الكتب الإسلامية

مجموعة الكتب والمقالات الإسلاية والفقه علي المذاهب الأربعة

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

كتاب النكاح والطلاق | التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب

 

كتاب النكاح والطلاق | التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب

الكتاب: التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب المشهور بـ متن أبي شجاع في الفقه الشافعي
المؤلف: مصطفى ديب البغا الميداني الدمشقي الشافعي
الموضوع: الفقه، أحاديث الأحكام
الناشر: دار ابن كثير دمشق - بيروت
الطبعة: الرابعة، ١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م
عدد الصفحات: ٢٨٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
صفحة المؤلف: [مصطفى ديب البغا]


فهرس الموضوعات

  1. كتاب النكاح 
  2. العودة إلي كتاب  التذهيب في أدلة متن أبي شجاع في الفقه الشافعي

 

 كتاب النكاح

وما يتعلق به من الأحكام والقضايا

النكاح مستحب لمن يحتاج إليه [١]

ويجوز للحر أن يجمع بين أربع حرائر [٢] وللعبد بين اثنتين.

(١) دل على ذلك: آيات، منها:

قوله تعالى: "وَأنكِحُوا الأيَامَى مِنكُمْ وَالصَالِحِين مِنْ عِبَادكِمْ وإمَائكُمْ إن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يغْنِهُمُ اللهُ مِنْ فَضْله" / النور:٣٢/.

[الأيامى: جمع أيِّم وهو من لا زوج له من الرجالَ أوَ النساء. عبادكم: الرجال المملوكين. إمائكم: النساء المملوكات] .

وأحاديث، منها: ما رواه البخاري (٤٧٧٩) ومسلم (١٤٠٠) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنَا مع النبي صلى الله عليه وسلمِ شباباً لا نجد شيئاً، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعشَر الشبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَجْ، فَإنَّهُ أغَض للبَصَر وأحْصَنُ للفَرج، ومَنْ لم يستطِعْ فَعَلَيْه بالصوْمِ، فَإنَهُ لَهُ وِجَاء:

[الباءة: القدرة على الجماع، بتوفر القَدرة على مؤن الزواج. وجاء:

قطع لشهوة الجماع] .

(٢) لقوله تعالى: "فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النسَاء مثنى وَثُلاث وَرُبَاعَ" / النساء: ٣/.

وروى أبو داود (٢٢٤١) وغيره. عن وَهْب الأسَدِي رضي الله عنه =

وَلاَ يَنْكِحُ الحر أَمَةً إلا بِشَرْطَيْنِ: عَدَمُ صَدَاقَ الْحُرة وَخَوْفُ الْعنًتِ [١].

وَنَظَرُ الرجلَ إلىَ المرْأة عَلى سَبْعَة أضْربٍ: أحَدُهَا: نَظَرهُ إلى أجَنَبيَّة لغَيْرِ حَاجَة، فَغَيْرُ جَائِز [٢].

والثَّاني: نَظَرَهُ إلى زَوْجَتِه أً وَْ أمَته، فَيَجُوزُ أنْ ينظُرَ إلى مَا عَدَا الْفَرج منهُمَا [٣].

والثالث: نظره إلى ذوات محارمه، أو أمته المزوجة فيجوز فيما عدا ما بين السرة والركبة [٤].

= قال: أسْلَمْتُ وعندي ثمانِ نسْوَة، فذكرتُ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليهَ وسلمً: (اختَرْ مِنهُن أربَعاً) .

(١) دل على ذلك قوله تعالى: "وَمنْ لَم يَسْتَطع منكُم طَوْلاً أن يَنْكِحَ المُحصنَات المؤمنَات فَممَّا مَلَكَعت أيْمَانُكَمْ مِنْ فَتيَاتِكُمُ المؤْمِنَاتِ" ثم قالَ: "ذلِكً لِمَن خَشىِ الْعنتَ مِنكم" / النساء: ٢٥/.

[طولا: غنى وفضلاً في المال. المحصنات: الحرائر. فتياتكم: جمع فتاة، والمراد المرأة المملوكة. العنت: الوقوع في فاحشة الزنا] .

(٢) لقوله تعالى: "قلْ للمُؤْمنِينَ يغُضَّوا منِْ أبصَارِهِمْ وَيَحْفَظوا فرُوجَهُم ذَلِكَ أزْكَىَ لَهُمَ" / النور: ٣٠/.

(٣) وأما الفرج فيكره النظر إليه لغير حاجة لأنه خلاف الأدب، وقد ورد عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: ما رأيت منه ولا رأى مني.

(٤) لقوله تعالى: "وَلاَ يُبْدينَ زِينَتَهُن إلا لِبعُولَتِهِن أوْ آبَائِهن أو آبَاءِ بعولَتِهن أو أبنائِهِنً أو أبناءِ بعولتِهن أوْ ="

والرابع: النظر لأجل النكاح، فيجوز إلى الوجه والكفين [١]

والخامس: النظر للمداواة، فيجوز إلى المواضع التي

= إخوَانِهِنَ أو بَني إخوَانِهِن أوْ بَني أخَوَاتِهِن "/ النور: ٣١/."

وفسرت الزينة بمواضعها، فوق السرة أو تحت الركبة.

وروى أبو داود (٤١١٣) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذَا زَوَّجَ أحَدُكُمْ عَبْدَهُ أمَتَهُ، فَلاَ يَنْطرْ إلى عَورَتِهَا، وفي رواية: فَلاَ يَنْظُرْ إلى مَا دونَ السرة وَفَوْقَ الركبة) .

(١) روى البخاَري (٤٨٣٣) ومَسلم (١٤٢٥) عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن امْرَأة جاءت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللهِ جئْتُ لأهَب لَكَ نَفْسي، َ فَنظَرَ إليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فصَعَّدَ النظَرَ إليها وَصَوَبَهُ، ثمَ طَأطأ رَأسَهُ.

[لأهب: أجعل أمري لك، تتزوجني بدون مهر، أو تزوجني لمن ترى. فصعد النظر إليها وصوبه: نظر إلى أعلاها وأسفلها وتأملها. طأطأ: خفض رأسه ولم يعد ينظر إليها] .

وروى مسلم (١٤٢٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل، فأخبره أنه تزوَّجَ امرأةً من الأنصارِ، فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: (أنظرْتَ إليها) . قال: لا، قال: (فاذهَبْ فانظُرْ إليها، فإن في أعْيُنِ الأنْصَارِ شيئْاً) . أي يختلف عن أعين غيرهن ربما لا يعجبك.

وروى الترمذي (١١٨٧) وحسنه، عن المغيرة بن شُعْبَةَ رضي الله عنه أنه خَطبَ امرأةً، فقال له النبي صلى الله عليهَ وسلم: (انْظر إليها فإنَّه أحْرَى أنْ يؤْدَمَ بَيْنَكُمَا) .

[أحرى: أجدر، ويؤدم: من الأدم وهو ما يؤكل مع الخبز، أي =

يحتاج إليها [١].

والسادس: النظر للشهادة أو للمعاملة، فيجوز النظر إلى الوجه خاصة [٢]

والسابع: النظر إلى الأمة عند ابتياعها، فيجوز إلى المواضع التى يحتاج إلى تقليبها [٣].

(فصل) ولا يصح. عقد النكاح إلا بولي وشاهدي عدل [٤]،

أجدر أنا تكون بينكما المحبة والاتفاق ويدوما]

وحمل النظر في هذه الأحاديث على الوجه والكفين فقط، لأنه لا حاجة إلى النظر إلى غيرهما.

(١) روى مسلم (٢٢٠٦) عن جابر رضي الله عنه: أن أم سَلَمَة

رضي الله عنها اسْتَأذَنَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في الحجَامَة، فَأمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم أبا طيْبةَ أن يَحْجُمهَا.

ويشترط أن يكون ذلك بوجود مَحْرَم أو زوج، وأن لا توجد امرأة تعالجها، وإذا وُجِد المُسلمُ لا يُعْدَل إلى غيره.

(٢) إذا كانت حاجة لمَعرفة تلك المرأة، ولم تعرف دون النظر إليها.

(٣) دون ما بين السرة والركبة، فلا يجوز النظر إليه.

(٤) لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نِكَاحَ إلا بولي وَشَاهدَيْ عَدل، وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاح عَلًى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِل) .

رواه ابن حبان (١٢٤٧) وقال: لا يصح في ذكر الشاهدين غيره.

وروى أبو داود (٢٠٨٥) والترمذي (١١٠١) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا نِكَاحَ إلا بِوَلي) .

وروى الدارقطني عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تُزَوِّجُ المَرْأةُ المَرْأةَ وَلاَ تُزَوجُ نَفْسها) وكُنا نقول: التى تزَوج نَفْسَهَا هي الزَّانِيَة. (٣/ ٢٢٧) .

ويفتقر الولي والشاهدان إلى ستة شرائط:

- الإسلام [١]

٢ - والبلوغ

٣ - والعقل

٤ - والحرية

٥ - والذكورة

٦ - والعدالة [٢]

إلا أنه لا يفتقر نكاح الذمية إلى إسلام الولي ولا نكاح الأمة إلى عدالة السيد

وأولى الولاة الأب ثم الجد أبو الأب ثم الأخ للأب والأم ثم الأخ للأب ثم ابن الأخ للأب والأم ثم ابن الأخ للأب ثم العم ثم ابنه على هذا الترتيب فإذا عدمت العصبات فالمولى المعتق ثم عصباته ثم الحاكم [٣]

ولا يجوز أن يصرح بخطبة معتدة ويجوز أن يعرض لها وينكحها بعد انقضاء عدتها [٤].

(١) لقوله تعالى: "والمُؤمنونَ وَالمُؤْمناتِ، بَعضهمْ أوْليَاءُ بعض" / التوبة: ٧١/. والشهادة ولاية، فلا تقبل شهادة غير المَسلم على المسلم.

(٢) لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نِكًاح إلا بِوَلي مُرْشِد وشَاهدَيْ عَدْل) . رواه الشافعي رحمه الله تعالى في مسنده، وقًال الإمام أحمد: إنه أصح شيء في الباب. مغني المحتاج: ٣/ ١٥٥. وانظر حا ٤ ص ١٦٠.

(٣) لقوله صلى الله عليه وسلم: (فَالسَّلْطَانُ وَلي منْ لاَ وَلي لَهُ) .

رواه أبو داود (٢٠٨٣) والترمذي (١١٠٢) وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها.

(٤) لقوله تعالى: "ولاَ جُنَاحَ عَلَيكُمْ فِيما عَرضْتُمْ بِهِ مِنْ خطبة النسَاءِ أوْ أكْننْتمْ في أنفُسِكُمْ علمَ اللهُ أنّكُمْ ستَذْكُرُونهن وَلَكِن لاَ تُوَاعِدُوهُن سِرّاً إلا أنْ تَقُولوا قولاً مَعْرُوفاً ولاَ تَعْزِمُوا"

وَالنسَاءُ عَلى ضَرْبَيْن: ثَيباتٍ، وَأبكَارٍ: فَالبكْر يَجُوز لِلأبِ وَالْجد إخبَارُهَا عَلى النَكَاحِ، والثيب لاَ يجوزُ تَزُوِيجُهَا إلا بَعْدَ بُلوغِهَا وإذْنِهَا [١].

(فصْلٌ) وَالْمُحَرَّمَاتُ بالنص [٢] أرْبع عشرَةَ: سَبع بالنسَبِ، وَهُن: الأم وإنْ علَت، وَالْبِنْتُ وَإنْ سَفَلَتْ، وَالأخْتُ، وَالْخَالَةُ، وَالْعمَّةُ، وَبِنْت الأخِ، وَبِنْتُ الأخْتِ [٣].

= عُقْدَةَ النكَاحِ حَتَى يَبْلُغ الْكِتَابُ أجَلَهُ "/ البقرة: ٢٣٥ /."

[عرضتم: لوحتم وأشرتم بما يتضمن رغبتكم بالزواج. سراً: لا تعدوهن بالنكاح خفية. قولاً معروفاً: موافقاً للشرع وهو التعويض. تعزموا عقدة النكاح: تحققوا العزم على عقد الزواج. يبلغ الكتاب أجله: تنقضي العدة، وهي المدة التي فوضها الله عليها في كتابه] .

وروى مسلم (١٤٨٠) : أن فَاطمةَ بنْت قَيْس طَلَقها زَوجُهَا فبَتَّ طلاقَها، فقال لها النبي صلى الله عليَه وسلمَ: (فإذَا حلَلْتِ فآذنيني) .

[فبت طلاقها: طلقها ثلاثاً. حللت: انتهت عدتك. فآذنيني: فأعَلَميني]

(١) روى مسلم (١٤٢١) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال (الثَّيِّب أحَق بِنَفْسِهاَ مِنْ وَليهَا، والبكرُ تسْتَأمَرُ وَإذنُهَا صُمَاتُها) . وفيَ رواية (وَإذْنُهَا سكوتُهَا) .

[الثيب: التي سبق لها زواج. أحق بنفسها: أولى بالإعراب عن رغبتها أو رفضها. تستأمر: تستشار، وليست مشورتها ملزمة] .

(٢) أي بالنص القرآني من سورة النساء: ٢٢ - ٢٣. وستأتي مجزأة في مواضعها.

(٣) قال الله تعالى: "حُرمَتْ عَلَيْكُمْ أُمهَاتُكُم وَبناتُكُمْ وَأخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأخِ: وبَنَاتُ الأخت" .

واثنتان بالرضاع:

١ - الأم المرضعة

٢ - والأخت من الرضاع [١]

وأربع بالمصاهرة:

١ - أم الزوجة

٢ - والربيبة إذا دخل بالأم

٣ - وزوجة الأب

٤ - وزوجة الابن [٢].

وواحدة من جهة الجمع: وهي

١ - أخت الزوجة [٣]

ولا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها [٤]

ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب [٥]

(١) لقوله تعالى: "وَأمَّهَاتُكُمُ الَّلاتِي أَرضَعنكُمْ وَأَخواتكمْ منَ الرَّضاعة" .

(٢) ثبتتَ حرمة زوجة الأب بقوله تعالى: "وَلا تنْكحَوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكمْ منَ النسَاء" ، وثبتت حرمة غيرها بقوله تعالىَ: "وَأمهَاتُ نسائكَمْ ورَبَائبكُمَْ اللاتي في حُجوركم منْ نِسائكمْ اللاتي دَخلتم بهن فإِن لمْ تَكونُوا دخًلتُمْ: بهن فَلاَ جناحَ عليكُمْ وَحَلائلِ أبنَائكُم الَذينَ من ِأصْلابكم" .

[وربائبكم جمع ربيبةَ وهي بنت الزوجة. دخلتم بهن: كناية عن الجماعَ.

جناح: حرج. حلائل: جمع حليلة وهي الزوجة. أصلابكم: أي من النسب، لا من التبني كما كان في الجاهلية] .

(٣) لقوله تعالى: "وَأنْ تَجمعوا بَينَ الأختين إلا ما قد سلَفَ" .

(٤) روى إلبخاري (٤٨٢٠) ومسلم (١٤٠٨) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يجمع بينَ المرْأة وعمتها، ولاَ بين المرْأة وخالتها) .

(٥) روى البخاري (٢٥٠٣) ومسلم (٤١٤٤) عن عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرَّضَاعَةَ تحرم ما يحرم ومن الوِلادَة) .

وفي رواية عند البخاري (٢٥٠٢) ومسلم (١٤٤٧) عن ابن عباس رضي

وترد المرأة بخمسة عيوب:

١ - بالجنون

٢ - والجذام

٣ - والبرص

٤ - والرتق

٥ - والقرن [١]

ويرد الرجل بخمسة عيوب:

١ - بالجنون

٢ - والجذام

٣ - والبرص

٤ - والجب

٥ - والعنة [٢].

= الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم في بنت حمزةَ: (لاَ تَحِل لْي، يَحْرْمُ منَ الرضَاعَ مَا يَحْرُمُ مِنَ النّسبِ، هيَ بِنتُ أخي مِنَ الرضَاعَة) .

(١) المرادَ بالرد أنه يثبت للزوج خيار فسخ عقد النكاح ولا مهر عليه حينئذ. والجذام: قيل هو مرض يحمر منه العضو ثم يسود ثم يتقطع ويتناثر.

والبرص: بياض شديد يبقع الجلد: ويذهب دمويته. والرتق: انسداد محل الجماع باللحم. والقرن: انسداد محل الجِماع بعظم.

روي أنه صلى الله عليه وسلم تَزوج امرَأة مِنْ غفَارٍ، فلَمَا دخلتْ عليه رأى بكَشْحها بياضاً فقال: (الْبسي ثيابَكِ والْحَقي بأهْلكَِ، وقال لأهَلها: دَلَّستمْ علي) .

رواه البيهقي (٧/ ٢١٤) من رواية ابن عمر رضي الله عنهما.

[الكشح: الجنب، والمراد بالبياض: البرص، وقيس الباقي عليه] .

وقوىَ هذا الحديث ما وواه مالك في الموطأ (٢/ ٥٢٦) عن عمر رضي الله عنهما قال: أيما رجل تزوج امرأة بها جنون أوْ جذَام أو بَرص، وفي رواية: أو قرَن، فَمَسَّهَا فلها صَداقها كاملا , وذلك غُرْم لِزَوجِهَا على وَلِيهَا.

(٢) الجب: قطع الذكر، والعنة: عدم القدرة على الوطء، لعدم انتشار الذكر. وثبت خيار الرد للزوجة قياساً على ثبوته للزوج، ولكن العنين يؤجل سنة من حين رفعها الأمر للقضاء، فإن لم يحصل الوطء خلالها ثبت لها حق الفسخ، لأن ذلك قد يكون لعلة تذهب باختلاف الفصول.

ولما رواه البيهقي عن عمر رضي الله عنه: أن امرأة أتته، فأخبرته أن =

"فصل" ويستحب تسمية المهر في النكاح [١] فإن لم يسم صح العقد [٢] ووجب المهر بثلاثة أشياء:

١ - أن يفرضه الزوج على نفسه

٢ - أو يفرضه الحاكم

٣ - أو يدخل بها فيجب مهر المثل.

= زوجها لا يصل إليها، فأجله حولا، فلما انقضى حول ولم يصل إليها خيرها، فاختارت نفسها، ففرق بينهما عمر وجعلها تطليقة بائنة. (٧/ ٢٢٦)

(١) قال تعالى: "وَآتوا النسَاءَ صدُقَاتِهِن نِحْلَة" / النساء: ٤/.

[صدقاتهن: جمع صداق وهو المهر. نحلة: عطية وهبة مفروضة] .

وروى البخاري (٤٧٤١) ومسلم (١٤٢٥) عن سهلِ بن سَعْد رضي الله عنه قال: أتتِ امرأةٌ النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنها قَدْ وَهبت نَفسَها للهِ ولرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فقال (مالي في النَسَاءِ مِنْ حَاجة) فقال رَجُلٌ: زَوَجْنِيهَا، قال: (أعْطِهَا ثَوْباً) قال: لاَ أجِدُ، قال: (أعْطِهَا وَلوْ خَاتَماً مِنْ حَديِد) فاعْتَل له، فقال: (ما معكَ مِنَ الْقُرْآنِ) قال: كذا وكذا، قال: (فَقَدْ زَوَجتُكَهَا بمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآن) .

[وهبت نفسها: جَعلت أمرها له. فاعتل له: تعلل أنه لا يجده] .

(٢) لقوله تعالى: "لاَ جُنَاحَ عَليكُم إن طَلَقْتُمُ النسَاءَ مَا لَم تَمُسوهُن أو تَفرِضُوا لَهُن فَرِيضَة" / البقرة: ٢٣٦/.

[لا جناح: لا حرج. تفرضوا لهنَّ فريضة: تعينوا لهنَّ مهراً] .

فقد دلت على أن النكاح ينعقد ولو لم يسم للمرأة مهر معين، لأن الطلاق لا يكون إلا بعد صحة عقد النكاح.

وَلَيسَ لأقَل الصَّدَاق وَلاَ لأكثَرِهِ حَد [١]، ويجوز أن يَتَزَوجَهَا عَلى مَنْنَعَة سعْلُومَة [٢].

ويسقط بالطلاق قبل الدخول بها نصف المهر [٣]

(١) روى الترمذي (١١١٣) عن عامر بن ربيعةَ رضي الله عنه: أنً امْرَأة مِن بَني فَزَارَةَ تَزَوَجَتْ عَلى نَعْلَيْنِ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (أرَضِيتِ مِنْ نَفسِك وَمَالِكِ بنَعْلَيْنِ) قالَتْ: نعم، فَأجَازَهُ. وانظر حاشية ١ ص ١٦٥ وَحاشية ١ص ١٦٧.

وقال تعالى: "وَآتيتُمْ إحْدَاهُن قِنْطَاراً" / النساء: ٢٠/. أي والقنطار المال الكثير، فدل على أنه لا حد للمهر في الكثرة.

ويستحب أن لا يقل عن عشرة دراهم خروجاً من خلاف من أوجبه، وهم الحنفية.

وأن لا يزيد عن خمسمائة درهم، لأنه الوارد في مهور بناته وزوجاته صلى الله عليه وسلم.

روى الخمسة وصححه الترمذي (١١١٤ م) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لا تغَلُوا صُدُقَ النسَاء، فإنَّها لو كانت مَكرُمَةً في الدنيا أو تَقوَى في الآخِرَة، لَكَانَ أوْلاَكمْ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أَصْدَقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأةً من نِسَائِهِ، ولا أصْدِقَتْ امرأة من بناته أكَثر مِنْ ثنْتيْ عَشرَة أوقيَّة.

[صدق: جمع صداق وهو المهر. أوقية: هي أربَعون درهما، فالمجموع أربعمائة وثمانون درهماً]

(٢) كتعليمها شيئاً من القرآن، أو القيام بعمل معين. انظر حا ١ص ١٦٥.

(٣) قال تعالى: "وَإنْ طلقتمُوهُنَ منْ قَبلِ أنْ تَمسُّوهُنً وَقَدْ فَرَضْتمْ لَهُن فَرِيضَة فَنِصْفُ مَا فَرَضتمْ" / البقرة: ٢٣٧/.

[تمسوهن: تدخلوا بهن وتجامعوهن. فرضتم: عينتم لهن مهراً] =

"فصل" والوليمة على العرس مستحبة [١] والإجابة إليها

= ويثبت لها المهر كاملاً بالموت أو الدخول:

دل على ثبوته بالموت: ما رواه أبو داود (٢١١٤) والترمذي (١١٤٥) وقال: حسن صحيح، وغيرهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه سُئِلَ عن رجل تَزَوَجَ امرأة: ولم يَفرض لها صَدَاقاً، ولم يدخُلْ بها حتى ماتَ؟ فقال ابن مسعود: لها مِثلُ صداقِ نسائها، لاوَكْسَ وَلا شَطَطَ، وعليها العِدةُ ولها الميراثُ. فقام مَعقلُ بنُ سِنَان الأشْجَعي فقال: قَضَى رسول الله صلي الله عليه وسلم في بَروعَ بنت وَاشِق، امرأة. منَّا، مِثْلَ الذي قضيتَ. فَفَرِحَ بها ابنُ مسعود.

[صداق: مهر. نسائها: أمثالها من النساء، أي مهر كامل ولو كًان مفروضاً - أي مسمى- لكان هو الواجب. وكس: نقص. شطط: ظلم.

ففرح بها: أي بهذه الفتوى التي أخبره بها، لأنه وافقها بفتواه، وهذا عنوان التوفيق الإلهي] .

وأما ثبوته بالدخول: فدل عليه قوله تعالى. "وَإنْ طلقْتموهُن مِنْ قَبْل أنْ تمَسوهُن وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُن فَرِيضَة فنِصْفُ مَا فَرَضْتُم" / البقرة: ٢٣٧/. فقد دلت على أنه إذا حصل الطلاق بعد المسِ لا يسقط شيء من المهر. وقال عمر رضي الله عنه: أيُمَا رَجُل تَزَوجَ امرأةً ... فَمَسَهَا فَلَهَا صَداقُهَا كاملاً ... انظر حاشية ١ص ١٦٤.

(١) روى البخاري (٤٨٦٠) ومسلم (١٤٢٧) عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صُفْرَة، فقال: مَا هَذا؟ قال: تَزَوجْت امرأةً على وَزْنِ نَوَاةٍ مِن ذَهَب، قال: بَارَكَ اللهُ لَكَ، أَولِم وَلَوْ بشاة) .

[أثر صفرة: أي صبغ على ثوبه. نواة: أَي نوًاة التمر. أولم: من الوليمة، وهي صنع طعام ودعوة الناس إليه، وتطلق في الغالب على ما كان للعرس] .

واجبة [١] إلا من عذر [٢].

"فصل" والتسوية في القسم بين الزوجات واجبة [٣] ولا يدخل على غير المقسوم لها بغير حاجة وإذا أراد السفر أقرع بينهن وخرج بالتي تخرج لها القرعة [٤].

(١) روى البخاري (٤٨٧٨) ومسلم (١٤٢٩) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذَا دُعِيَ أحَدُكُمْ إلى الوَلِيمَةِ فَلْيَأتِهَا) وفي رواية عند مسلم (١٤٢١) : (وَمنْ لمْ يجبِ الدعْوَةَ فَقَدْ عَصى اللهَ ررَسُولَهُ) .

(٢) كأن يوجد منكر لا يستطيع تغييره، ومن ذلك ما يحدث الآن في حفلات العقود والزفاف، من التقاط الصور وضرب المعازف، وغير ذلك.

(٣) روى أبو داود (٢١٣٣) والترمذي (١١٤١) وغيرهما. عن أبى هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه سلم قال: (مَنْ كَانَتْ لَهُ امرَأتَانِ فَمَالَ إلىَ إحْدَاهُمَا - وعند الترمذي: فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا - جاءَ يَوْمَ الْقيَامَة وَشِقهُ مَائِل) . وعند الترمذي: (وَشقهُ سَاقِطٌ) . [فلم يعدل. بالنفقة والقسم، وهو المبيت عندهن]

وررى أبو داود (٢١٣٤) والترمذي (١١٤٠) عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: كانَ رسولُ الله صلي الله عليه وسلم يَقسمُ فيَعْدلُ، ويقولُ: (اللهم هذا قَسمي فيما أملكُ، فلا تَلُمْني فيما تَمْلكُ وَلا أمْلِكُ) . قال أبو داود: يعني القلب.

(٤) روى البخاري (٣٩١٠) ومسلم (٢٧٧٠) عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه، سلم إذا أراد السفَرَ أقْرع بينَ نِسَائِهِ، فَأيتُهن خرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بها.

وإذا تزوج جديدة خصها بسبع ليال إن كانت بكرا وبثلاث إن كانت ثيباً [١].

وإذا خاف نشوز المرأة وعظها فإن أبت إلا النشوز هجرها فإن أقامت عليه هجرها وضربها [٢] ويسقط بالنشوز قسمها ونفقتها.

"فصل" والخلع جائز على عوض معلوم [٣] وتملك

(١) روي البخاري (٤٩١٦) ومسلم (١٤٦١) عن أنس رضي الله عنه قال: من السُّنة: إذا تَزَوجَ البكرَ عَلى الثَّيَبِ أقَامَ عِنْدَهَا سَبعاً ثم قَسَمَ، وإذَا تًزَوَجَ الثيبَ أقَامَ عنْدَها ثَلاثاً ثم قَسم. قال أبو قلابَةَ: لَوْ شئت لَقُلْتُ: إن أنَساً رضى الله عنه رَفَعَهُ إلى النبي صَلى الله عليه وسلَم.

(٢) قال الله تعالى: "وَاللاًتي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَ فَعِظوهن واهْجُرُوهُنَ في المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَ فَإنْ أطَعنكُم فَلاَ تَبْغُوا عليهن سَبيلاً" / النساء: ٣٤/.

[نشوزهن: عصيانهن وترفعهن. المضاجع: الفرش، وهجرها أن يوليها ظهره ولا يكلمها. فلا تبغوا ... : لا تسلكوا طريقاً لإيذائهن]

(٣) قال تعالى: "وَلاَ يَحِل لَكُمْ أنْ تَأخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُن شَيْئاً إلا أن يَخَافَا ألا يُقِيمَا حُدُودَ الله فَإنْ خفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلاَ جُنَاحَ عَلَيهِمَا فِيمَا افتَدت بِه" / البقرة: ٢٢٩/.

روى البخاري (٤٩٧١) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ امرأةَ ثَابِتِ بن قَيْس أتَت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسولَ الله، ثابتُ بنُ قيس، ما أعْتِبُ عَلَيْه في خُلُق، ولا دِين، ولكِنًي أكْرهُ الكفرَ في الإسْلام. فقال الَنبي صلى الله عليه وسلم: (أتَرُدين عَلَيهِ حَديقَتَه) قالتْ: نَعَمْ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقْبلِ الحًدِيقَةَ وَطَلَقْهَا تَطلِيقَة) .

به المرأة نفسها [١] ولا رجعة له عليها إلا بنكاح جديد ويجوز الخلع في الطهر وفي الحيض ولا يلحق المختلعة الطلاق [٢].

"فصل" والطلاق ضربان:

١ - صريح

٢ - وكناية

فالصريح ثلاثة ألفاظ الطلاق والفراق والسراح ولا يفتقر صريح الطلاق إلى النية [٣]

والكناية: كل لفظ احتمل الطلاق وغيره ويفتقر إلى النية [٤].

(١) أي لا يبقى للزوج عليها سلطان لأن الخلع طلاق بائن.

(٢) لأنها أصبحت أجنبية بعد الخلع.

(٣) لورود هذه الألفاظ في الشرع، وتكررها في القرآن بمعنى الطلاق.

قال تعالى: "يَا أيُّهَا النبي إذَا طَلقَتُمُ النًسَاءَ فَطلقوهن"

لِعِدتهن "/ الطلاق: ١/."

وقال تعالى: "وَأسَرِّحْكُن سَرَاحاً جَمِيلاً" / الأحزاب: ٢٨/.

وقال تعالى: "أوْ فَارِقوهُن بِمَعْرُوف" / الطلاق: ٢/.

(٤) كقوله: الْحَقِي بأهْلكِ، ما أنت بامرأتي، أنت خَليةٌ.

فإن نوى طلاقاً طلقت، لماَ رواه البخاري (٤٩٥٥) عن عائشة رضي

الله عنها: أن ابْنَةَ الجُون، لما أدْخلَتْ على رسول الله صلى الله عليه وسلم

ودنا منها، قالت: أعَوذ بالله منكَ، فقال: (لَقد عذْت بعظيم،

الْحقي بأهْلِكِ) .

وإن لم ينو طلاقاً لا تطللق دل على ذلك:

ما رواه البخاري (٤١٥٦) ومسلم (٢٧٦٩) في حديث تَخلف كعب بن

مالك رضي، الله عنه عن غزوة تبوِك قال: لما مضت أربعون من الخمسين =

والنساء فيه ضربان

١ - ضرب في طلاقهن سنة وبدعة وهن ذوات الحيض فالسنة: أن يوقع الطلاق في طهر غير مجامع فيه والبدعة: أن يوقع الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه [١].

واستَلْبَثَ الوحْي ث وَإذَا رسول الله صلى الله عليه وسلم يَأتيني، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمُرك أنْ تَعْتَزِلَ امْرَأتَكَ، فقلت: أطَلًقُهَا أم مَاذَا أفْعلُ؟ قال: بَلْ اعْتَزِلْهَا فَلاَ تَقْرَبَنهَا، قال: فقلت لامْرَأتي: الْحقَي بأهْلك.

فعل ذلك خشية أن يخالفَ أمَر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعاشرها إذا بقيت عَنده، فلما نزلت توبته رجعت زوجته إليه، ولم يأمره صلى الله عليه وسلم بفراقها، أو بتجديد عقده عليها، فدل على أن الحقي بأهلك ليس من ألفاظ الطلاق. [استلبث الوحي: تأخر نزوله] .

(١) دل على ذلك: ما رواه البخارى (٤٩٥٣) ومسلم (١٤٧١) عن عبد الله بنَ عمر رضي الله عنهما: أنّه طَلَقَ امْرَأتَه وهي حَائِضٌ، على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بنُ الخطَاب رسولَ اللهِ صلي الله عليهَ وسلم عن ذلك، فقال رسولُ الله صلي الله عليه وسَلم: (مرْهُ فَليُرَاجِعْهَا، ثم لِيُمْسِكهَا حتّى تطْهُرَ، ثم تَحِيضَ ثم تَطْهرَ، ثم َإنْ شاءَ أمْسَكَ بَعْدُ، وَإنْ شَاءَ طلَّقَ قَبْل أنْ يَمَسى. فَتِلْكَ العدةُ الَّتي أمَرَ اللهُ أن تُطَلقَ لَهَا النِّسَاء) . أي بقوله تعالى:

"يَاَ أيّهَا النبيُّ إذا طلَقْتُمُ النساءَ فَطَلقَُوهُن لِعدتِهِن" / الطلاق: ١/ أي لاستقبال عدتهن، لأنها في هذه الحالة تبتدىء عدَتها من حين طلاقها نجلاف ما لو طلقت في الحيض، فإنها لا تبتدىء حتى ينقطع حيضها. وإذا طلقها بعد المس، أي الجماع، فقد تكون حاملا، وهو لا يرغب بتطليق الحامل، فيكون في ذلك الندم.

٢ - وضرب ليس في طلاقهن سنة ولا بدعة وهن أربع:

الصغيرة

والآيسة

والحامل

والمختلعة التي لم يدخل بها.

"فصل" ويملك الحر ثلاث تطليقات [١] والعبد تطليقتين [٢].

ويصح الاستثناء في الطلاق إذا وصله به [٣] ويصح

(١) لقوله تعالى: "الطَّلاقُ مَرتَان فَإمْسَاكٌ بمَعْرُوف أوْ تَسْرِيح بإحْسَان" / البقرة: ٢٢٩/. وقوله بعد ذلكَ: "فَإنْ طَلقهاَ فَلاَ تَحِل" لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَى تَنْكِحَ زَوْجاغيرَهُ "/ البقرة: ٢٣٠/."

روى أبو داود (٢١٩٥) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "وَالمُطَلَقَاتُ يَتَرَبصْنَ بأنْفُسِهِن ثَلاثَةَ قُرُوء وَلا يَحِل لَهُن أنْ يَكتمنَ مَا خَلَقَ اللهُ في أرْحَامِهِن إنْ كُن يُؤْمِنً باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهن أحَقُ بِرَدهِنً في ذَلكَ إنْ أرَادروا إصْلاحاً" ، / البقرة: ٢٢٨/. قال: وذلك أنَ الرجُلَ كَانَ إذَا طَلَقَ امْرَأتَهُ، فهو أحَق برَجْعَتِهَاَ وَإنْ طلَقَها ثلاثاً، فَنَسَخَ ذلك وقال: "الطَّلاَقُ مَرَتَانَ" .

[قروء: جمع قَرء وهو المدة بين الحيضين، ويطلق على مدة الحيض.

بعولتهن: أزواجهن] .

(٢) روى الدارقطني (٤/ ٣٩) أنه صلى الله عليه وسلم قال: (طَلاَقُ العبدِ تطلِيقَتَانِ) ..

(٣) كأن يقول لزوجته: أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين، صح ووقعت طلقة واحدة. قال عليه الصلاة والسلام: (مَنْ أعْتَقَ أوْ طَلقَ وَاسْتثنى فَلَهُ ثُنْياهُ) . أي استثناؤه. ذكره ابن الأثير في النهاية: مادة (ثنا) .

تعليقه بالصفة والشرط [١].

ولا يقع الطلاق قبل النكاح [٢] وأربع لا يقع طلاقهم الصبي والمجنون والنائم والمكره [٣].

(١) مثال تعليقه بالصفة: أن يقول لها: أنت طالق في شهر كذا، أو إذا نزلت الأمطار، فتطلق عند تحقق الصفة. ومثال تعليقه بالشرط، أن يقول لها: إن دخلت الدار فأنت طالق، فتطلق بدخولها. واستأنس لهذا بقوله صلى الله عليه وسلم: (المسلمون عِنْدَ شُرُوطِهِمْ) الحاكم: ٢/ ٤٩.

(٢) روى أبو داود (٢١٩٠) والترمذي (١١٨١) وقال: حديث حسن صحيح، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ نَذْرَ لابن آدَمَ فِيمَا لاَ يَمْلِك ُ، وَلاَ عِتْقَ لَهُ فِيمَا لاَ يَمْلكُ، وَلاَ طَلاَقَ لَهُ فيمَا لاَ يَمْلِكُ) .

أي فيما لا سلطان له عليه، وَلا سلطان له على المرأة قبَل زواجها. وعند الحاكم (٢/ ٢٠٥) : (لاَ طَلاَقَ قَبْلَ نِكَاح) .

(٣) لحديث: (رفع القلم ... ) انظر حاشية ٢ ص ٤٢

ولما رراه أبو داود (٢١٩٣) وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لاَ طَلاَقَ وَلاَ عَتَاقَ في غَلاَق) . قال أبو داود: الغلاق أظنه في الغضب.

وعًند ابن ماجه (٢٠٤٦) بلفظ: إغْلاق، وفسر بالإكراه، لأن المكره يغلق عليه أمره وتصرفه.

ولقوله صلىَ الله عليه وسلم: (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) . رواه ابن ماجه (٢٠٤٥) وصححه ابن حبان والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما. أي وضع عنهم حكم ذلك وما ينتج عنه، لا نفس هذه الأمور، لأنها واقعة.

"فصل" وإذا طلق امرأته واحدة أو اثنتين فله مراجعتها ما لم تنقض عدتها [١] فإن انقضت عدتها حل له نكاحها بعقد جديد وتكون معه على ما بقي من الطلاق [٢].

فإن طلقها ثلاثا لم تحل له إلا بعد وجود خمس شرائط:

١ - انقضاء عدتها منه

٢ - وتزويجها بغيره

٣ - ودخوله بها وإصابتها [٣]،

(١) لقوله تعالى: "وَبُعُولَتُهُن أحق بِرَدهِن في ذَلِكَ" ، / البقرة: ٢٢٨/. والمراد بالرد الرجعة كما قال المفسرون. ولقوله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: (مره فليراجعها) .

(حاشية ١ ص ١٧١) وفي رواية: وكان عبد الله طلق تطليقة. وفي رواية عند مسلم: كان ابن عمر إذا سئل عن ذلك قال لأحدهم: أما إن طلقت امرأتك مرة أو مرتين، فإن رسول الله صلى الله عيه وسلم أمرني بهذا. أي بمراجعتها.

وروى أبو داود (٢٢٨٣) عن عمر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طَلقَ حَفْصَةَ، ثم رَاجَعَهَا.

(٢) روي عن عمر رضي الله عنه: أنه سئل عمن طلق امرأته طلقتين وانقضت عدتها، فتزوجت غيره وفارقها، ثم تزوجها الأول؟ فقال: هي عنده بما بقي من الطلاق [الموطأ: ٢/ ٥٨٦]

(٣) أي وطؤها، لقوله تعالي: "فَإن طلَّقَهَا فلاَ تحل لَهُ مِنْ بَعدُْ حتىَ تنكح زَوْجاً غَيرَه فإنْ طَلقهَا فَلا جُنَاح علَيْهِمَا أنْ يَتَرَاجَعَا إنْ ظًنا أنْ يُقيمَا حُدودَ اللهِ" / البقرة: ٢٣٠/.

[طلقها: أي الطلاق الثالثَ. يتراجعا: بعقد جديد يقيما حدود الله: ما طلب منهما من حقوق الزوجية]

وروى البخاريَ (٢٤٩٦) ومسلم (١٤٣٣) عن عائشة رضي الله عنها:=

٤ - وبينونتها منه [١]

٥ - وانقضاء عدتها منه.

"فصل" وإذا حلف أن لا يطأ زوجته مطلقا أو مدة تزيد على أربعة أشهر فهو مول ويؤجل له إن سألت ذلك أربعة أشهر ثم يخير بين الفيئة والتكفير أو الطلاق [٢]،

= جاءتِ امْرَأةُ رِفَاعةَ الْقُرَظِي النبي صلى الله عليه وسلم فقالت. كُنْت عنْدَ رفَاعةَ، فَطلَّقني فأبَتَّ طلاًَقي، فَتَزَوَجت عبدَ الرَّحمنِ ابنَ الزبير، إنَّمَا مَعَهُ مِثْلُِ هُدْبَةِ الثوْبِ، فقال: (أتريدِينَ أنْ تَرْجِعي إلى رِفَاعَةَ؟ لَاَ، حَتى تَذُوقي عسَيْلتهُ وَيَذوقَ عسَيْلَتكَِ) [فأبت طلاقي: من البت وهو القطع، أي طلقها ثلاثاً. هدبة الثوب: حاشيته، شبهت به استرخاء ذكره، وكيف أنه لا قدرة له على الوطء.

تذوقي عسيلته: كناية عن الجماع، شبه لذة الجماع بلذة ذوق العسل.

وعسيلة قطعة صغيرة من العسل، وفيه إشارة إلى أنه يكفي أقل الجماع، وهو دخول حشفة الذَكر في الفرج] .

(١) أيَ انقطاع عقدة نكاحها منه بطلاق أو فسخ أو موت.

(٢) أيَ يُطلْب منهُ أنْ يرجع عن حلفه. فيطأ زوجته ويكفر عن يمينه، فإن أبي طْلِبَ منه أن يطلقَ.

قال تعالى: (للذِينَ يؤْلَونَ من نسَائهمِ ترَبص أربعة أشهر فإنْ فَاؤوا فَإن اللهَ غفور رَحِيم. وَإنْ عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم "/ البقرة: ٢٦ - ٢٧ /."

[يؤلونَ: من الإيلاء، وهو الحلف كما ذكر. تربص: انتظار=

فإن امتنع طلق عليه الحاكم [١].

"فصل" والظهار: أن يقول الرجل لزوجته: أنت علي كظهر أمي [٢] فإذا قال ذلك ولم يتبعه بالطلاق صار عائدا [٣] ولزمته الكفارة.

والكفارة: عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب المضرة بالعمل والكسب فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد ولا يحل للمظاهر وطؤها حتى

= فاؤوا: رجعوا عن الحلف بالوطء].

وروى مالك في الموطأ (٢/ ٥٥٦) عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول: إذَا آلى الرٌجلَ من امْرَأتِهِ لمْ يَقع عَليْهِ طَلاَقٌ، وإنْ مَضَتْ الأرْبَعَةُ الأشْهُرِ، حَتى يوقَفَ: فَإما أن يُطلقَ وإما أن يَفِيءَ. وروى مثل ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما.

(١) لإزالة الضرر عنها، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالتطليق عليه.

(٢) أي تَحْرُمُ عليَ معاشرتُك كما تحرمُ علي معاشرةُ أمي معاشرةَ الأزواج. هذا القول حرامٌ بإجماع المسلمين، قال الله تعالى: "الَذين يظَاهِرونَ مِنْكَمْ منْ نِسَائهم مَا هُن أمهَاتِهِمْ إنْ أمهاتُهُم إلا اللاَئِي وَلدْنَهُمْ وَإنَهُمْ ليقولونَ مُنْكَراً مِنَ القَوْلِ وَزُوراً وَإن الله لعفوا غفُور" / المجادلة: ٢/.

[زوراً: باطلا ً وكذباً] .

(٣) أي مخالفاً لما قال، وهو تحريم زوجته عليه، لأن إمساكها وعدم تطليقها مخالف لتحريمها.

يكفر [١].

"فصل" وإذا رمى الرجل زوجته بالزنا فعليه حد القذف إلا أن يقيم البينة أو يلاعن [٢] فيقول عند الحاكم في الجامع على المنبر في جماعة من الناس [٣]: أشهد بالله

(١) قال الله تعالى: "وَالَّذينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهم ثُم يَعَودونَ لِمَا قَالوا فَتَحْرِير رَقًبَة مِنْ قبْلِ أنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمُ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِما تَعْملَون. َخَبِيرُ. فمَنْ لَمْ يجِدْ فصِيَامُ شَهرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أنْ يتَماَسا فَمَن لَمْ يَستَطع فَإطْعَامُ ستينَ مِسكِيناً ذَلِكَ لِتُؤمنوا بِاللهِ ورسولِهِ وَتِلكَ حُدُودُ اللهِ ولِلكافرِينَ عَذَابٌ ألِيمٌ" / المجادلة: ٣ - ٤/.

[أن يتماسا: من المماسة والمراد بها المجامعة. ذلك: أي البيان والتعليم. لتؤمنوا: لتصدقوا. حدود الله: أحكَامه التي لا يجوز تجاوزها] .

(٢) روى البخاري (٤٤٧٠) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن هلال ابن أمَيّةَ قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشَريكِ بن سَمحَاءَ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (البَينَةَ أوْحَد في ظهرِكَ) ... فقال هلال: والذيَ بعثك بالحق إني لصادق، فَلْيُنزِلَن الله ما يُبرىءُ ظهري من الحد. فنزل جبريل وأنزل عليه: "والَذَينَ يَرْمونَ أزْوَاجَهمْ ..." .

(٣) روى البخاري (٥٠٠٣) ومسلم (١٤٩٢) عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أنْ رَجُلا مِنَ الأنْصَارِ جَاءَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله، أرَأيْتَ رَجلاً وجد مع امرأته رجلا، أيَقْتُلهُ أمْ كيف يفعلُ؟ فأنزل الله في شَأنه ما ذُْكرَ في القرآن من ْ أمر المتلَاَعِنَيْنِ، فقال النبي صلى الله عليه وَسلم: َ (قَدْ قَضىً الله فيكَ وَفي امْرَأتِكَ) . قال: فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد. وفي رواية: فتلاعنا وأنا مع النَّاسِ عندَ رسول الله صلى الله عليه وسلَم. وعند أبي داود=

إنني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي فلانة من الزنا وإن هذا الولد من الزنا وليس مني أربع مرات ويقول في المرة الخامسة بعد أن يعظه الحاكم وعلي لعنة الله إن كنت من الكاذبين [١].

ويتعلق بلعانة خمسة أحكام:

١ - سقوط الحد عنه

٢ - ووجوب الحد عليها

٣ - وزوال الفراش

٤ - ونفي الولد

٥ - والتحريم على الأبد [٢].

(٢٢٥٠) قال سهلِ: حضَرْتُ هذا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فمَضتِ السنة بَعْدُ في المتلاعنين: أنْ يُفرَّقَ بَينهُمَا، ثم لا يجتَمعان أبداً.

(١) قالَ الله تعالى: "وَالَّذينَ يرْمونَ أزْوَاجَهُمْ وَلمْ يَكُنْ لَهُمْ شهدَاء إلا أنْفسُهمْ فَشَهًادَة أحَدهِم أربع شَهَادَات بالله إنَّهُ لمَنْ الصَّادقِين. وَالْخَامِسة أن لعْنةَ الله عليَه إنْ كًانً مِنَ الكَاذبين" / النور: ٦، ٧/ [يرمون: يتهمونَهن بالزنا] .

روى البخاريَ (٥٠٠١) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَ هِلالَ ابنَ أميةَ قذَفَ امْرَأتَه، فجاء فشَهِدَ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يعْلَمُ أن أحدكُمَا كَاذبٌ، فَهلْ مِنْكُمَا تائب) . وفي رواية عن ابن عمر رضي الله عنهما (٥٠٠٦) كرر ذلك صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات. ثَم قامَتْ فَشَهِدَتْ.

وروي أبو داود (٢٢٦٣) وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَهُ سَمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول، حينَ نزَلَتْ آيةُ المتلاعنين: (أيّمَا امرأة أدْخَلَتْ عَلى قَوْم منْ ليسْ منِهُمْ فَليَستْ منَ الله في شَيء، وَلن يدخلها الله جنته. وأيما رجل جحد ولده وَهوَ ينظر إليه، احتجب الله منه، وفضحه على رؤوس الأولين والأخرين)

(٢) روى البخاري (٥٠٠٩) ومسلم (١٤٩٤) عن ابن عمر رضي الله

ويسقط الحد عليها بأن تلتعن فتقول: أشهد بالله إن فلانا هذا لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا أربع مرات وتقول في الخامسة بعد أن يعظها الحاكم وعلى غضب الله إن كان من الصادقين [١].

"فصل" والمعتدة على ضربين:

١ - متوفى عنها

٢ - وغير متوفى عنها

فالمتوفى عنها: إن كانت حاملا فعدتها بوضع الحمل [٢]

= عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم لاَعَنَ بَينَ رَجُل وامرأتِه، فانْتَفىَ مِنْ وَلدها، ففرق بينهما، وألْحَقَ الوَلَدَ بالمَرْأة.

[فانتفى من وَلدها: أي نفى أن يكون منه] .

وفي رواية عند البخاري (٥٠٠٦) قال النبي صلى الله عليه وسلم لهما: (حسابُكما عَلى الله، أحَدُكمَا كاَذب، لا َسَبيلَ لَكَ عَليهما) أي لَيس لك رجعة إليها ولا تلاقي بينكَما، وَلو بعقد جديد. وانظر حا ١ ص ١٧٨.

(١) قال تعالى: "ويدْرَأْ عَنْهَا العَذَابَ أنْ تَشْهَدَ أربعً شَهَادَات بِاللهِ إنّه لِمَنَ الكَاذِبين َ. وَالخَامِسَةَ أن غَضَبَ اللهِ عليْهَا إنْ كَان منَ الصادقين" / النور: ٨، ٩/.

[يدرأَ: يدفع ويرفع. العذاب: حد الزنا وهو الرجم هنا] .

وعند مسلم (١٤٩٣) : ثم دعاها فوعظها وذكرها، وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الأخرة.

(٢) لقوله تعالى: "وأولات الأحمَال أجَلَهن أنْ يَضَعنَ حَمْلَهُن" / الطلاق: ٤/. [أولات الأحمال: اَلحاملات. أجلهن: مدة عدتهن]

:وروى البخاري (٥٠١٤) عن المِسْوَرِ بن مخرمة رضي الله عنه:

أن سَبيْعَة الأسلميةَ نَفسَتْ بَعْدَ وفاة زوجِها بليال، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلَم فاسْتَأَذَنَتةُ أنْ تَنْكِح، فأذنَ لهَا، فَنَكحتْ.

[نفست: ولدت] .

وإن كانت حائلا فعدتها أربعة أشهر وعشر [١].

وغير المتوفى عنها [٢]: إن كانت حاملا فعدتها بوضع الحمل [٣]، وإن كانت حائلا - وهي من ذوات الحيض - فعدتها ثلاثة قروء [٤] وهي الأطهار وإن كانت صغيرة أو آيسة فعدتها ثلاثة أشهر [٥].

(١) قال تعالى: "وَالَّذينَ يتُوَفونَ مِنْكمْ وَيَذَرونَ أزْوَاجا يَتَرَبَّصْنَ بأنْفُسِهِن أربَعَةَ أَشهُر وَعَشْراً فَإذَا بَلَغْنَ أجَلهن فلاَ جُنَاحَ عَلَيكُمْ فِيما فَعَلْنَ في أنْفُسِهِن بالمَعْرُوفِ وَاللهُ بما تَعَملونَْ خبيرٌ" / البقرة: ٢٣٤/.

[يتربصنَ: ينتظرنَ. بلغن أجلهن: انقضت مدتهن المذكورة. جناح: لا حرج ولا إثم. فيما فعلن: من التزين أو التعرض للخطاب أو الزواج.

بالمعروف: بالوجه الذي لا ينكره الشرع] .

(٢) أي المطلقة، أو المفرق بينها وبين زوجها بلعان أو فسخ، بعد وطء، ونحو ذلك.

(٣) انظر حاشية: ٢ ص ١٧٩.

(٤) قال تعالى: "والمطلقات يتَرَبصنَ بِأنْفسهِن ثَلاثًة قُرُوء وَلاَ يَحِل لهن أنْ يكْتُمْنَ مَا خلقَ اللهُ في أرحَاِمهنَّ إنْ كن يؤمن بِالله وَاليَوْم الآخِرِ" / البقرة: ٢٢٨/.

[قروء: جمع قَرء وهو مدة ما بين الحيضين، وقد يطلق على مدة الحيض] .

(٥) الآيسة: هي الكبيرة التي انقطع حيضها وأيِستْ من عوده، قال تعالى: "واللائي يَئسنَ مِنَ المَحِيضِ مِنْ نِسائِكمْ إنِ ارتَبْتمْ فَعدتهن ثَلاثًةُ أشهر وَاللائي لَم يَحِضنَ" / الطلاق: ٤/.

أي الصغيرات اللواتي لم يبلغن سن الحيض عدتهن ثلاثة أشهر كالآيسات.

[ارتبتم: شككتم في حكمهن ولم تدروا كيف يعتدون] .

والمطلقة قبل الدخول بها لا عدة عليها [١].

وعدة الأمة بالحمل كعدة الحرة وبالإقراء أن تعتد بقرأين [٢] وبالشهور: عن الوفاة أن تعتد بشهرين وخمس ليال وعن الطلاق أن تعتد بشهر ونصف [٣] فإن اعتدت بشهرين كان أولى [٤].

"فصل" ويجب للمعتدة الرجعية السكني والنفقة ويجب للبائن السكني دون النفقة إلا أن تكون حاملا [٥]

(١) قال تعالى: "يا أيها الذِينَ آمنوا إذَا نكَحتُمُ المُؤمنَاتِ ثُم طَلَّقتُمُوهنَّ منَ قَبل أنْ تَمسّوهَن فَمَا لكمْ عليْهنَ مِنْ عِدَّة تَعْتَدونَهَا فمَعتهُوهن وسَرحُوهُن سَرَاحاً جَمِيلاً" / الأحزاب: ٤٩/.

[تمسوهن: تجامعوهن. عدة تعتدونها: مدة تعُدونها وتحصونها عليهن بالأشهر أو الأقراء. فمتعوهن: أعطوهن شيئاً يستمتعن به. سرحوهن: خلوا سبيلهن بالمعروف من غير إضرار بهن] .

(٢) لقول عمر وابنه رضي الله عنهما: تعتد الأمة بقرأين. ولم ينكر عليهما أحد من الصحابة رضي الله عنهم فكان إجماعاً. ولأنها على النصف من الحرة في كثير من الأحكام. وقياساً على العبد في جعل طلاقه تطليقتين.

(نهاية).

(٣) قياساً على ذات الأقراء في التنصيف.

(٤) لأن الأشهر بدل الأقراء، والحرة تعتد بثلاثة أشهر وبدل ثلاثة قروء، فكذلك الأولى بالأمة أن تعتد شهرين بدل قرأين.

(٥) أي فتجب لها النفقة أيضاً، والأصل في هذا: قوله تعالى: "أسكنوهُن مِنْ حَيْث سكنتُمْ مِنْ وُجْدكُمْ وَلاَ تَضَارُّوهن لِتضيقُوا عَليْهن وإن كن أُولاَت حمَل فَأنفقُوا عَلَيْهِن حَتى"

ويجب على المتوفى عنها زوجها الإحداد وهو الامتناع من الزينة والطيب [١] وعلى المتوفى عنها زوجها والمبتوتة

يَضَعْنَ حَمْلَهُن فَإنْ أرْضَعْنَ لكمْ فَآتوهُن أجُورَهُنَ وَأتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بمَعْروف وَإنْ تَعَاسَرْتمْ فسَتُرضِع لَهُ اخْرَى "/الطلاق:٦/"

[وجدكم: سعتكم وطاقتكم. تضاروهن: تؤذوهن. وأتمروا: تراضوا تعاسرتم: أبى كل من الوالدين أن يوافق الآخر] .

وروى الدارقطني والنسائي (٦/ ١٤٤) في قصة فاطمة بنت قيس رضي الله عنهما، حين طلقها زوجها تطليقة كانت بقيت لها، أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: (إنَّما النفَقَةُ والسكنىْ لمَنْ تَملِكُ الرجْعةَ) .

وفي رواية أبى داود (٢٢٩٠) َ قال لها: َ (لاَ نَفقةَ لَك إلا أن تَكُوني حَامِلاً) .

(١) روى البخاري (٥٠٢٤) ومسلم (١٤٨٦، ١٤٨٩) عن أم حبيبَةَ رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لاَ يَحِل لامْرَأة تُؤْمنُ بالله وَالْيَوْم الآخِرِ أنْ تُحِد عَلى مَيَتِ فَوْقَ ثَلاثَ ليَال، إلاَ علىَ زَوْج أرْبَعًَة أشْهرٍ وَعَشْراً) .

وروى الًبخاري (٣٠٧) ومسلم (٩٣٨) عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: كْنَّا نُنْهىَ أنْ نُحِد على مَيِّت فَوْقَ ثَلاثَ، إلاَّ على زَوْجٍ أرْبَعَةَ أشْهر وَعَشراً، وَلاَ نَكْتَحِلًُ، وَلاَ نَتَطًيَّبُ، وَلاَ نَلبَس ثوْباً مَصْبوًغاً إلا ثَوْبَ عَصْب. وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عنْدَ الطهْرِ، إذَا اغْتَسَلَتْ إحْدانَا مِنْ مَحيضًهَا، في نبْذَة مِنْ كُستِ أظْفارِ، وَكُنَا نُنْهَى عَنِ اتَباعِ الجَنَاَئِز.

[ثوباً مصبوغاً: مما يعد لبسه زينة في العادة. ثوب عصب: نوع من الثياب، تشد خيوطها وتصبغ قبل نسجها. نبذة: قطه صغيرة. كيست أظفار: نوع من الطيب] .

ملازمة البيت إلا لحاجة [١].

"فصل" ومن استحدث ملك أمة حرم عليه الاستمتاع بها حتى يستبرئها: إن كانت من ذوات الحيض بحيضة وإن كانت من ذوات الشهور بشهر فقط وإن كانت من ذوات الحمل بالوضع [٢].

وإذا مات سيد أم الولد استبرأت نفسها كالأمة [٣].

(١) قال تعالى: "لاَ تُخْرجُوهُن مِنْ بيُوتِهِن وَلاَ يَخْرجنَ إلا أن يَأتِينَ بِفاحِشَة مُبَيَنَة وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَد حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَه" / الطلاق: ١/.

وروى مسلم (١٤٨٣) عن جابر رضي الله عنه قال: طُلِّقَتْ خَالَتي، فأرادت أنْ تَجُد نَخْلَهَا، فزًجَرَهَا رجُل أنْ تَخرُجَ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلمِ فقال: (بلى، فَجدي نَخْلَكِ، فإنَّك عَسىَ أنْ تَصَدقي، أو تَفْعلي مَعْروفاً) .

[تجد نخلها: تقطع ثمره. فزجرها: نهاها] .

(٢) والأصل في هذا ما رواه أبو داود (٢١٥٧) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم قال في سَبَايَا أوْطَاس: (لاَ تُوطَأ حَامِلٌ حَتَى تَضعَ، وَلاَ غَيْرُ ذَاتِ حَمْل حَتَى تحيضَ حَيْضَة) .

[سبايا: جمع سَبِيَّة وهي الأسيرة من الكفار. أوطَاس: اسم لواد وقعت فيه غزوة بعد حنين]

وقيس على السبي غيره من أسباب التملك.

(٣) قياساً على الأمة. وروى مالك (٢/ ٥٩٢) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: عدَةُ أم الْوَلَد، إذَا تُوَفَي عَنْهَا سَيدُهَا، حيْضَةٌ. وأم الولد هي المملوكة التي وطئهاَ سيدها فحملت منه أو أتت بولد.

"فصل" وإذا أرضعت المرأة بلبنها ولدا صار الرضيع ولدها بشرطين

١ - أحدهما أن يكون له دون الحولين [١]

٢ - والثاني أن ترضعه خمس رضعات متفرقات [٢] ويصير

(١) روى البخاري (٤٨١٤) عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل، فكَأنه تغَيرَ وَجْهه، كأنه كَرِهَ ذَلِكَ، فقالتْ: إنه أخي، فقال: (انظرْنَ منَْ إخْوَانُكُن إنَّمَا الرضَاعَةُ مِنَ المجاعَةِ) . أي تحرمُ الرضاعة إذا كانت في الزمن الذي يجوع فيه الإنسان لفقدها وبشبع بها، وهذا لا يكون إلا للصغير.

وروى الترمذي (١١٥٢) عن أِم سلمة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه: (لاَ يُحرمُ مِنَ الرضَاعَة إلا ما فَتَقَ الأمْعَاءَ، في الثدي، وكانَ قَبْلَ الْفطام) .

[فتقَ الأمعاء: شقها وسلكَ فيهَا في الثدي: في زمن الثدَي أي في زمن الرضاع قبل الفطام والفطام يكون بتمام الحولين، قال تعالى: "وفِصاله في عامين" / لقمان: ١٤/. والفصال هو الفطام لأنه يفصل به الرضيع عن أمه.

وقال تعالى: "والوالدَاتُ يرْضِعْن أولاَدَهُن حَوْلَيْنِ كامِلين لِمَن، أْرَادَ أن يُتم الرضَاعَةَ" / البقرة: ٢٣٣/.

وروى الدارقطنَي (٤/ ١٧٤) : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ رَضَاعَ إلا مَا كَانَ في الْحَولينِ) . انظر حاشية ١، ٥ ص ١٦٣.

(٢) روى مسلمِ (١٤٥٢) عن عائشة رضي الله عنها: كانَ فيما أنْزِلَ مِنَ الْقرْآن: عشْرُ رَضَعَاتٍ معلوُمَات يُحرَمْنَ، ثم نُسخْنَ بِخَمْس مَعلُومَات، فتوفِّيَ رسولُ اللهً صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرآ مِنَ الْقرآًنِ. أي إن نسخها كانَ متأخراً، حتى إنه توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض الناس ما زال يتلوها قرآناً، لأنه لم يبلغه النسخ بعد ومعنى معلومات: أن كل رضعة متميزة عن غيرها. فهن متفرقات متشبغات.=

زوجها أباً له [١].

ويحرم على المرضع التزويج إليها وإلى كل من ناسبها [٢] ويحرم عليها التزويج إلى المرضع وولده [٣] دون من كان في درجته [٤] أو أعلى طبقة منه [٥].

"فصل" ونفقة العمودين من الأهل واجبة للوالدين [٦]

= روى مسلم (١٤٥١) عن أم الفضْل رضي الله عنها: أن نَبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (لاَ تُحَرم الرَّضْعةُ أوِ الرَّضْعتانِ، أوِ المَصَّةُ أوِ المَصَّتَانَ) .

(١) روى البخاري (٤٥١٨) ومسلم (١٤٤٥) أن عائشةَ رضي الله عنها قالت: اسْتَأذَنَ عَلَي أفْلَحَ، أخو أبي الْقُعَيسِ، بَعْدَ ما أنْزِلَ الحجَابُ، فقلتُ: لا آذَنُ له حتَى أستأذِنَ فيه النبي صلى الله عليه وسلم فإنًّ أخاه أبا الْقعيسِ ليس هو أرْضَعني، لكن أرضَعَتْني امرأةُ أبي القعيسْ ِ. فدخل عَلي النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: يا رسولَ الله، إن أفْلَحَ أخا أبي القعيس استأذنَ، فأبيت أنْ آذَنَ له حتَى أستأذنكَ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومَا مَنَعَك أنْ تأذَني؟ عَمكِ) . قلت: يا رسولَ الله، إن الرجلَ ليس هو أرضعني، ولكن أرضْعتنيْ امرأة أبي القُعَيسْ ِ، فقَال: (ائذني لهُ، فإنَّه عَمَّكِ، تَرِبَتْ يَمينُك) أي فزْتِ ورَبْحتِ، على خلاف معناها الأصلي وهو: افتقرت ولصقت يمينك بالتراب.

(٢) أي انتسب إليها بنسب أو رضاع، كبنتها وأختها ونحو ذلك.

(٣) انظر: حاشية ١: ٥ ص ١٦٣.

(٤) كأخيه وابن عمه.

(٥) كأبيه وعمه.

(٦) لقوله تعالى: في حق الوالدين "وصَاحبهُمَا في الدُّنْيَا مَعْرُوفا" / لقمان: ١٥/.

والنفقة عليهما من المعروف.

والمولودين [١]:

فأما الوالدون: فتجب نفقتهم بشرطين:

١ - الفقر والزمانة

أو

٢ - الفقر والجنون.

وقالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن منْ أطْيَبِ ما أكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِه، وولده من كسبه) . رواه أَبو داود (٣٥٢٨) والترمذي (١٣٥٨) وغَيرهما، عن عائشة رضي الله عنها. وعن أبي داود (٣٥٣٠) : (أنتَ ومالُك لوالدِك، إن أولادَكم مِنْ أطيبِ كسبِكم، فكُلُوا من كسبِ أوْلادكم) .

وروى الَنسائي) ِ٥/ ٦١) عن طَارِق المُحَاربي رضي الله عنه قال: قَدمْتُ المدينةَ، فإذَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ على المِنْبَرِ يخطُبُ الناسَ، وهو يقول: َ (يَدُ المُعْطي الْعُلْيَا، وابْدأ بِمَنْ تَعُولُ: امَك وأباكَ، وأخْتك وأخاك، ثم أدناك أدناك) . أي الأقرب الأقرب.

وروى أبو داود (١٥٤٠) عن كُلَيْبِ بن مَنفعةَ عن جدَه رضي الله عنه: أنّه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ، مَنْ أبَر؟ قال: (أمك وأباك، وأخْتَك وأخَاك، ومولاك الذي يَلي ذاك، حَق وَاجِبٌ وَرَحِمٌ موْصولَةٌ) .

(١) قال تعالى: "وَالوالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أوْلاَدَهُن حَوْلَيْنِ كَامِلَيْن لِمَنْ أرَادَ أنْ يُتم الرَّضَاعَةَ وَعَلى المَوْلود لَهُ رِزْقُهُن وَكسْوَتُهُن بالمَعرُوف" / البقَرة: ٢٣٣/. وقال: "فَإن أرْضَعْنَ لَكُمْ فًآتُوهُن أجورَهُن" / الطلاق: ٦/. فقد دلت الآيتان بمنطوقهما على أن الأب تجب عليه نفقة مرضع ولده، وهذا دليل وجوب نفقة الولد من باب أولى.

وروى البخاري (٥٠٤٩) ومسلم (١٧١٤) عن عائشة رضي الله عنها: "أن هِنْدَ بنْتَ عتبَةَ قالت: يا رسولَ اللهِ إن أبا سُفْيَانَ رَجل شَحِيح، ولَيسَ يُعْطِيني ما يَكفِيني وَوَلَدِي إلاَ ما أخذْتُ مِنْهُ"

وأما المولودون: فتجب نفقتهم بثلاث شرائط:

١ - الفقر والصغر،

أو

٢ - الفقر والزمانة

أو

٣ - الفقر والجنون.

ونفقة الرقيق والبهائم واجبة، ولا يكلفون من العمل ما لا يطيقون [١].

وهو لا يَعْلمُ، فقال: (خذي مَا يَكْفيكِ ووَولَدَك بالمعرُوفِ) .

أي بما تعارف عليه الناس من نفَقة أمثالكم، وحسب حالَ الَزوج، من غير إسراف ولا تقتير.

(١) روى مسلم (١٦٦٢) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لِلْمملوك طَعامهُ وَكسْوَتُهُ، وَلاَ يُكَلف مِنَ الْعَمَلِ إلا ما يطيق) . وفي رواية (٩٩٦) (كَفَى بِالمَرْءِ إثماً أنْ يَحْبسَِ عَمَّنْ يمْلِكهُ قُوتَهُ) .

وروى البخاري (٣٠) ومسلم (١٦٦١) عن أبي ذر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إخْوَانُكُمْ خوَلكُمْ، جَعَلَهمْ اللهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أخوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطعِمه ممَّا يَطْعمُ، وَلْيُلْبسْهُ مِمَا يَلْبَسُ، وَلاَ تكلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبهمْ فإنْ كلَفْتموهُمْ فَأَعْينوهُمْ عَلَيْهِ) .

[خولكم: خدمكم. تحت أيديكم: فى ملككم وسلطانكم. يغلبهم: يعجزون عن القيام به] .

وروى البخاري (٣٢٩٥) ومسلم (٢٢٤٢) عن ابن عمر رضيِ الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عُذبَت امرَأة في هِرّةِ سجنتها حتَى ماتَتْ فَدَخَلَتْ فيها النَّارَ، لا هي أطعمَتْهَا وسقَتهَا. إذْ هي حَبَسَتْهَا، ولا هي تَرَكتهَا تأكلُ من خَشاشِ الأرضِ) . أي حشراتها. فقد دل الحديث على وجوب نفقة الحيوان المحتبس، ولا سيما إذا كان مملوكِاً ومشغوِلاً بمصالح المالك.

ونفقة الزوجة الممكنة من نفسها واجبة [١] وهي مقدرة:

فإن كان الزوج موسرا فمدان من غالب قوتها [٢] ومن الأدم والكسوة ما جرت به العادة.

وإن كان معسرا فمد من غالب قوت البلد وما يأتدم به المعسرون ويكسونه.

وإن كان متوسطا فمد ونصف ومن الأدم والكسوة الوسط [٣]

(١) قال تعالى: "الرجَالُ قوَامُونَ عَلى النسَاء بمَا فضَّلَ اللهُ بَعْضَهمْ عَلى بَعضِ وَبِمَا أنْفقوا منْ أمْوَالِهِمْ" / النساء: ٣٤/.

فقد دلت الآية على أن الزوج هو المسؤول عن النفقة.

وفي حديث جابر رضي الله عنه الطويل عند مسلم (١٢١٨) : (فَاتَّقوا اللهَ في النسَاء، فإنكمْ أخَذْتُمُوهُن بأمَانَة اللهِ، وَاسْتَحللتمْ فُرُوجَهن بِكًلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ علَيْهِن أنَْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أحَداً تَكْرَهونهُ، فَإنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهن ضَرْباً غيرَ مبُرح.

ولَهُن عَلَيكُمْ رزْقُهُن وَكَسْوَتهُن بِالمَعْرُوف وَقدَْ تَرَكت فِيكُمْ مَا لَنْ تضلوا بعْدَهُ إن اعْتَصَمْتُمْ به: كَتَابَ الله) .

ومن المعروف أنَ يطعمها مما يأَكل أمثالها من أهَلَ البلد، ويلبسَها مما يَلبَسنَ.، وانظر حاشية ١ ص ١٨٦.

(٢) أي من غالب ما يقتات به أمثالها.

(٣) قال تعالى: "لِيُنْفقْ ذُو سَعة منْ سَعتَِهِ ومنْ قدرَ علَيهِ رٍزقُهُ فلْينْفِقْ مِمَا آَتَاهُ اللهُ لاَ يُكَلَفُ اللهُ نَفساً إلا ماَ آتَاهَا سيجعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْر يُسْرا" / الطلاق: ٧ /.

وإن كانت ممن يخدم مثلها فعليه إخدامها [١].

وإن أعسر بنفقتها فلها فسخ النكاح [٢] وكذلك إن أعسر بالصداق قبل الدخول.

"فصل" وإذا فارق الرجل زوجته وله منها ولد فهي أحق بحضانته إلى سبع سنين [٣] ثم يخير بين أبويه،

= وروى أبو داود (٢١٤٤) عن مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْري رضى الله عنه قال: أتيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقلتُ: ما تقولُ في نسَِائِنَا. قال: (أطعموهن مِمَّا تَأكُلُونَ، وَاكْسُوهُن مِمَا تَكْتسُونَ، وَلاَ تَضْرِبُوهُنَ وَلاَ تُقبِّحُوهُن) .

هذا وللعرف أثر كبير في تحديد النفقة حسب الزمان والمكان والأحوال، وهذا كله إذا لم تكن مساكنة للزوج وتأكل معه، فإن كانت في كذلك سقطت نفقتها. وانظر حاشية ١ ص ١٨٦. حا ٢ ص ١٨٨

(١) إن طلبت ذلك، لأنه من العشرة بالمعروف.

(٢) روى الدارقطني (٣/ ٢٩٧) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرَّجُلِ لا يَجِد ما ينْفِقُ عَلى امْرَأتِه: (يفَرق بينَهُمَا) .

(٣) روى أبو داود (٢٢٧٦) وغيره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم جاءتْه امرأةٌ فقالت: يا رسولَ الله، إن ابني هذا: كان بَطني لَه وِعَاء، وثَدْيِي لَهُ سِقَاء، وَحِجريْ لَهُ حواءً، وإن أباه طَلقني وأرادَ أنْ يَنْزِعَهُ مني. فقال لها رسولُ اللهِ صلىَ الله عليه وسلم: (أنْتِ أحَق بِهِ ماَ لَمْ تَنكحِي) .

فأيهما اختار سلم إليه [١].

وشرائط الحضانة سبع

١ - العقل

٢ - والحرية

٣ - والدين [٢]

٤ - والعفة

٥ - والأمانة

٦ - والإقامة

٧ - والخلو من زوج [٣]

فإن اختل منها شرط سقطت.

(١) روى الترمذي (١٣٥٧) وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خيَرَ غُلِاماً بين أبيهَ وأمِّه. وفي رواية عند أبي داود (٢٢٧٧) وغيره: أن امرأةً جاءتْ فقالت. يا رسولَ الله ِ، إنَّ زَوْجي يريد أنْ يَذْهَبَ بِابني، وقد سَقَاني منْ بئرِْ أبيِ عِنَبةَ، وَقَد نَفعني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استَهما عَليه) .

فقال زوجها: منْ يُحَاقني في وَلَدَيَ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذَا أبُوكَ وهَذِهِ أمك، فَخُذُ. بيدِ أيِّهِما شِئت) . فأخذ بيد أمه فانطلقت به.

[بئر أبي عنبه: بئر معتين، والظاهر أنه كان في مكان بعيد، وهي تعني: أن ولدها قد كبر، وأصبح يستطيع القيام بما ينفعها، بعد أن قامت بتربيته حيث كان صغيراً لا ينفعها بشيء. أستهما: اقترعا.

يحاقني: يخاصمني] .

(٢) أي أن يكون الحاضن مسلماً إن كان المحضون كذلك.

(٣) لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما لم تنكَحي) . انظر حا ٣ ص ١٨٩.

 

عن الكاتب

Tanya Ustadz

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

الكتب الإسلامية