الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

كتاب الإيلاء علي المذاهب الأربعة

كتاب الإيلاء علي المذاهب الأربعة

مباحث الإيلاء
كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري

محتويات

مباحث الإيلاء

تعريفه

*-الإيلاء معناه في اللغة اليمين مطلقاً. سواء كان على ترك قربان زوجته. أو غيره، ومع هذا فقد كان الإيلاء على ترك وطء الزوجة في الجاهلية، له حكم خاص، وهو تحريمها حرمة مؤبدة فإذا قال: واللّه لا أطأ زوجتي، كان معنى ذلك عندهم تحريمها أبداً، فالمعنى اللغوي أعم من المعنى الشرعي، لأن الإيلاء في الشرع معناه الحلف على ترك وطء الزوجة خاصة فلا يطلق عند الفقهاء على الحلف على الأكل، أو الشرب، أو غير ذلك.

وحكم الإيلاء في الشرع مغاير لحكم الإيلاء في الجاهلية، لأن الحلف به لا يحرم المرأة حرمة مؤبدة، كما ستعرفه، ثم إن الإيلاء مصدر آلي يولي إيلاء، كأعطى إعطاء، والألية اسم بمعنى اليمين، وتجمع على ألايا، كخطية وخطايا، ومثلها الألوة - بسكون اللام وتثليث الهمزة - فالألوة اسم بمعنى اليمين، ويقال أيضاً: تألى يتألى، بمعنى أقسم يقسم ومثله ائتلى يأتلي، ومنه قوله تعالى: {ولا يأتل أولو الفضل منكم} الآية، أي لا يقسموا.

أما معناه في الشرع، فهو الحلف على أن لا يقرب زوجته، سواء أطلق بأن قال: واللّه لا أطأ زوجتي، أو قيد بلفظ أبداً، بأن قال: واللّه لا أقربها أبداً، أو قيد بمدة أربعة أشهر فما فوق، بأن قال: واللّه لا أقرب زوجتي مدة خمسة أشهر، أو مدة سنة، أو طول عمرها، أو ما دامت السموات والأرض. أو نحو ذلك.

فإن قال ذلك كان مولياً بذلك، أما إذا قيد بشهرين، أو ثلاثة، أو أربعة (1) بدون زيادة على الأربعة ولو يوماً، فإنه لا يعتبر مولياً بذلك ومثل الحلف باللّه الحلف بصفة من صفاته، كما إذا قال: وقدر اللّه، أو علم اللّه ونحو ذلك، وكذا إذا حلف بغير اللّه وصفاته، كالطلاق والظهار، والعتق، والنذر، فإذا قال: هي طالق إن وطئتها، أو هي علي كظهر أمي إن وطأتها أو للّه علي نذر أن أحج إلى بيت اللّه أو عبدي حر إن وطئتها، فإنه يكون مولياً بكل هذا (2) على أن تعريف الإيلاء شرعاً فيه تفصيل المذاهب (3).

أقل مدة الإيلاء عند الحنفية

(الحنفية - قالوا: أقل مدة الإيلاء أربعة أشهر فقط، فلا يشترط الزيادة عليها، كما سيأتي توضيحه في حكم الإيلاء).

كونه موليا عند الحنابلة

الحنابلة - قالوا: أنه لا يكون مولياً إلا إذا حلف باللّه، أو بصفة من صفاته كما هو موضح في تعريفهم الآتي).

تعريف الإيلاء عند الحنفية

(3) (الحنفية - عرفوا الإيلاء بأنه اليمين على ترك قربان الزوجة مطلقاً غير مقيد بمدة أو مقيداً بمدة أربعة أشهر فصاعداً باللّه تعالى، أو تعليق القربان على فعل شاق، فقولهم: اليمين باللّه شمل ما إذا حلف باسم اللّه أو بصفة من صفاته، وقولهم: على ترك قربان الزوجة المراد به الوطء في القبل على الوجه الآتي بيانه، وقولهم أو تعليق القربان على فعل شاق شمل ما إذا علق على طلاق كما إذا قال: إن وطئتك فأنت طالق، أو على عتق، كما إذا قال: إن أتيتك فعبدي حر، أو على نذر، كأن قربتك فعلي حج، أو صيام ولو يوم، لأنه شاق، بخلاف ما إذا قال: إن قربتك فعلي صيام هذا الشهر أو الشهر الماضي، لأن الماضي لا يصح نذره، والشهر الحاضر يمكنه أن يطأها بعد نهايته ولا شيء عليه، لنه يصير ماضياً، وكذا إذا قال: فعلي هدي، أو اعتكاف، أو يمين أو كفارة يمين، أو فعلي عتق رقبة، من غير أن يعين، أو علي صلاة مائة ركعة، ونحو ذلك مما في فعله مشقة على النفس، بخلاف ما إذا قال: علي صلاة ركعات أو إتباع جنازة، أو تسبيحات أو نحو ذلك مما لا مشقة جنازة، أو تسبيحات أو نحو ذلك مما لا مشقة فيه فإنه لا يكون مولياً، فإن أتاها، وكان مولياً باللّه، كان عليه كفارة يمين، وإن كان معلقاً على طلاق وقع الطلاق، سواء علق على طلاقها أو طلاق امرأة غيرها، وإن كان معلقاً على عتق رقبة غير معينة لزمته، وإن كان معلقاً على غير ذلك لزمه وسقط الإيلاء، وإن لم يقربها فرق بينهما على الوجه الآتي.

وبهذا تعلم أن الإيلاء إنما يصح بالطلاق، والعتاق، والظهار، والهدي، والحج، والصوم، ونحو ذلك، لأن في فعلها مشقة على النفس، أما النذر فإن كان في الوفاء به مشقة على النفس فإنه يصح الإيلاء به، وإلا فلا يصح، كما إذا قال: إن وطئتك فللّه علي أن أصلي عشرين ركعة إذ لا يخفى أن صلاة عشرين ركعة لا مشقة فيها في ذاتها، وإن كانت قد يشق فعلها على بعض النفوس الضعيفة بسبب الكسل، فمن قال ذلك فإنه لا يكون مولياً، بخلاف ما إذا نذر صلاة مائة ركعة، فإن فيها مشقة في ذاتها، فيعتبر الحالف بنذرها مولياً.
فإن قلتك إنه إذا حلف باللّه، بأن قال: واللّه لا أطأ زوجتي يكون مولياً، بل هو الأصل في الإيلاء، مع أنه إذا وطئ امرأته لا يلزمه فعل شيء شاق، والجواب: أنه يلزمه كفارة اليمين، وظاهر أن الكفارة فعل شاق، وأورد على هذا أمران.

أحدهما: إيلاء الذمي باليمين، كأن يقول: واللّه لا أطأ زوجتي، فإنه يكون بذلك مولياً عند الإمام بحيث لو رفع إلينا الأمر فإننا نحكم بكونه مولياً، مع انه إذا وطئها فلا كفارة عليه، لأن الذمي غير مخاطب بالكفارة وأجيب: بأنه يلزمه الإيلاء لأنه معاملة لا عبادة، ولا تلزمه الكفارة لأنها عبادة، وهو ليس من أهل العبادة، فهي مستثنى من هذا الحكم لعارض الكفر.

ثانيهما: أنه إذا قال: واللّه لا أطأ زوجاتي الأربع، فإن له أن يطأ ثلاثاً منهم بدون كفارة وبهذا يكون قد آلى من زوجاته بدون أن يفعل أمراً شاقاً. والجواب: أنه إذا قال: واللّه لا أطأ زوجاتي الأربع كان معناه أنه حلف على ترك وطء الأربع جميعاً، فإذا أتى بعضهن لا يحنث، بل يحنث إذا أتى الأربع، فإذا أتى الثلاث وترك واحدة صار مولياً منها وحدها، ونظير ذلك ما إذا حلف لا يكلم زيداً، وعمراً، ثم كلم زيداً فقط فإنه لا يحنث، فإذا كلم عمراً بعد زيد حنث، كما إذا كلمهما معاً وكذا لو قال لزوجته، وأمته: واللّه لا أقربكما، ثم أتى زوجته وحدها فإنه لا يكون مولياً، فإذا أتى الأمة بعدها كان مولياً من زوجته لتوقف الحلف على اتيانهما معاً.

تعريف الإيلاء عند الحنابلة

الحنابلة - قالوا: الإيلاء حلف زوج - يمكنه أن يجامع - باللّه تعالى أو صفة من صفاته على ترك وطء امرأته ولو قبل الدخول في قبلها، فقولهم: زوج خرج به سيد الأمة، فإنه لو حلف أن لا يطأ أمته لا يكون مولياً، وقولهم: يمكنه أن يجامع خرج به الصغير الذي لا يمكنه الجماع، ومثله العنين، والمجبوب، فإن حلف هؤلاء لا يكون إيلاء شرعياً وقولهم: باللّه أو صفة من صفاته خرج به الحلف بالكعبة، والنبي، والطلاق، والعتق والظهار، ونحو ذلك، فإن من حلف بها لا يكون مولياً، وقولهم على ترك وطء امرأته في قبلها خرج به ما لو حلف على ترك وطئها في دبرها أو بين فخذيها أو نحو ذلك، مما سيأتي تفصيله.

وهل الحلف بالنذر، كالحلف باللّه، أو كالحلف بغيره؟ خلاف، فلو قال لها: إن وطئتك فاللّه علي أن أصلي عشرين ركعة، كان مولياً ينتظر له
أربعة أشهر، ثم يعمل معه ما يعمل مع المولي، وبعضهم يقول: إنه يكون مولياً لأن الحلف بالنذر كغيره ليس بيمين، وهو الظاهر، وذلك لأن الحنابلة قالوا: إن الإيلاء هو قسم، والقسم لا يكون إلا باللّه أو صفة من صفاته، فإذا علق الحلف على الوطء بالطلاق، كأن قال: إن
جامعتك فأنت طالق، أو علقه على العتق، كان قال: إن أتيتك فعبدي حر، أو علقه على ظهار، كأن قال: إن وطئتك فأنت علي كظهر أمي، أو علي نذر كأن قال: إن جامعتك فعلي حج أو صدقة، أو نحو ذلك. فإنه لا يكون بكل هذا مولياً، لأن العليق بالشرط ليس فيه معنى القسم، ولذا لم يؤت فيه بحرف القسم، غايته أن يشارك القسم في المنع من الفعل أو الترك، فتسميته حلفاً من باب التجوز، فالحالف بالتعلق كالحلف بالكعبة في أن كل منهما ليس قسماً، فإذا حلف بشيء من ذلك وجامعها كان عليها جزاؤه فيقع طلاقه. ويلزمه عتقه، ونذره، وصلاته، وصيامه، وإن لم يجامعها لم يكن مولياً. نعم للزوجة إذا تركها زوجها أربعة أشهر - ولو بدون إيلاء - الحق في رفع أمرها للحاكم ليأمره بإتيانها، أو بطلاقها كما سيأتي في حكم الإيلاء.

وإذا قال لها: إن وطئتك فللّه علي صوم أمس، فإنه لا يلزمه بوطئها شيء، لأن نذر الماضي لا يلزم، ومثل ذلك ما إذا قال لها: إن وطئتك فعلي صوم هذا الشهر، ثم وطئها بعد انقضائه، فإنه لا يلزمه شيء لأنه صار ماضياً، أما إذا قال لها: إن وطئتك فعلي صيام الشهر الذي أطؤك فيه، ثم وطئها كان عليه أن يصوم ما بقي من ذلك الشهر.
وإذا قال لها: واللّه لا أطؤك إن شاء اللّه، ثم وطئها، فلا شيء عليه، لأن الاستثناء ينفعه، ومن هنا يتضح لك أن الحنابلة يخالفون الحنفية وباقي الأئمة في أن التعليقات ليست قسماً على التحقيق، فلا يعتبرونها إيلاء إلا أنهم مع هذا يوجبون جزاءها إذا فعل المعلق عليه، على أنه لا فرق بينهم وبين غيرهم في النتيجة لأنهم يحتمون على ما حلف بها أن يأتي زوجته بعد أربع أشهر، أو يطلق، وإن لم يكن مولياً.

تعريف الإيلاء عند المالكية

المالكية - قالوا: الإيلاء شرعاً هو حلف زوج مسلم، مكلف يمكنه أن يجامع النساء على ترك وطء زوجته غير المرضعة أكثر من أربعة أشهر إن كان حراً، وأكثر من شهرين إن كان رقيقاً، فقوله حلف زوج يشمل ثلاث أنواع: النوع الأول: الحلف باللّه تعالى أو بصفة من صفاته، كأن يقول: واللّه لا أطؤك أصلاً، أو لا أطؤك مدة خمسة أشهر، ومثل ذلك ما إذا قال: وعلم اللّه وقدرة اللّه ونحو ذلك. النوع الثاني: التزام أمر معين يصح التزامه من طلاق، وعتق وصدقة، وصلاة وصيام، وحج، وأمثلة ذلك هي أن يقول: إن وطئتك فأنت طالق، فعلي عتق عبدي فلان، أو فعلي جنيه صدقة، أو فعلي صلاة مائة ركعة، أو فعلي صيام شهر، أو فعلي المشي إلى مكة، ويسمى هذا نذراً معيناً، النوع الثالث: التزام أمر مبهم، كأن يقول: علي نذر إن وطئتك، أو علي صدقة إن وطئتك.

أما إذا قال: علي نذر أن لا أطأك، أو أن لا أقربك، فإن فيه خلاف، فبعضهم يقول: إنه يكون مولياً بذلك وبعضهم يقول: لا، ووجه الأول أن معنى قول القائل: علي نذر أن لا أطأك إن انتفى وطؤك فعلي نذر فقد علق النذر في الواقع على عدم وطء زوجته، وعدم وطء الزوجة معصية، والنذر المعلق على المعصية لازم، ووجه القول الثاني أن هذا ليس بتعليق، وإنما معناه مصدر مأخوذ من - أن... والفعل فكأنه قال: عدم وطئك نذر علي، وهذا نذر للمعصية لا تعليق للنذر على معصية، ونذر المعصية لا يصح.
وبهذا تعلم أن الخلاف دائر على أنه تعليق، أو ليس تعليق؟ فمن يقول: إنه تعليق للنذر على عدم الوطء، يقول: إنه لازم، لأن تعليق النذر على المعصية لازم، ومن يقول: إنه ليس بتعليق وإنما هو مبتدأ وخبر، فكأنه قال: عدم وطئك علي نذر، فإنه يقول: إنه غير لازم لأنه نذر للمعصية لا تعليق النذر على المعصية، فلا يصح الإيلاء به، فإن كان التعلق صريحاً فلا خلاف في أنه يصح به الإيلاء سواء كان النذر معيناً، أو مبهماً، كما في الصورة التي قبل هذه، وهي إن وطئتك فعلي نذر، فإنه علق النذر على وطئها، فهو لازم بلا كلام، وقوله مسلم خرج به إيلاء الكافر فإنه لا يكون مولياً، بحلفه، خلافاً للأئمة الثلاثة، فإنهم يقولون: إن إيلاء الكافر صحيح كما ستعرفه في الشروط، وقد استل الأئمة على رأيهم بقوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم} الخ.

والموصول من صيغ العموم يشمل المسلم، والكافر، والحر، والعبد، وأجاب المالكية عن ذلك بأن ذلك يصح إذا بقي الموصول على عمومه، ولكن قوله تعالى بعد ذلك، {فإن فاؤوا فإن اللّه غفور رحيم} يدل على تخصيص - الذين - بالمسلمين، لأن الذين يغفر اللّه لهم بالرجوع إلى وطء زوجاتهم هم المسلمون، أما الكافر فهو خارج عن رحمة اللّه على أي حال وقد أجيب عن هذا بأن قاعدة مذهب المالكية تفيد أن الكافر يعذب على الكفر وعلى المعصية، فلا يعذبه عليه، وهو وجيه، وقوله مكلف خرج به إيلاء الصبي والمجنون، فإن إيلاءهما لا ينعقد، كالكافر، وقوله: يمكنه أن يجامع النساء خرج به المجبوب، والخصي، والشيخ الفاني العاجز عن إتيان النساء، أما المريض الذي يمنعه مرضه عن إتيان النساء حال مرضه،فإنه يصح الإيلاء منه ما لم يقيده بمدة المرض فإنه لا يكون مولياً في هذه الحالة لأنه لا يقدر على الوطء فيها بطبيعته، وقوله: على ترك وطء زوجته يشمل ما إذا كلن الترك منجزاً أو معلقاً فمثال المنجز أن يقول لها: واللّه لا أطؤك أكثر من أربعة أشهر ومثال المعلق أن يقول لها: لا أطؤك ما دمت في هذه الدار أو في هذه البلدة، فكما أن اليمين تارة يكون منجزاً، وتارة يكون معلقاً فكذلك ترك الوطء، تارة يكون منجزاً وتارة يكون معلقاً. وكذلك الزوجة تارة تكون منجزة، وتارة تكون معلقة فأما المنجزة فظاهرة وأما المعلقة، فمثالها أن يقول: إن تزوجت فلانة فواللّه لا أطؤها مدة خمسة أشهر مثلاً، أو يقول: واللّه لا أطأ فلانة وهي أجنبية، ثم يتزوجها فإنه يكون مولياً بذلك، وهذا هو المشهور، وبعضهم يقول: لا إيلاء على الزوجة المعلقة لقوله تعالى: {للذين يؤولون من نسائهم} فجعل الإيلاء خاصاً ولا يخفى أن الأجنبيات لا يدخلن في نساء الرجل، ولكن المشهور هو الأول.

فالحاصل أن اليمين تارة يكون منجزاً، وتارة يكون معلقاً، وقد عرفت الأمثلة في أنواع الحلف وكذا المحلوف عليه، وهو ترك الوطء تارة يكون منجزاً وتارة يكون معلقاً، وكذلك الواقع عليها الحلف، وهي الزوجة وقد عرفت الأمثلة، وقوله: غير المرضعة خرج به المرضعة، فإنه إذا حلف أن لا يطأها ما دامت مرضعة فإنه لا يكون مولياً، بشرط أن يقصد مصلحة الولد أو لم يقصد شيئاً، أما إن قصد منع نفسه من جماعها بدون سبب فإنه يكون مولياً، وقوله: أكثر من أربعة أشهر خرج به ما إذا حلف أن لا يقربها أربعة أشهر أو أقل، فإنه لا يكون مولياً بذلك فلا بد من الزيادة على الأربعة ولو بيوم، وهو رأي الأئمة الثلاثة خلافاً للحنفية، فإنهم يقولون: إنه يكون مولياً بالأربعة بدون زيادة عليه.
: - الإيلاء معناه في اللغة اليمين مطلقاً. سواء كان على ترك قربان

تعريف الإيلاء عند الشافعية

الشافعية - قالوا: الإيلاء هو حلف زوج يتصور وطؤه ويصح طلاقه على امتناعه من وطء زوجته التي يتصور وطؤها في قبلها مطلقاً، أو فوق أربعة أشهر، فقوله: حلف، يشمل ثلاثة أشياء.
الأول: الحلف باسم من اسمائه تعالى أو صفة من صفاته، كقوله: واللّه لا أطأ زوجتي، أو وقدرة اللّه لا أطأ زوجتي.
الثاني: يتعلق الطلاق أو العتق على الوطء كما إذا قال: إن وطئتك فأنت طالق، أو إن وطئتك فضرتك طالق. ومثل ذلك ما إذا قال: إن وطئتك فعبدي حر فقد علق بذلك طلاقها أو طلاق ضرتها على وطئها، كما علق عتق عبده على وطئها.
الثالث: الحلف بالتزام النذر، كصلاة وصيام، وغيرهما من القرب كما إذا قال: إن وطئتك فاللّه علي صلاة، أو صيام، أو علي عتق، أو علي حج، أو صدقة، أو نحو ذلك، فهذه هي الأمور الثلاثة التي ينعقد بها الحلف على وطء الزوجة. ويكون الزوج بها مولياً وسيأتي بيان حكم كل واحد منها في مبحث حكم الإيلاء.

وقوله: زوج، يشمل المسلم، والكافر، ويشمل الكبير والصغير، والحر و العبد، و يشمل أيضاً السكران، فلو حلف وهو سكران ألا يطأ زوجته كان مولياً، ويشمل أيضاً المريض الخصي - وهو مقطوع الأنثيين القادر على الوطء والمجبوب الذي لا يقدر على الوطء إذا حلف وقوله: يتصور وطؤه خرج به الصبي الذي لا يعرف الوطء وكذا من أصيب بشلل في عضو التناسل فعجز عن الوطء أو قطع ذكره بحيث لم يبق منه القد الذي يصلح للوطء، لأن إيلاء مثل هذا لا معنى له، إذ هو عجز بطبيعة الحال. وهذا بخلاف المريض الذي يرجى برؤه، فإن إيلاءه يصح ما لم يقيد بمدة المرض، فإنه في هذه الحالة لا يكون لإيلائه معنى،لأنه عاجز بطبيعته، فلا إيذاء للزوجة من حلفه.
وقوله: يصح طلاقه به إيلاء من لا يصح طلاقه كالصبي، والمجنون، والمكره، فإن إيلاء هؤلاء لا يصح، وإنما قال: زوج ليخرج غير الزوج، فلو حلف شخص لا يطأ هنداً، وهي غير زوجة له لا يكون مولياً منها إذا تزوجها، وإنما يكون مقسماً، فلو وطئها يكون عليه كفارة يمين وقد عرفت فيما تقدم أن الحلف بالطلاق على الأجنبية لا يقع.

وقوله: من وطء زوجته خرج به ما إذا حلف على ترك وطء أمته فإنه لا يكون مولياً، إلا إذا الأمة زوجة. فإن الإيلاء يصح منها كالحرة.
وقوله: التي يتصور وطؤها خرج به الصغيرة التي لا تطيق الوطء فإذا حلف أن لا يطأها سنة وكانت تطيق الوطء بعد ستة أشهر إلا قليلاً، فإنه يكون مولياً منها، لأن المدة من السنة التي تطيق فيها الوطء هي مدة الإيلاء، ومثل الصغيرة التي لا تطيق الوطء من بها علة تمنع الوطء كما إذا كانت رتقاء، بخلاف ما إذا كانت مريضة مرضاً لا يمنع الوطء أو يمنعه مؤقتاً فإن الإيلاء يصح، ولكن لا يكون لها الحق في المطالبة بالرجعة إلى الوطء إلا بعد برأها، كما يأتي في حكم الإيلاء.

وقوله: في قبلها خرج به ما إذا حلف أن لا يطأها في دبرها، فإنه لا يكون مولياً بذلك، لأنه حلف على ترك فعل مطلوب تركه، هذا بخلاف ما إذا قال: واللّه لا أطؤها إلا في دبرها فإنه يكون بذلك مولياً، فكأنه قال: واللّه لا أطؤها في قبلها، ولو قال: واللّه لا أطؤها إلا وهي حائض أو إلا وهي صائمة رمضان، أو إلا في المسجد، فإنه لا يكون مولياً بذلك، وذلك لأنه وإن كان قد حلف أن لا يطأها في وقت يحرم عليه وطؤها، ولكن ليس فيه حلف على ترك وطئها في قبلها والتحريم لعارض الحيض ونحوه لا يمنع من جواز الوطء في المحل، بخلاف ما إذا حلف أن لا يأتيها إلا في الدبر، لأن تحريمه ذاتي، وإذا حلف أن يطأها بين فخذيها أو نحو ذلك فإنه لا يكون مولياً.

وقوله: مطلقاً شمل ما لم يقيد المدة بوقت ما. كما إذا قال لها: إن وطئتك فأنت طالق أو قيدها بما يفيد التأبيد كما إذا قال لها: واللّه لا أطؤك أبداً، أو طول عمرك، أو حتى ينزل المسيح. أو حتى تقوم الساعة، أو قيدها بما يزيد على أربعة أشهر ولو لحظة، كما إذا قال لها: واللّه لا أطؤك أربعة أشهر وخمس دقائق مثلاً، أما إذا قال لها: أربعة أشهر فقط. أو أقل فإنه لا يكون مولياً بذلك).

أركان الإيلاء وشروطه

*-أركان الإيلاء ستة (1): محلوف به، ومحلوف عليه، وصيغة، ومدة، وزوجان، فأما المحلوف به فهو اليمين المتقدم بيانه في التعريف عليه فهو الوطء، فإذا قال: واللّه لا أطأ زوجتي كان الوطء محلوفاً عليه، واسم اللّه محلوف به، وكذا إذا قال: علي الطلاق لا يطؤها فإن الطلاق محلوف به، والوطء محلوف عليه، وقد يعلق المحلوف عليه على الزوجة باعتبار كون الوطء قائماً بها وأما الصيغة فهي صيغة اليمين بأقسامه المتقدمة، وأما المدة فهي مدة الإيلاء، وهي أن لا يطأها مدة تزيد على أربعة أشهر (2).
ولكل واحد منها شروط مفصلة في المذاهب (3).

أركان الإيلاء وشروطه عند الحنفية

(1) (الحنفية - قالوا: ركن الإيلاء شيء واحد، وهو صيغة الحلف بناء على ما تقدم من أن الركن هو ما كان داخل الماهية، وإنما تتحقق ماهية الإيلاء بالصيغة، أما هذه الأشياء فإنها شروط للماهية، وقد عرفت أن الذين يعدونها شروطاً فإنما يريدون من الركن ما لا تتحقق الماهية إلا به، سواء كان داخلاً في ماهيتها أو لا).

مدة الإيلاء عند الحنفية

(2) (الحنفية - قالوا: مدة الإيلاء أربعة أشهر فقط بدون زيادة).

شروط صيغة اليمين عند الحنفية

) (الحنفية - قالوا: يشترط في صيغة اليمين شروط: أحدها أن يجمع بين زوجته وامرأة أخرى، فلو قال: واللّه لا أطأ زوجتي وأمتي أو لا أطأ زوجتي وفلانة الأجنبية، فإنه يكون مولياً من امرأته بذلك. إذ يمكنه أن يطأها وحدها ولا كفارة عليه، كما تقدم في التعريف.
ثانيها: أن لا يستثني بعض المدة، فإذا استثنى فإنه لا يكون مولياً في الحال، مثلاً إذا قال لها واللّه لا أطؤك سنة إلا يوماً فإنه لا يكون مولياً في الحال. ثم إذا مكث سنة لم يقربها حتى ولا في اليوم الذي استثناه لا يحنث في يمينه، لأنه لم يصرح بأنه يقربها في اليوم الذي استثناه، بل أباح لنفسه قربانها في يوم منكر من أيام السنة، فله أن يقربها في يوم شائع في أيام السنة كلها، فإن حلف بهذا كان له أن يقربها في يوم يختاره عقب الحلف، فإن قربها ينظر إن كان قد بقي من السنة أربعة أشهر فأكثر بعد القربان صار مولياً بمجرد غروب شمس ذلك اليوم الذي قربها فيه بحيث لو أتاها بعد ذلك حنث وتجب عليه الكفارة، وإن لم يأتها ومكث أربعة أشهر كاملة من غروب شمس ذلك اليوم ولم يقربها بانت بطلقة على الوجه المتقدم. أما إذا أتاها بعد حلفه يوماً، وكان الباقي من السنة أقل من أربعة أشهر فإنه لا يكون مولياً وعلى هذا لو حلف أول السنة بأنه لا يقربها سنة إلا يوماً كانت يمينه منحلة باستثناء هذا اليوم، فلا يمكن اعتباره مولياً، لأن له أن يقربها في أي يوم من أيام السنة، فيحتمل أن يقربها قبل مضي أربعة أشهر فلا يكون مولياً إلا بعد أن يقربها ذلك اليوم الذي قد استثناه، فإذا قربها وكان الباقي من السنة أربع أشهر فأكثر كان مولياً، وإلا فلا يكون مولياً، ومثل ذلك ما إذا قال: واللّه لا أقربك سنة إلا ساعة، فإن الساعة لا يجعله مولياً في الحال، أما إذا قال: واللّه لا أقربك سنة إلا يوماً أقربك فيه فإنه لا يكون مولياً أبداً، سواء قربها أو لا، وذلك لأنه قد صرح بقربانها في يوم من أيام السنة ومتى صرح بذلك فقد انحلت اليمين فلا إيلاء، ولو قال: واللّه لا أقربك إلا يوماً، وحذف سنة، فإنه لا يكون مولياً إلا إذا قربها، فإذا قربها كان مولياً إيلاء مؤبداً.
ثالثها: أن لا تكون مقيدة بمكان، فإذا قال: واللّه لا أطأ زوجتي في دار أبيها لا يكون مولياً لانحلال اليمين بوطئها في مكان آخر.
رابعها: أن لا تكون مشتملة على المنع عن القربان فقط، فلو قال لها: إن وطئتك إلى الفراش فأنت طالق، فإنه لا يكون مولياً لأنه يمكن أن يحل اليمين بدعوتها إلى الفراش، فإذا دعاها إلى الفراش طلقت، ثم بعد ذلك له إتيانها في أي وقت بدون أن يلزمه شيء.
ويشترط في الزوج أن يكون أهلاً للطلاق، بأن يكون عاقلاً بالغاً، فلا يصح إيلاء المجنون، والصبي، ولا يشترط الإسلام، فيصح إيلاء الذمي، إلا إذا حلف بما هو قربة دينية، كما لو قال: إن وطئتك فعلي حج، فإنه لا يكون بهذا مولياً باتفاق، أما إن قال: إن وطئتك فعلي عتق عبد فإنه يكون مولياً باتفاق ويلزمه العتق، فإن حلف باللّه أنه لا يطؤها فإن إيلاءه يصح عند أبي حنيفة ولا يصح عندهم، وقد تقدم بيانه في التعريف، وكذا يصح إيلاء العبد إذا حلف بشيء غير مالي لأن تصرفاته المالية لا تنفذ، فلو قال: إن وطئتك فعلي عتق رقبة أو فعلي صدقة، فإنه لا يكون مولياً بذلك.

ويشترط في المدة أن تكون أربعة أشهر كاملة للحرة بدون زيادة، كما تقدم أما إذا كان متزوجاً أمة فإن مدة الإيلاء منها شهران، سواء كان الزوج حراً أو عبداً. وبذلك تعلم أنه يصح الإيلاء مع مانع يمنع الوطء، ولو كان خلقياً كالجب، والصغر ونحوه، كما ستعرفه في بيان حكمه. هذا، وتنقسم الصيغة إلى قسمين: صريحة، وهي كل لفظ يدل على إتيان المرأة بمجرد سماعه بحيث يكون استعماله في هذا المعنى غالباً، كالجماع، والوطء، والقربان، والمباضعة، وإدخال الذكر في الفرج، ونحو ذلك، فلو ادعى في الصريح أنه لم يرد الجماع فإنه لا يصدق قضاء، ولكن يصدق ديانة، أما الكناية فهي ما دل على الجماع، ولكن يحتمل غيره، ولا يتبادر إلى الذهن، كقوله: واللّه لا أمسها، لا آتيها، لا أدخل بها، لا أغشاها، لا تجمع بين رأسي ورأسها مخدة، لا أبيت معها في فراش، لا أصاحبها، أو واللّه ليغيظها، ولا يكون بذلك مولياً إلا بالنية.

شروط صيغة اليمين عند المالكية

المالكية - قالوا: يشترط في الصيغة شروط: أحدها أن لا تشتمل على ترك وطء الزوجة تنجيزاً أو تعليقاً، كما تقدم بيانه في التعريف، فلو قال: واللّه لأهجرن زوجتي أو لا أكلمها، فإنه لا يكون مولياً بذلك. ثانيها: أن لا يقيدها بزمان خاص، كأن يقول: واللّه لا أطؤها ليلاً، أو واللّه لا أطؤها نهاراً، وهذا بخلاف ما إذا قال: واللّه لا أطؤك حتى تخرجي من البلد، فإنه يكون مولياً إذا كان خروجها من البلد فيه معرة عليها، ومثل ذلك ما إذا قال: في هذه الدار وإذا ترك وطأها بدون إيلاء أو حلف لا ينزل فيها منيه فإن لها أن ترفع الأمر للقاضي ليطلقها عليه وللقاضي أن يطلق عليه فوراً بدون أن يضرب له أجلاً، وله أن يضرب له أجلاً. ثالثها: أن لا يستثني، فلو قال: واللّه لا أطؤك في هذه السنة إلا مرتين، فإنه لا يلزمه الإيلاء، لأنه يمكنه أن يترك وطأها أربعة أشهر، ثم يطؤها، ثم يتركها أربعة أشهر أخرى، ثم يطؤها، وتبقى أشهر أخرى أقل من مدة الإيلاء، فلا يحنث ولا يكون مولياً بذلك، وإذا قال لها: واللّه لا أطؤك في هذه السنة إلا مرة، فإنه لا يكون مولياً حتى يطأها، ثم تكون المدة الباقية من السنة أكثر من أربعة أشهر للحر وأكثر من شهرين للعبد. رابعها: أن لا يلزمه بيمينه حكم، كما إذا قال: إن وطئتك فكل فلس أملكه يكون صدقة فهذه اليمين حرج ومشقة، فلا يلزمه بها حكم، فلا يكون مولياً بها، ويشترط في الزوج أن يكون مسلماً ولو عبداً، وأن يكون مكلفاً فلا يصح إيلاء الصبي، والمجنون، وأن يتصور منه الإيلاء، فخرج المجنون، والصغير، والخصي، والشيخ الفاني، ويشترط في الزوجة أن تكون مرضعة، وقد تقدم إيضاح هذه القيود في التعريف فارجع إليها إن شئت.
ويشترط في المدة أن تكون أكثر من أربعة أشهر ولو بيوم على المعتمد، وبعضهم يقول: بعشرة أيام إذا كان حراً، وأما العبد فيشترط أن تكون زيادة عن شهرين.

شروط الإيلاء عند الشافعية

الشافعية - قالوا: يشترط في الزوجين أن يتأتى من كل واحد منهما الجماع، فإذا كان الزوج صغيراً أو مجبوباً أو نحو ذلك، فإنه لا يصح منه الإيلاء، ويشترط في صيغة اليمين أن تكون اسماً من أسماء اللّه أو صفة من صفاته، أو تعليقاً، أو نذراً، كما تقدم في التعريف، ويشترط في المحلوف عليه أن يكون ترك الوطء بخصوصه، فلو حلف على ترك الاستمتاع بها فيما دون ذلك فإنه لا يصح، ويشترط في المدة أن تزيد على أربعة أشهر ولو بلحظة، ويشترط في الصيغة أن تكون لفظاً يشعر بترك الوطء، وقد إيضاح ذلك في التعريف. فارجع إليه.

وتنقسم الصيغة إلى قسمين: الأول صريحة، كأن يقول: واللّه لا يقع مني تغييب حشفة في فرجك، أو واللّه لا أطؤك، أو لا أجامعك، فإن قال: أردت الوطء بشيء آخر، فإنه يصدق ديانة لا قضاء، ولو قال: أردت بالفرج الدبر فإنه يصدق ديانة أيضاً. الثاني: كناية، كقوله واللّه لا أمسك أو لا أباضعك، أو لا أباشرك، أو لا آتيك، أو لا أغشاك، فإنه لا يكون مولياً إلا إذا نوى الجماع، وذلك لأن هذه الألفاظ لم تشهر فيه.

شروط الإيلاء عند الحنابلة

الحنابلة - قالوا: للإيلاء أربعة شروط:
الأول: أن يحلف الزوج على ترك الجماع في القبل خاصة.
ثانيها: أن يحلف باللّه أو صفة من صفاته، ثم إن المحلوف عليه تارة يكون صريحاً يعامل به قضاء وديانة، وهي كل لفظ دل على إتيان المرأة صريحاً، كإدخال الذكر في الفرج ونحو ذلك من العبارات الصريحة التي لا تحتمل غير هذا المعنى، وتارة يكون صريحاً في القضاء فقط وهي كل لفظ دل على الجماع عرفاً. ومن ذلك أن يقول: واللّه لا وطئتك، أو لا جامعتك، أو لا باضعتك، أو نحو ذلك، وحكم هذا أنه يعامل به قضاء، ولا يسمع منه أنه أراد معنى آخر، ولكن إن كان صادقاً فإنه ينفعه بينه وبين اللّه، وتارة لا يكون مولياً إلا بالنية، كقوله: واللّه لا أنام معك في فراش واحد ونحو ذلك، فإذا لم ينو ترك الجماع فإنه لا يكون مولياً.
ثالثها: أن يحلف على أكثر من أربعة أشهر.
رابعها: أن يكون من زوج يمكنه الوطء.
وذلك تعلم أنه يصح من مسلم، وكافر، وحر، وعبد، وبالغ، ومميز، وغضبان، وسكران، ومريض مرضاً يرجى برؤه، كما يصح من زوجة يمكن وطؤها، سواء دخل بها أو لم يدخل، ولا يصح من مجنون وعاجز عن الوطء بسبب شلل في عضو التناسل أو قطع أو نحو ذلك).

حكم الإيلاء ودليله

*-للإيلاء حكمان: حكم أخروي وهو الإثم إن لم يفئ إليها، وحكم دنيوي، وهو طلاقها بعد أربعة أشهر على الوجه الآتي، وقد ثبت ذلك بقوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن اللّه غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن اللّه سميع عليم}، ومعنى يؤلون يقسمون وقوله: {من نسائهم} متعلق {بيؤلون} لأنه متضمن معنى البعد عن النساء، ولهذا عدي - بمن - أما آلى بدون ملاحظة البعد فإنه يتعدى - بعلى - يقال: آلى - على - امرأته - لا من - امرأته.

وقد عرفت أن الإيلاء على النساء كان معروفاً عند العرب ومستعملاً في ترك وطء المرأة، وكان حكمه عندهم تحريمها تحريماً مؤبداً، فقوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم} معناه للذين يقسمون على ترك وطء نسائهم، ترقب أربعة أشهر، فإن فاءوا ورجعوا إلى الوطء الذي حلفوا على تركه فإن ذلك يكون توبة منهم عن ذلك الذنب، فاللّه يغفره لهم بالكفارة عنه.

ومن هذا يتضح أن الإيلاء حرام لما فيه من الاضرار بالمرأة بالهجر وترك ما هو ضروري لازم للطبائع البشرية وايجاد النوع الإنساني وحرمانها من لذة أودعها اللّه فيها لتحتمل في سبيلها مشقة تربية الذرية ومتاعها، وإشعارها بكراهيته وانصرافه عنها، وكل ذلك إيذاء لها، فإن قلت: إن ذلك يقتضي أن لا يمهله الّه أربعة أشهر. قلت إن الحكمة في إمهاله هذه المدة المحافظة على علاقة الزوجية، ومعالجة بقائها بما هو غالب على طبائع الناس، فإن البعد عن الزوجة مثل هذا الزمن فيه تشويق للزوج إليها، فيحمله على زنة حاله معها وزناً صحيحاً، فإذا لم تتأثر نفسه بالبعد عنها ولم يبال بها، سهل عليه فراقها، وإلا عاد إليها نادماً على اساءتها مصراً على حسن معاشرتها، وكذلك المرأة، فإن هجرها من وسائل تأديبها، فقد تكون سبباً في انصرافه عنها باهمال زينتها أو بمعاملته معاملة توجب النفرة منها، فبعده عنها هذه المدة زاجراً لها عما عساه أن يفرط عنها، فانتظار هذه المدة لازم ضروري لبقاء الزوجية.
وقوله تعالى: {وإن عزموا الطلاق فإن اللّه سميع عليم} يحتمل أمرين: أحدهما إن أصروا على تنفيذ يمينهم وهجروا نسائهم فلم يقربوهن حتى انقضت المدة المذكورة، وهي أربعة أشهر، فإن ذلك يكون إصراراً منهم على الطلاق، فيكون طلاقاً ولو لم يطلقوا (1) أو تطلب المرأة الطلاق، فانقضاء المدة في ذاته طلاق، ووجه ذلك أن قوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم} الخ كلام مفصل بقوله {فإن فاؤوا فإن اللّه غفور رحيم وإن عزموا} الخ، واللغة تقتضي أن المفصل - بكسر الصاد - يقع عقب المفصل بدون فاصل، فيجب أن تقع الفيئة - بمعنى الرجعة - إلى الجماع أو يقع الطلاق عقب انقضاء مدة أربعة أشهر بدون فاصل من طلب المرأة أو تطليق الرجل، ونظير ذلك أن يقول شخص لآخر: إنني نزلت بجواركم، فإن أعجبكم ذلك مكثت وإلا رحلت فإن معنى هذا إن لم ترضوا عني رحلت بدون أن أعمل أي عمل آخر سوى الرحيل.
المعنى الثاني: أن معنى قوله تعالى: {وإن عزموا الطلاق} أي عزموا على الطلاق بعد مضي المدة، فالعزم على الطلاق لا يتحقق إلا بعد مضي المدة، بأن يطلقها من تلقاء نفسه، أو ترفع الأمر للقاضي على الوجه الذي ستعرفه.
فالفاء في قوله تعالى: {فإن فاؤوا} للتعقيب، أي فإن فاؤوا عقب مضي المدة إلى جماع زوجاتهم وأخرجوا كفارة أيمانهم {فإن اللّه غفور رحيم وإن عزموا} على الطلاق عقب انقضاء المدة {فإن اللّه سميع عليم} وعلى الأول أن يكون معنى قوله تعالى: {فإن اللّه سميع عليم} سميع لإيلائهم عليهم بما يترتب عليه من ظلم المرأة وإيذائها بانقضاء المدة من غير فيئة، فيعاقبهم عليه، ففيه تهديد للذين يصرون على هجر الزوجة حتى تنقضي المدة التي يترتب على انقضائها تطليقها، وعلى الثاني يكون تهديداً لمن طلق بعد انقضاء المدة، أو طلق عليه الحاكم، ويتعلق بهذه الآية أمور مفصلة في المذاهب (2).

الإيلاء حكم الطلاق عند الحنفية

(1) (الحنفية - قالوا: هذا هو الذي يجب العمل به، فمتى مضت المدة طلقت منه طلقة بائنة بدون عمل آخر، وسيأتي إيضاح مذهبهم في التفصيل الذي بعد هذا، وخالفهم الأئمة الثلاثة).

إذا انقضت مدة الإيلاء ولم يطأها عند الحنفية

(2) (الحنفية - قالوا: متى انقضت مدة أربعة أشهر من تاريخ الحلف ولم يطأها فإنها تطلق منه طلقة واحدة بائنة بدون أن ترفع الأمر إلى القاضي وبدون أن يطلقها هو، فإذا أقر قبل انقضاء المدة أمام شهود أنه جامعها، ثم انقضت المدة وادعت الزوجة أنها بانت منه بعدم وطئها في المدة، وادعى هو أنه وطئها وأقر بذلك أمام شهود، وشهدت الشهود على إقراره فإنه يصح ولا تبين منه، ثم إن وقع الإيلاء في غرة الشهر، أي في أول ليلة منه اعتبرت الأشهر الأربعة بالأهلة، وإن وقع في وسط الشهر ففيه خلاف، فبعضهم يقول: تعتبر المدة بالأيام وبعضهم يقول: يعتبر الشهر الأول بالأيام، أما الشهر الثاني، والثالث، والرابع فتعتبر بالأهلة، ثم يكمل ما نقص من الشهر الأول بأيام من الشهر الخامس، مثلاً إذا آلى منها في نصف شعبان حسبت الخمسة عشر يوماً الباقية من شعبان، ثم يحسب رمضان وشوال وذو القعدة بالأهلة، ويؤخذ من ذي الحجة خمسة عشر يوماً يكمل بها شعبان، والرأي الثاني أحوط، كما لا يخفى، ثم إذا مضت المدة ولم يقربها وبانت منه، فإن في ذلك ثلاث صور:

الصورة الأولى: أن يحدد مدة واحدة، كأن يحلف بالطلاق الثلاث أن لا يطأها مدة أربعة أشهر ثم مضت الأربعة أشهر ولم يقربها فإنها تبين منه ويسقط الحلف بحيث لو جدد عليها العقد، فإنه يطؤها ولا يمين عليه، وهذا ظاهر لأن يمينه مؤقتة.
الصورة الثانية: أن يزيد مدة ثانية، كأن يحلف بالطلاق الثلاث أن لا يقربها مدة ثمانية أشهر وفي هذه الحالة إذا وطئها قبل انقضاء المدة لزمه الطلاق الثلاث، وإذا لم يقربها ومضت أربعة أشهر بانت منه، فإذا جدد عليها العقد بعد ذلك وصارت زوجة له ووطئها قبل مضي الأربعة أشهر الباقية وقع عليه الطلاق الثلاث، أما إذا تركها حتى تمضي الأربعة أشهر وتتم المدة التي حلف أن لا يقربها فيها عليه الطلاق الثلاث، فإنها تبين منه بينونة أخرى ويسقط الحلف فإذا جدد عليها العقد ثانياً كان له وطؤها كما يشاء، فإذا قال لها: إن وطئها في مدة سنة تكون طالقاً ثلاثاً، وانتظر المدة الأولى فبانت منه، ثم جدد عقده عليها، ولم يطأها حتى مضت المدة الثانية، وهي تكملة الأشهر الثمانية، فبانت منه ثانياً ثم مضى عليها بعد انقضاء المدة الثانية زمن ولو يسير جدد فيه العقد عليها فإنه لا يكون مولياً بما بقي لأنه أقل من أربعة أشهر لانقضاء زمن من الأربعة أشهر الباقية لم تكن زوجة له فيه والشرط أن تكون مدة الإيلاء أربعة أشهر كاملة، ولا يشترط الزيادة علياه.
الصورة الثالثة: أن لا يحدد مدة، سواء قيد بلفظ الأبد، كأن يحلف بالطلاق الثلاث أن لا يقربها أبداً، أو دائماً، أو طول عمرها، أو لم يقيد بشيء أصلاً، كأن يحلف أن لا يطأها وتحت هذه الصورة أربعة أوجه:
الوجه الأول: أن يطأها قبل انقضاء أربعة شهور، وحكم هذا أنه يلزمه الطلاق الثلاث.

الوجه الثاني: أن لا يطأها حتى تمضي أربعة شهور، وحكم هذا أنها تبين منه مرة بانقضاء أربعة أشهر، فإن جدد عليها العقد ثانياً كان مولياً وبانت منه بعد مضي مدة أخرى، فإن جدد عليها العقد ثالثاً كان مولياً وتبين منه بعد مضي مدة أخرى، وبذلك لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، فإذا تزوجت غيره وطلقها، وعادت إلى الزوج الأول لم يكن مولياً ولم تطلق بوطئها، لأن ملك الزوج الأول قد انتهى بالثلاث وعادت إليه بملك جديد لا إيلاء فيه.

الوجه الثالث: أن يحلف بالثلاث أن لا يقربها أبداً، ولا يقربها حتى تمضي أربعة شهور فتبين منه مرة واحدة وتتزوج غيره، ثم تطلق وترجع إلى الأول، وفي هذه الحالة لا يسقط الإيلاء فإن وطئها وقع عليه الطلاق الثلاث الذي حلف به قبل أن تتزوج غيره أما إذا لم يطأها فإنها تبين منه بعد مضي أربعة شهور، فإن عقد عليها ثانياً كان مولياً وبانت منه بعد مضي مدة ثانية، فإن وطئها وقع عليه الثلاث، وإلا بانت منه بعد مضي مدة ثالثة، وبذلك لا تحل له إلا إذا نكحها زوج غيره، وذلك لأن الزوج الثاني يهدم عدد طلقات الزوج الأول، سواء كانت ثلاثاً أو أقل، - عند الإمام - فتعود الزوجة له بثلاث طلقات، وحيث أنها تزوجت قبل أن ينقطع عنه ملكها لأن المفروض أنها تزوجت بعد أن بانت منه مرة أو مرتين، فإن الإيلاء المؤبد لا يسقط فتعود إليه بثلاث طلقات، وحيث أنه مول فلا تقع الطلقة إلا بمضي مدة الإيلاء، وهي أربعة أشهر، فيقع في كل مدة طلاق بائن، ولكنك قد عرفت أن المعتمد أنها تعود إليها بما بقي، فإذا بانت منه مدة الإيلاء، ثم تزوجت غيره ورجعت إليه ثانياً فإنها ترجع إليه بطلقتين فقط، وعلى هذا إذا عقد عليها ولم يطأها بانت منه بواحدة بعد أربعة شهور، فإن عقد عليها ثانياً ولم يطأها، ومضت مدة أربعة شهور بانت منه نهائياً، لأن الأولى محسوبة عليه، فإذا تزوجت غيره ورجعت إليه ثانياً سقط بذلك الإيلاء.

الوجه الرابع: أن يحلف بالثلاث أن لا يطأها أبداً، ولكن قبل أن يطأها وقبل أن تبين منه بانقضاء أربعة شهور طلقها ثلاثاً، ثم انقضت عدتها وتزوجت غيره، وعادت إليه ثانياً فإنه يملكها بثلاث طلقات ويسقط الإيلاء، فلا شيء عليه إذا وطئها، لأن الطلاق الثلاث أبطل الإيلاء وأخرج الزوجة عن ملكه، ونظير ذلك ما إذا قال لها: إن دخلت بك فأنت طالق ثلاثاً، ثم طلقها قبل الدخول بها طلاقاً ثلاثاً منجزاً، فتزوجت بغيره وطلقت، ثم رجعت له ثانياً ودخل بها، فإن طلاقه المعلق على الدخول بها لا يقع، وذلك لأن الطلاق الثلاث المنجز أبطل الطلاق الثلاث المعلق وهذا هو المعتمد، خلافاً لمن قال: إن الطلاق الثلاث المنجز لا يبطل الإيلاء ولا يبطل المعلق، وهذا هو بخلاف ما إذا حلف بالثلاث أن لا يطأها، ثم طلقها طلقة واحدة بائنة قبل انقضاء مدة أربعة شهور، أو طلقها طلقتين ثم تزوجت غيره بعد انقضاء عدتها وطلقت وتزوجها ثانياً فإن الإيلاء في هذه الحالة لا يسقط. لأن الذي يسقطه هو الطلاق الثلاث فقط يسقط بالطلقة الواحدة أو الطلقتين، فإذا عادت إليه في هذه الحالة ووطئها وقع عليه الثلاث، وإن لم يطأها كان في أمرها الخلاف بين محمد، وأبي حنيفة، فمحمد يقول: تعود إليه بما بقي، فلا يملك عليها إلا طلاقاً إن كانت قد بانت منه مرتين، أو طلاقين إن بانت منه واحدة، أما أبو حنيفة فإنه يقول: تعود إليه بالطلقات الثلاث، لأن الزوج الثاني هدم عدد طلقات الأول، سواء كانت ثلاثاً أو أقل وقد تقدم إيضاحه في الوجه الثالث، على أنهم أجمعوا على ضرورة تجديد العقد عند انقضاء كل مدة، فإذا انقضت أربعة شهور وبانت منه، ولم يجدد عليها العقد حتى مضت أربعة شهور أخرى ثم جدد عليها العقد فإن المدة الأولى لا تحسب، فلا يتكرر الطلاق إلا بعد تجديد العقد على المعتمد، بالمدة الحالة تحتسب من وقت تزوجها، سواء كان في العدة أو بعد انقضائها.

هذا، واعلم أنه إذا حلف باللّه أن لا يطأها، ثم مضت مدة الإيلاء، وبانت منه وانقضت وتزوجت بغيره، ورجعت إليه ثانياً، ووطئها حنث في يمينه ووجبت عليه الكفارة، وذلك لأن التزوج بالغير لا يسقط اليمين باللّه، وإنما يسقط اليمين بالطلاق.
وإذا آلى من مطلقته طلاقاً رجعياً فإن الإيلاء يصح وتحسب المدة من وقت الإيلاء، فإذا انقضت العدة قبل مضي أربعة شهور بانت بانقضاء العدة وبطل الإيلاء، فلا تبين منه ثانياً بمدة الإيلاء أما إذا لم تنقض قبل مدة الإيلاء كما إذا كانت ممتدة الطهر فإنها تبين بمضي مدة الإيلاء وإذا آلى من زوجته ثم طلقها طلاقاً بائناً قبل انقضاء مدة الإيلاء، ففيه تفصيل، وهو أنه إذا انقضت مدة الإيلاء قبل انقضاء العدة بانت واحدة بالإيلاء، وذلك لأن إبانتها بعد الإيلاء لا تقطع حكم الإيلاء مادامت في العدة، فإذا انقضت عدتها بانت بأخرى، أما إذا انقضت عدتها قبل انقضاء مدة الإيلاء، فإن حكم الإيلاء يسقط وتبين واحدة بانقضاء العدة.
وإذا حلف أن يطأ أجنبية فإنه لا يكون مولياً منها، ولكن إذا تزوجها ووطئها حنث وعليه الكفارة، فإذا حلف أنه لا يطؤها إن تزوجها فإنه يكون مولياً منها.

وتحصل الفيئة بالوطء في القبل، ولو كان مكرهاً، أو مجنوناً، بأن حلف وهو عاقل ثم جن أما المجنون قبل الحلف فإن إيلاءه لا ينعقد كالصغير، لأنه يشترط لصحة الإيلاء أن يكون المولى أهلاً، كما في الشروط.
والأهلية إنما تعتبر عند الحلف لا بعده، فإذا انقضت المدة وكان بالزوجة مانع طبيعي من صغر، ورتق، أو مرض لا يمكن معه وطؤها، أو كانت ناشزة ولا يعرف مكانها، فإن الفيئة في هذه الحالة تكون باللسان، كأن يقول: فئت إليها، أو أبطلت إيلائي، أو رجعت عما قلت، ونحو ذلك، فمتى قال ذلك فإنها لا تطلق بمضي المدة المذكورة، أما اليمين فإن كانت معلقة، بأن كان طلاقاً معلقاً على وطئها، أو عتقاً، أو نذراً، فإنه يبقى على حاله بحيث لو زال المانع ووطئها لزمه الطلاق، أو العتق، أو النذر الخ، وإن كان يميناً لزمته الكفارة.
: - للإيلاء حكمان: حكم أخروي وهو الإثم إن لم يفئ إليها، وحكم دنيوي،

هذا إذا لم يكن مقيداً، أما إذا كان مقيداً بمدة، كما لو حلف لا يقربها أربعة أشهر، وانقضت وهي معذورة فإنها لا تبين منه، وإذا وطئها لا يلزمه شيء لانحلال اليمين بمضي المدة بخلاف ما إذا كانت باليمين مطلقة، أو مؤبدة، فإنه إذا وطئها لزمه كفارتها، أو جزاؤها، ومثل ذلك ما إذا كان المانع قائماً بالزوج، كما إذا عرضت له عنة، أو كان محبوساً في محل لا يمكنها الوصول إليه فيه، أو كان مسافراً وبينهما مسافة لا يمكن قطعها في مدة أربعة أشهر، أو نحو ذلك، فإن فيئته تكون باللسان أيضاً، ولكن يشترط في الحبس أن يكون بغير حق، فإن كان محبوساً بحق فإنه لا يكفي منه بفيئة اللسان، بل تبين منه بانقضاء المدة، وإذا كان مريضاً مرضاً يرجى زواله ولكنه يمنعه عن الوطء عند انقضاء المدة فإن فيئته تكون باللسان بثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن تبقى الزوجية قائمة بينهما إلى وقت الفيئة، فلو مضت أربعة أشهر كاملة ولم يقل: فئت إليها ونحوه فإنها تبين منه، فإذا قال بعد ذلك فلا ينفع، فلو تزوجها ثانياً بعقد جديد وهو مريض عاد الإيلاء، بحيث لو لم يطأها حتى مضت المدة بانت منه ثانياً.
وقد عرفت أنه إذا قدر على وطئها لزمته الكفارة، أو الجزاء على أي حال، وهذا بخلاف ما إذا كان صحيحاً وآلى من زوجته ومضت مدة أربعة، فبانت منه ثم وطئها بعد بينونتها، فإن الإيلاء يسقط وتلزمه الكفارة أو الجزاء، فإذا عقد عليها بعد ذلك لا يكون مولياً منها، بحيث لو لم يجامعها حتى مضت أربعة أشهر لا تبين منه.
الشرط الثاني: أن يكون مرض موجباً لعجزه عن الجماع.

الشرط الثالث: أن يدوم عجزه هذه المدة بحيث يحلف وهو مريض عاجز عن الجماع ويستمر عجزه. أما إذا حلف أن لا يطأها وهو صحيح وبقي صحيحاً مدة يمكنه أن يجامع فيها ثم مرض واستمر عاجزاً عن الجماع أربعة أشهر ولم يطأها، فإنها تبين منه ولا تنفعه الفيئة باللسان لأن الشرط أن يستمر عجزه كل مدة الإيلاء بحيث لا يبرأ وقتاً يستطيع فيه وطؤها، فإذا آلى وهو مريض ثم مرضت هي أيضاً بعد مرضه، ولكنه برئ قبل مضي المدة واستمرت هي مريضة إلى انقضاء المدةـ فقيل: إنها تبين منه، ولا تنفعه الفيئة باللسان، وذلك لأن مرضه هو سبب في الترخيص له بالفيئة اللسانية ومرضها هي سبب آخر، والقاعدة أن سبب الرخصة إذا تعدد في زمن آخر عمل بالأول وألغي الثاني وقد عرفت أنه مرض أولاً، ثم مرضت هي ثانياً، فسبب هو مرضه، أما مرضها فقد ألغي حيث برئ فإن سبب رخصته قد زال، وبعضهم يقول: إن فيئته تكون باللسان في هذه الحالة، لأن مرض زوجته مانع، على أن هذا فيما إذا حصل السببان في زمن واحد، أما إذا حصلا في زمنين مختلفين فإنه يعمل بهما، مثلاً إذا قال لها: واللّه لا أطؤك أبداً، وهو مريض، ثم مضت مدة الإيلاء فبانت منه، ثم صح وتزوجها ثانياً فإن الإيلاء يعود. كما عرفت، فإذا مرض ثانياً ففيئته باللسان، ولا تعتبر الصحة في هذه الحالة، وسبب الرخصة، وهو مرضه، قد تعدد في زمنين لا في زمن واحد، فالسبب الثاني قد جاء بعد زوال الزمن الأول، فلم يلغ الثاني، وهذا هو المعتمد.
فإذا قام بالزوجة أو الزوج مانع شرعي، كما إذا كانت حائضاً أو كان أحدهما متلبساً بالإحرام وكان بينه وبين التحلل مدة تزيد على أربعة أشهر أو نحو ذلك فإن الفيئة لا تكون إلا بالجماع، أما الفيئة باللسان فإنها لا تنفع، وذلك لأن الوطء ممكن، غايته أنه معصية، وحيث أنه قد حلف وعصى اللّه من الأصل فاليحتمل جزاء إثمه، فإذا وطئها في هذه الحالة فقد عصى وإذا تركها فقد بانت منه. فهو على أي الحالتين خاسر.

ومن هذا تعلم أنه إذا وطئها وهي حائض أو نفساء، فإنه يأثم، ولكن الإيلاء يسقط بذلك وتجب الكفارة، أو الجزاء.
هذا وإذا آلى من زوجته، ثم ارتد ولحق بدار الحرب بانت منه وسقط الإيلاء، لأن ملكه زال بلحوقه بدار الحرب مرتداً وبطل الإيلاء على الصحيح، وقيل: لا يبطل بحيث لو أسلم وتزوجها ثانياً رجع الإيلاء، والصحيح أنه لا يرجع.

إذا وطئها قبل انقضاء مدة الإيلاء عند المالكية

المالكية - قالوا: إذا حلف أن لا يقرب زوجته، على التفصيل المتقدم، ثم وطئها قبل مضي أربعة أشهر انحل الإيلاء ولزمه اليمين، فإن كان يميناً باللّه لزمته الكفارة، وإن كان طلاقاً وقع الطلاق، وإن كان عتقاً لزمه الخ، فإن لم يطأها تنتظر له أربعة أشهر ويوماً لأن مدة الإيلاء لا بد أن تزيد على أربعة أشهر، ثم يكون لها الحق في أن ترفع أمرها إلى الحاكم ولو كانت صغيرة، بشرط أن تكون صالحة للوطء، فإن كانت مريضة أو بها علة تمنع الوطء من العلل المتقدمة في عيوب النساء، فإنه لا يكون لها الحق في الشكوى للحاكم، وإن كانت أمة يكون لها الحق في الشكوى لسيدها وعلى الحاكم أن يأمره بالفيئة، وهي تغييب الحشفة كلها في القبل، وإن كانت بكراً فلا فيء، إلا بإزالة البكارة، فمتى فعل ذلك معها انحل الإيلاء وحنث، فإن أمره الحاكم بالرجوع وامتنع أمره بأن يطلقها، فإن امتنع طلق عليه الحاكم طلقة واحدة رجعية، وقيل: لا يطلق الحاكم، بل يأمر الحاكم الزوجة أن تطلق نفسها ثم يحكم به، بمعنى أنه يسجله، كما تقدم في مسألة العنين، وقد تقدم توضيح ذلك في صحيفة 166، فارجع إليه، فإن لم يوجد حاكم فإنه تطلق عليه جماعة المسلمين ومتى صرح بالامتناع فإنه لا ينتظر مدة أخرى، أما إذا لم يمتنع، بأن وعد بالوطء فإن وفى بالوعد فذاك وإلا فيؤمر به مرة أخرى، فإن امتنع طلق عليه وإن وعد ترك ليفي بوعده وهكذا إلى ثلاث مرات، بشرط أن تكون الثلاث مرات في يوم واحد، ثم يؤمر بالطلاق، وإلا طلق القاضي عليه، أمرها بأن تطلق نفسها على القولين المذكورين، فإن ادعى الوطء وأنكرت كان القول له بيمينه، فإن حلف بقيت زوجة. وإن نكل حلفت هي، فإن حلفت بقي لها حقها المذكور، وإن نكلت بقيت زوجة وانحل الإيلاء ولا فرق في ذلك بين أن تكون بكراً، أو ثيباً.
وإذا آلى منها وهو مريض ثم مضت مدة الإيلاء، وهو عاجز عن وطئها، أو آلى منها ثم مضت مدة الإيلاء وهو محبوس لا يستطيع تخليص نفسه فإن لذلك حالتين:

الحالة الأولى: أن تكون يمينه قابلة للانحلال قبل الحنث، وهي اليمين باللّه والنذر المبهم الذي مخرجه كفارة اليمين فيصح فيهما التكفير قبل الحنث، فإذا قال: واللّه لا أطؤك ومضت أربعة شهور ويوم فإن لها الحق في مطالبته بأن يكفر عن يمينه، فإن أبى كان لها الحق في الطلاق، على الوجه المتقدم وكذا إذا قال: علي نذر إن وطئتك، فإن هذا نذر مبهم مخرجه كفارة اليمين، فإذا انقضت مدة الإيلاء وهو مريض، فلها الحق في مطالبته بإخراج كفارة يمين وينحل الإيلاء بإخراج الكفارة في الحالتين. ومثل المريض العاجز عن الوطء المحبوس الذي لا يستطيع الخلاص، أما المريض القادر على الوطء، والمحبوس القادر على الخلاص فإن فيئتهما بإيلاج الحشفة في قبل المرأة ويلحق بذلك ما إذا انحلت اليمين وهو عاجز عن الوطء، وتنحل اليمين بأمور:

منها ما إذا علق وطؤها على عتق عبده ثم زال ملكه منه، فإذا قال لها: إن وطئتك فعبدي هذا حر، فإنه يكون مولياً من وقت حلفه، فإذا وطئها عتق عليه العبد وإن امتنع عنها، ثم زال ملكه عن العبد بأن باعه أو مات العبد أو وهبه لغيره أو تصدق به فإن الإيلاء ينحل، وله وطء زوجته بدون أن يكون ليه شيء فإذا امتنع عن وطئها وهو قادر كان ذلك إضراراً بها، فإذا لم ترض به كان لها الحق في المطالبة بالطلاق على الوجه السابق، للاضرار بها، أما إذا كان مريضاً أو محبوساً فإن اليمين تنحل بمجرد أن يزول ملكه عن العبد المعلق عليه وليس لها الحق في مطالبته بالوطء إلا عند القدرة، لأن امتناعه في هذه الحالة يكون لعذر فلا مضاررة به فإذا عاد العبد إلى ملكه بغير إرث، كأن اشتراه ثانياً: أو وهبه له من اشتراه منه، فإن الإيلاء يعود إذا كان غير مقيد بوقت. وكان مقيداً بوقت بقي منه أكثر من أربعة أشهر مثلاً إذا قال لها إن وطئتك فعبدي حر، ثم باع العبد انحلت اليمين، وله وطؤها، فإذا اشترى العبد ثانياً كان مولياً بحيث لو وطئها عتق العبد عليه، وإن امتنع فعلى معه ما تقدم، وإذا قال لها إن وطئتك في مدة سنة فعبدي حر، ثم باع العبد انحلت اليمين، فإذا اشتراه ثانياً أو وهب له، فإن كان ذلك بعد مضي سبعة أشهر من تاريخ اليمين عاد الإيلاء ثانياً، لأنه قد بقي من السنة أشهر، وهي أكثر من مدة الإيلاء، وإن كان بعد مضي ثمانية أشهر فإن الإيلاء لا يعود، لأن المدة الباقية أقل من مدة الإيلاء، وهي أربعة أشهر ويوم، فإذا عاد إليه العبد بإرث فإن الإيلاء لا يعود على أي حال، لأنه دخل في ملكه بطريق جبري لا اختيار له فيه.
ومنها ما إذا علق طلاق زوجته فاطمة على وطء ضرتها، كما إذا قال: إن وطئتك فضرتك هند طالق، ثم امتنع عن وطئها مخافة أن تطلق ضرتها، ففي هذه الحالة يكون مولياً من زوجته فاطمة فإذا طلق هنداً الضرة طلاقاً بائناً بغير الثلاث انحل الإيلاء. وله وطء زوجته فاطمة كما يشاء، فإذا رجعت إليه هند ثانياً بعقد جديد عاد الإيلاء من فاطمة ثانياً، إلا إذا كان الإيلاء مؤقتاً بوقت وانقضت قبل عودتها، أما إذا طلق هنداً طلاقاً ثم تزوجت بغيره، وطلقت ورجعت إليه ثانياً فإن الإيلاء لا يعود.
هذا إذا طلق هنداً المحلوف بطلاقها، أما إذا طلق فاطمة المحلوف على وطئها ففي حكمها خلاف، فبعضهم يقول: إن حكمها كحكم هند، وإذا طلقها ثلاثاً وتزوجت بغيره وعادت إليه انحل الإيلاء وله وطؤها كما يشاء، وبعضهم يقول: إذا عادت لزوجها الأول بعد تطليقها ثلاثاً يعود الإيلاء كما كان ما لم تطلق هنداً.

والحاصل أنه إن علق طلاق إحدى الضرتين على وطء الأخرى، كما إذا قال: إن وطئت فاطمة، فهند طالق، فإن تحتها صورتين:
الصورة الأولى: أن يطلق هنداً بما دون الثلاث، وفي هذه الحالة ينحل الإيلاء وله وطء فاطمة. بشرط أن يتزوج بهند ثانياً، فإن تزوج بها عاد الإيلاء من فاطمة ثانياً، أما إن طلق هنداً ثلاثاً وتزوجت غيره وطلقها الزوج الثاني ورجعت للأول، فإن الإيلاء لا يعود.
الصورة الثانية: أن يطلق فاطمة المحلوف على وطئها. ثم يتزوجها ثانياً، وفي هذه الحالة إما إن يكون قد طلقها ثلاثاً وتزوجها بعد أن تزوجت رجلاً آخر وطلقها أو لا، فإن كان الأول فإن الإيلاء ينحل وله وطؤها بدون أن تطلق ضرتها على المعتمد، وقيل: لا ينحل وإن كان الثاني فإن إيلاءها لا ينحل باتفاق، فإذا كان المولي مريضاً وانقضت مدة الإيلاء وهو عاجز عن الوطء، ولكنه طلق هنداً ضرتها كان ذلك فيئة منه، وانحل الإيلاء، وليس لها أن تطالبه بعد ذلك بالوطء أو الطلاق.

الحالة الثانية: لإيلاء المريض العاجز عن الوطء والمحبوس أن يحلف على ترك وطئها يميناً غير قابل للانحلال قبل الحنث، كما إذا قال لها: إن وطئتك فأنت طالق واحدة أو ثنتين، وقد جاء لأجل وهو مريض، فإنه في هذه الحالة لا يمكنه حل الإيلاء بطلاقها طلقة واحدة. لأنه إن طلقها يقصد حل الإيلاء ثم وطئها، وقع عليه طلقتان: الطلاق الذي حلفه على أن لا يطأها والطلاق الثاني، لأن المطلقة رجعياً زوجة فطلاقها واحدة رجعية لم يخرجها عن الزوجيه، فلو طلقها من غير وطء حسب عليه طلاق، وإذا راجعها ووطئها وقع عليه الطلاق الأول، فلا فائدة حينئذ من حل الإيلاء، بل فيه ضرر، وهو نقصان عدد الطلقات، فإذا طلقها طلاقاً بائناً انحل اليمين، ولكن لا فائدة فيه، فتركها بدون وطء يترتب عليه تطليقها رجعياً، وهذا بائن، فالأولى عدمه، وحينئذ تكون فيئة المريض العاجز عن الوطء والمحبوس في هذه الحالة هي الوعد بالوطء بعد برئه، أو بعد خلاصه من السجن، ومتى وعد بذلك ارتفع حقها في الطلب بقدر، ومثل ذلك ما إذا علق على وطئها نذراً معيناً، كما قال لها: إن وطئتك، فعلي صوم شهر شعبان، وانقضت مدة الإيلاء، وهو مريض ولم يأت شعبان، فإن النذر في هذه الحالة لا يمكن أداؤه، فلا ينحل الإيلاء، فتكون فيئة بالوعد، وبذلك يتضح أن فيئة العاجز عن الوطء لمرض مؤقت أو سجن تكون بانحلال اليمين إذا كان يمكن إخراج الكفارة عنه قبل الحنث، ويكون بالوعد إذا لم يكن.

هذا ولا تحصل الفيئة بالوطء في الدبر ولا بين الفخذين، ولكنه إن فعل يحنث وتلزمه الكفارة إلا أن ينوي الوطء في الفرج فإنه لا يحنث بالوطء بين الفخذين، ولا تلزمه الكفارة ولكن لا تسقط مطالبتها بالوطء أو الطلاق بذلك على كل حال، وكذا لا تحصل الفيئة بالوطء المحرم، كما إذا وطئها وهي حائض أو نفساء ولكن يحنث به أيضاً، ولا تسقط مطالبتها إلا إذا أخرج الكفارة.
وإذا كان بها مانع من الوطء كصغر، ورتق، أو مرض لا يمكن معه وطؤها، فإن لها أن تطالب بالفيئة بمعنى الوعد بحيث يعدها بأن يطأها بعد زوال المانع منها.
هذا، ولا تحصل الفيئة في البكر إلا بإزالة بكارتها، وإذا آلى منها عاقل ثم جن ووطئها سقط حقها، وبقيت الكفارة، فلا يلزم به إلا بعد شفائه.
*(... 2): - للإيلاء حكمان: حكم أخروي وهو الإثم إن لم يفئ إليها، وحكم دنيوي،

شروط الإيلاء ثلاثة عند الشافعية

الشافعية - قالوا: قد ذكرنا في التعريف أن الإيلاء لا يتحقق إلا بأحد أمور ثلاثة: الأول: الحلف باللّه أو صفه من صفاته. الثاني: تعليق الطلاق أو العتق ونحوه على الوطء، الثالث: التزام ما يصح التزامه من نذر، فأما الأول فحكمه أنه إذا حلف باللّه أو صفه من صفاته ووطئها لزمته كفارة اليمين وسقط الإيلاء وأما الثاني فإنه إذا علق الطلاق أو العتق على الوطء، بأن قال: إن وطئتك فأنت طالق. أو إن وطئتك فعبدي فلان حر، ثم وطها وقع الطلاق وعتق العبد، وذلك لأنه قد علق الطلاق أو العتق على وطئها، فالوطء معلق عليه والطلاق أو العتق معلق، ومتى وقع المعلق عليه وقع المعلق، فإذا قال: إن وطئتك فعبدي فلان حر، ثم مات أو باعه أو وهبه لغيره، ووطئها فلا شيء عليه لانحلال الإيلاء بزوال ملك العبد. فإن عاد إلى ملكه ثانياً لم يعد الإيلاء، وأما الثالث فإنه يكون مخيراً بين أن يفعل ما التزمه وبين كفارة اليمين. فإن قال لها: إن وطئتك فللّه علي حج، أو صدقة، أو صلاة، أو صوم، أو عتق، ثم وطئها كان بالخيار بين أن يفعل ما التزمه وبين كفارة اليمين.

ومما ينبغي التنبه له أن هناك فرقاً بين التعليق الصرف وبين التزام النذر، فلأول ما تقدم في قوله: إن وطئتك فعبدي حر، أو فأنت طالق، أما هنا فقد علق النذر، وإذا كان بالرجل أو بالمرأة مرض، وقال لها: إن وطئتك فللّه علي صلاة أو صيام يريد بذلك إن شفاني اللّه وقدرت على وطئتك صليت له أو صمت له لم يكن ذلك إيلاءً، بل كان نذراً يلزمه أداؤه بوطئها، وإذا قال لها: إن وطئتك فعلي صوم شهر شعبان مثلاً، ومضى شهر شعبان قبل حلول مدة الإيلاء، وهي أربعة أشهر، سقط الإيلاء ولا يلزمه شيء بوطئها.

فهذا هو حكم الإيلاء في حال ما إذا وطئ زوجته، أما إذا أصر على حلفه ولم يطأها، فإنها يجب عليها أن تصبر له مدة أربعة أشهر ولحظة، ولو كانت هذه اللحظة يسيرة لا تسع رفع الأمر للقاضي، سواء كان الزوج حراً أو عبداً، فإذا انقضت هذه المدة وأصر على عدم الوطء كان لها الحق في رفع الأمر إلى القاضي مطالبة له بالرجوع إلى الوطء، والقاضي يأمره بالرجوع بدون مهلة إلا إذا طلب مهلة يتمكن فيها من الوطء، كما إذا كان لا يقدر على الوطء لجوع أو شبع وطلب مهلة يأكل فيها أو يهضم فإنه يجاب إلى ذلك. وكذا إذا كان صائماً رمضان وطلب مهلة حتى يفرغ النهار فإنه يجاب إلى ذلك فإن رجع ووفى بوطئها سقط الإيلاء ولزمه ما تقدم من كفارة ونحوها: وإن لم يوف وأصر على عدم وطئها طلق عليه القاضي وصورة طلاق القاضي أن يقول: أوقعت على فلانة طلقة عن فلان. أو طلقت فلانة عن فلان. أو يقول لها: أنت طالق عن فلان فإذا قال: أوقعت طلاق فلانة، أو طلقت فلانة، أو أنت طالق. ولم يقل: عن فلان فإن طلاقه لا يقع، لأن القاضي إنما يطلق عن الزوج، فإذا لم يذكر كلمة - عن - فلا يصح بل لا بد أن يقول: طلقت عن فلان، أو أوقعت عن فلان، أو حكمت بطلاقها عن فلان. ومتى أمكن حضور الزوج أمام القاضي كان حضوره لازماً، فإذا شهد عدلان في غيبته بأنه آلى وأنه ممتنع بعد مضي المدة وطلق عنه القاضي فإن طلاقه لا يصح، نعم إذا تعذر حضوره، فإن طلاق القاضي يصح في غيبته، ثم إن طلاق القاضي يكون رجعياً بحيث لو زاد على واحدة رجعية لم تقع، فإذا كانت مدخولاً بها، أو لم تكن طلقت من قبل ثنتين، فلا يلزمه إلا واحدة رجعية، وإلا بأن كانت غير مدخول بها كانت الطلقة بائنة، كما لو طلقها زوجها، لأن غير المدخول بها لا عدة لها، فطلاقها الرجعي بائن، وكذا إذا كانت مدخولاً بها ولكن لم يبق لها سوى طلقة، فإنها تبين بها وهذا هو ظاهر.
وإذا طلق القاضي في غيبته ولم يعلم بالطلاق، وطلقها هو، وقع طلاقه وطلاق القاضي، وكذا لو طلقها معاً في آن واحد، أما إذا طلق الزوج أولاً، ثم طلق القاضي بعده فإن طلاق القاضي لا يقع وكذا إذا ثبت أنه وطئها قبل أن يطلق عليه القاضي، فإن طلاق القاضي لا يقع.

والوطء الذي تحصل به الفيئة بالنسبة إلى الثيب إيلاج الحشفة، أو قدرها من مقطوعها في فرج الزوجة، وبالنسبة إلى البكر إزالة بكارتها، ويشترط له ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن يكون في القبل لا في الدبر، فإذا أولج في دبر الزوجة فإن الفيئة الشرعية لا تحصل، نعم تنحل اليمين ويلزمه الكفارة ونحوها بهذا الفعل، وتسقط مطالبة المرأة بالوطء متى مكنته من ذلك، ولكن لا يرتفع عنه إثم الإيلاء إلا بالوطء في القبل. فها هنا ثلاثة أمور: الأول: الفيئة الشرعية، أي الرجوع إلى وطء زوجته وطئاً يرفع عنها الضرر ويرفع عنه الإثم وهذا لا يتحقق إلا بالوطء في القبل، أي إيلاج الحشفة، أو افتضاض البكر. الثاني: انحلال اليمين ولزوم الكفارة، وهذا يحصل بالوطء في الدبر ما لم يكن مقيداً بالوطء في القبل، بأن قال: واللّه لا أطؤك في قبلك، فإنه في هذه الحالة إذا وطئها في الدبر لا يحنث ولا تلزمه الكفارة. الثالث: مطالبة الزوجة بالوطء أو الطلاق وهذا يسقط بالإيلاج في الدبر، فقولهم: إن الفيئة لا تحصل بالوطء في الدبر لا يلزم منه عدم الحنث وسقوط حق المرأة في المطالبة، فإنك قد عرفت أن الفيئة الشرعية لا تتحقق، ومع ذلك يحنث في يمينه وتسقط مطالبتها، فلا منافاة على التحقيق وبعضهم يقول: إن اليمين لا تنحل بالوطء في الدبر، فلو قال: واللّه لا أطؤك ثم وطئها في الدبر لا يلزمه الكفارة، وهذا غير ظاهر، لأن الإتيان في الدبر وطء كما لا يخفى.

الشرط الثاني: أن يكون مختاراً فلا تحصل الفيئة بالإكراه، فإذا أكره على وطء زوجته بالضرب ونحوه فإن الفيئة الشرعية لا تحصل بذلك الوطء ولا يقع عنه الإثم به، ولكن يسقط حقها في المطالبة بلا كلام، ولا ينحل اليمين على التحقيق فلا تلزمه الكفارة بهذا الفعل، لأنه يعتبر كالعدم، فالوطء بالإكراه لا يترتب عليه إلا سقوط حقه في المطالبة فقط.

الشرط الثالث: أن لا يكون ناسياً فإذا وطئها ناسياً سقط حقها ولا تلزمه كفارة، ولا يرتفع عنه الاثم كما في المكره.
فتحصل أن الفيئة الشرعية التي يرتفع بها الإثم والضرر، وتوجب الكفارة ونحوها من طلاق وعتق ونذر، وتسقط بها مطالبة المرأة باتفاق، هي التي تكون في القبل حال الاختيار والعمد، أما الوطء في الدبر فتسقط به المطالبة ويوجب الكفارة ونحوها، ولا يرتفع به الاثم والوطء حال الإكراه والنسيان فلا يرتفع به الإثم ولا يوجب الكفارة، ولكن تسقط به مطالبة المرأة.

هذا، ويسقط حقها في المطالبة أيضاً إذا كان بها مانع يمنع من الوطء حتى يزول ذلك المانع، كما إذا كانت حائضاً أو نفساء، أو كانت مريضة أو صغيرة لا تطيق الوطء، وإن كان المانع قائماً بالزوج، فلا يخلو إما أن يكون طبيعياً، كالمرض الذي يرجى برؤه، وإما أن يكون شرعياً فإن كان طبيعياً، كما إذا كان مريضاً لا يستطيع الوطء، فإن فيئته تكون بالوعد، كأن يقول لها إذا قدرت وطئتك، وإن كان شرعياً، كما إذا كان محرماً للنسك، فإن كان قد قرب من التحلل بحيث لم يبق عليه سوى ثلاثة أيام فأقل، فإنه يمهل حتى يتحلل، وإن كان أكثر فإنه لا يمهل، ولها المطالبة بالطلاق، كذا إذا كان المانع صيام فرض، فإن لها أن تطالب بالطلاق ولا يمنعه صيامه من المطالبة، لما عرفت من أنه إذا طلب مهلة للفيء بإزالة الجوع والشبع وفراغ الصوم ونحو ذلك فإنه يجاب إلى طلبه، فإذا وعد بالرجوع بعد فراغ الصوم فإنه يصح، وتحسب المدة من تاريخ الإيلاء بشروط ثلاثة:

الأول: أن يرتد أحدهما، فإن آلى من زوجته ثم ارتد هو أو هي، فلا يخلو إما أن تكون الزوجة مدخولاً بها - والمراد بالدخول الوطء ولو في الدبر - أو تكون غير مدخول بها، فإن كانت غير مدخول بها انقطع النكاح بينهما بمجرد الردة، فلا إيلاء بينهما، وإن كانت مدخولاً بها فإن النكاح بينهما لم ينقطع. بل يوقف حتى إذا أسلم المرتد منهما قبل انقضاء العدة عاد النكاح فيعتبر الإيلاء منها في هذه الحالة، فإذا فرض وكان الزوج المولي هو المرتد ثم أسلم قبل انقضاء عدة زوجته عاد النكاح بينهما لأن لا تبين منه إلا إذا انقضت عدتها فلا ينقطع النكاح بينهما وفي هذه الحالة لا يحسب شيء في زمن الردة من مدة الإيلاء، قليلاً كان، أو كثيراً، حتى ولو مضت كلها، فإذا كانت زوجته حاملاً وآلى منها ثم ارتد ومكث أربعة أشهر ولحظة، وهو مرتد، ثم تاب قبل أن تضع الحمل عاد النكاح بينهما، وبقي الإيلاء، ولكن تلغى المدة التي كان فيها مرتداً، وهي الأربعة أشهر ولحظة كلها، وتستأنف مدة جديدة من وقت توبته، لأن الردة أحدثت خللاً في النكاح.
الثاني: أن لا يقوم بالزوجة مانع من الوطء، سواء كان حسياً، كمرض وصغر وجنون. أو كان شرعياً، كنشوز وصيام فرض وإحرام، وليس من المانع الشرعي الحيض، لأن المدة لا تخلو عنه، ويلحق به النفاس أيضاً فلا يعتبر مانعاً، فإذا قام بالزوجة مانع حسي أو شرعي غير الحيض والنفاس، فإنه يقطع المدة الماضية وتحسب المدة من وقت زواله، فإذا آلى منها ومضى شهر مثلاً، ثم مرضت مرضاً لا تستطيع معه الوطء ألغي ذلك الشهر مع مدة مرضها، وتحسب المدة من ابتداء شفائها، أما إذا آلى منها وانقضت مدة الإيلاء كلها ثم مرضت عقبها مباشرة بدون أن ترفع أمرها للقاضي، فإن المرض لا يلغي المدة كلها، بخلاف الردة، فإنها تلغي المدة كلها.
هذا ولا يعتبر المانع الشرعي إذا كان من قبل الزوج، كما تقدم، وكذلك المانع الطبيعي، إلا أن فيئته تكون بالوعد، وإذا كانت الزوجة صائمة صيام نفل أو محرمة إحرام عمرة، فإنه لا يكون مانعاً لأن للزوج إبطال نفلها بالوطء.
الثالث: أن يكون مولياً من مطلقة طلاقاً رجعياً، فإذا آلى من مطلقته طلاقاً رجعياً، فإن مدة الإيلاء تحسب من وقت رجعتها لا من وقت حلف اليمين، وذلك لأنه قبل رجعتها لا يحل له وطؤها فلا يعتبر مولياً منها إلا من حين رجعتها التي تجيز له وطؤها.

شروط الإيلاء ثلاثة عند الشافعية

الحنابلة - قالوا: حكم الإيلاء هو أنه حلف باللّه أو بصفة من صفاته على أن لا يطأها ثم وطئها، فإنه يحنث في يمينه ولزمته الكفارة، وإلا انتظرت أربعة أشهر، فإن لم يطأها بعد مضي الأربعة أشهر كان لها الحق في رفع الأمر إلى الحاكم ليأمره بالفيئة - بكسر الفاء - وهي الجماع، وسمي الجماع فيئة، لأنه رجوع إلى فعل تركه بالحلف، مأخوذ من الفيء وهو الظل بعد الزوال، وسمي الظل فيئاً، لأنه رجع من المغرب إلى المشرق، فإن أبى أن يجامعها أمره الحاكم بالطلاق، فإن لم يطلق طلق الحاكم عليه واحدة أو اثنين أو ثلاثاً، لأن الحاكم قائم مقام الزوج في هذه الحالة، فهو يملك الطلقات الثلاث، إلا أن إيقاع الثلاث بكلمات واحدة حرام، فلا يحل للحاكم أن يفعله، كما لا يحل للرجل، وإذا قال الحاكم: فسخت نكاحها فإنه يصح، ويكون ذلك فسخاً لا طلاقاً، ومثل ذلك ما إذا قال: فرقت بينكما، وليس للحاكم أن يأمره بالطلاق إلا إذا طلبت المرأة منه ذلك، فإذا قالت له: مره بطلاقي أمره، ثم إن أمره ولم يطلق فليس للحاكم أن يطلق إلا إذا قالت له الزوجة: طلقني وإذا طلق الزوج أو الحاكم المدخول بها طلقة واحدة رجعية كان للزوج الحق في رجعتها ما دامت في العدة.
وأقل الوطء الذي تتحقق به الفيئة، هو أن يولج حشفة ذكره كلها أو قدرها إذا لم تكن له حشفة في قبل المرأة لا في دبرها، ولا يشترط أن يكون عاقلاً عامداً مختاراً، فلو أكره على ذلك أو كان ناسياً، أو نائماً وأدخلت ذكره، أو كان مجنوناً وأولج فيها فإن حقها في المطالبة يسقط بحيث لو لم يطأها بعد ذلك ومضت مدة الإيلاء لم يكن لها الحق في المطالبة بالطلاق، ولكن لا تحنث بهذا فلا كفارة عليه، لأن فعل المكروه والناسي، والمجنون، كالعدم بالنسبة للحنث، وإذا أولج في دبرها فإن مطالبتها لا تسقط به ولا تجب به الكفارة، لأن حد الإيلاء هو الحلف على ترك الوطء في القبل خاصة، والرجوع عن ذلك لا يتحقق إلا بالوطء فيه. فإذا وطئها في القبل، وكانت حائضاً أو نفساء أو كانت صائمة صيام الفرض، فقد انحلت يمينه وسقط حقها في المطالبة. وإن كان آثماً، فإذا جامعها كرهاً جماعاً محرماً لم يسقط حقها، وإذا مضت المدة وأعفته من الشكاية للحاكم سقط حقها، لأنها تملكه، وقد أعفته عنه، فإن كان المولي معذوراً بعد مضي المدة، بأن كان مريضاً، أو مسجوناً، فإن فيئته تكون بالوعد، كأن يقول: إني أطؤها متى قدرت، وإذا ادعت انقضاء المدة وادعى عدم انقضائها، سمع قوله بيمينه، فإذا نكل عن اليمين فلا يقضي عليه، وإن ادعى أنه أصابها وأنكرت، فإن كانت ثيباً فالقول قوله بيمينه، وإن كانت بكراً فإن شهدت امرأة خبيرة بإزالة بكارتها فالقول قول الزوج بيمينه لأن البينة عضدته، وإلا فالقول قولها بيمينها، إذ لو وطئها لزالت بكارتها، وإذا لم تشهد بينة بإزالة البكارة وعدمها، فالقول قوله بيمينه.

هذا إذا حلف باللّه أو بصفة من صفاته، أما إذا علق الطلاق أو العتق على وطئها، أو التزم بنذر فإنه لا يكون مولياً كما عرفت، ولكنه إن وطئها بأن أولج الحشفة في داخل القبل وقع عليه الطلاق ولزمه العتق والنذر، كالحلف بذلك على ترك الأكل والشرب، وإن لم يطأها وأصر على تنفيذ يمينه كان لها الحق في رفع أمره إلى الحاكم ليطلب منه تطليقها أو يطلقها هو عليه، ولكن لا يكون طلاقها من أجل الإيلاء بل لرفع الضرر عن الزوجة كما تقدم. وتحسب المدة وقت الإيلاء بشرطين:
: - للإيلاء حكمان: حكم أخروي وهو الإثم إن لم يفئ إليها، وحكم دنيوي،

الشرط الأول: أن لا يوجد مانع من قبل الزوجة، سواء كان المانع طبيعياً، كما إذا كانت صغيرة لا تطيق الوطء، أو كانت مريضة أو مجنونة لا تخضع لزوجها، أو كانت مغمى عليها، أو كان المانع شرعياً، كما إذا كانت صائمة صيام الفرض أو معتكفة أعتكاف الفرض، أو متلبسة بالإحرام للنسك، أو كانت ناشة، أو كانت نفساء، ويلحق بذلك ما إذا كانت محبوسة فإن وجد مانع من هذه الموانع حال الحلف بترك وطئها فإن مدة الإيلاء تبتدئ من حين زواله، وإن طرأ المانع بعد الحلف، فإن في ذلك تفصيلاً، وهو أنه إن كان قد حلف أن لا يطأها مدة ستة أشهر مثلاً، ثم مضى منها شهر ونصف شهر ووضعت حملها فصارت نفساء، فإن النفاس يقطع المدة التي تقدمت، وهي الشهر ونصف وتبتدئ مدة جديدة تحسب من تاريخ زوال نفاسها وذلك لأن المدة الباقية أربعة أشهر ونصف وهي أكثر من المدة المضروبة للمولي، فالإيلاء في هذه الحالة لا يبطل، أما إذا صارت نفساء بعد مضي ثلاثة أشهر، فإن الإيلاء يبطل، لأن الباقي من المدة التي حلف عليها ثلاثة أشهر، وهي أقل من مدة الإيلاء، إذا لو فرض وحلف من زوال النفاس على أن لا يقربها في هذه المدة وهي ثلاثة أشهر لم يكن مولياً.
هذا، ولا يحسب الحيض مانعاً يسقط المدة، سواء كان في أول مدة الإيلاء أو في أثنائها، أما إذا كان المانع من جهة الزوج، سواء كان طبيعياً أو شرعياً، كمرضه، وحبسه، وإحرامه وصيامه رمضان فإنه يحسب عليه، ولا يطرح من مدة الإيلاء، سواء كان موجوداً حال الحلف أو طرأ عليه.

الشرط الثاني: أن لا يرتد الزوجان أو أحدهما، فإذا آلى منها قبل الدخول بها، ثم ارتد أو ارتدت انقطع النكاح بينهما وبطل الإيلاء، وإذا آلى منها بعد الدخول، فإن مدة الردة كلها لا تحسب من الإيلاء، مثلاً إذا آلى منها، ثم ارتد ثم أسلم وهي في العدة قبل أن تبين منه فإن المدة التي كان فيها مرتداً لا تحسب من الإيلاء بل تحسب المدة من تاريخ إسلامه. ومثل ذلك ما إذا كانت المرتدة المرأة.
هذا، وينقطع الإيلاء بأمور: أحدهما أن يطلقها في نظير عوض أثناء مدة الإيلاء فإذا حلف أن لا يقربها خمسة أشهر ثم طلقها في نظير عوض مالي أو طلقها طلاقاً ثلاثاً، فإن الإيلاء يسقط فإن تزوجها ثانياً فإن الإيلاء لا يعود إلا إذا كان الباقي من مدة الإيلاء أكثر من أربعة أشهر. أما إذا بقي منها أربعة أشهر فأقل فإن الإيلاء لا يعود. وعلى هذا إذا حلف لا يطأ امرأته المدخول بها ستة أشهر أبانها بالخلع بعد مضي شهرين. ثم مكثت بعد إبانتها شهراً وعادت له فإن الإيلاء لا يعود. ثانياً أن يولي منها ثم يزيد بعد شهر، وتظل مرتدة حتى تنقضي عدتها فتبين منه بذلك، فإن الإيلاء يسقط بالإبانة، فإذا بانت وتزوجها ثانياً، فإن الإيلاء لا يعود إلا إذا كان باقياً على المدة أكثر من أربعة أشهر، كما ذكرنا، ومثل ذلك ما إذا بانت بفسخ النكاح أو أسلم أحد الزوجين الكافرين، فإذا آلى اليهودي مثلاً من زوجته، فإن إيلاءه يصح، فإذا أسلم في أثناء مدة الإيلاء بانت منه زوجته وانقطع الإيلاء فإذا أسلمت قبل انقضاء عدتها عادت له، ثم إن كان الباقي من زمن الإيلاء أكثر من أربعة أشهر رجع الإيلاء وإلا سقط. ثالثها: أن يحلف أن لا يطأ زوجته مدة خمسة أشهر مثلاً، ثم يطلقها بعد مضي شهر طلقة رجعية ثم تنقضي عدتها بعد شهر ونصف مثلاً فتبين منه بانقضاء العدة وتنقطع مدة الإيلاء. فإن تزوجها بعد ذلك فإن الإيلاء لا يعود لأنه لم يبقى سوى شهرين ونصف، والإيفاء لا يعود إلا إذا كان الباقي أكثر من أربعة أشهر، وعلى هذا القياس فإذا حلف أن لا يطأها بعد مضي ثلاثة أشهر من الخمسة، ثم طلقها طلاقاً رجعياً، ولم تنقض عدتها في نهاية الشهر الرابع التي تنقضي به مدة الإيلاء، فإن لها الحق في المطالبة بالوطء أو بتطليقها على الوجه السابق، كما لو كانت زوجة بلا فرق، لأن المطلقة رجعياً زوجة).

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية