عبد الرحمن ثنا صالح بن أحمد بن حنبل قال قال أبي : حججت خمس حجج منها ثلاث [ حجج ] راجلا أنفقت في احدى هذه الحجج ثلاثين درهما . 

باب ما ذكر من زهد أحمد بن حنبل وورعه

حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال ربما رأيت أبي رحمه الله يأخذ الكسر فينفض الغبار عنها ثم يصيرها في قصعة ويصب عليها ماء حتى تبتل ثم يأكلها بالملح . حدثنا عبد الرحمن نا صالح قال : ما رأيت أبي قط اشترى رمانا ولا سفرجلا ولا شيئا من الفاكهة الا ان يكون يشتري بطيخة فيأكلها بخبز ، أو عنبا أو تمرا ، فأما غير ذلك فما رأيته قط اشتراه . حدثنا عبد الرحمن نا صالح قال قال أبي : ان كانت والدتك في الغلا ، تغزل غزلا دقيقا فتبيع الاستار بدرهمين أقل أو اكثر فكان ذلك قوتنا . حدثنا عبد الرحمن نا صالح قال : كان ربما خبز له فيجعل في فخارة عدسا وشحما وتمرات شهريز فيجئ إلى الصبيان بقصعة فيصوت ببعضهم فيدفعه إليهم فيضحكون ولا يأكلون وكثيرا ما يأتدم بالخل . حدثنا عبد الرحمن نا صالح [ بن أحمد بن حنبل ] قال جئت يوما إلى المنزل فقيل لي قد وجه ابوك امس في طلبك فقلت : وجهت في طلبي ؟ قال ، جاءني امس رجل كنت احب ان تراه ، بينا انا قاعد في نحر الظهيرة إذا انا برجل يسلم بالباب فكأن قلبي ارتاح فقمت ففتحت الباب فإذا انا برجل عليه فرو على أم رأسه خرقة ما تحت فروه قميص ولا معه ركوة ولا جراب ولا عكاز قد لوحته الشمس فقلت : ادخل ، فدخل الدهليز فقلت : من أين اقبلت ؟ فقال من ناحية المشرق اريد بعض هذه السواحل ، ولولا مكانك ما دخلت هذا البلد الا اني نويت السلام عليك ، قال قلت له : على هذه الحال ؟ قال : نعم ، ما الزهد في الدنيا قلت : قصر الامل قال فجعلت أعجب منه فقلت في نفسي : ما عندي ذهب ولا فضة قد خلت البيت فأخذت اربعة ارغفة فخرجت إليه فقلت : ما عندي ذهب ولا فضة وانما هذا [ من ] قوتي ، فقال أو يسرك ان اقبل ذلك يا أبا عبد الله ؟ قلت : نعم ، قال فأخذها فوضعها تحت حضنه وقال : أرجو أن تكفيني هذه زادي إلى الرقة ، أستودعك الله ، قال فلم أزل قائما انظر إليه إلى أن خرج - وكان يذكره كثيرا . حدثنا عبد الرحمن نا صالح قال ذكر يوما عنده - يعني ابيه - رجل فقال : يا بني ، الفائز من فاز غدا ، ولم يكن لاحد عنده تبعة - وذكرت له ابن [ أبي ] شيبة وعبد الاعلى البرسي ومن قدم به إلى العسكر من المحدثين فقال انما كانت اياما قلائل ثم تلاحقوا وما نحلوا منها بكبير شئ . حدثنا عبد الرحمن انا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب الي قال سمعت أبي يقول - وذكر الدنيا فقال : قليلها يجزي وكثيرها لا يجزي قال وسمعت أبي وذكر عنده الفقر فقال : الفقر مع الخير . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد قال امسك أبي رحمه الله عن مكاتبة إسحاق بن راهويه لما ادخل كتابه إلى عبد الله بن طاهر وقرأه . حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري نا عبيد القاري قال دخل عم أحمد بن حنبل على أحمد بن حنبل ويده تحت خده فقال ابن اخي اي شئ هذا الغم ؟ اي شئ هذا الحزن ؟ فرفع أحمد رأسه إليه فقال : يا عم طوبى لمن اخمل الله ذكره . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول : كان أحمد بن حنبل إذا رأيته تعلم انه لا يظهر النسك ، رأيت [ عليه ] نعلا لا يشبه نعل القراء له رأس كبير معقف وشراك مسبل كأنه اشترى له من السوق ورأيت عليه ازارا وجبة برد خطط آسما نجوني . قال أبو محمد اراد بهذا والله أعلم ترك التزين بزي القراء وازالته عن نفسه ما يشتهر به . حدثنا عبد الرحمن [ نا صالح ] قال قال أبي : انا إذا لم يكن عندي قطع افرح . حدثنا عبد الرحمن نا صالح [ بن حنبل ] قال اشتريت جارية فشكت إليه أهلي فقال لها : قد كنت اكره لكم الدنيا ، وكان ربما بلغني عنك الشئ ، فقالت يا عم ومن يكره الدنيا غيرك ؟ قال لها ، فشأنك إذا . حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد قال ربما اشترينا الشئ فنستره كي لا يراه فيوبخنا على ذلك . حدثنا عبد الرحمن نا أبو معين الحسين بن الحسن الرازي قال حضرت أحمد بن حنبل وجاءه فيج بكتاب ، اظنه من البسطامي فوضعه ولم يقرأه وقال : ما عندنا شئ نعطيك الا - أستغفر الله - الخبز إن رضيت به . حدثنا عبد الرحمن نا أبو معين [ الحسين بن الحسن الرازي ] قال رأيت [ انا على أحمد بن حنبل كبلا - يعني الفرو الغليظ . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره عبد الله بن أبي عمر البكري الطالقاني قال سمعت عبد الملك بن عبد الحميد الميموني يقول : ما رأيت مصليا قط أحسن صلاة من أحمد بن حنبل - تكبيره ورفع رأسه وسجوده وقعوده بين السجدتين وتشهده وتسليمه حتى كنت ارى فيه ما يحكي عن علي - يعني [ ابن ] يحيى بن خلاد - ويسترخي كل عضو منه ويرجع إلى مكانه ، وكان إذا رفع يديه في التكبير حاذى بهما منكبيه وقرب ابهاميه من اذنيه ، وما رأيت احدا اشد اتباعا لأحاديث السنن منه ، يضعها مواضعها . 

باب ما قذف الله عزوجل من محبة أحمد بن حنبل في قلوب الناس

حدثنا عبد الرحمن نا أبو معين الحسين بن الحسن الرازي قال حضرت بمصر عند بقال فأحسن الينا ثم جرى بيننا وبينه الحديث فسألني عن أحمد بن حنبل فقلت : كتبت عنه ، فلم يأخذ ما اعطيته وقال لا آخذ [ انا ] ثمن المتاع ممن يعرف أحمد بن حنبل أو رآه . حدثنا عبد الرحمن نا أبو معين قال حكم يقول أحمد بن حنبل بسمرقند وأحمد حي . 

باب استحقاق الرجل السنة بمحبة أحمد بن حنبل

حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن القاسم بن عطية قال سمعت عبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي يقول سمعت أبا رجاء - يعني قتيبة ابن سعيد - يقول : إذا رأيت الرجل يحب أحمد بن حنبل فاعلم انه صاحب سنة وجماعة . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن علي بن سعيد النسائي قال سمعت قتيبة بن سعيد يقول : إذا رأيت الرجل يحب أحمد بن حنبل فاعلم انه على الطريق . حدثنا عبد الرحمن سمعت عبد الله بن الحسين بن موسى يقول رأيت رجلا من أهل الحديث - توفي فميا يرى النائم فقلت له : بالله عليك ما فعل الله بك ؟ قال غفر الله لي فقلت : بالله ؟ فقال : بالله انه غفر الله لي فقلت : بماذا غفر الله لك ؟ قال : بمحبتي لأحمد بن حنبل ، فقلت فأنت في راحة ، فتبسم وقال : انا في راحة وفي فرح . حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول : إذا رأيتم الرجل يحب أحمد ابن حنبل فاعلم انه صاحب سنة . حدثنا عبد الرحمن قال : سمعت أبا جعفر محمد بن هارون المخرمي المعروف بالفلاس يقول : إذا رأيت الرجل يقع في أحمد بن حنبل فاعلم انه مبتدع ضال . 

باب ما ذكر من احتساب أحمد بن حنبل بنفسه لله عزوجل عند المحنة وصبره على الضراء في محنته

حدثنا عبد الرحمن نا أبو زرعة رحمه الله قال سمعت محمد بن مهران الجمال يقول رأيت أحمد بن حنبل في المنام كأن عليه بردا مخططا أو معينا وكأنه بالري يريد المصير إلى الجامع يوم الجمعة ، قال [ أبو ] جعفر فاستعبرت بعض أهل التعبير فقال : هذا رجل يشتهر في الخير - فما اتى عليه [ الا ] قريب حتى ورد ما ورد من خبره في امر المحنة ، سمعت أبا زرعة يقول : لم ازل اسمع الناس يذكرون أحمد بن حنبل بخير ويدمونه على يحيى بن معين وابي خيثمة غير انه لم يكن من ذكره ما كان بعد ما امتحن فلما امتحن ، ارتفع ذكره في الآفاق ، ولولا ما حصف المعتصم ودعا بعم أحمد بن حنبل ثم قال للناس تعرفونه ؟ قالوا : نعم هو أحمد بن حنبل ، قال فانظروا إليه أليس هو صحيح البدن ؟ قالوا : نعم . ولولا ذلك لكنت اخاف ان يقع شر لا يقام له ، فلما قال قد سلمته اليكم صحيحا هدأ الناس وسكنوا . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم قال سمعت سلمة بن شبيب قال كنت عند أحمد بن حنبل فدخل عليه رجل في يده عكازة عليه اثر السفر فقال : من فيكم أحمد ؟ فأشاروا إلى أحمد ، فقال [ اني ] ضربت البر والبحر من اربع مائة فرسخ ، اتاني الخضر عليه السلام وقال ائت أحمد بن حنبل فقل له ان ساكن السماء راض عنك لما بذلت بذلت نفسك في هذا الامر . حدثنا عبد الرحمن نا عبد الملك بن [ أبي ] عبد الرحمن المقرئ قال سمعت أحمد بن يونس روي الحديث : في الجنة قصر لا يدخله الا نبي أو صديق أو محكم في نفسه . فقيل لأحمد بن يونس : يا أبا عبد الله من المحكم في نفسه ؟ فقال : أحمد بن حنبل المحكم في نفسه . حدثنا عبد الرحمن نا عبد الله بن محمد بن الفضل الاسدي الصيداوي المعروف بأبي بكر الاسدي قال لما حمل أحمد بن حنبل ليضرب جاءوا إلى بشر بن الحارث فقالوا له قد حمل أحمد بن حنبل وحملت السياط وقد وجب عليك ان تتكلم ، فقال : تريدون مني مقام الانبياء ؟ ليس ذا عندي ، حفظ الله أحمد من بين يديه ومن خلفه . حدثنا عبد الرحمن نا زكريا بن داود بن بكر النيسابوري قال حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه قال حدثني إبراهيم بن الحارث من ولد عبادة بن الصامت قال قيل لبشر بن الحارث حين ضرب أحمد بن حنبل لو قمت فتكلمت كما تكلم أحمد بن حنبل ، فقال بشر ابن الحارث : لا اقوى عليه ، ان أحمد قام مقام الانبياء . حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن القاسم بن عطية نا عبد الله بن أحمد ابن شبويه - باسناده مثله - وزاد فيه - فقال بشر ، تأمروني ان اقوم مقام الانبياء ؟ ان أحمد بن حنبل قام مقام الانبياء . حدثنا عبد الرحمن نا عبد الله بن محمد بن الفضل الاسدي قال كنا عند ابن عائشة يعني عبيد الله بن محمد القرشي فساره انسان بخبر أحمد بن حنبل انه قد حمل إلى الضرب ، وسأله انسان حديثا وهو على هذه الحالة فقال : رويدك حتى تنظري عم تنجلي * عماية هذا العارض المتألق 

باب ما روئي لأحمد بن حنبل من الرؤيا في حياته وبعد موته

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول : رأيت أحمد بن حنبل في المنام فرأيته اضخم مما كان وأحسن وجها وسحنة مما كان فجعلت اسأله الحديث واذاكره . حدثنا عدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني أبو عبد الله الطهراني عن الحسن بن عيسى عن اخي أبي عقيل القزويني ، ثم سمعت من الحسن ابن عيسى ، ثم لقيت اخا أبي عقيل فسمعت منه قال رأيت شابا توفي بقزوين في النوم فقلت ما فعل بك ربك ؟ قال غفر لي ، قلت غفر لك ؟ قال نعم ؟ وتعجب ، ولفلان ، ولفلان . قلت مالي اراك مستعجلا ؟ ورأيته مستعجلا قال : لان أهل السموات من السماء السابعة إلى سماء الدنيا قد اشتغلوا بعقد الالوية لاستقبال أحمد بن حنبل وانا اريد استقباله وكان توفي أحمد في تلك الايام . حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني الهيثم بن خالويه قال رأيت السندي والد حمط بن السندي في النوم فقلت : ما حالك ؟ قال انا بخير ولكن قد اشتغلوا عني لمجئ أحمد بن حنبل . فسمعت محمد بن مسلم يقول : يعتبر ما رآه الشاب القزويني بهذه الرؤيا . 

باب ما اظهر الله عزوجل لأحمد بن حنبل من العز يوم وفاته

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت صالح بن أحمد بن حنبل قال توفي [ أبي ] أحمد بن حنبل يوم الجمعة لاثنتي عشرة خلت من ربيع الاول لساعتين من النهار واجتمع الناس في الشوارع فوجهت إليهم أعلمهم بوفاته واني اخرجه بعد العصر فلم يقنعوا بالرسول حتى وردت عليهم فغسلناه وادرجناه في ثلاث لفائف وكفناه وحضر نحو من مائة من بني هاشم ونحن نكفنه وجعلوا يقبلون جبهته فبعد حين رفعناه على السرير وبلغ كراء الزواريق ما شاء الله وعبر الناس في السفن الكبار وجعل يصب على الناس الماء حتى صرنا إلى الصحراء ووضع السرير والناس قد اخذوا في الشوارع والدروب فصلى عليه الامير بن طاهر ولم يعلم الناس بذلك فلما كان من الغد علم الناس فجعلوا يجيئون ويصلون على القبر ومكث الناس كم شاء الله يأتون يصلون على القبر . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : بلغني ان المتوكل امر أن يمسح الموضع الذي وقف الناس عليه حيث صلى على أحمد بن حنبل فبلغ مقام الفي الف وخمسمائة الف . حدثنا عبد الرحمن حدثني أبو بكر محمد بن عباس المكي قال سمعت الوركاني جار أحمد بن حنبل قال اسلم يوم مات أحمد بن حنبل عشرون الفا من اليهود والنصارى والمجوس ، قال وسمعت الوركاني يقول يوم مات أحمد بن حنبل وقع المأتم والنوح في اربعة اصناف المسلمين واليهود والنصارى والمجوس . 

باب ما رثي به أحمد بن حنبل رحمه الله بعد وفاته

حدثنا عبد الرحمن نا أبي رضي الله عنه قال قال علي بن حجر [ المروزي ] في أحمد بن حنبل يرثيه . نعى لي إبراهيم اورع عالم * سمعت به من معدم ومخول اماما على قصد السبيل وسنة النبي * امين الله آخر مرسل صبورا على ما نابه متوكلا * على ربه في ذاك حق التوكل فقلت فاض فقلت وفاض الدمع مني بأربع * على النحر فيضا كالجمان المفصل سلام عديدالقطر والنجم والثرى على أحمد البر التقي ابن حنبل ألا فتأهب للمنايا فانما البقاء قليل بعد ذلك يا علي كأنك قد وسدت كفك عاجلا * وغودرت منسيا بأوحش منزل مقيما به يسفي على قبرك الثرى * عواصف ريح من جنوب وشمأل 

[ يحيى بن معين ]

ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الثالثة ببغداد يحيى بن معين أبو زكريا ما ذكر من علم يحيى بن معين رحمه الله بناقلة الآثار ورواة الاخبار وعلل الحديث حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن محمد الدوري قال رأيت أحمد بن حنبل يسأل يحيى بن معين عند روح بن عبادة : من فلان ؟ ما اسم فلان ؟ . حدثنا عبد الرحمن قال ، سمعت محمد بن مسلم بن وارة وسئل عن علي ابن المديني ويحيى بن معين أيهما كان احفظ ؟ قال : كان على أسرد واتقن ، وكان يحيى بن معين افهم بصحيح الحديث وسقيمه . حدثنا عبد الرحمن نا الوليد بن ابان الاصبهاني قال سمعت يعقوب ابن سفيان الفسوي قال سمعت سليمان بن حرب يقول كان يحيى بن معين يقول في الحديث : هذا خطأ ، فأقول : كيف صوابه ؟ فلا ادري فأنظر في الاصل فأجده كما قال :
باب ما ذكر من جلالة يحيى بن معين عند أهل العلم

حدثنا عبد الرحمن حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد قال سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول : ما رأيت أبا مسهر سهل لاحد من الناس سهولته ليحيى بن معين ، ولقد قال يوما : هل بقي معك شئ 

باب ما ذكر من عناية يحيى بن معين بالعلم وكثرة كتبه له وتأليفه لحديث الأئمة

حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري قال قال عبد الله بن أبي زياد سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول : انتهى العلم إلى اربعة إلى أحمد بن حنبل والى يحيى بن معين وهو اكتبهم له والى علي ابن المديني والى أبي بكر بن أبي شيبة . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول قدمنا البصرة وكان قدم يحيى بن معين قبل قدومنا بسنة فلزم أبا سلمة موسى بن إسماعيل فكتب عنه قريبا من ثلاثين [ أو اربعين ] الف حديث . حدثنا عبد الرحمن نا أبو أحمد محمد بن روح النيسابوري قال سمعت أبا بكر محمد بن إبراهيم بن حماد قال رحل معنا يحيى بن معين إلى أبي سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي وسمع جامع حماد بن سلمة وقد كان سمع من سبعة عشر نفسا . قال أبو محمد اراد بذلك زيادة بعضهم على بعض لان حماد بن سلمة كان حدثهم من حفظه فكان يذكر الشئ بعد الشئ فيحدثهم به فقل من سمع من حماد الا وقع عنده ما ليس عند غيره . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول صليت بجنب يحيى بن معين فرأيت بين يديه جزءا من رقاب جلود فطالعته فإذا ما روي الاعمش عن يحيى بن وثاب أو عن خيثمة الشك من أبي فظننت انه صنف حديث الاعمش حدثنا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول : لما فارقت عبد الرزاق تيت هشام بن يوسف وكان على قضائها وكان رجلا له نبل يلبس الثياب فقال من أنت ؟ قلت انا يحيى بن معين ، قال سمعت انك اتيت اخانا عبد الرزاق فما تصنع عند ذاك ؟ قلت : الحديث يكتب عن جماعة ، فقال سماعنا وسماع عبد الرزاق قريب من السواء ، فأردته على الحديث فأبى وكان يصلي بهم في المسجد الصلوات كلها فجئت إلى مسجده فقعدت فيه [ فكنت فيه ] ثلاثين يوما لا اسأله شيئا الا انه إذا دخل وخرج سلمت عليه فلما كان بعد ثلاثين يوما بعث الي فقال لي يا هذا انما منعتك لانظرأ أنت من أصحاب الحديث أو لست من أصحاب الحديث ؟ قال يحيى فقلت والله اصلحك الله هذا موضعي إلى قابل أو تحدثني أولا يبقى معي شئ أتبلغ به ، فقال يا جارية هاتي الزبل فكانت تخرجها الي فأقعد في المسجد فاكتب منها حاجتي ثم يقرأ .
باب ما ذكر من مناقب يحيى بن معين ووفاته

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن هارون الفلاس المخرمي يقول : إذا رأيت الرجل يقع في يحيى بن معين فاعلم انه كذاب يضع الحديث ، وانما يبغضه لما يبين امر الكذابين . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي رضي الله عنه [ يقول ] توفي يحيى بن معين بمدينة رسول الله ﷺ ووضع على سرير النبي ﷺ واجتمع في جنازته خلق كثير وإذا رجل يقول: هذه جنازة يحيى بن معين الذاب عن رسول الله ﷺ الكذب - والناس يبكون . 

باب ما ذكر من ورع يحيى بن معين رحمه الله

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول أتيت يحيى بن معين ايام العشر عشر ذي الحجة وكان معي شئ مكتوب يعني تسمية ناقلي الآثار وكنت أسأله خفيا فيجيبني فلما أكثرت عليه قال : عندك مكتوب ؟ قلت : نعم ، فأخذه فنظر فيه فقال : اياما مثل هذا وذكر الناس فيها ، فأبى ان يجيبني ، وقال : لو سألت من حفظك شيئا لاجبتك ، فأما أن تدونه فاني اكره . 

باب ما رثي به يحيى بن معين بعد وفاته

حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي رحمه الله قال قال سليمان بن معبد يرثي يحيى بن معين : أمن حدثان الدهر أنت مروع * وعينك من فرط الصبابة تدمع مري دمعك المكنون ما ضمن الحشا * من الوجد تبكي تارة وتوجع لئن هملت عيناك من لوعة الاسى * لمثل الذي أذري دموعك يفجع وينفي الكرى حتى تبيت مسهدا * تراعي نجوم الليل مالك مهجع أفض عبرات من شؤونك وانتحب * لخطب جليل ان قلبك موجع فقد عظمت في المسلمين زرية * غداة نعي الناعون يحيى فأسمعوا فقالوا بأنا قد دفناه في الثرى * فكاد فؤادي عندها يتصدع فقلت ولم املك لعيني عبرة * ولا جزعا : انا إلى الله نرجع ألا في سبيل الله عظم رزيتي * بيحيى إلى من نستريح ونفزع ؟ ومن ذا الذي يؤتي فنيسأل بعده ؟ * إذا لم يكن للناس في العلم مقنع لقد كان يحيى في الحديث بقية * من السلف الماضين حين تقشعوا فلما مضى مات الحديث بموته * وادرج في أكفانه العلم اجمع وصرنا حيارى بعد يحيى كأننا * رعية راع بثهم فتصدعوا أبي الصبر أني لا اعاين مثله * يد الدهر ما نص الحجيج واوضعوا وليس بمغن عنك دمع سفحته * ولكن إليه يستريح المفجع لعمرك ما للناس في الموت حيلة * ولا لقضاء الله في الخلق مدفع فلو أن مخلوقا نجا من حمامه * إذا لنجا منه النبي المشفع تعز به عن كل ميت رزئته * فرزء نبي الله أشجى وأوجع ولكنما ابكي على العلم إذ مضى * فما بعد يحيى فيه للناس مفزع سقى الله قبرا بالبقيع مجاورا * نبي الهدى غيثا يجود ويمرع فقد ترك الدنيا وفر بدينه * إلى الله حتى مات وهو ممتع وخار له ربي جوار نبيه * وذو العرش يعطي من يشاء ويمنع واني لارجو أن يكون محمد * له شافعا يوم القيامة يشفع 

[علي ابن المديني]

ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الثالة بالبصرة علي بن عبد الله ابن المديني 

باب ما ذكر من علم علي ابن المديني ومعرفته بناقلة الآثار

حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري قال قال عبد الله ابن أبي زياد القطواني سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول : انتهى العلم إلى أربعة إلى أحمد بن حنبل [ وهو افقههم فيه ، والى علي ابن المديني وهو أعلمهم به ، والى يحيى بن معين وهو أكتبهم له ، والى أبي بكر بن أبي شيبة وهو احفظهم له ] . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت ابى يقول : كان علي بن المديني علما في الناس في معرفة الحديث والعلل ، وكان أحمد بن حنبل لا يسميه انما يكنيه : أبو الحسن ، تبجيلا له ، وما سمعت أحمد بن حنبل سماه قط . حدثنا عبد الرحمن قال سألت أبي عن أحمد بن حنبل وعلي ابن المديني ايهما كان احفظ ؟ قال : كانا في الحفظ متقاربين ، وكان أحمد أفقه ، وكان علي أفهم بالحديث . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت هارون بن إسحاق الهمداني يقول ، الكلام في صحة الحديث وسقيمه لأحمد بن حنبل وعلي ابن المديني [ نا علي بن الحسين بن الجنيد قال سمعت يحيى بن معين يقول وقال له انسان : علي بن المديني . فقال يحيى علي من أهل الصدق ] . حدثنا عبد الرحمن قال سألت أبا زرعة عن علي فقال لا يرتاب في صدقه . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم [ وسئل عن علي ابن المديني ويحيى بن معين ايهم كان احفظ ؟ قال : كان علي اسرد واتقن . سمعت محمد بن مسلم ] بن وارة يقول كتب إلى سعيد بن سليمان : إذا اتخذت صديقا فاتخذ مثل أبي الوليد وعلي ابن المديني . [ محمد بن عبد الله نمير ] ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الثالثة بالكوفة محمد بن عبد الله بن نمير الهمذاني الخارفي رحمة الله عليه
باب ما ذكر من علم محمد بن عبد الله بن نمير ومعرفته بناقلة الآثار ورواة الاخبار

حدثنا عبد الرحمن نا إبراهيم بن مسعود الهمذاني قال سمعت أحمد ابن حنبل يقول : محمد بن عبد الله بن نمير درة العراق . حدثنا عبد الرحمن نا على بن الحسين بن الجنيد قال كان أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان في شيوخ الكوفيين ما يقول ابن نمير فيهم . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت علي بن الحسين يقول : ما رأيت مثل محمد بن عبد الله بن نمير بالكوفة ، كان رجلا قد جمع العلم والفهم والسنة والزهد [ كان يلبس في الشتاء الشاتي لبادة وفي الصيف يتزر وكان فقيرا ] . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أحمد بن سنان الواسطي يقول : ما رأيت من الكوفيين من احداثهم رجلا عندي افضل من محمد بن عبد الله بن نمير ، كان يصلي بنا الفرائض وابوه يصلي خلفه ، قدم علينا ايام يزيد - [ يعني واسطا ] . 

باب ما ذكر من قول محمد بن عبد الله بن نمير في ناقلة الاخبار في جرحهم وتعديلهم

حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسين بن الجنيد قال سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول : ذواد بن علبة كان شيخا صدوقا صالحا كوفيا قرابة لمطرف بن طريف ، ليس من أصحاب الحديث . حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسين قال سمعت ابن نمير يقول : جعفر بن برقان ثقة ، أحاديثه عن الزهري مضطربة . حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسين قال سمعت ابن نمير يقول : النضر بن عربي صالح ثقة . [ نا علي بن الحسين قال سمعت ابن نمير يقول : سعيد بن بشير منكر الحديث ليس بشئ ليس بقوي الحديث ، يروي عن قتادة المنكرات ] . حدثنا عبد الرحمن [ نا علي قال ] سمعت ابن نمير يقول : المسعودي كان ثقة ، بأخرة اختلط ، سمع منه عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون أحاديث مختلطة ، وما روي عنه الشيوخ فهو مستقيمة . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : أبو جناب يحيى بن أبي حية صدوق وكان صاحب تدليس أفسد حديثه بالتدليس كان يحدث بما لم يسمع . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : يحيى بن عبد الرحمن الذي يحدث عن عبيدة بن الاسود لم يكن صاحب حديث ، لا بأس به هو اصلح من الذي يحدث عنه عبيدة . [ حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : محمد بن صبيح بن السماك ليس حديثه بشئ ] . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : قبيصة ابن عقبة بن ليث الاسدي كان رجل صدق ، وسفيان بن عقبة لا بأس به وقبيصة اكبر منه . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول رشدين بن سعد ليس يحدث عنه اي لا يكتب حديثه . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : رشدين ابن كريب ضعيف ، ومحمد بن كريب ضعيف . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : موسى ابن داود قاضي طرسوس ثقة . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : يحيى بن بريد - الكوفيون يروون عنه ما يسوى تمرة . حدثنا عبد الرحمن نا علي سمعت ابن نمير يقول : محمد بن الصلب كان ثقة وابو غسان النهدي احب الي منه ، وابو [ غسان ] محدث من ائمة المحدثين . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : حبان واخوه مندل أحاديثهم فيها بعض الغلط . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : ابن ادريس كان اتقن ، وحفص كان أعلم بالحديث من ابن ادريس ، وابن أبي زائدة كان اكثر في الحديث من ابن ادريس ، وفي الاتقان . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : وكيع أعلم بالحديث من ابن ادريس ولكن ليس مثل ابن ادريس ، وكانوا إذا رأوا وكيعا سكتوا يعني في الحفظ والاجلال . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : هذه الأحاديث التي قال ابن جريح ، زعموا انها سمعها من داود العطار حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : مسلم بن خالد الزنجي ليس يعبأ بحديثه . حدثنا عبد الرحمن نا على قال سمعت ابن نمير يقول : إبراهيم بن يزيد الخوزي كان الناس يتوقون حديثه . حدثنا عبد الرحمن نا علي سمعت ابن نمير يقول : عبد الوهاب بن عطاء قد حدث عنه أصحابنا ، وكان أصحاب الحديث يقولون انه سمع من سعيد بأخرة ، كان شبه المتروك ، ووكيع سمع [ منه ] بأخرة يعني من سعيد ، وابو نعيم سمع من سعيد بأخرة . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : زعم أبو أسامة أنه كتب عن سعيد بالكوفة . [ نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : شعبة بن دينار ثقة روي عنه الثوري وابن عيينة ] . [ نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : كان مروان بن معاوية يتلقط الشيوخ من السكك ] . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : يزيد بن زياد الدمشقي الذي روي عنه وكيع ليس بشئ . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : صدقة بن خالد الدمشقي ثقة . [ نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : عبد الملك بن عطاء كان شيخا ثقة روي عنه شيوخنا هو كوفي له حديث أو حديثان ] . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : مكحول الازدي - يعني البصري - ادرك انسا ليس يحدث عنه الا عمارة بن زاذان . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت أبي نمير يقول : بسطام بن مسلم هو رفيع جدا روي عنه وكيع وحماد بن زيد ، هو شيخ قديم كان من قدماء شيوخ وكيع ، وكذلك ابن عون وكهمس وعيينة ابن عبد الرحمن ، وخرج وكيع إلى البصرة سنة ثمان واربعين . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : شعبة بن دينار ثقة روي عنه الثوري وابن عيينة . حدثنا عبد الرحمن [ نا علي قال ] سمعت ابن نمير يقول : إسماعيل الازرق الذي يروي عن أبي عمر كان من الشيعة الغلاة ، وابو عمر صاحب ابن الحنفية . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : سلمة بن نبيط من الثقات كوفي كان يفتخر به أبو نعيم . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : كثير الرماح بلخي روي عنه الشيوخ . حدثنا عبد الرحمن [ نا علي ] سمعت ابن نمير يقول : روي سفيان عن عمير الخثعمي شيخ [ ثقة ] قديم من أصحاب الحجاج ابن ارطاة ، والحجاج اشهر في العلم منه . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : أبو سهل محمد ابن عمرو هو بصري ليس يسوي شيئا . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : أبو السوداء عمرو بن عمران . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : عثمان بن سعد شيخ ليس بذاك كان بصريا . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : صالح بن مسلم عجل ثقة . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : أبو لينة النضر بن مطرق يحدث عن الضحاك . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : روي ابن أبي نجيح عن الزبيربن موسى ، هذا شيخ مكي روي عنه الكبار القدماء ليس بقديم الموت . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : عثمان أبو اليقظان ليس بقوي . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : يعلي بن النعمان شيخ قديم روي عنه العلاء بن المسيب ، هذا من قدماء شيوخ سفيان . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : روي وكيع عن القاسم الجعفي شيخ ليس بمعروف . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : محمد بن مهزم الشعاب هو شيخ [ قديم ] بصري . حدثنا عبد الرحمن [ نا علي نا ] سمعت ابن نمير يقول : روي سفيان عن أبي غياث هو طلق بن معاوية جد حفص بن غياث . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : عبد الرحمن ابن حضير شيخ بصري . حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول : الحسن بن ثابت الاحوال ثقة واثنى عليه . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت ابن نمير يضعفه - يعني يحيى ابن يمان ويقول : كأن حديثه خيال . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول سألت ابن نمير عن يونس بن بكير قلت : هذا الذي يقال فيه ؟ [ قال ] : ما لشئ‌من هذا اصل ، انما روي حديث اسماء بنت يزيد [ بن سكن ] وحديث ابن عباس في الرؤية وكان حدثان ما روي هذه الأحاديث . 

باب في كلام محمد بن عبد الله بن نمير في علل الحديث

حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسين بن الجنيد قال سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول : [ حديث ] وكيع عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن عباية بن رفاعة عن رافع بن خديج : ان جبريل عليه السلام قال للنبي ﷺ يوم بدر ، والناس يروون عن يحيى بن سعيد عن معاذ بن رفاعة ، ليس فيه رافع - خالف وكيع الناس فيه . حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سألت محمد بن عبد الله بن نمير عن حديث كتبته عن ثابت بن موسى عن شريك عن الاعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي ﷺ قال : من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار ، قال : هذا حديث منكر . [ قال أبو محمد ] قلت لآبي ما تقول أنت فيه ؟ قال : هو حديث موضوع . 

باب ما ذكر من كلام محمد بن عبد الله بن نمير في كنى ناقلة الآثار وأسمائهم ومواطنهم من البلدان

حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت ابن نمير يقول : كنية زياد ابن الحصين أبو جهمة - قلت لابن نمير من أين هو ؟ قال : بصري كان يقدم عليهم الكوفة . حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سألت ابن نمير عن أبي اليقظان فضعفه وقال : اسمه عثمان بن عمير . حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سألت ابن نمير عن عثمان بن أبي زرعة الاخنسي فقال : هو ابن المغيرة وهو عثمان الاعشى . حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت ابن نمير يقول : امة امرأة الزبير هي ام خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص وهي ام خالد بن الزبير . 

[أبو زرعة الرازي]

ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الرابعة من أهل الري أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد [ ما ذكر من علم أبي زرعة وفقهه ] حدثنا عبد الرحمن نا الحسن [ بن أحمد ] بن الليث قال سمعت عبد الواحد بن غياث البصري يقول : ما رأى أبو زرعة بعينه مثل نفسه احدا . قال وسمعت الحسن بن أحمد يقول : وكان عبد الواحد كتب عن حماد بن سلمة الكتب ، وحماد بن زيد لقى أصحاب الحسن وابن سيرين . قال أبو محمد قرأت كتاب إسحاق بن راهويه [ بخطه ] إلى أبي زرعة : اني ازداد بك كل يوم سرورا فالحمد لله الذي جعلك ممن يحفظ سنته وهذا من اعظم ما يحتاج إليه اليوم طالب العلم ، وأحمد بن إبراهيم لا يزال في ذكرك الجميل حتى يكاد يفرط وان لم يكن فيك بحمد الله افراط واقرأني كتابك إليه بنحو ما اوصيتك من اظهار السنة وترك المداهنة فجزاك الله خيرا فدم على ما اوصيتك فان للباطل جولة [ ثم يضمحل وان ممن احب صلاحه . ] وزينه واني اسمع من اخواننا القادمين ما أنت عليه من العلم والحفظ فأسر بذلك . حدثنا عبد الرحمن نا جعفر بن محمد أبو يحيى الزعفراني قال سمعت عمرو بن سهل بن صرخاب يقول - وذكر أبا زرعة فقال : ما ولد في خمسين ومائة سنة مثل أبي زرعة . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول : ما خلف أبو زرعة مثله وسمعته يقول بعد وفاة أبي زرعة - وذكر أبا زرعة فقال : كان دربندان العلم . حدثنا عبد الرحمن قال ذكر سعيد بن عمرو البرذعي قال سمعت محمد بن يحيى النيسابوري يقول : لا يزال المسلمون بخير ما ابقى الله عزوجل لهم مثل أبي زرعة ، وما كان الله عزوجل ليترك الارض الا وفيها مثل أبي زرعة يعلم الناس ما جهلوه . ثم جعل يعظم على جلسائه خطر ما حكى له من علة حديث ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي ﷺ قال : ركعتان بسواك افضل من سبعين ركعة بغير سواك . قال سعيد وكنت حكيت له عن أبي زرعة ان محمد بن إسحاق اصطحب مع معاوية بن يحيى الصدفي من العراق إلى الري فسمع منه هذا الحديث في طريقه ، وقال لم استفد منذ دهر علما اوقع عندي ولا آثر من هذه الكلمة ولو فهمتم عظيم خطرها لاستحليتموه كما استحليته - وجعل يمدح أبا زرعة في كلام كثير . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة وذكر أحمد بن حنبل وانه اعطاه دفتره فقلت له : كان أحمد بن حنبل يعرفك حيث دفع كتابه اليك ؟ فقال : اي لعمري ، كنت اكثر الاختلاف إليه وكنت اسائله وإذا كره ويذاكرني . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت علي بن الحسين بن الجنيد يقول : ما رأيت احدا أعلم بحديث مالك بن انس مسندها ومنقطعها من أبي زرعة وكذلك سائر العلوم ولكن خاصة حديث مالك قال أبو زرعة رأيت فيما يرى النائم كأن في مسجد النبي ﷺ وكأني امسح يدي على منبر النبي ﷺ موضع المقعد والذي يليه والذي يليه ثم امسكته فقصصته على رجل من أهل سجستان كان معنا بحران فقال هذا أنت تعني بحديث النبي ﷺ والصحابة والتابعين وكنت إذ ذاك لا أحفظ كثير شئ من مسائل الأوزاعي ومالك والثوري وغيرهم ثم عنيت به [ بعد ] . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول وذكر له أبو عبد الله الطهراني وابو زرعة فقال : كان أبو زرعة افهم من أبي عبد الله الطهراني وأعلم منه بكل شئ بالفقه والحديث وغيره . 

باب ما ذكر من حفظ أبي زرعة رحمه الله

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت علي بن الحسين بن الجنيد المالكي يقول : ما رأيت احدا أحفظ لحديث مالك بن انس لمسنده ومنقطعه من أبي زرعة . قلت : ما في الموطأ والزيادات التي ليست في الموطأ ؟ قال : نعم . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول سمعت أحمد بن حنبل وذكر عن عبد الله بن واقد عن عكرمة بن عمار عن الهرماس قال رأيت النبي ﷺ يصلي على راحلته نحو الشام - فقال أحمد : ما ظننت ان الهرماس روي عن النبي ﷺ سوى حديث العضباء حتى جاء أبو قتادة بهذا الحديث ، قلت له انا ، وههنا حديث آخر سوى هذين ، قال : ما هو ؟ قلت : حدثنا عمرو بن مرزوق عن عكرمة بن عمار عن الهرماس قال : سلمت على النبي ﷺ فمد يده . قال أبو زرعة : فسكت ولم ينكره . وقال أبو محمد : كان أبو زرعة قل يوم الا يخرج معه إلى المسجد كتابين أو ثلاثة كتب ، لكل قوم كتابهم الذي سألوا فيه فيقرأ على [ كل ] قوم ما يتفق له القراءة من كتاب ، ثم يقرأ للآخر كتابه الذي قد سأل فيه اوراق ثم يقرأ للثالث كمثل ذلك فإذا رجعوا اولئك في يومهم يكون قد اخرج معه كتابهم فيجئ إلى الموضع الذي كان يقرأ عليهم إلى ذلك المكان فيبتدئ فيقرأ من غير أن يسألهم : إلى أين بلغتم ؟ وما اول مجلسكم ؟ فكان ذاك دأبه كل يوم لا يستفهم من احد منهم أو مجلسه وهذا بالغداة ، وبالعشي كمثل ولا أعلم احدا من المحدثين قدر على هذا . حدثنا عبد الرحمن نا أبو زرعة قال حضرت يوما عبيد الله بن عائشة فقال : اول من كسا البيت جرهم ، قال أبو زرعة فقلت فجرهم كان قبل أو تبع ؟ قال : بل تبع ، قلت حدثنا إبراهيم بن موسى انا ابن ثور عن معمر عن تميم بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير قال : اول من كسا البيت نبع فنهى الناس عن سبه ، فسكت ثم انبسط بعد ذلك إلى . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : قعدت إلى أبي الوليد يوما فحملت عنه ثمانية عشر حديثا وحدثنا مذاكرة من غير أن كتبت منه حرفا وتحفظت عنه كله . حدثنا عبد الرحمن سمعت أبا زرعة يقول : سمعت من بعض المشايخ أحاديث فسألني رجل من أصحاب الحديث فاعطيته كتابي فرد علي الكتاب ستة اشهر فأنظر في الكتاب فإذا انه قد غير في سبعة مواضع ، قال أبو زرعة [ فأخذت الكتاب وصرت إلى عنده فقلت ألا تتقي الله تفعل مثل هذا ؟ قال أبو زرعة ] فأوقفته على موضع موضع وأخبرته وقلت له أما هذا الذي غيرت فانه هذا الذي جعلت عن ابن أبي فديك فانه عن أبي ضمرة مشهور وليس هذا من حديث ابن أبي فديك ، واما هذا فانه كذا وكذا فانه لا يجئ عن فلان وانما هذا كذا ، فلم ازل أخبره حتى اوقفته على كله ثم قلت له : فاني حفظت جميع ما فيه في الوقت الذي انتخبت على الشيخ ، ولو لم احفظه لكان لا يخفى على مثل هذا ، فاتق الله عزوجل يا رجل . [ قال أبو محمد ] فقلت له : من ذلك الرجل الذي فعل هذا ؟ فأبى ان يسميه . حدثنا عبد الرحمن قال وسمعت أبا زرعة يقول دفعت كتاب الصوم إلى رجل بغدادي فرد على فإذا انه قد غير حرفا من الاسناد عن جهته ، قال أبو زرعة فتعجبت منه فقلت في نفسي يا سبحان الله من يريد أن يفعل هذا بي ؟ اي شئ يظن ؟ وقلت في نفسي انه يظن انه عمل شيئا . حدثنا عبد الرحمن قال وسمعت أبا زرعة يقول : ودفع إليه رجل حدثنا فقال اقرأ فلما نظر في الحديث قال : من أين لك هذا ؟ قال وجدته على ظهر كتاب ليوسف الوراق ، قال أبو زرعة : هذا الحديث من حديثي غير أني لم احدث به ، قيل له : وأنت تحفظ ما حدثت به مما لم تحدث به ؟ قال بلى ، ما في بيتي حديث الا وانا افهم موضعه . حدنثا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : مررت يوما ببيروت فإذا شيخ مخضوب متكئ على عصا فلما نظر إلى قال لرجل : ترى هذا ليس في الدنيا احفظ من هذا . قال أبو زرعة ما يدريه ؟ عرف حفاظ الدنيا حتى يشهد لي بهذه الشهادة ؟ غير أن الناس إذا سمعوا شيئا قالوه .
باب ما ذكر في أبي زرعة أنه إمام زمانه

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت يونس بن عبد الاعلى يقول : أبو زرعة وابو حاتم اماما خراسان ودعا لهما وقال : بقاؤهما صلاح للمسلمين . حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبي رحمه الله عن أبي زرعة فقال : امام .
باب ما ذكر من طهارة خلق أبي زرعة

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول : كنت اتولى الانتخاب على أبي الوليد وكنت لا انتخب ما سمعت من أبي الوليد قديما ، فترى قال أبو زرعة يوما اكتب حديثا معادا بسببي ؟ وما سمع تلك الأحاديث التى تركتها على العمد الا بعد خروجي ولو كنت انا بدله ما كنت اصبر ان ادع جياد حديثه ولا اسمع منه ، فلما تيسر لي الخروج من البصرة قلت لآبي زرعة تخرج ؟ فقال : لا ، انك تركت أحاديث من حديث أبي الوليد مما كتبت منه سمعت منه قديما فكرهت أن أسأل في شئ يكون عليك معادا فانا اقيم بعدك حتى اسمع . 

باب ما ذكر من كثرة علم أبي زرعة

حدثنا عبد الرحمن قال قلت لآبي زرعة رحمه الله : تحزر ما كتبت عن إبراهيم بن موسى مائة الف [ حديث ؟ قال : مائة الف ] كثير ، قلت فخمسين الفا ؟ قال : نعم ، وستين الفا ، وسبعين الفا ، أخبرني من عد كتاب الوضوء والصلاة فبلغ ثمانية عشر الف حديث . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : لزمنا إبراهيم بن موسى ثماني سنين من سنة اربع عشرة في آخرها إلى سنة اثنتين وعشرين حتى خرجت إلى مكة في رمضان . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : كتبت بالري قبل ان اخرج إلى العراق عن نحو ثلاثين شيخا منهم عبد الله بن الجراح وعبد العزيز بن المغيرة و عبد الصمد بن حسان وجعفر بن عيسى وبشر ابن يزيد وسلمة بن بشير وعبيد بن إسحاق وذكر شيوخا كثيرة . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كتبت عن أبي سملة التبوذكي عشرة آلاف حديث ، اما حديث حماد بن سلمة فعشرة آلاف حديث ، وكنا نظن انه يقرأ كما كان يقرأ قديما فاستكتبنا الكثير ومات فبقي علينا شئ نحو قوصرة فوهبت لقوم بالبصرة . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : نظرت في نحو من ثمانين الف حديث من حديث ابن وهب بمصر وفي غير مصر ما أعلم اني رأيت [ له ] حديثا لا اصل له . 

باب ما ذكر من معرفة أبي زرعة بعلل الحديث وبصحيحه من سقيمه

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا وكيع عن مسعر عن عاصم بن عبيد الله قال رأيت ابن عمر يهرول إلى المسجد - فقال أبو زرعة فقلت له : مسعر لم يرو عن عاصم بن عبيد الله شيئا انما هذا سفيان عن عاصم ، فلج فيه قال فدخل بيته فطلبه فرجع فقال : غيروه هو عن سفيان . قال أبو محمد رأيت في كتاب كتبه عبد الرحمن بن عمر الاصبهاني المعروف برستة من اصبهان إلى أبي زرعة بخطه : واني كنت رويت عندكم عن ابن مهدي عن سفيان عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي ﷺ انه قال : أبردوا بالظهر فان شدة الحر من فيح جهنم ، فقلت : هذا غلط ، الناس يروون عن أبي سعيد عن النبي ﷺ ، فوقع ذلك من قولك في نفسي فلم اكن انساه حتى قدمت ونظرت في الاصر فإذا هو عن أبي سعيد عن النبي ﷺ ، فان خف عليك فأعلم أبا حاتم عافاه الله ومن سألك من أصحابنا فانك في ذلك مأجور ان شاء الله ، والعار خير من النار . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول اتينا أبا عمر الحوضي وقد دخل قوم عليه وهو يحدثهم وانا وابو حاتم وجماعة منا خارج نتسمع فوقع في مسامعنا وهو يقول : حدثنا جرير بن حازم عن مجالد عن الشعبي عن النعمان بن بشير عن النبي ﷺ : اني مكاثر بكم الامم فصحنا من وراء [ الباب ] فقلنا يا أبا عمر هذا عن جابر ، فقال : صدقتم ، ادخلوا . حدثنا عبد الرحمن قال حضر عند أبي زرعة محمد بن مسلم [ والفضل بن العباس المعروف بالصائغ فجرى بينهم مذاكرة ، فذكر محمد ابن مسلم ] حديثا فانكر فضل الصائغ فقال يا أبا عبد الله ليس هكذا هو ، فقال كيف هو ؟ فذكر رواية اخرى ، فقال محمد بن مسلم بل الصحيح ما قلت والخطأ ما قلت ، قال فضل فابو زرعة الحاكم بيننا ، فقال محمد بن مسلم لآبي زرعة ايش تقول اينا المخطئ ؟ فسكت أبو زرعة ولم يجب فقال محمد بن مسلم : مالك سكت ، تكلم ، فجعل أبو زرعة يتغافل ، فألح عليه محمد بن مسلم وقال : لا اعرف لسكوتك معنى ، ان كنت انا المخطئ فأخبر وان كان هو المخطئ [ فأخبر ] ، فقال هاتوا أبا القاسم ابن اخي فدعى به فقال اذهب وادخل بيت الكتب دفع القمطر الاول والقمطر الثاني والقطمر الثالث وعد ستة عشر جزءا وائتني بالجزء السابع عشر ، فذهب فجاء بالدفتر فدفعه إليه فأخذ أبو زرعة فتصفح الاوراق واخرج الحديث ودفعه إلى محمد بن مسلم فقرأه محمد بن مسلم : فقال نعم غلطنا فكان ماذا ؟ . حدثنا عبد الرحمن قال قيل لآبي زرعة بلغنا عنك انك قلت لم ار [ احدا ] احفظ من ابن أبي شيبة ؟ فقال ، نعم في الحفظ ولكن في الحديث كأنه لم يحمده ، فقال : روي مرة حديث حذيفة في الازار فقال حدثنا أبو الاحوص عن أبي إسحاق عن أبي معلي عن حذيفة ، [ فقلت له انما هو أبو إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة ، وذاك الذي ذكرت عن أبي إسحاق عن أبي المعلي عن حذيفة ] قال كنت ذرب اللسان ، فبقي ، فقلت للوراق أحضروا المسند ، فأتوا بمسند حذيفة فأصابه كما قلت . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : كنا عند أبي بكر بن أبي شعيبة ومعنا كيلجة فقال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر عن انس انه قال يتبع الميت ثلاث . فقال كيلجة هو عن عبيد الله بن أبي بكر فقال : عن عبيد الله بن أبي بكر فقلت يا أبا بكر تركت الصواب وتلقنت الخطأ انما روي هو عن عبد الله بن أبي بكر وسفيان لم يلق عبيد الله بن أبي بكر ، فقال لقنني [ هذا ] ، فقلت : كلما لقنك هذا تريد أن تقبله ؟ . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة مرة عن وكيع عن مسعر عن عاصم بن عبيد الله [ قال رأيت سالما توضأ مرة ، فقلت انما هو وكيع عن سفيان ، فقال ، لا حدثنا وكيع عن مسعر عن عاصم بن عبيد الله ] فقلت ليس هذا من حديث مسعر ، حدثنا أبو نعيم ومحمد بن كثير عن سفيان عن عاصم ، ولم يسمع مسعر من عاصم بن عبيد الله شيئا ، فقال : بلى مسعر عن عاصم عن الشعبي ، فقلت : هذا عاصم وذكر عاصما آخر انما قلت لك عاصم بن عبيد الله لم يسمع مسعر منه شيئا ، فسكت فلما كان بالعشي قال قد اصبته [ هو ] كما قلت أنت حدثنا وكيع والفضل بن دكين عن سفيان . وقال له رجل يوما يا أبا بكر منذ قدم أبو زرعة صحح لنا سبعين حديثا ، فحجل ، ثم قال أبو زرعة [ يكون ] مثل هذا كثير . هذا علي ابن المديني ذاكر بباب لعبد الرحمن بن مهدي في التسليم واحدة وعبد الرحمن كان له في هذا باب فقال علي : هذا كله كذب ، فلما كان بعد ايام روي الباب عن عبد الرحمن . 

باب ما ذكر من فراسة عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي في أبي زرعة [ وهو صغير ]

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول ذهب بي أبي إلى عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي فلما رأيته نفرت من هيبته فتقدم أبي إليه فسلم عليه وقعد بجنبه فلم ازل ادنو وانظر إليه ولا اجسر من الهيبة ان ادنو منه فلما رآني اتقدم قال لآبي من هذا ؟ قال هذا ابني ، قال ادعوه ، فدعاني فجئت حتى دنوت من أبي فقال لي عبد الرحمن ادن مني ، وانا ادنو شيئا بعد شئ ، فلم يزل يقول ادن ، حتى دنوت فاظنه اقعدني على فخذه أو اقعدني بجنبه فقال لي أخرج يدك فاخرجت يدي فنظر إلى شقوق باطن اصابعي فتفرس [ في ] فقال لآبي : ان ابنك هذا سيكون له شأن ويحفظ القرآن والعلم ، وذكر اشياء .
 
باب ما ذكر من رحلة أبي زرعة في طلب العلم

حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة في اي سنة كتبتم عن أبي نعيم ؟ قال في سنة اربع عشره ومائتين ، ومات في سنة ثماني عشرة ومائتين. حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول خرجت من الري المرة الثانية سنة سبع وعشرين ومائتين ورجعت سنة اثنتين وثلاثين في اولها ، بدأت فحججت ثم خرجت إلى مصر فاقمت بمصر خمسة عشر شهرا وكنت عزمت في بدو قدومي مصر أني اقل المقام بها ، فلما رأيت كثرة العلم بها وكثرة الاستفادة عزمت على المقام ولم اكن عزمت على سماع كتب الشافعي ، فلما عزمت على المقام وجهت إلى اعرف رجل بمصر بكتب الشافعي فقبلتها منه بثمانين درهما ان يكتبها كلها واعطيته الكاغذ وكنت حملت معي ثوبين ديبقيين لاقطعهما لنفسي فلما عزمت على كتابتها امرت ببيعهما فبيعا بستين درهما واشتريت مائة ورقة كاغذ بعشرة دراهم كتبت فيها كتبت الشافعي . ثم خرجت إلى الشام فأقمت بها ما اقمت ، ثم خرجت إلى الجزيرة واقمت ما اقمت ، ثم رجعت إلى بغداد سنة ثلاثين في آخرها ، ورجعت إلى الكوفة واقمت [ بها ما اقمت ] وقدمت البصرة فكتبت بها عن شيبان وعبد الاعلى . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن عوف يقول : كان أبو زرعة عندنا بحمص سنة ثلاثين ومائتين . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول اقمت في خرجتي الثالثة بالشام والعراق ومصر اربع سنين وستة اشهر فما أعلم اني طبخت فيها قدرا بيد نفسي . 

باب ما ذكر من جلالة أبي زرعة عند العلماء

حدثنا عبد الرحمن نا الحسن بن أحمد بن الليث قال سمعت أحمد ابن حنبل وسأله رجل فقال : بالري شاب يقال له أبو زرعة ، فغضب أحمد وقال : تقول شاب ؟ كالمنكر عليه ، ثم رفع يديه وجعل يدعو الله عزوجل لآبي زرعة ويقول : اللهم انصره على [ من ] يغي عليه ، اللهم عافه ، اللهم ادفع عنه البلاء ، اللهم ، اللهم ، في دعاء كثير . قال الحسن فلما قدمت حكيت ذلك لآبي زرعة وحملت إليه دعاء أحمد بن حنبل [ له ] وكنت كتبته [ عنه ] فكتبه أبو زرعة وقال [ لي ] أبو زرعة : ما وقعت في بلية فذكرت دعاء أحمد الا ظننت ان الله عزوجل يفرج بدعائه عني . حدثنا عبد الرحمن قال رأيت في كتاب عبد الرحمن بن عمر الاصبهاني المعروف برستة من اصبهان إلى أبي زرعة [ بخطه ] : اعلم رحمك الله اني ما [ اكاد ] انساك في الدعاء [ لك ] ليلي ونهاري ان يمتع المسلمون بطول بقائك فانه لا يزال الناس بخير ما بقي من يعرف العلم وحقه من باطله ، ولولا ذاك لذهب العلم وصار الناس إلى الجهل ، وقد جاء عن النبي ﷺ انه قال : يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين . وقد جعلك الله منهم فأحمد الله على ذلك فقد وجب لله عزوجل عليك الشكر في ذلك . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : اردت الخروج من مصر فجئت لاودع يحيى بن عبد الله بن بكير فقلت تأمر بشئ ؟ قال : أخلف الله علينا بخير . حدثنا عبد الرحمن نا أبو زرعة قال سمعت إبراهيم بن موسى يقول لي : اجد منك ريح الولد . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول بعد وفاة أبي زرعة بنحو من شهرين يقول : ما قاتني الدعاء لآبي زرعة في شئ من [ صلوات ] الفرائض منذ مات أبو زرعة الا امس فابي كنت في التشهد فدخل علي بعض الناص فاشتغل به قلبي فنسيت الدعاء ثم دعوت له بعد ما صليت . قيل له ويجوز الدعاء في الفرائض ؟ قال : نعم [ انا ] ادعو لآبي زرعة واسميه في صلواتي . حدثنا عبد الرحمن قال كتب إلى أبو الحسين أحمد بن سليمان الرهاوي قال : ما احد احب الي ان اراهد من أبي زرعة . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كتب إلى إسحاق ابن راهويه : لا يهولنك الباطل فان للباطل جولة ثم يتلاشى . حدثنا عبد الرحمن قال قلت لآبي زرعة كتب اليك حين حدثت ؟ قال : نعم ، لم اكن انبسطت في مكاشفة القوم حينئذ . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : ذكرت لأحمد بن حنبل حديث أبي داود عن بشر بن الفضل عن ابيه عن خالد الحذاء عن انس بن سيرين عن أبي يحيى عن أبي موسى عن النبي ﷺ قال : لا يباشر الرجل الرجل الا وهما زانيان ، ولا تباشر المرأة المرأة الا وهما زانيتان . فقال [ لي ] أحمد بن حنبل : من بشر هذا ؟ قلت : رأيت المصريين يحدثون عن بشر هذا ، فقال أحمد ، [ كأن ] هذا الشيخ بصري وقع إليهم . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : [ لما ] اتيت محمد بن عائذ وكان رجلا جافيا ومعي جماعة فرفع صوته فقال : من أين أنتم ؟ قلنا : من بلدان مختلفة ، من خراسان من الري من كذا وكذا ، قال ، أنتم امثل من أهل العراق ، قال ما تريدون ؟ ورفع صوته قلنا ، شيئا من حديث يحيى بن حمزة ، فلم ازل ارفق به واداريه حتى حدثني بما معي ، ثم قال : خذ الكتاب فانظر فيه - فأعطاني كتابه فنظرت فيه وكتبت منه أحاديث ، ثم قال : خذ الكتاب فاذهب [ به ] معك ، قال أبو زرعة : فدعوت له وشكرته على ما فعل ، قلت : انا اجل كتابك عن حمله ، وانا اصيب نسخة هذا عند أصحابنا ، فذهبت فأخذت من بعض أصحاب الحديث فنسخته على الوجه ، وسألته كتاب الهيثم بن حميد [ فأخرج الي جزءا عن الهيثم بن حميد وكان عند هشام بن عمار عن الهيثم بن حميد ] شئ يسير فأخرج هو جزءا عن الهيثم فاستغنمته وكتبته على الوجه ، وسألته كتاب الفتن عن الوليد بن مسلم فأجابني ، وتعجب الدمشقيون مما يفعل بي ، ونسخت كتاب الفتن فأتيته مع رفقائي فقال : انما اجبتك ولم اجب هؤلاء ، فلم ازل ارفق به واداريه حتى حدثنا بد وسمعوا مغي . حدثنا عبد الرحمن قال سمعنا أبا زرعة يقول : دفع إلى أحمد ابن حنبل جزئين [ فنظرت ] فإذا أحاديث المعتمر بن سليمان وبشر ابن المفضل أحاديث قد كتبتها عن غيره فأقبلت اتفكر وانظر إليه فأقول مرة أكتبه ، واقول مرة قد سمعتها من غيره لا اكتبه ، ففطن رحمه الله فقال : اراك قد سمعتها من غيرنا ؟ قلت : نعم ، قال عمن كتبتها ؟ فقلت : عن مسدد ، فقال : مسدد [ ثقة ] اصفح ، فصفحت فرأيت أحاديث حسانا عن غندر وغيره . وقال : أحاديث خالد بن ذكوان عن الربيع عمن كتبتها ؟ قلت . عن مسدد . حدثنا عبد الرحمن قال قرأت كتاب إسحاق بن راهويه إلى أبي زرعة بخطه : اعلم ابقاك الله اني كنت اسمع من اخواننا القادمين علينا ومن غيرهم حالك وما أنت عليه من العلم والحفظ فأسر بذلك و [ اني ] ازداد بك كل يوم سرورا فالحمد لله الذي جعلك ممن يحفظ سنته ، وهو من اعظم ما يحتاج إليه الطالب اليوم ، وأحمد بن إبراهيم لا يزال في ذكرك بالجميل حتى يكاد يفرط حبا لك وان لم يكن فيك بحمد الله افراط . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كتب الي أبو ثور فقال في كتابه : كان الامر قديما امر أصحابك - يعني في التفقه - حتى نشأ قوم فاشتغلوا بعدد الأحاديث وتركوا التفقه . قال وسمعت أبا زرعة يقول : وقد عاد [ قوم ] في التفقه وهو الاصل . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة - وقلت له أخبرت انه قرأ عليك الربيع بالليل فقال : ما أعلم اني سمعت منه بالليل الا مجلسا واحدا رافقني رجل فلما تهيأ خروجي امتنع من الخروج قلت مالك ؟ قال قد بقي علي شئ من كتب الشافعي وكان [ قد ] سمع كتب الشافعي من حرملة فقلت لرفيقي : ترضى ان يقرأ عليك الربيع ؟ قال : نعم ، قال أبو زرعة فلقيت الربيع فأخبرته بالقصة وسألته ان يجيئنا ليلا فيقرأ على رفيقي ما بقي عليه فجاءنا ليلا فقرأ علينا . قلت : أخبرت ان الربيع قرأها عليك في اربعين يوما ؟ قال : لا يبني ، انما كنت اسمع منه في وقت اتفرغ فيه إليه وكنت آخذ ميعاده في مسجد الجامع فربما ابطأت عليه وربما لم اجئ [ فلا ينصرف ] فيقول إذا لم يمكنك المجئ فاكتب على الاسطوانة حتى امضي . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول : انا احقر في نفسي من أن ينزلني الله عزوجل منزلة أبي زرعة . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول قال لنا أبو الوليد الطيالسي : إذا كان عندنا قوم فلا تستأذنوا فليس عليكم حجاب . وربما دخلنا عليه وهو يأكل فيشدد علينا أن كلوا . 

باب ما ظهر لآبي زرعة من سيد عمله عند وفاته

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول : مات أبو زرعة مطعونا مبطونا يعرق جبينه في النزع فقلت لمحمد بن مسلم : ما تحفظ في تلقين الموتى لا اله الا الله ؟ فقال محمد بن مسلم : يروي عن معاذ بن جبل - فمن قبل ان يستتم رفع أبو زرعة رأسه وهو في النزع فقال : روى عبد الحميد ابن جعفر عن صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة عن معاذ عن النبي ﷺ : من كان آخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنة . فصار البيت ضجة ببكاء من حضر . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أحمد بن إسماعيل ابن عم أبي زرعة يقول سمعت أبا زرعة يقول في مرضه الذي مات فيه : اللهم اني اشتاق إلى رؤيتك ، فان قال لي باي عمل اشتقت الي ؟ قلت : برحمتك يا رب .
باب ما رئي لآبي زرعة من الرؤيا قبل وفاته وبعدها

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول رأيت أبا زرعة رحمه الله في المنام فقلت ما فعل بك ربك ؟ فقال قربني وادناني وقربني وادناني حتى - هكذا واومأ بيده ، ثم قال [ لي ] يا عبيد الله تدرعت بالكلام ؟ قلت لأنهم حاولوا دينك ، قال ألحقوه بابي عبد الله وابي عبد الله وابي عبد الله . قال محمد بن مسلم فوقع في نفسي في النوم ان أبا عبد الله سفيان الثوري وان أبا عبد الله مالك بن انس وان أبا عبد الله أحمد بن حنبل . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول رأيت في المنام كأن علي ثوب برد له خطوط دقاق . قال أبو محمد تعبيره ان يشتهر فاشتهر بالخير والعلم . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة في سنة اثنتين وستين ومائتين يقول : كنت منذ سنين نحو عشرين سنة ربما خطر ببالي تقصير [ ي وتقصير الناس ] في الاعمال في النوافل والحج والصيام والجهاد فكثر ذلك في قلبي فرأيت ليلة فيما يرى النائم كأن آتيا اتاني فضرب يده بين كتفي فقال : قد اكثرت من العبادة ، وأي عبادة افضل من الصلوات الخمس في جماعة ؟ . 

باب ما ذكر من بد ومكاشفة أبي زرعة لأهل الرأي واظهاره السنن ومقاساته اذى القوم

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول قال [ لي ] أبو جعفر الجمال : مالهم - يعني أصحاب الرأي سواك . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : ما رغبت قط في سكني الري وما كاشفت القوم وانا اريد مزاحمتهم في دنيا ولا مال ولا في ضيعة وقلت في نفسي انا لست براغب في شئ من هذا فأقاسي اظهار السنن فان كان كون خرجت وهربت إلى طرسوس . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول قال لي السري بن معاذ : لو أني قبلت لاعطيت مائة الف درهم قبل الليل فيك وفي ابن مسلم من غير أن احبسكم ولا اضربكم اكثر من ان امنعكم من التحديث . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول وقلت له انهم كانوا يقولون ان رجلا بصريا يحمل اليك الكلام الذي ترويه في ابن مقاتل فقال : يفرغ ابن مقاتل من مجلسه يوم الجمعة إلى قرب المغرب وأرد عليه من الغد بكرة ، من وضع لي ؟ وددت اني كنت ارى في [ ذلك ] الوقت الذي دفع إلى ما روي في مجلسه [ رجلا ] .
باب ما ذكر من زهد أبي زرعة وظلف نفسه عن الدنيا

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : لو كان لي صحة بدن على ما اريد كنت اتصدق بمالي كله واخرج إلى طرسوس أو إلى ثعر من الثغور وآكل من المباحات والزمها ، ثم قال : اني لالبس الثياب لكي إذا نظر الي الناس لا يقولون قد ترك أبو زرعة الدنيا ولبس الثياب الدون ، واني لآكل ما يقدم الي من الطيبات والحلواء لكي لا يقول الناس ان أبا زرعة لا يأكل الطيبات لزهده ، واني لآكل الشئ الطيب وما مجراه عندي ومجرى غيره من الادم الا واحد ، وألبس الثياب الجياد ودونه من الثياب عندي واحد ، لان جميعا يعملان عملا واحدا ، ومن احب ان يسلم من لبسه الثياب يلبسه لستر عورته فانه إذا نوى هذا ولم ينو غيره سلم . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : كنت فيما مضى وانا صحيح وربما اخذتني الحمى فاضعف واجد لذلك ألما ، وانا اليوم ربما حممت وربما لم احم فلا اجد لشئ مما انا فيه ألما ، اظن في نفسي انه كذا ينبغي ان يكون . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : اعلم ان عمي إسماعيل طبخ قدرا بقرية روده وبوسته مغمى فقال لي ألق فيه شيئا من الملح فأخذت كفا من الملح وألقيت فيه فصار القدر كله مرا ولم يذق احد منا منه ، فقيل لي : لم القيت كثرة هذا الملح في هذا ؟ فقلت لهم لم توقتوا لي فيه شيئا ولم ادركم القي فيها . قال أبو زرعة دخلت مرة البيت فنظرت فإذا قنينة فيها دهن شيرج فنظرت إليه فظننت انه فقاع فأخذت القدح فصببت منه حتى قيل لي : هذا دهن ، فنظرت فإذا هو دهن . 

[أبو حاتم الرازي]

ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الرابعة من أهل الري أبي [ أبو حاتم ] رحمه الله 

باب ما ذكر من معرفة أبي رحمه الله بصحة الحديث وسقيمه

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي رحمه الله يقول جاءني رجل من جلة أصحاب الرأي من أهل الفهم منهم ومعه دفتر فعرضه علي فقلت في بعضها : هذا حديث خطأ قد دخل لصاحبه حديث في حديث ، وقلت في بعضه : هذا حديث باطل ، وقلت في بعضه : هذا حديث منكر ، وقلت في بعضه : هذا حديث كذب ، وسائر ذلك أحاديث صحاح . فقال لي : من أين علمت أن هذا خطأ ، وان هذا باطل ، وأن هذا كذب ؟ أخبرك راوي هذا الكتاب بأني غلطت واني كذبت في حديث كذا ؟ فقلت : لا ، ما ادري هذا الجزء من رواية من هو ؟ غير أني أعلم ان هذا خطأ وان هذا الحديث باطل ، وان هذا الحديث كذب ، فقال تدعي الغيب ؟ قال قلت : ما هذا ادعاء الغيب : قال فما الدليل على ما تقول ؟ قلت : سل عما قلت من يحسن مئل ما أحسن ، فان اتفقنا علمت انا لم نجازف ولم نقله الا بفهم . قال : من هو الذي يحسن مثل ما تحسن ؟ قلت : أبو زرعة ، قال : ويقول أبو زرعة مثل ما قلت ؟ قلت : نعم ، قال : هذا عجب ، فأخذ فكتب في كاغد الفاظي في تلك الأحاديث ثم رجل الي وقد كتب الفاظ ما تكلم به أبو زرعة في تلك الأحاديث ، فما قلت انه باطل قال أبو زرعة : هو كذب ، قلت : الكذب والباطل واحد ، وما قلت انه كذب قال أبو زرعة : هو باطل ، وما قلت انه منكر قال : هو منكر ، كما قلت ، وما قلت انه صحاح قال أبو زرعة : [ هو ] صحاح : فقال : ما اعجب هذا ، تتفقان من غير مواطأة فيما بينكما ، فقلت فقد ذلك انا لم نجازف وانما قلناه بعلم ومعرفة قد اوتينا ، والدليل على صحة ما نقوله بان دينارا نبهرجا يحمل إلى الناقد فيقول : هذا دينار نبهرج ، ويقول لدينار : هو جيد ، فان قيل له من أين قلت ان هذا نبهرج ؟ هل كنت حاضرا حين بهرج هذا الدينار ؟ قال : لا ، فان قيل له : فأخبرك الرجل الذي بهرجه اني بهرجت هذا الدينار ؟ قال : لا ، قيل فمن أين قلت ان هذا نبهرج ؟ قال : علما رزقت ، 
 
وكذلك نحن رزقنا معرفة ذلك ، قلت [ له ] فتحمل فص ياقوت إلى واحد من البصراء من الجوهريين فيقول : هذا زجاج ، ويقول لمثله : هذا ياقوت ، فان قيل له : من أين علمت ان هذا زجاج وان هذا ياقوت ؟ هل حضرت الموضع الذي صنع فيه هذا الزجاج ؟ قال : لا ، قيل له : فهل أعلمك الذي صاغه بأنه صاغ هذا زجاجا ؟ قال : لا ، قال : فمن أين علمت ؟ قال : هذا علم رزقت ، وكذلك نحن رزقنا علما لا يتهيأ لنا ان نخبرك كيف علمنا بان هذا الحديث كذب وهذا حديث منكر الا بما نعرفه . [ قال أبو محمد تعرف جودة الدينار بالقياس إلى غيره فان تخلف عنه في الحمرة والصفاء علم انه مغشوش ، ويعلم جنس الجوهر بالقياس إلى غيره فان خالفه في الماء والصلابة علم انه زجاج ، ويقاس صحة الحديث بعدالة ناقليه ، وان يكون كلاما يصلح ان يكون من كلام النبوة ، ويعلم سقمه وانكاره بتفرد من لم تصح عدالته بروايته والله أعلم ] . حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الاشج بحديث زياد بن الحسن بن فرات القزاز نحو اربعين حديثا حدثنا عبد الرحمن قال فسمعت أبي يقول : سبعة عشر حديثا من هذا خطأ وغلط ، من ذلك حديث [ قد ] حدثنا به أبو سعيد الاشج عن زياد بن الحسن بن فرات [ القزاز ] عن ابيه عن جده عن عدي ابن عدي الكندي ، وحديث آخر عن زياد بن الحسن عن ابيه عن جده عن التميمي عن ابن عباس ، ومن ذلك زياد بن الحسن عن ابيه عن إسحاق عن الحارث عن علي - ثلاثة أحاديث . [ ومن ذلك زياد ابن الحسن عن ابيه عن جده عن الشعبي . ومن ذلك زياد بن الحسن عن ابيه عن جده عن عبد الرحمن بن الاسود . ومن ذلك عن ابيه عن جده عن أبي الاحوص . ومن ذلك عن ابيه عن جده ] عن عمرو بن ميمون وعمرو بن شراحيل . ومن ذلك عن ابيه عن جده [ عن أبي ميسرة . ومن ذلك عن ابيه عن جده عن الاسود بن يزيد . ومن ذلك عن ابيه عن جده ] عن الضحاك بن مزاحم . ومن ذلك عن ابيه عن جده [ عن إبراهيم بن يزيد وعلقمة . ومن ذلك عن ابيه عن جده عن ناجية بن كعب . ومن ذلك عن ابيه عن جده ] عن الاسود بن هلال . ومن ذلك عن ابيه عن جده عن هبيرة ابن يريم

حدثنا عبد الرحمن قال فسمعت أبي رحمه الله يقول : كل هذه الأحاديث ليست من حديث فرات القزاز ، لم يرو فرات عن هؤلاء المشيخة ، انما هذه أحاديث أبي إسحاق الهمداني عن هؤلاء المشيخة ، ولا أعلم فرات القزاز روى عن احد منهم شيئا ولا ادركهم ، وقد سمع فرات القزاز من أبي الطفيل ومن سعيد بن جبير ومن أبي حازم سلمان الاشجعي ومن قيس ، فهذه الأحاديث عنهم صحيحة من حديث فرات القزاز . قلت فما قولك في الحسن بن فرات ؟ قال : منكر الحديث . حدثنا عبد الرحمن قال سمعنا من محمد بن عزيز الايلي الجزء السادس من مشايخ عقيل فنظر أبي في كتابي فأخذ القلم فعلم على اربعة وعشرين حديثا خمسة عشر حديثا منها متصلة بعضها ببعض وتسعة أحاديث في آخر الجزء متصلة فسمعته يقول : ليست هذه الأحاديث من حديث عقيل عن هؤلاء المشيخة ، انما ذلك من حديث محمد بن إسحاق عن هؤلاء المشيخة ، ونظر إلى أحاديث عن عقيل عن الزهري ، وعقيل عن يحيى بن أبي كثير ، وعقيل عن عمرو بن شعيب ومكحول ، وعقيل عن اسامة بن زيد الليثي فقال : هذه الأحاديث كلها من حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير ، والأوزاعي عن نافع ، والأوزاعي عن اسامة بن زيد ، والأوزاعي عن مكحول ، وان عقيلا لم يسمع من هؤلاء المشيخة هذه الأحاديث . حدثنا عبد الرحمن قال وحضرت أحمد بن سنان وقد حدثنا عن يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن أبي جمرة عن أبي بردة عن أبي موسى ان روسل الله ﷺ عطس فقيل له يرحمك الله ، فقال النبي ﷺ : يهديكم الله ويصلح بالكم فقال أبي لأحمد بن سنان : انما هو عن أبي حمزة عن أبي بردة ، فأبي ان يقبل ، ثم صار أبي إلى محمد بن عبادة فسأله ان يخرج له حديث يزيد [ ابن هارون ] عن حماد بن سلمة [ فأخرج كتابه ] فإذا هو حماد ابن سملة عن أبي حمزة كما قال أبي ، فكتبنا عن ابن عبادة هذا الحديث ثم أخبر أبي ابني أحمد بن سنان بانه وجد في كتاب ابن عبادة عن يزيد عن حماد بن سلمة عن أبي حمزة كما قال أبي ، فتحيرا وقالا : ننظر في الاصل ، فلما كان الغد حملوا إلى أبي اصل أحمد بن سنان عن يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن أبي حمزة معجما على الحاء والزاي كما قال أبي ، 
 
وقالا : وقع الغلط في التحويل ، فحدثنا أحمد بن سنان من الرأس عن يزيد عن حماد بن سلمة عن أبي حمزة عن أبي [ بردة عن أبي ] موسى كما قال أبي ، واعتذروا من ذلك . حدثنا عبد الرحمن قال حضرت أبي رحمه الله وحضره عبد الرحمن ابن خراش البغدادي فجرى بينهما ذكر حديث انس [ بن مالك ] سئل رسول الله ﷺ عن الكوثر فقال : هو نهر اعطانيه الله عزوجل في الجنة ابيض من اللبن واحلى من العسل الحديث ، فقال أبي : رواه أبو اويس [ عن الزهري عن اخيه عبد الله بن مسلم عن انس ، فقال عبد الرحمن بن خراش : ليس فيه الزهري انما يرويه أبو اويس عن ابن اخي الزهري عن ابيه عن انس ، فقال أبي روي أبو اويس ] عن كليهما هذا الحديث ، روي عن الزهري عن عبد الله بن مسلم عن انس ، وعن ابن اخي الزهري عن ابيه عن انس حدثنا به أحمد بن صالح عن إسماعيل بن [ أبي ] اويس عن الزهري عن اخيه عن انس ان النبي ﷺ ، وعن ابيه عن ابن اخي الزهري عن انس . ثم قال لي يا عبد الرحمن أخرج حديث أحمد بن صالح ما سمعناه بانطاكية ، فأخرجت الكتاب فأملي على الناس الحديثين جميعا عن أحمد بن صالح عن إسماعيل بن أبي اويس عن ابيه كما حكاه ، وقال : ما نظرت في هذا منذ يوم سمعت من أحمد بن صالح ، فحمل الناس على عبد الرحمن بن خراش فجعلوا يوبخونه فاستغفر الله عزوجل من ساعته . قال أبو محمد ثم قضى لي الخروج إلى الحج فسمعت هذين الحديثين بهمذان حدثنا بهما حمويه بن ابرك قال نا إسماعيل بن أبي اويس قال حدثني أبي قال ابن شهاب ان اخاه عبد الله ( 187 م ) أخبره ان انس بن مالك أخبره ان رجلا سأل رسول الله ﷺ : ما الكوثر ؟ فذكر الحديث - حدثنا عبد الرحمن نا حمويه نا ابن أبي اويس قال حدثني أبي عن ابن اخي الزهري محمد بن عبد الله بن مسلم عن ابيه عن انس عن النبي ﷺ مثله سواء .
باب ما ذكر من علم أبي رحمه الله وفقهه ومعرفته بناقلة الآثار

حدثنا عبد الرحمن قال : سمعت محمد بن العباس مولى بني هاشم أو غيره قال حضرت محمد بن حميد وجاءه رجل يستفتيه في مسألة فقال صر إلى أبي حاتم محمد بن ادريس فسله عنه . قال أبو محمد وكان في ذلك الوقت مشايخ متوافرون مثل إبراهيم بن موسى ومحمد بن مهران الجمال وأبي حصين بن يحيى بن سليمان وابي زرعة وغيرهم . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي رحمه الله يقول قلت على باب أبي الوليد الطيالسي : من اغرب على حديثا غريبا مسندا صحيحا لم اسمع به فله علي درهم يتصدق به وقد حضر على باب أبي الوليد خلق من الخلق أبو زرعة فمن دونه ، وانما كان مرادى ان يلقى علي ما لم اسمع به فيقولون هو عند فلان فأذهب فأسمع ، وكان مرادي ان استخرج منهم ما ليس عندي ، فما تهيا لاحد منهم ان يغرب على حديثا . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي [ يقول : تعجبت من غفلة أبي نعيم الفضل بن دكين حيث جعل يزيد بن خصيفة في الكوفيين وهو مدني ، وادخل عمرو بن يحيى المازني في الكوفيين وهو مدني ، وجعل عثمان البتي في الكوفيين وهو بصري . سمعت أبي يقول جرى بيني وبين أبي زرعة يوما تمييز الحديث ومعرفته فجعل يذكر أحاديث [ ويذكر ] عللها ، وكذلك كنت اذكر أحاديث خطأ وعللها وخطأ الشيوخ ، فقال لي يا أبا حاتم قل من يفهم هذا ، ما اعز هذا ، إذا رفعت هذا من واحد واثنين فما أقل من تجد من يحسن هذا ، وربما أشك في شئ أو يتخالجني شئ في حديث فالى أن التقى معك لا اجد من يشفيني منه . قال أبي وكذلك كان امري . [ قال أبو محمد ] قلت لآبي : محمد بن مسلم ؟ قال يحفظ اشياء عن محدثين يؤديها ، ليس معرفته للحديث غزيرة . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي وجرى عنده معرفة الحديث فقال أبو عبد الله الذي يحدث عنه محمد بن جابر والذي يحدث عن سعيد ابن جبير وعن مصعب بن سعد وعن زاذان هو مسلم الجهي ، ومسلم البطين ايضا يكنى أبا عبد الله ، غير أنه لا يحتمل ان يكون مسلم الملائى يحدث عن مصعب بن سعد وعن زاذان . ثم قال : ذهب الذي كان يحسن هذا ، يعني أبا زرعة ، وما بقي بمصر ولا بالعراق احد يحسن [ هذا ] . قلت : محمد بن مسلم ؟ 
 
قال : يفهم طرفا منه . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول وقيل له ان عبد الجبار ابن العلاء روى عن مروان الفزارى عن ابن أبي ذئب ، فقال أبي قد نظرت في حديث مروان بالشام الكثير فما رأيت عن ابن أبي ذئب اصلا . فقال له أبو يحيى الزعفراني : انكر على أبو زرعة كما انكرت فحملت إليه كتابي واريته فجعل يتعجب . قال أبو محمد اتفقا في الانكار على عبد الجبار بن العلاء روايته عن مروان عن ابن أبي ذئب من غير تواطؤ لمعرفتهما بهذا الشأن . ما ذكر من حفظ أبي رحمة الله عليه حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول : كان محمد بن يزيد الاسفاطي يحفظ التفسير وولع به وكان يلقى على وعلى أبي زرعة [ التفسير ] فإذا ذاكرته بشئ لا يحفظه كان يقول يا بني افدني . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول : كان محمد بن يزيد الاسفاطي يحفظ التفسير فقال لنا يوما ما تحفظون في قول الله عزوجل ( فنقبوا في البلاد ) ؟ فبقى أصحاب الحديث ينظر بعضهم إلى بعض فقلت انا حدثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عزوجل ( فنقبوا في البلاد ) قال : ضربوا في البلاد . فاستحسن . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت موسى بن إسحاق يقول لي : ما رأيت احفظ من ابيك رحمه الله . وقد رأى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وابا بكر بن أبي شيبة وابن نمير وغيرهم ، فقلت له رأيت أبا زرعة ؟ فقال : لا . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول غضب أبو الوليد يوما فقال : لا يسألني اليوم احد الا من حفظه ، فدنا إليه رجل فقال كيف حديث كذا ؟ فجعل يلجلج ، فقال : قم ، فاقامه ، ثم دنا آخر فقال كيف حديث كذا ؟ فجعل ايضا يلجلج ، فقال : قم ، فلما كان الثالث أو الرابع دنوت انا فقلت : كيف حديث أبي مسعود البدري ان النبي ﷺ قال : ان المؤمن إذا انفق على زوجته وهو يحتسب فهو صدقة ؟ فقال : حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت فقال له شعبة قال أنبأنا عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد فقال الانصاري عن أبي مسعود عن النبي ﷺ . ثم قلت له : حديث سلمة بن الاكوع عن النبي ﷺ : من حمل علينا [ السلاح ] 
 
فقال : حدثنا عكرمة بن عمار عن اياس بن سلمة عن ابيه عن النبي ﷺ فحدثني به . فلم ازل اذكر [ له ] حديثا بعد حديث حتى بلغ عشرة أحاديث فقال : هات ، فذكرت له حديثا آخر فقال : حسبك . فظن اني تحفظت عشرة أحاديث ، فلما زدت على عشرة قال : حسبك ، ثم دنا أبو زرعة فجعل يسأله حتى بلغ عشرة فلما زاد على عشرة أحاديث قال : حسبك . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول قدم محمد بن يحيى النيسابوري الرى فالقيت عليه ثلاثة عشر حديثا من حديث الزهري فلم يعلم منها الا ثلاثة أحاديث وسائر ذلك لم يكن عنده ولم يعرفها . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول قال لي هشام بن عمار : أي شئ تحفظ عن الاذواء ؟ قلت له : ذو الاصابع ، وذو الجوشن ، وذو الزوائد ، وذو اليدين ، وذو اللحية الكلبي وعددت له ستة فضحك وقال : حفظنا نحن ثلاثة وزدتنا أنت ثلاثة . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول كنت عند والينا إبراهيم ابن معروف وحضر محمد بن مسلم فقال : يا أبا حاتم ويا أبا عبد الله لو تذاكرتما فكنت اسمع مذاكرتكما ، فقلت لا تتهيأ المذاكرة ما لم يجر شئ فقال انا اجريه ، قد حبب إلى الصدقة فما تحفظون فيه ؟ فقال محمد بن مسلم حدثنا محمد بن سعيد بن سابق عن عمرو بن أبي قيس عن سماك عن عباد بن حبيس عن عدي بن حاتم قال اتيت النبي ﷺ فجعل يقص ، فقلت : لم يسألك الامير عن إسلام عدي بن حاتم ، فقال : صدق انما سألتك عن فضل الصدقة ، فقال : حدثنا أبو نعيم نا سفيان عن عبد الله بن عيسى عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان عن النبي ﷺ قال : ان الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه وان الرجل وذكر الحديث . فقلت : ليس اسناده كما ذكرت ، قال لم ؟ قلت ليس هو سالم بن أبي الجعد ، فقال هو عبيد بن أبي الجعد ، قلت : ولا [ هو ] عبيد ، فقال من هو ؟ 
 
وجعل يكرر سالم بن أبي الجعد عبيد بن أبي الجعد فكرر من من فقال الامير لا تخبره فسكت ساعة فجعل يجهد أن يقع عليه فلم يقع عليه فقال الامير أخبره الآن قلت عبد الله ابن أبي الجعد عن ثوبان ، قال صدقت هو عبد الله بن أبي الجعد . ما ذكر من رحلة أبي في طلب العلم حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول : اول سنة خرجت في طلب الحديث اقمت سبع سنين احصيت ما مشيت على قدمى زيادة على الف فرسخ : لم ازل احصى حتى لما زاد على ألف فرسخ تركته ، ما كنت سرت انا من الكوفة إلى بغداد فما لا احصى كم مرة ومن مكة إلى المدينة مرات كثيرة وخرجت من البحرين من قرب مدينة صلا إلى مصر ماشيا ومن مصر إلى الرملة [ ماشيا ] ومن الرملة إلى بيت المقدس ، ومن الرملة إلى عسقلان ومن الرملة إلى طبرية ومن طبرية إلى دمشق ومن دمشق إلى حمص ومن حمص إلى انطاكية ومن انطاكية إلى طرسوس ثم رجعت من طرسوس إلى حمص وكان بقى على شئ من حديث أبي اليمان فسمعت ثم خرجت من حمص إلى بيسان ومن بيسان إلى الرقة ومن الرقة ركبت الفرات إلى بغداد ، وخرجت قبل خروجي إلى الشام من واسط إلى النيل ومن النيل إلى الكوفة ، كل ذلك ماشيا كل هذا في سفري الاول وانا ابن عشرين سنة اجول سبع سنين ، خرجت من الري سنة ثلاث عشرة ومائتين قدمنا الكوفة في شهر رمضان سنة ثلاث عشرة والمقرئ حي بمكة وجاءنا نعيه ونحن بالكوفة ورجعت سنة احدى وعشرين ومائتين ، وخرجت المرة الثانية سنة اثنتين واربعين ورجعت سنة خمس واربعين اقمت ثلاث سنين وقدمت طرسوس سنة سبع عشرة أو ثماني عشرة وكان واليها الحسن بن مصعب وكنت [ تنظر ] إلى الحسن كأنه محدث احمر الرأس واللحية عليه قلنسوة حبرة وكنت اشبهه بسنيد بن داود وربما رأيت الوالي فأظن انه سنيد وربما اجتمعا فلا اميز بينهما وفي هذه السنة فتحت لؤلؤة وانا بطرسوس . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول حجت سنة الاولى سنة خمس عشرة ومائتين ، والحجة الثانية سنة خمس وثلاثين ، والثالثة سنة اثنتين واربعين ، والرابعة سنة خمس وخمسين وفيها حج عبد الرحمن ابني .

[ باب ] ما ذكر من جلالة أبي عند أهل العلم وغيرهم

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول سألني أحمد بن حنبل عن مشايخ الرى قلت : إبراهيم بن موسى وهو في عافية ، قال كيف تركتم أبا زياد ؟ كان رفيقي بالبصرة عند معتمر بن سليمان ، قلنا : هو في عافيه ، وسألني عن ابن حميد . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول اتيت محمد بن المصفى الحمصى يوما فقال لي : قد كتبت جزءا من حديثك فحدثني به ، فقلت : انما جئنا لنسمع منك ، فلم يدعني حتى قرأت عليه . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي رحمه الله يقول كنا إذا اجتمعنا عند محدث انا وابو زرعة كنت اتولى الانتخاب وكنت إذا كتبت حديثا عن ثقة لم اعده وكنت اكتب ما ليس عندي ، وكان أبو زرعة إذا انتخب يكثر الكتابة ، كان إذا رأى حديثا جيدا قد كتبه عن غيره اعاده . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول كلمني دحيم في حديث أهل طبرية وقد [ كانوا ] سألوني التحديث فابيت عليهم وقلت بلدة يكون فيها مثل أبي سعيد دحيم القاضي احدث انا ؟ فكلمني دحيم فقال ان هذه بلدة نائية عن جادة الطريق فقل من يقدم عليهم ، فحدثتهم . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول اتينا مالك بن سعد ابن عم روح بن عبادة بالبصرة فقلنا أخرج الينا من حديثك . فكان يخرج الجزئين والثلاثة ، قلنا له أخرج الينا مل ء جوالق كتبا حتى ننظر فيها ، فأخرج الينا الشيخ جوالق ملا كتب في ظهره فوضع بين ايدينا فكتبنا منها حديثا كثيرا ثم اخذت عنه مقدار عشرين جزءا من مصنفات روح وغيره فقلت احمل وأنظر فيه ؟

قال احمل ، وأعدك في وقت اجيئك إلى منزلك فأحدثك ثم ، فوعدته ليوم يجئ فكان حدث سبب وبكرت إلى شيخ وجاء الشيخ فقعد ينتظرنا فلم يزل ينتظرنا إلى قريب من وقت الظهر فجئنا نحن في ذلك الوقت فدفعنا إليه ما كان معنا مكتوبا فقرأ علينا . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول كان سلمة بن شبيب قدم البصرة فكتبت بخطي عنه شيئا كثيرا فالتقيت [ معه ] فأعلمته اني كتبت من حديثه اشياء اريد أن اسمعها ، فقال : انا اجيئك غدا فقضى اني بكرت على بندار ونسيت ميعاده فأنا عند بندار إذ قد اقبل سلمة فقال له بندار : يا أبا عبد الرحمن كنا نحن اولى ان نأتيك ، فقال ليس اياك اتيت انما جئت بسبب أبي حاتم أقرأ عليه شيئا ، قال أبي فشورت مما قال في وجه الشيخ ثم قال ما تشاء ؟ قلت ان شئت انتظرت حتى يفرغ بندار من القراءة ، وان شئت مضيت حتى أجيئك إلى المنزل ، فقال لابل أنتظر حتى تفرغ من السماع ، فلما فرغت من السماع دخلنا مسجدا فأخذ كتابي فقرأ كل شئ كان معي فعددت ما قرأ على احدى عشرة ورقة بخطي دقيق . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول وذكر ابن أبي عمر العدني فقال : كان من المصلين ، اتيته فيما بين المغرب والعشاء فإذا هو [ قائم ] يصلي كأنه خشبة فلما رآني خفف وسلم فقال : ما حاجة أبي حاتم ؟ قلت كذا وكذا . وقال أبي اتيت أحمد بن يحيى الصوفي لاسمع منه فإذا قد كتتب جزءا من حديثي فقال : اقرأه علي ، فقلت انما جئت لاسمع منك ، فلم يدعني حتى قرأت عليه .
باب ما ذكر من كثرة سماع أبي رحمه الله من العلم

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول قال [ لي ] ابن نفيل كم كتبتم عني ؟ قلت : لا ندري ، قال حزرت ثلاثة عشر الفا أو اربعة عشر الفا أو خمسة عشر الفا .
 
باب ما لقى أبي من المقاساة في طلب العلم من الشدة

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول : بقيت بالبصرة في سنة اربع عشرة ومائتين ثمانية اشهر وكان في نفسي ان اقيم سنة فانقطع نفقتي فجعلت ابيع ثياب بدني شيئا بعد شئ حتى بقيت بلا نفقة ومضيت اطوف مع صديق لي إلى المشيخة وأسمع منهم إلى المساء فانصرف رفيقي ورجعت إلى بيت خال فجعلت اشرب الماء الجوع ثم اصبحت من الغد وغدا علي رفيقي فجعلت اطوف معه في سماع الحديث على جوع شديد فانصرف عني وانصرفت جائعا فلما كان من الغد غدا على فقال مر بنا إلى المشايخ قلت انا ضعيف لا يمكنني قال ما ضعفك ؟ قلت لا اكتمك امرى قد مضى يومان ما طعمت فيهما شيئا ، فقال [ لي ] قد بقي معي دينار فانا اواسيك بنصفه ونجعل النصف الآخر في الكراء فخرجنا من البصرة وقبضت منه النصف دينار . حدثنا عبد الرحمن قال سمععت أبي يقول : كنا في البحر فاحتلمت فاصبحت وأخبرت أصحابي به فقالوا لي اغمس نفسك في البحر قلت اني لا أحسن ان اسبح ، فقالوا انا نشد فيك حبلا ونعلقك من الماء ، فشدوا في حبلا وارسلوني في الماء وانا في الهواء اريد اسباغ الوضوء فلما توضأت قلت لهم أرسلوني قليلا فارسلوني فغمست نفسي في الماء قلت ارفعوني فرفعوني . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول لما خرجنا من المدينة من عند داود الجعفري صرنا إلى الجار وركبنا البحر وكنا ثلاثة انفس أبو زهير المرورزذي شيخ ، وآخر نيسابوري فركبنا البحر وكانت الريح في وجوهنا فبقينا في البحر ثلاثة اشهر وضاقت صدورنا وفنى ما كان معنا من الزاد [ وبقيت بقية فخرجنا إلى البر فجعلنا نمشي اياما على البر حتى فنى ما كان معنا من الزاد ] والماء فمشينا يوما [ وليلة ] لم يأكل احد منا شيئا ولا شربنا واليوم الثاني كمثل [ واليوم ] الثالث كل يوم نمشي إلى الليل فإذا جاء المساء صلينا وألقينا بأنفسنا حيث كنا وقد ضعفت ابداننا من الجوع والعطش والعياء ،

فلما اصبحنا اليوم الثالث جعلنا نمشي على قدر طاقتنا فسقط الشيخ مغشيا عليه فجئنا نحركه وهو لا يعقل فتركناه ومشينا انا وصاحبي النيسابوري قدر فرسخ أو فرسخين فضعفت وسقطت مغشيا علي ومضى صاحبي وتركني فلم يزل هو يمشي إذ بصر من بعيد قوما قد قربوا سفينتهم من البر ونزلوا على بئر موسى ﷺ فلما عاينهم لوح بثوبه إليهم فجاءوه معهم الماء في اداوة فسقوه واخذوا بيده فقال لهم الحقوا رفيقين لي قد القوا بأنفسهم مغشيا عليهم فما شعرت الا برجل يصب الماء على وجهي ففتحت عيني فقلت اسقني فصب من الماء في ركوة أو مشربة شيئا يسيرا فشربت ورجعت الي نفسي ولم يروني ذلك القدر فقلت اسقني فسقاني شيئا يسيرا وأخذ بيدي فقلت : ورائي شيخ ملقى ، قال قد ذهب إلى ذاك جماعة ، فأخذ بيدي وانا امشي اجر رجلي ويسقيني شيئا بعد شئ حتى إذا بلغت إلى عند سفينتهم واتوا برفيقي الثالث الشيخ وأحسنوا الينا أهل السفينة فبقينا اياما حتى رجعت الينا انفسنا ، 
 
ثم كتبوا لنا كتابا إلى مدينة يقال لها راية إلى واليهم وزودونا من الكعك والسويق [ والماء ] فلم نزل نمشي حتى نفذ ما كان معنا من الماء والسويق والكعك فجعلنا نمشي جياعا عطاشا على شط البحر حتى وقعنا إلى سلحفاة قد رمى به البحر مثل الترس فعمدنا إلى حجر كبير فضربنا على ظهر السلحفاة فانفلق ظهره وإذا فيها مثل صفرة البيض فأخذنا من بعض الاصداف الملقى على شط البحر فجعلنا نغترف من ذلك الاصفر فنتحساه حتى سكن عنا الجوع والعطش ، ثم مررنا وتحملنا حتى دخلنا [ مدينة ] الراية واوصلنا الكتاب إلى عاملهم فأنزلنا في داره وأحسن الينا وكان يقدم الينا كل يوم القرع ويقول لخادمه هاتي لهم باليقطين المبارك فيقدم الينا من ذاك اليقطين مع [ الخبز ] اياما فقال واحد منا بالفارسية : لا تدعو باللحم المشؤوم ؟ وجعل يسمع الرجل صاحب الدار ، فقال : انا أحسن بالفارسية فان جدتي كانت هروية فأتانا بعد ذلك باللحم ، ثم خرجنا من هناك وزودنا إلى ان بلغنا مصر .

باب ما ذكر من بدء كتابة أبي رحمه الله الحديث

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول كتبت الحديث سنة تسع ومائتين وانا ابن اربع عشرة سنة واختلفت تلك السنه إلى المحدثين وكتبت عن عتاب بن زياد المروزي سنة عشر ومائتين قدم علينا من خراسان يريد الحج ، وكتبت عن عبد الله بن عاصم سنة عشر أو نحوها كتاب أبي عوانة وانا ابن خمس عشرة [ سنة ] بخطي ، وكنت افيد الناس عن أبي عبد الرحمن المقرى وانا بالرى فيخرج الناس إلى المقرى فيسمعوا منه ويرجعوا وانا بالري ، وكتبت عن بشر بن يزيد بن أبي الازهر سنة عشر ومائتين وانا ابن خمس عشرة وكان نزل على سعيد بن زيرك فطلبوا مستمليا يستملى فلم يحضرهم فأخذت استملي لهم .
باب ما ذكر من كتابة أبي ماكان يقرأ المحدث من الحديث في وقت قراءته

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول : كتبت عند عارم وهو يقرأ: وكتبت عند عمرو بن مرزوق وهو يقرأ . حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول قال سعيد بن سليمان : عندي عن هشيم عن منصور بن زاذان اربعمائة حديث ، فأتاه الاعبر وأصحاب الحديث فأملى علينا وجاء هارون المستملى المقلب بالديك فكان يستملى ولا يرد على احد ويسرع الكتابة فترك عامة أصحاب الحديث الكتابة الا القليل وكنت اكتب انا . [

باب ما ظهر لآبي من سيد عمله عند وفاته

حضرت أبي رحمه الله وكان في النزع وانا لا أعلم فسألته عن عقبة بن عبد الغافر يروي عن النبي ﷺ : له صحبة ؟ فقال برأسه : لا ، فلم اقنع منه فقلت : فهمت عني : له صحبة ؟ قال : هو تابعي . قلت فكان سيد عمله معرفة الحديث وناقلة الآثار فان في عمره يقتبس منه ذلك فاراد الله ان يظهر عند وفاته ما كان عليه في حياته ] . ما انشد في أبي وابي زرعة رحمهما الله من الشعر حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول قال بعض الحكماء هذه الابيات : ليس في الدين مراء * ليس بالحق خفا وعلى الحق لذى الفهم من النور هدى ليس ذوالعرش بمعبو * د برأى وهوى ان يكن هذا كذا * فإذا ليس يرى ديننا في كل يوم * رأى هذا ثم ذا ليس ذو الآثار في الدين وذو الرأي سوا ليس تباع رسول الله * قصا واقتفتا مثل من يتبع نعما * ن على رأى رأي ولو ان الدين رأى * فيه اصبحنا سوا ويهود ونصارى * فيه كانوا شركا ولقد قال بنصح * جاء فيما عنه جا عامر الشعبي قولا *
 
 كان فيه ما كفى بل على ما كان رأيا * فكفا كم منه ذا انما الدين اتباع * لا ابتداع وابتدا * فعليكم بأبي زر * عة ذي العلم الرضا وأبي حاتم التا * بع قول المصطفى فهم اوعية العلم * ليحبوكم حبا من أحاديث رسول الله * عودا وبدا قد رواها ثقة عن ثقة عنه روى وتحاموا صاحب الخا * ن فما يدرى هبا من قعا قيع نعيما * ن الذي كان طغا وعتا في الارض افسا * دا وظلما واعتدا قال أبو محمد وانشدني أبو محمد الايادي في أبي رضي الله عنه يرثيه . أنفسي مالك لا تجزعينا * وعينى مالك لا تدمعينا أنفسي مالك خوارة * كأنك في [ غمرة تعمهيننا ] أنفسي مالك حيرانة * بأذنك وقر فلا تسمعينا ألم تسمعي لكسوف العلو * م في شهر شعبان حقا مدينا ألم تسمعي خبر المرتضى * أبي حاتم أعلم العالمينا ؟ ألم تسمعي انه ميت * وان الانام به مفجعونا امام الانام ثوى ملحدا * فأعظم لمرزئة قد رزينا امام المشارق والمغربين * وما بين ذلك اضحى رهينا امام الانام خصصنا به * وعم الورى كلهم اجمعينا * ففي الارض بالشيخ عرس مقيم * ومن فوقها مأتم المؤمنينا فأضحت سعيدا بجثمانه * 
 
وصرنا بفقدانه قد شقينا فيا ارض صرت به روضة * فكوني به برة تسعدينا ويا رى كنت به جنة * فحرت به قفرة ترحمينا لقد فازت الارض طوبى لها * وصادفت الارض علقا ثمينا مضى شيخنا المضرى الذي * ثلبنا به عصب الجاحدينا مضى شيخنا الحنظلي الذي * ابينا به الضيم ان نستكينا فيا آل ادريس ماذا رزئتم ؟ * ويا آل ادريس ماذا رزينا ؟ سلبنا واياكم عزنا * فقد عظم الرزء فيكم وفينا دفنتم به علم اسلافنا * وآثار اشياخنا الصالحينا فمن للسائل والواقعات * وللمشكلات إذا ما بلينا ؟ ومن ذا يميز أخبارنا ؟ ومن ذا يرد على المارقينا ؟ دفنا أبا زرعة اليوم لما * دفنا ابن ادريس في الهالكينا وسفيان ايضا دفنا به * وشعبة ان كنتم تعقلونا وسفيان مكة والاصبحي بحر البحور إذا يذكرونا وحماد من بعد حمادنا * وشيخ الشآم شجا الكافرينا وليث بن سعد لهم تاسع * وعبد الا له به يكملونا فكلا فقدنا بفقدانه * وإنا إلى ربنا راجعونا شقينا بموت أبي حاتم * شقاء طويلا وحزنا حزينا فلا حملت بعده حرة * ولا حمل البحر فيه سفينا فيا عين فاستعبرى بعده * وجودي بدمعك لا تبخلينا ويا نفس قولي لأهل الحديث * تعالوا نبكي أبا المسلمينا تعالوا نبكي على ربها * بكاء الثكول مع الثاكلينا أيا لهف نفسي على شيخنا * لقد كان للدين حصنا حصينا فيا أهل طرسوس نوحوا عليه * ويا عين زربة لا تخذلونا وقل لزبطرة لا تأمنوا * فقد جاء في الكتب ما توعدونا لموت أبي حاتم فاحذروا * وكونوا على وجل خائفينا ويا أهل مصيصة المنتضا * ة سيف الشآم على الكافرينا ويا ثغر مصر وثغر الحجاز * 
 
وثغر العراق ألا تندبونا ويا ثغر سند إلى كابل * وزابل فاستيقظوا فاطنينا ويا أهل شاش إلى بنكث * ويا أهل خوارزم لا تأمنونا ويا أهل جرجان ويحالكم * ويا أهل كلال ما تعقلونا ويا أهل قزوين ما غالكم * وابهر ما ذا تروا ان يكونا فقد مات من كان رداء لكم لكم * وللخلق كلهم اجمعينا ويا حرمى ربنا والرسول * ومن بهما اصبحوا قاطنينا هلموا إلى مأتمي كلكم * جميعا ولا تحضروا الملحدينا فقد شمتوا بالذي غالنا * فلا بارك الله في الشامتينا ويا ايها الشامتون اقصروا * فقد خلف الشيخ ابنا رصينا ففي الابن منه عزاء لنا * نقوم بنصرته ما بقينا * فيا ربب اورد أبا حاتم * حياض النبي ع الطيبينا أبي بكر [ الخير ] صهر النبي * وثانيه في الغر إذ يهربونا وفاروقها عمر بعده * وعثمان ذي النور في الواردينا ويعسوب امتنا فيهم * أبي حسن سيد المتقينا وطلحة من بعدهم والزبير * وكل له الفضل في السابقينا ولا تنس شيخي بني زهرة * وشيخ عدي به يحسبونا فذلك عشر كما جاءنا * وصح لدينا عن السالفينا بحبهم دان من قبلنا * ونحن لهم خلف تابعونا أيمشي على ظهرها أهلها * وتحت الثرى جسد الصالحينا فسبحان من جعل الموت حتما * وكل إلى حتمه صائرونا

باب ما ذكر في مدح أبي زرعة لبعض أهل الادب

أضاءت بلاد الرى نورا واشرقت * بذكر عبيدالله فالله اكبر فشكرا لمن ابناه فينا وحمده * على انه فينا التقى المخير لقد نور الري العريضة علمه * بدين رسول الله فالدين انور إذا غاب غاب العلم والحلم والتقى * وعند حضور القرن يبهى ويزهر تمنى جماعات الرجال وترتجى * اراملها والكف بالجود تمطر فلو كان بالرى العريضة كائن * كمثل عبيدالله يا قوم يشكر * أننا بما انستنا من فوائد * وكنت ضيا ظلماتنا فهي مقمر حبانا بك الله العزيز بقدرة * وبصرنا ما لم نكن قبل نبصر ففي حنبلي الرأى لا يتبع الهوى * ولكنه من خشية الله يحذر يؤدى عن الآثار لا الرأى همه * وعن سلف الاخيار ما سيل يخبر وليس كمن يأتي لنعمان دينه *

وحجته حماد يوما ومسعر فتى صيغ من فقه بل الفقه صوغه * مثال عبيدالله ما فيه منكر تمنى رجال ان يكونوا كمثله * وقد شيبتهم في الرياسة اعصر وهيهات ان يستدركوا فضل علمه * ولو مكثوا تسعين حولا وعمروا لكى يدركوه أو تنال اكفهم * مدى النجم من حيث استقل المغور أبا زرعة القمقام اصبحت بارزا * على كل مرجئ بدينك تفخر أبو زرعة شيخ النهى بكمالها * لك السبق إذ أنت الاغر المشهر فمتعك الرحمن بالحلم والتقى * وأبقاك ما دام الدجاج يقرقر فمن مبلغ عني اميرى طاهرا * بأن عبيدالله شاه مظفر أقام منار الدين فينا بعلمه * وليس كمن في دينه يتنصر اتيتتك لا ادلى اليك بقربة * سوى قربة الدين الذي هو أكثر فسبقك محمود وشكرك واجب * وعلمك مبسوط وبحرك يزخر وأبقاك ربي ما حييت بغبطة * فأنت نقي العرض ليث غضنفر وقال الحواري يري أبا زرعة رحمة الله عليه نفى النوم عن عيني وما زلت ساهرا * اراعى نجوما في السماء طوالعا بفقدان حبر مات بالري فاضلا * عليما حليما خيرا متواضعا عنيت عبيد الخالق الجهبذ الذي * اقام لنا آثار أحمد بارعا اقام لنا دين النبي محمد *

واوضح للإسلام حقا وتابعا وانفى لنا التكذيب والبطل حسبة * ورد على الضلال من كان ضائعا بآثار ختام النبيين أحمد * وكان اماما قدوة كان خاضعا فكاد له قلبي يطير مفجعا * غادة نعوه أو تصدع جازععا وما زلت ذا شجو وهم وعبرة * كثكلى كئيبا دامع العين فاجعا لقد مات محمودا سعيدا ولم نجد له * خلفا في المشرقين مطالعا كمثل عبيدالله ذي الحلم فاضل * أبي زرعة الغواص في العلم شاسعا دفينا كريما تحت رمس وبرزخ * وأورثنا غما إلى الحشر فاظعا فبورك قبر أنت فيه مغيب * ولا زلت في الجنات جذلان راتعا أبا زرعة فجعت من كان عالما * بموتك يا ذا العلم بحرا وجامعا تركت اولي العلم حيارى أذلة * لموتك حتى الحشر فينا جوازعا أبا زرعة يا خير من مات فاقدا * فبعدك قد صرنا نقاسي القوارعا فقل لذوي زور وافك وباطل * ومن كان أمس شامتا أو مخادعا [ تموت كشيخ العلم ابشر بلعنة * فعما قريب خائف الموت جازعا ] وتلحقه ذا حسرة وندامة * إذا ما وردت الرمس عجلان قامعا إذا ما وردت الحوض حوض نبينا * وأصحاب آثار تراهم كوارعا لدى حوضه طورا يذودون من عصى * وابدع في دين الاله البدائعا * فصلى عليك الواحد الفرد ما دعت * حمامة ايك أو يرى النجم ساطعا وصلى عليك الصالحون ملائك * وكل نبي كان في الدهر شافعا وصلى عليك الراسخون فواضل * إلى الحشر مثل الرمل إذ كنت خاشعا

(آخر كتاب تقدمة المعرفة بكتاب الجرح والتعديل من تأليف أبي محمد عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي رحمه الله والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وكتب سلخ شهر ربيع الاول سنة سبع وستمائة

وفي آخر نسخة م ) تم كتاب تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل بحمد الله وعونه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين)

عن الكاتب

Tanya Ustadz

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية