الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

فصل شروط القدوة للمأموم وشروط جمع التقديم والقصر والجمعة

فصل شروط القدوة للمأموم  وشروط جمع التقديم والقصر والجمعة


كتاب كاشفة السجا شرح سفينة النجا للنووي الجاوي الشافعي

محتويات

فصل شروط القدوة للمأموم أحد عشر

(فصل): في الشروط المعتبرة في القدوة (شروط القدوة) بكسر القاف وضمها (أحد عشر) أحدها: (أن لا يعلم) أي وأن لا يظن ظناً غالباً (بطلان صلاة إمامه بحدث أو غيره) فلا يصح اقتداؤه بمن يظن بطلان صلاته كشافعي اقتدى بحنفي مس فرجه دون ما إذا قصد نظراً لظن المأموم نقض المس دون الإمام، وكمجتهدين اختلفا في إناءين من الماء أحدهما طاهر والآخر متنجس فتوضأ كل من إنائه أو اغتسل أو طهر إناء أو غسل ثوباً به فلا يجوز اقتداء أحدهما بالآخر لأن كلا يظن نجاسة إناء صاحبه، فإذا زاد الإناء الطاهر على الواحد بأن كان ثلاثة مع المتنجس وكثر المجتهد وتطهر كل بما ظنه الطاهر بالاجتهاد وأمَّ في صلاة صح اقتداء بعضهم ببعض ووجب إعادة ما صلاه خلف من يتعين البطلان في صلاته وهو ثاني إمامين، قال ابن حجر في فتح الجواد: ووجه تعيين الثاني للبطلان أن أحد الإناءين نجس فإذا اقتدى بالأول صح لإحتمال طهره حتى في ظن المأموم فلما اقتدى بالثاني أيضاً تعين البطلان فيه لأنه مع صحة اقتدائه بالأول صار الثاني غير محتمل الطهر في ظنه انتهى. ويأتي ذلك في أكثر من اثنين فلو كانوا خمسة والأواني كذلك ومنها واحد نجس وأم في كل صلاته ولم يظن شيئاً من أحوال غيره أو ظن طهارة غير الأخير أعاد كل منهم ما صلاه مأموماً في الأخير، قال عثمان السويفي في تحفة الحبيب: فإذا ابتدؤوا بالصبح أعادوا العشاء إلا إمامها فيعيد المغرب فيحرم عليهم في الائتمام في العشاء ويحرم عليه الائتمام في المغرب اهـ.

ومثل اختلاف المجتهدين في الإناءين ما إذا سمع واحد من اثنين صوتاً ينقض الوضوء ولم يعلم أن خروجه من أحدهما بعينه وتناكراه فلما اقتدى بهما وجب إعادة ما صلاه خلف الثاني منهما، ولو علم أو ظن أن الإمام الحنفي مثلاً ترك البسملة بأن لم يسكت بعد الإحرام بقدرها فلا يصح اقتداؤه به.(و) ثانيها: (أن لا يعتقد) أي المأموم (وجوب قضائها) أي وجوب إعادة الصلاة (عليه) أي على الإمام، قال السويفي: المراد بالاعتقاد هنا الظن ظناً غالباً وليس المراد به ما اصطلح عليه الأصوليون وهو الجزم المطابق للواقع انتهى. أي فلا يصح اقتداؤه بمن تلزمه الإعادة كمتيمم لبرد أو مقيم تيمم في محل يغلب فيه وجود الماء أو فاقد الطهورين لعدم الاعتداد بصلاته، وصح الاقتداء بغيره كمستحاضة غير متحيرة ومتيمم لا تلزمه إعادة وماسح خف ومضطجع ومستلق ولو مومياً وصبي ولو عبداً وسلس ومستجمر، أما المتحيرة فلا يصح اقتداء غيرها ولو متحيرة بها بناء على وجوب الإعادة عليها. (و) ثالثها (أن لا يكون مأموماً) أي ما دام مقتدياً بغيره فلا يصح اقتداؤه بمقتد لأنه تابع لغيره يلحقه سهوه، ومن شأن الإمام الاستقلال وحمل سهو غيره فلا يجتمع الاقتداء والاستقلال، ومثل المأموم المشكوك في مأموميته كأن وجد رجلين يصليان وتردد أيهما الإمام فلا يصح اقتداؤه بواحد منهما من غير اجتهاد، أما إذا اجتهد فأداه اجتهاده إلى أن أحدهما فقيه أو متيمم دون الآخر صح اقتداؤه به ووجبت الإعادة إن تبين كونه مأموماً وإلا فلا.

(و) رابعها: (لا أمياً) أي أن يكون إمام القارىء أمياً فلا يصح اقتداؤه به أمكنه التعلم أو لا بأن مضى عليه زمن وقد بذل فيه وسعه للتعلم فلم يفتح الله عليه بشيء علم القارىء حاله أم لا، لأن الإمام بجهره تحمل القراءة عن المأموم المسبوق فإذا لم يحسنها لم يصلح للتحمل، قال الشيخ سليمان البجيرمي: فإن أسر في جهرية تابعه المأموم ووجب عليه البحث عن حاله بعد السلام، فإن تبين أنه غير قارىء أعاد وإن تبين أنه قارىء ولو بقوله نسيت الجهر أو أسررت لكونه جائزاً وصدقه المأموم لم يعد، وإن لم يتبين حاله لم يعد أيضاً انتهى. وكذا لا يصح اقتداء من يحسن سبع آيات بمن لا يحسن إلا الذكر لاختلافهما، وأما اقتداء الأمي بأمي مماثل له في الحرف المعجوز عنه وفي محله فيصح لمماثلتهما وأن يتفقا في الحرف المأتي به كأن عجز عن راء صراط وأبدلها أحدهما غيناً والآخر لاماً، وأما لو عجز أحدهما عن راء غير والآخر عن راء صراط أو أحدهما عن الراء والآخر عن السين مثلاً فلا يصح اقتداء أحدهما بالآخر.

(و) خامسها: (أن لا يتقدم) أي المقتدي (عليه) أي الإمام (في الموقف) أي في المكان الذي وقف عليه أي أن لا يتقدم المقتدي بجميع ما اعتمد عليه على جزء مما اعتمد عليه الإمام يقيناً، فلو اعتمد على عقبيه وقدم أحدهما لم يضر كما لو اعتمد على المؤخرة دون المقدمة، والعبرة في القائم بعقبيه وهما مؤخر قدميه وإن تقدمت أصابعه ما لم يعتمد عليها وفي القاعد بألييه وفي المضطجع بجنبه وفي المستلقي برأسه إن اعتمد عليه وإلا فما اعتمد عليه من الظهر غيره، وفي المقطوعة رجله بما اعتمد عليه كخشبتين اعتمد بهما وفي المصلوب بالكتف وفي المعلق بحبل بمنكبه هذا إذا كان المصلوب أو المعلق هو المأموم فقط دون الإمام، أما إذا كانا مصلوبين أو معلقين أو الإمام فقط فلا يصح الاقتداء به لأنه تلزمه الإعادة، فإن تقدم عليه في ذلك بطلت صلاته إلا في صلاة شدة الخوف، ولو شك هل هو مقدم أم لا كأن كان في ظلمة صحت صلاته مطلقاً سواء جاء من قدام الإمام أو من خلفه لأن الأصل عدم المفسد خلافاً لمن فصل فقال: إن كان قد جاء من خلفه فصلاته صحيحة وإلا فباطلة لأن الأصل تقدمه، ولا يضر في صحة الاقتداء مساواته لإمامه لكنها مكروهة مفوتة لفضيلة الجماعة فيندب أن يتأخر عنه قدر ثلاثة أذرع فأقل استعمالاً للأدب وللاتباع، فإن زاد على ثلاثة أذرع فاتته فضيلة الجماعة وأن يقف ذكر لم يحضر غيره عن يمينه وأن يتأخر عنه قليلاً إظهاراً لرتبة الإمام على رتبة المأموم، فإن جاء ذكر آخر وقف عن يساره إن أمكن وإلا أحرم خلفه، ثم بعد إحرامه يتقدم الإمام أو يتأخر إن في المسألة الأولى أو يتأخر من هو على اليمين في الثانية في حالة القيام لا في غيره وهو أفضل، فلو وقف ذلك الذكر عن يسار الإمام أخذ الإمام برأسه وأقامه عن يمينه،

ومثل ذلك ما لو فعل أحد من المقتدين خلاف السنة استحب للإمام إرشاده إليها بيده أو غيرها إن وثق منه بالامتثال والمأموم مثله في الإرشاد المذكور ويكون هذا مستثنى من كراهة الفعل القليل، ولا فرق بين الجاهل وغيره، ولو حضر ذكران ابتداء معاً أو مرتبين اصطفا خلفه، وكذا إذا حضرت المرأة أو النسوة، ولو جاء ذكر وامرأة قام الذكر عن يمينه والمرأة خلف الذكر أو ذكران وامرأة اصطفا خلفه والمرأة خلفهما أو ذكر وامرأة وخنثى وقف الذكر عن يمينه والخنثى خلفهما والمرأة خلف الخنثى، ويسن أن يقف فيما، إذا كثرت أصناف المأمومين خلف الإمام الرجال صفاً ثم الصبيان صفاً ثانياً بعد كمال صف الرجال، هذا إذا لم يسبق الصبيان إلى الصف الأول، فإن سبقوا إليه فهم أحق به من الرجال لأنهم من الجنس بخلاف الخناثى والنساء، ثم بعد الصبيان النساء وإن لم يكمل صفهم وأن تقف ندباً إما منهن وسطهن، فلو أمهن غير امرأة قدم عليهن، وكالمرأة عار أم عراة بصراء في ضوء فيقف أمامهم ويقفون صفاً واحداً إن أمكن لئلا ينظر بعضهم عورة بعض، فإن كانوا عمياً أو في الظلمة تقدم الإمام عليهم،

ويكره للمأموم وقوفه منفرداً عن الصف الذي من جنسه بل يدخل الصف إن وجد سعة بلا خلل بأن يكون بحيث لو دخل بينهم لوسعهم وإلا أحرم، ثم بعد إحرامه جر في القيام شخصاً من الصف ليصطف معه، وسن للمجرور معاونته بموافقته فيقف معه صفاً لينال فضل المعاونة على البر والتقوى، ويحرم الجر قبل الإحرام لأنه يصير المجرور منفرداً. (و) سادسها: (أن يعلم) أي أو يظن (انتقالات إمامه) ليتمكن من متابعته كرؤيته له أو لبعض الصف أو سماع صوته أو صوت مبلغ سواء كان يصلي أو لا ولو صبياً أو فاسقاً وقع في قلبه صدقه على المعتمد. وقال ابن حجر: ويشترط كون المبلغ عدل رواية لأن غيره لا يجوز الاعتماد عليه انتهى. ومثل ذلك هداية غيره له فلو لم يعلم به حالاً نظر فإن أتى الإمام بركنين فعليين قبل العلم به بأن ركع واعتدل وهوى إلى السجود بطلت صلاة المأموم وإلا لم تبطل.

[فائدة] قال الإسنوي: رجل يجوز كونه إماماً لا مأموماً وهو الأعمى الأصم يصح أن يكون إماماً لاستقلاله بأفعاله لا مأموماً إذ لا طريق إلى العلم بانتقالات الإمام إلا أن يكون بجنبه ثقة يعرفه بها بأن يمسه. (و) سابعها: (أن يجتمعا في مسجد) فيشترط أن يمكن الاستطراق عادة إلى الإمام ولو بازورار وانعطاف أي انحراف عن القبلة واستدبار لها فلا يضر ذلك في المسجد وإن بعدت المسافة وحالت أبنية نافذة إليه ولو ردت أبوابها وأغلقت بأن لم تسمر في الابتداء ولو سمرت في الأثناء فلا يضر على المعتمد، ومثل ذلك زوال سلم الدكة لمن يصلي عليها لأنه كله مبني للصلاة، فالمجتمعون فيه مجتمعون لإقامة الجماعة مؤدون لشعارها، فإن حالت أبنية غير نافذة ضر وإن لم يمنع الرؤية فيضر الشباك، وكذلك تسمير الأبواب في الابتداء وزوال سلم الدكة كذلك لأنه لا يعد الجامع لهما حينئذٍ مسجداً واحداً، والدكة بفتح الدال على وزن قصعة هي المكان المرتفع يجلس عليه والمساجد المتلاصقة المتنافذة بأن كان يفتح بعضها إلى بعض كالمسجد الواحد وإن انفرد كل منهما بإمام وجماعة، ولا يضر كون أحدهما أعلى من الآخر كأن كان أحدهما في سطح المسجد أو منارته والآخر في سردابه أو بئر فيه لأنه كله مبني للصلاة، نعم يكره ارتفاعه على إمامه وعكسه حيث أمكن وقوفهما على مستو إلا لحاجة كتبليغ فلا يكره، والسرداب المكان الضيق يدخل فيه.

(أو) يجتمعا (في ثلاثمائة ذراع) بذراع الآدمي (تقريباً) أخذاً من عرف الناس فإنهم يعدونهما في ذلك مجتمعين فلا تضر زيادة ثلاثة أذرع، وهذه المسألة في غير المسجد وهي أربع صور: لأنهما إما أن يكونا في فضاء، وإما أن يكونا في بناء، وإما أن يكون الإمام في فضاء والمأموم في بناء وإما بالعكس، فاعتبار تلك المسافة هو بين الإمام والمأموم أو بين كل صفين أو بين كل شخصين ممن ائتم بالإمام خلفه أو بجانبه، ولو كان أحدهما بمسجد والآخر خارجه فتعتبر المسافة بينهما من طرف المسجد الذي يلي من بخارجه لأنه محل الصلاة لا من آخر صف ولا من موقف الإمام، ويشترط هنا أن يمكن الوصول إلى الإمام من غير ازورار وانعطاف بخلافه فيما تقدم في مسألة المسجد، ويضر هنا الباب المردود في الابتداء بخلافه في الأثناء فإنه لا يضر لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء، ويضر هنا أيضاً الباب المغلوق ابتداء ودواماً على المعتمد،

أما الباب المفتوح فيجوز اقتداء الواقف بحذاء الإمام والصف المتصل به وكذا من خلفه وإن حيل بينه وبين الإمام ويكون ذلك الواقف في حذائه رابطة بينه وبين الإمام وهو في حقهم كالإمام فلا يجوز تقدمهم عليه كما يجوز تقدمهم على الإمام، بخلاف اقتداء من عدل عن محاذاته فلا يجوز للحائل بينه وبين الإمام إلا إذا وقف واحد حذاء منفذ في ذلك الحائل، ولا يضر في جميع ما ذكر تخلل الشارع ولو كثر طروقه، والنهر الكبير وإن أحوج إلى سباحة والنار والبحر بين سفينتين لأن هذه لا تعد للحيلولة فلا يسمى واحد منها حائلاً. (و) ثامنها: (أن ينوي القدوة) كأن يقول مقتدياً (أو الجماعة) كأن يقول جماعة وإن صلحت نيتها للإمام أيضاً أو الائتمام كأن يقول مؤتماً أو المأمومية كأن يقول مأموماً. (و) تاسعها: (أن يتوافق نظم صلاتهما) أي نهجها الواضح في الأفعال الظاهرة وإن اختلفا عدداً فلا يصح الاقتداء مع اختلافه كمكتوبة خلف كسوف وبالعكس لتعذر المتابعة، ولا يضر اختلاف نية الإمام والمأموم لعدم فحش المخالفة فيهما فيصح اقتداء المفترض بالمتنفل والمؤدي بالقاضي وفي طويلة بقصيرة كظهر بصبح وبالعكوس لكنه مكروه ومع ذلك تحصل فضيلة الجماعة.

قال السويفي: والكراهة لا تنفي الفضيلة والثواب لاختلاف الجهة بل الحرمة لا تنفي الفضيلة كالصلاة في أرض مغصوبة، فإن الإمام يصلي الصبح أو المغرب، والمأموم يصلي الظهر أو نحوه فيتم المأموم صلاته بعد سلام إمامه، والأفضل متابعته في قنوت الصبح وتشهد آخر في المغرب وإن لزم على ذلك تطويل الاعتدال بالقنوت وجلسة الاستراحة بالتشهد لأنه لأجل المتابعة فاغتفر له فراقه بالنية إذا اشتغل الإمام بهما مراعاة لنظم صلاته والمفارقة هنا لعذر فلا يفوت بها فضيلة الجماعة وإن كان الإمام يصلي الظهر أو نحوه والمأموم يصلى الصبح أو المغرب، فإذا تم ما توافقا فيه فارقه بالنية جوازاً في الصبح ووجوباً في المغرب والأفضل انتظاره في صبح ليسلم معه، وإنما لم تجب نية المفارقة لجواز المد في الصلاة، ومحل أفضلية الانتظار إن كان الإمام تشهد في الجلوس الأول وإلا بأن قام بلا تشهد فارقه حتماً لأنه يحدث جلوس تشهد لم يفعله الإمام، وكذا إذا جلس ولم يتشهد لأن جلوسه من غير تشهد كلا جلوس فحينئذٍ يجب مفارقته، ومحل الانتظار في الصبح إن لم يخش خروج الوقت قبل تحلل إمامه وإلا فالأولى عدمه، وإذا انتظره أطال الدعاء ندباً بعد تشهده ولا يكرر التشهد، فلو لم يحفظ إلا دعاء قصيراً كرره لأن الصلاة لا سكوت فيها، وإنما لم يكرر التشهد خروجاً من خلاف من أبطل الصلاة بتكرير الركن القولي،

وأما في المغرب فليس له انتظاره لأنه يحدث جلوساً لم يفعله الإمام وإن فعل جلوس الاستراحة فإنه صدق عليه أنه لم يفعل جلوس التشهد الأول لأن جلسة الاستراحة هنا غير مطلوبة، ويجوز له انتظاره في السجود الثاني انتهى. قول السويفي ملخصاً فلا فحش بتطويله لأنه إنما طول ما كان فيه الإمام كما لو جلس الإمام للتشهد الأول وأتى ببعضه ثم ترك باقيه فيجوز للمأموم إكماله لأنه حينئذٍ كالقنوت فإنه إتيانه جائز للمأموم وإن تركه إمامه قد أتى بالاعتدال وإنما هو طول ما كان فيه الإمام كما أفاده ابن حجر في فتح الجواد. (و) عاشرها: (أن لا يخالفه في سنة فاحشة المخالفة) أي قبحت فيها كسجدة تلاوة فيجب الموافقة فيها فعلاً وتركاً كسجود سهو فتجب فيه الموافقة فعلاً لا تركاً، بل يسن للمأموم فعله إذا تركه إمامه، وكالتشهد الأول فتجب فيه الموافقة تركاً لا فعلاً بل يجوز للمأموم إذا فعله الإمام أن يتركه ويقوم عامداً، ولكن يسن له العود إن كان قيامه عمداً ما لم يقم الإمام، فإن كان سهواً وجب العود عليه لمتابعته إمامه، ومثل هذا ما إذا ظن المسبوق سلام الإمام فقام ثم تبين أنه لم يسلم لزمه العود ولو بعد سلام الإمام وليس له أن ينوي المفارقة، والفرق بين العامد والناسي أن العامد مفوت على نفسه تلك الفضيلة بتعمده وأن الناسي قيامه غير معتد به فهو كالعدم، ففرق بين هذا وبين ما لو ركع قبل إمامه ناسياً فإنه يخير بين العود والانتظار لفحش المخالفة في قيامه ناسياً دون ركوعه،

بخلاف ما لو ركع قبل الإمام عامداً فإنه يسن له العود، وأما القنوت فلا تجب الموافقة فيه لا فعلاً ولا تركاً، فإذا فعله الإمام جاز للمأموم أن يتركه يسجد عامداً وإذا تركه الإمام سن للمأموم فعله إذا أدركه في السجود الأول وجاز مع الكراهة إن أدركه في الجلوس بين السجدتين، فإن كان لا يدركه إلا بعد هوي الإمام للسجدة الثانية وجب تركه إن لم ينو المفارقة، فإن أتى به عامداً عالماً بطلت صلاته بمجرد التخلف لأنه قصد المبطل وشرع فيه قبل أن يهوي الإمام، وإذا تركه فلا سجود عليه لتحمل الإمام عنه، وإن لم يطلب القنوت منه وله فواقه بالنية ليقنت تحصيلاً للسنة وهو فراق بعذر فلا يكره، لكن عدم المفارقة أفضل، ومثل هذا ما لو اقتدى بمن يصلي سنة الصبح فلا يسجد لتركه لأنه لا خلل في صلاته حتى في اعتقاد المأموم لأن الإمام يحمله عنه، بخلاف ما لو ترك القنوت تبعاً لإمامه الحنفي فيسجد ندباً للسهو، وكذا لو تركه إمامه المذكور وأتى هو به لأن سهو الإمام يلحق المأموم لأن في صلاة الإمام خللاً نظراً لاعتقاد المأموم، وأما السنة التي لا تفحش المخالفة فيها كجلسة الاستراحة فلا يضر الإتيان بها بل يندب للمأموم أن يأتي بها وإن تركها الإمام، وإذا فعلها الإمام لا يلزم المأموم موافقته في الدوام، وأما في الابتداء فيجب موافقته بأن اقتدى بالإمام وهو جالس للاستراحة فيلزم موافقته فيه، بخلاف ما إذا اقتدى به في غير جلوس الاستراحة كالنهوض فلا يلزمه موافقته فيه لعدم فحش المخالفة. (و) حادي عشرها: (أن يتابعه) بأن يتأخر تحرمه عن جميع تحرم إمامه وأن لا يسبقه بركنين فعليين عامداً عالماً وأن لا يتأخر عنه بهما بلا عذر، فإن قارنه في التحرم ولو شكاً ضر.

[فائدة] قال المدابغي: اعلم أن المقارنة على خمسة أقسام: حرام مبطلة أي مانعة من الانعقاد وهي المقارنة في تكبيرة الإحرام. ومندوبة وهي المقارنة في التأمين. ومكروهة مفوتة لفضيلة الجماعة مع العمد وهي المقارنة في الأفعال والسلام ومباحة وهي المقارنة فيما عدا ذلك. وواجبة فيما لو لم يقرأ الفاتحة مع الإمام لم يدركها.

[فرع] ولو نوى القدوة منفرد في أثناء صلاته جاز مع الكراهة وتبعه وجوباً فيما هو فيه ولو في ركن قصير كالاعتدال للإمام وهو في ركن طويل كالقيام أو كان أحدهما قائماً والآخر قاعداً، نعم لو اقتدى من في التشهد الأخير بمن في القيام مثلاً لم يجز له متابعته بل ينتظره وجوباً ليسلم معه وهو أفضل فله فراقه وهو فراق بعذر، ولا نظر إلى أنه أحدث جلوساً لم يحدثه الإمام لأن المحذور إحداثه بعد نية الاقتداء لا دوامه كما هنا، أو اقتدى من في السجدة الأخيرة بعد الطمأنينة بمن في القيام أيضاً لم يجز له رفع رأسه من السجود بل ينتظره فيه إن لم ينو المفارقة، فإن كان قبل الطمأنينة قام إليه، وكل ما فعله المأموم مع الإمام مما فعله قبله غير محسوب له كأن ركع معه بعد أن ركع قبل الاقتداء به وإن فعل الثاني للمتابعة.

ثم اعلم أن ما يلزم المأموم المتابعة فيه بائتمامه مما أدركه مع إمامه وإن لم يحسب له تسعة أشياء: أحدها الاعتدال ولو كان الإمام في قنوت. وثانيها وثالثها: السجودان. ورابعها: الجلوس بينهما. وخامسها: الجلوس للاستراحة. وسادسها وسابعها: الجلوس للتشهدين. وثامنها: سجود السهو. وتاسعها: سجود التلاوة أي إذا اقتدى به فيه لزمه متابعته. ويجب أيضاً على القاصر الإتمام إذا اقتدى بمتم ولو لحظة، ولا يلزم المأموم المتابعة في ألفاظ التشهدين والقنوت لأن الواجب المتابعة في الأفعال لا الأقوال، لكن يسن له التبعية فيها حتى لو كان مسبوقاً، فالسنة أن يأتي بجميع ألفاظ التشهد من الواجب والمسنون، وكذا يسن التبعية أيضاً في التسبيحات والتكبيرات، نعم إذا كان الإمام في أحد التشهدين أو في السجود مثلاً ونوى المأموم في هذه الحالة وكبر للإحرام فلا يحتاج إذا انتقل إلى إمامه فيما ذكر أن يكبر بل ينتقل ساكتاً لأن ذلك ليس للمتابعة ولا مما يحسب للمأموم، بخلاف ما بعد ما أدركه فيه فيكبر للانتقال إليه وإن لم يحسب له للمتابعة للإمام فيه، وبخلاف الركوع فإنه إن أدركه فيه يكبر للانتقال إليه وإن لم يتابعه حال الانتقال لأنه محسوب له. واعلم أن الذي يسقط عن المأموم بائتمامه سبعة أشياء:

أحدها القيام. وثانيها: القراءة إذا أدركه في الركوع. وثالثها: السورة في الصلاة التي جهر الإمام فيها ولو سرية فالعبرة بالمعول لا بالمشروع وذلك إذا سمعها من الإمام، فإن لم يسمعها لصمم أو بعد أو سماع صوت لم يفهمه أو إسرار ولو في جهرية لم يسقط عنه. ورابعها: الجهر في الصلاة الجهرية فلا يجهر لأنه ربما يشوش على الإمام أو غيره. وخامسها وسادسها: التشهد الأول والجلوس له إذا تركهما الإمام عمداً أو سهواً فيتركهما المأموم تبعاً له وجوباً لأنهما مما تفحش فيه المخالفة، ويفارقان القنوت بأن الإمام والمأموم فيه اشتركا في الاعتدال فلم ينفرد به المأموم وأما فيهما فهو منفرد بالجلوس والقول ولو جلس الإمام للاستراحة لأن جلسة الاستراحة هنا غير مطلوبة. وسابعها: القنوت إذا سمعه إذ السنة فيه أن يؤمن في الدعاء ويسكت أو يوافق في الثناء أو يقول أشهد أو صدقت وبررت ولا تبطل به الصلاة على المعتمد ويغتفر الخطاب هنا لأنه مطلوب لوجود الرابطة بخلافه في إجابة المصلي للمؤذن فإنه لا يغتفر لعدم طلبه وعدم الرابطة، ومن الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم وإن كانت بلفظ الخبر كصلى الله على سيدنا محمد لأن المراد الدعاء فيؤمن فيها، وكذا من أوله إلى لفظ قضيت وما بين ذلك كله ثناء فيوافق فيه أو يسكت أو يقول ما مر.

فصل صور القدوة (تسع

(فصل): في بيان الصور الممكنة في القدوة (صور القدوة) الممكنة من حيث هي (تسع تصح في خمس) أحدها: (قدوة رجل برجل و) ثانيها: (قدوة امرأة برجل و) ثالثها: (قدوة خنثى برجل و) رابعها: (قدوة امرأة بخنثى و) خامسها: (قدوة امرأة بامرأة وتبطل في أربع) الأول (قدوة رجل بامرأة) فلا يصح اقتداؤه بها لأن شرط الاقتداء أن لا يكون الإمام أنقص من المأموم بالأنوثة أو الخنوثة لخبر ابن ماجه "لا تؤمنَّ امرأة رجلاً" (و) الثاني: (قدوة رجل بخنثى) فلا يصح اقتداؤه به لنقص الإمام عن المأموم (و) الثالث: (قدوة خنثى بامرأة) فلا يصح اقتداؤه بها لذلك ولأن المرأة لا تصح إمامتها إلا لمثلها يقيناً لقوله صلى الله عليه وسلّم: "لن يفلح قوم ولُّوا أمرهم امرأة" (و) الرابع: (قدوة خنثى بخنثى) فلا يصح اقتداؤه بمثله لجواز كون المأموم رجلاً والإمام أنثى ويصح مع الكراهة اقتداء رجل بخنثى اتضحت ذكورته واقتداء خنثى اتضحت أنوثته بأنثى، قال ابن حجر في فتح الجواد: فالخنثى المقتدي بالمرأة يحتمل ذكورته والمقتدي به الرجل يحتمل أنوثته، وفي الخنثى بالخنثى يحتمل أنوثة الإمام وذكورة المأموم، أما اقتداء المرأة بالكل واقتداء الخنثى والرجل بالرجل فصحيح إذ لا محذور اهـ.

[فائدة] قال أبو بكربن عبدالرحمن السبتي: الخنثى هو الذي له ذكر الرجال وفرج النساء فلا يخلو من كونه رجلاً أو امرأة فيعرف حاله بأشياء: أحدها البول فإن كان يبول من الذكر فهو رجل، وإن كان يبول من الفرج فهو أنثى، وإن كان يبول منهما جميعاً على الدوام فقال الإمام ابن الصباغ والمحاملي: يعتبر السابق منهما، فإن لم يكن فيعتبر ما تأخر انقطاعه، فإن استويا فهل يعتبر بالأكثر قدراً؟ فيه قولان الأصح: لا يعتبر الثاني المني والحيض والحبل، فإن أمنى من الذكر فرجل، وإن أمنى من الفرج أو حاض فامرأة، وإن أمنى من الذكر وحاض من الفرج فمشكل، أما لو حبل وولد فهو امرأة يقيناً وهي دلالة مقدمة على سائر الدلائل لأنها يقين، ولو بال من الذكر وحاض من الفرج فهل يعتبر بالمبال أو يتعارضان ويسقطان ويبقى الإشكال؟ وجهان أظهرهما الثاني أنه مشكل الثالث الرجوع إلى قوله بعد البلوغ ويسأل عما يميل طبعه إليه إن لم يعرف حاله، فإن قيل: أميل إلى النساء فهو رجل، وإن قال: أميل إلى الرجال فهو امرأة، فمتى أخبر بذلك حكم به ولا يقبل رجوعه عنه بعده إلا إذا أخبر أنه رجل ثم ولد ولداً فحينئذٍ يتيقن أنه امرأة فينقض ما مضى من الحكم بذكورته، أما نبات اللحية ونهود الثدي وعدد الأضلاع فلا اعتبار بها على الأصح اهـ. وقال محمد سبط المارديني: والخنثى المشكل قسمان: قسم له آلة الرجال أي من الذكر والبيضتين وآلة النساء جميعاً، وقسم له ثقبة يخرج منها البول لا تشبه آلة من الآلتين وهذا الثاني مشكل لا يتضح ما دام صبياً فإذا بلغ أمكن اتضاحه، والأول قد يتضح وإن كان صبياً وقد لا يتضح اهـ.

[فرع] قال النووي: ويكون في البقر فقد جاءني جماعة قالوا: إن عندهم بقرة ليس لها فرج أنثى ولا ذكر الثور وإنما لها عند ضرعها ثقب يخرج منه البول، وسألوني عن جواز التضحية بها فقلت تجزىء لأنها إما ذكر أو أنثى وكلاهما يجزىء لأنه ليس فيه ما ينقص اللحم وأفتيتهم بذلك.

فصل شروط جمع التقديم أربعة

(فصل): في شروط جواز جمع التقديم (شروط جمع التقديم) سفراً ومطراً (أربعة) أحدها: (البداءة بالأولى) لأن الوقت لها والثانية تبع فلو صلى العصر قبل الظهر أو العشاء قبل المغرب لم يصح لأن التابع لا يتقدم على متبوعه وله عادة الأولى بعد الثانية إن أراد الجمع. (و) ثانيها: (نية الجمع فيها) أي في الصلاة الأولى قبل التحلل منها ليتميز التقديم المشروع عن التقديم سهواً أو عبثاً كأن يقول: نويت أصلي فرض الظهر مجموعاً بالعصر.

(و) ثالثها: (الموالاة بينهما) أي بين الصلاتين قال السيد يوسف الزبيدي في إرشاد الأنام: بأن لا يفصل بينهما طويلاً وذلك بقدر ركعتين بأقل مجزىء، فإن اختل شرط من هذه الثلاثة صلى الثانية في وقتها، وهذه الشروط الثلاثة سنن في جمع التأخير انتهى. (و) رابعها: (دوام العذر) أي بقاء السفر إلى الإحرام بالثانية فلو أقام في أثنائها لم يضر فلا يشترط دوامه إلى تمامها، فلو أقام قبل عقد الثانية فلا جمع وإن سافر عقب الإقامة لزوال السبب وهو السفر فيتعين تأخير الصلاة إلى وقتها، وإنما يشترط بقاء السفر ليقارن العذر الجمع وإن لم يقارن عقد الأولى كما لو شرع في الظهر مثلاً بالبلد وهو في سفينة فسارت السفينة فنوى الجمع في أثناء الصلاة الأولى فيصح، وكذا يشترط بقاء وقت الأولى إلى عقد الثانية وإن خرج في أثنائها، ويشترط أيضاً صحة الأولى يقيناً أو ظناً فيجمع فاقد الطهورين والمتيمم ولو بمحل يغلب فيه وجود الماء على المعتمد وكذا المستاحضة، وأما المتحيرة فلا تجمع تقديماً لانتفاء صحة الأولى يقيناً أو ظناً لاحتمال وقوعها في الحيض، وأما الجمع للمطر فيشترط وجود المطر في أول الصلاتين وبينهما وعند التحلل من الأولى ولا يضر انقطاعه في أثناء الأولى أو الثانية أو بعدهما.

فصل شروط جمع التأخير اثنان

(فصل): في شروط جواز جمع التأخير (شروط جمع التأخير اثنان) أحدهما: (نية التأخير وقد بقي من وقت) الصلاة (الأولى ما يسعها) أي تامة إن أراد إتمامها ومقصورة إن أراد قصرها كأن يقول إذا أراد تأخير الظهر إلى العصر: نويت تأخير الظهر إلى العصر لأجمع بينهما، وإذا أراد تأخير المغرب إلى العشاء فيقول: نويت تأخير المغرب إلى العشاء. (و) ثانيهما: (دوام العذر) وهو السفر (إلى تمام) الصلاة (الثانية) فلو أقام قبل تمامها وقعت الأولى قضاء سواء قدمها على الثانية أو أخرها عنها لأنها تابعة للثانية في الأداء للعذر وقد زال قبل تمامها.

[تنبيه] اعلم أن ترك الجمع أفضل للخروج من خلاف أبي حنيفة حيث منعه ولأن فيه إخلاء أحد الوقتين عن وظيفته ويستثنى منه الحاج بعرفة ومزدلفة ومن إذا جمع صلى جماعة أو خلا عن حدثه الدائم أو كشف عورته فالجمع أفضل، وكذا من وجد من نفسه كراهته وشك في جوازه أو كان ممن يقتدى به ونحو ذلك، وأما من خاف فوت الوقوف أو فوت استنقاذ أسير لو ترك الجمع فيجب عليه ذلك الجمع حينئذٍ كما قاله الزيادي.

[فرع] قال الشرقاوي: ويمتنع الجمع بمرض ووحل وهو الطين الرقيق وظلمة على المعتمد. وقال الزيادي: واختير جوازه بالمرض تقديماً وتأخيراً ويراعى الأرفق به، وضبط جمع متأخرون المرض هنا بأنه ما يشق معه فعل كل فرض في وقته كمشقة المطر بحيث يبل ثيابه، وقال آخرون: لا بد من مشقة ظاهرة زيادة على ذلك بحيث تبيح الجلوس في الفريضة وهو الأوجه.

[خاتمة] ذكر في فتح المعين نقلاً عن تحفة المحتاج أن من أدى عبادة مختلفاً في صحتها من غير تقليد للقائل بها لزمه إعادتها لأن إقدامه عليها عبث.

فصل شروط القصر سبعة

(فصل): في شروط القصر (شروط القصر سبعة) بل أحد عشر أحدها: (أن يكون سفره مرحلتين) أي يقيناً ولو قطع هذه المسافة في لحظة لكونه من أهل الخطوة سواء قطعها في بر أو بحر وهما بسير الأثقال أي الحيوانات المثقلة بالأحمال مسيرة يومين معتدلين أو ليلتين كذلك أو يوم وليلة ولو غير معتدلين مع اعتبار الحط أي النزول والترحال أي السير والأكل والشرب وغير ذلك على العادة الغالبة، وقدرها على الشبراملسي باثنتين وعشرين ساعة ونصف. (و) ثانيها: (أن يكون) أي سفره (مباحاً) أي في ظنه وإن لم يكن مباحاً في الواقع كما يقع لبعض الأمراء أنه يرسل مكتوباً فيه قتل إنسان ظلماً أو نهب بلدة ولم يعلم من معه المكتوب بذلك فيقصر لأن سفره مباح في ظنه، وكذا لو خرج لجهة معينة تبعاً لشخص ولا يعلم سبب سفره، والمراد بالمباح ما قابل الحرام فيشمل الواجب كسفر حج والمندوب كزيارة قبره صلى الله عليه وسلّم والمكروه كسفر التجارة في أكفان الموتى أو منفرداً، وكذا مع واحد فقط لكن الكراهة في هذا أخف من الكراهة للمنفرد، نعم إن كان أنسه بالله تعالى بحيث صار أنسه مع الوحدة كأنس غيره مع الرفقة لم يكره في حقه ما ذكر، وكذا لو دعت حاجة إلى البعد والانفراد عن الرفقة إلى حد لا يلحقه غوثهم، والمباح المستوي الطرفين كسفر التجارة في غير ذلك فلا قصر للعاصي بسفره ولو صورة كما لو هرب الصبي من وليه فلا يقصر لأن سفره من جنس سفر المعصية للمنع منه شرعاً، ومن سفر المعصية أن يتعب نفسه أو دابته بالركض بلا غرض شرعي، وكذا السفر لمجرد رؤية البلاد لأنها ليست بغرض صحيح.

ثم اعلم أن المسافر العاصي ثلاثة أقسام، الأول: عاص بالسفر وإن قصد به المعصية وغيرها كأن قصد به قطع الطريق وزيارة أهله، فهذا إن تاب فأول سفره محل توبته فإن كان الباقي طويلاً في الرخصة التي يشترط فيها طول السفر كالقصر والجمع أو قصيراً في الرخصة التي لا يشترط فيها ذلك كأكل الميتة ترخص، وإن كان الباقي قصيراً في الرخصة التي يشترط فيها طول السفر لم يترخص. والثاني: عاص في السفر كمن زنى أو شرب خمراً وهو قاصد الحج مثلاً فلا يمتنع عليه الترخص. والثالث: عاص بالسفر في السفر كأن أنشأه طاعة ثم قلبه معصية فإن تاب ترخص مطلقاً وإن كان الباقي قصيراً، ولو كان المسافر كافراً ثم أسلم في أثناء الطريق ترخص وإن كان الباقي دون مسافة القصر لأن سفره ليس بسبب معصية وإن كان عاصياً بالكفر.

(و) ثالثها: (العلم بجواز القصر) فلا قصر لجاهل به من أصله أو في الصلاة التي نواها لأمر خاص عرض له، وكالجاهل المذكور من ظن الرباعية ركعتين فنواها في السفر كذلك فلا تنعقد صلاته في الصورتين بلا خلاف في الأولى وإن قرب إسلامه لتلاعبه، ومثلها الثانية لتفريطه إذ لا يعذر أحد بجهل مثل ذلك ويعلم من عدم انعقادها أنه يعيدها مقصورة وهو كذلك على المعتمد.(و) رابعها: (نية القصر) منها ما لو نوى الظهر مثلاً ركعتين سواء نوى ترخصاً أو أطلق، أما لو نوى ركعتين مع عدم الترخص فإن صلاته تبطل لتلاعبه. ومنها ما لو قال: أؤدي صلاة السفر فلو نوى الإتمام أو أطلق أتم لأنه المنوي في الأولى والأصل في الثانية. ومنها أن يقول: نويت أصلي الظهر مقصورة، قال الزيادي: ولو نوى القصر خلف مسافر متم صح لأنه من أهل القصر في الجملة حيث جهل حاله أي وتلغو نية القصر فإن علمه متماً لم تصح صلاته لتلاعبه كما أفتى به شيخنا الرملي انتهى. وإنما تشترط نية القصر لأنه خلاف الأصل بخلاف الإتمام فلا يحتاج إلى نية لأنه الأصل وتكون نية القصر (عند الإحرام) أي معه كأصل النية فلو نواه بعد الإحرام لم ينفعه.(و) خامسها: (أن تكون الصلاة رباعية) وهي الظهر والعصر والعشاء وهي المكتوبة أصالة وإن وقعت نفلاً فدخلت صلاة الصبي والمعادة فله قصرها جوازاً إن قصر أصلها وهو الأولى فإن أتمها أتمها وجوباً.

(و) سادسها: (دوام السفر) أي يقيناً (إلى تمامها) أي الصلاة فلو انتهى سفره فيها كأن بلغت سفينة هو فيها دار إقامته أو شك في انتهائه أتم لزوال سبب الرخصة في الأولى وللشك فيه في الثانية. (و) سابعها: (أن لا يقتدي بمتم) مقيم أو مسافر (في جزء من صلاته) أي وإن قل كأن أدركه آخر الصلاة ولو أحدث هو عقب اقتدائه به، فلو ائتم به ولو لحظة أو في جمعة أو صبح لزمه الإتمام لما روي عن ابن عباس لما سئل: ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعاً إذا ائتم بمقيم؟ فقال في جوابه: تلك السنة أي الطريقة الشرعية ولو اقتدى بمسافر وشك في نية القصر فنوى هو القصر جاز له القصر إن بان الإمام قاصراً لأن الظاهر من حال المسافر القصر فإن بان أنه متم أو لم يتبين حاله لزمه الإتمام ولو علق نية القصر على نية الإمام كأن قال: إن قصر قصرت وإلا أتممت جاز له القصر إن قصر الإمام لأن هذا تصريح بالواقع، ولزمه الإتمام إن أتم الإمام أو لم يظهر ما نواه الإمام فيلزمه الإتمام احتياطاً.

فصل شروط الجمعة ستة

(فصل): في شروط صحة فعل الجمعة (شروط الجمعة ستة) أحدها: (أن تكون كلها في وقت الظهر) وإذا أدرك المسبوق ركعة مع الإمام وعلم أنه إن استمر معه حتى يسلم لم يدرك الركعة الثانية في الوقت وإن فارقه أدركها وجب عليه نية المفارقة لتقع الجمعة كلها في الوقت، فإن خرج الوقت يقيناً أو ظناً بخبر عدل أو فاسق وقع في القلب صدقه قبل سلامه وجب عليه الظهر بناء لا استئنافاً كغيره من الأربعين، وإن كانت جمعته تابعة لجمعة صحيحة فحينئذٍ يسر بالقراءة ولا يحتاج إلى نية الإتمام، نعم يسن ذلك وإتمامها ظهراً بناء متحتم لأنهما صلاتا وقت واحد فوجب بناء أطولهما على أقصرهما كصلاة الحضر مع السفر ولا يجوز الاستئناف لأنه يؤدي إلى إخراج بعض الصلاة عن الوقت مع القدرة على إيقاعها فيه أي ولا بد أن يكون الوقت باقياً حتى يسلم الأربعون فيه، فلو سلم الإمام ومن معه خارج الوقت فاتت الجمعة ولزمهم الظهر بناء لا استئنافاً، ولو سلم الإمام التسليمة الأولى وتسعة وثلاثون فيه وسلمها الباقون خارجه صحت جمعة الإمام ومن معه من التسعة والثلاثين بخلاف المسلمين خارجه فلا تصح جمعتهم، وكذا لو نقص المسلمون فيه عن أربعين كأن سلم الإمام فيه وسلم من معه وهم التسعة والثلاثون خارجه أو سلم بعضهم معه ولا يبلغون أربعين فلا تصح جمعتهم حتى الإمام، وإنما صحت الجمعة للإمام وحده فيما إذا كانوا محدثين دونه لأن المحدث تصح صلاته فيما إذا فقد الطهورين بخلاف الجمعة خارج الوقت.

(و) ثانيها: (أن تقام في خطة البلد) ولو بفضاء بأن كان بمحل لا تقصر فيه الصلاة وإن لم يتصل بأبنية البلد بخلاف غير المعدود منها وهو ما ينشأ منه سفر القصر، وسواء كان البلد من خشب أو قصب أو غيرهما، وسواء أقيمت الجمعة في المساجد أو غيرها بخلاف الصحراء فلا تصح فيها استقلالاً ولا تبعاً سواء هي وخطبتها ومن يسمعها، ومنها مسجد انفصل عن البلد بحيث يقصر المسافر قبل مجاوزته فلا تصح الجمعة فيه لأنهم حينئذٍ مسافرون ولا تنعقد الجمعة بالمسافر ولو اتصلت الصفوف وطالت حتى خرجت عن القرية صحت جمعة الخارجين تبعاً إن كانوا في محل لا تقصر الصلاة إلا بعد مجاوزته، وإلا فلا تصح لهم الجمعة وإن زادوا على الأربعين ولو كانت الخيام بصحراء واتصل بها مسجد فإن عدت الخيام معه بلداً واحداً ولم تقصر الصلاة قبله صحت الجمعة به وإلا فلا، ولو لازم أهل الخيام موضعاً من الصحراء لم تصح الجمعة في تلك الخيام ويجب عليهم إن سمعوا النداء من محلها وإلا فلا لأنهم على هيئة المستوفزين وليس لهم أبنية المستوطنين.

[فرع] قال الشيخ محمد الرئيس في فتواه: إن كانت القرى متباعدة وجب على كل قرية جمعة إن جمعت الشروط، وضابط البعد عدم اتحاد المرافق كملعب الصبيان والنادي وهو محل القوم ومتحدثهم ومطرح الرماد والاستعارة من بعضهم بعضاً، فإن اختلفت فقرى أي فهي قرى كثيرة وإن اتحدت فالمتجه فيما ذكر قرية واحدة والتي لم تجمع الشروط مع عدم الاتحاد فيه مع غيرها كخارج البلدة، فإن سمعت النداء وجب عليها الحضور وإلا فلا انتهى.

قوله في خطة البلد بكسر الخاء أي علامات أبنية البلد ومثل البناء السرب وهو بفتحتين بيت في الأرض والكهف أي الغار في الجبل فيلزم أهلهما الجمعة وإن خلتا عن الأبنية، ويشترط اجتماع الأبنية عرفاً وأن لا يزيد ما بين المنزلين على ثلاثمائة ذراع داخلها أو خارجها في محل لا تقصر فيه الصلاة إلا بعد مجاوزته ما تقدم في المسافر نقله الشرقاوي عن الرحماني.

(واعلم) أن إقامة الجمعة لا تتوقف على إذن الإمام أو نائبه على المعتمد خلافاً لأبي حنيفة، وعن الشافعي والأصحاب أنه يندب استئذانه فيها خشية الفتنة وخروجاً من الخلاف، أما تعددها فلا بد فيه من الإذن لأنه محل اجتهاد. (و) ثالثها) (أن تصلي جماعة) قال الزيادي في الركعة الأولى بتمامها بأن يستمر معه إلى السجود الثاني فلو صلى الإمام بالأربعين ركعة ثم أحدث فأتم كل منهم وحده أو لم يحدث وفارقوه في الثانية وأتموا منفردين أجزأتهم الجمة، نعم يشترط بقاء العدد إلى سلام الجميع، ومتى أحدث واحد منهم لم تصح جمعة الباقين انتهى. وإن كان هو الآخر إن ذهب الأولون إلى أماكنهم ويلزمهم إعادتها جمعة إن أمكن وإلا فظهراً اهـ. وبهذا يلغز فيقال: لنا شخص أحدث في المسجد فبطلت صلاة آخر في بيته. (و) رابعها: (أن يكونوا أربعين) قال الزيادي: أي ولو من الجن كما في الجواهر ولو كانوا أربعين فقط وفيهم أمي قصر في التعلم لم تصح جمعتهم لبطلان صلاتهم فيقضون، فإن لم يقصر والإمام قارىء صحت جمعتهم كما لو كانوا كلهم أميين في درجة واحدة،

قال الباجوري: فشرط كلَ أن تصح صلاته لنفسه كما في شرح الرملي وإن لم يصح كونه إماماً للقوم، وأفتى محمد صالح الرئيس بأنه لا تنعقد الجمعة حيث كان فيهم أمي ويسقط الوجوب عن الباقين فيصلون ظهراً، وقال في فتاويه أيضاً. إذا دخلوا في الصلاة مع ظن الأمية في بعضهم فلا تصح صلاتهم فالإعادة واجبة عليهم إلا إن قلدوا القائل بجوازها بدون الأربعين، وأما إن دخلوا في الصلاة مع ظن استجماع الشروط فلا تجوز الإعادة لعدم الموجب للإعادة انتهى. والأمي هو من لا يؤدي الواجب في القراءة بإبدال حرف بآخر أو نقل معنى الكلمة ولو كان عالماً جداً، والمقصر هو من لم يبذل وسعه للتعلم الواجب أداؤه فيها ممن يؤديه، قال شيخنا يوسف السنبلاويني: اعلم أن مذهب إمامنا الشافعي رضي الله عنه عدم صحة الجمعة بدون أربعين مستجمعين للشروط وأهل القرى الذين لم يبلغوا العدد المذكور إن سمعوا النداء من مكان عال عادة بحيث يعلمون أنه نداء الجمعة وإن لم يميز بين الكلمات في سكون الأصوات والرياح مع معتدل سمع طرف بلدة أو قرية أخرى تقام فيها الجمعة بشرطها لزمهم إتيانها وصلاتها معهم وإلا فلا تلزمهم الجمعة.

[فرع] يجوز تقليد القائل بجوازها بدون الأربعين كأبي حنيفة فإنه جوزها بالأربعة أحدهم الإمام ومالك فإنه جوزها بثلاثين أو بعشرين، ولا يكفي تقليد بعضهم بل لا بد من تقليدهم وعلمهم بشروط ما يقلدون فيه عند من يقلدون ويسن لهم فعل الظهر، قال العلامة الكردي في فتاويه: وهو الأحوط خروجاً من الخلاف قاله المفتي محمد الحبشي. (أحراراً ذكوراً بالغين مستوطنين) أي بمحل الجمعة بحيث لا يسافرون شتاء ولا صيفاً إلا لحاجة كزيارة وتجارة، فلو استوطن في بلدين بأن كان له مسكنان بهما فالعبرة بما فيه أهله وماله، وإن كان في أحدهما أهل والآخر مال فالعبرة بما فيه أهل وإلا فالعبرة بما إقامته فيه أكثر، فإن استوت انعقدت به في كل منهما، قال الزيادي نقلاً عن المصنف: أما الصبي المميز والعبد والمسافر فتصح منهم ولا تلزمهم ولا تنعقد بهم،

وأما المقيم غير المستوطن كمن نوى الإقامة أربعة أيام صحاح فتلزمه قطعاً ولا تنعقد به وتصح منه، وكذا المسافر لمعصية لأنه ليس من أهل الرخص، ومن سمع نداء الجمعة وهو ليس بمحلها، وأما المرتد فتلزمه ولا تنعقد به ولا تصح منه، وأما الكافر الأصلي والمجنون والمغمى عليه فلا تلزمهم ولا تنعقد بهم ولا تصح منهم، ومن اجتمعت فيه صفات الكمال عكس هذا ومن لا تلزمه وتنعقد به وتصح منه وهو من له عذر من أعذارها غير السفر، وعرف بهذا أن الناس في الجمعة ستة أقسام، قال الشرقاوي نقلاً عن القليوبي: قوله ستة أقسام أي لأن الأوصاف ثلاثة: اللزوم والصحة والانعقاد فتوجد كلها في مستوفي الشروط وتنتفي كلها عن نحو المجنون، ويوجد الأولان في المقيم المستوطن والأخيران في المعذور والأول فقط في المرتد والثاني فقط في نحو المسافر. (و) خامسها: (أن لا تسبقها ولا تقارنها) في آخر إحرام الإمام وهو الراء من أكبر (جمعة) أخرى (في تلك البلد) أي في محل الجمعة إلا إن عسر اجتماع الناس بمكان ولو غير مسجد كشارع وهو ما يسلكه الناس وذلك أما لكثرتهم أو لقتال بينهم أو لبعد أطراف البلد بأن يكون من بطرفها لا يبلغهم الصوت بشروطه، قال الشرقاوي: والعبرة بمن يغلب فعله لها في ذلك المكان على المعتمد وإن لم يحضر بالفعل وإن لم تلزمه كالمرأة والعبد وإن لم تصح منه كالمجنون، قال الزيادي: والمعتمد أن العبرة بمن يحضر وإن لم تلزمه الجمعة.

واعلم أنه إذا تعددت الجمعة لحاجة بأن عسر الاجتماع بمكان جاز له العدد بقدرها وصحت صلاة الجميع على الأصح سواء وقع إحرام الأئمة معاً أو مرتباً، وسن الظهر مراعاة للخلاف، وأما إذا تعددت لغير الحاجة المذكورة فله خمس حالات. الحالة الأولى: أن يقعا معاً فيبطلان فيجب أن يجتمعوا في محل واحد ويعيدوها جمعة عند اتساع الوقت ولا تصح الظهر بعدها. الحالة الثانية: أن يقعا مرتباً فالسابقة هي الصحيحة واللاحقة باطلة فيجب على أهلها صلاة الظهر.

الحالة الثالثة: أن يشك في السبق والمعية فيجب عليهم أن يجتمعوا في محل ويعيدوها جمعة عند اتساع الوقت وتسن الظهر بعدها. الحالة الرابعة: أن يعلم السبق ولم تعلم عين السابقة كأن سمع مريضان أو مسافران تكبيرتين متلاحقتين فأخبرا بذلك مع جهل المتقدمة منهما فيجب عليهم الظهر لأنه لا سبيل إلى إعادة الجمعة مع تيقن وقوع جمعة صحيحة في نفس الأمر، لكن لما كانت الطائفة التي صحت جمعتها غير معلومة وجب عليهم الظهر وخرج بالمريضين أو المسافرين غيرهما فلا تصح شهادته لفسقه بترك الجمعة. الحالة الخامسة: أن يعلم السبق وتعلم عين السابقة لكن نسيت وهي كالحالة الرابعة أي فيجب استئناف الظهر فقط لالتباس الصحيحة بالفاسدة. (و) سادسها: (أن يتقدمها خطبتان) للإتباع بخلاف العيد فإن خطبتيه مؤخرتان للاتباع ولأن خطبة الجمعة شرط لصحتها والشرط مقدم على مشروطه، ويسن في الخطبتين كونهما على منبر فإن لم يكن فعلى مرتفع، ويسن للخطيب أن يسلم على من عند المنبر أو المرتفع وأن يصعد بتؤدة ورفق نقله الزيادي عن محمد الجويني، وأن يقبل عليهم إذا صعد المنبر أو نحوه وانتهى إلى الدرجة التي تسمى بالمستراح، وأن يسلم عليهم ثم يجلس فيؤذن واحد للاتباع في الجميع. قال ابن حجر في تحفة المحتاج: وأما الأذان الذي قبله على المنارة فأحدثه عثمان رضي الله عنه وقيل معاوية لما كثر الناس، ومن ثم كان الاقتصار على الاتباع أفضل إلا لحاجة كأن توقف حضورهم على ما بالمنارة.

[تنبيه] كلامهم هذا وغيره صريح في أن اتخاذ مرق للخطيب يقرأ الآية والخبر المشهورين بدعة وهو كذلك لأنه حدث بعد الصدر الأول، قيل: وهي حسنة لحث الآية على ما يندب لكل أحد من إكثار الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا سيما في هذا اليوم، ولحث الخبر على تأكد ندب الإنصات المفوت تركه لفضل الجماعة بل والموقع في الإثم عند كثيرين من العلماء اهـ. ويسن للخطيب أن يشغل يساره بنحو سيف ويمناه بحرف المنبر لاتباع السلف والخلف، فإن لم يجد شيئاً من ذلك جعل اليمنى على اليسرى أو أرسلهما والغرض أن يخشع ولا يعبث بهما ويقيم المؤذن بعد الفراغ من الخطبة ويبادر الخطيب بالنزول ليبلغ المحراب مع فراغه من الإقامة، ويكره الالتفات في الخطبة الثانية والإشارة بيده أو غيرها ودق درج المنبر في صعوده بنحو سيف أو رجله والدعاء إذا انتهى إلى المستراح قبل جلوسه عليه والوقوف في كل مرة وقفة خفيفة يدعو فيها ومبالغة الإسراع في الثانية وخفض الصوت بها قاله ابن حجر في المنهج القويم.
[خاتمة] أفتى السيد محمد صالح بأنه يكره أن يخطب في الجمعة غير الإمام.

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية