الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

المعفوات في النجس ومبطلات الصلاة ومكروهاته وسجود التلاوة والشكر




كتاب بغية المسترشدين با علوي الحضرمي

محتويات

المعفوّات

[فائدة]: يعفى عن محل استجماره، فلو حمل مستجمراً بطلت كما لو حمل حامله، وكالمستجمر كل ذي نجس معفوَ عنه، أو ما فيه ميتة معفوّ عنها، أو طين شارع اهـ جمل.

(مسألة: ب ك): يعفى عن جلد نحو القمل الذي في تضاعيف الخياطة مما يشق إخراجه ولا يظهر إلا بالفتق، وإن علم به، زاد ب: فإن لم يشقّ فلا، خِلافاً للزركشي وابن العماد، وعلى كل تقدير فالاحتياط لا يخفى، وإذا قلنا بعدم العفو لزمه إعادة كل صلاة تيقنها بعده.
[فائدة]: يعفى عن دم نحو البراغيث وإن تفاحش، ولا في البدن وهو رطب لكن بنحو عرق وماء طهارة وحلق، أو بما تساقط حال الشرب والأكل، أو بنحو بصاق في ثوبه لمشقة الاحتراز في الكل، بخلاف نحو ماء تبرد، وهذا بالنسبة للصلاة ولملبوس يحتاج إليه ولو للتجمل. واعلم أن النجاسة أربعة أقسام: قسم لا يعفى عنه مطلقاً وهو معروف، وقسم عكسه وهو ما لا يدركه الطرف، وقسم يعفى عنه في الثوب دون الماء وهو قليل الدم لسهولة صون الماء عنه، ومنه أثر الاستنجاء فيعفى عنه في البدن، والثوب المحاذي لمحله خلافاً لابن حجر، وقسم عفي عنه في الماء دون الثوب وهو الميتة التي لا دم لها سائل حتى لو حملها في الصلاة بطلت، ومنه منفذ الطير اهـ ش ق.

(مسألة): حاصل كلامهم في رطوبة فرج المرأة التي هي ماء أبيض متردد بين المذي والغرق، أنها إن خرجت من وراء ما يجب غسله في الجنابة يقيناً إلى حد الظاهر، وإن لم تبرز إلى خارج نقضت الوضوء، أو من حد الظاهر وهو ما وجب غسله في الجنابة، أعني الذي يظهر عند قعودها لقضاء حاجتها لم تنقض، وكذا لو شكت فيها من أيهما هي على الأوجه، وأما حكمها نجاسة وطهارة فما كان من حد الظاهر فطاهر قطعاً، وما وراءه مما يصله ذكر المجامع فطاهر على الأصح، وما وراء ذلك فنجس قطعاً، هذا ما اعتمده في التحفة وغيرها، واعتمد في الفتاوى و (م ر) أن الخارجة من الباطن نجسة مطلقاً، لكن يعفى عما على ذكر المجامع. وقال (ع ش:) ويعفى عن دم الاستحاضة، فلا ينجس به ذكر المجامع أيضاً وإن طال خلاف العادة فيهما، كما لو أدخلت أصبعها لحاجة فعلق به دم اهـ.

[فائدة]: أفتى الشيخ عبد الله باسودان بالعفو عن مدخل الجوابي ومخرجها، وتقذر الرجل بها، والمشي بذلك في المسجد، وإن كان لا يعفى عن طين الشارع في المسجد لإمكان تجفيف الرجل، بخلاف هذا لزيادة المشقة هنا.

(مسألة: ك): يعفى عن طين الشارع ومائه، يعني محل المرور ولو في البيت إذا مشى فيه، وبه أو برجله رطوبة وإن تنجس بمغلظ، قال ق ل: وسواء أصابه ما ذكر من الشارع أو من شخص أصابه، أو من محل انتقل إليه ولو كلباً انتفض، ولو مشى بذلك في مكان آخر طاهر لم ينجس بتلويثه بما في رجله ونعله على المعتمد، وأفتى (م ر) فيما لو تلوثت رجله بطين الشارع المعفوّ عنه وأراد غسلها عن الحدث بالعفو عن إصابة ماء الوضوء لهذا الطين حتى لا يحتاج إلى تسبيع رجله عند غسلها لو فرض أن الطين متنجس بمغلظ، وفيما لو غسل ثوباً فيه دم براغيث لأجل تنظيفه وبقي به الدم بالعفو عنه إيضاً، قال: ويعفى عن كل ما يشق الاحتراز عنه ذكره أم لا. وأفتى ابن حجر بأنه لو وقع ونيم الذباب على الورق وجرى عليه القلم عفي عنه.

(مسألة: ب ي): يعفى عن نحو ذرق الطيور في محل الصلاة والمشي إليها من المسجد وأماكن الصلاة بشرط كثرته، وأن لا تكون رطوبة في أحد الجانبين أجنبية وهي التي لا يحتاج إليها، بخلاف ماء الطهارة والشرب والعرق وغسل التبرد، وأن لا يتعمد ملامستها من غير حاجة، فلا يكلف المشي والصلاة على المكان الطاهر.

(مسألة: ب): الحياض التي يجتمع فيها الماء والبول ونحوه من النجاسات المغيرة وتلغ فيها الكلاب، فإن كانت مما تعم بها البلوى كأن تكون بطريق المارة، عفي عن مائها وترابها مع الرطوبة بالنسبة لنحو القدم والثوب مما يتعسر الاحتراز عنه غالباً، بأنه لا ينسب صاحبها إلى سقطة أو قلة تحفظ، وإن كثر وانتشر بنحو عرق، ومع ذلك يحرم تلويث المسجد به، وأفتى بعضهم بالعفو عن ولوغ الكلب الحياض وخالفه ابن حجر.

(مسألة: ك): ابتلي بخروج دم كثير من لثته أو بجروح سائلة أو بواسير أو ناصور واستغرق جل أوقاته، لزمه التحفظ والحشو بوضع نحو قطنة على المحل، فإن لم ينحبس الدم بذلك لزمه ربطه إن لم يؤذه انحباس الدم ولو بنحو حرقان وكان حكمه حكم السلس، لكن لا يلزمه الوضوء لكل فرض، ويعفى عن قليل الدم وإن خرج من المنافذ كما قاله ابن حجر، خلافاً لـ (م ر) لكن قاعدته العفو مما يشق الاحتراز تقتضي العفو هنا أيضاً، وتصح صلاته ووضوؤه ولا قضاء، ويعفى عما يصيب مأكوله ومشروبه للضرورة.

[فائدة]: قال في التحفة: ولو رعف في الصلاة ولم يصبه إلا القليل لم يقطعها، وإن كثر نزوله على منفصل عنه، فإن كثر ما أصابه لزمه قطعها ولو جمعة، وإن رعف قبلها واستمر فإن رجى انقطاعه والوقت متسع انتظره وإلا تحفظ كالسلس اهـ.

مبطلات الصلاة

[فائدة]: اعلم أن الباطل والفاسد عندنا سواء إلا في مواضع منها الحج، فيبطل بالردة ويفسد بالجماع الطارىء، والعارية كإعارة الدراهم لغير التزيين. فإن قلنا باطلة كانت غير مضمونة أو فاسدة فمضمونة، والخلع والكتابة فالباطل فيهما ما كان على عوض غير مقصود كدم، أو رجع إلى خلل في العقد كالصغر والسفه، والفاسد يترتب عليه الطلاق والعتق، ويرجع السيد بالقيمة والزوج بالمهر اهـ ح ل.

(مسألة: ك): نطق بنظم قرآن، أو ذكر لنحو استئذان داخل، أو فتح على إمامه أو جهر نحو الإمام بالتكبير، فإن قصد بذلك التفهيم والفتح أو أطلق بطلت، لأن عروض القرينة أخرجه عن موضوعه من القراءة والذكر وصيره من كلام الناس، بخلاف قصد القراءة ولو مع التفهيم، والأوجه أنه لا فرق بين أن يكون انتهى في قراءته إليها أو لا، ولا بين ما يصلح لتخاطب الناس به من القرآن أو لا، وحينئذ فلا بد من قصد نحو الذكر أو مع التفهيم بجميع اللفظ عند كل ركن، كما في التحفة والنهاية وغيرهما، لكن نقل عن الخطيب الاكتفاء بقصد ذلك عند أول تكبيرة، قال سم: ويغتفر للعامي ولو مخالطاً لمزيد خفائه، ولا يسع جهلة الأئمة إلا هذا، واعتمد السبكي والأسنوي والأذرعي والسمهودي أن ما لا يحتمل غير القرآن أو كان ذكراً محضاً لا تبطل به الصلاة على كل تقدير، قال أبو مخرمة: وبه يعلم أن التسبيح والتهليل وغيرهما من أنواع الذكر من قسم ما لا يصلح لخطاب الآدميين فلا إبطال، وإن جرد به قصد التفهيم اهـ. قلت: ونقل السيوطي في الأشباه والنظائر الإجماع على جواز جهر الإمام بقصد إعلام المأموم لأنه تشريك بين مندوبين.
[فائدة]: لا تبطل الصلاة بالدعاء المنظوم خلافاً لابن عبد السلام، ولا بالمسجع والمستحيل خلافاً للعبادي اهـ كردي. وقال الأجهوري: ولو مثلت له نفسه أن من أراد أن يدعو على شخص دعا له لينعكس الحال وفعل ذلك معتقداً بطلت صلاته، لأنه حينئذ دعاء بمحرم لاستعماله اللفظ في ضده، فإذا قال: اللهم ارحم فلاناً، فكأنه قال: اللهم لا ترحمه اهـ.

[فائدة]: قال في القلائد: لو جلس المصلي بعد سجدته الأولى قاصداً به الجلوس بدل القيام عامداً بطلت أو ناسياً فلا، وهل يكفيه عن الجلوس بين السجدتين فيه احتمالان اهـ. ولو نام متمكناً في الصلاة لم يضر اتفاقاً كما في المجموع، قال القماط: وإن طال خلافاً لحسين الأهدل، قال ابن حجر: ولو في ركن قصير خلافاً لـ (ش ق).
(مسألة: ب): تبطل الصلاة بالحركات المتوالية ولو مندوبة، كرفع يديه عند تكبيرة الإحرام مع تحريك نحو الرأس، وتصفيق المرأة لموجبه، لأنه إذا لم تغتفر الثلاث لعذر كنسيان فأولى لأجل مندوب قاله ابن حجر. وفرق أبو مخرمة بين أن يكون لهيئة الصلاة كرد اليد لما تحت الصدر والرجل إلى محاذاة الأخرى فيغتفر، إذ هو مأمور به في كل لحظة أو لغيرها فلا، والاحتياط لا يخفى اهـ. قلت: واعتمد (م ر) عدم البطلان بالحركة المندوبة مطلقاً وإن كثرت.

(مسألة): مصلّ أومأ برأسه عند سلامه، فإن خفضه حتى حاذى ما قدام ركبتيه أو التفت بصدره قبل النطق بميم عليكم من التسليمة الأولى بطلت وإلا فلا.
[فائدة]: نظم بعضهم الأعضاء التي لا يضر تحريكها فقال:
فشفة والأذن واللسان >< وذكر والجفن والبنان تحريكهنّ إن توالى وكثر >< بغير عذر في الصلاة لا يضر وقال سم: ولو تكرر كشف الريح وتوالى بحيث احتاج في الستر إلى حركات كثيرة متوالية بطلت، كما لو صلت مكشوفة الرأس فعتقت فيها ووجدت خماراً بعيداً أو طالت مدة الكشف اهـ. ولو كثر البعوض ولم يمكن دفعه إلا بتحريك اليد ثلاثاً متوالية لم تبطل للضرورة اهـ فتاوى ابن حجر.
مكروهات الصلاة

[فائدة]: من المكروهات قول بعضهم:
أخي تجنب في صلاتك سبعة >< نعاساً حكاكاً والتثاؤب والعبث ووسوسة كذا الرعاف التفاتة >< على تركها قد حرض المصطفى وحث واختلف العلماء في الاختصار على خمسة أقوال، أصحها أنه وضع اليد على الخاصرة، ويقال التوكي على عصا، أو اختصار السورة بأن يقرأ آخرها، أو اختصار الصلاة بأن يتم حدودها، أو يقتصر على آيات السجدة فلا يسجد اهـ خطيب. قال العراقي: وهل يتعدى النهي عن التشبيك إلى تشبيكه بيد غيره فيه نظر، نعم إن كان تشبيكه لذلك لمودة أو ألفة لم يكره اهـ أجهوري. (مسألة): يكره الاضطباع المعروف في الصلاة للذكر وغيره ولو فوق الثياب، سواء الكتف الأيمن أو الأيسر، كما قاله في حاشية الجمل، وهل منه الاضطباع بالحبوة المعروفة لاستدارتها وتكون حينئذ كالرداء المعقود فيحرم لبسها للمحرم كذلك أم لا؟ إلحاقاً لها بالسبحة فيهما محل نظر. [فائدة]: قد يجب تغميض العينين في الصلاة كأن كان العراة صفوفاً، وقد يسنّ كما إذا صلى لحائط مزوّق، ويسنّ فتحهما في السجود ليسجد معه البصر اهـ نهاية. قال سم: وقياسه سنة في الركوع. (مسألة): أسرّ الإمام في صلاة جهرية أو جهر في سرية كره ولم تبطل صلاته، ولا صلاة من خلفه، ولا يسجد للسهو وإن تعمده، إذ لا يندب بترك السنن غير الأبعاض. (مسألة: ك): الاهتزاز في الصلاة وهو التمايل يمنة ويسرة مكروه ما لم يكثر وإلا أبطل، كالمضغ إلا أن يكون عن الاضطرار، وأما خارج الصلاة ففي شرح الشمائل لابن حجر ما يفيد ندبه، وقال الونائي: هو خلاف الأولى، وفي رفض الخرائد لعبد العزيز المغربي تشديد النكير فيه وكراهته، قال: لأنه تشبه باليهود. (مسألة: ش): مذهب الحنابلة نجاسة المخدرات للعقل كالحشيشة وجوزة الطيب فتكره الصلاة مع حملها حينئذ. [فائدة]: قال النووي: تكره الصلاة في ثوب واحد من غير أن يجعل على عاتقه شيئاً بالإجماع، ويكره مسح الجبهة في الصلاة وبعدها، وأن يروِّح على نفسه فيها، وأن يترك شيئاً من سنن الصلاة اهـ. وإطلاقه الكراهة بترك السنن مقيد بما فيه خلاف غير واه أو تأكد ندبه قاله ابن حجر، وقوله: يكره مسح الجبهة الخ عبارة النهاية، ويكره أن يمسح وجهه فيها وقبل انصرافه مما يلصق به من نحو غبار، قال ع ش: قوله قبل انصرافه أي من محل الصلاة، واقتصر ابن حجر فيما نقله عن بعض الحفاظ على كونه فيها اهـ، بل قال باعشن: يسنّ مسح الجبهة عقيب الصلاة كما مر في السنن. (مسألة: ك): يكره الإيطان وهو اتخاذ المصلي ولو إماماً موضعاً يصلي فيه لا ينتقل عنه إلى غيره كأنه متوطن به، ومن ذلك صلاة الإمام في المحراب فهي بدعة مفوتة لفضيلة الجماعة له ولمن يأتمّ به، قاله السيوطي، لكن قال (م ر): لا يكره إذ لم يعدوا ذلك من مكروهاتها، والعلة في الإيطان خشية الوقوع في الرياء، فإن كان الصف الأوّل أو يمين الإمام يسع أكثر من واحد فلا يلازم مكاناً واحداً إذ ذاك من الإيطان.
سترة المصلي

[فائدة]: يحرم المرور بين المصلي وسترته، وإن لم يجد طريقاً ولو لضرورة كما في الإمداد والإيعاب، لكن قال الأذرعي: ولا شك في حل المرور إذا لم يجد طريقاً سواء عند ضرورة خوف بول، ككل مصلحة ترجحت على مفسدة المرور، وقال الأئمة الثلاثة: يجوز إذا لم يجد طريقاً مطلقاً، واعتمده الأسنوي والعباب وغيرهما اهـ كردي، وبه يعلم جواز المرور لنحو الإمام عند ضيق الوقت أو إدراك جماعة اهـ باسودان. وقال في فتح الباري: وجواز الدفع وحرمة المرور عام ولو بمكة المشرفة، واغتفر بعض الفقهاء ذلك للطائفين للضرورة عن بعض الحنابلة جوازه في جميع مكة اهـ.

[فائدة]: سترة الإمام سترة من خلفه ولو تعارضت السترة، والصف الأوّل أو القرب من الإمام فيما إذا لم يكن للإمام سترة، فتقديم الصف الأوّل والقرب من الإمام بل وسدّ الفرج أولى كما هو ظاهر اهـ باسودان.

سجود السهو

[فائدة]: ذكر ابن عربي أن النبي سجد للسهو خمس مرات لشكه في عدد الركعات، وقيامه من ركعتين بلا تشهد، وسلامه من ركعتين ومن ثلاث، وشكه في ركعة خامسة اهـ جمل. فإن قيل: كيف سها مع أن السهو لا يقع إلا من القلب الغافل؟ أجيب: بأنه غاب عن كل ما سوى الله تعالى، فاشتغل بتعظيم الله فقط وسها عن غيره اهـ بجيرمي.
(مسألة): لو اعتقد العامي وجوب نحو التشهد الأول ثم تركه عمداً، فالظاهر بطلان صلاته لتلاعبه حينئذ بفعله مبطلاً في ظنه، ولا نظر لما في نفس الأمر، كما صرح به (م ر) وأفهمته عبارة التحفة فيما لو زاد في تكبير الجنازة معتقداً البطلان فتأمله.

[فائدة]: لو نذر التشهد الأوّل فنسيه حتى انتصب، فالأقرب عدم عوده، لأنه تلبس بما وجب شرعاً، وهو آكد مما وجب جعلاً اهـ ع ش ويسنّ السجود بترك التشهد الأول ولو في نفل إن قلنا بندبه فيه، دون ما إذا صلى أربعاً نفلاً مطلقاً بقصد أن يتشهد تشهدين فاقتصر على الأخير ولو سهواً على الأوجه، قاله في التحفة، وجرى (م ر) على ندب السجود مطلقاً، وفرق الخطيب بين أن يتركه سهواً فيسجد أو عمداً فلا، ولو كرر الفاتحة أو التشهد سجد، قاله ابن حجر في الإيعاب في الأولى والفتاوى في الثانية.
(مسألة: ش): يتصور سجود السهو لترك الصلاة على الآل في التشهد الأخير، بأن يتيقن المأموم بعد سلام إمامه وقبل سلامه هو أو بعده وقبل طول الفصل أن إمامه تركها، وأما البسملة أو التشهد فرجح الجمهور عدم ندبها، وأن روايتها عن ابن عمر شاذة اهـ. (قلت): بل قال في التحفة: لو بسمل أول التشهد سجد للسهو، وقال (م ر): لا يسجد.

(مسألة): تذكر الإمام بعد وضع جبهته ترك القنوت لم يجز له العود، بل إن عاد عامداً عالماً بطلت وإلا فلا، ويسجد للسهو في الصورتين، أما المأموم خلفه فإن أمكنه القنوت حينئذ ولو بنحو اللهم اغفر لي ويلحقه في السجود ندب له أو بين السجدتين جاز وإلا تركه.

(مسألة: ش): سجد المأموم وإمامه في القنوت، فإن كان عامداً عالماً ندب له العود، وقال الإمام: يحرم، أو ناسياً أو جاهلاً لغا ما فعله، ثم إن زال عذره والإمام في الاعتدال أو الهويّ منه بل أو في السجدة الأولى على المعتمد لزمه العود إلى الاعتدال، ولا تغنيه مفارقة الإمام، وفارقت هذه مسألة التشهد فيما إذا قام المأموم منه سهواً من لزوم العود للمتابعة ما لم يقم إمامه بفحش المخالفة هنا لإثم وإن زال، والإمام فيما بعد السجدة الأولى حرم العود لفحش المخالفة، ولم تبطل صلاته لعذره بالنسيان أو الجهل، وإن كان مخالطاً للعلماء لخفائه، بل يتابعه فيما هو فيه ويأتي بركعة بعد سلامه ولا يسجد للسهو، وهذا كما لو استمر عَذره حتى سلم الإمام، فإن سلم هو ناسياً أو جاهلاً ولم يطل الفصل بنى وإلا استأنف، نظير ما لو علم ترك الفاتحة، أو شك فيها بعد ركوعهما فيأتي بركعة بعد سلام إمامه ولا يسجد للسهو في صورة العلم اهـ.

ونقل في ك نحو ذلك عن ابن حجر، ثم قال: وقال (م ر): هما أعني مسألة القنوت والتشهد على حد سواء، فإن علم والإمام فيهما لزمه العود إليه وإلا فلا، بل لم يجز العود حينئذ، لأن العود إنما وجب لأجل المتابعة، وبانتصابه أو سجوده زال المعنى اهـ. قلت: وحاصل كلام ابن حجر و (م ر) أنه من ركع قبل إمامه، أو رفع رأسه من السجدة قبله، أو قام من التشهد الأول وإمامه جالس، أو سجد والإمام في الاعتدال، فإن كان عامداً سن له العود في الجميع، أو ناسياً أو جاهلاً تخير في الأولين لعدم فحش المخالفة، ووجب عليه العود في الثالثة ما لم يقم الإمام أو ينو مفارقته كالرابعة عند (م ر) . وقال ابن حجر: يجب العود فيه مطلقاً ولم تغنه نية المفارقة كما تقرر في ش، وخرج بذلك ما لو تقدم بركنين ناسياً فلا يحسب ما فعل، بل إن علم والإمام فيما قبلهما رجع إليه وإلا لزمه ركعة كما هو مقرر.

(مسألة): سلم وقد نسي ركناً وأحرم فوراً بأخرى لم تنعقد لأنه في الأولى، ثم إن ذكر قبل طول الفصل بين سلامه وتذكره الترك بنى على الأولى ولا نظر لتحرّمه بالثانية، كما لو تخلل كلام يسير أو استدبر القبلة وحسب له ما قرأه، وإن كانت الثانية نفلاً في اعتقاده، ولا أثر لقصده بالقراءة، كما لو ظن أنه في صلاة أخرى فرض أو نفل فأتم عليه، أو بعد طوله استأنفها لبطلانها به مع السلام بينهما وخرج بفور، أما لو طال الفصل بين السلام وتحرم الثانية فيصح التحرم قاله في التحفة. وقال في القلائد: لم يحسب ما أتى به قبل تذكره لقصده به النفلية، كما صرح به القاضي والبغوي والطنبداوي اهـ.

(مسألة): قام الإمام بعد تشهده وقبل سلامه ناسياً أو ظاناً أنه قد سلم ثم تذكر عاد وجوباً وسجد للسهو ندباً ثم سلم، وإن استدبر القبلة أو تكلم بكلام قليل، فلو سلم المأموم حينئذ ظاناً أنه قد سلم لغا ولزمه إعادته، ولا يضر الشك بعد السلام في ترك ركن غير النية وتكبيرة الإحرام، نعم تسنّ الإعادة كما في الإيعاب، أما النية والتكبيرة فيضر الشك فيهما، لكن إن تذكر ولو بعد سنين أجزأه، ولو تيقن آخر صلاته زيادة ركعة سجد للسهو وسلم، ولا يجوز للمأموم متابعته في الزيادة إن تيقنها.
(مسألة: ك): قام الإمام بعد السجدة الأولى انتظره المأموم في السجود لعله يتذكر، لا في الجلوس بين السجدتين لأنه ركن قصير أو فارقه وهو أولى هنا، ولا تجوز متابعته، ولو تشهد الإمام في ثالثة الرابعية ساهياً فارقه المأموم أو انتظره في القيام، وأفتى الشهاب الرملي بوجوب المفارقة مطلقاً، وجوّز سم انتظاره قائماً، وجوز ابن حجر في الفتاوى متابعته إن لم يعلم خطأه بتيقنه أنها ثالثة لا بنحو ظنه اهـ.

(قلت): ومثلها في الإيعاب قال: والظاهر أنه لو تشهد إمامه في رابعة ظنها هو ثالثة، ووافقه جميع أهل المسجد وكثروا بحيث لا تجوّز العادة اتفاقهم على السهو أنه يرجع إليهم فيتشهد ويسلم معهم، ولا أثر لشكه لأنه حينئذ وسوسة اهـ. وهل للإمام الأخذ بفعل المأمومين بالقيد المذكور الظاهر؟ نعم كما قاله في التحفة فيما إذا أخبره عدد التواتر، وأن الفعل كالقول خلافاً لـ (مر).
(مسألة: ش): سجد الإمام ولم يضع بطون أصابع الرجلين مثلاً، فإن تعمده وعلم المأموم ذلك باختيار معصوم أو الإمام بنحو كتابة لزمه مفارقته حالاً وإلا بطلت لربطه القدوة بمن ليس في صلاة، وإن لم يعلم تعمده انتظره لعله يتذكر ثم يفارقه عند سلامه، نعم لا ينتظر في ركن قصير بل يفارقه حالاً، فلو علم المبطل بعد أن سلم، فإن نسب إلى تقصير كأن لم يسجد إلا بعد تمام سجود الإمام على تلك الهيئة أعاد وإلا فلا.

(مسألة: ج): قام الإمام لخامسة لم يجز للمأموم متابعته ولو مسبوقاً ولا انتظاره بل تجب مفارقته، نعم في الموافق تردد في جواز الانتظار اهـ. قلت: وعبارة التحفة ولو قام إمامه لزائدة كخامسة سهواً لم تجز متابعته، ولو مسبوقاً أو شاكاً في فعل ركعة ولا نظر، لاحتمال أنه ترك ركناً من ركعة، لأن الفرض أنه علم الحال أو ظنه بل يفارقه وهو أولى أو ينتظره على المعتمد، ثم إن فارقه بعد بلوغ حد الراكع سجد للسهو اهـ. ولو سلم إمامه فسلم معه، ثم سلم الإمام ثانياً فقال له المأموم: قد سلمت قبل هذا فقال: كنت ناسياً لم تبطل صلاة المأموم لظنه انقضاء الصلاة كما في قصة ذي اليدين، نعم يندب له سجود السهو لأنه تكلم بعد انقطاع القدوة، ذكره ب ر.

[فائدة]: اقتدى بإمام بعد سجوده للسهو سجد آخر صلاته، لأن جبر الخلل لا يمنع وجوده قاله المزجد و سم والجوهري و ق ل، ورجح الكمال الرداد و ع ش وعطية عدم السجود، وكذا لو اقتدى به حال السجود فيعيده عند سم، وقال البرلسي: لا يعيده.
[فائدة]: لو تخلف المأموم عن سجود إمامه سهواً حتى فرغ منه ثم تذكر، قال (م ر): لم يجب عليه الإتيان به لأنه إنما وجب للمتابعة وقد فاتت، وقال في التحفة تبعاً لشيخه زكريا: يجب وحينئذ لو سلم عامداً بطلت، أو ناسياً فإن تذكر قبل طول الفصل أتى به وإلا استأنف الصلاة اهـ.
[فائدة]: يسن سجود السهو لشافعي صلى خلف حنفي مطلقاً صبحاً وغيرها من سائر الخمس، لأن الحنفي لا يقنت في الصبح، ولا يصلي على النبي في التشهد الأول في غيرها، بل لو صلى عليه فيه سجد للسهو في مذهبه، وبتركها فيه يتوجه على المأموم سجود السهو كالقنوت فتنبه لذلك اهـ كردي.

(مسألة): يلزم المأموم متابعة إمامه في سجود السهو موافقاً أو مسبوقاً، ولو كان سهوه قبل الاقتداء به، أو لم يعلم به المأموم، فلو سلم الإمام ناسياً سن له العود للسجود إن لم يطل الفصل، وحينئذ يلزم المأموم متابعته ولو مسبوقاً قام ليتم ما عليه، خلافاً لما في القلائد عن أبي مخرمة من عدم لزوم العود عليه حينئذ، نعم إن علم المأموم خطأ إمامه، أو تخلف بعد سلامه ليسجد، أو قام أو سلم عامداً مع تذكره سهو الإمام لم تجب عليه متابعته، بل لا تجوز حينئذ، ويندب للمسبوق إعادة السجود آخر صلاته كمن اقتدى به وإن لم يسجد الأول.
(مسألة: ب): حد طول الفصل في المسائل التي حد فيها بطول الفصل وقصره يرجع إلى العرف، فما عده طويلاً فطويل، وما لا فلا، إذ لا ضابط لذلك شرعاً ولا عرفاً، ومثل لطوله في التحفة في بعض المواضع بركعتين، ولنا وجه أن طوله بقدر ركعة، وآخر أنه بقدر الصلاة التي هو فيها.

(مسألة): لو علم المصلي بعد تسليمته الأولى مقتضى سجود السهو فسلم الثانية عامداً لم يكن له الرجوع للسجود لتعمده السلام المبطل لو لم يكن بمحله، فيكون مانعاً حينئذ من الرجوع، كما لو سلم ناسياً له ثم علمه وأتى بمبطل كالحركات واستدبار القبلة فيمتنع العود أيضاً، إذ ما يضر ابتداء يضر انتهاء غالباً.
(مسألة): قولهم: وإذا سجد صار عائداً إلى الصلاة أي أراد السجود وإن لم يسجد بالفعل، حتى لو شك في ركعة لزمه الإتيان بها قبل أن يسجد وإلا بطلت، قاله (م ر) تبعاً للإمام والغزالي، وقال ابن حجر: أي وضع جبهته بالأرض وإن لم يطمئن.

[فائدة]: يتكرر سجود السهو في صور: في مسبوق سها إمامه فسجد معه للمتابعة وآخر صلاته، وفيمن ظن سهواً فسجد فبان عدمه فيسجد ثانياً، وفيما إذا خرج وقت الجمعة أو نقصوا عن العدد بعد سجود السهو فيتموا ظهراً ويسجدوا للسهو فيهما كقاصر لزمه الإتمام بعده اهـ شرح تحرير. ويتصور أن يسجد للسهو في الصلاة الواحدة اثنتي عشرة سجدة، وذلك فيمن اقتدى في رباعية بأربعة، فاقتدى بالأوّل في التشهد الأخير ثم بالباقين في الركعة الأخيرة من صلاة كلّ، وسها كل منهم وظنّ هو سهواً فسجد ثم بان عدمه فيسجد ثانياً فتمت اثنتي عشرة اهـ ع ش.

سجود التلاوة والشكر

[فائدة]: هذان البيتان يجمعان الصور التي فيها سجدة التلاوة:
بأعراف رعد النحل سبحان مريم ** بحج بفرقان بنمل وبالجرز
بحم نجم انشقت اقرأ فهذه ** مواضع سجدات التلاوة إن تجز اهـ.
قال ش ق: في قوله آية سجدة الإضافة للجنس، لأنه لا بد من آيتين في النحل والإسراء والنمل وفصلت، وما عدا هذا فآية، وضابط ما يطلب له السجود هو كل آية مدح فيها جميع الساجدين، ويستثنى اقرأ اهـ. قال الكردي: ويقوم مقام سجود التلاوة والشكر ما يقوم مقام التحية إن لم يرد فعلها ولو متطهراً، وهوسبحان الله إلى العظيم اهـ ق ل اهـ. قال الجوهري: وأخبرني بعض الإخوان أنها تقوم مقامها مرة واحدة من سبحان الله الخ.

[فائدة]: قال في التحفة: يسنّ للإمام تأخير السجود في السريّة إلى الفراغ اهـ. وظاهره وإن طال الفصل، وحينئذ يستثنى من قولهم لا تقضى لأنه مأمور بالتأخير لعارض، فوسع له في تحصيل هذه السنة اهـ سم. وفي النهاية: ولو ترك الإمام سجود التلاوة سنّ للمأموم السجود بعد السلام إن قرب الفصل اهـ. قال حب: وحدّ طول الفصل قدر ركعتين، ويسنّ السجود لكل قارىء ولو خطيباً أمكنه عن قرب لا سامعوه، وإن سجد لما فيه من الإعراض إن لم يسجد، ولأنه ربما فرغ قبلهم إن سجد، وينبغي أن يقول في سجدتي التلاوة والشكر: اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وضع عني بها وزراً، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود عليه السلام اهـ شرح المنهج.

[فائدة]: سجد الإمام بعد القراءة وقبل الركوع، فإن علم المأموم أنه ترك الركوع سهواً، كأن سمع جميع قراءته في سرية أو جهرية، أو ظنه مستنداً لقرينة كأن سمع بعض القراءة لم يتابعه كما لو قام لخامسة، وإلا بأن احتمل أنه سجد للتلاوة لزمه متابعته، وإن لم يسمع قراءته كما تلزمه في سجود السهو، بل تبطل صلاته بمجرد هويّ الإمام وعزمه على عدم المتابعة اهـ باسودان.
(مسألة: ج): يسنّ سجود الشكر عند هجوم نعمة أو اندفاع نقمة، فخرج استمرار النعم كنعمة الإسلام، ولرؤية مبتلي وعاص يعني العلم بوجوده أو ظنه، كسماع صوته وإطلاقهم يقتضي تكرر السجود بتكرر الرؤية، ولا يلزم تكرره إلى ما لا نهاية له، فيمن هو ساكن بإزائه مثلاً، لأنا لا نأمره، كذلك إلا حيث لم يوجد أهمّ منه، قاله في التحفة.

(مسألة: ي): مذهبنا أن السجود في غير الصلاة مندوب لقراءة آية السجدة للتالي والسامع، ولمن حدثت له نعمة ظاهرة أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة شكراً لله تعالى، ولا يجوز السجود لغير ذلك، سواء كان لله فيحرم أو لغيره فيكفر، هذا إن سجد بقصد العبادة، فلو وضع رأسه على الأرض تذللاً واستكانة بلا نيته لم يحرم إذ لا يسمى سجوداً.

صلاة النفل

[فائدة]: النفل والسنة والحسن والتطوُّع والمرغب فيه والمستحب والمندوب، والأولى ما رجح الشارع فعله على تركه مع جوازه فكلها مترادفة، خلافاً للقاضي، وثواب الفرض يفضله بسبعين درجة اهـ تحفة. وقد يفضله المندوب في صور نظمها بعضهم فقال:

الفرض أفضل من نفل وإن كثرا ** فيما عدا أربعاً خذها حكت دررا
بدء السلام أذان مع طهارتنا ** قبيل وقت وإبراء لمن عسرا اهـ.

(مسألة): من صح إحرامه بالفرض صح تنفله، إلا فاقد الطهورين والعاري وذا نجاسة تعذرت إزالتها فلا يصح تنفلهم اهـ من الأشباه والنظائر للسيوطي.

(مسألة): أحرم بالوتر ولم يذكر عدداً اقتصر على ما شاء من واحدة إلى إحدى عشرة وتراً قاله ابن حجر، وأبو قشير قال: وقياسه الضحى، وقال (م ر): يقتصر على ثلاث، ولو نذر الوتر لزمه ثلاث لأنه أقل الجمع اهـ ع ش، ولو أوتر بثلاث ثم أراد التكميل جاز، قاله البكري وابن حجر والعمودي، وقال (م ر): لا يجوز، وتسنّ الجماعة في وتر رمضان مطلقاً، وإن لم تصلّ التراويح خلافاً للغرر، وأفتى الريمي وابن ظهيرة أن من فاته الوتر في نصف رمضان الأخير فقضاه في غيره أنه يقنت فيه، وفي شرح البهجة ما يقتضي خلافه.

(مسألة): أفتى أبو زرعة وأبو حويرث وأحمد بن علي بحير بندب التكبير لمن قرأ من سورة الضحى إلى آخر القرآن في الصلاة وخارجها، سواء الإمام والمأموم والمنفرد قياساً على سؤال الرحمة، ويفهم منه الجهر لهم بذلك في الجهرية، وأفتى بذلك الزمزمي لكن خص الجهر به للإمام، قال: فإن تركه الإمام جهر به المأموم ليسمعه، ذكره العلامة علوي بن أحمد الحداد.
(مسألة: ك): يسنّ الاضطجاع بعد سنة الصبح على الشق الأيمن، فإن لم يفعل فصل بكلام أو تحوّل، لكن يكره بكلام الدنيا، ويندب أن يقول بعدها: اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ومحمد أجرني من النار ثلاثاً، اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وعملاً متقبلاً، ويزيد يوم الجمعة: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم وأتوب إليه ثلاثاً، وإذا أراد القيام للصلاة سبح وهلل وكبر ثلاثاً، ويندب صلاة ركعتين عقب كل أذان إلا المغرب وينوي بهما سنته.

[فائدة]: يسنّ أن يقول بين سنة الصبح وفرضها ما نقل عن الترمذي الحكيم قال: رأيت الحق جلّ جلاله في المنام مراراً فقلت: يا رب إني أخاف زوال الإيمان، فأمرني بهذا الدعاء في هذا المحل إحدى وأربعين مرة وهو: "يا حي يا قيوم، يا بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا ألله لا إله إلا أنت أسألك أن تحيي قلبي بأنوار معرفتك، يا ألله يا ألله يا أرحم الراحمين" اهـ ش ق.
(مسألة: ك): مذهب الحنفية منع تأخير سنة الصبح عن فرضها فالخروج من خلافه مطلوب لا سيما والمعتمد أن المصيب في الفروع واحد.

[فائدة]: الجمعة كالظهر في راتبتها أي إن كانت مجزئة عنه، وإلا صلى قبلها أربعاً، وقبل الظهر أربعاً، وبعده كذلك، وسقطت بعدية الجمعة للشك في إجزائها بعد فعلها، ولا تقضي سنتها البعدية بعد الوقت، لأن الجمعة لا تقضى فكذلك سنتها اهـ بج. وفي فتاوى الجوهري سنّ قضاؤها كغيرها قال: وما نقله الشوبري عن الخادم أي من عدم القضاء فيه نظر اهـ، ولا تسنّ إعادة الرواتب مطلقاً اهـ جمل، والمعتمد أن القبلية كالبعدية في الفضل، وقيل البعدية أفضل لتوقفها على فعل الفرض اهـ ع ش.
(مسألة: ب): المشهور أن الرواتب هي التابعة للفرائض فقط، وقيل: يقال للوتر والضحى راتبة، وأما التخفيف المفرط في صلاة التراويح فمن البدع الفاشية لجهل الأئمة وتكاسلهم، ومقتضى عبارة التحفة أن الانفراد في هذه الحالة أفضل من الجماعة إن علم المأموم أو ظن أن الإمام لا يتم بعض الأركان لم يصح الاقتداء به أصلاً، ويجوز الفصل بين ركعات التراويح أو الوتر بنفل آخر، إذ لا ينقطع إلا عما قبله لكنه خلاف الأفضل.

[فائدة]: أكثر الضحى اثنتا عشرة ركعة على الراجح قاله ابن حجر. وقال (م ر): أكثرها ثمان، وللشيخ عبد السلام النزيلي أبيات في فضلها، منها قوله:

بثنتين منها ليس تكتب غافلاً ** وأربع تدعى مخبتاً يا أبا عمرو
وستّ هداك الله تكتب قانتا ** ثمان بها فوز المصلي لدى الحشر
وتمحى ذنوب اليوم بالعشر فاصطبر ** وإن شئت ثنتا عشرها فزت بالنصر
اهـ كردي.

وينبغي أن يقرأ بعد صلاة الضحى: رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم، اللهم لك الحمد أصبحت عبدك على عهدك ووعدك، أنت خلقتني ولم أك شيئاً، أستغفرك لذنبي فإنه قد أرهقتني ذنوبي وأحاطت بي، إلا أن تغفرها لي فاغفرها يا أرحم الراحمين، فإنه مرجوّ الإجابة إن شاء الله تعالى اهـ شرح البداية. وقال في التحفة تنبيه: ما ذكر من أن الثمان في صلاة الضحى أفضل من اثنتي عشرة لا ينافي قاعدة أن كل ما كثر وشقّ كان أفضل لخبر عائشة رضي الله عنها: "أجرك على قدر نصبك" لأنها أغلبية لتصريحهم أن العمل القليل قد يفضل الكثير، كالقصر أفضل من الإتمام بشرطه وكالوتر بثلاث أفضل منه بخمس أو سبع أو تسع على ما قاله الغزالي وهو مردود، وكالصلاة مرة في جماعة أفضل من تكريرها خمساً وعشرين انفراداً، لو قلنا بجوازه وتخفيف ركعتي الفجر أفضل من تطويلها بغير الوارد، وركعتا العيد أفضل من ركعتي الكسوف بكيفيتها الكاملة، وركعة الوتر أفضل من ركعتي الفجر وتهجد الليل وإن كثر اهـ.

[فائدة]: قال ع ش: ينبغي أن محل اندراج التحية مع غيرها ما لم ينذرها وإلا لم تدخل، لأنها صارت مقصودة في نفسها اهـ جمل. ويندب لمن لم يتمكن من التحية لحدث أن يقول أربع مرات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، زاد بعضهم: ولا حول إلى العظيم، لأنها تعدل ركعتين في الفضل فتندفع بها الكراهة، ومحله حيث لم يتيسر له الوضوء في المسجد قبل طول الفصل، وبالأولى ما لو كان متطهراً، واشتغل بغيرها اهـ ش ق عن ق ل. وقال الجوهري: إن ذلك كالكفارة لا أنه تحية كما حققه ابن حجر، وألحق بعضهم بها سجدة التلاوة والشكر، ومثلها سنة الوضوء والإحرام، ولا يتقيد ذلك بما إذا كان محدثاً كما هو مقتضى النقل، ولا يشترط الإتيان به حال القيام، بل لو شرع فيه ثم جلس كفاه كالتحية، واعتمد سم عدم إجزائها بعد جلوسه وفيه نظر، إذ القصد إنابة هذا مقام تقصيره بالجلوس المكروه، فلا فرق بين الإتيان به أي الإحرام قبل القعود أو بعده اهـ.

(مسألة: ب): صلى ركعتين من صلاة التسبيح ليلاً وأراد التكميل نهاراً جاز، وعدت صلاة التسبيح وإن طال الفصل، إذ لا تشترط الفورية فيها، ولأنها ليست من ذات السبب أو الوقت حتى تتقيد به، بل العمر كله وقت لها، ما عدا وقت الكراهة كالنفل المطلق فعلم أنها لا تقضى، وأنه يسن تكرارها ولو مراراً في ساعة، والتسبيحات فيها هيئة تابعة كتكبير العيد بل أولى، فلا سجود لتركها وإن نوى صلاة التسبيح، نعم إن أطال ركناً قصيراً حينئذ ضر، لأن اغتفار تطويله بالتسبيح الوارد، فحيث لم يأت به صارت نفلاً مطلقاً، ولم تسمّ صلاة التسبيح، كما لو لم ينوها وأراد التسبيح فيجوز بشرط أن لا يبطل الركن القصير أيضاً لأن نيته انعقدت نافلة، ويندب الإسرار بتسبيحها مطلقاً، وبقراءتها نهاراً وأن يتوسط فيها ليلاً، وتجب بالنذر، ويجوز فيها الفصل والوصل، ولكن استحسن الإمام الغزالي الوصل نهاراً، وضده ليلاً.

[فائدة]: الأولى أن يقرأ في صلاة التسبيح سور التسبيح كالحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن للمناسبة، فإن لم يفعل فسورة الزلزلة والعاديات وألهاكم والإخلاص، ويقول قبل السلام: اللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى، وأعمال أهل اليقين، ومناصحة أهل التوبة، وعزم أهل الصبر، وجدّ أهل الخشية، وطلب أهل الرغبة، وتعبد أهل الورع، وعرفان أهل العلم حتى أخافك، اللهم إني أسألك مخافة تحجزني بها عن معاصيك حتى أعمل بطاعتك عملاً أستحق به رضاك، وحتى أناصحك بالتوبة خوفاً منك، وحتى أخلص لك النصيحة حباً لك، وحتى أتوكل عليك في الأمور كلها حسن ظن بك، سبحان خالق النور اهـ إيعاب.
(مسألة: ك): يسن التوسط بقراءة صلاة التسبيح ليلاً، ولم أر من صرح بالاكتفاء بها لمن عادته التهجد عن أربع ركعات، والذي يظهر الاكتفاء إذ هي من النفل المطلق، ويحصل به التهجد كما يحصل بالوتر، إذ التهجد هو النفل ليلاً بعد نوم لأن الهجود النوم، يقال هجد إذا نام، وتهجد أزال نومه بتكلف.

[فائدة]: قال في الإحياء: قال :"من صلى المغرب في جماعة، ثم صلى بعدها ركعتين ولا يتكلم بشيء فيما بينهما من أمر الدنيا، يقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب، وعشر آيات من أول سورة البقرة إلى يشعرون الثانية، وآيتين من وسطها، وإلهكم إلى يعقلون، والإخلاص خمس عشرة مرة، وفي الثانية بالفاتحة وآية الكرسي إلى خالدون، ولله ما في السموات إلى آخر السورة، والإخلاص خمس عشرة مرة" ووصف في الحديث من ثوابها ما يجلّ عن الحصر اهـ. وهذه المسماة صلاة الفردوس.
[فائدة]: ذكر السيوطي في رسالة له في خصائص يوم الجمعة وأوصلها إلى مائة خصوصية وواحدة قال: وأخرج الأصبهاني عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "من صلى الضحى أربع ركعات في يوم الجمعة في دهره مرة، يقرأ بفاتحة الكتاب عشراً، وقل أعوذ بربّ الناس والفلق والإخلاص والكافرون وآية الكرسي عشراً عشراً في كل ركعة، فإذا سلم استغفر الله سبعين مرة وسبح كذلك سبحان الله إلى العظيم، دفع الله عنه شر أهل السموات والأرض والجن والإنس".

(مسألة: ش): لا تجوز صلاة الحاجة بالرواية التي في آخرها أنه يسجد بعد التشهد وقبل السلام، بل إن سجد بطلت صلاته لأن حديثها ضعيف جداً، ولا عبرة بالتجربة، بل من أراد صلاة الحاجة فليفعلها بالروايتين اللتين ذكرهما في عدّة الحصن الحصين قبل هذه الرواية، نعم لو سلم من الصلاة فأتى بالقراءة والتهليل، ثم تلا آية سجدة ولم يقصد إيقاعها في الوقت المكروه وسجد فلا بأس ولا يقال إنه مأمور به.

(مسألة): يندب قضاء النفل المؤقت كالعيد والوتر والرواتب مطلقاً، بل لو اعتاد شيئاً من النفل المطلق فتركه في وقته المعتاد ولو لعذر سن له قضاؤه لئلا تميل نفسه إلى الدعة والرفاهية، ولا يجوز قضاء ذي السبب كالكسوف والتحية.
[فائدة]: النفل في البيت أفضل، أي حتى من جوف الكعبة كما في التحفة وغيرها، ونظم الطبلاوي ما يستثنى من ندب النفل في البيت فقال:

صلاة نفل في البيوت أفضل ** إلا لدى جماعة تحصل
وسنة الإحرام والطواف ** ونفل جالس للاعتكاف
ونحو علمه لإحياء البقعة ** كذا الضحى ونفل يوم الجمعة
وخائف الفوات بالتأخر ** وقادم ومنشىء للسفر
والاستخارة وللقبلية ** لمغرب ولا كذا البعدية

وذكر ذلك في الإيعاب وزاد: من خشي التكاسل والمنذورة، وزاد ق ل: قبلية دخل وقتها اهـ كردي.

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية