الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

فصل في صلاة الجمعة

فصل في صلاة الجمعة كتاب فتح المعين

فصل في صلاة الجمعة

الكتاب فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين علي المذهب الشافعي

هي فرض عين عند اجتماع شرائطها وفرضت بمكة ولم تقم بها لفقد العدد أو لان شعارها الإظهار وكان صلى الله عليه وسلم مستخفيا فيها.
وأول من أقامها بالمدينة قبل الهجرة أسعد بن زرارة بقرية على ميل من المدينة.
وصلاتها أفضل الصلوات.

وسميت بذلك: لاجتماع الناس لها أو لان آدم اجتمع فيها مع حواء من مزدلفة فلذلك سميت جمعا.
تجب جمعة على كل مكلف أي بالغ عاقل ذكر حر فلا تلزم على أنثى وخنثى ومن به رق إن كوتب لنقصه متوطن بمحل الجمعة لا يسافر من محل إقامتها صيفا ولا شتاء إلا لحاجة كتجارة وزيارة غير معذور بنحو مرض من الأعذار التي مرت في الجماعة فلا تلزم على مريض إن لم يحضر بعد الزوال محل إقامتها وتنعقد بمعذور.
وتجب على مقيم بمحل إقامتها غير متوطن كمن أقام بمحل جمعة أربعة أيام فأكثر وهو على عزم العود إلى وطنه ولو بعد مدة طويلة.
وعلى مقيم متوطن بمحل يسمع منه النداء ولا يبلغ أهله أربعين فتلزمهما الجمعة.
ولكن لا تنعقد الجمعة به أي بمقيم غير متوطن ولا بمتوطن خارج بلد إقامتها وإن وجبت عليه بسماعه النداء منها.
ولا بمن به رق وصبا بل تصح منهم لكن ينبغي تأخر إحرامهم عن إحرام أربعين ممن تنعقد به الجمعة على ما اشترطه جمع محققون وإن خالف فيه كثيرون.

وشرط لصحة الجمعة مع شروط غيرها ستة:
1- أحدها: وقوعها جماعة بنية إمامة واقتداء مقترنة بتحرم في الركعة الأولى فلا تصح الجمعة بالعدد فرادى. ولا تشترط الجماعة في الركعة الثانية فلو صلى الإمام بالأربعين ركعة ثم أحدث فأتم كل منهم ركعة واحدة أو لم يحدث بل فارقوه في الثانية وأتموا منفردين أجزأتهم الجمعة نعم يشترط بقاء العدد إلى سلام الجميع حتى لو أحدث واحد من الأربعين قبل سلامه ولو بعد سلام من عداه منهم بطلت جمعة الكل ولو أدرك المسبوق ركوع الثانية واستمر معه إلى أن سلم أتى بركعة بعد سلامه جهرا وتمت جمعته إن صحت جمعة الإمام وكذا من اقتدى به وأدرك ركعة معه كما قاله شيخنا.

وتجب على من جاء بعد ركوع الثانية: نية الجمعة على الأصح وإن كانت الظهر هي اللازمة له.
وقيل: تجوز نية الظهر وأفتى به البلقيني وأطال الكلام فيه.
2- وثانيها: وقوعها بأربعين ممن تنعقد بهم الجمعة ولو مرضى ومنهم الإمام.
ولو كانوا أربعين فقط وفيهم أمي واحد أو أكثر قصر في التعلم لم تصح جمعتهم لبطلان صلاته فينقصون.
أما إذا لم يقصر الأمي في التعلم فتصح الجمعة به كما جزم به شيخنا في شرحي العباب والإرشاد تبعا لما جزم به شيخه في شرح الروض ثم قال في شرح المنهاج: لا فرق هنا بين أن يقصر الأمي في التعلم وأن لا يقصر والفرق بينهما غير قوي انتهى.
ولو نقصوا فيها بطلت أو في خطبة لم يحسب ركن فعل حال نقصهم لعدم سماعهم له فإن عادوا قريبا عرفا جاز البناء على ما مضى وإلا وجب الاستئناف كنقصهم بين الخطبة والصلاة لانتفاء الموالاة فيهما.
فرع: من له مسكنان ببلدين فالعبر بما كثرت فيه إقامته فيما فيه أهله وماله وإن كان بواحد أهل وبآخر مال فبما فيه أهله فإن استويا في الكل فبالمحل الذي هو فيه حالة إقامة الجمعة.

ولا تنعقد الجمعة بأقل من أربعين خلافا لأبي حنيفة رحمه الله تعالى فتنعقد عنده بأربعة ولو عبيدا أو مسافرين.
ولا يشترط عندنا إذن السلطان لإقامتها ولا كون محلها مصرا خلافا له فيهما وسئل البلقيني عن أهل قرية لا يبلغ عددهم أربعين هل يصلون الجمعة أو الظهر؟ فأجاب رحمه الله: يصلون الظهر على مذهب الشافعي.
وقد أجاز جمع من العلماء أن يصلوا الجمعة وهو قوي فإذا قلدوا أي جميعهم من قال هذه المقالة فإنهم يصلون الجمعة وإن احتاطوا فصلوا الجمعة ثم الظهر كان حسنا.

3- وثالثها: وقوعها بمحل معدود من البلد ولو بفضاء الظهر كان حسنا معدود منها بأن كان في محل لا تقصر فيه الصلاة وإن لم يتصل بالأبنية بخلاف محل غير معدود منها وهو ما يجوز السفر1 القصر منه.
فرع لو كان في قرية أربعون كاملون لزمتهم الجمعة بل يحرم عليهم على المعتمد تعطيل محلهم من إقامتها والذهاب إليها في بلد أخرى وإن سمعوا النداء.

قال ابن الرفعة وغيره: إنهم إذا سمعوا النداء من مصر فهم مخيرون
بين أن يحضروا البلد للجمعة وبين أن يقيموها في قريتهم وإذا حضروا البلد لا يكمل بهم العدد لأنهم في حكم المسافرين وإذا لم يكن في القرية جمع تنعقد بهم الجمعة ولو بامتناع بعضهم منها يلزمهم السعي إلى بلد يسمعون من جانبه النداء.
قال ابن عجيل: ولو تعددت مواضع متقاربة وتميز كل باسم فلكل حكمه.

قال شيخنا: إنما يتجه ذلك إن عد كل مع ذلك قرية مستقلة عرفا.
فرع لو أكره السلطان أهل قرية إن ينتقلوا منها ويبنوا في موضع آخر فسكنوا فيه وقصدهم العود إلى البلد الأول إذا فرج الله عنهم لا تلزمهم الجمعة بل لا تصح منهم لعدم الاستيطان.
4- ورابعها: وقوعها في وقت ظهر فلو ضاق الوقت عنها وعن خطبتيها أو شك في ذلك صلوا ظهرا ولو خرج الوقت يقينا أو ظنا وهم فيها ولو قبيل السلام وإن كان ذلك بإخبار عدل على الأوجه وجب الظهر بناء على ما مضى وفاتت الجمعة بخلاف ما لو شك في خروجه لأن الأصل بقاؤء.

ومن شروطهما أن لا يسبقها بتحرم ولا يقارنها فيه جمعة بمحلها إلا أن كثر أهله وعسر اجتماعهم بمكان واحد منه ولو غير مسجد من غير
لحوق مؤذ فيه كحر وبرد شديدين فيجوز حينئذ تعددها للحاجة بحسبها.
فرع لا يصح ظهر من لا عذر له قبل سلام الإمام فإن صلاها جاهلا انعقدت نفلا ولو تركها أهل بلد فصلوا الظهر لم يصح ما لم يضق الوقت عن أقل واجب الخطبتين والصلاة وإن علم من عادتهم أنهم لا يقيمون الجمعة.

5- وخامسها:وقوعها أي الجمعة بعد خطبتين بعد زوال لما في الصحيحين [البخاري رقم: 928, مسلم رقم: 861] أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل الجمعة إلا بخطبتين.
بأركانهما أي يشترط وقوع صلاة الجمعة بعد خطبتين مع إتيان أركانهما الآتية.
وهي خمسة:

1- أحدها: حمد الله تعالى.
2- وثانيها: صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بلفظهما: أي حمد الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كالحمد لله أو أحمد الله فلا يكفي: الشكر لله أو الثناء لله ولا
الحمد للرحمن أو للرحيم.

وكاللهم صل أو صلى الله أو أصلي على محمد أو أحمد أو الرسول أو النبي أو الحاشر أو نحوه فلا يكفي: اللهم سلم على محمد وارحم محمدا ولا صلى الله عليه بالضمير وإن تقدم له ذكر يرجع إليه الضمير كما صرح به جمع محققون.
وقال الكمال الدميري: وكثيرا ما يسهو الخطباء في ذلك انتهى.
فلا تغتر بما تجده مسطورا في بعض الخطب النباتية على خلاف ما عليه محققو المتأخرين.

3- وثالثها: وصية بتقوى الله ولا يتعين لفظها ولا تطويلها بل يكفي نحو أطيعوا الله مما فيه حث على
طاعة الله أو زجر عن معصية لأنها المقصود من الخطبة فلا يكفي مجرد التحذير من غرور الدنيا وذكر الموت وما فيه من الفظاعة والألم.

قال ابن الرفعة: يكفي فيها ما اشتملت على الأمر بالاستعداد للموت.
ويشترط أن يأتي بكل من الأركان الثلاثة فيهما أي في كل واحدة من الخطبتين.
ويندب أن يرتب الخطيب الأركان الثلاثة وما بعدها بأن يأتي أولا بالحمد فالصلاة فالوصية فبالقراءة فبالدعاء.
4- ورابعها: قراءة آية مفهمة في إحداهما وفي الأولى أولى.

----
1 وفي نسخة: وهو ما يجوز في السفر القصر منه.
----

وتسن بعد فراغها قراءة {ق} أو بعضها في كل جمعة للاتباع.
وخامسها: دعاء أخروي للمؤمنين إن لم يتعرض للمؤمنات خلافا للاذرعي.
ولو بقوله: رحمكم الله وكذا بنحو: اللهم أجرنا من النار إن قصد تخصيص الحاضرين.
في خطبة ثانية لإتباع السلف والخلف.
والدعاء للسلطان بخصوصه لا يسن اتفاقا إلا مع خشية فتنة فيجب ومع عدمها لا بأس به حيث لا مجازفة في وصفه ولا يجوز وصفه بصفة كاذبة إلا لضرورة.

ويسن الدعاء لولاة الصحابة قطعا وكذا لولاة المسلمين وجيوشهم بالصلاح والنصر والقيام بالعدل.
وذكر المناقب لا يقطع الولاة ما لم يعد به معرضا عن الخطبة وفي التوسط يشترط أن لا يطيله إطالة تقطع الموالاة كما يفعله كثير من الخطباء الجهال.

قال شيخنا: ولو شك في ترك فرض من الخطبة بعد فراغها لم يؤثر كما لا يؤثر الشك في ترك فرض
بعد الصلاة أو الوضوء.
وشرط فيهما الخطبتين إسماع أربعين أي تسعة وثلاثين سواه ممن تنعقد بهم الجمعة.
الأركان لا جميع الخطبة.

قال شيخنا: لا تجب الجمعة على أربعين بعضهم أصم ولا تصح مع وجود لغط يمنع سماع ركن الخطبة على المعتمد فيهما وإن خالف فيه جمع كثيرون فلم يشترطوا إلا الحضور فقط.
وعليه يدل كلام الشيخين في بعض المواضع.
ولا يشترط كونهم بمحل الصلاة ولا فهمهم لما يسمعونه.
وشرط فيهما عربية لاتباع السلف والخلف.

وفائدتها بالعربية مع عدم معرفتهم لها العلم بالوعظ في الجملة قاله القاضي.
وإن لم يمكن تعلمها بالعربية قبل ضيق الوقت خطب منهم واحد بلسانهم وإن أمكن تعلمها وجب كل على الكفاية.
وقيام قادر عليه.
وطهر من حدث أكبر وأصغر وعن نجس غير معفو عنه في ثوبه وبدنه ومكانه.
وستر للعورة.
وشرط جلوس بينهما بطمأنينة فيه.
وسن أن يكون بقدر سورة الإخلاص وأن يقرأها فيه ومن خطب قاعدا لعذر فصل بينهما بسكتة وجوبا.
وفي الجواهر: لو لم يجلس حسبتا واحدة فيجلس ويأتي بثالثة.
وولاء بينهما وبين أركانهما وبينهما وبين الصلاة بأن لا يفصل طويلا عرفا.

وسيأتي أن اختلال الموالاة بين المجموعتين بفعل ركعتين بل بأقل مجزئ فلا يبعد الضبط بهذا هنا ويكون بيانا للعرف.
وسن لمريدها أي الجمعة وإن لم تلزمه.
غسل بتعميم البدن والرأس بالماء فإن عجز سن تيمم بنية الغسل.
بعد طلوع فجر وينبغي لصائم خشي منه مفطرا تركه وكذا سائر الاغتسال المسنونة.
وقربه من ذهابه إليها أفضل.
ولو تعارض الغسل والتبكير فمراعاة الغسل أولى للخلاف في وجوبه ومن ثم كره تركه.

ومن الأغسال المسنونة: غسل العيدين والكسوفين والاستسقاء وأغسال الحج وغسل غاسل الميت والغسل للاعتكاف ولكل ليلة من رمضان ولحجامة ولتغير الجسد وغسل الكافر إذا أسلم للأمر به ولم يجب لان كثيرين أسلموا ولم يؤمروا به وهذا إذا لم يعرض له في الكفر ما يوجب الغسل من جنابة أو نحوها وإلا وجب الغسل وإن اغتسل في الكفر لبطلان نيته وآكدها غسل الجمعة ثم من غسل الميت.

تنبيه قال شيخنا: يسن قضاء غسل الجمعة كسائر الأغسال المسنونة وإنما طلب قضاؤه لأنه إذا علم
أنه يقضى داوم على أدائه واجتنب تفويته.
وبكور لغير خطيب إلى المصلى من طلوع الفجر لما في الخبر الصحيح [البخاري رقم: 881, مسلم رقم: 850] أن للجائي بعد اغتساله غسل الجنابة أي كغسلها وقيل حقيقة بأن يكون جامع لأنه يسن ليلة الجمعة أو يومها في الساعة الأولى بدنة وفي الثانية: بقرة وفي الثالثة: كبشا أقرن والرابعة: دجاجة والخامسة: عصفورا والسادسة: بيضة.

والمراد أن ما بين الفجر وخروج الخطيب ينقسم ستة أجزاء متساوية سواء أطال اليوم أم قصر.
أما الإمام فيسن له التأخير إلى وقت الخطبة للاتباع.
ويسن الذهاب إلى المصلى في طريق طويل ماشيا بسكينة والرجوع في طريق آخر قصير وكذا في كل عبادة.
ويكره عدو إليها كسائر العبادات إلا لضيق وقت فيجب إذا لم يدركها إلا به.
وتزين بأحسن ثيابه وأفضلها الأبيض ويلي الأبيض ما صبغ قبل نسجه.

قال شيخنا: ويكره ما صبغ بعده ولو بغير الحمرة انتهى.
ويحرم التزين بالحرير ولو قزا وهو نوع منه كمد اللون وما أكثره وزنا من الحرير لا ما أقله منه ولا ما استوى فيه الأمران ولو شك في الأكثر فالأصل الحل على الأوجه.
فرع [في بيان صور مستثناة من حرمة استعمال الحرير] يحل الحرير لقتال إن لم يجد غيره أو لم يقم مقامه في دفع السلاح.
وصحح في الكفاية قول جمع: يجوز القباء وغيره مما يصلح للقتال وإن وجد غيره إرهابا للكفار كتحلية السيف بفضة ولحاجة كجرب إن آذاه غيره أو كان فيه نفع لا يوجد في غيره وقمل لم يندفع بغيره ولامرأة ولو بافتراش لا له بلا حائل ويحل منه حتى للرجل خيط السبحة وزر الجيب وكيس المصحف والدراهم وغطاء العمامة وعلم الرمح لا الشرابة التي برأس السبحة ويجب لرجل لبسه حيث لم يجد ساتر العورة غيره حتى في الخلوة.

ويجوز لبس الثوب المصبوغ بأي لون كان إلا المزعفر ولبس الثوب المتنجس في غير نحو الصلاة حيث لا رطوبة لا جلد ميتة بلا ضرورة كافتراش جلد سبع كأسد.
وله إطعام ميتة لنحو طير لا كافر ومتنجس لدابة.

ويحل مع الكراهة استعمال العاج في الرأس واللحية حيث لا رطوبة وإسراج بمتنجس بغير مغلظ إلا في مسجد وإن قل دخانه خلافا لجمع وتسميد أرض بنجس لا اقتناء كلب إلا لصيد أو حفظ
مال ويكره ولو لامرأة تزيين غير الكعبة كمشهد صالح بغير حرير ويحرم به.
وتعمم لخبر: "إن الله وملائكته يصلون على أصحاب العمائم يوم الجمعة" [وجمع الزوائد رقم: 3075] ويسن لسائر الصلوات وورد في حديث ضعيف ما يدل على أفضلية كبرها وينبغي ضبط طولها وعرضها بما يليق بلابسها عادة في زمانه فإن زاد فيها على ذلك كره وتنخرم مروءة فقيه بلبس عمامة سوقي لا تليق به وعكسه.

قال الحفاظ1: لم يتحرر شيء في طول عمامته صلى الله عليه وسلم وعرضها.
قال الشيخان: من تعمم فله فعل العذبة وتركها ولا كراهة في واحد منهما.
زاد النووي: لأنه لم يصح في النهي عن ترك العذبة شيء انتهى.
لكن قد ورد في العذبة أحاديث صحيحة وحسنة وقد صرحوا بأن أصلها سنة

قال شيخنا: وإرسالها بين الكتفين أفضل منه على الأيمن.
ولا أصل في اختيار إرسالها على الأيسر.
وأقل ما ورد في طولها أربعة أصابع وأكثره ذراع.
قال ابن الحاج المالكي: عليك أن تتعمم قائما وتتسرول قاعدا.
قال في المجموع: ويكره أن يمشي في نعل واحدة ولبسها قائما وتعليق جرس فيها ولمن قعد في مكان أن يفارقه قبل أن يذكر الله تعالى فيه.
وتطيب لغير صائم على الأوجه لما في الخبر الصحيح [مسند أحمد رقم: 21222] : أن الجمع بين الغسل ولبس الأحسن والتطيب والإنصات وترك التخطي يكفر ما بين الجمعتين.

والتطيب بالمسك أفضل ولا تسن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند شمه بل حسن الاستغفار عنده كما قال شيخنا. وندب تزين بإزالة ظفر من يديه ورجليه لا إحداهما فيكره وشعر نحو إبطه وعانته لغير مريد التضحية في عشر ذي الحجة وذلك للاتباع وبقص شاربه حتى تبدو حمرة الشفة وإزالة ريح كريه ووسخ.
والمعتمد في كيفية تقليم اليدين: أن يبتدئ بمسبحة يمينه إلى خنصرها ثم إبهامها ثم خنصر يسارها إلى إبهامها على التوالي والرجلين: أن يبتدئ بخنصر اليمنى إلى خنصر اليسرى على التوالي.

----
.1 في نسخة: الحفاظ ولعل الصواب: قال بعض الحفاظ كما هو في بعض كتب الفقه والحديث.
----

وينبغي البدار بغسل محل القلم.
ويسن فعل ذلك يوم الخميس أو بكرة الجمعة.
وكره المحب الطبري نتف شعر الأنف قال: بل يقصه لحديث فيه.
قال الشافعي رضي الله عنه: من نظف ثوبه قل همه ومن طاب ريحه زاد عقله.
وسن إنصات أي سكوت مع إصغاء لخطبة ويسن ذلك وإن لم يسمع الخطبة نعم الأولى لغير السامع أن يشتغل بالتلاوة والذكر سرا.
ويكره الكلام ولا يحرم خلافا للائمة الثلاثة: حالة الخطبة لا قبلها ولو بعد الجلوس على المنبر ولا بعدها ولا بين الخطبتين ولا حال الدعاء للمملوك ولا لداخل مسجد إلا إن اتخذ له مكانا واستقر فيه ويكره للداخل السلام وإن لم يأخذ لنفسه مكانا لاشتغال المسلم عليهم فإن سلم لزمهم الرد.

ويسن تشميت العاطس والرد عليه ورفع الصوت من غير مبالغة بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكر الخطيب اسمه أو وصفه صلى الله عليه وسلم.

قال شيخنا: ولا يبعد ندب الترضي عن الصحابة بلا رفع صوت وكذا التأمين لدعاء الخطيب انتهى.
وتكره تحريما ولو لمن لم تلزمه الجمعة بعد جلوس الخطيب على
المنبر: وإن لم يسمع الخطبة صلاة فرض ولو فائتة تذكرها الآن وإن لزمته فورا أو نفل ولو في حال الدعاء للسلطان والأوجه أنها لا تنعقد كالصلاة بالوقت المكروه بل أولى.
ويجب على من بصلاة تخفيفها بأن يقتصر على أقل مجزئ عند جلوسه على المنبر.

وكره لداخل تحية فوتت تكبيرة الإحرام إن صلاها إلا فلا تكره بل تسن لكن يلزمه تخفيفها بأن يقتصر على الواجبات كما قاله شيخنا وكره احتباء حالة الخطبة للنهي عنه وكتب أوراق حالتها في آخر جمعة من رمضان بل وإن كتب فيها نحو أسماء سريانية يجهل معناها حرم.
وسن قراءة سورة كهف يوم الجمعة وليلتها لأحاديث فيها وقراءتها نهارا آكد وأولاها1 بعد الصبح مسارعة للخير وأن يكثر منها ومن سائر القرآن فيهما ويكره الجهر بقراءة الكهف وغيره إن حصل به تأذ لمصل أو نائم كما صرح به النووي في كتبه.
وقال شيخنا في شرح العباب: ينبغي حرمة الجهر بالقراءة في المسجد وحمل كلام النووي بالكراهة: على ما إذا خف التأذي وعلى كون القراءة في غير المسجد.

وإكثار صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يومها وليلتها للأخبار الصحيحة الآمرة
بذلك فالإكثار منها أفضل من إكثار ذكر لم يرد بخصوصه قاله شيخنا.
ودعاء في يومها رجاء أن يصادف ساعة الإجابة وأرجاها من جلوس الخطيب إلى آخر الصلاة وهي لحظة لطيفة وصح أنها آخر ساعة بعد العصر وفي ليلتها لما جاء عن الشافعي رضي الله عنه أنه بلغه أن الدعاء يستجاب فيها وأنه استحبه فيها.
وسن إكثار فعل الخير فيهما كالصدقة وغيرها وأن يشتغل في طريقه وحضوره محل الصلاة بقراءة أو ذكر أفضله الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الخطبة وكذا حالة الخطبة إن لم يسمعها كما مر للأخبار المرغبة في ذلك.

وأن يقرأ عقب سلامه من الجمعة قبل أن يثني رجليه وفي رواية: قبل أن يتكلم الفاتحة والإخلاص والمعوذتين سبعا سبعا لما ورد أن من قرأها غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأعطي من الأجر بعدد من آمن بالله ورسوله [راجع الأذكار رقم: 894] .
مهمة يسن أن يقرأها وآية الكرسي [2 سورة البقرة الآية: 255] و {شَهِدَ اللَّهُ} [3 سورة آل عمران ألآية: 18] بعد كل مكتوبة وحين يأوي إلى فراشه مع أواخر البقرة والكافرون ويقرأ خواتيم الحشر وأول غافر إلى {إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [40 سورة غافر الآية: 3] و {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً} [23 سورة المؤمنون الآية: 115] إلى آخرها صباحا ومساء مع أذكارهما وأن يواظب كل يوم على قراءة {آلم} السجدة و {يس}
والدخان والواقعة وتبارك والزلزلة والتكاثر وعلى الإخلاص مائتي مرة والفجر في عشر ذي الحجة ويس والرعد عند المحتضر ووردت في كلها أحاديث غير موضوعة.

وحرم تخط رقاب الناس للأحاديث الصحيحة فيه والجزم بالحرمة ما نقله الشيخ أبو حامد عن نص الشافعي واختارها في الروضة وعليها كثيرون لكن قضية كلام الشيخين: الكراهة وصرح بها في المجموع.
لا لمن وجد فرجة قدامه فله بلا كراهة تخطي صف واحد أو اثنين ولا لإمام لم يجد طريقا إلى المحراب إلا بتخطي ولا لغيره إذا أذنوا له فيه لا حياء على الأوجه ولا لمعظم ألف موضعا.
ويكره تخطي المجتمعين لغير الصلاة ويحرم أن يقيم أحدا بغير رضاه ليجلس مكانه ويكره إيثار غيره بمحله
إلا إن انتقل لمثله أو أقرب منه إلى الإمام وكذا الإيثار بسائر القرب وله تنحية سجادة غيره بنحو رجله والصلاة في محلها ولا يرفعها ولو بغير يده لدخولها في ضمانه.
وحرم على من تلزمه الجمعة نحو مبايعة كاشتغال بصنعة بعد شروع في أذان خطبة فإن عقد صح العقد ويكره قبل الأذان بعد الزوال.

----
1 في نسخة أولاه.
----

وحرم على من تلزمه الجمعة وإن لم تنعقد به سفر تفوت به الجمعة كأن ظن أنه لا يدركها في طريقه أو مقصده ولو كان السفر طاعة مندوبا أو واجبا.
بعد فجرها أي فجر يوم الجمعة إلا خشي من عدم سفره ضررا كانقطاعه عن الرفقة فلا يحرم إن كان غير سفر معصية ولو بعد الزوال.
ويكره السفر ليلة الجمعة لما روي بسند ضعيف: من سافر ليلتها دعا عليه ملكاه. [قال العراقي رحمه الله في تخريج أحاديث الأحياء أخرجه الدارقطني في الأفراد والخطيب في الرواة عن مالك] أما المسافر لمعصية فلا تسقط عنه الجمعة مطلقا.
قال شيخنا: وحيث حرم عليه السفر هنا لم يترخص ما لم تفت الجمعة فيحسب ابتداء سفره من وقت فوتها.

تتمة [في بيان كيفية صلاة المسافر] يجوز لمسافر سفرا طويلا1 قصر رباعية مؤداة وفائتة سفر قصر فيه وجمع
العصرين والمغربين تقديما وتأخيرا بفراق سور خاص ببلد سفر وإن احتوى على خراب ومزارع.
ولو جمع قريتين فلا يشترط مجاوزته بل لكل حكمه فبنيان وإن تخلله خراب أو نهر أو ميدان.
ولا يشترط مجاوزة بساتين وإن
حوطت واتصلت بالبلد والقريتان إن اتصلتا عرفا كقرية وإن اختلفتا اسما فلو انفصلتا ولو يسيرا كفى مجاوزة قرية المسافر لا لمسافر لم يبلغ سفره مسيرة يوم وليلة بسير الأثقال مع النزول المعتاد لنحو استراحة وأكل وصلاة ولا لآبق ومسافر عليه دين حال قادر عليه من غير إذن دائنة ولا لمن سافر لمجرد رؤية البلاد على الأصح.
وينتهي السفر بعوده إلى وطنه.
وإن كان مارا به أو إلى موضع آخر ونوى إقامته به مطلقا أو أربعة أيام صحاح أو علم أن إربه لا ينقضي فيها ثم إن كان يرجو حصوله كل وقت: قصر ثمانية عشر يوما.

وشرط لقصر نية قصر في تحرم وعدم اقتداء ولو لحظة بمتم ولو مسافرا وتحرز عن منافيها دواما ودوام سفره في جميع صلاته ولجمع تقديم نية جمع في الأولى ولو مع التحلل منها وترتيب وولاء عرفا فلا يضر فصل يسير بأن كان دون قدر ركعتين ولتأخير نية جمع في وقت الأولى ما بقي قدر ركعة وبقاء سفر إلى آخر الثانية.

فرع [في جواز الجمع بالمرض] يجوز الجمع بالمرض تقديما وتأخيرا على المختار ويراعي الأرفق فإن كان يزداد مرضه كأن كان يحم مثلا وقت الثانية قدمها بشروط جمع التقديم أو وقت الأولى أخرها بنية الجمع في وقت الأولى وضبط جمع متأخرون المرض هنا بأنه ما يشق معه فعل كل فرض في وقته كمشقة المشي في المطر,
بحيث تبتل ثيابه وقال آخرون: لا بد من مشقة ظاهرة زيادة على ذلك بحيث تبيح الجلوس في الفرض.
وهو الأوجه.
خاتمة قال شيخنا في شرح المنهاج: من أدى عبادة مختلفا في صحتها من غير تقليد للقائل بها لزمه إعادتها لان إقدامه على فعلها عبث.

----
1 السفر الطويل هو سفر يتجاوز بعده 82,5 كم.
----

عن الكاتب

A. Fatih Syuhud

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية